كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

هل سيتم تصوير المزيد من الأفلام في منطقة الخليج؟

مغامرات خيالية فوق أرض عربية شمال كاليفورنيا

«كان»: محمد رُضا

 

عندما تم الإعلان، قبل أشهر قليلة، عن قيام شركة «ديزني» بتصوير أجزاء من فيلمها المقبل «ستار وورز: الفصل السابع» في إمارة أبوظبي، شعر المتابعون لنشاطات السينما في الإمارات العربية المتحدة بحبور كبير، كون واحد من أكثر الأفلام شهرة ومن بين أضخمها إنتاجا وتمويلا اختار التصوير في صحراء أبوظبي.

بعض ردود الفعل أوحت بالاعتقاد بأن العديد من المشاهد سيتم تصويرها في صحراء الإمارة، وتكهّن آخرون بأن بعض كبار ممثلي الفيلم، مثل هاريسون فورد وأندي سركيس ودومنول غليسون، سيحطّون في الإمارة تلبية لضروريات العمل.

لكن الحقيقة أن ما تم تصويره هناك هو مشاهد مساندة، أو كما يطلق عليها اسم «Second Unit Work»، وهي مناظر أساسية لا يمكن توفيرها في أي مكان آخر غالبا ما تصوّر من دون أبطال الفيلم كونها عامة ومساندة. بينما التصوير الفعلي للفيلم سيتم في استوديوهات «باينوود» قرب لندن، بل وهو بدأ فعلا هذا الشهر.

على أن اختيار الإمارات العربية المتحدة للتصوير فيها هو قرار مهم بحد ذاته أقدمت عليه «ديزني» بعد دراسة ميدانية واتصالات مكثفة. المهم تحديدا هو أن مدينة أبوظبي تستطيع الآن كسب ثقة لا تمنحها المؤسسات السينمائية الأميركية بسهولة تماما كما فعلت دبي قبل عامين عندما استقبلت فيلم «المهمة: مستحيلة 4» الذي أنتجته «باراماونت». الاختلاف هو أن التصوير في دبي كان تصويرا أساسيا حضره توم كروز وجيمي رَنر وبعض الممثلين المشاركين بالفعل. هذا مرده أن السيناريو تطلّب ذلك كون بعض الأحداث (نحو 40 في المائة من الفيلم) تدور حول محاولة توم كروز اقتحام شقة في أحد الطوابق العليا من برج خليفة.

بذلك، كل من أبوظبي ودبي مطروحة، على أساس أنهما تستطيعان استقبال أكبر الإنتاجات السينمائية وتوفير الأرضية اللوجيستية والتقنية المطلوبة لعملية تصوير ناجح محاط باهتمام الدولة لتنشيط هذا القطاع التواصلي مع العالم المحيط.

* صحاري التصوير في الصحراء ليس مجرد حضور سينمائيين ومعدات تصوير، بل يداخله فن صعب من شروطه ملاءمة ما يتم تصويره مع النظرة (The look) العامة للفيلم واندماج تصميمه الإنتاجي مع باقي ما سيتم تصويره (أو ما تم تصويره في حالات أخرى). كذلك هو دقيق لأن للصحراء شروطها الطبيعية: إضاءتها المبهرة وشمسها الساطعة وألوانها الخاصّة.. وسابقا كان من الصعب الحفاظ على المعدّات في حالة جيّدة، إذ غالبا ما تتسلل إليها الرمال. وهذه الصعوبة لم تضمحل اليوم، لكن تأثيرها خف بفضل استنباطات الأجهزة الحديثة.

التصوير في مدينة عربية هو أمر نادر. الأكثر انتشارا هو التصوير في الصحراء.. وليس أي صحراء. إذا ما أردت صحراء حقيقية، تلك التي تتألف من «تريليون» من الرمال الصغيرة جدا (بحجم الذرة) في كل مائتي متر مربع، ومن كثبان لا متناهية ونخيل وواحات، فما عليك إلا الصحراء العربية على الرغم من تعدد الصحاري في العالم. في أميركا أراض صحراوية تتوزع بين كاليفورنيا وتكساس وأريزونا ويوتا، وفي الصين هناك صحراء كبيرة شمال غربي البلاد (اسمها غوبي)، كذلك هناك صحراء في الجزء الجنوبي من أفريقيا، وأرضان صحراويتان في أستراليا، لكنها صحاري ذات بيئة طبيعية تختلف من مكان لآخر: بعضها، مثلا، صخري، وبعضها الآخر عبارة عن أرض ملساء مشققة في أخاديد طويلة ومتقاطعة، وبعضها الثالث من التربة الحمراء. ولبعضها نباتات تكشف عن مكانها مما يعوق قبولها إذا ما كان الفيلم يقص حكاية تدور في الصحراء العربية التي باتت عنوانا للبيئة العربية من أفلام الإعلانات إلى فيلم بحجم «لورنس العرب».

* هنا وهناك وليس كل ما يتم تصويره في الصحراء العربية يحمل شخصيات أو مواضيع عربية متّصلة. «ستار وورز.. الفصل السابع» الحالي، كما كان «ستار وورز» الأول (1977) الذي تم تصويره في تونس، عملان من تلك التي تستعير المنظر. بينما «المهمة: مستحيلة 4» أراد الموقع (برج خليفة) داخل المدينة. مثله في ذلك مثل «لورنس العرب» (1962) الذي صُوّر في الأردن و«جوهرة النيل» (1985) الذي تم تصويره في المغرب. هذا الفيلم كان واحدا من تلك التي أساءت إلى البلد الذي استقبلها بالترحاب، إذ صوّرته على نحو يخدم تنميطا معروفا، وذلك على عكس «المريض الإنجليزي» لأنطوني منغيلا (1996) الذي صُور في تونس أو «بابل» لأليخاندرو كونزاليس إيناريتو الذي صوّر سنة 2005 في المغرب. كلاهما حافظ على جمال الصحراء والبيئة ومن فيهما.

الأمر اللافت هو أن غالبية ما تم تصويره في العالم العربي جاء يطلب الصحراء في حد ذاتها. البادية وحكايات ألف ليلة وليلة ومشاهد الجمال والرحّالة والقوافل التي تنتقل فوق الرمال في تلك المساحات الرملية الصفراء الواسعة، كانت مطلبا جماليا من ناحية، وتهدف إلى التماثل مع الواقع ومنح الفيلم مصداقية ما من ناحية أخرى.

في هذا الصدد جذب المغرب والجزائر وتونس عشرات الأفلام، وتحوّلت إلى أماكن تصوير معتمدة كلّما كان لدى السينما في أوروبا أو هوليوود ما يفرض عليها ذلك. إليها ورد جورج لوكاس ومصطفى العقاد ومارتن سكورسيزي وريدلي سكوت من بين مخرجين عديدين.

بالتالي، فإن المدن العربية ومناخاتها الحضرية لم تجذب إلا قلّة من الأعمال. جزء من فيلم جيمس بوند «الجاسوس الذي أحبّني» (1977) ومشاهد من «موت في النيل» (1978)، صُورت في مصر.. وكان على الفيلمين إظهار مشاهد من المدينة، لكنهما أيضا صوّرا خارجها (منطقة الهرم في الأول والنيل في الثاني).

في الستينات خطفت بيروت عدّة إنتاجات أوروبية وأميركية جاءت خصيصا للتصوير في تلك المدينة التي نعمت آنذاك بأمان افتقدته في السبعينات وما بعد. وجرى استخدام مدينة الجزائر في فيلمين مهمّين قبل ذلك هما «بيبي لي موكو» للفرنسي جان دوفيفييه (1937) و«معركة الجزائر» للإيطالي جيلو بونتيكورفو. في كلتا الحالتين لم يكن من الممكن استبدال منطقة القصبة الشهيرة بأزقّتها في أي مكان آخر.

* بالقرب من سانتا باربرا لكن حين يصل الأمر إلى الصحاري العربية فإن تاريخ السينما يشهد إقبالا كبيرا عليها. في البداية، عندما أخذت هوليوود تتعاطى مع الشخصيات العربية، لم يكن من الضروري مطلقا اجتياز المسافة بين القارة الأميركية وتلك الأفريقية للتصوير فيها. قليل من الخيم المبعثرة وبعض الجياد (الجمال كانت عزيزة) والكثير من الكثبان، ولديك الآن البيئة المطلوبة من دون أن تترك ولاية كاليفورنيا. الفيلم الأشهر في تلك الفترة ولحقبة طويلة «الشيخ» (1921) تم تصويره في صحراء تقع قرب مدينة سانتا باربرا في ولاية كاليفورنيا وفي صحراء «يوما» في ولاية أريزونا.

