كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

الخلط بين الخيال والواقع يهدد فنون الأدب وكل الفنون

بقلم: سمير فريد

٣٠/ ٤/ ٢٠١٤

 

عندما يسألنى سائل ما الذى جعل مصر تنتج الأفلام الروائية الطويلة منذ عام ١٩٢٧، وتصنع الألف فيلم التى تشكل «مدرسة السينما المصرية» من ١٩٥٣ إلى ١٩٦٣، وتنفرد بذلك عن الدول العربية الأخرى رغم تشابه الظروف التاريخية؟ تكون إجابتى ثلاثة أسباب محددة هى:

أولاً: وجود المسرح قبل نصف قرن من اختراع السينما، ويعنى ذلك وجود فن التمثيل الذى لا يمكن إنتاج أفلام روائية من دونه، وتطوره مع إنشاء فرقة رمسيس التى أسسها يوسف وهبى ١٩٢٣.

ثانياً: بداية المساواة بين الرجل والمرأة، والتى تشمل التمثيل، وقد كانت أول ممثلة مصرية على المسرح هى مريم سماط عام ١٩٠٧ من أقباط مصر، واعتزلت بعد سنوات قليلة لاعتراض الكنيسة، وكانت أول ممثلة مصرية مسلمة هى منيرة المهدية عام ١٩١٥.

ثالثاً: إحساس عموم الشعب المصرى بالقوة بعد ثورة ١٩١٩، وانتزاع الاستقلال السياسى من الإمبراطورية البريطانية فى ذروة قوتها وصدور دستور ١٩٢٣، والذى تصادف أن جاء بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون عام ١٩٢٢، ويشمل الإحساس بالقوة عدم خشية الجوانب السلبية فى المجتمع، والفصل بين الواقع المعيشى والخيال فى فنون الأدب وكل الفنون.

لا توجد دراما إلا بين رجال ونساء، وحتى عندما يكون التمثيل محرماً على النساء، يقوم رجال بأدوارهن، ولا توجد دراما إلا فى صراع الخير والشر، وليس بين الخير والخير الأقل كما يتصور من يريدون تحويل فنون الأدب وكل الفنون إلى وسائل للوعظ والإرشاد.

والخلط بين الواقع والخيال، أو العودة إلى ما قبل ثورة ١٩١٩ وربما ما قبل الدولة الحديثة التى أسسها محمد على منذ قرنين، ووصلت إلى ما وصلت إليه من تقدم فى عهد الخديو إسماعيل والخديو عباس حلمى الثانى، يهدد فنون الأدب وكل الفنون بما فى ذلك السينما بالانحدار على نحو غير مسبوق.

وأحدث علامات هذا التهديد من يقولون إن دور هيفاء وهبى مثلاً فى فيلم «حلاوة روح» يمثل «المرأة المصرية»!! وقد أخرج صلاح أبوسيف عام ١٩٦٦ «القاهرة ٣٠» عن رواية نجيب محفوظ «فضيحة فى القاهرة»، وفى هذا الفيلم يقوم حمدى أحمد بتمثيل دور محجوب عبدالدايم، الذى يقدم زوجته إلى الوزير حتى يترقى، ولم يقل أحد إنه يمثل «الرجل المصرى»، لأننا كنا لانزال نفصل بين الواقع والخيال.

وبغض النظر عن أن هيفاء وهبى تمثل دور امرأة جميلة ووحيدة يطمع فيها الجميع، وتقاوم الانحراف مقاومة شرسة طوال الفيلم وحتى النهاية، فهى لا تمثل المرأة المصرية إلا إذا كان محجوب عبدالدايم فى «القاهرة ٣٠» يمثل الرجل المصرى، وليس مجرد موظف أفقده الفقر كل شىء. الفنون خيال يا ناس.

 

امرأة جميلة فى مجتمع منافق

بقلم   سمير فريد

٢٩/ ٤/ ٢٠١٤

كانت سينما الأبيض والأسود فى تاريخ السينما المصرية، أو الألف فيلم التى أنتجت من ١٩٣٣ إلى ١٩٦٣، وتسمى الآن سينما العصر الذهبى أو سينما الزمن الجميل. من وجهة نظر النقد الأيديولوجى، ميلودراما تتضمن أغنيات ورقصات ولو كانت غير ضرورية من الناحية الدرامية، وإنما مجرد استجابة لحب عموم الجمهور للرقص والغناء.

وهكذا فيلم «حلاوة روح»، حيث يغنى حكيم فى حلم للشخصية الرئيسية «روح» التى تقوم بدورها المغنية اللبنانية والنجمة الشهيرة هيفاء وهبى. وحكيم هو ذاته الذى يشترك فى الأغنية السياسية الجماعية «تسلم الأيادى» التى أصبحت جزءاً من الصراع السياسى القائم فى مصر بعد ثورة ٣٠ يونيو. وفى «الأحلام» أيضاً يرى المراهق الذى يقوم بدوره كريم الأبنودى ببراعة «روح» تتقلب فى الفراش، ويوحى الفيلم بأنه يمارس الاستمناء مثل أى مراهق، ولا أدرى كيف يمكن اعتباره طفلاً عند البعض.

الفيلم عن امرأة جميلة فى مجتمع منافق فى حارة عشوائية هاجر زوجها للعمل فى الكويت، وبقيت وحيدة مع والدته، وكل الرجال يجدونها فريسة سهلة، ولكنها تقاوم حتى النهاية وتقرر العودة إلى قريتها بعد أن اغتصبت فى مشهد طويل عنيف، ولكن من دون عرى ولا جنس، ولا يمكن اعتباره مثيراً إلا لمن فقدوا إنسانيتهم مثل الرجل المغتصب.

وهناك خطوط درامية ثانوية لم يهتم كاتب الفيلم ومخرجه بها قدر اهتمامه بالشخصية المحورية، رغم قوتها الفائقة، مثل العلاقة بين الصبى المراهق ووالده القواد الذى قام بدوره باسم سمرة، ربما فى أفضل أدواره، والعلاقة بين «روح» وعازف الموسيقى الضرير الذى قام بدوره الممثل الكبير صلاح عبدالله، والعلاقة بينه وبين الراقصة المعتزلة التى قامت بدورها الراقصة الكبيرة نجوى فؤاد، والتى كان يعزف فى فرقتها أيام الشباب.

لا جديد فى القصة أو موضوع الفيلم «امرأة جميلة فى مجتمع منافق»، ففى عام ١٩٥٨ أخرج صلاح أبوسيف «الطريق المسدود» عن رواية إحسان عبدالقدوس، وقامت بالدور فاتن حمامة، وفى عام ١٩٧١ أخرج شفيق شامية «حادثة شرف» عن قصة يوسف إدريس، وقامت بالدور زبيدة ثروت، وفى نفس العام أخرج عادل صادق «شباب فى عاصفة» عن قصة سعد الدين وهبة، وقامت بالدور نيللى. وبينما تنجح المرأة فى المقاومة فى فيلمى أبوسيف وصادق، تستسلم وتصبح عاهرة فى فيلم شامية، الذى اشترك مصطفى محرم فى كتابته مع المخرج.

كانت هذه الأفلام الثلاثة، وهى مجرد نماذج من أفلام عديدة حول ذلك الموضوع، تعبر عن السينما السائدة فى عصرها، وكذلك «حلاوة روح» فى عصره. والأفلام الأربعة ليست من التحف أو الروائع بالتأكيد، ولكن من قال إن كل الأفلام أو كل إنتاج الفنون والآداب من التحف أو الروائع، ومن قال إن المستوى الفنى مهما كان ضعيفاً يبرر الحذف أو المنع أو إيقاف العرض!

