كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

المخرج الكبير يحلل لـ«الوطن» «25 يناير» و«30 يونيو» على طريقة الفيلم السينمائى

مجدى أحمد على: الجمهور اختار السيسى «بطلاً» للفيلم الوطنى.. و«الإخوان» يحلمون بـ«الفلاش باك»

كتب : خالد جمال

 

يتخيل المخرج مجدى أحمد على ثورتى 25 يناير و30 يونيو كفيلم سينمائى طويل، تبدأ أحداثه يوم 25 يناير وتستمر حتى الآن. وقد أطلق «مجدى» على هذا الفيلم اسم «شعب وثورة»، مؤكداً لـ«الوطن»، فى تحليله لهذا الفيلم الخيالى، أن الجمهور هو الذى اختار المشير «السيسى» «بطلاً» للفيلم، وأن حمدين صباحى لا يصلح، حتى الآن، للقيام بدور «البطولة المطلقة».

وأشار «مجدى» أيضاً إلى أن بعض شباب الثورة سلموا «الكاميرا» إلى «الإخوان»، فأخرجوهم من «الكادر» وسرقوا «فيلمهم» قبل أن يلعبوا بغبائهم فى «السيناريو» الأصلى، وتكون النتيجة هى إلغاء «دورهم». ويبرر «مجدى» هجوم بعض «النقاد»، وخصوصاً من قطر وتركيا وأمريكا، على «شعب وثورة» بأنهم يعترضون على تغيير «السيناريو» بعد 30 يونيو وإلغاء «شخصية» محمد مرسى الذى أصبح دوره هامشياً يكاد يصل إلى «الكومبارس».

حول هذا الفيلم المتخيل، أو بالأحرى هذه الثورة الواقعية، يرصد مجدى أحمد على ويحلل فنياً وسياسياً كل مشهد من مشاهد «شعب وثورة».

«ما قبل التتر».. كفاح شعب

لا يوجد فيلم يظهر على الشاشة إلا وتسبقه مجموعة من التجهيزات، أو ما يطلق عليه «أفان تتر»، وفيلمنا «شعب وثورة» سبقه كفاح طويل من الشعب المصرى، بعد صبره وكبته وقمعه، منذ أيام «الفراعنة» وحتى اليوم، وكل هذا كان تمهيداً للحظات الانفجار. وقد سبق بدء «التتر» على الشاشة «فوتو مونتاج» لتاريخ طويل من كفاح المصريين لنيل حرياتهم.

«التتر»: 25 يناير.. لحظة الاشتعال

تتر البداية يوم 25 يناير، وقد اكتشفنا اليوم أن ثمة من كان يدبر لـ«الأحداث»، دون أن يؤثر هذا فى عظمة الثورة، حيث كانت هناك مجموعة كبيرة من القوى تحاول أن تقرب يوم الثورة. أما عن ظهور مجموعات أخرى كان يتم تدريبها فى الخارج على ما يسمى بـ«الديمقراطية» وكان لها نوع من أنواع التوجيه من المخابرات الأمريكية، فهذا موضوع لا يعنينا كثيراً، خاصة أن هذا ينطبق على بعض شباب الثورة، لأن معظم شباب الثورة محترمون، ولكننا اليوم للأسف نكتشف أن بداية «التتر» لم تكن بهذه البراءة التى كنا نتخيلها. ورأيى أن هؤلاء الشباب لم يفعلوا أكثر من إشعال عود الكبريت، لأن المناخ كان مهيئاً تماماً للاشتعال، والشعب كان جاهزا للثورة، ثم ولى هؤلاء الشباب من أنفسهم من سيطر على مجرى الأحداث بعد ذلك، وأداروا «الفيلم» بشكل سيئ، قبل أن يسلموا الكاميرا لـ«الإخوان» الذين أخرجوهم من «الكادر»، دون أن يؤثر كل هذا على عظمة الثورة.

بداية الأحداث: 18 يوماً فى الميدان

خُدعنا جميعاً فى هذه البداية، لأننا خلال هذه الـ18 يوماً اكتشفنا بذور القصة، ومنها الإلحاح على وجود «الإخوان» وهم يمارسون شعائرهم، أو بالأحرى خداعاتهم، حيث اكتشفنا جميعاً أن الدين الإسلامى لا علاقة له بما يفعلون والكم الكبير من أكاذيبهم، ابتداء بشعار «المشاركة لا المغالبة» وانتهاء بعدم ترشيحهم أحداً فى الانتخابات الرئاسية، وغيرها من الادعاءات التى ثبت كذبها بعد ذلك. و«الإخوان» يحلمون اليوم بـ«الفلاش باك».

«الإنتاج» يصرف أحياناً ويمتنع أحياناً.. و«الناقد» القطرى والتركى والأمريكى يعترضون على تغيير «السيناريو» بعد إلغاء «شخصية» مرسى

تطور أداء الشخصيات.. «إخوان» و«سلفيون» و«جيش»

كانت الدولة تترك للشخصيات الدينية مساحة كبيرة فى التحرك، على أساس ثقتها فى قدرتها على السيطرة عليهم فى أى وقت، مع إمكانية اختراقهم وتدميرهم فى أى لحظة، وكان هناك ما يشبه الاتفاق بينهما. على أنه فيما عدا موضوع التوريث والكلام على الأسرة الحاكمة فإن لهم ما يشاءون، فسيطرت هذه الجماعات «الإخوانية» و«السلفية» لفترة طويلة على المساجد والزوايا، وعلى جزء كبير من الخطاب العام، وابتعدوا عن الصدام مع السلطة، إلا عندما بدأوا يحسون بهشاشة الدولة وضعفها، فبدأنا نرى جرأتهم فى الكلام، وجرأتهم فى رفض السياحة والفن والحضارة، ورفض نمط حياتنا كله، وذلك بعد شعورهم بأنهم قضوا على الدولة بالكامل. فهؤلاء ليسوا أبطالاً بل مجموعة من الأشرار يستفيدون من ضعف الآخرين.

ولكن «الإخوان» دورهم انتهى، وهنا لا أخفى فرحى بأنه حتى الآن لا يوجد لمحة ذكاء فى «أدائهم». وعندما نستمع إلى كلامهم فى مشاهد المحاكمة نكتشف أن هؤلاء فى حاجة إلى علاج نفسى.

أما المجلس الأعلى للقوات المسلحة فقد تطور أداؤه عن الفترة التى كان يرأسه فيها محمد حسين طنطاوى، حتى بدا الأمر وكأنهما جيشان لا جيش واحد، حيث حدثت عملية إزاحة شبه طبيعية لبعض القيادات، لأن الجيش المصرى طول عمره جيش وطنى، والقيادات الشابة الموجودة حالياً هى التى قامت بهذه الطفرة. وقد رأينا المشير «السيسى»، وحتى قبل أن يحتل «المشهد»، وهو يتحدث عن إعادة تحديث الجيش، وهذا الأمر بالمناسبة أكثر أهمية من الرئاسة نفسها، لأنه كان مقصوداً إضعاف الجيش بمؤامرة من الأمريكان مع «مبارك» أولاً ثم «مرسى» وجماعته ثانياً، من أجل القضاء على جيشنا الوطنى، المحترف والقوى، خوفاً مما فعله بعد ذلك من الوقوف مع شعبه ضد الميليشيات الدينية الفاشية التابعة لمكتب الإرشاد، ومن أجل عدم ظهور رمز وطنى جديد مثلما حدث مع «السيسى».

