كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

حوار مع مخرج الفيلم التونسي "البحث عن محيي الدين بن عربي"

"نحن لا نعرف تراثنا العربي الإسلامي"

حاورته: كريستينا أوملين - ترجمة: سمير جريس - تحرير: علي المخلافي

 

ينتقد المخرج التونسي والفنان التشكيلي ناصر خمير، في حواره التالي مع كريستينا أوملين لموقع قنطرة، تحويل الحياة الإسلامية إلى نوع من الثنائية: كل شيء هو إما "حرام" أو "حلال". لكنه ينتقد أيضاً عدم التعمق في فلسفة الثقافة العربية الإسلامية، ويرى أن الإسلام في الحقيقة هو ثقافة مصالحة مع النفس ومع الآخر. ولتسليط الضوء على جوهر الإسلام يسعى في فيلمه إلى اقتفاء أثر الفقيه الإسلامي والفيلسوف والشاعر المتصوف ابن عربي، الذي عاش في القرن الثالث عشر الميلادي.

·        السيد خمير، في فيلمك تقتفي آثار محيي الدين بن عربي، الفقيه الإسلامي الكبير والفيلسوف والشاعر الذي عاش في القرن الثالث عشر. ماذا كان الدافع الأساسي بالنسبة لك لإخراج هذا الفيلم؟

ناصر خمير: "البحث عن محيي الدين" فيلم عن الشيخ المتصوف الكبير محيي الدين بن عربي. الفيلم رحلة بحث عن هذه الشخصية عبر عشرة بلدان، وخلالها يتعرف المشاهد على جوهر الديانة الإسلامية. مَن يشاهد هذا الفيلم، تتكون لديه فكرة واضحة للغاية عن الإسلام.

·        وما هو إسلام ابن عربي؟

ناصر خمير: إننا نجد الإجابة في عديد من التفاصيل الصغيرة. تحضرني قصيدة لابن عربي تعكس بشكل جيد موقفه الفلسفي:

لقد صارَ قلبي قابلاً كلَّ صورةٍ                  فمرعىً لغزلانٍ وديرٌ لرهبانِ

وبيتٌ لأوثانٍ وكعبةُ طائفٍ                     وألوحُ توارةٍ ومصحفُ قرآنِ

أدينُ بدينِ الحبِ أنّى توجهتْ                   ركائبُه، فالحبُ ديني وإيماني

يُنظر إليه بإجلال كواحد من أكبر علماء المذهب الصوفي في الإسلام: نشأ الفقيه والفيلسوف والشاعر ابن عربي في إشبيليه وعاش هناك ما يزيد عن ثلاثين عاماً، وتوفي عام 1240 في دمشق.

هذه الأبيات توضح جوهر الإسلام توضيحاً دقيقاً إلى حد كبير: هذه الرؤية للإسلام تكاد تكون مجهولة. وسط كل هذه الفوضى بخصوص الإسلام كان هدفي أن أجعل أفكار هذا الشيخ أكثر شهرة. ابن عربي يقوم بترتيب هذه الفوضى.

·        هل لك أن توضح ما تقصد؟

ناصر خمير: سأعطيك مثالاً: خلال حقبة معينة كانت النظافة والطهارة من سمات الإسلام. أما اليوم فلدينا في تونس أقذر شوارع في العالم. هذا مثال يظهر بشكل جيد كيف تحدث أشياء شاذة باسم الدين. لقد استولت طبقة من فقهاء الدين على الإسلام اليوم في تونس وجعلته رهينة. إنهم يشوهون الإسلام، ويشوهون الحياة ويحولونها إلى نوع من الثنائية، كل شيء هو إما "حرام" أو "حلال".

حتى الآن لم أحصل إلا على ردود فعل إيجابية على الفيلم. غير أن المجتمع التونسي اليوم مشغول بأشياء أخرى. المجتمع يصم آذانه الآن بعض الشيء إذا دار الأمر حول الثقافة، أو حتى حول الإسلام.

·        ولكن الدين الإسلامي مهم بالنسبة إلى كثير من التونسيين.

ناصر خمير: في عهد بن علي عمل المسؤولون على أن تذبل أرواح التونسيين. لقد ساعد بن علي بعض الناس على أن يكتسبوا ثراءً مادياً، هذا مؤكد، ولكن الأغلبية كانت تعاني نفسياً من انتشار الخوف. ولذلك لدينا في تونس اليوم أناس على درجة عالية جداً من التعليم وبشهادات أكاديمية ممتازة، إلا أنهم يعانون من فقرٍ في الجانب الإنساني لديهم. إنهم يعتقدون أن الحقيقة لا يمكن تفسيرها إلا علمياً، وأن ذلك جزء من الحداثة.

العلوم الإنسانية يتم تهميشها – الفلسفة والأدب والفنون، كل هذا لا وزن له بالنسبة لهم. الصورة السائدة للعالم هي صورة ميكانيكية تقنية. إذا استخدمنا تشبيهاً من السُّلَّم الموسيقي، فسنقول إن هؤلاء الناس يعيشون في نظام لا يتجاوز نوتتين أو ثلاث نوتات موسيقية.

·        هناك إذن فراغ ما خلفته الديكتاتورية ...

ناصر خمير: " في عهد بن علي عمل المسؤولون على أن تذبل أرواح التونسيين. لقد ساعد بن علي بعض الناس على أن يكتسبوا ثراءً مادياً، هذا مؤكد، ولكن الأغلبية كانت تعاني نفسياً من انتشار الخوف".

ناصر خمير: هناك أمران: من ناحية هناك ذلك الفراغ، من ناحية أخرى هناك الرعب من تعقُّد هذا العالم. ولكن بدلاً من مواجهة هذه التحديات، فإن الناس يتخلون عن التفكير، ويصطفون خلف مَن يفكر بدلاً منهم، حزب مثلاً أو خطيب ديني. إنهم يتخلون عن التفكير لأنهم ببساطة جبناء. اقتران الجبن بالجهل – هذا هو المزيج الذي يدفع بالناس إلى ارتكاب أبشع الأشياء باسم الحقيقة.

·        وكيف ضاعت إذن كل قيم الإسلام هذه؟ لقد كانت هناك تقاليد جامعية ثرية. جامعة الزيتونة مثلاً يجب أن تدافع عن سمعتها.

ناصر خمير: ترتكز الجامعات إلى حد كبير على الثقافة الغربية من دون أن تضع الثقافة العربية في الوقت نفسه موضع تساؤل ودون أن تجددها. إن التعامل المعمق مع الثقافة العربية – بمعنى التساؤل عما يمكن الحفاظ عليه وعما يمكن التخلي عنه بكل ثقة – لم تحدث قط من الأساس. البعض يريد أن يعود كل شيء إلى ما كان عليه في زمن السلف الصالح، ولا يريد التحرك  – هؤلاء هم السلفيون. والبعض الآخر لا يريد أن يسمع شيئاً من ذلك، ولا يريد سوى الحداثة والعلم والتكنولوجيا – هؤلاء هم العلمانيون.

هذه ليست في الحقيقة مشكلة دينية، بل ثقافية. إنها نوع من عدم القبول بفكرة أن العالم يمر بتحولات، وأن الإنسان يمكن أن يفقد شيئاً خلال ذلك. ولأننا فشلنا في مواجهة هذه المشاكل ذهنياً، فقد أخرجوا الدرع الديني ليحتموا به. وهذا خطأ عظيم.

بالإضافة إلى ذلك فقد عاد عدد قليل من التوانسة الذين درسوا في الخارج إلى بلادهم. وما كان يمكن تعلمه من المواجهة مع الغرب، كان يمكن أن يكون قراءة جديدة الإسلام.

·        ولماذا لم يتم البدء قَطّ بهذه القراءة الجديدة؟

ناصر خمير: لأننا نفتقد الأساس الذي يمكن أن نبدأ عليه أبحاثنا. لا أحد قام بتمويل هذا الأساس، رغم أن المنطقة العربية بها ملايين كثيرة من دخل البترول. ليس هناك حتى معجم تاريخي للغة العربية. كثيراً ما أقول: إذا كان مقياس الأمل هو كمية العمل التي يجب علينا القيام بها فإننا أكثر الناس أملاً، لأن أمامنا الكثير وعلينا أن ننجزه.

منذ ما يزيد عن خمسين عاماً لم يعد في تونس مكان للثقافة، الثقافة الأصيلة غير المنسوخة، ولا مكان لفنٍ لديه رؤية ويقدم إجابات عندما يتوقف المنطق أو لا يجد العقل حلولاً. الثقافة في تونس هي في المقام الأول حدث ضخم احتفالي – عيد، تسلية خالصة. كل قرية صغيرة لها مهرجانها الخاص، مقارنة بذلك فإن حجم الانتاج الثقافي الرفيع والنوعي صغير نسيباً. ورغم أن البلد له تراث ثقافي ثري، فإننا لا نعرف الكتاب لدينا أو الخطاطين أو المعماريين. مع وجود هذا التجاهل فإن الثقافة تحفر قبرها بيدها. نحن لا نعرف شيئاً عن تراث بلدنا.

