كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

"فوكوشيما" الفرنسي.. شكاك ومغامر!

قيس قاسم

 

"فوكوشيما" الفرنسي .. شكاك ومغامر، هذه أقل حصيلة يمكن أن يخرج بها المرء من مشاهدة فيلم يونيل دو كونينك والذي يقترح فيه معاينة نتائج كارثة المفاعل النووي الياباني، بعد مرور ثلاث سنوات عليها، من زاوية مهنية يشترك فيها الصحافي الياباني وصانع الفيلم الوثائقي وفريقه في مغامرة البحث عن الحقيقة، مُعَرضين أنفسهم خلالها لخطر الأصابة بالأشعة القاتلة، من أجل تقديمها الى المشاهد ليُقييمها بنفسه، متجاوزين بمنجزهم السينمائي الحصيف حدود المشكلة الجغرافية الى ما هو أبعد منها كثيراً، ليعبروا بذلك عن الطبيعة الكونية للكارثة النووية، التي بدأت من ساحل مدينة فوكوشيما الآسيوية وأخذت سمومها في الأنتشار عبر مياه الأطلسي وهواء الأرض الى جهات الأرض، فيما ظلت السلطات اليابانية، طيلة الوقت، ممتنعة عن الأفصاح عن حجم الخطر الحقيقي المتأتي من تسرب الأشعة النووية تجنباً للمساءلة القانونية والأخلاقية حول حدود مسؤوليتها في الحد من آثارها المدمرة على اليابانيين وعلى غيرهم من البشر، وهذا  يفسر لماذا شرع الوثائقي عمله من سويسرا مباشرة وليس من اليابان نفسها!

يحيط "فوكوشيما" كلام المؤسسات السويسرية وبعض مختبراتها بهالة من الشك لمعرفته، منذ البداية، نيَّة الدولة بناء مفاعلات نووية لأغراض سلمية ولا تريد لمشروعها الذي بدأت التخطيط له منذ عقدين من الزمن أن يفسده الصحافيون أو غيرهم. بدوره لم يرد دو كونينك المشي معها على نفس الإيقاع فراح بنفسه وأشترى سمكاً مجمداً، مستورداً، من محلات سويسرية صغيرة وطلب فحصها في كل من سويسرا وفرنسا، ليعرف الفرق بين قراءة المختبرين. أكدت المختبرات السويسرية أحتواء لحوم الأسماك على مادة سيسيوم ـ 34 وسيسيوم ـ 37،  ما يعني أنها أصطيدت في المياه اليابانية وتعرضت للأشعاع المتسرب من مفاعلات فوكوشيما   داياتشي ولكنها حسب رأيهم "آمنة" لا تشكل مستوياتها خطراً على صحة الإنسان إذا ما أكل لحمها. في باريس رفض الأطباء تعبير "درجات آمنة" فالنسبة اليهم الأشعاعات كلها مضرة وخطيرة ولكن درجة خطورتها هي التي تختلف وأن دخولها أجسام البشر من الخارج أو الداخل تسبب بعد مدة من الزمن أمراضاً سرطانية! الفحوصات أثارت أسئلة من بينها: لماذا تريد السلطات السويسرية طمأنة الرأي العام وعدم تخويفه من مخاطر الأشعاع النووي؟ وثانيها: إذا كانت الأسماك تحمل آثاراً واضحة على وجود مواد مشعة في لحومها، فكيف بالنسبة لليابانيين؟ ودولتهم تؤكد إنخفاض نسب الأشعاع، وأنها نظفت المناطق القريبة من المفاعل وتجري فحصوات دورية على المياه القريبة منه؟ 

سيدخل الوثائقي الفرنسي الى الأراضي اليابانية ويجري بحثه الخاص بطريقة شبه سرية، لأن السلطات هناك تمنع على الصحافيين والمصوريين الأقتراب من مفاعلات فوكوشيما بعد أنفجارهـاـ ليتحقق من مقدار مطابقة أدعاء السلطات للواقع. أثناء جولاته ومقابلاته الناس ينتبه الشريط الى تحول جديد في سلوك المواطن الياباني في المناطق القريبة من المفاعل، يشي ببروز حالة من أنعدام الثقة بينهم وبين سلطاتهم ما يمثل كسراً للموروث الثقافي الإجتماعي الهرمي الذي يعد واحداً من سمات المجتمع الياباني التقليدي. ففي كل مكان كان يدخله المخرج الفرنسي  وفريقه ضمن المناطق الجغرافية التي تبعد 30 كلم (رسمتها الدولة كحدود آمنة) عن المفاعل، كان يوثق سلوكاً واضحاً يغذي شكوكه من أن السلطات تخفي الكثير عن مواطنيها وأن وجهاز قياس مستويات الأشعاع الذي يحمله كل واحد منهم، تقريباً، ما هو إلا رمز للعلاقة الجديدة المختلة. فالجهاز الحساس يشير الى الأرقام الحقيقية ويُكذب بدوره أرقام السلطة المُضَلِلة. في جانب آخر يعيد "فوكوشيما" مجدداً صورة الياباني المتضامن، العصامي.

فثمة حراك اجتماعي يسير بإتجاه متوافق مع الروح المقدامة والمتحدية التي أنتجت حركة شعبية ضاغطة على السلطات بطريقة لا تتجاوز حدود الإحترام ولكنها قبلت بكسر حاجز الخوف من الغريب. درجة تعاونهم مع  فريق العمل الفرنسي عبرت عن وحدة مصالح انسانية وساعدت على أنجاز وثائقي مذهل مليء بالنماذج الشجاعة وطافح بالديناميكية الدرامية التي تشي تفاصيلها الداخلية بسلوك بشري يقف ضد كل ما هو متناقض مع قيمها، وصورة الصحفي الياباني الذي دخل الى قلب المفاعل بعد أنفجاره متنكراً بشخصية عامل من عمالها تُبيّن مقدار الشعور العال بالمسؤولية لديه والذي عبر عنه في أكثر من مناسبة ولخصه: إذا لم تُعَرض نفسك للخطر في سبيل كشف الحقيقة فمن سيضمن للأجيال القادمة حياة صحية وسوية؟. على طول خط البحث التسجيلي سيصادف الفيلم أناساً كرسوا حياتهم، مثل صُناعه، لكشف الحقيقة لهذا وحينما قرر المخرج دو كونينك دخول المنطقة الحمراء (محيط عشرين كلم حول المفاعل) إنما كان يتناغم مع الجو المحيط به. سبَقَت خطوته الجريئة عدة أكتشافات في مقدمتها أكداس الأكياس البلاستيكية الممتلئة بالتراب المأخوذ من الأرض التي وصلها الأشعاع في ساعات الكارثة الأولى. فكرة التحري عن الأكياس أنبعثت من ملاحظات وهواجس سكان المنطقة الذين راحوا يتساءلون عن سر وجود هذه التلال السوداء دون توضيح. سيتضح لاحقاً انها مصدر أشعاع خطير نابع من طبيعة التربة السطحية التي قامت السلطات، وكأجراء أحترازي، بقشطها على عمق 5 سنتيمترات حتى لا تغور المواد المشعة عميقاً داخل الأرض ولكنها لم تتخذ الخطوات اللازمة للتخلص منها، فأبقتها  كما هي وأحاطتها بأسيجة حديدية دون أشارة الى مخاطر الأقتراب منها؟!. الأكياس بدورها ستُوصل البحث التسجيلي الى المناطق التي أدعت السلطة أنها نظفتها ويمكن للناس العودة اليها. لطمأنتهم نصبت البلدية أجهزة قياس أمام كل مدرسة وتجمع وبناية وكلها تشير الى نسب منخفضة عن تلك التي يسجلها الناس بأجهزتهم المحمولة في آياديهم. لقد أتضح أن الواجهات القريبة من البنايات قد نظفت فعلاً، ولكن على بعد أمتار منها كانت الأرقام تشير الى مستويات أعلى بكثير. في أحدى المدارس لفت أنتباه الناس وجود جهازين متجاورين يعتمد مديرها واحدة منها فقط وحين سُأل عن الثاني تلعثم وقال: "البلدية طلبت منا تجميد العمل بها". يذهب الوثائقي الى الشركة البائعة في طوكيو ويكتشف أن وزارة المعارف قد طلبت منهم تغيير نظام تشغيل أجهزتها وحين نُقل الطلب الى الشركة الأمريكية المنتجة رفضت ولم تفهم لماذا يريد اليابانيون تغير المقاييس العالمية التي أعتمدوها حين قاموا بصناعتها لتقوم بوظيفتها في معرفة حركة مادة الميكروسيفر في الساعة الواحدة والتي على أساسها يتحدد كم الخطر المحتمل في المنطقة المنصوبة فيها.

انفجار نووي

كل الأرقام المقدمة من الدولة لقياس مستوى الأشعاع أقل من المستويات الحقيقة بكثير وأن الاجهزة المغشوشة قد تم شراؤها من جيوب دافعي الضرائب. فضيحة أثارها الوثائقي وشجعت الناس على التعاون معه فراحوا يُدلونه على مواضيع جديدة تفيد مخططه، ومنها دخلوه الى المفاعل المُغلق والمُشدد الحراسة. في مغامرة خطيرة تنكر صاحب الوثائقي بهيئة عامل ياباني وأختبأ في صندوق الحقائب لسيارة تابعة لأحد العاملين في شركة "تبكو" صاحبة المفاعل. قبلها أظهرت تسجيلات الصحافي الياباني سوء أساليب تبريد "قلب المفاعل" خوفاً من أنفجاره ثانية، وأن المياة المستخدمة في العملية كانت تتسرب الى المحيط القريب. تركوا هذا الجانب الى نهاية الشريط وركزوا على تسجيل معدلات التسرب الحقيقية بأنفسهم  والتي بلغت حسب أجهزتهم مستويات تفوق مستويات كارثة تشرنوبيل وأن الغيوم المصاحبة للأنفجار قد وصلت الى أبعد من 30 كلم بكثير ما يشكل خطراً حقيقياً على سكان مناطق واسعة من البلاد وليس كما حددتها الدولة حسب مصالحها وحفاظاً على سلامة مقاعد المتنفذين فيها ومنافع الشركة المتعاونيين معها

