كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

سينما - غييرمو أرياغا صيّاد مكسيكي يتصدّر فنّ السيناريو في العالم: انتقال الشخصيّات من الورق إلى الشاشة... لحظة إلهية!

غييرمو أرياغا: طريقتي في العمل عضوية تنبذ الزخرفة والتلوين

صربيا ــ هوفيك حبشيان

 

يؤمن غييرمو أرياغا (1958) ان حبر الكاتب يجفّ تدريجاً. يقول لمن يلتقيه بأنها مسألة وقت قبل أن تنقطع الينابيع في رأسه ويصبح "في الشارع". هذا السيناريست المكسيكي الكبير الذي طار صيته بعد نيله جائزة السيناريو في مهرجان كانّ 2005 عن سكريبت "جنازات ملكياديس استرادا الثلاث" لطومي لي جونز، صاحب خطاب مختلف شكلاً ومضموناً. فهو من الذين يشبعون أعمالهم بتفاصيل الحياة اليومية. لا يعترف بالقوالب الجاهزة أو القواعد التي اثبتت فاعليتها على مرّ الزمن، لا بل يبلور عالماً خاصاً يحمل بصماته ويترجح بين روح مكسيكية وحرفة أميركية.

منذ نجاحاته الاولى، يحاول أرياغا ان يحفر مكاناً له في الذاكرة السينمائية بحكايات متداخلة، ملتوية، متشظية، ملطخة بالدمّ والألم ورائحة العرق. حكايات هدفها معانقة العالم بذراعين واسعتين. لعل أبرز تجليات هذه "المدرسة" السينمائية هو النص البديع الذي وضعه لـ"بابل" (2006) اخراج أليخاندرو غونزاليث ايناريتو. هذه التحفة هي مع "حبّ كلاب" و"21 غراماً" الجزء الثالث والأخير لثلاثية أخرجها ايناريتو، ملهماً عدداً من السينمائيين الذين مشوا على درب الهداية السينمائية. أرياغا، هذا الخمسيني المفعم بالحياة، صياد يرفض ان يُلقَّب بـ"الغيونيستا" (كاتب سيناريو بالاسباني) مفضلاً صفة الكاتب. من خلال كمشة من الأفلام، استطاع ان يجتاح رؤوس متابعي السينما، مستبدلاً بندقية الصيد بالكلمة التي تصفع، والطريدة بالضوء! في الآتي، شهادة من غييرمو أرياغا عن الكيفية التي يرى فيها إلى الكتابة السينمائية.

1 ــ ذاتي العميقة

"لا أجري أي تحقيق أو بحث عندما أقرر كتابة سيناريو. هذا لأنني كسول. النصوص التي كتبتها الى الآن تتناول تجربتي الشخصية بمعنى أو بآخر. انها أشياء حدثت لي ولم تتطلب كتابتها اي بحث من جانبي. شخصياتي لقاء ما بين الأفكار التي تنبت في خيالي وحقائق أعثر عليها في الحياة اليومية. الخيال هو الجسر الذي يتيح لي ان اتنقل بين واقعي وذاتي العميقة. عندي، الخيال هو الجامع لكل شيء. سأعطيك مثالاً: عندما كنت في التاسعة، شارك الكلب الذي كنت اربّيه في مصارعة للكلاب. حدث ذلك من دون علمي. كنت صغيراً. بعدها بسنوات، تعرضتُ لحادث سير. حادث تحوّل هاجساً عندي طوال سنوات. وعندما بدأتُ بالكتابة السينمائية، أخذتُ حكاية الكلب وأدرجتها في رواية الحادث الذي تعرضتُ له حين كنت في السادسة والعشرين. هكذا ولد سيناريو "حب كلاب". أعتقد ان هناك نوعين من كتّاب السيناريو، لا ثالث لهما: مَن يستلهم الأفلام ومَن يستلهم الواقع المعيش. أنا من الصنف الثاني".

أكتب سيناريواتي بالاسبانية ثم أترجمها. أحياناً يقولون لي: "هذا لا يجوز". أردّ عليهم: "دعوني وشأني". الحوارات من أصعب الأشياء، لأنها قد تعطي صورة مغلوطة عن الواقع. كوانتن تارانتينو أساء كثيراً إلى الحوارات في السينما. فخّخها وجعلها هدفاً في ذاته. البحث والمعلومات عند كاتب مثل بيتر مورغان عنصر اساسي، أما أنا، فلا احتاجها. لا اعرف كيف تنتهي الحكايات التي أكتبها، لا بل أجهل كيف تبدأ. عندما يسألني الاستوديو "كيف ينتهي الفيلم؟"، أقول: "ليس لديّ ادنى فكرة". أيضاً: لا اعرف أي شيء عن شخصياتي. لا تعود هناك مفاجأة، اذا علمت. يقولون لي: "هذا غير ممكن، يجب ان تعلم كم من المال في جيب بطلك". هنا أصرخ في وجوههم: ... وما الفائدة؟".

2 ــ لا للزخرفة

"أميل الى الهدوء في السينما وأنبذ الزخرفة ولا سيما في خلفية المشهد. بعض ما نراه في خلفيات الأفلام هو ضدّ السينما. ضجيج الممثلين وصخب الموسيقى يجعلانك تصرف النظر عما يقال، وهذا يمنعك من الدخول الى عمق الشخصيات ومشاعرها. أعمل وفق منطق الاقتصاد والتوفير. أريد نصاً يتملك نفسه. أحياناً، يأتي مصمم الديكور الى موقع التصوير ويبدأ بتلوين المشهد بأغراض معينة، وعندما أسأله ما الحاجة اليها، أسمعه يقول: "سيبدو المشهد جميلاً". في مثل هذه الحال، اجدني مهموماً بمعرفة من أين اشترت الشخصية هذا الغرض الذي سقط في بيته بأمر من مصمم الديكور!".

3 ــ إله سينمائي

"أنفعل ايجابياً وأشعر بشيء في حلقي عندما أجد شخصيات تنتقل الى الشاشة وكانت قبل ايام على الورق. لا كلام يصف هذا الاحساس البهي. انه شيء إلهي، شبيه بأن تضع زوجتك مولوداً وأن يحمل المولود وجهاً كوجه تشارليز ثيرون [توضيح من المحرر: أدارها في باكورته الاخراجية "الهضبة المشتعلة" عام 2008]. تخيل ان هناك مهنة في العالم اسمها الكتابة للسينما، وهذه المهنة تتيح لك أن يتمخض خيالك بشخصيات يأخذها مخرج ما ويسند اليها وجوهاً كوجه شون بن أو طومي لي جونز أو جنيفر لورنس. هؤلاء الناس يصبحون ما كتبته انت. يسألونني دائماً اذا كنت راضياً عن النحو الذي يجسد فيه الممثلون الشخصيات التي أخلقها، فأردّ بنعم كبيرة. حتى مع ممثلين غير محترفين أشعر بدرجة عالية من الرضا.

أحب الـ"ستوري بورد". عندما يكون عندي متسع من الوقت ألجأ الى الـ"ستوري بورد" الذي يعطيك فكرة مسبقة أين يجب أن تضع كاميراتك. يمكنك التعديل لاحقاً، ولكن على الأقل انت تعرف الأدوات التي تحتاجها لتقول الحكاية. العلاقة بين الزمان والمكان هي ايضاً من الأولويات في عملي. هذه العلاقة أهم ما في السرد. المسافة التي تكون بين الشخصيات تحدد علاقة البعض بالبعض الآخر. كل شيء في السينما يجب أن يكون مرتبطاً بالمساحة. حتى الشخصيات: انظر الى الذي يأتي من الجبال والى الذي يأتي من الساحل. نظرة كلٍّ منهما الى الحياة مختلفة تماماً عن نظرة الآخر اليها".