بعض شباب الثورة سلموا «الكاميرا» لـ«الجماعة» فأخرجتهم من «الكادر».. و«صباحى» لا يصلح لـ«البطولة المطلقة»

البطل الأول.. السيسى

هو البطل الذى لم يصنعه أحد، وقد اختاره جمهور «المشاهدين» بعد اتخاذه قراراً جوهرياً فى حياته وحياة المصريين. ولن ينسى الشعب المصرى للرجل أنه أنقذنا من جماعة شديدة الفاشية وشديدة الإرهاب، وأنقذ البلد من مخطط للمنطقة كلها، حيث كان هناك مخطط عالمى لإنهاء المنطقة بالكامل، وتحويلها إلى «كانتونات» صغيرة ممزقة، تديرها مجموعات دينية مسلحة، فاشية، وطائفية، ومتناحرة، وذلك لصالح الدولة الوحيدة المنظمة وهى «إسرائيل».

بطل الدور الثانى.. حمدين صباحى

هو الابن الرومانسى لتجربة رومانسية هى تجربة «عبدالناصر»، وهى تجربة نقية وشريفة، ولكنها ظلت على رومانسيتها، فالشعب المصرى يحب «ناصر» لأنه كان شخصاً صادقاً ووطنياً ومخلصاً، ولكن درجة الرومانسية كانت عالية لأنها غفلت عن دراسة الواقع والأوضاع الحياتية، التى أعتقد أننا ما زلنا نعانى من آثارها حتى الآن، مع كامل احترامنا للتجربة، فنحن ما زلنا نعانى من آثار 67، التى غيرت بالكامل ميزان القوى فى المنطقة لصالح إسرائيل. و«حمدين» ابن هذه التجربة، ويحاول أن يناقش أفكارها، ويتغلب على عيوبها، لكن الشعب المصرى اليوم يريد درجة أعلى من الوضوح، وهو غير قادر على تقديم هذه «الصورة»، لأنه شخص «مروحن»، والشعب لا يحب هذه «الروحنة»، فنراه تارة يدافع عن «الإخوان» ويتحالف معهم، وتارة أخرى يشتمهم ويهاجمهم، وهذه الطريقة فى التعامل لا يحبها المصريون. وأنا فى هذه الفترة أرى أنه لا يصلح لـ«البطولة المطلقة»، فرغم أنه كان أحد المشاركين فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، فإننى أتعجب من دفاعه عن بعض المعارضين للثورة الأخيرة، بكل وضوح، ومنهم «الإخوان» وبعض السلفيين وحركة 6 أبريل وغيرها من القوى الفوضوية، فمشكلة «حمدين» أن «بوصلته» غير واضحة، وعليه أن يكون أكثر وضوحاً.

الخروج عن النص الأصلى فى «السيناريو»

«الإخوان» هم أكثر من خرج على «النص» المكتوب، وذلك بعد أن وجدوا أن الأحداث مواتية لخروجهم، حيث كنا فى البداية أمام «سيناريو» متوافق مع أحوال المنطقة، ولكن «الإخوان» خدعوا فى قوتهم، ونسوا قواعد اللعبة، واعتقدوا أنهم الأقوياء الوحيدون، وأن باستطاعتهم أن يفعلوا أى شىء، أو حتى تغيير «السيناريو» الأصلى، وفعل ما يشاءون بالفيلم وأحداثه، حتى إنهم فكروا فى تغيير «نوعه» و«هويته»، فكانت النتيجة الطبيعية هى خروجهم من «السيناريو» تماماً.

مشاهد «الأكشن» ضد الشرطة والجيش

مشاهد القتل والعنف ضد رجال الجيش والشرطة ستستمر طويلاً فى الأحداث المقبلة، و«الكلاكيت» سيكون مستمراً، قد تقل هذه المشاهد ولا يكون لها أى تأثير، لكنها لن تختفى، خاصة أن الدولة حتى الآن ما زالت متسامحة معهم، وهناك من يطالب بالصلح معها، وأعتقد أن هذا خطأ، وأن علينا محاربة هذه الجماعات الفاشية وتجريم المنضمين إليها، واتخاذ العبرة مما تفعله أوروبا مع من يشير فقط بعلامة فاشية أو نازية.

الفيلم «مدته» ساعتان ولكن «أحداثه» تستمر 10 سنوات و«نوعه» شامل الكوميديا والأكشن والاجتماعى والميلودراما

الوصول إلى الذروة الكبرى للحدث الدرامى «الحبكة»

نحن الآن فى مشهد الذروة أو «الحبكة»، لأن الأحداث كانت تسير فى اتجاه قبل أن يأتى «الإخوان» ليسيروا بها فى اتجاه آخر، فيجدون أنفسهم أمام قوة جديدة لم يتوقعوها، وهى قوة الشعب المصرى التى تقود «الكاميرا» الآن، وهذا هو مشهد «الذروة الكبرى» للحدث الدرامى.

كواليس التصوير

غطت بعض القنوات الفضائية كواليس تصوير الفيلم، وكانت عندنا درجة من السذاجة حين اعتقدنا فى البداية أن تغطية قناة «الجزيرة» لـ«الأحداث» محايدة، قبل أن نكتشف أنها تمثل حكومة قطر القمعية، التى تعتبر «سكرتارية» لـ«السى. آى. إيه» فى المنطقة، وأعتقد أن احتفاءها واهتمام القنوات العالمية بالثورة على «مبارك» كان فى حقيقته احتفاء بـ«الفوضى الخلاقة» التى دعت إليها كونداليزا رايس، خاصة بعد أن أعطى «الإسلاميون» للأمريكان إشارات بأنهم قادرون على قيادة المنطقة، بالتنسيق معهم. أما من يقول إن الإعلام المصرى صاحب صوت واحد، وغير محايد مثل «الجزيرة»، وإنه يعبر عن إعجابه بـ«الفيلم» من «الكواليس»، وقبل عرضه، فهذا كلام تافه، وقد قرأت ما يكتبه د. علاء الأسوانى -مثلاً- بهذا المعنى، كما أستمع إلى الكلام «السمج» الذى يقوله باسم يوسف، ولو تأملنا كل صحفنا وقنواتنا سنجد فيها آراء مختلفة، لا رأياً واحداً، والخلاصة أن العكس هو الصحيح، وأن الكلام عن أن هناك حالة من التفخيم لـ«السيسى» غير صحيح، حتى إن الكثيرين يخشون من إعلان تأييدهم للرجل خوفاً من اتهامهم بالنفاق، والغريب أن يقال هذا الكلام وشوارع وحوائط مصر كلها شتيمة فى «السيسى».

إلغاء «أوردر تصوير» بعض «شخصيات» شباب الثورة

التعريفات لم تعد صحيحة، فكيف يكون علاء عبدالفتاح من شباب الثورة فى الوقت الذى كان فيه خارج مصر يوم 25 يناير؟! كيف يكون أحمد ماهر من شباب الثورة و6 أبريل التى تحالفت مع «الإخوان» وتقف ضد 30 يونيو، من شباب الثورة؟ بالعكس إن هؤلاء من المتآمرين على الثورة، أو على الفيلم، وأتعجب من علاء الأسوانى عندما يكتب عن هؤلاء بوصفهم رموز الثورة، وأسأله: أنت أيضاً من رموز الثورة، وتهاجم الدولة وتكتب ما تريد، فلماذا لم يتم القبض عليك؟ ولماذا لم يلغَ «دورك» من المشهد؟ «اشمعنى شوية العيال دول هم اللى شباب الثورة؟».