شباب بلا أفق: لم تهدأ البلاد منذ اندلاع الثورة التونسية في يناير/ كانون الثاني 2011 التي أدت إلى سقوط زين العابدين بن علي بعد أن تربع سنوات طويلة على كرسي الحكم. والشبان معرضون أكثر من غيرهم للفقر ونسب البطالة العالية، ما يدفعهم إلى القيام باحتجاجات ضد الأوضاع الاجتماعية المزرية في بلادهم.

·        أنت ترسم صورة سوداوية للغاية لوضع الثقافة في بلادك ...

ناصر خمير: غياب الجودة والامتياز واضح في كل مكان. لكن الامتياز تحدٍ، وهو ما يتطلب الدقة. لكننا نحاول دائماً أن نتأقلم بشكل من الأشكال مع الظروف. منذ سنوات ونحن نخترع وسائل لكي نتنصل عن المسؤولية، ولكي نسير في مسار متعرج. كيف لنا أن نكون أحراراً دون تحمل مسؤولية حقيقية؟ لا حرية بلا مسؤولية. بدلاً من ذلك فقد ربيّنا أنفسنا على عدم تحمل المسؤولية، وعلى التأقلم مع الظروف. يسقط المجتمع شيئاً فشيئاً في ما يشبه المستنقع الذي لن نستطيع الخروج منه بقوتنا الذاتية.

·        أي الصعوبات تواجه الجيل الجديد في تونس؟

ناصر خمير: الجيل الجديد اليوم يعيش بلا هوية، وبلا جذور، إنه يحيا بلا جاذبية أرضية. كل واحد منهم يستطيع أن يحكي لي عن جهاز الآي باد الذي يملكه، كلهم يسبحون على السطح، يتحدثون عن آخر المخترعات وكأننا نعيش في مدينة أمريكية. لكننا في تونس.

 ما يقلقني بالفعل هو هذا الكره الذي يتغلغل إلى كل مكان. كراهية الإسلامويين للغرب، وكراهية اليسار للإسلاميين. وكأن الكراهية هي المحرك الوحيد الذي يدفعنا إلى الأمام في الوقت الحالي.

فيلمي يتحدث عن النقيض من ذلك: الفيلم له تأثير مهدئ وسلمي. إنه يظهر الإسلام كثقافة مصالحة، المصالحة مع النفس ومع الآخر. كما أنه يبين أن على المرء أن يبذل جهداً حتى يستطيع أن يقابل الآخر بروح التفهم.

حقوق النشر: قنطرة 2014

موقع "قنطرة" في

29.04.2014

 
 

سالم أبو أخته

كمال رمزي

الثلاثاء 29 أبريل 2014 - 7:00 ص

المقصود بالعنوان هو أن بطل الفيلم، بعد رحيل والديه مبكرا، ترك له شقيقة صغيرة قام بتربيتها على أفضل وجه حتى استطاعت الالتحاق بالجامعة وبينما يحنو عليها ويكن لها كل محبة تحس هى أنها ابنته ولأن الأهالى يدركون عمق ودقة هذه العلاقة أطلقوا عليه اسم سالم أبو أخته.. إنها علاقة مصرية كثيرا ما تلمسناها حولنا. فى الفيلم تؤدى آيتن عامر بفهم وتوازن وعلى نحو طبيعى دور الأخت الذى يخفق قلبها مع شقيقها ولى أمرها حيث تتابعه وتحتضنه بعينها وربما بسبب العرج الخفيف فى رجلها نتاج شلل أطفال أصابها فى سنواتها الأولى جعلها أقرب إلى نفس المشاهد مما يبعث بتعاطف مبدئى معها.

محمد رجب بتفهم عميق يعايش شخصية الأخ الكبير، مهنته بائع متجول وإن شئت الدقة هو من باعة الأرصفة ذلك القطاع الواسع المطارد الذى قلما التفتت له السينما غالبا، يثير حنق عبار السبيل، خاصة حين تمتد بضاعتهم إلى نهر الشارع وفى ذات الوقت يبعثون على الشفقة حين تطاردهم الشرطة فيحمل الواحد منهم فرشته ويولى الادبار إما أن تتساقط منه بعض حملوته أو يضعها رجال المرافق فى عربة الحكومة. سالم يتعلم من الشارع كيف يكون أرنبا أمام ضابط الشرطة ونصف فتوة وربما بلطجيا فى الحياة القاسية.. محمد رجب المستوعب لتضاريس هذه الشخصية المركبة يعبر عنها فى أحوالها المتضاربة بنظرة عين ومجرد ابتسامة متعبرة المعانى فهى التظاهر بالمودة والاحترام أمام صاحب السلطة وقد تكتسى بشىء من الوحشية حين ينتصر على غريم وأحيانا تترقرق بالدفء والرضاء والراحة عندما يرى أخته الجامعية تذاكر وتمتزج بالطمأنينة إذا تمدد على الكنبة ووضع رأسه على حجرها.. إنها منطقة أمان بالنسبة له وهو درعها فى الحياة.. الأخذ والعطاء بين محمد رجب وآيتن عامر يرفع من شأنها فنيا ولا يمكن اغفال دور كاتب السيناريو محمد سمير مبروك فى نسجه المرهف لتلك العلاقة فضلا عن نجاح المخرج محمد حمدى فى توجيه ممثليه وتحقيق التناغم بينهم جميعا.

لكن ثمة مشكلة تحدث فى أداء محمد رجب تكمن فيما يمكن أن نسميه «الانفجارات الانفعالية» فأحيانا يحلو له أثناء تجسيده بعمق وهدوء عن الغضب أن يرفع صوته ويطلق آخر حدود عقيرته فتبهت ملامح وجهه وتتداخل ولا يبقى إلا ما يشبه الضوضاء.. الممثلون الكبار ـــ جاك نيكلسون وأحمد زكى كمثال ــ يعبرون عن عواصف الغضب بعيونهم فقط.

سيناريو الفيلم يعتمد على صراع أساسى بين «سالم» من ناحية وضابط شرطة بأداء موفق من «محمد الشقنقيرى»، التآمر أهم سماته، كل منهما يعرف مناطق ضعف الآخر.. يستغلها، ينجح فى مسعاه، حتى إن الضابط يطرد من الشرطة ويشهد سالم مقتل أخته ليلة زفافها.

بؤر التصدع فى «سالم أبو أخته» تتمثل فى تلك المشاهد أو المقاطع الطويلة لذلك «الفرح الشعبى» المقيت الذى أصبح مقررا مفروضا مرفوضا فى الكثير من أفلامنا والذى يجرى تنفيذه بذات الطريقة بلا خيال أو ابتكار.. خشبة مسرح بدائية.. فرقة موسيقية الايقاعيات أهم آلاتها عروس وعريس فى الصدارة، مطرب خشن الصوت، مئات من الهلافيت يتابعون بسعار راقصة تؤدى وصلة كاملة... رقصة بلا معنى تتطابق فى تفاصيلها بما فى ذلك التصوير مع رقصات فى أفلام سابقة كأن صناع هذه الأعمال لم يسمعوا عن الأفلام الاستعراضية أو تصميم رقصات تعبر عن روح الفيلم أو عن موقف معين بداخله.. إنها رقصات مجانية يشوبها الابتذال، تشوه أى فيلم، وتهبط به أيا كان مستواه.


كابتن أمريكا

كمال رمزي

الأحد 27 أبريل 2014 - 7:10 ص

امتلاك القوة المطلقة، أمنية تداعب خيال البشر، سواء على مستوى الفرد أو الجماعة منذ فجر التاريخ.. تجلياتها، تتوافر فى الملاحم، مثل «الإلياذة» و«الأوديسة»، «أبوزيد الهلالى» و«سيف بن ذى يزن». بالإضافة لـ«ألف ليلة وليلة»، وغيرها من أعمال خلبت لب الأجيال المتعاقبة، حتى وصلت إلى عصرنا الحديث، لتجد مناخها النموذجى فى عالم الأطياف، وبالأخص، على شاشة السينما الهوليوودية التى هامت إعجابا بذوى القدرات الخارقة، وبالأخص، من «هرقل» حتى «رامبو»، وقدمتهم بتبجيل يتمشى مع هوس العمل سام بالتفوق والهيمنة على الكرة الأرضية، بشعوبها، ومصادر طاقتها، بزعم محاربة الأشرار من ناحية، ومواجهة غزاة الكواكب الأخرى، من ناحية ثانية.

