كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

«حياة ساكنة» لأوبيرتو بازوليني.. يوميات الوحدة

نديم جرجوره

 

لوهلة أولى، يخال مُشاهد «حياة ساكنة» (2013) لأوبيرتو بازوليني نفسه أمام متتاليات تكاد لا تنتهي عن الحياة الروتينية اليومية لجون ماي (إدي مارسن)، العامل في بلدية بلدة صغيرة في جنوب لندن، والمعني بمتابعة مراسم دفن عجائز يموتون وحيدين. المتتاليات الأولى تعكس تطابقاً صارماً في التفاصيل اليومية التي يمارسها ماي، من منزله إلى وظيفته وبالعكس، مروراً بمحال يتبضّع منها حاجياته الغذائية العادية جداً، والمتشابهة جداً. وتُقدّم عوالم متفرّقة عن المناخ العام الذي يعيشه الرجل الوحيد والمنعزل، ابن الأعوام الأربعين. لكن، شيئاً فشيئاً، يتفتّق المشهد عن أعماق إنسانية مفتوحة على أسئلة الحياة والموت، والعزلة والعلاقات، والوظيفة والتشرّد، والانكسار والخيبة، والصمت والتأمّل، وغيرها من العناوين التي تزنّر يوميات الناس عادة، والتي تحاصر جون ماي من الجهات كلّها، قبل أن يُصاب بـ«لوثة» التمرّد التدريجي على الذات والمحيط والآخرين، في إحدى لحظات التجلّي الفردي الفاقع بجماليته وحُسن إطلالته.
تتّسع دائرة الحياة اليومية هذه لجون ماي لأسئلة كثيرة، ولحكايات استقاها من الملفات الخاصّة بالراحلين، ومن صُوَرهم الفوتوغرافية العائدة إلى أعوام متفرّقة من حيواتهم، ومن هوامش خاصّة بهم يُلملمها الرجل من هنا وهناك، كي يبني عالماً مستقلاّ بحدّ ذاته، يعينه على إقامة مراسم لائقة لجنازة هؤلاء الوحيدين والمهمّشين، ولدفنهم ضمن الأصول المتّبعة في عقائدهم. ولأن أوبيرتو بازوليني (مواليد روما، 1 أيار 1957) متورّط بتقديم الهوامش كتورّطه في سرد المتن الحكائي الأصلي أيضاً، توغّل عبر الكاميرا في مسام كل لحظة، نافضاً عنها كل غبار، ودافعاً إياها إلى البروز كمفردة أساسية في صلب النصّ. فالكاميرا تضجّ بالتفاصيل الصغيرة التي تقول أشياء عديدة عن جون ماي وعالمه الخاص، وعن وظيفته وسلوكه المهني، وعن علاقاته بالآخرين، كما بالحياة والموت. والملامح، المتعلّقة بالوجه والجسد والحركات وكيفية مَشيِه ونوعية الملابس التي يرتديها وألوانها وغيرها، تُصبح نواة الحكاية والذات معاً، كأنها مدخلٌ إلى ما يرغب بازوليني في تحقيقه: قراءة معاني العزلة داخل إطار الجماعة الذاهبة إلى موتها حتماً.

لكنّ كل شيء ينقلب في المسار التقليدي لحياته، عندما يُصرّ على دفن عجوز كان جندياً في «حرب الفوكلاند»، التي اندلعت بين بريطانيا والأرجنتين بين 2 نيسان و14 حزيران 1982. كانت مهمته الأخيرة، وكانت الحلقة التي يُفترض بها أن تختم مساره المهني. لكنها كانت أيضاً بداية مرحلة جديدة، تمثّلت بلقائه ابنة العجوز المتشرّد، بهدف ترتيب مراسم دفن تليق به، هي التي لم تعرف شيئاً عن والدها منذ أعوام مديدة. بداية مرحلة؟ أو بداية نهاية غير متوقّعة؟

حافظ أوبيرتو بازوليني على نسق متماسك في سرد الحكاية من وجهة نظر رجل أربعيني يعمل مع الموتى ويعيش مع الأحياء، وإن بعيداً عنهم جميعهم. فالتصوير مترافق وقوة التعبير البصري الصامت عن عوالم جون ماي، والتوليف متلائمٌ والملامح التي تميّز الرجل في يومياته. بينما لم تخرج البلدة من قسوة الطبيعة التي تزنّرها، كأن يكون الرماديّ أكثر سطوة على الإضاءة، وكأن يكون البياض فاعلاً أحياناً وإن بشكل غامق يميل إلى تفعيل معاني الحزن والبساطة والسكينة الملتبسة. أما النصّ الأصلي، فمتين في بنيته السردية، ومتماسك في متابعته حكاية رجل رأى، في وظيفته هذه، سعادة حقّة، ربما بسبب قناعته بها، وقبوله إياها كنوع من ترضية الذات في مرافقة الراحلين في لحظات عبورهم إلى الضفّة المقابلة للحياة، مخفِّفا عنهم قسوة وحدتهم وعزلاتهم.

بين لقطات أولى تختزل وظيفة جون ماي وعالمه ودقائق عيشه، ولقطات أخيرة تعكس انعدام الوحدة لديه بفضل قيام الراحلين من قبورهم لوداعه الأخير (في مشهد مؤثّر وانفعالي جميل)، شكّل «حياة ساكنة» مساحة تأمّل سينمائي وإنساني وثقافي، في أحوال الدنيا والناس والعلاقات والمسارات والأقدار والخيبات.

السفير اللبنانية في

21.05.2014

 
 

"بلاد الصلحاء" خفايا علاقة المغاربة بالأولياء

زبيدة الخواتري 

يعد فيلم " بلاد الصلحاء" الذي تم تقديمه مؤخرا في اطار البرنامج الثقافي لمدينة الثقافة والفنون بآسفي المغربية واحدا من الأفلام الوثائقية التي تتوخى التعريف بغنى الموروث الثقافي المغربي، وطرح السؤال حول ظاهرة الزوايا والأضرحة

ويقع هذا العمل الذي تجاوز تصويره مدة ثلاث سنوات في ثمانين دقيقة، وقد قام بإخراجه المخرج المغربي صلاح الجبلي الممثل والفنان المسرحي وأيضا المخرج  والمنتج لعدد من الأفلام السينمائية القصيرة مثل "نقطة نظام ، وسفر"  وقد كتب نص هذا الفيلم محمد شويكة. ويمثل العمل خارطة طريق بالنسبة للمهتمين بالتاريخ الاجتماعي والأنطربولوجي وأيضا علم الاجتماع باعتباره يرصد مجموعة من الظواهر المرتبطة بالاعتقاد وتكوين الفكر الجماعي الذي يتخذ الجانب الروحاني فيه حصة الأسد، وهكذا تتجول عدسات الكاميرا بين أرجاء المغرب شمالا وجنوبا شرقا وغربا لتعرف بمختلف الأولياء والصالحين وببركاتهم والخصال التي ميزتهم عن غيرهم  تكريسا للمقولة السائدة " اذا كان الشرق بلاد الرسل والأنبياء فالمغرب بلاد الأولياء". 

