كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

فيلمان في ذاكرة السينما: الدفاع عن المباديء

أمير العمري

 

شاءت الصدفة وحدها أن أعيد مشاهدة فيلمين من كلاسيكيات السينما الأمريكية على يومين متتاليين دون أن أنتبه في البداية، إلى أن الفيلمين، هما في الحقيقة لمخرج واحد، هو فريد زينمان Fred Zinnemann . إلا أن كون زينمان مخرج الفيلمين ليس هو ما جعلني أتوقف أمامهما، بل بسبب ذلك التشابه الكبير فيما بينهما في المضمون والجوهر بل ومواقف الشخصيات، مع الاختلاف الواضح في الأسلوب، ربما بحكم اختلاف الفترة التاريخية التي تدور خلالها الأحداث في كل منهما.

الفيلمان هما "قيظ الظهيرة"  High Noon من عام 1952، و"رجل لكل العصور" A Man for All Seasons من عام 1966. وكلاهما حصلا على عدد من جوائز الأوسكار الرئيسية في زمانه. ولكن بينما اختلفت الآراء حول الفيلم الأول ولاتزال منقسمة حتى يومنا هذا (من التحفظ أو حتى الرفض، إلى الاحتفاء)، كان هناك إجماع مستحق على براعة المعالجة في الفيلم الثاني رغم أنه يستند إلى نص مسرحي من تأليف روبرت بولت (قام هو نفسه بكتابة السيناريو للفيلم، وهو أيضا كاتب السيناريو لفيلم "لورنس العرب").

من الأقوال المأثورة للسياسي البريطاني العظيم توني بن، الذي رحل مؤخرا عن عالمنا، قوله "من الممكن أن نموت من أجل العقيدة، لكننا من الممكن أن تقتل من أجل الدفاع عن المباديء". ولعل هذا القول ينطبق أفضل ما يكون، على موقف البطل الفردي الوحيد في كلا الفيلمين.

قيظ الظهيرة 

في "قيظ الظهيرة" الذي تدور أحداثه في 1870، نحن أمام رجل هو مأمور الشرطة (المارشال) "ويل كين" (جاري كوبر)، تقاعد للتو واللحظة عن العمل في تلك البلدة من بلدات الغرب الأمريكي الخشن، ونشاهده في المشهد الأول من الفيلم وهو يحتفل بزواجه من السيدة "آمي" (جريس كيلي).. تلك المرأة التي تنبذ العنف تماما، بعد تجربتها الشخصية التي سنطلع عليها في وقت لاحق من الفيلم لنعرف أنها فقدت كلا من شقيقها ووالدها وكانا يدافعان عن تأكيد سيادة القانون. الآن أصبحت مرتبطة برجل أنهى عمله في الشرطة، لكنه يرفض المضي قدما في مشروعه المستقبلي معها والرحيل عن البلدة لبدء حياة جديدة في مدينة أخرى. والسبب أن المجرم الذي ظل يروع البلدة لسنوات، والذي قبض عليه كين وكان السبب في دخوله السجن، غادر السجن الآن وهو في طريقه بالقطار الى البلدة للانتقام من كين، ينتظره ثلاثة من أفراد عصابته في محطة القطار.

ماذا يمكن لكين أن يفعل أمام أربعة من الأشقياء العتاة بمفرده؟ يتخلى عنه مساعده الذي يطمع في أن يحل محله لكنه يرفض تزكيته، وفي الوقت نفسه، يشك مساعده الشاب الطموح، في أن "كين" تراجع عن خطته الأصلية لمغادرة البلدة لكي يبقى بجوار امرأة مكسيكية حسناء تمتلك فندق البلدة، كانت في السابق عشيقته. ويتخلى جميع أهل البلدة عن الوقوف مع "كين" ويؤثرون السلامة. ويفشل "كين" في إقناع معلمه ومثله الأعلى، بالوقوف الى جواره في مواجهة الأشرار بعد أن أيقن العجوز الآن أنه أضاع حياته هباء منثورا ولم يجن شيئا أو يغير شيئا من الواقع كما يقول لكين!

لكن "كين" يصر على التصدي ولو بمفرده لهؤلاء الأشقياء، ويتمكن في النهاية، بمساعدة زوجته التي تقرر في اللحظة الأخيرة مساندته مهما كلف الأمر، من الانتصار على عصابة الاشرار

إن قضية "ويل كين" قضية مبدأ.. قضية وجود بالمعنى العميق للكلمة، ليس ذلك الوجود الحياتي المباشر أي البقاء على قيد الحياة بأي ثمن، بل قضية وجود بمعنى أن الرجال مواقف، وأن من يتخلى عن مبادئه وعن دفاعه عما يعتقد أنه الحق والعدل، لا يصبح رجلا بالمعنى الإنساني للكلمة وليس بالمعنى الذكوري (الذي يتعصب للبطل الذكر في احتفاء بفكرة "البطولة" الذكورية أو تكريسا لـ"معنى أن تكون رجلا"، كما قال بعض النقاد الرافضين للفيلم وقت ظهوره، ورغم اعلائه الواضح لدور المرأة!).

من حيث البناء يدور الفيلم في نفس الزمن الحقيقي للحدث، أي في نحو 85 دقيقة، منذ وصول الأشقياء الثلاثة الى محطة القطارات، إلى انتصار كين على العصابة في النهاية. والحقيقة أن الفيلم كله مبنى على مناقضة الصورة النمطية السائدة في أفلام "الويسترن" التقليدية، بدءا من تصوير البطل متقدما في العمر، مترددا، عاجزا عن استخدام القوة في مواجهة مساعده عندما يعتدي عليه، ولولا تدخل زوجته الى جواره في النهاية لقضى نحبه، ثم تصويره منبوذا من أهل البلدة، ليس لأنه نموذج كريه أو فاسد، بل لأنه بدلا من أن يرحل ويترك الأمور تسير كما اعتادوا، يصر على البقاء لخوض معركته ضد غريمه العائد للانتقام، وبالتالي يكشف موقفه هذا ضعفهم وجبنهم وعجزهم عن الدفاع عن بلدتهم، ويعري تخاذلهم ويفضحه. وحتى الرجل الذي يقف بجواره داخل الكنيسة في البداية ويدعو أهل البلدة للانضمام إليه، ينتهي الى تحية وتقدير موقفه الشجاع، لكنه يدينه عمليا ويطالبه بالرحيل عن البلدة، بدعوى أنه بموقفه هذا سيتسبب في سقوط قتلى، وانه بالتالي سيكون أكثر ضررا.

عن اللغة السينمائية

من ناحية الحبكة الفنية ليس هناك شيئا يحدث في هذا الفيلم بالمعنى المتعارف عليه، أي ليست هناك "حبكة" تتصاعد فيها الأحداث رأسيا، لكن "البطل" يقضى معظم الوقت، في البحث عمن يقف الى جواره في التصدي للعصبة الشريرة، ولكن المخرج زينمان يخلق من تلك "الحالة" وذلك الموقف المصيري الوجودي سيفمونية بصرية رائعة تسيطر على المشاعر والأبصار. أنظر مثلا الى ذلك المشهد الذي يبدأ بكين وهو يجلس لكتابة وصيته، ثم يتطلع الى الساعة وهي تقترب من موعد وصول القطار في الثانية عشرة تماما، ومع دقات الساعة يتم الانتقال من لقطة إلى أخرى، فنرى لقطة لمحطة القطار والرجال الثلاثة ينتظرون، ثم لقطة لمجموعة الرجال داخل حانة البلدة، ثم لقطة للطريق الخالي تماما في البلدة، ثم أولئك المتجمعين في الكنيسة، ثم ننتقل الى محطة القطار حيث نسمع صوت صفير القطار ونشاهد الدخان المتصاعد منه في مؤخرة الصورة، وهو في طريقه إلى المحطة.

هذا التتابع البديع عن طريق المونتاج، وتلك اللقطات التي تتميز بالاضاءة الساطعة والسماء الصافية من السحب التي توحي بالقيظ والحرارة الملتهبة، أصبحا الآن من العلامات المميزة في خلق تكوينات وإيقاع يثري القصة ويثير مشاعر المتفرج ويعده للمواجهة النهائية، بعيدا عن تلك الصورة النمطية المألوفة في "الويسترن"، بل إننا في لحظة ما نشعر بتردد البطل وخوفه ووجله من المواجهة.. إنه ليس بطلا من أبطال الويسترن، بل إنسان، طبيعي، يخاف الموت ويخشاه. وعندما يوجه له مساعده سؤالا مباشرا: هل تشعر بالخوف، لا يستبعد الفكرة بسخرية كما يفعل مثلا البطل- في شخصية جون واين في "الويستترن" بل يجيبه ببساطة "نعم"!

وفي نهاية الفيلم بعد ان تنتهي المواجهة، يلقي بنجمة المارشال أرضا، وهي اللقطة التي أثارت غضب جون واين (المدافع بشدة عن البطولة الأمريكية التقليدية وكان مؤيدا للمكارثية) ويقال إنه صنع بعد ذلك مباشرة، مع المخرج هاوارد هوكس فيلم ريو برافو" (1959) ردا على ذلك البطل المتخاذل الذي يلقي بـ"نجمة الشرف" على الأرض!

