كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

"الرجال إكس"..

التكامل التقني والفراغ العاطفي والبعد السياسي

مهند النابلسي 

 

يتناول هذا الفيلم عالم المستقبل، حيث تتم ابادة المتحولين بواسطة جيش من الحراس الروبوتيين، ويسعى زعيم المتحولين لارسال وولفراين (هيوج جاكمان) للماضي وتحديدا للعام 1974 لتغيير مسار التاريخ.

يكمن هدف فولفراين الأساسي في توحيد قوى الشاب المحبط (جيمس ماكفوي) مع الرجل المسؤول عن اعاقه كسافير وهو المتحول"المعدني" الخارق ماغنيتو(الممثل مايكل فاسبندر)، حيث أصبح كسافير مدمنا على الكحول والمهدئات بينما تم "حبس" ماغينيتو(مقيدا) في سجن خرساني محكم تحت مبنى  البنتاغون لمشاركته في حادث اغتيال الرئيس كنيدي "الغامض" عام 1963، ويسعون جميعا لمنع المتحولة البارعة ميستيك (جينيفر لورنس) من اغتيال العالم القزم مخترع "الحراس الروبوتيين" بوليفار تراسك" الذي يقوم بدوره الممثل المدهش بيتر دينغلاجي الذي قدم هنا دورا فريدا سيتوج به حياته السينمائية، كما أبدع تماما باظهار شخصية العالم الانتهازي المتعجرف الذي جاهد طوال حياته ليكسب الاهتمام والاحترام!

تغيير المستقبل

تيمة الفيلم تناقش فكرة احتمالية تغيير المستقبل من خلال امكانية تغيير "الماضي- الحاضر"، حيث ينجح كسافير في اقناع ميستيك بعدم قتل تراسك والسماح لها ولماغنيتو بالهروب.. هكذا يتم الغاء برنامج الحراس الروبوتيين وتغيير مسار المستقبل افتراضيا، لتحقيق صلح استراتيجي بين البشر والمتحولين!

بالفعل يستفيق فولفراين عام 1973 ويسافر الى قصر"الرجال اكس" ليواجه كلا من هانك ماكوي وكسافير ليكتشف أن معهد كسافير المخصص للموهوبين الشباب قد تم اغلاقه بعد ذهاب معظم الأساتذة والطلاب للمشاركة الى الحرب الفيتنامية، كما نلاحظ احباط كسافير لفشل معهده ومغادرة شقيقته "ميستيك"، كما أنه يسىء استخدام مصل صنعه ماكوي يسمح له بالمشي على حساب قواه التخاطرية الخارقة، ويشرح فولفراين لكليهما مهمته المحددة، ويتمكن من اقناع كسافيربالعمل سويا على اطلاق سراح ماغنيتو" المتهم باغتيال كنيدي، من السجن المحصن أسفل البنتاغون، وبالفعل ينجحان في تحريره بمساعدة المتحول "الجديد" بيترماكسيوف الذي يملك سرعة خارقة "كالبرق".

بعيدا في واشنطن ينجح تراسك من تشكيل لوبي لمؤازرة برنامج المتحولين بدعم من الكونغرس، وخلال نفس الفترة وفي سايغون(عاصمة فيتنام الجنوبية) تنجح المتحولة ميستيك بقواها الخارقة من منع الشاب "وليام سترايكر" من تشكيل فريق من المتحولين لمصلحة ابحاث العالم تراسك، كما تكتشف قيامه بأسر متحولين واجراء تجارب عليهم، ثم تهرب مختفية الى باريس، فيسافر كل من كسافير،ماغنيتو،بيست، وفولفراين لباريس لملاحقتها. ونرى قيامها بفندق باريسي فخم (أثناء ذروة مفاوضات السلام الأمريكية الفيتنامية) بمغازلة "ساخرة" لجنرال فيتنامي "فاسد وشبق" وانتحال شخصيته بعد قتله بضراوة وذلك بغرض الوصول للعالم تراسك، الذي يسعى بدوره لبيع "تقنية المتحولين" للشيوعيين.

تحدث المصادفة الغريبة بوصول كل من كسافير، ماغنيتو، بيست وفولفراين لموقع الاوتيل بنفس اللحظة التي تحاول فيها اغتيال تراسك، حيث يستميت ماغنيتو لقتلها ولكنها تتمكن من الهروب (بتدخل غير مفهوم ومفاجىء من بيست)، ونرى حركات فذلكية مدهشة لصراع المتحولين عبر شوارع باريس السياحية وامام المشاة والعابرين والكاميرات! (تمثل الحرب الفيتنامية عقدة مزمنة بالسياسة الأمريكية الفاشلة، وكمثال فان رئيس الوفد الفيتنامي بالجلسة السرية لمفاوضات باريس قد رد معقبا على كلمة كيسنغر التي استغرقت ساعة كاملة: أنت كذاب!).

رعب المتحولين ام هيمنة "الروبوتيين"؟

بالرغم من نجاة تراسك، فان فكرة وجود المتحولين وهيمنتهم ترعب العالم، فيوافق الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون على المباشرة بمشروع "الحراس الروبوتيين" المقترح، ويعلن عزمه على كشف التفاصيل علنا بواشنطن، كما يتمكن فريق تراسك من استرجاع بقايا دماء لميستيك من موقع النزاع بباريس لتقصي أثرها بالحامض النووي، ويبذل ماغنيتو جهده ويسخر قواه لاحباط مشروع الحراس الخارقين، ويتمكن كسافير من استرجاع بعض  قدراته العقلية (فاقدا قدرته على المشي)، حيث ينجح فولفراين باقناعه للتحدث (بالتخاطر) لشخصيته المستقبلية، ملهما اياها لتحقيق سلام جديد ما بين البشر والمتحولين...كما يستغل المتحول "سيربرو" لتقصي آثار ميستيك التي تتوجه الان لواشنطن!

يكشف الرئيس نيكسون النموذج الجديد "للحراس الروبوتيين"، ويفاجىء ماغنيتو الجميع برفعه لستاد "روبرت كنيدي" لكرة القدم بالكامل والطيران به لمحاصرة البيت الأبيض كمتراس (بلقطة سينمائية آخاذة)، كما تصدر الأوامر للحراس الروبوتيين بمهاجمة الجمهور بضراوة، ويتم الاستعجال بحماية نيكسون وتراسك وأخذهما لغرفة حراسة آمنة، فيما تنجح ميستيك كعادتها بالدخول متنكرة دون ان يلمحها أحد! ثم يحاول كل من كسافير، فولفراين وبيست كبح جماح ماغنيتو الهائج، ولكنه ينجح بقذف فولفراين بعيدا لنهر "بوتوماك" مستخفا بمخالبه "الفولاذية"...كما يتمكن بقواه الخارقة من اخراج غرفة الحماية من الملاذ الآمن استعدادا لقتل الرئيس، وتنجح ميستيك المتخفية الان بهيئة نيكسون من الظهور بشكلها الحقيقي وقتل ماغنيتو أخيرا!

وخلال نفس الفترة وفي زمن مستقبلي بائس تسعى مجموعة متبقية من المتحولين لمواجهة هجوم الحراس، ولكنهم يقتلون جميعا فيماعدا كسافير، برايد وفولفراين، وبالعودة بالتوازي للعام 1973 يتمكن كسافير من اقناع المتحولة البارعة ميستيك بعدم قتل تراسك  بهدف الغاء مشروع "الحراس"، ثم يتم اعتقال تراسك لاحقا لبيعه أسرار عسكرية...بالمشاهد قبل الأخيرة نلاحظ فولفراين وقد استفاق اخيرا بالزمن المستقبلي ليجد نفسه محاطا بكل من ايسمان، روج، كولوسوس، كيتي، بيست، ستورم، جين جراي، سيكلوبس مع كسافير المسن...حيث يبدو وكأنه أفاق أخيرا من كابوس مرعب!

