كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

حوارات عن النقد السينمائي

المونتيرة، والناقدة السينمائية المصرية صفاء الليثي

حوار : صلاح سرميني

 

·        صفاء الليثي، لقد بدأتِ مسيرتكِ المهنية مونتيرة، كيف حدث هذا التحوّل من المونتاج إلى النقد السينمائي ؟

ـ نعم، تخرجتً من المعهد العالي للسينما بمصر(قسم المونتاج) عام 1975، عملتُ متدرجةً كمُساعدة ثم مونتيرة لعددٍ من مقدمات الأفلام – التريلر- والأفلام التسجيلية، والقصيرة، ثم قمت بمونتاج فيلميّ  : « الحجر الدائر »(محمد راضي 1992)، و »3 على الطريق »(محمد كامل القليوبي 1993)، بدأت أحضر المهرجانات، وأشارك فى النقاش حول الأفلام، إلى أن ظهر نقاش يتهمّ المونتاج بإفساد فيلم « رومانتيكا »(زكي فطين عبد الوهاب 1996)، فكتبت رأياً كأنه دعابة، تحمّست له المخرجة « هالة خليل »- وكانت صديقة مقرّبة وقتها- ونُشر في مجلة « الفن السابع » المصرية، بعدها طُلب مني الكتابة بتوّسع أكثر، إلتحقتُ بجمعية نقاد السينما المصريين عام 1999(تأسّست عام 1972)، وأصبحتُ عضو في مجلس الإدارة منذ 2004، وأشغل حالياً منصب السكرتير العام، شاركت في لجان اختيار، وتحكيم عدد من المهرجانات المصرية، والدولية، كما أكتب القصة القصيرة، والمقالات، والدراسات، كتبت سيناريو فيلم روائي طويل لم أجد له منتجاً، وهناك مشروعات أخرى حبيسة الأدراج، وعلى المستوى الشخصي عندي ولدين، وبنت يعملون فى مجال السينما، والإعلام. 

·        نقد كلمةٌ مزعجة، تُثير المشاكل، والخصومات بين النقاد، والمخرجين (ورُبما بين النقاد أنفسهم)، ترتبط غالباً بالكشف عن الخلل، العيوب، والسلبيات،..ماذا يعني « النقد السينمائي » بالضبط ؟ وهل يمكن إستبدالها بكلمةٍ بديلة أكثر رقة، لطفاً، ورحمة، ..هل « التمييز »، على سبيل المثال، مناسبة، وهكذا نقول : « التمييز السينمائي »، أعمل « مُميزاً سينمائياً »،…أو « تحليل »، فأصبح « محللاً سينمائياً »، أو رُبما، كما يُقال : « فهم العمل »، أو « تفسيره »، وهنا، نطلق على الناقد صفة « فاهم سينمائي »، أو « مفسّر سينمائي »…؟

ـ أجمل تعليق للنقد السينمائي أنه إنفعال بعملٍ إبداعي أريد من الآخرين مشاركتى به، قراءة خاصة لفيلمٍ ما بغرض مشاركة الآخرين فى إستقبالي له، عن نفسي، لا أكتب إلاّ عن أعمالٍ أعجبتنى، أكتب للمُتلقين، للناس غالباً كي أشرح لهم لماذا أحببت هذا الفيلم، كيف إستقبلته، وفهمت رسالته، أحلل، وأفكك العمل لأتواصل مع مشاهدين مثلي، نادراً ما أوجه كتابتي للمُبدع نفسه، قد أخبره برأييّ شفاهةً إذا سألني، وقد أحيّيه لأنه أمتعني، أو أعاتبه لأنه خيّب ظني، وخاصة إذا كنتُ متابعة لأعماله السابقة، وإذا كان الفيلم عملاً أول، أجد نفسي متعاطفة، ومتفهمة، ومستعدة أكثر للتغاضي عن بعض مشاكله، وأرحب بطزاجة العمل الأول، وقد أطبطب على صاحبه بحسّ الأمّ التى تتابع الخطوات الأولى لطفلها، أو أول خطوة يمشيها.

النقاد أنواع، منهم الناقد الصحفي، ومنهم نقاد مخرجين مثل قيس الزبيدي، سيد سعيد، ومحمد كامل القليوبي، ومن الجدد : أحمد عبد الله السيد، وهالة لطفي، وأنا أنحاز لنقدهم، وأجد أنهم، كما جودار، وإيزنشتين، أصحاب نظرياتٍ جمالية في فنّ السينما لا يقدر عليها الناقد الصحفي.

·        في مدونته « ظلال، وأشباح »، كتب الناقد السينمائي اللبناني « محمد رضا » بأنّ الثقافة السينمائية العربية تشهد فوضى نقدية عارمة، وأشار إلى إفلاس النقد السينمائي عندنا ؟

ـ لا أعرف متى كتب « محمد رضا » هذا ؟ أتصوّر أن ذلك صحيحٌ منذ فترةٍ مضت، ولكن، حالياً هناك عدد من النقاد الجدد – لا يهمّ أعمارهم، شباباً، أم كهولاً – يكتبون عن الأفلام المُعاصرة، والقديمة، العربية، والأجنبية، ولديهم إجتهاداتٍ فى قراءتها، بالطبع، هناك كتابات صحفية تركز عادةً عما خلف الأفلام، أو تتناول كواليسها، وهي مهمة أيضاً، كثرة المواقع في الشبكة الدولية عوّض عن نقص المساحات المُخصصة للنقد، وأظهر طاقاتٍ لنقادٍ جدد.

·        في مقالةٍ لكِ بعنوان (فرش، وغطا : فيلم يشبه لوحة لفان جوخ، لوحة جميلة معبرة عن قبح حياتنا)، أشرتِ بإقتضاب إلى تشابه مثير للتفكير بين فيلم، وأعمال رسام، كيف يمكن الربط بين الجمال، والقبح، وماهي العلاقة بين لوحة الكرسي المُشار إليها قي المقالة، وأحداث الفيلم، أو بنائه السينمائي..؟

ـ فيلم « فرش، وغطا » يرسم لوحة معاصرة لمصر الآن، ركز المخرج على أماكن أُصطلح على وصفها بالعشوائيات، ولكنه أظهرها بجمالٍ فنيٍّ بديع، كما فعل « فان جوخ » مع حجرته الفقيرة، والكرسي من القش فى وقتٍ كانت اللوحات تتناول القصور، والأثاث الفاخر، إنه ليس جمال الكارت البوستال البرجوازيّ المُنمق الذى يفضله البعض، أذكر أنني، وزميلة عمل، كنا نتحدث عن توضيب البيت، وقلت لها إنني أحب الفوضى المُنظمة، وبعد أن أرتب حجرة الجلوس، وأمسح منضدة الشاي، وأزيل الأكواب الفارغة، أرمي صحيفة كي أضفي حياة على المنظر، ردت زميلتي بأنّ هذه الصحيفة المُلقاة بإهمالٍ تضايقها جداً، ……يختلف إحساسنا بالجمال من شخصٍ إلى آخر، أتصور لو أن هذه الزميلة مارست النقد، لأعجبت فقط بالمسلسلات التركية التى تزيف الواقع، وتقدم شكلاً برجوازياً للأماكن، وملابس الشخصيات، فى مقابل ناقد مثلي إستقبل البيوت القديمة، وحركة أهل الحيّ الذى يعيش فيه بطل فيلم « فرش، وغطا » كما يستقبل، وينفعل بلوحةٍ تشكيلية.

القبح الذى قصدته فى أماكن الفيلم مثل « حيّ الزبالين »، جعلني أرى جمالاً فى فقر المكان، بل، وتعبيراً قوياً عن المقاومة، وأنت تشاهد جهاز الكومبيوتر وسط الخرابات يعمل عليه إبن الشهيد، ويضيف وثيقة جديدة عن عملٍ طائفيّ مدبر خلافاً  للوثيقة التى أحضرها عن هروب المساجين. بكيت، وأنا أشاهد هذا المشهد الذى جعلني ألمس إصرار الناس على الحياة فى أقصى تقدمها وسط الخرابات، ونفس الأمر مع مواقع الفيلم التى ظهرت بجمالٍ فنيّ رغم واقعها المُخرّب، فى مقابل أعمال يظهر فيها الأشخاص، والأماكن بقبح زاعق أشدّ حتى من الواقع، ليس على الفنان أن يجعلنا ننفر مما يعرضه، بل يدفعنا لرؤية تناغم بين شكل الأشياء، ودلالتها، مشهد الجامع الذى إتخذ كمستشفى لمصابٍ لم يكن أيّ جامع، بل بقايا سجل لمكان قديم أثناء الترميم، يحمل دلالاتٍ على الجمال الذى يمكن أن يعود، دعمه بصوت المنشد الصوفي الذى يقطعه الآخرون، فى مشهد المقابر حيث يعيش عدد من المصريين بين شواهد القبور، نشاهد ماعز ترعى، وفتاه جميلة يبتسم لها « آسر يس »، وتنقل لنا بسمته إحساسه بجمالها وسط المكان القبيح، الأماكن، والشخصيات تكمل صورة كما الشوارع الخلفية لمدينة القاهرة، ليس فنادقها الفخمة على النيل، ولا الأهرامات، ولا الحدائق، قاهرة يخرج منها أغلب الناس، مقهورين، ومطحونين، ولكنهم يتشاركون، ويساعد بعضهم بعضاً، التعبير الجمالي عن العشوائية، والفقر سمة للفيلم الذي لم ينقل الواقع – بعبله- بل من خلال عين محبة، وعاشقة لتفرده.