رجل لكل العصور

في "رجل لكل العصور"، الذي تدور أحداثه في خمسنيات القرن الخامس عشر، يرفض السير توماس مور- قاضي القضاة ومستشار المملكة- الانحناء أمام رغبة الملك هنري الثامن، ومباركة تطليق زوجته الأولى ثم عقد قرانه على عشيقته "آن بولين"، كما يرفض انشقاق الكنيسة الكاثوليكية عن روما، وتنصيب هنري الثامن رئيسا لكنيسة انجلترا فيما إعتبره مخالفة لروح ونصوص العهد والكتاب والقانون الدستوري الذي وضعه وصادق عليه الملك نفسه فيما سبق، متشبثا بفكرة أننا إذا ما خالفنا ما أقسمنا على احترامه فسنفقد كل قيمة ويصبح كل شيء مباحا (إذا ما استعرنا مقولة ديستويسفكي العظيم في "الإخوة كارامازوف"). 

هنا أيضا نحن أمام بطل وحيد يسبب موقفه العذاب والحيرة والاضطراب لزوجته (تماما مثل موقف ويل كين)، ويرفض أقرب أصدقائه (اللورد نورفولك مثلا) مساندته أو الدفاع عنه- رغم تفهمه واحترامه لموقف مور- أمام سعي كرومويل، السياسي الطموح الذي كان نجمه يصعد بقوة في ذلك الوقت، للإيقاع به، والادعاء كذبا عليه، ومن ثم تقديمه للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى. وكما خان مساعد المارشال في "قيظ الظهيرة" رئيسه "كين" طمعا في تحقيق طموحه الشخصي، يخون "ريتشارد ريتش" تلميذ توماس مور، معلمه ومثله الأعلى، بحثا عن منصب صغير يسنده إليه كرومويل مقابل استخدامه ضد مور وجعله شاهدا ضده زورا وبهتانا أمام المحكمة التي تقضي عليه بالموت بقطع رأسه. إن شخصية التلميذ أو التابع الخائن في كلا الفيلمين، تدرك جيدا أن "البطل الخاسر" على حق، وأنه يدافع عن الحقيقة، لكن هذا الادراك لا يغير شيئا من موقفها. إنه الضعف الإنساني، والتناقض البشري بين من يتمسك بما يؤمن به، ومن يؤثر الوصول إلى ما ينشده بأي ثمن.

لاشك أن فريد زينمان كان وقت اخراج "قيظ الظهيرة" متأثرا بما تشهده أمريكا، وهوليوود تحديدا، من حملة قمع للحريات باسم مكافحة خطر الشيوعية ابان الحملة المكارثية الشهيرة، خصوصا أن كارل فورمان، كاتب سيناريو الفيلم، تعرض في ذلك الوقت للاستجواب أمام لجنة مكارثي وواجه الكثير من المصاعب في العمل واضطر إلى مغادرة أمريكا إلى لندن. ولاشك أن فكرة الدفاع عن المبدأ كانت- على نحو ما- ردا على تلك الحملة المسعورة لتكميم الأفواه وتقييد حرية الرأي.

وفي كلا الفيلمين تتراجع المرأة- الزوجة، عن موقفها الحانق على زوجها، وتقرر الوقوف معه بعد أن تدرك أنه على حق، وان الحياة لا تستحق أن تعاش إذا ما تخلى المرء عن المباديء وقنع بالبقاء في الظل، وجبن عن مواجهة قوى البطش والظلم، سوءا باسم التمسك باللاعنف، أو باسم الانصياع للأمر الواقع الذي لن يمكنك تغييره على أي حال!

يقول سير توماس مور في "رجل لكل العصور" "من أجل أن نحافظ على كوننا ننتمي للإنسان، يجب أن نواجه بقوة، حتى لو كنا نخاطر بأن نصبح أبطالا". إن بطل "قيظ الطهيرة" ينتصر في النهاية لكن لا شيء يبدو أنه سيتغير في تلك البلدة. لقد حافظ فقط على إنسانيته. أما بطل "رجل لكل العصور" فهو يفقد حياته دفاعا عن المبدأ، لكن بلاده تتجه بعد ذلك الى تبني موقف خصمه هنري الثامن، لكن دفاعه الصلب عن المبدأ يظل قانونا راسخا حتى يومنا هذا، فالسياسي يأتي ويذهب، أما صاحب الفكر، فيبقى فكره في الأرض!

الجزيرة الوثائقية في

24.04.2014

 
 

بطولة كاميرون دياز

«المرأة الأخرى» تحالف النساء ضد رجل خائن!

عبدالستار ناجي 

فيلم «المرأة الأخرى» مبرمج عرضه في نهاية شهر ابريل الحالي، وأتوقع شخصيا ان يقفز الى المقدمة، بل ويتجاوز الكثير من الافلام الكبرى، ويحقق عوائد مالية ضخمة لفكرته، واسلوبه الاجتماعي، وكمية النجوم التي اجتمعت في هذه التجربة السينمائية الكوميدية، فيلم يصلح لجميع افراد الاسرة، ويمتاز بالطرح الجريء لمواجهة موضوع الخيانة.

تبدأ الحكاية حينما تكتشف كارلي «كاميرن دياز» ان صديقها متزوج وسرعان ما تتعرف على الزوجة، وتواجهها بالحقيقة، كي تحذرها من تصرفات الزوج الخائن، وسرعان ما يكتشف هذا الثنائي علاقة ثالثة للزوج الخائن، وليتم تشكيل حلف ثلاثي، تنضم اليه العشيقة الثانية ويجمع الزوجة والعشيقة الاولى والثانية، وتبدأ عملية التخطيط من أجل كشف ممارسات هذا الزوج والعشيق الخائن، حتى يتم اكتشاف علاقة رابعة، وايضا ممارسات للزوج في عمله تعتمد السرقة من شريكه في الشركة، وتكون عملية الانتقام من خلال فضح ممارساته وألاعيبه.

زوج وعشيق نصاب، يعيش عالم الخيانة، والتنقل من امرأة الى أخرى، دون المحافظة اصلا على زوجته او صديقته الاولى. هذا التحالف النسائي من النادر قيامه، الاّ في ظل وجود رجل خائن، يلعب على الجميع، ولا يعرف اصلا قيمة زوجته الاولى، او قيمة وحرمة بقية العلاقات، حيث يواصل لعبه، الذي ينكشف، حيث لا يتوقع «الرجل»، مطلقا، وجود هكذا تحالف، يجتمع لتدميره رد الصاع صاعين.

فكرة تبدو للوهلة الاولى مستحيلة، ولكن الكاتبة ميسا ستان التي كتبت العمل، استطاعت ان تقنع المخرج نيك كازافيتش الذي اخرج كثيراً من الافلام المهمة، ومنها نوت بوك 2004، و «فيس اون» 1997، و«الف دوك» 2006، ومارشة اختي 2009، الذي كان قد تعاون خلاله مع النجمة كاميرون دياز، وسرعان ما بادرها بالاتصال فور توفر فكرة فيلم «المرأة الاخرى» لديه، وجاءت الموافقة ليحاول ايضا الحصول على دعم ستديوهات فوكس للقرن العشرين. فيلم يعري الخيانة، وايضا امكانية قيام تحالف نسائي ضد الرجل، حتى وان كانت الخصومة بين النساء موجودة فان «الخيانة» عند المرأة شيء لا يمكن غفرانه، ولا يمكن تجاوزه الاّ بتحالف يكسر من شوكته، وغطرسته.

طيلة احداث الفيلم نتعاطف مع النساء المغدورات سواء الزوجة او العشيقة الاولى والثانية وحتى الثالثة بينما نظل ننتظر الفرصة التي يسقط بها زير النساء الذي يريد ان يضحك على الجميع، ويمارس نزواته ورغباته، دونما عقاب.

وتمضي الاحداث، حتى تتطور العلاقة بين «كارلي» وشقيق الزوجة، وهذا ما تراه الزوجة بانه انتصار لكارلي، بعد ان عاشرت الزوج، هي تنتقل الى الشقيق، ولكن الهدف يظل ابعد من ذلك، وهي ان الازمات قادرة على خلق الصداقات، لمواجهة الخيانة.

في 20 دقيقة الاولى، نحن امام حكاية نعتقد بانها ستكون مسدودة، وسرعان ما تفتح الحكاية والاحداث، مع وجود علاقات جديدة لهذا الزير الذي يغدر بالجميع، حتى بشريكه في العمل، ومن هنا تكون ضربته القاسمة التي تسقطه.

على مدى 99 دقيقة نشاهد كمية من النكات وايضا الجميلات، وفي المقابل الحيل الرجالية والعلاقة، التي تنتهي الى تعرية الزوج الخائن من كل صديقاته. تقود المهمة في بداية الفيلم العشيقة الاولى، التي تتحالف مع الزوجة، وسرعان ما يتحولن الى ثلاث نساء، ثم رابعة، هن ضحايا ذلك الزير الذي لا يكف عن مغامراته، وألاعيبه، وحينما يأتي العقاب يكون قاسيا جدا.

في الفيلم عدد من الجميلات، تتقدمهن كاميرون دياز وليسلي مان وكاتي ابتون، اما لدور الزوج الخائن فهناك النجم نيكولاج كوستر والدور الذي شاهدناه في العديد من الاعمال السينمائية ومنها «مملكة الجنة» 2005، و «ماما» 2013 و«النسيان» 2013، ونشير هنا الى ان نيكولاج هو ممثل دانماركي، انتقل للعمل في الولايات المتحدة حيث يجيد التمثيل بعدة لغات.