وبفي شهد استباقي أخير لافت نرى مجموعة من الناس بصحراء مصر القديمة يقفون تبجيلا امام كاهن يرتدي معطفا طويلا ويدعى "صباح نور"، ويبدو وكأنه يستخدم قواه الذهنية الخارقة لتحريك الأشياء عن بعد وبناء أهرام! وربما يعبر هذا المشهد الغريب عن سينايو جديد لفيلم قادم عالمي (من السلسلة الناجحة) يستعرض الأحداث بمصر الفرعونية القديمة (بالتداخل ما بين الحاضر والماضي السحيق والمستقبل)، حيث تلقى الحضارة الفرعونية العريقة تبجيلا خاصا في الثقافة الغربية. كما أنه يوجد بالتأكيد مغزى من اظهار كل شخصيات السلسلة بلا استثناء بنهاية الشريط وكأن المخرج يعدنا بفيلم قادم خارق جديد يتحدث عن نهاية العالم!

تنوع وتكامل الخصائص

ما يثير الاعجاب في هذا الفيلم التنوع غير المسبوق في رسم خصائص الشخصيات الخارقة، ففوولفراين مثلا يشفى سريعا ويملك عظاما خارقة وقابلة للسحب ومخالب من معدن "الأدمنيوم" الفائق الصلابة، كما أنه قادر على ارسال وعيه للماضي ولحالته الشابة، أما كسافير فهو يملك قوة تخاطرية هائلة فيما يتمتع ماغنيتو بقدرة خارقة للتعامل مع الأجسام المعدنية، وميستيك "الساحرة الزرقاء كالسحلية السامة" تملك مرونة هائلة لتغيير شكلها "بمكر وخبث" وتصلح تماما لحالات التسلل والاغتيال، أما شتورم فيمكن ان تتحكم بالطقس والمناخ وأن تشكل العواصف (نجحت هالي بيري تماما باداء الدور بالرعم من كونها حامل).

ناهيك عن الخصائص الخارقة العديدة للشخصيات الاخرى التي حفل بها الفيلم، والتي ربما عجز المشاهد العادي عن الإلمام بها لتداخلها وقصر أدوارها: كخفة الحركة والسرعة، وامتصاص قوة الحياة، واختراق الأجسام والعوائق الصلبة، وخلق الجليد والتلاعب به، واحتواء الطاقة والاشعاع واعادة توجيهما بانفجارات حركية مفاجئة، وتحويل الجسم لفولاذ عضوي فائق المتانة والتحمل، وكالسرعة الخارقة التي تفوق سرعة الصوت، والتلاعب بالاتصالات، والقدرة على خلق النيران والاحتراق  وامتصاص الطاقة الكونية واعادة اطلاقها بتفجيرات البلازما، كما التمتع بلسان لزج طويل خارق قادر على مسك الأشياء وشل الكائنات!

ربما لا ننتبه كمشاهدين عرب لكل هذا الكم من الخصائص الخارقة التي تملكها الشخصيات والتي تبدو ربما كفنتازيا "كرتونية" مسلية، ولكني أعتقد انها تمثل رؤيا استباقية للعلماء الغربيين اللذين يعكفون ربما على دراستها بتأني وبروح علمية طموحة تمهيدا لممارسة تجارب مستقبلية فد تسمح بالتلاعب بالجينات البشرية او بخلق جيل جديد من "الجنود" والروبوتات الخارقة لتطوير ما يسمى شخصية "السوبرمان" التي تطغى على الثقافة والفكر الغربي"النيتشوي" والأمريكي خصوصا،  والتي قد تحقق لهم السيطرة "الخالدة" على شعوب العالم بأقل قدر من الخسائر البشرية!

ملاحظات نقدية

تقيد القصة نفسها بتداعيات وذكريات حرب فيتنام (الخائبة- العبثية) واتفاق السلام المشهور في باريس ونيكسون والبيت الأبيض وتداعيات اغتيال كنيدي.

ويعيد السيناريو سرد قصة خطف الرئيس الأمريكي وتحريره كما سبق وشاهدناها في العديد من أفلام الأكشن والخيال العلمي والفانتازيا، وتبدو هذه الثيمة نمطية ومكررة بل ومملة!

يبدو أيضا أن الشعور بالذنب تجاه حرب فيتنام ما زال مسيطرا على مخيلة السينمائيين الأمريكيين كهاجس مزمن، كل هذه الأحداث أعطت الفيلم بعدا سياسيا تكميليا تاريخيا شيقا مع الخيال العلمي والفانتازيا، وقد يسمح نجاح هذا الفيلم تجاريا وعالميا باصدار نسخ جديدة تتحدث مستقبلا عن تداعيات الحروب السرية والحروب المعلنة كالخليج وأفعانستان والعراق والتي فقدت فيها امريكا الكثيرمن الضحايا بعد انتصارها الرسمي الاستعراضي وتدميرها الماحق لهذه الدول وتحويلها لدول فاشلة ومرتعا وملاذا للارهاب "العالمي" ونموذجا للفوضى "اللاخلاقة" الموعودة! 

يبدو الفيلم متكاملا من الناحية السينمائية ونموذجا لنمط جديد من أفلام الفانتازيا والخيال العلمي، ولكنه يفتقد للجمال "السينمائي" والاقناع بالرغم من الاختيار الدقيق والعمل المجهد لاختيار وتقمص الشخصيات والأدوار بعناية فائقة، كما يتفوق معظم الممثلين بأداء مبهر استثنائي حافل بالمؤثرات الخاصة الغير مسبوقة ولكنه يفتقد للعمق والشغف

الملاحظ أن المخرج بريان سنغر حاول تحقيق ذروة متناغمة ولكنه بالمقابل ورط شخصيات فيلمه في مواقف لاهثة متتابعة تفتقد ربما للعاطفة والكيمياء والسخرية الضرورية، كما خلط الأحداث بجدية "سمجة" وبطريقة استحواذية متعالية "مزدحمة بالشخصيات والأحداث والمؤثرات" لم تنجح ربما بلمس الأوتار الحقيقية لوعي المشاهد والمستقبل طوال ساعتين وعشر دقائق.

في المقابل نجح المخرج والمؤلف سيمون كنبرغ  في انتاج تحفة سينمائية متكاملة مستغلا المؤثرات الخاصة لتحقيق هدف السيناريو المعقد والمتداخل وليس للاستعراض والابهار فقط، كما عرض متحولين جددا كالرجل السريع كالبرق(ايفان بيترز)، واتحفنا بمتعة السفر للماضي عبر الزمن وبامكانية تغيير مجرى الأحداث، ثم ضرب على وتر الحنين لسبعينات القرن الماضي وخاصة "للمشاهدين الكبار" وأخرج فيلما أنيقا شيقا كأفلام جيمس بوند وربما وصل الذروة السينمائية هنا، وهذا يمثل بحد ذاته تحديا جديدا للابداع السينمائي المتوقع بالأفلام القادمة من هذه السلسلة!

