كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

المخرج محمد حمدي :

«سالم أبو أخته» يحترم الحارة الشعبية

كتب الخبرجمال عبد القادر

 

{سالم أبو أخته} هو التعاون الثاني بين المخرج الشاب محمد حمدي والفنان محمد رجب والمنتج السبكي بعد تجربتهم الأولى {محترم إلا ربع}. يقدم العمل الحارة الشعبية والمهمشين وما يتعرضون له من ظلم وقهر، كذلك يتناول فساد بعض رجال الشرطة.

عن هذه التجربة التقينا مخرجها محمد حمدي.

·        ما الذي جذبك إلى فيلم {سالم أبو أخته}؟

عندما قرأت العمل أعجبت به فوراً، لأنه يتناول المهمشين والحارة الشعبية من خلال شخصية بائع ملابس يعول أسرة وأحلامه بسيطة. ولكن بعض أصحاب السلطة والنفوذ، لأغراض خاصة وفساد في داخلهم، يمنعون البائع من تحقيق أحلامه والعيش حياة كريمة. نعم، تحمست عندما شعرت أن العمل بمثابة رسالة من المهمشين إلى المسؤولين بأن البعض يحلم بحياة بسيطة وكريمة، ولكن هناك من يعوق هذا. أضف إلى ذلك أن العمل يتناول الحارة الشعبية من دون تشويه، على عكس بعض الأفلام.

·        حمل الفيلم اتهاماً واضحاً للشرطة، هل تخشى من العواقب سواء بالهجوم أو المنع؟

يتحدث الفيلم عن النماذج السلبية في جهاز الشرطة التي تستغل قوتها وسلطتها لظلم البسطاء، فكل مهنة فيها الجيد والسيئ، فضلاً عن أن العمل تضمن أيضاً نماذج إيجابية مثل القائد الذي أمر بالتحقيق مع الضابط الفاسد ثم فصله من الشرطة، والضابط الشريف الذي تحول إلى محام للدفاع عن سالم في نهاية الفيلم. عموماً، تابعتنا لجنة من الشرطة منذ بداية التحضير للفيلم وحتى الانتهاء منه لإبداء الرأي وإعطاء الملحوظات، ولو أنها رأت تجاوزاً لكانت اعترضت عليه، وبالتالي لا حديث عن منع الفيلم أو الهجوم عليه.

·        هل ترى أن توقيت عرض الفيلم مناسب؟

رغم أنه من اختصاص المنتج وحده، فإنني أرى أن التوقيت مناسب جداً لأن التجاوزات لم تنته حتى الآن وستستمر لأن الشر موجود دائماً وعلينا مواجهته، والأفلام التي نصنعها تشكل إحدى وسائل المقاومة.

·        ظهرت شخصية أمين الشرطة المرتشي فجأة واختفت فجأة من دون مبرر درامي، لماذا؟

أمين الشرطة المرتشي نموذج لموظف فقير مرتبه لا يكفيه، ما يضطره إلى قبول رشوة لمواجهة التزاماته، وهو في الأساس شخصية ثانوية الهدف منها ومن الشخصيات الثانوية الأخرى تكملة أحداث في قصة البطل الرئيسة، ولو تتبعنا الخط الدرامي لها لأصبحت رئيسة هي أيضاً. بالتالي، نحتاج إلى مسلسل وليس فيلماً محدود المدة. عموماً، التركيز غالبا يكون على الشخصية الرئيسة {سالم أبو أخته}، والبقية شخصيات مكملة.

·        يتضمن العمل أغنية لكل أبطاله بلا مبرر درامي، هل السبب دعائي؟

يستعرض البطل من خلال الأغنية أحلامه، وجاء ترتيبها في الفيلم زمنياً.

·        تحول البطل من الفقر إلى الغنى كان مفاجئا ومن دون مبرر درامي، ما ردك؟

قصة الفيلم الرئيسة هي ما تعرض له البطل من ظلم وكيفية مواجهته. بالتالي، ثمة تفاصيل لا نتوقف عندها لأنها لا تخدم خط العمل الأساسي. وقد ظهر من خلال الفيلم أن الراقصة التي يعرفها ساعدته بالمال وهو نجح في التجارة بعد ذلك، أما تفاصيل النجاح فليست مهمة.

·        تعاني شخصية أخت البطل من إعاقة لا نعرف أسبابها.

الهدف من الإعاقة إظهار مدى معاناة البطلة وصعوبة الحصول على فرصة زواج، ما يدفعها إلى الموافقة على أول من يتقدم للزواج منها رغم اعتراض الأخ. و كما قلت، التفاصيل لا نتوقف عندها ولا نعطيها مساحة في العمل، لأن الأساس هو البطل وما يتعرض له.  

·        اختيار صافيناز في العمل سببه تجاري؟

أكيد، صافيناز نجمة ولها جمهور ومن المنطقي أن نستفيد من هذه الشعبية في ما لا يضر بالفيلم. وفي تاريخ السينما أفلام كثيرة استفادت من شعبية راقصات أو ضيوف شرف.

·        في النهاية ينتقم البطل من الضابط الفاسد ويقتله من دون اللجوء إلى القانون. هل من المنطقي تغييب القانون في عمل فني؟

النظام الذي يفترض عليه تطبيق القانون هو من غيَّبه وخالفه، ولا تنتظر من مواطن بسيط تعرض لكل هذا الظلم في عمله ودخل السجن ثم قتلت أخته أن يلتزم بالقانون، وقد ورد على لسان البطل: {لو خربت يبقى ع الكل لأنها مش هاتسيب حد}، وهذه هي رسالة العمل التي تقول بأن غياب القانون يبيح كل شيء.

·        إلى أي مدى نجحت أفلام الحارة والعشوائيات في نقل معاناة هذه المناطق؟

ثمة أفلام نجحت في نقل واقع سكان الحارة الشعبية والعشوائيات وأظهرت مدى معاناتهم وكم الإهمال الذي يعيشون فيه. لكن في المقابل ثمة أفلام  شوهت الحارة حينما أظهرت أنها مليئة بالبلطجة والمخدرات والجنس، لذا تعمدنا في هذا العمل أن نظهر الحارة كما هي: ناس بسطاء حتى في أحلامهم ورغم ذلك تجد من يفسد عليهم حياتهم وأحلامهم. وأؤكد أن العمل يحترم الحارة الشعبية ولا يتضمن أي لفظ خارج أو إيحاءات وكل ما ظهر في الأعمال التي تناولت الحارة بالسلب.

·        ما هي أصعب المشاهد التي قدمتها؟

الأصعب كان في مشاهد التصوير في العتبة والموسكي نتيجة الزحام الشديد وغياب الأمن وعدم تأمينه لطاقم العمل، لكن أهالي وبائعي المنطقة كانوا على مستوى المسؤولية.

·        ثمة إشاعات عن تدخلات المنتج في العمل إخراجاً وتأليفاً، ما ردك؟

السبكي منتج كبير وله خبرة طويلة في عالم السينما. نتفق على رؤية واحدة للعمل ثم تكون لي الحرية المطلقة، فضلاً عن أنه لا يتدخل في تقنيات السينما من إضاءة وتصوير وكادرات. عموماً، أنا سعيد بالتعاون معه.

الجريدة الكويتية في

06.05.2014

 
 

مصداقية السينما... أزياء الشخصيات في الواجهة

كتب الخبرهند موسى 

ما الدور الذي يؤديه منسق الملابس (الإستايلست) في الأفلام، وما أهميته؟ هل هو عنصر مكمل من عناصر العمل أم أنه أساسي ولا يمكن الاستغناء عنه؟ وما مدى تأثيره على مصداقية العمل؟ وماذا إن رفض الممثل الالتزام بتعليماته؟ وهل يتدخل المخرج في عمله؟

شهدت الأعمال السينمائية المصرية الأخيرة حالة من الجدل بشأن ملابس النجوم وتبرجهم؛ ففيما أشاد البعض بمصممة الأزياء في فيلم {فتاة المصنع}، كان لمنسق أزياء {حلاوة روح} نصيب في الهجوم على العمل، واعتباره مبالغا فيه نظراً إلى الملابس {الفاضحة} التي ارتدتها الفنانة اللبنانية هيفا وهبي ضمن الأحداث، وهو ما اعتبره البعض غير ملائم مع الشخصية التي تجسدها والبيئة التي تعيش فيها. بل إن البعض قال إنها من ضمن أسباب قرار رئيس الوزراء المصري بمنع عرض الفيلم في السينما، وإعادة تقديمه إلى الرقابة لإبداء رأي نهائي في شأنه.

توضح منسقة الملابس نيرة الدهشوري (ستايلست {فيلا 69}، {فتاة المصنع}، و{الخروج للنهار}) أن تحقيق المصداقية في أي عمل فني يتطلب من الممثل ارتداء ملابس الشخصية، وفقًا لطبقتها الاجتماعية، علاقاتها، وطريقة حديثها. مثلا، تتابع الدهشوري، إذا كان النص يشير إلى أنها شخصية غنية، وتحاول هي معرفة ما إذا كانت غنية بالوراثة أم أنها بذلت مجهوداً لتحقيق حلم الغنى، أم أنها نصابة. وذلك لاختيار الملابس المناسبة.