صاغ الموسيقى التصويرية للفيلم الموسيقار الاميركي ارون زيجمان الذي كتب من ذي قبل موسيقات افلام مهمة ومنها «نوت بوك» و «جون كيو» و«جنس والمدينة».

اما مدير التصوير فكان المصور الفرنسي روبرت فرابس الذي شاهدنا له افلام «عدو في البوابة» و«هوتيل راوندا» و «نوت بوك» و«رينون»، وهو يمتاز بعين تحول المشاهد الى بوسترات عامرة بالجمال.

ويبقى ان نقول: فيلم «المرأة الأخرى» يحكي عن تحالف النساء ضد الخيانة الذكورية.

النهار الكويتية في

25.04.2014

 
 

فيليب عرقتنجي مخرج لبناني يصور الشخصي ليحكي العام

العرب/ نديم جرجوره - بيروت 

'ميراث' فيلم يمزج التوثيقي المتخيل والروائي يروي حكايات عن الهجرات والذاكرة والهويات كما تناول الحرب والمسارات المختلفة التي عاشها لبنان.

أمضى المخرج اللبناني فيليب عرقتنجي (مواليد بيروت، 1964) حياته السينمائية مخرج أفلام وثائقية بغالبيتها الساحقة، وأفلام أخرى تصنع بناء على طلب شركات ومؤسسات تجارية. عاش أهوال الحرب الأهلية اللبنانية، قبل أن يسافر إلى فرنسا ويحصل على الجنسية الفرنسية، ويدخل مغامرة البحث عن معنى المكان الجغرافي، والهوية.

الهجرات والحروب والذاكرة الفردية والبحث عن خلاص وعن معنى البلد (لبنان) ومجتمعاته، أمور حاول معالجتها فيليب عرقتنجي والبحث فيها وعنها. حاول فهم أسئلتها، وتسليط الضوء على بعض خفاياها ومتاهاتها.

لم يحظ فيلماه الروائيان الطويلان “البوسطة” (2005) و”تحت القصف” (2008) بحماسة نقدية كبيرة، على نقيض اهتمام جماهيري لافت للانتباه أحيانا. في الأول، حكاية مجموعة من الشباب المتعطشين إلى رقص الدبكة اللبنانية بتنويعاتها الطائفية والجغرافية والبيئية والثقافية المختلفة داخل البلد، هم الذين عانوا حربا دمرت كياناتهم، ومزقت علاقاتهم، وكادت تقضي على آخر الخيوط الجامعة بينهم.

وفي الثاني، حكاية بحث عن خلاص معلق، في اللحظات الأخيرة لحرب “تموز 2006” بين إسرائيل و”حزب الله” ـ لبنان. أسئلة عديدة يطرحها الفيلم: البحث عن مفقود. هوية البلد وناسه، أو بالأحرى هويات البلد وناسه.. العمالة مع إسرائيل.. الحرب والموت والبقاء.. مغامرة التصدّي للخراب.

فيلمه الجديد مختلف تماما عن سيرته المهنية كلها. “ميراث” (2013) وثائقي طويل (96 دقيقة)، يمزج التوثيقي بالمتخيل والروائي، ويفتح الذاتي على العام، ويروي حكاية المنفى والذاكرة والتاريخ والصدف.

حكاية عائلة، هي عائلة المخرج نفسه (زوجته وأولاده الثلاثة). لكن أيضا حكاية الأهل والأجداد، وحكاية الحرب والمسارات المختلفة، وحكاية الشرق والبلد (لبنان) وبيروت والحرب الأهلية اللبنانية والتاريخ والذاكرة.

صور فوتوغرافية إلى جانب أفلام عائلية وأخرى قديمة بالأسود والأبيض. حكاية مخرج يريد أن يبوح بالحميمي، كي يرسم صورة حسية لبيئات اجتماعية، وأناس من لحم ودم. يريد أن يبوح أمام أولاده الثلاثة كي يقول لهم بعض الماضي. كي يقول لنفسه أيضا معنى الذاكرة والتاريخ والراهن، والمقبل من الأيام.

عن بدايات المشروع ومعنى المفردة المختارة عنوانا للفيلم (ميراث)، قال عرقتنجي إن الميراث، لغويا: “هو ما يمكنك إعطاؤه لأبنائك، الذين يأتون إلى الدنيا حاملين معهم عبء التاريخ”.

هذا من جهة أولى. من جهة ثانية، لطالما كان فيليب عرقتنجي مشدودا إلى الخارج لتصوير حياة الآخرين، حياة أناس “استثنائيين” قطعوا أشواطا خارج المألوف: “في عام 2006، اندلعت “حرب تموز”. كان عليّ أن أغادر البلد مع زوجتي وأولادي الثلاثة. حينها، اشتعلت حرب في حياتي أيضا. مجددا، رحت أتطلع صوب طريق الغربة. تكرار هذه الأمور جعلني أًدرك فجأة أني أنا نفسي حالة استثنائية، وأنه بات عليّ التطلع إلى الداخل”.

طلب من أصدقاء قلائل مشاهدة ما صوّره، وإبداء آرائهم في ما سيشاهدونه. أحدهم يدعى جيروم كليمان، أحد مدراء “آرتي” (المحطة التلفزيونية الثقافية الألمانية الفرنسية). طبعا، أراد أن يشاهد ما صوّره لقول رأي شخصي، وأيضا لكونه مديرا في هذه المحطة المعروفة باهتمامها بإنتاج أفلام سينمائية: “كنت قلقا بشأن فكرة الشخصي/ الحميمي، وبشأن طغيان الشخصي على الفيلم”. روي أن كليمان قال له: “بتصويرك الشخصي فإنك تصوّر العام”. أو بمعنى آخر: “بقدر ما تتحدث عن هذا الشخصي، فإنك تتحدث عمّا هو أعمّ وأشمل”.

يعترف فيليب عرقتنجي أن الصعوبة الأساسية كانت مع زوجته ديان، التي سألته عمّا إذا كان يصوّر فيلما “عن حالنا”. الصعوبة التالية كامنة في كيفية التعاطي مع الشخصي، وفي كيفية ضبطه: “سألت نفسي: هل أتحدث عن الشخصي كثيرا؟ ما جرى في ذاك العام أيقظ فيّ شعورا أحسست به سابقا.

كأنه صدى لحكايات كثيرة. قصتي أنا أولا. ولكن أيضا قصة جدتي التي تركت بلدها الأم (تركيا) على متن باخرة عسكرية قبل تسعين عاما. صدفة؟ عند خروجنا من بيروت على متن باخرة عسكرية فرنسية في عام 2006، رسونا في مرفإ تركي (كمحطة أولى) وليس في قبرص. إنه المرفأ نفسه الذي خرجت منه باخرة جدتي قبل تسعين عاما. صدفة؟ لا أعرف. لكنها صدف دفعتني إلى استعادة الزمن، والبحث في التاريخ العائلي. اكتشفت أن لا أحد من أهلي وأجدادي ولد ومات في المكان نفسه. جميعهم هربوا من حرب أو مجزرة، ولو مرّة واحدة في حياتهم على الأقل”. هذا الأمر طرح عليه سؤالا: “هل كان المنفى محتم على عائلتنا، أو أن هذا الشرق يحمل في ذاته قصص الحروب والهجرات؟”.

وعن الشخصي في الفيلم؟ قال إنه توقف هنا متأملا في أحوال مشروعه، وفي أحواله هو أيضا: “كنت خائفا من تحقيق فيلم شخصي. لكن، بعد أعوام، دفعتني الرغبة، بإلحاح، إلى متابعة “ميراث”. كان عليّ أن أجيب على أسئلة أولادي الثلاثة، المتعلقة بأسباب رحيلنا الملحّ إلى فرنسا يومها. يختم قائلا: “فهمت عندها أني إذا تخليت عن ماضي ولم أخبر أولادي عنه، فإني لن أستطيع إخبارهم عن الحرب والهجرة. لن أستطيع، ببساطة، أن أُكمل طريقي.

العرب اللندنية في

25.04.2014

 
 

أفلام من العالم في مهرجان أربيل السينمائي الدولي

العرب/ أربيل (العراق) 

أفلام عربية وأجنبية تشارك في الدورة الأولى من مهرجان أربيل السينمائي الدولي وستكون أبرز أفلام المخرج الكردي العالمي يلماز جونية حاضرة.

كشف مهرجان أربيل السينمائي الدولي عن القائمة الأولى للأفلام السينمائية المشاركة في مسابقتيه الرسميتين للأفلام الروائية الطويلة والقصيرة التي تضم مزيجا من الأفلام العربية والعالمية.

وقال الناقد بشتيوان عبدالله المتحدث الإعلامي إن أفلاما سينمائية حديثة من شتى بقاع العالم ستشارك في المهرجان، أبرزها فيلم “وجه الرماد” من كردستان العراق إخراج وسيناريو شاخوان إدريس وفيلم “ابنة التبان المشهورة” إخراج تنيا كريم وفيلم “وطني فلفل حلو” للمخرج هونير سليم.