عين على السينما في

09.07.2014

 
 

240 فيلماً وأكثر من 130 ألف بطاقة دخول

«مهرجان كارلوفي فاري» ينافس «مونديال» كرة القدم

نديم جرجوره  

تحتفل المدينة التشيكية كارلوفي فاري، بين 4 و12 تموز 2014، بالدورة الـ49 لمهرجانها السينمائي الدولي. هناك، في أروقة المقرّ العام للمهرجان (فندق «ترمال» ذو العمارة البشعة وسط جماليات لا توصف في عمارات مستمرّة بروعتها منذ سنين بعيدة)، ما يُشبه التحضير للاحتفال بمرور نصف قرن على ولادة حيّز فني ـ ثقافي في قلب أوروبا، يمزج نتاجات أوروبية ممتدة على مساحتي القارة القديمة الوسطى والشرقية، بالإضافة إلى سينما دول الاتحاد السوفياتي السابق. السينما التشيكية حاضرة. الغليان جزءٌ من المشهد اليومي. الصالة الرئيسية «فيلكي» (1400 مقعد) تمتلئ كلّها أثناء العروض كافة. للمدعوين أمكنتهم، كما للّذين يشترون بطاقات. لكن، قبل 5 دقائق فقط على بدء كل عرض، يُفتح بابا الصالة أمام الذين لم يتسنَّ لهم شراء بطاقة دخول. الجلوس على الأرض مسموحٌ، على نقيض مهرجانات سينمائية دولية أخرى. الشباب غالبية ساحقة. يأتون من مدن تشيكية عديدة لمتابعة وقائع المهرجان، ولمُشاهدة ما يعتبرونه «حاجة» فنية ـ ثقافية لهم.

حشود شبابية

«هل نجح المهرجان في تفعيل حراك سينمائي تشيكي؟».

سؤال يُطرح. لكن الإجابة عنه محتاجة إلى قراءة أبعد من الدورة الحالية، المتضمّنة ـ إلى جانب برامجها الأساسية المؤلّفة من مسابقات وتكريمات وعناوين متفرّقة ـ خانة متعلّقة بأفلام تشيكية مُنتجة في العامين 2012 و2013. في «الاختيار الرسمي ـ المسابقة»، هناك 12 فيلماً. في «الاختيار الرسمي ـ خارج المسابقة» 3 أفلام فقط. مسابقات متنوّعة. برامج مختلفة. المجموع؟ 240 فيلماً. الأرقام مهمّة. هناك نحو 130 ألف بطاقة بيعت في الدورة السابقة. منذ الأيام الأولى للدورة الـ49 هذه، هناك من يُردّد بأن الرقم مُرشَّح للارتفاع: «ألم تتأثّر الدورة الحالية بمباريات «كأس العالم» في كرة القدم (المُقامة في البرازيل بين 12 حزيران و13 تموز 2014)؟». يقول مسؤول على مسامع بعض المتحلّقين حوله إن المسألة لا تُحسَب هكذا: «الدورة الجديدة منطلقةٌ في فترة تشهد تراجعاً في عدد المباريات والمنتخبات المتنافسة. هذا أمرٌ يساعد على زيادة عدد المُشاهدين السينمائيين. هذا ما هو متوقّع على الأقلّ». آخرٌ علّق بقوله إن «لكرة القدم حضورها عند التشيكيين، تماماً كالسينما. إنهم مدركون تماماً كيفية إيجاد توازن بينهما». الحشود المنتَظَرة قبيل كل عرض صورة مسبقة عمّا يُمكن أن يؤكّد «صِحّة» هذا القول. التشيكيون متحمّسون لمهرجان يُقام في كارلوفي فاري. المنظر يُعيد إلى الذاكرة ما يُشبهه في مهرجانات مختلفة، في «كانّ» وبرلين وكليرمون فيران الفرنسية مثلاً. المنظر نفسه يُقدّم صورة نقيضة كلّياً عمّا يحدث في مهرجانات سينمائية تُقام في مدن عربية، وبعضها دوليّ، من بينها بيروت.

هذا جزءٌ من المشهد العام. مُشاهدة الأفلام تبقى الأهمّ. التعليقات المتداولة بين المشاهدين بعد كل عرض تؤكّد، إن قيلت بلغة إنكليزية مفهومة، أن للمهرجان ثقلاً ما لدى المهتمّين بصناعة الصورة السينمائية. الطالبة الذاهبة إلى كلّية الآداب في العام الدراسي المقبل جاءت من براغ صُحبة صديقها لمُشاهدة أفلام مختارة عشوائياً، بدافعٍ من رغبة مُلحّة في المُشاهدة. لا تتردّد عن الانتقال بالباص من براغ إلى كارلوفي فاري (نحو 90 دقيقة) كي تحتفل، وصديقات وأصدقاء لها، بالسينما. آخرون كثر فعلوا الأمر نفسه. تقول الطالبة إنها تريد المُشاهدة وكفى. صديقها قال ما يؤكّد هذا. يبدوان وكأن لهما «ثقة» بخيارات مسؤولي المهرجان. التصفيق داخل الصالة الرئيسة، تعبيرٌ عن امتنان قبل أن يكون انعكاساً لتواصل صريح مع جمال فيلم، وبهاء آخر. التصفيق احترام أيضاً لصانعي الأفلام. لكن الأبرز كامنٌ في تصفيقٍ مُكرّر لرجل «وظيفته» بسيطة للغاية، تحوّل بفضلها إلى «نجم» المهرجان: ينتظر الانتهاء من تقديم الفيلم المنوي عرضه في الصالة الرئيسة، كي يخطو خطوات قليلة على خشبة المسرح لإنزال الميكروفون إلى الأرض، وتقديم تحية معتادة إلى جمهور يُصفّق له بفرح وحبّ. الصديق هوفيك حبشيان كرّمه بصورة على صفحته الفايسبوكية، مُعلِّقاً عليها بالقول إنه لم يرغب في معرفة اسمه «كي لا أحصره في أي إطار، أمام عزلته وصوته». رجلٌ مكتف بحركة من الرأس «بسيطة جداً»، جعلته ينال الحصّة الأكبر من التصفيق: «رجلٌ بلا صوت، ولكن بصورة حاضرة جداً».

أحوال سينمائية

الصورة الثانية الحاضرة بدورها في المهرجان، وإن في لحظة افتتاح دورته الجديدة هذه، متمثّلة بمل غيبسون. الممثل والمنتج والمخرج القادم إلى كارلوفي فاري من بلده الأصلي أوستراليا لاستلام جائزة «الكرة البلورية» عن مجمل أعماله، يُواجه ـ عشية وصوله إلى المدينة ـ نوعاً من حملة «يهودية» ضده، مستمدة من موقف أعلنه الرجل قبل أعوام في لحظة سُكر، لا يزال «يدفع ثمنها» لغاية اليوم: شتائم بحق اليهود تحوّلت إلى اتّهام له بالعنصرية وبمعاداة السامية. فيلمه «آلام المسيح»، الذي أخرجه عام 2004، يعتبره يهودٌ كثر أنه «مُعادٍ لهم» لتصويره إياهم «مهووسين» بالعنف والدم، ما دفع بيهود تشيكيين إلى التنديد بدعوته وتكريمه وزيارته كارلوفي فاري. زيارته سريعة، كعادة المُكرَّمين. النقمة خافتة الآن، لأن هناك مهرجاناً يُدرِك تفعيل علاقته بجمهوره عبر سعي دؤوب إلى اختيار الأفضل. هذه أمثلة مستلّة من المسابقة الرسمية: «مغامرة» للكازاخستانيّ ناريمان توريباييف، و«لا تيرسيا» للمكسيكي خورخي بيريز سولانو، «قطران وريش» للفرنسي باسكال راباتي. تنويعات على مغامرة الفرد في مواجهة ذاته والجماعة. تصويرات تغوص في متاهة النفس البشرية، عبر تفكيكها معالم الروح وآلامها، والجسد وحاجاته، كما عبر تفكيك لغة تواصلها مع الآخر. هذه تنويعات محتاجة إلى قراءات مستقلّة، فالأول ـ المأخوذ عن رواية «ليال بيضاء» لدوستويفسكي ـ متابعة بصرية لحالة عشق يختبرها الشاب الوحيد بلقائه فتاة تمتلك روحاً جامحة، وتخبّطاً نفسياً قاسياً. والثاني توغّل في عوالم أناس مقيمين في اللامكان (أو ما يُشبهه)، ومشحونين بتوترات صامتة، وعائشين في المسافات المتداخلة بين الرغبة والواجب والمتاهة. أما الثالث، فالتقاط ساخر ولطيف ومُضحك ليوميات ريفيين فرنسيين، ولقصص يعيشونها أو يخترعونها أو يجدون أنفسهم أسرى لها.

