كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

نبيل المالح

المعلِّم

سامر محمد اسماعيل

 

ماذا تفعل السينما في بلد تلفزيوني بجدارة؟ وكيف لها أن تتخلص من هذه الشبهة وبعض سينمائييها نظّروا لـ"تلفزيون بشروط سينمائية"؟ بل ذهب بعضهم إلى ممالئة عجيبةٍ غريبةٍ من نوعها لما يسمى في بلادهم بـ"الدراما السورية" الظاهرة التلفزيونية التي قضت أيما قضاء على أي أملٍ يرتجى في إنقاذ الحساسية السينمائية من غول اسمه التلفزيون سلب من السينما تعاليمها؛ مُقارباً إياها حسب مزاج السوق وبكل ما يسهم في تسطيح الدماغ الجماعي لجمهور "المواسم الرمضانية"؟ هكذا سنفاجأ بالهوة التي تركها التلفزيون مع جمهور السينما حين نعيد قراءة تجربة استثنائية كتجربة نبيل المالح التي لم تنصع في معظم أفلامها لذائقة نسخ الواقع تلفزيونياً؛ بغية الإثراء السريع من أموال المحطات العربية التي تموّل بسخاء مسلسلات سوّغ لها وقدمها وساهم في صياغتها مخرجون سينمائيون من زملاء المالح وتلامذته، وماذا يفعل فيلم "الفهدـ1972" أو فيلم "بقايا صورـ 1980ـ إنتاج المؤسسة العامة للسينما" في مواجهة صادمة ومؤلمة مع حشود التلفزيونيين السوريين الذين تآمروا على سينما بلادهم، معتبرين أن زوايا التصوير وإدارة الممثلين وصياغة الحوار عناصر كافية لتبرئتهم؛ بل ويمكن استعارتها من السينما لمصلحة "تلفزيون سينمائي"؟! أصلاً ما الذي يحدث في هذا الروائي التلفزيوني المطوّل؟ لا شيء، لا شيء على الإطلاق سوى رفاهية عابرة تدمج فترات إعلانية بسيَر شعراء ومطربين وشخصيات مافيا المال الريعي وبيت العود والعنبر!. وما الذي يمكن مقاربته في غرف الجلوس التي حلت محل صالات السينما في بلد مثل سوريا؟.

هذا التلفزيوني الذي أكل الأخضر واليابس في وعي جمهور صعد من الثمانينيات نحو التسعينيات مأخوذاً بأفلام نبيل المالح وسمير ذكرى ومحمد ملص وأسامة محمد؛ هاهو يعلن نهايته الدرامية المفجعة في لحظة سينمائية أرادها نبيل المالح صاعقة ومفارقة بين كتابة سينمائية وأخرى تلفزيونية تمسّحت بالسينما وسرقت كحل عيونها لمصلحة تشريفات التلفزيون ووقاحته وسعة نفوذ مشاهدته "تجربة هيثم حقي مثالاً وكتابه عن السينما والتلفزيون" هذه اللحظة السينمائية كانت ذروتها في فيلم "كومبارس ـ 1993ـ المؤسسة العامة للسينما" حيث نعثر بقوة على الشريط ـ الوثيقة الذي فرد فيه المالح ـ وإن كان الأخير ليس بريئاً من شبهة التلفزيوني ـ مسلسل أسمهان مثلاً ـ وأفلام تجارية على نحو "غوار جيمس بوندـ1973" فرد شخصية السينما وطلاقة أدواتها في تسجيل حافة من حواف الماغما الاجتماعية وتفاعلاتها الخطيرة المشطوبة من حسابات الكثيرين من سينمائيي ومسرحيي وروائيي سوريا؛ فإذا كان فيلم "بقايا صورـ1980" المأخوذ عن رواية حنا مينة هو فاتحة الهطول لإنعاش ذاكرة السوريين عن أواخر عشرينيات القرن الفائت؛ وما لف هذه المرحلة من غموض في الهوية الوطنية، وما اكتنفها من صراع طبقي مرير؛ فإن فيلم "الفهد" المأخوذ عن رواية لحيدر حيدر هو بكل قوة وثيقة إنسانية بالغة الثراء والمصداقية عن حراك اجتماعي سياسي لفرد وحيد أوحد يواجه السلطة أعزل ومعدوماً ومحاصراً بوجوه بني جلدته الذين أحالهم القهر والحرمان والظلم إلى مجاميع خرافية من صور الانصياع والطاعة والامتثال للأوامر؛ صورة كان السوريون سيخسرون كثيراً لو لم يمضِ صاحب "عالشام عالشام" إلى صياغتها في هذا الشريط الذي تتماهى فيه المسحة الوثائقية للشخصيات مع الروائية الصادمة لمصرع "بو علي شاهين" البطل الشعبي الذي يمضي إلى منصة إعدامه وكأنه شعب كامل من الفقراء والمستضعفين، وبتجسيد عالي المستوى لفنان من قامة أديب قدورة؛ الممثل الذي اكتشفه نبيل المالح بعد ظهوره على خشبة "مسرح الشعب" بحلب؛ موظفاً وجهه وصوته الأسطوريين مع "وحدو شرد بالليل" الأغنية التي كتبها ممدوح عدوان كنهاية لـ"فهد" مكبل بسلاسله؛ وبوجوه من دافع عنهم وهم صامتون يشاهدون مصرعه أمام أعينهم ولا يحركون ساكناً. إنه تاريخ الآباء والأجداد؛ تاريخ البلاد المعاصر الذي لولا أفلام المالح وزملائه لعاد السوريون، بل والعالم بأسره إلى مسلسلات الفنتازيا كي يستقرئوه! كون السلطة العربية لا تريد ولا ترغب بأية وثيقة تدينها وتدحض روايتها الرسمية عن شعبٍ أعزل تم تفخيخه تلفزيونياً؛ ليبقى معتقلاً في منازله وغرف نومه؛ ولهذا يمكننا ملاحظة مشهد البطل السينمائي الذي يحطم جهاز التلفاز في نهاية فيلم "سلّم إلى دمشق" لمحمد ملص تعبيراً صادقاً عن الرغبة الجماعية في الخروج من المنزل؛ قد يضعنا هذا الطرح في مفارقة أليمة عندما نتذكر مشهد "التلفاز" في فيلم "صندوق الدنيا" لأسامة محمد، لكنه في السياق الذي أراده صاحب "نجوم النهار" يبدو غنياً عن التعريف، ثم إن "كومبارس" رائعة نبيل المالح تصر على البقاء في منزل من منازل دمشق، إذ تحدث قصة الفيلم كما يعرف الجميع داخل جدران شقة بين أرملة وشاب يعمل كومبارساً في مسرحيات قومية، يعيش ويموت ويتظاهر بالموت هاتفاً في التظاهرات بأمر من "المخرج"، مفارقة تتركنا أمام حميمية لا تقاوم عن قصص مأساوية تجري في منازل المدينة كلٌ على حدة؛ حيث يلتبس الواقع السياسي مع صورة إنسان يحتلم تحت سرير فوق جسد رفيقته الخائفة؛ الخوف؛ أجل الخوف.. ولماذا نبحث عن مفردةٍ أُخرى هنا، ففيلم "كومبارس" هو شريط عن الخوف الممزوج بالشهوة والمطعّم بأقسى حالات الموت عزلةً ورهبة؛ الخوف الذي يضرب شخصيتي الفيلم التي جسدها كل من بسام كوسا وسمر سامي بأقصى حساسية يمكن ارتكابها أمام كاميرا طبيعية لا تتلصص بقدر ما تراقب وتتابع وتقتفي آثار جسدين مرتعشين في عراء مدينة عنيفة كدمشق؛ مدينة يحدث فيها الموت العاطفي والجنسي منعزلاً على سرير كراهية واحد، سرير الرغبة والكبت المستتر والمحروس جيداً بأجهزة القمع الساهرة على راحة بال الأكليروس الديني والسياسي والجنسي من أي خرق يمكن تحقيقه على مستوى اجتماعي إنساني. هذه هي اللحظة السينمائية التي نفت مقولة ماركيز أن "الحياة نوع من الأدب الرديء" ومع أن الحياة كذلك؛ إلا أن "كومبارس" ليس الواقع كما يبدو في الفيلم وإن طابقه فنياً؛ بل هو مقطع عرضي من الحياة، مثله مثل أي فيلم يستعير الزمن الواقعي لشريط ينبش بقوة في المخبوء والمسكوت عنه داخل مدينة محجّبة، لكنها تغلي من الداخل؛ تفور وتمور تحت سريرها الحديدي؛ فهاهي الدراما التلفزيونية وجهاً لوجه مع السينما في "كومبارس" وهاهي الحشود التاريخية في "الفهد" تتمخض عن شخصيتين سجينتين في منزل دمشقي محاصر؛ رجل وامرأة لا يدينهما إلا طبيعتهما البيولوجية؛ فلقد أدرك نبيل المالح بعد لأيٍ طويل أن السينما التي يريد أن يحققها ليست فيلمه "السيد التقدمي" الذي تعرض فيه لملف الفساد في صراع بين شخصيتي برجوازي وصحافي، ولا هو "الكريستال المقدس" الفيلم الديكوـ درامي ـ إنتاج الهيئة السورية لشؤون الأسرة" والذي انصاع فيه المالح لبروباغاندا سخيفة مثل "تعايش الطوائف في سوريا" بل هو هذا المزج الحاذق بين الفردي والجماعي حين تصير الكاميرا مِبضعاً لجس أورام اجتماعية تحت جلد الكارثة؛ تلك المهارة التي وصفه بها محمد ملص رفيق عمره عندما أطلق على المالح لقب "المعلم". فعلاً نبيل المالح هو المعلم، وهو الذي استطاع أن يؤسس للخط الوطني في سينما بلاده؛ فضربة المعلم بألف كما يقال في الشامية الدارجة؛ لكن هل يقدم هذا المعلم "ضربة جديدة بألف" بعد موت "فيديو كليب" مشروعه الذي تحدث عنه لسنوات باحثاً له عن تمويل لكن دون ما جدوى؟ أم هو "الوشم السابع" فيلمه الذي ينوي تحقيقه حالياً عن المأساة السورية؟ بين هذا وذاك لا بد أن نخاف على هذا المالح من خيارات فنية ربما لن تسعفه في إنجاز أفلام كالتي حققها مع مؤسسة السينما، وربما تضعه مجدداً تحت يافطة البروباغاندا السياسية التي ساهم فيها أيضاً عبر فيلمه الذي صوّره عن صلاح الدين الأيوبي لعرض راقص من عروض فرقة إنانا للمسرح الاستعراضي؛ وهو كما يعرف المالح شخصياً لا يليق بقامة سينمائية لها مريدوها ليس في بلاده وحسب، بل في العالم كله؛ إذ لا يخفى عن أحد أن أفلام هذا المبدع الخاص تدرّس في أكاديميات ومعاهد السينما الدولية، مثلما لن يخفى على حنكة ودهاء صاحب "إكليل الشوك" تلك الصفعة التي سددها من خلال أفلامه لكل أنصار الدراما التلفزيونية التي ما زلت تحتاج إلى من يشكمَ فجورها وهيمنتها على المخيلة السورية السليبة.