وأضاف عبدالله أن المشاركة العربية في المهرجان تظهر من خلال أفلام بينها المصري “فتاة المصنع” للمخرج محمد خان، واللبناني “نسوان” للمخرج سام أندراوس، والأردني “الشراكسة” للمخرج محيي الدين قندور، والسوري “مريم” للمخرج باسل الخطيب.

كما يضمّ المهرجان فيلمين للنجمة التركية بيرين سات هما “هزة حياتي” و”موسم الكركدن” والفيلم الأميركي “مانديلا: طريق طويل إلى الحرية” للمخرج جاستين شادويك.

ويعرض المهرجان المزيد من الأفلام في برامج خاصة غير رسمية وعلى هامش المسابقة، بينها برنامج خاص لأبرز أفلام المخرج الكردي العالمي يلماز جونية (1937- 1984) الحائز على العديد من الجوائز العالمية، وبينها السعفة الذهبية من مهرجان كان السينمائي الدولي عام 1982 عن فيلمه الأشهر “الطريق”، الذي يتناول الحياة في كردستان الشمالية والذي أخرج نحو نصفه تقريبا وهو في السجن. وتنظم حكومة إقليم كردستان العراق الدورة الأولى من مهرجان أربيل السينمائي الدولي في الفترة من 5 إلى 10 مايو القادم.

العرب اللندنية في

25.04.2014

 
 

نقابة الفنانين السوريين في مواجهة النقد

دمشق- مظفر إسماعيل:

لا يختلف اثنان على الأهمية الكبيرة التي تتمتع بها نقابة الفنانين في سوريا، فحالها حال نقابات الفنانين في أنحاء العالم بمنزلة الحضن الذي يضم جميع الفنانين المندرجين تحت لوائها، كما أنها مسؤولة عن أمور عدة تتعلق بالحياة المعيشية بالنسبة للفنان خاصة بعد أن يتقدم به العمر ويدخل في مرحلة التقاعد . لكن وفي الفترة الأخيرة تعالت أصوات كثيرة وسال حبر كثير بسبب تصريحات عدد لا بأس به من الفنانين الذين انتقدوا أداء نقابة الفنانين مع ازدياد حاجة الفنان إليها، حيث وجدوا إنها لا تقوم بواجبها، مطالبين القائمين عليها بأداء دورهم الحقيقي في تأمين متطلبات الفنانين والاستجابة لحقوقهم، في الوقت الذي يجمع فيه الكثير من الفنانين على صعوبة الحياة خاصة في فترة الأزمة التي بدأت قبل ثلاث سنوات، والتي أدت إلى تراجع العمل الفني وخاصة مجال الدراما والأعمال الفنية بشكل عام .

ومن جهة أخرى لم يخف بعض الفنانين دفاعهم عن النقابة مقدّمين العديد من التبريرات التي تجنّبها جملة الانتقادات اللاذعة التي قدمها بعض الفنانين، معتبرين أن النقابة حالها حال معظم المؤسسات الحكومية تعمل وفق ظروف صعبة تجعل أداءها يتراجع عاماً بعد آخر . آراء متباينة يقدمها عدد من نجوم الدراما السورية حول أداء نقابة الفنانين السورية في هذا التحقيق .

يرى بسام لطفي أن النقابة بريئة من الاتهامات التي يوجهها لها عدد من الفنانين، معتبراً أن مَن ينتقدها لن يشعر بقيمتها حتى يتقدم به العمر ويصبح في حاجة إليها، ويقول: "نقابة الفنانين تتمتع بأهمية كبيرة حالها حال جميع نقابات الفنانين في العالم، وهو ما لا يختلف عليه اثنان، كما أنها في رأيي، تقوم بأداء واجباتها على أتم وجه، حيث تقدم الضمان الصحي لجميع الفنانين المسجلين والمندرجين تحت رايتها، فهناك عشرات الحالات التي قامت فيها بمعالجة الفنانين المرضى وتقديم الأدوية والعلاج مجاناً ومن دون مقابل، كما أن هناك حالات تكلّفت فيها النقابة الكثير من المال وعالجت الفنانين في مستشفيات راقية ومتطورة" . 

ويضيف: "جميع المسجلين فمَن في سن التقاعد يتقاضون الرواتب الجيدة من النقابة، وأنا هنا أوجه كلمة للشباب من الفنانين وأقول لهم إنهم سيحتاجو إلين النقابة في مرحلة متقدمة من عمرهم، وعندها ستكون عند حسن الظن، كما أذكّرهم أنها ليست مرتبطة بتقديم الأدوار أو تأمين العمل لهم، فنقابة الفنانين في سوريا تعمل بشكل جيد ولا أجد أية انتقادات أوجهها إليها" .

يعتقد أيمن زيدان أن النقابة تعاني مرضاً خطراً تسببه الصراعات الداخلية التي تدور بين أعضائها، الأمر الذي انعكس برأيه على علاقة الفنان بالنقابة وأحدث فجوة كبيرة بينهما، مشيراً إلى أهمية تحديث هيكلها وإعادة الاستقرار إليها حتى تعود إلى سكّتها الصحيحة، فيقول: "من المعروف للجميع أن هناك انتقادات كثيرة يوجهها الفنانون السوريون لنقابة الفنانين، وهم محقون في جوانب عدة نظراً لتراجع أدائها حيث تعاني الجمود، كما أنها تحتاج إلى إصلاحات كثيرة كي تعود الحيوية إليها، والتي تعتبر ضرورية لإعادة النقابة إلى مكانها الطبيعي كأمّ لجميع الفنانين السوريين، فالفنان في سوريا يشعر بوجود حاجز بينه وبين النقابة نتيجة التقصير الذي يشوب أداءها، وهو ما تسببت به الصراعات الداخلية وانشغال القائمين عليها بمشكلات داخلية أبعدتهم عن واجباتهم في تأمين متطلبات الفنان" . 

ويتابع زيدان: "أهم ما يجب فعله هو تطوير القوانين المتعلقة بالتأمين الصحي والرواتب التقاعدية، لأن الفنان عندما يشعر بأن النقابة تبذل قصارى جهدها كي تؤمن له متطلباته لا شك في أنه سيضاعف من جهوده التي يبذلها أثناء العمل، وأتمنى شخصياً أن أرى العلاقة بين الفنان والنقابة تتحسن بسرعة، وأن تصبح حاضراً أساسياً في جميع مفاصل العمل الفني بشقيه الغنائي والتمثيلي، كي يشعر الجميع بأنها تقف أمام مسؤولياتها وتعمل يداً بيد مع الفنان الذي يستحق من النقابة أن تعطيه ما يستحقه كمكافأة له على الدور الكبير الذي يلعبه في رفع شأن الفن في سوريا خاصة على مستوى الدراما وعلى المستوى الثقافي بشكل عام" .

أما الفنان المتألق حسام عيد فشن هجوماً عنيفاً على نقابة الفنانين معتبراً أنها أغلقت الأبواب وقطعت جميع الجسور أمام أعضائها، وطالبها بالوقوف إلى جانب الفنان في هذه الفترة التي تمر بها البلاد، وأن ترقى إلى المستوى المنشود منها والذي تصبح من خلاله أمّاً حقيقية للفنان، فيقول: "الفنان السوري يمر بمرحلة صعبة بسبب الأزمة التي تمر بها البلاد، ونظراً لأنه يعتبر وجهاً مهماً في البلاد، فإن من واجبه الوقوف إلى جانب بلاده، وهو لم يقصّر برأي جميع النقاد، لكن عند الحديث عن نقابة الفنانين لا بد من توجيه العتب واللوم للقائمين عليها، والذين صرفوا النظر منذ زمن بعيد عن الفنان الذي يعتبر ابناً لها، وأعتقد أن النقابة مقصرة في أداء واجبها الذي يفرض عليها نحو إقامة الفعاليات الوطنية واللقاءات الثقافية والمهرجانات التي تسهم بشكل أو بآخر في دعم البلد في هذه الظروف الصعبة" . 

ويكمل: "بالنسبة إلى أداء النقابة تجاه الفنان في معزل عن الأزمة، فالأمر شبيه بأدائها تجاه البلاد، أعتقد أن القائمين على النقابة اختاروا الابتعاد عن الفنان في كل شيء، حتى الأمور المتعلقة بالأجور والرواتب التقاعدية والضمان الصحي وغيرها من الأمور المرتبطة بمستقبل الفنان وعائلته، أرى النقابة لا تكترث كثيراً لها خاصة على صعيد تطوير الإجراءات والقوانين المرتبطة بها، لذلك ابتعد الفنان عن النقابة التي أوصدت أبوابها في وجهه، واختار العمل في معزل عنها" .

من جهتها عبّرت الفنانة القديرة "نجاح حفيظ" عن إعجابها الشديد بالميزات التي تهبها النقابة للفنانين السوريين، واعتبرت أن قلة الإمكانات أثرت سلباً في عطائها، مؤكدة أن ما تقدمه النقابة للفنان في الفترة الحالية يعتبر جيداً إلى حد ما، فتقول: "القوانين الموجودة في نظام النقابة تعتبر راقية، كما تقدم للفنان عدة أمور أبرزها مسألة العلاج أو ما يسمى عند البعض "الضمان الصحي"، إضافة إلى الرواتب التقاعدية للفنانين بعد أن يصبحوا في مرحلة التقاعد" . 