السفير اللبنانية في

09.07.2014

 
 

القوادري يسير على نهج مصطفى العقاد سينمائياً 

(د ب أ) 

أعلن المخرج السوري العالمي أنور القوادري عزمه انتاج مجموعة من الافلام السينمائية الكبرى على نهج أفلام المخرج الراحل مصطفى العقاد.

وقال القوادري الموجود في دبي إن الافلام الجديدة، سيتم تنفيذها على مدار الاعوام القليلة المقبلة، متوقعا أنها ستنافس على جوائز الاوسكار.

وكشف القوادري عن انتهائه من انتاج فيلم كبير سيشارك به في مهرجاني دبي وكان المقبلين، يحمل اسم «هيدا كابلر» وتم الانتهاء من تصويره في بريطانيا.

والفيلم مأخوذ عن نص للكاتب العالمي هنريك أبسن، وتدور أحداثه في القرن التاسع عشر في بريطانيا، حول امرأة ارستقراطية تعيش فراغاً في حياتها، لكنها تمتلك عاطفة جياشة ما يؤدي إلى دمار حياتها بطريقة مأساوية.

وذكر القوادري أنه أشرف على انتاج الفيلم بينما تولى الاخراج ماثيو جون، وهو بطولة مجموعة من الوجوه السينمائية الجديدة منهم ريتا رامناني وجون بول كاتس وسمانثا هانت.

وأضاف أن «الفيلم هو باكورة انتاج شركة دشيشة العالمية للإنتاج الفني وسوف يعرض في مهرجان لوكارنو السويسري السينمائي في شهر أغسطس القادم». وحول خوضه تجربة الانتاج قال: «كنت ابحث عن منتج يقدر قيمة العمل السينمائي، والتقيت رجل الاعمال السعودي المقيم في سويسرا إبراهيم دشيشة، والتقت افكارنا في انتاج افلام سينمائية عالمية، لذلك تم تأسيس شركة «دشيشة للإنتاج الفني» وأتولى ادارتها لإنتاج افلام كبرى واكتشاف وجوه سينمائية متميزة، وانتاج أفلام عربية ترتقي للعالمية».

وتابع: «نستعد لإنتاج فيلم آخر يتناول أحداث الشغب التي شهدتها لندن عام 2011 وتم خلالها تدمير بعض المتاجر وسرقتها». وأضاف: «نخطط ايضا لإنتاج فيلم عربي عالمي عام 2016، من المتوقع أن ينافس على جوائز عالمية كبرى».

يشار الى أن القوادري يقيم في بريطانيا منذ 1976 ومن أهم أفلامه كسارة البندق وكلوديا، وقد تعامل مع عدد كبير من نجوم هوليود.

الجريدة الكويتية في

09.07.2014

 
 

61 مليون دولار استثمارات أجنبية في السينما المغربية

دبي ـ البيان

تفاؤل كبير يسود قطاع السينما المغربية حالياً، بعد التقرير الأخير الذي أصدره المركز السينمائي المغربي أخيراً، والذي كشف فيه أن الاستثمارات الأجنبية في السينما المغربية بلغت في النصف الأول من العام الجاري 61 مليون دولار، أي بزيادة قدرها 150% مقارنة مع الفترة نفسها من 2013 الذي لم تتجاوز الاستثمارات السينمائية خلاله 24 مليون دولار.

وبحسب التقرير، فإن المبلغ هو حصيلة استثمارات 22 إنتاجا سينمائيا وتلفزيونيا أجنبيا في المغرب، وتوزعت هذه الأعمال بين 9 اعمال أميركية و4 اعمال فرنسية و3 أعمال إنجليزية وعملين من ألمانيا وإنتاج واحد كندي وبلجيكي وهندي، بالإضافة إلى إنتاج إيطالي أميركي مشترك.

 وبين التقرير أن التصوير الأجنبي بالمغرب لا يعد واجهة لخلق فرص عمل مباشر للتقنيين والكومبارس ومتعهدي الخدمات اللوجستية فحسب، وإنما يساهم في فتح قنوات لترويج الصورة السياحية المتنامية للمغرب التي يزورها سنويا أكثر من 10 ملايين سائح.

اختيار الدول الغربية للمغرب كوجهة لتصوير أفلامها، كان مرده ما يتمتع به هذا البلد من جغرافية متنوعة تتقلب بين البحر والصحراء، وما يوفره من تنوع عرقي الذي يوفر احتياطيا سخيا من الوجوه تحت الطلب، والتراث الشعبي الخصب، فضلا عن مجهودات الدولة لإغراء كبرى شركات الإنتاج، كلها عناصر تصنع جاذبية سينمائية متميزة للمكان المغربي.

وبلا شك أن التدابير المتخذة أسهمت في إنعاش الاستثمار الأجنبي الذي يجمع العامل الفني بالاقتصادي، لا سيما فيما يتعلق باحتياجات تصوير الأفلام التاريخية وأفلام الحركة التي تتضمن تصوير حشود كبيرة أو جيوش، وتم تسهيل إجراءات الاستيراد المؤقت للأسلحة والذخيرة الضرورية لتصوير الأفلام، والحصول على تخفيضات بالطيران وتحديد أسعار رمزية للتصوير بالفضاءات والآثار التاريخية وإعفاءات ضريبية وتسهيل الإجراءات الإدارية.

وفي سياق تجاوز الاعتماد على المميزات الطبيعية، ومواكبة التطورات التقنية والصناعية، عمد العديد من المستثمرين، المغاربة والأجانب إلى تشييد أستوديوهات للتصوير مجهزة بأحدث المعدات في كل من الدار البيضاء وورزازات.

ذاكرة

تحتفظ الذاكرة السينمائية بعناوين أفلام شهيرة كتبت حكايتها على أرض المغرب، يعود أقدمها الى أواخر الأربعينيات من القرن الماضي مع فيلم »عطيل« لأورسن ويلز، لتتوالى أفلام كبار المخرجين العالميين، من قبيل »الرجل الذي عرف أكثر من اللازم« لألفريد هيتشكوك و»لورانس العرب« لديفيد لين و»الإغراء الأخير للمسيح« لمارتن سكورسيزي و»شاي في الصحراء« لبرناردو برتولوتشي و»غلادياتور« لريدلي سكوت و»الإسكندر« لأوليفر ستون و»أنديجين« لرشيد بوشارب و»بابل« لأليخاندرو غونزاليث أنريتوي.

البيان الإماراتية في

09.07.2014

 
 

"العودة إلى البيت":

الصين ترفض مواجهة ماضيها!