 

الواقعية الوحشية فى السينما المصرية

بقلم   سمير فريد

٢٨/ ٤/ ٢٠١٤

السينما فى كل العالم وفى كل تاريخها، مثل كل الفنون، تتكون من أعمال كثيرة تنتمى إلى السينما السائدة، أو «التجارية»، والكلمة بين قوسين عن عمد، لأن ظلالها فى العربية تشير ضمناً إلى قلة القيمة، بينما ليست كذلك فى الإنجليزية، مثل كلمة تسلية، وأعمال قليلة تنتمى إلى سينما المؤلف، أو «الفنية»، والكلمة بين قوسين عن عمد أيضاً، لأن الكلمة تشير ضمناً إلى عظم القيمة، بينما القيمة لا تأتى لمجرد أن المخرج مؤلف.

ولا بد هنا من ملاحظة أن المخرج المؤلف ليس من يكتب سيناريوهات أفلامه بالضرورة كما هو شائع، فليس المقصود بالتأليف الفيلم على الورق بلغة الأدب، وإنما الفيلم على الشاشة بلغة السينما. وسامح عبدالعزيز من مخرجى السينما المصرية فى العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، الذين تخرجوا فى معهد السينما، وأخرج أول أفلامه عام ٢٠٠٥، وكلها تنتمى إلى السينما السائدة فى زمنه، ولكنه يحاول تجاوز هذه السينما فى العديد منها، مثل «الفرح» عام ٢٠٠٩، و«صرخة نملة» عام ٢٠١١ ليعبر عن رؤيته الواقع. والسينما السائدة فى زمن سامح عبدالعزيز سينما محافظة، أو «نظيفة» حسب الوصف الشائع فى إطار صعود الإسلام السياسى منذ تولى «آيات الله» الحكم فى إيران عام ١٩٨٠، أى سينما محجبة لا تعبر عن الفرد وعلاقته بالآخر والمجتمع والكون.

ولا ترفض هذه السينما التعبير عن الجنس والحرية والدين فقط، رغم أنها الأعمدة الثلاثة للدراما منذ المسرح اليونانى فى القرن الخامس قبل الميلاد، وإنما ترفض أيضاً تلامس الأجساد ولا حتى بالقبلات، وهذا حال كل أفلام سامح عبدالعزيز وغيره من مخرجى جيله، بما فى ذلك «حلاوة روح» الذى شاهدته فى عرض خاص بعد قرار الحكومة إيقاف عرضه وإعادته إلى الرقابة لمراجعة التصريح بعرضه.

وعندى أن أهم ما يميز سينما العقد الأول أو سينما ما قبل الثورة فى مصر ما يمكن أن نطلق عليه «الواقعية الوحشية» خاصة فى السينما السائدة، التى وصلت ذروتها فى تحفة خالد يوسف «حين ميسرة» عام ٢٠٠٧، و«إبراهيم الأبيض» إخراج مروان حامد عام ٢٠٠٩، ويندرج «حلاوة روح» تحت هذه الواقعية فى امتدادها بعد الثورة.

إنها واقعية تمزج بين المدرستين الواقعية والطبيعية فى الفنون والآداب، فالواقعية تعبر عن الواقع الاجتماعى والسياسى، والطبيعية تعبر عن الواقع الإنسانى الذى تحركه الغرائز، ويبدو الإنسان فى تلك الواقعية كأنه يعود إلى أصوله الأولى فى الكهوف.

«حلاوة روح» من أفلام السينما السائدة العادية، ويبدو أن كل مشكلته وكل مشكلة مخرجه وكاتب السيناريو (على الجندى) والمنتج محمد السبكى - أنهم من دون ظهير سياسى وإعلامى يدافع عنهم ويحميهم من الغوغائية، فما نجده فى الفيلم مما اعتبر «إسفافاً» عند البعض

أقل بكثير مما يوجد فى أفلام أخرى لنجوم وكتاب ومخرجين ومنتجين «كبار»، والكلمة بين قوسين عن عمد أيضاً.

 

مرة أخرى عن النقد السلفى

بقلم   سمير فريد

٢٧/ ٤/ ٢٠١٤

أثار مقال «صوت وصورة» الذى نشر عدد الأربعاء الماضى تحت عنوان «النقد السينمائى السلفى» العديد من ردود الفعل، ومنها ما يستحق التعليق، والمزيد من إيضاح موقفى من قضية قرار الحكومة بإيقاف عرض فيلم «حلاوة روح»، وأن تعيد الرقابة النظر فيه.

سأل أحد القراء، من دون أن يذكر اسمه: كيف تدافع عن فيلم لم تشاهده، وكيف تعتبر أن كل من لم يعجبه الفيلم ناقد سلفى؟ وسأل القارئ زميل المدرسة الثانوية العزيز محسن مصطفى: ما الذى تقصده بالنقد الحرفى والنقد الأيديولوجى والنقد الجمالى والنقد الدينى والنقد الفاشى والنقد السلفى، وإلى أى هذه الاتجاهات ينتمى النقد الذى تكتبه، أو أين تضع نقدك؟

لم أشاهد الفيلم، وأحاول مشاهدته بأى طريقة خلال هذه الأيام، ولذلك لم أعبر عن رأيى فيه كناقد، وإنما أعبر عن موقفى الرافض لقرار الحكومة أياً كان الفيلم لأننى أعتقد أن المنع والحذف ليسا من وسائل التقدم والتطور ورفع مستوى تذوق الفنون، ومن المؤكد أن عدم إعجاب أى ناقد بالفيلم لا يعنى بالضرورة أنه سلفى، فليس المقصود الناقد الذى يرى سلبيات فى السيناريو أو الإخراج أو التمثيل أو غير ذلك من فنون السينما، وإنما من يرفض الفيلم بسبب تناوله الجنس، أى بسبب موضوعه أو الأزياء التى يرتديها الممثلون.

أما عن النقد، فمن المعروف أن هناك نقد النقد فى السينما، كما فى كل الفنون والآداب، أى النقد الذى يتناول نقد النقاد، ولكن كاتب هذه السطور يفضل نقد الأفلام عن نقد النقاد، ويؤمن بحرية الناقد بقدر إيمانه بحرية الفنان وحرية المتلقى، عملاً بمقولة سارتر إن النقد لقاء بين هذه الحريات الثلاث، إننى ضد الناقد السلفى، ولكن مع حريته فى أن يعبر عن رأيه.

ورأيى أن هناك ثلاثة اتجاهات أساسية فى مناهج النقد، هى النقد الحرفى والنقد الجمالى والنقد الأيديولوجى (الفكرى) الذى يتضمن الدينى والفاشى والسلفى وكل الأيديولوجيات، الناقد الحرفى ينظر إلى الفيلم من حيث استخدام «قواعد» لغة السينما، تماماً مثل مصحح اللغة العربية، أو غيرها من اللغات، والناقد الأيديولوجى يقيس الفيلم بمدى اتفاقه أو اختلافه مع أيديولوجيته، أما الناقد الجمالى، أو ما يسمى أحياناً الشكلى، وهو خطأ شائع، لأنه لا انفصال بين الشكل والمضمون، فهو من يبحث عن مدى خصوصية الأسلوب، ومدى التحام الشكل مع المضمون، والنموذجى عنده أن يكون الشكل هو المضمون ذاته، وأفضل أن أترك الحرية لقارئ ما أنشره من نقد ليضعه حيث يريد وليس حسب ما أريد.

 

ولكن نجيب محفوظ لم يكن كاتباً محافظاً وإنما يؤمن بالديمقراطية

بقلم   سمير فريد

٢٦/ ٤/ ٢٠١٤

من بين المقالات التى نُشرت فى الصحافة المصرية عن وفاة الكاتب الكولومبى ماركيز لفت نظرى أن أربعة من أصحاب الأعمدة اليومية نشروا فى نفس اليوم، ومنهم اثنان فى نفس الجريدة، مقاطع من النص الذى كتبه ماركيز عندما علم أنه مصاب بمرض السرطان.