الفلم كتابة سردية توثيقية بالصورة والصوت للعديد من الأضرحة، معززا عمله التوثيقي هذا بأرقام وإحصائيات، ستشكل مستقبلا أرشيفا للباحثين في تاريخ"المقدس" في المملكة المغربية، ومرجعا لكل تحليل سوسيولوجي والأنتربولوجي والسيكولوجي، لكون الفلم لم يقف عند تصوير الزخارف العالقة بالجدران أو التمائم وما إليها من الرموز التي يتكئ عليها "المقدس" والأسطوري، ولكنه دعم عمله بأرقام وإحصائيات وشهادات من داخل الأضرحة ومن خارجها، وهو ما أضفى على هذا العمل الفني/الوثائقي قيمة علمية استرعت اهتمام المتتبعين والمختصين بالخصوص

الفلم الذي يغطي ثمانين دقيقة من العرض، كان نجح في استثمار الموروث الموسيقي في تعامله مع المؤثرات الصوتية، إذ تم توظيف الأهازيج الشعبية الخاصة بكل منطقة يوجد بها ضريح من الأضرحة، وكذا الرقصات المعبرة عن الحالة وذات الدلالة الجسدية المرتبطة بتخصص هذا الضريح أو ذاك… وقد نفذ الفيلم من خلال جولة الكاميرا داخل الضريح وخارجه وفسح المجال للمعنيين للحديث للخاصية التي يتميز بها كل ضريح، فلكل ولي خاصية يلجأ اليه العبد من أجلها ويأتي عادة في حالة نفسية سيئة قوامها اليأس والاحباط والانهيار الكلي الذي قد يصل بالبعض حد الانتحار أو القيام بسلوكات غير طبيعية وبمجرد الزيارة يتحقق المنى وهو الراحة النفسية ومنهم من تقضى حوائجه ، وهي أمور يختلط فيها المقدس بالمدنس فالحكمة الالهية بالمقابل تقتضي الدعاء وعدم الشرك بالله واللجوء اليه دون سواها وأساسا دون وسيط حتى لو كان وليا صالحا عرف بورعه وتقواه فموازين القوى والحساب لايعلمها الا الله ، كما أن حقيقة هذا العبد أو ذاك لا يمكن الجزم بها الا من الله لأنه المضطلع على سرائر النفوس ومصائرها.

وبالاضافة للحوارات التي تتخللها الفيلم مع عامة الناس من زوار ومريدي الأولياء كان هذا العمل مناسبة للانفتاح على مجموعة من العلوم كالأنطربولوجيا والسوسيلوجيا دون نسيان الجانب التاريخي حيث تضمن هذا الفيلم الوثائقي وقفات مع مؤرخين وباحثين من مشارب علمية عديدة للوقوف على ظاهرة الأولياء والصلحاء في بلاد المغرب هذا الموروث التاريخي الغارقة جذوره في أعماق التاريخ والذي لازال موجودا ليومنا هذا يتوارث عبر الأجيال.

ودون أن نخاف مجانبة الصواب لابد أن نخلص لكون هذا العمل الذي شد أنظار المشاهدين في مدينة آسفي سيعرف نجاحا أثناء عرضه جماهيريا، كما سيشكل أرشيفا للمهتمين بهذا الجانب سواء في الداخل والخارج، وهو إلى جانب ما سبق يكشف عن المجهودات التي بُدلت من أجل اغناء النص قبل تحويله إلى سيناريو

الجزيرة الوثائقية في

21.05.2014

 
 

جورج نصر:

حمل لبنان للعالمية قبل أن يعرفها الآخرون

بيروت- الجزيرة الوثائقية 

من الوجوه البارزة التي أنتجها تطور السينما مطلع القرن العشرين، ووفودها إلى لبنان مبكرا، أي في عشرينات القرن الماضي، المخرج جورج نصر الذي ادخل لبنان إلى العالمية للمرة الأولى أواسط الخمسينات، ولربما عرٌف لبنان بالعالمية يوم لم يكن أحد فيه يهتم بها، أو يدرك أهميتها.

ويعتبر وصول نصر، حاملا بلده معه إلى مهرجان كان 1957، صدفة لأن أحدا لم يخطط لوصوله إلى "كان"، ولم يكن كثيرون يعرفون ب"كان" أو يهتمون بها على المستوى اللبناني. لكنها ليست صدفة لو علمنا بالتطور الذي بلغته السينما الأجنبية في لبنان في النصف الأول من القرن العشرين على المستوى التجاري، حيث انتشرت دور السينما في المدن، ووصلت إلى الريف في حالات خاصة ولأن انتشار السينما، واستقبال مئات الأفلام سنويا، ليس صدفة، لذلك يمكن اعتبار بروز شخصيات تهتم بالسينما، كجورج نصر، هو نتاج لذلك الانتشار والتطور، وليس مجرد صدفة.

وقد كان للمخرج نصر حكايته الخاصة، وأهمية مميزة لعمله، لم يدركها المهتمون بالشأن الثقافي والفني والسينمائي إلا مؤخرا، فبرز دوره، وما أنجزه سينمائيا، وإن كان بعدد محدود من الأعمال السينمائية. وكانت أولى أعماله فيلم "إلى اين؟" الذي أدخل لبنان للمرة الأولى إلى مهرجان "كان".

و"إلى أين؟" فيلم بالأسود والأبيض، كشف النقاب عنه مجددا بعد أن رفضت دور السينما عرضه في الخمسينات والستينات تحت تأثير ضغوطات سينمائية منافسة، على ما يعتقد نصر ذاكرا أن "أحد أصحاب الدور، الذي كان يستورد الأفلام المصرية ويعرضها في داره، أبلغه لاحقا أن هناك من ضغط عليه منعا لعرض الفيلم".

وبدأ عرض الفيلم في الجامعات، وأماكن خاصة، ليس من باب العمل السينمائي التجاري، بل من باب الاطلاع على منجزات فنية، ووجوه برعت في مجال السينما.

تلا "إلى أين؟" فيلمان آخران لنصر هما: “الغريب الصغير" 1962، و"المطلوب رجل واحد" 1975، كما وضع نصر عشرات الفلام الوثائقية المختلفة الموضوعات، وأمضى أكثر من 23 سنة مؤخرا محاضرا في عدد من المعاهد والجامعات عن السينما، ولا يزال.

البداية    
بدأ نصر الإطلاع على السينما بينما كان لا يزال في الخامسة عشرة من عمره.  وهو اليوم على أبواب التسعين (مواليد 1927)، يتخذ من منزله مقرا ينطلق منه لمتابعة عمله الفني، ويجعل من جدرانه معرضا لبوستراته، وللشهادات والجوائز التي نالها، ومن خزانته أرشيفا لمنجزات بقي كثير منها طي الكتمان.

يتحدث ل"الجزيرة دوك" قائلا: “أحببت السينما، وارتدت ثمانية أفلام بالأسبوع، فيلما كل يوم، وفيلمين ليوم الأحد. كنت أشتغل صيفا، وفي الشتاء أغطي نفقة السينما من خرجيتي”.

في عصره، كانت السينما قد انتشرت، ووصلت بقوة إلى طرابلس اللبنانية مسقط رأسه، ويكفي أن يكون نصر قد سكن في مبنى ضم ثلاثة دور سينما هي: بالاس ورومانس وأوديون، عدا عن العديد من الدور الأخرى في الأحياء المجاورة، لمعرفة الجو السينمائي الذي عاش فيه

جورج نصر يقول: تولعت بالسينما منذ أن كانت الأفلام صامتة. وكانت أفلام الكاوبوي رائجة، واعتاد الجمهور على إطلاق تسميات البطل والخائن على شخصيات الفيلم الأساسية، و"إيلان" لشخصيات النساء فيها، ولذلك سميت هذه الأفلام بأفلام "إيلان”.