·        في مقالةٍ أخرى بعنوان (سينما ما بعد الثورة، الإجابة عند المخرجات، والبطولة الجماعية) لفت إنتباهي الجملة التالية : (الخلاف الأكبر بين السينما السائدة، والسينما البديلة، أو الموازية  يكمن فى نظام النجوم)..السينما المصرية، منذ بداياتها وحتى اليوم، تعتمد، في غالبيتها، على نظام النجوم، وبفضلهم إنتشرت، وجعلتها واحدة من أهمّ الصناعات السينمائية في العالم العربي ؟

ـ كثير من الأعمال الجديدة خلت من النجوم، « عشم » مثالاً، وبالطبع، « الخروج للنهار »، وأعمال « ابراهيم بطوط « ، أحببت جداً « سرقات صيفية » العمل الأول لـ »يسرى نصر الله »، وخاصة ممثلاته من غير النجوم، ولكن، « يسري » بصراحته، وحسّه النقديّ، قال بأنه لم يجد نجوماً يوافقون على عمله، فإضطر للإستعانة بصديقاته، وبصرف النظر عن رأيه، فما زلت أرى أعمالاً ظهرت بدون نجوم إكتسبت ذائقة مختلفة، وأحببتها لهذا السبب، ولو تحدثنا عن « فرش، وغطا »، سنجد أن سائق السيارة نصف النقل، وهو نفسه المنشد، منح المشاهد ذائقة بديلة للنجوم المُعتادين، وكوّن مع « آسر يس » – الذى ما زال فى بداية طريق النجومية- ومع « عمرو عابد » مجموعة ممثلين مختلفين تماماً عن نجوم السينما السائدة، وأخيراً، من هم النجوم، ألم يبدأوا ممثلين مبتدئين بوجوهٍ طازجة ثم دفعهم الجمهور، والمنتجين للسير فى طريق النجومية متخلين عن طموحهم فى تمثيل جيد، لقد راهن المخرجون المجددون على « أحمد زكى »، ولكنه كان طوال الوقت يبحث عن النجومية، ويريد أن يكون « فريد شوقي » آخر، ترك من إكتشفوه، وذهب إلى السينما السائدة ليحقق نجوميته، وهو أمر مرتبط بالثقافة، فممثل مثل « عمرو واكد »، أو « آسر يس » تدفعهما ثقافتهما إلى البحث عن أعمال بديلة يشاركا بها، ولا يهدفا إلى النجومية.

·        هل الثورة هي التي سنحت بظهور هذه الأفلام، أم عوامل أخرى، ومنها التطور الطبيعي التلقائي للسينما، صناديق الدعم الخاصة بمهرجانات الخليج، الموهبة الشخصية لصانعي هذه الأفلام، الإنتباه المتأخر إلى إقتصاديات ربحية من خلال أفلام قليلة التكاليف، الجيل الجديد من صناع الأفلام…. وللتوضيح : هناك أفلام كثيرة جداً دخلت قائمة أفضل 100 فيلم عربي أُنجزت قبل الثورة ؟

ـ ما هي الثورة، إنها رغبة عارمة للتغيير، وكسر الثوابت، وتحطيمها، والإتيان بجديد، أجد مهرجانات الخليج، والإمارات خاصة، تقوم بما قام به « عبد الناصر » فى  الخمسينيات، والستينيات، في تشجيع الثقافة، والفنون، وأعتقد أن هذا حال الدنيا، ما إن تنهار حضارة، أو تعاني من مشاكل فى مكانٍ ما حتى ترتفع فى مكان آخر كي لا تنطفئ الشعلة، دعم المهرجانات فى الخليج لتجارب جديدة فى السينما العربية – فى مصر، ولبنان، وغيرها- ساهم فى دفع الموجات الجديدة من السينمائيين الذين فضلوا نبذ نظام النجوم، التصوير بالديجبتال، البحث عن بدائل للمنتج التقليدي، لم يتعجل هؤلاء للعمل بشروط السوق، ومكنتهم مناخات الثورة، ودعم الخليج – ولو جزئياً- من تحقيق أعمالهم، وأضيف بأن التصوير أثناء الثورة كان يتمّ بدون تصاريح رقابية فى أغلب الأعمال.

·        إذا كانت هذه الأفلام ظهرت بفضل الثورة، لماذا لم يتمكن السينمائيون القدامي من تحقيق أفلامٍ يُقال عنها بديلة ؟

ـ السؤال ليس صحيحاً فى عمومه، ولم أقل بأنّ مناخ الثورة وحده سبب ظهور هذه الأفلام، وعن القدامى فهم مختلفون، « محمد خان » سلك نفس الطريق مع عمله « فتاة المصنع »، بل بدأ مبكراً هذا الطريق حين رفع شعار « الديجيتال هو المستقبل »، وقدم « يسرى نصر الله » فيلمه « المدينة »، و »خيري بشارة » فيلمه « كف القمر » ، قد يكون « داوود عبد السيد » مازال متمسكاً بالتصوير بالـ35 مللى، ولكن، ما يقدمه يظلّ معبراً عن رؤيةٍ جديدة حتى لو كانت بأساليب تقليدية.

·        فقط في الثقافة السينمائية العربية نتحدث عن مصطلحاتٍ غامضة المعنى : سينما سائدة، بديلة، موازية، وفي السينما تحديداً، بينما لا نُطلق هذه التصنيفات النوعية على الغناء، الموسيقى، الفنّ التشكيلي، ….؟

ـ هذا السؤال يحتاج مراجعة مني لبعض المعلومات، لأني أعتقد أنّ الفن التشكيلي سبق السينما في التصنيفات النوعية، وكذلك الموسيقى.

·        في معظم الأحيان، اقرأ مقالة لناقدٍ ما، ويبدو لي من أسلوب الكتابة المُشتت بأنه كتبها، وكأنه يحكيها شفوياً في جلسة أصدقاء، وفي أحسن الأحوال، خلال نقاش إرتجاليّ عن الفيلم؟

ـ لا أعرف من تقصد تحديداً، إذّ يبدو من سؤالكَ أنكَ تقصد أحداً بعينه، أو قد تكون تقصدنى أنا.. مثلاً، بالنسبة لي، تختلف مقالاتي حسب درجة إنفعالي بالفيلم، وحسب ظروف كتابة المقال، هل أكتبه، وأنا في عجلة كي ألحق موعد النشر، أم أكتبه، وأنا مستريحة، ولديّ الوقت لإنجازه؟ وكما يُجرّب المُبدع، أجدني أحياناً أكتب بشكلٍ ذاتيّ، وأشطح بعيداً عن العمل، وأعود إليه، (ذكرتنى بكتابٍ عنوانه « الشفاهية، والكتابية »، يخلص أننا كعرب أقرب إلى الثقافة الشفاهية)، وأعود لما أكتب، أحياناً، أقرأ لنفسي بصوتٍ عال، وكأنني فى لقاءٍ تلفزيونيّ، وأريد من القارئ أن يتصور إنفعالي، بالطبع، النقد المكتوب له أسّسه، ولابد من مراجعة المقال، ومن إعادة بنائه، وإجراء مونتاج عليه، فى مقالي الأول الذى ذكرته دفاعاً عن فنّ المونتاج إقترحت على المخرجة « هالة خليل » – وكنت أقرأ المقال عليها بصوتٍ مسموع- إقترحت عليها البدء بفقرة تالية للبداية، قامت بمونتاج المقال، وضحكنا ساعتها على ذلك، أعود فأقول، إن كاتب المقال مثل المبدع لا يكتب بقوالب ثابتة، فهو بشر فى النهاية، ومزاجه متغير، وكذا المتابعة حسب ما توفر له، هل لديه معلومات مسبقة عن العمل، هل يكتب بعد مشاهدة واحدة، أو مرتين، وأخيراً، من المهم معرفة هل يعرف كيف يكتب أساساً، أم أنّ الكتابة ليست مهنته.