السفير اللبنانية في

04.07.2014

 
 

نبيل المالح

فهد السينما

لؤي ماجد سلمان  

يعتبر نبيل المالح من أوائل من اقتحموا عذرية المكان بعدسة الكاميرا، ليحقق معادلة الإبداع من خلال أسلوب جديد اعتمد على التجريب لا الاستنساخ، هذا ما يلاحظ بعد تقديمه لفيلمه "إكليل الشوك" حين شاع مصطلح "السينما العربية البديلة" بعد محاولة المالح إبراز البيئة في أغلب أعماله مانحاً البطولة للمكان، مسخّراً الطبيعة والجغرافيا لمصلحته، فالمكان عنصر رئيس، ليس مجرد فضاء ثانوي بالنسبة له، ويجب التعامل معه كمعادل درامي يحمل بنية العلاقات الاجتماعية والإنسانية والفكرية كما شاهدنا في أفلامه "رجال تحت الشمس ـ الفهد ـ بقايا صور" حتى أنه في الأخير تعامل مع بيئات مختلفة عن بعضها، حيث كانت البيئة الساحلية حاضرة من خلال المدينة، والبيئة الجبلية في القرية، والسهل المكان المنبسط أيضاً، مع حرصه على الفصل بين العناصر المختلفة بشكل دقيق، إذ لم تكن الصورة الدرامية عند المالح مسبقة الصنع أو ملونة، ولم يحشر أعماله في استوديوهات تقليدية بعيدة عن الواقع اليومي للحياة المعاشة والتي يفترض أن تكون مرآة المتلقي، بل كانت صورة تعبيرية متجددة، مليئة بالبلاغة البصرية. غير أن ما يميز أعمال "المالح" العلاقة البانورامية بما يتعلق بالإنسان، الأرض، الاحتلال، الظلم، الاضطهاد، الانتماء، أشكال القمع، عوالم الإنسان الداخلية، العشق، الكره، الرفض الذي وصل إلى حد مقارعة السلطة العربية الحاكمة التي كان تناولها نوعا من المحرّمات في تلك الحقبة، إذ لم تعتد السينما العربية وقتها إلا السماح برفض ومقاومة المستعمر والمحتل الفرنسي، العثماني وغيره، حتى أن هذا المخرج السوري وبعد إعداد سيناريو فيلم "الفهد" لم يتمكن من بدء التصوير بسبب قرار المنع الصادر آنذاك من وزارة الداخلية السورية عام 1969 لكنه استطاع إنجاز العمل بعد التغير السياسي في سورية، وهذه التجربة التي بشّرت بسلطة جديدة تؤمن بالسينما كوسيلة تنوير ثقافية، وكان لها الفضل مناصفةً مع أسرة الفيلم في ولادة الشريط، وانطلاق السينما السورية، وإعادة "المالح" إلى الإبداع داخل الوطن بعد أن كان لا يتمتع إلا بالاعتقال وسحب الجنسية قبل وأثناء وبعد مرحلة الوحدة مع مصر.

صورة مركبة

لقد حرص "المالح" في أعماله على تبني البطل الشعبي بلغة فكرية مبسّطة، استطاع من خلالها الوصول إلى الجمهور بغض النظر عن ثقافته ومعرفته، فكانت شخصية البطل الثائر، المخلّص، والمضطهد الذي أدرك أن السلطة الإقطاعية ما هي إلا امتداد للسلطة الاستعمارية. إضافة لتطرقه إلى الواقع العربي في "رجال تحت الشمس" ومعاناة الشعب الفلسطيني، منطلقاً إلى العالمية والقضية الفيتنامية في فيلمه "النابالم ـ 1970" كما أثار قضايا العامل في الفيلم الوثائقي القصير "الصخور" وموضوع العيش الإنساني بين الطوائف داخل سورية "الكريستال المقدس" حيث مزج المالح بين المادة التسجيلية والإطار الروائي في ثلاثين دقيقة عرضا. أما في "الكومبارس" فدخل المالح إلى عمق الحريات الإنسانية والمشاعر المرتبطة بالحب والرغبة بين أفراد المجتمع، وكيف تواجه هذه الرغبات الإنسانية بالخوف، القلق، العزلة الحاضرة معه رغما عنه، لا سيما أن المجتمعات العربية كانت تدين العلاقات بين الرجل والمرأة بشكل لا يقبل المساومة إلا على "سنة الله ورسوله"، إلا أن "المالح" أراد تصويب عدسته إلى أكثر من علاقة الأفراد والعشق والجنس والرغبة، والعلاقات الفردية، وقدم الصورة المركّبة الخالية من التعقيد، المليئة بالإشارات والرموز، مع حفاظه على القيمة البصرية المؤثرة وقدرتها التعبيرية، ولهذا ربما اعتُبر " الكومبارس" فيلماً سياسياً بحتاً تحدث عن الغرف المغلقة، دون التطرق لأي عبارة إيديولوجية. أسلوب المالح طبعاً هو استهداف جمهور بعينه، وقدرته على مخاطبة ذلك الجمهور لدرجة استطاع فيها تفادي النقاد، ومخاطبة العالم الداخلي اللامرئي بانعكاساته المتناقضة ( القاتل والقتيل، الظالم والمظلوم، المنتصر والمهزوم) مركزاً على التحليل الموضوعي وعدم السقوط في فخ الأحكام التقييمية، محققاً شرط المشاهدة الموضوعية التي قد لا تروق للبعض، فهو يبحث عن القيمة بكثير من الحذر والدهاء بحيث يضمن ردود الفعل المختلفة، ولا يمكن وصف ما قدمه إلا بالتجربة الفارهة الذكاء، الثرية، المتعددة، خصوصا أن هناك تغيرات وتطورات في التقنيات المستخدمة "الصوت، الأشرطة الخام، المؤثرات وغير ذلك" إذ لا يمكن اعتبار فيلم "الفهد" بعد نصف قرن في عيون جمهور حديث فيلماً بدائياً، فالصورة التي نشاهدها ليست رؤية من خلال إطار وحيد، لا في الشكل ولا في الأسلوب. كما لا يمكن اعتبار الجزء الذي قدمه المالح ليشارك في تأسيس السينما السورية مجرد صناعة وبناء بصري فحسب، بل يمكن الجزم أنه أضفى شاعريته الخاصة على مفردات الصوت والصورة، بحيث جعل الجمهور يسهو أن هناك سردا وحكاية وسيناريو، فقد أعطت التوليفة المشهدية التعبير كاملاً للمشاهد، وما استمرار فوز فيلم "الفهد" بجوائز عالمية مختلفة بعد إنتاجه بعقود إلا دليل على الأدوات الفنية الدقيقة التي امتلكها المالح في تقديم سينما خالدة تنتمي إلى العالمية في مرحلة كانت السينما السورية بدائية، معادلة صعبة فشل في تحقيقها عدد من المخرجين في أعمال كثيرة ومتتالية أمام عيون النقاد. لكن هل من الممكن إهمال الجانب المتناقض في شخصية الطالب الذي ذهب لدراسة الفيزياء النووية وعاد مفعماً بالسينما؟ سواء على الصعيد الشخصي أو في ما قدمه عبر أفلامه، خصوصا أن صاحب "عالشام عالشام" أراد أن يخبرنا في "إكليل الشوك" أن البشر كمجموعات كبرى غير قادرة على تغيير التاريخ، بينما قُتل "أبو علي شاهين" بطل "الفهد" لأنه كان يناضل بشكل فردي، وعاد في "الكومبارس" عبر رجل وامرأة فقط ليدخل من خلال الفرد إلى المجتمع وعوالمه الداخلية، فالمرأة الأرملة في هذا الفيلم ورغم ادعائها أنها ثورية، تقدمية، إلا أنها لم تستطع التخلي عن العادات والتقاليد وشبح القبيلة الذي ظلل قيمها بالمتوارث والتي انعكست سلباً على علاقتها مع حبيبها المنتمي إلى طبقة المهمشين، الإنسان البسيط المعقد الذي يبدأ نهاره كومبارساً في محطة وقود، يمسح زجاج السيارات بصمت، وينهي نهاره على خشبة المسرح كومبارساً صامتاً؛ فكل ما يفعله هو التحرك بضع خطوات، حتى علاقته بالأرملة الحبيبة "ندا" لم تتعد دوره في وظيفة الكومبارس الذي يشبع رغباتها الحسية والجنسية، وحين التدقيق في عمق شخصيته نشاهد وجه الإنسان المهمش المنبوذ المحروم من الحب والرغبة المفعم بالتوتر والخوف من السلطة، بالطبع ما هي إلا صورة ما يعيشه المواطن العربي من حالات انكسارات وفصام، استلاب فكري، ثقافي، اجتماعي، ولعل أحكامه على الزمان والمكان والبيئة التي تعطيه تصورات إبداعية كانت الأهم في تناقض السينمائي الثائر عن بعد، المواطن السوري المؤمن بالقضايا الإنسانية والقضية الفلسطينية، الرسام الذي ارتاد أماكن لا تقدم له إلا "الجفاف البصري" على حد تعبيره. عيناه مصوبتان نحو وطن يدغدغ أحاسيسه؛ اختار أن يهجره طوعاً، مقاوما من بعيد، بحجة المراقبة عن كثب، الباحث عن الواقع في الواقع المفبرك. نبيل الذي غادر دمشق ليعيش حلم العودة إليها والتجول في شوارعها، معاتباً البعض على وقوفهم على الرصيف السياسي، بينما هو لم يقف في الشارع ولا الرصيف، غادر الحي والمدينة متنقلاً من خلف الكاميرا إلى أمامها ليكون كومبارساً يظهر في المشهد السوري من الخارج. لماذا هجرتنا يا فهد السينما وأنت المؤمن بقدرة وطنك على الاحتواء، وأنت القائل "إن سورية على الصعيد الاجتماعي حققت شيئاً عظيماً حين استقبلت الأشقاء اللبنانيين في حرب تموز، والعراقيين والفلسطينيين في الماضي"؟ هل عجزت عن احتواء البرجوازي المشاكس؟ ربما تكون حركة كسر إطار اعتدت على كسرها سينمائياً، ما دامت الحياة بنظرك حركة في الزمان والمكان ودائماً باتجاه المجهول. هل هو الجديد الذي تعشقه في رحلة بحثك عن نبيل المالح خارج الوطن؟! رحلة مليئة بالأقلام والرسوم واللوحات التشكيلية، أفلام طويلة، قصيرة، وثائقية، روائية، تسجيلية، صور ثابتة، متحركة، مشاريع كثيرة، سوق أفكار وتصورات، رسائل مكثفة، بُعد ثالث، دلالات. شاعر صاغ صورته البصرية بالقلم والورقة واللون، ومواطن رد الصفعة بالإبداع والكاريكاتير، بالقهر والهيمنة، بالممكن وغير الممكن، بالاختلاف والأصالة والخيانة، حتى استطاع تقديم منتج فني جديد وسينما جديدة مع كل فيلم من أفلامه، مستخدماً ذكاءه التحليلي حول القواعد والاحتمالات التي انطوت عليها تجربته الذاتية ليقدم المتعة لجمهوره، بعد أن تركه ما يزيد على نصف قرن برفقة "بوعلي" في بيئة طبيعية عذراء ذات ظروف اجتماعية مضطهدة، متاهة ترك فيها البطل وجمهور المشاهدين، متاهة ساهم في بنائها الطبيعة والبشر، وغربتنا عن الآخر، حاكت تضاريسها رقة مشاعر الإنسان وعنجهيته، هناك لا يمكن للإنسان أن يجد طريقا وحلولا لا في "الفهد" ولا في "الكومبارس" ولا في عبثية الحياة إلا أن يؤمن بقدره ويعيش في هذا العالم، فلا أهداف واضحة باستثناء الهروب.