حضر نصر الأفلام العربية والأجنبية، ومما ساعده على حب السينما أنه درس في إرسالية أجنبية مكنته من إتقان الفرنسية (الفرير)، وما لبث أن سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية لمتابعة دراسته.

يتحدث عن بداية رحلته بقوله: "تعلمت في إرسالية أجنبية وأتقنت الفرنسية، وعند التخرج عملت في "شركة نفط العراق"، ولم أكن أفكر بالتوجه نحو السينما لأنني اعتقدت أنها وحي هابط من السماء. تابعت دراستي لاحقا في الهندسة بالمراسلة مع جامعة شيكاغو الأميركية لسنتين، ثم سافرت لمتابعة الدراسة فيها،  وانتقلت إلى لوس أنجلوس وهناك تابعت دراستي".

لكن الظروف لعبت دورا في تحول نصر إلى السينما بعد دراسته الهندسة لسنتين. فهو مولع بها، وكان مثاله كبار أمثال غاري كوبر وكلارك غايبل وجيمس ستيوارت، كما يقول، ويروي مصادفة تحوله إلى السينما: "سكنت في غرفة لدى سيدة، وذات مساء اصطحبتني بسيارتها في جولة في المدينة لتعرفني عليها، وتوقفت عند محطة بنزين، سألها صاحب المحطة عني، أخبرته أني طالب بالجامعة، وأرغب بدراسة السينما، فدلني على معهد قريب. دخلت المعهد، لثلاث سنوات حتى حصلت على ال BA، ثم سنة ونصف تمرين في استوديوهات هوليوود”.

وعرض نصر للصعوبات التي رافقت وضع فيلمه الأول، وتأمين التمويل، فالتصوير، وسوى ذلك، ويقول: "ركبنا الفيلم، وساعدتني إحدى الفرنسيات التي عملت في السينما في لبنان، وعندما ذهبت إلى فرنسا، رأيت إعلان مهرجان "كان"، فقامت هذه السيدة بتعريف لجنة "كان" على فيلمي، وقبلته اللجنة وكان ذلك سنة 1957، فكان فيلم "إلى أين؟" أول فيلم يمثل لبنان رسميا في "كان"، وبذلك وضع لبنان على الخارطة السينمائية في العالم”.

فيلماه الباقيان هما "الغريب الصغير" فيه تقنية كبيرة، وموضوعه ولد ترك أهله تحت  ضغط الواقع الاجتماعي، والثاني، "المطلوب رجل واحد" فعالج تمييز المجتمع للمرأة.

يتحدث نصر عن أربعة سيناريوهات وضعها ويحتفظ بها، الأول، "على عيون الناس” نقد لفكرة الثأر (ساعتان)، والثاني، "لا آلهة على الأرض" يتحدث عن أوهام واقعية لدى الناس، لكنهم لا يلبثون أن يعبدوها كالآلهة، والثالث، "مهمة من العالم الآخر"، موضوع بارابسيكولوجي عن الذين يموتون قتلا، ولا يدفنون جيدا، ويعتقد أنهم يعودون إما للانتقام أم للمساعدة، والرابع، "ثلاث رسائل مفتوحة" عن بوسطجي سمين، ومن خلاله تمويل الفتنة بين الناس. والسيناريوهات الأربع تتراوح بين الساعة والنصف والساعتين إلا ربع.

نصر يختم بحسرة: "عروضي تعرض دائما في الجامعات لكن ليس في الصالات. مضى علي 23 سنة في التعليم، لكنني بشوق كبير لأن أضع عيني على منظار كاميرا”. 

الجزيرة الوثائقية في

21.05.2014

 
 

«جو» عُرض في «دبي السينمائي» وحالياً في دور العرض المحلية

نيكولاس كيج قاتل الأشجار «المتألق»

عُلا الشيخ – دبي 

يعترف الفنان نيكولاس كيج أنه أخفق كثيراً في السنوات الماضية في خياراته في الأدوار التي قدمها كدوره في فيلم «غوست رايدر»، لكنه في دوره في فيلم «جو» الذي عرض في مهرجان دبي السينمائي في دورته الـ10، ويعرض حالياً في دور السينما المحلية، استطاع أن يعيد رونقه، واستطاع ببساطة أن يكسب معجبين جدداً.

الفيلم المستقل بميزانيته المحدودة للمخرج دايفيد جوردن غرين لم يقدم كيج فحسب، بل قدم مجموعة كاملة من الفنانين غير المعروفين، إضافة الى الشاب تاي شيردين الذي أدى دور شخصية «غاري»، وعملياً هو من تدور حوله الحكاية التي تصب خيوطها وماضيها على حياة «جو» وتصبح جزءاً من تفاصيلها، ضمن أحداث اعتمدت على التصوير السينمائي الذي يجعل المشاهد نوعاً ما يشعر وكأنه في المكان، لبساطة السيناريو والحوار، إضافة الى المشاهد العابرة التي عجّ بها الفيلم ومنحها صدقية عالية كالمشهد الأول واهتزاز الكاميرا فيه، الذي صور شاباً يافعاً يعاتب والده السكير لينتهي المشهد بصفعة من الأب غير المبالي، وصفعة أخرى هذه المرة على وجه الأب من قبل أشخاص غير معروفة العلاقة بينهم.

هو فيلم مهرجانات من الدرجة الأولى، خصوصاً في شكل حركة الكاميرا فيه. لا يمكن تصنيفه كفيلم تجاري يبحث عن عائدات صندوق التذاكر، إنه فيلم متكامل على الرغم من محاوره التائهة، التي يمكن ربط خيوطها بسهولة، كي تصل الى أن «جو» الشخصية الرئيسة في الفيلم، الذي يعيش في منطقة فقيرة في ولاية تكساس، يتحول إلى وحش في الطباع اذا غضب، ولهذا الغضب أسبابه عندما تعيش في منطقة فقيرة، طبيعتها خلابة يسيطرعليها أصحاب المال من جهة، من خلال استغلال مجموعة بإدارة «جو» لتسميم الأشجار كي يستطيعوا بالقانون اقتلاعها والاستفادة من خشبها، ومن جهة أخرى، أمن يجابه منطقة كاملة تتعامل مع بعضها بعضاً بالسلاح، ولذلك لا تأبه بالقانون إلا بمزاجها، ومن جهة ثانية القصص الاجتماعية وتأثيرها على حياة أبطال العمل، وأهمها الأب السكّير.

بعد مشهد الشاب مع والده، تنتقل الكاميرا مباشرة الى «جو» الذي يجلس داخل سيارة، والأمطار تنهمر بكثافة، ويستمع إلى نشرة الأخبار الجوية، هو شخص يتابع فقط النشرة الجوية، سواء كانت اذاعية أو تلفزيونية، لأن عمله الأساسي يعتمد على حالة الطقس، وهنا تدخل في تفاصيل الفيلم وخروج «جو» من سيارته يطلب من مجموعة من الرجال أن يلموا العدة ويلتقوا في يوم آخر.

في المشاهد الأولى أنت لا تعلم شيئاً ولا تشعر بشيء سوى أنك أمام شخصية محبوبة ومكروهة في الوقت نفسه، ولكن الأكيد أن «جو» عمله مرتبط بنشرة الأخبار الجوية، وبناءً عليها يقرر (مياومة) الأشخاص الذين يريدون العمل لديه.