وتتابع حفيظ: "تكثر الانتقادات التي يوجهها الفنانون للنقابة التي يتحدّثون فيها عن تقصير القائمين على النقابة في تقديم الخدمات للفنانين المسجلين، وعن غياب التطوير عن الكثير من جوانبها، لكن باعتقادي نقابة الفنانين في سوريا، حالها حال الكثير من المؤسسات، تعاني عدة مشكلات تجعل من أدائها في حالة تراجع مستمر، وإذا أردنا أن نقيّم أداء النقابة وواقع العمل فيها نجده جيداً قياساً بالإمكانات المتوفرة" .

الخليج الإماراتية في

25.04.2014

 
 

فجر يوم جديد: {سالم أبو أخته}!

كتب الخبرمجدي الطيب 

لفرط غلظة وسماجة عنوان فيلم «سالم أبو أخته» تأليف محمد سمير مبروك وإخراج محمد حمدي، كان مديراً للتصوير السينمائي حتى وقت قريب، تصور البعض أن الفيلم يتناول ظاهرة زنا المحارم، في حين ما يُفسره الفيلم أن البائع المتجول الذي أخذ على عاتقه تربية شقيقته اليتيمة العرجاء، أصبح بالنسبة إليها الأب والأم والشقيق!

رسم السيناريو شخصية {سالم} بوصفه {ابن البلد}، الذي يدفع الظلم عن رفاقه من الباعة الجائلين في سوق العتبة، ويعطف على الفقراء، ما يجعله هدفاً لقائد شرطة المرافق السيئ الخلق والطباع، الذي يتحرش به، ويُنهي الأمر بالقبض عليه، والزج به في السجن؛ حيث تظهر العناوين مع سيارة الترحيلات، وهي تشق طريقها إلى السجن، وفي المطبخ نلمح الوشم المرسوم على ذراع البطل، وتنتهي المقدمة السريعة بلقطة عامة لسوق العتبة، واستعراض للشخصيات.

يؤدي الوشم دوراً كبيراً في التعريف بجانب آخر من شخصية  {سالم أبو أخته}؛ من خلال سرب الحمام المرسوم على ذراعه، ويوحي بأنه طيب المعشر، لطيف الطباع، يجنح إلى السلام، وهو المعنى الذي تباركه {غية الحمام} التي بناها فوق السطح، ويأنس بها كلما تكدر صفو علاقته بالحياة والواقع من حوله، لكن الفيلم يبدو عاجزاً عن تكريس هذه الصورة المسالمة للشاب {سالم}، بعدما أفرط في تقديم الجانب العنيف من شخصيته، وكأنه {بلطجي} على شاكلة {عبده موتة} و{الألماني}؛ فهو مدمن، ولا يتردد في تحطيم المحل الذي تعمل فيه حبيبته، ويُلقن صاحبه درساً قاسياً بعد علمه أنه تحرش بها.

وطوال الوقت تستشعر تناقضاً حاداً بين خيال الكاتب وواقع الشخصية؛ فالشاب {الجدع} الذي يرفض الزواج إلا بعد أن يستر شقيقته {زبون} دائم في ملهى ليلي حقير، ويرافق صديقته العاهرة، و{ابن البلد} صاحب النخوة لا يمانع في أن ترقص حبيبته (زوجة المستقبل) بعهر على الملأ في الفرح الشعبي، الذي جاء بناء على تعليمات المنتج أحمد السبكي، وزيادة في إرضائه افتعل المخرج مشهداً يغني فيه محمد رجب، ويرقص، مع شقيقته وحبيبته والراقصة صافينار، وتتبارى الحسناوات في إظهار مفاتنهن!   

بالطبع لن تغفر للفيلم صفاقته وهو يربط بين عبور أكتوبر وعبور {ليلة الدخلة}، ولن تجد منطقاً في إنفاق البائع المتجول ببذخ على عائلته وعاهراته، ولا بد سترتسم على وجهك الدهشة وأنت ترى شكل الملهى الليلي الأقرب إلى {خمارات} السينما المصرية في الأربعينيات والخمسينيات، ولن تصدق سذاجة الحوار الذي يحاول البطل، من خلاله، إقناع  صاحبة الملهى بالبعد عن الرذيلة وطريق الحرام، فتذعن لرغبته فوراً، أما المآخذ الفنية فحدث عنها ولا حرج؛ إذ توحي المؤثرات الصوتية كأننا نشاهد فيلم {الزلزال}، والمخرج ينتقي، للكاميرا، زاوية مُقززة من رأس الأنثى اللعوب، والقطعات حادة وعنيفة، وثمة {كليشيه} ثابت في أفلام السبكي (فرح ومطرب شعبي وراقصة)، و{الانفلات الإيقاعي} الذي لا مثيل له!

لا يمكن القول، بالطبع، إن الفيلم يخلو من المزايا لكنها قليلة، وتحتاج لمن يبحث عنها، وهي مهمة صعبة، إلى حد كبير؛ فإضافة إلى الوشم و{غية الحمام} تميزت لقطة قيام البطل بالصيد في البر (السطوح) بطزاجة على صعيدي الشكل والمعنى، واتسمت نظرة البطل إلى أطفال الحارة وهم يلعبون في الحارة بكثير من العمق، والتكثيف؛ إذ بدا كأنه يتحسر على طفولته التي لم يعش براءتها، والخوف على هذا الجيل من أن يلقى مصيره، ويكرر مأساته، بينما أوحت الشرفة (البلكونة) التي يصل  إليها عبر النافذة بتواضع حال البطل، وتواضع شقته، وبالدرجة ذاتها من الإبداع والإيجاز جاءت لقطة الحمام وهو يُحلق في السماء عقب خروج {سالم} من السجن، وكأنه يحتفي به، أما لقطة قيام المعلمة {دولت} باستخراج ورق الزواج العرفي من أسفل المقعد فاتسمت بالطرافة، وفجرت الضحكات في القاعة، بعدما بدت كأنها {مُدمنة زواج عرفي}، بعكس المشهد المقزز للبطل وهو يقوم بتصوير، مؤخرة الشاب الذي خانه، وأفشى أسراره.

لكن كاتب السيناريو فشل في تقديم {حدوتة} صالحة لإثارة الدهشة، واتسمت رؤيته بالسطحية والتقليدية، ففي النصف الأول من الفيلم نحن حيال بطل مهزوم يواجه قسوة الحياة وغدر الزمن، وتعنت شرطة المرافق، وتهديد ووعيد الضابط، وتحذير واضح من إمكان تحول الباعة الجائلين إلى قنابل موقوتة، وطوال النصف الثاني نحن في حضرة البطل المنتصر الذي يثأر لنفسه ممن خانوه، ومن ثم تحوّل الفيلم إلى ما يمكن تسميته {لعبة القط والفأر}، وسارت أحداثه برتابة إلى أن وصلنا إلى النهاية التقليدية؛ حيث وقف البطل يترافع عن نفسه أمام القاضي ليُنعي حاله، ويُرثي طبقته ثم تأتي النهاية المفتوحة.

الجريدة الكويتية في

25.04.2014

 
 

بعد مشاركتهما في أفلام أجنبية

هل يكرر واكد والنبوي ظاهرة عمر الشريف؟ 

كتب الخبرجمال عبد القادر 

محاولات جادة يخوضها الفنانون المصريون للوصول إلى السينما العالمية أهمهم عمرو واكد، وخالد النبوي، فهل يستطيع أي منهما الوصول إلى مكانة عمر الشريف وأن يصبح فناناً عالمياً؟ أم يكتفي بأدوار ثانوية، خصوصاً أنهما ليسا من نجوم الشباك في مصر؟

يصوّر عمرو واكد دوراً رئيساً في فيلم «لوسي» مع مورغان فريمان وسكارليت جونسون، وكان قدم، في السابق، أدوارا متنوعة في الأهمية في أفلام أميركية وفرنسية، فيما يشارك  خالد النبوي في مسرحية أميركية بعد مشاركات في أفلام أجنبية.

مادلين طبر التي كانت لها مشاركة في السينما الأميركية، من خلال «الأقنعة الثلاثة»، الذي ينتمي إلى أفلام السينما المستقلة، ترى أن تكرار ظاهرة  عمر الشريف في السينما العالمية أمر صعب بل مستحيل، لأن الظروف التي رافقت عمر الشريف مختلفة عن تلك التي يخوض فيها واكد والنبوي التجربة وتعتبر أصعب بكثير.

تثني على محاولات واكد والنبوي لأنهما اجتهدا في الوصول، رغم محدودية المشاركة، مضيفة أن {النبوي لم يكن، في بدايته، يجيد أي لغة، إنما اجتهد  ليصل إلى مكانة عمر، وهذا الاجتهاد جدير بأن نحييه عليه. أما واكد فمجتهد في محاولاته الأكثر أهمية من النبوي وفي تنوع الأدوار وتطور الأداء}.

تتابع: {تتطلّب مخاطبة السينما العالمية الانتقال إلى هناك، كما فعل عمر الشريف، وعدم المشاركة في أي عمل في مصر، وهذا أمر لم يفعله النجمان}.

حلم العالمية

يرى الناقد نادر عدلي أن محاولات الفنانين المصريين في السينما العالمية ليست وليدة اللحظة، فقد شارك يوسف وهبي في أكثر من فيلم، ومن بعده كانت  محاولة وحيدة لفاتن حمامة وأحمد رمزي وآخرين.