السفير اللبنانية في

04.07.2014

 
 

نبيل المالح

"الكومبارس" بطلاً

بشار عباس 

يخبّئ تحت وسادته مجلّة صور جنسيّة مع أنّه في أواخر العشرينيات من العمر، وما انفكّ يعيش مع أسرته في منزل واحد، يعمل في محطّة بنزين، ومن حين لآخر يعثر على دور " كومبارس" في مسرحيّة فيؤدّيه مستعيداً حلمه القديم العاثر بأن يغدو ممثّلاً نجماً . ماذا يحتاج الجمهور أن يعلم أكثر عن هذه الشخصيّة الرئيسة؟ هذا يكفي، فشأنه في ذلك شأن جيل بأكمله من العمر نفسه. أمّا حبيبته الأرملة "ندى" والشخصيّة الداعمة التي سوف تشاركه في صياغة أيقونة السينما السورية، فإنّها تعمل في مشغل خياطة، وتعيش في منزل أخيها المزدحم بالأولاد. أربع دقائق من زمن الفيلم تكفي لتقديم الشخصيّتين والتعرّف عليهما، وللتعرّف أيضاً على أعضاء الفريق الذي صنع العمل فتظهر أسماؤهم على الشاشة بالطريقة الفذّة التالية: صور فوتوغراف ثابتة بالأبيض والأسود لمدينة دمشق، لحشود يلتقط من بينها الكاتب والمخرج نبيل المالح شخصيّتين بطريقة تجلب إلى العمل المزاج الوثائقي فتزيد من صدقيّته لدى الجمهور، إنّ استخدام الفوتوغراف مع الكاميرا المتحركة المستعرضة لتفاصيله طريقة اشتهرت في الوثائقيّات الأميركية إبان الستينيات والسبعينيات، وإنّها تنجح الآن في تأسيس بداية للفيلم الروائي: "الكومبارس" إذ يظهر حقيقياً من الواقع الصرف؛ فالتعرّف على الشخصيّات، ظروفها وعملها وطبقتها الاجتماعية والتعرّف على أسماء أعضاء فريق العمل يحدثان معاً في آن، وتكون البداية الفعلية للفيلم هي لحظة ولوج الشقّة وبدء الفعل الدرامي. ومنذ الآن سوف يتطابق الزمن الواقعي مع الزمن السينمائي حتّى النهاية، في عمليّة شاقة وخلّاقة ومفارقة تلتزم بقانون الوحدات الثلاثة الأرسطي: الزمان، المكان، والموضوع. إنّه شرط درامي يصعب على المسرحيين أنفسهم، فكيف لسينمائي أن يُنجزه؟

صانع "الكومبارس" لا يعنيه هُنا إلا جوهر الفنّ السابع، قصّة جيّدة، فتمثيل مبهر، ثم كاميرا ترصد ذلك الأداء وتكون خادمة وفيّة لتعابير الوجه الإنساني والحركة داخل المشهد؛ أي: لأداء الممثل، لا يعنيه المبالغة في حركاتها أو مواقعها أو في أحجام اللقطات، وأيضاً لا يستعرض في الإضاءة، كل شيء من القصّة ولأجلها، مع النهوض كذلك بالشرط الصعب التالي: القصّة تدور أحداثها في مكان واحد، وليس ثمّة انتقال بين مكانين مختلفين لإنهاء مشهد وتأسيس مشهد جديد، والزمن نفسه مستمرّ دون انقطاع. إن ذلك يعني، على سبيل الفرض جدلاً، أنّ الفيلم بأكمله يمكن أن تكفيه لقطة واحدة مستمرّة دون انقطاع، تأخذها الكاميرا من زاوية تُماثل في الارتفاع موقع جمهور مسرحي، وتشتمل على أماكن الأداء: باب البيت، غرف النوم، المطبخ، الأريكة حيث تردد البطلة "ندا ـ سمر سامي "وراء حبيبها" سالم ـ بسام كوسا": "زوّجتك نفسي" ثمّ تسأله: "هل ما فعلناه شرعي؟" وعندها يقول ما يتطابق مع ثيمة العمل كاملاً. فما هي الحاجة إذاً أن تكون القصّة مأخوذة بكاميرا بدل أن تكون على خشبة مسرح؟ إذا استثنينا الدقائق الأربع الأولى فإنّ هذه الدراما يُمكن أن تؤدّى على الخشبة. إنّ الإجابة عن هذا التساؤل تقود إلى اكتشاف كيف أنّ الكاتب والمخرج مدّ يده عميقاً في بدن الفن السينمائي، فلمس عظمه.

المبررّات عديدة في أن تكون قصّة "الكومبارس" فيلماً، من أهمّها براعة التمثيل أمام الكاميرا، والذي يُعتبر كشفاً إبداعياً في تاريخ الكاميرا السورية، سواء كانت سينمائية أو تلفزيونية، فالمخرج بعد فترات تدريب طويلة مع الممثلين نجح في أن يعرض شخصيّات تعيش لا تمثّل، إنّه تمثيل يختلف عن التمثيل المسرحي الذي يراعي فيه ممثل الخشبة أن جمهوره ثابت وبعضه على عشرات الأمتار فيعمد إلى المبالغة، الكاميرا في "الكومبارس" والتي هي عين الجمهور موجودة في أماكنها المثالية، بطريقة تجعل الجمهور يحوم حول الشخصيّات فيراقبها دون أن ينكشف أمره، ذلك سواء في اللقطات العريضة أو المتوسّطة، وحين تتحرّك الكاميرا فإن حركتها ثقيلة تجعل الجمهور يعيش تماماً حالة الاقتراب البطيء واستراق النظر، ساهم في ذلك المونتاج الرصين؛ ففي مشاهد حوار طويلة يميل المخرجون عادةً إلى القطع المتكرر بين وجهي الشخصيتين اللتين تتحاوران، أمّا هُنا فجاء القطع فقط مع كل تصعيد في الحدث، يكون بداية بين "سالم" و صديقه "عادل"؛ كل قطع يتطابق مع درجة جديدة لنفاد صبر "سالم" من تباطؤ صديقه في مغادرة الشقة ليتركه مع حبيبته، ثمّ يصير بعد إذ أن تأتي "ندى" ملائماً لصعود الحالة العاطفية، فهذه المرّة الأولى التي يُغلق عليهما بابٌ، فهل نجحا بأن يلوذا من العالم الخارجي؟ إنّهما بين عالمين تتداخل حدودهما، وراء باب وجدران، فلن تنجح اللقطة الطويلة زمنياً، أو بتعبير آخر اللقطة ـ المرحلة الشهيرة في الواقعية الإيطالية الجديدة، لأنّها اشتُهرت في التصوير الخارجي، كما أن القطع المتناوب السريع سيعطّل الاستغراق في جمالية الأداء، هذا ما أدركه المخرج جيّداً، فاختار توقيتاً للقطع يكون في زمن متوسّط بين النموذجين ففاز بمزاياهما معاً.

فبعد شهور من اللقاء مع "ندى" يظفر "سالم" بهذا المكان، لكنّه كالغوّاصة التي تكاد تنفجر من ثقل ضغط الماء، كل العالم الخارجي ماثل ويحاول الاقتحام؛ يكاد يحطّم عليهما الباب والنوافذ ليقتحم؛ صوت سيارة الشرطة، صوت الحشد في التظاهرة، العازف الجار، الجار الذي يحاول الاحتماء به من دورية الأمن، وأخيراً الصفعة الخاتمة .

في المسرح يكون الهاتف هو الوسيلة الأساسية للوصل مع العالم الخارجي، أمّا هُنا فيأتيهما صوت موسيقى الجار الأعمى عازف العود في حل إبداعي لمعضلة سينمائيّة رافقت كلّ فيلم يتضمّن موسيقى تصويرية؛ السؤال المطروح على كل الأعمال التي فيها موسيقى مصاحبة: من أين يأتي الصوت؟ لدينا ـ مثلاً ـ مشهد فتاة تتعرّض للقتل، فمن يعزف لها تلك الموسيقى المرعبة؟ إن الموسيقى التصويرية في السينما عموماً تكاد تقترب من التعليق: نقطة ضعف تنجح بعض الأفلام في تجاوزها عندما تكون موسيقاها متقنة ملائمة فلا نشعر إلا أنّها جزء من المشهد، المخرج اليوغسلافي أمير كوستاريكا كان بارعاً في جعل الموسيقى صادرة عن عازفين يعيشون كشخصيّات ضمن عالم الفيلم. لكنّ موسيقى فيلم "كومبارس" كانت أكثر وثاقة بعالمه، آلات نفخية خفيفة الحضور، ثمّ تختفي لتحلّ بدلاً منها تلك التي من داخل عالم الفيلم، هذا "الجار" لم يكن موجوداً فقط لهذا الغرض، إنّه شخصيّة مُستغرقة ومؤثّرة في الوقائع وفي مصير بطل الفيلم "سالم"، يزوّد الشريط ببعض موسيقاه، وأيضاً يتسبّب لبطله بصفعة تُساهم في إيجاد نهاية حادّة ومنطقيّة للقصّة. وقبل ذلك، سيكون الجار العازف مبرراً لظهور شخصيّة رجل الأمن، كواحد من عناصر العالم الخارجي، والذي هو بدوره أيضاً مبرر لاستخدام تقنيّة (الفلاش فوروورد) عندما يتخيّل سالم أنّه يهجم عليه باندفاعة تحطّم الباب، يقع ذلك بعد أوّل لقطة قريبة على وجهه، في خرق لنموذج حجم اللقطات الذي كان تأسس منذ بدء الفيلم، وكان إلى هذه اللحظة يتناوب بين البعيدة والمتوسّطة. هذا الاقتراب المفاجئ من وجهه يشي بأن شيئاً يدور في خلده، ثم نراه وهو يتخيّل. وبعد ذلك تتكرّر اللقطات القريبة، لا سيّما بين العاشقين.
سوف يتخيّل شيئاً آخر عمّا قليل؛ مع أن بطلة الفيلم "ندى" على وشك الوصول، فإنّه يستغرق في حلم يقظة جديد "فلاش فوورود " سيدعم مع السابق سينمائيّة القصّة فذلك ما يعجز عنه المسرح. المخرج يلعب بحرفيّة عالية على حافّة نوعين دراميين لديهما الكثير من العناصر المشتركة، يسيرُ على حبل مرتفع، فينجح بأن يتجاوزه ببراعة. مراعياً من أجل ذلك تصميم المنزل نفسه، فيجعله متوافقاً تماماً مع مشروعه.