·        كتب أحد النقاد بأنّ الوسط الصحفي في مصر تسيطر عليه عصابات فكر، وتتحكم فيه الشللية، ودوائر العلاقات العامة ؟

ـ قد تندهش إذا قلتُ لكَ بأنني بعيدة عن الوسط الصحفي بشكلٍ تام، ولكن للأسف الشللية سمة المُثقفين جميعاً، وأتصور أنها لا تقتصر على مصر فقط، أحياناً تشكل كلّ مجموعة مجتمعاً مغلقاً، وتنحاز له، وتتبادل المصالح، ولكن هناك عدد من الأحرار، ليس لهم فى هذا المناخ، وينجحون رغم ذلك فى التواجد بدون علاقاتٍ عامة، يحضرني الناقد « محمود عبد الشكور »، لا أتصوّر بأنه يتحرك في إطار شلة، ولا يجيد العلاقات العامة، ولكنه فرض نفسه بقلمه، وإجتهاده.

·        في شهر ماي من عام 2010 ظهرت مدونتكِ « دنيا الفيلم »، وقتذاكَ، قرأنا في إفتتاحيتها عن هدف إنشاء المدوّنة، ومنها نشر كتاباتكِ عن الأفلام، وتبادل الآراء مع الأصدقاء من محبي فن السينما،..وكما نعرف، عمد بعض النقاد العرب إلى إنشاء مُدوناتٍ شخصية، ماهو رأيكِ بها، وهل حققت أغراضها، ومنها مدونتكِ طبعاً ؟

ـ عن مدونتي، يبدو أنها تعاني من عيبٍ تقنيّ يجعل من الصعوبة التعليق عليها، ولكني أعتبرها مخزناً لمقالاتي حتى لا تتوه، نوعٌ من الأرشفة الذاتية، وأحياناً أنشر فيها مباشرة مقالاً غير مصنف، بمعنى، ليس نموذجياً، ويختلط فيه السياسة بالفن، والذاتي، بالموضوعي مثلاً، ووجدت صفحة الفيسبوك أكثر إنتشاراً، ولهذا أدرج فيها الوصلات من المدونة،  وبالطبع أتابع مدونات عدد من النقاد المصريين، والعرب، وأجد فيها فائدة كبيرة.

·        في نفس الإفتتاحية نقرأ بأنك لن تكتبي عن فيلم لا تحبينه، أو عمل غير فني، وسوف تحاولي أن تنقلي إلى القارئ إنفعالك بتجربةٍ إبداعية جميلة مررتِ بها، ولو جزئياً. هل يتوجب على الناقد أن يكتب فقط عن الأفلام التي يحبها…؟

ـ يبدو أننى ذكرت فى جزءٍ سابق رداً على سؤال لكَ بأننى نادراً ما أكتب عن عمل لم أحبه، ولكن الناقد المحترف عليه أن يكتب عن كلّ ما يشاهده، سواء أعجبه، أم لا، يبدو أننى لا أتعامل مع نفسي بالإحتراف الكافي، لو كنت مرتبطة بالكتابة الدورية فى صحيفة ما كان يتوجب عليّ الكتابة مهما كان رأييّ، أحياناً أشفق على زملاء يكتبون عن أعمالٍ سيئة تعرض في الصالات، أنا أهرب بالكتابة عن تجارب قصيرة، وتسجيلية للتعريف بأصحابها، ولبيان فائدتها.

·        في نفس الإفتتاحية أيضاً، نقرأ رأياً مثيراً للنقاش، حيث تتصوري بأنّ الحديث عن عملٍ سيء يقدم لصانعه خدمةً كبرى، وتفضلين الصمت عن الأعمال الرديئة، ولا تجدي لديكِ رغبة فى فضح زيفها إلاّ إذا إرتفع الطنين، وغطى على أعمالٍ جميلة مرت بصمتٍ دون أن يشعر بها أحد.… بالنسبة لي، هذا الصمت نوعٌ من التواطئ مع الأعمال السيئة، إذّ يحتاج الجمهور، وصانع العمل إلى الكشف عن الجوانب السيئة في الفيلم.. من جهةٍ أخرى، الصمت عن الأعمال الرديئة والإبتعاد الطوعيّ عن فضح زيفها هو، بالنسبة لي، أيضاً مساهمة في إستمرارها، هذه المواقف الطوعية (الصمت، وعدم فضح الزيف) هي التي سمحت للفساد في نظام معين بالإستمرار حتى جاء وقتٌ أصبح من الصعب إستئصاله..؟

ـ الأعمال الرديئة مثل الشرير قد يكون جاذباً للناس أكثر من الخير، والأعمال الرديئة لا تنقصني للكتابة عنها، هناك غيرى كثيرون يفعلون ذلك، حين كتبت بأن الكتابة عن أعمال سيئة يزيدها شهرة، كان في ذهني مخرجين بعينهم، ومخرجات زادهم الهجوم شهرة، ودفع الفضول عدداً كبيراً من الجمهور لمشاهدة أعمالهم، هناك مثلٌ يقول: « بدل أن تلعن الظلام، أشعل شمعة »، أنا أفضل أن أشعل مصابيح تنير على وجوه مخرجين، ومخرجات أعمالهم جميلة، ويحتاجون مساندتي كي تنتشر، ….عموماً الهجوم أسهل من البحث عن جمال الأشياء.

·        قرأتُ تعليقاً لأحد النقاد يقول فيه، بأنّ الجمعية القائمة في مصر بإسم نقاد السينما لا تخدم سوى مصالح عدد محدود من الأعضاء يستحوذون على السفر لتمثيلها في مهرجاناتِ دولية، وقد أصبحت وكالة لتسفير بعض المحظوظين..

ـ هذا رأيه، وعلى الأرجح، هو لا يتابع الأنشطة، ولا يعرف دور الجمعية في دعم السينما الجديدة، والراقية.

·        يطالب الناقد نفسه بحلّ، وإعادة تكوين جمعية جديدة لنقاد السينما في مصر على أساس نخبويّ كي يتناقش النقاد الذين يمارسون الكتابة، والنقد فيما يهمهم من قضايا نظرية، ولا تصبح نادياً للسينما بدعوى تثقيف الآخرين، على أن يكون من أهم أولوياتها إصدار مجلة سينمائية، وكتب دورية، وإقامة ورش عمل للنقد، وأسابيع متخصصة للأفلام .. فقط لا غير، وفي هذه الحالة، يتصوّر ألا يزيد عدد أعضائها عن 20 شخصاً..!

ـ يتضمن هذا التصور وجاهة، ولِمَ لا ! من يمتلك حماساً لإنجاز شيء، عليه أن يعمد فوراً إلى تنفيذه، الأفكار كثيرة، ولكن، المهم أن تخرج إلى النور. 

·        في تقرير عن أحد المهرجانات السينمائية، كتب صحفي بأن الأفكار التآمرية تسيطر على الجميع بحكم المناخ العام، وإنعدام ثقافة الإختلاف تماماً فيما بيننا ؟.

ـ فى حوار « داوود عبد السيد » لمجلة « عالم السينما « -  التي أصدرت جمعية النقاد خمسة أعداد منها- قال إن هذا نتاج لثقافة الفقر، وأحيانا يُسمّيها الزحمة، الرصيف ضيق، والسائرون يدفعون بعضهم بعضاً ليصلوا فى الموعد، ليس مناخاً عاماً، ولكنها ظروف غير مواتية.

·        ماهو تقييمك للمهرجانات السينمائية العربية، تلك التي تنعقد في بلدان الخليج تحديداً ؟

ـ لم أحضر أيّ واحد من مهرجانات الخليج، لستُ مرتبطة بصحيفة ما، ولم أتلقَ دعوة لحضور أيّ منها، ولم أتقدم للمشاركة بأيّ منها، ولكنى أتابع أخبارها بالطبع، بعضها يؤدي دوراً جيداً، ومهماً لدعم الأفلام، ولكنى أتصور أنّ كل المهرجانات العربية نخبوية، ولا تجذب الجمهور العادي لحضور الأفلام، يجب العمل على إيجاد حلولٍ لمشكلة فراغ الصالات.

·        لو كنتِ في لجنة تحكيم، ويتوجب منح جائزةَ لناقدٍ سينمائيّ عربيّ، من هو، وماهي مبرراتك.