4 ــ الحياة الى الشاشة

"طريقتي في كتابة السيناريو عضوية ولا تنم عن سابق تصوّر وتصميم. لا اعترف بمبدأ ان على الفيلم أن يتضمن فصولاً ثلاثة. لا أجد هذه النظرية منطقية. مع "بابل"، حاولتُ أن آتي بالطريقة التي نروي بها القصص في الحياة اليومية، الى السينما. في الحياة، لا نروي الأشياء بطريقة مستقيمة. اذا سألتَ أحدهم "مَن أنت وماذا تفعل في الحياة"، لن يبدأ بالقول "ولدتُ في المكان الفلاني في التاريخ الفلاني". قد يكلمني بداية عن جده، ثم عن التربية التي تلقاها ومن ثمّ عن صديقته. وهذه هي الطريقة التي اتبعها في السينما. أكره الذهاب الى الأشياء بالنحو المباشر. طبقت هذا منذ بداية انطلاقتي مع "حبّ كلاب"، ثم راح هذا النمط يتعزز عندي مع "21 غراماً"، وحتى في أفلام اخرى كـ"ثلاث جنازات" و"الهضبة المشتعلة". هذا الميل ملموس ايضاً في القصص القصيرة التي كنت أدوّنها عندما كنت في الرابعة والعشرين. اعتقدَ البعض ان صيغة "بابل" الحكائية ولدت من خلال المونتاج. ولكن، اذا تعمقت في النص، ترى انه يحمل تلك النوعية من الكتابة. كل شيء كان في النصّ منذ البدء.

في كل الأفلام التي تورطتُ فيها ككاتب، كنت دائماً أزور موقع التصوير. بالنسبة لي، هذا شيء مهم جداً. تصوير "بابل" هو الوحيد الذي لم أزره. للأسف، كانت علاقتي بايناريتو ساءت، ولم نعد نتحدث معاً. فذهب كلٌّ منا في طريقه: أنا جرّبتُ الاخراج وهو جرّب الكتابة. يُطرح عليّ دائماً السؤال الآتي: "كم في المئة من الفيلم لكاتب السيناريو؟". أنا أقول، بلا أي تردد: "99 في المئة". طبعاً، بغض النظر ان هناك أفلاماً لمخرجين وأفلاماً لكتّاب سيناريو. عندما تشاهد فيلماً لتشارلي كوفمان، ترى فيلماً لتشارلي كوفمان ولا  ترى فيلماً للمخرج الذي أفلم نصّه. بصماته واضحة على العمل".

5 ــ سوبرمان يطير؟

"السيناريو ليس أهمّ ما في الفيلم، انه واحد من الأشياء المهمة. بمعنى انه يمكنك "تدمير" أجمل سكريبت اذا كان الاخراج سيئاً والممثلون فاشلين والاضاءة غير موفقة. الفيلم عملية شاملة ومن الصعب جداً متى انتهيت من المونتاج - خلافاً لما يدّعيه البعض - الفصل بين مختلف العناصر، للقول ما أكثر شيء يسيء إلى الفيلم. لكن الاكيد انه من دون سيناريو لا يوجد فيلم جيد. لا تتعب نفسك.

أنا واقعي أكثر مني فانتازياً، وأحرص دائماً على أن أكتب شيئاً يكون قابلاً للتصديق. عليك ان تبني عالماً يمكن تصديقه حتى لو كان يمثل تحدياً في هذا المجال. مثال بسيط: على المشاهد ان يصدّق أن سوبرمان يطير. لا أحد في الحياة يطير، ولكن على الفيلم أن يقنعك بأنه يطير. يعتقد الناس أنني عندما اشاهد فيلماً ارى خيوط السيناريو خلف الصور التي تمر أمامي. لا أفعل هذا البتة. علاقتي بالسينما ليست هكذا. عندما أكون أمام فيلم عادي من حيث القيمة الفنية، أبدأ بالنظر الى حركة الكاميرا والتمثيل وأشياء أخرى. ولكن، عندما يكون الفيلم رائعاً، انسى كل هذه التفاصيل. قد يحدث هذا مع فيلم مثل "عن شميدت". هذا لم يعد فيلماً، يا إلهي، انه شريحة من الحياة".

6 ـــ الاخراج رياضة

"عليَّ الاعتراف بأنني استمتعتُ عندما انتقلت الى خلف الكاميرا. لم أكن لأتخيل يوماً أنني سأتسلى الى هذا الحدّ. ثمة في الكتابة، الكثير من العزلة. كثر سألوني اذا اردتُ الانتقال الى الاخراج طمعاً بالمزيد من السلطة. لم يكن هذا ما اريده. كنت ارغب بالمزيد من التعاون، كان في ودي أن أكون محاطاً بالناس لأجد من أتكلم معه بعيداً من "مأساة" الغرفة المغلقة. الوحدة في الكتابة قاتلة، مدمرة، تنهش لحمك. العمل الاخراجي فيه حركة جسدية، تكاد تكون رياضة. في الكتابة لا نقاش ممكناً، لأنك تكون وحيداً مع ذاتك. في موقع التصوير، أصرخ في وجه هذا او ذاك، أسأل مدير التصوير عن المكان الذي سنموضع فيه الكاميرا؛ نناقش ثم نتفق على مكان معين. هذا جزء من ديناميكية العمل الاخراجي. النتيجة فورية وملموسة وتجعل مستوى الادرينالين يرتفع في دمك. ثم أنا أحبّ الحرارة الانسانية، أحبّ الناس، أحبّ أن أعمل مع الممثلين، وأن أديرهم وأوجه اليهم التعليمات. هذه عملية كانت تبعث فيَّ السعادة. تحتاج الى اغراء لإدارة كل هؤلاء الناس: لا يمكن ان تقول لتشارليز ثيرون "هيّا، أجلسي هنا"، من دون ان تردّ عليك "أوكي، ولكن لمَ هنا وليس هناك؟". لحسن حظي، كوني كاتباً، أؤمن بأهمية الكلمة وأعرف كيف استخدمها. أحياناً، أذهب الى أقصى ما يمكن الذهاب اليه. خلال تصوير "الهضبة المشتعلة"، سألتُ احد الممثلين في الفيلم: "هل تعتقد ان الشخصية التي تؤدّيها تجيد السباحة؟"، فكان جوابه انه يعتقد ذلك. فأجبتُ انها عاشت في الصحراء طوال عمرها، فكيف يمكنها اقناع المشاهد بأنها تجيد السباحة؟".

7 ــ نصائحي للكتّاب

"على كاتب السيناريو ان يواصل أولاً ما بدأه والاّ يتوقف في منتصف الطريق. ثانياً: عليه أن يصدّق ما يكتبه. المؤلف هو أول قارئ للنص الذي يكتبه. ثالثاً: يجب ان يكون صارماً ورصيناً. هذا يعني ان عليه ان يعيد الكتابة إعادة غير محددة من المرات. لا تعتقد ان ما يصدر منك في المرة الاولى هو ما يجب أن نشاهده على الشاشة. مشكلتنا نحن كتّاب السيناريو انه يتم سوء تقديرنا وعدم اعتبارنا عنصراً اساسياً في الفيلم، مع انه لا يوجد فيلم من دوننا. هذا ليس خللاً في السيستام فحسب، بل خطأ كتّاب السيناريو الذين لا يعترضون على هذا التهميش الممنهج لعملهم. اعزو هذا لكون الكتّاب أشخاصاً خجولين جداً، فيما المخرجون أقوياء ويفرضون قرارهم. شخصياً، أقلق كثيراً أن أعمل لسنوات طويلة من أجل فيلم، ثم يأتي أحدهم ليقول لي: "هذا خراء!". بصراحة، لا أعمل لهؤلاء. أعمل من أجل الشخص الذي يفهمني ويتشارك معي عدداً من القيم، ويحكم على عملي انطلاقاً من نياتي وليس نياته".