الفسحة أمام الباب، الموزّع، المطبخ، وغرفة النوم، كلّها مصمّمة بما يخلق أمكنة عديدة متصلة مكانياً ومنفصلة تصويرياً؛ حلٌّ مشهديٌ لمعضلة المكان المسرحي المكشوف كلّه، لم تعد الكاميرا قادرة على أن تأخذ المنزل من زاوية واحدة، عليها أن تتحرّك، ليس حركة جمالية إخراجية تفي ببراعة النصّ، بل لأن الشخصيّات تتوارى في أمكنة تستلزم اللحاق بها.

كان يُمكن للنهاية أن تكون لحظة مغادرة المنزل، لكنّ مشاهدة "سالم" يخرج من البناء، ثمّ بعد ذلك لقطة عريضة تتسع وترتفع مع الشقق والشرفات المغلقة، ثم ترتفع مع أفق الحي ومدينة دمشق، جاءت لتؤكّد البداية التي كانت في الصور الفوتوغرافية وهي الآن في المشهد الختامي؛ إن العدد اللانهائي من الشقق والأبنية يخفي خلفه عدداً لا نهائياً من قصص مماثلة لما رأيناه طيلة مئة وخمس دقائق. بقي ربع ساعة إذاً ليأتي "عادل" وتنتهي المهلة التي أعار فيها شقّته للسينما السوريّة لتشهد واحداً من أجمل أعمالها وأكثرها أصالة.

نبيل المالح في سطور

يعد نبيل المالح" دمشق ـ 1936" من رواد السينما السورية؛ فبعد دراسته السينما في تشيكوسلوفاكيا عام 1964 عاد المالح إلى بلاده في ستينيات القرن الفائت ليعمل في المؤسسة العامة للسينما، حيث قدم عدة أفلام روائية قصيرة كان أبرزها: "إيقاع دمشقي" و"نابالم"، ليقدم في عام 1969 أول فيلم روائي قصير له بعنوان "إكليل شوك" وليقدم بعدها فيلمه "المخاض ـ 1970" ضمن الثلاثية السينمائية الروائية "رجال تحت الشمس" التي تعتبر أول فيلم سوري طويل ونال عليه جائزة مهرجان قرطاج السينمائي.

كما ساهم المالح في تكوين حساسية سينمائية خاصة عبر أفلامه "الفهد ـ 1969"، وفيلمه "بقايا صور ـ 1980" وفيلم "تاريخ حلم ـ 1983" وفيلم "كومبارس ـ 1993"، الذي نال عليه جائزة أفضل إخراج في مهرجان القاهرة السينمائي.

السفير اللبنانية في

04.07.2014

 
 

«مكتوب 4» يشلّ السجون!

نور الدين بالطيب/ تونس 

الضجة التي أثارها «مكتوب 4» لم تتوقف بعد. نفّذ أعوان السجون في تونس أمس إضراباً عاماً احتجاجاً على ما يتضمّنه المسلسل الذي أنتجه وأخرجه سامي الفهري من «تشويه لصورة السجون»، وفق تعبير «نقابة السجون والإصلاح».

رد فعل النقابة فاجأ الأوساط السياسية والحقوقية، فالجميع يعلم أنّ التجاوزات في السجون لم تنته، ولا تزال مستمرة منذ العهد السابق، وذلك بشهادة المنظمات الدولية.

من جهتها، أصدرت قناة «التونسية» التي تعرض المسلسل في رمضان بياناً ردّت فيه على النقابة، مؤكدةً أنّ العمل «درامي، والجينيريك ينص بوضوح على أنّه من وحي الخيال ولا يمت إلى الواقع بصلة». وأضافت: «نحن نحترم كل المواقف والآراء، ونؤيد تعبير الجميع عن آرائهم بواسطة كل أساليب الاحتجاج السلمية، لكننا نتساءل: ما ذنب المساجين الذين سيتحملون تبعات هذا الإضراب؟».

في المقابل، ساندت مجموعة من المثقفين والمبدعين قناة «التونسية»، معتبرين أنّه لا مبرّر للتصعيد الذي اختارته «نقابة السجون والإصلاح». علماً بأنّ من بين المساندين الباحثة في الفكر الإسلامي ألفة يوسف التي أهدر المتشددون دمها.

وفي رد على بيان «التونسية»، كشفت رئيسة النقابة، ألفة العياري، أنّ هناك صفقة بين الإعلامي والمخرج سامي الفهري وحركة «النهضة» لـ«تشويه» صورة أعوان السجون الذين خاضوا جولات من المعارك مع وزير العدل السابق والقيادي في الحركة، نور الدين البحيري. وقالت النقابة إنّها تملك «تسجيلات لجلسات عقدت في السجن بين الفهري وبعض هؤلاء»، مطالبةً بوقف بثّ المسلسل فوراً.

ومن المتوقّع أن تشن نقابات الأمن حملة على «مكتوب 4» بعد عرض حلقة أوّل من أمس، وتضمنت مشهداً يكشف تعاون بعض أعوان الأمن مع باعة الخمر خلسة، وتورّطهم في قضايا رشوة وابتزاز.

من الواضح أنّ سامي الفهري مصرّ على تصفية حساباته مع إدارة السجون، بعدما اعتقل أكثر من 20 شهراً دون توجيه أي تهمة إليه. كذلك من الواضح أنّ هناك من يضيق بالديموقراطية وحرية الرأي والتعبير التي تعيشها تونس منذ نحو ثلاث سنوات ونصف، رغم أنّها المكسب الوحيد الذي تحقق حتى الآن.

الأخبار اللبنانية في

04.07.2014

 
 

مشاركة سينمائية كويتية في «الدوحة للأفلام» 

(كونا)

عرضت مؤسسة الدوحة للأفلام مساء أمس الأول أربعة افلام روائية قصيرة من الكويت ضمن سلسلة عروض "حكايات خليجية" تتضمن انواعا مختلفة من القصص وتعطي لمحة عن الحياة في الكويت.

وبدأ عرض الاعمال التي تستمر يومين في متحف الفن الاسلامي بفيلم "ديناصور" للمخرج الكويتي مقداد الكوت، و"كعبول" للمخرج مساعد المطيري و"صالون رجال" للمخرج مشعل الحليل، و"صورة جواز" للمخرج يوسف المجيم.

صالون رجال

من جانبه قال المخرج الكويتي مشعل الحليل انه يشارك في هذه الفعالية بفيلم قصير روائي تحت عنوان (صالون رجال)، مؤكداً أن الافلام الكويتية السينمائية اثبتت نفسها في المهرجانات الاقليمية والدولية بحيث نجد ان اي مهرجان سينمائي لا يخلو من فيلم كويتي او اكثر اضافة الى تحقيق الجوائز في تلك المهرجانات بأفلام غالبا ما تكون بمجهود وانتاج مستقل من قبل صانع الافلام نفسه.

واشار الى ما تقدمه شركة (سينماجيك) الكويتية في الفترة الاخيرة من خدمات انتاجية مجانية ومعدات وغرف مونتاج علاوة على شركة السينما الكويتية الوطنية التي توفر فرص عرض الافلام في صالاتهم.

واوضح ان صناع الافلام السينمائية المستقلة في الكويت يفتقرون الى مهرجان محلي لخلق ثقافة سينمائية عامة في المجتمع تساعد على تطوير اعمالنا المستقبلية فضلاً عن انشاء صندوق سينمائي يدعم ويرتقي بالافلام السينمائية.

من جهته قال المخرج مساعد المطيري ان الافلام القصيرة لها فلسفة مختلفة عن الافلام الطويلة من حيث اختصار الفكرة او تركيزها بنقطة معينة بدون اي تشعبات مبينا ان فيلمه (كعبول) جاء ليسلط الضوء على الانسان المهمش والضعيف.

واعرب عن امله في ان يرى سينما حقيقية في الكويت مؤكدا ان ما يقوم به الشباب من جهود بهذا الصدد خطوات حقيقية لصناعة السينما الكويتية وانتاج الافلام، مشيرا الى ان صانعي الافلام الكويتيين يركزون جهودهم وتعاونهم لانتاج عدد من الافلام الهادفة بجودة عالية.

أما المخرج مقداد الكوت فقال ان الافلام القصيرة تعكس بعض الجوانب المركزة من احداث مجتمعية يومية من خلال نقلها بصورة فنية سلسة.

واضاف الكوت المشارك بفيلم (ديناصور) ان بدايته في هذا المجال جاءت عن طريق الهواية مع بعض الاصدقاء الذين استمروا في العمل معه، مشيرا الى ان (سينماجيك) قدمت لهم الرعاية في بعض المراحل لاسيما في مرحلة ما بعد الانتاج من خلال رفع جودة الفيلم.

واشار الى تعدد مشاركة صانعي الافلام الكويتيين في الفترة الاخيرة في العديد من المهرجانات لاسيما على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي مثل مهرجان اجيال في قطر ومهرجان الخليج في دبي وكذلك مهرجان ابوظبي السينمائي وغيرها من المهرجانات الدولية.

الجريدة الكويتية في

04.07.2014

 
 

شبح المونديال يخيّم على افتتاح مهرجان كارلوفي فاري

كارلوفي فاري (تشيخيا) - فيكي حبيب 

هل سيكون جمهور مهرجان كارلوفي فاري المقدّر عادة بـ130 ألف متفرج سنوياً، وفياً كما العادة لافتتاح الدورة 49 اليوم، أم إن العرس الكروي في البرازيل سيضرب العرس السينمائي الذي سيَسدل الستارة في اليوم ذاته الذي يُتوّج فيه بطل الملاعب الفسيحة الخضراء؟

إجابة ستتحدد معالمها خلال الأيام الثمانية المقبلة، مع ما يمكن أن تشهده الصالات السينمائية من أزمة أو لا أزمة قد يخلفها مونديال البرازيل على مهرجان غالباً ما تميز خلال سنواته الماضية بكونه أشبه بـ «محجّ» للشباب التشيخي الذي يقصده من كل المناطق، غير مبالٍ إن وجد مكاناً للمبيت أم لم يجد... فالمروج الخضراء كثيرة في هذه المدينة الساحرة التي تتفجّر أرضها ينابيع ساخنة باتت وجهة الملايين من حول العالم... والخيم جاهزة لاستقبال محبي الفن السابع، مهما كانت أعدادهم كبيرة.