بعد جمعه الحقائق راح يسأل الوثائقي عن الجوانب السلبية المترتبة على تكتم الحكومة اليابانية المُتَعَمد، فظهر أن روسيا قد أخضعت كل سكان المنطقة المحيطة بتشرنوبيل الى فحص كمية السيزوم (الرمز الكيمياوي Cs) في أجسامهم كونه عنصراً فعالاً في التسبب بسرطانات أكثرها شيوعاً سرطان الغدة الدرقية. على بعد 50 كلم وفي مدينة كورياما كان الدكتور المتطوع  سوزوكي يقوم بفحص أطفال المدينة التي بدأت تظهر عند بعضهم أعراض سرطانية بعد أن أكد لذويهم أطباء الأشعة الفوق صوتية التابعة للحكومة سلامتهم من كل مرض!. سيُبين لهم الطبيب أن الغيوم النووية قد سقط الكثير من نفاياتها على الأرض أثناء سقوط الثلج وكان أطفال المدارس من بين الأكثر عرضة لملامستها. معلومة ستُحيل الوثائقي للتفكير في الذهاب أولاً لمعرفة دور مياه التبريد المأخوذة من المحيط والمعادة اليه ثانية بعد تلوثها. في هذا المبحث الدؤوب سيتوصل "فوكوشيما" الى أن هناك عملية تغيير سريعة وسرية قامت بها السلطات الحكومية للطاقم الطبي داخل المفاعل، فقد جاء مدير جديد للقسم الصحي وقَبل مقابلة الفرنسيين ليخبرهم بأن مياه المحيط القريبة من المفاعل لن تترك أثراً سلبياً على الحياة البيئية ولن تؤثر على صحة الأسماك؟ كلام قريب من كلام المختبرات السويسرية ولكن العينات التي فحصها الشريط بنفسه أظهرت العكس، وحتى العالمة المختصة بالذرة في جامعة طوكيو لم تصدق بأن طبيباً يقول ذاك الكلام فعلى علمها أن المواد المشعة تنتقل الى الأسماك عبر ترسبها في طين قاع المحيط وأعشابه التي تتغذى عليها بعض الأنواع ومن المستحيل القول بعدم تأثرها به! كذبة جديدة ستضاف اليها كذبة الرياح التي أدعت وحدة قياس الجو في المنطقة بعد الحادث أنها أتجهت نحو عمق المحيط شرقاً ولم تصل الى اليابسة. في كاليفورنيا جمع المختصون الواصل الى سواحلها من المواد المتبقية من الكارثة وأكتشفوا نسبة عالية من المواد المشعة فيها كما بيَّن الفرنسيون أن الغيوم أتجهت بفعل الرياح الى أمريكا الشمالية فالأسكيمو ومرت فوق شمال أوربا ووصلت الى فرنسا وجوارها. أكاذيب كثيرة أنفضحت في وثائقي خطير ومتشكك نجح، رغم المخاطر المحيطة بالعاملين فيه، في عرضها وبأوضح صورة سينمائية ممكنة.

الجزيرة الوثائقية في

07.07.2014

 
 

رؤية نقدية لفيلمين قصيرين من مصر والعراق

يسرا علي 

تنصب كلمة النقد في المفهوم العام لدي الكثيرين دائما، علي أنها عملية تخريج للعيوب، "فأنا أنقد شيئا أي أري فيه عيباً"، لكن المسألة بالطبع لا تخضع لهذه النظرة المنغلقة، بل تتعين ماهية العملية النقدية في فحص الأشياء كي نقف ونحدد عوامل القوة والضعف فيها.

هنا تتجسد وظيفة النقد من خلال شقين أساسيين هما:  تفسير الأعمال الفنية وتأويلها بما يزيل الغموض والإبهام عند المتلقي، والحكم علي هذه الأعمال من حيث الجودة والرداءة، وهنا يقوم الناقد، الذي لابد له من أن يمتلك أدوات نقدية محكمة، بتفكيك العمل الفني من جديد ليعيد سياقه من خلال الزاوية والمنهج الذي يختاره ليحلل به العمل.

فإذا اعتبرنا أن الأعمال الفنية بمثابة أشكال هندسية فراغية، إذن يمكننا رؤيتها من زوايا مختلفة ، فلكل ناقد عين بصيرة ومنهج علمي للتحليل والتفكيك.

ولهذا توجد أنواع كثيرة من النقد الفني لا أتوقف عندها في هذا المقال، ويكفيني هنا أن أذكر أهمية الذائقة الجمالية في العملية النقدية التي تعتبر عنصرا مسيطرا في كثير من الأحيان، فكل إنسان ذوقة الذي يجسد كينونته الخاصة، ولكن تلك الذائقة ليست هي الخط المستقيم في الحكم علي العمل، وإلا لأصبحنا جميعا نقاداً.

يتمثل النقد التقليدي في النظر إلي الشكل والمضون ومدي الارتباط بينهما، وهو نقد ما قبل الحداثة، ويعتبر مفتاح نقد العمل الفني هو الرد علي هذه الأسئلة: "ماذا كان؟"  - أي ما وضعه العمل بين أيدينا من صناعة، و"لماذا كان علي هذه الشاكلة؟" أي تفسير العمل، و"ما ينبغي أن يكون؟ "أي ما كان يجب أن يكون عليه بعد تعيين نقاط القوة والضعف.

سأحلل في هذا المقال فيلمين هما الفيلم المصري " أوني"  للمخرجة سالي أبو باشا،  والفيلم العراقي" كانوا يوما هنا " للمخرج وارث كويش.

أولاً فيلم أوني 

يعتبر هذا الفيلم أولي خطوات المخرجة الشابة سالي أبو باشا نحو الوقوف علي أليات الإخراج السينمائي، كان لها ثلاث أعمال بدائية تجريبية أخري سابقة، هي "طريقها" و"الحياه بيديها" و"فرق" .

نظرة المخرجة دائما في جميع ما قدمته تتمثل في تقديم "حكاية شخصية"  تلقي الضوء علي نموذج من الشخصيات المصرية التي تنتمي أغلبها للطبقات الكادحة، كتسليط الضوء علي المرأة التي تعول أسرتها من خلال مركب صغير في فيلم "الحياة بيديها"، كذلك فيلم "أوني" الذي جسدت فيه حكاية شاب منغولي في التاسعة والعشرين من عمره، يعيش حياه شبه هادئة مع والدته ، كل ما يشغله هو رغبته في إيجاد شريكة الحياة، وولعه الشديد بالممثلة ليلي علوي.

قصة الفيلم مأخوذة من مقالة للصحفي أحمد خالد الذي جعل من شخصية أوني، ملك منطقة الدرب الأحمر وهو أحد الأحياء الشعبية في اقاهرة.

إذا أمعنا النظر في كل أعمال المخرجة من حيث المضمون، نجد أنها في ثبات تام، متجسد في شخصية تلقي عليها الضوء، بدون معالجة منها، ففي هذا الفيلم قدمت شبه تمثيل ليوم من حياه أوني، منذ استيقاظه من فراشه، إلي عودته مرة أخري إليه في نهاية اليوم، لتعرض كيف يعيش كإنسان عادي يعمل، و لديه أصدقاء، يشعر بالحب والرغبة في الزواج، ويهتم بمظهره، يستطيع التجول بين جنبات الحارة، لذلك لم تشعر تماما خلال الفيلم أنك أمام إنسان ينقصه الاكتمال العقلي، بل هو يعيش روتينا يوميا، وفي الأغلب هذا ما جعل الصحفي خالد يطلق عليه لفي مقالته عنه "ملك المنطقة"، فليست هناك معاناه حقيقية يمكن التماسها، بل علي العكس لم نشعر أيضا أننا أمام تحدي عظيم لعقبة المرض.

كل ما تم عرضه وتجسيده ليس بجديد، لأسباب عديدة منها انتشار هذه الحالات في المجتمع، ومعرفة التعامل معها وتقبلها، فهي لم تعد ظاهرة غريبة، ولكن اختيار مثل هذه الشخصية الحقيقية علي وجه الخصوص أغلق الفيلم علي مضمون مستهلك لأن تلك الشخصيات لا تستطع أن تخرج منها بما يساعدك علي ثقل مضمون فيلمك كحدوث صراع ينتج عنه انفعالات تبرز الشخصية وتوضح سماتها وملامحها الداخلية بشكل أوضح يجعلها في صورة متجددة لدي المشاهد، تعتبر هذه الشخصيات ثابته إلي حد بعيد، ومتقولبة في اطار توضع فيه من قبل الأسرة.

كذلك هذا المرض له درجات، والمخرجة اختارت شخصية لا تعتبر درجة المرض عندها عالية، فبطلنا هذا يكمنه القيام بأشياء كثيرة علي سبيل المثال مثل الذهاب إلي الحضرة بمفرده.

أين هنا القضية المطروحة، إذا وجهنا سؤالا للمخرجة وقلنا لما أخرجت هذا العمل؟ علي سبيل التخيل ربما تقول أن الفكرة اعجبتها فجسدتها، ثم ماذا؟ هذا السؤال لم أجد اجابة عليه في جميع أعمالها، كل ما رأيته أنها تعجبها فكرة وتجسدها فقط.

وللإجابة علي سؤال " ثم ماذا"  يقتضي منا الحديث عن القيمة المضافة وأنا اعتبرها صلب جودة العمل الفني من ناحية المضمون.  وهي ببساطة انعكاس ضوء الواقع علي المبدع، ثم ارتداد هذا الضوء بقيمة مضافة في العمل الفني، انها رؤية المبدع البصرية والفكرية لهذا الواق، .فالواقع لا يوجد في العمل كما هو، بل يجسد من خلال مرآة عاكسة له.

وهنا أقول إن المخرجة لا تمتلك قيمة مضافة تتجسد في خصوصية وجهة نظرها في رؤية هذا الواقع، وهنا هي تنقل الواقع أو تأخذ منه صورة  فاترة، وإن شئنا نقول ناقصة، وهذه هي المعالجة الفنية ، ولهذا أنا لم أشعر بشخصيتها علي الاطلاق داخل أعمالها.

فإذا نظرنا إلي أعمالها التجريبية الأولي "كطريقه، /والحياة بيديها" نلاحظ أننا أمام فيديو تسجيلي في برنامج توك شو، نشاهده كي نكمل الحديث عنه بعد الفاصل.

على الرغم من ذلك فالمخرجة الشابة تمتلك قدرة عالية علي تقديم مشاهد متماسكة ، وهي تعتمد علي اللقطات الطويلة حيث النظرة التأملية للشخصيات وللمكان، كما تعتمد على الكلاسيكية في التصوير، وعلى الحوار القليل والمشاهدة الطويلة التي تتبعها موسيقي كلاسيكية، وهنا كان من الممكن تحقيق نوع من الابداع إذا كان العمل يقدم طرحاً قوياً.

أستطيع أن أقول إن العمل جيد نتيجة التحكم في آلية الإخراج، كما أن المزج بين الإسلوب الروائي والتسجيلي، ولد طاقة لدي المتلقي يخرجه من ملل انتظار أن هناك حدثا سيحدث فيما بعد.

ولكن لابد أن تقفز المخرجة قفزة أكثر جرأة تخرجها من تكرار موضوعاتها حتي تستطيع استغلال قدراتها الإخراجية.

فيلم كانوا يوما هنا

هذا الفيلم يدور حول مظاهرات التغيير والثورة من أجل إقامة حلم الشعور بوجود وطن يملكنا ونملكه في وحدة جماعية لشعب ولد من رحم أرض عربية. فكرة التغيير والثورة تشمل العالم العربي الآن، فلا توجد دولة عربية لا تحلم ولا تتمزق من داخلها لتنعم بوطن تشعر فيه بكيانها وأحقيتها في ممارسة حب هذا الوطن وليس مجرد العيش فيه فقط، فالإحتواء هو من يقصنا جميعاً "نحن وطني، ووطني نحن"!