نهاية الفيلم.. مفتوحة

أعتقد أن نهاية الفيلم ستكون مفتوحة، أشبه بحلم جميل يحاول البعض أن يفسده، فالانتصار على الفاشية الدينية لم يكن أحد يحلم به، وخاصة أن كثيراً من الثوار لا يعرفون الخدمة التى قدمها الجيش لهذا الشعب، ويعتقدون أننا نهلل لعودة الدولة العسكرية عن طريق فزاعة «الإخوان»، والحقيقة أن خلاصنا من هؤلاء «نهاية» سعيدة جداً للأحداث السابقة، ولكن بعضهم ما زال يقاوم، وسيحدث انتصار جزئى يصلح كختام مبدئى للفيلم، ولكنه سيكون مفتوح النهاية أيضاً.

العرض الخاص.. انقسام المشاهدين

أنصار «الإخوان» لن يشاهدوا الفيلم فى عرضه الخاص، وهذا طبيعى لأنهم لا يشاهدون الفن ويكرهون السينما والغناء والدراما حتى دون أن يشاهدوها، أما باقى الشعب فسيرى الفيلم وسيعجب به فى النهاية، خاصة بعد اتضاح الحقيقة فى الختام.

النقد.. أغلبه إيجابى

لا يوجد عمل فنى عليه «إجماع»، وطبيعى أن يحب البعض هذا العمل وأن يكرهه البعض الآخر، وسبب النقد الأساسى الذى يوجه لنا من «نقاد» قطر وتركيا وأمريكا هو إلغاء دور محمد مرسى من الأحداث، رغم أنه هو الذى ألغى دوره، فيهاجمون «الفيلم» لأن «أحداثه» لم تسِر كما أرادوا، لأن هؤلاء «النقاد» أرادوا أن يقوموا بدور المخرج فرفض «الأبطال»، لذا كان من الطبيعى أن يهاجموا الفيلم حتى قبل انتهاء تصويره أو انتهاء أحداثه، ولكن هناك «نقاد» آخرين من السعودية والإمارات والكويت والبحرين كان لهم رأى إيجابى جداً فى العمل، خاصة بعد أن علم هؤلاء أن مؤامرة تحاك ضدهم. وأيضاً لا يمكن إغفال دور «الناقد» الروسى. وأعتقد أن «الآراء النقدية السلبية» لن تؤثر على نجاح «شعب وثورة».

اسم الفيلم: شعب وثورة

بطولة: كل الصامتين الذين كانوا مكتفين بدور «الكومبارس» و«السنيدة».

تأليف: الشعب المصرى، حيث يكتب فيه كل واحد منا سطراً إلى أن تنمحى الخطوط، بحيث لا ندرى من هو المؤلف الحقيقى، مثل «الأدب الشعبى» بالضبط.

مدته: ساعتان.

زمن الحدث: تبدأ الأحداث منذ 25 يناير 2011، وتستمر لسنوات مقبلة، ولكن هناك نهاية أولى للفيلم مع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، وهناك نهاية أخرى، وأخيرة، أتصور أن تستمر 10 سنوات مقبلة.

نوعه: الفيلم جديد من نوعه، لأن فيه الكوميدى والميلودراما والأكشن والاجتماعى والأنيميشن وغيرها.

إنتاج: فى بعض مراحل «شعب وثورة» يحاول البعض أن يوجه الأمور ويؤثر على «الأحداث»، لكن فى الواقع لا يوجد له منتج محدد، لأن «المشاهد» تتغير كل يوم، كما أنه لا يوجد لدى أحد إحساس بالسيطرة الكاملة على الفيلم حتى «يصرف» عليه.

إخراج: أكثر من مخرج، حسب اندفاع الأحداث التى يتحكم فيها أحيانا «مخرج» مؤقت يسيطر جزئياً عليها، إلى أن تظهر قوى أخرى فيفقد السيطرة على طاقم «الثورة» فيظهر «مخرج» آخر.. وهكذا.

الوطن المصرية في

15.05.2014

 
 

أيام الفيلم التركي.. شخوص على حافة البهجة

عمان - ناجح حسن 

تنظم الهيئة الملكية للافلام بالتعاون مع السفارة التركية بعمان ايام الفيلم التركي لمدة ثلاثة ايام في صالة سينما الرينبو بجبل عمان، بدءا من مساء يوم الاحد المقبل، وذلك بحضور المنتجة السينمائية امين يلدريم التي ستسلط الضوء على واقع وافاق الصناعة السينمائية التركية الجديدة.

تستهل العروض بالفيلم المعنون (استحالة الخطا) للمخرج رامين ماتين الذي يسرد قصته في مناخات من التشويق الممتع، في مناى عن العنف والقسوة، حيث تصطحب الكاميرا المتلقي الى بيئة سياحية على ساحل البحر حين تعود اليها شقيقتان من اسطنبول لاستعادة لحظات من الصفاء والهدوء بعد سنوات من الصد والجفاء وعدم التواصل بين الشقيقتين، حيث تقطنان معا في بيت الاسرة القديم، قبل ان تتسارع الاحداث على خلفية من مناظر سياحية مفعمة بجماليات فضاءات المكان والطريق بين الشاطيء والبيت.

يعاين الفيلم بحذق ومهارة تتدرج العلاقة بين الشقيقتين وتباين ايقاعاتها التي تحتكم الى احداث لماضي القريب التي عصفت باحدى الشقيقتين وهو ما أثر على العلاقة مع الشقيقة الاخرى والتي تكاد تصل الى نوع من مشاعر الغيرة والشر والحقد بينهما قبل ان تتفجر حبكة الاحداث بينهما.

ويواجه فيلم (برج المراقبة) لمخرجته يلين اسمر مصائر رجل وامرأة في اجواء من الغرائبية حين يعثر احدهما على ملجأ بعيد عن العالم في غابة نائية، في حين تجد المرأة في غرفة في محطة حافلات ريفية يحاول كل منهما الهرب من أزمات ماضيه، فتتصادم حياتهما وتتشابك مع بعضها البعض ويحاول الرجل الهروب من حادثة عائلية فظيعة، أما الفتاة فهي ضحية لحادثة اعتداء من قبل أحد أفراد أسرتها، وهو ما يتوجب عليهما مواجهة ماضيهما كل بمفرده، فيتحول هروبهما إلى ساحة معركة عليهما التعامل مع ما حدث في ماضيهما.

ويقدم فيلم (الماضي والمستقبل) اخراج بيلمين سويلمز حكاية امرأة شابة عاطلة عن العمل تتقدم لوظيفة في مقهى للعرّافين حيث تدّعي بأنها لديها خبرة في هذا المجال، في الوقت الذي تقرأ فيه ما تراه في فناجين القهوة لنساء مختلفات، تحاول أيضاً أن تجد مخرجاً لنفسها، فهي مطلّقة ومنفصلة عن عائلتها وعلى وشك أن تُطرد من شقتها، أي أن المصاعب تحيطها من كل صوب، وتصارع من اجل اتخاذ قرار بالهروب إلى أميركا وهو أمر شاق وعصي عليها لكونها امرأة من ناحية ولضعف امكانياتها المادية في مواجهة عبء رحلة طويلة كهذه، لكنها ومن خلال الأشكال الناشئة في قعر فناجين القهوة، تُعبّر عن خيباتها ورغباتها الخاصة لتحاكي ما تقوله للزبائن، بيد انها في الوقت نفسه تحاول زميلتها العرّافة الأخرى وصاحبة المقهى المتمردة دفعها إلى الخروج من قوقعتها الا انها تتنقل بين عثرة واخرى في سبيل الانعتاق من قتامة الواقع الذي تسكن فيه.