ـ الناقد « أحمد يوسف »، مع أنه لم يسافر إلى أيّ مهرجان، إلاّ أنه متابع، وتشده كل الأفلام، حديثها، وقديمها، يكتب بإنتظام كتابة تحلل، وتدقق، في مقالاته معلومات موثقة، ورأيّ مدعوم بأدلة، أتابع مدونته، وأستفيد منها كثيراً.

·        دعينا نفترض بأنّ أحد المهرجانات العربية إعتمد جائزةً سنويةً لناقدٍ عربي، ماهي المواصفات التي يجب على إدارة المهرجان، أو لجنة التحكيم أخذها بعين الإعتبار لمنح هذه الجائزة إلى هذا الناقد، أو غيره ؟

ـ على لجنة التحكيم أن تبذل جهداً فى تجميع مقالات النقاد، تكوين ملف لكل ناقد، ثم تصفيتها كما لو كانت لجنة إختيار أفلام، ثم تكوين لجنة مختلطة من صناع الفيلم، ونقاده لقراءة متأنية لهذه الأعمال المُصفاة، وإحصاء الأصوات، وهناك طريقة أسهل، أن يتمّ دعوة النقاد لإختيار عملين للمُشاركة بالمسابقة- يختارها كلّ ناقد بنفسه- ثم يجري تصويت عليها عبر النت مع عدد من السينمائيين، والنقاد.

المجلة التونسية في

12.05.2014

 
 

«جيران»:

الكوميديا الأميركية «مراهِقة» إلى الأبد

بانة بيضون 

يخوض المخرج نيكولاس ستولر في مفهوم النضج والحياة البالغة من العمل والزواج وإنجاب الأطفال. إلا أنّ الملفت أنّ شريطه يضيء على مسألة مهمة هي ما يمكن تسميته بعولمة العمر البشري!

تنبع أهمية فيلم «جيران» الكوميدي الذي أخرجه الأميركي البريطاني نيكولاس ستولر من مقاربته الخاصة والجدلية لمفهوم النضج والحياة البالغة بكل تبعاتها من العمل والزواج إلى إنجاب الأطفال والاستقرار.

يروي الفيلم قصة الزوجين ماك (سيث روجن) وكيلي (روز بايرن) اللذين يخوضان ــــــ بعد ولادة طفلتهما ــــــ معركة خاسرة لاستعادة نمط حياتهما القديم المنعتق من القيود والمسؤوليات. عبر المواقف الكوميدية، يصوّر لنا المخرج محاولات ماك وكيلي الفاشلة لإعادة الشغف إلى علاقتهما مثل ممارسة الجنس الذي يقاطعه بكاء الطفلة كل مرة أو حتى وجودها الذي يلغي تلقائياً الإحساس بالحميمية بين الثنائي. تلك هي إحدى النقاط المهمة التي ترتكز إليها هذه الكوميديا: النظر إلى الأمومة والأبوة بوصفهما هوية جديدة على ماك وكيلي تبنيها، لكنّهما لن يذعنا لها بلا مقاومة. ما يصعِّب هذه المهمة أكثر على الثنائي هو انتقال شبان من أخوية الجامعة للسكن في المنزل المقابل، ما يثير غضب ماك وكيلي.

ينتقد الأدوار

النمطية في العلاقة الزوجية ويمتاز بحسّ سخريته الصادمكل ليلة في منزلهما وحياتهما الرتيبة، يشاهد الزوجان من النافذة الحفلات الصاخبة التي يقيمها شبان الأخوية الذي يترأسها تيدي (زاك إيفرون). علاقة الكره والافتتان التي تنشأ بين الثنائي وشبان الأخوية تتحول إلى معركة محتدمة بين الطرفين تعبّر عن اضطراب كأنّما خاص بهذا العصر ،حيث رفض الانتقال من مرحلة حياتية إلى أخرى تبعاً للعمر كما تفرض المنظومة الاجتماعية. أكثر من ذلك، كأنّ هناك رغبة في التوقف بالزمن والبقاء في مرحلة المراهقة الأبدية... هذه هي النزعة التي غلبت على الكوميديا الأميركية في السنوات الأخيرة. هناك احتفاء بهذه الحالة وبتجسداتها التي تتلخّص ـــ وفق القاموس الأميركي ـــــ في الاحتفالات الليلية المتواصلة التي تشمل طبعاً الكثير من الكحول والجنس وتعيد نفسها في كل الأفلام. نرى أيضاً هذه النماذج في السينما الفرنسية التي تشبه هذه الأفلام خصوصاً «النزل الإسباني» لمخرجه سيدريك كلابيش، وفيلمه الأخير «المعضلة الصينية» الذي تناول في بعض أجزائه أزمة الانتقال من مرحلة حياتية إلى أخرى كما في «جيران».

وربما تعبّر هذه النزعة عن حالة أكثر شمولية. إذا نظرنا إلى انتشار عمليات التجميل المتطرفة، سنجد أنّها تطمح إلى الهدف نفسه، أي إيقاف تقدّم الزمن عبر تجميد الوجه البشري. كأنّ في ذلك رغبة في عولمة العمر البشري وتحديد عمر موحد يتوقّف عنده البشر ولا يكبرون بعده. مرحلة عمرية واحدة يبقون فيها إلى الأبد. يمتاز الفيلم أيضاً بحس سخريته الصادم في بعض المواقف. رغم فجاجته، إلا أنّه يناقش تفاصيل واقعية قلما تناولتها أفلام أخرى عن العلاقة بين الزوجين. نرى ذلك مثلاً عندما تثمل كيلي التي ترضع طفلتها ويتحجّر الحليب في ثدييها في الصباح التالي، فتطلب من ماك أن يساعدها على استخراج الحليب. يقترح ماك المذعور أن تأتي أمه، إلا أنّ كيلي ترفض تماماً وتصر على أن يقوم هو بذلك. من ناحية أخرى، ينتقد الفيلم الأدوار النمطية للرجل والمرأة في العلاقة الزوجية كما نرى في المشهد الذي يخبر ماك زوجته أن عليها أن تكون الطرف المسؤول في العلاقة وتمنعه عن ارتكاب الهفوات. تعترض كيلي على إسقاط هذا الدور عليها فقط لأنها امرأة. صحيح أنّ هناك خفة معينة تحكم أسلوب الفيلم، خصوصاً في تناوله لبعض الحوادث كما في المقالب والعراكات الجسدية التي تحدث بين الزوجين ورئيس الأخوية تيدي، إلا أنّه ينجح في تصوير كيف أنّ الارتباط بين العمر ونمط الحياة مسألة لم تعد بهذه البديهية في الأوقات الحديثة. من ناحية أخرى، يعيد الفيلم تجسيد كل كلشيهات الكوميديا الأميركية لينتقدها ضمناً، إذ نرى تحولات علاقة ماك كيلي مع جيرانهما من شبان الأخوية كما علاقة المشاهد مع هذه النماذج النمطية التي تجسدها الكوميديا الأميركية وجنة المراهقة الأبدية التي تعرضها. على خلاف بقية الأفلام، يكرّس هذا العمل الصور النمطية ثم يحطمها في النهاية، فتيدي الأكثر شعبية الذي يجسّد صورة السيطرة والقوة المطلقة في البداية، يرسب فيما يتخرّج كل رفاقه، ولا ينجح في الحصول على العمل باستثناء الوقوف في الشارع عاري الصدر ليروّج لمحل تجاري. أما ماك وكيلي فيتصالحان مع هذه المرحلة الجديدة من حياتهما.

«المهمّة الأولى»

في مقابلة أجراها معه موقع «دايلي سكرين» حول مشاريعه المقبلة، قال المخرج نيكولاس ستولر إنه يعمل الآن على سيناريو جديد للكاتب الكوميدي رودني روثمان. وأضاف أن قصة الفيلم تدور حول أوّل مهمّة يقوم بها شرطي أبيض بالتعاون مع شرطي أسود خلال أواخر أربعينيات القرن الماضي، على أن يؤدي بطولته كل من سيث روجن وكيفن هارت. وسيكون على الشرطيين التسلّل إلى حفلة جاز لتوقيف الموسيقيين بسبب تهمة معينة. وقد عبّر المخرج البريطاني الأميركي عن حماسته، معتبراً المشروع الجديد يعدّ تجربة مختلفة وتحدياً له، لأنه «لم يسبق لي أن أنجزت عملاً يجمع التاريخ والكوميديا والموسيقى والأكشن».