يعزو  هذه المشاركة إلى حلم بالعالمية راود كثيرين، بعضهم حقق نجاحاً، والبعض الآخر لم يحقق سوى المشاركة، فضلا عن أن السينما الأميركية تخاطب المنطقة العربية والخليج، بمشاركة نجوم عرب، ليحظى الفيلم باهتمام، لأن هذه المنطقة، بالذات،  أحد أهم أسواق السينما الأميركية.

يضيف: {الإرهاب الذي انتشر في العالم جعل لمشاركة الفنانين العرب أهمية خاصة في أداء أدوار محددة. صحيح أن واكد والنبوي لهما موقع مهم في المشاركة بالسينما العالمية، لكنهما لن يصلا إلى ما حققه عمر الشريف لاختلاف الظروف، ولأن عمر دخل السينما من باب النجومية، بمعنى أنه كان يملك مقومات النجم العالمي، أما واكد والنبوي فدخلا من باب الموهبة والتميز، وفي هوليوود لا تكفي الموهبة وحدها للوصول، في النهاية علينا دعمهما في محاولاتهما}.

أما الناقد طارق الشناوي فيلاحظ أن كلا النجمين يفتقدان إلى التواصل مع الجمهور، بدليل أنهما ليسا من نجوم الشباك في مصر، ما يجعل وصولهما إلى العالمية أمرا صعباً، وستبقى مشاركتهما محدودة ومجرد محاولات تختلف من ممثل إلى آخر.

يضيف أن {واكد قدم أعمالا أهم من النبوي، لكنه لا يجيد الدعاية ومخاطبة الإعلام، كما فعل النبوي، الذي أثار ضجة إعلامية عن وصوله إلى  العالمية ومشاركته في أفلام  ضخمة وحصوله على البطولة، وبعد مشاهدة ما قدمه اكتشفنا أنه دور ثانوي}.

أما عن وصول أي منهما إلى مكانة عمر الشريف في السينما العالمية، يؤكد الشناوي أنه أمر صعب، لأن عمر يمتلك مقومات النجم، وهو ما جعله  يخقق النجومية في مصر وفي هوليوود.

تجارب مهمة

تقول الناقدة ماجدة خير الله: {ثمة تجارب مهمة وجيدة مثل عمرو واكد الذي شارك في أفلام كبيرة وبأدوار رئيسة، في حين أن خالد النبوي شارك في أدوار ثانوية وفي أفلام محدودة الإنتاج، حتى إنه شارك في إنتاج {المواطن}.

تضيف: {هذه المحاولات لن ترقى إلى ما قدمه عمر الشريف في السينما العالمية، لأن الظروف وقتها كانت متاحة له، وكانت السينما الأميركية بحاجة إلى ممثل بمواصفات عمر الشريف، ليؤدي أدواراً لاتينية أو إيطالية وبالطبع شرقية، أما الآن فيتوافر مكسيكيون وإسبان في هوليوود، وبالتالي لم تعد ثمة حاجة لممثل من الشرق، إلا إذا كانت القصة فيها دور لعربي، كما حدث في معظم أفلام واكد والنبوي، بالإضافة إلى أن مواصفات النجم المتوافرة عند  عمر غير موجودة لدى النجوم الحاليين}.

تتابع أن عمر الشريف شارك في أفلام ضخمة الإنتاج مع أبطال ونجوم عالميين، وكان حاضراً بينهم بقوة، سواء في حجم الدور أو ترتيب الأسماء، كل ذلك غير متاح في تجارب الفنانين الحاليين، لذا من الصعب وصول أحدهم إلى مكانة عمر الشريف، لافتة إلى {أن مشاركتهم لم تضف إلى السينما العالمية شيئا يمكن أن نشعر بأننا نفتقده بغيابهم، عكس عمر الشريف}، موضحة أن {عمر  شكل أكبر دعاية للسينما المصرية وهذا لم يحدث مع واكد والنبوي، لكن تبقى تجارب جيدة ومحاولات ربما تسفر عن شيء جيد لهما}.

أما المخرج محمد فاضل فيلاحظ أن للفيلم العالمي شروطاً، وليس كل فيلم ناطق بلغة أجنبية يعتبر عالمياً، {الإنتاج الضخم والتوزيع في معظم دول العالم والأسماء الكبيرة، كلها عناصر تميز الفيلم العالمي، وهذا غير متوافر في معظم محاولات النجوم الشباب خارج المنطقة العربية، باستثناء تجربة واحدة أو اثنتين لعمرو واكد، بينما باقي تجاربه وكل تجارب النبوي لا تعتبر أفلاماً عالمية إنما أجنبية  فحسب، بالتالي لا مجال للحديث عن الوصول إلى العالمية، ولكن الجهد الذي بذله كل من واكد والنبوي للوصول إلى هذه المرحلة هو جيد ومحاولة لا بأس بها، وأرجو أن تستمر لعلها تؤدي إلى شيء}.

يضيف أن الحديث عن الوصول إلى مكانة عمر الشريف أمر صعب، لاختلاف المرحلة التي كانت أسهل، بالنسبة إلى عمر الشريف، فضلا عن أن مقومات النجومية كانت متوافرة له في حين غابت عن واكد والنبوي لأنهما ليسا من نجوم الشباك في مصر.

أخيراً توضح الناقدة ماجدة موريس أن عمرو واكد فنان مجتهد ودؤوب وحريص على أن يحسن أدواته الفنية كممثل، وهذا أيضاً واضح في أفلامه المصرية آخرها {الشتا اللي فات} الذي حصد جوائز وشارك في مهرجانات عالمية من بينها: مهرجان البندقية، فهو حقاً فنان مجتهد وممثل جيد.
تضيف: {شاهدت الأفلام الأجنبية التي قدمها من بينها:  {الأب} و{الغريب} و{سريانا}، وكانت تجارب مميزة، فنحن أمام فنان يتقدم فنياً ويركز على العمل، بعيداً عن الدعاية لنفسه مثلما يفعل البعض، بالتالي أرى أن فيلمه الجديد {لوسي} مجرد تحصيل حاصل واستمرار لتقدمه، لأنه ليس البطولة الأولى له ولا العمل الأول له في السينما العالمية}.

تتمنى موريس أن {يكون لدينا فنانون على مستوى عمر الشريف، وأن يتكرر مرة أخرى، وعلى نجومنا السعي والتفكير في السينما غير المصرية والتفاعل مع الثقافات الأخرى، لأن هذا يؤكد أن هذا البلد يقدم فناً جيداً وسينما جديرة بمنافسة الآخرين، وأنه ذات حضارة عريقة} .

الجريدة الكويتية في

25.04.2014

 
 

أفضل 10 أفلام في سينما 2013.. (ملف خاص)

كتب: محمد المصري 

«لم يكن عاماً سينمائياً ممتازاً من ناحية الكم، ولكن به عدد من الأفلام التي ستعيش طويلاً».. الناقد السينمائي بيتر ترافيرز عن عام 2013

في إحدى المرَّات، سُئِلَ المخرج ألفريد هيتشكوك عن مسيرته الطويلة، وعما يشعره اتجاه تقديمه ما يزيد عن الخمسين فيلماً، أجاب بأنه «أحياناً ما يشعر بالأسف»، لأن الأعمال التي سيتذكرها الناس لن تتجاوز الـ25، و«الأفلام التي ستعيش هي الأمر الوحيد الهام والمُحْتَسَب».

أغلب النقاد اتفقوا في أن عام 2013 السينمائي كان أقل من سابقه، وأن عدد الأعمال المهمة كان قليلاً بالفعل، ولكن الملحوظة الأدق هي التي ذكرها «ترافيرز»، أنه من ناحية الكيف.. فهناك عدداً من الأفلام العظيمة هذا العام، «ستعيش طويلاً» حسب تعبير، وستتحول إلى كلاسيكيات لاحقاً، ومنها تحديداً يكتسب العام قيمته وأهميته، وربما يذكر بعد سنوات طويلة أكثر من سابقيه، لأنه حمل أفلام تعيش لوقتٍ أطول، و«هي الأمر الوحيد الهام والمُحْتَسَب».

ذِكر خاص:

الفيلم التسجيلي The Act of Killing، تم وصفه عند عرضه بأنه «من الأفلام التي تعيد تشكيل معنى السينما»، بدأ بمحاوله مخرجيه تتبع المجازر التي ارتكبت في حق المواطنين بأندونسيا بحجة تطهير البلاد من الشيوعيين عام 1965، وأدت لقتلِ ما يقارب المليون شخص، صناع الفيلم فكروا في البداية بتصويره من وجهة نظر الضحايا، ولكن التضييق والخوف الذي لم ينتهِ رغم مرور 5 عقود منع الأغلبية من التحدث، فقرروا تنفيذه بشكلٍ مخالف، من وجهه نظر «القتلة» الذين اشتركوا في تلك المجازر، و«إعادة تمثيل فِعل القتل» من خلال عملهم، ليقدموا تأريخاً مختلفاً لما حدث، وتعريفاً جديداً لما يمكن أن تحققه السينما.