 ولكن ليس كل منا يستطيع أن يقرر أنه سيحشد الهمم للنزول في مواجهه الطغيان لتحقيق التغيير، والوقوف أمام الحكم الفاشي، فعنصر الخوف المتولد من صمت سنوات وتقبل الديكتاتوريات، ليس من السهل تحطيمه بين عشية وضحاها، أن تقتحم سداً منيعاً أسهل بكثير من تحطيم قيود النفس البشرية.

ما بين لبيك يا عراق، والخوف الكامن، يأتي فيلم "كانوا يوما هنا " لماذا لم تأتي اليوم.. لأني أخاف".

يسير الفيلم في خطين متوازيين ما بين الفئة المتظاهرة، و بين الشخصيات التي تقف علي مسافات مختلفة من مكان التظاهر، هذه الشخصيات هم أبطال الفيلم الحقيقيون، فهم من يجسدون فعلين متناقضين: القوة والخوف، ونقدم هنا القوة لأنه علي الرغم من خوف تلك النفوس للمشاركة في التظاهر، إلا انها تقف علي مسافة وتعلن عن خوفها وان كانت تعلن رغبتها في التغيير. أن تعرف نفسك وتتقبلها، فأنت تملك نفساً قوية حتماً، حتي وإن لم تستطع فعل ما تريد الآن، أن تناقش نفسك بصراحة وصدق الآن.. إذن ما سيأتي سيكون أكثر قوة وصدقا.

هذه المناقشات تمت من خلال تقنية المونولوج الداخلي"حديث النفس" وهو إحدي تقنيات مدرسة تيار الوعي، وهي تقنية حديثة، يشملها توقف زمني، حيث تقف الشخصية لتحدث نفسها في مناجاة داخلية، أي أن هناك وقفة زمنية .

استخدام المونولوج الداخلي هنا كان في قمة الإبداع، فالمناجاة الداخلية علي الأغلب لا تكون بتحريك الفم للتحدث، بل تأتي مثل نفس تناجي ذاتها في صمت خارجي، ومع الخوف أيضا يكون الصوت مكتوما داخليا، لا تستطيع النفس أن تجريه علي لسانها وهذا ما جسده الفيلم حيث الإختلاف بين صمت وثبات هؤلاء في الظاهر أي موت جزئي، وبين المتظاهرين الذين تتحرك أرواحهم وأجسادهم بكل طمعاً في التغيير وهي حركة لا ارادية عفوية تملئ المكان بالحيوية لا يعتريها في الأغلب نظام، لأن التغيير الذي يعتمد علي قلب الأوضاع يحدث حركة بديهية فوضوية غير مرتبة ولكنها تكون فوضي خلاقة الأثر، كذلك الأكثر في التظاهر ليس الصمت بل صوت يرج جميع أنحاء المنطقة، صوت يجتمع في مئات الاشخاص فيحدث دوياً شديداً ينتج أثراً.

حالة من الإبداع ظهرت في الفيلم من تفاعل الشكل والمضمون، ولد حس فني، وما أثرى هذا الحس الفني هي القيمة المضافة عند مخرج العمل، فلكل شخصية حوار داخلي يجسد رؤية مختلفة ونقدية لحقيقة التظاهرات في المجتمع العراقي، اجتمعت فكونت معالجة لفكرة الخوف داخل أي مواطن، يمكن اسقاطها علي أي وطن عربي آخر.

وهناك لافتة أخري شديدة الإبداع .. عندما تشاهد الفيلم لا تري وجوه المتظاهرين لأنهم وجه واحد أي أن هناك تماهيا للكل معا،  أما الشخصيات الأخري فالمتلقي يري وجوهها جيدا أولا لأنها قلة متفرقة، وثانيا لأنهم في مواجهه مع النفس، والمواجهه تقتضي البيان والوضوح.

صور الفيلم بكاميرا أي فون، اهتزازات كثيرة في الصورة ولكنها لم تقلل من قيمة العمل، ولكن ما لم أستطع تفسيره هو العنوان " كانوا يوما هنا" هل هم المتظاهرون؟ أم أهل الدار التي كانت في الإفتتاحية؟!

عين على السينما في

07.07.2014

 
 

كرة القدم في الفنّ السابع... «أكثر من مجرد لعبة»

 محمد همدر 

أضاء «الثنائي اسكوبار» على العلاقة الوثيقة بين هذه اللعبة وتجّار المخدرات في كولومبيا

ليست مجرد رياضة، خصوصاً بالنسبة إلى البلدان النامية والفقيرة. تستحضر المباريات أحياناً محطات تاريخية عن ماض مليء بالحروب والاستعمار والاستغلال وواقع مثقل بالفقر والحرمان. في مناسبة مونديال 2014، جولة على أبرز الأفلام التي تعمّقت في إبراز المعاني والأبعاد المختلفة التي تطفو إلى السطح مع أول ركلة!

تمثّل كرة القدم اللعبة الأكثر شعبية في العالم. إنّها أكثر من مجرّد رياضة في البلدان النامية. هي ثقافة ونافذة أمل وتحدّ بين مدرسة الشارع والأكاديمية المحترفة. تستحضر مبارياتها أحياناً محطات تاريخية عن حروب أو استعمار أو ما شابه. أكثر من فيلم سلّط الضوء على المعاني التي تحملها هذه الكرة الصغيرة لدى البلاد الفقيرة.

لكولومبيا قصة مختلفة مع كرة القدم، كان لها حقبتها الذهبية في التسعينيات مع أسماء كفالديراما ورينكون واسبريلا والحارس هيغيتا البهلواني والكابتن اندريس اسكوبار، ونجحت في التأهل لتصفيات كأس العالم 1994، المونديال المشؤوم الذي فاجأ فيه اللاعبون الكولومبيون العالم بمستوى متدنِّ لم تعرف أسبابه. عاد المنتخب الى كولومبيا بعد خروجه من الدور الأول ليتلقّى لاعبوه بعد أيام خبر اغتيال كابتن المنتخب أندريس اسكوبار، وكان قد سجّل هدفاً عن طريق الخطأ في مرماه في المباراة الأخيرة. أدّت هذه الحادثة الى اعتزال لاعبين واستقالة آخرين من المنتخب الذي غاب عن الواجهة لسنوات.

الفيلم الوثائقي «الثنائي اسكوبار» (2010) لجيف ومايكل زيمباليست، استعاد تلك الحادثة وانطلق منها لسرد قصة كرة القدم في كولومبيا. للمفارقة، لا تنفصل هذه اللعبة عن تجارة المخدرات وعصاباتها، المسيطرة أو المالكة لنوادي كرة القدم المحلية، وتراهن بالمال على نتائج مبارياتها. من بين هؤلاء بابلو اسكوبار الشهير، زعيم تجارة المخدرات العالمي وعاشق كرة القدم.

وجد أمير كوستوريكا في فيلمه «مارادونا» لاعباً يتكلم في السياسة والنضال ضد الإمبريالية

في بلد فقير، تسوده البطالة والفساد والأحياء الفقيرة، لا مكان لكرة القدم الّا في الشارع ولا استمرارية لها الّا من مال المخدرات، ولكن كيف لرياضة تمثّل الأمل والانفتاح والوجه الإيجابي لبلد أو شعب أن ترتبط بمال المخدرات؟ من خلال هذه المعادلة، يسرد الفيلم وقائع تلك الحقبة الموثقّة بأرشيف غني، تنتقل الأحداث بشكل رئيسي بين أندريس اسكوبار، كابتن المنتخب المهذّب، الجدّي، اللاعب الماهر الذي يبذل كلّ جهده على أرض الملعب ويحرص على تقديم أفضل صورة عن بلاده، وبين بابلو اسكوبار تاجر المخدرات الثري، الزعيم النافذ الذي اغتال شخصيات عارضت ترشّحه للانتخابات وشنّت حملات واسعة ضد تجارة المخدرات، وهو الوجه الذي أرادت كولومبيا التخلّص منه واستبداله بإسكوبار الكابتن. الا أنّ بابلو كان صديق اللاعبين الحميم والوفي. تكشف الأحداث والشهادات عن وجه آخر لإسكوبار الزعيم. هو أيضاً الشخصية المحبوبة التي تساعدهم وتحميهم في غياب الدولة. تدخّلت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والموساد الى جانب قوات الأمن الكولومبية بهدف القضاء عليه، ولم ينجح هؤلاء الّا بعد لجوئهم إلى حرب عصابات محلّية ضارية، ذهب ضحيتها العديد من الأبرياء. الأهمّ أن الفيلم يوثّق الضغوط والتهديدات التي تعرّض لها لاعبو المنتخب ومدربّهم أثناء المشاركة في كأس العالم، من قبل رجال العصابات الذين تخطّوا الخطوط الحمر بعد مقتل بابلو اسكوبار، وأرادوا التدخل في تشكيلة المنتخب وملامة اللاعبين على نتائج رهاناتهم، وانتهى الأمر بهم الى اغتيال اللاعب الذي كان يمثّل أملاً لبلاده. صور أندريس اسكوبار العملاقة كانت حاضرة في مباريات منتخب كولومبيا خلال المونديال الحالي، وقد نجح المنتخب في بلوغ مرحلة الربع نهائي للمرة الأولى في تاريخ مشاركاته في كأس العالم.

هذا التعويض المعنوي الذي تجده جماهير هذه البلاد في انتصارات منتخباتها وبروز لاعبيها عالمياً، يظهر أيضاً في وثائقي «مارادونا» (2008) لإمير كوستوريكا. ذهب المخرج الصربي للقاء اللاعب الأسطورة محاولاً تفسير هذه الشهرة الكونية للاعب كرة جاء ايضاً من شوارع وأحياء الأرجنتين الفقيرة. وجد كوستكوريكا نفسه أمام لاعب يتكلم في السياسة والنضال ضد الإمبريالية ويوشم جسده بصور كاسترو وتشي غيفارا، ويستقبله هوغو تشافيز ويكرّمه.

ينتقل المخرج من صورة اللاعب النجم المشهور ليصوّر العزاء التي تمثلّه لعبة كرة القدم للجمهور حين يسجّل ماردونا في شباك المنتخبات الكبرى، خصوصاً منتخب انكلترا أو الولايات المتحدة، فيصورّه كأنّه يسجّل في مرمى جورج بوش وطوني بلير والملكة اليزابيت. مارادونا نفسه لا يفصل بين كرة القدم والسياسة خصوصاً حين يصف كل ما تعرض له من شائعات وحملات وتوقيفات بالمؤامرة.

الى جنوب افريقيا، يستعيد فيلم «أكثر من مجرّد لعبة» (2007) للمخرج جُنيد أحمد حقبة الاحتلال البريطاني، ونضال يخوضه المعتقلون الأفريقيون داخل السجون يبدأ بالمطالبة بلعب كرة القدم الى أن ينجح المعتقلون في انتزاع حقهم. يقومون بتنظيم اتحاد ودوري صغير لكرة القدم يكون وسيلتهم للبقاء ولمقاومة الاعتقال والتوحّد في شتى المطالب. وفي أحد الأيام يُنقل نيلسون مانديلا الى المعتقل نفسه الذي تحوّل الى مجتمع يتنفس كرة القدم.