الأخبار اللبنانية في

12.05.2014

 
 

«مشية العار»... فيلم يحمل عاره

بانة بيضون 

لعل أول ما يلفت الانتباه في الفيلم الكوميدي «مشية العار» لستيفن بريل هو عنوانه. «مشية العار» كما يُقصد بها في الفيلم، هي عودة المرأة في الصباح التالي إلى منزلها بعد قضاء ليلتها مع رجل التقته في السهرة. والحقيقة أنّ هذا العنوان يعبّر عن نفسه، فهو يحمل عاره الشخصي. أما ما هو مثير للدهشة، فأن يكون هذا العنوان لفيلم أميركي.

على الأقل، لو كان لفيلم عربي، لكانت الصدمة أقل وقعاً. يروي الشريط قصة ميغن (اليزابيت بانكس) مذيعة نشرة الأخبار التي هجرها خطيبها وخسرت ترقيتها في العمل لمصلحة أخرى. تذهب مع رفيقاتها إلى حانة ليلية وتثمل ثم تلتقي برجل تذهب معه إلى منزله وتقيم علاقة معه. في آخر ساعات الليل، تستفيق وتكتشف من خلال رسالة هاتفية تصلها أنها لم تخسر ترقيتها وعليها أن تستعد لإجراء تجربة أداء في العمل. إثر ذلك، تقرّر الرحيل إلى منزلها، فتخرج لتبحث عن سيارتها وترى شاحنة تقطرها بعيداً.

أداء مقنع لإليزابيت بانكس رغم غياب العمق في شخصيتها

وحيدة بلا سيارة ولا هاتف ولا مال، تقرر أن تمشي لتبحث عن سيارتها وفقاً لحبكة الفيلم، ما يعدّ أمراً غير منطقي. تمشي في الشارع فيظنها الجميع مومساً، من سائق التاكسي والشرطي، إلى المومسات أنفسهن، فقط لأنّها ترتدي فستاناً أصفر قصيراً. ذلك أيضاً غير مفهوم بتاتاً، فليس في الفستان فعلياً ما يوحي بذلك. لكن يبدو أنّ ذلك ضروري كي تكتمل مشية العار التي يصوّرها الفيلم وتستمر من الليل إلى الصباح التالي. تتحوّل ميغن فجأة إلى مومس هاربة من العدالة وبائعة مخدرات، كل ذلك وهي تحاول العثور على سيارتها كي تصل إلى عملها وتفوز بالترقية. وإن كان الفيلم من النوع الكوميدي، إلا أنّه لا يوجد أي منطق يفسّر فعلياً لمَ على ميغن مواصلة المشي، بينما هناك حلول أكثر بديهية، باستثناء أنّ على مشية العار أن تطول كي يكتمل الشريط. تصل ميغن أخيراً إلى عملها حيث تكتشف أنّ السبق الصحافي الذي عليها أن تذيعه في تجربة الأداء هو عنها في الحقيقة: عن المومس ذات الفستان الأصفر التي تلاحقها الشرطة، فتسرد ميغن الحقيقة وتصف مسيرة العار التي مشتها طوال الليل. ولو أنّ ميغن تنتقد مصطلح «مشية العار» في خطابها في نهاية الفيلم، إلا أنّ ذلك لا يخفف من وطأة الإهانات المبالغ بها التي يفتعلها الفيلم بحق المرأة فقط كي يخلق صدقية لمشية العار التي يتحدث عنها ولا ينجح فعلياً في ذلك. ربما لو صوّر في أحد البلدان العربية، لبدا أكثر إقناعاً ولو أقل كوميدية. من الناحية الإيجابية، جاء أداء الممثلة إليزابيت بانكس مقنعاً إلى حد ما، ولو أنه يصعب إضفاء بعد درامي أكثر عمقاً على الشخصية التي تجسدها. إلا أنّ ذلك لا ينقذ الفيلم من عبثيته البلهاء والشتائم المجانية التي وحدها تزين الحوار.

بانة...

الأخبار اللبنانية في

12.05.2014

 
 

«مئة فيلم» لإبراهيم العريس:

السينما في وظيفتها الإنسانية

فريد قمر 

ضمن موسوعته الشاملة «تراث الإنسان»، خصّص الكاتب اللبناني مجلّده الأوّل للفن السابع. أنجز مرجعاً يوثّق كيفية تطوّر هذا الفن وأنماطه وأدواره، مرتكزاً على أساس المحور التاريخي

منذ إعلان عزم إبراهيم العريس على إصدار موسوعة «تراث الإنسان» (مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة _ البحرين)، انصبّ الاهتمام فوراً على الجزء الأول المتعلّق بتراث الناقد نفسه، أي «تاريخ السينما في مئة فيلم». ذلك يعود إلى أنه ابن السينما قبل أن يكون ابن الصحافة، وقد عمل في مهن سينمائية عدة وشارك في كتابة سيناريوات لأفلام مختلفة قبل أن يتفرّغ لكتابة مقالات نقدية وبحثية عن السينما.

يعرف العريس جيداً ما يريده من كتابه، أو ربما من موسوعته. الأمر واضح من خلال تقسيم الكتاب من الداخل وترتيبه، فهو لم يصُغ فصولاً مترابطة ومتكاملة على أساس السرد الأدبي أو الروائي، بل جعل كتابه أقرب إلى بحث أكاديمي مطعم بنكهة نقدية مخففة لا يمكن العريس التفلت منها. وكأنه يريد للكتاب أن يكون مرجعاً لكل الباحثين اللاحقين في السينما، أو ربما مدخلاً إلى تاريخ صناعة الفن السابع وتطوره من خلال أمثلة حية بعيداً عن التنظير.

هذا الأسلوب يمنح الكتاب سلاسة ملحوظة، تمكنه من الانتقال من حصرية اهتمام «السينيفيليين» (على غرار الكثير من مؤلفاته السينمائية السابقة)، إلى اهتمام العامة، وهذه نقطة إضافية تحسب له. لا يصنع العريس هنا كتاباً ليقرأ مرة ويبقى على الرفوف، بل يصنع مرجعاً يمكن الركون إليه مرة بعد مرة. رغم أن الكثير مما ورد في الكتاب لا ينشر للمرة الأولى، بل سبق أن رأيناه على صفحات جريدة «الحياة»، لكنه ارتأى إعادة وضعه في كتاب للإفادة منه ضمن سياقه البحثي الشامل.

بحث أكاديمي مطعَّم بنكهة نقدية مخففة

ارتكز العريس في تقسيم مؤلّفه على أساس محور تاريخي، فجعل كل فصل فيلماً وربط كل فيلم بحقبته التاريخية والاجتماعية والسياسية. لهذا، لا يمكن اعتبار الأفلام التي اختارها العريس لائحة لأفضل مئة فيلم في تاريخ السينما. هي اختيارات لأعمال قد لا تكون جميعها ممتازة أو تحظى بإجماع النقاد، بل هي قادرة على تظهير كيفية تطور السينما وأنماطها وكيفية بلورة أدوارها أكانت تلك الأدوار تجارية كفيلم «تايتانيك» للمخرج الأميركي جيمس كاميرون، أو أيديولوجية كـ«ميتروبوليس» الألماني فريتز لانغ، أو لدورها في إحداث صدمة ثقافية أو التعبير عنها كـ«راشومون» للياباني أكيرا كوروساوا.

لذلك، يمكن فهم بعض الاختيارات الغريبة للأفلام. العريس لا يصنف بين جيد وأفضل أو بين ثوري أو تقليدي، بل يحاول وضع تلك الأفلام في إطار دورها الوظيفي العام، أي ضمن علاقة التراث الثقافي الإنساني بالتاريخ نفسه. لذا نراه يركز على الدور الاستشرافي للسينما، لا دورها المواكب للتطورات، وعلى وظيفتها التمهيدية لحركة التاريخ (ولا يمكن الادعاء أنها تأسيسية) التي تشكل جس نبض لمزاج الشعوب قبل التغيرات الكبرى. ولعل هذا ما قصده العريس في اختيار أفلام مثل «عيادة الدكتور كاليغاري» للمخرج الألماني روبرت فينه. عن كونه من أهم الأفلام الصامتة، يشكّل هذا الفيلم أحد الأعمال المتنبئة لظهور هتلر من خلال تقديم شخصية مجنونة عاد العالم ليراها واقعاً. ينطبق هذا الأمر أيضاً على شريط «الأم» للروسي فزيفولود بودوفكين الذي أسهم في «خدمة الوعي النضالي» الممهد للثورة البوليشفية. ولعل التركيز على الدور الوظيفي للأفلام ظلم جانبها الفني. وما اعتماد الكاتب على حصرية التركيز على المخرج والكاتب، سوى ظلم للعاملين الآخرين على بلورة تلك الإنجازات، سواء أكان لناحية الممثلين الذين انطبعوا في الذاكرة، أم الموسيقيين والمنتجين وغيرهم.