الافلام الروائية الثلاثة مجتمعة نالت جوائز رفيعة في ملتقيات ومهرجانات سينمائية في تركيا وفي بلدان اوروبية، لبراعة صانعيها في نسج قصص وحكايات امينة للواقع المعاش وتفيض موضوعاتها بتلك الاشراقات الجمالية العذبة وتنثر رسائل انسانية بليغة ومؤثرة آتية من تفاصيل الحياة اليومية في المجتمع التركي المعاصر دون أن تغفل مفردات وعناصر مستمدة من تحولات البيئة الثقافية والاجتماعية والسياسية.

ينجح مخرجو تلك الافلام في صوغ اساليب فنية ودرامية متباينة تلوذ بمناخات ترمي الى مكاشفة وتأمل في أحداث مشبعة بتجارب ودلالات معنية باشواق الذات المشرعة على تلاوين الواقع الخصب بأحداثه المتباينة، حيث تتيح الافلام للمتلقي المحلي فرصة الاقتراب من احدى السينمات العالمية التي طالما اثارت اعمالها الكثير من الاعجاب والجدل وهي تبرز تناقضات انسانية برؤى ناضجة، يغلب عليها الإيقاع الهاديء والرصين المشدود الى خصوصية المكان حيث تبدو مناظر البحر والريف والغابة ومآذن المدن والقرى في عناق مع الاحداث في لحظات من التدرج الزمني داخل اليوم الواحد والتي تتفاوت بين لحظة الشروق والغروب ينجح فيها صانعوها في ايجاد مواقف من الصور وهي تتضمن صمتا بليغا غايته الكشف عن أسرار شخصيات أسيرة ألوان من العزلة والوحدة والتناقض بين عالمي الذات والمدينة المضطرب وما فيهما من خواء وطموح ومفاجآت اللحظة الأخيرة.

اقل ما توصف فيه الأفلام بأنها سينما راقية غير سهلة رغم ما تبدو للناظر من الوهلة الأولى، لكن لدى التعمق في مفرداتها يتبين حجم الاعتناء والدقة في اختيارات مواضيعها والقدرة على السيطرة على تلك التفاصيل الصغيرة في أبعاد زمنية وأجواء مكانية تتطلب خبرة ودراية متمرستين وفوق هذا كله تلك الإدارة المحكمة التي بذلها صناع تلك الافلام لطاقم من الممثلين رغم إن اغلبهم ليسوا من المحترفين الأمر الذي يجعل منها أفلام تنفذ بسلاسة إلى الوجدان والقلب على غرار الترنيمة الموسيقية أو القصيدة الشعرية.

تحمل افلام الاحتفالية مجتمعة، أشكالا من الاختلاف والتميز عن تلك السينما التي ينجزها مخرجون قادمون من بيئة مماثلة، حيث تقف إلى مسافة بعيدة عن التيار السينمائي الطاغي على خريطة الفيلم التركي السائد، نظرا لاشتغال هؤلاء المخرجين الجدد على تيار جديد من الأفلام الآخذة في إثبات حالتها الخصوصية والإبداعية التي تضرب في أعماق الفهم الناضج لوظيفة الفن السابع، وتستلهم لقياتها من إبداعات مكرسة، تكاد تتطابق في أسلوبية النهل من المفردات التي يزدحم منها الواقع لكنها تتنافر مع هواجس وآمال وآلام وانكسارات أولئك البسطاء وهم في محنتهم الراغبين ببلوغ حافة البهجة وحدود الأمل.

الرأي الأردنية في

15.05.2014

 
 

«الحب تحت المطر» لحسين كمال:

السينما موضوعاً للشاشة الكبيرة

ابراهيم العريس 

إذا نسينا لوهلة أن فيلم «الحب تحت المطر»، مأخوذ عن قصة قصيرة لنجيب محفوظ عرفت بالعنوان نفسه، واعتبرناه، فكراً وسيناريو، من إنتاج الراحلين، مقتبسه للسينما ممدوح الليثي، ومخرجه حسين كمال... سنجد أنفسنا أمام فيلم جيّد كان من المنطقي له أن يعتبر من أفضل ما قدمته السينما المصرية خلال الموسم السينمائيّ (1977 - 1978) الذي حقّق فيه. فالفيلم يتناول عدداً من الشخصيات في زمن مصري حافل بالتفاعل والتوتر والقلق، هو الزمن الذي سبق حرب تشرين، ووصلت فيه معنويات الجيلين الأوسط والأصغر من أبناء شعب مصر، إلى الحضيض، كنتيجة لهزيمة حزيران (يونيو) التي لم تنعكس على الأوضاع السياسية والاقتصادية فحسب، إنما تفاعلت مع هذه الأوضاع لتحدث شروخاً اجتماعية وصدمة أخلاقية وردود فعل سلبية لدى الجيل الشاب.

> ومهما يكن من أمر، فلا بد من التشديد منذ الآن على أن الشخصيات التي يتناولها الفيلم، مأخوذة في ملامحها الرئيسية من رواية نجيب محفوظ: فهناك عليات ومرزوق، الخطيبان المفعمان بالبراءة الظاهرة التي سرعان ما تنكشف عن فساد عميق: فعليات في حقيقتها شبه عاهرة، ومرزوق يتحول إلى نجم سينمائي انتهازي سرعان ما يتخلى عن خطيبته ويتزوج نجمة كبيرة. وهناك بعدهما سناء وإبراهيم، الأولى زميلة عليات في ليالي المصوّر السينمائي الفاسد حسني حجازي، وشقيقة مرزوق، والثاني مجند يعيش حرب الاستنزاف على الجبهة – وهناك على تلك الجبهة يصاب إبراهيم في عينيه ما يفقده بصره، ومع هذا، فإن سناء – على رغم أننا نعرف أنها ذات ماضٍ قذر – لا تتخلى عنه، بل ترضى بالزواج به، على رغم ما أصابه. وبعد ذلك هناك منى زهران وسالم علي، خطيبان آخران: منى متحررة ومستهترة ترضخ لأول عرض سينمائي يأتيها، لكنها إذ لا تريد أن تدفع الثمن للمخرج من شرفها، تدفع أخاها علي زهران، الدكتور الذي يوشك أن يرحل من البلد، إلى قتل المخرج محمد رشوان الذي كان قد حاول إغواءها. أما سالم فقاضٍ ناجح لا يؤمن بتحرر خطيبته لذلك يتركها ليحاول بعد ذلك أن يعود إليها في النهاية.

> هذه الشخصيات الست، هي في الأساس، المحاور التي تدور أحداث الفيلم حولها، في إطار الجو العام المسيطر على مصر في تلك الفترة (سنوات السبعين الانفتاحية). غير أن هذه الشخصيات هي الفلك الذي تدور حوله أيضاً شخصيات أخرى: حسني حجازي، وهو مصور سينمائي يقيم حفلات خلاعية في بيته، ولا يتوانى عن مساعدة صاحباته اللواتي يتخلين عنه ويخترن الحياة الزوجية، وأحمد رضوان، المخرج الذي بسبب حبه للممثلة فتنة ناضر، يدفع أموالاً لأشخاص كي يشوهوا وجه مرزوق، زوجها، ما يجعله غير صالح للسينما، وعبده بدران والد عليات وإبراهيم، الذي لا يعرف شيئاً عن فسق ابنته. وأخيراً، هناك عشماوي مساح الأحذية العجوز، الذي يحمل وراءه ماضيه الحافل بالقوة والوقوف إلى جانب الحق، لكنه الآن عاجز عن الكلام، ولا يجد أمامه إلا التحسر، وإبداء الألم المر.