حتى «كازابلانكا» (1942)، ذلك الفيلم التشويقي - العاطفي الشهير الذي يتّخذ من مدينة عربية عنوانا له، لم ير المغرب على الإطلاق. تم تصوير أجزاء منه في استوديوهات «وورنر» والخارجية في صحراء يوما، شمال غربي أريزونا. أما مشهد المطار الشهير بين إنغريد برغمان وهمفري بوغارت فتم تصويره في مطار متروبوليتان الذي كان واقعا، في الأربعينات، في لوس أنجليس.

* لهو بريء

* جذبت حكايات الصحراء العديد من الإنتاجات الأميركية حتى في أيام السينما الصامتة. من ناحية كانت هي مصدرا لأفلام مغامرات تستخدم العناصر ذاتها التي في أفلام الوسترن: القبائل العربية عوض الهنود الحمر، الأميركيون المهددون، بعض العرب المسالمين والكثير من الأشرار. من ناحية أخرى، كان لدى الغربي ذلك الفضول في معرفة كنه هذا الجزء من العالم وشعبه، هذا بالطبع قبل أن تبدد نشرات الأخبار المسائية ومحطاتها ذلك الفضول موفّرة صورا تجعل من الأفلام التي صوّرت العربي على نحو مشوّه بمثابة لهو بريء.

شاشة الناقد

طرزان في المدينة

الفيلم: The Amazing Spider-Man 

إخراج: مارك وَب أدوار أولى: أندرو غارفيلد، جيمي فوكس، إيما ستون تقييم الناقد:(2*)

في أفلام طرزان التي صُوّرت في الأدغال الأفريقية منذ العشرينات، وإلى أن باتت عملة قديمة يمكن الاستغناء عنها، رأينا البطل الأبيض يستخدم الألياف المتدللة من الأشجار الكبيرة كوسيلة ركوب مجانية ينتقل بها من موقع لآخر. ها هو الحبل الذي تم لصق أوراق الشجر عليه ليبدو كما لو كان من الألياف الطبيعية، وها هي يد طرزان تقبض عليه فينتقل (أحيانا بأكثر من قدرة الحبل المعلق على تجاوز المسافات التي نراها) إلى حيث يُريد.

«سبايدر مان المذهل 2» يستخدم الفكرة ذاتها. عوض الألياف لدينا خيوط العنكبوت يطلقها سبايدر مان من قبضة يده حيث يريد وينتقل من ناطحة سحاب إلى أخرى، منزلقا تارة وصاعدا تارة جدران المباني أو قافزا عبر الهواء.. من يحتاج إلى سوبرمان؟

المشكلة في فيلم مارك وَب (الثاني له مخرجا بعد الجزء الأول) هو أن كلمة «مذهل» في العنوان لا معنى لها. الفيلم عبارة عن تراكمات من الألعاب البهلوانية التي وجدت لنفسها سندا داعما في قدرة الديجيتال على تخيّل الحكايات من دون أن تجد في السيناريو سندا دراميا موازيا يمنح المشاهد عمقا أو بعدا أو حتى مجرد قصّة مطلوبة.

بيتر باركر المتنكر في شخصية سبايدر مان، تخرّج وحبيبة قلبه غوِين (إيما ستون) في الكلية. هي وجدت عملا، وهو تابع رصد الأشرار العتاة والمساعدة في إلقاء القبض عليهم وإنقاذ الأبرياء في ساعات الفراغ. وكلما التقى الحبيبان تساءلا، في مشهد مكرر تلو مشهد مكرر آخر، عما إذا كانت علاقتهما العاطفية ستستمر. هذا في الوقت الذي يتم فيه تقديم شخصية كئيبة جديدة هي شخصية إلكترو (جيمي فوكس) الذي نتعرّف عليه معدوم الثقة بالذات ومن الوحدة في الحياة بحيث يبعث ببطاقات عيد الميلاد لنفسه. ذات يوم يحاول إصلاح عطب في المؤسسة التكنولوجية العملاقة التي يعمل بها، لكن الكهرباء تصعقه فيسقط في حوض أسماك تحته مباشرة فيه أسماك كهربائية تهاجمه وتحوّله إلى شرير الفيلم الذي يؤمن بالتدمير والذي سيتم استخدامه للنيل من سبايدر مان لاحقا.

لا جديد تحت الشمس هنا. كل ذلك وسواه شاهدناه في الجزء الأول (الرابع إذا ما ضممنا كل الأفلام القديمة حول ذلك الأكروباتي). وإذا كان الفيلم السابق احتوى على موقف يبكي فيه العاشقان، فلم لا يضيف الجزء الثاني مشهدين من النوع ذاته بينهما وبضعة مشاهد أخرى نرى فيهما عيني البطل دامعتين.. ربما لجذب جمهور السينما الهندية.

نسبة الخيال في هذا الفيلم محدودة. وما يستخدم منه متكرر، لا داخل الفيلم فقط، بل من داخل الفيلم السابق. الفيلم الجديد ليس مكمّلا ولا مضيفا للجزء الأول، بل مجرد رديف، يمكن أن تختار أيا منهما فتتعرّف منه على الثاني من دون أن تشاهده. وفي حين كان أندرو غارفيلد مقنعا في ذلك الجزء الأول الذي خرج قبل عامين، بدا الشاب الذي يعرف كل شيء ولو أنه لا يزال لا يعرف ما يكفي حول نفسه. الأداء يتراوح وباقي الممثلين أسوأ منه.

سنوات السينما: 1943

اقتباسات أدبية

بنى ارنست همنغواي روايته «لأجل من يقرع الجرس» من وحي ما عايشه حين التحق بالحرب الأهلية الإسبانية لجانب الجمهوريين. حين شهدت الرواية (ذات الصلب العاطفي أساسا) نجاحا واسعا بين القراء سارعت «باراماونت» لشراء حقوقها، وأسندت إخراجها إلى أحد المحنّكين الجيدين في هوليوود، وهو سام وود الذي استقدم للدور كلا من غاري كوبر وإنغريد برغمان. اليوم يبدو الفيلم متآكلا بعض الشيء خصوصا لناحية أداء كوبر.

سينما الاقتباسات لم تبرز في ذلك العام، ومعظم ما تم إنتاجه منها بقي صغيرا باستثناء هذا الفيلم، وفيلم لإرنست لوبيتش بعنوان «الجنة تستطيع الانتظار» مع جين تييرني ودون أميش والمأخوذ عن مسرحية ناجحة بدورها لليزلي بوشفيكيت.

10-TOP

من فيلم سيئ إلى أسوأ

* سبايدر مان المذهل لم يذهل طويلا، بل تراجع الإقبال عليه بنسبة تزيد على ستين في المائة في أسبوعه الثاني، ليكتفي بالمركز الثاني من بعد فيلم «جيران»، أحد ثلاثة أفلام جديدة هذا الأسبوع. ليس لأنه أفضل بكثير من «سبايدر مان المذهل 2»، لكنه يحمل للمشاهدين نكاتا وترفيها، ولو أن الكثير منه في شكل شتائم ونكات دونية.

* «ليلة سهر الأمهات» أفضل بقليل لكنه كان بحاجة إلى ممثلات معروفات يدعمنه، لذلك حط في المركز السابع، يتبعه ما كنا اعتقدنا أنه سينجز نجاحا كبيرا وهو فيلم الأنيميشن «أساطير أوز».

