كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

سينما بونغ جون هو.. تمزج السهل والصعب

هوليوود تستقبل المخرج الكوري بشروطها

لندن: محمد رضا

 

في زيارته لمهرجان بوسان السينمائي الدولي الذي يقام قرب نهاية كل عام، قال كوينتين تارنتينو عن نفسه: «أنا طالب في السينما واليوم الذي أتخرج فيه هو اليوم الذي أموت فيه»، كلمات رائعة تصف مبدأ يحتذى به بين كل عاشقي السينما بصرف النظر عن مهنهم فيها. لكن تورنتينو قال أيضا وفي المناسبة ذاتها: «أنا هنا لكي التقي مع بونغ جون - هو، بين كل مخرجي السنوات العشرين الأخيرة، وحده لديه شيء مشترك مع ستيفن سبيلبرغ وهو مستوى من الترفيه في أعماله التي هي تحف عظيمة بطريقته الخاصة».
ربما شط تارنتينو هنا قليلا، لكن الرسالة وصلت، بونغ جون - هو مخرج كوري جنوبي قوي الحضور على أكثر من جبهة داخل بلاده ويشتغل أفلامه بعناية كبيرة ويحرص على تحقيق أفلام تنتمي إلى «النوع» أو (Genre) لكنها لا تلتزم به كليا؛ لذلك في حين أن غالبية أعماله جادة في النوع الذي اختارته (دراما، تشويق، رعب.. الخ) هناك تلك المشاهد التي يبدو فيها كما لو كان يمازح مشاهديه وينتقد نفسه وجديته.

* أم وقطار

على أن تلك الميزة، إذا ما كانت فعلا كذلك، تأخذ حيزا ثانويا أمام قوة العناصر البصرية التي تشغل الشاشة في أفلام هذا المخرج الكوري (مولود في رابع أكبر مدن كوريا الجنوبية وهي دايغو سنة 1969). لا يمكن مثلا أن تشاهد فيلمه الواقع على الحافة بين الدراما النفسية والاجتماعية من دون أن تبهرك لقطاته المدروسة، سواء تلك التي تنفرد بها بطلة الفيلم هاي - جا كيم، أو تلك المشحونة بالعنف الواضح كما المستتر التي تجمعها وشخصيات أخرى، مثل ابنها المتهم بجريمة تريد أن تبرئه منها، أو المحقق الذي مل النظر إلى هذه القضية ويريد أن يطوي صفحتها، أو تلك المشاهد التي هي محور القضية عندما تتعرض فيها طالبة في المدرسة إلى اعتداء جنسي من قبل مجهول.

ذلك الفيلم الذي أنجز بضعة جوائز في مهرجان «الفيلم الآسيوي» سنة 2010، كان قراءة داكنة في مجتمع متغير لا يمنحه المخرج دراسته لظواهره بل يعكسها متجسدة في المزج بين تربة الحياة الكورية الخاصة والحدث الخيالي الواقع.

«أم» كان فيلما داكنا من دون أن يكون مسودا، على الرغم من مشاهده النهارية الساطعة، فإن البحث المتفائل عن علاقات أفضل بين أطراف البشر فيه غير موجود، وهذا ما يعكسه مجددا في فيلمه الجديد الذي هو أول فيلم له بالإنجليزية وعنوانه «ثاقب الثلج» Snowpiercer الذي يفتتح هذا الأسبوع في الولايات المتحدة وسط اهتمام نقدي وإعلامي يستحقه ذلك المخرج الآتي من بعيد.

إنه فيلم مستقبلي تقع أحداثه بعد 17 سنة على قيام مؤسسات علمية مختلفة بمحاولة معالجة مشكلة سخونة الطبقات الجوية، فإذا بالنتائج تنقلب عكس ما كان يؤمل منها؛ مما يتسبب في دخول العالم عصرا جليديا جديدا، الناجون من المحنة قليلون، وهم الآن في ذلك القطار المنطلق بلا هدف.

بما أن العالم لا يتعلم من أخطائه، فإن التراكمات اللا إنسانية حاضرة من سيطرة فريق صغير على الغالبية العظمى، وحتى فداحة العقوبات على المخالفين التي قد تشمل كسر يد أو خلع ذراع، النتيجة، أن هناك طبقتين؛ حاكمة ومحكومة، ثرية وفقيرة، والثورة هي الحل، بذلك يطرح بونغ جون - هو القطار كوضع مجازي لعالم مستقبلي ومنه لعالمنا اليوم مع اختلاف المواقع والناس والكوارث.

* مقص التوزيع

هذا موضوع مختلف عن مواضيع المخرج السابقة، لقد انشغل سابقا بحكايات تبقى ضمن موضوع لا تتمدد مجازاته في هذه الاتجاهات - إذا ما وجدت، على ذلك، المناسبة تتيح له أن يخرج عن طوعه فقد اقتبس المادة من مجموعة روايات كوميكس فرنسية وضعها جاك لوب وبنجامين ليغراند وجان - مارك روشيه، ولم يلتقطها مخرج أو منتج فرنسي بل سارع إليها جون - هو واجدا أن فرصته الأمثل فيلمه الأول بالإنجليزية، مختارا - لهذه الغاية - ممثلين أميركيين وبريطانيين، منهم الأميركيان إد هاريس، وكريس إيفانز، والبريطانيون تيلدا سوينتون، وجايمي بل، وجون هارت إلى جانب وجوه كورية يتقدمها الممثل الكوري ذو الخلفية المسرحية سونغ كانغ - هو.

لكن الطريق إلى هوليوود تعترضها مشكلات، فعندما قام جون - هو بتحقيق هذا الفيلم صاغه في نحو ثلاث ساعات رآها ضرورية لسرد أحداث تتشبع زمانا ومكانا وتعبر عن مراحل حكايته، لكن حين جاء وقت توزيع الفيلم في الولايات المتحدة أصرت شركة وينستين على قطع الفيلم إلى نسخته الحالية التي تبلغ ساعتين و16 دقيقة (من بينها عشر دقائق للأسماء الواردة في الختام).

بذلك تكون الشركة دخلت في مشكلة ثانية تلي المشكلة التي وقعت بينها وبين «غريس موناكو» (Grace of Monaco) الذي، كما أوردنا سابقا، وجد نفسه محط نزاع بين مخرجه أوليفييه داهان وموزعيه الأميركيين حول مفهوم العمل ككل، ففي حين رآه الأول انعكاسا فرنسيا ناطقا بالإنجليزية عن حياة غريس كيلي ومن خلفها القصر الملكي لموناكو، لم يكترث الأخوان وينستين بكل ذلك بل أرادا فيلما عن غريس كيلي وصراعها بين أن تعود ممثلة أو تبقى أميرة.