> والحال أن الفضيلة الأولى لحسين كمال، مخرج «الحب تحت المطر»، تكمن بالنسبة إلى هذا الفيلم، في أن أياً من الشخصيات لم تفلت منه، فهو على رغم تعددها وتشابك الأحداث، عرف كيف يتعامل معها في شكل جيد، فارتدت كل شخصية جلدها الذي فُصّل لها، وأدت دورها على أحسن ما يرام، وسط سيناريو محكم الصنع، فيه الكثير من التجديد، لا سيما في المشاهد التي صوّر فيها فيلم داخل الفيلم. ففي هذا القسم قدم حسين كمال وممدوح الليثي، ما يمكن اعتباره في ذلك الحين، أهم وأخطر انتقاد – من الداخل – ضد ممارسات وألاعيب السينما المصرية التجارية المتهافتة التي كانت هي السينما الرائجة في ذلك الحين - في ذلك الحين فقط؟ بكل ما فيها من زيف ونفاق. ولعله ليس من المبالغة القول إن الفيلم، حتى ولو اقتصر على هذا الجزء، لكان فيلماً مهماً للغاية. ولكن الجزء الثاني منه، الجزء الذي يتعامل مع مصائر الشخصيات ويصوّر لنا بشيء من الإيجاز والحدة في آن واحد، تشابك المصائر بين بعضها بعضاً، وعلى رغم تفوقه الإخراجي والتمثيلي على السواء... أتى ليذكرنا بأننا مرة أخرى، بعيدون في هذا الفيلم عن الجو الذي بناه نجيب محفوظ بدقة وذكاء، وقاد من خلاله شخصيات روايته «حب تحت المطر». فالرواية في نهاية الأمر، وكما جرت العادة حين يتناول فيلم تجاري عملاً محفوظياً أدبياً، كانت مختلفة عن الفيلم كل الاختلاف. وفي هذا الإطار، قد يكون في إمكاننا نتجاوزاً هنا، ومن الناحية السينمائية البحتة، أن نقف إلى جانب الآراء التي عبر عنها بعض زملائنا من النقاد المصريين حين كتبوا عن الفيلم يوم عُرض أنه إلى حدّ ما قد جاء متفوقاً على رواية نجيب محفوظ، مضيفين أنه شيء يحدث للمرة الأولى بالنسبة إلى أفلمة روايات هذا الكاتب الكبير.

> ولكن هذا التفوق في رأينا كان مجرد تفوق تقني لا أكثر. وذلك لأن عملية الاجتزاء التي مارسها المخرج وكاتب السيناريو على الرواية شوّهت البعد الرمزي الذي شحن محفوظ قصته به. وهو تشويه من الواضح أنه أتى عن قصد. ففي الرواية، ومقابل الشخصيات السلبية التي صوّرها محفوظ، واعتبرها نتاجاً للمجتمع العاهر الذي صنعها، كان هناك شخصيات أساسية عدة أهمها ثلاث: حامد شقيق سالم علي، وهو مناضل يساري حمّله محفوظ الكثير من أمله بمستقبل مصر، وجعله في النهاية يتزوج عليات، على رغم كل ما يعرفه عن ماضيها – والرمز هنا، في الرواية، أوضح من أن يُفسّر في مقال سريع - وأبو النصر الكبير، ممثل المقاومة في مصر الذي يحمل عبء بناء المستقبل العربي في تضامنه مع حامد، وأخيراً صفوت الوطني المتحمس للاتحاد السوفياتي. وهذه الشخصيات الثلاث، اختفت تماماً من الفيلم، كما اختفت بعض الأحداث والشخصيات الأخرى ذات الدلالة: مثل مقتل سمراء وجدي، المثلية الجنسية التي حاولت التشهير بعليات بعد أن ساعدتها على الإجهاض، على يد عبده والد عليات، المأزق الذي وجد حسني حجازي نفسه فيه وجعله يفكر بالرحيل إلى لبنان، شخصية المحامي حسن حمودة والدور الأساسي الذي يلعبه هذا المحامي في الجزء الثاني من الرواية، وبالنسبة إلى مصائر عدد من الشخصيات..

> إن هذه الاختلافات كلها بين الرواية والفيلم، وهي ليست سوى جزء من مجموعة كبيرة من الفروقات، تجعل الفيلم شيئاً آخر تماماً غير رواية محفوظ، هذه الاختلافات تعطي للفيلم بعداً سياسياً مختلفاً تمام الاختلاف عن البعد الذي شاءه له نجيب محفوظ. ونحن مع إدراكنا الأسباب الجوهرية التي حدت بالمخرج إلى إحداث كل هذه التغييرات العضوية في الفيلم، لا يسعنا إلا أن نعتبر «الحب تحت المطر» فيلماً مقتبساً فقط عن بعض أحداث رواية نجيب محفوظ لا أكثر ولا أقل. ولكن هذا لن يمنعنا، مرة أخرى، من القول إن «الحب تحت المطر» الفيلم، وبالشكل الذي جاء عليه، أتى في العام الذي حُقّق وعُرض فيه، إضافة طيبة إلى السينما العربية التي كانت توصف بالجديدة آنذاك، والتي كانت حتى بسلوكها سبيل الميلودراما، تحاول في ذلك الحين، أن تتلمس طريقاً يقودها إلى تحقيق تلك المعادلة التي كان النقاد ومحبو السينما المصرية والعربية ينادون دائماً بسلوكها طريقاً يتراوح بين النوايا الطيبة والإمكانات المتوافرة، مادياً وسياسياً ومعنوياً.

> وبقي أن نذكر هنا على سبيل الخاتمة أن حسين كمال، حقق أفضل أعماله – منذ «البوسطجي»، و «شيء من الخوف» - في هذا الفيلم الذي شهد تمثيلاً ممتازاً لعادل أدهم، في دور حسني حجازي، ولعماد حمدي في دور عشماوي، وماجدة الخطيب وميرفت أمين – في دوري منى زهران وفتنة ناضر على التوالي – كما شهد مجموعة من الناشئين الذين عرف حسين كمال كيف يحركهم في شكل جيد نسبياً.

 alariss@alhayat.com

الحياة اللندنية في

15.05.2014

 
 

«إد وود» لتيم بورتون:

براءة السينما في نظرة أردأ سينمائي في التاريخ

ابراهيم العريس 

في واحد من اجمل وأغرب مشاهد فيلم «اندرغراوند» (1995) تحفة المخرج البوسني أمير كوستوريتزا، الفائز قبل عقد ونصف العقد من السنين بالسعفة الذهبية في مهرجان «كان» السينمائي، يخرج أهل القبو المحتجزون فيه معتقدين ان الحرب لم تنته بعد، فإذا بهم يجدون فوق الأرض قوات المانية. من فورهم يعتقدون انها قوات المانية حقيقية ويبدأون مقاومتها ويقتلون ويجرحون ضابطاً وجنوداً منها، ثم تمضي برهة قبل ان يتبين لهم ان ما وجدوه انما هو تصوير لفيلم عن «الحرب الوطنية» اليوغوسلافية و «المقاومة ضد النازيين» وأن الحرب الحقيقية انتهت منذ زمن بعيد، وأن الالمان هنا ليسوا سوى كومبارس وممثلين ثانويين يقومون بأداء فيلم كاذب جديد يروي الحرب من وجهة نظر الذين انتصروا فيها.