* الأفلام 1 (1*)(-) Neighbors: $51,070,425 2 (2*)(1) The Amazing Spider-Man 2: $37,200,444 3 (1*)(2) The Other Woman: $9,605,781 4 (3*)(3) Heaven is for Real: $8,604,772 5 (3*)(4) Captain America 2: $5,619,080 6 (2*)(5) Rio 2: $5,028,331 7 (2*)(-) Moms› Night Out: $411,592 8 (3*)(-) Legends of Oz: $2,705,376 9 (2*)(7) Divergent: $2,892,007 10 (3*)(6) Brick Mansions: $1,480,607

* حديثا على DVD (3*)The Great Beauty الكوميديا الاجتماعية الإيطالية التي خطفت أوسكار أفضل فيلم أجنبي هذا العام (2013) (3*)Stalingrad تتمنّع المدينة أمام جحافل الألمان في هذا الفيلم الحربي المتكرر (2012) (2*)I, Frankenstein آرون إيكهارت في دور المخلوق المتوحش بعدما وقع في قبضة أشرار العالم (2013) The House on 92nd Street(3*) جيد حول كيفية كشف خلية نازية على أيدي المخابرات المركزية الأميركية (1948)

المشهد

ابتسم.. أنت في «كان»

كيف يشعر المخرج عندما يدخل مسابقة أكبر مهرجان دولي في العالم؟.. كيف يستقبِل هذا التطوّر الكبير في حياته المهنية؟ كيف ينظر إلى نفسه وإلى العالم؟ هل يسيطر على مشاعره الداخلية أم يفقد السيطرة؟ يتأقلم أم يتمسّك بنظرياته حول نفسه وفنّه؟ ثم كيف يتقبّل النتيجة إذا ما فشل في الاستحواذ على الجائزة؟

ذات مرة سمعت المخرج الأميركي المعتزل من دون خاطر بوب رافلسن يقول للممثلة جيسيكا لانغ بعد عرض فيلمهما «ساعي البريد يدق الجرس مرتين» (1981): «ابتسمي.. أنت في (كان)». على الفور ابتسمت الممثلة، التي لم يسبق لها الحضور من قبل والتي لعبت في فيلمه دور الزوجة التي تجد في وصول جاك نيكولسون للعيش والعمل في الجوار مَنفذا لبث بعض ما تعانيه من لوعة وشوق ولتشارك، بنقلة درامية ممتازة من الروائي جيمس م. كاين والسيناريست ديفيد ماميت، في قتل زوجها (جون كوليكوس).

ابتسمت جيسيكا وكسبت على الفور نسبة إعجاب وود مضاعفة عما كان الحال عليه لو أنها عبست أو تبرّمت أو أظهرت ضجرا. كانت بسيطة ولم تمثّل أنها مهمّة أو أنها تعيش فوق السحاب رغم أنها كانت قد أصبحت نجمة قبل وصولها إلى «كان» ببضع سنوات.

لكن المخرج هو كيان آخر من الصعب إرضاؤه. هو شخصية عريضة الشأن، وهناك نماذج عديدة منه: قد يكون محدود التفكير، متكبّرا، مليئا بالمفاهيم التي لا يريد أن يغيّرها، أو ربما كان سهل الوصول، متواضع الشأن، ويفهم لا في ما أخرجه فقط بل في أفلام الآخرين. لذلك بعض المخرجين يحققون أفلاما والبعض الآخر (والأفضل) يحققون سينما.

ذات مرة استمعت إلى مخرج من بلاد العرب يواجه الجمهور الإسباني الذي كان قد حضر المؤتمر الصحافي لغاية واحدة: محاولته للتواصل معه لكي يفهم من فيلمه المعقد ما يمكن أن يجد فيه منفذا للإعجاب. لا بد أن ترفع القبعة لهذا الجمهور الذي يريد أن يُعجب، لكن عليه قبل ذلك أن يفهم ما رآه من مشاهد هي بلا ريب تدخل في الوجدانيات الشخصية لذلك السينمائي. هل تعرفون ما قاله لهم: «فهم الفيلم أمر متروك لكم. لقد صنعته بالمستوى الذي رأيته مناسبا، وعليكم أنتم الصعود إلى حيث الفيلم لتفهموه».. قالها بالعربية (لذلك فهمت فأنا لا أعرف الإسبانية ولا هو طبعا) مما تسبب في حرج المترجم (وهو سوري يعيش في إسبانيا) فاستبدل، كما قال لي لاحقا، بعض الكلمات حتى لا يُثير غضب الحضور. ذلك المخرج لم يصنع فيلما آخر لعشر سنوات ثم حقق فيلما لاحقا.. هذا الفيلم اللاحق لم يدخل أي مهرجان غربي. لعله من فرط شموخه صعد مباشرة إلى السماء التالية! بالعودة إلى بداية هذا الموضوع، لا بد أنه أمر جلل أن يدخل المخرج (من أي بلد) مثل هذا الصرح وفي الدور الأعلى منه: المسابقة. سيجد نفسه في صحبة محظوظين آخرين كما فعل الفلسطيني إيليا سليمان والمصري يسري نصر الله وقبلهما (عدة مرات) يوسف شاهين، وقبل هؤلاء كمال الشيخ ومارون بغدادي (مرّة واحدة لكل منهما) وجورج نصر وصلاح أبو سيف ومحمد لخضر حامينا (مرتين لكل منهم). وكما فعل المئات ممن اشتركوا في المسابقة منذ 67 سنة.

بما أن عالمنا العربي يأتي في نهايات كل السباقات (رياضية على اختلافها أو فنية أو أدبية وسواها)، فإن بعض أفضل مخرجينا يمثلون وضع سينما تركض وتركض ولا تصل. حين تسأل يقولون إن نجاحهم في بلدانهم وبين جمهورهم هو ما يتوخونه. صحيح؟

الشرق الأوسط في

16.05.2014

 
 

القامة السينمائية... بسام الذوادي (2-2)

أتنفس عبر بكائي وضحكي اليومي مع السينما

رباب أحمد 

الساعة تقارب على العاشرة صباحاً... ها هو المخرج والقائم بأعمال المدير العام للإذاعة والتلفزيون بسام الذوادي، يفتح باب قلبه، تماما كما فعل مع باب مكتبه، بابتسامة كانت كفيلة بكسر حاجز رهبة لقاء قامة في عالم السينما.

وبعيد حوار مطول مع بسام الذوادي فإنه من غير الانصاف أبداً أن أقول عن بسام الذوادي المخرج والقائم بأعمال المدير العام للإذاعة والتلفزيون انه متعلق بالفن السابع -السينما-. فبسام الذوادي شكل حياته العامة من خلاله، وكون نظرته للحياة عبره، كما إنه وخلال حواري معه كان كلما طلبت منه الحديث عن مراحل حياته، كان يتجه للحديث عن السينما والفنون. وكأنه يريد أن يقول بأن حديث ذكرياتي يبدأ مع السينما ويستمر معه. بيد أنه يمكنني أن أقول لكم: عندما تعرفون بسام يصبح من اللا إنساني ألا تُعجبوا به! في الأسبوع الماضي تناولنا الحديث عن ذكريات طفولة بسام الذوادي، وصباه وهنا سنتاول الحديث عن مراحل لاحقة. يقول بسام محمد علي الذوادي لـ «ذكريات»: التحقت بالمعهد العالي للسينما في القاهرة -قسم إخراج-، في نهاية السبعينات. ولعل من اللافت هنا بأنه خلال مقابلة القبول بالمعهد، تم سؤالي من قبل عميد المعهد وقتها الأستاذ محمود الشريف عن اسم الممثلة البحرينية الصاعدة حينها، وكانوا يعنون أحلام محمد، وهذا ان دل على شيء فهو يدل على متابعتهم للمستجدات حتى على الساحة الخليجة.

وحين دخلت مصر انفتحت على العالم الجميل الذي كنت اتابعه عبر شاشات التلفاز، وتعرفت هناك على ثلة من الشعراء والفنانين أمثال أحمد فؤاد نجم، أمل دنقل، أحمد عبدالباقي، الشيخ إمام، وأصدقاء الدراسة زكي فطين عبدالوهاب، ابن ليلى مراد وعادل عوض، ابن الفنان محمد عوض وليلى علوي.

ناقوس الحياة

وفي مصر أعتقد أنني فهمت الشعر وبصراحة كنت مشروع شاعر وألفت أول ديوان شعر وقتها بعنوان «رنين في ناقوس الحياة»، وحينها كانت أيام حكم السادات، ويتحدث الديوان حول الأوضاع السياسية التي كانت تمر بها مصر والمنطقة آنذاك كمعاهدة «كامب ديفيد»، والحركات السياسية وودلاة الكثير من الأحزاب، والصراع السياسي فيها. وقد ساعدني وقتها على طباعته الدكتور السعودي عبدالعزيز التويجري ولكنه للأسف لم ير النور بسبب ما احتواه، هذا من جهة الشعر، أما من جهة الصور فقد أقمت أول معرض للصور الفوتغرافية في العام 1980 وقد وفر اتحاد الطلبة بالكويت مكان العرض. 

