كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

«ســالم أبـو أختــه».. سينما الجعجعة الفارغة !

محمود عبدالشكور

 

من نكد الدنيا على الذين يمتهنون النقد السينمائى أنهم مطالبون بالكتابة عن أشياء يسمونها أفلاما لمجرد أنها تعرض على شاشة بيضاء فى دور العرض، بينما هى فى حقيقتها ليست سوى صور متحركة فى حالتها البدائية، ومن نكد الدنيا، ونحن نتكلم عن الحالة المصرية، أن يحتكر السبكية صناعة السينما، فتنتقل من مشاهدة فيلم سيئ من إنتاج محمد السبكى مثل «حلاوة روح»، إلى التورط فى مشاهدة فيلم أسوأ من إنتاج أحمد السبكى مثل «سالم أبو أخته» من تأليف محمد سمير مبروك، ومن إخراج محمد حمدى، وهو (أى الفيلم) موضع مقالنا. تعلّمنا أن الناقد لا يشاهد الأفلام لمزاجه الخاص، ولكنه يشاهدها لحساب القارئ، أى أنه يجب أن يتابع الجيد والردئ، وأن يصمد أمام الغث ليقدم تقريره إلى القارئ. أطلق الراحل الكبير د. طه حسين توصيف «مستشار القارئ» على الناقد، وياله من ثمن فادح ندفعه فى سبيل هذه الاستشارة، خاصة إذا حكم علينا الزمان (وعلى السينما المصرية) أن تكون أفلامها من عينة «أبو أخته» العجيبة.

لا تندهش من غرابة الاسم، فكل ما فى هذا الفيلم (أرجو ألا تنسى أننا نستخدم هذا المصطلح على سبيل المجاز فقط) غريب وجدير بالدهشة، العمل من بطولة محمد رجب الذى كان دوره السابق مميزا للغاية رغم أنه دور مساعد، إنه شخصية المحقق فى فيلم «الحفلة» مع أحمد عز، أما هنا فهو يقدم أداء صاخبا فوضويا وصارخا ومبالغا فيه، الحقيقة أننا أمام سيناريو بدائى جديد لمحمد سمير مبروك المتأثر بأفلام الميلودراما الهندية، والذى يعتقد أن مجرد تقديم شخصية هامشية أو بسيطة فى لغتها وحركتها ملامحها يكفى تماما لصناعة فيلم، لايهم بعد ذلك ما يحدث. وهكذا انطلق أبطال الفيلم يثرثرون ويصخبون ويغنون ويرقصون ويضربون بعضهم، مجرد جعجعة فارغة لا تتوقف لحظة تصيبك بالصداع النصفى، فإذا تساءلت ببراءة: «هوه فيه إيه؟»، سيرد عليك صناع العمل (الأسود) بأنهم يناقشون مشكلة الباعة الجائلين من منظور ميتافيزيقى إنسانى راقص، وأن الفيلم به رسالة بس إحنا فيما يبدو» اللى مش عارفين نستقبل»، هذا الهراء وتلك الفوضى ليس إلا ميلودراما هندية تفتقر الحد الأدنى من الإتقان، واللى مش عاجبة يسيب الفيلم اللى من إنتاج أحمد السبكى، ويرجع للفيلم اللى من إنتاج محمد السبكى!

سالم أبو أخته بائع ملابس عشوائى فى العتبة، أطلقوا عليه هذه التسمية بسبب قيامه برعاية أخته الوحيدة نجوى (آيتن عامر)، لقد أصبح بذلك فى مقام أبيها! بل إنه رغم عمله الصغير والتافه يتبنى أيضا فتاة اسمها شيماء مات والدها التاجر الكبير، وتركها للأخ سالم الذى يبدو طوال الفيلم خليطا بين ابن البلد والفتوة والصايع والفيلسوف، نراه غارقا طوال الوقت فى تعاطى المخدرات (حبوب أو حشيش)، يذهب أيضا إلى أحد الملاهى الليلية، حيث تطارده راقصة، وحيث يشرب ويلعب الكوتشينة. مشكلة سالم الفيلسوف هى ضابط الشرطة خالد (محمد الشقنقيرى القادم مباشرة من التليفزيون ببدلة الضابط)، وهو رجل فاسد يأتمر بأمر عشيقته دولت (ريم البارودى) التى تحقد على سالم لأنه يبيع بضاعته بنصف الثمن، وسنعرف فيما بعد أن سالم كان يحبها لسنوات، ولكنها تزوجــت المعلم الثرى، فانتقل سالم إلى حب البائعة مصرية (حوريـــة فرغلى). نسـتغرق ما لايقل عن نصف ساعة والسيناريو يكرر فى مشاهد صاخبة ومزعجة أن سالم يريد أن يبيع الملابس، والشرطة تغزو المكان، وتصادر ما يسترزق منه، مرة نجد سالم خانعا يكاد يقبّل يد الضابط، ومرة نجده قويا متحديا، مرة يبدو كابن بلد جدع يعمل على رعاية أخته العرجاء التى فقدت حبيبها، ومرة نراه فتوة يحطم أحد المحلات التى تعرضت فيها حبيبته مصرية للتحرش، وحول سالم شلة من المشبوهين الذين يشاركون جلسات المزاج، وهكذا يمكنك أن تدين تصرف الضابط الفاسد، ولكنك لا تستطيع أن تقول إن سالم مواطن شريف أو صالح، الاثنان فى الحقيقة أسوأ من بعضهما، ولكن سينما السبكية لا تعترف بهذه التفاصيل لأنه سينما «المنتج عايز كدة»، والخلطة لابد أن تستمر، رقصة وأغنية وضحكة ومعركة، نوع جديد من الواقعية السبكية.