> كان هذا المشهد وحده كافياً لجعل فيلم «اندرغراوند» يومها يصنف في خانة الافلام التي تتناول السينما، بل ان كوستوريتزا ذهب الى ابعد من هذا حينها إذ قال انه يعتبر فيلمه عملاً عن السينما، أكاذيب السينما، خياليات السينما. ونضيف نحن أن هذا الفيلم الرائع ما كان له ان يحوز أهميته لو لم يكن، في حقيقته، فيلماً استثنائياً عن فن السينما، عن مخيلة السينما وسيطرتها علينا، عن الانبهار بفن السينما. و «اندرغراوند» لم يكن استثناء في هذا المجال. بل كان، في شكله الظاهر على الأقل، واحداً من أقل «الافلام عن السينما» احتفالاً بفن السينما في ذلك العام، الذي كان فيه الفن السابع يحتفل بانتهاء القرن الأول من عمره. ذلك أن الافلام التي عرضت في دورة المهرجان لذلك العام، والتي يمكن بشكل او بآخر، اعتبارها مرآة صادقة لما يدور في ساحة السينما، تلك الافلام عرف الكثير منها كيف يجعل من نفسه تحية خالصة لفن السينما. وكانت هناك على الأقل خمسة من الافلام الرئيسة في عروض المهرجان، بين افلام المسابقة الرسمية، وأفلام بعض التظاهرات الثانوية تتحدث عن السينما نفسها.

> واذا كان امير كوستوريتزا، اختار ان يجعل السينما قطب الرحى في واحد من اجمل مشاهد «اندرغراوند» وأكثرها دلالة، بحيث تسطع الأنوار بعد كلمة القبو، فإذا بها انوار الكاشفات الضوئية خلال تصوير الفيلم، وبحيث يشتد فعل المقاومة فإذا بها مقاومة غير مجدية لأن ضحاياها كومبارس، لا جنود ألمان، وبحيث يدخل اهل القبو عالم الحياة العادية من طريق اكذوبة السينما، فإن السينما في براءتها الاولى. السينما في جانبها المبهر، كانت الموضوع الاساس، كذلك، في فيلم هو كله هذه المرة عن السينما، وأي سينما؟! هذا الفيلم كان «إد وود» من اخراج الاميركي تيم بورتون. وإد وود الذي يحمل عنوان الفيلم اسمه هو المخرج ادوارد وود الصغير، الذي دخل تاريخ السينما من باب ضيق باعتباره «اسوأ مخرج عرفه فن السينما على الاطلاق»، والطريف ان هذه السمعة - السلبية للوهلة الاولى - هي التي لفتت انظار هواة السينما قبل سنوات الى افلام هذا المخرج العجيب الذي عاش علاقته بفن السينما انبهاراً دائماً، وكانت سينماه الحقيقية علاقته هو نفسه بالسينما، ولا سيما بنجم افلام الرعب بيلا لوغوسي. لقد اختار تيم بورتون ان يصور جزءاً من سيرة إد وود يبدأ مع تعرفه إلى بيلا لوغوسي، وينتهي بعد فترة قصيرة من موت هذا الاخير ضحية لإدمانه حقن المخدرات. ومن هنا جاء الفيلم مزدوج البعد. فهو من ناحية رسم جزءاً من حياة إد وود وافتتانه بالسينما، والاساليب المضحكة والملتوية التي يمارسها من اجل الوصول الى تحقيق افلامه العجيبة الحافلة بالأخطاء وبالسخافات، وهو من ناحية ثانية رسم لنا، بطريقة مجازية ومواربة، حياة السينما نفسها من خلال سقوط نجم في سنوات الخمسين، هو بيلا لوغوسي. وقد عرف تيم بورتون كيف يخلق «تمفصلاً» فعالاً بين هذين الجانبين الفاتنين في فيلمه. وهذا «التمفصل» جاء من طريق نظرات إد وود البريئة. فمن هو إد وود في نهاية الامر؟

> هو بالتأكيد واحد من عشرات ألوف الشبان الذين عرف الفن السابع كيف يمارس عليهم إبهاراً مدهشاً حتى من دون ان يكونوا على إلمام بتقنياته وشروطه أو على امتلاك لأية موهبة إبداعية على الإطلاق. فإذا كان عشرات الألوف من هؤلاء الشبان قد عجزوا عن ان يكونوا اكثر من مجرد متفرجين، فإن إد وود اصر على ان يكون مخرجاً من دون ان تكون لديه اية بضاعة ثقافية، بل اية مخيلة عفوية تساعدانه على تحقيق ما يريد من افلام، لكنه كان يمتلك تلك «الشطارة» التي نعرف كثراً في السينما العربية يمتلكونها فمكّنتهم من تحقيق تلك الأعمال التافهة التي وصمت السينمات العربية الى الأبد! كانت المواضيع لديه تولد يوماً بيوم، من خلال نظرة، من خلال شخصية، من خلال كنزة «انغورا» يرتديها - هو الذي كان يحب، لأسباب غير جنسية كما يقترح علينا الفيلم، ارتداء ازياء النساء -، أو حتى من خلال لقاء: في هذا المجال يكاد يكون اجمل مشاهد الفيلم ذلك اللقاء الوهمي الذي يتخيله تيم بورتون بين إد وود (مرتدياً ملابس نسائية فاضحة) وبين المخرج الأميركي الكبير، اورسون ويلز، جالساً مكتئباً في مقهى. أهمية هذا اللقاء، الذي حشره تيم بورتون في سيرة إد وود، تكمن في ان هذا الاخير كان ينظر الى ويلز نظرته الى سيد كبير والى مثل اعلى، كان يرى انه هو، وصاحب «المواطن كين» - اي ويلز - المخرجان الوحيدان المستقلان في طول هوليوود وعرضها. طبعاً لا يمكننا ان نتوقف عند هذا الامر على سبيل المقارنة النوعية بين عملاق من عمالقة السينما، وبين إد وود الذي اعتبر الاردأ في تاريخ هذا الفن، بل على سبيل استثارة تلك النظرة المزدوجة الى الفن السابع: نظرة بريئة يلقيها كل من المخرجين على الفن نفسه، بصرف النظر عما تؤدي اليه تلك النظرة حين تتجسد انتاجاً سينمائياً.

> والمهم هنا، على أي حال، النظرة التي يلقيها تيم بورتون على السينما من خلال بطله، وبراءة بطله. ففي الاحوال كافة، لا بد من التسليم بأن إد وود تعامل مع فن السينما بكل العفوية والتلقائية والبراءة التي تميز نظرة الفنانين الفطريين الى لوحاتهم: براءة العالم، امكانية تصوير أي شيء في أي لحظة ثم... الفن كوسيلة تطهر وإنقاذ. ولعل مشهد التعميد الجماعي مقابل إغراء الكنيسة الميثودية بتمويل فيلم «المخطط 9 من الفضاء الخارجي» قادر على ان يرسم في حد ذاته نظرة تيم بورتون الى السينما: فن براءة وانبهار ودهشة.

