كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

في حواره لـ « البديل ».. وحيد حامد :

عليه العوض في البلد.. و«أهبل» من يتصور نهاية سريعة للإخوان.. وإحنا شعب جوعان

رامي عبد الرازق

 

·        الحزب الوطني راحت أيامه وسقط تحت حذاء 25 يناير .. والمباراة بين الإخوان والشعب

·        الأغبياء فسروا العلاقة بين الضابط والمواطن في « اللعب مع الكبار » عمالة لأمن الدولة

·        الدول العاجزة هي أول من يحرم ويمنع مواطنيها من الحلم

استطاع خلال أربعين عامًا من رحلته مع الكتابة أن يتسرب إلى وجدان أجيال متعاقبة، عبر شخوصه وأفكاره وجمله الحوارية ورؤيته النافذة المستقلة شديدة الخصوصية والخصوبة والقدرة على التعبير عن الشارع المصري ، خلال واحدة من أهم وأخطر فترات التحولات السياسة والاجتماعية في تاريخه الحديث.

على خلفية المنجز الإبداعي للكاتب الكبير وحيد حامد، الذي لا تغفل عينه عن رصد كل ما يدور حوله في واقع متقلب وهستيري وغير آمن كان لـ « البديل » هذا الحوار…

·        كنتَ من أوائل من استخدم التعبير البصري عن فكرة الدولة داخل الدولة عندما وضعت العلم الشهير على سيارة رجل الأعمال في “الدنيا على جناح يمامة”، وعدت للإشارة إلى نفس الفكرة في “الأولة في الغرام” على سيارة زعيم العالم السفلي.. هل ترى أن المجتمع المصري بعد نظامين وثورتين لا يزال يعاني من فكرة الدولة داخل الدولة؟

بالفعل هناك دولة رسمية ودويلات كثيرة ربما أكثر قوة منها، ودعني أضرب لك مثالاً من الواقع، دون شك أن جماعة الإخوان المسلمين كانت دولة داخل الدولة، لها اقتصادها وجيشها، وما الدولة إلا اقتصاد وقوة مال وسلاح، وهم كانوا، وما زلوا، أقوياء بالعنصرين، ولديهم –كدولة– سفراؤهم خارج مصر في دول صناعة القرار السياسي في العالم، وعلى رأسها أمريكا.

والجماعة كانت دولة قوية داخل الدولة الرسمية إلى جانب دويلات أخرى لكل منها نفوذها وقوتها الاقتصادية، فالجماعات الإسلامية دويلة، السلفيين دويلة، تجار المخدرات، رجال الأعمال بالتحديد، كل من يستطيع أن يؤثر على الدولة الرسمية ويقدر على ليِّ ذراعها هو دويلة داخل الدولة، وأريد أن أفجر شيئًا ما معك، انظر إلى الشارع المصري تجد السبب الحقيقي وراء التدمير الحضاري للمدن المصرية الشركات الكبيرة، شركات الإعلانات التي تشوه الشوارع بشكل غير حضاري، بل وتخريبي، إنهم ينزعون أسوار الكباري ويحتلون أسطح العمارات والأرصفة كي يضعوا لافتاتهم القميئة، ثمة ثلاثة قطاعات من الشركات في مصر تعمل بدأب على تدمير ما تبقى من الوجه الحضاري للشارع المصري والدولة، إنها شركات الأغذية والمياه الغازية والشيبسي، التي تمنح المواطنين أكشاكًا إعلانية في أي شارع، وفوق أي رصيف، وتحت أي كوبري، والدولة غائبة ونائمة.

·        بمناسبة النوم.. أيهما الآن نائم في العسل! الحكومة أم المواطن؟

كلاهما نائم في العسل، الحكومة عاجزة، والمواطن – مع الأسف – أصبح في أكثر لحظاته عاجزًا وفاقدًا للقدرة، لقد تغير هذا المواطن القديم والمتجذر في التاريخ إلى الأسوأ؛ لأن كل الأساسيات الحضارية والاجتماعية التي بنيت عليها شخصيته قد انهارت تمامًا، التعليم والثقافة والصحة كلها لم يعد لها وجود حقيقي، وبالتالي لم يعد يتمتع بالميزات الحضارية التي تجعله قادرًا على أن ينهض بالبلد أو يتطور، ودعني أقولها صراحة لأن الجميع من نخب ومثقفين وسياسيين يتلمقون الشعب، وكأن مواجهته بوضعه السيئ ومستواه المتدني هو خطأ في الذات الملكية، الشعب المصري يحتاج إلى إعادة تأهيل حضاري شاملة، ومسؤول عن جانب كبير من الأزمات التي تعاني منها الدولة والشارع.

·        ماذا لو دخل أبطال « الإرهاب والكباب » مجمع التحرير، هل سيطالبون بما طالبوا به «مبارك» أم أن مطالبهم قد تغيرت؟

بعد 20 عامًا من «الإرهاب والكباب»، ذهب المواطنون إلى التحرير نفسه، وليس للمجمع، دعك من مسألة النبوءات، أقول لك نعم سوف يطالبون أيضًا بـ “الكباب”، وكأن شيئًا لم يتغير، والحقيقة أن أشياء كثيرة لم تتغير بعد ثورتين، انظر إلى أول كلمة في شعار الثورة الشهير “عيش”، الكباب في الفيلم كان المقصود به العيش، ما الذي تحقق من الشعار؟

الكاتب عين ضخمة لا تغفل عن الشارع أو تغمض عنه، بالأمس كنت أسير في الشارع بسيارتي، وبجانبي امرأة تقود سيارتها، وتأكل ساندويتش بنهم شديد، وبشكل يجعل انتباهها مركزًا على الأكل أكثر من الطريق، لو أننا في دولة محترمة لحوكمت، والمقصود هو أننا شعب جوعان ونهم، حتى إن الدولة الرخوة، وكأنها تحكم شعبًا آخر، وأصبحت مبرمجة على أن الحياة تتلخص في العيش والأكل فقط، الأنظمة الفاشلة والمستبدة بالطبع مسؤولة عن هذا إلى حد كبير، ولكننا كشعب قبلنا بهذا، في «الإرهاب والكباب» قال البطل “احلموا أحلامًا كبيرة، لأنها عندما تهبط للواقع سوف تتقلص، لو حلمت بفرخة سوف تأخذ من الحكومة بيضة”.

·        لو أراد «حسن» بطل «اللعب مع الكبار» أن يحلم الآن بعد الثورات، هل سيحميه سلاح ضابط أمن الدولة، كما في نهاية الفيلم، أم أنه سيوجهه إلى صدره؟

الفساد ليس فسادًا ماليًّا فقط، بل كل أنواع القصور في المجتمع هو شكل من أشكال الفساد، والمجتمعات المثالية أو المتحضرة هي التي يحمي فيها الضابط المواطن، وفي الفيلم كان الأمر مجرد أمنية وليس واقعًا، لا وقتها ولا الآن، وتظل هذه الأمنية قابلة للتحقق بنسب متفاوتة في كل المجتمعات، وكلما اتسق فعل الحلم مع غطاء الحماية، ارتقى المجتمع وتقدم وتطور، والضابط في النهاية هو أداة يمكن أن تقتل بها المواطن أو تحميه، وأنا طرحت العلاقة المثالية التي يجب أن تكون، وبعض الأغبياء فسر المسألة وقتها على أنها “عمالة” لأمن الدولة، من أنت حتى تصادر حلمي بعلاقة مثالية، ووصفة حضارية مجربة.