أمير العمري 

كان من المدهش أن تصدر عن المخرج الأمريكي الشهير، أوليفر ستون، أثناء مشاركته في مؤتمر صحفي بمهرجان بكين السينمائي (أبريل الماضي) تلك التصريحات المثيرة التي طالب خلالها السينمائيين الصينيين بأن يواجهوا مرحلة الشعارات "الديماجوجية" الفارغة-على حد تعبيره-التي كان ينتهجها نظام ماوتسي تونج الشيوعي في الصين، وأن يقوموا بنقد ما عرف بـ "الثورة الثقافية" في الستينيات. وكان من ضمن ما قاله ستون: "لقد تم تمجيد ماوتسي تونج في عشرات من الأفلام الصينية لكنه لم يتعرض قط للنقد، وقد آن الأوان لأن تنتجوا فيلما عن ماو وعن الثورة الثقافية. عليكم أن تفعلوا ذلك، وأن تنفتحوا وتحركوا المياه، وأن تسمحوا بحرية التعبير، وعندئذ يمكن الحديث عن انتاج مشترك حقيقي".

كان من المدهش أيضا أن الصينيين الحاضرين الذين صدمتهم هذه التصريحات، لاذوا بالصمت. ومصدر الدهشة أن أوليفر ستون ربما لا يعرف، أو ربما يتجاهل، أن السينما الصينية قدمت الكثير من الأفلام في نقد الثورة الثقافية ونقد فترة القمع الماوية التي صبغت المجتمع الصيني في ستينيات القرن الماضي، وكانت موجة النقد السياسي لهذه المرحلة وللماوية عموما، قد ظهرت مع ظهور الأفلام الأولى لما يعرف بـ"الجيل الخامس" من المخرجين السينمائيين في الصين، وهم أبناء الدفعة الخامسة التي تخرجت من أكاديمية بكين (خريجو دفعة 1982 تحديدا)، وقد صنع هذا الجيل موجة جديدة من الأفلام أطلق عليها "السينما الصينية الجديدة"، أثارت الكثير من النقاش والجدل وحظيت باهتمام كبير في مهرجانات السينما العالمية كما حصلت على الكثير من الجوائز مما أتاح لها فرصة ذهبية للعرض لأول مرة، على شاشات أوروبا وأمريكا
كان من أبرز أبناء "الجيل الخامس" جانج ييمو وتشين كايجي وتيان جوانج جوانج وجانج جونزهاو وغيرهم. ولعل تقاعس الحاضرين من الصينيين عن الرد على انتقادات أوليفر ستون، يرجع إلى أن معظم الأفلام الصينية من تيار النقد السياسي، واجهت الكثير من المشاكل في الصين، ومنع الكثير منها من العرض، حتى أصبحت هذه الأفلام معروفة خارج الصين، أكثر مما هي معروفة لدى الجمهور العريض في الداخل. ومن أشهر تلك الأفلام التي تناولت من خلال رؤية نقدية التجاوزات التي وقعت إبان فترة "الثورة الثقافية" في الستينيات، فيلم "العيش" To Live للمخرج جانج ييمو Zhang Yimou الذي عرض عام 1994. وفي الوقت نفسه كانت أفلام بارزة تنتمي لنفس التيار مثل "الوداع ياخليلتي" لتشين كايجي و"الطائرة الورقية الزرقاء" لتيان جوانج جوانج، تفتح بمنتهى الجرأة والوضوح، ملف تلك الفترة القاسية

وبعد سنوات من الانقطاع عن الاشتباك مع الماضي السياسي، يعود أشهر أبناء "الجيل الخامس"، جانج ييمو، بفيلم جديد هو فيلم "العودة إلى البيت" Coming Home بطولة الممثلة الأثيرة لديه، جونج لي Gong Lee، في أول تعاون بينهما منذ عام 2006، وكانت قد قامت ببطولة ثمانية أفلام سابقة مع المخرج نفسه وحققت معه نجاحا عالميا كبيرا. ويشاركها بطول الفيلم الجديد الذي عرض خارج المسابقة في مهرجان كان السينمائي الأخير، الممثل الصيني الكبير تشين داومنج.

عودة إلى الأدب

يعود جانج ييمو في فيلمه الجديد إلى الأدب (الذي سبق ان استمد منه معظم أفلامه السابقة) فهو يستند هنا إلى رواية من تأليف يان جيلنج بعنوان "المجرم لو يانشي"، ولكنه قام بإدخال الكثير من التعديلات في السيناريو فجعل الشخصية الرئيسية ومحور الأحداث هي شخصية المرأة-الأم-الزوجة والمعلمة السابقة (تقوم بدورها جونج لي) التي فقدت زوجها-أستاذ الجامعة الذي تعتقله السلطات إبان الثورة الثقافية بتهمة الانحراف الأيديولوجي واعتناق أفكار يمينية تنحرف عن الخط الرسمي للحزب الشيوعي وهي التهمة الشائعة حينذاك. ولكن الرجل ينجح في الفرار من المعتقل، وعندما تذهب الزوجة لكي تقابله في محطة القطارات، وقبل أن يحدث اللقاء المنتظر بينهما، يعتقلونه مجددا، ونعرف بعد ذلك أن ابنته الشابة الصغيرة هي التي وشت به بعد أن أقنعها رجال الأمن بضرورة الإبلاغ عنه في حالة حدوث أي اتصال بينه وبين الأسرة مقابل وعد بدعمها لكي تصبح الراقصة الأولى في فرقة الباليه.

بعد مرور سنوات، ومع بدء سياسة جديدة، يطلق سراح الرجل، ويعود إلى البيت لكن الزوجة تكون قد فقدت ذاكرتها تماما، فهي لا تتعرف عليه، بل وتنكره وتستنكر وجوده وتطرده من البيت، وتقول لابنتها المشدوهة من سلوكها، إنه ليس زوجها بل الرجل الذي وشى بع في البداية لدى السلطات!

بمساعدة الابنة، التي تريد الآن التكفير عن ذنبها بعد أن تركت فرقة الباليه والتحقت بالعمل في أحد المصانع، يسعى الرجل بشتى الطرق لتنشيط ذاكرة زوجته التي لاتزال تحلم بعودته، فهو حينا يعزف لها اللحن المفضل الذي كانت تحبه على البيانو، وتارة أخرى يأتيها بصورة أم تجمعهما معا أيام حبهما في الماضي، وتارة ثالثة يضع أمامها كومة كبيرة من الخطابات التي كان يرسلها إليها طيلة سنوات ولكنها لم تصلها أبدا، ويقوم بدور قارئ الرسائل لها بعد أن تضاءل بصرها وتقدم بها العمر. لكن كل محاولاته لدفعها للتعرف عليه تبوء بالفشل. تمنحه السلطات مسكنا مجاورا لسكن الأسرة، لكن الفيلم ينتهي وقد تكيف الجميع أي الثلاثة، مع الأمر الواقع، وأصبحوا يكتفون بهذه العلاقة الغريبة التي يلعب فيها الزوج دورا آخر غير دوره الحقيقي.

مشاكل الفيلم

المشكلة الأولى في الفيلم تنبع من فشل السيناريو في تحويل الصورة الأدبية في الرواية لمعاناة تلك الأسرة، إلى "حبكة" لها تداعياتها المقنعة. ربما تبدو الفكرة على الورق جيدة، لكنها في التنفيذ جاءت ضعيفة باهتة، فالفيلم لا يخرج عمليا عن ثلاثة أماكن هي مسكن المرأة ومسكن الزوج ومحطة القطارات، سوى مرة واحدة عندما يذهب الزوج في رحلة الى الريف بحثا عن الرجل الذي كان السبب في الوشاية به واعتقاله فيعرف هناك من زوجته أنه قد أصبح رهن الاعتقال الآن. كما يعتمد الفيلم على الحوار، ويبدو في مشاهده، أقل أفلام جانج ييمو اهتماما بالجوانب التشكيلية في الصورة السينمائية، وفي استخدامه المتميز للألوان.