طابور ذوى القدرات الهائلة طويلة، أشكال وألوان، من بينهم سوبرمان، الرجل الأخضر، الرجل الوطواط، الرجل العنكبوت، فضلا عن «كابتن أمريكا».. وهذا من باب المثل لا الحصر.. الملاحظ ان هذه النوعية من الأبطال، تزدهر حين تكون الولايات المتحدة قلقة، مهددة على نحو ما، تريد من خلال الفن السابع، رفع الروح المعنوية لجمهورها، والتأكيد على فكرة الانفراد بالقوة التى لا يحدها حدود.

«كابتن أمريكا»، ظهر لأول مرة عام 1941، وسط دوامة الحرب العالمية الثانية، وازدادت أهميته عقب قيام القوات اليابانية بغارة «بيرل هاربر» المروعة، ضد الأسطول البحرى للولايات المتحدة، المتواجدة فى جزيرة «أواهو» مما دفع واشنطن إلى الإعلان رسميا، عن دخول الحرب.. جاء ظهور الكابتن فى رسوم «الكومكس»، قصته المصورة تحكى عن الشاب الضعيف البنية، المصاب بالربو، الملىء بالروح الوطنية، الذى يفشل المرة تلو المرة فى الالتحاق بالجيش، لانه غير لائق طبيا. لكن، فى المرة الأخيرة، يلفت نظر ضابط كبير، معه عالم يجرى أبحاثا تهدف إلى زيادة قدرات بعض الجنود، تجعلهم على درجة بالغة التفوق. يقع الاختيار على الشاب العليل، الذى يغدو أشد ذكاء، وقوة، وبأسا.. يدخل معركة تلو أخرى، ضد الجيش الألمانى، وضد الجاسوس النازى، الذى يحاول سرقة أبحاث العالم الأمريكى.. كابتن أمريكا، ينتقل من نجاح لنجاح، ومن نصر لآخر، وقد استقام جسمه، وأصبح سليما، يرتدى زيا محليا بعلوم الولايات المتحدة.

بعد ستين عاما من اختلاف الكابتن فى «الكومكس»، وبعد تدمير البرجين العملاقين، وبعد دخول العم سام، بافتراء، فى حربى العراق وأفغانستان، يعود الكابتن، سينمائيا هذه المرة، فى فيلم «كابتن أمريكا.. المنتقمون» الذى حققه جو جنستون 1911، واتسم بالايقاع السريع والمواجهات العنيفة، والأهم أنه يشيد بنبل بطله الذى يراهن بحياته من أجل «المثل العليا».

نجاح «كابتن أمريكا» دفع صناع السينما الهوليوودية إلى إنتاج الجزء الثانى، الذى يعرض الآن، محققا قصب السبق فى شباك التذاكر، والذى أخرجه الأخوان انتونى وجو روسو، وتعمدا زيادة جرعة المطاردات والمؤامرات والتفجرات، مع الإسهاب فى المؤثرات السمعية والبصرية، وبطريقة ترضى أجيال الألعاب الرقمية، ولكن، بالنسبة لأمثالى من كبار السن، تزعجهم أشد الإزعاج، وقد لا يرون فيها سوى سلسلة سقيمة من معارك تستخدم فيها أسلحة متطورة، تطلق كمية نيران هائلة، وإشادة بمؤسسات أمريكية، تهدف إلى تدمير مؤسسات شريرة.

جدير بالذكر أن أرباح «كابتن أمريكا.. جندى الشتاء» دفع بشركة الإنتاج إلى الإعلان عن إطلاق الجزء الثالث من السلسلة، فى العام 2006، وبينما سارعت مصانع الملابس لتخصيص خطوط إنتاج لصنع أزياء مستوحاة من العلم الأمريكى، على غرار بذلة «جندى الشتاء»، ابتكرت شركات الألعاب الرقمية مباريات كالتى يدخلها البطل الخارق، ضد أعدائه الأقوياء.. أما كباتن مصانع «شيفرولية»، فإنهم اعتبروا أن السيارة المصفحة، ذات الإمكانات الواسعة، فى السرعة، والوقوف فى لحظة، عبور الحواجز الأرضية، والقفز إلى مسافات طويلة، بطلة لا تقل أهمية عن أبطال الفيلم، وبالتالى، بدأت نماذجها تظهر فى معارض نيويورك وباريس والخليج، والمتوقع ان يغدو الإقبال عليها كبيرا.. هكذا «كاتبن أمريكا»، لا تفوته التجارة والصناعة، وهو يؤكد استحقاق بطلة، فى قيادة العالم.

 

البعض جاء ليكحلها.. فأعماها

كمال رمزي

الثلاثاء 22 أبريل 2014 - 8:00 ص

أشفقت بشدة على رئيس الوزراء، الأسباب كثيرة، فى مقدمتها وقوعه فى فخ مساعدين ومستشارين لا يقدمون له معلومات صحيحة. أغلب الظن عن جهل وليس سوء نية، فمنذ عدة أيام، تجرى محاولات خائبة لتجميل القرار الشائه، المتعلق بسحب ترخيص عرض «حلاوة روح».. تحدث رئيس الوزراء عن الحدوتة مؤكدا أن فكرة الفيلم المصرى مقتبسة من عمل إيطالى وأن الكنيسة الكاثوليكية فى روما اهتزت وقت عرضه.. طبعا، هو يقصد فيلم «مالينا»، الجميل الذى حصد العديد من الجوائز العالمية فى المهرجانات الدولية، ونال مخرجه تورنا تورى تقديرات نقدية رفيعة، ولم يواجه «مالينا» أى اعتراضات، سواء من الكنيسة أو مؤسسات أخرى، ذلك انه، جوهريا، يهاجم الحرب، وينتقد قسوة الآخرين تجاه امرأة وحيدة.. مشكلة «حلاوة روح» انه لم يقتبس روح «مالينا» وتوقف عند بعض قشوره الخارجية.

بعد أن منح رئيس الوزراء لنفسه، مهمات وكيل النيابة، والقاضى، والحاكم العسكرى، أصدر حكمه البات، المنفذ فورا، بسحب ترخيص عرض العمل.. ثم يعلن لاحقا، وبوضوح انه لم يشاهد الفيلم، لكن مساعديه، سامحهم الله، عرضوا عليه مشاهد وبعض المقاطع، وبناء عليه اتخذ قراره ــ هنا، لابد من القول انه من الممكن انتقاء مقاطع معينة من الافلام ذات القيمة العالية، لفللينى أو سكورسيزى أو صلاح ابوسيف أو يوسف شاهين، كى تعطى انطباعا خاطئا عن هذه الافلام، وحتما، سيكون الحكم عليها جائرا.. تماما، مثل القاضى الذى يحكم فى قضية لم يقرأ من اوراقها إلا عدة صفحات.

الغريب، بل الممجوج فى الأمر أن بعض أباطرة مجالس المرأة والطفولة، ممن ظهر على الفضائيات تحدث عما ورد فى الفيلم بشأن علاقة كاملة بين صبى وامرأة، وهى مسألة لا وجود لها.. وذهب البعض الى الزعم بقيام الصبى باغتصاب المرأة، الأمر الذى يبين بجلاء داء الكذب المتفشى عندنا، وإذا كان من حق كل انسان أن يرفض أو يقبل العمل الفني، فإن ما لا حق فيه اختلاق ما ليس موجودا فى الفيلم.

توالت محاولات تبرير القرار الفريد فى بابه، أو الغريب إن شئت الدقة، فلأول مرة، منذ بدأت صناعة السينما فى مصر، مع العشرينيات من القرن الماضى، يصدر رئيس وزراء، قرارا مثل هذا ــ قيل فى دوافع إلغائه على «حلاوة روح»، حسب روايات رسمية، أن رئيس الوزراء، تأثر بعمق، اثر لقائه بوالدة الطفلة المغدورة «زينة» واستماعه الى وقائعها، وبالتالى، اتخذ قراره.. هذا الكلام الفارغ يثير اكثر من سؤال، فهل كان الرئيس يحتاج للقاء الأم كى يتأثر، علما بأن هذه الجريمة المروعة هزت الشعب المصرى كله.. ثم هل استنتج الرجل أن الذئبين المنحطين أقدما على فعلتهما المشينة بسبب مشاهدتهما للفيلم الذى لم يعرض إلا بعد شهور من دخولهما السجن.. وهل لم يدرك أن الوغدين هما نتاج مجتمع مختل القيم، يحتاج علاجه لجهوده، وجهود الجميع، خاصة مجالس الأمومة والطفولة، تلك التى نسمع صراخها وعويلها من دون أن نلمس منها فعلا جادا.