أفضل 10 أفلام في 2013:

(10) Prisoners:

الفيلم الأول للمخرج الكندي «دينيس فيلنوف» في هوليوود هو عمل هام، قصة عائلة أمريكية سعيدة تتغير حياتهم عند اختطاف ابنتهم الصغرى، ليصبح السؤال عن إلى أي مدى قد يدفع الشقاء أشخاصاً عاديين لارتكاب خطايا كبرى؟ يأخذ العمل من قصة النبي أيوب نصاً تحتياً يُبنى عليه كل شيء، عن الاختبار الإلهي، ومقدار التحمُّل، وتعامل الناس مع مصائب لا يعرفون سببها، وذلك من خلال مُعايشة حقيقية يحققها «فيلنوف» لشخصيته الرئيسية خلال 7 أيام –وهو رقم ذو مدلول قوي في الموروث الديني- ، ورغم ترنُّح الفيلم قليلاً في جانبه البوليسي ومحاولته المرتبكة لصنع «نهاية مفاجئة»، إلا أن ثلثيه الأوليين يجعلانه من أفضل أفلام العام.

(9) The Hunt:

الفيلم الدنماركي الذي رشح لجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي، عن مدرسٍ تتغير حياته رأساً على عقب عندما تتهمه طفلة صغيرة بأنه تحرش بها، ليعاني من اضطهاد ونبذ البلدة كاملة، التون الهادئ الذي استخدمه المخرج «توماس فينتربيرج» لسردِ قصته كان في الحقيقة شديد القسوة، نحن لا نُشاهد هُنا مشاهد صدامية، أو أصوات عالية، أو ملحمية متهم برئ، بقدر ما نتبع حياة رجل وهي تنهار تماماً بسبب كذبة صدقها الجميع لأنها من طفلة! «الفيلم أشبة بالذبحِ بسكينٍ بارد» كما وصفه أحد النقاد، خصوصاً مع الأداء الميّت/العظيم من الممثل مادس ميكلسين.

(8) 12 Years a Slave:

هناك مشكلة كبيرة في هذا الفيلم تتعلق بالزمن، أننا نشاهد ساعتين ونصف للأحدث، من المفترض أن تتناول 12 عاماً، دون أن نشعر فعلاً بهذا الوقت وهو يَمُر، الشيء الوحيد فعلاً الذي أخرجه من تلك الأزمة هو وجود مخرج بقيمة ستيف مكوين، أحد أفضل المخرجين خلال السنواتِ الأخيرة، قدرته على أن يتناول أموراً حادة وعنيفة (إضراب عن الطعام يؤدي للموت في Hunger، أو هوس مدمّر بالجنس في Shame، أو عنف وقسوة العبودية هنا)، أن يحكي عن أمورٍ كتلك، بشكل عميق جداً، دون أن يحاول التأثير عاطفياً على المشاهد، كاميرا حياديَّة وقاسية، كثيراً ما يصور لقطاته واسعة مثلاً، من بعيد أو من وراء حواجز، يُحيّدك فعلاً بعيداً عن شخصياته، ولكن، بصورةٍ مُدهشة، يكون ما يحدث ذو أثر قوي ومؤثر.

مشهد جلد «باتسي»، الذي يستمر على الشاشة لقرابة العشر دقائق، في لقطةٍ واحدة، تتغير زواياها ومَنظورها ونِقاط التركيز فيها، بحدة وضغط وقسوة، وبأثرٍ قوي دون اللعب على أوتار العاطفة عند المُشاهد، هو بُرهان واضح على قيمة هذا الفيلم السينمائية.

(7) The Broken Circle Breakdown:

الفيلم البلجيكي الذي نال ترشيحاً لأوسكار أفضل فيلم أجنبي، واحد من أكثر أفلام العام عاطفةً، متابعة –بتكنيك سرد متداخل بين «فلاش-باك» و«فلاش-فوروورد»- لحياة زوجين منذ مرحلة تعارفهما، وزواجهما، وولادة طفلتهم الوحيدة، ثم إصابة هذه الطفلة بالسرطان ووفاتها في عمر السادسة، والهزة العنيفة التي تسببها لحياتهم للدرجة التي تجعل الأمور غير قابلة للحل بعد الآن، هو فيلم عن الإيمان، وعن معتقدات الإنسان التي تحركه، خصوصاً في المواقف العاصفة، ولكن الأمر الأعمق فيه هو قربه الشديد لشخصياته، وقدرته على جعلنا «نعيش» هذا الأثر المدمر التي تسببه وفاة الابنة، محاولة الإتكاء، والعجز الشديد في تجاوز الأمور، الحدة والانفعالية والصراخ والبكاء العالي الذي لا يقلل شيئاً من قسوة ما يجري، وفي كل هذا هناك تلك الأغنية التي تختصر كل شيء.

(6) Inside Llewyn Davis:

هذا هو أكثر أفلام الأخوين إيثان وجويل كوين ذاتية، دائماً ما أحب «الكوينز» أن يحكوا حكايات تتعلق بالقدر والمَصير، تحدث فيها الكثير من الأمورِ فقط لأنها «يمكن أن تحدُث»، وفي هذا السياق لم يحدث أن تورّطوا اتجاه الشخصيات التي يتناولونها، بقدر ما تكون نماذج، لذلك فإن أشد محبيهم يتحدثون دوماً عن الأحداث والأتوان والمشاهد والقيمة السينمائية، وبدرجة أقل تذكر الشخصيات، هذا الفيلم مُختلف، كل شيء يتعلق بـ «لوين دافيز»، المطرب المغمور الذي يحاول أن يجد فرصته في الستينات، رحلة مجهدة ومحاولات متكررة كي يصل إلى «شيء»، وفي كل مرة يقترب فيها من الوصول يسقط ليعيد الكَرَّة من جديد، وللمرة الأولى في أفلام «الكوينز» فعلاً نجد أنفسنا متعاطفين ومتوحّدين فعلاً مع البطل، والأهم أنهم، هم أنفسهم، متوحّدين ومتعاطفين معه بنفسِ القدر، لذلك فهو أكثر أفلامهم حميمية، وواحد من أعظم إنجازاتهم الإخراجية طوال مسيرتهم العظيمة الممتدة لثلاثِ عقود.

(5) Franses Ha:

«لم يكن معي أحداث، كان معي فقط شخصية ومكان».. المخرج نواه بومباك عن فيلمه «فرانسيس ها»

ليس من الغريب أن تشترك الممثلة جريتا جيرويج في كتابة هذا الفيلم، في الحقيقة كانت تلك هي الطريقة الوحيدة لصناعته، مثل «لوين ديفز»، نحن نتحرك مع الشخصية تماماً، رحلتها في محاولة تحقيق هدفها، وهو هنا أن تصبح راقصة، ومحاولتها التعامل والتجاوز لكل خيبات الأمل التي تواجهها بشكلٍ يومي، الفارق أن هذا الفيلم أكثر خفّة وأكثر حميمية من فيلم «الكوينز»، ولكن الفيلمين حملا نفس القيمة السينمائية.

صورة الفيلم بالأبيض والأسود ساهمت كثيراً في هذا القدر من الحميمية والجمال الذي نشعره طوال مدة عرضه، أيقونية الأماكن التي حاول «بومباك» إبرازها دون أن تطغى على الصورة، الشخصيات المساعدة ذات التفاصيل الحيَّة، والتفاصيل نفسها.. شديدة الصغر والدقة، والأهم من أي شيء «فرانسيس هاليداي»، أكثر الشخصيات السينمائية في 2013 أيقونية وقرباً، وأداء «جريتا جيرويج» الفاِتِن لها.

(4) Short Term 12

بصورةٍ أو بأخرى.. هذا هو «أوسلو 31 أغسطس» هذا العام، الفيلمان عن جروحٍ عنيفة لم تلتئم، وعن شخصيات مَهزومة تِحمل ثقل الماضي، وعن محاولتهم التحرر منه، والوصول لـ«انعتاقٍ» ما في مشهد يسندون فيه رؤوسهم على أكْتُف آخرين وهم يركبون وراءهم على درَّاجة، الفارق الأساسي أن الشخصية الرئيسية في «أوسلو» لم تعد تحتمل الأمل أو الحياة، بينما تحاول شخصيات هذا الفيلم.. تحاول بشدّة.. أن تبدأ من جديد.

الفيلم السينمائي الأول للمخرج الشاب «ديستين كريتون» هو فيلم عظيم فعلاً، عن دار تأهيل لمراهقين يعانون من مشاكلٍ عنيفة في ماضيهم، وحين تحضر الفتاة «جيدن» إلى الدار.. تجد مشرفة الرعاية «جريس» فرصة لأن تتحرر وتتصالح مع آلامها القديمة من خلال تحرير «جيدن» في حاضرها، وعبر حساسية مُفرطة في الحَكِي، وشخصيات مرسومة بماضٍ لا نراه، وفنيَّة شديدة في كل خيارات الفيلم البصرية، ولحظات عظيمة متناثرة طوال مدة عرضه، يحقق «كريتون» إنجازاً كبيراً في سينما 2013.