طبعا الحال مع «ثاقب الثلج» يختلف إذ هو مجرد الرغبة في اختصار مدته الزمنية حتى يتاح لصالات السينما عرضه أربع مرات في اليوم، عوضا عن ثلاث مرات. المخرج جون - هو وافق على مضض واعدا[ الدول الأخرى بتقديم نسخة كاملة ولو بعد حين.

* أسلوب خاص

بونغ جون - هو في واقعه اليوم واحد من المشتغلين على الجمع بين الفن وبين نظام النوع، المقصود هنا هو ضخ رؤية فنية/ ذاتية في أفلام تنتمي إلى أشكالها وتصنيفاتها المعهودة (رعب، خيال علمي، درامات متنوعة، كوميديا.. الخ)، وهو ليس الوحيد في هذا الصدد بل إن كل سينما «الفيلم نوار» البوليسية في الأربعينات قامت على أساس مشابه، لكن حياكة هذا النوع من الأفلام هو الذي بات أصعب منالا مما كان عليه في معظم مراحل الأمس
عندما قام جون - هو بتحقيق «مفكرات جريمة» (2003) اضطر لترك نهايات مفتوحة لصعوبة إيجاد الجسور بين ما يود النفاذ إليه وبين شروط الفيلم المصنف، في فيلمه التالي «المضيف» (2006) اضطر لتغليب الرعب على الذاتي؛ مما جعل نقادا يعدون أنه في الواقع يحاول رفع الأفلام العادية إلى أسلوبه الخاص في معالجتها مما يجعل الفيلم أثقل من أن يتحمل هذا المزيج.

لكن الحقيقة أن جون - هو ينجح دائما في التغلب على مشكلاته المنتمية للهوية الفنية النهائية لأعماله، ففيلمه الروائي الطويل الأول «الكلاب النابحة لا تعض» (2000)، الذي ورد بعد ثلاثة أفلام قصيرة له، كان عملا سورياليا منحه المخرج هزلا مناسبا؛ مما جعله ينجز عبره عملية لفت اهتمام مكنته من تحقيق فيلمه التالي «مفكرات جريمة» بحرية أوسع، هذا الفيلم القائم على تحقيقات جنائية مستوحاة من قضايا واقعية، كان تذكرته لفتح البؤرة على الحس الاجتماعي على النحو ذاته الذي مارسه الأميركي ديفيد فينشر، مثلا، في «زودياك». بينما جاء «المُضيف» أقرب إلى الترفيه الذي كان سبيلبرغ يعمد إليه في أعماله الأولى، والرابط المشترك بين فيلم جون - هو و«جوراسيك بارك»، مثلا، هو أنهما يدوران حول الوحوش الكاسرة التي تبحث بين البشر عن وليمة جاهزة.

* التجربة الأميركية

* هناك عشرات المخرجين الأوروبيين والآسيويين الذين جربوا حظوظهم في السينما الأميركية منذ أيامها الصامتة وإلى اليوم، هذا غير الذين بقوا هناك وأنجزوا كل أفلامهم اللاحقة في هوليوود، من الفريق الأول مثلا الألماني «ف. و. مورناو» عندما حقق «شروق» سنة 1927، ومنهم أيضا الفرنسي جان رنوار عندما أخرج «مياه المستنقعات» سنة 1941. والإسباني لوي بونويل كانت له مغامرته الخاصة سنة 1954 عندما أخرج نسخته من رواية «روبنسون كروزو».

شاشة الناقد

حرب سرية

الفيلم: «ترانسفورمرز: عصر الإبادة» Transformers: Age of Extinction

إخراج: مايكل باي Michael Bay

أدوار أولى: مارك وولبرغ، ستانلي توشي، كيلسي غرامر، نيكولا بلتز، جاك راينور.

تقييم الناقد:(1*) 

إذا كنت تبحث عن شاحنة قديمة تشتريها راجع تاريخ السيارة بعناية، فقد تكون تلك التي خاضت غمار حروب «ترانسفورمرز» وانتهت إلى مرآب سيارات بلا عمل أو حركة. إنها شاحنة تستطيع أن تخوض المعارك وتتحول من مجرد عربة بعجلات ومحرك قوي إلى قوة دافعة تذود عن كوكب الأرض بأسره، فهي ليست شاحنة من صنع البشر بل لها اسم مميز يحفظه من دأب على مشاهدة سلسلة «ترانسفورمرز» منذ بدايتها هو أوبتيموس برايم.

الرجل الذي يبحث عن وسيلة لإنقاذ منزله من البيع ولدفع فواتير المدرسة لابنه، والذي يجد هذه الشاحنة فيقرر أن يفكها ويبيعها، اسمه كايد ييغر (مارك وولبرغ) لا يبدو أنه شاهد أيا من أفلام هذه السلسلة من قبل، لذلك لم يكتشف، وهو يقودها من مرآب الشركة إلى مرآب منزله، حقيقة أمرها إلا بعد حين، لكن المفاجأة من نصيبه وحده، أما الجمهور فقد سبقه لمعرفة الفيلم بأسره حتى قبل ساعتين من نهايته.

ييغر هو بطل هذا الفيلم، الذي هو إعادة تشغيل للجزء الأول مع إضافة أحداث جديدة؛ بحيث لا يضطر لتكرار ما ورد سابقا، يحاول أن يسدد ديونه في الوقت الذي يواصل توجيه ابنته الجميلة (نيكولا بلتز) منتقدا حريتها الزائدة: «تنورتك تزداد قصرا كل مرة ترتديها» و«التقبيل غير مسموح به في بيتي». وهو يتوجه إلينا مكررا حتى لا ننسى «أنا مخترع».. طبعا لا نرى كثيرا من هذه الاختراعات، لكنه يذكرني ببطل الحلقات الثلاث الأولى شايا لابوف الذي كرر في الجزء الثالث عبارة «لقد أنقذت الأرض أكثر من مرة».