تبدأ علاقتك مع أحداث الفيلم عندما تكتشف طبيعة العمل الذي يمارسه «جو»، هو وبكل قسوة يقوم بتسميم الأشجار، كي يعطي عذراً لأصحاب المال أن يستقدموا الأسباب التي تدفعهم لطلب قطعها. «جو» يحاول أن يقنع نفسه أن هذا العمل جيد، لأن الهدف هو التخلص من الأشجار القديمة وزراعة أشجار صنوبر جديدة خلابة، هو يحاول أن يقنع نفسه بذلك، لكنه يخفق خصوصاً عندما تجده يقف أمام الشجرة وكأنه يعتذر لها، لكن سوء الحال وفقر العيش هو من يجعله ورفاقه في هذه الزاوية، فعلاقته معهم متبادلة فيها الكثير من الحب والمزاح والقسوة اذا أغضبه أحد.

الحبكة أوالتسلسل الذي يسرع من وتيرة الفيلم، هو لقاء (جو مع الشاب غاري)، فبعد مشاهد عدة تحاول التعريف بشخصية «جو» وتخفق، وكأنها تريد فقط تشويقك أو انتظار من يستطيع كشف ولو جانب من حياة هذا الشخص، الشهم في مواقف عدة، والخانع ايضاً في مواقف أخرى، يلتقي «غاري»، بـ«جو» في الغابة، بعد مشاهد عدة يحاول المخرج أن يجعلنا نربط بين الشخصيتين، وبعد جلبة يستطيع «غاري» الوصول إلى مكان «جو»، يطلب منه العمل لفقر حاله، ويطلب أيضاً العمل لوالده، فيوافق جو، ومنذ اللحظة الأولى يبدأ «جو» بمراقبة «غاري» هذا الشاب اليافع المليء بالطاقة، تشعر بعلاقة خفية بدأت تنمو في قلب «جو»، مشاعر أبوّة، يفتقدها الرجل الذي اقترب من الـ50 والذي سيعرف الجمهور لاحقاً أنه قضى نصفها تقريباً في السجن.

شخصيات عابرة في الفيلم تترك أثرها في التسلسل وتمضي، كشخصية صاحبة البيت المشبوه، وشخصية والدة «غاري»، وشخصية الفتاة الشابة التي تطلب أن تعيش عند «جو»، والجار الذي يسلخ الغزال في منزله، وبائع البقالة، من خلالهم جميعاً ستقترب أكثر من شخصية «جو»، حتى في علاقته مع مسؤول شرطة يقربه من العمر تقريباً، يحميه دائماً عندما يتعرض لمشكلات، تستغرب هذه العلاقة، لتدرك أنها مبنية على قصة قديمة، عندما كان جو يافعاً وجذاباً، وكانت تحبه فتاة يهواها ضابط في الشرطة، والذي بدوره يختلق مشكلة معه، فيتعاركا وتأتي الشرطة بعناصرها المتدربة وغير المتدربة إلى المكان ويتم حصاره، ومن الواضح أنه أطلق الرصاص عليه فسجن سنوات طويلة، لذلك يكره «جو» الشرطة كثيراً، ولا يثق بهم، وعندما تلاحقه دورية شرطة يعود إلى غضبه.

يحاول طوال الفيلم أن يكبح غضبه، يريد أن يكون حليماً كشخصيته الأساسية، لكن ومع شخصية تحضر في المشهد ايضاً لا تعلم مدى التوتر بينها وبين «جو»، تتمثل في رجل يقوم بإطلاق النار على «جو»، لتدرك أنه ينتقم منه لأنه شوه وجهه، وبعدها يلتقي هذا المشوه «غاري»، الذي كان شاهداً عليه وهو يلقي سلاحه في البحيرة، فيعتقد الرجل المشوه أن «غاري» سيستفزه، وهو لا يريد سوى أن يصحبه ووالده المترنح الى المنزل، فيتعاركا ويزيد «غاري» من تهشيم وجهه، فيقوم الرجل متهالكاً من ضربات «غاري»، ويدرك أنه أصبح لديه عدوان.

«غاري» يشبه «جو» كثيراً في شخصيته، هو حنون لكنه معذب من والده السكير الذي يظل يضربه ووالدته وشقيقته التي فقدت القدرة على الكلام، ليعطيك الفيلم ايحاءً بأن الأب اغتصبها ربما، فأصابتها الصدمة منذ الصغر. حليم لكنه شديد الغضب اذا ما أهين.

تفاصيل كثيرة، تتوه معها حيناً، لكنك تدرك أنها تصب في حياة «جو»الذي يقرر تبني «غاري» روحانياً، ويؤكد له حمايته، خصوصاً بعد أن جاء والد السكير إلى المنزل وسرق الشاحنة التي أهداها «جو» لغاري، وأخذ ابنته إلى الرجل المشوه مقابل 30 دولاراً ثمن مشروبه. يخرج غاري الى جو، يطلب منه سلاحه، لأنه قرر قتل والده، يحاول جو تهدئته، وفي الوقت نفسه تلمح في وجه جو فرصة لا يريد أن تضيع منه، هو من أول لحظة من خروجه السجن يريد الموت، والمشاهد شعر بذلك عندما زار الضابط الكبير في العمر جو في منزله، وقال له: «ماذا تريد، لماذا تفتعل العراك الذي قد يؤدي إلى الموت؟».

يقرر «جو» أن يواجه الرجل المشوه ووالد «غاري» لإنقاذ الفتاة الصغيرة، يصل الى المكان وتبدأ المعركة، بعد أن يحرر الفتاة من اغتصاب محقق، يوصلها الى شقيقها ويقول له أن ينادي الشرطة، يقتل جو الرجل المشوه وصديقه، بعد أن أصيب بطلقة في خاصرته، يحاول متثاقلاً الوصول الى والد «غاري» وقبل قتله، يلقي والد «غاري» نفسه الى البحيرة من علو مرتفع.

تصل الشرطة إلى المكان ويكون جو قد فارق الحياة، في هذا المشهد تحديداً تتكشف لك جميع الخيوط التي يراد ايصالها، أن جو ظلم ووضع في السجن بسبب معركة بينه وبين الشرطة كان الهدف منها التخلص منه، وأنه عندما قتل الشرطي كان للمرة الاولى يحمل السلاح وقد دافع عن نفسه، وتكتشف ايضاً أن جو لديه حفيد وهو غير مهتم برؤيته، لأنه فقد علاقته الحسية مع من حوله، وهذا الحفيد من المرأة التي كان يحبها الشرطي سابقاً، وتدرك أن المكان وطبيعته الفقيرة يتم استغلاله من قبل أصحاب الأموال، وأن جو لا يبالي ما دام يستطيع أن يوفرالمال له ولأصدقائه. علاقاته مع النساء غريبة، لا يتعاطى بحرية إلا مع فتيات البيت المشبوه، وعلاقته مع الكلاب أيضاً غريبة، وكأنه يحاول اسقاط كل شيء على الحيوانات المخلصة له أكثر من البشر. هو انسان فقد كل شيء، وكان يبحث عن طريقة ليموت بكرامة، ووجد أن دفاعه عن فتاة صغيرة من مغتصب هي قضيته التي يريد الموت من أجلها كي يتذكره الناس، وهذا الذي يحدث فعلاً في المشهد الأخير في الفيلم، و«غاري» يجلس أمام شخص لا تظهر معالمه يحاول أن يقنعه أن يأتي للعمل معه، وينهي محاولاته بجملة «يكفي أنك كنت تعمل مع جو، هذا شرف لي أن تقبل العمل معي»، يبتسم «غاري» الذي تخلص من مستقبل كاد أن يشبه مستقبل جو لو أن جو لم يتسبب في تلك المعركة، لكان والد «غاري» السكير والمجرم مازال على قيد الحياة، وكانت مازالت شقيقته الخرساء تتعرض لكل الانتهاكات. هو فيلم معقد في طريقة فهمه، لكن لا يمكن أن تخرج منه دون أن تحب جو.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