اختار الإيراني جعفر بناهي في فيلم «تسلّل» (2006)

تسليط الضوء على تحركات المرأة الإيرانية لتحصيل حقوقها، فيصوّر مغامرة تقوم بها بعض الفتيات اللواتي يتنكّرن بزي شباب للتمكن من حضور مباراة المنتخب الإيراني في طهران، وهو الأمر المحظور على النساء في الجمهورية الإسلامية. الصعوبة لا تكمن في التهرّب من رجال الأمن فحسب، بل في خداع الرجال والشبان المتجهّين الى المباراة والمتجمهرين على المدرجات.

الأخبار اللبنانية في

07.07.2014

 
 

الممثّل السوري مُخرجاً: هذا أنا

 علي وجيه/ دمشق 

منذ فترة، برزت ظاهرة جديدة إلى الواجهة هي خوض نجوم الدراما والتلفزيون في مجال الإخراج السينمائي. تجارب كثيرة أبصرت النور أخيراً، ناهلةً مادتها الرئيسة من أتون النار والموت الذي تغرق فيه سوريا

الهاجس، الرغبة في البحث والتطوّر، تبنّي موقف سياسي أو إنساني، وتقديم وجهة نظر شخصيّة في الفن... يشترك الممثلون السوريون في أسباب خوضهم تجربة الإخراج. المبدأ ليس جديداً. دريد لحام، مثلاً، أخرج بنفسه عدداً من أبرز أفلامه مثل «الحدود» (1984، 99 د. ــ إنتاج نادر الأتاسي و«سيريا فيلم») و«التقرير» (1986، 100 دقيقة ـ إنتاج نادر الأتاسي).

بعض الممثّلين أنتجوا أفلامهم بأنفسهم، كما فعل قصي خولي في تجربة لافتة من تأليفه بعنوان «سيناريو» (2005، 30 د) عن سيناريست انعزالي يمرّ بيوم غريب الأحداث والحالات. بعد خمس سنوات، أنجز مهنّد قطيش فيلمه الأوّل إخراجاً وكتابةً وإنتاجاً بعنوان «شوية قلب» (16 دقيقة) إثر إنهائه «ستاج» في الإخراج في «أكاديمية نيويورك» في أبوظبي. قصّة حب تقليديّة حاول قطيش أفلمتها بأسلوب شاعري مع كثير من التفاصيل وبصريات الطبيعة.

وأخيراً، تنامت هذه الظاهرة مع ازدياد إنتاج «المؤسسة العامة للسينما» وولادة مشروعها لدعم الشباب بمنح إنتاجية عام 2012، بينما تمكّنهم من الحصول على تمويل خاص. حسام الشاه أفاد من إحدى منح المؤسسة لصنع باكورة أفلامه «حليّ» (2014، 14د) عن سيناريو لرامي كوسا. عائلة بسيطة تعيش يوميات الحرب السورية، وتحاول التشبّث بالأمل من خلال شجرة رصاص كابوسيّة تتحوّل إلى شجرة ألعاب وألوان. الكاتب نفسه سيكرّر التجربة هذا العام مع نادين تحسين بيك بفيلم «غزل البنات» ضمن مشروع دعم سينما الشباب. نادين ستقف خلف الكاميرا للمرة الأولى لتتبع مأساة مهرّج يعيش فاجعة رحيل عدد من الأطفال بقذيفة هاون أمام عينيه. تتحوّل يوميّاته إلى جحيم لا يُطاق. من المستفيدين من منح العام الماضي أيضاً نجد شادي مقرش في «عناية مركزة» (26 د – سيناريو رضوان طالب) عن طبيبين مقيمَين في أحد المشافي الحكومية يتعاملان مع حالات حرجة من مختلف الأطراف المتصارعة في البلاد. هي التجربة الثالثة لمقرش الذي عمل كممثّل مع مخرجين للمرة الأولى في عدد من الأفلام القصيرة، بعد ديكودراما «أجدادنا» (2011، 20 د) عن «بيمارستان» الأرغوني في حلب، و«عيد ميلاد شهيد» (2013، 10 د) عن مجزرة مقصف كليّة العمارة في جامعة دمشق إثر هاون عشوائي خلّف عشرات الشهداء في آذار (مارس) 2013.

انتهت ريم عبد العزيز من تصوير فيلمها الأوّل «فقط إنسان»

في السياق عينه، انتهت ريم عبد العزيز من تصوير فيلمها الأوّل «فقط إنسان» (2014) قبل أيام، عن سيناريو لكوثر معرّاوي ومن إنتاج المؤسسة العامة. الممثّلة السوريّة التي أخرجت عدداً من الكليبات سابقاً، تتصدّى لقصّة حب بين جندي على حاجز وجارته الموظّفة، في تحية للجيش وإبراز للفقدان الذي يغلّف حياة السوريين اليوم.

سلاف فواخرجي خاضت تجربة أكبر على مستوى المدّة والإنتاج والتقنيات في «رسائل الكرز» (2014، 72 د)، سيناريو نضال قوشحة وإنتاج «سيرياتيل». الشريط الذي أصبح جاهزاً للعرض كما قالت فواخرجي لـ «الأخبار»، يتناول الاحتلال الإسرائيلي للجولان والتمسّك بالأرض من خلال حكاية حب تمتدّ 50 عاماً في قرية جولانية صغيرة. تكتب الحبيبة رسائل حبّها بحبر الكرز الذي تقطفه من شجرة في القرية. «العرض الأوّل سيكون في دمشق بعد رمضان، تليه مشاركات في مهرجانات عدة» تؤكّد فواخرجي، مضيفةً: «كانت تجربة غنيّة تعلّمت منها الكثير، وبات عندي شغف للإخراج كما التمثيل، لذا أنوي المتابعة وبين يديّ عدد من المشاريع التي أفكّر فيها». لا تبدو بطلة «حدث في دمشق» وحيدةً في هذا القرار، فكل الممثّلين ينوون تكرار التجربة والعمل على تطويرها في المستقبل.

إذاً، نحن بصدد مقاربات شخصية ووجهات نظر خاصّة في الفن. خلفية آتية من أمام الكاميرا (التلفزيونية غالباً) لا من خلفها، وخبرة مكتسبة من الاحتكاك والعمل «الميداني». أسئلة تطرح نفسها قبل المشاهدة وبعدها: إلى أيّ درجة تمكّن المخرج/ الممثّل من التحرّر من اللغة التلفزيونية التي ألفها وتعامل معها طويلاً؟ هل نجح في توليف بنية سرد متماسكة مع إيقاع درامي ممسوك وأسلوبية إخراجية خاصّة وملائمة؟ ما مدى افادته من خبراته في إدارة الممثّل؟ هل قام برسم كادر وبناء صورة بشكل علمي سليم؟ الأجوبة تحتاج إلى قراءة أعمق لكل فيلم على حدة.

الأخبار اللبنانية في

07.07.2014

 
 

في الصالات | الحبّ في خريف العمر

بانة بيضون

قد يذكر «الحب الأخير» لساندرا نتلبيك والممثل المعروف مايكل كاين بفيلم «حب» (2012) لمايكل هانيكي من خلال شخصية ماثيو (مايكل كاين) وحبّه لزوجته الراحلة التي ساعدها في إنهاء حياتها بعد إصابتها بالسرطان. لكن هذه فقط نقطة انطلاق الفيلم الذي يراكم الشخصيات والصراعات من دون أن ينجح في التعمق فيها. يروي العمل قصة ماثيو أستاذ الفلسفة الأميركي المتقاعد. بعد وفاة زوجته، يعيش وحيداً في باريس حياةً معلقةً في انتظار رحيله.

لكنّ مصادفة غريبة ستخرجه من قوقعته وتثير فضوله الذي فقده تجاه الحياة كما يقول وهي لقاؤه بالشابة بولين (كليمانس بويزي) معلمة التشاشا في الباص. خطوات وتفاصيل صغيرة تصنع هذه العلاقة الغامضة بين الاثنين وتخرج ماثيو من وحدته، لكنها تجعله يدرك عبر التصادم بين إيقاع حياتهما المختلف كيف أنه من زمن بعيد أصبح فعلياً خارج الحياة. لذا يقرر بعد النزهة الأخيرة لهما في القارب أن ينتحر كأنما يريد أن يختتم حياته هنا.

حوارات مشغولة بعناية ومستوحاة من الأدب والشعر

لكن محاولة الانتحار تفشل وبسببها يعود أبناؤه لزيارته والاطمئنان عليه. يتحول مايلز (جاستن كيرك) ابن ماثيو إلى طرف في العلاقة بين الاثنين. لعل أجمل ما في العمل هو التفاعل بين ماثيو وبولين والحوارات المشغولة بعناية والمستوحاة من الادب والشعر. وإذا كان أجمل ما في العلاقة بين ماثيو وبولين هو الحيرة التي تلفها والالتباس في الأدوار، فهي كما تبدو في بداية الفيلم حب خاص وغريب، وتفاعل بين كائنين، أحدهما في نهاية حياته والآخر في مقتبلها، إلا أنهما الاثنان يتشاركان شعور الوحدة والفقدان نفسه. المشكلة أن المخرجة تحطّم خصوصية هذه العلاقة التي تبنيها عبر مبالغتها لاحقاً في شرح وتوضيح هذا المثلث الأوديبي بامتياز، بولين تذكِّر ماثيو بزوجته الراحلة، وماثيو يذكِّر بولين بأبيها الذي فقدته أيضاً، يضاف إلى ذلك مجيء ابن ماثيو الذي ينجذب أيضاً لبولين. ليست فقط هذه الرمزية التي تسطح حبكة الفيلم المقتبس من رواية للفرنسية فرنسواز دورنير «الرقة تقتل» بل الأساليب المباشرة والنمطية في توضيح هذا الشبه وتصل إلى حد السذاجة في نهاية الفيلم.

الأخبار اللبنانية في

07.07.2014

 
 

جيم موريسون الذي فتنه الموت

بانة بيضون

تحت عنوان «سمفونيات مضطربة»، تنظم جمعية «متروبوليس» عروضاً لأفلام غنائية في الهواء الطلق طوال أشهر الصيف في «ذا غارتن» في مجمع «بيال». «ذا دورز» (1991) للمخرج المعروف أوليفر ستون الذي سيعرض نهار السبت المقبل، يتناول سيرة جيم موريسون (1943 ـ 1971) المغني الرئيسي في فرقة «ذا دورز» الأميركية التي اشتهرت في الستينيات، ومات في سن الثامنة والعشرين إثر أزمة قلبية مفاجئة من المرجح أن تكون مرتبطة بجرعة زائدة من المخدرات.