·        ومن الذي يحاول منع « حسن » من الحلم الآن؟

“ناس كتير قوي” أولهم الحكومات، ولا أقصد القمع الشرطي، الحكومات الحالية والسابقة غير قادرة على حماية مواطنيها، ولن أتحدث عن كونها عاجزة عن توفير الأكل والشرب والتعليم، بل أبسط الحقوق أن تكون آمنًا، وهو غير متوفر، انظر إلى الكهرباء التي تقطع يوميًّا لأن الدولة عاجزة عن اتخاذ قرار ينظم أوجه الاستهلاك والدعم، ولا نقصد به زيادة الأعباء المالية ومقابل الخدمات، بل أتحدث عما هو حضاري، الدولة لم تستطع حتى الآن أن تطبق قانون إغلاق المحلات مبكرًا، والمطبق في الدول العربية وليس أوروبا فقط، ويعتبر إحدى الوسائل التي لا ترشد فقط الكهرباء، ولكنها تعيد تنظيم الحياة الاجتماعية برمتها وتعيد تأهيل المواطن المصري على نظام أثبت نجاحه في كل الدنيا، إن الدول العاجزة هي أول من يحرم ويمنع مواطنيها من أن يحلموا.

·        في نهاية « طيور الظلام » يقذف على الزناتي (الأخوان) وفتحي نوفل (الحزب الوطني) الكرة التي يلعبون بها، فتصطدم بالشاشة المرسوم عليها خريطة مصر، هل ترى أن ما يحدث في مصر الآن هو نتاج المنافسة على الكرة ما بين الوطني والإخوان كما عبرت عنه؟

“أهبل” من يتصور نهاية سريعة للإخوان، قلت لك في البداية إن الإخوان يملكون المال والعتاد، ويملكون شيئًا ثالثًا لا يتوفر لدى الدولة، لديهم الطبيعة الإجرامية العنيفة، ولديهم القدرة على سهولة القتل؛ لأنه لا يلام على القتل بل يجد من يبرر له ويحلل له ويقول له سوف تذهب إلى الجنة، في مقابل أن ضابط الشرطة حين يقتل سوف يجد من يحاسبه وهناك بالفعل ضباط في السجون.

لقد تركنا الإخوان حتى استفحلوا، انظر إلى الجماعات الإسلامية العديدة والأحزاب الإسلامية التي خرجت علينا من عباءتها، المسألة ليست سهلة.

أما الحزب الوطني، فقد انتهى و”راحت أيامه خلاص”، والسبب بسيط؛ لأنه لم يكن سوى واجهة هشة لشلة منتفعين كبار وصغار، لم يكن له جذور في الشارع، بل مندوبون تافهون تتنوع أغراضهم، والخدمات التي كانوا ينتظرونها من انتمائهم له، كان الحزب يقدم فتافيت “وكل واحد وفتفوته بقى”، بمعنى أن فتفوتة الفأر ليست مثل فتفوتة الأسد، ولهذا سقط كل هذا تحت حذاء 25 يناير ولم يبقَ منه شيء يذكر، والمباراة الآن بين الإخوان والشعب.

·        أخيرًا من هو المرشح الرئاسي الذي يمكن أن يجعلنا نقول “البلد دي اللي يشوفها من فوق زي اللي يشوفها من تحت” بدلًا من جملة «فتحى نوفل» الشهيرة “البلد دي اللي يشوفها من فوق غير اللي يشوفها من تحت”؟

دون ذكر أسماء، دعنا نحدد الملامح الأساسية لهذا الرئيس القادم الذي تحتاجه مصر، أيًّا كان، أولًا يجب أن يتمتع بميزة لم تكن في كل سابقيه، وهي أن يرى ولا يكتفى بالسمع، آفة الرؤساء في مصر هي أنهم يملكون آذانًا ولا يملكون عيونًا، لقد دأبوا على أن ينظروا بآذانهم التي تلوك فيها عشرات الألسنة، الرئيس الذي يمكن أن يجعلنا نرى مصر من تحت كما هي فوق، يجب أن يرى الناس وينظر إلى الشارع، ويتوقف تمامًا عن أن يسمع إلى أحد، يجب أن يكون زاهدًا في الكرسي، لديه استعداد دائم في أي لحظة للمغادرة لو شعر أن ثمة من يمارس عليه ضغوطًا ليعكر سياسته، أو شعر أنه مرفوض، ويجب أن يكون قويًّا قادرًا على مواجهة الدويلات داخل مصر، ولا يخاف الغيلان التي أصبحت تملأ البلد.

البديل المصرية في

20.04.2014

 
 

حلاوة "فرش وغطاء"..تعويض عن قبح "روح"!

يحرره: خيرية البشلاوى 

لم أحظ بمشاهدة فيلم "فرش وغطاء" في دار العرض.. عاقتني ظروف خارجة عن إرادتي. وانتظرت فرصة أخري.. المفارقة أنني أخيراً شاهدته في نفس الوقت مباشرة بعد فيلم "حلاوة روح" وكأنني استعنت "بفرش وغطاء" للخروج من حالة الاحباط التي خرجت بها بعد الفرجة علي هذا الركام من القبح الموضوعي والفني.. باختصار فيلم خالي من الحلاوة!

حلاوة الفن الجميل ترياق.. وفيلم أحمد عبدالله مثل هذا الدواء لداء يصيب سوق الفيلم من آن لآخر.. الجدل الذي يدور حالياً حول "حلاوة روح" اصطنعه قرار رئيس الوزراء بمنع الفيلم. الأفلام اُلِمخلة بالفن والابداع والمتردية جمالها ينبغي أن يأتي الحكم عليها من الجمهور المستهدف الذي يعتمد المنتجون علي أمواله لتعويض ما أنفقوه علي صناعة الفيلم بالإضافة إلي المكسب.

الجمهور عندنا تربي علي السينما التجارية. وليست كل الأعمال التي تنتمي لهذا التيار المتسيد قبيحة وتستحق المنع. والجمهور يتربي ذوقه بالسينما وحدها. هناك التعليم والإعلام والمناخ الاجتماعي. والبيئة الثقافية والمستوي المعيشي.. إلخ.. إلخ.. وكلها عناصر رئيسية بعد "الأسرة" ودورها في التنشئة وارساء أسس التشكيل الأولي للشخصية لن يفلح المنع في إضافة أي قيمة مؤثرة تغير ما أرسته سنوات طويلة من التجريف المتعمد أو ربما غير الواعي للشخصية المصرية والتسطيح العملي للعقلية والتشويه الفقري للذوق من خلال "المنتجات" المؤثرة فيه ومنها "الفيلم" والانتاج الترفيهي عموماً.

كان من الممكن أن استرسل في هذه النبرة المتشائمة الكئيبة لولا وجود تيار يزداد في القوة وسرعة السريان لسينما موازية جاهدت وتجاهد بإصرار ودأب لانتزاع مكان لها علي خريطة التوزيع رغم سمة الاحتكار الغالب عليها.. ولم يكن من الممكن في سنوات سابقة أن يحصل فيلم من نوعية "فرش وغطاء" علي أسبوع وأكثر في سوق العرض التجاري العام. أو فيلم مثل "عشم" أو "هرج ومرج" أو "فيللا 69".

وهذه لا مؤاخذة كلها أفلام تقف علي النقيض من نوعية "حلاوة روح" تزيح تدريجياً هذه النوعية كلما ارتقي الذوق. وتشكيل جمهور يؤمن بهذه النوعية ويتذوقها ويجد فيها "حلاوة" للروح دون تزييف أو تقبيح للواقع. أو تشويه للمرأة وجعلها سلعة للبيع.