الإمارات اليوم في

21.05.2014

 
 

6 مواهب إماراتية حظيت بفرصة العمل مع طاقم الفيلم

أبوظبي أول مواقع تصوير الجزء السابع من فيلم «حرب النجوم»

أبوظبي ـــ الإمارات اليوم 

أكّدت «تو فور ـــ 54»، أمس، أنه يجري حالياً تصوير مشاهد الجزء السابع من سلسلة أفلام «حرب النجوم » في مناطق مختلفة في إمارة أبوظبي، ومن المرتقب أن يشاهد عشاق السينما فيلم الخيال العلمي في صالات العرض خلال شهر ديسمبر 2015.

ووصل إلى أبوظبي مطلع مايو الجاري فريق عمل الفيلم ومخرجه جي جي أبرامز، وذلك بدعم من لجنة أبوظبي للأفلام و«إنتاج» التابعة لـ«تو فور ـــ 54»، للبدء في تصوير مشاهد الجزء السابع من الفيلم.

ويشارك في إخراج وتصوير الفيلم مجموعة تضم المئات من الموهوبين والمحترفين الإماراتيين والعالميين، كما كرّس طاقم عمل متكامل جهوده منذ يناير الماضي لتسهيل العمليات والخدمات وإعداد المرافق.

ولعب التنوّع في البيئة الصحراوية التي تتسم بها إمارة أبوظبي، والبنية التحتية لخدمات الإنتاج عالية الجودة التي توفرها، دوراً رئيساً في اختيار مواقع التصوير، وضمان إتمام عمليات التصوير وفق جدول زمني محدد.

وقالت رئيسة «لوكاس فيلم» كاثلين كينيدي: «لقد بدأنا في تصوير الجزء السابع من فيلم حرب النجوم في أبوظبي بكل حماس، وقد جذبتنا مواقع التصوير المختارة بطبيعتها الخلابة والمتفردة. وقد حظينا بدعم رائع من جميع الجهات التي تعاملنا معها، بدءاً من أعلى الجهات الرسمية وحتى فريق العمل المحلي». وأعربت الرئيسة التنفيذية لهيئة المنطقة الإعلامية، نورة الكعبي، عن سعادتها بنجاح أبوظبي مرة أخرى في جذب أضخم الأفلام العالمية ليتم تصويرها الإمارة.

كما رحّبت الكعبي بجميع طاقم فيلم حرب النجوم في دولة الإمارات، مؤكدةً أن اختيار أبوظبي لتصوير مشاهد من الجزء السابع من فيلم حرب النجوم يبرهن على انتهاج الدولة استراتيجية سديدة الخطى لتعزيز مكانتها مركزاً استراتيجياً للترفيه وصناعة الإعلام.

وقد حظيت ست مواهب إماراتية بفرصة العمل مع طاقم الفيلم، من خلال برنامج التدريب الذي يوفره المختبر الإبداعي التابع لـ«تو فور ـــ 54» ، كما سيشارك اثنان منهم في عمليات الإنتاج التي ستتم في لندن في استوديوهات «لندن بينوودر»، ومن المقرر عرض الجزء السابع من فيلم حرب النجوم في ديسمبر 2015، وهو أحدث الأفلام السينمائية العالمية التي يتم تصويرها في أبوظبي، وقد استفاد من برنامج الحوافز الذي تقدمه لجنة أبوظبي للأفلام، والذي يضمن استرداداً مالياً بنسبة 30% من قيمة الأعمال المنتجة في أبوظبي.

الإمارات اليوم في

21.05.2014

 
 

٧ صنايع حسين الإمام.. طباخ السعادة ومزيكاتى الدهشة

علا الشافعى 

شكلت فرقته «طيبة» مع الشاعر المبدع عصام عبدالله وشقيقه مودى حركة موسيقية جريئة الوحيد الذى أقنع حسن الإمام «التقليدي» أن يمثل فى فيلم أنياب «التجريبى» خفة ظل الإمام انتصرت على مظهره الذى بدا للبعض سمجا

وقف في ركن المطبخ ، فى برنامج القاهرة اليوم ، يقدم فقرته اليومية.. فنان، موهوب ، دائماً سابق بخطوة ، ولنقل بخطوات.. كانت تلك من المرات التى شاهدت فيها حسين الإمام عن قرب.

نعم أعرفه كممثل خفيف الظل، قادر علي التلون ، وخلق مساحات مدهشة من السعادة، ونحت الشخصيات التى يجسدها بطريقته الخاصة جداً،بدء من صنع لزمات ،أو طريقة كلام ولوك مختلف وتوظيف للغة الجسد ليس ذلك فقط بل استطاع حسين أن يتعامل بخفة،ويعلو علي فكرة ان ملامحه تعكس صورة لشخص ثقيل الظل وهو ما استطاع توظيفه في برامج المقالب ،وكان أقرب في أدائه بأدواره المتنوعة الي مدرسة استيفان روستى،ملامح جادة ،وسخرية مدهشة وهو أيضاً  مؤلف موسيقى موهوب ،يقدم موسيقى أقرب الي «البلوز»، ،والروك تفيض بالحيوية والإيقاعات الجذابة، فلا ننسى مزيكا فيلم كابوريا واستاكوزا التى غمرت مصر كلها لفترات ليست بقليلة، معتمدا على كلمات تبعد كثيرا عن النمطية  مثلما غنى أغنية «وماله وهتتعدل، مهما تطول عمر ما شئ يثبت علي حاله «،والتى غناها مع شقيقه مودي الامام .