وتشير إلى أنها تطلب نسخة من سيناريو الفيلم الذي تعكف على تحضير ملابسه، لتبدأ تفريغ الشخصيات مع المخرج، ومن ثم يتبادلان الأفكار، ويرسمان صوراً عن أبطال القصة، وتضيف: {المتابع لفيلم {فتاة المصنع} سيجد أنه رغم كون جميع الفتيات في المصنع ينتمين إلى فئات عمرية مختلفة فإنني حرصت على وجود اختلافات بينهن، فملابس الفتاة التي لم تتزوج رغم كبر سنها تختلف عن ملابس الفتاة المحبة للحياة التي جسدتها ياسمين رئيس، لذا اشتريت ملابس من كل مكان في مصر مثل وكالة البلح، العتبة، الموسكي، حلوان، بولاق، والسيدة زينب.

ولفتت أيضاً إلى الملابس التي اختارتها لدنيا ماهر (بطلة فيلم {الخروج للنهار})، والتي يفترض أنها تخطت حاجز الـ 35 عاماً وتأخرت عن الزواج، فمع أنها جميلة فإن الدهشوري أصرت على تغييب عنصر الجمال عنها لتأكيد فكرة أنها غير متصالحة مع نفسها.

وذكرت أنها حينما تجد رفضًا من ممثل ما نحو اختياراتها للملابس، أو اقتراحاتها للماكياج فإنها تتعامل معه بذكاء كي لا تشتد الأمور، لافتة إلى أن الفنانات هن الأكثر تعليقاً ورفضاً لهذه الاختيارات، نظراً إلى رغبتهن في الظهور باستمرار بشكل جيد وصغيرات في السن.

{مهمتنا ليست سهلة لأنها أول ما يلفت نظر المشاهد في الشخصيات}، تقول مونيا فتح الباب، مشيرة إلى أنه عندما يُطلب منها وضع الأزياء المطلوبة للفنانين في أي عمل سينمائي فهي تبحث في حالات الشخصيات النفسية وعلاقاتها مع بعضها، مركزة في الوقت نفسه على موضوع العمل، وذلك لاختيار ألوان الملابس والماكياج الملائمة له، إلى جانب ألوان ديكور موقع التصوير، ما بين ألوان مبهجة توضح فرحة أو استقرار نفسي أو باهتة تشير إلى الكآبة والإحباط. كذلك تأخذ في عين الاعتبار شكل جسم الفنان، فربما اضطرت إلى إخفاء عيوب جسدية أو التركيز عليها وفقاً للأحداث.

حلّ وسط

تلفت فتح الباب إلى أن إبراز المراحل العمرية التي تمر بها الشخصية أحد الأمور الصعبة التي تقع على عاتق منسق الأزياء؛ إذ يكون عليه الالتزام بإطلالة معينة، مؤكدة أن المخرج يشاركها هذه الاختيارات حسب وجهة نظره، ويحاولان الوصول معاً إلى حل وسط بينهما بما يخدم العمل الفني ويرضي جميع الأطراف.

وتشير منسقة الملابس إلى ضرورة إقامة جلسات تصوير للممثل، ومتابعة الصور والحكم على النتيجة لتعديل التصوّر إن كان غير مناسب.

من جانبها تقول مخرجة {فيلا 69} آيتن أمين إن الاهتمام بمظهر الفنان الخارجي عملية مهمة للغاية، لا سيما أن ممثلين كثيرين يصرون على أن يكون مظهرهم جيداً بغض النظر عن الدور الذي يقدمونه، ضاربين بعرض الحائط ضرورة ارتداء ما يلائمهم وفقًا للدور كي تزداد نسبة مصداقيتهم لدى الجمهور.

ولكنها تؤكد أن جميع الممثلين الذين شاركوها {فيلا 69} استجابوا تماماً لما تتطلبه كل شخصية، من بينهم أروى جودة التي طلبت منها عدم وضع ماكياج على وجهها إطلاقًا سوى كحل وماسكارا خفيفة، وهكذا الحال مع باقي الممثلين، وذلك لأنها تهتم، كما أوضحت، بظهور جلد الفنان لأنه في النهاية إنسان عادي، ولأن الشكل المنمق يصنع مسافة وحاجزاً بين مصداقية الممثل وبين الجمهور.

وتتابع: {الممثل الذي لا يرتدي الملابس الملائمة لشخصيته لن يستطيع الدخول في حالتها والإحساس بها، لذا أعتقد أن جزءاً كبيراً من إجادة الممثل لأداء دوره متعلق بملابسه، ولم أر فناناً ارتدى ملابس بعيدة عن دوره ونجح}.

ولاقتناع آيتن بذلك عقدت جلسات تحضيرية مع منسقة الملابس نيرة الدهشوري لتحديد طبقات ملابس الممثلين من الداخل، مؤكدة أن أبطال {فيلا 69} تجاوبوا مع إرشاداتها، والمنسقة أيضاً، لا سيما أنها منحتهم مساحة من الحرية لوضع اقتراحات على أن تكون في صميم الشخصية.

المخرجة هالة خليل توافق آيتن أمين، مشيرة إلى أن كل عنصر في الفيلم يظهر في الصورة يساهم في نجاح العمل، وتضيف: {قبل الاتفاق مع المنسق على دوره، تكون لدى المخرج فكرة مبدئية عن مظهر شخصيات الفيلم، ثم يتحدث مع الإستايلست ويعرض له التصورات التي يراها مناسبة، ثم يتركه لفترة ويعود بتصورات أكثر تحديدًا يجرون عليها تعديلات عدة، حتى يتم الوصول إلى اتفاق جماعي}، لذا تعتبرها مهمة جماعية بينهما.

وتفضل هالة أن يشاركهما هذه المهمة مهندس الديكور، لأنه يصمم شكل المكان الذي تتواجد فيه الشخصيات، ولا بد من الاتفاق على الحالة اللونية التي يضعها مصمم الديكور مع منسق الملابس، لتبدو الصورة متكاملة إلى جانب الحالة الضوئية التي يضعها مدير التصوير. وفي النهاية يتفق المخرج ومنسق الملابس ومهندس الديكور ومدير التصوير على صورة الفيلم.

وتطالب هالة بوجود معهد لتدريس الماكياج، موضحة: {حتى الآن نحن متأخرون في هذا القسم، ونستعين غالباً بخبير ماكياج من الخارج، كما فعلت في فيلم {الراهب}، الذي توقف تصويره منذ فترة، إذ طلبت خبير ماكياج من إيران ولم يستطع الحضور، فاستعنت بخبير من رومانيا. وثمة من يستعين بخبراء من سورية وأميركا وفرنسا}.

وتذكر أن المعهد غير مكلف على الإطلاق لأنه لا يتطلب سوى الاطلاع على أحدث الأساليب في الخارج، أو جلب معلمين لتدريس الراغبين، أو إرسال الراغبين في التعلّم إلى الخارج لمتابعة دراسات عليا في هذا المجال، ليعودوا ويعطوا الدروس في المعهد. وتشير إلى أن معهد السينما كان يشتمل على قسم متخصص في هذا المجال قديماً.

الجريدة الكويتية في

06.05.2014

 
 

فجر يوم جديد: {أبواب الجحيم}!

كتب الخبرمجدي الطيب 

تصاعدت حدة التداعيات السلبية لقرار رئيس الوزراء المصري بحظر عرض فيلم {حلاوة روح}، وإعادته إلى الرقابة لتفحص موقفه لتُجيزه مرة أخرى أو تُصادره نهائياً، وحدث ما توقعناه عندما كتبنا، في هذه الزاوية، أن قراراً بهذا الشكل سيمثل عودة إلى الوراء وتهديداً سافراً لحرية الإبداع،  فضلاً عن أنه يعكس تغولاً من السلطة التنفيذية، ورغبة في توسيع رقعة الجهات الرقابية، فلا تصبح مقصورة على الإدارة العامة للرقابة على المصنفات، وإنما تتجاوزها إلى {الحكومة}، المؤسسات الدينية (الأزهر والكنيسة)، الجهات الأمنية و{المجلس القومي للطفولة والأمومة}!