مشكلات كايد ييغر تلتقي ومشكلات أكبر حجما منه ستدفع بالشاحنة التي تجيد كل شيء باستثناء صنع البيتزا، للذود عنه ومساعدته على دحر أشرار الكون وفي مقدمتهم، وحسب الفيلم، مسؤول في وكالة المخابرات الأميركية (كلسي غرامر) الذي يقود الحرب ضد المخلوقات الميكانيكية منذ سنوات

حسب هذا السيناريو فإن هذه الحرب الضخمة خفية على الحكومة ولا يعلم البيت الأبيض بها رغم أن نصف مدينة شيكاغو سقطت مدمرة بسببها! الغاية من وراء تدمير تلك المخلوقات ليست نبيلة، بل تجري بالاتفاق مع مستثمر اسمه جوشوا يريد استغلالها في مشاريع علمية. ونراه لا يقل عن كايد ييغر في اعتزاره بأفعاله عارضا إحدى تجارب مؤسسته عندما يحرك شيئا مبهما من دون أن يلمسه فيحوله إلى راديو حينا، وإلى كرات صغيرة متلاصقة حينا آخر، وأيضا إلى مسدس وهو يقول: «أستطيع صنع أي شيء».

كان على المخرج مايكل باي أن يستعين به لعله كان يستطيع أن يحقق عملا أفضل من هذه الملهاة المضجّة والمكلفة التي تعاني من الترهل وعدم الاتساق، مع كبر حجم الفيلم من جزء إلى آخر، ومع الرغبة في حشد المزيد من الغرائبيات لجمهور لا يكف عن طلب المزيد، فإن الحاصل هو نوع من التكتل الشحمي الذي أدّى إلى انتفاخ وبدانة سلسلة «ترانسفورمرز» عوض أن يرفعها إلى فوق فتتقدم على ما جرى تحقيقه منها سابقا، ولا ينفع تسليتنا بمواقف بطله الأخلاقية إذا ما كانت نية المخرج التقاط بعض المشاهد للفتاة من أجل إظهار جمالها لا للقاء درامي مع المضمون، بل لمجرد تلبية ما يطلبه منه المشاهدون.

10-TOP

نجاح صاعق

* النجاح الذي أنجزه «ترانسفورمرز: عصر الإبادة» جاء صاعقا: مائة مليون دولار في ثلاثة أيام أميركية أولى و400 مليون حول العالم من بينها أكثر من 138 مليون دولار من الصين وحدها.
*
لكن على الرغم من ذلك كله، فإن هناك دلائل تشير إلى أن هذا النجاح لا يعكس نشاط الصيف السينمائي الحالي. يتبين هذا من تواضع أرقام معظم ما جرى طرحه من أفلام أخرى في الأسابيع القليلة الماضية مع سقوط محسوب لفيلم كلينت ايستوود «فتيان جيرسي» ولفيلم سث ماكفارلن «مليون طريقة للموت في الغرب» إلى جانب أخرى.

* الأفلام

(1*)1- Transformers: Age of Extinction: $100,038,390 

(2*)2- (2) 22 Jump Street: $15,842,375 

(3*)3- (3) How to Train Your Dragon 2: $13,237,697 

(1*)4- (1) Think Like a Man Too: $10,316,350 

(2*)5- (5) Maleficent: $8,477,620 

(3*)6- (4) Jersey Boys: $7,712,264 

(3*)7 (6) Edge of Tomorrow: $5,404,290 

(2*)8- (7) The Fault of Our Stars: $5,130,777 

(2*)9- (8) X - Men: Days of Future Past: $3,321,428 

(3*)10- (9) Godzilla: $1,090,228 

* حديثا علىDVD 

Road to Paloma

(3*) إنجاز مفاجئ فنيا للممثل القادم من حلبات المصارعة جاسون موماو مخرجا وممثلا (2014)

Under the Skin

(3*) سكارلت جوهانسن مخلوقة من الفضاء تقتل البشر قبل أن تكتشف أنهم أفضل شأنا (2013)

Urban Justice

(2*) ستيفن سيغال أنتج وقاد بطولة هذا الأكشن حول والد شرطي قتيل ينتقم من الأشرار (2007)

South of St. Louis

(3*) وسترن مشوق من بطولة جوويل ماكراي حول ثلاثة أصدقاء يتفرقون ثم تجمعهم الشدائد (1949)

سنوات السينما: 1944

المرأة هي السبب

«تأمين مزدوج» كان هدية المخرج بيلي وايلدر الثمينة لهواة الفيلم البوليسي في ذلك العام: دراما محبوكة وداكنة اشترك في كتابتها الروائي رايموند تشاندلر حول موظف شركة التأمين فرد ماكموري الذي وقع في حبائل باربرا ستانويك التي أقنعته بأن يجعل زوجها يوافق على التوقيع على عقد بتأمين إضافي تمهيدا لقتله، غايته كانت البقاء بجانبها، وغايتها كانت الإنفراد بالمال.
«
فيلم نوار» خرج في ذلك العام، و«لورا» لأوتو برمنجر وروبن مأموليان «واحد خلف الآخر» حول حب آخر من طرف واحد متمثل هذه المرّة بالتحري دانا أندروز الذي يحقق في جريمة ربما أقدمت عليها المرأة التي يحب جين تييرني.

المشهد

الناقد النجم

* «لم أكن لأحظى بمهنة في السينما لولاه» يقول المخرج التسجيلي إيرول موريس، والكلام ليس عائدا لوالده مثلا، أو لمنتج منحه الفرصة الأولى أو لمخرج عشق أفلامه، بل هو يتحدث عن ناقد سينمائي، هذا الناقد هو روجر إيبرت، أشهر نقاد أميركا.. هكذا كان قبل وبعد رحيله.
*
الفيلم المعروض حاليا في صالات متخصصة بطول وعرض الولايات المتحدة، «الحياة بذاتها» هو عمل تسجيلي من ستيف جيمس عن ذلك الناقد السينمائي الذي هو واحد من القلة التي تركت تأثيرها في المخرجين وفي المشاهدين على حد سواء، كان نجما لدى الاثنين معا. مارتن سكورسيزي يقول في الفيلم إنه لم يشعر بأن «نقد» روجر إيبرت كان هيمنة عليه. وفي الفيلم ذاته يتولى المخرج الألماني تحديد وجهة نظره في ذلك الناقد، فيقول: «هو جندي السينما».
*
كلمة لا أخفيكم أحب سماعها عني أو عن أي زميل آخر يكتب باللغة العربية. نعم، بعضنا مشهور والبعض الآخر مغمور، بعضنا لديه الصحيفة التي تؤمن به وبدوره وبعضنا لا يزال يبحث عن مثل هذه الفرصة، لكننا جميعا نحفر طريقنا بصعوبة تعود إلى أن معظم القراء مشغولون بالأخبار الخفيفة، تماما كما كان الحال في الستينات والسبعينات عندما كانت مجلات مثل «الكواكب» و«الشبكة» و«الموعد» هي الأعلى انتشارا في حين سقطت - تجاريا - كل المجلات التي أرادت معالجة السينما برصانة ولهدف ثقافي بحت. لا شيء تغير سوى أن التوجه بات صوب مواقع الإنترنت، ولو أن المجلات الثلاث ما زالت تتوالى في الصدور إلى اليوم.