وفى التمانينيات أسس حسين ومودى فرقة أطلقا عليها اسم « طيبة» ، وقدما مع الشاعر الموهوب والمتميز «عصام عبدالله «عددا من الأغنيات والألبومات،وتنوعت الموسيقي مابين النوعيات الهادئة وسريعة الإيقاع ومن هذه الأعمال -(المجهولة حاليا لأجيال كثيرة)- أغنية  «ودعي المكان»  وهي اغنية  رومانسية   قدماها بأداء ولحن متميز منهما كالعادة والتى كانت كلماتها طليعية تختلف عن السائد ، ولا تتحدث عن الهجر واللوع والغرام حيث تقول  «دورى بعنيكى فى كل حتة.. المسى كل الحاجات.. حسسى على الذكريات .. رتبيها لخبطيها كسريها او خديها و انتى ماشية ودعينى ودعيها ودعي المكان»،الي الأغنيات سريعة الإيقاع مثل  ازاى الصحة «:«فى حوار جميل مع الدنيا يشكرها لما تحلو و يشكيها لما بتقلب فجأة و يسألها ليه»، ولم يكتف بذلك بل كان يدرك جيدا أن هناك مستمعين أصحاب أمزجة مختلفة ،هناك من يعشق الرتم السريع ،وهناك من يبحث عن الأغنية الهادئة ، أو الحزينة مثل أغنية«المجهول «مع نفس الشاعر وتقول كلماتها «ستار الليل بيداري ميلاد بعيد مجروح و طير الاغتراب يدور بلا مدلول رغم الهدوء الدافي و العزف على الاوتار و الورود و الالوان الاصل فى الاسرار »، وأيضاً جننني طول البعاد» لمحمد منير-، وهيه الفرح شاطر في ألبوم  الطول واللون والحرية « وباتت موسيقى حسين مع مودي علامة مميزة وفارقة منذ آواخر  السبعينيات ، ومنتصف الثمانينيات وشكلا ديو غنائيا رائعا، يقدم موسيقي حرة ،تمنحك الدهشة والسعادة حيث كانت هناك رغبة صادقة وأكيدة في الخروج عن كل ماهو تقليدي استدعيت كل ذلك  يوم أن شاهدته يقف ويعمل بحماس وهو يحضر طبخة اليوم، وقتها سألت نفسي ، كيف لهذه الموهوبة، ان  يقوم  صاحبها بتقديم فقرة طبخ؟ ،هل هى لقمة  العيش ؟ كيف لابن مخرج بحجم حسن الامام، يتحدث ثلاث لغات، أن يرضي بفقرة طبخ؟ وهو الممثل  والمغني والموسيقى، ومقدم البرامج،وصانع أفكار لبرامج المقالب والكوميديا؟ وبمجرد أن عاد حسين من الفاصل وبدأ يتحدث،لجمهوره وضيوفه، وكنت منهم ، وهو يعمل ، بدأت ألاحظ  كيف  كان يمسك السكين ،يقطع ،الخضار ، كيف يضع الملح والبهارات كل شئ بمقداره المضبوط،حركة مدروسة،كممثل يعرف جيدا خشبة المسرح ،التى يقف عليها، ويحسب خطواته وسكناته،متى يأخذ مكالمة مشاهديه، كيف يرد عليهم ، وطبيعة الحوارات التى تدور بينهما سواء في موضوعات عامة أو خاصة ، كل ذلك وهو يعد طبق، يبدو كمنحوته فنية جميلة الأبعاد في تلك اللحظة فقط ، أدركت كم يملك حسين الامام حسا إنسانيا وفنيا راقيا.. 

لا يتعالي علي أي شئي، يفعله، بل يقدم علي كل شئ بحب، كأن أقرب الي الشخصية المتأملة،يمسك هو بخيوط كل العالم المحيط به، ويصنع تفاصيل عالمه كما يحب ، أن يعيشة،لا يشغل باله كثيرا، بمراقبة الآخر، وماذا يفعل، تماماً بالضبط،مثل تعاطيه مع أدواره، وموسيقاها والطبخة،التى يعدها ،في كل تلك الأمور كان هناك نفس مميزة ،نفس خاصة جداً ،لا تخطئها العين،أو القلب ، او الأنف، لذلك كان من الطبيعي أن تشاهده في فيلم مثل كابوريا ،ممثلا وواضعا للموسيقي التصويرية ،ومؤديا لبعض الأغنيات إو فيلم استاكوزا ،وفيلم آيس كريم في جليم ، أو أنياب للمخرج الراحل محمد شبل ،ذلك الفيلم المختلف ، والخارج عن السائد في السينما المصرية،ليس ذلك فقط بل أن حسين المغامر ، والباحث عن المختلف،استطاع أن يقنع والده المخرج الراحل حسن الامام أن يؤدي دورا في هذا الفيلم،حسن مخرج الروائع والأفلام المليودرامية،القائمة علي الكثير من الصدف،أقنعته روح المغامرة لدي ابنه،المتميز والموهوب،بأن يشارك في عمل يختلف كل الاختلاف عما اعتاد الامام الكبير أن يقدمه في سينماه، وإذا كان الأب حسن الامام قد اطلق ابنه وقدمه في عدة أفلام وحاول أن يأخذه لمنطقته،لما لمسه فيه من حساسية وموهبة في أفلام مثل   السكرية «بمبة كشر»(1974) و«انتهى الحبّ» (1974) و«بديعة مصابني» (1975) و«دعاء المظلومين» (1977) ، الا أن الابن صاحب النفس والطبخة المختلفة والموسيقى المتمردة ،نجح بذكاء أن يأخذ الأب الي مغامرة،وجعله يتمرد علي تقليديته،لذلك أدركت إن حسين الأمام هو عن حق كان طباخا للسعادة،وأعتقد أن علي عائلته وشقيقيه الكاتبة زينب  ومودي  دورا هاما وهو اعادة تقديم إبداعات وإنتاج حسين الأمام المتميز من موسيقي تصويرية، لأفلام ومسرحيات   مثل باللو والابندا واغنيات،وألبوماته للأجيال الجديدة،التى تجهلها،ولا تدرك قيمتها ،رغم إنها كانت سابقة لعصرها ،وكثيراً ماتم سرقتها،لنعطي طباخ السعادة حقه ونعيد اكتشاف موهبة فريدة،كانت تتعامل مع كل ما تملكه ببساطة وتواضع شديدين،إيمانا منها بأن الحياة رحلة قصيرة ، إهم شيئا فيها هو المتعة، والمغامرة ، والتجريب،والتمرد. .

اليوم السابع المصرية في

23.05.2014

 
 

حسين الإمام في رحيله المفاجئ... "هِيّ الحياة كده"

نسرين الظواهرة 

وجوده في موقع التصوير كان يحوّل ضغط العمل أجواء فرح وحيوية. تملؤه الحياة من دون أن يدرك أن الحياة قصيرة كما كان يردد أمام الجميع مطلقاً كلمته الشهيرة "ما تاخدهاش جدّ هِيّ كده".
هكذا يمكن اختصار الممثل المصري حسين الإمام الذي رحل بشكل مفاجئ إثر تعرضه لجلطة في منزله في مصر مساء السبت.

قبل يوم واحد كان الراحل في بيروت في موقع تصوير مسلسل "كلام على ورق" ينفذ تعليمات المخرج محمد سامي. يضحكان معاً، يرمي نصائحه يميناً وشمالاً مختصراً تجاربه ببسمة لا تفارقه. في موقع التصوير يتنقل من كارافان الى آخر، يغني هنا، ويعزف على غيتاره هناك، ويستحضر أجمل ذكرياته الفنية والغنائية أمام فريق العمل.

رحيله المفاجئ شكل صدمة للوسط الفني، وخصوصاً لفريق عمل مسلسل "كلام على ورق" الذي يعيش معه بشكل شبه يومي منذ نحو أربعة أشهر. لم يصدق أحد خبر الرحيل. كيف يصدقون وهو كان بينهم مساء الجمعة يصور مجموعة من مشاهده قبل أن يقرر سفره المفاجئ يوم السبت ليمضي أيام الإجازة الستة مع زوجته في مصر. كأن القدر رسم له طريقاً سلساً ليودع بلده ويرحل بين ناسه وأهله.

كان حسين الإمام ينتظر دوره في مسلسل "كلام على ورق" بفارغ الصبر ويعتبره نقطة تحول في مسيرته. أكثر من مرة أبدى سعادته بالعمل، مردداً: "وأخيراً سأقدم عملاً محترماً بكل المقاييس". وكان يخطط للتفرغ خلال رمضان لمتابعة المسلسل كأيّ مشاهد عادي، من شدة استمتاعه بالتصوير وبتعاونه مع مجموعة من الممثلين وخصوصاً مع المخرج محمد سامي.