كتبنا هذا في 21 أبريل الماضي، وقبل أن ينتهي الشهر خرج علينا وكيل الأزهر الشريف الدكتور عباس شومان ينتقد  فيلم {سالم أبو أخته} بحجة أن بطل الفيلم محمد رجب ظهر وهو يرتدي زي الشرطة وفي يده صحيفة {صوت الأزهر}، وأكد أن المشهد {يحمل إسقاطاً بأن الأزهر يرعى الاستبداد}، وأضاف: {يبدو أن ثمة هجمة فنية منظمة تشن ضد الأزهر الشريف، تتمثل في إنتاج مجموعة من الأفلام الخليعة التي تنتهك أخلاقيات المجتمع المسلم، وتثير الغرائز لدى الشباب والمراهقين، بالإضافة إلى استقدام الأفلام الأجنبية التي تنتهك الثوابت الدينية (يُنوه إلى فيلم {نوح})، واختتم بقوله: {بعد الفيلم الهابط الذي أوقفه رئيس الوزراء مشكورا (يُشير إلى {حلاوة روح}) علمت بأن فيلما آخر ربما من نفس درجته من التدني أو أكثر يُعرض الآن، يتحدث عن الاستبداد والظلم، وتظهر في صورة الإعلان المروج له في اليوتيوب جريدة {صوت الأزهر} في يد أحد الضباط المستبدين، وكأنه لا يوجد جريدة أخرى يمكن أن تظهر في يد هذا الضابط}.

مجدداً يتورط وكيل الأزهر، كأبطال واقعة فيلم {حلاوة روح}، في الحديث عن فيلم لم يُكلف نفسه بمشاهدته؛ فهو يقول: {علمت}، ويزعم أن الجريدة ظهرت في يد أحد الضباط المستبدين بشكل مُتعمد للإيحاء بأن الأزهر يرعى الاستبداد، ويُبالغ أكثر فيقول: {المشهد فيه إسقاط على أن الخلفية الثقافية للضابط يستقيها من منشورات الأزهر، وهو كذب وافتراء فالأزهر الشريف ضد الفساد والمفسدين أيّا كانت مواقعهم أو مراكزهم}، وينهي بقوله: {.. وليعلم من يسمون أنفسهم بالمبدعين أن الأزهر الشريف ليس غافلا ولا لاهياً، ولا يمكن أن يسكت على التطاول أو الزج به في ما لا يناسبه، وسيقف لهؤلاء بالمرصاد وسيلاحقهم بكل الوسائل المشروعة حتى يعلموا أنهم أدخلوا أنفسهم فيما لا قبل لهم به}!

عبث بمعنى الكلمة لأن وكيل الأزهر كان يستطيع، قبل أن يُصدر هذا البيان العنتري، أن يُشاهد الفيلم ليعرف أن البائع المتجول {سالم أبو أخته} انتحل شخصية الضابط، ولم يكن تابعاً للداخلية، ولم يكن مستبداً، بل هو أقرب إلى البلطجي، ومن ثم فإن جريدة {صوت الأزهر} في يد الضابط المزيف لا تعني مُطلقاً أنها منشورات يستمد منها ثقافته وعنفه، وربما يكون اختياراً بمحض المصادفة أو فيه قدر من السذاجة والعشوائية ليس أكثر!

فتح قرار رئيس الوزراء {أبواب الجحيم}؛ ففي أعقاب بث إعلان ترويجي للفيلم الجديد {بنت من دار السلام}، من تأليف طوني نبيه وإخراجه وبطولة راندا البحيري ورحاب الجمل، طالب عدد من أهالي المنطقة بسحب ترخيص العرض التجاري للفيلم بحجة أنه {يُسيء إلى كل بنت وكل رجل موجود في منطقة دار السلام}، وطالبوا بـ{محاكمة كل القائمين على العمل}، وتغيير عنوان الفيلم. كذلك هددوا بتدمير الصالات التي توافق على عرضه، والمفاجأة أن سيد خطاب مدير الرقابة الأسبق يُشارك في البطولة!

سقط الحد الفاصل بين الواقع والخيال، بدليل أن السكان، الذين لم يشاهدوا الفيلم لأنه لم يُعرض بعد، تبرأوا منه وكأنه جريمة شرف أو انتهاك عرض، وقعت أحداثها في منطقتهم، وفي خطوة تُهدد بفتنة أهلية قالت سيدة من سكان المنطقة إن الوقائع غير الأخلاقية التي يناقشها الفيلم لا تحدث في دار السلام {المُحافظة}، بل تقع، على حد قولها، في المناطق الراقية مثل المهندسين ومدينة نصر (وكأنها بؤر دعارة). وفي تصعيد للأزمة قام بعض شباب المنطقة بتدشين حملة على موقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بمحاكمة مؤلف العمل ومخرجه!

لا أبالغ عندما أرجع السبب في ما جرى من تطاول فج وفوضى أخلاقية وتمرد عبثي وانقلاب فظ على القواعد والأعراف المستقرة إلى رئيس الوزراء، الذي أحمله مسؤولية اختلاط الحابل بالنابل بعدما غادر منصبه ليمارس دور {الرقيب}، ما شجع البلطجية على تقمص دور رجال الشرطة، وأهدر المواطنون هيبة القانون، واستباحوا كرامة الوطن!

الجريدة الكويتية في

06.05.2014

 
 

«مراتي وزوجتي» عنصرية وصورة ذهنية تعكس غياب المسئولية !

مجدي الطيب 

• رامز جلال مازال يظن أن أفريقيا مجرد «حديقة حيوان مفتوحة» وهو «طرزان» الذي يصطاد بالرمح !

لم يحدث،يوماً،أن كرهت عملى بالنقد السينمائي مثلما كرهته في اللحظة التي انتهيت فيها من مشاهدة فيلم «مراتي وزوجتي»؛فقد أيقنت أننا نحرث في البحر،وأن الأفلام الصفيقة التي تعاني خللاً في بنيتها الفنية والفكرية ليست مقصورة على إنتاج «السبكي»،وإنما تجاوزته إلى شركات إنتاجية كنا نظنها، إلى وقت قريب،لا ترضى عن الاحترام بديلاً،وإذ بأفلامها تقع في هوة سحيقة من الترخص والفجاجة،ولا تطاول قامة السينما «السبكية» التي يكفيها فخراً أنها متسقة مع نفسها،ولا تكذب أو تتجمل ! 

يذخر فيلم «مراتي وزوجتي» بالكثير من السطحية والسخافة والادعاء والافتعال والزيف والتلفيق بحيث لا تصدق أنه أنتج في العام 2014؛فأفلام على شاكلة «عماشة في الأدغال» من إنتاج 1972 وتأليف عبد الرحمن شوقي وإخراج محمد سالم،كانت أكثر منه صدقاً ومنطقية وملائمة لوعي الجمهور في تلك الفترة بعكس الفيلم الذي كتبه لؤي السيد بمنطق القرون الوسطى،ولم يختلف الحال كثيراً مع الإخراج البليد،الذي لم أتوقعه من واعد لم أخف انحيازي له ممثلاً ومخرجاً هو معتز التوني !

"التتر" .. وكفى !

العجيب في الأمر أن «تتر» الفيلم،الذي تم تنفيذه من خلال فن التحريك،أوحى بأننا مقبلون على وجبة فنية وفكرية دسمة،تحمل تحذيراً من خطورة تشييد أبراج الهواتف النقالة (المحمولة)،وتأثيرها الضار على البشر والحيوانات والبيئة والطبيعة،وهو المعنى الذي تأكد مع ظهور المهندس «حسام» ـ رامز جلال ـ الذي يعمل لحساب شركة «سيجنال تل» ،وتخصص مع صديقه «هاني» ـ إدوارد ـ في بناء الأبراج،وتم تكليفهما،بواسطة مدير الشركة ـ سامي مغاوري ـ للسفر إلى إحدى الدول الأفريقية (اختار لها الكاتب اسماً وهمياً) لبناء محطة استقبال،لكن سرعان ما نكتشف أننا وقعنا في براثن تمثيلية درامية سخيفة لا تخلو من بلادة فنية؛فالكاتب لؤي السيد،الذي كتب للسينما من قبل أفلام :«غش الزوجية» (2012)،«مفيش فايده» (2008)،«رامي ألاعتصامي» (2008) و«حبيبي نائماً» (2008) لم يقنع بأن فكرة كهذه يمكن أن تصنع فيلماً جميلاً ومهماً،بحق،فما كان منه سوى أن نسج «حدوتة خايبة» حول «حسام»،الذي يعاني مشاكل في حياته الزوجية،بسبب انشغال زوجته «فريدة» ـ شيري عادل ـ بوضعها الاجتماعي،وانصياعها التام لأمها «لطفية» ـ رجاء الجداوي ـ التي تود لو أصبح زوج ابنتها نسخة من زوجها الضعيف «فايز» ـ حسن حسني ـ وإهمالها ـ أي «فريدة» ـ لبيتها،وزوجها،في غمرة لهاثها المحموم،ورغبتها الذاتية في الفوز بمنصب أمين عام جمعية الأسرة السعيدة !