يسجن سالم لفترة طويلة بمكيدة دبرها له الضابط خالد، نشاهد فوتومونتاج لحياته القاسية فى السجن، ولكنك لن تعرف أبدا كيف عاشت نجوى وشيماء بينما عائلهما الوحيد فى السجن، لايهم أيضا، يجب أن تتغاضى عن هذه التفاصيل لكى تتاح الفرصة لسالم أن ينتقم من خالد ودولت، ينجح بالفعل وبمنتهى السهولة فى ذلك، يضبطهما بوليس الآداب، ويفقد خالد وظيفته، فى الوقت الذى يصعد فيه نجم سالم ليتحول فجأة من بائع فى العتبة إلى رجل أعمال، وتتاح له الفرصة لكى يحوّل الراقصة التى تعاطفت معه الى سكرتيرة، ناصحا إياها بأن: «السكة الشمال زى المية الملحة كل ما تشرب منها.. تعطش»، سالم فيلسوف فعلا: تجده مصرية يصطاد بالسنارة فى بيته، فيقول لها إنه يحاول أن يتعلم الصبر، لن تبتلع أبدا كيف أصبح سالم رجلا للأعمال، ولكن يأتى الدور على خالد ودولت للانتقام المضاد، لقد خرجا من السجن بعد أن دمر سالم حياتهما، ما اطوّلش عليكم، قوم إيه قام خالد بقتل نجوى العرجاء فى ليلة فرحها، يصرخ سالم بصوته المبحوح البشع وهو يحتضن نجوى، هل تراه يسكت؟ الآن موعدنا مع انتقام سالم المضاد، يقوم بضرب دولت بالرصاص أمام خالد، وبعد فاصل من البصق المتبادل مع خالد، يطلق عليه سالم الرصاص، يتم القبض على سالم، فى القفص يلقى خطبة عصماء عن ذلك الإنسان الغلبان (الحشاش والفتوة) الذى وضعه أحد الضباط فى رأسه، فدمّر حياته، يطلب سالم من القاضى أن يريحه بإصدار حكم الإعدام عليه، أتمتم فى سرى :»يارب يعدمه ونخلص»، ثم يصرخ سالم مواصلا التجعير بصورة مضحكة: «رجّعولى أختى .. رجّعولى أختى»، ينتهى هذا الهراء دون أن نعرف حكم القاضى، ودون أن يقول سالم بالمرة : «جعلونى مجرما»، المشهد الأخير للأخت مصرية أمام غية الحمام التى كان يربى فيها سالم أبو أخته طيوره، لها السماء، ولنا الجنة على صمودنا لمشاهدة هذه الفوضى الدرامية التى لا علاقة لها بأى شىء.

هكذا تصنع الأفلام فى القرن الحادى والعشرين، فهلوة وسطحية واستخفاف بالعقول، البطل يفعل كل شىء، يغنى ويرقص فى الأفراح، يضرب من يشاء، يبيع ويشترى ويسكر ويشرب الحشيش، يستظرف ويتفلسف، محمد رجب الموهوب قرر أن يدخل عالم السبكية، اعتقد مخطئاً أن الضجيج سر الخلطة، ذنبك على جنبك، لن أقول لك سوى عبارة سالم أبو أخته المأثورة: «اللى جسمه جغرافيا .. تاريخه إسود»، أريد أيضا أن أذكّره بعبارة ماثورة أخرى قالها سالم فى لحظة تجلّى، تساءل البائع الفيلسوف :»هوّة العبط رخص ولا إيه؟»، إجابتى بعد مشاهدة الفيلم» أيوة .. العبط بقى بالهبل عشان دلوقتى بقى بيجيب ملايين».

أكتوبر المصرية في

18.05.2014

 
 

«نبراسكا» لالكسندر باين..

فيلم يدون ذاكرة المكان والحلم

عمان - ناجح حسن 

ما زالت اصداء عروض الفيلم الاميركي المعنون (نبراسكا) تتالى في اكثر من مهرجان عالمي او من خلال صالات العروض، وفيه يقدم المخرج الكسندر باين، لونا جديدا من المعالجة السينمائية التي خبرها عشاق السينما في فيلميه اللافتين الذي حققهما خلال العقد الفائت وهما: (دروب جانبية) و(حول شميدت).

في (نبراسكا) المفعم برؤى وافكار انسانية بليغة الاشارات والدلالات، ثمة العديد من مفردات وتفاصيل تحفر في بنية الاشتغال الجمالي والدرامي في اتكاء على حكاية بسيطة قد يراها المتلقي في اكثر من بيئة ومكان لا تحدها الجغرافيا او الثقافات، فالمخرج ينطلق باحداث فيلمه عبر اسلوبية ال (رود موفي) أو أفلام الطريق، وفيها ينبش بتدفق ممتع في دواخل افراد ومحطات في تاريخ العائلة الاميركية المعاصرة ، كاشفا وفاضحا حول ماضي ذلك الرجل العجوز–يؤدي الدور باتقان وافتتان الممثل بروس ديرن – والذي يبدو تائها وفاقدا لاجزاء من ذاكرته، وهو يهيم راجلا باحثا عن وسيلة تنقله الى مدينة نبراسكا البعيدة عن بلدته مونتانا، لاقتناعه بانه فاز بجائزة لاحدى الشركات هناك.