السبب أن الأربعة «دخلوا» على ويكيبيديا عبر النت ونقلوا عنها، ولم يذكر ذلك سوى واحد منهم، وبالطبع كانت الاستعانة بالمنشور على ذلك الموقع عن الكاتب لعدم توفر الوقت الكافى لكتابة العمود واللحاق بموعد طباعة الجريدة، وبعد أن أصبح العمود اليومى «رتبة» وليس نتيجة «طبيعية» لتراكم خبرة معينة تؤدى إليه.

ولفت نظرى أيضاً مقال الزميل عبدالله السناوى، وهو كاتب ناصرى، الذى يقارن فيه بين علاقة ماركيز بالزعيم الكوبى كاسترو والعلاقة بين نجيب محفوظ والزعيم المصرى جمال عبدالناصر، ولو كان أغلب الكتاب الناصريين مثل السناوى فى نقائه وتجرده لكان وضع الناصرية أفضل بكثير مما هى عليه فى الواقع السياسى، وكاتب هذه السطور ليس ناصرياً، ولكنه يجب ألا يصنف عدواً لها، وكل ما هناك أنه يحب الوطن أكثر مما يحب أى رئيس.

الناصريون المثقفون فى مأزق دائم بين ناصريتهم وبين تقديرهم لأدب نجيب محفوظ الذى كان معارضاً للناصرية، ولكن بالمعنى التاريخى الشامل، وليس بمعنى «الهجوم» على عبدالناصر، بل وكان بنفس المعنى مؤيداً للسادات عدو الناصريين الأول فى زيارته لإسرائيل، وتوقيع المعاهدة المصرية - الإسرائيلية.

ومقال السناوى أحدث تجليات ذلك المأزق، فهو يرى أن محفوظ على النقيض من ماركيز، كان كاتباً «محافظاً» فى علاقته مع عبدالناصر وموقفه منه، وليس «ثورياً» مثل ماركيز فى علاقته مع كاسترو وموقفه منه، والحقيقة التى يعرفها السناوى ويغض النظر عنها بدافع ناصريته أن محفوظ كان كاتباً ديمقراطياً من أبناء ثورة ١٩١٩ وعصرها الليبرالى من ١٩٢٣ إلى ١٩٥٣ الذى يقوم على تداول السلطة بين أحزاب، وضد حكم الحزب الواحد الذى بدأ عام ١٩٥٣، بعد أقل من سنة من ثورة عبدالناصر فى ٢٣ يوليو عام ١٩٥٢.

وقد عاش محفوظ عصر حكم الحزب الواحد من ١٩٥٣ حتى وفاته، واستطاع أن يعبر عن موقفه المعارض باستخدام الوسائل الثلاث التى قال عنها جويس فى رواية «صورة الفنان فى شبابه»، إنها الوسائل الوحيدة التى يبيح لنفسه استخدامها لانتزاع حريته فى التعبير، وهى «الصمت والدهاء والمنفى»، وبهذا المعنى لا يكون محفوظ محافظاً بأى حال، وإنما ثورياً بأعمق معانى الثورة، وهى أن الحرية هى الطريق إلى العدل.

 

اليوم يبدأ أهم مؤتمر عن السينما المصرية منذ ثورة يناير

بقلم   سمير فريد

٢٤/ ٤/ ٢٠١٤

يبدأ اليوم مؤتمر «السينما المصرية بعد ٢٠١١» الذى ينظمه قسم الفنون بالجامعة الأمريكية فى مصر، ويستمر حتى الأحد القادم، وذلك فى مقر الجامعة بوسط القاهرة، والمهدى إلى اسم المخرج الكبير الراحل توفيق صالح.

إنه أهم مؤتمر عن السينما المصرية منذ ثورة يناير إذ يلبى حاجة حقيقية لدراسة ومناقشة الوضع السينمائى بعد الثورة وليس فقط الأفلام التى عبرت عنها، والتى تتجاوز مائتى فيلم حتى الآن من الإنتاج المصرى وغير المصرى، سواء الطويلة أم القصيرة، الروائية أو التسجيلية.

يخصص اليوم الأول فى الخامسة مساء اليوم لتكريم اسم توفيق صالح فى ندوة يشترك فيها محسن ويفى وعرب لطفى ومحمد توفيق صالح، ويسبق الندوة كلمة لرئيس المؤتمر مالك خورى، ويعقبها عرض فيلم «المخدوعون» الذى أخرجه توفيق صالح فى سوريا.

غداً تحت عنوان «الدراسات السينمائية» تبدأ فى الرابعة مساء ندوة يشترك فيها على أبوشادى ومنى الصبان ومحمد كامل القليوبى، وفى السابعة والنصف ندوة ثانية يشترك فيها مالك خورى وعلى بدرخان وسعيد شيمى وتامر السعيد.

ويخصص يوم السبت من الحادية عشرة صباحاً لبحث الإنتاج السينمائى فى ندوتين الأولى يشترك فيها محمد العدل وجابى خورى ومحمد حفظى وكريم السبكى، والثانية يشترك فيها محمد خان وأمل رمسيس وهالة جلال وفى السابعة والنصف ندوة عن النقد السينمائى يشترك فيها وليد سيف وعصام زكريا وصفاء الليثى ومحمد الروبى.

وفى ختام المؤتمر يوم الأحد عرض لأفلام مختارة من الأفلام الأولى لعدد من المخرجين الكبار والجدد، وكل ما نتمناه ألا يقتصر المؤتمر على حلقات نقاش رغم أهميتها بالطبع، وأن يتضمن أبحاثاً مطبوعة، أو على الأقل أوراق عمل لموضوعات المناقشات، وهو المتوقع من مؤتمر تنظمه جامعة أكاديمية.

لقد طالب الناقد والباحث الكبير هاشم النحاس منذ أسابيع بضرورة أن تكون هناك جهة ما تجمع الأفلام التى أنتجت وتنتج بعد الثورة، وإتاحتها للباحثين من مصر وكل العالم.

ولعل الجامعة الأمريكية تكون هذه الجهة، وهى الجامعة الوحيدة فى مصر التى تعترف بالسينما والفنون كجزء من التراث الوطنى لمصر وكل البلاد.

 

اليوم إعلان برنامج مهرجان كان ..وأخبار سارة للسينما المصرية

بقلم   سمير فريد

١٧/ ٤/ ٢٠١٤

يعلن اليوم فى باريس برنامج مهرجان كان السينمائى الدولى الـ٦٧ (١٤ - ٢٥ مايو) فى المؤتمر الصحفى الذى ينتظره عالم السينما كما لا ينتظر أى مؤتمر طوال العام وكل عام. هناك أخبار سارة للسينما المصرية ستعلن فى المؤتمر، ولكن إدارة المهرجان تطلب من المخرجين الذين يتم اختيار أفلامهم عدم الإعلان عنها قبل إعلانها رسمياً.

هذه هى الدورة الأخيرة للناقد والباحث والخبير الفرنسى العالمى الكبير جيل جاكوب كرئيس للمهرجان، ولكنه سيصبح رئيساً شرفياً اعتباراً من أول يوليو، ويتولى مكانه بير ليسكور الذى انتخبه مجلس المديرين بالإجماع فى يناير الماضى.

وكان جيل جاكوب قد بدأ عمله فى المهرجان كمدير فنى عام ١٩٧٧، واستطاع أن يحافظ على مكانة المهرجان ويزيد منها طوال العقود السابقة.

لم يعلن المهرجان فى الشهور الماضية سوى عن فيلم الافتتاح، وفيلم افتتاح مسابقة نظرة خاصة، وعن رئيس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية ورئيس لجنة تحكيم نظرة خاصة، ورئيس وأعضاء لجنة تحكيم مسابقتى الأفلام القصيرة وأفلام الطلبة، ومغنيَّى حفلتى الافتتاح والختام الممثل الفرنسى لابرت ويلسون كما أعلن عن مشروعات الأفلام الـ١٥ الدورة العاشرة لاتيليه سينى فاونداشن، وليس من بينها أى مشروع عربى.