8 ــ طُردت مراراً

"لا أستطيع ان أعمل "تحت الطلب". حريتي أحتاجها كاملة خلال الكتابة. في كل مرة تم تكليفي كتابة سيناريو، انتهى الأمر بالاستغناء عن خدماتي، لا بل طردي. أفضّل أن أكون سيداً لنفسي خلال العمل وأن أكتب نصوصاً خاصة. "نادي دالاس للمشترين"، مثلاً، كنت من الذين عملوا على السيناريو، ولكن لم استطع أن أكمّل، لم يظهر اسمي في الجنريك، لكنه فيلم جيد، لا أنكر هذا. في أميركا، لا يأبهون من أين تأتي ما دام عملك يحظى برضاهم. لم أواجه أي مشكلة لكوني من المكسيك. لم نحتج، طومي لي جونز وأنا، لأكثر من عشاء، كي نتفق على انجاز فيلم. ليس هناك أسوأ من العلاقة التي تنعدم فيها ظروف الاحترام المتبادل بين المخرج والسيناريست".

9 ـــ مكسيكي حتى العظم

"عندي، "العراب 2" تحفة سينمائية بكل المقاييس ولا سيما على صعيد السيناريو. من وجهة نظري، هذا أفضل فيلم أنجز في التاريخ. لا اعتقد ان ثمة فرقاً كبيراً بين الطريقة الأوروبية والطريقة الأميركية. السرد هو سرد. لا أؤمن بمقولة ان الشخصية في الأفلام الأوروبية أهم من المواقف التي توضع فيها، على عكس الفيلم الأميركي حيث الموقف هو الأهم. "عن شميدت"، فيلم عن كاراكتير وهو أميركي جداً. مرة اخرى، خذ "العراب" نموذجاً. الجزء الأول منه عن شخصية. الناس يعشقون التصنيف، ويسألونك: "هل طريقتك هوليوودية أم أوروبية؟". ماذا تقول عن طريقتي أنا مثلاً؟ خصوصاً انني لستُ اوروبياً ولستُ اميركياً. أنا مكسيكي يعمل في الولايات المتحدة".

hauvick.habechian@annahar.com.lb

ثلاثية الدين والجنس والسياسة

هناك مخرجون كثر يحب غييرمو أرياغا العمل معهم. عندما قابلته "النهار" في صربيا، كشف عن بعض تفاصيل عمله المقبل الذي سيضم كبار الاسماء. يقول: "أنا محظوظ، لأنني أعمل في الانتاج وهذا يحملني الى العمل مع الكثير من السينمائيين الذين اقدّرهم. حالياً، أعمل على ثلاثة أفلام دفعة واحدة: واحد عن الدين، واحد عن الجنس، واحد عن السياسة. كل فيلم يتألف من تسعة اسكتشات، أمير كوستوريتسا يعمل على واحد من هذه الأفلام. المخرج الايراني بهمان قبادي انضم الى المشروع ايضاً. انه فيلم جماعي عن تلك الأمور التي لا نحب التحدث عنها. نسمّيها "تابو". اعتقد اننا اذا قاربنا الأديان بطريقة لائقة، تتواصل الشعوب في ما بينها بشكل أفضل".

النهار اللبنانية في

03.07.2014

 
 

«أسبوع النقد» اللبناني الـ8.. علاقات معقّدة

نديم جرجوره 

تستمرّ العروض اليومية لأفلام النسخة اللبنانية الثامنة لـ«أسبوع النقد». التظاهرة الرديفة للمسابقة الرسمية الخاصّة بمهرجان «كان» السينمائي الدولي، تؤكّد حضورها البيروتي دورة إثر دورة. 10 أفلام قصيرة و7 أفلام طويلة هي حصيلة النسخة اللبنانية الجديدة هذه، المنتهية في 9 تموز 2014، والمعروضة كلّها في صالة سينما «متروبوليس» («مركز صوفيل»، الأشرفية) بدءاً من 30 حزيران 2014.

اليوم الخميس (8،30 ليلاً)، هناك فيلمان اثنان: قصير بعنوان «أخي الصغير» (كندا، 14 د.، بالفرنسية المرفقة بترجمة إنكليزية) لريمي سان ـ ميشال، وطويل بعنوان «أبقراط» (فرنسا، 101 د.، بالفرنسية المرفقة بترجمة إنكليزية) لتوماس ليلتي. علاقتان مختلفتان يحاول الفيلمان قراءة أبعادهما وفضاءاتهما الإنسانية والأخلاقية. في الأول، يرغب الشقيق الأكبر في الانتقال إلى روسيا. لكنه، عشية ذلك، يتجوّل صُحبة شقيقه الأصغر، ذي المشاكل المتعدّدة، في أنحاء البيئة الجغرافية ـ الاجتماعية الخاصّة بهما أولاً. جولة محفوفة بتحدّيات، وبمحاولة ذاتية لتفعيل العلاقة بينهما. في الثاني، الذي تدور أحداثه في فرنسا الراهنة، تكمن العلاقة بين أب وابنه. هذا الأخير يبدأ سيرة مهنية في مجال الطبّ بتدريب يخضع له في المؤسّسة التي يعمل فيها والده. هكذا، تنفتح البداية على أسئلة كثيرة، وعلى انفعالات وتفاصيل. الابن يمتلك حماسة كبيرة للعمل. لكن المهنة والمؤسّسة تُقدّمان له مطبّات وتحدّيات جمّة: «اختبار فظّ يواجه بنجامن (اسم الابن) أثناء اكتشافه حقيقة المهنة التي يتهيّأ لها». اختبار فظّ؟ حقيقة المهنة؟ عنوانان يدفعان إلى الغوص في تشعّبات لن تقف عند حدود المهنة بحدّ ذاتها فقط، بل تتجاوزها إلى ما هو أبعد، وربما إلى ما هو أخطر: العلاقة بين الأب والابن، بكل ما تطرحه علاقة كهذه من أسئلة لا تقلّ تعقيداً عن أسئلة المهنة نفسها.

تُستكمل العروض مساء الأحد المقبل، بفيلمين اثنين أيضاً: قصير بعنوان «أسود شابّة من الغجر» (إيطاليا ـ فرنسا، 16 د.، بالإيطالية المرفقة بترجمة فرنسية) لجوناس كربينيانو، وطويل بعنوان «هوب» (فرنسا، 91 د.، معظم اللغة المستخدمة هي الفرنسية) لبوريس لوجكين. يتابع الأول تفاصيل ليلة واحدة من حياة بيو، الشاب الغجري الإيطالي المقيم في كاليبريا. هكذا باختصار تُختزل الحبكة. لكن التفاصيل تحمل في طياتها انفتاحاً على مناخات متعدّدة، وحالات مختلفة، تنتقل إلى الشاشة الكبيرة عبر الشاب الباحث عن أشياء تنكشف رويداً في فيلم لا يتجاوز أصولاً حياتية ـ اجتماعية للغجر الإيطاليين القادمين من رومانيا. الثاني رحلة أيضاً، مليئة بالمغامرة والحبّ والبحث عن منفذ وخلاص: ليونار، الشاب الكاميرونيّ، راغبٌ في مساعدة هوب، الشابّة النيجيرية. مستعدٌّ هو لاختراق الصحراء، كي يبلغ مراده. لكنهما، في عالم عدائيّ يفرض على الجميع البقاء ضمن دائرتهم الحياتية والبيولوجية والاجتماعية، يحاولان اختراق المفروض، والسعي إلى التقدّم معاً خارج المألوف، من أجل حبّهما.