(3) Gravity

«عندما ولدت السينما حاولت في بواكيرها خلق حالة معايشة مع الجمهور، منذ هروب المشاهدين من فيلم الأخوين لوميير «وصول القطار إلى المحظة» لأنهم ظنوا أن قطاراً حقيقياً يخرج من الشاشة، كان ذروة التماس الذي حققه الاختراع الوليد في البشر، وأعمق ما فيه على الإطلاق، بعد ذلك ولدت الحكايات والمضامين والرموز، كوسائل فقط من أجل نقر وتر في روح المشاهد ووعيه يربطه بالشاشة ويخلق لديه حالة المعايشة تلك اتجاه ما يشاهده، ثم شاهد الناس Gravity، قطعوا تذاكر مجانية إلى الفضاء، سبحوا فيه وفقدوا جاذبيتهم لساعةٍ ونصف، (عاشوا) المحنة التي عاشتها رايان ستون، واختبروا كل مشاعرها وردود أفعالها، ثم خرجوا ليتساءلوا عن «الحكاية» و«المضامين»!!».. الناقد السوري عماد العُذري

فكر ألفونسو كوران في هذا الفيلم قبل 6 سنوات، أن يحكي عن «شخص تاه في الفضاء ويرغب في العودة إلى الأرض»، أن تكون تلك هي الحكاية كاملة، دون زيادة أو نقصان، وأن يستند بكامِل طاقته على جعل المشاهد نفسه يشعر بأنه «تاه في الفضاء ويرغب في العودة»، استعان بعددٍ كبير من العلماء، مهندسي الديكور، مصممي المؤثرات البصرية، وأبقى بجانبه، قبل الجميع، المصور السينمائي إيمانويل لابيزكي، تحمَّل ضغوطات الشركة المنتجة، الاقتراحات الساذجة بالقطع بين الفضاءِ والأرض أو عمل «فلاش-باكات» لحياة الشخصية، تمسك، لخمسِ سنوات أو يزيد، بأن يصنع فيلمه بالصورة الوحيدة التي يراه عليها، «اخترع» آلة عملاقة للتحكم بالكاميرا، و«اخترع» مربع للضوء يجري التصوير فيه من أجل التحكم في مصادر الإضاءة يفترض أن تكون خارج مجال الأرض، بدأ فيلمه، ورسم كل شيء بدقةٍ شديدة، «قطع للناس تذكرة مجانية إلى الفضاء الخارجي»، وجعلهم يشعرون بالدَّوخة والإعياء ونقص الأكسجين عندما تشعر الشخصية بالدوخة والإعياء ونقص الأكسجين، «هذا هو ذروة الإنجازات السينمائية في 2013»، وأحد أكثر الأفلام التي ستعيش طويلاً، وسيتذكرها الناس دوماً في مقدمة أي حديث عن أفلام الفضاء، أو الإنجازات البصريّة الكبرى، أو الشيء الذي يجعل السينما هي السينما.. والأشياء التي لا يمكن التعبير عنها بأي وسيط آخر.

(2) Blue is the Warmest Color

الفيلم المُتوَّج بالسعفة الذهبية لمهرجان «كان» السينمائي، والذي صاحب فوزه الكثير جداً من الجدل والهجوم، هو أحد أعظم الأفلام التي توّجت بالجائزة خلال العقدين الأخيرين!

طوال ثلاث ساعات يستغرقها هذا الفيلم ، لم يحدث إلا في مرات نادرة أن يستخدم مخرجه عبداللطيف كُشيش غير اللقطات القريبة Close-Up Shots لوجوه ممثليه، لا يوجد لقطات عامة، أو لقطات تعريفية بالأماكن، والغاية من ذلك واضحة، هذا ليس فيلم زَمَن أو مَكان أو حدث ، و بالتالي ليس المهم هو الزمن أو المكان أو الحدث، هذا فيلم عن "أديل"، و"أديل" فقط هي من نذهب إليها هُنا.

الحكاية ، كما هي مَعروفة ، عن العلاقة بين فتاتين ، ولكن في الجوهر ، الفيلم عن "أديل" تحديداً ، تتبع «عن قرب» جداً للفتاة الصغيرة التي تتعرَّف على نفسها وعلى العالم خلال سنين مراهقتها، وما من شيءٍ مميز في حكاية كهذه، و لكن البطل الحقيقي لكل شيء هو «كُشيش»، و"التجربة" التي قرر صناعتها ، و سَعيه المُخلص لأن يجعل كل ما يحدث حياً جداً و صادقاً جداً، حتى لو كان ذلك بوسائل غير معتادة، كأن يجعل بطلتي الفيلم تقرآن السيناريو مرة واحدة فقط قبل أن يُصبح كل شيء بعد ذلك مُرتجلاً، وأن يصور 800 ساعة كاملة عبر ستة أشهر ليُخرج منها بثلاث ساعات في النهاية، و أن يكون التصوير قد تم بتراتبية زمنية لكل فترة من فترات العمل من أجل السماح لبطلتيه أن «يعيشا» كل مرحلة، وأن تكون بطلة الفيلم تسمى في البداية "كلمنتين" قبل أن يجد نفسه يستخدم الكثير من حياة الممثلة "آديل آكزاركوبولوس" و يضمن فيلمه للقطات حقيقية لها في المترو أو أثناء تناولها للطعام أو سرحانها في فترات الراحة من التصوير ، فيقرر تغيير اسم الشخصية و البطلة لأن التداخُل بين ما هو حقيقي و ما هو مُصَوَّر صار مُدهشاً.

تلك الطريقة، و هذا القدر الطَموح من أن يحكي حكاية بتونٍ عادي، وأن يصوّر «الحياة» فقط كـ«حياة»، سمحا له أيضاً بقيادة "آديل" و"ليا سيدوكس" لاثنين من أفضل الأداءات النسائية التي قدمت في السنوات الأخيرة، في فيلم بناه مخرجه على وُشوش ممثلتيه و جعل 90% من لقطاته مُقرَّبة لَهُن، أنتَ بحاجة فعلاً لأداءاتٍ كتلك، و مشهد مثل "الانفصال" ثم مشهد "المَطعم" يعطيان صورة واضحة لأي أداءات حُققت في هذا الفيلم ، و ليس غريباً بالمرَّة أن تكسر إدارة مهرجان "كان" القاعدة المتعارف عليها في منح السعفة الذهبية للمخرج ، و يكون خطاب الفوز مُتضمناً "كُشيش" و"آديل" و"ليا" .

فيلم "كُشيش" هو فيلم عظيم عن حياةٍ عادية، مُراهقة تَكبر، علاقة تبدأ وتنتهي، مدرسة وعائلة وعمل، ما من الشيء الاسثتنائي، ولكن كل شيء مَعمول بالكثير من الفِهم والعمق والأتوان المَظبوطة لكل لحظة تَمُرّ.

(1) Before Midnight

- لا يوجد فيلم، أو مجموعة من الأفلام، في تاريخ السينما استطاعت أن تجعل شخصياتها حقيقية، وتدفع المُشاهد للتعامل مع معها باعتبارها موجودة فعلاً مثل تلك السلسلة، هذا هو الإنجاز الأكبر والأهم الذي يحققه المخرج ريتشارد لينكلاتر في ثلاثيته السينمائية بين أعوام 1995، 2004، والعام الماضي،ليجعل منها شيئاً استثنائياً فعلاً في تاريخ السينما.

- الإنجاز الآخر يتعلق بأن الثلاثية تحمل الزَّمن بصورةٍ كاملة، ريتشارد لينكلاتر يكبر، «جيسي» و«سيلين» يكبرون، ونحن أيضاً نكبر، تتغير المفاهم نحو العالم، والشكل الذي نتعامل به مع الأمور، في فيينا عام 1995 هما شاب وفتاة في هالة البدايات، في باريس 2004 هما رجل وامرأة يعيشان بهجة اللقاء الثاني، وفي الفيلمين كانا هناك تعبيراً حقيقاً عن الشخصيات في عمرها وزمنها، كل الشخصيات المتورطة في الحكاية داخل الفيلم وخارجه: «جيسي وسيلين».. «جولي ديلبي» و«إيثان هوك».. «لينكلاتر».. ونحنُ أيضاً.

في تلك المرة «جيسي وسيلين» عاشا معاً بالفعل 9 سنوات، أنجبا توأمين، صار هناك «ثقلاً» منطقياً من دواع العشرة والتعود، الجذوة المشتعلة في الجزئين السابقين لا يمكن أن تبقى بعد كل تلك السنوات سوياً، لذلك فالفيلم لا يحمل «التون الرومانسي» الذي غلب على الجزئين السابقين، ولكنه هنا عن «الواقع» فعلاً، عن «حياةٍ حقيقية.. ليست مثالية ولكنها حقيقية» كما يقول «جيسي» لـ«سيلين»،. لتستمر الثلاثية في «حِمل الزّمن» وكِبر صُناعها وأبطال، وتلك المرة في درجةٍ أعمق وأكثر «حقيقية»، لذلك فهو ليس فقط الجزء الأفضل، ولكنه واحد من أنضج الأفلام التي تناولت العلاقات بشكل عام.

- الشيء المشترك الذي يصف به كل مشاهدو السلسلة «جيسي وسيلين» هو أنهم «أصدقاء لهم»، وأن فيلماً جديداً كل تسع سنوات هي فرصة لـ«مقابلة الأصدقاء القدامى»، وملامسة الزمن فيهم، ذلك هو الجوهر الحقيقي لعظمة هذا الفيلم، وعظمة السلسلة بشكلِ عام.

- على الأغلب، سيكون فيلم عام 2022 أحد أفلام المقدمة في قائمةٍ كتلك!

المصري اليوم في

25.04.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)