لعب الإمام في المسلسل دور "دودي" الذي يدير نادياً ليلياً مشبوهاً بلياليه الحمراء وبتسويق أجمل بنات الليل. يعتبره دور العمر، ويعلم أن الناس ستتعلق بشخصيته لأنه كان يلعبها بسخرية وقساوة معاً. لطالما أبدى سعادته بمشاركته في البطولة مع النجمة هيفا وهبي التي أشاد مرات عدة بأدائها، وكان يغتنم الفرص ليدردشا معاً في أوقات الفراغ في أمور فنية وإنسانية وحياتية. هيفا وهبي لا تزال تحت تأثير الصدمة غير آبهة بمصير المسلسل بقدر حسرتها على خسارتها للفنان والإنسان الذي تعرفت إليه عن قرب وعشقته، وكانت تردد دائماً: "حسين خسارة كبيرة فظاعة الحياة شو قاسية".

بدوره مخرج العمل محمد سامي لم يستطع تمالك انهياره مردداً: "أنا كنت بحبو أوي كان بعلّمني وبينصحني زي أبويا مش قادر أصدق". ورغم تأثر مسلسله "كلام على ورق" بالخسارة إلا أنه قرر تحقيق حلم حسين الإمام في أن يبصر العمل النور بالمشاهد التي صوّرت وخصوصاً أنه كان ينتظر بفارغ الصبر ردّ فعل المشاهد العربي على دوره.

إلى جانب هذه الخسارة الفنية والإنسانية، لا شك في أن منتجي المسلسل يواجهون اليوم مشكلة كبيرة بالنسبة الى دور "دودي" الذي يعتبر محورياً، لكن المخرج محمد سامي سافر إلى مصر للعمل على تعديلات جذرية في النص، وأصبح من شبه المؤكد أن مشاهد "دودي" ستبقى جيمعها، وسيهتدون الى مَخرج في السيناريو ضمن سياق القصة كأن يكمل دوره مثلاً مدير أعماله.

حسين الإمام رحل لكن أعماله باقية، ومسلسله الأخير "كلام على ورق" لن يتابعه كما تمنى، لكنه سيبصر النورفي رمضان على قناة MBC و"النهار" المصرية وشاشة "المستقبل" اللبنانية.

النهار اللبنانية في

23.05.2014

 
 

"أيام تونس السينمائية" للمرة الأولى في بيروت

يوليوس هاشم 

تقدّم جمعية الأخوّة اللبنانية التونسية، للمرّة الأولى في بيروت، "أيام تونس السينمائية"في قاعة قصر الأونيسكو، بين 5 حزيران و7 منه، بالتعاون مع السفارة التونسية في لبنان وبالتنسيق مع وزارتَي الثقافة في لبنان وفي تونس.

الكاتب والشاعر جان خالد الذي نظّم هذا المهرجان يبدو سعيداً بهذا الحدث. بدأت الفكرة في أحد اجتماعات الجمعية مع السفير التونسي في لبنان حاتم الصائم.

حين اقترح جان خالد أن يتم تنظيم حدثٍ يسلّط الضوء على الفنّ التونسي، وخصوصاً على السينما التونسية. قال لهم خالد: "السينما التونسية رائدة، فقد ظهرت قبل السينما المصرية واللبنانية، حتّى أنّ الأخوين لوميار صوّرا فيلمهما الأول فيها. وعام 1921 تم تصوير الفيلم التونسي الأول.

وعام 1957 صوّر الفنان عمر الشريف وكلوديا كاردينالي فيلم "جحا"في تونس". فوجئ السفير بكل تلك المعلومات التي يعرفها خالد، وبعد يومين اتصل به ليخبره أنّهم تبنّوا فكرته، عندها بدأ العمل والتحضير.

رئيس الجمعية الوزير السابق الياس حنّا وأعضاء الهيئة الإدارية شجّعوا جان خالد الذي أراد أوّلاً من خلال هذا المهرجان أن يسلّط الضوء على جمعية "الأخوّة اللبنانية التونسية"التي ينتمي إليها (وهو أمين الصندوق فيها)، وأراد ثانياً أن تكون "أيام تونس السينمائية"ردّ جميل لكلّ ما قدّمته تونس للفنانين اللبنانيين فوسّعت انتشارهم من خلال مهرجاناتها في قرطاج.

ثلاثة أفلام سيتم عرضها في ثلاثة أيام. اليوم الأول يُعرض فيلم "اللقيط"من إخراج نجيب بلقاضي. الفيلم فاز بجائزة الفيلم الروائي الطويل في مهرجان المغرب في آذار الفائت، وأجمع النقاد على أنّه يتمتّع بقيمة جمالية ميّزته عن الأفلام الأخرى المشارِكة من 12 دولة عربية، ويتناول معاناة اللقيط داخل المجتمع التونسي.

في اليوم الثاني يُعرض فيلم "باب الفلّة"، الفيلم الروائي الطويل الأوّل للمخرج مصلح كريم. يجمع هذا الفيلم أسماء فنية بارزة في تونس، مثل علي بنّور، فتحي الهداوي، درة زروق، فاطمة بن سعيدان، بالإضافة إلى النجمة المغربية نفيسة بن شهيدة. يركّز على مشكلات المجتمع التونسي إجمالاً، والعنف الذي يستشري عند بعض التونسيين. "باب الفلّة"الذي هو إسم حيّ في تونس، تتشابك فيه قصص العنف مع علاقات إنسانية تولّد مشاعر الحب والرغبة.

أمّا في اليوم الأخير فسيُعرض فيلم "البحث عن الشيخ محيي الدين"من إخراج ناصر خمير، وهو فنان تشكيلي معروف في تونس. يضعنا المخرج أمام حقيقة التراث العربي الإسلامي منتقداً عدم التعمّق في فلسفة الثقافة العربية الإسلامية، ويرى في العقيدة الإسلامية مصالحة مع النفس ومع الآخر.

في الختام نسأل جان خالد: هل يمكن أن يتحوّل هذا المهرجان حدثاً سنوياً؟ يقول: "كل شيء وارد، فيمكن أن نتوسّع في الأفلام التونسية، ويمكن أيضاً أن ننفتح على الأفلام العربية الأخرى مثل الجزائر والمغرب... أو يمكن حتّى أن نتّجه نحو بلدان غير عربية... كل شيء في حينه".

النهار اللبنانية في

23.05.2014

 
 

استعادة عمر أميرلاي وفيلمه الرائد 'طوفان في بلاد البعث'

العرب/ ثائر موسى 

بين هزال الوريث ونقمة التوريث كشف السينمائي السوري الراحل عمر أميرلاي المستور عن 'وهم الحرية'.

بانتظار إخراج جثمان السينمائي السوري الكبير عمر أميرلاي من الجامع كي نرافقه في رحلته الأرضية الأخيرة، تقدمت مني مذيعة التلفزيون العربي السوري تطلب مني إجراء مقابلة عن المخرج الراحل.

قلت لمذيعة التلفزيون يا صديقتي ما سأحكيه عن عمر أميرلاي لن تتحمله الرقابة في التلفزيون السوري، ولن يمكن بثه، فلا داعي لإضاعة الوقت، لكن تلك المذيعة أقسمت لي بأنه سوف لن يحذف شيء من أي كلام يقال عن عمر أميرلاي.

كنا حينها في أوائل فبراير من عام 2011، وكان بن علي قد فرّ من تونس، وفي مصر كان مبارك يواجه الزحف الجماهيري في ميدان التحرير، ولم تكن قد مرّت إلا أيام قليلة على ما اصطلحت تسميته بـ”غزوة الجمل”.