انشغل المؤلف بقضية انشغال الزوجة عن زوجها،التي استهلكتها مئات الأعمال الفنية،وآخرها فيلم «غش الزوجية»،الذي كتبه لرامز جلال أيضاً،وتجاهل أو كاد ينسى قضية «أبراج الهواتف»؛فالبطل يصل وصديقه إلى الدولة الأفريقية،بعد 12 حقنة تطعيم وكأنها دولة موبوءة، وبخلاف المشاهد الطريفة للسائق الأفريقي الذي يقود السيارة والطائرة الشراعية والسيارة الجيب التي تقودهما إلى فندق القرية، ويُعاقر الخمر،ويتعاطى المخدرات،أثناء القيادة،يرتكب المؤلف خطأ فادحاً تتحول بمقتضاه مشاهد أفريقيا إلى مادة خصبة للسخرية من أفريقيا «السوداء»،وفرصة للتندر من جهل أهلها،وتخلفهم؛فباستثناء بعض لقطات عابرة للسحر الأفريقي متمثلاً في الصحارى والغابات المفتوحة،التي لم تحتل أي قدر من تفكير المؤلف،ومن بعده المخرج،بدا الاهتمام كبيراً بالقول إن الطائرة كانت تُقل الماعز والدواجن جنباً إلى جنب مع البشر،كما تم اختيار منطقة الجوازات في أرض فقيرة تفتقر إلى الإمكانات بشكل يدعو الركاب إلى قضاء حاجتهم في العراء لكن السخرية انقلبت إلى عنصرية بغيضة مع وصول البطلين إلى القرية؛فالخوف مُبالغ فيه من عطس وسعال موظف الاستقبال،وكأنه يحمل فيروساً خطيراً،وعندما يكتشف البطلان أن حجرة الفندق من دون تليفزيون أو تليفون يقول «حسام»:«احمد ربنا إن فيها سراير»،وبدلاً من استثمار حدائق الحيوان المفتوحة،على غرار ما حدث في فيلم «أفريكانو»،في تقديم الجانب الجميل لأفريقيا،يسقط الفيلم في الهاوية،بإصراره على تصوير مشاهد مقززة للأفريقي ذو الرائحة العفنة،الذي يلتقيه «حسام» صباح كل يوم في «التواليت»،ويُصدر كل أنواع الأصوات القبيحة من مؤخرته أثناء برازه،وهو المشهد الذي استهوى المؤلف والمخرج،ومن ثم تعمدا تكراره بفجاجة ! 

عنصرية بغيضة

لا أعرف سبباً لتورط الفيلم في هذه العنصرية البغيضة،التي تعكس غياباً ملحوظاً للمسئولية،وإصراراً على بث الفتنة بيننا والأشقاء الفارقة في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى لم الشمل،ونبذ الفرقة،وإجهاض المؤامرات التي تُدبرها جهات مشبوهة للإيقاع بين أبناء القارة،وتأجيج الكراهية بينهم،وهو الهدف الذي نجح فيه المؤلف لؤي السيد والمخرج معتز التوني،ومعهما رامز جلال الذي يملك ولعاً فطرياً للسخرية،وقدراً ملحوظاً من السادية؛فالفرصة كانت مهيأة،للجميع،لتقديم الجانب الآخر للأفريقي المعاصر بعيداً عن تكريس الصورة الذهنية المُنفرة،التي روج لها الاستعمار،عن الأفريقي «الأسود»،الذي يأكل لحوم «الأبيض»،كما حدث بالضبط في فيلم «مراتي وزوجتي»؛فالبطلان يقعان في المصيدة،بسبب الحرب الأهلية بين القبائل،ويتم تعليقهما كالذبيحة تمهيداً لشيهما والتهامهما،لكن الفتاة الأفريقية «مجيدة» ـ تومبيلو جوالاـ التي ترافقهما في منطقة العمل،تنجح في إنقاذهما كونها ابنة زعيم القبيلة،والفتاة الوحيدة التي درست في الجامعة،وتصبح الفرصة مهيأة لتقديم ذات الطقوس التقليدية الساذجة التي لم تعرف السينما المصرية المتخلفة غيرها؛حيث يتصدر زعيم القبيلة المكان الذي تتوسطه النيران،بحجة الاحتفال بالعيد السنوي للقبيلة،وكأنه العيد الوطني للدولة،وتُنحر الذبائح،ولا تتوقف العاريات عن الرقص،بينما يغطي الريش أجساد ورؤوس الرجال،وعلى غير توقع،ولا مبرر،يُعلن زعيم القبيلة عن مسابقة لاختيار الرجل الأقوى،وبعد جولات أقرب إلى مسابقات «تلي ماتش» ينتصر الأبيض «حسام» على الأسود «أوتوبونج»،وتحت مفعول الخمر يفقد «حسام» وعيه،ولما يستيقظ هو وصديقه نكتشف أنهما عاريان،على الطريقة الأفريقية،على متن الطائرة التي تُقلهما إلى مصر،وفيها تتكرر السخرية،بوقاحة،من هيئتهما الأفريقية !

أفريقيا .. والمجتمع المخملي

هكذا جاءت صورة القرية الأفريقية،التي لا نعرف مدى حاجتها إلى «برج هواتف نقالة» في ظل معاناة أهلها من الفقر والعوز والمرض إلا إذا كان الهدف،مرة أخرى،هو الحط من شأن الأفارقة،واتهامهم بالخبل،وتجاهل الأولويات،والدونية التي كانت سبباً في إصرار زعيم القبيلة على تزويج ابنته «مجيدة» من «حسام» كي لا ترتبط بابن القبيلة «أوتوبونج»،الذي يكرهه،ربما لأنه أسود (!) ولم يوافق على العفو عن ابنته،وإعادتها إلى القبيلة إلا بعد أن حصل على "أي باد" انبهر به،وهاتف محمول تشبث به،في بلاهة منقطعة النظير توحي بأن إخضاع «الأفريقي» بالرشاوى،مهما كانت تفاهتها،سهلٌ للغاية ! 

هذه الذهنية الاستعمارية المريضة خيمت على ما يقرب من نصف أحداث الفيلم ثم استمرت،بشكل آخر،من خلال حبكة أكثر سذاجة واستفزاز مع عودة «حسام» إلى مصر،واستمرار خلافاته مع زوجته «فريدة»،التي لا تعرف كيف تطهي البيض، وتُصر على دحر غريمتها،وابنة غريمة أمها،لتنتزع منصب «الأمين العام» للجمعية،وتدفعك إلى كراهية هذه المجتمعات المخملية التي تعيش حياة مرفهة،وتؤرقها هموم ومشاكل لا تعني أحداً؛فالزوجة المُدللة أعدت بحثاً عن «علاقة شخير الزوج بالطلاق» وآخر عن«هيفاء سبب طلاق الزوجات»،وتؤجل الإنجاب،بناء على طلب أمها،وتذهب،معها،إلى كوم حمادة لتلقي محاضرة عنوانها «الأسرة السعيدة بين الحقوق والواجبات» تنتهي بالاعتداء عليهما،فالانفصال واضح بين أبناء هذه الطبقة، والمجتمع من حولها،وربما لهذا السبب اختار المؤلف أن تسكن الزوجة، وأمها،مجتمعاً منعزلاً يُطلق عليه «كمبوند»،لكن أحد لا يمكنه أن يجد مبرراً للصراع الضاري على المنصب التافه،بحيث ينغص حياة الزوجين،ولا سبب معقول لكراهية الأم لابن زوجها،وانقياد ابنتها لها،وضعف شخصية الأب الذي كان محامياً مشهوراً؛فالافتعال واضح،والتلفيق مستمر من مشهد إلى آخر، والحيلة التي لجأ إليها المؤلف بالقول إن البطل «حسام» فوجئ بأنه تزوج «مجيدة» تحت تأثير الخمر،وجاءت إلى مصر لتحصل على حقوقها الشرعية،لم تك سوى حيلة ساذجة لا تخلو من بلاهة؛فالزوجة لا تستحق،مُطلقاً،التأسي عليها أو طلب الصفح منها،والزوج الذي تلقى من الاهانات ما يكفيه دهراً ليس في حاجة للإحساس بالذنب أو الشعور بأنه أجرم في حق الزوجة المُدللة،وأمها المُتغطرسة،وهو ما يدفعنا إلى التأكيد أن ثمة خطأ درامياً كارثياً في الجزء الخاص بوصول الزوجة الأفريقية إلى مصر،واستدعاء «حسام»،بواسطة «سلطان بهنس» ـ يوسف عيد ـ المستشار القانوني للسفارة الأفريقية،والسفير الأفريقي،بالإضافة إلى ممثل الخارجية المصرية؛فالفجاجة والتهريج بلغا ذروتهما عبر الحوارات الركيكة،والحجج الرخيصة، وتبادل الاتهامات التي تفتقر إلى الأسانيد القانونية،ولا يغيب عنها «الاستظراف» السخيف؛فالعقد (قسيمة الزواج) تم توقيعه على جلد أرنب (عودة لاتهامات التخلف !)،والدولة الأفريقية تُهدد بفسخ عقدها مع شركة الاتصالات المصرية بحجة أن موظفاً بالشركة ترك زوجته من دون أن ترافقه إلى وطنه ! 