الجوقة المفلسة، التى مهدت وهللت للقرار، أمرها عجيب بحق. جزء منها يرد عبارات طنانة، جوفاء، متوارثة من ايام التخلف الطويلة، تطالب بالحفاظ على «تقاليد المجتمع وقيمه»، وهو قول بائس. آن الأوان كى نناقشه، ذلك انه يؤدى الى ثبات تقاليد وقيم تعيسة، لابد للمجتمع أن يلفظها، إذا اراد التقدم نحو الأفضل.. الاخذ بالثأر، من «تقاليد» الجنوب المزمنة، هل يليق بنا تقديسها.. ختان البنات، من عاداتنا المحجوجة، نجد من يحاول احياءها بعد أن كادت تنزوي.. ولك أن تضيف ما قاله احد مساعدى الرئيس فى تبرير وتزيين القرار التعسفى فجاء كلامه تصغيرا مؤلما لحجم مصر.. قال إن هدف سحب الترخيص هو «الحفاظ على الهوية الوطنية».. ولم يلتفت الى انه اذا كانت هوية اى وطن من الممكن أن تضيع أو تهتز، من مجرد فيلم، فإنها لا تستحق البقاء على قيد الحياة.

 

ارفعوا أيديكم عن «حلاوة روح»

كمال رمزي

السبت 19 أبريل 2014 - 9:30 ص

لم أصدق أن رئىس الوزراء، المهندس إبراهيم محلب، قرر إيقاف عرض «حلاوة روح»، ذلك أن آمالى فى رجل يرنو ويتمنى مصر جديدة، يترك مكتبه المكيف لينزل إلى الواقع، لا ليكتشفه، لكن ليتابع حل مشكلاته. رجل ودود وحاسم، نشط وصاحب ضمير يقظ..

رجل مثل هذا، نتوقع منه الكثير، يفاجئنا أنه شمر أكمامه، وبدلا من أن يصارع وحش البطالة، وعصابات تهريب السلاح والمخدرات، وآفة هدر المياه، وغول الجهل والتعصب، بدلا من كل هذا، وغيره، نراه وقد امتشق درعه وسيفه، ودخل ساحة الوغى، ليوقف بعنترية، عرض الفيلم الغلبان، الذى أشبعناه نقدا.. هكذا، كأن المهندس ــ رئيس الوزراء ــ أسد، أو مجالد رومانى، ألقى بشبكته، ليصطاد فأرا.. ولم ينتبه إلى أن الفأر، إن عاجلا أو آجلا، سيقرض حبال الشبكة، ويخرج سليما، وتكتب له النجاة، وطول البقاء، على نحو يمتد زمنا، أطول من ولاية رئاسة الوزراء، وهى قصيرة بكل المعايير.

من لا يتعلم من التاريخ، سيحكم عليه الزمن، أن يعيش ذات التجارب، مرة أخرى.. فى عام 1976، بناء على تشكى بعض المصريين المقيمين فى التاريخ، مما ورد فى فيلم «المذنبون» من مشاهد «تسىء لسمعة مصر»، اندفع عدد من أعضاء مجلس الشعب نحو التنديد بالفيلم، والمطالبة بمنعه. استجابت الحكومة، بحماس، للابتزاز.. ووصل الأمر لحد معاقبة الرقباء الذين وافقوا على عرض الفيلم.. تم هذا مع توغل الفساد وبيع ممتلكات الدولة. ولم تكن الواقعة سوى مقدمة لتكميم الأفواه ومصادرة مجلات وصحف لا تبارك خطوات السلطة المشكوك فى أمرها، مثل مجلتى «الكاتب» و«الطليعة».. دار الزمن دورة، وثانية، ونسى الناس أعضاء مجلس الشعب الأشاوس، ووزير الثقافة، المرتجف أو المتواطئ حينذاك، بل ورئيس الوزراء أيامها.. وبقى «المذنبون» لسعيد مرزوق، الذى لا يزال يعرض على معظم القنوات.

فى 1983، تم سحب ترخيص عرض فيلمى «خمسة باب» لنادر جلال و«درب الهوى» لحسام الدين مصطفى، بادعاء الحرص على «حماية الآداب العامة والمحافظة على الأمن والنظام العام ومصالح الدولة العليا».. أسباب المنع هنا، تشير بجلاء إلى تهافت «الأمن العام والنظام العام»، المذعورين من شريطين سينمائيين.. المخرج المقاتل، حسام الدين مصطفى، أقام الدنيا ولم يقعدها إلا بعد إلغاء سحب ترخيص الفيلم وإعادة عرضه بحكم قضائى نزيه، ووقف الرأى العام إلى جانب «خمسة باب».. وبينما ذهب أباطرة السلطة، ممن وقفوا ضد الفيلمين، ببقى «خمسة باب» و«درب الهوى»، ينبضان بالحياة، على الشاشة الصغيرة.

الأمثلة كثيرة، فلنتذكر «لاشين» قديما و«العصفور» حديثا.. والآن، تعاد الوقائع من جديد، وكالعادة، تجد مؤسسات، المفروض أنها كبيرة ومحترمة، تنجرف إلى المطالبة والتهليل للإيقاف والمنع والمصادرة.. إحدى المفارقات الصارخة، تكشف عن نفسها، حين لا نسمع صوتا للمجلس الأعلى للمرأة، أو مراكز الدفاع عن الطفولة، ضد ما يتم من اغتصاب وقتل، للنساء والأطفال، بنين وبنات.. بينما يرتفع شجبهم وعويلهم،، ضد «حلاوة روح»، لأن صبيا مراهقا، يحلم بفتاة ناضجة، أو لأن ثمة مشهد اغتصاب، وهو مشهد لا إثارة فيه، بل بالعكس، يؤدى إلى نفور المتفرج من ذلك الفعل الخسيس. إنه مشهد لا يثير إلا ذوى النفوس المريضة.

رئيس الوزراء، بجلال قدر المنصب، يصدر قراره بإيقاف الفيلم، من دون إذن من النيابة، أو إحالة إلى لجنة، أو أخذ رأى المجلس الأعلى للثقافة.. لا أظن أنه شاهد الفيلم، فقط هو سمع عنه، وقرر، ونفذ.. ثم تستكمل الكوميديا السوداء بموقف وزير الثقافة، الذى بدلا من أن يحتج على القرار الذى يتجاوز اختصاصاته، يبادر وبعد عدة ساعات، إلى «إحالة المسئول عن عرض الفيلم إلى التحقيق».. وللرقابة، وعلى رأسها المخرج أحمد عواض، أقول: لا تخافوا.. نحن معكم.. صحيح الأمور ليست بخير، ولا تنبئ بالخير، لكن، بالتأكيد «حلاوة روح» «سيكون أطول بقاء» ممن يحاولون إزهاقه.. هكذا يعلمنا التاريخ.

 

حلاوة روح

كمال رمزي

الثلاثاء 8 أبريل 2014 - 7:45 ص

كان من الممكن تفادى الاتهام القاسى بالسرقة الذى وصف به صناع الفيلم، لو أنهم ــ منذ البداية ــ أعلنوا أن عملهم مقتبس من، أو مأخوذ عن، أو أى تعبير آخر يشير إلى المصدر الأصلى، وهو أمر لا يضير «حلاوة روح»، فالكثير من أفلامنا الجيدة، جرى التعامل معها باحترام، يقر مبدعوها بأنها مستوحاة من أعمال روائية ومسرحية وسينمائية. لكن أن يتم تجاهل الأصل، على الأفيش، وفى البيانات على الشاشة، فهذه هى المشكلة، خاصة أن الأصل من الجواهر التى لا تنسى: «مالينا» بطولة مونيكا بيولتشى، ومن إخراج القدير، صاحب «سينما باراديو»، الإيطالى، جوزينى تورناتورى.

«الينا»، امرأة فاتنة، مبتلاة بجمالها، تلهب خيال الرجال، تثير كراهية النساء. نموذج يتوفر فى الحياة، غالبا ينتهى بمأساة. الفيلم الإيطالى الذى يروى من وجهة نظر فتى مراهق فى الثالثة عشرة من عمره، يدور فى أحد بارات جزيرة صقلية. يستغرق سنوات الحرب العالمية الثانية، يهتم بالزمان والمكان، فضلا على نقده اللاذع، الناعم، لأخلاقيات الرياء، وجنون التفوق، وغطرسة القوة، عند شعب يدفع فاتورة غالية لمسالبه.