وخلال دراستي في مصر اخرجت حفلات القاهرة مع الفنان خالد الشيخ التي كانت تتمثل في الحفل السنوي لاتحاد طلبة البحرين، والذي قدمنا فيه اللوحات التعبيرية والغنائية والتمثيلية، وكانت الكويت وقتها هي مركز هذه الحفلات بالنسبة للطلبة الخليجيين والتي قادها الفنانون عبدالله ملك والمرحوم صالح الفضل والفنان يعقوب يوسف والفنان محمد يوسف وغيرهم. وبعد أن انضم لنا الفنان خالد الشيخ في القاهرة تحولت أنظار الطلبة إلى حفلات القاهرة التي كنا نقيمها، وفي احدى الحفلات استضفنا فرقة رباعي الكويت مع الفنان عبدالله الرويشد على مسرح البالون في العجوزة.

وقمت بأول تجربة بحرنة لقصيدة للشاعر التشيلي بابلو نيرودا، إذ قمت ببحرنة وتلحين أوبريت «احنا المساكين» باللهجة البحرينية، وكان خليفة زمان موزع الأوبريت، رغبة مني في تجربة كل المراحل التي تمر بها المادة قبل أن تصل للإخراج لأفهمها وأمارسها جيداً حين أصل لمرحلة إحتراف الاخراج.

«ملائكة الأرض»

وقد كان مشروع تخرجي من المعهد فيلما باسم «النقيض» قدمته في العام 1983، غير انه رفض من قبل إدارة المعهد لحساسيته، كونه يتحدث في الوقت الذي تمر به المنطقة بمجموعة من التغيرات. فقمت باستبداله بـ فيلم آخر يحمل عنوان «ملائكة الأرض»، والأخير فيلم درامي قصير يتحدث عن مذابح صبرا وشاتيلا في لبنان مثل فيه الفنان المصري المرحوم عبدالله محمود، وآخرين. 

وفي مصر أيضاً دق قلبي للمرة الأولى لابنة شقيقة الشاعر العراقي عدنان الراوي، والتي كانت تدرس أدب انجليزي وتسكن في منزل الطالبات البحرينيات، وكانت شاعرة وأمها شاعرة أيضاً، الأمر الذي شدني إليها لاهتمامي بالشعر. وتعرفت عليها من خلال الشعر في إحدى الحفلات حيث كانت تلقي الشعر، من هنا بدأ التعارف شعرنا بالتشابه في الاهتمامات الثقافية. في إحدى المرات مرضت هي ولم تتمكن من الذهاب للامتحان وزورنا البطاقة ووضعت صورتي بدل من صورتها وغيرنا الاسم، دخلت وجلست على الرقم المخصص لها، وامتحنت بدلاً عنها لاني كنت اذاكر لها طوال الوقت ولحبي للأدب الانجليزي، حفظت المنهج كله تقريبا، وحصلت على نتيجة مرضية «70% تقريباً». وتمت خطبتنا ولكننا انفصلنا في العام 1984. 

وبعد تخرجي من المعهد في العام 1983، عرض عليّ مدير التلفزيون آنذاك الأستاذ خليل الذوادي العمل في التلفزيون، وتوظفت فعلاً كان ذلك تماما قبل 29 عاماً. وكان وزير الإعلام يومها المرحوم طارق المؤيد، والذي فتح لي مجالا كبيرا للإبداع، ومن بعده الوزير محمد المطوع لإيمانهم بالدور الهام الذي تلعبة الثقافة والفنون. وحينها أخرجت أول فيلم روائي بحريني طويل بعنوان «الحاجز» عام 1990. وأقمنا في البحرين أول مهرجان للسينما في الخليج بعنوان مهرجان السينما العربية الأول، ونلنا بذلك قصب السبق في هذا الأمر على المستوى الخليجي.
كلاكيت فرحة العيد

وتوالت أعمالي التلفزيونية حيث قمت بإعداد وإخراج ف 8 في العام 1985، والوان 1985، زووم 1986، الناس والعيد 1985، كلاكيت 1986، سينما الفيديو 86 – 87 – 1988، فرحة العيد 1986، السهرة المفتوحة «السينما – المسرح – الأغنية» 6 أجزاء 87 – 1988،
TAKE TWO 1987، بث غير مباشر إعداد أمين صالح – قاسم حداد 1991، تلفزيون صور الملون إعداد أمين صالح – منيرة حسن 1994، ومجموعة من الأغاني العربية، السهرات العربية المشتركة لاتحاد إذاعات الدول العربية «نغم – رأي – لقاء – هيئة 94»، إلى جانب عدد من الإعلانات التجارية والبرامج التعليمية والثقافية، وغيرها من البرامج. إضافة إلى البرامج الدرامية والأعمال السينمائية والمسرحية والأفلام التسجيلية والوثائقية والسياحية، وفي عام 1988 قدمت أول عمل درامي تلفزيوني وهو ثلاثية العين.أجمل امرأة

وأخذتني السينما والعمل في غمرتها، وركنت أمر زواجي جانباً، حتى جاء اليوم الذي توجهت فيه لدعوة الأستاذ الفنان المصور إبراهيم جناحي لحضور مهرجان السينما والذي كان قد عمل في منتصف السبعينات على فيلم بعنوان الأحدب إلا أنه لم يكمله بسبب تعرض أخيه الأستاذ عبدالعزيز لحادث أثناء التصوير أدى بحياته، فوجدت أنه من الجميل جداً أن ندعوه. وحين توجهت له وجدته جالسا لوحده في زاوية المكان، وشكرني على الدعوة، وجلسنا نتبادل أطراف الحديث عن أموره وحين سألته عن عدد أولاده قال: بسام أنا لم أتزوج. وبهذا الجواب رأيت مستقبلي أمامي، وتخيلت نهايتي في زاوية ليس لديّ أحد. حينها خرجت من عنده، وأنا كليّ تصميم على الزواج. وفعلاً تزوجت من دنيا أحمد الوزان مصممة المجوهرات بعد نهاية مهرجان السينما، وكان ذلك في مايو 2000، ولله الحمد فإننا تربينا في بيئة مقاربة لتشابه القيم التي تؤمن بها عائلتنا من تسامح وتواضع وحب الناس، وهي اليوم بالنسبة لي أجمل وأهم امرأة في حياتي. 

اليوم وبعد هذه التجربة الطويلة في السينما، مازالت حلمي الدائم، ولا يمر يوم في حياتي دون مشاهدة أحد الأفلام وأتفاعل معه بالبكاء والزعل والضحك، وأعيش كل المشاعر، ومن لم يتمكن من أن «يعيش جو» الفيلم، لا يستطع الوصول للمستقبل، ولا يمكن أن أعيش دون هذا التفاعل فبالسينما والإعلام أتنفس، ولعلمك فإن زوجتي دنيا وأقرب الأصدقاء لي راشد علي الأمين وحميد كريمي هم من أكبر المشجعين لي رغم السن التي وصلنا إليها، فإلى اليوم نشعر بأننا أطفال في عالم السينما نبحث عن الجديد واكتشاف الحب بشكل مختلف من خلال الصورة.

وأنا سعيد جدا ومقتنع بما حققت في حياتي الخاصة والمهنية، ولا بد من الاشارة هنا إلى أنه لا يمكن العطاء والاستمرار في أي عمل اذا لم تكن سعيدا فيه. ومن هنا انصح الطلبة دائماً بأن يحبوا أنفسهم، فحين لا تكون سعيداً لن تتمكن من منح السعادة للاخرين.

ولم يتوقف الحديث عن انجازات القامة السينمائية بسام الذوادي بعد، ونحن بدورنا نتمنى له التوفيق والسعادة ليستمر في العطاء...

قطرات من بحر بسام الذوادي

الأعمال الدرامية:

1. ثلاثية العين سيناريو راشد الجودر 1988.