يعتمد الفيلم أيضا على المشاعر المتدفقة التي تأتينا عبر خلال الأداء التمثيلي أكثر من اعتماده على التعبير من خلال الصورة، بل تبدو الميلودراما التي يصورها تقليدية، تنضح أحيانا بالمباشرة وتدور أحداثها حول نفسها دون تطور واضح في مسار القصة، ودون أن يتمكن السيناريو من الكشف عن تفاصيل جديدة مثيرة لاهتمام المتفرج، خلال الانتقال من مشهد إلى مشهد آخر، بل يظل الفيلم يدور حول نفسه

 تروى القصة من خلال بناء تتداخل فيه الأزمنة دون ضرورة درامية ودون أن يصبح الانتقال في الزمان انتقالا أيضا لكشف جوانب أخرى من الموضوع تثري الفيلم، فنحن مثلا لا نرى شيئا مما تعرض له الرجل خلال تجربة الاعتقال أو "إعادة التأهيل" كما كانت تسمى، كما لا نرى كيف كانت المرأة تفقد ذاكرتها تدريجيا، بل ويبدو فقدان الذاكرة نفسه حيلة (أدبية) رمزية تعبر عن رفض مواجهة الماضي بآلامه وذكرياته القاسية، أكثر منها حقيقة مقنعة، فليس من المقنع أن تطرد المرأة الزوج وترفض الاعتراف بأنه زوجها، لكنها تقبله في المشهد التالي مباشرة باعتباره شخصا آخر جاء لكي يقرأ لها الرسائل المرسلة من ووجها مثلا.

ويبدأ الفيلم بمشهد لعرض من عروض فتيات الباليه تشارك فيه الابنة، يوحي بأجواء تلك الفترة، حيث نرى الفتيات يرتدين زيا عسكريا ويحملن الأسلحة، كما لو كانت البلاد ستذهب للحرب، تأكيدا على تسخير الفن في خدمة العقيدة السياسية، ثم نشاهد كيف تعاني الأم بعد اعتقال الزوج، قبل أن تأتي أنباء عن فراره وتأهبه للعودة. ولكن السيناريو لا يؤسس على هذا المشهد، لكي يجسد طموح الفتاة وكيف يستبد بها ويدفعها فيما بعد إلى الوشاية بوالدها

ويبدو أداء جونج لي في دور الزوجة، فاترا مشبعا بالمبالغات، كما لاحظنا أيضا انحصار الأداء في تعبير واحد ثابت على وجهها، لا يتغير طول الفيلم، كما يتكرر رد فعلها. إلا أنه تنبغي الإشادة بالأداء المؤثر للممثل تشين داومنج في دور الزوج

أراد جانج ييمو أن يصنع ميلودراما عاطفية، يكون تركيزها الأساسي على فكرة التأثير النفسي للقمع، وعن قصة الحب العظيمة التي تتعرض للدمار بسبب أخطاء السياسة والساسة، وليس تصوير القمع السياسي في حد ذاته، وتجسيد كيف كان ممكنا أن يدفع الإنسان الثمن مضاعفا، جراء ذلك النزوع إلى المراهقة السياسية الذي كان سائدا حينذاك.  لكنه لم يوفق في استعادة رونق أفلامه السابقة وسحرها الذي كان يكمن أساسا، في جرأتها شكلا ومضمونا، وقدرتها على التعامل مع المادة الدرامية بحيث تقدم صورة للصين التي كانت، لا أن تنحصر في موضوع محدود الأثر، ربما كان يصلح أكثر لسهرة تليفزيونية

ولكن ربما كان جانج ييمو يريد أيضا أن يقول لنا إن صمت المرأة ورفضها التعرف على زوجها الراغب في "العودة إلى البيت" هو رفض الصين مواجهة ماضيها القاسي، وتفضيلها التعايش معه!

الجزيرة الوثائقية في

10.07.2014

 
 

تضحيات الإعلاميين في سبيل توثيق قسوة الإرهاب العالمي

يتناولها فيلم« تصبحين على خير ألف مرة» للمخرج الشهير اريك بوب

كاظم مرشد السلوم 

أراد المخرج الشهير اريك بوب أن يطرح من خلال فيلمه "تصبحين على خير ألف مرة" حجم المعاناة والتضحيات التي يقدمها الإعلاميون في مختلف دول العالم من أجل توثيق الأحداث التي تجري في بقاع الأرض المختلفة، خصوصا تلك المتعلقة بالإرهاب، محاولا أن يقدم من خلال تقديمه لحكاية "ريبيكا"  مصورة فوتوغرافية لعبت دورها الممثلة الفرنسية " جوليت بينوتشي " الحائزة على جائزة الأوسكار عن دورها في الفيلم الشهير" المريض الانكليزي".

وهي كما يطرحها الفيلم تعد واحدة من أفضل خمسة مصوري فوتوغراف في العالم، حيث تستطيع أن تصل إلى مكان تفخيخ النساء وإلباسهن الأحزمة الناسفة، حيث الطقوس الخاصة بذلك تبتدئ بوضع الفتاة في قبر معد مسبقا، وتقرأ الايات القرآنية عليها، من قبل عدد من النسوة، كونها لن تحظى بقبر بعد تفجير نفسها وتطاير جسدها إلى شظايا تختلط بشظايا المتفجرات التي تحمل، بعد ذلك تؤخذ الفتاة وتحمم وتعطر مثل أي  عروس ستزف إلى عريسها، كل هذا تصوره ريبيكا وترافق الفتاة الانتحارية في السيارة التي تقلها إلى مكان التفجير، وتطلب النزول لدى وصول السيارة إلى سوق مكتظة بالناس، وثمة نقطة تفتيش في المكان، تبتعد عن السيارة التي تقل الفتاة، كل هذا الوقت وهي تلتقط الصور، تراقب الجندي الذي يفتش السيارة وتصرخ على الناس الموجودين" اهربوا ثمة قنبلة"، لتنفجر المرأة المفخخة، وتتطاير أجساد المارة على جانبي الطريق، ولتطير هي في الهواء لعدة أمتار. قطع سينمائي. ريبيكا في المستشفى وإصابات عديدة واضحة على جسدها، لتفاجأ بوجود زوجها إلى جانبها، انها الآن في أحد مستشفيات دبي، من هنا تبدأ الحكاية الثانية لريبيكا، حكاية تأثير عملها في وضعها العائلي وابنتيها، إحداهما مراهقة والأخرى طفلة عمرها.

العائلة كانت تتوقع موتها والخبر الأول الذي وصلها كان يؤكد ذلك، لكنها نجت، هنا يطرح الفيلم سؤالا من خلال لسان الزوج..

من هو الأهم العمل المغامر في أماكن ساخنة لا يفارقها الموت، أم إيجاد عمل بقرب العائلة والاهتمام  بالأطفال؟، سؤال لا تستطيع ريبيكا الإجابة عنه، البنت الكبرى تقول، كان من الأفضل أن تكوني ميتة، لقد ارعبتنا، جملة قاسية، لا تستطيع معها ريبيكا إيجاد رد مناسب، الزوج يخبرها، آن الأوان للانفصال، كونك مدمنة على العمل الصحفي في الأماكن الخطرة، لكنها تتعهد بعدم مواصلة العمل، وتركه نهائيا، ولكن هل يستطيع مدمن ومحب لعمله التخلي عنه بهذه السهولة؟.