رئيس اللجنة هذا العام فنانة السينما النيوزلندية العالمية جين كامبيون، وهى أول مخرجة ترأس لجنة المهرجان الدولى الأكبر للسينما فى العالم، والمخرجة الوحيدة التى فازت بالسعفة الذهبية طوال تاريخه حتى الآن، وذلك عن فيلم «البيانو» عام ١٩٩٣. ورئيس لجنة نظرة خاصة المخرج الأرجنتينى بابلو ترابيرو. أما لجنة تحكيم الأفلام القصيرة وأفلام الطلبة فهو المخرج الإيرانى عباس كياروستامى، وعضوية المخرجين الفرنسية ناعومى لفوفسكى والبرازيلية دانييل توماس، والمخرجين التشادى محمد صالح هارون والنرويجى يواكيم ترير.

فيلم الافتتاح الأمريكى «جريس موناكو» إخراج الفرنسى أوليفيه داهان عن حياة الممثلة الأمريكية جريس كيلى، وتقوم بدورها نيكول كيدمان، والتى تزوجت الأمير رينيه أمير موناكو عام ١٩٥٦ فيما وصف بـ«زواج القرن» ويقوم تيم روث بدور الأمير. ويعرض الفيلم خارج المسابقة.

وفى افتتاح نظرة خاصة الفيلم الفرنسى «فتاة الحفل» أول فيلم طويل لثلاثة مخرجين وهم مارى أماشوكيلى وكلير بورجير وصامويل ثيس، كانوا زملاء نفس الدفعة فى معهد «فيميس» فى باريس، واشتركوا معاً فى إخراج أول أفلامهم.

 

اليوم مصرى أصلى فى دمنهور

بقلم   سمير فريد

١٥/ ٤/ ٢٠١٤

دينا الهوارى، ومحمد كرارة، وجون إكرام، وبيتر صمويل، ومافى ماهر، وأحمد كمال، وحسن البلاسى، وأحمد حامد، ومأمون عزمى، ويوحنا دومكى، ومروان عمارة، وإسلام كمال، وأحمد رشدى، وسالى أبوباشا، وآية العدل، ودينا عبدالسلام، وبهاء الجمل، وأحمد العسال، وسندس شبايك، وأحمد الغنيمى، ومحمد الوصيفى، وكريم شعبان، وعمروش، وعلاء مصباح، وندى رياض، وهند مضب، وبيل كودى، ومينا مجدى، وشادى الحكيم، وليلى سامى، وسهيلة بانو.

أسماء غير معروفة، ولكنهم يشتركون فى صناعة مستقبل السينما المصرية، ومنهم سيكون نجوم الغد من السينمائيين. إنهم مخرجو الأفلام المصرية القصيرة الروائية والتسجيلية الثلاثين التى تعرض اليوم وغداً وبعد غد فى دار الأوبرا دمنهور داخل وخارج مسابقة مهرجان مصرى أصلى السنوى فى دورته الثانية، والذى تديره المخرجة والمنتجة هالة جلال من خلال شركتها «سمات»، وهى الشركة الرائدة التى بدأت حركة السينما المصرية المستقلة منذ بداية تسعينيات القرن الميلادى الماضى، أى منذ أكثر من عشرين سنة.

كان المهرجان قد بدأ فى القاهرة من ١٥ إلى ١٨ مارس الماضى فى مركز الإبداع وقاعة الهناجر بمنطقة أوبرا القاهرة، ثم انتقل إلى أسوان يومى ٢٥ و٢٦ مارس، وها هو يختتم فى دار أوبرا دمنهور من ١٥ إلى ١٧ إبريل.

ينظم المهرجان منظمة البحث والتعاون مع شركة سمات وبتمويل جزئى من الاتحاد الأوروبى وبالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية والمركز الثقافى القومى (دار أوبرا دمنهور) والهيئة العامة لقصور الثقافة و«بينجر فيلم لاب»، وهو مركز لتطوير مشروعات الأفلام الروائية والتسجيلية فى أمستردام، ويمنح الفائزين فرصة للتدريب هناك.

فى المسابقة ٢٤ فيلماً وخارج المسابقة ٦ أفلام، وتمنح لجنة التحكيم جائزتين: جائزة لجنة التحكيم وجائزة الجمهور وتتكون لجنة التحكيم من الناقد عصام زكريا والناقد والمخرج أحمد حسونة وكلاهما من رواد السينما المصرية المستقلة والمنظرين والمتابعين لها منذ بدايتها، والمخرجة نادين خان الذى جاء فيلمها الروائى الطويل الأول «هرج ومرج» من أهم الأفلام المستقلة عام ٢٠١٢، وفاز بجائزة لجنة التحكيم فى مهرجان أبوظبى الدولى، وجائزة أحسن فيلم فى مهرجان وهران للسينما العربية العام الماضى. المهرجان ممول من أوروبا، لكنه «مصرى أصلى».

 

مهرجان للسينما فى كل محافظة

بقلم   د. سمير فريد

١٣/ ٤/ ٢٠١٤

يطالب صناع ونقاد السينما فى مصر، ومنذ سنوات طويلة، بأن يكون فى كل محافظة من محافظات مصر مهرجان واحد على الأقل للسينما فى عاصمة المحافظة، فهناك العديد من الأهداف لهذه المهرجانات، أولها رفع مستوى تذوق الجمهور للأفلام باختيار أفلام ذات مستوى فنى كبير، وإنعاش الحياة الثقافية فى كل المدن، وليس فقط فى العاصمة والمدن الكبرى، والمساهمة فى ترويج السياحة، وغيرها من الأهداف التى تسعى إليها كل مهرجانات السينما فى العالم.

ولكن مهرجانات السينما عندما لا تتحقق هذه الأهداف تصبح ضارة، ومن الأفضل ألا تقام، فعندما تعرض أى أفلام من حيث المستوى وتكون العروض رديئة من حيث الصوت والصورة، ولا يوجد شىء ثالث فى السينما، وعندما لا تنعش الحياة الثقافية بإصدار المطبوعات وإقامة الندوات، وعندما يقيم ضيوف المهرجان من السينمائيين والصحفيين سواء من داخل أو خارج مصر فى فنادق رديئة، يؤدى المهرجان إلى الإضرار بالسياحة الداخلية والخارجية مثل أى عمل إرهابى، ولكنه إرهاب «ناعم»، إذا جاز التعبير، ولن نخترع العجلة، فلكل عمل أصوله المهنية، وبقدر اتباع هذه الأصول بقدر ما يحقق أهدافه، ومسؤولية مراعاة هذه الأصول تقع على عاتق المركز القومى للسينما فى كل بلاد العالم.

ومن بين الأصول المهنية التنسيق بين المهرجانات المختلفة، سواء كانت تحصل على دعم مالى من المركز القومى أو لا تحصل، كما فى فرنسا على الصعيد الدولى، وفى المغرب على الصعيد العربى، ففى كلا البلدين مهرجان فى كل محافظة أو أكثر من مهرجان، ولكن يوجد فى كل منهما مهرجان دولى واحد (كان فى فرنسا ومراكش فى المغرب) والمهرجانات الأخرى إقليمية أو متخصصة فى موضوع أو جنس من أجناس السينما أو نوع من أنواعها. ولا يوجد، مثلاً، مهرجانان للأفلام التاريخية أو أفلام المرأة أو أفلام دول البحر المتوسط أو الأفلام التشكيلية (التحريك)، وهكذا، فالمهرجانات فى أى بلد تتنافس فى الإجادة ولا تتصارع وكأنها فى حرب.