2. السهرة الدرامية «يونس والآخرون» للكاتب الأمريكي جون كيفوفر سيناريو أمين صالح 1989.

3. السهرة الدرامية «عيون تحت الجمجمة» سيناريو حمد الشهابي 1990.

4. مسلسل «فتاة أخرى» سيناريو حمد الشهابي 1992.

5. مسلسل «حسن ونور السنا» سيناريو حمد الشهابي 1994 حاز على جائزة الإضاء وأحسن ممثلة دور ثاني في مهرجان القاهرة للتلفزيون 1995.

6. مسلسل «الهارب» سيناريو أمين صالح – قاسم حداد 1995.

7. مسلسل «شعراء العرب» 1985.

الأعمال المسرحية:

1. مسرحية «المؤلف» –تأليف علي سالم– حازت على الجائزة الأولى في المهرجان المسرحي الأول بدولة الكويت عام 1985 «تمثيل».

2. مسرحية «يود عليه» تأليف حسن عون –1985– تمثيل.

3. مسرحية «عطيل يعود» تأليف نيقوس كازندزاكي 1981 – تمثيل.

4. أوبريت «النخلة» تأليف حمد الشهابي 1982 – إخراج.

5. مهرجان «فرح ومرح» لمجموعة دلة البركة بالمملكة العربية السعودية 1988 – إخراج.

6. أوبريت « صدى الأشواق « –1991– إخراج

7. مهرجان تحية إلى بو سلمان –2001– إخراج وأشراف عام

8. أوبريت «عاش حمد» –فبراير 2002– إخراج وإشراف عام.

الأعمال السينمائية «إخراج»:

1. مجموعة من الأفلام القصيرة مقاس 8 ملم تم إنجازها في الفترة من 1974 – 1978 تم عرضها في ندوة بنادي الخريجين عام 1981.

2. فيلم «القناع» درامي قصير عن إتفاقية كامب ديفيد –16 ملم– 1981.

3. فيلم «ملائكة الأرض» درامي قصير عن مذابح صبرا وشاتيلا –16 ملم– 1983.

4. فيلم «الحاجز» سيناريو أمين صالح – علي الشرقاوي، –روائي طويل 1990– يعتبر أول فيلم روائي بحريني، وقد شارك في العديد من المهرجانات العربية والعالمية «إنتاج وإخراج».

5. فيلم «زائر» سيناريو بسام الذوادي – فريد رمضان، روائي طويل 2003 –يعتبر ثاني فيلم سينمائي بحريني وأول فيلم خليجي بنظام الدولبي– الفيلم من إنتاج شركة البحرين للسينما وبسام الذوادي، وقد شارك في العديد من المهرجانات العربية والعالمية «إنتاج وإخراج».

6. فيلم «حكاية بحرينية» سيناريو فريد رمضان –روائي طويل 2006– إنتاج الشركة البحرينية للإنتاج السينمائي «منتج منفذ وإخراج».

الأيام البحرينية في

16.05.2014

 
 

«باتمان» يطفئ شمعته الـ 75:

البطل الشهم الذي يشبه أيّاً منا

 عبدالرحمن جاسم 

في أيار (مايو) 1939، أبصرت هذه الشخصية النور على يد الأميركيَين بيل فينغر (1914 ـــ 1974) وبوب كاين (1915 ــ 1998) اللذين كانا سئما من مهنتهما. سريعاً، ستتحوّل إلى دجاجة تبيض ذهباً بفضل عوامل كثيرة ميّزتها عن الأبطال الخارقين الآخرين أولها أنّ أياً كان يمكنه أن يصبح بطلاً!

«لقد خطرت لكاين فكرة شخصيّة أسماها «الوطواط». أراني الصور التي رسمها لها: كانت تشبه «سوبرمان»، خصوصاً مع بنطالها الأحمر، وترتدي قناع «دومينو» صغيراً بلا قفازات ولا حزام، تتأرجح على حبل بأجنحةٍ صغيرة متصلبة على شكل جناحي خفاش، ومكتوب تحتها بخطٍ عريض: الوطواط».

الكاتب بيل فينغر (أحد مخترعي شخصية «باتمان»).

في أيار (مايو) 1939، جنَّت بنات أفكار الأميركيين بيل فينغر (1914 ـــ 1974) وبوب كاين (1915 ـــ 1998). بائع الأحذية فينغر والرسام ومحرك الدمى كاين أصرّا على منافسة شخصية «سوبرمان» التي كانت تحصد نجاحاً هائلاً في شركة «ناشيونال كوميكس»(ستتحول لاحقاً إلى شركة «دي سي كوميكس» الشهيرة). هكذا ولدت شخصية «الرجل الوطواط» (أو «الوطواط» اختصاراً) أشهر بطل خارق من دون أي قوى خارقة، وخلقت الأسطورة التي ستعيش أكثر من مؤلفيها وستظل شابةً مدى الحياة.

لماذا الوطواط؟

في عالم الكوميكس، تقول الحكاية بأنّ شخصية «الوطواط» ولدت نتيجة مقتل والدي بروس واين، الدكتور توماس واين وزوجته مارثا إثر خروجهما من السينما (كانا يشاهدان «علامة زورو» (1920)، أحد الأفلام المؤثرة أساساً في اختراع الشخصية عند بوب كاين). الحادثة التي تركت بروس الطفل يتيماً جعلته يحتقر السلاح («السلاح علامة الكاذبين» كما يقول في قصة «الوطواط: السنة الأولى» لفرانك ميللر)، ويقسم على قبريهما في مشهدٍ مهيب بتحقيق العدالة. ولأنه كان يخشى الوطاويط كثيراً، قرر استغلال مخاوفه لردع المجرمين، فارتدى قناعاً واتخذ الوطواط شعاراً له. خارج الكوميكس، وعلى أرض الواقع، فإنّ الأمر بدأ مع المؤلفين الشابين كاين وفينغر اللذين كانا بحاجة إلى دفعةٍ معنوية تنسيهما ممارستهما لمهنتين لا يحبّانهما. كان الإبداع وتحديداً عالم «الكوميكس» بطاقتهما للنجاح. لم يأت الوطواط من فراغ، فهو ليس الشخصية الأولى التي يقدمها الرجلان، لكنه كان أول نجاحهما الذي لم يتوقّعاه أصلاً. عوامل عدة تقف وراء شهرة الشخصية، خصوصاً أنّ المؤلفين استعارا بعض ملامحها من شخصيات كوميكس أخرى مثل شخصية «الشبح» لكاتبها لي فالك، أو «الروح» لمؤلفها ويل إيسنر، (أو حتى شخصية «زورو» لناحية القناع، الوشاح الخلفي). لِمَ حققت هذه الشخصيةٌ نجاحاً أكبر من مثيلاتها إذاً؟ السببُ واضح: الوطواط لا يمتلك قوى خارقة.

سيجسد بين أفليك الشخصية في سلسلةٍ من ثلاثة أفلام

إنه إنسانٌ عادي (ولو أنّه يمتلك ثروة كبيرة، ومعدات متطورة، وقصراً منعزلاً وحياة خاصة) وهذا ما يجعله «الأمل». أمل الناس العاديين بالتفوّق على خصومهم/ نظرائهم الممتلكين قوى «خارقة» (في عالم الكوميكس)، وأمل القرّاء أنفسهم بالتفوق على زملائهم في الصف/ العمل/ الحياة. يقول الكاتب ومؤلف الكوميكس والمخرج الأميركي ديفيد غوير: «ما يميّز فيلم «الوطواط» عن أفلام الأبطال الخارقين أنّه ليس هناك أي قوى خارقة في الفيلم. ليس هناك متحولون جينياً، ولا فضائيون. إنه العالم الواقعي بكل تفاصيله. وهذا ما يجعل الفيلم أقرب إلى المشاهدين، فأنت لا تستطيع أن تكون «سوبرمان»، أو المسخ العجيب «هالك»، لكن الجميع يمكن أن يصبح الوطواط». الميزة الثانية أنّه لا يحمل أي سلاح (عدا بعض المعدات غير القاتلة أبداً). فكرة الفارس الشهم، المقاتل النبيل الذي لا يحمل سلاحاً، شديدة الجاذبية. مجمل الأبطال الآخرين حملوا السلاح (حتى منافسه الشهير كابتن أميركا من شركة «مارفل» يحمل درعاً). لكن كره «باتمان» الشديد للسلاح جعله شخصيةً أكثر احتراماً.