هنا تبدأ المرحلة الاخرى من الفيلم، فعلى الرغم من العروض التي تنهال على ريبيكا للعمل في أماكن ساخنة، لكنها ترفض وبشدة وتستطيع إلى حد ما إعادة علاقتها الطبيعية بزوجها وابنتيها، لكن البنت المراهقة تطلب من أمها مساعدتها في بحث طلب منها في المدرسة يتعلق بحقوق الإنسان والحيف الذي تعانيه الكثير من الشعوب بسبب الحروب الأهلية وقمع السلطات لشعوبها . 

في الوقت نفسه تطلب إحدى الصحف من ريبيكا أن تسافر لتصوير أحد معسكرات اللاجئيين في احدى الدول الافريقية التي تشهد حربا أهلية. لكنها ترفض، هنا تتدخل البنت طالبة من أمها الموافقة، لكي تستطيع أن تكمل مشروعها المدرسي وأن ترافقها إلى هذا المعسكر، حيث لا حرب ولا خطر مثلما هو الوضع في أفغانستان وغيرها. 

الرحلة عادية وريبيكا وابنتها تصوران كل شيء في المعسكر، البنت تمسك بكاميرا فيديو لتوثق ما تشاهده، وريبيكا الخبيرة تلتقط مئات الصور الفوتوغرافية ومن زوايا مهمة تحقق التاثير المطلوب بالمتلقي. 

لسوء حظ ريبيكا يهاجم معسكر اللاجئين من قبل بعض الجماعات الإرهابية المسلحة، الدليل الذي معها يطلب منها أن تغادر بسرعة لأن لا أحد يعرف ما سيحصل الآن، لكنها وبشوق المحترف لتوثيق الحدث ترفض طلبه وتطلب منه المغادرة مع ابنتها، على الرغم من الحاح البنت عليها بالمغادرة لكنها تبدو كمن وجدت ضالتها في هذا الحدث/ فتقوم بتصوير التصفية الجسدية القاسية للأهالي النازحين على يد المسلحين، وفي لحظة اقترابهم منها، تصل القوات الحكومية لتقتل المسلحين ولتنجو ريبيكا ثانية. 

هذا الموقف سيغير حياة ريبيكا المستقبلية بشكل كبير، على الرغم من انها تتفق مع ابنتها على عدم إخبار الزوج بما جرى.

مصادفة يكتشف الزوج الخطر الذي كان يحيط ببنته وبزوجته بعد مشاهدته لمقطع الفيديو في كاميرا ابنته، بردة فعل عالية يطرد ريبيكا خارج المنزل، ويطلب منها عدم العودة إلى البيت أو رؤية بناتها ثانية، هنا تقف ريبيكا عند مفترق طرق، تقف أمام سؤال مهم، لماذا فقدت عائلتها، هل العمل أهم من عائلتها وتربية بناتها، هل يمكن للإنسان أن يحب عمله ويرتبط به إلى هذا الحد  على الرغم  من خطورته، هل العمل الذي يتوفر على مغامرات مستمرة هو العمل الأكثر شغفا وحبا وتعلقا من غيره، لدرجة التضحية بالعائلة. ويبدو ان ريبيكا تجيب عن هذا السؤال، من خلال عودتها إلى افغانستان وللمكان نفسه الذي يفخخون النساء فيه، لكن ثمة صدمة لا تتوقعها ستجعل منها غير ريبيكا الأولى، فالبنت التي يقومون بتفخيخها بعمر ابنتها المراهقة، لتنهار ولا تستطيع التصوير، لينتهي الفيلم هنا تاركا لريبيكا أن تقرر مصيرها ومستقبل عملها .

تأويل النص المرئي

النص كما هو واضح يتحدث عن حكاية مصورة فوتغرافية، لكنه يبث رسائله العديدة بدءا من المشهد الأول، مشهد القبر المفتوح، وتحميم النسوة للمرأة المراد تفخيخها، حيث لا حول ولا قوة لها، الرسالة تقول هكذا هي هذه الجماعات المتطرفة  على الرغم من اننا في القرن العشرين. 

ما الذي يريدونه حين  يفخخون النساء  ويفجرون السيارات داخل الأسواق، ولماذا الأوروبي هو من يوثق وهو القادر على التضحية بحياته من أجل إيصال الصورة الحقيقية لما يجري، هل هو تفوق الآخر، سؤال يمكن طرحه بعد مشاهدة الفيلم . 

اختلاف الثقافات يعاد طرحه من خلال علاقة الزوجة بزوجته الصحفية، ومستوى الحديث والحوار بين الأم وأولادها، كذلك النظرة إلى ما يجري في الدول التي تعاني من الإرهاب. 

الجانب الفني 

لم يترك المخرج اريك بوب ثغرة في الفيلم، فشد انتباه المشاهد يبدأ من المشهد الاول، ولا ينتهي بالمشهد الأخير في المكان نفسه، إذ يتركك تفكر بكل ما عرض أمامك من أحداث مرعبة. لا تكلف في رسم المشاهد، خصوصا في الأماكن الساخنة التي تجري فيها الأحداث، فجاءت حركة الكاميرا متناغمة مع الحدث، كجزء مهم منه.

أداء جولييت بينوتشي كان أكثر من رائع، خاصة ان التقدم في العمر أسهم كثيرا في رسم التعابير اللازمة في كل مشاهد الفيلم، ولم تعد تلك الشابة التي يمكن لجمال الأشياء ورومانسيتها أن تؤثر فيها. الفيلم مصنوع بحرفية عالية، من خلال توفره على كادر محترف من مصورين وفنيين وممثلين كبار . 

الصباح العراقية في

10.07.2014

 
 

«ضحايا الحرب».. الأميركان ليسوا دائماً أبرياء!

عبدالستار ناجي 

يعتبر فيلم «ضحايا الحرب» للمخرج بريان دي بالما، واحد من اخطر الاعمال السينمائية الاميركية، التي تناولت موضوع الحرب، بكثير من الشفافية والقسوة، وهو يسير على نهج افلام مثل «بلاتون» وفول متبل جاكيت، والقيامة الان، وغيرها من الاعمال السينمائية، التي ذهبت الى موضوع الحرب على خلفية الحرب الاميركية الفييتنامية، وفي هذا الفيلم يفضح بريان دي بالما، عدداً من الممارسات السلبية للجنود الاميركان، ابان تلك الحرب الوحشية.

فيلم عن الاغتصاب الجماعي من قبل مجموعة من الجنود الاميركان لامرأة فييتنامية، مع ملاحظة ان الفيلم يعتمد على قصة حقيقية فضحها الكاتب دانييل لانغ في صحيفة «النيويوركر».
وهذا الفيلم يذهب الى نقطة حساسة في تاريخ العسكرية الاميركية، شكلت علامة سوداء.. بل ان وزارة الداخلية حاولت كثيرا تعطيل انتاج الفيلم الذي لايزال يمثل احد اخطر الافلام واكثرها عمقا في التصدي لموضوع الحرب والتدخل في مصير الامم والشعوب.

دراما سينمائية موجعة تصدى لها المخرج بريان دي بالما، اعتماداً على نص اصلي، صاغ له اليسناريو دايفيد بالي. والنص الاصلي كانت صحيفة النيويوركر، قد نشرته تحت عنوان حادث في الجحيم عام 1966 خلال الحرب الفييتنامية وكتب التحقيق يومها دانييل لانغ.