النهاية المتوقعة 

جاءت النهاية السعيدة متوقعة،لكنها لم تنجح في محو السقطات والهنات التي امتلأ بها الفيلم،وعلى رأسها الموسيقى التصويرية (عمرو إسماعيل) التي خلت من الابتكار،وفشلت في موائمة الطقوس الأفريقية،وبدلاً من توظيف الآلات الموسيقية الأفريقية استعان بالمزمار البلدي،وبنفس الدرجة من الإزعاج جاءت المؤثرات التي أرادت الإيحاء بأصوات الطبول والحيوانات،ولم تترك سوى الضجيج . أما الجمل غير المفهومة التي جاءت على لسان الأفارقة فتحتاج إلى شريط ترجمة لكن المفارقة المثيرة أن الوجوه الأفريقية،مثل تومبيلو جوالا،التي جسدت شخصية «مجيدة» ومعها «أوتوبونج»،وزعيم القبيلة،كانت أكثر إقناعاً وقبولاً من : رامز جلال،شيري عادل،إدوارد،حسن حسني،يوسف عيد،فيفي السباعي ورجاء الجداوي الذين غلب على أدائهم الافتعال والمبالغة،وضاعت محاولات رامز جلال لابتكار «إفيهات» كوميدية تنقذ الفيلم من الغرق،والمصير السيئ الذي ينتظره،برغم طرافة بعضها،بالإضافة إلى طُرفة السيناريو التي تمثلت في قيام الأسد بإيقاظ نزلاء الفندق ! 

أزمة فيلم «مراتي وزوجتي» ـ في رأيي ـ تكمن في السيناريو الذي كتبه لؤي السيد،واتسم بالكثير من الارتباك،والتكرار الباعث على الملل (مونتاج معتز الكاتب)،والحذلقة (مشهد سقوط العائلة في حمام السباحة) لكن أخطر اتهام يُمكن أن يوجه إلى كاتب السيناريو بأنه عنصري ارتكب جريمة التمييز العرقي،وعمد إلى تكريس صورة ذهنية خاطئة حيال مجتمع ما،مُعتمداً على صور نمطية وتعميمات في غير محلها.ومع هذا فإن صدمتي كبيرة في المخرج الشاب معتز التوني،الذي قدم عام 2010 فيلمه الأول «سمير وشهير و بهير»،وتوقعت أن يحقق إنجازاً أكبر في فيلمه الثاني،لكنه لم يفعل،وباستثناء نجاحه في توظيف العدسات (مدير التصوير نزار شاكر) لتشويه الشخصيات،عقب تعاطي رامز جلال للمخدر،وخفة ظل المشهد الذي أدى فيه دور سائق التاكسي،الذي أقل رامز وإدوارد من المطار،بعد عودتهما من أفريقيا،لم يكشف «التوني» عن إمكاناته،التي أعرفها، وموهبته،التي أثق أنه يملكها،ولغته التي ادخرها لسبب أجهله؛فالديكور (سامر الجمال) ومعه الستايلست (ريهام عاصم) قاما باستدعاء «الكليشيه» الثابت،والمتعارف عليه،عن الأفريقي الذي يعيش في كوخ،ويُخفي عُريه بالريش الملون،ويُلطخ جسده بالوشم،والأصباغ،ويُمسك بالرماح والحراب،وكأنه في صراع مستمر مع الطبيعة،في حين تلاشت هذه الصورة الذهنية،وتبدلت أحوال المواطن الأفريقي،حتى قيل إن أفريقيا في القرن الحادي والعشرين لم تعد أفريقيا التي يعرفها العالم،وهي الحقيقة التي لم تدركها السينما المصرية حتى يومنا هذا،ومازال يجهلها رامز جلال ظناً منه أن أفريقيا مجرد «حديقة حيوان مفتوحة» وهو «طرزان» !

جريدة القاهرة في

06.05.2014

 
 

مشاهدون منحوا الفيلم من 7 إلى 9 درجات

«ريو 2».. مكان الحب هــــو الوطن

عُلا الشيخ ـــ دبي 

في الجزء الثاني من الفيلم الثلاثي الأبعاد «ريو»، الذي يعرض حالياً في دور السينما المحلية، يقرر ريو مرافقة زوجته وأطفاله الثلاثة، إلى غابات الأمازون، بعد استقرارهم في ريو دي جينيرو، على أمل اللقاء بطيور من فصيلتهم، بعد أن اعتقدوا أنهم آخر الببغاوات الزرق. مغامرة شيقة ومليئة بالأغاني والرقصات البرازيلية، عاشها وتفاعل معها جمهور الصغار، فلم يمنعوا أنفسهم أن يرقصوا في قاعات السينما على وقع الموسيقى والأغنيات، بل وصل الحد ببعضهم الى البكاء بعد انتهاء الفيلم الذي ناقش أن الحب إذا وجد في أي مكان فهو الوطن، ومنحوه علامة راوحت بين سبع إلى تسع درجات.

الفيلم، كما الجزء الأول، من اخراج كارلوس سالدناها، وأدى أصوات الشخصيات فيه جاكلين آن هاثاواي، جيسي إيزنبرج، وجيمي فوكس.

ويظهر الببغاء الأزرق (ريو) وقد سيطرت على حياته وسائل التكنولوجيا، ويجلس مع عائلته، زوجته جويل وأطفاله الثلاثة في مدينة ريودي جينيرو البرازيلية، متآلفين مع البشر، يرقصون معهم ويغنون أغانيهم.

قالت مها فيصل، التي اصطحبت ابنتها ذات الأعوام الأربعة: «كنت سعيدة وأنا اشاهد ابنتي الصغيرة وهي ترقص على الموسيقى، فالأغنيات في الفيلم جميلة جداً»، مؤكدة «مشهد المنافسة في الغناء لاختيار المواهب كان من أكثر المشاهد تسلية»، مانحة الفيلم تسع درجات.

في المقابل، قالت ابنتها زينة إنها تسلت كثيراً وهي تتابع الفيلم، خصوصاً الضفدعة السامة فكانت مضحكة بالنسبة لها.

وقال يوسف مهنا (10 سنوات): «الفيلم جميل ومسلٍّ، وقاعة السينما كلها رقصت مع الأنغام والموسيقى»، مانحاً الفيلم ثماني درجات.

بدوره، أكد علي الظاهري (22 عاماً) حبه الشديد للأفلام الكرتونية، وقال: «الجزء الأول بالنسبة لي أفضل بالنسبة للقصة، لكن الجزء الثاني يناسب الأطفال فقط لحجم الأغاني فيه»، مانحاً الفيلم سبع درجات.

«ريو» الذي أصبح من سكان المدينة، يستخدم كل الوسائل التكنولوجية، من فرشاة أسنان تعمل على الكهرباء الى (الجي بي إس)، تماهيه التام مع المدينة جعله أبعد من حياة فصيلته من الطيور، خصوصاً أنه اعتقد أنه وعائلته آخر الببغاوات الزرق، لذلك يجب الابتعاد عن كل الأماكن التي تهدد حياتهم.

مرتضى عبدالله (10 سنوات): قال: «الفيلم جميل وفيه الكثير من المرح، لكني أحببت الجزء الأول منه أكثر، لأن قصته كانت أجمل، وقصة الفيلم مسلية، خصوصاً في ما يتعلق بالبشر الذين يقطعون الأشجار»، مانحاً الفيلم سبع درجات.

وقال معتصم غالب، الذي اصطحب أبناءه محمد وعلي وطه: «الفيلم جميل، ويحكي بشكل سلس معنى الوطن، والعائلة، دون الإسفاف بعبارات قد تزعج المشاهد الصغير»، مؤكداً «أنا أحرص دائماً على أن يشاهد أبنائي هذه النوعية من الأفلام، لأن فيها تربية وعلماً وفائدة»، مانحاً الفيلم تسع درجات.

أثناء مشاهدة الأخبار تنقلب حياة عائلة (ريو) رأساً على عقب، فقد ظهر على شاشة التلفاز أصدقاء (ريو) البشريين، الذين أنقذوه يوماً، وهم يحملون ريشة زرقاء، ما بعث الأمل في قلب زوجة (ريو) (جويل) أن عِرقهم مازال موجوداً، فقررت ان تذهب الى الأمازون كرحلة عائلية، ولتقترب أكثر من الحقيقة، يوافق (ريو) على مضض، لكن حبه الكبير لها يجعله يرضخ لرغبتها.

بالفعل يصدق حدس (جويل) وتلتقي والدها الذي اعتقدت أنه مات، وسرب كبير من الببغاوات الزرقاء، وبين حياة المدينة وحياة الغابة، يصعب على (ريو) التأقلم، ويصبح مدعاة لسخرية أهل الغابة، لكنه وبسبب حبه لزوجته وأطفاله يقرر الصمود، خصوصاً بعد أن عثر على ليندا وزوجها (من بني البشر)، وهم يحاربون أعداء البيئة.

الطفل مالك أحمد، الذي يبلغ من العمر خمس سنوات، قال «استمتعت بالفيلم واحببته كثيراً، خصوصاً شخصية الضفدعة السامة التي أحبت الطائر، كانت مضحكة، وكنت سعيداً أن ريو انتصر على الأشرار».

في المقابل، تأثرت هالة محمد (14 عاماً) من لقاء ريو وعائلته مع عائلة زوجته «الشعور بالأمان هو في حضن العائلة، وقد تأثرت كثيراً من المشهد»، مانحة الفيلم تسع درجات.