الاثنين والثلاثاء المقبلان (7 و8 تموز 2014) يُقدّمان 4 أفلام، بمعدل فيلمين اثنين كل ليلة: في الليلة الأولى، يُعرض فيلمٌ قصير بعنوان «الدجاجة» (كرواتيا ـ ألمانيا، 15 د.، بالبوسنية المرفقة بترجمة فرنسية) لأونا غونياك، وفيلمٌ طويل بعنوان «جماعة الخير» (كولومبيا ـ فرنسا، 86 د.، بالإسبانية المرفقة بترجمة فرنسية) لفرانكو لولّي: يمزج الأول شيئاً من واقع الحال في سراييفو العام 1993 (اندلاع الحرب الأهلية) بحكاية بسيطة للغاية، معقودة على علاقة ابنة الأعوام الستة بدجاجة. الفتاة مدركة مصير دجاجتها (الذبح والطهو لإطعام العائلة)، فتُسهِّل «هروب» الدجاجة. لكن، عندما تبحث الأم عنها، تنطلق باتجاهها رصاصات قنّاص. الفيلم الثاني يروي حكاية علاقة معقّدة بين أب وابن لم يكن يعرف أباه سابقاً. علاقة تنشأ فجأة، وتساؤلات تكاد لا تنتهي، وتدخّلات إنسانية لامرأة تحاول ترطيب الأجواء بينهما. الليلة الثانية معقودة بدورها على فيلمين: قصير بعنوان «الغرفة الزرقاء» (بولونيا ـ فرنسا، 14 د.، بالبولونية المرفقة بترجمة إنكليزية) لتوماس سفينسكي: يستيقظ رجلٌ داخل غرفة زرقاء، فلا يجد منفذاً سوى نافذة تربطه بالعالم الخارجي. داخل الغرفة، تنكشف أمامه وقائع متعدّدة بطريقة غريبة. وطويل بعنوان «أشدّ عتمة من منتصف الليل» (إيطاليا، 94 د.، بالإيطالية المرفقة بترجمة فرنسية) لسيباستيانو ريزو: يواجه المراهق ديفيد تحدّيات شتّى، بعد قراره بالإقامة في حيّز جغرافي خاصّ بالمهمّشين المنبوذين من بيئتهم ومجتمعهم. ماضي ديفيد يُطارده، وهذا بحدّ ذاته كفيلٌ بدفعه إلى اختيار قرار صعب للغاية.

السفير اللبنانية في

03.07.2014

 
 

تكريم مل غيبسون يثير جدلاً لاتّهامه بمعاداة السامية

«مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الـ49».. أسئلة الهوية والخيانات

زياد الخزاعي (كارلوفي فاري)

لحُزْمة التكريمات في الدورة الـ49 (4 ـ 12 تموز 2014) لـ«مهرجان كارلوفي فاري السينمائي» مقايسات دولية باهرة. إنها مثل سير على سراط ناري بين «اصطياد» محتفى بهم يضفون رونقاً على أماسيه، ويحشدون حفلاته، ويعزّزون أخباره ونمائمه التي يناضل الجميع، هنا، لتفويت الفرصة على تسيدها، كحال مهرجانات أوروبية رديفة، وآخرين يثيرون ضجيجاً سياسياً يلهب جبهات إعلامية نافذة، يحتاجها هذا المنتجع البوهيمي (من اسم المقاطعة التشيخية)، ما يضمن أن يكون دويّ دورته لا يُبارَى. لعلّ تكريم الأميركي مل غيبسون ليلة الافتتاح ـ بمنحه «كُرة كريستال» عن مجمل نشاطه الإبداعي ـ مناورة محفوفة بمواجهة مع نافذي هوليوود، الذين أثارتهم عبارات تفوّه بها مخموراً في أحد أيام العام 2008، اعتُبرت مُعادية للسامية، وسعوا إلى حصاره والحدّ من نشاطه. قضية عادت إلى الواجهة قبل أيام مع حماسة الممثل البريطاني غاري أولدمان له ودفاعه عن «زلّة لسانه». بينما يُكرّم صاحب «الوصلة الفرنسية» (1971) و«طارد الأرواح» (1973) وليم فريدكن بكُرة مماثلة عن «تميّز مساهمته الفنية في السينما العالمية». أما زميلتهما لورا ديرن فتقدّم، كضيفة شرف، نصّ المعلّم ديفيد لينش «متوحشان في القلب» (1982)، الذي أدّت فيه شخصية ناريّة تدعى لولا فورتشن. في حين تقدّم الفرنسية فاني آردان فيلمها الثالث كمخرجة بعنوان: «نغمات ممسوسة»، استوحت فيه شخصيات أدّتها في أعمال مخرجين كبار كفرانسوا تروفو وغيره.

نقابيون ونساء

في المقابل، يُتوقَّع أن يُشيع القائد النقابي والرئيس البولندي السابق ليخ فاليسا وهجاً نوستالجياً عندما يفتتح عرض فيلم مواطنه أندريه فايدا «رجل الأمل»، المقتبس عن سيرته ونضاله ضد الزمرة العسكرية في وارسو. بالإضافة إلى ذلك، هناك ثلاثة احتفاءات بإبداعات كلّ من صاحب «الطبقة العاملة تصعد إلى الجنّة» الإيطالي الراحل إيليو بيتري (1929 ـ 1982)، والهندي آنوراج كاشياب صانع الملحمة السياسية «عصابات وايسبور». ويتزامن تكريم البريطاني الشاب بن ريفرز، المشهود بتجريبيّته التي تجلّت في «رُقيَة لردأ الظلام» (2013)، مع مرور عام على إطلاق المهرجان خانته المميّزة «إماجينا»، المعنية بمغامرات السينما.

إلى ذلك، هناك ثلاث نساء مخرجات شابات أوروبيات ينافسن ثمانية مخرجين عالميين على «كُرة كريستال»، ليجعلوا جميعهم «المسابقة الرسمية» أشبه بـ«لمبوس سينمائي» تتصارع فيه شخصيات تسعى إلى جنّات وجودية صعبة المنال، في مقابل عيش في جحيم عالم تنافسي وحَدّي. هكذا، تصبح حيوات أبطال الفيلم الثاني للروسية أنجلينا نيكونوفا «عودة ميمونة» نموذجاً لمصائب «الحلم الأميركي» وخياناته، مكتشفين ـ إثر وصولهم الى نيويورك ـ أن مُرادهم وتحقيقه يتطلّبان أكلافاً باهظة، تبدأ من الضمير وتنتهي بالعفّة. فيما تمتثل المراهقة أنّا لخطّة والدتها في خوض تدريبات رياضية حكومية عصّية، سعياً إلى التنافس ضمن ألعاب أولمبية كعدّاءة، وتحقيق هربها إلى الغرب المرفّه، في عمل التشيخية أندريا سدلاشيكوفا «لعب نظيف». لكن العنوان يكشف زيفاً ونفاقاً عزّزهما نظام توتاليتاري فاسد. أما اللاتفية سيغني باومن فاختارت، في «أحجار في جيبي»، نظام الرسوم المتحركة، لتعلن بياناً شخصياً حول مرض توارثته عن عائلتها التي تعرّضت لمحن حروب الألمان والسوفيات وويلاتها على قطاعات شعبية في العشرينيات الماضية.