وجمع بريان دي بالما، عدداً بارزاً من اهم النجوم الشباب في حينها ومنهم مايكل جي فوكس وشون بين وعدداً اخر من الشباب.

منذ اللحظة الأولى، يأخذنا الفيلم عبر فلاش باك، لماكس اريكسون، وهو احد قدامى المحاربين في فييتنام في نوفمبر 1966، حول احداثيات تعرض فرقة من الجنود الاميركان لهجوم من قوات الفيتكونج «الفييتناميين».

حيث المواجهات الوحشية، والقتل بالسلاح الابيض بلا رحمة.

بعدها يأخذ الفريق استراحة قرب قرية قريبة من النهر.. وهناك نشاهد ايضا كماً من الممارسات السلبية للجنود الاميركان.

وتمضي اللحظات بين المواجهات.. والجثث المتساقطة من الطرفين.

حتى يأتي الحدث الاكبر في الفيلم، والذي يتجاوز كل الاحداث والجثث، حينما يأمر توني مسرف «شون بين» عناصر الفرقة بأختطاف فتاة فييتنامية «ثان لي اوانه» ورغم اعتراض اريكسون منذ اللحظة الاولى، الا ان الامور تسير عكس ما اراد حيث تتعرض الفتاة الى الضرب اولا ثم الاغتصاب الجماعي.. وبلا رحمة.

الجميع متورط.. كافة عناصر الفرقة.

بعدها تبدأ مواجهة من العيار الثقيل عند السكك الحديدية التي تحمل الامدادات وعندها تبدأ النفوس المريضة بتفجير احقادها.. وعنفها الأرعن.. وكأن تلك الحرب جاءت لتفرغ النفوس من امراضها.. وقسوتها.. وجبروت حقدها الدفين.

فيلم «ضحايا الحرب» يذهب بعيدا، بل ابعد من حدود الصورة حول كل اصناف الضحايا والاثار السلبية التي تخلفها الحروب على المشاركين بها او الذين تدفع بهم الظروف لان يعيشوا ذلك الزمن الصعب، حيث القسوة بلا حدود والعنف بلا عودة والخصومة الفاجرة.

بعد ذلك، كل ما نراه عبارة عن قتال.. ومواجهات وتصفية يراد منها تحقيق نصر، حتى لو كان وهميا للجنود الاميركان.

رغم قتل العديد من جنود الفرقة اثر انفجار احد الزوارق البحرية التي كانت تقل عدداً منهم في النهر.

بعد المعركة الكبرى، يسقط اريكسون في المستشفى ويحاول ميسرف وعناصر الفرقة التستر على جرائم القتل الوحشية وايضا الاغتصاب ولكن اريكسون يرفض من جديد لان الامر مخالف لاخلاقه العسكرية والانسانية.

ويتم فضح الجريمة رغم كل المحاولات التي يبذلها ميسرف، من بينها عدة محاولات لاغتيال اريكسون.

بعدها يستيقظ اريكسون من ذلك الفلاش باك الطويل ليجد نفسة في كنيسة سان فرانسيسكو على بعد بضعة مقاعد من طالبة «فييتنامية - اميركية» تشبه الى حد كبير المرأة التي تم الاعتداء عليها خلال ايام الحرب.

في الفيلم بالاضافة الى مايكل جي فوكس «اريكسون» هناك شون بين «ميسرف» وجون سي. ريلي - ودون باتريك هيرفي. جميع مشاهد الفيلم صورت في تايلند، بالقرب من منطقة كنشنبوري والتي صور بها ايضا فيلم «جسر نهر تواي» لدايفيد لين.

عندما عرض الفيلم للمرة الاولى عرض في 1487 صالة وحصد في الاسبوع الاول له 5 ملايين دولار، ويبلغ الحصاد في نهاية المطاف 18 مليون دولار، وقد حصد الكثير من ردود الافعال الايجابية والاشادة للرؤية التي قدمها المخرج وشجاعة فريق العمل في تقديم شخصيات سلبية والعمل على نقدها، لتجاوز الاخطاء السلبية التي ارتكبها عدد من الجنود خلال تلك الحرب، وسيظل الفيلم يعتبر من المرجعيات السينمائية الحقيقية، التي تمتاز بعمق الطرح، والتحليل الدقيق للشخصيات، والاثار السلبية للحروب بالذات الحرب الفييتنامية.

ونتوقف قليلا عند المخرج بريان دي بالما الذي يعتبر احد شيوخ السينما الاميركية واهم صناعها وله كم من التحف الخالدة ومنها «كاري 1976» و«الوجه ذو الندبة «سكيرفيس 1983» و«المعصومون 1987» و«المهمة المستحيلة 2000» وغيرها من الاعمال التي برصيده 17 عملا كمؤلف و6 أعمال كمنتج و5 كممثل و5 كمونتير، و2 كمصور وكم آخر من الاعمال والبصمات.

وهو في فيلم «ضحايا الحرب» لا يجامل ولا يهادن ولا يتملق لوزارة الدفاع او الجيش الاميركي وهو حينما يذهب الى الموضوع والى تلك الحادثة بالذات فانه يريد بذلك ان يتحول الى درس وقيمة وخلق، فالعسكرية خلق وللاشتباك قواعده وظروفه ومن هنا تأتي اهمية هذا العمل الذي سيظل من الشواهد الحقيقية على الممارسات السلبية لعدد من الجنود الاميركان ابان تلك الحرب.

يمتاز الفيلم بموسيقاه الجميلة التي صاغها الموسيقار الايطالي القدير انيو ميركوني الذي تعاون مع دي بالما من ذي قبل في فيلم «المعصومون» ومن اعماله المهمة «معركة الجزائر 1966» و«الطيب والسيء والقبيح 1966» مع الراحل سيرجيو يعوني.

ادار التصوير في الفيلم مدير التصوير الاميركي ستيفن اتش يورم الذي تعاون مع دي بالما في افلام «المعصومون» و«المهمة المستحيلة».

ونشير هنا الى ان الفيلم يعتبر من الوثائق المهمة عن جرائم الحرب الاميركية ويعتمد كمادة اساسية في العديد من المعاهد السينمائية المتخصصة في الولايات المتحدة.

فيلم «ضحايا الحرب» من تلك النوعية من افلام الحرب التي ترينا وحشية الانسان قبل وحشية الحرب وترينا ايضا الضغوط الكبرى التي يجد المجند نفسه امامها ليذهب بعيدا في شراسته ووحشيته وحقده ومواجهته.

فيلم «ضحايا الحرب» من التحف السينمائية التي تحلل الجوانب النفسية والممارسات العدوانية التي قام بها نفر من الجنود الاميركان والتي اريد عدم السكوت عنها لتصبح درسا يتعلم منه الجميع وان تقول السينما بان الاميركان ليسوا دائما ابرياء ومنتصرين والغلبة لهم بل ان الفيلم يقول اكثر من حدود ما كتبنا او حتى كتبه الآخرون عن الفيلم.

فيلم «ضحايا الحرب» يفضح كل شيء الجنود الاميركان والحروب والظروف التي تحيط بهم والعلاقات التي تجمعهم والتي سرعان ما تتحول الى سراب في ظل تفجر الاوضاع وغياب الامان وسقوط الضحايا عندها يتحول الجندي الى بركان متفجر يدمر كل شيء واي شيء حتى الابرياء كتلك المرأة الفييتنامية التي سقطت ضحية الاعتداء الجنسي اولا ثم الاغتيال.

ويبقى ان نقول فيلم «ضحايا الحرب» لبريان دي بالما فيلم حقيقي عن ويلات الحروب.

النهار الكويتية في

10.07.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)