فيلم "فرش وغطاء" من الوصلة الأولي يثير فضولك. يطرح أسئلة تنتظر إجابتها بتشوق. الصورة تستدعي بدورها قراءة عقلانية. وربما أكثر من قراءة أو مشاهدة من زوايا مختلفة. الصورة مركبة. والمفردات تلتقطها العين وتترجمها الي معان تغني عن أي حوار. الحوار محدود جداً ولا يسعفك. المعطيات البصرية تحدد الشكل والمضمون الأحداث في أماكنها الطبيعية. والأماكن لها شخصيتها وملامحها وأمكنة علي غرار "منشية ناصر" و"حي الزبالين" تغني عن الكلام.

زمن الفيلم يمكن استنتاجه.. الأحداث تبدأ بحالة من الهرج والمرج. هروب جماعي من أحد السجون المصرية. المساجين الذين فروا من السجن. ومنهم الشخصية المحورية "آسر ياسين" ليسوا هم من اقتحموه بالضرورة. الحادثة نفسها لا تشكل أهمية كبيرة في السياق السردي. المهم أننا أمام هارب من السجن يصاب في ساقه أثناء الهروب يزامله صديق مسيحي أصيب إصابة قاتلة وعليه أن يبحث عن علاج ومأوي.

الخروج من أسر السجن مجرد مقدمة. الموضوع الأهم رحلة التيه في فترة ما بعد فك الأسر.

والطلوع إلي نهاز غائم. إلي طريق محاصر. الحرية مقيدة. مخنوقة بمعطيات واقع يبدو مفتوحا الطريق ممتد ولكنه ليس ساريا. الأفق ممدود ولكنه مليء بالألوان. اللون الرمادي يغلب.

الأسير الذي فر من جحيم النيران المحاصرة لسجن يتم اقتحامه يبحث عن مأوي. والمأوي ليس بالضرورة مادياً. الأغلب والأكثر تأثيراً المأوي المعنوي.. الروحي. الروح مقيدة بسلاسل غير منظورة. يكشف عن بؤس الحاضر. بؤس المكان. بؤس الناس.

زميل السجين يلفظ روحه بينما تلوح رياح ثورة في الأفق.. يترك أمانة لزميله الهارب يريده ايصالها لا تصل لأسباب بائسة.

لا يمكن تركيب فقرة سردية كاملة تحكي عما جري. أو عن حكاية الفيلم. لأننا لسنا أمام حكاية وإنما حالة علي المستوي الفردي وعلي المستوي العام. اشتباك وجودي لا يمكن فكه بين الخاص والعام في زمن ثورة لا تظهر لها ملامح محددة ولا آفاق. الطريق محاصر وفرق مسلحة ما تعترضه. لا توجد تعريفات محددة لما تراقبه. توجد حالة تحتويك.

حضن الأم شديد الحرارة بعد غياب طويل حضن مؤقت وعابر. حنان الأخت منقوص لأنها مثقلة بهموم أسرة صورتها وهو يتأملها. حلم راح مثل أشياء كثيرة. الحبيبة صارت في عِصمة رجل ملتح يرتدي جلباباً يأخذها علي ظهر دراجته البخارية ويختفي.. "الفرش والغطاء" خرق قماش علي حبل غسيل الخلاء!!

الكاميرا في يد المصور طارق لطفي. قلم مبدع. حساس. وناقد بالألوان والتكوينات وحجم الصورة وزاوية التصوير. اللغة التعبيرية البصرية لا تقوي علي الافلات من قبضتها.. جماليات الفقر المادي والمعنوي يعادلها موضوعياً لقطات من أعلي للحي المزدحم. للحجرة التي تنطق بما فيها. لأكوام النفايات. لأشكال البنايات والمحتوي العام داخل اطار المشهد.

السجين المثقل بألوان من الهموم تنعكس علي وجهه.. الفيلم نفسه يملؤك بالوعي. والوعي ثقيل لأنه يستدعي حقائق لم تكن حاضرة بهذا القدر من النفاذ.

المصداقية في اسلوب التناول عنصر تستشعره. والاندماج الفكري والمعنوي والفني المسيطر علي المخرج.. المؤلف يتضح في التأثير الكلي الذي ينتقل كالعدوي الي المتلقي.

التوحد مع السجين الأسير الذي لا يحمل اسماً ولا عنواناًً محدداً. ولا حتي بوصلة هادية لواحة أمان يستقر فيها يبدأ مع البدايات الأولي للفيلم.

الموضوع الذي ينشغل به المخرج المؤلف عليك أن تلملمه من جزيئات.. وتفاصيل مرئية تبدو غير مترابطة. وعليك أن تصنع الصورة الكلية من شذرات تناثرت وإن ظلت مشدودة بجاذبية ما بخيوط غير مرئية وإنما محسوسة.

لسنا أمام حكاية لغز. ولا شخصية غاضبة بقدر ما نحن مواجهون بسؤال: أين المفر؟؟ ثمة ثورة تملأ رياحها السحب والوجود.. وهل ثمة مفر؟؟ الفيلم يضعنا أمام حيرة وعلامة استفهام كبيرة.

أين المفر أمام الشخصية المحورية؟ هارب لا نعرف ماذا كانت تهمته. التهمة الأكبر ليست في الجريمة التي أدخلته السجن.

ثمة جريمة أكبر منها أو أقل جرائم.. فمن قتل ثلاثين جثة ووضعها في مقبرة جماعية دون معرفة ذويها؟ ولماذا أصاب الضابط في مقتل شاب يرفع علامة النصر ولم يكن يحمل سلاحاً. يحمل فقط تليفوناً محمولاً يحادث منه والده ومن يأتي بالقصاص للأم الملتاعة. ومن المسئول عن مستشفي غير مؤهل وبلا امكانيات يستقبل جثث الثوار؟؟ هذا الفراغ الروحي الهائل من يملؤه؟ ومن يحاسب علي بؤس رجل فقير يضيع منه مصدر رزقه. و"زبال" صغير تقمعه سيدة مسنودة اجتماعياً؟ ومن كان غافلاً عن هموم الناس واحتياجاتهم التي دفعتهم الي اقامة هذه العشوائيات والمباني التي تكشف منها الكاميرا من زاوية مرتفعة في مشاهد تبين بقدر ما تخفي.
في ظلال ثورة يبدو "الخير" هو الصوت الوحيد المسموع. وفي ظلال ثورة لا يمكن أن يبقي الحال علي ما هو عليه والمتضرر يلجأ الي القضاء!! علي أي حال الفيلم لا ينشغل بالثورة. إنه عمل ثائر قائم بذاته. يشتبك صانعه مع واقع لم يحاول تزييفه أو تقبيحه. وإنما يرصد مضمونه والتقاط جوهره بعيون إنسان تائه ومكدور. يبحث عن مرفأ. والمرفأ بعيد. بعيد جداً. يبدو مستحيلاً. أو هو مستحيل فعلاً!!

آسر ياسين في أفضل أدواره حتي الآن. تعبيرات وجهه يعطينا مسحة من القراءة لامكانيات ممثل موهوب ومخلص للشخصية وللدور الذي يلعبه وللسياق الروائي الذي يفترض أن يثريه ويقوي تأثيره علي المتلقي

المخرج أيضاً أكثر نضجاً وعمقاً. أكثر حتي من عملية السابقين "هليوبوليس" و"ميكرفون" ومن ثم أكثر احتواء للمتفرج.

استخدامه وتوظيفه الجيد للجانب التسجيلي ودمجه موضوعياً وبنائياً بين الاسلوبين الروائي والتسجيلي جدير بالتأمل لسمة مميزة في كل أعماله.