في البورتريه الذي يرسمه ستون لموريسون الذي يؤدي دوره الممثل فال كيلمر، يصوّر لنا المخرج هذه الشخصية المتطرفة في حبها للحياة وهوسها بالموت في آن واحد ضمن إطار لا يخلو من النقد أو السخرية الضمنية، مبرزاً تناقضاتها، ما دفع أعضاء فرقة «ذا دورز» للاعتراض على الفيلم الذي يقدم بنظرهم موريسون ككاريكاتور للفنان والشاعر المجنون المنفصل تماماً عن الواقع. في الحقيقة، إنّ هذا الشريط الذي يعتمد في كل أحداثه على وقائع مسجلة من حياة موريسون ينجح عبر التفاصيل الملتبسة الذي ينسجها بعناية أن يمشي بحرفة وسلاسة حيثما يريد. يطرح التساؤلات من دون فرض وجهة نظره مباشرة كما خلال حادثة السيارة التي يرويها موريسون ويدعي فيها أنّه شاهد وهو طفل جثثاً لهنود من السكان الأصليين لأميركا، ملقاة على الطريق العام. هذا الأمر كان له الأثر العميق في تكوينه النفسي وفق ما يقول. الحادثة على كل حال، لا يؤكدها أهل موريسون، ويرون أن معظمها من نسج خياله. يعتمد ستون على هذه الحادثة ويجعلها مشهد البداية، ويؤسس انطلاقاً منها لصورة شبح الرجل الهندي الذي يلاحق موريسون عبر الفيلم ويجسد هوسه بالموت وافتتانه به. أكثر من ذلك، فاستناداً إلى مقابلة مفترضة أجراها موريسون روى فيها عن موت أهله المزعوم في حادث السير نفسه (الأمر المختلق طبعاً)، يستكشف ستون شعور موريسون بالعزلة وعدم الانتماء بسبب حب أهله المفقود، إلى درجة يعتبرهم موتى. هذا ما جعله ربما يخترع تلك الشخوص الوهمية التي يحاورها في رأسه، ويصنع روابط عاطفية معها كشبح الرجل الهندي. وقد يكون ذلك سبب هوسه بفكرة الموت أيضاً، نظراً إلى شعوره الضمني بالإلغاء من قبل أهله وأن لا حق له بالحياة. لا يمنع ذلك أنه بتصويره الكوميدي لمبالغات موريسون وأفكاره وشعاراته التي بات يعيدها ويكررها، إنما يصوّر ستون تحوله التدريجي إلى كليشيه حتى بالنسبة إلى نفسه وجمهوره الذي عاش أيضاً في وهم تلك الصورة مثله تحت تأثير الأسيد وغيرها من المخدرات. بحسب الشريط، إنّ المخدرات وحدها التي صنعت السحر الأسطوري لتلك الحقبة بكل حركات التحرر التي شهدتها ولا تتجسد فعلياً في الفيلم إلا عبر الجنس وعري النساء. لكن بعض هذه المبالغات التي يجسدها ستون على الشاشة أيضاً تقارب الكليشيه بتطرفها كما قنينة الكحول التي لا تفارق موريسون ولو للحظة واحدة في الشريط. لكن ما ينجح فيه ستون بشكل خاص هو مقاربته غير التقليدية لمفهوم الفيلم الغنائي. هو يؤسس لإيقاع موسيقي في المونتاج كما في التصوير يأخذنا فيه إلى عالم يشبه العيش في أغنية طويلة من فرقة «ذا دورز». يمزج الخيال بالواقع بطريقة يصعب التفريق بينهما، تماماً كما يتلامسان في شخصية موريسون ويشكلان عالماً واحداً، بل إنّ الوهم الذي يتجسد عبر صورة الموت التي تلاحقه وطيف الرجل الهندي، الشخصية الوحيدة التي يتفاعل معها بصدقية. لعل الوهم بالنسبة إليه هو الحقيقة الوحيدة التي عرفها. بالإضافة إلى «ذا دورز»، ستعرض «متروبوليس» أفلاماً غنائية أخرى ضمن برنامج «سمفونيات مضطربة» كـ«سيد ونانسي» (26/7) لأليكس كوكس الذي يروي سيرة سيد فيشيس العازف في فرقة «ذا سيكس بستولز»، و«برلين تنادي» (23/8) لهان ستوهر عن الـ«دي دجاي» مارتن كارو.

الأخبار اللبنانية في

07.07.2014

 
 

زوم 
أسعار رمزية للعموم لمشاهدة كل الأفلام في عيدها

بقلم محمد حجازي 

إنّه عيد قومي للسينما في فرنسا.. احتفال نموذجي بالفن السابع في صالات فرنسا كلها.. إنّه عيد السينما، الذي تُقيمه فرنسا للمرّة الثلاثين، وقد اختُتِمَ في الثاني من تموز/يوليو الجاري، في تظاهرة وطنية متميّزة بسعر رمزي هو 3.5 يورو، بينما سعر البطاقة في الأيام العادية لا يقل عن 42 يورو، وهو  رقم مرتفع إذا ما قسناه إلى صالات لبنان (10 دولارات).

يحق لفرنسا أنْ تُقيم مثل هذا العيد، فالأخوان لوميير، اللذان اخترعا الفن الساحر، ومعه تبدل العالم في كل مكان، من أبنائها، ومن بعدها لم يعد هناك أروع من هذه الصور المستحدثة والوجوه والأحداث المكبّرة على حجم الحائط في القاعات المظلمة.

«عندما رأيتُ نفسي بطول الحائط وعرضه، عرفتُ تماماً ما معنى هذا الفن «الوليد»، الكلام لـ مارلون براندو، سيد من مثّل من عميق أعماقه، والذي كان الفنان يوسف شعبان أبلغنا بأنّ أوّل ما يشاهده الداخل إلى منزله هي صورة لـ «براندو»، إذ لا يرفع شعبان نظره في حضرته احتراماً لقوته وعبقريته.

المعلومات الواردة من باريس أفادت بثلاثة ملايين ونصف المليون مشاهد خلال عيد السينما، وهو رقم رائع، يشمل عموم فرنسا، ويعني في ما يعنيه كم أنّ لهذا الفن من مؤيّدين وداعمين، رغم كل وسائل الفرجة المُتاحة حتى من خلال الهواتف الخليوية، ومع ذلك فإنّ الدخول إلى الصالات المظلمة ما زال حالة يصعب استبدالها بأخرى مهما تبدّلت التقنيات وتطوّرت على مر الوقت.
وفي كل مرّة تُقام هذه التظاهرة ينتبه أصحب الأفلام وأسياد الصالات إلى أنّ الحضور المذهل للأفلام حين خفض ثمن التذكرة، يُفترض دراسته لأنّ الأرقام المرتفعة للروّاد تعني أنّ الناس ميّالة في كل مرّة إلى أنْ تقصد الدور، لا أنْ تنتظر الشريط حتى يجد طريقه إلى عدد من المواقع الإلكترونية، التي اعتادت قرصنة الأفلام الجديدة، وإتاحتها لجميع الناس، لذلك يجري البحث في كل فترة العيد، عادة مع إطلاق تسميات مختلفة عليه حى تستقيم الإيرادات المشكو منها عادة في فصل الصيف، خصوصاً في شهر آب/أغسطس، الذي تخلو فيه باريس تقريباً من المواطنين، لأنّهم يذهبون في إجازات إلى مناطق فرنسية بعيدة خصوصاً في الريف.

والرائع في السياق، أنّ التخفيض يشمل الأفلام المحلية والعالمية، بما يعني أيضاً تحريك السوقين لمصلحة الأفلام، وإتاحة فرصة أكثر للنقاش في مضمون هذه الأعمال، تمهيداً إلى تقليدها في ما بعد، وقد أشارت إحصائيات أُجريت مؤخّراً إلى أنّ إيراد الشريط الفرنسي في الداخل لا يُقاس بما  تحقّقه الأشرطة الأميركية من إقبال وإيرادات ما دفع بجميع المنتجين والمخرجين إلى الطلب رسمياً لتخفيف الأعداد الهائلة من الشركات لما تستورده من إنتاج أميركي خصوصاً، من بعد ما يرد من إنكلترا وروما وباقي دول العالم.

احتفالية، عيد، من أجل جلب الروّاد إلى الصالات الوثيرة المقاعد، خصوصاً التي تحمل إسم (VIP)، وهذه يدخلها الكثيرمن الشباب والصبايا، من أجل الفيلم واستغلال المقاعد الوثيرة والمتحرّكة للمسة عاطفية ما.

أيضاً نقول هنا: «إنّنا إزاء إثبات جديد بأنّ السينما بخير، لطمأنة الرجال الذين يسعون على الدوام إلى دعم هذه الصناعة، وأجواء العرض الملائمة بحيث يتضاعف الاهتمام بصورة مضطردة، وتنمو صناعة الصالات في لبنان أكثر مما هي عليه حالياً لناحية العدد والتجهيزات، وفخامة الأثاث، وكل التسهيلات المتوافرة لحفلات جماهيرية مريحة وممتعة.

عيد السينما، هو عيد كل متذوق لهذا الفن، ولن يطاله أي ضعف، مهما حصل من ابتكارات تقنية.

عرس في لاس فيغاس يطغى عليه الملوّنون والبيض فيه أقلية تابعة..

«حب أخير» يظهر أستاذية مايكل كين في الأداء

روح الأنثى المخرجة «ساندرا» طغت على الشريط

الحس الأنثوى الذي لاحظناه في شريط (Last Love) كان واضحاً جداً.. هناك رقة لم نعهدها متوفرة في أحاسيس أي رجل، ومع إيقاع لم تتبدّل وتيرته على مدى وقت العمل 116 دقيقة أنجزته مخرجته الألمانية الشابة ساندرا نتيلباك (48 عاماً) التي تمتلك جمالاً خاصاً يؤهّلها لأن تقف أمام الكاميرا وليس خلفها، لكن هذا السحر بثته في روح الفيلم الجميل جداً والجاذب جداً منذ اللحظة الأولى وحتى ختامه، حيث تواطأ معها مؤلف الموسيقى هانس زيمر، وبدا السيناريو الذي وضعته ساندرا نفسها عن رواية فرنسواز دورنر (La Douceur assassine) (المجرمة الرقيقة)، كما كان التواطؤ الفني مطلقاً من سيد الشريط ماثيو مورغان أو مايكل كين هذا الانكليزي الذي بلغ الـ 81 من عمره وما زال نشيطاً حاضراً، لمّاحاً وقادراً على الاقناع في أدق الأدوار، وهو المولود تحت اسم موريس جوزيف مايكلوايت من مواليد لندن.

ماثيو مورغان متزوج من الفرنسية جوان (جين الكسندر في الخامسة والسبعين من عمرها مواليد أميركا) أرادت بعد حياة طويلة معه في أميركا أن تكون حيث ولدت وتركا ولديهما كارين (جيليان آندرسون) ومايلز (جاستن كيرك - 45 عاما،ً أميركي)، وعادا إلى باريس لكن جوان توفيت وتركت ماثيو العجوز وحيداً لا أحد يسأل عنه من ولديه، ويعيش طوال الوقت على ذكرى وصوت الزوجة الوافد من العالم الآخر، حتى ليكاد يتصوّرها تعيش معه.