هزّ فيلم «تحنيط» مهرجان «كانّ» في دورة العام 2006، وجعل الهنغاري جورج بالفي موهبة يتصيّدها النقّاد. جديده «سقوط حرّ» لا يبتعد عن غرائبياته السينمائية: امرأة عجوز تنتحر قفزاً من سطح عمارة شاهقة، نشاهد مع سقوطها هذا مصائر ساكني شققها خلال 88 دقيقة. فيلم «مغامرة» هو أفلمة حداثية لرواية الكاتب فيدور دستوفيسكي «الليالي البيضاء»، أنجزها الكازاخستاني ناريمان توريباييف في شوارع العاصمة آلماتا: عن لوعة الحارس الليلي مارات وعشقه الموؤود للشابة مريم، التي تنتظر حبيباً غائباً لن يصل إلى موعدهما المسائي.

علاقات

إلى ذلك، هناك البلجيكي ديفيد لامبيرت الذي يسرد، في «تحت تصرفك»، علاقة فاسدة النيّات بين شاب أرجنتيني مثليّ نَوَى تحسين حياته، وصاحب مخبزة بلجيكي سعى باستقدامه إلى استعباده جنسياً، وارتهانه كسخرة عمل. أما الجورجي جورج أوفاشيفيلي، فيعود في فيلمه الثاني «جزيرة الذرة» إلى العزم البشري، عبر حكاية فلاّح عجوز مستوحد وسط مزرعته الصغيرة في برية ساحرة، حيث الاكتفاء موهبة، والصمت منّة.

قبل خمسة أعوام، صوّر المكسيكي خورخيه بيريث سولانو في باكورته «لولب» هجرة أزواج لعائلاتهم بحثاً عن عمل، ما أدّى إلى انهيار عوالمهم وأواصرهم. في جديده «لا تريسيا»، يرصد مصيبة جديدة تتمثّل في عودة هؤلاء وانغماسهم بالخيانات. حكاية امرأتين تحملان من رجل واحد. والسؤال: هل تتخلّيان عن أطفالهما، أم عن شريكهما؟ صاحب الكوميديا الصامتة المدهشة «لا للبيع ولا للإيجار» (2011) الفرنسي باسكال راباتيه يحقّق، في جديده «قطران وريش» (اسم عقوبة شهدتها القرون الوسطى)، درساً أخلاقياً حول منابت البشر وخساراتهم: حكاية الشاب كريستيان (سامي بوعجيلة) وتخبّطه بين تهوّره وسعيه إلى أن يكون أباً فاضلاً، وانتظار المودّات الغائبة. على المنوال نفسه، وفّر المخرج المسرحي التشيخي مورسلاف كروبوت فرصة لممثّلي فرقته في باكورته «لا مكان في مورافيا» لعرض تمايزهم الأدائي، عبر حكاية عائلة تعيش في مزرعة نائية وسط يوميات الضجر والـ«نقّ» والبغض والمكائد.

السفير اللبنانية في

03.07.2014

 
 

رغم إخفاقاتها الأخيرة

سينما الوسترن على موعد جديد مع هواة قصص الغرب وديكابريو

لندن: محمد رُضــا

على الرغم من أن قلة من المشاهدين، نسبيا، اكترثت لفيلم «مليون طريقة للموت في الغرب» الذي انطلقت عروضه في مطلع الشهر الماضي، واكترثت أقل لفيلم «ذ لون رانجر» الذي شهد عروضه قبل سنة تامة، إلا أن العمل على «المبعوث«The Revenant سينطلق ليكون جاهزا للعرض في مطلع العام المقبل.

الجامع بين هذه المشاريع الثلاثة هو أنها أفلام «وسترن». الأول كوميدي النبرة من بطولة وإخراج سث ماكفارلان، الثاني مغامرات عشوائية الشكل من بطولة جوني دب وإخراج غور فربينسكي، أما الثالث فهو من إخراج أليخاندرو غونزاليز إناريتو ومن بطولة ليوناردو ديكابريو وتوم هاردي.

إلى جانب أن المخرج الثالث هو أفضل من المذكورين السابقين معا، هناك تحد ملقى على عاتق صاحب «بابل» و«بيوتيفول» و- الفيلم الأشهر - «جاذبية». فهو يدفع باتجاه نوع من الأفلام بات محدود القدرة على الجذب ولولا اسم إناريتو ونجاح فيلمه الخيالي العلمي المبهر الأخير لما قررت إحدى شركات هوليوود «نيو ريجنسي» توظيف عشرات ملايين الدولارات (إن بقيت الميزانية دون المائة ألف) في شكل سينمائي استنفد نجاحه الكبير مع نهاية السبعينات.

الحال، بالنسبة لأفلام الوسترن، لم يكن هكذا مطلقا. في الثلاثينات والأربعينات والخمسينات، كان نصف الإنتاج الأميركي هو من هذا النوع تحديدا. الإقبال عليه كان مثل الإقبال على أفلام الخيال العلمي اليوم أو الهواتف الذكية حاليا. هو الذي صنع صرح مخرجين كبارا في تاريخ هوليوود مثل جون فورد وراوول وولش وهوارد هوكس وبد بوويتكر وأنطوني مان ودلمر دافز وسواهم الكثيرون. والنوع هو جعل من راندولف سكوت وجون واين وأودي مورفي وهوبيلانغ كاسيدي وعشرات آخرين نجوما فوق الريح.

فيلم «الوسترن» هو النوعية الأميركية الصافية. هو كل ما لدى أميركا تقديمه من تاريخ خاص بها، ففي حين تستطيع السينمات الأوروبية الحديث عن تاريخ أبعد منالا، الغرب الأميركي وحروب السيطرة عليه ونشوء النزاعات الجماعية والفردية والطينة البكر التي بلورت كل ما هو «أميركانا» لاحقا ولد في نحو قرنين من الزمان سبق مباشرة حرب الاستقلال ثم الحرب الأهلية وتواصل إلى العقود العشرة الأولى من القرن العشرين.

الوسترن هو أميركي، مثل السباغتي بالنسبة لإيطاليا وشانيل بالنسبة لفرنسا ولندن بريدج بالنسبة لبريطانيا. وكل سينما في العالم تصنع الفيلم الكوميدي والعاطفي والبوليسي والمرعب والموسيقي والدرامي، السينما الأميركية وحدها هي التي تصنع الوسترن أميركيا وعلى أصوله. أما المحاولات التي تمت في ألمانيا أو إيطاليا أو إسبانيا في الستينات فهو تقليد يصل إلى درجة الهزر، أما الوسترن الأميركي فهو النوع الأميركي الخالص في السينما. ليس فقط لأنه انطلق من عام 1903 بفيلم «سرقة القطار الكبرى» لأدوين س. بورتر بل أساس لأنه نوع يستند إلى التاريخ ذاته. هكذا كانوا. هكذا حاربوا. هكذا تصرفوا. هكذا كانوا أبطالا وهكذا كانوا أشرارا هكذا حملوا المسدسات حول خصورهم، وارتدوا القبعات العريضة فوق رؤوسهم.