أعترف بأن الفيلم يستحق مشاهدة أفضل أرجو أن تتوفر لاحقاً. لا يكفي الفرجة مرة واحدة خصوصاً إذا كانت علي شاشة صغيرة ومن خلال الإنترنت.

رغم ذلك أشعر بأنني مدينة لصناع هذا العمل المتكامل الجاد والجميل دون ابتذال ولا تزييف وأتمني أن يسعي القاريء للفرجة علي "مقدمة" "التريلر" لفيلم "حلاوة روح" والمقدمة الخاصة بفيلم "فرش وغطاء" علماً بأن الاثنين علي الإنترنت.. سوف يكتشف الفارق بين عمل بلا فرش وبلا غطاء أخلاقي إنساني فني وآخر مفروش ومتغطي موضوعياً وفنياً وجمالياً.

رنـات

الليبراليون.. المزايدون

خيرية البشلاوى

الكلام حول حرية التعبير والابداع سوف تعلو نبرته ويزداد سخونة هذه الأيام بعد قرار رئيس الوزراء بمنع فيلم "حلاوة روح".. سوف يطل علينا المزايدون "الليبراليون" من كل صوب بزعم الدفاع عن الحرية وشل أيدي الحكومة عن التدخل في الأعمال الفنية وقمع الفنانين

لا يوجد انسان فوق هذا الكوكب لا يسعي وراء تحرير إرادته وكسر القيود التي تحول دون حقه في التفكير والتعبير الحر.. ولكن للحرية حدود. ولا توجد حريات مطلقة وحرية التفكير مكفولة اذا لم تكن حرية هدامة تسعي إلي تقويض أركان المجتمع وهدم أساساته وثوابته.. الصراع الايدولوجي سوف يظل معركة البشرية إلي يوم القيامة.. والمؤسسات الغربية المدافعة عن الحريات تدافع عن حق الصحيفة الدنماركية في نشر رسوم مسيئة للرسول صلي الله عليه وسلم وتعترض علي من يعترض من المسلمين بحجة حرية التعبير وتدافع عن الجماعة الارهابية وحقها في الوجود تحت دواعي الحرية

من يدخل علي شبكة المعلومات الدولية "الانترنت" سوف يجد "ركاما" من المقالات التي تتهم "مصر" ومصر تحديدا دون غيرها بتبني سياسات قمعية وبوليسية باطشة متجاهلة ما يمارس علي مصر من ارهاب وترويع وقتل وحرق في السنوات الثلاث الأخيرة

قرار رئيس الوزراء بمنع فيلم اباحي هابط فنيا وأبعد ما يكون عن الابداع الفني وهو من نوعية الترفية الاثاري الهابط الذي يشجع الارهاب المتأسلم ويطبع "من تطبيع" الرذيلة والتحرش الجنسي ويقدم المرأة المصرية كسلعة في سوق الرجال الذئاب هو قرار سليم في مضمونه فلا توجد حرية مطلقة. الحرية المطلقة تعني فوضي بلا نهاية.. والفنان أو صانع الفيلم أو تاجر الترفيه المرئي إذا لم يراع حقوق المجتمع ويراعي ظروفه ويحترم قيم الغالبية العظمي من أبنائه لا يستحق "الحرية" بمعناها الانساني الراقي والمسئول

الحرية من دون مسئولية مجتمعية لا تلزمنا ومن يريد أن يحول دار العرض إلي دار لممارسة الرذيلة واثارة الغرائز هو في واقع الأمر عالة وعبء وعلي المجتمع. الشعوب تتقدم بحرية الفن وحرية الابداع وبشرط أن يكون الانتاج يلتزم بالقيم الفنية وبالمعايير التي تجعل الفن فنا والابداع في مجال تسويق جسد المرأة واستخدامها علي النحو الذي شاهدناه في فيلم "حلاوة روح" ليس ابداعا بقدر ما هو انحلال وتحلل من المسئولية. فما بالك باستغلال الطفولة

الشعب الذي صنع ثورتين يدرك بحدسه ان فيلم "حلاوة روح" يستحق المنع ومن حق الحكومة أن تتصدي لقوي الهدم حفاظا علي أمنها القومي والهدم باستخدام وسيط السينما يكون عادة موجها إلي منظومة القيم والمبادئ التي تقرها الأعراف والتقاليد والدين

المجتمعات الغربية التي يحلو للبعض التشبه بها لا تصلح معيارا لشعوب تنتمي لثقافة وحضارة وظروف مجتمعية مختلفة والمجتمع المصري في هذه السنوات الأخيرة محاصر بإرهاب وحشي مُصر علي هدم الدولة. محاصر بمؤامرة كبري من مؤسسات استخباراتية لدول كبيرة

التحديات المحدقة بنا تأتينا من كل صوب داخليا وخارجيا ونحن في حل من اضافة المزيد من الفوضي الأخلاقية والسلوكية تحت دعاوي الحرية وبحجة التصدي للقمع الحكومي

فيلم "حلاوة روح" يستحق المنع فعلا وحين اعترضت علي قرار المنع لامني كثيرون جدا من الأصدقاء والأقارب ومن يتابع مواقع التواصل الاجتماعي علي الانترنت يدرك حجم الرفض الشديد للفيلم

لقد رفضت وما زلت أرفض قرار رئيس الوزراء طمعا في ان الشعب نفسه الذي قام بثورتين رفضا للظلم وتوقا إلي الحرية والكرامة الانسانية هو من ينتفض ويقاطع الفيلم دفاعا عن قيمه وكرامته وصورته التي يشوهها الفيلم بغلظة وانحطاط فني وبزعم ان "الجمهور عايز كده"! 

آن الأوان أن يتولي الشعب تقويم ما يقدم له من ترفيه يحط من قدره ومن أدوات للتعبير لا تحترم قيمه وتقاليده.. والتقويم الذي انشده وأتمناه هو المقاطعة ولا تدفعوا أموالكم دعما لمن لا يحترم انتفاضتكم ضد القبح والتخلف والظلم بكل مستوياته و"حلاوة روح" عمل جائر وظالم.

المساء المصرية في

20.04.2014

 
 

نور الدين الصايل أنقذته السينما من الحياة!

"النهار"/ هوفيك حبشيان 

المهتمون بالشأن السينمائي في المغرب يترقبون حالياً لحظة الكشف عن إسم الشخص الذي سيخلف نور الدين الصايل في رئاسة المركز السينمائي المغربي. فالصايل الذي تمّ الإعلان فجأة عن مغادرته الصرح السينمائي الذي ادخله الى الحداثة، سيترك فراغاً كبيراً يوم يوضب أمتعته ويتنازل عن المنصب الذي شغله طوال 11 سنة. فتح وزير الاتصالات المغربي باب الترشيح، ولكن لم يعُرف بعد مَن الذي سيحل مكان الصايل.

الصايل، هذا الطنجاوي البالغ من العمر 66 عاماً، عاشق السينما الأبدي ومدمن الفلسفة، رفع من شأن السينما المغربية وساهم في نهضتها، فباتت تنتج أكثر من 20 فيلماً سنوياً، وإن كان عدد منها لا يصلح للمشاهدة. على مدار أكثر من عقد من الزمن، ظلّ الصايل رجل السينما الأول في المغرب، وكانت محاولات اطاحته من المقربين من "الاخوان المسلمين" كثيرة ومتكررة وشخصية ــ وعنيفة احياناً. لكنه لم يقبل الانصياع للابتزاز. أيّ مستقبل للسينما المغربية من بعده، وخصوصاً ان مرشحي التيار الديني المتشدد يتربصون بالمنصب؟ ايّ استراتيجيا سينمائية للمغرب بعد انسحاب الصايل؟ هذه من الأسئلة التي تؤرق اليوم العديد من المخرجين والمنتجين ومديري المهرجانات في المغرب.