أخيراً يقود (ريو) قبيلته في حربهم على البشر الذين يقطعون الأشجار، ويساعدهم محبو البيئة ليندا وزوجها، يدافعون عن أشجارهم التي يأكلون منها الثمار، ويقف إلى جانبهم الببغاوات الحمر، وينتصرون في النهاية، ويقرر (ريو) عدم العودة إلى ريو دي جينيرو، لأن السعادة في وجه زوجته وأطفاله وحبه لهم هو الوطن بالنسبة له.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

الإمارات اليوم في

06.05.2014

 
 

«زي النهاردة»..

وفاة الفنان محمد الشرقاوي 6 مايو 1996

كتب: ماهر حسن 

ولد الفنان محمد الشرقاوي، في 16 يناير 1954، في قرية منشية رضوان بمحافظة الشرقية، واسمه الحقيقي محمد إسماعيل رشوان، وقد اختار لنفسه اسم محمد الشرقاوي اعترافًا منه بجميل قدمه محمد الشرقاوي.

قدم «الشرقاوي» أكثر من 12 مسرحية، و25 فيلما، غير المسلسلات الإذاعية والتليفزيونية كان أشهرها مسلسل «لا إله إلا الله»، ومسلسل «عمو فؤاد»، ومن أشهر مسرحياته «بختك يا أبو بخيت»، و«في انتظار مغاوري»، و«الملياردير»، و«افرض»، و«المخبر».

ومن أشهر أفلامه «سرقوا أم علي»، و«الكداب وصاحبه»، و«الأفوكاتو» مع عادل إمام، إلى أن توفي «زي النهاردة» في 6 مايو 1996 عن عمرٍ ناهز الـ42 عندما كان في صالون منزله وأصيب بسكتة قلبية.

المصري اليوم في

06.05.2014

 
 

السينما المستقلة فى مواجهة الأفلام التجارية

تحقيق: سهام العقاد 

فى السنوات الثلاث الأخيرة، تحديدا عقب ثورة يناير حقق تيار السينما المستقلة نجاحات ملحوظة على المستوى الدولى والمحلى، بعدما سادت موجة الأفلام التجارية، وسيطرت تماما على المشهد السينمائى، ولعل افلام السبكى أبرز مثال على هذا التردى.

تتسم السينما المستقلة بالتمرد على الأنماط السينمائية المتعارف عليها، وتعمل خارج الإطر الرسمية، وتبعد عن شركات الإنتاج الكبرى، وبالتالى فهى بعيدة كل البعد عن قيود السوق السينمائى..

وقد رأينا تجارب إبداعية مثيرة بميزانيات متواضعة، قدمها الشباب ليملأوا الحياة فنا وإبداعا بعيدا شروط السوق السينمائى المجحفة، كما أقبل علي السينما المستقلة أيضا العديد من كبار المخرجين أمثال محمد خان، ويسرى نصر  الله وغيرهم.

ما يشير إلى أن السينما المستقلة أصبحت أكثر انتاجا من حيث الكم والكيف، ما يجعلنا نتساءل هل يمكن أن تكون السينما المستقلة بديلا للسينما التجارية السائدة؟.

سينما مختلفة

يرى المنتج محمد العدل أن السينما المستقلة هي رافد مهم في صناعة السينما، وأن تشجيع السينما المستقلة سوف يحد من الافلام التجارية السطحية، مؤكدا أن المؤسسات الكبرى والموزعين فى مصر لا يتحمسان لدعم وتشجيع السينما المستقلة، وبالنسبة لاتحاد المنتجين المستقلين فهو يهدف الى وضع ضوابط لعملية الانتاج السينمائي، بحيث نصل الى سينما مختلفة عن النمط السائد، لذا يجب أن نشجع تجربة السينما المستقلة في مصر.

فى هذا الإطار نافش مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية مفهوم السينما المستقلة، والعديد من الإشكاليات والأزمات التى تواجهها.. طارحا ذات السؤال: هل يمكن أن تصبح السينما المستقلة بديلا عن السينما التجارية؟

الاستقلال الفكرى

حيث أكد المنتج محمد حفظى أن السينما المستقلة تعنى الاستقلال عن التمويل، الذى يفرض شروطا خاصة على محتوى الفيلم، وبالتالى يتحقق الاستقلال الفكرى المنشود، مشددا على ضرورة أن تتمسك السينم المستقلة بالحرية، دون أن تصنف بالمستقلة حتى لاتفقد شرائح من الجمهور، مؤكدا أن الكثير من النجوم يؤمنون بفكرها وتوجهها وهم على استعداد كامل للعمل والتعاون معها، مطالبا بزيادة دعم تلك النوعية من الأفلام، وأن تكون لها حصة من ميزانية وزارة الثقافة، خاصة أن التوزيع هو التحدى الأساسى فى تلك المعادلة.

أوضح المخرج محمد خان أن السينما المستقلة هى التى تكون مستقلة عن النظام الإنتاجى السائد، وهى لا تتعامل مع مؤسسات التمويل السائدة،   والسينما التجارية تتوجه إلى العمل التجارى لأنه مضمون الربح، فى حين أن السينما المستقلة لديها القدرة على التحرر من شروط النجم، كما لديها القدرة على التحرر الفكرى بلا أي شروط، من حيث التنفيذ عبر رؤية المخرج.

السينما الجديدة

فى حين يخشى المخرج السينمائى محمد كامل القليوبى أن يتحول تعبير سينما مستقلة إلى علامة تجارية، مفضلا تسميتها بالسينما الجديدة بدلا من المستقلة.

وأكدت المخرجة هالة لطفى أن جماهيرية الأفلام ترتبط ارتباطا وثيقا بسياق عام تتحكم فيه مجمل العناصر السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأن السينما المستقلة ترتبط إلى حد بعيد بالسيناريو، وفى الأغلب يكون المخرج هو الكاتب، كما أن فكرة الفيلم تقوم على التعاونية الانتاجية، فالأجور فى السينما المستقلة تتسم بالعدل، فالجميع له حصة حسب مساهمته فى الفيلم.. وترى أنه  يجب ألا تكون السينما المستقله على الهامش، ويجب ان تنتج أفلاما كثيرة لتصل إلى الجمهور، وتؤكد ضرورة تغيير القوانين حتى لايتكلف صانع العمل أموالا كثيرة بلا مبرر، وترى ضرورة تفعيل دور النقابات، وأن تكون هناك مسئولية جماعية من جانب النقاد وصناع القرار السياسى لتغيير تلك القوانين المعطلة.

مغامرة إنتاجية

قال الناقد السينمائي رامي عبد الرازق إن فيلم “كيلفتي” للمخرج محمد خان هو بداية الانطلاق للسينما المستقلة في مصر، ويرى أن صناعة فيلم مستقل في ذلك الوقت يعني أن تتخلى تماما عن فكرة وجود نجم بالمفهوم التجاري، وهو الذى يستقطب شرائح الجمهور التي أصبحت تذهب إلى السينما فقط كي تشاهده مستغلا ذلك في التهام الجزء الاكبر من ميزانية الفيلم، ومن خلال إطار درامي يطلق عليه”فيلم من الجلدة للجلدة” اي بطولته المطلقة.

كما يعني الإقدام على مغامرة إنتاجية بالتكاليف المتاحة عبر الانتاج الخاص، أو انتظار البيع للمحطات الفضائية وذلك من خلال الاستغناء عن اكثر العناصر المكلفة في العملية الانتاجية، بداية من الخام السينمائي بلوازمه من كاميرات وطاقم تصوير ضخم وتحميض وطبع، وتلجأ إلى وسيط أقل تكلفة وأكثر اتساقا مع حميمية التجربة على مستواها الدرامي والبصري وبذلك تكون قد تجنبت أثنبن من اكثر عناصر السينما التجارية تهديدا للابداع وهما النجم والخام.

ثقافة القطيع

أضاف أن صناعة فيلما مستقلا يعني التخلص من سيطرة المنتج والموزع الذي يريد ان يتدخل في كل تفصيلة تخص المقامات الوجدانية للعملية السينمائية .

ويتفق رامى مع المخرج والناقد محمد ممدوح فى أن “السينما المستقلة سينما ينتجها الأفراد على حسابهم الخاص أو عبر بعض المؤسسات المعنية وهي سينما مصورة بكاميرات الديجيتال، ودون هدف الربح للتعبير برؤية شخصية أو رأي خاص من خلال تجربة ابداعية حرة تماما ومستقلة لا ينال من حريتها او استقلالها اي عامل خارج التجربة الإبداعية ذاتها…ويكون المخرج الذي يصنع أفلاما مستقلة مسيطرا تقريبا على جميع عناصر عمله الفني كالسيناريو والتصوير و المونتاج فيما يقترب من مفهوم سينما المؤلف…أنها سينما تتعارض في أغلب افلامها مع تقاليد العملية السينمائية السائدة سواء عبر الأفكار المهيمنة او طريقة تقديم هذه الأفكار من خلال الخيارات الجمالية الخاصة أو مدة عرض الفيلم وطرق العرض بما يهدم سواء على مستوى الوعي أو اللاوعي الكثير من ثوابت السينما السائدة”.