> طبعاً كثر يومها انه كان من شأن تيم بورتون ان يتناول براءة السينما من خلال موضوع اقل خطورة من موضوع إد وود، اذ كيف يمكن صنع فيلم كبير عن مخرج صغير؟ ترى، تساءل البعض، أما كان احرى بتيم بورتون ان يحقق فيلماً عن اورسون ويلز ويجعله، في لحظة ما، يلتقي بإد وود؟ من الواضح ان تيم بورتون انما شاء ان يصوّر الحد الأقصى للمشاعر وللعبة الانبهار، عبر فيلم عن مخرج الحد الادنى ليوصل التناقض الى ذروته، وليجعل تحيته الى فن السينما في مئويتها، اكثر صدقية وبراءة. وما تصويره فيلمه بالأسود والأبيض سوى إمعان في ايصال تلك البراءة الى حدودها القصوى. وفي هذا السياق، نتوقف عند «العصابة» التي احاطت بإد وود، من مصارعين ومشعوذين ونصابين ومشوهين. لقد توقف تيم بورتون مطولاً عند هؤلاء الاشخاص الذين شكلوا عالم إد وود، ثم غاص في دواخلهم وبيّن لنا كم انهم اطفال في تلك الدواخل، بل اكثر من هذا، كشف لنا كم ان السينما عززت من براءتهم وجعلتهم أطفالاً. كشفت عن البريء والسموح والطفل في داخلهم. فالسينما، كما يقترح علينا تيم بورتون، هي كما الماء المطهر في مشهد التعميد الرائع، هي الفن الأقدر على اظهار ما هو طفل وبريء في داخلنا. وما سينما إد وود سوى البراءة الخالصة والطفولة الخالصة، في نهاية الامر.

 alariss@alhayat.com

الحياة اللندنية في

16.05.2014

 
 

الفيلم الوثائقي 'المشحم' دمشقيون يجوبون الريف ويكفنون أضاحي الحرب

العرب/ حامد العظم - دمشق 

الموت في فيلم 'المشحم' يتجسد كضيف ثقيل لا بد من استقباله، هو على تماس مباشر مع الجميع الذين اعتادوه.

لا غرباء في الحرب، حس عال بالإنسانية يجمع السوريين ويوحد آلامهم، أسرة واحدة لا تجمع بينهم أية قرابة، كبار وصغار، نساء ورجال، اجتمعوا في مدرسة بحي جوبر شرقي “غوطة دمشق”، حيث تحولت هذه المدرسة إلى “المشحم”، هناك يستقبل القائمون الشهداء لتغسيلهم وتوثيق أسمائهم استعدادا للدفن ثم التواصل مع ذويهم.

تلتقط الكاميرا تفاصيل المكان لتعيد تكوينها في ظل الموت المسيطر، الطاغي على كل شيء، أصوات القصف والرصاص لا تنقطع، لكن هذا لا يمنع سكان المشحم من الطبخ والغناء وتبادل المزاح كأنهم في منازلهم.

فضاء المدرسة تحول إلى مشفى كبير، الشاش والقطن عوضا عن الدفاتر، الكاميرا تتحرك بعفوية بين الموجودين، لا الأحياء منهم فقط، بل الشهداء، دماؤهم، روائحهم، أسماؤهم المعروضة أمام الجميع، كل يوم يضاف إليهم واحد أو اثنان، أعدادهم محكومة بالجنون الذي يمارسه النظام، وسعيه لاغتيال غوطة دمشق، لكن البشر أقدرعلى مواجهة عشوائية القصف.

“زكّور” هو البطل الهامشي، مقاتل سابق في الجيش الحر تفرغ الآن لإسعاف المصابين، كان سائقا إلا أنه باع منزله وسيارتيه واشترى سيارات لإسعاف الناس ونقلهم.

لا يعمل في سبيل أحد سوى حرمة أولئك الشهداء، يتهكم الشيخ في الفيلم “نظام الأسد يقولون عنه إرهابيا!”، زكّور ينقل الشهداء لمثواهم الأخير، عمله لاحق بالموت، هو يرتب الفوضى التي يثيرها بحضوره المفاجئ، إلا أن الموت لم يستثنه، أصيب بقذيفة، استشهد، جسده العجوز لم يكن قادرا على ثقل الموت فانشطر، لم يعلم أحد أين ساقيه، لعلهما الآن مسرعتان نحو جريح ما.

الموت في “المشحم” يتجسد كضيف ثقيل لا بد من استقباله، هو على تماس مباشر مع الجميع الذين اعتادوه، الأطفال هم الأكثر عفوية في علاقتهم مع الموت، يبكون، يقرأون الفاتحة، ثم يعودون إلى اللعب والغناء، هل يمكن للأغنيات أن تردّ عدوان نظام يستهدف اللمعة في عيونهم؟ لأن البكاء “يحرق قلوب الموتى حزنا”.

هناك علاقة شعرية بين داخل المشحم وخارجه، الداخل آمن، الكل فيه متساوون، شهداء وأحياء، أما الخارج مليء بالذكريات المتناثرة بين الحجارة والركام، محكوم بالموت العبثي، في الخارج الجميع يخسر شيئا، أخا، ابنا، منزلا.

لكن بعفوية تبقى الزهور، حيث يعود زكّور قبل استشهاده إلى المشحم حاملا زهورا من جدار أحد المنازل، تقول صاحبة المنزل الذي دمر: “نحن كهذه البراعم، لا بد أن نتفتح يوما، سنعيد تعمير كل ما تهدم”.

يتناول الفيلم حياة الشخصيات قبل وبعد الثورة، قبلها كل منهم يتحدث/ يسرد عن حياته ومهنته سواء بائع خضار، أو معلم تمديدات صحية، في حين ترسم الصورة حياته الآن بعد 3 سنوات من الثورة، أحدهم يحفر القبور.

الآخر تحول من “معلم رخام” إلى طبيب تعلم التخدير والجراحة على يد أطباء آخرين فلسطينيين، الثورة غيرت كل شيء، كلهم قرروا ترك حياتهم الاعتيادية والوقوف إلى جانب الشهداء، هذا أقل ما يمكن فعله.

يلتقط الفيلم حياة مجموعة من المدنيين بريف دمشق كرسوا أنفسهم لتغسيل وتكفين وتوثيق الشهداء

أحدهم، يرفض الخروج وترك “جوبر”، سيبقى تحت القصف، الشهداء لا يتركون وحدهم، لا بد للغرباء أن يتدخلوا، قد يُفاجأ أحد ما بأخ أو بابن له، فيعجز عن الحراك، تعاون الجميع هو ما سيحافظ على حرمة الأجساد.

ذات الشخص يرفض حتى أخذ أطفاله للتنزه خارجا، وجودهم خارجا على مرأى الباقين جرح لكل من فقد ابنا أو فقدت زوجا، عليهم أن لا يروه كي لا تعود جراحهم للنزيف، تفان حتى النهاية في سبيل الشعب السوري، أولئك البسطاء، القائمون على “المشحم” وغيرهم، هم من يبقي الثورة على قيد الحياة.

الأطفال يبقون على نقائهم، إحدى الفتيات في المشحم تقول: “كنت أتساءل ما الذي كان يحدث في المدرسة ليلا حين نكون في المنزل..؟”، ثم تجيب عن تساؤلها بنفسها ضاحكة: “الآنسات يكفنن الشهداء ويشربن الشاي..”.

أمام هذا التساؤل يقف مشاهد الفيلم مصدوما لعمق التأثير الذي تركته الثورة في سوريا، القتل والقمع جعل الأطفال يدركون تفاصيل ما كان عليهم معرفته، أنواع الطائرات، أسماء المدافع، النظام السوري اغتال الطفولة في صميمها، الخوف لدى الأطفال لم يعد من الموت، بل من الغياب.

وثائقي “المشحم” من إنتاج فريق “شرارة آذار” الإعلامي الذي عمل على تغطية أحداث الثورة السورية منذ بداياتها وإصدار جريدة بنفس الاسم، فريق العمل أمضى ثلاثة أيام في المشحم لتصوير الفيلم الذي اختزلوا من خلاله ما يمرّ به الكثيرون من الناس العاديين وسكان المناطق التي تتعرض للقصف من قبل النظام في سوريا.