يصر الرجل العجوز بعناد على الذهاب الى نبراسكا لتسلم جائزته البالغة مليون دولار، رغم محاولات ثنيه عن ذلك من افراد عائلته ودوريات الشرطة التي كانت تعثر عليه هائما في الطريق السريع قبل ان تعيده لاسرته، وتحت الحاح الرجل العجوز يقرر احد ابناءه اصطحابه الى نبراسكا رغم مشاغله العديدة، وعدم اقتناعه بالجائزة التي وعد بها والده ، حيث يرى فيها الابن الشاب رحلة لكليهما بعيدا عن متاعب العمل واجواء الأسرة.

في رحلتهما معا تتنوع الاحداث والمصادفات بين الابن والأب كأشبه ما تكون بالبوح لكل منهما، حيث تتداعى فيها حوارات وذكريات الماضي القريب التي هي اقرب الى المغامرة في البعض منها والتي تؤشر حول طبيعة العلاقة التي تجمع بين اسرة العجوز واقاربه وجيرانه القاطنين على طريق رحلتهما الطويلة، وهناك الحديث والجدل الدائم حول جائزة المليون دولار وكيفية قيامه بتوزيعها وصرفها.

يمضي العجوز في بث طموحاته والامه الى العابرين ورواد حانات ومحطات الاستراحة الموزعة على الطريق، حيث يشاركهم في احاسيسهم ومشاعرهم قبل ان يسقط بوعكة صحية ثم يجري نقله الى المستشفى وهو ما يشكل عائقا وعبئا اخر امام ابنه الشاب، الا انه يواصل مهمته في مرافقة والده الى وجهته.

تأتي الصدمة في نهاية الرحلة، عندما يصل الاثنان الى وجهتهما لتسلم الجائزة، ليكتشفان انهما سقطا فريسة خداع لاحدى الشركات العابثة الا ان كليهما: الأب العجوز والابن الشاب يكونان قد توصلا الى قناعة مفادها ان رحلتهما الطويلة والشاقة ليست بالضرورة كانت سلبية، بل مكنتهما من الاقتراب من بعضهما اكثر من السابق، واعادت احياء اواصرهما مع العديد من افراد الاسرة القاطنين في مناطق نائية عن منزلهما، كما تدفق احساسهما مع امال والام اناس اخرين اقتربوا منهما برقة ودفء وحنان جارف رغم كل المعوقات والفروقات من حولهما، وتشاركوا معا في محطات ومواقف لا تخلو من البهجة والفرح والحيرة والقلق بدت في حلقات اللعب واللهو أو في تناول الطعام وفي التعبير عن رؤيتهم تجاه ما يسري حولهم من احداث.

برع المخرج بايدن المولود العام 1961 في نبراسكا، بتقديم عمل سينمائي مغاير لانماط السينما الاميركية السائدة في صالات العرض، حيث وظف فيه اللونين الابيض والاسود كدلالات عميقة في النفاذ الى دواخل المتلقي باحساس فطن وعذب، تناغمت فيهما مواقف الاداء الرفيع لشخصيته المحورية الاب العجوز في تناغم سلس في مناخات من التعبير الهاديء الرصين الذي لا يفتقد المواقف المحملة بدعابات سوداء حول الرغبة في الانعتاق والانطلاق في فضاءات الطبيعة، وتكويناتها التشكيلية الآتية من عدسة مدير تصوير نابه في التقاطه لتفاصيل من بيئة المكان أو عبر مسار السيارة في الطرق الخارجية بحذق وحرفية وافتتان طاغ.

الرأي الأردنية في

18.05.2014

 
 

الأبناء والقتلة..في مسيرة نضال الشعب المصري

خيرية البشلاوى

عاطف الطيب "1947 ـ 1995" أحد الأنباء الجبناء للسينما المصرية.. أفلامه لا تنفصل أبدا عن كونه واحداً من أبناء هذا الوطن يعي همومه ويدرك قضاياه. جميع أعماله ربما تتفاوت مستوياتها الفنية ولكنها تشكل في مجملها علامات كاشفة لقضايا عاشها الشعب المصري في فترات تحولاته السياسية والاجتماعية هبوطاً وصعوداً.

عاطف الطيب أيضاً ابناً وفياً ومقاتلاً مخلصا عاش تجربة الانخراط مع القوات المسلحة في سنوات تجنيده أثناء حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر.. إنه مخرج وصانع فيلم لديه رؤاه التي تعبر عن نسق من القيم الوطنية الخالصة وتلقي بمساحات ضوء علي دفتر أحوال المصريين في انتصاراتهم وانكساراته.

منذ أيام شاهدت لهذا السينمائي الطيب فيلم "أبناء وقتلة" 1987 ولم أكن قد شاهدته منذ فترة. وبكل أسف لا أتذكر ما أثاره الفيلم وقت عرضه الأول.. عموماً الأفلام تحتاج الي اعادة رؤية.

هذا الفيلم يختلف عن أعمال عاطف الطيب. إنه عمل إشكال مثير للجدل. ويطرح علامات استفهام حول موقفه من التيار الديني الذي بشر به ومنحه قداسة واحتراماً كبيرين وذلك من خلال شخصية "زهير" وخطيبته "سها".

الفيلم يطرح أيضاً أسئلة حول موقف عاطف الطيب السياسي الذي اعتمد هنا علي سيناريو من تأليف مصطفي محرم السيناريست "الفاعل" في بنية وتوجه السينما المصرية.