طوال فترة رئاسته، كان يقال عن الصايل انه موهوب في صناعة الاعداء. بمعنى انه لا يساوم ولا يتنازل عن موافقه التي تكونت عنده دائماً نتيجة وعي فكري وثقافة معرفية عالية، الأمر الذي كان معدوماً عند خصومه الذين لطالما ارادوا جرّ المغرب الى اتجاهات اخرى. بعض هؤلاء كان يحلم بتضييق الخناق على الفنّ الذي لا يعيش من دون حرية. انتشل الصايل السينما المغربية من وحول "سينما المناسبات" التي تطل برأسها بين الفينة والفينة قبل أن تعود الى سباتها العميق، في مجتمع حافل بالتناقضات، يترجح بين التقليد والحداثة، بين الانفتاح على الغرب والتمسك بأصول وأعراف اسلامية. كان الصايل صدامياً في لحظات وقادراً على الاستيعاب في لحظات اخرى. علاقته عبرت القارات وصداقاته قفزت فوق الحدود الجغرافية. "كثيراً ما أتخذ قرارات، إمّا تنال الاعجاب وإمّا لا. نتيجة ذلك، تصبح، ولمرحلة من الزمن، رجلاً مكروهاً عند الذين لم تعجبهم قراراتك. اذا كنت تريد المحافظة على حسن علاقاتك مع الجميع، فالأفضل الاّ تأخذ أيّ مسؤولية على عاتقك، وان تذهب للعيش في الصحراء، وهذا ليس ما أطمح اليه، كوني مناضلاً".

أسس الصايل جمعية نوادي السينما في المغرب، وترأسها طوال عشر سنين (1973 - 1983)، وساهم في "مغربتها"، قبل أن تحمله الفرص الى عوالم التلفزيون، حيث اكتسب خبرة متكاملة، من خلال عمله في المحطة الفرنسية المشفرة، "كانال بلوس أوريزون"، في منتصف الثمانينات، مستفيداً من منصبه ليشرع الأبواب أمام سينمائيين من بلدان لا مراكز ثقل لها على الخريطة السينمائية الدولية. بيد أن مشروع انقاذ القناة الثانية المغربية جاء به رئيساً، ثم عُيِّن مديراً للمركز السينمائي المغربي. هذا المتحدث اللبق والسينيفيلي الأكول، جاء الى "المركز" وفي رأسه مخططات كبيرة، تحقق جزء منها، فجعل السينما المغربية تهبّ هبة كبيرة، مثيرة حسد بلدان عربية كثيرة لديناميتها المفاجئة. اراد البناء على نموذج انتاجي مستورد (مستوحى بتصرف من الصيغة الفرنسية الشهيرة "سلفة على الايرادات")، وضبط أصول السينما "حتى لا يكون بناؤها مشوهاً".

في طنجة، كنا نراه يساير المبتدئين، وفي مراكش يرافق المشاهير. المهرجان الأول كان نقيضاً للثاني على كل المستويات، لكنه أجاد الادارة في كلا الموقعين. يقول انه تعلم الحياة متفرجاً على الشاشة المستطيلة وانه كان هناك تكامل بين مهنته مدرّساً للفلسفة والسينما، ويصر على أن هذا الفنّ "أنقذه من الحياة". "كانط من الذين أثّروا فيَّ كثيراً عندما كنت في مرحلة الدراسة. الفلسفة والسينما تشاركتا في تأهيلي. عندما عبرنا في كتابات سبينوزا، وقابلنا هيغل، وطوّرنا سبل المعرفة مع نيتشه، وتعلمنا أسس تطبيق نظريات فرويد، وعدنا بعد هذا كله الى النصوص التأسيسية للاسلام الحقيقي، ودائماً باتباع منطق المسافة، هذا كله يجعل الانسان أكثر تطوراً".

في مقابلة سابقة مع "النهار"، كان يشكو من علاقة الغرب بالسينما الافريقية، كاشفاً انه ينبذ منطق "تحفة كل عشر سنين"، ويعمل خلافاً له. تلك الصيغة التي تهم القوى السينمائية الكبرى في العالم ان تحافظ عليها لتحمي مصالحها. "يريدون وضع اليد على سوقك السينمائية ومن ثم التصفيق للعبقرية التي اخترعتها، علماً ان هؤلاء، بدورهم، ليسوا أكثر عبقرية منا في مجال العدد، لكن الفرق بيننا وبينهم أنهم ينجزون 500 فيلم كل عام تكسح أسواقنا وتعود عليهم بالعائدات المالية الضخمة جراء استثمارها في صالاتنا. باختصار، يضعون اليد على خيالنا وإمكان أن يكون لنا تعبير حرّ ومستقل. أن ينتج أحد بلداننا 3 أفلام كل 12 عاماً ويحصل على جائزة كبيرة في مهرجان برلين، هذا جيد للفنان. لكن في المسألة شيء من الهراء، لأن هذا يعني انه ليس عندنا ادنى فكرة عن كيفية دوران العجلة السينمائية العالمية. هذه مقاربة انتروبولوجية غربية للسينما: بلد لا يخرج منه شيء منذ 20 عاماً، فجأة يأتيهم بتحفة فنية!".

وفق الصايل "بدلاً من أن تعطي الفقير سمكة كل يوم، فالأفضل أن تعلّمه الصيد". يتابع: "نحن الآن قد تعلّمنا الصيد. لكن المشكلة أن ثمة الكثير من الأنظار السلبية على كل سياسة مستقلة. تخيّل أنهم في اللحظة التي بدأنا نتعلم فيها الصيد، أفرغوا البحر من المياه. قوة الغرب كامنة في كونه يحدد قوانين السوق. يقولون لنا: "عليكم أن تنظّموا الأمور بأنفسكم، لديكم مواهب والخ". ثم عندما ندخل في مرحلة الانجاز، ينتبهون الى ان هذا الشيء قد يعود عليهم بالضرر، وهذا صحيح طبعاً. ما يهم الغرب هو أن يقولوا لنا "انجزوا تحفة مرة كل عشر سنين، لكن انتبهوا: لن تكون لكم الحصة الكبرى من السوق المحلية منذ اللحظة الاولى". ولكن نحن نريد ان تكون لنا حصة من السوق ليس فقط في بلادنا بل في بلادهم كذلك. لِمَ لا. واذا قيل لنا لماذا، فسنكرر: لِمَ لا؟".

"ليس هناك خيال أكثر تطوراً من السينما"، كان يقول الصايل معتبراً ان "قلة الطموح" هي العدو الأكبر في المغرب وأفريقيا والعالم العربي، اذ يجري اخفاء الفشل خلف عبارة "ضيق الامكانات"، وعلى الرغم من ان ضيق الامكانات قد يكون من الأسباب الجوهرية، فسرعان ما يتحول ذرائع. "يجب الا نجرّد أنفسنا من الطموح ونسلّم أمرنا الى الحتمية والعبث، ونذيّل كلامنا دائماً بـ"ما الفائدة من فعل هذا أو ذاك؟". عندي، أن كل مباراة لم تنته بعد، لا نستطيع أن نعتبرها خاسرة أو رابحة".