لم ينس الكاتب الأفلام التي شكّلت ظاهرة بحد ذاتها واستطاعت كسر الحاجز السميك بين الأفلام الثقافية أو المصنفة نخبوية، وبين الأفلام الجماهرية التي تلقى رواجاً شعبياً كثلاثية «العرّاب» لفرانسيس فورد كوبولا. ولم يستثنِ الأعمال التي أسست لأنماط سينمائية جديدة كتأسيس أفلام الخيال العلمي على يد المخرج ميلياس في فيلمه «رحلة إلى القمر».

إذاً، ضمن موسوعته «تراث الإنسان» (12 مجلداً)، التي يسعى من خلالها إلى توثيق الفنون العالمية، جاء المجلّد الأوّل عملاً جدياً يشكّل مدخلاً إلى تاريخ السينما. ومن شأن هذا أن يسهم في فهم التطور التاريخي للفن السابع الذي انطلق على أساس «اختراع تقني»، قبل أن يتطور ليغدو أحد أبرز تجليات التراث البشري في التاريخ أجمع.

الأخبار اللبنانية في

12.05.2014

 
 

مهرجان حلب: يوميّات الفاجعة

علي وجيه 

ليس بعيداً عن الجبهات المشتعلة، هناك استنفار من نوع آخر لم تعتده حلب منذ سنوات. قبل يومين، انطلق «مهرجان الشباب السينمائي الأول للأفلام القصيرة» الذي ينظّمه «الاتحاد الوطني لطلبة سورية» (فرع معاهد حلب) حتى 15 أيار (مايو). مسرح نقابة الفنانين استقبل حضور المهرجان في توقيت «حربي» هو الثالثة ظهراً، لعرض 31 فيلماً قصيراً موزّعةً على فئتين: داخل المسابقة تضمّ 22 فيلماً أنجزها هواة، وخارج المسابقة تشمل 9 لمحترفين.

اقتصر اليوم الأوّل على عرض وثائقي «مصطفى العقاد إنساناً مبدعاً وشهيداً» لعوض القدرو في تحيّة للسينمائي الراحل الذي أهداه المنظّمون الدورة الأولى.

في حديثه لـ «الأخبار»، يؤكّد مدير المهرجان حسام حمود أنّه «يُقام رغم الظروف الصعبة من أجل حياة فنية نؤمن أنّها يجب أن تستمر. وتُضاف إلى جوائز التمثيل والإخراج والسيناريو وغيرها جوائز مالية مع عرض الأفلام الفائزة على قناة «سورية دراما»». للأفلام الحلبيّة حصة الأسد في المسابقة (11 فيلماً) بعد إنجازها في ظروف الحرب والدمار والموت. هنا الكاميرا محاطة بالمقاتلين والكتائب.

إنّها السينما السياسيّة التي حرم السوريّون من إنجازها طويلاً. وثائقي «أمان يا حلب» لنوح حمامي نوستالجيا تستحضر مدينة سيف الدولة قبل الحرب وتعرض جوانب تراثية وعمرانيّة وحضارية منها. كاترين ورد تصف شريطها «من حلب مع حبّي» بأنّه «محاولة توثيقيّة فاشلة نظراً لهول ما جرى ويجري في حلب».

عيسى طنّوس يعرض حياة شباب عاطل عن العمل نتيجة الأزمة

أفلام أخرى تقوم على التيمة الشهيرة «الحب في زمن الحرب». الحبّ قتيلاً كما في «عفواً» لطارق سالم أو قاتلاً كما في «السلام» لمهير سركسيان. هكذا يحضر الحريق السوري بشكل مباشر: جنديّ يترك أمّاً («أجمل الأمّهات» لمازن يونس) أو حبيبة («انتظريني| لفوّاز خزمة) لنبقى مع نساء الحرب ومعاناتهن. جنديّ آخر يستبدل المدفع الرشاش بحقيبة كمان («من قلبي سلام» لعلي يوسف). زين مريشة يعتبر العزلة أفضل ما يحدث خارجاً في «سمايل»، وعيسى طنّوس يعرض شباباً تائهاً عاطلاً عن العمل نتيجة الأزمة في «تسع دقائق». في المقابل، نرى طروحات فنيّة تتعلّق بأمزجة صنّاعها كمجد خليل الذي يجرّب الرعب النفسي في «التحوّل». خارج المسابقة، نجد أفلاماً شاركت في مهرجانات دوليّة سابقاً، منها «دائرتك» لحنّا كريم (الأخبار 13/2/ 2014)، و«عبور» لزياد القاضي و«دوران» لوسيم السيّد.

الملفت على مستوى أفلام المسابقة أنّ الفهم التلفزيوني حاضر في معظمها سواءً على مستوى المشهدية أو المونتاج أو التقطيع. بنية السرد ضعيفة تفتقر للإيقاع المضبوط والاشتغال المقنع على الممثّل. مع ذلك، هناك تجارب قابلة للتطوّر وصنع الأفضل في المستقبل.

الأخبار اللبنانية في

12.05.2014

 
 

«خلفي شجر الزيتون» لباسكال أبو جمرة..

بساطة اللغة وثقل الأسئلة

نديم جرجوره 

سؤال الماضي مُلحّ. ثقل الماضي أيضاً. سؤال العلاقة بين ماضي الأهل وراهن الأبناء. ثقل هذه العلاقة أيضاً. «خلفي شجر الزيتون» لباسكال أبو جمرة محمول على ثقلين اثنين: الماضي والعلاقة. فيلم قصير، مشغول بنَفَس سينمائي واضح، صورة وتوليفاً وكتابة وإخراجاً. مشغول بحساسية فنية مستلّة من أعماق ذات وروح وأسئلة معقودة على هذين الثقلين. المساحة الجغرافية بطبيعتها وناسها وحكاياتها حاضرة بفعالية بصرية متلائمة وتلك الحساسية. البساطة جزء من اللعبة الفنية. ركيزة أساسية لبناء سينمائي متماسك وشفّاف وعميق. البساطة في اللغة المستخدمة في صناعة الفيلم، وفي السرد الهادئ، الذي يكشف تفاصيل الحبكة رويداً رويداً.

يحمل «خلفي شجر الزيتون» ثقل حالة لبنانية مثيرة لجدل ناقص. حالة لبنانية محتاجة إلى نقاش جذري، يتناول السياسة والأمن ـ العسكر، لكنه يتجاوزهما حُكماً ليغوص في المعنى الإنساني للحالة نفسها، وفي تداعياتها وآثارها. ليصل أيضاً إلى أصل الحكاية، أو إلى أحد أصولها: العلاقة القائمة بين الأهل والأبناء. إرث الأهل ونكبة الأبناء بإرث لا علاقة لهم به. الأب جندي في «جيش لبنان الجنوبي»، المتعامل مع الجيش الإسرائيلي أثناء احتلاله جنوب لبنان على مدى 22 عاماً. الانسحاب الإسرائيلي في 25 أيار 2000 هجّر عملاء وعائلاتهم. الإقامة في إسرائيل مُرهِقة. العيش في عائلة مفكّكة، أو شبه مفكّكة، قاس. هذا كلّه لا يظهر على الشاشة. هذا كلّه سابقٌ لأصل الحكاية. الأصل مكتوبٌ بدءاً من فعل العودة إلى دير ميماس، قرية الأهل. مريم (باسكال أبو جمرة) تعود إلى قريتها بعد سنين. ابنة الأعوام الخمسة عند المغادرة كبرت وعاشت في إسرائيل. الأب سكّير. الأم غائبة. العودة إلى البلد ـ القرية مكلفة. العودة بدت، لوهلة أولى، صعبة. لكنها باتت، لاحقاً، مستحيلة. لم تعثر مريم على مكان لها في إسرائيل، ولا في العائلة. لم تعثر على مكان لها في قريتها أيضاً. هذه لعنة. عودتها كانت برفقة شقيقها المولود في إسرائيل. الرغبة في بدء حياة جديدة دافع. الرغبة في خلاص من حياة قديمة دافعٌ أيضاً. لكن الرغبة وحدها لا تنفع ولا تكفي، وإن كانت صادقة. العمالة لا تُبرَّر أبداً. لا تُغتَفر إلا بعد اعتراف صادق وحقيقي بالجريمة (والتكفير عنها ربما)، وطلب التسامح. لا علاقة للابنة بهذا كلّه. لكن ثقل الماضي ضاغط. أبناء القرية يعرفون، ولا يسامحون. يعجزون عن إرغام الأب على دفع ثمن الخيانة، فيجدون في الابنة أداة انتقام ملعون. ثقل العلاقة بين ماضي الأهل وراهن الأبناء ضاغط. تُرى، كيف السبيل إلى النفاذ من البؤس، ماضياً وحاضراً؟ كيف السبيل إلى الدخول إلى البلد، من دون الخروج من الحياة؟

«خلفي شجر الزيتون» حكاية لبنانية لم تُرو فصولها كلّها بعد. سؤال لبناني أساسيّ لم يُناقَش، ثقافياً واجتماعياً وفكرياً وأخلاقياً وإنسانياً، كما يجب. الفيلم القصير تكثيف دراميّ لسؤال كبير وعميق. السينما حاضرة فيه. مشغولة بأسلوب سلس وهادئ. مصنوعة ببساطة تشي بحجم السؤال وثقله. لكن السؤالين والثقلين الأساسيين محتاجان إلى نقاش حقيقي، في السينما وخارجها معاً.