* حين أخفق المثقفون

* في زمن مضى، ربط الكثير من المثقفين العرب وعدد كبير من المثقفين في الغرب، بين سينما الوسترن وبين الإمبريالية متمثلة بالولايات المتحدة التي تحاول خلق حالة رواج للبطل الأميركي وجعله نموذجا يحتذى به. لكن المسألة ليست بهذه البساطة والتجريد، ولا هي على هذا النحو من التعميم الذي يطلقه المرء ويمضي عادا أن رصاصته الطائشة أصابت الهدف المقصود.

الوسترن الأميركي كأي نوع من أنواع السينما الروائية، عبارة عن قصص تروى وشخصيات تؤديها وأفكار تتناقلها الصور. ما في داخل القصص وما تعكسه تلك الشخصيات من مواقف وما تعبر عنه تلك الصور هو أمر لا علاقة له بما يعتري الموقف المتطرف سواء أكان مؤيدا لها أو معارضا. أفلام الوسترن حفلت بأنواع من المواضيع: أفلام الصراع بين المستوطنين البيض وأصحاب الأراضي (الهنود الحمر)، أفلام الحرب الأهلية وما تخللها أو تلاها، أفلام رعاة البقر (وهي فئة من الفئات وليست كل الفئات كما درج البعض على اعتبارها لأنها تدور بطبيعة الحال حول رعاة بقر)، أفلام المدن حيث الصراع بين الأخيار والأشرار يدور داخل البيئة الاجتماعية ذاتها. وهناك الوسترن الجاد، والوسترن الهزلي، والوسترن الغنائي، والوسترن النفسي والوسترن المعادي للغرب وذلك القائم على الحركة وحدها.

إلى كل ذلك، فإن النظر إلى البطل على أساس أنه كان يسعى لنشر البطولة الأميركية كنموذج للعالم، كما كان يقال، تجده في معظم الأحوال قاصرا. فالحال أن معظم أبطال الغرب الأميركي هم من المهزومين اجتماعيا، من المتضررين ماديا، من الذين هربت أيامهم الماضية مندثرة بين أصابعهم وما زال المستقبل بعيد الحدوث. أبطال الغرب يسعون إلى تأسيس عدالة ليس من الضروري أن تعني شيئا لأي مجتمع آخر ولا تتعدى دلالاتها حدود ولاية أريزونا أو تكساس أو وايومنغ، ولا حتى حدود أي مدينة قديمة في أي من هذه الولايات.

وهي أفلام تقول الكثير ضد أميركا ونشأتها التي بنيت، حسب الكثير من الأفلام ومن دون تدخل فيما تقول، على الجشع والسرقة ونهب الأراضي وسرقة المواشي والعنف وسطوة الجريمة.

ومع أن هناك أفلاما من نوعية البطل الذي دائما على حق (ما يجعله غبيا في القراءة المعمقة) إلا أن هناك أفلاما ضد هذا النوع من الأبطال، وضد الإنسان الأبيض الذي غزا الغرب وقضى على حضارة القبائل التي عاشت فيه وحاربها وقتل ملايين منها.

هبوط اضطراري

سينما الوسترن كانت الأكثر انتشارا بين أنواع السينمات الأخرى (البوليسي والعاطفي وأفلام الرعب والخيال العلمي). في النصف الثاني من الخمسينات تأثر قبل سواه من الأنواع بالهجمة التي شنها التلفزيون على هذا النوع فحصد الكثير من الوجوه التي لعبت أدوار البطولة أو الأدوار المساندة وصنع مسلسلات كثيرة كلها راجت لفترات قصيرة أو طويلة مثل «رد رايدر» و«هوبلانغ كاسيدي» و«آني أوكلي» و«مغامرات رن تن تن» في الخمسينات و«رانغلر» و«آوتلوز» و«روهايد» و«الفرجيني» في الستينات (وهناك مئات سواها).

على ذلك، لم يتوقف «وسترن» الشاشات الكبيرة. هوليوود حاربت لأجل دعمه مما جعله ينتقل من مجرد أعمال صغيرة ومتوسطة الإنتاج في الغالب إلى أفلام مكلفة ترصع بالنجوم على الرغم من أن عدد المنتج من هذا النوع تضاءل عما كان عليه سابقا إنها الفترة التي بدأنا نشاهد فيها جون واين بالألوان، والفترة التي ولد فيها سينمائيا كلينت أيستوود. كذلك هي الفترة التي توقفت - عمليا - هوليوود عن تصوير البطل المطلق أو التعامل فوقيا وعنصريا مع المواطنين الأصليين. وهذا المد استمر إلى نهاية السبعينات ثم توقف في الثمانينات.

هوليوود حاولت إبقاء العلاقة بين هذا النوع وبين المشاهدين الجدد (المراهقين والشبان) قائمة في الثمانينات والتسعينات فعمدت إلى جعل أبطالها مجموعة من النجوم الشبان بمواضيع لا تحمل أي عمق يذكر وبشخصيات تشابه شخصيات الممثلين الذين يقومون بأدائها لدرجة التماثل. فقط المكان والزمان مختلفان، أما تصاميم الشعر والنظرات والابتسامات فكلها من نوع أغلفة المجلات. من بين هذه الأفلام «فتيات سيئات» (1994) و«وايلد وايلد وست» (1999) من بين أخرى.

فيلم واحد من ذلك الحين تجرأ على أن يكون جادا وهو «جيرونيمو: أسطورة أميركية» لوولتر هيل الذي استخلص من التاريخ الأميركي تلك الحرب الكبيرة التي قادها زعيم الأباتشي جيرونيمو ضد الجيشين المكسيكي والأميركي بمجموعة محاربين لم تتجاوز 35 فردا لأكثر من سبع سنوات.

حين فشلت محاولة صنع رواج من هذه الأفلام توقف ضخ المزيد من الأفلام. كلينت إيستوود أخرج «غير المسامح» وأخرج كڤن كوستنر «الرقص مع الذئاب» ثم «سلسلة هضاب مفتوحة» لكن عدا ذلك قليلا، بل نادرا ما ذهبت هوليوود في اتجاه الغرب الأميركي من جديد.

في عام 2007 أقدمت هوليوود على تحقيق فيلمين رئيسين هما «10:3 إلى يوما» و«اغتيال جسي جيمس على يدي الجبان روبرت فورد». الأول بوشر بعرضه تجاريا في الولايات المتحدة هذا الأسبوع، والثاني عرض في مهرجان ڤنسيا الأخير وحصل براد بت عنه على جائزة أفضل ممثل.

النجاح كان محدودا لدرجة. أن فيلم الوسترن الأول بعد ذلك ظهر في نهاية سنة 2010 عندما قامت المخرجة كيلي رايكهارت بتحقيق الفيلم المستقل «اختصار ميك» تبعها الأخوان جوول وإيتان كوون بفيلم «عزم حقيقي». منذ ذلك عام وحتى 2013 تم تحقيق خمسة أفلام أخرى من تلك التي عرضت سينمائيا بينها «دجنغو طليقا» لكوينتين تارنتينو و«ذا لون رانجر» لغور فربينسكي. لا يدخل في هذا العدد بضع عشرات من أفلام الوسترن الصغيرة التي توجهت إلى أسطوانات الديجيتال.