وأى مهرجان لابد أن يعرض أفلاماً من الإنتاج المحلى ومن الإنتاج الأجنبى، ولكن هذا لا يعنى أنه مهرجان «دولى» لمجرد عرض أفلام أجنبية، وإنما صفة الدولية للمهرجانات التى تعرض كل الأجناس والأنواع من كل الدول، سواء كانت مسجلة فى الاتحاد الدولى للمنتجين أم غير مسجلة.

ولا يوجد مهرجان إقليمى يعرض أفلاماً من خارج الإقليم، ولا يوجد مهرجان للأفلام التسجيلية يعرض أفلاماً روائية، ومرة أخرى: إما اتباع الأصول المهنية أو يتحول المهرجان إلى عمل ضار.

 

شباب الإسكندرية والسويس يفوزون بجوائز مهرجان لقاء الصورة فى القاهرة

بقلم   سمير فريد

١٢/ ٤/ ٢٠١٤

اختتم، أمس، فى معهد جوتة بالقاهرة، مهرجان لقاء الصورة العاشر الذى ينظمه المعهد الفرنسى، وأقيمت عروضه فى المعهدين منذ الثانى من إبريل، وأعلنت جوائزه، أمس الأول.

كان مهرجان لقاء الصورة منذ عشر سنوات وحتى الآن، نافذة حقيقية للتعريف بحركة السينما المستقلة فى مصر، واستمر بفضل مديرته الفنانة لطيفة فهمى، التى تختار أفلامه بعناية كبيرة، وقد تشكلت لجنة التحكيم هذا العام برئاسة المخرج الكبير سمير سيف، وعضوية كاتبة السيناريو عزة شلبى، والمخرج أمير رمسيس، وتمكنت من التوصل إلى قرارات نموذجية وتوجت أحسن أفلام المسابقة عن جدارة.

فاز بجائزة أحسن فيلم تسجيلى طويل، الفيلم المصرى السويسى «موج» إخراج أحمد نور «انظر (صوت وصورة) عدد ١٤/١٢/٢٠١٣»، والجائزة رحلة لحضور مهرجان مارسيليا، وفاز بجائزة أحسن فيلم تسجيلى قصير الفيلم المصرى السكندرى «١٧ شارع فؤاد» إخراج أحمد نبيل «انظر (صوت وصورة) عدد ١٣/٣/٢٠١٤»، والجائزة رحلة لحضور مهرجان مونبلييه لأفلام دول البحر المتوسط، وهو أهم وأعرق مهرجان لأفلام هذه الدول، وفاز بجائزة شركة «فيلم كلينك» لأحسن فيلم روائى قصير، الفيلم المصرى السكندرى «ألف رحمة ونور» إخراج دينا عبدالسلام، والجائزة ألف دولار أمريكى مساهمة فى تكاليف رحلة إلى أى مهرجان يختاره الفائز، ومن المعروف الدور المحورى لشركة «فيلم كلينك» لمؤسسها المنتج وكاتب السيناريو محمد حفظى فى إنتاج ودعم السينما المصرية المستقلة.

«ألف رحمة ونور» من أفلام «مشروع بلازا» الذى ينظمه سنوياً مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية، وهو من أهم المشروعات التى تتيح الفرصة للسينمائيين الشباب فى الإسكندرية، وتعبر عن سياسة المكتبة منذ افتتاحها، والتى لخصها مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين عندما قال «إنها مكتبة الشباب، أغلب من يعملون بها من الشباب، وتتوجه بكل أعمالها إلى الشباب».

أختان فى خريف العمر تعودان من المقابر بعد دفن زوج الكبيرة، بينما الأخرى أرملة منذ فترة، تخلع كل منهما حذاءها وتتركه خارج باب الشقة لأنه محمل بتراب المقابر، الليلة الأولى شاقة، ولكن الحياة تمضى. «ألف رحمة ونور» فيلم واقعى خشن يشير إلى تمتع مخرجته بحساسية خاصة وموهبة واضحة، ويثير مرة أخرى معنى هذا الحزن العميق الذى يعبر عنه العديد من الشباب فى أعمالهم الفنية وهم يعيشون أجمل سنوات العمر، والمفترض أن تكون سنوات البهجة والأمل.

 

يوم جميل فى حب فلاح فصيح

بقلم   سمير فريد

٩/ ٤/ ٢٠١٤

احتفلت دار الهلال، يوم السبت الماضى، بعيد الميلاد السبعينى للكاتب والأديب محمد يوسف القعيد الذى عمل فى الدار طوال حياته الصحفية ونشرت له العديد من رواياته، وقد كان القعيد كبيرا فى مقامه، والآن أصبح كبير المقام والعمر معاً.

عرفت القعيد منذ روايته الأولى، فنحن من جيل واحد هو جيل الستينيات، وجمعتنا علاقة إنسانية ودية جميلة لم تشبها سوى الخلافات السياسية فى بعض الأحيان، رغم أن الخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية كما يقال، ولكن القعيد يعبر عن موقفه السياسى بكلمات مثل ضربات الفلاح بالفأس، حيث يهوى على الأرض بقوة، ولا يعرف ماذا ستقطع.

وليس من الغريب أن تكون كلمات القعيد مثل ضربات الفأس، فمفتاح شخصيته وأدبه أنه فلاح مصرى بكل معانى هذه العبارة وأعمقها، وقد جاء العديد من الأدباء من الريف إلى المدينة، ولكن حياة القعيد فى المدينة لم تغيره، فعاش فيها بجسده، وظلت روحه هناك فى القرية، وظل عالمه الأدبى مستمداً من عالم القرية، سواء فى رواياته الواقعية ذات الأبعاد السياسية، أو التى تجاوز فيها الواقعية إلى آفاق أرحب.

سعدت كثيراً بحضور حفل دار الهلال، فهى ودار الأهرام أعرق المؤسسات الصحفية فى مصر، ومن أعرقها فى العالم، ويتكامل الهرم، رمز الحضارة المصرية القديمة، مع الهلال، رمز الحضارة المصرية الإسلامية، فى التعبير عن شخصية مصر. وكانت دار الهلال قد فتحت لى صفحات مجلتها الرائدة «المصور» فى بداية الثمانينيات عندما كنت ممنوعاً من السفر ومن النشر لأسباب سياسية، وكان رئيس التحرير الزميل الكبير مكرم محمد أحمد.

وسعدت كثيراً باللقاء مع العديد من الزملاء والأصدقاء الذين لم ألتق بهم منذ فترة طويلة، ولعل كل المؤسسات الثقافية تحتذى حذو قادة دار الهلال الزملاء الكبار غالى محمد وعزت بدوى وسليمان عبدالعظيم وغيرهم فى الاحتفال بكتابها، وكانت فرصة للاعتذار للزميل محمد الشافعى، رئيس تحرير مجلة «الهلال»، عن تقصيرى فى عدم الإشارة إلى العدد الخاص عن العقاد فى مقال «صوت وصورة» عن الذكرى الخمسين لوفاته الشهر الماضى، كل سنة وأنت طيب أيها الفلاح الفصيح.

 

تكرار الخطأ لا يجعله صحيحاً!

بقلم   سمير فريد

٨/ ٤/ ٢٠١٤

كان إبريل حتى العام الماضى فى الخليج العربى شهر مهرجان الجزيرة للأفلام التسجيلية فى الدوحة، ومهرجان الخليج فى دبى. ولكن إبريل هذا العام لن يشهد إقامة هذا المهرجان ولا ذاك، والأرجح أن تكون الخلافات الخليجية حول ثورة مصر ضد حكم الإخوان فى ٣٠ يونيو هى السبب، وعدم إقامة أى من المهرجانين مؤسف لكل صناع ونقاد وعشاق السينما.