* لا شيء ضد القراءة الخفيفة وفي الغرب عموما المشكلة ذاتها رغم أن عدد قراء النقد يتضاعف كثيرا عن عدده بين قراء العربية. لكن روجر إيبرت ظاهرة خرجت من حدودها الأميركية، بينما لم يخرج نقاد بريطانيون (مثلا) من حدودهم البريطانية تأثيرا أو صيتا.

* إلى ما سبق، مخرجونا لا يقرأون.. الحقيقة أن القليلين منهم يشاهدون الأفلام. ألا يقرأ الناقد النقد، إلا إذا عندما يحقق فيلما (وحتى ذلك ليس شرطا) فإن هذه مشكلة، أما ألا يرى أفلام السينما إلا فيما ندر، فهذه أزمة.

* رحيل مخرج

* عرف بول مازورسكي، المخرج الذي رحل في 30 من الشهر الماضي، مستويات مختلفة من الأفلام، وقف وراء أفلام قليلة التكلفة وأفلام رئيسة، حقق أعمالا عكس فيها حبه لسينما فديريكو فيلليني، وأعمالا أخرى أرادها خاصة به، أفلام مع نجوم وأفلام تدور حول الشخصيات أساسا.
*
بعد فيلم قصير أنجزه سنة 1962 انتظر خمس سنوات ثم كتب وأخرج «بوب وكارول وتد وأليس» العام 1969. الفيلم الذي وُصف بأنه لم يكن أخلاقيا؛ إذ يدعو إلى تعدد العلاقات. حاز على جوائز الأوسكار عندما رشح في أربعة أقسام (أفضل ممثل مساند، أفضل ممثلة مساندة، وأفضل كتابة، وأفضل تصوير) لكنه لم يحز على أي منها. بعد ذلك، وفي العام التالي، أخرج «أليكس في ووندرلاند» بطولة دونالد سذرلاند الذي حمله برياح المخرج الإيطالي الكبير فديريكو فيلليني، من دون أن يبلغ شأنه بالطبع.

* لم يكن الطريق سهل بعد ذلك فقد عانى كثيرا عندما فكر في إخراج فيلم عن رجل عجوز بعنوان «هاري وتونتو»: «قيل لي من يريد أن يشاهد فيلما عن رجل عجوز؟». لكن لم تكن الاستوديوهات هي مصدر الممانعة الوحيد، بل رفضه بعض الممثلين الذين تجاوزوا الستين، حسب السيناريو. توجّه إلى جيمس كاغني الذي بادره بأنه متقاعد (ولو أنه، لاحقا، ما عاد عن تقاعده عندما طلبه المخرج ميلوش فورمان لدور رئيس في «راغتايم» سنة 1981)، هذا أيضا كان جواب كاري غرانت.. الكوميدي داني كاي طلب المزيد من النكات كشرط لتأدية الدور.. عندما توجه مازورسكي صوب الممثل لورنس أوليفييه «أدركت أنني ارتكبت خطأ». في النهاية نجح في إقناع آرت كارناي بتمثيل الدور بعد ممانعته؛ إذ أخبره آرت: «أنا في التاسعة والخمسين وتريدني أن أؤدي دور رجل في السبعين؟».

* من بين أفلامه الأخرى «موسكو على الهدسون» (1984) و«سقوط وخروج من بيفرلي هيلز» (1986) و«امرأة غير متزوجة» (1978) و«غرينتش فيلاج» (1976). من يبحث بين مخرجي نيويورك وهوليوود من الذين تركوا بصماتهم على الفن السابع سيجد مازورسكي في عداد هؤلاء، ليس متصدرا، بل بصحبة حفنة من المخرجين المماثلين في عصره أمثال روبرت ألتمن، وجون كازافيتيز، ومونتي هلمان.

الشرق الأوسط في

04.07.2014

 
 

عملٌ عظيم يتحدث عنه الجميع ويشاهدهُ القلّة..

فاسبنــدر و"ساحــــة ألكسنـــدر فـــي برلــــين"

فراس الشاروط 

بذلت (جوليانا لورينتس) آخر صديقات المخرج راينر وارنر فاسبندر جهوداً كبيرة شاقة ومضنية وعلى مدار أكثـر من عام من أجل الحصول على مليون يورو كي ترمم أفلام صديقها المخرج واصدارها على شكل أقراص ( DVD) مدمجة ، وأخيراً ها هي أفلامه بين أيدينا، ومن بينها عمله الملحمي العظيم ( ساحة ألكسندر في برلين) الذي يقع في (13) حلقة وخاتمة .

اقتبس فاسبندر عمله الملحمي هذا عن رواية للكاتب ( ألفريد دوبلين) وهو ملحمة عن شخص عصامي ونزيه اسمه ( فرانتس بيبركوف) في المانيا المتعبة والمنهكة بعد الحرب الكونية الأولى، وتعد هذه الرواية واحده من أفضل روايات الأدب الألماني كما أنها أدخلت في المواد المدرسية.

محور الرواية هو ساحة ألكسندر وسط برلين وقد كانت في الماضي سوقاً للماشية في القرن التاسع عشر، وقد سميت بهذا الاسم تيمناً بزيارة ألكسندر قيصر روسيا لألمانيا عام (1805)، ثم اكتسبت الساحة شهرة أكبر حين بنيت فيها محطة قطار أواخر ذلك القرن، ثم بلغت أهميتها القصوى في عشرينات القرن المنصرم حين أصبحت مركزاً تجارياً ، ومركزاً للحياة الليلية .