لكن هذا الاستمرار الصعب وحده يدل على أن الوسترن لم يمت تماما وأن هوليوود تستطيع أن تستمع إلى مشروع جديد إذا ما توفرت له العناصر الصحيحة.. على ذلك، هذه العناصر ليست ضمانا وعليه لا يمكن توقع أن تعود عقارب السينما لتلائم عقارب القرن التاسع عشر حيث دارت رحى أكثر أفلام الوسترن نجاحا

الشرق الأوسط في

03.07.2014

 
 

"البحث" أول فيلم ينصف الشيشان

أمير العمري 

للوهلة الأولى قد يستعصي تصنيف هذا الفيلم على المشاهد، فهو يبدأ بداية تسجيلية خالصة، ففي مشهد طويل نشاهد مجموعة من الجنود الروس في الشيشان يعبثون بمصير أسرة في بلدة حدودية وهم يضحكون مشهد بإطلاق الرصاص مباشرة على رأس الرجل ثم زوجته، بينما يشاهد ابنهما، وهو طفل في العاشرة من عمره، ما يحدث من خلال النافذة. ويستمر الطابع التسجيلي ليصبغ الكثير من مشاهد الفيلم التالية. مشاهد القصف العشوائي للقرى الشيشانية، والفظائع التي ترتكبها القوات الروسية في الشيشان في الحرب الثانية عام 1999، وهدم المنازل، مشاهد النزوح الجماعي للآلاف من السكان، والتنكيل بالنساء والأطفال.
الفيلم هو "البحث" The Search والمخرج هو الفرنسي (من أصل ليتواني)

Michel الذي فاجأ العالم قبل ثلاث سنوات بفيلمه الممتع "الفنان" The Artist الذي كان يحاكي فيه ببراعة، الأفلام الأمريكية الصامتة، وقد مضى هذا الفيلم ليحصد عددا كبيرا من الجوائز أهمها أحسن إخراج وأحسن فيلم في مسابقة "الأوسكار". لكن هازانافسيوس يعود اليوم بفيلم مختلف تماما، فهو لا ينحو بأي حال، إلى "التسلية" أو "تحقيق المتعة والاستمتاع"، بل على العكس، يرمي إلى تحقيق "الصدمة" بهدف كشف الجانب الخفي المسكوت عنه في حملة الروس على الشيشان، من زاوية إنسانية، تكشف وتعري وتفضح وتحتج. إنه بهذا المعنى أيضا، يصبح فيلما سياسيا بامتياز، لكنه أيضا عمل له مواصفاته الجمالية الخالصة التي تصل في بعض المشاهد إلى مستوى الشعر

ولاشك أن فيلما مصمما لكي يكشف المأساة الإنسانية التي نتجت عن إجتياح القرى الشيشانية من قبل الجيش الروسي، سيتجه إلى إتخاذ موقف مخالف لما درج الإعلام العالمي- الغربي بخاصة- على ترديده والترويج له والتركيز عليه، أي أنه قد يتجاهل الجانب الآخر في الصراع، الذي نعت أمام الجمهور طويلا بأنه "إرهابي"، مدفوع بالكراهية والعداء للإنسانية.. هكذا على نجو تجريدي، دون أدنى اهتمام بكشف أسباب العنف.

اقتباس الفكرة

يقول المخرج في مقابلة منشورة معه في النشرة الصحفية للفيلم التي وزعت في مهرجان "كان" السينمائي الأخير حيث عرض الفيلم داخل المسابقة الرسمية، إنه اقتبس فكرة فيلمه من الفيلم الأمريكي الذي يحمل الإسم نفسه، أي "البحث" The Search الذي أخرجه فريد زينمان عام 1948، وكان موضوعه يدور حول طفل يهودي يغادر معسكر اعتقال نازي في ألمانيا بعد أن انفصل عن أسرته التي لا يعرف ما انتهى إليه مصيرها، يلتقي بجندي أمريكي يتبناه ويساعده في البحث عن أسرته. وفي الوقت نفسه تبحث أمه عنه في ربوع أوروبا المحطمة بعد الحرب.

هنا نحن أيضا أمام هذا الطفل "حاجي" الذي شهد مقتل والديه، واضطر إلى ترك شقيقه الرضيع لدى أسرة سعيدة الحظ لم يهدم منزلها بعد في القرية اتي تعرضت للقصف الشديد، ويغادر "حاجي" القرية ويظل يسير هربا من الكابوس المرعب إلى أن تقوده قدماه إلى معسكر اللاجئين الذي تشرف عليه منظمة الصليب الأحمر الدولية. هناك يلتقي بالمسؤولة عن إيواء اللاجئين وهي "هيلين" الأمريكية التي تحاول بشتى الطرق أن تستمع إلى قصته لكنه لا يستجيب، فهو فقد القدرة على النطق من هول ما شاهده، أو لعل امتناعه عن الكلام يعبر عن رفضه التخاطب كع "الآخر" بعد أن أصبح لا يشعر بالاطمئنان لأحد. من هذا الخط، ينبع خط درامي جديد يرتبط بشخصية "كارول" الفرنسية ممثلة لجنة حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي، التي أتت لدراسة أوضاع اللاجئين وكتبت تقريرا أقرب إلى الاستغاثة العاجلة لانقاذ حياة عشرات الآلاف المعرضين للموت، ورفعت التقرير إلى المسؤولين في الاتحاد الأوروبي لكنهم أصموا آذانهم. وهي تصرخ على الهاتف في أذن رئيسها على الطرف الثاني من الخط، تحتج على سياسة عدم المبالاة بينما يتسع نطاق المأساة الإنسانية يوما بعد يوم.  تلتقي كارول مصادفة بحاجي الذي غادر المعسكر وأصبح شريدا، وتقرر أن تؤويه في مسكنها، وتحاول بلا جدوى، أن تدفعه لكي يروي لها ما وقع له، وفي الوقت نفسه يدخل الخط الدرامي الثالث إلى الفيلم عندما نرى شقيقة حاجي "رايسا" تبحث عنه في كل مكان.

من هذه القصة المتداخلة المتشابكة الأطراف، يقدم الفيلم صورة تفصيلية شديدة الصدق، لواقع الحرب، للمتاهة التي تبتلع كل الجهود التي ترمى إلى التخفيف من المأساة، ويصور حالة اليأس والقنوط التي تنتاب الراغبين في عمل شيء، أي شئ لوقف نزيف الدماء.

على مستوى آخر، يتابع سيناريو الفيلم قصة أخرى بنفس اهتمامه بمتابعة قصة "حاجي"، هي قصة "كوليا" وهو طفل آخر أو بالأحرى، فتى روسي مراهق مثل غيره من ملايين الشباب، يهوى السهر واللهو والشراب، تضبطه الشرطة وفي حوزته قطعة من المخدرات فيصبح عليه أن يختار بين السجن أو الالتحاق بالجيش، فيختار الحل الثاني، لكنه بهذا الاختيار يتجنب السجن لكي ينفذ إلى الجحيم بعينه. في الجيش يتعرض كوليا لكل أنواع التنكيل والإهانة والاذلال، وتتم إعادة تشكيله بحيث يرضخ لما يطلبونه منه دون اي محاولة للتفكير أو لطرح التساؤلات، ثم يرسلونه إلى جبهة الحرب في الشيشان حيث يتعرض هناك لمزيد من العنف الذي يمارسه عليه رؤساؤه، وهم يلقنونه أن كل سكان الشيشان ليسوا سوى إرهابيين وقتلة يستحقون الإباد ةإلى أن  يتحول "كوليا" إلى آلة صماء تمارس القتل العشوائي بكل قسوة. إن كوليا نموذج آخر لما فعلته الحرب بالشباب. هو ضحية ذلك الانسياق الأعمى وراء سياسات تؤدي إلى مآس إنسانية يغمض العالم عينيه عنها!