من قصة «موت في العائلة» التي توضح بدقة كيف يتم استخدام الكوميكس للتأثير على جيل بأكمله عبر تحويل شخصية الخميني إلى عدو للفتيان الصغار الذين لا يعرفونه. وهنا يطلب الخميني من «الجوكر» عدو باتمان اللدود أن يتحالفا

ميزته الثالثة أنّه لا يقتل عكس جميع محاربي الجريمة الآخرين المنتشرين في عوالم «الكوميكس». مثّل الوطواط ذلك الفارس، ومن هنا جاءت تسميته Caped Crusader أي تيمناً بالحملات الصليبية لإعطاء حملته على الجريمة ذلك البعد المقدس في مدينته «جوثام» (سمِّيت «جرجر» في ترجمتها العربية). هو فارسٌ لا همَّ له إلا المساعدة على طريقته وبقوانينه لا بقوانين المجرمين. أضف إلى ذلك مهاراته المتميزة، فهو تحرٍّ بارع، ومحقق مشهودٌ له. هاتان الصفتان ستظلان تسمانه حتى اليوم، حتى إن خصمه «رأس الغول» (التسمية من العربية Ra’as Al Gaul) مثلاً لا يناديه إلا بلقب «المحقق» متجاهلاً تماماً اسم «الوطواط».
هكذا، استحق «الوطواط» تلك المكانة الخاصة في قلوب معجبيه، ليس لأن قناعه «لافت» أو أن قصصه مبهرة، بل لسبب أكثر أهمية: إنه البطل الأرضي، البشري، الوحيد بلا قوى خارقة. هو يعتبر الوحيد الذي يثق به «سوبرمان» كي يعطيه قطعة «كريبتونيت» (المادة التي تقتل «سوبرمان») ليحملها في حزامه. لِمَ يثق به سوبرمان؟ لأنّه الوحيد الذي يجبر الجميع على احترامه، ويسبقهم بخطواتٍ تكتيكياً، ويهتم بأدق التفاصيل سواء على الأرض أو معلوماتياً، لا يخشى خصومه ولو كانوا أقوى منه، وينتصر عليهم (مواجهته في «الأزمة النهائية» مع داركسايد، أو حتى قبلاً مواجهاته المتعددة مع باين أو «التمساح القاتل»). متفرغٌ تماماً لعمله، مجدٌّ فيه، قليل الكلام، قاسٍ أغلب الوقت، وإن انسل بعض طيبته في قصص كثيرة؛ منها مثلاً في الحلقة 26 من مسلسل «رابطة العدل» Justice League التلفزيوني (2005): يظهر جانبٌ غير معتاد منه عبر طريقة تعامله مع فتاة صغيرة تمتلك قوى خارقة، يُطلب منه «قتلها» لأنها تدمّر العالم. يدخل الوطواط، مؤكداً للجميع أنّه «سيحل الأمر»، لتخبره الفتاة أنها تحتضر وأنها علمت بأنه لن يقتلها لأنها تقرأ العقول، وتطلب منه أن يجلس إلى جوارها إبان لحظاتها الأخيرة. «الوطواط» يمتثل للأمر، ويظل ممسكاً بيدها حتى توافيها المنية.

بعد 75 سنة على ولادته، لا يزال «الوطواط» شاباً في الخامسة والثلاثين، يانعاً ونشيطاً حتى أنّ مسلسل «احذر باتمان» (2014) يصوّره أصغر من هذا بكثير. الشخصية لن تموت، ستبقى شابةً في عيون معجبيها وكتّابها، فالرمز لا يموت أبداً وفق ما يرد في فيلم Batman Begins. تعرف الشركات الكبرى ذلك تماماً، وتستغله لصالحها. هي ترغب بزيادة أرباحها، لكن بذكاءٍ شديد، وعبر إعطاء المعجبين ما يرغبون به أكثر من ذي قبل. مثلاً، قد يستغرب بعضهم إذا عرف أنّ فيلمين أو ثلاثة سنوياً تبصر النور عن الرجل الوطواط. ما يعدّه البعض تخمةً، يعتبره عشاق الشخصية نوعاً من الحلوى اللذيذة والمتعة القصوى. أغلب هذه الأفلام مقتبسة عن قصص مطبوعة قبلاً (إلا في بعض الحالات القليلة مثل فيلم «باتمان ضد دراكولا» عام 2005). لكن أن يتم تحويلها إلى فيديو مع أصواتٍ ومؤثرات، فذلك قمّة الترفيه والتسلية. ذلك نصف القصة بالتأكيد، وليس القصة كاملةً. نصف القصة الآخر، هو الإنجاز الأكبر، الجائزة الكبرى: الفيلم الحقيقي.

أنت لا تستطيع أن تكون «سوبرمان»، لكن يمكن أن تصبح الوطواط»

كريستيان بايل الممثل الإنكليزي القدير، أثبت بإجماع النقاد وعشاق الشخصية أنه أفضل «وطواط» حتى الآن. أداؤه العالي في الأجزاء الثلاثة الأخيرة من الفيلم (2005 و2008 و2012) جعله أقرب إلى ما يريده الجيل الجديد من شخصية بروس واين/ الوطواط. ثريٌ ولعوب في النهار، محاربٌ شرس للجريمة في الليل. لكن ما لم يستطع بايل التفوق عليه كان الأداء الخارق لشخصية «الجوكر» (عدو «باتمان») من قبل الراحل هيث ليدجر. الممثل الاسترالي انتحر بعد أدائه للشخصية، ما أثار عاصفةً لا تنتهي من التأويلات: هل أثّرت عليه الشخصية «الأنارشية» إلى هذا الحد، خصوصاً مع التحقيقات التي أثبتت أنه انعزل في غرفته في أحد الفنادق لأكثر من ستة أشهر كي يدخل في الشخصية ويعيشها فعلياً. حالياً نجمٌ آخر قرر ارتداء «الحلة» هو بين أفليك ليكون الرجل الوطواط في سلسلةٍ من ثلاثة أفلام كما تشير تقارير الشركة، فهل سيكون كما يتوقّع عشاق الشخصية خلفاً جيداً لبايل؟ أم أنه سينضم إلى كوكبةٍ من النجوم الكبار (مايكل كيتون، فال كيلمر، جورج كلوني) ممن فشلوا في إعطاء الشخصية حقّها، فرحلوا من دون بصمةٍ؟ ما الذي ستفعله «دي سي» بالشخصية لاحقاً؟ بل الأصح: ما الذي ستفعله الشخصية بالشركة، فهي أصبحت أكبر من الشركة بنفسها... وسيبقى الشعار: طالما هناك جريمة، سيكون هناك الرجل الوطواط.

صبحي اللعوب!

يمتلك الوطواط شخصية سرية هي المليونير اللعوب بروس واين (تحول في العربية إلى صبحي حين نشرت مجلة «المطبوعات المصورة» في لبنان قصصه وترجمتها ضمن سلسلة «العملاق»)، على عادة الأبطال الخارقين، أو كما يسمون بالتعبير الإنكليزي حرفياً Masked Vigilantes أي «محاربي الجريمة المقنّعين» الذي لا يسيرون تحت طائلة القانون. وللوطواط أيضاً شخصية سريةٌ أخرى ليست مستعملة كثيراً هي «ماتش مالون» أو «مالون أعواد الثقاب» وهي شخصية مجرم يستعملها للتحقيقات أحياناً. لكن ما يجعل الوطواط مختلفاً ومبهراً بحق أنه يعتبر في قرارة نفسه بأن هذه الشخصية (أي بروس واين) هي القناع وليس العكس؛ وبأنّ شخصية الوطواط هي شخصيته الحقيقية والأصلية. في إحدى القصص، يزور الوطواط مع عدوه باين Bane حارس النار المقدّسة. علماً أنّ باين هو الوحيد الذي كسر ظهر الوطواط وأقعده لسنة كاملة في جزئية «سقوط الفارس» (العدد 497 من مجلة «الوطواط» عام 1993) ليعود الوطواط ويتغلب عليه ويصبحا صديقين. يطلب حارس النار من باين خلع قناعه لأن لا أحد يستطيع الوقوف أمام النار المقدسة إلا بوجهه الحقيقي. يخلع باين القناع، ويسأل الحارس: وماذا عنه؟ (مشيراً للوطواط)، فيجيب بثقة: هذا هو وجهه الحقيقي. الفكرة نفسها تظهر أيضاً في مسلسل «الوطواط من المستقبل» التلفزيوني (1999) الذي يتحدث عن وطواطٍ جديد (تيري ماجينيس) في عصورٍ مستقبلية، وبروس واين كبير في السن وحيد وذي شخصية ارتيابية قاسية. يتعرض بروس لهجوم من مجرمٍ يرسل موجاتٍ عقلية موهماً ضحاياه بأنهم مجانين (الحلقة السابعة من الموسم الأول). بروس لم يقع في الحيلة، وحين يسأله تيري كيف ميزّت بأن الصوت بداخلك ليس أنت؟ أجابه بروس: لم يكف عن مناداتي ببروس، وهو ليس الاسم الذي أنادي نفسي به!