ولكن، لهذا الموسم نكهة مختلفة. نكهة مطعّمة برائحة المونديال. ولا يختلف الشباب التشيخي عن بقية شباب العالم في شغفه بالكرنفال الرياضي وانسياقه وراء الساحرة المستديرة، حتى وإن كان منتخب بلاده خارج اللعبة. من هنا، يبدو الترقب سيد الموقف في ترجيح كفة على أخرى، ولمن ستكون الغلبة: للرياضة أم للفن؟ وهل سيختلف مزاج الجمهور التشيخي عن مزاج الغالبية حول العالم المنشغلة بـ «نيمار» ورفاقه و«ميسي» وأهدافه؟ أم إنه سينأى بنفسه عن المشاركة في تلك «الموجة» التي تضرب الملايين، مرة كل أربع سنوات، بحيث تصبح أنظار العالم كله مصوّبة نحو الدولتين اللتين ستتأهلان لنهائي كأس العالم لمعرفة هوية الفريق الذي سينتزع لقب مونديال 2014، ويتربع على عرش كرة القدم؟

تحدٍ لن يكون سهلاً على القائمين على المهرجان التشيخي الذي يعتبر أحد أعرق المهرجانات السينمائية (يقام سنوياً منذ عام 1946 باستثناء الاستراحة الدورية التي شهدها خلال الفترة السوفياتية حين صدرت تعليمات بإقامته بالتناوب مع مهرجان موسكو السينمائي، وظل الأمر على هذه الحال إلى حين انهيار الاتحاد السوفياتي وانفصال تشيخيا عن سلوفاكيا)، وواحداً من المهرجانات الدولية المصنفة فئة أولى. لهذا، كان لا بدّ من أسلحة مضادة تنقذ هذه الدورة من تعثر ما قد يلحقها بسبب سوء التوقيت. وليس كافياً طبعاً الارتكان إلى تلك العلاقة الوثيقة التي تربط الجمهور بالمهرجان، حتى وإن رسمت خيوطها بدقة، سنوات طويلة من العمل الدؤوب والإعداد المتقن لتوفير كل التسهيلات الممكنة.

إغراءات

ولا عجب في أن تحمل هذه الدورة إغراءات سينمائية كثيرة لجذب الجمهور إلى الصالات. ولعل نظرة سريعة على البرنامج تقدم صورة وافية عن تنوعه وغناه، خصوصاً أنه ينقسم إلى 17 فئة، تعرض أكثر من 200 فيلم، بعضها يشهد عرضه العالمي الأول، وبعضها سبقه صيته إلى أرض بوهيميا بعدما جال في مهرجانات دولية أخرى مثل «كان» و «برلين». فمن أفلام مهرجان «كان»، سيكون الجمهور التشيخي على موعد مع شرائط سينمائية لم تمر في الكروازيت الفرنسية من دون أن تخطف جوائز، مثل فيلم «أمي» للسينمائي الكندي كزافييه دولان الذي تقاسم جائزة لجنة التحكيم مع سيد السينما الطليعية التجريبية في أوروبا جان لوك غودار («وداعاً للغة») أو الفيلم الروسي «لفياتان» للمخرج أندريه زفياغينتسيف الفائز بجائزة أفضل سيناريو، أو مجموعة أفلام أخرى مثل الفيلم الياباني «المياه الراكدة» للمخرجة نعومي كاوازي أو الفيلم الإيطالي «الروائع» للمخرجة أليس رورواشر أو الفيلم النمسوي «حب مجنون» للمخرجة جيسيكا هوسنر.

هذا بعض ما سيُعرض من «كان»، أما من مهرجان «برلين»، فسيكون جمهور كارلوفي فاري على موعد مع الفيلم الصيني «فحم أسود... ثلج رقيق» (إخراج دياو ينان) الذي خطف جائزتي الدب الذهبي وأفضل ممثل في المهرجان الألماني، إضافة إلى آخر أفلام المخرج الفرنسي آلان رينيه «أن تحب وأن تشرب وأن تغني» - الذي نال عنه قبل أيام من رحيله، جائزة الفرد باور (تيمناً باسم مؤسس مهرجان برلين) التي تكافئ سنوياً فيلماً يفتح آفاقاً جديدة -، وفيلم الأميركي ريشارد لينكليتر «الصبا» الذي فاز عنه صاحبه بجائزة أفضل مخرج... من دون أن ننسى أفلاماً «برلينية» أخرى لم تنل نصيباً من الجوائز، لكنها نالت إجماعاً نقدياً كبيراً حولها مثل الفيلم الألماني «درب الصليب» والفيلم البريطاني «71»، إضافة إلى مجموعة أفلام «برلينية» أخرى مثل «ستراتوس» اليوناني و«تاريخ من الخوف» الأرجنتيني...

ولا تقتصر أهمية كارلوفي فاري على كونه يشكّل منصة لأبرز أفلام المهرجانات الدولية لجمهوره، بل هو أيضاً منبر للاكتشافات السينمائية. ولطالما تغنى المهرجان بأنه قائم على مفهوم مبني أساساً على الميزة الجغرافية للجمهورية التشيخية الواقعة على الحدود بين شرق أوروبا وغربها. بالتالي، فإن ما يمكن أن يقدمه المهرجان التشيخي من أفلام آتية من دول غير راسخة في المهرجانات الدولية، قد تعجز عنه مهرجانات أخرى، أو على الأقل، لا تضعه في حساباتها. لهذا، يتميز كارلوفي فاري باحتضانه سنوياً كمية أفلام كبيرة من أوروبا الشرقية وأوروبا الوسطى، يندر أن نراها في مهرجان دولي آخر. واللافت أنه لا يكتفي بتوزيع هذه الأفلام على أقسامه الكثيرة، بل يوفّر لها قسماً خاصاً في عنوان «شرق الغرب»، يعرض فيه هذا العام أفلاماً من هنغاريا وصربيا وألبانيا وإستونيا وبولندا وآذربيجان وسلوفينيا.

تلاقح شرق- غرب

ولا تشذ المسابقة الدولية للأفلام الروائية الطويلة عن منهج التلاقح بين شرق وغرب، إذ نجد فيها هذا العام 12 فيلماً، موزعة على 11 دولة، هي تشيخيا وهنغاريا وآيسلند وروسيا وجورجيا وفرنسا وبلجيكا والمكسيك وكازاخستان ولاتفيا والولايات المتحدة. وتتنافس هذه الأفلام على خمس جوائز، هي «كرة الكريستال» (25 ألف دولار)، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة (15 ألف دولار)، وجائزة أفضل مخرج، وجائزة أفضل ممثل وجائزة أفضل ممثلة، علماً أن لجنة التحكيم يترأسها المخرج الإسباني لويس مينارو وفي عضويتها، السينمائية السلوفاكية ميرا فورناي ومدير التصوير اليوناني فيدون بابامايكل والموسيقي الآيسلندي كجارتان سفينسن والمخرج التشيخي فيكتور توس.

ولا تقتصر المسابقة في كارلوفي فاري على الأفلام الروائية الطويلة الدولية، بل هناك أيضاً مسابقة للأفلام الوثائقية، وأخرى لقسم «شرق الغرب»، وثالثة لبرنامج «الكاميرا المستقلة».

ولمن يسأل أين العرب من كل هذه المروحة الواسعة من الأفلام والأقسام والعروض السينمائية، فإن المهرجان الذي احتفى العام الماضي في قسم خاص بالسينمائيين الأكراد ومعاناتهم في المنطقة العربية بين مناطق أخرى، يعود هذا العام ليجدد النقاش حول هؤلاء من خلال فيلم «ذكريات منقوشة على الحجر» للسينمائي العراقي الكردي شوكت أمين كوركي. وفيه يدنو هذا الأخير من «حملة الأنفال»، وهي إحدى عمليات الإبادة الجماعية التي نفذها نظام صدام حسين عام 1988 ضد الأكراد، ولا تزال آثارها غير مندملة بعد، حتى وإن كنا نعرف أن أفلاماً كثيرة حيكت حولها.

ولن يكون فيلم كوركي الشريط «العربي» الوحيد في المهرجان، بل تضم لائحة قسم «آفاق» عملاً آخر آتيًا من موريتانيا هو «تمبوكتو» لعبدالرحمن سيساكو الذي نافس على السعفة الذهبية في الدورة الأخيرة من مهرجان «كان» من دون أن ينجح في انتزاعها. أما الفيلم فيعالج قضية آنية تغوص في أشواك التطرف الديني من خلال الحرب التي تدور رحاها في مالي والإرهاب الذي يعصف بالبلاد بفعل تعاظم قوى المتشددين.

إذاً، ديكتاتوريات دموية وإرهاب، هذا هو عنوان الفيلمين اللذين يمثلان «العرب» في المهرجان، وكلاهما يصبّ في عين السياسة مثلما هي حال معظم الأفلام العربية التي تجول في المهرجانات الدولية بخلاف الأفلام الغربية التي تدنو غالباً من مواضيع اجتماعية وإنسانية... فهل مصير السينما الآتية من منطقتنا أن تُلاحقها دوماً «لعنة» شرق متأزم يرتوي على الدماء ويقتات من الجثث؟

الحياة اللندنية في

04.07.2014

 
 

جوني ديب: أكره فناني الأرباح السهلة والأمجاد السابقة

باريس- نبيل مسعد 

ظهر جوني ديب (50 سنة) بنجاح متفوق وشعبية متزايدة منذ ثمانينات القرن العشرين في أفلام مختلفة مثل «إدوارد والمقص الذهبي» و»إيد وود» و»حلم أريزونا» و»الخوف في لاس فيغاس» و»دوني براسكو» و»دون جوان دي ماركو» و»سويني تود» و»أليس في بلاد العجائب» و»قراصنة جزر الكاريبي» بأجزائه الأربعة حتى الآن، تاركاً العنان لقدراته الدرامية تحت إدارة كبار المخرجين، من أمثال أمير كوستوريتزا وجيم جارموش وتيم بورتون الذي يمنح جوني ديب بطولة كل أفلامه، وتيري غيليام وجون واترز ورومان بولانسكي وغيرهم، إضافة إلى خوضه تجربة الإخراج السينمائي لمرة واحدة.

وقد نزل حديثاً إلى صالات السينما فيلم «ترانساندانس»، من بطولة ديب وربيكا هول وإخراج والي فيستر، وتدور أحداثه في زمن مستقبلي يكتشف فيه أحد العلماء وسيلة لاقتحام العقل الإلكتروني والدخول إليه من أجل تسخير مقوماته لمصلحة تقدم البشرية وحماية البيئة.

ولمناسبة قيام جوني ديب بالترويج للفيلم، التقت «الحياة» النجم الهوليوودي في باريس وحاورته.