 (]) يُعرض «خلفي شجر الزيتون» (2012، 20 د.)، بحضور المخرجة باسكال أبو جمرة، 7 مساء اليوم الاثنين في «المكتبة العامة لبلدية بيروت» (الباشورة، مبنى الدفاع المدني، ط. 3)، بتنظيم مشترك بين «جمعية السبيل» و«نادي لكل الناس».

السفير اللبنانية في

12.05.2014

 
 

زوم 

المرأة عنوان متجدِّد يُبحث على أرفع المستويات

بقلم محمد حجازي 

لم ينتبه المصريون متأخّرين إلى أهمية الفنون المرئية في صورتهم المحلية والعربية.

إنّهم يتحدّثون في الموضوع مع كل مناسبة تُذكر فيها الثورة، الأوضاع، الإنتاج المشترك، صعود درامات عربية على حسب المصرية، وصولاً إلى القول بأنّ العون الذي قدّمه الإنتاج العربي سنوياً هو الذي أوقف عملية الانهيار في البنيان الإنتاجي المصري، وإنْ كان رقم مليار جنيه مصري هو مجموع الميزانيات المرصودة لإنتاج ثلاثين عملاً في مصر لزوم رمضان 2014، هذا من ناحية، وفي الناحية الأخرى توجد 19 مليون دولار فواتير ديون على التلفزيون الرسمي لصالح «النايل سات».

إزاء كل هذا بادر المجلس القومي للمرأة إلى تنظيم مائدة مستديرة أُقيمت يوم الأربعاء الماضي في 7 الجاري نوقشت فيها «أسباب تقديم المرأة بصورة سلبية في الدراما، وتأثيرها على الصورة الذهنية لدى الرأي العام، وعلى انتشار مظاهر الفن ضدّها، والصعوبات التي تواجه عملية الإنتاج وكيفية التغلّب عليها، فضلاً عن مناقشة مستقبل الدراما المصرية الخاصة بالمرأة».

هذه الموضوعات على أهميتها نوقشت بحضور وزيرَيْ الثقافة والإعلام ونقباء الممثلين، والسينمائيين والكتّاب والنقّاد والمخرجين والمنتجين، ومن الحضور: يسرا، ليلى طاهر، آثار الحكيم، فردوس عبد الحميد، دلال عبد العزيز، محمود ياسين، محمد صبحي، ومن الكتّاب الدراميين: مصطفى محرم، محفوظ عبد الرحمن، مجدي صابر، لميس جابر، نادية رشاد، عاطف بشاي، وتامر حبيب.

والواضح أنّ الخيارات موفّقة، فالذين اختيروا للنقاش يستأهلون الاحترام والتقدير والاستماع إلى آرائهم وشهاداتهم، والأخذ بها أيضاً، وربما كان هذا الاجتماع واحداً من اللقاءات النادرة المهمة في مسيرة معالجة الخلل الحاصل في الواقع الإنتاجي الدرامي من جهة، وفي تصويب البوصلة حول المرأة باتجاه احترامها أكثر، وإعطائها المدى الكافي من الفهم لدورها في المجتمع منعاً لأخذها دون أنْ تدري إلى مواقع ليست تليق بها ولا تقدم لها شيئاً يخدم قضايا حمايتها من جهة أخرى.

الدعوة من المجلس القومي للمرأة.. يعني أنّ الموضوع الجاد يحتاج إلى أرفع سلطة كي ترفع القضايا إلى أهم المنابر تمهيداً للعلاج، نعم إنّ ما يُقدَّم عن هذا المخلوق الجميل لا يخدمها في شيء، أو هو على الأقل لا يحترمها بالقدر الذي يجعل الشارع يكون في مجال عدم الاحترام نفسه، وعلينا أنْ نعترف مئة في المئة بأنّ وسائل التوصيل من تلفزيون وصالات سينما لا تقدّم أفضل الإنتاج الذي نستند إليه ونثق بأنّ «الدنيا بامبي» بالمفهوم المصري السائد.

ما قُدِّمَ لا يعدو كونه مجالاً للتسلية وتمضية الوقت ليس إلا، والذي نواكبه نعم في مجمله «عملية رغي»، وBLA ,BLA لا معنى له، هنا تدخل مسألة ما يُطرَح من موضوعات متشابهة لا تضيف شيئاً بل تنقص من جماهيرية الأعمال الفنية التي غالباً ما يتم العمل عليها والادّعاء على أنّها تخدم قضايا المرأة، والمرأة منها كلها براء.

رائع هذا اللقاء الفني القيّم.. نعم صورة المرأة يجب أنْ تكون أفضل على الشاشتين، خصوصاً أنّنا في عصر الفضائيات وأكبر نكتة تُروى هنا، هي عندما يُقال لفيلم أو مسلسل بأنّه ممنوع من العرض أو البث، بينما كل الطُرُق مُتاحة لمشاهدة هذه الممنوعات، ومن دون جهد كبير إطلاقاً.

المرأة في كل تلاوينها وصورها وميادين حضورها لم تطل بعد عبر الشاشتين، مع إنّ الإمكانات  المتاحة من كل الجهات تفتح الباب رحباً لقول كل شيء والدلالة على كل تفصيلة

هذا الواقع يفترض خطة كالتي كانت تُعتمد أيام كانت السينما ذهبية، وحين كان المنتجون يجمعون الكتّاب المحترمين ويبلغونهم «نريد سيناريوهات هادفة، عودوا إلى الآيات الكريمة، خذوا عبرة كل آية وقوموا بصياغة درامية اجتماعية حولها، ومن ثم فلتكن الخاتمة الآية نفسها»، وها هي أفلام الأمس عاشت، أثّرت، ولم تستطع السنون محو أثرها أو إنهاءها.

خطوة المجلس القومي للمرأة نموذجية، ودليل تحمل مسؤولية رفيعة لها مدى المجتمع كله، فالمرأة التي يقولون بأنّها نصف المجتمع، هي أيضاً أنجبت النصف الآخر، يعني هي كل المجتمع.

حدث

«كان 67» يُفتتح بعد غد بـ «غريس دو موناكو» والعرب تمثّلهم موريتانيا

صوفيا لورين تُعطي درساً في السينما.. والنساء أكثرية أمام وخلف الكاميرا

بعد غدٍ الأربعاء تُفتتح الدورة 67 من مهرجان كان السينمائي الدولي بفيلم «غريس دو موناكو» (عرضتُ له مفصّلاً منذ أيام) ويستمر حتى 25 من أيار/ مايو الجاري، ويترأس لجنة تحكيمه المخرجة النيوزيلندية جين كامبيون، وفي عضويتها كارول بوكيه، صوفيا كوبولا، ليلى حاتمي، جون دو بون (ممثلة - كوريا الجنوبية)، ويليام دافو، غايل غارسيا بيرنال (المكسيك) جيازهانغ كي «مخرج - الصين) نيكولاس ويندنغ ريغن (الدانمارك).

صوفيا لورين النجمة الخالدة تحضر في كان 2014، وتُلقي درساً في السينما حيث تستعرض تجربتها والمصاعب التي جرت بها في حياتها المهنية، وتترأس المخرجة نيكول غارسيا لجنة تحكيم الكاميرا الذهبية، ويترأس تظاهرة «نظرة ما» المخرج بابلو تيرابيرو.

ملصق الدورة لـ مارسيللو ماستروياني من مشهد في فيلم «الثامنة والنصف» لـفيلليني، الذي ظهر عام 1963.

المهرجان رمّم عدداً من الأفلام التي ستُعرض في هذه الدورة من الدورة من ضمن كلاسيكيات السينما:

- من أجل حفنة من الدولارات، لـسيرجيو ليوني.