كاتب السيناريو المصرى، على الجندى، فى أول أعماله، اكتفى بحكاية المرأة المثيرة «روح» المتفجرة بالحيوية والعنفوان، التى تغدو حلما جنسيا عند الجميع، بأداء هيفاء وهبى، الملائمة تماما للشخصية، وكما يحدث فى «مالينا»، يتلصص عليها فتى مراهق، يعشقها، يتابعها، لا يستطيع الادفاع عنها إزاء الكارهات لها.. لكن مشكلة السيناريو أنه، بلا زمان، ولا مكان، وبالتالى، بدا معلقا فى الفراغ. رؤيته ضئيلة، مسطحة، يعلوها ضباب.. الحارة هنا، بنماذجها البشرية، تبدو كما لو أنها «درب طياب»، إحدى المناطق المعروفة بالانحرافات، إبان الثلاثينيات فى القاهرة.. لا نرى من النساء سوى بعض العاهرات، يقوم بتشغيلهن «برمجى» عتيد، قواد، دنئ، يؤدى دوره، باسم سمرة، المعتمد، هذه المرة، على كليشيهات من دون خصوصية، يتفق مع هذه وتلك، من ساكنات الحارة، على قضاء ليلة حمراء عند هذا وذاك، وأحيانا، يكاد يتفرع لخدمة تاجر المخدرات، الوحشى الطباع، المستثار، الغاضب دائما، بأداء تقليدى من محمد لطفى.. انه يريد «روح»، المؤدبة، بأى ثمن وأى طريقة.. يعده القواد بتلبية طلبه، المرة تلو المرة، بلا فائدة.. ثمة عازف «الترمبيت» الضرير، المتشمم لرائحة «روح»، بخيشومة كلب عجوز، المتحايل على الاقتراب منها، بكل الطرق. كان من الممكن الاستفادة، إنسانيا، من هذه الشخصية التى جسدها، على نحو كروكى، صلاح عبدالله، أو على الأقل، استخدام آلته النحاسية فى مصاحبة مشاهده.

فى حارة «حلاوة روح»، لن ترى مدرسا أو موظفا أو عاملا.. فقط رجال إمعات، يأتمرون بأوامر تاجر المخدرات، القوى البنية، الأقرب للفتوات.. إنه شأنه شأن البرمجى، من مخلفات «درب طياب».. كذلك الحال بالنسبة للنساء. لا وجود لسيدة محترمة، أو عادية، تلميذة فى مدرسة أو طالبة جامعية، بل تخلو من الأمهات، اللهم إلا والدة الصبى المراهق، هى زوجة القواد، تحمل وليدا على ذراعها، وتتقبل إهانات زوجها الوغد، من دون مقاومة أو احتجاج.. بالإضافة لوالدة زوج «روح»، الغائب للعمل فى الخليج، إنعام الجريتلى، التى تتهم زوجة ابنها، بتعمد إظهار فتنتها.. الأم، تموت سريعا، إثر نوبة قلبية، لتفتح الباب للوحوش.

سامح عبدالعزيز، المجتهد فى «الفرح»، يحاول إضفاء قدر ما من الحيوية على فيلمه، سواء بحركة الكاميرا أو بحركة الممثلين داخل الكادرات، لكنه يبدو، جوهريا، معوقا، بمشاهد، ومقاطع، بلا ضرورة، مثل تلك الأغنية الطويلة، الكاملة، المحلة، التى تنطلق بها عقيرة حكيم، ومواقف الراقصة المعتزلة، الطيبة القلب، نجوى فؤاد.

«روح»، تتعرض للاغتصاب، فى مشهد طويل، حيث تأجر بالصراخ، ويقوم القواد بالمساعدة فيما يحدث، تمزيق ثياب، وظهور قطع من اللحم، ممزوج بالدم.. ثم تتعرض «روح» لعلقة موت، من النساء، وتغادر «درب طياب» جريحة، مفككة الأوصال.. إنه فيلم بلا حلاوة.. وبلا روح.


يسرية المغربية

كمال رمزي

السبت 5 أبريل 2014 - 8:40 ص

وقعت فى غرامها، فنيا، منذ اللحظة الأولى: سيدة متقدمة فى السن، بدينة، راسخة البنيان. جلبابها الواسع، القديم، يوحى بأنه لم يفارق جسمها طوال أعوام. تعصب رأسها بمنديل، فوقه طرحة. ملابسها كلها سوداء.. إنها جدة هيام ـ ياسمين رئيس ـ فى «فتاة المصنع». لا تظهر إلا فى عدة مشاهد لا تتجاوز عدد أصابع الكف الواحدة. لكن، حضورها الطاغى جعلها من أقوى عناصر الفيلم ألَقًا، بل منحه قدرا غير قليل من مذاق الحقيقة.. الجدة، ممثلة مجهولة تماما، لم نشهدها على شاشة السينما من قبل، وبالتالى، من المنطقى أن يطرح السؤال عن عوامل نجاحها.

شطر كبير من الإجابة نجده عند المخرج السينمائى الروسى الشهير، ميخائيل روم، فيما يسميه «سر الشاشة»، حيث يروى، بأسلوبه الممتع، عن ذلك الكومبارس، الضخم الجثة، المزعج، الذى لا يستوعب ما يقال له. كان على الرجل أن يقف، مع آخرين، فوق تل، ومع صوت الانفجار، يتساقط الجميع قتلى.

انزعج «روم» حين فوجئ بصاحبنا يتلفت حوله، عقب الانفجار، ثم يتهاوى أرضا، بتراخٍ، كما لو أنه يخشى اتساخ بزته العسكرية. بعد تأنيب الكومبارس، أعيد تنفيذ المشهد، فما كان من المزعج، إلا الوقوع أرضا، فورا، إثر دوى الانفجار.. أعاد المخرج تصوير الموقف مرة ثالثة.. جاءت النتيجة غير مرضية.. فى المساء، شاهد «روم»، مع طاقم الفنيين، وآخرين، ما تم إنجازه. فوجئ «روم» ومن معه بسطوع الرجل الذى بدا، فى المشاهد المتكررة، آية فى قوة الإقناع والتأثير. عندئذ أدرك «روم» ما أطلق عليه «سر الشاشة» ، فالكاميرا، ليست آلة تصوير سلبية، لكن تحس على نحو ما، تحب وتكره، والواضح أنها هامت بذلك الكومبارس الذى أصبح قاسما مشتركا فى أعمال «روم» اللاحقة.

أحسب أن شيئا من هذا القبيل حدث مع السيدة المذكورة أعلاه. الكاميرا أحبتها، تشبثت بها رغم محاولة المصور أن يبعدهما عن بعضهما.. فى مشهدها الأول، تجلس على حجر بجوار فرن مزدحم. علامات الضيق واضحة على وجهها. حفيدتها تأتى بكمية كبيرة من العيش. تضع نصيب الجدة فى السلة. الجدة الغاضبة تعيد للبنت الأرغفة المجعدة. الحفيدة «هيام» تستسلم لمطالب العجوز القوية الشكيمة، ذات الثقل النفسى الذى يجثم على المشهد مستكملا الأجواء الرمادية للحارة المنسية.

كاتبة السيناريو الماهرة، وسام سليمان، رسمت شخصية العجوز بريشة فنان من المدرسة الوحشية، مظهرا ومخبرا، فهى على درجة عالية من الشراسة، تشعرنا بأنها موغلة فى الأنانية، لئيمة، قلبها كجلمود صخر.. فى المشهد التالى لها، بعد استدراج صديقاتها ـ على شاكلتها ـ لحفيدتها، تطالعنا ككتلة سوداء بلا ملامح. تنقض على «هيام»، المطروحة أرضا، تضع قدمها على خدها. تجز شعر البنت بلا رحمة أو تردد. لقطة أصابع القدم، بأظافرها الأقرب لمخالب الطيور الجارحة، فوق وجه «ياسمين رئيس»، المفعم بالألم، غدت من أيقونات صور الفيلم.

«الجدة»، تخاف الموت. تتعلق بأهداب الحياة.. أرملة ابنها، سلوى خطاب، تدرك هذه الحقيقة. تثأر لابنتها حين تخطرها بأن ابنها زارها فى المنام وسأل عنها طالبا رؤيتها.. هنا، الموقف يستلزم الاهتمام بوقع الكلمات على المستمعة. لكن صناع الفيلم بخلوا على السيدة العجوز أن تكون فى صدارة المشهد، فأفردوه لسلوى خطاب واكتفوا بتصوير الجدة من ظهرها، مع صوتها المشروخ بالخوف: هو اللى هاييجى ولا أنا اللى هاروح له.

«الجدة»، فى الفيلم، بلا اسم.. طبعا، اسم الممثلة لم يأت فى بيانات العمل الجميل.. لم تذهب مع فنانيه إلى زيارات الفضائيات. سألت محمد خان عنها.. بعد فترة صمت، على التليفون، طلب منى الانتظار دقيقة ليتأكد من اسمها.. قال لى إنها مصرية، اسمها «يسرية المغربية».