·        تؤدي في فيلمك الجديد «ترانساندانس» من إخراج والي فيستر، شخصية عالم يكتشف وسيلة لاقتحام العقل الإلكتروني وتطويره بحيث يعمل لمصلحة البشرية والحفاظ على البيئة. فما الذي دفع بك إلى قبول هذا الدور المختلف كلياً عن الأدوار التي تؤديها عموماً، بخاصة في أفلام المغامرات بأشكالها وأنواعها المختلفة؟

- أنا أعتبر أن فيلم «ترانساندانس» ينتمي إلى لون المغامرات العلمية، وبالتالي لم أكسر الإطار الذي اعتدت العمل فيه كلياً بل في أسلوب جزئي فقط، ذلك أن الفارق موجود وواضح بين أعمال من نوع «قراصنة جزر الكاراييبي» بأجزائه الأربعة حتى الآن، مثلاً، و»أليس في بلاد العجائب»، ثم «ترانساندانس»، مع أنها كلها مبنية على المغامرات والحركة. والشيء الذي يعجبني ويضحكني في الوقت نفسه هو كوني أظهر في أفلام مختلفة إلى أبعد حد عن بعضها بعضاً وهذا مصير وهدف كل ممثل في الوجود، لكنها كلها تقريباً مصنفة في إطار واحد هو المغامرات، الأمر الذي يدفع بالإعلاميين أحياناً إلى توجيه السؤال إلي في شأن رغبتي في التنويع. فأضحك وأرد عليهم «التنويع في ماذا بالتحديد، وأرجوكم ذكر أسماء الأفلام التي تجدونها تتشابه على قائمة أعمالي حتى الآن بصرف النظر عن «قراصنة جزر الكاراييبي»، طبعاً لأنه مقسّم إلى أربعة أجزاء وربما خمسة في مستقبل قريب، مبنية كلها وفق أساس حبكة مشتركة. ورغم كلامي هذا سأرد على سؤالك قائلاً إن دور العالم المحافظ على البيئة في فيلم «ترانساندانس» لا يشبه من قرب أو من بعيد أي دور من أدواري السابقة، وربما أن هذه المعلومة هي التي دفعت بي إلى الموافقة الفورية على المشاركة في الفيلم.

·        ألم تتردد أمام الناحية التسجيلية الخاصة بموضوع الفيلم بالمقارنة بأفلامك الخيالية البحتة؟

- الناحية التسجيلية في «ترانساندانس» لا تتعدى المظاهر واللافتة الإعلانية للفيلم وملخص حبكته. أما واقع السيناريو فهو خيالي أصيل بما أنه يروي حكاية رجل يتوغل في عقل إلكتروني حتى يتحد معه كلياً ويديره من الداخل. وأرجوك لا تكتب أن مثل هذه القصة تسجيلية وإلا ظهرنا أنا وأنت وكأننا في حاجة إلى علاج في مصح عقلي ونفساني.

·        تبدو في بداية هذا الفيلم وكأنك منقذ البشرية قبل أن تنقلب الأوضاع ويقتنع محيطك بأنك عبارة عن شخص مختل التوازن يرغب في تدمير العالم. هل أعجبتك حكاية أداء الخير والشر في آن واحد؟

- أنها من أحلى تجاربي الفنية وأقواها، ذلك أن الممثل عموماً ما يؤدي شخصية البطل الشجاع أو الشرير في فيلم محدد، لكن الدورين مرة واحدة شيء نادر الحدوث، وأنا محظوظ لأن الحكاية وقعت علي.

السيكولوجيا الخفية

·        أنت معتاد على التنكر في أفلامك، ربما مثلما كان يفعل الممثل الفكاهي الراحل بيتر سيللرز، وها أنت في «ترانساندانس» تبدو بمظهرك الطبيعي، فأي الأمرين يثير خيالك أكثر من الأخر؟

- أشكرك على المقارنة بيني وبين سيللرز الذي أعتبره من أهم الممثلين في العالم وعلى مدار الفترات الزمنية المختلفة. صحيح أنني في العدد الأكبر من أفلامي أضع الماكياج المشوه لملامحي وأتنكر في ثياب تنتمي إلى قرن ماض أو مستقبلي خيالي وأغيّر نبرة صوتي. وكنت مستعداً لفعل الشيء نفسه في «ترانساندانس» حينما فاجأني مخرج الفيلم والي فيستر طالباً مني أداء الدور بأسلوب طبيعي جداً، من ناحية المظاهر والتركيز أساساً على الأحاسيس والسيكولوجيا الخفية لهذا الرجل الذي يحلم بتحسين أحوال البشرية. لقد شعرت في الحقيقة وكأنني، للمرة الأولى في حياتي، أقف مجرداً من ثيابي أمام الكاميرا، مع أنني لم أتخلّ عنها لحظة واحدة في الحقيقة، إلا أن التنكر الذي أعتاده يحل مكان الدرع الحامية، والتخلي عنه أفقدني صلابتي وحثني على التفتيش في أعماق نفسي عن حماية من نوع أخر، لا سيما السيكولوجيا التي كان المخرج قد حدثني عنها. لقد رفعت التحدي وصرت أرغب في تكرار مثل هذه التجربة لأنها وضعتني في خطر، فأنا أكره الفنان الذي يختار المسلك الأمين المربح والمبني على أمجاد سابقة.

·        أنك بعيد جداً عن المسلك الأمين في أسلوب تقمصك لشخصية القرصان جاك سبارو في مجموعة أفلام «قراصنة جزر الكاراييبي»، ذلك أن الرجل لا يشبه ما يعتاده المتفرج في الأعمال التي تروي مغامرات القراصنة، ويبدو وكأنه قد خرج مباشرة من الرسوم المتحركة. ما هو تعليقك على ذلك؟

- لم أستمد شخصية سبارو من الرسوم المتحركة مباشرة لكن من عضو فريق الرولينغ ستونز الموسيقي الغنائي كيث ريتشارد. أنني أعشق هذه الفرقة منذ صباي، خصوصاً ريتشارد، ذلك أن الرجل يتميز بأسلوب في التحرك فوق المسرح يبهرني ولا يشبه أي شيء آخر في الساحة الفنية، لا الماضية ولا الحالية. لقد رأيت أن جاك سبارو في إمكانه أن يكون كيث ريتشارد بدوره لكن في دنيا قراصنة البحار. وكلامك صحيح إلى حد ما إذا أخذنا في الاعتبار أن ريتشارد لا يبتعد كثيراً في مظهره فوق المسرح عن الشخصيات الطريفة التي نراها في بعض الرسوم المتحركة.

·        أنت منحت سبارو صوتاً فريداً من نوعه وطريقة في الإلقاء غريبة جداً؟

- هل تصدقني إذا قلت لك أنني فقدت قدرتي على النطق في شكل عادي بعد أدائي دور جاك سبارو في أربعة أفلام متتالية استغرق تصوير كل واحد منها ما لا يقل عن ستة شهور متتالية. كنت أتكلم مثله وأقلد صوته في بيتي مع أولادي وفي كل المناسبات، من دون أن أعير الأمر أدنى اهتمام، ومن دون أن أكون على وعي به. فصار محيطي يضحك مني إلى أن شعر وكيل أعمالي بالخطر الذي كان يهددني ووجهني إلى أخصائي عمل معي كي أستعيد طريقتي الطبيعية في النطق وأيضاً صوتي الأصلي. واستغرقت العملية أربعة شهور كاملة.

·        ما الذي سيحدث إذا مثلت في مغامرة جديدة لجاك سبارو نفسه؟

- سأستعين بالأخصائي المعني فور إنهائي تصوير الفيلم.

·        كيف تفسر ظهورك في كل أفلام السينمائي تيم بورتون منذ سنوات وحتى اليوم؟

- أنا وبورتون صديقان قديمان جداً وكل منا يقدر العمل الفني للثاني. ونحن أبرمنا اتفاقاً ينص على أن أكون أنا بطل كل أفلامه، على الأقل طالما أن كل واحد منا يظل يرغب في احترام الاتفاقية.

·        كيف تفسر شعبيتك العالمية؟

- أعتقد بأنها نتيجة التقدير الذي أوليه لجمهوري في كل المناسبات. أنا مدين للجمهور بنجاحي، وهو على دراية بالأمر وعلى يقين كذلك بأنني لا أنسى هذا الأمر. وغير ذلك فأنا أحب عملي وأتقنه قدر المستطاع.

الحياة اللندنية في

04.07.2014

 
 

مثقف يبحث عن منهجيّة سينمائية جديدة

القاهرة - أمل الجمل 

يمكن وصف السينمائي التونسي الشاب حمزة عوني بالمثقف العضوي كما عرّفه المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي. وعلى رغم أنه لا يزال في أول الطريق، حقّق فيلمه الوثائقي الطويل الأول «جمل البرّوطة» نجاحات عدة، ما مكنه من أن يواصل الآن العمل على مشروع آخر له كان قد بدأ العمل عليه منذ عام 2005 في عنوان «المدسطنسي» معتبراً إياه محاولة لفهم حقبة من تاريخ تونس غير الرسمي من دون إقصاء أو تحامل. «الحياة» سألته عن تجربته الأولى في محاولة لسبر أغوارها فكان الحوار الآتي:

·        اخترت لفيلمك عنواناً باللغة العربية هو «جمل البرّوطة»، لكنك كتبت أسفله بالإنكليزية «الجورت» Elgort وكأنها مرادف، أو رمز؟

- «البرّوطة» مكان مغلق دائري الشّكل له باب صغير، وداخله بئر. يُدخلون إليه الجمل صغيراً ويربطونه بلوح متّصل بالبئر، مهمته الدوران مغمض العينين لإخراج الماء. وهكذا يقضي الجمل سنوات حياته في الدوران حتى يهرم، ويعجز كليّاً عن العمل. أما الباب الذي أُدخل منه صغيراً فلم يعد كافياً لخروجه، لأنّ حجمه تضخّم، فهل يتم هدم «البرّوطة»؟! لا، سيتم ذبح الجمل لإخراجه قطعاً صغيرة، واستبداله بآخر. يكاد يجمع أهالي بلدة المحمدية أنّ ممارسي المهن الفلاحيّة داخلها يشبهون ذلك الجمل في معاناته. فهم يشتغلون داخل شاحنات أشكالها متشابهة إمّا مليئة بالعلف «القرط» أو فارغة. نفاجأ أحياناً باحتراق إحداها صيفاً، والجميع داخل المنطقة لا يتحدث إلّا عن أسباب احتراق تلك الشّاحنة الميتة، ومصير صاحبها الذي بقي على قيد الحياة. كل ّمن يمارس هذه المهنة على اختلاف أصنافها يسمى «قراط»، و «القراطة» داخل المحمّدية يعدّون بالمئات، يتوارثون المهنة عن آبائهم، ويخلفونها ميراثاً لأبنائهم، حتّى ارتبط اسم المحمّدية بـ «القرط».