بوب كاين وحده

بعد اختراع «باتمان» سوياً، تفاوض بوب كاين (الصورة) مع شركة «ناشيونال كوميكس»، متجاهلاً شريكه في اختراع الشخصية بيل فينغر. وحتى اليوم، تتم الإشارة إلى كاين وحده بأنّه «صاحب» الشخصية، فالحق القانوني الحصري للشخصية يعود له. فينغر الذي قام بكتابة العديد من الشخصيات في عالم الكوميكس (وخصوصاً في عالم الوطواط مثل «الجوكر» أشهر عدو للوطواط (بالاشتراك مع كاين)، روبن (بالاشتراك مع كاين)، «لانا لانغ» (حبيبة سوبرمان الأولى)، الفتاة الوطواط (الأولى)، إيس كلب الوطواط وغيرها، لم يحصل على التقدير إلا بعد وفاته بسنوات طويلة حين «ذكره» بوب كاين في سيرته. وأشار كاين إلى أنه كان «القوة الدافعة» التي أدت إلى ظهور الوطواط على ما هو عليه من دون أي إشارة إلى حقوقه «المادية» الفعلية المكتسبة من الشخصية. اليوم مر على الشخصية مئات المؤلفين والرسامين. بعضهم غدا مشهوراً جداً، مثل آلان مور وفرانك ميللر، لكن الشخصية بقيت ممهورةً بتوقيع كاين وحده!

الأخبار اللبنانية في

16.05.2014

 
 

صناع السينما:

منتجو «بير السلم» وراء الإسفاف 

حملات عديدة تهاجم الإسفاف السينمائى كل عام ومع تزايد هذه الحملات يزيد عدد الأفلام الخالية من الفكرة والمضمون والهدف والتى تصنع أغلبها للحصول على ايرادات كثيرة، ورغم هجوم النقاد على الأفلام وصناعها واتهام منتجيها بانهم مجهولون إلا أن البعض يرجع لهم الفضل فى تشغيل سوق السينما خاصة بعد الازمة المالية التى ألمت بها وتسببت فى خسارة المنتجين الكبار وابتعادهم عن الساحة لمدة 3 سنوات منذ ثورة يناير 2011.. ومع اختفاء نوعية الأفلام الجماهيرية التى تحتوى على مضمون ورسالة ظهرت بكثرة على الساحة تيمة فيلم «العيد» والتى تحتوى على عدد كبير من الاغانى الشعبية والرقصات المثيرة بدون وجود قصة محددة او احداث مترابطة.. لتقف فى وجهها الأفلام المستقلة والتى يتم توزيعها فى دور عرض قليلة ولا يقبل عليها الجمهور منذ غيرها.

محمود أبوزيد:

شيوخ الأزهر أكدوا أن أفلامى لا تقل عن خطبهم

بينما يرى الكاتب محمود ابو زيد ان الاضمحلال الاخلاقى بالمجتمع من الطبيعى انعكاسه على السينما وبدأ كلامه قائلا: «إنما الامم الاخلاق ما بيقت فإنهم ذهبت اخلاقهم ذهبوا.. وهذا البيت ينطبق بشكل كبير على ما نحن نعانى منه حاليا فاصبح المجتمع به ضعف كبير فى الاخلاق وأحد اهم اسباب هذا الضعف هو ضعف الفن فأعطنى فنا جيدا اعطك شعبا متحضرا ومثقفا.. الفن دائما ما يعبر عن رسالة او فكرة حتى لو كانت بسيطة ويجب تغليفها فى قالب حتى لو كان كوميديا ساخراً ولكن يجب ان تكون هناك رسالة لأن الجمهور يدخل للفيلم للتسلية فيجب ان تكون هذه التسلية بها هدف معين، فعلى سبيل المثال عندما كتبت فيلم «جرى الوحوش» وعرضته على احد علماء الازهر الاستاذ الدكتور عبدالمنعم القيعى اعجب بالسيناريو لدرجة انه قال لى انه سيفيد الناس اكثر مما يفيدهم الشيوخ من اعلى المنابر لان الفيلم يوصل المعلومة مغلفة للمتلقى من خلال قصة مشوقة يتابعها على عكس الخطب المباشرة كما ان الفن يشاهده ملايين الناس واجيال مختلفة بينما الخطبة يستمع اليها عشرات الجماهير فى المسجد الواحد. وما يقدم حاليا لا يسمى من وجهة نظرى بالفن فهو ليس الا انحطاطا اخلاقيا.

داود عبد السيد:

لا يوجد ما يسمى بـ«الإسفاف» والمعايير الأخلاقية متغيرة

وعن رأى المخرجين حول سينما الإسفاف قال المخرج داود عبدالسيد انه لا يعتبر ما يقدم من فنون اسفافا حتى لو كان يتخلله العرى او خالياً من الفكرة مثلما يقولون واوضح قائلا: «لا يوجد هناك ما يسمى بالاسفاف الفنى لان كل ما يقدم يعبر عن رؤية وفكرة فنية، كما ان المعايير الاخلاقية ليست ثابتة فى المجتمع فمن الممكن ان يتخيل احدهم ان وجود راقصة وغنوة فى الفيلم يعتبر اسفافا بينما يرى الاخر انه امر طبيعى ومسلٍ وكذلك يمكن ان نعتبر ان العرى غير اخلاقى بينما يرى البعض الاخر انه امر طبيعى فى سياق الفيلم.

فهذه المعايير متغيرة ومختلفة بالاضافة إلى فكرة عدم وجود مضمون او فكرة للفيلم فكيف يقدم عمل بدون وجود مضمون او فكرة محددة؟! كل عمل لديه مضمون محدد وكل انسان له مضمون وكل مشهد او جملة كذلك فلا يجب ان نطلق اتهامات فى العموم بدون وجود معان لها فى الواقع.. ثم ان اتهام السينما وحدها بالاسفاف غير منطقى لان كل ما يقدم حاليا به اسفاف فهناك اسفاف بالاعلام والذى يدخل لبيوت الناس فى رأيى هو اقوى تأثيرا من السينما».

تامر حبيب:

الأفلام التجارية الهادفة هى «الحل»

وتشير اصابع الاتهام فى اغلب الامور إلى الكتاب والمؤلفين حيث يتم اتهامهم بفقر الافكار والتجديد فى القصص، وقد دافع كتاب السينما عن أنفسهم مؤكدين ان أفلام الاسفاف ليست لها قصة من الاساس حتى يتهمونهم بفقر الافكار وبدأ الكاتب تامر حبيب كلامه قائلا: «انا عن نفسى أفتقد تيمة الأفلام التجارية الهادفة والتى تكون خفيفة وتحتوى على قصة خفيفة فى ذات الوقت، والتى تتكون من بطولات لنجوم السينما الشباب والقصص الجيدة فأنا عن نفسى فى انتظار لأفلام مثل «الفيل الازرق» لكريم عبد العزيز و«اسوار القمر» لمنى زكى والتى اعتقد انها ستحقق نجاحا لان جماهير السينما لا تجد امامها حاليا سوى نوعين اما سينما الأفلام الخفيفة مثل أفلام العيد والتى لا تحتوى على قصة، والنوعية الاخرى هى نوعية الأفلام المستقلة والتى لا تستطيع ان تقف وحدها فى وجه موجة الاستسهال والأفلام ذات المضمون الضعيف لانها فى كل مكان بالعالم لا تحقق الايرادات الكبيرة سوى بعض الأفلام القليلة مثل «لامؤاخذة» الذى يعد إلى حد كبير اقرب للجماهيرى عنه فيلم للمهرجانات او مستقل.