كان حلم إخراج هذه الرواية يراود خيال فاسبندر منذ ان قرر ان يصبح مخرجاً سينمائياً وهو في الرابعة عشرة من العمر، ولم يحصل على الفرصة إلا بعد (30) عاماً ، رغم انه حقق خلال هذه السنوات شهرة عالمية بإخراجه أفلاماً تعد علامات فارقة ومهمة في مسيرة السينما الألمانية : ( دموع بترا فون كاينت) و (زواج ماريا براون) و ( تاجر الفصول الأربعة) و ( علي: الخوف يأكل الروح)، عام (1979) أعطى التلفزيون الألماني الموافقة لفاسبندر ليشرع في إخراج المسلسل ، وبعد سنة كان جاهزاً للعرض ، شاهد حلقاته الأولى أكثر من (14) مليون مشاهد ، ولكن عدد المشاهدين انخفض الى النصف مع مسير حلقات المسلسل ، وهذا ما أصاب فاسبندر بخيبة أمل ، وحسب ما تقول ممثلته المفضلة ( حنا شيغولا ) أنه (دمر حياته ، كان يأمل في أن يقود الجمهور الى أشياء أكثر طموحاً من المعتاد) ، ورغم نجاح فيلمه ( ليلي مارتين) إلا انه أغرق نفسه في تناول المخدرات والخمور حتى وجدته جوليانا لورينتس ذات يوم من عام (1982) في شقته ميتا في فراشه وفي فمه بقايا سيكاره والى جانبه سيناريو فيلم لم ينجزه ، رحل فاسبندر عن عمر 37 عاماً ولكن المسلسل بقي .

بعد عام على وفاته نظم مسرح لينكولن في نيويورك عرضاً لمسلسل ( ساحة ألكسندر) أستمر شهراً كاملاً ، وقف الناس هناك في طوابير ومعهم تراموس القهوة والسندويشات من أجل ان يحضوا بفرصة مشاهدة العمل كاملاً ، حضر العروض نجوم هوليوود سوزان سارندون وريتشارد غير ميريل ستريب وآل باتشينو ، وأيضاً سوزان سونتاغ التي يروى انها كانت تحضره ليلياً ولمدة شهراً كاملاً لتعود وبمناسبة عرضه عام 1997 في متحف الفن الحديث كتبت عنه مقالاً خطيراً ومهماً ، عام (2007) قام متحف (موما) بعرض الفيلم في (14) قاعة كل قاعة تعرض حلقة من المسلسل وهكذا على المشاهد ان يدور على (14) قاعة ليرى حلقات المسلسل كاملاً .

جاء فاسبندر للسينما من الشارع الذي خبره وعاش فيه جراء طفولة مضطربة ومراهقة قلقة وجو عائلي متوتر ، فخبر ليله ونساءه وعاش علاقات منحرفة ، وهذا ما يظهر بوضوح في أفلامه، العيب الاجتماعي ، والكره للعنف ، تسلط المجتمع البرجوازي، يقابلها إحساسه العميق بالحب والتوق للحرية.

كان فاسبندر متعدد العلاقات مع الرجال والنساء وهذا ما أخذه الى طريق الشذوذ الجنسي، كان يحب صداقاته لذلك كانت علاقاته بهم تصل الى ان يخلدهم فيمنحهم أدواراً في أفلامه، لذلك كان يحتفظ بنفس فريق العمل الذي يعمل معه ، وهذا ما أدى الى نتائج كارثية منها انتحار صديقه المغربي ( الهادي بن سالم) بطل فيلمه ( علي ) في زنزانته بالسجن ، وانتحار صديقه اليوناني الذي شنق نفسه في شقة فاسبندر عشية عيد ميلاده بسبب زواج فاسبندر، وإجبار سكرتيرته ( أرم هيرمان) التي كان على علاقة بها على ان تكون ممثلة ، كانت تعشقه بجنون ، لكنها هربت من فوضويته وعبثيته ، حاول مراراً ان يعيدها لكنها رفضت فقام بضربها بسادية وسط الشارع ، هذا الاختلاط بين الإبداع والتوق للحرية بشكل منفلت هو ما اكسبه شهرة كبيرة ، ففي سنوات عمره القصيرة حقق فاسبندر 35 فيلماً سينمائياً طويلاً و(3) افلام قصيرة و(20) مسرحية ومثل أكثر من (30) دوراً سينمائياً سواء في أفلامه او في أفلام غيره ، وعمل مصوراً فوتغرافياً ومؤلفاً موسيقياً ، كان تأثير ( بريخت ) عليه كبيراً ، وتأثيرات ( جان لوك غودار) واضحة ، كان يمتلك طاقة لا حدود لها فيخرج في بعض الأحيان ( 3) أفلام في العام الواحد ، وهذا ما سبب له الإجهاد وفشل بعضها قاده الى طريق المخدرات والنهاية المبكرة.

رحل فاسبندر وبقيت ساحة ألكسندر شامخة شاهدة على تغير الناس والبلد ، بقيت ساحة ألكسندر تروي حكايات فتى فوضوي عبثي ، عاشق ،ومجنون أسمه ( رينر وارنر فاسبندر).

المدى العراقية في

03.07.2014

 
 

فيلم "أسد الصحراء"

المدى الثقافي 

- المخرج: مصطفى العقاد

- الكاتب: هاري كريج

- البطولة: أنطوني كوين، أوليفر ريد، إيرين باباس، رود شتايغر

- الموسيقى: موريس جار

- تاريخ الصدور 17نيسان 1981

أسد الصحراء (بالإنجليزية: Lion of the Desert) وسميت النسخة العربية منه باسم "عمر المختار"، فيلم تاريخي أنتج في عام 1981 م من بطولة أنتوني كوين والذي قام بأداء دور القائد الليبي عمر المختار في محاربة جيش موسوليني قبيل الحرب العالمية الثانية. الفلم من إخراج المخرج السوري مصطفى العقاد وتصوير جاك هيلدريارد ومونتاج جون شيرلي وبلغت ميزانيته حوالي 35 مليون دولار أمريكي.

بدأ تصوير الفيلم في 4 مارس - آذار 1979 م في منطقة صحراوية تبعد 64 كم عن مدينة بنغازي في ليبيا, وأيضا في منطقة الواحات بالقرب من مدينة اوجلة وفي الجبل الأخضر شرقي ليبيا علما بأن معظم مواقع التصوير كانت هي مواقع الأحداث الحقيقية، وانتهى في 2 أكتوبر- تشرين الاول من نفس العام. تم أول عرض عالمي للفيلم يوم 4 أبريل 1981 م في دولة الكويت، كما عرض في نفس الشهر في الولايات المتحدة الأمريكية وأجزاء أخرى من العالم. وقد اشترك في الفيلم ما يقارب 250 ممثلاً، من الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليونان ويوغسلافيا وإسبانيا ومالطا ومصر ولبنان وتونس والسودان وليبيا وسيرلنكا، بالإضافة إلى أكثر من 5000 من الممثلين المساعدين.