قبل الذهاب الى المكتب صباحاً، روى لي انه يحتاج الى ساعة ونصف الساعة من القراءة المتواصلة. ثم لاحظ وأنا أسأله عن الأشياء التي تبعث فيه السعادة انه ليس شخصاً معقداً. "أشياء بسيطة قد تشكل مصدر بهجة عندي". كان الصايل ضدّ النموذج الأوحد، ويقول انه عندما يفكر البعض مثل البعض الآخر، فهذا يعني أن لا أحد يفكر.

الصايل وكذبة السينما النظيفة:

"لا أتفهم المنع الكلي لفيلم. لماذا تمنع فيلماً ما دام يُعرَض في صالة وما دام مشاهدوه قد دفعوا المال وقصدوا الصالة لمشاهدته. الا اذا كان في الفيلم تحقير للقيمة الانسانية أو تحريض على العنف والكراهية العنصرية والاتنية. حتى في الولايات المتحدة، قد يحدث أن تعترض جمعية سرية على ظهور نهدي امرأة في فيلم. مع ذلك كله، ان يكون هناك ناس ضد هذا الشيء، فهذا يعني أننا نعيش في بلد حيّ. أحترم رأي الآخر، ما دامت المناقشة على مستوى معين. اما اذا تحولت المناقشة عنفاً جسدياً وابتزازاً، فإننا نكون بذلك قد خرجنا على قواعد اللعبة. أحترم رأي الآخر، حتى لو كان هذا الآخر جاهلاً. المسألة بهذه البساطة: يجب منح هذا الآخر الثقافة المطلوبة. على الذي يعترض على شيء ما، أن يكون مطلعاً على هذا الشيء. كثر يعترضون على أفلام لم يشاهدوها. في امكانك أن ترفض مشاهدة فيلم، لكنك لا تستطيع منع الآخرين من مشاهدته".

النهار اللبنانية في

20.04.2014

 
 

سينما عربية جديدة تعاين تفاصيل الواقع بحساسية الصورة

عمان - ناجح حسن 

حضرت الافلام العربية التي وقع عليها اختيار القائمين على مهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الابيض المتوسط الاخير ، وهي تخوض في تلافيف الذاكرة والواقع الصعب وتحديات اجتماعية وسياسية وثقافية واقتصادية جسام.

فالفيلم المغربي «سرير الأسرار» لمخرجه المخضرم جيلالي فرحاتي – نال جائزة لجنة تحكيم المهرجان – يستمد موضوعه عن احدى روايات الاديب المغربي رشيد الدامون، قدم في اطار من الاشتغال الجمالي الذي يفيض ببلاغة لغة الصورة وايحاءاتها عبر استدعاء ذاكرة بطلته في منحى درامي يدور حول حياة امرأة وجدت وحيدة نفسها وهي طفلة وحيدة عقب سجن والدتها، لتكتشف لاحقا، ان المراة التي كانت تعيش الى جوارها ليست والدتها بل احتضنتها.

ركزت كاميرا الفيلم على ملامح أداء طاقمه في اكثر من حقبة زمنية، وفي اتون بيئة قاسية تتخذ من مدينة تطوان فضاءات لأحداثها، بدت فيها حيوية الكاميرا وتكويناتها البصرية التي برع فيها المصور كمال الدرقاوي وهو ما منح العمل الكثير من الالق والجاذبية، مثلما كان لسلاسة الانتقال بين لقطة واخرى تاثيره الايجابي لدى المتلقي في سبر غور عوالم الفيلم الهامشية واندفاعات شخوصه الى مصائر غير محسوبة.

وسرد الفيلم التونسي «باسترادو» للمخرج نجيب بلقاضي – ظفر بالجائزة الكبرى في مهرجان تطوان–قصته على نحو شبيه ولكن من خلال رجل عثر عليه صدفة وهو طفل ، ليخوض صراعه الخاص في بيئة شديدة الفقر والعنف والقسوة، حيث تتشابك فيها علاقاته مع افراد وجماعات في مناخات تهيمن عليها صنوف من معاناة التسلط وعذابات التهميش والتشرد على خلفية من البؤس الاجتماعي. وينطلق الفيلم من اشتغالات سينمائية تنهل من جماليات الفقر بحيث تمنح العمل سمات جديدة في الفيلم التونسي من النادر ان قدمتها اعمال سابقة حيث ينطوي على عوالم مفعمة بالتناقضات المليئة بالايحاءات البليغة تجاه تحولات اجتماعية تزخر بالهموم والطمو حات المشرعة على رغبات إنسانية بالانعتاق والانطلاق في الحياة. يزخر الفيلم بذلك التنوع في رسم الشخصيات ومساراتهم الدرامية التي تحفل بمعالجة ذات مفردات سينمائية وجمالية اثيرة تبدو فيها عناصر التوظيف الذكية للإضاءة وتكوينات زوايا الكاميرا وهي تقتنص رعاشات القرية وقاطنيها امام اشكال من التحديات والمواجهات لبلوغ الهيمنة وفرض التسلط على الاهالي غاب عنهم الاحساس بطعم الحياة أو حقهم في عيش ينهض على القناعة والتواصل والتعاضد بدلا عن مرارات الفساد والعذاب اليومي في بث الخراب واشاعة السرقة والقتل وانعدام الاخلاق. يحكي فيلم (فلسطين ستيريو) للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي الذي نال جائزة حقوق الإنسان في المهرجان عن محاولات شقيقان الهجرة الى استراليا وذلك بعد ان اصابهما اليأس من ممارسات وسلوكيات الاحتلال الاسرائيلي والتي ادت الى تدمير بيتهما في مخيم جنين وهما يقومان في تنظيم احتفالات الاعراس والمناسبات كتقنيي صوت وموسيقى. يوضح الفيلم ما الت اليه احوال الشقيقين التي تقترب من درجة الياس فاحدهما فقد السمع والنطق والاخر ترك مهنة الغناء في الاعراس وطوال مدة الفيلم يرسم المخرج الوانا من الحياة اليومية الصعبة التي يحيا فيها شرائح من المجتمع الفلسطيني تحت هيمنة وتسلط وقمع الاحتلال. ومن خلال اسقاطات رمزية تحتشد بصور من مناخات وقائع الحرب التي تعصف في سوريا، جاء فيلم «سلم الى دمشق» لمحمد ملص–اضطلع برئاسة لجنة التحكيم كما احتفى المهرجان بمسيرته السينمائية الطويلة- وتدور أحداث الفيلم في فناء بيت دمشقي عتيق يعيش فيه مجموعة من الشباب القادمين من سائر مكونات النسيج الاجتماعي بالبيئة السورية محملين بافكار متباينة يبثون الكثير من امالهم والآمهم تجاه المستقبل المنظور. استخدم ملص في الفيلم اسلوبية جديدة تمزج بين التجريب والابتكار والدراما والتوثيق، في سعيه للتعبير عن تطلعات هذه الفئة من الشباب تجاه ما يحيط بهم من اشكالات واسئلة تتعلق بنهوضهم، وغلب على الفيلم ذلك الاداء العفوي لشخوصه، حيث اختار ملص طاقما تمثيليا من الشباب الجدد، اغلبيتهم يؤدي دوره في تماس مباشر مع واقع حياته اليومية.