وقد أثير أخيراً حول اختيار الفيلم الإماراتى التسجيلى الطويل «أحمر أزرق أصفر» إخراج نجوم الغانم للعرض فى مسابقة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى الـ٣٦ «٨ - ١٩ نوفمبر ٢٠١٤»، كيف يعرض فى المسابقة وقد عرض فى مهرجان دبى العاشر فى ديسمبر الماضى، وألا يتعارض ذلك مع قواعد الاتحاد الدولى للمنتجين فى باريس «نياف»، والذى يصنف مهرجان القاهرة مع ١٣ مهرجاناً فى العالم تنظم مسابقات دولية وتمنح جوائز دولية.

والإجابة أن الاتحاد الدولى يشترط ألا يعرض فى المسابقة أى فيلم عرض فى مسابقة أى من المهرجانات الـ١٣ الأخرى، وهى برلين وكان وفينسيا ولوكارنو وسان سباستيان وموسكو وكارلوف فارى ووارسو «أوروبا» والهند وطوكيو وشانغهاى «آسيا» ومونتريال «أمريكا الشمالية» وماردل بلاتا «أمريكا الجنوبية»، وليس هناك شرط آخر فى الاتحاد الدولى.

وتستهدف إدارة مهرجان القاهرة أن تكون كل أفلام المهرجان «عرض عالمى أول» أو عرض دولى أول، أى خارج بلد منشأ الإنتاج، أو عرض أول فى العالم العربى. وهذا شرط من وضع إدارة المهرجان إلى جانب شرط الاتحاد الدولى، ونجاحها فى ذلك أو عدم نجاحها يجب أن يكون معيار تقييم الدورة رغم الاختلاف الكبير بين سوق السينما فى مصر وأسواقها فى الدول الـ١٣ المذكورة، ورغم الفروق الكبيرة بين ميزانية مهرجان القاهرة وميزانيات تلك المهرجانات التى تصل إلى عشرة أضعاف، وليس بالأموال وحدها تنجح المهرجانات.

وتعيد إدارة مهرجان القاهرة تشكيل مجلس الإدارة بحيث يكون كل الأعضاء بحكم مناصبهم، وهو ما تتطلبه المرحلة القادمة. فقد كانت المرحلة الأولى لتطوير المهرجان وإعادة الهيكلة ووضع لائحة جديدة تحتاج إلى خبرة عدد من السينمائيين، ولكن كان لابد من العودة إلى الأصل فى مرحلة تنفيذ الخطط. والأصل عدم اشتراك صناع السينما فى إدارة أى مهرجان، وذلك بسبب واحد، وهو احتمال اشتراك الفيلم الجديد لأى منهم فى المهرجان، فلا يجوز مهنياً وأخلاقياً أن تكون الفنانة الكبيرة ليلى علوى مثلاً فى إدارة المهرجان ويعرض فيلمها الجديد فيه.

وقد كان مهرجان القاهرة الوحيد من بين آلاف المهرجانات فى العالم الذى يشترك فى إدارته ممثلون ومخرجون وغيرهم من صناع السينما، وينبغى وضع عدة خطوط تحت «فى العالم»، والبدهى أن الخطأ عندما يتكرر لا يصبح صحيحاً.

 

لا شىء خارج السياسة

بقلم   سمير فريد

٧/ ٤/ ٢٠١٤

أى مهرجان أو مؤتمر «دولى» لفن من الفنون أو لعلم من العلوم لا يقام بمعزل عن الوضع السياسى للبلد الذى يقام فيه، ولا شىء خارج السياسة عموماً إلا فى العالم الافتراضى، أى خارج الواقع.

وقد علق الكاتب والمفكر الكبير الدكتور عمرو الشوبكى فى عموده اليومى «معاً» فى «المصرى اليوم» عدد ٣٠ مارس، على قرار وزير الأوقاف باستبعاد دولتى تركيا وقطر من المشاركة فى المسابقة العالمية للقرآن الكريم، وذلك نظراً لموقفهما السياسى من مصر، واعترض على هذا القرار واعتبره خاطئاً.

أعتقد أن الدكتور الشوبكى يتفق معى ومع غيرنا من المهتمين بالشأن العام فى اعتبار وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة من أعظم من تولوا هذه الوزارة لأنه كما كان يقول العرب القدامى لا يخشى فى الحق لومة لائم، ولكنى أتفق على أن قراره باستبعاد قطر وتركيا من مسابقة القرآن الكريم كان خاطئاً لأن العلاقات بين الشعوب لا يجب أن تتأثر بالسلب بالخلافات السياسية بين الحكومات، بل يجب أن تزداد تقوية العلاقات بين الشعوب عند خلافات الحكومات، تماماً كما يجب أن يرتفع صوت أنصار السلام فى وقت الحرب، وليس فى وقت السلام.

وقد ناقش مجلس إدارة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى الذى يعقد دورته الـ٣٦ من ٨ إلى ١٩ نوفمبر القادم هذه القضية منذ عدة أسابيع عندما وصلت إلى إدارة المهرجان رسالة شفاهية عبر وسيط من المؤسسة العامة للسينما فى سوريا عن مدى استعداد المهرجان لمشاركة أفلام المؤسسة فى الدورة القادمة للمهرجان، وكانت إدارة الدورة الـ٣٥ التى عقدت عام ٢٠١٢ قد استبعدت الفيلم السورى «العاشق» إخراج عبداللطيف عبدالحميد ومن إنتاج المؤسسة بسبب الخلاف بين الحكومة المصرية والحكومة السورية.

وبعد مناقشات لم تستغرق طويلاً انتهى المجلس إلى أن المعيار الوحيد لاختيار الأفلام هو المستوى الفنى، وليس الموقف السياسى لحكومة أى دولة، أو الموقف السياسى لمخرج أى فيلم، وذلك تطبيقاً للبند الثانى من لائحة المهرجان والذى ينص على أن له هدفين: المساهمة فى تطوير فنون وعلوم الفيلم «روائى- تسجيلى- تشكيلى» وتشجيع الحوار بين الثقافات وهذا يعنى أنه لا الاستبعاد ولا القبول يرتبطا بمواقف الحكومات من الحكومة المصرية الحالية، أو القادمة عند انعقاد المهرجان.

 

الكراهية أيضاً عمياء!

بقلم   سمير فريد

٦/ ٤/ ٢٠١٤

يقولون الحب أعمى، ولكن الحقيقة أن الكراهية أيضاً عمياء، ولكنها لا تبرر كراهية من يكرهك، وقد قال المسيح، عليه السلام، «وما الفضل لك إذا أحببت من يحبك».

مهرجان القاهرة السينمائى الدولى قضية عامة مثل أى مؤسسة تنفق عليها الدولة من أموال دافعى الضرائب، وقد توليت رئاسته فى ٦ أغسطس ٢٠١٣، ومثل أى مؤسسة حقيقية هناك متحدث رسمى واحد باسم المهرجان، وهو الزميل الكبير خالد السرجانى، وهذا المقال ليس عن المهرجان ولا باسم المهرجان، وإنما عن الجانب السلبى فى استخدام الإنترنت لإرسال الرسائل الإلكترونية.

من المعروف أن الحرية تُحَمل من يمارسها مسؤولية كبيرة، وحرية الرسائل الإلكترونية كاملة، أى أنك تستطيع إصدار بيان بأن نجيب محفوظ مثلاً من كتاب السنغال، وكتاباته بلغة الولوف السنغالية، وقد تعرضت لحملة طوال مارس الماضى فى ٤ بيانات صدرت تحت عنوان «سينمائيين من أجل مصر» الصحيح سينمائيون»، ولكن ليست هذه هى المشكلة، وإنما المشكلة أنها بيانات من دون توقيع تطالب باستبعادى من رئاسة مهرجان القاهرة، وأعلنت هذه «الحركة» أنها سوف تعلن فى مؤتمر صحفى «أسماء مؤسسها وأعضائها» قبل نهاية مارس، وانتهى شهر مارس من دون أن تحقق وعدها.