موسوليني زعيم إيطاليا يرسل أقوى قادته غراتسياني لقمع قوات عمر المختار التي هزمتهم في معارك عدة. وبعد وصول غراتسياني إلى بنغازي يرسل أول فرقة مقاتلة لكنها تنهزم ثم يقوم بفتح أبواب السجون ويرسل ديوديتشي للتفاوض مع عمر المختار لكن عمر المختار يكتشف فيما بعد أن غراتسياني كان يريد الوقت لالتقاط أنفاسه وفعلاً أنزل غراتسياني إمداداته من الدبابات إلى الصحراء وتمكن من احتلال الكفرة وسقطت نظارة عمر المختار في إحدى المعارك فيما بعد وفي معركة أخرى انهزمت قوات غراتسياني هزيمة نكراء على يد عمر المختار فيقوم غراتسياني ببناء الأسلاك الشائكة على طول حدود مصر بليبيا لقطع الإمدادات عن المقاومة وفي إحدى المرات نصب كمين لقوات عمر المختار وتمكنوا من أسره ويتم اللقاء الذي جرى بين عمر المختار وغراتسياني ثم تبدأ المحكمة التي انتهت بالحكم على عمر المختار بالإعدام شنقاً أمام شعبه.

المدى العراقية في

03.07.2014

 
 

الاخوان تافياني: يجب أن نتذكّر اننا جزء من الطبيعة

ترجمة: عباس المفرجي 

الأخوان تافياني هما من بين آخر كبار السينما الكلاسيكية الايطالية. بلغا سن الرشد في عصر روسلليني وبازوليني؛ يعتبران برتولوتشي من بين معاصريهم؛ كان لهما تأثير مربّ على مواطنيهم الشباب مثل ناني موريتي. حازا على سعفة كان الذهبية عام 1977 عن فيلمهما "بادره بادرونة"، أوديسّا عن ضيق الحياة الريفية صوِّرت من البداية الى النهاية بخيال جامح وبطريقة مسرحية. يبدأ مع ابن مزارع سارديني، يُبنى الفيلم على ذكرياته، مقدما دعما للممثل الذي سيلعب دوره؛ مشهد آخر يتيح لنا الدنو من مونولوج داخلي لمعزاة يمارس صبي معها الجنس ( (( سأتبرز في حليبك )) ). يتواصل هذا الهزل في الخرافة عن الحرب    " ليلة الشهب " ( 1982 )، ومع الفيلم المقتبس عن بيرانديللو " كاوس " ( 1984 ) و" صباح الخير بابل " ( 1987 )، حول مصمم مواقع سينمائية يعمل لدى دي دبليو غريفيث.

منسيان إن لم يكونا هاجعين للعقدين الماضيين، يعود الأخوان باولو، يبلغ آلان 82 عاما ، وفيتوريو، 83، مع " قيصر يجب أن يموت "، دراسة محكمة، حساسة، عن التحضيرات لعرض مسرحية عن يوليوس قيصر. تُقدَّم المسرحية في سجن ريبيبيا في روما من قبل محكومين بالسجن المؤبد، العديد منهم أعضاء سابقين في المافيا والكومورا. الأسلوب مؤثر لكنه غير منمّق، التصوير أحادي اللون الى حد كبير. (( كل شيء في الفيلم لا صلة له بشكسبير، فهو قصة حقيقية يرويها لنا السجناء، )) يقول فيتوريو عبْر مترجم. (( كل شيء كان تمثيلا. كل شيء كان مكتوبا في نص. إنه فيلم. فيلم مميّز، أجل، لكنه يبقى فيلما. )) وفيلم عظيم، أيضا، كما سلّم بذلك مايك لي ومحلفوه حين منحوه الجائزة الكبرى في مهرجان برلين السينمائي العام الماضي.

المشاركون في العمل معهما يتفقون على أن الأخوين تافياني يخرجان الفيلم وكأنهما شخص واحد. لهذا ربما لا أمانع أن يأتي فيتوريو الى لندن من دون أخيه. عندما تعاون معهما في فيلم " آلونسافان " ( 1974 )، كان مارتشيللو ماستروياني يشير لكلا الرجلين بـ ’’ باولوفيتوريو ‘‘. سئل في نهاية التصوير ماذا يشبه العمل تحت إدارة شخصين، أجاب الممثل : (( هل كان هناك اثنان؟ )) يشرح فيتوريو قائلا : (( لنا شخصيتان مختلفتان لكن نفس الطبيعة. اختياراتنا في الحياة والفن هي نفسها... رغم أن لنا زوجتين مختلفتين.))

يكون العمل في موقع التصوير مقسّما بينهما بالتساوي، آخذا كل أخ بالتناوب دفة التوجيه لإعداد الكاميرا للعمل. إذا حدث وكان هناك جزء مفرد من الإخراج بينهما، فهما يلجآن الى الطرّة والنقش. الديناميكية بين ثنائي آخر من الإخوة يفتنهما. قبل عدة سنوات، التقيا الأخوين كَوين [ المخرجان الامريكيان جويل وإيثان كَوين ]، )) يروي فيتوريو. (( سألناهما : ’ كيف يمكنكما العمل معا؟ ‘ أجابا : لا، أنتما من بدأ هذا الشيء – أنتما من يجب أن يقولا لنا ذلك. ‘ ثم اتفقنا نحن الأربعة على أن الأمر يبقى غامضا. )) ترجع أصول السينما الى زوج من الأخوة، كما أشرت أنا. (( نعم، وفي بداية مسيرتنا الفنية، كتب ناقد خبيث : ’ السينما ولدت مع الأخوين لوميير وستموت مع الأخوين تافياني. ‘ ))