ظهر في الفيلم، ذلك الافتتان والحنين بمدينة دمشق، عبر توظيف المخرج لطاقاته البصرية، حين صور بشاعرية في اتكاء على مفردات لغته السينمائية، الكثير من المشاهد التي بدت وكانها لوحات تشكيلية تتعانق فيها حبات المطر ة وزجاج النوافذ وحركات شخوص الفيلم في باحة واركان البيت، كأنه يطلق صرخاته التحذيرية ببلاغة الصور، قبل ان يفجرها في المشهد الختامي على نحو مباشر. وضم الفيلم الروائي المصري المعنون «أوضة الفئران» مجموعة من الشخصيات التي تعيش في مدينة الاسكندرية الى جوار احاسيس يختلط فيها القلق والعزلة والحيرة والخوف والموت ، كل ذلك يظل يدور في اذهانههم في هيئة هواجس تارة ومشاعر حقيقية تارة اخرى تجاه الاهل والاصدقاء والجيران والعابرين.وهو عمل نابض بروحه الشابة المتحررة حيث انجز بشراكة وتعاون بين ستة من المخرجين الشباب في اطلالتهم الاولى على السينما هم: نرمين سالم، محمد زيدان، محمد الحديدي، مي زايد، هند بكر واحمد مجدي مرسي جميعهم التقوا على الشغف بالسينما المستقلة، وكان هذا العمل الذي احسن توظيف معالجته الدرامية في قصص وتبيان تفاصيل علاقات انسانية نضرة تؤكد على الحميمية والدفء والحنان برغم جبروت وعناء الواقع. ولا تخلو جعبة المهرجان من مفاجأة حقيقية حين قدمت المخرجة المغربية الشابة كريمة الزبير فيلمها الطويل «المرأة ذات الكاميرا» وجرى عرضه قي ركن مسابقة الفيلم التسجيلي مع ان الفيلم جرى انجازه على حدود المزج بين الروائي والتسجيلي وتسري وقائعه في بيئة فقيرة على هامش العاصمة حيث تتعقب كاميرا المخرجة فتاة نمنهن تصوير حفلات الاعراس بكاميرا الفيديو وهي التي لم تكمل تعليمها المدرسي حيث وجدت نفسها مطلقة وعاشقة لحرفتها. تصوغ كاميرا المخرجة من حياة الفتاة التي يتمحور حولها الفيلم، بناء دراميا وجماليا شديد الجاذيية والاعتناء بعناصر اللغة السينمائية ودلالاتها الفكرية البليغة، حيث يمتليء الفيلم بمناخات لافتة متضادة بين بهجة الاعراس وضجيج وصخب واقع الفتاة البائس في البيت والحارة.

الرأي الأردنية في

20.04.2014

 
 

«حلــوان.. أنـــا»..

لسان حـال كـل مصرى 71 مشاهدة

كتبت: هاجر عثمان 

«الحلاوة من حلوان» تذكرت هذا الهتاف لأحد بائعى الفواكه الذى يقابلك أثناء خروجك من محطة مترو حلوان أثناء زيارتى لإحدى صديقاتى، عندما شاهدت الفيلم الوثائقى «حلوان.. أنا» للمخرج محمد عادل فى إطار الورشة الفرنسية L'Histore Du Jour التابع للمركز الثقافى الفرنسى لتأهيل شباب مصريين على كيفية كتابة وإخراج أفلام وثائقية، فى ثالث تجربة إخراجية له بعد فيلمى «لحم»، و«الأوله».

المخرج دون أن يدرى لم يعبر فقط عن تجربته الذاتية عن حلوان التى تربى ونشأ بها، وتفاصيل علاقته بالمكان لكن نقلنا من تجربته الذاتية لتجعلها مشتبكة مع تجارب كل مشاهد على الفيلم، فحلوان لم تكن سوى النموذج الذى يجد فيه كل متفرج حياته وبيته والتغيريات التى أصابت الحى الذى يعيش به، لتجد نفسك لا تتوانى عن أن ترى حلوان التى طرحها المخرج ما هى إلا رمز يعبر عن مصر، على طريقة المخرجين الكبار كصلاح أبو سيف وحسن الإمام، وحسين كمال فى فيلم «ثرثرة فوق النيل» على سبيل المثال عندما كانت العبارة سوى المكان الذى يرمز لمصر ويضم داخله كل التشوهات والانحرافات آنذاك وغيرها من الأمثلة.

حلوان لم تكن سوى تعبير حقيقى عن التحولات التى شهدها الوطن بأكمله، من أبسط التفاصيل إلى أعمقها، على المستوى السياسى والاجتماعى والاقتصادى، من منطقة تقطنها شرائح اجتماعية تمثل صفوة المجتمع من الباشوات والأرستقراطيين الأثرياء بل اتخذها الملك فاروق كأبرز المناطق للاستراحة والاسترخاء بها، حيث تضم الحدائق الخلابة والأشجار المبهجة، فضلا عن العديد من المبانى الأثرية، وهذا الطراز الأنيق الذى كانت تتمتع به مصر كلها فى الأربعينيات والخمسينيات، لتكون حلوان أيضا شاهدًا على تحول جديد تسربت إليه يد الإهمال والعشوائية كما أسماها المخرج بـ«بلد الميكروباصات» وتلونت بفرشاة سوداء عناصرها البلطجة والعنف والتطرف بعد أن كانت تحوى ألوانها خليطا من الرقى والهدوء والتسامح.

حلوان عكست أيضا ماحدث فى مصر خلال العقود الأخيرة، هذا التحول الذى اتجه إلى التطرف الدينى ورفض الآخر، والفرز الذى أصبح على الهوية، مدعما مادته الفيليمة بأرشيف توثيقى من الصور يحكى فيه بلقطات سريعة عن مجتمع حلوان الذى كان يشرب فيه الشباب البيرة فى شوارعه بحرية شديدة دون أن يستوقفه أحد أو يكفره أحد، ربط فيه شكل وطبيعة الناس القاطنين حلوان التى اختلفت وتبدلت بكادراته التى ركزت على تلك الكتابات الموجودة على الجدران «مصر إسلامية» فى نبذ واضح للآخر، وانتشار هؤلاء المتحدثين الحصريين باسم «الرب».

وفى لقطة ذكية ومن خلال تركيز المخرج على إحدى التفاصيل العميقة، رصد بشكل موجز شكل هذا التحول فى تغيير محل عصير القصب أسفل منزله لاسمه من «جنة الفواكه»، إلى «فواكه الإسلام»، لنصبح أمام حلوان جديدة لا يعرفها أحد، والتى يتم تنقيبها وتحجيبها وأسلمتها عنوة بالرغم من أنها كانت تفتح ذراعيها للجميع أصبحت تستقبل فقط من يكفرون ويعترضون على كل سلوكياتهم.

المخرج تمتع بلغة بصرية مختلفة، مزج فيها التشكيل للتعبير عن فكرته، فالألوان لعبت دورًا مميزًا فى لقطات بمفردها لتوضيح رسالة ما، وتدرجت الألوان مابين زاعقة مبهجة تعبر عن حلوان الجميلة قبل أن تصاب بأمراض المجتمع المصرى كله، لتتجه الألوان إلى الخفوت وتغطيها طبقة من السواد والضبابية.

لم يحو شريط الفيلم موسيقى مصاحبة لمشاهده ولكن كان صوت الراوى الذى عبر عن سكريبت محكم الصنع، بمثابة موسيقى داخلية صادقة تتحدث عن كل مشهد وتفاصيله الإنسانية بعمق شديد.

لن يتركك المخرج بعد الانتهاء من مشاهدة الفيلم أن تذهب دون تفكير، لتجد نفسك مكان المخرج لك أيضًا تجربة ذاتية مشابهة مع حلوان، قد تكون فى شبرا أو المهندسين أو مصر الجديدة أو مصر كلها، نفس المشاعر المتناقضة من علاقتك بأى مكان مابين الحب والكراهية، مابين الانتماء والنفور، الحنين والابتعاد، سوف يجبرك للبحث فى ذاتك عن حلوان الخاصة بك.