الأهالي المصرية في

06.05.2014

 
 

خالد النبوي في "كامب ديفيد" علي أكبر مسارح أمريكا

واشنطن: أمل فوزى 

أن تشعر بالإنجاز ليس بالضرورة أن يكون إنجازاً منسوبا إليك شخصياً.. هذا ما شعرته تحديدا بعد حضورى لمسرحية كامب ديفيد التى تعرض فى الفترة من 21 مارس وحتى 3 مايو على واحد من أهم مسارح أمريكا وهو Arena Stage

كنت محظوظة أن أقف وسط جموع الجمهور الأمريكى المتنوع وأصفق معهم بحرارة لعرض رائع مثل كامب ديفيد، وأن أشهد بنفسى لحظة نجاح وإنجاز وفخر وتقدير (للسادات) .. الذى يحيى الجمهور فى نهاية العرض والذى خطف الأنظار والاهتمام خلال 100 دقيقة هى مدة العرض.. إن روعة هذا الإنجاز الذى شعرت به منحه لى، بل منحه للمجتمع المصرى - الفنان الرائع المجتهد والمثابر .. خالد النبوى .. الذى جسد شخصية السادات ببراعة مدهشة.. إنجازى هو أننى شاهدت ذلك العمل الإبداعى الراقى، وأننى شهدت لحظات نجاح فنان وممثل مصرى فى محفل عالمى مهم كهذا، هو فخر له يستحقه، وفخر منحه لمصر وللمصريين برقى بالغ.

إنه خالد النبوى.. الذى أنجز  «السادات» فى أمريكا.

بعد مرور 36 عاماً على معاهدة السلام واتفاقية كامب ديفيد قرر المؤلف المسرحى لورانس رايت فتح ملف توثيق كواليس الثلاثة عشر يوماً الحرجة التى دارت بين الرئيس السادات ومناحم بيجن برعاية الرئيس الأمريكى جيمى كارتر فى منتجعه الرئاسى لمحاولة الوصول إلى توقيع اتفاقية كامب ديفيد، ثلاثة عشر يوما لا نعلم الكثير عما دار فيها ومع مرور الزمن لا يتبقى من التاريخ سوى الحدث والنتيجة، ولكن توثيق التاريخ دراميًا وإبداعياً عملية شديدة التعقيد ويبقى الاختلاف الأيديولوجى تتوارثه أجيال، ولكن تبقى حقيقة واحدة أن الفن والإبداع كالسحر يمكنه أن يوحد كل الرؤى المختلفة والمتصارعة أيضاً تحت سقف واحد وبين أروقة مكان يحكمه قانون «الفن والإتقان والتناغم الإبداعى فى الأداء».

وهذا هو الإنجاز الذى حققه ذلك العرض الذى لقى تهافتا جماهيريا مذهلا على مدار 40 ليلة عرض بحفلات صباحية ومسائية بكثافة لا تقل عن ألف مشاهد يومياً .. شىء رائع ومدعاة للفخر أن يكون «خالد النبوى» الممثل المصرى المتمكن من أدواته والمطور لها بمنتهى الجدية والاجتهاد مجسداً لدور الرئيس السادات حاضرا ببراعة فى أدائه، فى توحده مع السادات، فى ثقته وهو يمثل شخصية تاريخية فى فترة سياسية شائكة، بلغة إنجليزية متقنة أمام جمهور غربى ووسط نخبة من أهم ممثلى ورواد المسرح الأمريكى مثل:  Ron Rifkinصاحب الجوائز العالمية والذى جسد دور مناحم بيجن، والذى كان بينهما مناظرة شديدة السخونة وصراع وجدال سياسى والذى هو جوهر النص ورغم المبارزة السياسية بين الشخصيتين، فإنه يثير دهشتك وإعجابك حالة التناغم التمثيلى المدهش الاحترافى بينهما.

رون ريفكين  Ron Rifkin الممثل الرائع ذو الأربعة وسبعين عاماً والذى التقيته سريعا بعد العرض وفى غياب خالد النبوى قال لى : «خالد ليس ممثلاً رائعاً فحسب لكنه من أجمل وأنقى البنى آدمين الذين قابلتهم فى حياتى» .. جميل هذا الممثل القدير الذى لم يكن مضطرا للحديث بهذا الصدق والحماس عن ممثل تعامل معه فى عمل مسرحى سينتهى بعد أيام سوى أنه شعر بذلك وأراد التعبير عنه، حتى فى غيابه، كم كنت سعيدة وفخورة وكأن ذلك الرأى والإطراء يخصنى شخصياً وكذلك حضور الممثلة الموهوبة «رينيه زيلوجر» فى كواليس المسرح وأنا فى انتظار خالد من الانتهاء من نزع «الماكياج» الذى يستغرق جهداً ووقتاً لعمله ثلاث ساعات قبل العرض يوميا. قالت: زيلوجر لى: لقد كنت مأخوذة بأداء خالد جدا على المسرح.. هو ممثل له حضور رائع!

هذه الشهادات الرائعة من ممثلين لهم قامتهم الفنية عن ممثل مصرى معروف باجتهاده وجديته والتزامه وعشقه للفن أشعرنى بالسعادة.. سعادة الإنجاز!!

لم تكن شهادات البشر وحدهم هى الدالة على أن خالد قد أنجز نجاحاً يستحق أن نعلم عنه فى مصر خاصة مع فنان مثله يفضل العمل فى صمت.

لكن أى صمت هذا عندما يتصدر بوستر وإعلانات المسرحية وعليها صورته مع رون ريفكين «مناحم بيجن» ومع الممثل الأمريكى ريتشارد توماس «جيمى كارتر»، والممثلة هالى فووت  «روزالين كارتر» فى شوارع واشنطن دى سى وفى محطات المترو وفى وسائل الإعلام الأمريكية.

أى صمت هذا عندما تكتب مجلة برودواى - أهم مجلة متخصصة للمسرح فى أمريكا، وكلنا نعرف ماذا تعنى مسارح برودواى فى نيويورك التى اشتهرت بعرض أهم الروايات العالمية والتى تظل على خشبة هذا المسرح لسنوات قد تمتد إلى عشرة أعوام. كتبت المجلة باحتفال نقدى رائع عن المسرحية وعن أداء الممثلين المتحدى وعن الفنان المصرى خالد النبوى الذى قدم شخصية معقدة مثل السادات بمثل هذا الأداء الاحترافى.

أى صمت هذا بعد أن كتب فى مجلة فورين بوليسى: ( كان خالد رائعا فى تجسيد الرئيس السادات، كان عاطفيا عند اللزوم وغاضبا عندما تحتاج اللحظة .. يكفى أنه يجعلك تحبه طول الوقت)!

أى صمت بعد أن كتب بيتر ماركس فى صحيفة الواشنطن بوست : (''النبوى'' يستحضر إنسانية السادات الحذرة بشكل مذهل).

أى صمت هذا وأصوات تصفيق الجمهور بعد نهاية العرض كانت تدوى إعجابا للعمل كاملاً وبدون تحيز لأحد سوى التحيز للمتعة وللجمال وللنجاح الراقى.

أى صمت هذا وأنت تسمع جمهوراً يثنى على المسرحية وينطقون اسم  «النبوى» فى سياق مدحهم وانبهارهم بتجسيده للسادات.

«التجسيد».. إنها مسألة لا تعتمد على كون خالد النبوى ممثلاً محترفاً فحسب، بل لأنه يعشق «التعلم» ويغوص فى دراسة الدور وكأنه الأول بالنسبة له، هذه الروح «الطازجة» تنعش الممثل خاصة عندما يتواجد فى منظومة متكاملة معتمدة على «العمل الجماعى الحقيقى»، استماع جاد للآراء بين كل فريق العمل، بروفات تستمر لشهور تعتمد على أن يتقن كل فرد مهمته ودوره وفق تخصصه، سواء كان ممثلاً، منتجا، إدارياً، فنياً.. فريق يعمل برؤية جماعية : كيف ينجح «عملنا الفنى»، وليس برؤية ذاتية: «كيف ينجح دورى فى ذلك العمل الفنى»!

الفرق كبير بين الرؤيتين!

مسرحية كامب ديفيد ليست سرداً للوقائع فحسب ولكنها كانت أيضاً - كما يصفها المؤلف المسرحى لوانس رايت دليلاً يقدم إلى كل الزعماء فى العالم أن السلام فكرة يمكن تحقيقها، ليست سهلة ولكنها غير مستحيلة.. وكيف ينتج السلام من وسط عداء، ولكن مصلحة الشعوب تبقى.. قد تختلف أو تتفق مع ذلك المنهج أو الرؤية ومعك كل الحق، فما يقوله «رايت» هى وجهة نظر، وقد نكون ضد اتفاقية كامب ديفيد، والمعروف أن النبوى نفسه ضد الاتفاقية.. لكنه يرى أن توقيت عرض المسرحية مهم للغاية، ففى وقت يحاول البعض تلخيص المجتمع المصرى بالعنف والإرهاب تلخيصاً جاهلاً، فمن المهم أن يعرف العالم التاريخ جيداً أن الشعب المصرى طالما كان شعباً ليس محباً للسلام فحسب، بل هو داعٍ للسلام وصانع له.