سينما الأخوين تافياني، مع هذا، تنمو بقوة، وفيتوريو في قمة حيويته عندما يناقش " قيصر يجب أن يموت ". (( كان ستانسلافسكي يقول لممثليه أن عليهم ان يعيشوا شخصياتهم، لكن ذلك كان مجرد تمرين عقلي. بالنسبة للسجناء، لم يكونوا بحاجة الى استخدام مخيلتهم : كان كل شيء هناك. هم ليسوا أفضل ممثلين في العالم. لكن لو كانت لديك خلفياتهم الاجتماعية، فأنت ملزم بأن تقدّم نوعا مختلفا من الأداء. كان يمكننا أحيانا أن ننظر في عيون السجناء بينما كانوا يمثلون ونرى بأن تلك العيون كانت شاهدة على جرائم قتل في حياة واقعية. ثم ثانية، حين ينتهي الأداء، يكون للسجناء هذه اللحظة من مقاسمة الفرح. من خلف الكاميرا رأيناهم يعودون الأطفال الذين كانوا يوما، هاتفين قافزين هنا وهناك. للسبب نفسه، نحن نكره بكل قوة ما فعلته المافيا والكومورا وغيرها. كيف يسعنا أن نضع في كفة واحدة هذه العواطف الغريبة؟ لا زلنا لا نعرف كيف نحلّ ذلك. ))

كان الأخوان يقولان في الماضي، (يجب أن نتذكّر اننا جزء من الطبيعة). ذلك سهل الى حد كاف في المشهد الريفي في " بادره بادرونه " و" ليلة الشهب "، لكن كيف يمكن لهذه الحاجة أن تظهر نفسها في حفلة الفالس لفيلم " قيصر يجب ان يموت "، أو فيلمهما "دراما السجن" عام 1972 " سان ميكيله كان لديه ديك "؟ (( لأن السجناء حُرِموا من علاقتهم مع الطبيعة، فإن الاتصال الوحيد الذي لديهم مع شيء أكبر من أنفسهم هو موتهم، )) يقول فيتوريو. (( الجزء من الطبيعة الذي يشعرون بالعلاقة الأقوى معه هو الزمن. والزمن هو مدة محكوميتهم. لا يمكنهم فعل شيء إزاءه – فهم بلا حول. الزمن هو صوت الطبيعة. ))

أعيد هنا استشهادا تاريخيا آخر لفيتوريو من الماضي : (( في كل فيلم تصنعه هناك دائما صفحة أو اثنتان من السيرة الذاتية. )) أين هي إذن في " قيصر يجب أن يموت "؟ (( هو فيلم سيري بالطريقة التي يثبت بها لحظة من الزمن. لو انهمكنا في مشروع معين، فهي هناك كي تجيب عن السؤال الذي نطرحه على أنفسنا في تلك المسألة. ما يرهق ذهننا نحن الايطاليين هو الحالة المؤلمة التي يكابدها بلدنا. ))

ربما يكون الأخوان تافياني simpatico [ لطيفين ] في كل حياتهما العملية، لكن علاقتهما المشحونة أيام المراهقة تعيد الى الأذهان قول أهل توسكانا : (( fratelli, coltelli )) ( أو : ’’ أخوة سكاكين ‘‘ ). في طفولتهما الرعوية في سان مينياتو، فَسُدَ حب فيتوريو لباولو لأنه تجرّأ بأن يصبح بنفس طول قامته. (( كان ذلك أمرا لا يُغتفَر. كانت هناك فترة أثناء المراهقة عندما كان كل منا يأمل بأن يموت الآخر في حادث سيارة. كنت اكتب مسرحيات تشتمل على أخوين، أحدهما خيِّر، والآخر شرير. )) تجربة العيش أثناء الحرب العالمية الثانية قرّبت من الاثنين – كذلك نمّت حبهما معا للسينما. بعد فترة قصيرة من نهاية الحرب، ذهبا الى سينما كانت تعرض " بايسان "، فيلم روسلليني من الواقعية الجديدة حول تحرير قوات التحالف لايطاليا. (( كانت صدمة في حياتنا، تحوّل غير متوقع، لأننا كنا نرى مأساتنا، التي عشناها، تتجسّد على الشاشة. بمشاهدتنا لهذا الفيلم فهمنا بشكل أفضل الزمن الذي عشنا خلاله. ))

بعد مغادرتهما السينما، أخذا على نفسيهما عهدا : إن لم يستطيعا خلال عقد من الزمان أن يصنعا فيلما خاصا بهما، فسيشتريان مسدسا ويقتلان نفسيهما. (( لم نقرر أبدا منْ سيطلق النار على نفسه أولا، )) يقول فيتوريو.

هذه صورة قلمية موجزة جديرة بفيتوريو : رعب الحرب عولج بتجلّي الفن، الميثاق الفخيم لـ (( السينما أو الموت! )) المعوِّض عن الإجراء العملي للانتحار المزدوج، المزيج من الألم والأمل. يروي لي فيتوريو عن المرّة التي جاء بها بازوليني الى عرض خاص لواحد من أفلام الأخوين تافياني، ليخرج بعدها وتعبير رصين يلف وجهه. في لقاءات اجتماعية لاحقة، أحتجّ للأخوين على رؤيتهما المشبعة بالأمل. (( قال بير باولو [ بازوليني ] : ’ تفاؤلكما هو حتى أكثر مأساوية من تشاؤمي. ‘ بعد أيام قليلة، غيّبه الموت. بالنسبة لنا، مع هذا، كلمة ’’ تفاؤل ‘‘ غير مناسبة. إنه ذلك البصيص الصغير من الأمل أو الصواب هو الذي يهمنا. قد يكون العيش مأساويا، لكن الحياة ليست كذلك. ))

 عن: صحيفة الغارديانn

المدى العراقية في

03.07.2014

 
 

كتاب "الشاشة الكبيرة"