يبدأ الفيلم بمشهد تسجيلي أثناء القاء جمال عبدالناصر خطاب تأميم القناة أمام حشود المصريين.. وفي نفس اللحظة وطوال مدة إذاعة الخطاب نتابع بطل الفيلم "شيخون" محمود عبدالعزيز داخل البار الذي يعمل فيه وأثناء خدمته لمجموعة الرجال المتردين علي البار. أحدهم يعترض علي قرار الحكومة وقرار التأميم. و"شيخون" يدعي بطريقته الصاخبة عكس ذلك وفي نفس الوقت والخطاب مازال يتردد في خلفية المشهد نري الراقصة "دلال" نبيلة عبيد تعبر الشارع متجهة الي البار الذي اعتادت التردد عليه. وتظهر علاقتها مع "شيخون" الذي يتودد إليها ويعرف "الصنف" الذي تشربه وتاريخها كراقصة.

الخواجة "باولو" صاحب البار يقرر قبل أن ينتهي خطاب عبدالناصر بيع البار لاعتقاده بأن "الخواجات" لم يعد لهم مكان في هذا البلد.

"شيخون" عامل البار يداعبه حلم امتلاك البار بينما ما يملكه من أموال لا يكفي. يلجأ إلي زوج شقيقته "خليل" أحمد بدير فلا يسعفه أيضاً رغم استعداده للمساعدة بما لديه.

وأمام أساور الذهب التي تزين ذراع الراقصة "دلال" تلمع في ذهن شيخون فكرة الاستيلاء عليه فيخطط لاثارة الرعب في طريقها لإجبارها علي الارتباط به.. ويلجأ الي بعض البلطجية لتحقيق ذلك في مشهد ترويع مثير.

تلد "دلال" توأماها زهير "أحمد سلامة" وونيس "شريف منير". ثم يدخل زوج شقيقته السجن بتهمة السرقة والشروع في القتل وتنتقل الشقيقة "رجاء حسين" الي الاقامة مع "دلال" ومع شقيقها حيث تقوم بتربية "التوأم".

"شيخون" الشخصية المحورية في هذا العمل. وكما تدلنا وقائع القصة ليس مجرد انتهازي بلطجي ولص بل أيضاً قاتل يخطط لقتل "دلال" التي خانته وخططت لسجنه انتقاماً منه. بمساعدة عقيد شرطة "مجدي وهبة" تزوجها زواجاً عرفياً وبعد أن انكشف فساده واستغلاله لها هجرته وعادت لعملها كراقصة.

بعد خروج شيخون من السجن وقتل زوجته ثم التخلص من منافسه علي امتلاك البلد. يواصل صعوده المالي والاجتماعي ويتواري وراء أقنعة الوجاهة الاجتماعية والتدين المظهري ويصبح تاجر سلاح كبير يتعاون مع الشرطة في توريد كميات منه. ويتحول الي شخصية مرموقة مطمئنة مستقرة صار رب أسرة ووالد مخلص ومحب لأبنائه ولحفيده.

يفلت من القانون بعد أن أفلت من الفقر. يمتلك وضعاً اجتماعياً مشروعاً وهو خارق للقانون وغارق في الحرام.

قصة صعود "شيخون" وتطور حياة ولديه التوأمين تتنمامي جنباً الي جنب مع أحداث وطنية وقومية كبري "حرب 67 ـ حرب الاستنزاف". حرب 73 شريط الصوت في الخلفية أغاني لأم كلثوم وعبدالحليم حافظ الوطنية.

ابنا "شيخون" أحدهما فاسد يمضي علي نفس الدرب الذي سار عليه الأب وقد أصبح مديراً لأعماله. يغتصب ابنة خالته ثم يجبر علي الزواج منها بعد أن تحمل منه.

الابن الثاني "زهير" هو الذي اختار حياة الاستقامة واتجه الي الدين والتمسك بتعاليم الله والرسول عليه الصلاة والسلام واختار أن يرتبط عاطفياً بالطالبة "سها" التي تلجأ إليه ليساعدها علي فهم بعض المواد التي يقوم بتدريسها.

و"سها" ناهد رشدي فتاة محجبة وطيبة مثله ولكنها كما يتضح لاحقاً وفي مصادفة مصنعة. أنها ابنة العقيد الفاسد الذي تزوج "دلال" عرفياً. وتربطه مع شيخون عداوة كبيرة ورغبة في الانتقام كامنة.

"زهير" الصالح يخرج من ظهر الفاسق وكذلك "سها" الاطهار في الفيلم خرجوا من صلب الاشرار الذين أفسدوا الحيا الاجتماعية والسياسية وتاجروا في السلاح وروجوا للخمر استباحوا النساء.. باختصار أغاروا علي قيم البلاد الأخلاقية وتعاونوا مع القتلة المحترفين وتجار السلاح والمخدرات فعلوا ذلك جنباً الي جنب مع عصور جمال عبدالناصر. والسادات وحتي عصر مبارك!!

والفيلم يبشر بعصر "مريدي" ولو عاش عاطف الطيب لصنع لنا فيلماً آخر.. عن كيف تحول زملاء "زهير" الذين ظهروا في مشهد من الفيلم يلوحون باستخدام العنف إذا لم يعد المجتمع الي طوابه. كيف تحولوا الي مخربين وقتلة و.. والخ ما رأيناه في الواقع.

وفي المشهد الأخير من الفيلم تلتقي أسرة العقيد الفاسد الذي جاء في زيارة منزلية للتعرف علي أسرة خطيب ابنته طالبة الجامعة التي أحبها أستاذها العالم المتدين ابن تاجر السلاح الذي تعرف عليه حين كان عاملاً في بار وتزوجا من "دلال" الراقصة بعد أن نصب عليها وسرق مصاغها.

داخل الصالون المذهب الواسع بأثاث المنزل الذي ينم عن ثراء مادي. ووسط ترحيب العمة الطيبة التي تولت تربية الولدين التوأمين يدخل الأب "شيخون" مرحباً حتي تتلاقي نظراته مع نظرات والد خطيبة ابنه.. الاثنان وجهاً لوجه: شيخون وعقيد الشرطة!