فتاة المصنع

كمال رمزي

الثلاثاء 1 أبريل 2014 - 6:00 ص

تذكرت، على نحو حميمى، قصيدة صلاح عبدالصبور «الناس فى بلادى»، ومطلعها «الناس فى بلادى جارحون كالصقور ــ غناؤهم كرجفة الشتاء، فى ذؤابة الشجر ــ وضحكهم يئز كاللهب فى الحطب ــ خطاهم تريد أن تسوخ التراب ــ ويقتلون، يسرقون، يشربون، يجشئون ــ لكنهم بشر».. هكذا، لأن شاعرنا المرهف، منذ ما يقرب من الثلاثة أرباع قرن ــ 1957 ــ يبدو كأنه يجسد أحوال الأهالى، فى أحدث أفلام الراسخ، الصارم فى جديته، العابث فى مزاحه، السبعينى المتقد بروح الشباب، الطموح صاحب الإنجازات المتلألئة، محمد خان.

الحارة التى تسكنها بطلتنا هيام ــ ياسمين رئيس ــ ليست عشوائية، فقط موغلة فى القدم، شعبية، بيوتها متداعبة، ضيقة، خانقة، متساندة إلى بعضها، تماما مثل قاطنيها، يعيشون مع بعضهم بعضا، بحكم الصورة، تندلع الخلافات بينهم، تتحول إلى مشاجرات، خصومات، عداءات، لكن الحياة لابد أن تستمر، والعلاقات المتوترة تظل على حالها، هنا، شقق صغيرة، قليلة الأثاث، تعبر عن أوضاع أصحابها.. الفيلم أكبر وأوسع وأعمق من حكاية «هيام»، العاملة فى مشغل ملابس، ترنو بآمالها نحو المشرف الشاب، المهندس صلاح ــ هانى عادل ــ ابن الطبقة الأعلى منها درجة السلم الاجتماعى، فهو، ابن ما تحت الطبقة الوسطى، أى أن الفارق بينهما ليس واسعا، ومع هذا، فى مواقف قليلة، يظهر الاستعلاء الطبقى جليا، فى موقف والدته المتعجرف من «هيام».. محمد خان، مع كاتبته المتمكنة، وسام سليمان، بطريقة، يروى العديد من القصص، بطريقته المختزلة، الموحية، التى تبدو الواحدة منها، كرأس جبل الجليد العائم، تخفى أكثر مما تظهر، ولكن تعبر عن حجم الحكاية. فمثلا، تدور معركة كلامية، تنذر بعاقبة سيئة، بين زوج والدة هيام، الضئيل الجسم، وأحد جيرانه، بسبب عربة نصف نقل، متشاركان فى ملكيتها، وبمعلومة واحدة، وهى أن السيارة لا تحقق ربحا، ندرك أن الرجلين البائسين، دخلا فى مشروع فاشل، جعلهما يضيقان ذرعا بالشراكة وبالحياة.. كذلك فى مشهد واحد، نرى، من وجهة نظر «هيام» الواقفة فى الشرفة، المهندس، المتهم بالتسبب فى حملها الكاذب، مضروبا، متورم الوجه، ممسوكا كاللصوص، يجرجره أعمامها.. طبعا، لم نشهد كيف ذهبوا له، وكيف استدرجوه، ومتى انهالوا عليه باللكمات، فعند محمد خان، لقطة واحدة تكفى، وتبين أن الناس، فى لحظة ممكن أن يتحولوا إلى صقور جارحة.. ينتهى الموقف بواحدة من دعابات خان: «هيام»، تضغط على سور الشرفة التى تعلم أنه متآكل. تسقط معه، لكن حبال غسيل الدور السفلى تنقذها من الموت.

رءوس جبال الجليد العائمة، لا تتناثر فى الفيلم على نحو عبثى، فبينها وشائج تخدم بعضها بعضا، فمثلا، ها هو زوج الأم، فى موقف لاحق، يبنى سور الشرفة، مستبدلا الأخشاب بقوالب الطوب، مما يعنى أن هؤلاء المنسيين، يملكون القدرة على ترميم حياتهم.

شطر كبير من الفيلم، يدور داخل المشغل، تتجلى فيه واقعية محمد خان الناعمة، فبعيدا عن الشاعرية، أو الخشونة، تطالعنا وجوه الشابات العاملات، بطموحاتهن الصغيرة، المشروعة، كالحصول على حوافز الإنتاج، أو قضاء نهار فى رحلة إلى شاطئ البحر.. وبإشراق، يسترسلن فى حلم ذلك الزوج، الفارس، الذى ينقل الواحدة منهن، من حال لحال، إن حظهن ضنين، يقتاتون بالأمل.

ببراعة، اختار محمد خان، نماذجه البشرية. كلها قادمة من قلب الحياة، يتمتع أداؤهم بقدر كبير من العفوية الطبيعية، سواء من المحترفين، سلوى خطاب، وأختها فى الفيلم، سلوى محمد على، بنقارهم الدائم، أو من غير المحترمين، مثل المرأة العجوز، البدينة، التى أدت دور الجدة القاسية، الأنانية، ذات النزعة الوحشية، إنها مذهلة تبدو كما لو أنها تكره الجميع، ربما بسبب وفاة ابنها واقتران زوجته ــ سلوى خطاب ــ برجل آخر.. وها هى الجدة، كالصقر، تنقض على حفيدتها، هيام، المكبلة، لتدهس وجهها بقدمها، وتقص شعرها، بلا تردد.. إنها تعطى للفيلم مذاق الحقيقة.

يستدرجنا محمد خان، فى لعبة من ألاعيبه، إلى الظن بأن بطلتنا، بعد انقطاع الدورة، حامل من المهندس، لكن، عقب ذهابها للمستشفى، إثر سقوطها من الشرفة، نعلم أنها لا تزال عذراء.. وندرك أن الدورة لم تنقطع إلا بسبب الأنيميا، وسوء التغذية.

فى مشهد جميل، مصرى تماما، تلقى سلوى خطاب بشعر ابنتها فى النيل، وهى تترنم بالدعاء: يا كبير، يا نيل يا كبير، ادى لبنتى شعر طويل.. وتواصل تغنيها، كما لو أنها تلخص أسلوب الفيلم، فى تدفقه النهرى، وقدرته على البقاء والاستمرار والعطاء، برغم العناء.

الشروق المصرية في

29.04.2014

 
 

يدرس التمثيل والإخراج ويمارسهما

محمود ماجد: السينما تتطلب التسول والتوسل

بيروت - هناء توبي: 

المخرج والممثل محمود ماجد تعلم الإخراج والتمثيل ويدّرسهما، شارك في عدد من المسرحيات والمسلسلات ولعب أدواراً تتنوع ما بين الخير والشر، وتلامس الإنسان كما هو، تميّز في مجموعة الأفلام الوثائقية التي أخرجها تباعاً وآخرها كان "أطفال الشوارع" إضافة إلى فيلم "المخدرات وتأثيرها في المجتمع" .

·        منذ انطلاقتك تخصصت في إخراج الأفلام الوثائقية، ما الذي دفعك لهذا الخيار؟

- منذ درست الإخراج والتمثيل في كلية الفنون قررت التخصص في الوثائقيات، سافرت وخضعت لدورات تدريبية في محطة "الجزيرة" على أيدي أساتذة بريطانيين ثم قدّمت فيلماً عن مرض التوحد ألقيت فيه الضوء على حياة شاب مصاب بالمرض، وحظي بنجاح كبير لأنه طاول الموضوع من مختلف جوانبه الإنسانية والطبية والتثقيفية . هذا النجاح زادني رغبة في إخراج الأفلام الوثائقية الهادفة، خاصة وأنني أؤمن أن الفن رسالة يمكن من خلالها تصحيح اعوجاج ما أو دق ناقوس الخطر حول قضية ما، وقد حظيت بدعم من تلفزيون "الجديد" ووزارتي الثقافة والشؤون الاجتماعية وتابعت مشواري في هذا المجال .

·        آخر أعمالك "المخدرات" و"أطفال الشوارع"، ماذا عنهما وبماذا يختلفان عن غيرهما من الأعمال المشابهة؟

- فيلم "المخدرات وتأثيرها في المجتمع" جاء نتيجة أبحاث ميدانية مع 15 جمعية متخصصة في هذا الشأن ولفتتني جمعية مجدي علاوي حيث استعانت بأشخاص عانوا الإدمان وتحولوا إلى معالجين يساعدون كل مصاب بهذه الآفة على الشفاء منها، جديد العمل هو التجربة الفريدة ومشاركة المصابين أنفسهم في سرد قصصهم وتصويرها ضمن إطارها الدرامي المؤثر، أما قضية "أطفال الشوارع" تعمدت فيها إبراز ظاهرة التسول ضمن إطارها التنظيمي والمافيا التي تديرها وتنشرها، وهذا الفيلم سيعرض في الدول العربية وأنتج بالتعاون مع المجلس الأعلى للطفولة في العالم العربي والأمم المتحدة .