علاقة أبوية

·        ماذا عن علاقتك بوالدك ورؤيتك لعمله في «القرط»؟

- كانت علاقتي بوالدي معقدة جداً، أما رؤيتي لعمله فكانت جد سطحية قبل تصوير الفيلم، على رغم مشاهدتي العمال والشّاحنات يومياً. كنت أتصور أني أعلم عنها الكثير، لأنّ والدي أنفق أكثر من ثلاثين سنة من عمره داخلها، يتوسد «بالة القرط» ويستنشق رائحتها. عندما تعرّفت إلى كواليس وخفايا مهنته التي كانت تبدو لي ظاهريّاً بسيطة وسهلة، فوجئت وصدمت بالتعقيدات والصعوبات التي تعترض «القراطة» عند ممارسة عملهم، حتّى تجبرهم على الانتقال من شخصيّة إلى شخصيّة، من مزاج إلى مزاج، من وضعيّة إلى وضعيّة، من منطلقات إلى منطلقات، بالتّالي من تاريخ إلى تاريخ. حاولت تفهم والدي، لأني لو كنت مكانه لرفضتها، على رغم احترامي الكبير لكل من يمارسها.

·        هل معاناة والدك في تلك المهنة لعبت دوراً في اختيار موضوع فيلمك؟

- أكيد، اختياري السّينما وهذا الموضوع جاء انطلاقاً من وعيي النّسبي طبعاً، لمشاكل الإنسان التونسي، تطلّعاته، هواجسه، مشاكله، تناقضاته، أحلامه، نكساته، وحتى لا أموت قهراً ذات صيف مثلما مات والدي الذي بقي يمارس هده المهنة لسنوات طويلة من دون أي اعتراف به. ربما أعلم جيداً ماذا أعطى والدي لوطني، لكني لا أعلم ماذا أعطى وطني لوالدي، في هذا الفيلم حاولت المعرفة. كان شغلي الشّاغل الذي وضعت فيه أمّهات المشاكل التي أعتبرها أساسيّة، ولأنّي أؤمن بسينما الآن والهُنا، وأكره الإسقاطات والغمز واللّمز، وأريد تسمية الأشياء بأسمائها.

كذلك لأني فقدت أشخاصاً كانوا مهمّين لي ولأبناء جيلي، أشخاصاً كان لديهم حلم جماعي كبير للبلاد، ومضوا من دون أي اعتراف بهم. بعضهم دخل السّجون، بعضهم قاوم، وهناك مَنْ مات، ولم يسمع بهم أحد في كل البلدان العربيّة. ليسوا فقط أدباء وفنّانين، لكن أيضاً مواطنون عاديّون في المعارضة، حاولوا إيصال أصواتهم فلم يحققوا هدفهم.

وهناك أشخاص ما زالوا موجودين إلى الآن، ولا يتحدّث عنهم أحد، كأنّهم منفيون في وطنهم. هكذا، انطلقت فكره الفيلم حتّى نكون يقظين، وتكون لنا الجرأة في أي مكان، وأي زمان، لتحديد المشاكل والمسؤوليّات، فنتحدّى خوفنا، ونتصدى للنسيان.

·        كيف عملت على بناء فيلمك الذي استغرق ست سنوات عمل؟

- دخلت الفيلم بالثوابت التي لديّ، والمتحولات التي فيّ، بدمي وعقلي، بمراجعي، بحيرتي، وبكثرة الجهد، بقراءة للواقع التونسي. فليس الموضوع وحده هو المهمّ، ولكن طريقة طرحه أهم. منهجيّة وسلامة الطّرح، الموضوعيّة وعدم التّحامل، إعطاء الكلمة لهذا وذاك، الوعي لهذه المشاكل ولوجوديتها، لأنها ربما تقتل الإنسان، من دون نسيان أنّي أمارس فنّاً راقياً. كذلك لأنّي أعتبر أن قساوة العمل السّينمائي، أي قساوة الحياة، تفرض عليّ تغيير الآليات، حتّى أفاجئ المتفرّج ولا أعيد ما سبقني إليه غيري. هذا يتطلّب عملاً وجهداً طويلاً لأشهر وربّما لسنوات عدة.

سهل وممتنع

·        تقول إنك منذ البداية أردت التّقشّف، فكيف وصلت إليه في ظل هذه الجماليات؟

- وصلت إليه شيئاً فشيئاً. إنه السّهل الممتنع، هو صعب، لكنه سهل أيضاً. ومن هنا جاء اختياري الثّابت، بعد بحث طويل لأماكن التّصوير التي أردتها مغلّفة بالخوف والشّك والسّواد، داخل فضاء سينمائي فقير لفسح المجال لقوّة التّعبير، وذلك لحرصي على ألا تفقد السينما شاعريتها. فقد أردت إلغاء كلّ ما هو عنصر جمالي، ناتج عن إرادة في الدّيكور أبهِر بها المتفرّج، وربّما تخلق لديه انتظارات معيّنة. هذا الرهان جعل فضاءات الفيلم تزداد قتامة، وسواداً، وجعل الكاميرا في درجة من اليقظة، ومن الوعي ومن الانتظار، وشخصيّات الفيلم في درجة من العطاء، حتّى يتواصلوا، لأنّ هذا الاختيار يكاد في كلّ وقت يكشف، ويعرّي الشّخصيات والمتفرّج. المتفرّج الذي حاولت أن أخلق لديه نوعاً من الاضطراب، لأنّ وضع المرآة الذي سيجد نفسه فيه شيء مهم للتّواصل.

·        هل تتبعت حياة هذه الشخصيات في البدء ورصدتها، وأقمت معهم صداقة ورسمت سيناريو – على الأقل مبدئي - لعملك؟ أم إنك كنت تترقب الهدايا السماوية والفرص التي تتاح لك؟

- المعالجة السينمائية الأولى التي كتبتها كانت تتناول المهنة منذ انطلاقها بالمحمدية في عشرينات القرن الماضي حتى يومنا هذا، من خلال عائلة والدتي، حيث اخترت بعضهم كشخصيات رئيسية، وبالفعل قمت بتصوير جدي 94 سنة، خالي 63 سنة، وابنه 22 سنة، وخال آخر 42 سنة. القاسم المشترك بينهم هو المهنة التي توارثوها أباً عن جد. إضافة إلى كثير من الشخصيات الثانوية الأخرى التي تُظهر تعاقب الأجيال. لكن، في داخلي لم أكن مقتنعاً، لأن معظمهم كان غير مؤمن بفكرة الفيلم، وقَبِل التصوير مجاملة أو طمعاً، إلى أن ظهر خيري الذي لا يمت لي بأية قرابة، لكني أعرفه منذ طفولته. في تلك اللحظة شيء ما غامض بداخلي أكد لي أنه الشخص المناسب الذي أبحث عنه، والذي ينتظره الفيلم، بخاصة أنه كان متحمساً جداً للفكرة، وجاءت المبادرة الأولى منه عندما اقترح علي بطريقة غير مباشرة وذكية جداً تصويره. بعد جلسات عدة ومطولة اتفقنا، لكني فوجئت به في اليوم الأول للتصوير يأتي برفقة محمد العقربي (وشواشة)، ويطلب مني تصويرهما معاً، لا أعلم لماذا؟ ولم أتردد لحظة واحدة، فواصلت الطريق معهما، برفقة عائلة والدتي.

·        ثمة تغييرات أخرى حدثت أثناء المونتاج؟

- عام 2009 بدأت الخطوات الأولى للمونتاج، في البداية كنت وفياً للمعالجة التي كتبتها، على رغم تركيزي الواضح على خيري ووشواشة، لكن بعد أشهر طويلة في المونتاج تأكدت أنهما الوحيدان الأكثر قدرة على العطاء، والفهم. كان لديهما طاقة كبيرة، ما جعلني أعيد كتابة الفيلم من جديد حتّى تمكّنت من السّيناريو، والفكرة الرّئيسيّة، والعمود الفقري، والتّفرّعات المُثلى. عدت إلى التصوير مرة أخرى وكان تركيزي التام عليهما، حتى تكلما بكلّ حريّة، ومن دون وصاية أو رقابة من أي طرف، انطلاقاً من وعيهما لحاضرهما ولماضيهما، واهتممت أكثر بالوضعيّة التي يعيشانها، حتّى وصلت معهما بطريقة ملحميّة مباشرتيّة لإتمام الفيلم.

·        كيف نجحت في بناء تلك العلاقة القوية من الثقة مع الأشخاص، فجعلتهم يتحدثون عن أدق خصوصيات حياتهم بكل تلك المكاشفة؟

- حاولت خلق رابط متين معهم، مبني على الاحترام، والثقة، والحب. لأنّي أردت إخراج الفيلم معهم وليس عنهم. كيف يعيشون؟ وجهة نظرهم؟ كيف يحاكمون، ويواجهون أنفسهم؟ بالتّالي مصيرهم. ما هو معنى الحياة بالنسبة لديهم؟ وحاولت من خلال شهاداتهم، ليس فقط إبراز حياتهم الصعبة ومشاكلها، لكن إظهار الأحاسيس المرهفة لديهم، ذكائهم، كرمهم، تربيتهم، وحبهم الكبير لكلّ ما هو جميل على هذه الأرض، وذلك في انسجام معهم من دون الوقوع في فخّ التعاطف المزيف، أو الحكم عليهم.

·        عندما أقدم خيري على الانتحار كنت آنذاك في حالة بطالة، وكان الفيلم مجمداً في انتظار التمويل. كيف تلقيت خبر محاولة الانتحار؟ وهل ترددت في تصويره أم حسمت أمرك؟

- لم ولن أنسى تلك الليلة عندما رن جرس هاتفي، وجاء معه ذلك الخبر كالصاعقة. صدمت، ودخلت في حالة هستيرية لا أستطيع وصفها، فقد كان معي منذ ساعات ولأول مرة أبكي. لم أفكر في الفيلم، كل همي كان إنقاذه وعدم اعتباره رقماً يمضي. رفضت تصويره داخل المستشفى، على رغم إلحاح الأصدقاء، كذلك رفضت استعمال الصور التي التقطها أحد الشبان له عند إضرامه النار في جسده. غريزة المخرج عادت إليَّ عندما بدأ يتماثل للشفاء تدريجاً.

الحياة اللندنية في

04.07.2014

 
 

سأنتصر للمرأة في أفلامي حتى النهاية

القاهرة - روان محمد 

أكدت الفنانة إلهام شاهين أنها ستنتهي خلال الأيام المقبلة من تصوير المشاهد القليلة المتبقية من فيلم «يوم للستات»، إذ سيكون فريق العمل المشارك معها في الفيلم قد انتهى من تصوير المسلسلات الرمضانية.