تشاء الصدقة أن تتعرّف عليه الشابة بولين (الفرنسية كليمانس بيوسي 32 عاماً) وتكون صداقة وارتياح بينهما، يترجمانه فقط في الاهتمام ببعضهما البعض، فبعد إفتراقهما أول مرة، التقيا صدقة ثانية، ودعته لأن يتردد على المرقص الذي تدرّب فيه عدداً من الطلبة، من أعمار متباينة. وهناك يجد متعة في البقاء ثم في التحدث إليها، إلى أن دعاها إلى منزله وحملت لهما العشاء، وهكذا صداقة إنسانية بحتة لم تكن هي تدرك معناها ولا هو، خصوصاً عندما عرف أو أدرك أنه لا يريد شيئاً منها فهو متقدّم في السن، وكان يكفي بينهما الاحتضان وحسب.

يواجه ماثيو وضعاً صحياً غير مريح، يسارع الوالدان في الوصول من أميركا للإطمئنان عليه وسريعاً تبدو النية مادية، هما لا يريدان أن يموت والدهما من دون وجودهما لئلا تذهب التركة الخاصة به إلى جهة أخرى. لذا رفض بيع أي عقار يملكه في باريس خصوصاً الذي يحمل كل ذكرياته مع زوجته.

مايلز الذي اكتشفنا أن الممثل لاعب الشخصية نتعرف عليه لأول مرة، كان رائعاً، متيناً وله حضور آسر مثل مايكل كين، يكشف عن عدم ثقة بـ بولين ويعتبرها تنتظر أن ترثه فقط، لكنه يكتشف سريعاً إن الأمر غير ذلك تماماً، فيرتاح لوجودها، ويبقى في باريس مدة إضافية عند شقيقته كارين التي غادرت عائدة قبله. ونفاجأ من دون مقدمات أن عاطفة نشأت بين مايلز وبولين ترجماها عند باب غرفة الأول في الفندق وكان الشاهد عليها ماثيو نفسه فجنّ جنونه، ولم يدعهما يريانه، ودخل على إبنه وراح يؤنّبه كيف تخون زوجتك؟ كيف تفعل هذا وأنت عندك عائلة وأولاد؟

المفاجأة كانت عندما بادره مايلز: أنا وزوجتي انفصلنا قبل أسبوعين لقد ذهبت مع رجل آخر وهي حامل منه الآن، عندها صمت ماثيو وبادره: إجعلها في قلبك وفي عينيك وإلا قتلتك.

هكذا بارك ماثيو الحب بين نجله وصديقته هو، في شريط جميل آسر، يفترض أن يأخذ مداه على الشاشات في زحمة الأشرطة الغارقة في السطحية.

{ Think like a man Too:

انتاج هذا العام، في 106 دقائق، اخراج تيم ستوري، عن نص وضعه: كايث ماريمان، وديفيد. أ نيومان، اقتباساً عن كتاب لـ ستيف هارفي، يتناول عرساً يدعى إليه مجموعة من الأصدقاء مع صديقاتهم في لاس فيغاس، بين خمسة شباب وخمس فتيات، اللقاء لا يخلو من الطرافة، لأن هؤلاء الأصحاب يفضحون أنفسهم أمام بعضهم البعض، مما يخلق مشكلة بين الطرفين، تتشعّب وتنقبض قبل حصول الزفاف الذي يعيد الجميع إلى طبيعتهم وكل صبية لكل شاب.

الملوّنون يسيطرون على الفيلم، والبيض فيه أقلية. وهذه حالة نادرة في الأشرطة الهوليوودية، مع مظاهر الفخامة والأناقة ووسامة الشباب الملونين، تماماً مثل جمال الملوّنات، وبالتالي فالأحداث تتداخل وتتقاطع في أجواء فرح ومزح وتواصل وتسلية كاملة.

الأجواء جيدة، خفيفة الظل، مع باقة من الأسماء:

آدمو برودي، مايكل إيلي، جيري فيرارا، تيرنس جكنز، روماني مالكو، غاري أوين، ماغان غود، ريجينا هال، تراجي هالسون، جنيفر لويس وغبريال أونيون

أزمة

حرب سببها فيلم...

«إن صناعة فيلم يتحدث عن مخطط يلحق الضرر بقائدنا الأعلى هو عمل إرهابي، وعدواني صارخ ولن نسمح بهذا على الاطلاق».

الكلام لناطق باسم الخارجية في كوريا الشمالية رداً على التحضير لتوزيع فيلم يتحدث عن طريقة يعتمدها صحافيان للوصول إلى الزعيم الشاب «كيم جونغ أون» واجراء لقاء معه لكن الـ «سي. إي. اي» تتحرك وتجنّدهما لقتله.

الفيلم ستعرضه الصالات الأميركية في 10 تشرين الأول/ اكتوبر 2014، من إخراج إيفان غولدبرغ، وسيث روغن اللذين تشاركا في كتابة النص بالتعاون مع دان سترلنغ، في شريط بعنوان (The interview) (المقابلة) توزعه شركة سوني، وهو من النوع الكوميدي، صوّر في فانكوفر، وكولومبيا البريطانية (كندا).

لعب الأدوار الأولى: سيث روغن (آرون رابابورت)، جيمس فرانكو (ديفيد سكايلارك) وجسّد شخصية الزعيم الكوري الشمالي الشاب كيم جونغ أون الممثل راندال بارك وهو من مواليد لوس أنجلوس.

الواضح أن التهديد الكوري الشمالي ليست مزحة. وهو قد يجر إلى مواجهة واسعة تعيد إلى الأذهان مآسي الحرب الكورية في الخمسينات، والسبب اليوم مجرد فيلم كوميدي

هجوم

عبد الناصر وسليمان....

ما بال الهجوم مركّز على حلقات: صديق العمر، والقول ان السيناريست محمد ناير لم يكن أميناً على عدد من الأحداث مثل اتفاقية جدة عام 1965 والتي قالها الممثل في دور محمود رياض عام 1956، بينما أعلن عبد الحكيم عبد الناصر أن المسلسل دون المستوى وأن الأحداث فيه «مفبركة» وقال كلاماً سلبياً عن أداء الفنان جمال سليمان لشخصية الزعيم عبد الناصر، وهاجمت شقيقته هدى عبد الناصر أداء سليمان وقالت إنه لم يكن والدها أبداً، وقالت إن عبد الحكيم عامر كان أكثر وسامة من باسم السمرة الذي لعب دوره في المسلسل، أما البعض الآخر فترحّموا على الفنان أحمد زكي.

الغريب في الأمر أن الفنان سليمان لعب بطولة عدد كبير من المسلسلات وتحدث باللهجة المصرية ولم ينتقده أحد، حتى عندما تحدث باللهجة المصرية الصعيدية، فلماذا اليوم، ولماذا الآن، ولماذا مع شخصية عبد الناصر؟

الفنان سليمان طلب من الجميع مشاهدة باقي الحلقات بشكل منفصل عن المشاعر والمواقف المسبقة، وقال: لقد أعطيت الدور أفضل ما عندي. 

شخصية

مسدس مانديلا...

بسرّية تامة يصوّر المخرج جون إيرفن شريطاً جديداً عن نلسون مانديلا يحمل عنوان: مسدس مانديلا، ويروي قصة أول مسدس حمله هذا المناضل الكبير بعدما أهداه إياه أمبراطور الحبشة السابق هيلا سيلاسي.

الفيلم إنتاج مشترك بين بريطانيا وجنوب أفريقيا، ويؤدي دور مانديلا الممثل توميشو ماشا، وهو يرصد إنتقال نضال هذا الرجل من المناداة بالسلم إلى حمل السلاح، ومواطن التدريب التي إستقبلته في شبابه

اللواء اللبنانية في

07.07.2014

 
 

أهم ظواهر السينما المصرية .. 1

عهد عبد الناصر

حسن عادل 

منذ أول عرض سينمائي في العالم عام 1895 علي يد الإخوان لومير بمقهى في أحد أحياء باريس والسينما تأخذ دورًا محوريًا في ثقافة وعقول الشعوب، بدايةً من نقل وتصوير ثقافات الشعوب، ومرورًا بالانتقاد والسخرية وتحريك الفكر، ووصولًا لأن تصبح مؤرخًا للفترات الأخيرة من عمر الأمم.

وخلال 100 عام من التطور، شهدت السينما المصرية مراحل عديدة كانت مؤثرة بشكل أو بآخر في مسيرة الإنتاج السينيمائي.

بدايةً من عام 1896 حيث أول عرض سينمائي في مصر، أي بعد عام واحد من ظهور السينما بباريس، وكان ذلك في مدينة الإسكندرية بعد وصول جهاز السينماتوغراف إليها، وكان طبيعيًا بما أن اغلب مصوري الشرائط السينمائية وقتها فرنسيين أن تكون أسماء العروض المقدمة “مساقط مياه الراين في شافوز” و “وصول القطار إلى محطة ليون”.

ثم كان عام 1907 والذي شهد تصوير أول شريط سينما على يد مصورين مصريين (عزيز ودوريس)، وممما تحفظه ذاكره السينما من أسماء شرائط لهما “زيارة الجناب العالي”، “استيقاظ الصياد” وغيرهم، الأمر الذي أدى للتوسع في إنشاء دور العرض، وبشكل خاص في القاهرة والإسكندرية للتناسب مع الإقبال الشديد من الجمهور.

مرورًا بعام 1910 حيث ميلاد أول شركة إنتاج سينمائي بمصر وتدعي “الشركة السينمائية الإيطالية” ومديرها المصور أمبرتو دوريس، وكان هدف الشركة إنتاج أفلام روائية قصيرة، وبالفعل كان من نتاجها أفلام كـ “شرف البدوي” و “الأزهار المميتة”.

و وصولًا لعام 1923 وإنتاج أول فيلم روائي مصري طويل للمصور محمد بيومي باسم “بلاد توت عنخ آمون”، ولمحاولات عديدة لتأسيس شركات إنتاج أفلام مصرية كان أبرزها شركة “سينماتوغرافية مصرية”، وشركة “مصر للتمثيل والسينما” التي أسسها طلعت حرب عام 1925.

الإنتاج السينمائي قبل الثورة

شهد تاريخ السينما المصرية قبل عبد الناصر ظهور العديد من صناعها وروادها، كذلك كان هناك الاهتمام بإنتاج الأفلام التسجيلية فتعددت جهات إنتاج الفيلم التسجيلي والتي منها وزارات ومصالح حكومية، وهو ما استمر بعد الثورة نتيجة اقتناع رجال الثورة بدور الفيلم التسجيلي في التنمية والتوعية الثقافية.

إلا ان السينما المصرية قبل الثورة كانت لها العديد من السمات التي ستتغير تمامًا بعد ثورة يوليو، من هذه السمات مثلاً :

1- أغلب القائمين على صناعة السينما أجانب وهو ما أثر في توجهات وروح الأفلام بالطبع.

2- لم يكن للدولة أي دور فيما يتعلق بالإنتاج السينمائي.