الفساد الاجتماعي متمثلاً في تاجر سلاح قاتل ولص وانتهازي متآمر وعقيد شرطة فاسد ولا يقل انحطاطاً. وبين "القطبين" يقف الابن الورع ذو اللحية والابنة الطيبة المحجبة.. وفي ذروة الصراع الذي تتزاحم حممه في رأس الاثنين يطلق "شيخون" الرصاص علي العقيد فتصيب الرصاصة الابن الطيب وترديه قتيلاً أمام خطيبته وأسرته.

في سياق الحكي القصصي نتعرف علي الطلبة الملتحيين أتباع وأصدقاء زهير داخل الجامعة ونتابع تلويحهم باستخدام العنف لتأديب المجتمع. وكأن صناع الفيلم "المخرج والمؤلف أساسا" يتنبأون بواقع سوف يأتي لا محالة. ولكنهم يعالجون باعتباره المخلص ـ الدين مع العلم ـ وباعتبار أن نموذج "زهير" هم من يحملون تباشير المجتمع الصالح الذي خرج من صلب الفساد وكثمرة لزواج المال الحرام مع فساد الشرطة المنوط بها تنفيذ القانون.

"زهير" الشخصية الصالحة الوحيدة هو "وسها" ويمكن إضافة "العمة" هؤلاد يطلون من خضم مجتمع خوار بالأحداث الوطنية الكبري وكأن الجانب المظلم فقط هو ما يطغي علي أجواء المجتمع.. لاحظ أن الفيلم من انتاج النصف الثاني من الثمانينيات ذروة نشاط "الجماعة" وسنوات الحج الي دول الخليج.

صاحب البار تاجر السلام وعقيد الشرطة وبعض أبناء هذا الجهاز المتعاونين مع "شيخون" هم من يتسيدون المشهد السياسي ـ الاجتماعي ـ العسكري أو هم من يدفعون مسار التطور الاجتماعي القراءة المتأنية للفيلم

لا يمكن للمتفرج أن يعزل دلالة الأحداث الكبري التي رافقت وتلازمت مع عملية صعود "شيخون" من قاع الفقر الي الثراء. ودلالة ذلك ليست في صالح الرسالة الأخيرة في الفيلم.

رؤية عاطف الطيب ـ ألف رحمة علي روحه ـ في هذا العمل تتسم بالتشاؤم. والأمل الذي لوح به مقضي عليه. وان ظل باقياً داخل الجامعة في زمرة المجموعة التي رأيناها وفي ابنة ضابط الشرطة الذي لم يمت. فالاثنان مستمران ـ العقيد وتاجر السلاح ـ ومعهما باقي "الأبناء" الذي كان الأستاذ "زهير" قدوة لهم وأستاذاً عليهم!!

رنات

حِفنة أحرار ثوار

خيرية البشلاوى

يوجد في ميدان السينما المصرية الآن "حِفنة أحرار ثوار" نجدهم متحفزين دائماً وأبداً وحالاً وفوراً لحماية فضيلة الجرأة وشيم السخونة الشديدة وأشكال التطاول والتصدي لكل من يعترض أو يحول دون أو يقف ضد التدني المفرط القيمي والسلوكي والادراكي للغة الصورة والاستخدام الحر لمساحة الشاشة التي صارت فعلا بديلا لشارع كلوت بك سابقا بغانياته ومغنييه وسماسرة اللحم الأبيض فيه أو بدلاً للكباريهات الليلية المفتوحة لكل شيء وأي شيء دون رابط أو ممنوع. أو مساحة للاشتباكات الجسدية العنيفة بالسكاكين والمطاوي والجنازير

"حفنة الأحرار الثوار" ترفع شعار "يا ويل من يعترض" ومن ثم يحول دون حرية التعبير والابداع. علي الفور تعلو أصوات أبواقهم. ويعلنون النفير العام علي شبكات التواصل. ويصبح الاعتراض والتعريض والتسفيه نصيب أي معترض لأن هؤلاء من وجهة نظر هذه الحفنة الثائرة هم جماعات "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"! 

ما يفعله "الأحرار" إعادة تعريف لــ مصطلح "حرية التفكير" و"الابداع" واساءة ما بعدها إساءة لقيم الحرية والابداع والفن عموماً. فهؤلاء "الأحرار الثوار" يعلنون الثورة علي الأخلاق الحميدة والقيم والسلوك السوي

السينما المصرية الآن وبعد ثورتين ومع وجود هؤلاء "الأحرار" أصبحت مشغولة بالشذوذ الجنسي. والماسوشية. والسادية الجنسية إلي جانب انشغالها التقليدي بتجارة اللحوم الطازجة للإناث. انفتح الباب علي مصراعيه لأشكال من الراقصات والوجوه الجديدة التي تنبيء بما لا يُحمد عقباه من توهان وتغريب فالمجتمع عندما تنهار تقاليده وميراثه الأخلاقي وأسس مبادئه. هو مجتمع هالك لا محالة

في البلاد المتقدمة الحرة والتي بلا موانع أو كوابح أمام حرية التعبير توجد بها رقابة من نوع آخر خضعت علي فترات لأشكال مختلفة.. منذ بدأت "بالسماح" أو "عدم السماح" للأفلام التي تتضمن المجموعات حسب قانون هايير "Hays code) عام 1930 الذي انتهي العمل به عام 1968 وأصبح هناك نظام للتصنيف شاركت في وضعه "الجمعية الأمريكية للصور المتحركة" و"الجمعية الوطنية لأصحاب دور العرض" و"الجمعية الدولية الأمريكية لاستيراد وتوزيع الأفلام". 