·        هل تولي اهتمامك بهذه القضايا أكثر من اهتمامك بما قدمته من أعمال عن وديع الصافي وحكمت وهبي وغيرهما؟

- كل فيلم وثائقي أعده وأكتبه وأخرجه بمصداقية عالية واهتمام كبير، عندما قدّمت عملين عن العملاقين وديع الصافي وحكمت وهبي أظهرت أهميتهما ودورهما وتأثيرهما الفاعل في الحياة، لكن سرد السيرة الذاتية يختلف إخراجياً عن القصة الاجتماعية الدرامية .

·        لأية درجة تعنيك درجة الإقبال على مشاهدة العمل؟

- يهمني كثيراً أن يحظى بنسبة مشاهدة عالية، أعتمد التشويق أساساً ومرتكزاً لمتابعة الأحداث فأُقدم في كل "لقطة" حدثاً جديداً يبعد المشاهد عن الملل .

·        أين أنت من الإخراج السينمائي؟

- لا يراودني حلم السينما لأنه مستحيل، ويتطلب التسوّل والتوسل، والمنتجون يفرضون شروطاً صعبة ومقيدة .

·        لكن هناك هيئات فنية ثقافية تدعم بعض الأفلام السينمائية وتعطي الفرصة للمخرجين لتحقيق أحلامهم؟

- نعم، الدعم يأتي في الأغلب من بلجيكا وفرنسا، ولست على اتصال مع هذه الهيئات لأنني منشغل بالأفلام الوثائقية التي أقدمها، وبتدريس الإخراج والتمثيل، وبتدريب التمثيل للمكفوفين والمتخلفين عقلياً في عدد من المؤسسات إضافة إلى وظيفتي في تلفزيون "الجديد" .

·        كيف تنظر إلى الإنتاج السينمائي اللبناني حالياً؟

- يتزايد ويتحسن، هناك مجموعة من الأعمال يمكن مشاهدتها والاستمتاع بها .

·        احترفت التمثيل والإخراج معاً، هل تنسى أنك مخرج عندما تقف قبالة الكاميرا؟

- عندما أُمثّل أعيش الشخصية بكل تفاصيلها، أنسى نفسي ولا أكون مخرجاً، تعاملت مع عدد كبير من المخرجين وأبرزهم سمير حبشي ونجدت أنزور والليث حجو وكارولين ميلان، وكنت الممثل فحسب .

·        رغم مشاركتك في عدد من المسرحيات والمسلسلات إلاّ أن دورك في مسلسل "العائدة" حقق شهرة استثنائية، هل كنت راضياً عن "مصطفى" الشرير؟

- منذ بداية مشواري الفني ألعب أدواراً تريحني، أنا ممثل انتقائي ولا أندم على أدوار اخترتها بإرادتي، دوري في "العائدة" حقق الشهرة لأن العمل بكامله حظي بالنجاح والانتشار، كنت الشرير والقاتل والمجرم والمجنون في النهاية، صحيح أن الجمهور كرهني لكنه لم ينكر الجهد الذي بذلته لإجادة دوري المركب والصعب .

·        هل تشترط أن يكون دورك مركباً لتشارك في العمل، كما الحال في "لعبة الموت"؟

- لا شك لديّ معايير خاصة لقبول الدور، لا أمثل رغبة بالظهور والشهرة وجني المال بل أُمثّل حبّاً بالتمثيل واحترافاً له، من هنا أرفض الأدوار الهامشية التي لا تضيف إلى مسيرتي الفنية، وأبحث عن الأدوار التي تطبع في ذهن المشاهد .

·        هل هذا الأمر محصور تلفزيونياً أم مسرحياً أيضاً؟

- بدأت من المسرح وبرزت في "منمنمات" لنضال الأشقر فكيف لي أن أتهاون فيما أقدمه مسرحياً، أحب التمثيل على الخشبة وأعيشه بشغف، بدا ذلك بوضوح في مسرحية "شمس وقمر" لوجدي شيا وإخراج جهاد الأندري . وكنت فيها شاعر الملك المتزلف والدجال، راقني الدور لأنه يجسد شخصيات مازلنا نصادفها في حياتنا المعاصرة .

·        كيف وجدت تجربة التمثيل مع نادين الراسي وعاصي الحلانيظ؟

- تجربة رائعة، وكذلك الحال مع سيرين عبد النور في "لعبة الموت"، وكارمن لبس في "العائدة" تجارب ممتعة أكسبتني صداقات جديدة في الوسط الفني .

·        من خلال موقعك في "الجديد" حيث تنتقي النصوص التي تنتج درامياً، ماذا تشترط في القصة؟

- الشرط الأول أن تكون قريبة من الناس وتلامسهم ما يسهل تنفيذها بواقعية وصدق، الدراما اللبنانية يجب أن تعكس الواقع كما هو حتى تحقق النجاح المطلوب وبدأت تسير على هذا الطريق وتتحسن .

الخليج الإماراتية في

29.04.2014

 
 

مهرجان ...بلا جوائز و لا تتويج !

ليلى بورقعة  

من السنن المتعارف عليها في المهرجانات و التظاهرات المُلحقة بمسابقات أن يتم الإعلان عن النتائج وتتويج الفائزين في آخر المطاف... لكن وقع كسر هذه العادة مساء السبت الفارط  أثناء  اختتام المهرجان الإقليمي بدور الثقافة والشباب الذي انتظم بدار الثقافة بالمرناقية (ولاية منوبة) حيث سقطت العروض الستة المشاركة والممثلة لـ 6 ولايات  من غربال لجنة التحكيم...فكان  اختتاما  بلا جوائز ولا تتويج !

وقد شهدت  فعاليات المهرجان الإقليمي بدور الثقافة والشباب مشاركة ست مؤسسات ثقافية من ست ولايات  حيث شاركت دار الثقافة دوار هشير بمنوبة بعرض «أوديب» ( ألغي بسبب  احتراق وجه إحدى الممثلات في الكواليس) و قدمت دار الثقافة أبو القاسم بزغوان عرض «الأحدب و الغجرية» كما عرض المركب الثقافي نيابوليس بنابل مسرحية «سنشكنش» في حين حمل العرض المسرحي لدار الثقافة المنيهلة بأريانة عنوان «الوتر». أما دار الثقافة الزهراء ببن عروس فشاركت بعرض «بعيدا عن السياسة» و بدورها شاركت دار ابن رشيق بتونس بمسرحية « فاوست»  ...و إثر انتهاء عرض المسرحيات الخمس كان قرار لجنة التحكيم مفاجئا...فلا واحدة من المسرحيات كانت جديرة بالتتويج و بالتالي المرور إلى مرحلة المسابقة الوطنية.

لا للرداءة و «الرعوانية»

وللوقوف على خلفيات قرار لجنة التحكيم اتصلت «التونسية»  بعضو لجنة التحكيم نبيل ميهوب الذي وصف ما  حدث بـ «السابقة في تاريخ  المهرجان الإقليمي بدور الثقافة والشباب بعد حوالي  24 سنة من عمره» مضيفا: «كان الأمر محرجا للغاية... فمن جملة 5عروض تم انتقاء عرضين كانا أفضل من البقية غير أن العرض الأول تضمن كلمات بذيئة و مفردات «فايسبوكية» ...فتم رفضه لاعتبارات أخلاقية  و معايير ذوقية .أما العرض الثاني فحمل بذور مشروع العمل المسرحي لكنه كان سيء الحبكة و«ركيكا»...فلم يقع قبوله .  و في النهاية خيّرنا عدم تتويج أي عرض بدل تتويج أعمال رديئة و «رعوانية» لا تليق بمتطلبات المسرح الجاد و لا تستجيب لقواعد الفن الرابع و لا تحترم الذوق العام

الجهات تتميز على العاصمة

وفي سياق  شرحه  لأسباب تدني مستوى العروض المسرحية الهاوية المشاركة في المهرجان الإقليمي بدور الثقافة والشباب وفق ما ورد في قرار لجنة التحكيم أفاد عضو هذه  اللجنة  نبيل ميهوب  أن هذا الخور و الضعف في الأداء  يعود إلى نقص في التكوين و التأطير و التوجيه  وغياب المشرفين المختصين والأكفاء على رأس النوادي المسرحية ...

وأشار أستاذ المسرح  نبيل ميهوب  إلى أن لجنة التحكيم رصدت عروضا مقبولة و «حلوة» بالمناطق الداخلية على غرار باجة و الكاف  بالمقارنة بمشاركات ولايات تونس الكبرى قائلا: «لاحظنا أن ناشئة الجهات المحرومة –ربما- من وسائل التعبير أكثر قدرة على التعبير من أبناء العاصمة  المتاحة فيها كل أشكال التعبير ...»