بغداد/ المدى 

هذا هو بحق كتاب جيد جدا، ربما أفضل نظرة عامة عن السينما كُتبت حتى الآن. إنه يتّقد بنفاذ بصيرة، ومغلّف بحكاية، وينبض بعاطفة مشبوبة لوسيط كان تومسون منكبّا عليه، قلقا عليه وكاتبا حوله طوال حياته.مع أن هذا قد لا يكون بصيرة أصيلة بالكامل، فانّ تومسون يؤكد المرة تلو المرة على حجته بأن جاذبية الأفلام تكمن في أنها تتلاعب بأحلامنا وأعمق أشواقنا وتستغلها. يذهب الناس الى السينما، يكتب هو، ليجلسوا في الظلام (( مشاهدين طقوس عربدة لرغباتهم الخاصة بهم، تضيء على الشاشة ))، مع ذلك، وبشكل متناقض، يمكن للأثر الصافي أن يكون مميتا للروح. عليه، كتابه هو ليس فقط أنشودة تسبيح بـ’’ الصور‘‘   [ الأفلام ]، كما اعتدنا أن نسميها، بل هو أيضا تعبير عن القلق (( حول الأثر العام للتخيلات المؤثرة وكيف نصبح بعيدين عن الواقع أو يائسين منه )).تومسون، الذي ولد في لندن لكنه يعيش الآن في سان فرانسيسكو، هو في السبعين من العمر، وهذا يعني إنه ابن عصر الأسود والأبيض. إنه يكتب مع كل الإثارة والترقب لدى صبي في الثانية عشرة من العمر، في يده قنينة كولا وفي الأخرى علبة فُشار، في طريقه الى واحدة من دور السينما المذهبة في الأيام الخوالي ليشاهد بكل بهجة ورعب شهواني ريتا هايوورث تعرّي ذراعاها من قفازات طويلة في " غيلدا ".برغم إنه قادر على مناقشة الستوري آرك [ حبكة متطاولة أو متواصلة في قصّ إيبيزودي في وسائط مثل التلفزيون وكتب المسلسلات المصورة ] أو نظرية المؤلف كما يفعل أفضل النقّاد، فإنه لا يفقد البصر بواقع أن ’’ الموفي ‘‘ [ الفيلم ]، كما يدعوه، يقدّم لنا تسلية طفولية، بينما هو في نفس الوقت يضيء شعلة داخل الشقوق الأعمق لأرواحنا التوّاقة. مرة بعد مرة يعود الى ثيمة الفيلم، كل فيلم، كخيال للايروتيكية والعنف، أو الاثنين معا – (( إنه نمط من الفزع والشهوة. )) كاتبا عن تحفة جان فيغو " لاتلانت "، يلاحظ أن (( فيغو آمن بأن كل حياة هي مجرد بشرة باهتة تكسو من كل جانب حياة باطنية تغلي، وعرف انه يمكن للفيلم أن يكشفها.))في صفحات سابقة، وهو يتأمل في اللقطة الافتتاحية الشهيرة في الفيلم السوريالي الصامت " كلب أندلسي " للويس بونويل، التي تظهر فيها شفرة موسى تقطع مقلة عين امرأة، يصرّ تومسون على أن (( التضمين اللجوج للصورة هو القول: أوه، رجاءً، دعونا لا نروّج الأكاذيب القديمة حول تسلية المفيدة، ونجوم أفلام وسهرات عظيمة – هذا هو سُعْر، مصمم على الجنس والعنف، ونحن نتقدم في العمر ونحن نشاهده... الفن ليس استجماما، سلوانا، تمضية وقت، أعمال ( رغم انه كل هذه الأشياء )؛ انه الحجر الذي تحدُّ عليه سكينك. ))كتابه هو، كما يقول، حول الشاشات: (( انه مويبريدج الى الفَيْس بوك. )) فهو يبدأ من بدايات ’’ الموفي ‘‘ ( أجل، أحيانا تصبح فيه هذه الكلمة مزعجة الى حد ما )، والذي يعتبره صورة فوتوغرافية متوقفة الحركة لذلك الرجل الإنكليزي المثير للاهتمام ايدويرد مويبريدج – هو نفسه شخصية سوداوية. ولد مويبريدج باسم ادوارد مويبردج في لينغستون أبّون تايمز في 1830. انتقل الى امريكا، حيث تعرّض لحادث أصابه بضرر في دماغه، وحين، في عام 1875، قتل عشيق زوجته، بنى دفاعه على ادّعاء الجنون؛ رفض المحلفون الادّعاء لكنه بُرّئ من التهمة مع ذلك على أساس ان القتل مبرَّر. بتحديثها، يمكن للقصة أن تصبح فيلم إثارة لطيفا صغيرا بالأسود والأبيض من إخراج بيلي وايلدر أو هوارد هاوكس، وربما مع سيناريو لرايمون تشاندلر.

المدى العراقية في

03.07.2014

 
 

مهرجان نيبال الأهلي العالمي..السينما لتطوير حياة المكوّنات القومية

عادل العامل

أقيم على مدى ثلاثة أيام مهرجان سينمائي أهلي عالمي، يهدف إلى تحسين رفاهة السكان الأصليين في نيبال، الذين يشكلون نسبة 37 بالمئة من المجموع الكلي للسكان. و قد عُرض 48 فيلماً و فيلماً وثائقياً من 19 بلداً و إقليماً بضمنها نيبال في هذا المهرجان الذي يُعقد سنوياً منذ عام 2007، و الذي قام بتنظيمه ( أرشيف السينما الأهلية ) بالاشتراك مع هيئتين حكوميتين، المؤسسة القومية لتطوير العرقيات، و المجلس النيبالي للتطوير السينمائي.

وكان هناك 15 فيلماً من سبعة بلدان من أميركا اللاتينية، و 12 فيلماً تمثّل 7 مجموعات عرقية. كما شاركت أفلام من الولايات المتحدة، و اليابان، و النرويج، و كندا، و نيوزيلندة، وباكستان، وماليزيا، و فنلندة، و تنزانيا، و تايوان.

وقد تحدث مدير المهرجان و هو أحد أفراد مجموعة الماغار Magar العرقية في البلد، سانجوغ لافا ماغار، عن تركيز المهرجان الأولي على أفلام أميركا اللاتينية هذا العام، فقال إن المهرجان يأمل في أن تتعلم نيبال من البلدان الأميركية اللاتينية مثل البرازيل، و بيرو، و المكسيك، وبوليفيا، التي قامت حكوماتها بمبادرات كثيرة من أجل تحسين حياة الشعوب الأصلية فيها

وقد اجتذب الحدث هذا العام جمهوراً من الحضور يقدر بـحوالي 14,000 شخص، معظمهم من الطلبة، كما قال منظّمو المهرجان. و تحدث ساشين غبماير، الطالب في دراسة علم الإنسان، عن انطباعاته حول ما شاهده من عروض قائلاً "إن الأفلام التي عُرضت خلال المهرجان تستند على موضوعات متنوعة من بلدان مختلفة توفر مظاهر فريدة نادراً ما تقدمها الأفلام التجارية."

و قال ساتيا موهان جوشي، الكاتب و الباحث النيبالي البالغ من العمر 96 عاماً، " في بلدٍ متعدد الأجناس و العناصر مثل نيبال، تكمن الهوية القومية في التنوع الثقافي للسكان الأصليين. و مهرجان كهذا يساعد على إبراز وقائع هؤلاء السكان. " و يجدر بالذكر أن جوشي مشهور هناك ببحثه المتعلق بتاريخ نيبال و ثقافته.

 عن/ ein newsn

المدى العراقية في

03.07.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)