ونظام "التصنيف العُمري" Rathing. نظام تشرف عليه "هيئة تصنيف الأفلام" "Rathing Board). ومقرها مدينة لوس انجلوس وتضم من 8 إلي 13 عضوا يمثلون خلفيات مختلفة ويعملون ساعات عمل كاملة. وبعضهم غير متفرغ.. وهو نظام تفكر هيئة الرقابة علي المصنفات المصرية هنا في تطبيقه لعل وعسي يأتي بالفائدة بدلاً من النظام الحالي والتقسيمات وفق هذا التصنيف العُمري هي

¼ أفلام للعرض العام "G".. وتسمح بدخول جميع الأعمار. وهي أعمال تخلو من المشاهد العارية والألفاظ النابية والمحتوي الجنسي ومشاهد المخدرات والعنف فيها يكون في أضيق الحدود والموضوع الذي تعالجه لا يتعارض مع الأطفال. ولكن ذلك لا يعني انه فيلم للأطفال

¼ أفلام تحت ارشاد الآباء "Parntal guidance) وتشير إلي الأفلام التي تدور حول موضوعات أو مضمون لا يتناسب مع الصغار وربما تضمن الفيلم حوارات خارجة وقليل من العنف والعُري ولا يتضمن مشاهد تدخين المخدرات

لاحظ أن مشاهد تدخين المخدرات التي تغرق الشاشة هنا في مصر. محذورة هناك في التصنيف الأول والثاني

¼ أفلام محظورة علي الأقل من 13 سنة "p. g. 13) والتي تحذر الآباء من مشاهد ليست مناسبة للأطفال تحت سن 13 سنة وقد أضيف هذا التصنيف عام 1984 للإشارة إلي أفلام تتضمن مشاهد عنيفة ولغة قبيحة ومشاهد جنسية

¼ أفلام محظورة علي من هم أقل من 17 سنة وإذا كان المتفرج يقل عن هذا العمر فيشترط اصطحاب الآباء.. وتري "هيئة التصنيف" ان هذا المستوي من التصنيف يقصر الفرجة علي البالغين نظراً لفظاظة الألفاظ والعنف والجنس الصريح والاستخدام المسرف للمخدرات.. غير مسموح لمن هم أقل من 17 سنة "Nc17) وهذا التصنيف لا يناسب الأطفال والمراهقين وانه يمثل مرحلة أكبر من التصنيف السابق

وفي بلاد تتفشي فيها الأمية والفقر تؤثر السينما تأثيراً بالغاً باعتبارها المصدر المتاح والأكثر قدرة علي الوصول للناس خصوصاً مع وجود التليفزيون. ومن ثم تصبح مسئولية "الأحرار الثوار" مسئولية مضاعفة ازاء المجتمع.. وعلي صناع الأفلام أن يراعوا "الله" في زبائنهم.. وضمائرهم.

المساء المصرية في

18.05.2014

 
 

الجمعية العمانية للسينما تعلن عن "ملتقى ظفار الأول للفيلم العربى"

مسقط – محمد سعد 

عقدت الجمعية العمانية للسينما مؤتمراً صحفياً للدكتور خالد بن عبد الرحيم الزدجالى، رئيس الجمعية العمانية للسينما فى مدينة صلالة، للإعلان عن استحداث نشاط سينمائى جديد فى السلطنة يقام بشكل سنوى فى محافظة ظفار تحت مسمى "ملتقى ظفار الأول للفيلم العربى".
وتحدث الزدجالى بصفته رئيس الملتقى أشار إلى أن الملتقى سيقام بشكل سنوى ثابت، ويعرض أهم الأفلام العربية فى مختلف تصنيفاتها القصيرة أو الطويلة أو التسجيلية والوثائقية، وتصاحب الملتقى عدة فعاليات منها وورش عمل وندوات ودورات تخصصية مختلفة، وأهمها ندوة "السينما فى خدمة السياحة" التى تهدف إلى كيفية جعل السينما ومهرجاناتها وملتقياتها وإنتاج الأفلام العمانية الروائية والتسجيلية لإبراز المعالم والمقومات السياحية فى السلطنة، وذلك لأهمية النشاط السياحى فى اقتصاد السلطنة.

كما أوضح أنه سوف تعقد ورشة عمل لمخرجين شباب تحت إشراف مخرج سينمائى محترف تهدف لإنتاج مجموعة من الأفلام لمخرجين شباب من السلطنة للمشاركة فى الملتقى.

وقال الدكتور خالد، إن المؤتمر سيحضره عدد من نجوم السينما العرب والخليجين على مدى دوراته القادمة.

جدير بالذكر أن الجمعية العمانية للسينما تأسست عام 2002م، ومنذ ذلك العام وهى تعمل على بناء ثقافة سينمائية فى السلطنة، مما يؤدى إلى إقامة صناعة سينمائية فاعلة ومتناسقة مع أهداف الجمعية نابعة من الأصالة والخصوصية العمانية المتميزة.

اليوم السابع المصرية في

18.05.2014

 
 

السينما الهندية.. تمثيل وإصلاح وتهذيب (تقرير)

كتب: ريهام جودة 

رغم أنها تشتهر بالنجمات الجميلات والقصص الإنسانية والرقصات المميزة التى تمزج الألحان الأصيلة بالإيقاعات الحديثة فإن السينما الهندية، فى ظل فوز حزب المحافظين بغالبية المقاعد البرلمانية فى الانتخابات التى أجريت مؤخرا، وفوز بعض نجوم بوليوود بعضوية البرلمان، منهم فينود خانا، وشارتوجان سينا ووبارسيه راؤول وكيرون خير وهيما مالينى، سوف يكون لها توجه مختلف.