وعن تخوفات البعض من احتكار الأفلام الهابطة للسوق وسيطرتها على ايرادات الأفلام التجارية للنجوم قال حبيب: «لا اعتقد ذلك فأفلام الهلس فى كل العالم تجنى اكبر نسبة من الايرادات ولكن للأفلام الاخرى جمهورها والاقبال عليها.. والحل الوحيد للوقوف فى وجه هذه النوعية هو عدم منعها ولكن تقديم كل اشكال الأفلام على المائدة امام الجمهور وعليه هو ان يختار.

ماجدة خير الله:

الأعمال المحترمة .. ضرورة للرد على المقاولات

وتجد الناقدة ماجد خير الله انه من الصعب محاربة الإسفاف لأنه يوجد منذ اوائل التسعينيات فى أفلام المقاولات والتى كانت تنتج خصيصا لسوق الفيديو ولا يتم عرضها بالسينمات، مضيفة ان المشكلة فى هذه الأفلام التى تنتج حاليا انه يتم تخصيص اغلب دور العرض لها فالعيب هنا ليس على صناعها بل على من يقومون بتوزيعها ويتركون أفلاما مهمة مثل «الخروج للنهار» يعرض فى قاعتين او 3 فقط. وأضافت أن اغلب ما يعرض حاليا يعد أفلام مقاولات مثل فيلم «جيران السعد» لسامح حسين.. وتؤكد ان الحل للقضاء على هذه الظاهرة ليست القوانين وانما يجب انتاج اعمال محترمة تقف فى وجهها.

هشام سليم:

تغيير منظومة الإنتاج السينمائى هو الحل

بينما يرى الفنان هشام سليم ان الحل هو تغيير منظومة الانتاج السينمائى بالدولة حتى تستطيع ان تعيد للسينما رونقها، بالاضافة إلى عودة المنتجين الكبار للمجال وعدم تركه لمنتجى أفلام الهلس التى لا يرى انها لايجب أن تقيم كأفلام من الاساس والتى تحتوى على مشاهد بلطجية واغانى وحركات اكشن لا تمت للواقع بصلة ومأخوذة عن السينما الامريكية. ويعتمدون على الاشكال الغريبة التى تؤثر على مجتمعنا وعادات دخيلة ينقلونها لشبابنا مثل ارتداء شخص حلقة باذنه او حلق رأسه بشكل غريب.

رزق الله:

عودة الدولة واجبة لدعم السينما بزيادة المنح الإنتاجية

ويرى الكثير من النقاد ان السبب الرئيسى فى الاسفاف هو غياب دور الدولة فى الانتاج حيث قال الناقد يوسف شريف رزق الله ان عندما تعطى الدولة منحا انتاجية لعدد من الأفلام تنجح وتحصد جوائز كثيرة، ولكن عندما رفعت الدولة يدها عن الانتاج بشكل كامل فتحت الساحة امام المنتجين المجهولين للدخول بقوة ولا احد يعرف كيف يتم تصوير هذه الأفلام ولا أى قناة فضائية محترمة تقوم بشرائها واضاف قائلا: «الدولة والمنتجون الكبار تغيبوا عن الساحة ولا يوجد بها غير شركتى السبكى ونيو سنشرى واللتين تقدمان اعمالا تجارية هزلية وان كانت نيو سنشرى تحاول ان تقدم توازناً بسبب تقديمها اعمالا جادة لمخرجين مثل داود عبدالسيد واخرى تجارية لجنى الايرادات مثل فيلم «القشاش»، فعلى المنتجين الكبار العودة مجددا للسوق بقوة وهذا افضل رد على الاسفاف الذى نشاهده حتى يجد الجمهور نوعية اخرى لمشاهدتها. كما ان على الدولة ضخ الاموال وزياد نسبة دعم الأفلام على 30 او 40 مليوناً لمساعدة المخرجين الشباب اصحاب الرؤية الجديدة للسينما».

حسن رمزى:

وضع قوانين رقابية تمنع هذه الأفلام

وكان الاتهام الاكبر للمنتجين الذين قرروا الخروج من سوق السينما وتركوا المساحة لظهور بعض الشركات واحتكار السبكية للسوق ونشر افكارهم وعنه رد المنتج محمد حسن رمزى: «لا أنكر اننا انسحبنا من السوق وتركناه لإنتاج الأفلام الهلس فقط وعلى الرغم من اعتراضى على السبكى الا انه هو الوحيد الذى يقدم اعمالا متوازنة فيجنى ايرادات عالية من أفلام الاعياد ويصرف بها على أفلام ذات قيمة عالية، ولكن اعتراضى على فكرة دخول الكثير من منتجى «بير السلم» للمجال حتى اصبح الفن مهنة من لا له مهنة ليقدموا أفلاما بدون اسماء معروفة من الفنانين والمؤلفين والمخرجين لتكون تكلفتها قليلة ويحصلون منها على ايرادات عالية .. والمشكلة ان الدولة لا تريد تدعيم المنتجين على تقديم فن جيد يخدم المجتمع ويفيده فيجب عليها ان تزيد من منحها الانتاجية حتى يستطيع كل منتج ان يتشجع ويقدم افضل ما لديه، وبالمناسبة أنا ضد فكرة انتاج الدولة للسينما لان ذلك يعتبر «خراب بيوت» خاصة بعد تجربة جهاز السينما الاخيرة التى تم من خلالها تقديم فيلم «المسافر» لعمر الشريف والذى فشل ولم يحقق ايرادات وتسبب بعدها فى خسائر فادحة. ولكن يجب عليها المشاركة بالدعم مثل المنح الانتاجية التى يقدمها المركز القومى للسينما والتى تم تقديم اغلب أفلامها بشكل ناجح فيجب ان تكون هذه المنح بشكل سنوى ويجب وضع تسهيلات انتاجية فى التصوير والتصاريح وغيرها من الامور التى تشجع الفن الجيد على الظهور بدلا من انتظار الايرادات من أفلام العيد فقط».

ويرى رمزى ان الحل لموجة الاسفاف هو تعديل قانون الرقابة وتشكيل لجنة من اهم 100 سينمائى بمصر يجتمع 10منهم فى كل مرة لمناقشة سيناريو الفيلم حتى لا يقف الامر على مزاج الرقيب الخاص وتكون هناك ضوابط اخلاقية على كل منتج ومؤلف الالتزام بها ويتم الحذف والتعديل او الرفض منذ المراحل الاولى للسيناريو وإلزام المخرج الذى يغير من ملاحظات الرقابة بمنع الفيلم.

صلاح عبد الله:

ليس إسفافا ولكنه للفرجة فقط

ومن جانبه دافع الفنان صلاح عبد الله عن فكرة الهجوم على السينما، مؤكدا ان فكرة الهجوم على السينما واتهامها بالاسفاف متواجد منذ زمن بعيد ويتم وضع تصنيفات حتى بالمسرح تم تصنيف المسرحيات التجارية على انها اعمال مسفة. وأضاف قائلا:المشكلة ان الإنتاج متوقف وهذا هو السبب الرئيسى من وجهة نظرى فى ازدياد هذه الظاهرة حيث ان المنتجين الجدد فى المجال دخلوا وقدموا اعمالا لا يوجد هدف لها سوى الحصول على اعلى الايرادات وجذب الجمهور بأى طريقة. وهذه الاعمال ليست غريبة فلا يجب على العمل الفنى ان يكون له رسالة معينة او هدف وقمنا بدراسة قديمة أكدت أن هناك نوعا يسمى فنا للفرجة وهو الذى ليس له هدف الا فرجة المتلقي، وفكرة وجود رسالة الكوميديا فى حد ذاتها هى رسالة فى الوقت الحالى نظرا للظروف التى نمر بها حاليا».

وأكد عبد الله انه ضد فكرة منع الابداع مهما كان ولكن الحل لمواجهة الاسفاف هو عودة الانتاج لرونقه القديم وعودة المنتجين.

روز اليوسف اليومية في

16.05.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)