3- كانت النظرة لدور السينما على أنها أماكن للهو، ولذلك حينما صدر مرسوم عام 1933 بفرض ضريبة على الملاهي المصرية، كان من ضمنها السينمات.

4- عملية الإنتاج السينمائي كانت محض تجارة، ولذلك كان صناع السينما كلهم من طبقة الاغنياء والتجار، وعلى ذلك كان التوجه الأساسي للسينما هو إنتاج أفلام التسلية والترفيه لضمان الربح، وتجنب الأفلام السياسية أو الاجتماعية.

وخلال تلك الفترة من 1924 (عام ظهور أول فيلم روائي مصري طويل) وحتى عام 1952 (عام الثورة) وصل محصول الإنتاج السينمائي 554 فيلمًا روائيًا طويلًا.

الإنتاج السينمائي في عهد عبد الناصر

ثم يبدأ عصر الثورة بمبادئها الستة الشهيرة، وتعاطف الشعب ومساندته لها، وهو ما أثر على السينما بالتأكيد باعتبارها مرآة المجتمع، وعلى ما بني قبل الثورة كان استكمال البناء، فشيدت الاستوديوهات الكبرى واشهرها استوديو مصر، وتم تزويد الاستوديوهات بأحدث الآلالات والمعدات، بما ساهم في جعل السينما صناعة وأحد مصادر الدخل القومي.

وخلال تلك الفترة ظهر مخرجون كبار سيكون لهم دور كبير في إنعاش السينما المصرية كصلاح أبو سيف ويوسف شاهين وهنري بركات وكمال الشيخ وفطين عبد الوهاب.

ولتكون السينما المصرية بانتهاء عهد عبد الناصر قد أنتجت 936 فيلمًا، بمتوسط إنتاج سنوي 52 فيلم، وذلك بعد مساهمة الدولة في الإنتاج السينمائي.

فماذا يعني مصطلح “ظاهرة سينمائية”؟

يشرح دكتور ياقوت الديب في كتابه “اتجاهات الإنتاج السينمائي” المصطلح، مؤكدًا تشابه الظواهر الفنية مع غيرها من ظواهر اجتماعية في كون الفرد هو بدايتها الأساسية، سواء كان هذا الفرد نحاتًا أو رسامًا أو موسيقيًا أو مخرجًا.

ثم يضع شروطًا ثلاثة لاعتبار أي أمر ما ظاهرة، التقليد، السرعة، الانتشار. تقليد للعمل الذي يمكننا اعتباره بداية الظاهرة، وسرعة في تقديم أعمال تقلد ذلك العمل، وانتشار وتأثير تلك الأعمال.

وعلى ذلك يمكننا رصد ثلاث ظواهر أساسية في عهد عبد الناصر:-

1- ظاهرة الأفلام التي تنتقد أوضاع ما قبل الثورة

وهي افلام تم انتاجها بعد الثورة واهتمت في موضوعاتها بانتقاد الأحوال الاجتماعية والسياسية والاجتماعية قبل الثورة، فوجدنا مثلاً الأفلام التي تنتقد الاستعمار والحكم الأجنبي كـ “يسقط الاستعمار”، “المماليك”، “رد قلبي”.

وأفلام تنتقد الرعاه الفاسدين، ممن يتعاونون مع الاحتلال كـ “القاهرة 30″ و”الأرض”، و “ثمن الحرية”.

وأفلام تناقش الفوارق الطبقية، والذل الذي كان يلقاه الأجَراء كـ “غرام الأسياد”، “الأسطى حسن”.

وكانت الأفلام المناقشه لقضية الإقطاع، وممارسات أصحاب النفوذ ضد الفلاحين وعمال التراحيل كـ “صراع في الوادي”، “الحرام”.

والأفلام التي عالجت الفقر في المجتمعات الريفية قبل الثورة كـ “يوميات نائب في الأرياف”، “الزوجة الثانية”.

وبشكل أو بآخر كانت تلك الأفلام تمثل دعاية لعهد ناصر، ذلك بما تعقده من مقارنة للأوضاع ما بين قبل الثورة وبعدها. وهو الأمر الذي اختلف الكثيرون حوله، هل كان إنتاج تلك الأفلام بدافع من صناع الأفلام أم بتوجيه.

2- ظاهرة الأفلام المؤيدة للثورة

تمثل تلك المرحلة امتدادًا طبيعيًا لمرحلة أفلام انتقاد ما قبل الثورة، حيث الانتقال من المدح غير المباشر للمدح المباشر، وذلك عن طريق إظهار ما فعلته الثورة، وما ظهر متفقًا مع مبادئها.

ومن تلك الأفلام التي ظهرت واضحه معبرة عن تلك الظاهرة “أرض الأبطال” نيازي مصطفي، “الله معنا” أحمد بدرخان، “ضحايا الإقطاع” مصطفى كمال البدري، “بورسعيد” عز الدين ذو الفقار.

وفي كل تلك الأفلام كان التركيز قائمًا على قضيتي القضاء على الإقطاع ومواجهة المحتل، أما عن قضايا الديمقراطية والحريات في ظل الثورة فلا شيء.

وعلى الأغلب كانت ملكية الجزء الأكبر من صناعة السينما للقطاع الخاص، وكون تجربة ملكية الدولة للسينما لم تدم إلا 10 سنوات، هي السبب في قلة تلك الأفلام.

3- ظاهرة أفلام القطاع العام

كان أول اهتمام بدا من الدولة تجاه صناعة السينما هو القرار الجمهوري سنة 1957 والذي نص على إنشاء مؤسسة دعم السينما وهدفها الارتقاء بالسينما عن طريق تقديم الدعم المادي، أو المعنوي من خلال تمكين صناع السينما من عرض أفلامهم بالخارج.

وهدف تلك الخطوة كما تم الإعلان عنه هو بناء السينما المصرية المعتمدة على أبنائها بعيدًا عن الاعتماد على الأجانب اصحاب الأموال المقيمين في مصر. ثم كانت الخطوة التي تبعت تلك عام 1959 هي إنشاء معهد السينما كأول معهد أكاديمي للدراسة في الشرق الأوسط.

تلي تلك الخطوات – وكجزء من خطة التأميم – كانت حزمة القوانين التي صدرت عام 1961، والتي بناء عليها تم تأميم بنك مصر بكل الشركات التابعه له، والتي منها شركة مصر للتمثيل والسينما، وأكثر من 6 شركات أخرى.

استمرت تلك التجربة بالإنتاج الحكومي للأفلام حتى 1973، وكان نتيجة تلك التجربة إنتاج قرابة الـ150 فيلمًا، منهم 10 أفلام إنتاج مشترك مع دول أجنبية.

ومن أبرز أفلام تلك التجربة “الأيدي الناعمة”، “مراتي مدير عام”، “القاهرة 30″، “قنديل أم هاشم”، “الأرض”، “أغنية على الممر”.

أهم ظواهر السينما المصرية..2

عهد السادات

حسن عادل 

تعددت وتباينت اتجاهات الإنتاج السينمائي منذ نشأة السينما المصرية، والذي كان سببًا رئيسيًا ورائها هو تباين الأحداث والمستجدات على الساحة السياسية وتأثيرها على المستوي الاجتماعي المصري.

وقد تحدثنا في تقريرنا الأول ضمن تلك الثلاثية عن فكرة الظاهرة السينمائية، وكيف أن هناك شروطًا ثلاث لاعتبار أي أمر ما ظاهرة، وهي “التقليد، السرعة، الانتشار”، تقليد للعمل الذي يمكننا اعتباره بداية الظاهرة، وسرعة في تقديم أعمال تقلد ذلك العمل، وانتشار وتأثير تلك الأعمال.

وعرضنا لأهم وأبرز تلك الظواهر في عهد عبد الناصر 1- ظاهرة الأفلام التي تنتقد أوضاع ما قبل ثورة يوليو 2- ظاهرة الأفلام المؤيدة للثورة 3- ظاهرة أفلام القطاع العام. وكيف أنه بانتهاء عهد عبد الناصر كانت السينما المصرية قد أنتجت 936 فيلمًا، بمتوسط إنتاج سنوي 52 فيلم.

يمكنك الاطلاع على التقرير من هنا

الإنتاج السينمائي في عهد السادات

بدأ عهد السادات بمشكلات ومصادمات كثيرة، فسيناء محتلة، ورجال عرفوا “بمراكز القوى” يضمرون كل سيء للسادات، وانتهى كذلك، بالغضب الشعبي من اتفاقية السلام، ثم من غلاء المعيشة كأثر للانفتاح. وهو الأمر الذي أثر في سينما وقته، كون السينما انعكاس ومتأثر طبيعي بالواقع.

وخلال تلك الفترة ازدهر عطاء مخرجين ظهروا في عهد عبد الناصر كصلاح أبو سيف ويوسف شاهين وكمال الشيخ، كما ظهر مخرجون جدد كانوا على درجة عالية من البراعة كعلي عبد الخالق، علي بدرخان، محمد خان، رأفت الميهي.

ولتكون السينما المصرية بانتهاء عهد السادات قد أنتجت 491 فيلمًا، بمتوسط إنتاج سنوي 50 فيلم، وهو المعدل الذي لم يختلف كثيرًا عن عهد عبد الناصر الذي كان متوسط الإنتاج فيه 52 فيلم في السنة رغم انتهاء ظاهرة إنتاج الدولة للأفلام بنفسها.

ومن بين الـ491 فيلم هؤلاء يمكننا رصد ثلاث ظواهر اساسية في عهد السادات.

1- ظاهرة أفلام مراكز القوى

لعل أحد نتائج الخوف من السلطة كان يظهر دائمًا في السينما المصرية بإنتاجها لأفلام تنتقد الحقب المختلفة للرؤساء ولكن بعد رحيلهم. فوجدنا الأفلام التي تنتقد الاستعمار والإقطاع ولكن في عهد عبد الناصر بعد رحيل الملكية، كذلك الحال وقت عبد الناصر، فلم تظهر أية أفلام تنتقد القمع والظلم الذي تعرض له المعتقلون في عهده إلا بعد رحيله في عهد السادات.

وهذه الأفلام كانت سببًا رئيسيًّا في الانطباع الحالي في العقول عن مصطلح كـ “مراكز القوى” بما يتبادر للذهن حين سماعه من ظلم واعتداءات على المساجين، بما سمعنا عنه منه كتب ومقالات، أو شاهدناه في أفلام كـ “إحنا بتوع الاتوبيس” لحسين كمال.

ومن أشهر تلك الأفلام كان “ثرثرة فوق النيل” حسين كمال، “الكرنك” علي بدرخان، “وراء الشمس” محمد راضي، “زائر الفجر” ممدوح شكري، “حافية على الجسر” عاطف سالم.

2- ظاهرة أفلام حرب أكتوبر

لا يكاد يمر عام على ذكرى أكتوبر 73 إلا وتكتب المقالات الصحفية منددة بضعف الأفلام التي صُنعت عن حرب أكتوبر وقلتها، وكيف بعد أكثر من 40 عامًا يكون هذا هو ما يتوفر أمام المشاهد ليراه عن الحرب.