تلك الغزوة التي أراد المحرضون عليها أن يقمعوا شبابا تسلحوا بإرادتهم، وبدعم الناشطين لهم على “الفيسبوك”، ولم تكن تلك المواجهة بين الجمال و”الفيسبوك” إلا صورة عن العقل المتخلف للحاكم الطاغية الذي مازال يعيش بعقل الجاهلية وقبائل الصحراء حيث حكم العائلة وتوريث الابن.

مع ذلك، وفي ظل بعض من نسائم الحرية التي هبت في أوائل عام 2011 فقد انطلى “قسم المذيعة” عليّ، ووافقت على المقابلة التي تحدثت فيها عن روح عمر التي لا بدّ أن تكون الآن أكثر اطمئنانا، بل وفرحا، وهي تنظر من عليائها إلى الشعوب العربية التي نزلت إلى الشوارع، ولن تعود قبل الإطاحة بطغاتها.

لم تكن ثورة الشعب السوري حينها قد بدأت، لكن حتى مجرد الحديث عن الشعوب وطغاتها لم يكن مقبولا في التلفزيون السوري العتيد، ولم يبق من مقابلتي إلا كلمات قلتها في البداية عن ريادة عمر أميرلاي في عالم الفيلم الوثائقي.

وحين رأيت المقابلة مساء على التلفزيون، حمدت الله أن ما فشلت في تمريره ضمن “وهم الحرية” في ذلك الوقت، كان عمر قد سبقني -كما كان سباقا دائما- في تمريره ساخرا من الرقابة السورية، وذلك حين صنع فيلمه الشهير “طوفان في بلاد البعث”، ذلك الفيلم الذي يغوص في أعماق عقل الاستبداد وميكانيزماته، وفي نفس الوقت يغوص في بحر من السخرية بهذا العقل “وطقوسه” إن صحّ التعبير.

فها هو د. م. عضو “مجلس الشعب” السوري الذي بلغ من العمر عتيا، وهو أقدم برلماني في العالم كما يصف نفسه، يغدق في المديح على حافظ الأسد “القائد الخالد”، والرجل الذي لم تنجب الأمة مثله من قبل..

وها هو عمر أميرلاي يترك له أن “يسرح ويمرح” في مديح “الظل العالي”، حيث يظن البرلماني العجوز أنه أمام جولة أخرى من جولات تقديس “الروح المثلى”، فقد اعتاد أمام كاميرات الإعلام السوري على الإطناب في “عشق القائد” الذي أنعم القدر علينا به، فكنا من المحظوظين بين شعوب الأرض، إذ أنجبت بلادنا تلك “الطفرة”…

لم يكن “أقدم برلماني في العالم”، ومن قبله الرقابة السورية التي يجب أن توافق على التصوير، يعلمون كيف سيوظف عمر أميرلاي هذه “المسخرة” في تعداد مناقب “الراحل الخالد”، وكيف ستكون الصورة الفيلمية التي لا يتخيلها الرقيب وهو يقرأ السيناريو على الورق، وكيف أن الفيلم في ناتجه، سيكون مناسبة للسخرية من حزب البعث وقائده الذي رحل، تاركا وراءه هزال الوريث، ونقمة التوريث.

لم يكتف عمر أميرلاي بطرح ذلك النموذج من الرعيل الأكبر لرجال قضوا عمرهم في مديح الحزب القائد للدولة والمجتمع، بل أطل بكاميراته على مدرسة للتعليم الابتدائي في قرية البرلماني العتيد.. مدرسة يصورها لنا عمر بحنكة لا تخلو من خبث محبب، حيث تتماهى تلك المدرسة في العديد من لقطاتها مع سجن من وراء نافذة وقضبان، حيث الكوريدورات معتمة، والشمس تلقي على الأرض ببقعة ضوء تشكل مع قضبان النافذة انطباعا موحشا لسجن جهنمي يتعلم فيه أولئك التلاميذ.

وتتضاعف السخرية حين نعلم بأن مدير تلك المدرسة ليس إلا ابن شقيق ذلك البرلماني العجوز، فكأنه قد تسلم العصا كما في سباق التتابع فوق مضمار الجري، حيث يتتابع المسبحون بحمد القائد ابن القائد، وكلهم راكضون لاهثون لإظهار الولاء المطلق “لأسود سوريا” وفخر الأمة.

تتحرك كاميرا عمر من يسار الكادر إلى يمينه، فتعطينا انطباعا كأنها تكشف المستور، لنرى ذلك المدير الذي يقدم نفسه على أنه أيضا أمين الحلقة الحزبية في القرية.. “بعثي أصيل” يتحدث عن غرس مبادئ البعث في الأطفال “كالغرسة في الأرض الطيبة” ليكبر الأطفال على حب الوطن، وحب “سوريا- بشار حافظ الأسد..”.

مدرسة يصورها بحنكة لا تخلو من خبث محبب، حيث تتماهى المدرسة في لقطاتها مع سجن من وراء نافذة وقضبان

في كل مرة يدخل التلاميذ إلى صفوفهم ينتابك الشعور بأنهم داخلون إلى سجنهم، ويوظف عمر القضبان والنوافذ والإضاءة المعتمة ليصعّد من هذا الشعور، فنصبح شهودا على حبسهم في الأيديولوجيا، والعبودية وتأليه الفرد.

فها هم ينشدون: (منحيي القائد بشار) وها هي عقولهم تتعرض إلى عسف منظم من خلال ضمّ كل تلميذ وتلميذة جبريا إلى منظمة طلائع البعث، حيث ينادي الأستاذ في الصف التلميذة “بالرفيقة” ويطلب منها تعريف منظمة طلائع البعث، فتقول “الرفيقة”: (إنها منظمة تربوية سياسية، تضم أطفال الجمهورية العربية السورية في المرحلة الابتدائية، وتعمل على تربيتهم تربية قومية اشتراكية..).

هي الأيديولوجيا الشمولية تنفث سمومها في عقول الأطفال، حيث يتحدث “رفيق طليعي”، فيقول إن منظمة طلائع البعث (تنمّي روح الاستعداد والتضحية من أجل الوطن والحزب والثورة)؟!

هو الطوفان إذا.. طوفان البعث الذي غمر البلاد فدمّر فيها كل أصيل وحقيقي، واستبدله بالمبتذل والمزيف، تماما كما تمّ استبدال المجرى الأصلي لنهر الفرات، وتحويله إلى بحيرة غمرت القرى وأغرقت ذكريات الناس ودفء أيام الطفولة..

هو طوفان الزبد المتمثل بالبعث العقيم في “منطلقاته النظرية” وفي قيادة خربت البلاد والنفوس على مدى خمسين سنة، وها نحن اليوم نحصد “ثمرة” الشرّ المستطير لحزب ديكتاتوري وقيادة مجرمة غارقة في دم السوري.

أحسد عمر أميرلاي أحيانا الذي عايش طوفان الفرات ذاك وطوفان البعث الشيطاني، لكن القدر كان رؤوفا به حين وفّر عليه معايشة طوفان الدماء الذي تحياه سوريا اليوم.. تحية لروحك عمر أميرلاي، آملا أنها في مكان يسوده الحب والهدوء الأبدي، بعيدا عن شرور البعث وطوفان الدماء.

* مخرج سينمائي سوري

العرب اللندنية في

23.05.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)