لم يهتم أحد بنشر أى من هذه البيانات، ماعدا جريدة «الوطن»، ولم يهتم المتحدث باسم المهرجان بالرد عليها، وذلك لسبب واحد، وهو أنها من دون توقيع أو توقيعات، أى سبب مهنى خالص، فلا توجد مشكلة فى أن يطالب أحد باستبعادى من رئاسة المهرجان، ولكن عليه أن يذكر السبب أو الأسباب، وأن يكشف عن اسمه، وأن تكون معلوماته صحيحة، فالحرية تعنى حرية الرأى، وليس حرية نشر معلومات خاطئة على طريقة أن محفوظ كاتب سنغالى وليس كاتباً مصرياً.

ليست حرية القول بأننى توليت رئاسة المهرجان منذ عام ونصف العام، والصحيح ثمانية شهور حتى الآن، وليست حرية القول بأننى أهدرت ١٢ مليون جنيه قيمة دعم وزارة المالية، بينما هناك ١٠ ملايين منها لم توضع فى حسابات المهرجان حتى الآن، وليست حرية السؤال فى مارس عن أفلام وضيوف مهرجان يعقد فى نوفمبر، وليست حرية القول بأن مكافآت بعض العاملين فى وزارة الثقافة رشوة لهم، بينما الوزارة هى التى تنظم المهرجان من الألف إلى الياء، وتم تكليف عدد من موظفيها للعمل فى المهرجان وفق الإجراءات القانونية المتبعة، وليست حرية عدم اعتبار نشر الميزانيات والأجور والمكافآت بما فى ذلك أجر رئيس المهرجان «شفافية» مطلقة، ليس لها مثيل من قبل، وإنما اعتبارها تستراً على الفساد، وضع ما تشاء من علامات التعجب، فالإدارة الحالية تعمل من أجل إقامة مهرجان ناجح، ومَنْ ير فساداً فى الماضى أو الحاضر عليه أن يبلغ النيابة العامة للتحقيق، ولكنه عمى الكراهية.

 

رسائل تضيف للكُتّاب وتمتع القراء

بقلم   سمير فريد

٥/ ٤/ ٢٠١٤

غيرت وسائل التواصل الاجتماعى الإلكترونية أشياء كثيرة، ومنها السرعة فى التعليق دون تفكير طويل أو تمعن كما هو الحال عند قراءة المطبوعات الورقية، والاندفاع فى إبداء الرأى دون مراعاة استخدام الألفاظ المناسبة باستغلال الحرية المطلقة، أو بالأحرى عدم وجود رقيب غير ضمير من يكتب.

رسالة من قارئ يلومنى بشدة ويعتبر أننى تهربت من التعليق على قضية «حساسة» هى قضية عرض أو منع فيلم «نوح»، بينما كانت موضوع مقال «صوت وصورة» فى عدد العاشر من مارس الماضى فور أن أثيرت، وآخر يصر على أننى قلت فى المؤتمر الصحفى الذى عقدته بوصفى رئيساً لمهرجان القاهرة أن الفيلم الإماراتى «أحمر أصفر أزرق» سيعرض فى الافتتاح، وأننى قلت إن اختياره يرجع إلى موقف الإمارات السياسى من مصر بعد ثورة ٣٠ يونيو، بينما المؤتمر مسجل صوتاً وصورة، ولم أقل أبداً إنه فيلم الافتتاح، وقلت إن اختياره يرجع إلى مستواه الفنى الرفيع، وكذلك تقديراً لموقف الإمارات السياسى، وذلك على طريقة «لا تقربوا الصلاة».

ولكن تظل هناك رسائل من قراء يضيفون إلى الكُتّاب ويمتعون القراء، ومنها رسائل الدكتور يحيى نور الدين طراف، وأحدثها عن فيلم «فتاة المصنع»، وفيما يلى نص الرسالة:

شاهدت فيلم «فتاة المصنع» للمخرج محمد خان، فكم تمنيت ألا ينتهى لفرط حلاوته وواقعيته وجودته، عرض الفيلم لواقع الطبقة المصرية الكادحة من خلال فتاة تعمل فى أحد مصانع المنسوجات مع فتيات كثيرات، وتعيش فى حارة ضيفة مكتظة بناسها البسطاء، تقع فى حب المشرف الفنى الجديد للقسم الذى تعمل به، والذى ينتمى للطبقة المتوسطة وتعيش أسرته فى المنيرة، وكانت أغنيات سعاد حسنى تصدح كموسيقى تصويرية خلال أحداث الفيلم، فأضفت طابعاً مصرياً بسيطاً على أجوائه.

نجح الفيلم بدرجة امتياز فى نقل صورة صادقة لحياة المجتمع المصرى البسيط الكادح، وفى تصوير حياته داخل الحوارى والعشوائيات، وفى دائرة عمله وحياته اليومية وتعاملاته ومشكلاته، ونقل فى صورة سريعة وذكية ما آلت إليه مبانى القاهرة وعماراتها من تهالك، وكيف تلاصقت وعلت بغير تخطيط، والعشوائيات التى تمددت كخلايا السرطان، وذلك فى لقطات عابرة تصل بين أحداث الفيلم، وعرض الفيلم فى صدق واقتدار لوتيرة الحياة فى هذه الحارة التى تمثل ملايين الشعب المصرى، من خلال تلك الفتاة وأسرتها وجيرانها، وكذلك أسرة معشوقها التى تنتمى للطبقة المتوسطة الدنيا، وذلك فى تسلسل درامى شيق وبديع، خال من أى إسفاف أو ابتذال أو إساءة متعمدة لشخص أو لمكان.

ونجوم الفيلم هم جميعاً من الوجوه الجديدة باستثناء سلوى خطاب التى مثلت فى إتقان دور أم فتاة المصنع بطلة الفيلم، والتى مثلت دورها فنانة شابة تدعى ياسمين رئيس، كانت قمة فى الأداء الصادق الطبيعى، وكذلك كل ممثلى وممثلات الفيلم، الذين كانوا طبيعيين لدرجة أن المرء ليشعر وهو يشاهد الفيلم بأنه يعيش وسطهم، كانت مشاهدة الفيلم متعة، وددت أن تستمر ولا تنتهى، ولكن لابد لكل فيلم من كلمة النهاية، هذا الفيلم هو مثال حى للفن الراقى الصادق الممتع لأبعد الحدود.

 

حتى فى العالم الآخر ليس هناك اختيار بين الجنة والنار

بقلم   سمير فريد

٣/ ٤/ ٢٠١٤

فى إحدى مقالاتها، فى ملحق السينما الأسبوعى لجريدة «الحياة» العربية التى تصدر فى لندن، عرضت الناقدة السينمائية المتميزة ندى الأزهرى فى عدد الجمعة الماضى لما أطلقت عليه سجالاً حاداً بين النقد الفرنسى وموزعى الأفلام يدور هذه الأيام.

السجال بين أكبر شركتين للتوزيع فى فرنسا (جومون وباتيه) وبين نقاد جريدة (لوفيجارو)، وسببه النقد السلبى عن فيلمين كوميديين يحققان أعلى الإيرادات، والذى أدى إلى قرار الشركتين عدم دعوة نقاد الجريدة للعروض الخاصة التى تقام للصحفيين قبل بدء عرض الأفلام فى السوق.

العقاب حضارى، وفى رأيى الخاص أن الناقد لا بد أن يشاهد الفيلم لأول مرة مع الجمهور، وليس فى عرض خاص، طالما أن الفيلم سيعرض فى دور السينما. وقد وصلت إلى هذا الرأى عبر الممارسة منذ زمن طويل، ففى العرض الخاص لفيلم «شىء من الخوف» إخراج حسين كمال (١٩٣٢ - ٢٠٠٣) عام ١٩٦٨ تأثرت ومن حولى بمشهد أحمد توفيق فى النهاية، وهو يهذى وسط الحقول، وبمشهد محمد توفيق ويده مرتشعة عندما أجبره عتريس على توقيع عقد زواجه من فؤادة، وعندما رأيت الفيلم فى السينما انفجر الجمهور من الضحك فى المشهدين، وبالطبع الجمهور هنا على حق، والمخرج لم يوفق فى ضبط الأداء التمثيلى والحركة الداخلية للكاميرا والمونتاج، التى تحقق غرضه الأصلى، وهو التعاطف وليس الضحك.