- المترو الأخير، لـفرنسوا تروفو

- الفيلم التسجيلي: الحياة نفسها عن سيرة حياة الناقد الأميركي روجر آيبرت.

- باريس تكساس، لـ فيمر فانورز

- قصة شبان قاسية لـ ناغيزا أوشما.

- صدفة بحتة، لـ كريستوفر كيزلاوسكي.

العالم العربي يتمثّل في المسابقة الرسمية بالمخرج الموريتاني سيساكو بينما لم تحضر أفلام العالم العربي مشرقاً ومغرباً، إلا من خلال المخرج السوري أسامة محمد (ماء الفضة) والمصري عمر الزهيري (ماذا حدث في افتتاح دورة مياه في الكيلو 375؟!)

المسابقة الرسمية

18 فيلماً تتبارى على السعفة:

- وداعاً للغة (جان لوك غودار).

- سان لوران (برتران بنيولي).

- سيليس ماريا (أوليفيه أساياسد).

- خرائط نحو النجوم (ديفيد كرونبزغ كيندا).

- يومان ليلة واحدة (الأخوان داردين بلجيكا).

- ردهة جيمي (كن لوتس) (بريطانيا).

- فوكسكاتشر (بنيت ميلر).

- هوميسمان (تومي لي جونز).

- قيلولة شتاء (نوي بيجي جيلان - تركيا).

- مومي (كزافييه دولان - كندا).

- رهائن (آتوم أغوين - كندا).

- البحث (ميشال هازانافسيوس).

- نافذتان (ناومي كادازي - اليابان).

- السيد تورنر (مايك لايغ - بريطانيا).

- الأعجوبة (أليس روهرا ولمشد (ايطاليا).

- تيمبكتو لـعبد الرحمن سيساكو - موريتانيا) (له عنوان آخر: غضب الطيور).

- ايلاتوس سالفاريس (داميان شافرون - الأرجنتين).

- ليفياتان (أندريه زخياجنتسيف - روسيا).

إدارة مهرجان كان 67 تلقّت 3450 شريطاً قصيراً اختارت منها تسعة أفلام:

- (The administration of glory) للصيني ران هوانغ.

- (Ukhilavi sivrtseebi) للجيورجي وفي كولومبيجاهفيلي.

- (Hippo - in) (اليابان).

- (lei di) للكولومبي سيمون ميساسوتوا.

- (Som cu) للأذربيجاني سيريجي بيكالوف.

- (AISSA) للفرنسي كليمان تريهين لالانب.

- (A kive gzes).

- (Les corps étrangers) لـ لورا وانديل.

- (Ja vi elsker) لـ هلفار ويتز

مهرجان

«تيسّة 7» للأفلام الآسيوية والمغربية القصيرة

220 فيلماً من 58 بلداً بين 27 و31 الجاري...

في الفترة من 27 وحتى 31 أيار/ مايو الجاري ستقام الدورة السابعة لمهرجان الأفلام الآسيوية والمغربية القصيرة في تيسّة - إقليم تاونات (المغرب) وشعارها: السينما وحقوق الطفل، من تنظيم «جمعية نادي السينما والثقافة في المدينة»، ويرأسه عبد الرحيم بقلول يعاونه صلاح سرميني، وماغي أنور، الأول كمستشار والثانية كمنسقة عامة للمهرجان.

يعرض 220 فيلماً قصيراً من 58 بلداً.. ويتم تكريم الممثل والمخرج المغربي محمد مفتاح، والإعلامية مليكة الملياني، والناشط عبد الحميد الجناتي، وتقام ندوة بعنوان: السينما وحقوق الطفل.. ويتبارى في المسابقة:

- الأخوة لـ يوسف بريطل (المغرب).

- ستوديو بيروت لـ مختار بيروت (لبنان).

- سكراب لـ بدر الحمود (السعودية).

- ثلاثة سعداء لـ ايفان أوستينوف (روسيا).

- آغري والجبل لـ حسن سيرين (تركيا).

- (A City Fallen Asleep) لـ باباك غايم (إيران).

- مسودات لـ عبد الله شحادة (سوريا).

- (Nation Estate) - لاريسا منصور (فلسطين).

- (Boon rerm) لـ سواريوسبر أبابان (جورجيا).

- (Chok haunée) لـ كمال بهاتا (نيبال).

- (Puja Nights) لـ دانيال مارك جينز، وتانجيل شيد (بنغلادش - بريطانيا).

- (Mother) لـ نيرانجا نكومار كوجور (تايوان).

- قطن - لؤي فاضل (الإمارات - العراق).

- (Inside the third ring) - كينيث فانيستاين (الصين - سنغافورة).

- كليوباترا يالالا - هشام حاجي (المغرب).

- الرئيس الأخير - محمد جميل جالا (أفغانستان).

- إخوة 2- فوروفو تلاكشاي (تايلاند).

- (Departures) - وسيم طانيوس (لبنان).

- (A dream I saw) - ماسايوكي إنوي (اليابان).

- كاتا تونيا - كارين خوسروفيان (أرمينيا).

- بروكن - آميتدوبيبي (كمبوديا).

- طريق العودة - اهالا كيم (كوريا الجنوبية).

- لا تخليني - خالد المحمود (الإمارات).

- إسماعيل - نورا الشريف (الأردن/ بريطانيا).

- (Chidiyaudh) برانغال دوَّا (الهند). 

نقد

خدمة متبادلة بين أخوين ضابط بوليس ومجرم

على مدى ساعة وسبع دقائق لا تهدأ الكاميرا، ولا يهدأ عدد من الممثلين الذين يجسّدون أدواراً هي لهم فقط لشدة مطابقتها لشخصياتهم، عشنا لحظات ممتعة في التمثيل، والنص، وطريقة التصوير، والخاتمة الجميلة.

(Blood ties) شريط من العام المنصرم 2013 عرض لأول مرة في تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، رد ميزانيته ويزيد مليوناً في آذار الماضي خلال أسبوع عرض واحد فقط، أحداثه تدور في نيويورك عام 1970، وتحديداً في بروكلين، في اخراج لـ غيوم كانيه الذي كتب السيناريو مع جيمس غراي، جاك مايو، بيار شوسون، ايريك فينيارد استناداً الى رواية لـ برونو وميشال بابيت، عن شقيقين أحدهما ضابط بوليس ويدعى فرانك (بيلي غرودوب) وخارج على القانون يدعى كريس (كليف أوين)، وكلاهما يلعبان الدور بشكل رائع، وخصوصاً أن معهما ثلاث ممثلات مختارات خصوصا هنا: ماريون كوتيار (مونيكا)، ميلا كونيس (ناتالي) وزو سالدانا (فانيسا).

القاتل ومفتعل المشاكل أمضى حياته متنقلاً من سجن الى آخر، وعندما عاهد صديقته بأنه سيوقف كل ممارساته السابقة سعدت به، ووافقت على الارتباط به رسمياً، لكنه احتاج الى المال فسارع الى ترتيب عملية سرقة كبيرة وجنى مبلغاً جيداً من المال، لكن صودف أن شقيقه الضابط علم بالعملية وداهم المكان وأصاب كريس الذي كان مقنْعاً، وحاول جعله يستسلم فلم يمتثل، وهرب مع إصابة برصاصة في كتفه، استأصلتها له زوجته.

بالمقابل، فإن الضابط فرانك أحب زوجة أحد المجرمين، وتدعى فانيسا، ووقع في سحرها، وعمل على سجن زوجها وتفرّغ للعلاقة معها، وقد عرف بها الزوج عندما جاءت فانيسا تبلغه أنها ستتركه، فرفض رفضاً قاطعاً وهددها، وعندما يخرج الزوج من السجن يلتقي بالصدفة في أحد المرابع بـ كريس، وما أن يأتي على سيرة شقيقه حتى اندفع نحوه وأسقطه أرضاً بعدما ضرب وجهه عدة مرات بالحائط.

المشهد الأخير والمعبّر، وبعدما أوحى فرانك لـ كريس أن هناك من يريد القبض عليه، دهمت  قوة منزله فلم تجده، وعرفوا الى أين توجّه، وسرعان ما أوصل كريس حقيبة نقود لـ ناتالي وغادر يتعقبه رجال البوليس، وصودف عندما وصل الى محطة القطار أن شقيقه مارك مسافر مع فانيسا، ووراءهما زوج فانيسا يحمل مسدساً ويريد قتلهما، لكن كريس عاجله برصاصتين قاتلتين وأنقذه.

نظرة معبّرة تبادلها الأخوان في آخر مشاهد الشريط الجميل والصادق

اللواء اللبنانية في

12.05.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)