وهي مشكلة حقيقية بأسباب عديدة، سواء بعدم تهيئة الدولة المناخ والمساعدات لإنتاج مثل تلك الأفلام التي تحتاج مجهودًا ضخمًا، أو برؤية المنتجين الحاليين للأفلام كسلعة في المقام الأول، وعدم رغبتهم في المخاطرة بإنتاج أفلام تتميز بالتكلفة العالية.

وخلال حروبنا العديدة بدايةً من المشاركة في حرب فلسطين 48، ثم العدوان الثلاثي، فالاستزاف، فحرب أكتوبر، كان الإنتاج السينمائي غير معبر بالمرة عن تلك الحروب في سنينها. فلا أكثر من فيلم واحد يستحق الإشادة عن حرب الاستنزاف مثلًا، وهو فيلم “أبناء الصمت” للمخرج ممحمد راضي.

ثم كان انتظارنا لـ20 عام حتى قرر قطاع الإنتاج بالتلفزيون المصري إنتاج فيلم كـ “الطريق إلى إيلات” للمخرجة إنعام محمد علي سنة 1993. ولعل أسماء الأفلام فقط التي أنتجت عام الحرب 1973 خير معبر عما نقول: “نساء الليل” حلمي رفلة، “حمام الملاطيلي” صلاح أبو سيف، “امرأة سيئة السمعة” هنري بركات.

أما عن الأفلام التي يطلق عليها مجازًا أفلام حرب أكتوبر فيمكن حصرها على أصابع اليد الواحدة: “بدور” نادر جلال، “الرصاصة لا تزال في جيبي” حسام الدين مصطفى، “الوفاء العظيم” حلمي رفلة، “حتى آخر العمر” أشرف فهمي، “العمر لحظة” محمد راضي.

3- ظاهرة أفلام المقاولات

دائمًا ما يكون هناك خلط بين أفلام المقاولات وبين الأفلام قليلة التكلفة، فكل فيلم مقاولات قليل التكلفة لكن ليس كل فيلم قليل التكلفة بالضرورة فيلم مقاولات، وللحق فأن أفلام المقاولات ليست وليدة عهد السادات، فهي تبرز مع كل فترة ينتشر فيها الاضمحلال الفكري والثقافي.

أفلام المقاولات يتم التحضير لها وتصويرها فيما لا يزيد عن شهر أو شهرين، وهي أفلام بلغة السوق مسلوقة، لا يوجد بها أي شيء له علاقة بالسينما كفن وفكر وصورة” هكذا يصفها المنتج هاني فوزي. وهكذا يؤكد د. ياقوت الديب مؤلف كتاب “اتجاهات الإنتاج السينمائي” بأن وضوح تلك المشكلة تجلى في عهد السادات حتى أنتجت السينما المصرية في عام واحد 1986، قرابة الـ96 فيلم من تلك الشاكلة.

ولا حاجة لذكر أفلام تنتمي لتلك الفترة وذلك الإطار، لكن يمكنك تمييزها بسهولة حال عرضها أمامك.

أهم ظواهر السينما المصرية.. 3

“عهد مبارك

حسن عادل 

شروطًا ثلاثة قد ذكرناها لاعتبار أي أمر ما ظاهرة، وهي “التقليد، السرعة، الانتشار”: تقليد للعمل الذي يمكننا اعتباره بداية الظاهرة، وسرعة في تقديم أعمال تقلد ذلك العمل، وانتشار وتأثير تلك الأعمال على العقول.

وعرضنا في تقريرنا الأول لأهم وأبرز تلك الظواهر السينمائية المصرية في عهد عبد الناصر:

1- ظاهرة الأفلام التي تنتقد أوضاع ما قبل ثورة يوليو.

2- ظاهرة الأفلام المؤيدة للثورة.

3- ظاهرة أفلام القطاع العام.

وكيف أنه بانتهاء عهد عبد الناصر كانت السينما المصرية قد أنتجت 936 فيلمًا، بمتوسط إنتاج 52 فيلمًا سنويًّا. يمكنكم الاطلاع على التقرير من هنا

ثم عرضنا في الجزء الثاني لأبرز الظواهر السينمائية ولكن في عهد السادات:

1- ظاهرة أفلام مراكز القوى.

2- ظاهرة أفلام حرب أكتوبر.

3- ظاهرة أفلام المقاولات.

ووجدنا أنه بانتهاء عهد السادات كانت السينما المصرية قد أنتجت 491 فيلمًا، بمتوسط إنتاج 50 فيلمًا سنويًّا. وهو المعدل الذي لم يختلف كثيرًا عن عهد عبد الناصر. ويمكنكم الاطلاع على التقرير من هنا

الإنتاج السينمائي في عهد مبارك

شهدت السينما المصرية خلال حكم مبارك الكثير من التغيير بالتأكيد، حيث أن الرجل استمر في الحكم لأكثر من 30 سنة، حدث خلالهم الكثير في المجتمع المصري، بينما قد ولدت أجيال لم تر قبله رئيسًا. وقد كانت السينما بالطبع شاهدًا على كل تلك التغيرات.

وظهر خلال تلك الفترة عدد كبير من المخرجين الجُدد الذين قدموا الكثير للسينما، منهم خيري بشارة، وعاطف الطيب، وداود عبد السيد، وشريف عرفة، ويسري نصر الله، ورضوان الكاشف. واستمر عطاء الكثير من المخرجين القدامى كـصلاح أبو سيف، ويوسف شاهين، وحسين كمال، وعلي عبد الخالق، ورأفت الميهي.

ولتكون السينما المصرية بقيام ثورة يناير وانتهاء عهد مبارك قد أنتجت1254 فيلمًا، بمتوسط إنتاج سنوي40 فيلمًا، وبهبوط يقدر بـ10 أفلام سنويًّا عن عهد السادات أو عبد الناصر.

فنجد مثلاً في عامي 1997، 2009 أدنى مستوى للإنتاج السينمائي منذ عام 1952، بإنتاج 17 فيلمًا فقط في السنة. ونجد أيضًا في عام 1986 أكبر عدد أفلام قد أُنتج منذ 1952، فبلغ الإنتاج في تلك السنة 95 فيلمًا.

ومن بين الـ 1254 فيلمًا هؤلاء يمكننا رصد ثلاث ظواهر أساسية في عهد مبارك.

1- ظاهرة الواقعية الجديدة في السينما المصرية 

فما هي الواقعية الجديدة وما هي أهم صفاتها؟ نشأت تلك المدرسة الجديدة في السينما في إيطاليا عقب الحرب العالمية الثانية، حيث الأحوال المعيشية سيئة، والسينما تحاول أن تعبر عن تلك الأحوال، وهي عكس المدرسة “الواقعية الشعرية” التي نشأت في فرنسا، تلك المدرسة المهتمة بالصورة والإيقاع على حساب الحوار ونقل الواقع.

أما عن معالم مدرسة الواقعية الجديدة تلك فهي كالآتي:-

1- الاعتماد على ممثلين غير محترفين.

2- تصوير الأفلام في مواقع وأماكن حقيقية مفتوحة؛ حيث الشوارع والأحياء الفقيرة بعيدًا عن الاستوديوهات المغلقة.

3- تجنب الحوار المنمق، واستخدام لغة الشارع.

4- تناول الموضوعات التي تعبر عن الطبقات العاملة والفقيرة.

5- تصوير الأفلام بالحس التسجيلي الذي يعكس الواقع الاجتماعي.

ويمكننا القول أن نشأة تلك المدرسة كانت على يد المخرجين الصديقين خيري بشارة وداوود عبد السيد، فقدم بشارة مثلاً “كابوريا” 1990، و”يوم مر ويوم حلو” 1988، و”أيس كريم في جليم” 1992، و”حرب الفراولة” 1990. وكتب داوود عبد السيد “أرض الخوف” 1999، و”مواطن ومخبر وحرامي” 2001. وقدم من بعدهم محمد خان “الحريف” 1984، وأخرج رأفت الميهي فيلم “الأفوكاتو” 1984.

ومن خلال تلك الأفلام كان انتقاد السلطة بالإسقاطات السياسية، ونجد ذلك في أفلام كـ “الحب فوق هضبة الهرم”، و”أرض الخوف”. وكان التخلي عن البطل التقليدي والدنجوان الخيالي، وأصبح البطل ملاكم ابن حي شعبي “كابوريا”، أو شابًا عاملاً بالجراج ذا إعاقة “مستر كاراتية”.

2- ظاهرة أفلام الفتوات

مفتول العضلات، ذو هيبة وتأثير، مسموع الكلمة في محيطه، نشأته مختلفة غالبًا عن الجميع؛ فقد خاض الكثير من التجارب حتى اكتسب تلك الحكمة. هكذا صورة الفتوة التقليدي في روايات وأفلام نجيب محفوظ، الرجل الذي قدم وحده 8 أفلام عن عالم الفتوات وقصصهم.

وتبدأ تلك الظاهرة بفيلم الشيطان يعظ 1981 للمخرج أشرف فهمي، وتنتهي بفيلم فتوات السلخانة 1989 للمخرج ناصر حسين، وقد تم بينهما إنتاج 13 فيلمًا، أشهرها “سعد اليتيم” 1985، و”التوت والنبوت” 1986.

وبخلاف نجيب محفوظ نجد أن أفلامًا أخرى جيدة كـ “سعد اليتيم” كتبه وأعده للسينما يسري الجندي، وعبد الحي أديب.

3- ظاهرة الأفلام المستقلة

وهي أصل وبداية السينما في الأساس، حيث لا منتجين ولا شركات إنتاج، فما أن تأتي الفكرة للمخرج يأخذ كاميراته ويخرج ليصورها مع أصدقائه في الشوارع. إلى أن ظهر المنتجون، وشركات الإنتاج الهوليودية، والتي قضت على الاستقلال السينمائي، والحرية المطلقة سابقة الذكر في سبيل ربحهم وربح استوديوهاتهم الدائم.

وها هي قد عادت الفكرة من جديد للظهور، لتداعب عقول السينمائيين الفقراء بإنتاج أفلام ذات تكلفة قليلة وبكاميرات ديجيتال وبموضوعات تتميز بالجرأة وبممثلين لا يحصلون على أجور غالبًا، بعيدًا عن جشع شركات الإنتاج.

وبدأت تلك الظاهرة في مصر عام 2005 على يد المخرج إبراهيم البطوط بفيلمه “إثاكي”، وقد اُنتج تحت عبائتها ما يقارب الـ12 فيلمًا حتي الآن، منها “بصرة” 2008عام للمخرج أحمد رشوان، و”ميكرفون” عام 2010 للمخرج أحمد عبد الله، ويبدو أنها في طريقها للتوسع والانتشار لا العكس.

****** يعد كتاب “اتجاهات الإنتاج السينمائي من ثورة يوليو حتى ثورة يناير للدكتور ياقود الديب مرجعًا أساسيًّا في تلك التقارير الثلاثة*****

ساسة بوست في

07.07.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)