القضية قديمة بين «الفنى» و«التجارى»، وأضع الكلمتين بين أقواس عن عمد، ويبدو أنها لن تنتهى أبداً. فمن البدهى أن «القيمة» لا تتوقف على كمية الجمهور الذى يقبل على الفيلم أو أى من أشكال الفنون والآداب، وبالتالى قد تكون هناك «قيمة» فيما نطلق عليه «تجارى»، أو عدم وجود أى قيمة لما نطلق عليه «فن».

«التجارى» يستسلم لما هو سائد محاولاً «ضمان» تحقيق إيرادات كبيرة، ومستهدفاً ذلك أساساً، أما «الفنى» فيعبر عن رؤية الفنان بأسلوبه متوهجاً إلى جمهوره المفترض، وليس إلى كل الجمهور بـ«ألف لام» التعريف. ولكن الغريب حقاً أن يهتم «التجارى» بالنقد ويسعى ليكون إيجابياً. لماذا لا يكتفى صناع «عبده موته» أو «شارع الهرم» بالإيرادات، وهنيئاً لهم. وحتى فى العالم الآخر ليس هناك اختيار بين الجنة والنار.

 

تجديد الأحزان حول تراث السينما

بقلم   سمير فريد

٢/ ٤/ ٢٠١٤

فى عموده بجريدة «القاهرة» الأسبوعية عدد ٢٥ مارس الماضى، كتب الناقد والباحث والمخرج والمفكر الكبير هاشم النحاس، وهو من أعلام السينما والثقافة فى مصر، تحت عنوان «دار الأفلام» مقالاً يجدد الأحزان عن حالة تراث السينما فى مصر، وهى أحزان قديمة منذ عشرات السنين.

فى العالم حسب عضوية الأمم المتحدة ما يقرب من ٢٠٠ دولة، وبالتحديد ١٩٤ دولة أحدثها دولة فلسطين، ومن بين كل هذه الدول تملك مصر صناعة السينما العاشرة على مستوى العالم فى المائة سنة الأولى من تاريخ السينما، أى بعد روسيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا فى أوروبا، والهند واليابان والصين فى آسيا، والولايات المتحدة الأمريكية فى أمريكا الشمالية، وذلك من حيث كم الإنتاج من الأفلام، أو من حيث التأثير فى دول العالم العربى والبحر المتوسط.

ولكن مصر هى الدولة الوحيدة من بين الدول التى تملك صناعة سينما كبيرة، ولا يوجد بها متحف أو أرشيف للأفلام أو ما يعرف باسم «السينماتيك» أى مكتبة نسخ ووثائق الأفلام. ودعك مما يسمى فى المركز القومى للسينما فى وزارة الثقافة «أرشيف الفيلم القومى» فلا هو أرشيف ولا قومى، وإنما مجرد لافتة فارغة من معناها.

وقد بح صوت صناع ونقاد السينما المصرية وجف الحبر من أقلامهم وهم يطالبون الدولة بإنشاء متحف وأرشيف للأصول وسينماتيك للنسخ والوثائق، منذ فريد المزاوى وجاك باسكال فى الأربعينيات، وعبدالحميد سعيد وأحمد كامل مرسى فى الخمسينيات، رحمهم الله جميعاً، إلى أحمد الحضرى ومجدى عبدالرحمن فى الستينيات، وهاشم النحاس، ومحمد كامل القليوبى وكاتب هذه السطور وغيرهم بالعشرات، ولكن يبدو أنه لا أمل فى تحقيق هذا الحلم طالما أن الدولة لا تعترف بأن التراث السينمائى جزء من التراث الثقافى للأمة المصرية. وكل فيلم يصبح من التراث فور إتمام إنتاجه.

ويذكر هاشم النحاس فى نهاية مقاله أننى قمت بنعت مصطلح دار الأفلام، والواقع أن هذه ترجمة مجمع اللغة العربية لكلمة «سينماتيك» الفرنسية، على غرار دار الكتب، فالأفلام مثل الكتب عند علماء المجمع، ولكن شتان ما بينهما عند الدولة ممثلة فى وزارة الثقافة، فالكتب لها دار، والأفلام لها الرصيف، مثل أطفال الشوارع، وهناك مشروعات لإنقاذ أطفال الشوارع، ولا منقذ للأفلام.

 

اليوم تبدأ الدورة الثانية لمهرجان الهند على ضفاف النيل

بقلم   سمير فريد

١/ ٤/ ٢٠١٤

تشرفت بصداقة نافديب سورى، سفير الهند فى مصر، منذ أكثر من ربع قرن عندما كان ملحقاً ثقافياً فى السفارة الهندية، وعندما عاد سفيراً توقعت أن يهتم بتنمية العلاقات الثقافية بين مصر والهند، ولكنى لم أتوقع أن يصل اهتمامه إلى حد إقامة مهرجان سنوى بعنوان «الهند على ضفاف النيل»، الذى عقد دورته الأولى العام الماضى، ويبدأ اليوم دورته الثانية حتى ١٩ إبريل، ولا يقام المهرجان فى القاهرة فقط، وإنما فى الإسكندرية أيضاً.

إنه عمل نموذجى لسفير نموذجى بالمفهوم الأصلى للسفير، والمفهوم الأصلى للثقافة، فالمهرجان لا يقتصر على الفنون والآداب، وإنما يتضمن أيضاً العلوم الاجتماعية والأزياء والمأكولات وكل أبعاد «الثقافة» الهندية، يحضر المهرجان رافى فينكاتيسان، مؤلف كتاب «قهر الفوضى: النجاح فى الهند، النجاح فى كل مكان»، ويشترك فى مناقشته ماجد عثمان وحازم حسنى وصبرى الشبراوى، وتحضره الممثلة الهندية الكبيرة شبانة عزمى، حيث يتم عرض مختارات من أفلامها، وقد عرفتها عن قرب عندما كانت ترأس لجنة تحكيم مهرجان أبوظبى منذ عامين، وكنت عضواً فى اللجنة، ويسعدنى المشاركة فى الترحيب بها فى القاهرة.

وعن الأدب حوار يقدمه ويديره محمد سلماوى، رئيس اتحاد كتاب مصر، بين الكاتبة الهندية أورفاش بوتاليا والكاتبة المصرية سحر الموجى، وعن الفنون التشكيلية حوار بين الرسام الهندى سودهير تايلانج والرسام المصرى جورج البهجورى، وعن الموسيقى محاضرة جافير أفتر «الأغنية فى السينما الهندية»، وعرض لفرقة راجستان جوش للموسيقى الفلكلورية، وعرض لفرقة مارامى ميهدى لرقص «الكاتاك»، وعرض «بوليوود: قصة حب» عن السينما الهندية التى تعرف باسم «بوليوود» على غرار «هوليوود»، وهو من أشهر العروض التى طافت حول العالم فى السنوات الأخيرة.

وهذا التنوع والثراء هو ما يدفعنا إلى وصف المهرجان بالعمل الـ«نموذجى» فى تنمية العلاقات بين بلدين كبيرين على شتى المستويات، ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون بينهما، وكان العام الماضى قد شهد أيضاً بداية جديدة لتوزيع الأفلام الهندية فى مصر، ولعل العام الحالى يشهد أيضاً بداية جديدة لتوزيع الأفلام المصرية فى الهند.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

30.04.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)