الفيلم لا يستخدم تقنيات متطورة، وأسلوب الإخراج مشابه لأغلب الأفلام التي تتحدث عن الثورة في سوريا، حيث يركز على الحدث بعيدا عن النواحي الفنية والجمالية المتعلقة بتكوين الصورة، إلاّ أنه يوثق جزءا مما تمرّ به سوريا.

العرب اللندنية في

16.05.2014

 
 

جائزة مهرجان سينما الذاكرة المغربي تذهب إلى 'وداعا كارمن'

العرب/ أسامة الألفي - الناظور 

الدورة الرابعة للمهرجان تتجه جنوبا بحثا عن المتوسط في أفريقيا وهمومها، لتناقش مع شعوب القارة السمراء صيغ البناء.

بحضور أكثر من ثلاثمئة ضيف من مختلف بلدان البحر المتوسط أعلن مؤخرا محمد الأشعري رئيس لجنة تحكيم الدورة الثالثة لمهرجان السينما للذاكرة المشتركة في ختام المهرجان، عن فوز الفيلم المغربي-البلجيكي المشترك “وداعا كارمن” بالجائزة الكبرى التي تمنح لأحسن فيلم.

الفيلم من إخراج محمد أمين بنعراوي وتدور أحداثه في سبعينات القرن الماضي في ضواحي مدينة الناظور المغربية، حيث يرتبط الطفل عمران بجارته كارمن وهي أسبانية من منفيي الحرب الأهلية، وحين يموت فرانكو تعود إلى بلدها.

ونال الفيلم المصري “الشتا اللي فات” من إخراج إبراهيم البطوط وبطولة عمرو واكد وصلاح حنفي وفرح يوسف بتنويه خاص من إدارة المهرجان، فضلا عن منح جائزة أحسن ممثل لعمرو واكد، وقد تسلمها نيابة عنه صلاح حنفي.

وتدور أحداث الفيلم خلال ثورة 25 يناير في إطار 3 قصص إنسانية، الأولى لضابط أمن دولة، والثانية لمذيعة بالتليفزيون، والثالثة لمهندس كمبيوتر على علاقة بفئات شبابية كان لها دور كبير في الثورة، ويكشف الفيلم الأسباب التي أدت إلى تفشى الفساد في عهد مبارك.

وفي كلمته الختامية كشف عبدالسلام بوطيب مدير المهرجان ورئيس مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم، أن الدورة الرابعة للمهرجان سوف تتجه جنوبا بحثا عن المتوسط في أفريقيا وهمومها، لتناقش مع شعوب القارة السمراء صيغ بناء القارة، مؤكدا تبني المهرجان لكل سينما تعلم الناس الحب والتضامن والتآزر والتآخي.

من ناحية أخرى أصدرت نقابة المهن التمثيلية ومركز الذاكرة المشتركة من أجل السلم والديمقراطية بالرباط، بيانا في ختام المهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور.

وقال البيان الذي وقعه عن النقابة وكيلها الأول الفنان المصري سامح الصريطي، وعن المركز رئيسه المغربي عبدالسلام بوطيب أن الطرفين انطلاقا من إحساسهما بالانتماء إلى العالم العربي والعلاقات التاريخية التي تجمع مصر والمغرب، اتفقا على تعميق البحث والنقاش حول قضايا الذاكرة المشتركة في سياق الاعتراف بالتعدد والتنوع الثقافي والانتصار للحريات وحقوق الإنسان، سواء في العالم العربي أو في حوض البحر الأبيض المتوسط مع التأكيد على حرية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الكاملة.

العرب اللندنية في

16.05.2014

 
 

من فراش المرض..

سعيد صالح: "ليَّا نصيب أضحك الناس تانى"

تقرير ــ دينا دياب 

 «لسه ليه نصيب اضحك الناس» هكذا تحدث إلينا الفنان سعيد صالح من غرفته بمستشفى القوات المسلحة بكوبرى القبة عندما سألته عن حالته الصحية يتكأ على مقعد وبجواره زوجته يحاول أن يتمسك بالحياة ويرفض النوم على السرير، مؤكداً أنه بحالة جيدة، سألته عن أكثر ما يشتاق إليه فقال كل الشخصيات التى جسدتها فى حياتى أتمنى أن أعيدها مرة أخرى حتى أرسم ضحكات الناس من جديد «الكاميرا وحشتنى»، وقال «صالح»: أنا بحالة صحية جيدة والقدر أنقذنى لأعود للحياة أعيش وأتعايش فيها، وأضاف: أتمنى العودة للعمل الفنى من جديد فوقوفى أمام الكاميرا يحيينى وأشعر خلاله أننى أستعيد حياتى وصحتى، و«ربنا يخلى كل اللى سأل عنى» كانت إجابته على سؤالى عن أصدقائه الذين سألوا عليه، كلمات «صالح» كانت صعبة للغاية ما بين تعلثمه لعدم تذكره بعض الأشياء وأخرى عدم قدرته على الحديث طويلاً، لكنه بدا بحالة صحية جيدة، أثبتت أنه فى حالة نفسية تستحق أن يسأل عليه أصدقاء عمره حتى يعيدوا إليه الحياة.

أكدت زوجته شيماء فرغلى أن القوات المسلحة كتبت لـ«صالح» علاج لمده 6 أشهر على نفقه الدولة وبناء عليه طلب الأطباء أن يكون هناك علاج كامل له للاطمئنان بشكل نهائى على حالته الصحية بالإضافة إلى استقرار النزيف فى المعدة الذى شخصه الأطباء على أنه حالة قرحة بالمعدة أدت إلى نزيف حاد، وتقدمت زوجته بالشكر لكل من سامح الصريطى، وكيل نقابة الممثلين، واشرف عبدالغفور، نقيب الممثلين، لأنهم تابعا معها حالته الصحية منذ مرضه فى شقته ونزيف الدم ونقله إلى مستشفى الشيخ زايد وحتى نقله إلى مستشفى القوات المسلحة لمتابعة حالته، وأضافت: الأطباء أكدوا أنه سيخرج فى غضون أيام لكن بعد الاستقرار على خلايا المخ خوفاً من تكوين جلطات أو أى مضاعفات جديدة، مشيرة إلى أنه يحتاج لكل من يسأل عنه ولا تحتاج لمساعدات مالية من أحد.

حضر الزيارة الأب بطرس دانيال، رئيس المركز الكاثوليكى للسينما، والذى اعتاد على زيارة الفنانين دائماً، وقال إن لقاء الفنانين فى هذه الظروف يعلى كثيراً من طاقتهم النفسية ويعطيهم إحساس بأن لهم معجبين وجمهوراً يحبهم ويقدرهم، وأضاف أن عدداً كبيراً من الفنانين تحدثوا إليه ليشاركوه الزيارة لكن انشغال الجميع فى التصوير جعلهم غير متفرغين لكنهم جميعاً أوصلوا سلامهم معه.

تخللت الجلسة حوار جانبى مع الفنانة نهال عنبر عن ذكرياتهما معاً وسفرهما لتقديم إحدى العروض المسرحية فى لبنان عام 1999 وتذكرا معاً خفة دمه أثناء سفره على متن الطائرة وهو الأمر الذى رسم ضحكات كثيرة على شفاه «صالح»، وفرق كثيراً معه زيارتها وتذكرهما معا الأعمال السينمائية والدرامية التى شاركا فيها ومدى حبه للعمل الفنى ولأصدقائه وجلوسه معهم فى لوكيشن التصوير، حيث امتد الحوار لدقائق تحدث فيها «صالح» قليلاً لكنها كانت تنم عن سعادة كان ينتظرها من أحد تربطه به ذكريات عمر سعيدة.

الوفد المصرية في

15.05.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)