صورة صادقة

لاشك أن فيلما كهذا ليس من الممكن اتهامه باتخاذ موقف على حساب طرف آخر غائب هو طرف المقاتلين الشيشان، فكما أشرنا ليس موضوع الفيلم الحرب نفسها، ودوافعها وتطوراتها وتاريخ المنطقة في علاقتها بروسيا.. وما إلى ذلك، لكن الهدف الأساسي من الفيلم هو تصوير ذلك المأزق الإنساني الذي يدفع إلى تغييب العقل، إلى الامتناع عن الكلام واللجوء للصمت، إلى العجز عن المواجهة، مواجهة ذلك المصير الذي لا يبدو أن أحدا في العالم (المتحضر) يأبه له!

من هذه الزاوية نجح المخرج في تحقيق عمل يشع بالصدق والقوة التي تشمل كل تفاصيل الصورة: التصوير في جبال جورجيا في منطقة تكاد تتطابق مع طبيعة القرى في الشيشان، استخدام الكاميرا المحمولة المهتزة الحرة التي تحطم فكرة الصورة كلوحة ثابتة، وتجعلها عالما متعدد الطبقات والمستويات، أقرب ما تكون إلى صور الأفلام التسجيلية الميدانية، استخدام اللون الرمادي الشاحب الذي يطغى على اللقطات لكي يعكس كآبة الحرب وما أنزلته بالطبيعة الجميلة في المنطقة من دمار، الموسيقى التعبيرية الكلاسيكية التي تكثف إحساسنا بالمأساة، إعادة تصميم المواقع واستخدام المجاميع الكبيرة من الممثلين الثانويين (الكومبارس) في مشاهد مخيم اللاجئين، معسكرات الجيش، ومركز الاعتقال الجماعي.. إلخ
ربما يعيب الفيلم بعض التكرار والإسهاب في تصوير العلاقة بين كارول وحاجي، وربما أيضا يستغرق الفيلم زمنا طويلا قبل أن يبدأ حاجي في الشعور بنوع من الألفة تجاه كارول فيبدأ في سرد قصته عليها، دون أن نعرف نحن ما يكفي عن كارول نفسها وعن دوافعها وماضيها. وربما ينحرف الفيلم قرب نهايته في اتجاه "الميلودراما" التي تفيض بالمشاعر وترتبط بالمصادفات المختلقة، وربما يعاني الفيلم نتيجة لتعدد الخيوط، من الطول المفرط (يبلغ زمن الفيلم ساعتين نصف الساعة) لكنه ربما يكون الفيلم الروائي الوحيد الذي يتناول موضوع الحرب في الشيشان بكل هذا القدر من التفصيل والقدرة على الجمع ببراعة بين الأسلوبين: التسجيلي والروائي.

حاجي يتكلم في النهاية يروي مأساته لكارول، لكن رايسا شقيقة حاجي تفشل في العثور عليه في مخيم اللاجئين، فتلجأ إلى مقرالصليب الأحمر حيث تلتقي بهيلين، لكن هيلين التي سبق لها محاولة الاستماع الى حاجي دون نجاح، لا تعرف مصيره، ولا تعرف أنه يقيم مع كارول التي ترها من وقت لآخر، وبالتالي تنصرف رايسا وتستقل القطار للعودة من حيث أتت. لكنها تظهر قرب النهاية ونعرف أنها تراجعت عن قرارها بالرحيل وفضلت البقاء وقبول عرض هيلين بالعمل في مقر الصليب الأحمر في رعاية الأطفال الذين أبدوا تعلقا شديدا بها خلال الفترة القصيرة التي أمضتها معهم.

هنا يحدث ما يعرف بـ "الإنقاذ" في اللحظة الأخيرة، ذلك الأسلوب الذي ابتدعه رائد الفيلم الأمريكي جريفيث، عندما يتم الجمع بين الخطين المتوازيين، فيحدث اللقاء أخيرا بين حاجي شقيقته رايسا، لكي ينتهي الفيلم نهاية سعيدة. ولكن هل هي سعيدة حقا؟ وهل أصبح العالم أفضل مما كان عليه؟

من أبرز العوامل الفنية في الفيلم تمثيل الطفل عبد الحليم ماماتسوييف وهو طفل شيشاني لم يسبق له التمثيل اختاره المخرج من بين 400 متقدم للقيام بالدور، ولعله أكبر اكتشاف في هذا الفيلم بتقائيته وملامحه المعبرة وقدرته الهائلة على مزج الحزن بالبراءة بالمرح. ويبرز أيضا أداء كل من أنيت بيننج في دور هيلين، وبيرنيس بيجو (بطلة فيلمي "الفنان" و"الماضي") وهي زوجة المخرج، وقد أدت اداء جيدا في حدود ما سمح به السيناريو في رسمه لملامح شخصيتها، وربما يكون قد شاب أداءها بعض المبالغة وتكرار الانفعال، لكن لاشك أيضا في أن وجودها على الشاشة له سحر خاص.

الجزيرة الوثائقية في

03.07.2014

 
 

«زي النهاردة».. وفاة الفنان أمين الهنيدي 3 يوليو 1986

كتب: ماهر حسن

يعد الفنان أمين الهنيدي، أحد أشهر ممثلى الكوميديا المصريين، وهو مولود في المنصورة، في 1 أكتوبر 1925، وكان أثناء دراسته بمدرسة شبرا الثانوية قد انضم إلى فرقة التمثيل بالمدرسة،وحين التحق بكلية الآداب انضم لفريق التمثيل بالكلية، لكنه ترك كلية الآداب والتحق بكلية الحقوق، ثم تركها والتحق بالمعهد العالى للتربية الرياضية، وتخرج فيه عام 1949 وعين مدرساللتربيةالرياضية،ثم انضم لفرقة نجيب الريحانى ومثل مسرحية واحدة وفى 1954سافر إلى السودان وهناك التقى بالفنان محمد أحمد المصرى الشهير بـ«أبولمعة»وكونا معا فرقة مسرحية بالنادى المصرى بالخرطوم التي كانت بدايته الفنية الحقيقية.

وبعد عودته إلى حيث التقى عبدالمنعم مدبولي والمؤلف يوسف عوف، واشتركوا في البرنامج الإذاعى «ساعة لقلبك»والذى ظل يقدم لسنوات طويلة بنجاح كبيرثم التحق بفرقة تحيةكاريوكا وفى هذا الوقت تكونت فرقة التليفزيون المسرحية، وانضم إليها وحقق نجومية كبيرة من خلال الأدوارالتى أسندت إليه، ومنها دور الحانوتي في مسرحية «أصل وصورة» ودور المدرس في مسرحية «لوكاندة الفردوس» ثم كانت مسرحية «حلمك ياشيخ علام». ولهنيدي نحو 40 فيلماً والعديد من المسرحيات، وقد بدأ مشواره السينمائى عام 1961بفيلم الأزواج والصيف، ومن أشهر أفلامه «غرام في الكرنك ومنتهى الفرح وحارة السقايين وشنطة حمزة وأشجع رجل في العالم و7 أيام في الجنة».

وكان مقلا في السينما، حيث كان المسرح معشوقه الأول، كما شارك في العديد من التمثيليات التليفزيونية والإذاعية الرمضانية إلى أن توفى «زي النهاردة» في 3 يوليو 1986.

المصري اليوم في

03.07.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)