فقد صرح مسؤول بحزب المحافظين أنه سيجرى تأسيس إدارة تابعة للحزب تتولى إنتاج وتقديم الأفلام التى تستند على القيم والتقاليد المجتمعية فى الهند، بعدما أفسد الكثير من الأفلام الشباب، وتسببتا فى زيادة معدلات التحرش الجنسى بالفتيات، بل ووقوع عدة جرائم للاغتصاب فى الأماكن العامة.

وانتقد المسؤول بعض الأفلام رغم تحقيقها نجاحا تجاريا، وبعض أعمال الممثلة كارينا كابور.

وقال المسؤول كومار تريباتى إن عشرات الأفلام تعرض يوميا فى السينمات لكنها لا تقدم صورة صحيحة عن الهند، وتؤدى لانتشار معدلات الجرائم وتشوه المجتمع الهندى، وقد بدأنا بالفعل حديثنا مع عدة فنانين لمناقشتهم فى تقديم أعمال جيدة تحسن تلك الصورة، ومنهم المخرج إديتا شوبرا والممثلان شاه روح خان وكاجول.

المصري اليوم في

18.05.2014

 
 

السيسي يلتقي 50 فنانًا:

زرعوا الأمل في قلوب المصريين

كتب: محسن محمود 

التقى المرشح الرئاسي المشير عبدالفتاح السيسي، وفدًا من الفنانين ضم أكثر من 50 فنانًا، وتأخر انعقاد الاجتماع بين الفنانين والسيسي عن موعده لأكثر من 5 ساعات لإتاحة الفرصة أمام الفنانين للمشاركة في جنازة الفنان الراحل حسين الإمام، واستمر اللقاء لأكثر من 3 ساعات، تبادل خلاله السيسي الحديث مع الفنانين واستمع لكلمات البعض منهم.

وطالب السيسي الفنانين بضرورة زرع الأمل في وجدان المصريين بأعمالهم، مشيرًا إلى أن ارتباط المجتمع المصري بالفن والإبداع ليس جديدًا وأن تأثير الأعمال الفنية لا يمكن إغفاله، موضحًا أن الدور الذي يلعبه الفن هام ومحوري خاصة في مثل الظروف الصعبة التي تعيشها مصر حاليًا.

وقال الفنان عادل إمام خلال الاجتماع: «دورنا كفنانين توعية المجتمع وتنويره بما يحيط به من أخطار، لأن الفن الهادف دائمًا يسبق الأحداث ويعطي رؤية مستقبلية للبلد وللمجتمع».

من جانبه قال الفنان محمد صبحي: «يجب التوقف عن المطالب الفئوية هذه الأيام وأن يتخلى كل فرد عن مطالبه الشخصية لأن خروج البلد من كبوته يتوقف على تكاتفنا جميعًا من أجل الخروج بالبلد من النفق الضيق».

وقال الفنان نور الشريف: «الممثل يصنع الشخصية المصرية ويجعلها لحمًا ودمًا تنطق بمصريتها وتثري وجدان المجتمع بما يقدمه من أعمال تخاطب عقله».

وأشارت الفنانة صابرين إلى الدور الهام الذي يلعبه المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية في دفع الحركة الفنية والإبداعية في مصر خاصة بعد قراره الهام بإعادة عيد الفن.

ضم الوفد كلا من الفنانين فاتن حمامة، عادل إمام، محمد صبحي، كريم عبدالعزيز، ومحمود عبدالعزيز، ويسرا، وعلي الحجار، وكريم عبدالعزيز، وأحمد السقا، ومحمد ثروت، ومدحت صالح، وإلهام شاهين، ووفاء عامر، وهاله صدقي، وأحمد بدير، وأحمد راتب، وآخرين.

المصري اليوم في

18.05.2014

 
 

الثورة السورية من شيكاغو الأمريكية

محمد موسى 

"كُل عملي الثوري يحدث  هنا"، تُشير الشابة السورية آلاء بساتنة الى جهاز "اللاب توب" الخاص بها. لكنها تعود وتستطرد: " أستعمل الهاتف المحمول أحياناً". آلاء، التي يقدم قصتها الفيلم التسجيلي الأمريكي "فتاة شيكاغو"، هي واحدة من النشطاء السوريين عبر شبكة الأنترنيت، والذين خاضوا حربهم الخاصة، لإيصال ما يحدث في بلدهم منذ ثلاثة أعوام الى العالم. فالجرائم والأنفس التي أُزهقت في الصراع هناك، كانت ستذهب هباءً لولا جهد هؤلاء، وحسب مُخْتَصّ أمريكي بالأعلام الحديث تحدث للفيلم التسجيلي.

عندما يصل الفيلم التسجيلي الى آلاء بساتنة، والتي تسكن مع أهلها منذ سنوات طويلة في مدينة شيكاغو الأمريكية، بدت الفتاة السورية المُحجبة والتي تجاوزت العشرين بقليل، وكأنها عاشت حياة طويلة حافلة ومليئة بالمرارات.  هذا رغم إنه لم يمضي عامين منذ أن تغيرت حياة الفتاة السورية، من طالبة جامعية، كانت تعيش حياة مليئة بالأحلام والإنشغالات اليومية الطبيعية، الى ناشطة ألكترونية دخلت في لَجَّة الصراع المسلح القاسيّ في بلدها.