موقع "التونسية" في

29.04.2014

 
 

عريس يتقدم لنبيلة عبيد بعد حوارها لـ"اليوم السابع"

النجمة:هفكر الأول

كتب العباس السكرى 

لم نكن نتخيل أن الحوار الإنسانى والعاطفى المطّول الذى أجراه على صفحات "اليوم السابع" ـ الزميلان علا الشافعى والعباس السكرى ـ مع النجمة نبيلة عبيد، والتى حكت فيه عن صدماتها العاطفية، وتجاربها الحياتية المملؤة بالشجن تارة والفرح تارة أخرى، وشعورها القاسى بالوحدة، أن يتصل أحد قراّء "اليوم السابع" بعد قراءته للحوار، ليطلب منا المساعدة فى الارتباط بالنجمة نبيلة عبيد والزواج منها.

الرجل الذى ـ نرفض ذكر اسمه ـ حفاظا على مشاعره، شدد فى طلبه على الزواج من الفنانة الكبيرة، حيث يقول "لست مراهقا، وأطلب منكم المساعدة فى عرض طلب زواجى من نبيلة، وأنا فى قمة قواى العقلية، رغم بلوغى الـ 60 عاما"، ويضيف الرجل "لا أهذى بالكلام فأنا أعمل مهندسا ولدى شركة استثمارية، وميسور الحال، وأرمل، وليس لى أبناء".

صدق عاطفة الرجل تجاه الفنانة كانت واضحة أثناء اتصاله بـ"اليوم السابع"، حيث ألح فى طلبه على الارتباط بها، واضعا سنوات عمره المتبقية تحت أمر الفنانة، وأكد أنه يعشق نبيلة الإنسانة والفنانة، وكشف أنه التقى بها مرة واحدة فى أحد الأماكن العامة، ولم يتجرأ على مخاطبتها مباشرة.

وعن الأسباب التى دفعته للتفكير للارتباط بها يقول "لاحظت وأنا أقرأ حوارها أنها تتشابه معى فى العديد من الصفات منها الوحدة، التى أعانى منها الآن، وكراهية الخيانة، وصدق العاطفة، وأرجو عرض الأمر عليها حتى أعرف ردها".

وعلّقت النجمة نبيلة عبيد فى تصريحات لـ"اليوم السابع" على هذا الأمر بضحكتها الرنانة المعروفة قائلة "أكيد أنتم بتهزروا"، وأضافت "هفكّر الأول وبعدين أرد".

اليوم السابع المصرية في

29.04.2014

 
 

إسطنبول ... مدينة ليست للشعراء

قيس قاسم 

تراجعت حدة التظاهرات في متنزَّه جيزي وساحة تقسيم في إسطنبول ولم تعد موضع اهتمام وسائل الاعلام الى درجة أوحى صمتها أن الانتفاضة السلمية التي انطلقت في حزيران (يونيو) الماضي أنتهت وصارت جزءاً من التاريخ... لولا وجود قنوات تلفزيونية لا تستكين لظاهر المشهد وتصر بعناد على معرفة ما يكمن خلفه. فما دفع الملايين للخروج الى الشوارع وتعريض أرواحهم للخطر لا يمكن أن يزول بالقوة مهما أشتدت، وأسبابه الدافعة تظل كامنة... وهذا ما حاول الوثائقي الاسكندنافي «الشعراء في إسطنبول» تدقيقه عبر قراءة «ثقافية» لمعنى متنزَّه جيزي وما الذي دفع الناس للتظاهر ضد قرار الحكومة التركية بإزالته وبناء مشاريع ومحلات تجارية مكانه، وما سبب حماسة الشعراء والكتاب في تصدر التظاهرات؟

في المتنزه قالت الشاعرة والمدافعة عن بقائه بيلين أوزر للصحافي التركي كازار فاتمي الذي كلفته شركة التلفزيونيات الاسكندنافية «نورد فيشن» بإجراء مقابلات مع شعراء أتراك حول تجربتهم في الأحداث وما الذي يعنيه متنزَّه جيزي: «جيزي ملتقى لكل الأتراك الوافدين اليها من أنحاء البلاد المختلفة والمقيمين فيها. شعراء المدينة يلقون قصائدهم فيها ولزوارها حق أخذ ما يشاؤون من كتب مكتبتها المجانية. جيزي متنزه رائع وملتقى للأحبة ومنبر حر للتعبير عن الرأي، «في هذا العالم المختلف يصبح غير الممكن ممكناً».

العلاقة بين الشعراء والأدباء مع السلطة التركية، كما شخصها الوثائقي عبر مراجعة تاريخية لها لم تكن ودية، وتُهَم «اهانة الأمة» التي وجهت الى الروائي أورهان باموك الحائز جائزة نوبل عام 2006، بسبب موقفه الشجاع من إبادة الأرمن وحقوق الأكراد القومية، ليست سوى دليل بسيط عليها، اذ سبقتها اعتقالات طاولت من الكتاب بسبب مواقفهم السياسية والاجتماعية من بين أشهرهم الشاعر ناظم حكمت الذي قضى قرابة 13 عاماً في السجون التركية ولم يسمح بطبع كتبه حتى عام 1965. عندها عرف العالم شاعراً كبيراً سرعان ما ترجمت أعماله الى أكثر من خمسين لغة، واليوم تُمارس وفق الشاعرة التركية حكومة أوردغان السياسة المتشددة ذاتها ضد كل من يرفع صوته في وجهها، وترجمت أخيراً خوفها من الكتاب بإصدارها قانون «المادة 130» والذي بموجبه يمكن محاكمة كل كاتب لا ترضى عليه بتهمة «اهانة الهوية التركية».

أحد أسباب مشاركة الصحافيين والأدباء في احتجاجات حزيران (يونيو) الشعبية أن مساحة الحريات الشخصية والتعبير عن الرأي قد تقلصت في عهد أردوغان وحجبت قنوات حرة وتعرض رؤساء تحرير صحف غير ممولة من الدولة الى المضايقات، ما دفع لتوحيد مطالبهم مع مطالب فقراء المناطق المحيطة بالمتنزه وساحة تقسيم، كما جاء على لسان يوجال غوكتورك مؤسس صحيفة «أكسبريس» الشهرية والصامدة في وجه حصار السلطات. «كتبت طيلة عشرين عاماً عن القضايا والمشكلات التي تواجه المجتمع مثل، حقوق الإنسان والبيئة والفقر والتي هي نفسها اليوم تدفع الناس للتظاهر ضد الحكومة».

في جولة يأخذنا معه معد البرنامج الى «حزام الفقر» المحيط بمنطقة تقسيم وجيزي والذي خططت الحكومة لتهجير سكانه المعدومين من بيوتهم من أجل اعادة بنائها وبيعها ضمن مشروع تجاري كبير استهدف المنطقة القديمة كلها، ما دفع الناس للاحتجاج وفي غضون أيام قليلة وجدوا غالبية شباب ومثقفي المدينة يقفون معهم. لقد تحولت الاحتجاجات ضد إزالة متنزَّه جيزي والأحياء القديمة الى احتجاجات عامة ضد الأوضاع السيئة التي تعيشها غالبية الناس وضد استمرار المشاكل المعقدة من دون حل مثل القضية الكردية التي يقدمها الشاعر الكردي محمد سعيد أيدين، بقوله: «كثر من أصدقائي يقبعون في السجون والمعتقلات ليس لأنهم يكتبون أدباً لا يرضي الدولة فحسب، بل لأنهم أكراد أيضاً. لقد قتل أكثر من أربعين ألف كردي خلال القرن الماضي ولكن وللحق هناك من الأتراك من يعترف بحقوقهم ويقر بقوتهم».

وإذا كانت الهوية الكردية محفزاً قوياً لكتابته الشعر فجيزي بالنسبة اليه تشكل مكاناً لكل الناس بغض النظر عن مستوياتهم الطبقية والأثنية وفيها يمكن المرء رفع صوته عالياً مطالباً بالتغيير. من بين الاسئلة التي وجهها معد البرنامج لكل من التقى بهم «هل أنت خائف؟» فكانت أجوبة الشعراء والصحافيين كلها نفياً. فيما تجد غالبيتهم التجمعات والاحتجاجات العفوية، التي لم تعد تلتقطها كاميرات التلفزيونات، مؤشراً على ديمومة الحراك، فالأمر لم يحسم بعد وما بدأ لا يمكن له أن يتوقف ما دام الناس، من فقراء ومثقفين، قد اجتمعوا على كلمة واحدة: التغيير!

الحياة اللندنية في

29.04.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)