وأضافت شاهين في حوارها مع «الحياة» أن الفيلم يشارك في بطولته كل من نيللي كريم، محمود حميدة، فاروق الفيشاوي، هالة صدقي، إياد نصار، سماح أنور، أحمد الفيشاوي، ناهد السباعي، أحمد داود، طارق التلمساني، شيماء سيف وهو من إخراج كاملة أبو ذكري، وتأليف هناء عطية. أما إلهام شاهين فتقوم بإنتاجه على نفقتها الخاصة على رغم تعرضها لخسائر مادية في أعمال سابقة. فهي «مقتنعة بأن المادة ليس كل شيء». بخاصة ان نوعية الأفلام التي تقدمها لن يتحمس لها أي منتج موجود حالياً في السوق، «هناك خلط كبير عند الكثيرين بالنسبة لموضوع إنتاج أعمالي ففيلم «واحد صفر» ليس من إنتاجي لكنه من إنتاج جهاز السينما، أما «خلطة فوزية» فهو من إنتاجي، وكذلك «يوم للستات».

بطولة جماعية

وأوضحت شاهين أنها قصدت الاستعانة بالعديد من النجوم في فيلمها الجديد، من أجل أن تقدم «عملاً سينمائياً ضخماً»، مشيرة إلى أن الفيلم متشعب ومتشابك ويحكي العديد من القصص التي تلامس الغالبية العظمى من أبناء الشعب، «حيث إن العمل قائم على البطولة الجماعية».

وتدور أحداث الفيلم حول المرأة المصرية الفقيرة الجاهلة التي مازالت تتعرض للقهر، وكيف أن المجتمع هو من يتحكم في مصيرها، خصوصاً أن حريتها لم تعد في يدها. وحول هذا الأمر تضيف شاهين: «تستغرق أحداث الفيلم مدار عام كامل، حتى وإن بدا عنوانه اسماً مخادعاً حيث ان العنوان، «يوم للستات» أوحى لبعضهم أن الفيلم يدور في يوم واحد فقط. لقد كان المقصود من العنوان مختلفاً وهو يتعلق بإنشاء حمام سباحة داخل مركز للشباب في حارة شعبية يخصص منه يوم واحد في الأسبوع للستات. وبالتالي يكون الأمر حدثاً بالنسبة للحارة. فكيف يتم بناء حمام السباحة؟ وكيف يمكن للسيدات أن ينزلن فيه؟ والحمام هو هنا في الحقيقة إسقاط على إحساس المرأة بالحرية والنظافة، لكنه سرعان ما يتحول إلى رمز لحرية المرأة، بحيث ان هذا اليوم الأسبوعي الذي ينزلن فيه الى حمام السباحة يؤثر عميقاً في نظرتهن الى المجتمع وحياتهن ونظرتهن إلى الرجل وعلاقتهن به، بخاصة انه كذلك يتحول الى يوم راحة من الطبخ والغسيل والتنظيف ومن الاعتناء بالأطفال وغيرها من همومهن الحياتية. يصبح بالأحرى يوماً لغسيل الهموم فيؤثر فيهن بشكل كبير للغاية، وبالطبع كل سيدة منهن لديها قصة مختلفة عن الأخرى، وسنشاهد بعد ذلك كيف تغيرت النساء وكيف سيجبرن الرجال على قبول هذا التغيير».

الإنقاذ المطلوب

واعتبرت شاهين أن الدافع الشخصي لديها وراء تقديمها أعمالاً تناقش قضايا مهمة، يرجع إلى أنها لا تستطيع في أعمالها أن تقدم قضايا تجارية لمجرد التسلية، معتبرة أنه على الغيورين على السينما أن ينقذوها من بعض المنتجين الذين أفسدوها وجعلوها تقتصر على سينما الرقص والتهريج والأهزوجات الشعبوية «التي لا تعبر عن واقعنا وطبيعة مشاكله والمجتمع بعيد تماماً عنها».

وأعربت إلهام شاهين عن نيتها المشاركة بفيلمها الجديد «يوم للستات»، في العديد من المهرجانات الفنية المحلية والدولية التي ستقام خلال الفترة المقبلة مؤكدة أن الفضل وراء ذلك، سيكون لقوة الفيلم، وتعبيره عن قضايا مهمة وحيوية، تمس واقع المرأة المصرية، التي تم تجاهلها، وتهميش دورها، عبر فترات طويلة من التاريخ القديم والحديث رغم أهمية دورها. وهذا ما تأكد للجميع في الانتخابات الرئاسية الأخيرة حيث كانت مشاركة المرأة الأساسية إيجابية للغاية وشهد على هذا الأمر العالم كله».

وأكدت شاهين أخيراً أنها ستنتصر للمرأة في أفلامها حتى النهاية لتأخذ حقوقها كاملة، «فرغم أن النساء استطعن أن يحصلن على حقوق كثيرة، وتولين مناصب عدة، تقول إلهام شاهين ان من أهدافها الحديث ليس فقط عن «السيدة التي تحارب لتصل إلى حقوقها والتي تنافس الرجال في كل المجالات»، بل التركيز أيضاً على «السيدة البسيطة التي لم تحصل على التعليم أو التي لا بد أن تعتمد على رجل، أو العكس تلك البسيطة التي يعتمد عليها غيرها وتخرج لتعمل بالإضافة إلى نماذج نسائية عدة لهن قصص وحكايات مع الحياة اللاتي يعشن فيها».

وعطفاً على هذا كله طالبت إلهام المهتمين بصناعة السينما المصرية بالتكاتف من أجل دعمها بخاصة في ظل التحديات الهائلة التي تواجهها «الجمهور من حقه أن يشاهد أعمالاً سينمائية جادة تناقش قضايا ومواضيع حياتية مهمة كما أن هناك مشاكل لا بد من حلها مثل قرصنة الأفلام بعد عرضها بأيام قليلة في دور العرض وهو ما يتسبب في خسائر كبيرة لجهات الإنتاج».

وتوقعت إلهام أن يشهد الفن المصري ازدهاراً خلال الفترة المقبلة خصوصاً مع استقرار البلاد وتوافر كل العناصر البشرية والإنتاجية لتقديم أعمال متميزة خصوصاً في السينما المصرية التي دائماً ما تبهر العالم بأفلام قوية.

الحياة اللندنية في

04.07.2014

 
 

ميل غيبسون يخطف جائزة «كرة الكريستال» 

السجادة الحمراء في كارلوفي فاري ستكون هذا المساء على موعد مع الممثل والمخرج الأميركي ميل غيبسون الذي سيتسلم أرفع جوائز المهرجان في دورته الـ49، جائزة «كرة الكريستال» تقديراً لـ «مساهمته المتميزة في عالم السينما»، هو الحاصل على «أوسكارين» و»غولدن غلوب» إضافة الى نحو ثلاث دزينات من الجوائز الأخرى المهمة.

ولا شك في أن مسيرة ميل غيبسون الفنية عرفت طلعات ونزلات كثيرة، هو الذي عرف كيف يجمع بين التمثيل والتأليف والإخراج والإنتاج في آن واحد. فمن لا يتذكر فيلم «قلب شجاع» (Braveheart) الذي حصد 5 جوائز أوسكار عام 2005، بينها أفضل مخرج لميل غيبسون. ومن لم يسمع بالضجة التي أحدثها فيلمه آلام السيد المسيح (Passion of the Christ) إبان نزوله في الصالات السينمائية عام 2004. ومن لم يحّرك فضوله فيلم «أبوكاليبتو» الذي صوّر فيه غيبسون امبرطورية المايا المتهاوية قبل سقوطها.

محطات سينمائية كثيرة أضاءت مسيرة هذا الفنان الأميركي الذي وبفعل لكنته المميزة ظنه كثر انه يحمل الجنسية الأسترالية. لكنّ الممثل الوسيم الذي اختارته مجلة «بيبول» أكثر الرجال إثارة، فاجأ الجميع بكونه أميركياً هو الذي ولد في مدينة نيويورك عام 1956 قبل ان تسافر عائلته الى أستراليا وهو في الثانية عشرة من عمره، فكانت انطلاقته الفنية من خشبة المسرح هناك. وسرعان ما دخل عالم الفن السابع، حيث حصد جائزة أفضل ممثل أسترالي. وفي عام 1979 كانت انطلاقته الأميركية، فذاع صيته دولياً، وعرف شهرة كبيرة من خلال الدور الرئيسي الذي أداه في فيلم «ماد ماكس» لجورج ميللر، ثم توالت الأعمال في السينما الأميركية مع أفلام مثل «ذي بونتي» و»بيرد اون أ فاير» و»فوريفر يونغ» و»مافيريك» و»ذي مان ويذاوت أ فايس»، بين أفلام أخرى تراوحت بين السينما الكوميدية والتاريخية والاجتماعية.

لكنّ مسيرة ميل غيبسون الحافلة بالإنجازات لم تقه من انخفاض شعبيته، خصوصاً في الأوساط اليهودية بعد توجيهه عبارات معادية للسامية في وجه ضابط شرطة يهودي اعتقله عام 2008 وهو يقود سيارته مخموراً. ولا شك في ان قوله إن «اليهود مسؤولون عن كل الحروب في التاريخ» أثار استياء كبيراً عند اللوبي اليهودي، فحُكم عليه بثلاث سنوات من الرقابة القضائية ودفع غرامة بلغت 1300 دولار.

وعلى رغم اعتذار غيبسون عما صدر منه، مبرراً الأمر بأنه كان تحت تأثير الكحول، إلا أن التهمة عادت ولاحقته من جديد عام 2012 عندما اتهمه المؤلف السينمائي جو استرهاز بأنه يتعمد تأجيل إنتاج فيلم عن بطل يهودي شهير (يهوذا المكابي الذي يعتبره اليهود من زعماء القرن الثاني قبل الميلاد وأحد المناضلين من أجل الحرية) لأنه «يكره اليهود»، علماً أن شركة «وارنر براذرز» أوقفت العمل على هذا العمل الذي كان سيخرجه غيبسون بسبب انتقادات فنية للسيناريو.

وقبل أيام، عاد هذا الحديث الى الواجهة مجدداً، بعدما دافع الممثل البريطاني غاري اولدمان في إحدى مقابلاته عن زميله قائلاً: «ميل غيبسون يعيش في مدينة يديرها اليهود، ما جعل الجميع يقولون عنه إنه عضّ اليد التي أطعمته... تلك اليد قررت عدم إطعامه مرة أخرى بسبب تصريحاته، وسرعان ما تحوّل غيبسون بعد ذلك إلى منبوذ مثله مثل المصاب بالمرض... الجميع ينفر منه». هذا التصريح أثار سخطاً في الأوساط اليهودية، فحملت مثلاً «جمعية مناهضة لمعاداة السامية» (انتي ديفاميشن ليغ) على الممثل البريطاني ونددت بتصريحاته قائلة ان أولدمان «عليه فعل امور افضل من تكرار النظرية القديمة المعادية للسامية بأن اليهود يسيطرون على هوليوود».

ويبقى السؤال، هل سيثير تكريم ميل غيبسون في كارلوفي فاري استياء ما؟

الحياة اللندنية في

04.07.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)