تشرح آلاء بساتنة للفيلم، كيف بدأت خطواتها الأولى في التدوين الألكتروني للثورة السورية، بصفحة صغيرة على موقع التواصل الإجتماعي (الفيسبوك)، تقوم بنقل أخبار الثورة السورية من عدة مصادر إخبارية. سيتوسع نشاط الشابة السورية، لتتحول الى مديرة عمليات تربط الداخل السوري بالعالم، ومنسقة لنشاطات تحريضية على الأرض السورية، إضافة الى عشرات المهام الصغيرة مثل متابعة صفحات ناشطين سوريين داخل سوريا على الفيسبوك، وإغلاقها، حال وصول خبر إلقاء القبض على أصحابها من قبل السلطات السورية، خوفا من تعقب من يرد أسمه في تلك الصفحات، بل إن الفيلم التسجيلي يرافق الفتاة السورية وهي تذهب لمحل مُتخصص بأجهزة التنصت والكاميرات السريّة، فهي تُرتب أيضاً إرسال هذه الأجهزة المُعقدة الى سوريا، للتصوير السريّ في المناطق التي لازالت تخضع لسلطة الحكومة السورية.

الى جانب قصة " آلاء بساتنة "، سيمّر الفيلم على سيّر سوريين شباب خاضوا غمار الحرب والعنف الدائر في بلدهم، منهم باسل شحاته، الشاب الذي ترك دراسته السينمائية في الولايات المتحدة الامريكية وعاد الى بلده فور إنطلاق الثورة هناك. سيكون لطالب السينما هذا دور كبير في تسجيل لحظات مُرعبة من العنف السوري، وسيذهب هو الآخر ضحية للعنف ذاك، اذ ستصيبه قنبلة في مدينة حمص أثناء تصويره هناك. وهناك أيضا "عمر"، طالب الهندسة المعمارية، الذي قام بتصوير عشرات الأفلام قبل مقتله هو الآخر في ريف دمشق. أما "أوس"، طبيب الأسنان الذي ترك مهنته وإتجه الى التوثيق الإعلامي، فسيترك الكاميرا ويحمل السلاح، بعد أن طال عمر الثورة ووصل اليه الجزع، لينخرط في العمل العسكري، حيث يظهر في مشاهد قوية برمزيتها وهو يحمل سلاح الجيش السوري الحرّ.

بدت الوثيقة التسجيلية والتي أخرجها الأمريكي جو بيسكتيلا، وكأنها تسير في حقل للألغام. فهي من جهة رغبت في تقديم الحرب الغير معروفة التي تجري لإيصال ما يحدث في سوريا من مآسي الى العالم، ومن الجهة الأخرى لا ترغب بتعريض حياة الناشطين في سوريا للخطر بعرض صور وجوههم، فغطت صور وجوه  معظم الذين مازالوا يعملون في سوريا. هذا الأمر إثر بدوره على تتابع المشاهد والقصص. فالفيلم قدم مثلاً مشاهد مُرعبة بحق لجولة لناشطين في مدينة سورية مُدمرة. لكن بدت خارج سياق الوثيقة التسجيلية، خاصة إن الفيلم غطى وجوه الذين ظهروا في تلك المشاهد، ولم يكن من الواضح تماماً اذا كانوا من ضمن المتعاونين مع شخصية الفيلم الرئيسية.

لم تكن شهادة آلاء بساتنة نفسها تحمل قدر كبير من العاطفية، ربما لأنها سجلت في فترة زمنية قصيرة ولم ترافق الشابة السورية في يوميات العامين الاخيرين. جاءت الشهادة على جانب كبير من التقريرية، والتي تخللتها أحيانا لقاءات مع خبراء أمريكيين تحدثوا عن الثورة السورية، بلغة تتوجه الى المشاهد الأمريكي الذي لا يعرف الكثير عما يجري هناك. سيتخلل شهادة آلاء بساتنة كثير من التفاصيل عن عملها الذي تطور سريعاً، وعن طبيعة الحرب الإعلامية الألكترونية التي شاركت بها، ودفعت الكثير من أجلها. فعندما ينكشف أمر تعاونها مع ناشط سوري، ألقيّ القبض عليه في سنة الثورة الأولى، ستتلقى رسائل تهديد بالقتل من مجهولين.

ليست آلاء بساتنة هي الوحيدة التي تدير معركة إعلام الثورة السورية، فهناك كثيرين غيرها، بعضهم صار مرجعا لوسائل الأعلام التقليدية. لكن قصة هذه الفتاة السورية تستحق أن يُخصص لها فيلم كامل. هي تمثل جيل من النساء العربيات القويات القادرات على فعل الكثير لمجتمعاتهم وأوطانهم عندما تتاح لهن الفرص. ورغم انه كان بالإمكان تقديم عمل أكثر عاطفية عن حكاية آلاء بساتنة ، الا أن الفيلم بمجمله يقدم شهادة مهمة كثيراً، عن الذين مَرّت عبر كمبيوتراتهم الشخصية، الصور والفيديوات السورية ، لينشروها بعد أعادوا إنتاج بعضها، ولتثير بعد إنتشارها كل ذلك الجزع والصدمة في العالم. يرافق الفيلم في جزئه الأخير الفتاة السورية في رحلتها الأولى الى بلدها، الى  الجزء الخارج عن سلطة الحكومة السورية، في مهمة وصفتها بالإنسانية (توزيع أدوية)، لكنها أوضحت بأنها ترغب أيضاً بالإقتراب من المكان الذي غادرته كطفله، وشهد في العامين الماضين الحالكين نهايات بعض أصدقائها الأفتراضيين، والذين ستبكيهم في تظاهرة جرت في مدينتها الأمريكية في مشهد إرشيفي خَيّمَ عليه الحزن الشديد.

الجزيرة الوثائقية في

18.05.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)