وقد وافق على أداء شخصية السادات عندما وجد النص متوازنا وعادلاً، لا يحمل فكرة تحيز ضد أو مع طرف معين، ولكنها كانت أشبه بالتوثيق، وكان رأيى الشخصى أثناء وبعد مشاهدة العمل المسرحى أن هناك انتصارا واضحا لشخصية السادات وإبائه ورفضه لتنازلات أو موافقة على ما يطرحه بيجين فى بنود الاتفاقية، وهذا هو ما حمس خالد وأضاف هو له فى كل تفاصيل أدائه لشخصية السادات، فى طريقة الكلام واللغة الجسدية، وهو ما قاله خالد فى وصفه لشخصية السادات فى النص وتناقش كثيراً مع مخرجة المسرحية «مولى سميث»، حيث وضع عنوانا فى تجسيده للشخصية  Dignity أى كرامة وعزة، وهذا الرسوخ كان واضحاً فى أداء خالد وثقته ممثلاً و«ساداتاً».

الفرق كبير وشاسع بين تقليد شخصية وبين استلهام روحها وموقفها ومشاعرها وأفكارها لتجسيدها وهذا ما أنجزه خالد.. الاستلهام والاستحضار لروح السادات، وهل هذا هو ما جعل السيدة جيهان السادات التى حضرت هى والرئيس الأمريكى كارتر افتتاح المسرحية فى أول يوم يبكيان من التأثر... تأثر أن التاريخ يعود ويجسد بمثل هذا الصدق بعد 36 عاماً.

تلقى خالد عروضا جادة وواضحة بالبقاء فى أمريكا والتمثيل هناك لكنه قال: «أنا موجود فى بلدى.. مستعد لأى دور أحبه وأحترمه ..سأحضر لأدائه وأعود».. أرى أن خالد أصبح مطلوباً كممثل له قيمته وحضوره فى سوق الصناعة الأمريكية السينمائية، وأضيف إليها هذه الأيام الفن المسرحى أيضاً، وهذا لا يأتى من فراغ وليس وليد الصدفة.. ولكنها الموهبة والدأب والاستمرارية فى الرغبة فى تطوير الذات لا الانشغال بها أو الانشغال بما يقوله الناس من أمور مستهلكة للإبداع وللروح وللإنسانية.

وما يميز خالد فى رأيى كفنان، أنه لا ينبهر بنقطة أو بمحطة بعينها فى النجاح، بل إنه يخشى من فكرة الاطمئنان والراحة بالنجاح، لأنها فى رأيه ستقود إلى منطقة «تراجع»، وربما يكون ذلك ما يجعله قد رفض الكثير من الأعمال التى عرضت عليه فى الفترة ما بين أول عمل يمثله فى هوليوود «مملكة الجنة» للمخرج العالمى ريدلى سكوت وبين مسرحية كامب.. ما يزيد على 38 سيناريو، لم يقبل خالد منهم سوى: «مملكة الجنة، المواطن، لعبة عادلة مع شون بن» وأخيراً يقف خالد متألقاً مشرفاً على واحد من أهم وأرقى المسارح الأمريكية فى العاصمة واشنطن.

وكما يقول : لست مضطراً للاشتراك فى فيلم أمريكى أرى فيه تحيزاً ضد الحقيقة، أو أن أقدم عملاً لا أرضى عنه ولا أشعره لمجرد أنه فى هوليوود.

هذه هى فلسفة خالد النبوى منذ سنوات الذى مازال يعرف أن يقول «لا» متسقاً مع نفسه ومع ما يريد أن يفعله فى الحياة، يرفض سيناريو لفيلم أمريكى، لكنه يفضل أن يسافر إلى محافل فنية فى أمريكا بعد الثورة ليقول فيها «مصر آمنة .. تعالوا إليها»، يقوم بمبادرات قد لا يعرف عنها الكثير لتشجيع السياحة فى مصر، فيدعو الممثل الأمريكى شون بن لتكون بادرة تشجيع للمواطنين الأمريكيين وللغرب بالقدوم إلى مصر، يتوقف خالد عن الاشتراك فى أعمال لا ترضيه، ويفضل أن ينتج على نفقته الخاصة حملة «مصر محدش يتحرش بها» ويهديها إلى القنوات التليفزيونية دون مقابل.. خاالد الذى يعتز ويقدر أنه ابن معهد الفنون المسرحية، والذى حظى بالتعلم فى مصر على يد أساتذة يذكرهم دائماً مثل دكتورة سميرة محسن، العظيم صلاح أبوسيف، المبدع يوسف شاهين، المخرج المسرحى جلال الشرقاوى الذى تعلم منه خالد الكثير فى تجربته معه فى مسرحية الجنزير، كل هؤلاء كانوا أمناء عليه وعلى موهبته، وكما يقول: (هم سبب فى تكوينى الفنى وفى وجودى هنا على خشبة المسرح الأمريكى).

أرى جيدًا أن النجاح له مفاتيح، ليست موهبة وحدها ولا مجهود وإمكانات، لكنها رؤية وعقلية ورغبة حقيقية فى النجاح المبذول له جهد مخلص.

الدليل البسيط على هذا عندما توجهت إلى  Arena Stage، حيث أحد أهم وأكبر مسارح أمريكا، فى العاصمة واشنطن  DC ذلك المجمع المسرحى الذى يضم خمسة مسارح، وفى كل مسرح يعرض واحد من أهم العروض، وأعداد غفيرة من البشر يتحركون بشغف فى الشارع المتجه إلى المسرح، وبمجرد دخولى إلى بهو المسرح شعرت بطاقة إيجابية، أدركت مصدرها.. إنهم البشر.. سواء جمهورًا رائعًا ومبهجًا، وكذلك عاملون يتمنون تقديم المساعدة لأى شخص، أذهلنى مشهد السيدة الأنيقة التى تتجاوز السبعين ومهمتها إرشاد الناس إلى مقاعدهم وعندما تحدثت إليها وجدتها شديدة الاعتزاز بتلك المهنة البسيطة التى منحتها فرصة مشاهدة أهم العروض والنصوص المسرحية العالمية مجانا، والأكثر دهشة أننى وجدت أن الطابع الغالب فى أروقة هذا المسرح أن من يقومون بتوصيل الناس وإرشادهم إلى مقاعدهم من كبار السن والذين بلا مبالغة يتجاوز الكثير منهم الستين والسبعين من العمر .. ابتسامتهم واستمتاعهم الحقيقى بما ينجزون دليل على أن النجاح والإنجاز ليس موضوعاً فردياً.

هذا الطرح هو نفسه الذى فاجأنى به خالد النبوى وأنا أتحدث معه عن فكرة النجاح والإنجاز فقال لى:  النجاح الذى أشعر به هو مجرد محاولتى أن أعمل الشغلانة بتاعتى صح، فأنا ممثل وأحترم مهنتى، وبنفس المنطق لو كل فرد أنجز مهمته ومهنته صح لحدث الإنجاز، لأن النجاح والإنجاز الحقيقى فى الفن هو «التكامل» من أجل إنجاز القيمة الفنية لعمل.. فالفن عمره ما كان عملاً فرديًا، فأنا لا أسعد بأن يمدحنى الناس لأداء دور اجتهدت فيه فى فيلم به مشاكل كثيرة.

أوافقه تماماً.. فالنجاح الفردى مهم ولكن قيمته لا تدوم إذا لم يكن متسقاً مع نجاح ومجهود منظومة متكاملة تسير على نفس مسار النجاح، وهنا يتحقق الإنجاز الجماعى الذى يحلم به خالد النبوى وجموع من المبدعين والثوار والمجتهدين والبسطاء فى مصر الذين تجمعهم رؤية واحدة لكن يعملون فرادى كل فى مسار منفصل .. ولكن لوقت لن يدوم كثيراً .. أو هكذا أحلم!

إنه الوقت الذى دائماً يراهن عليه خالد النبوى .. ذلك الرهان الذى تحدثنا عنه منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، وقالها لى صراحة: «أنا مراهن على الزمن والوقت».. وها هو يكررها لى خالد النبوى فى صباح يوم دافئ فى العاصمة الأمريكية واشنطن دى سى وعلى مائدة الإفطار.. أوثق جملته مرة أخرى وهو يقول: «الوقت بيصنع المعجزات والنجاح.. الوقت هو إللى بيصنع تاريخ الشعوب، والوقت بيصنع سيرة البنى آدمين .. أنا مش مستعجل .. المهم أن أنجز يومى وأنا أحترم إنسانيتى و«شغلانتى» ومبادئى والبنى آدمين .. وأنى «أتعلم»!

المصرية في

06.05.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)