بوابة روز اليوسف في

20.04.2014

 
 

مشاهدون منحوا الفيلم من 4 إلى 7 درجات

«حبة لولو».. فيديو كليب لبنــــاني طويل

عُلا الشيخ ـــ دبي 

تبدو مخرجة الفيديو كليب، ليال راجحة، في أولى تجاربها السينمائية، الفيلم الطويل «حبة لولو»، الذي يعرض في عدد محدود من دور السينما المحلية، كما لو انتصرت للصورة على حساب السيناريو، فكان الفيلم أشبه بصورة فيديو كليب لكنه طويل قرابة الساعتين، مع تمثيل متأرجح بين وجوه جديدة ووجوه مخضرمة، مع أن القصة تلامس إنسانياً الكثير من القلوب، حيث يحكي الفيلم، الذي قامت ببطولته تقلا شمعون وزينة مكي وايلي متري، عن فقدان الهوية والاعتراف الاجتماعي حول مجهولي النسب، ومع أن بطلة الحكاية تربت في كنف أمها التي تعرضت للاغتصاب أثناء الحرب اللبنانية، إلا أنها عرفت حدودها عندما دق قلبها لأول مرة، فبين القبول والرفض والمعاناة، مع مشكلات اجتماعية أخرى يتعرض لها المجتمع اللبناني، قدمت راجحة فيلمها الأول الذي حصل على علامة راوحت بين أربع وسبع درجات.

الفيلم مصنوع بصورة جميلة، وقصة كان من الممكن أن يكتب لها سيناريو افضل، فهو يتناول قصة جريئة حول امرأة تعرضت للاغتصاب أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، وأصرت على أن تحتفظ بحملها وطردت من منزل عائلتها، وهذه الفتاة، واسمها «لولو»، تكبر في ظل والدتها غير مدركة ماهية أن يولد الإنسان كمجهول هوية.

أحبت رهف محمد الفيلم، وقالت «بصراحة القصة أهم من تمثيل البطلة، باستثناء تقلا شمعون التي تترك اثرها دائماً أينما حلت» وأضافت «الصورة جميلة، وطريقة الإخراج ملهمة، لكن الفيلم مليء بالأخطاء التي لا يجوز أن تمر مرور الكرام على صانعيه» مانحة إياه ست درجات.

في المقابل قالت مها إبراهيم «الفيلم مليء بالعبارات البذيئة، وكأن على الفيلم اللبناني أن يتميز بطولة اللسان، واختيار الألفاظ التي لا معنى لها»، مؤكدة «القصة هي الأهم مع أداء ضعيف جداً لزينة مكي» مانحة إياه أربع درجات.

وبدوره أثنى علاء هادي على الفيلم وقال «يجب علينا دعم السينما العربية، واللبنانية على وجه الخصوص، لأنها ظلمت كثيراً» موضحاً «في لبنان يوجد الفن والجرأة البناءة والتمثيل المختلف» مثنياً على اختيار القصة التي بنيت عليها أحداث الفيلم، مانحا إياه سبع درجات.

يمر الفيلم بتفاصيل كثيرة يعانيها المجتمع اللبناني خصوصاً، كقطع التيار الكهربائي بشكل متواصل، والغلاء، وما إلى ذلك، كل هذا يدور حول فلك من لا يجرؤ على التجوال كي لا يقف أمام حاجز أمني يسأله عن هويته، وهم اللقطاء الذين ظلموا من ذويهم في لحظة تخليهم عنهم، وظلموا من المجتمع الذي لا يتعامل معهم، وهذا ما حدث مع «لولو» التي لم تدرس في المدرسة، ولم تعمل، ولاءات كثيرة حول حياتها، كبرت وهي تكذب حول حقيقة أنها لأم عزباء، وتختلق القصص أمام كل شاب تتعرف إليه، لكن الوضع اختلف عندما خفق قلبها لكريم الذي يعيش في أميركا.

دور «السيدة فاتن» والدة لولو، دور معقد ومركب استطاعت أن تؤديه بحرفية الفنانة تقلا شمعون، منذ تسليط الضوء عليها وهي فتاة صغيرة أثناء القصف العنيف في الحرب الأهلية اللبنانية، تخرج من الملجأ لأمر ضروري، ليحاصرها عنصر من المليشيات ويقوم باغتصابها، لا تدرك الطفلة حينها ماذا حدث، إلا عندما يكبر بطنها وترفض إجهاض الجنين، وتترك المنزل، وتقرر بيع العطور، والاهتمام بطفلتها التي جاءت إلى الدنيا بلا اسم أب، وتكبر الطفلة وتبدأ بلوم أمها على عدم خلاصها منها وهي في رحمها، فقسوة المجتمع أكبر من موتها، كل هذه التناقضات والعصبية والصراخ جاءت دفعة واحدة عندما وقعت «لولو» في الحب، وتنبأت خيراً خصوصاً أن الحبيب يعيش في أميركا ، فاعتقدت أنه قد يتجاوز مسألة هويتها المجهولة.

يوجد في الفيلم، حسب هيام مصطفى، العديد من التناقضات والحشو الزائد «أنت أمام قصة جميلة، ضاعت مع تفاصيل ومشاهد أقل قيمة» موضحة «الفيلم ببساطة عبارة عن قصة جميلة مع راوٍ لم يدرك قيمتها، حيث التطويل، والتمثيل السيئ للبعض، خصوصاً شخصية لولو التي لم تقنعني، ومَخْرج لم يكن ذا قيمة تنصف كل من ولد بلا نسب» مانحة إياه أربع درجات.

بدوره قال خالد الزعبي إن «الفيلم جميل بشكل عام وأنا أمنحه سبع درجات لأن تقلا شمعون أبدعت فيه، حتى دور جارتها كان مميزاً، مع أداء سيئ لزينة مكي، وركازة احترافية لشخصية كريم».

دور الأم تجسد بشكل كبير في دور السيدة فاتن والدة لولو، حسب ما قالته تالا عدي، وأضافت «هي المضحية التي تحدت المجتمع كي لا تقتل طفلاً لا ذنب له، وتحمل كل الازدراء المجتمعي لها، لتعيش أمومتها على حساب أشياء كثيرة».

تساؤلات كثيرة دارت في بال مشاهدي الفيلم أهمها «هل يحتاج إنصاف الضحية يداً تعلمت خارج الوطن؟» إشارة إلى كريم الذي ندم على ترك لولو وعاد مرة أخرى إليها، عاد حسب طارق علي «لأنه يعيش في أميركا وتربى على ثقافة أخرى تتقبل الإنسان من دون شروط وقيود»، مؤكداً «الفيلم مسّني شخصياً لأني وقعت في غرام لقيطة وعائلتي لم تنصفني ولم تنصفها، وخضعت لقوانين المجتمع على حساب قلبي وقلبها».

«الازدواجية الشرقية والانفصام يظهران في شخصية كريم العربي الذي يعيش في أميركا»، هذا ما قالته نتالي داوود التي أضافت «في لحظة كشف حقيقة لولو هرب لأنه من الداخل تغلبت شرقيته على كل شيء، على الرغم من زواجه السابق بأجنبية تخونه بشكل علني»، وقالت «الفيلم جميل على الرغم من الأخطاء الكثيرة فيه»، مانحة إياه سبع درجات.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

الإمارات اليوم في

21.04.2014

 
 

دراما واقعية تدور خلف الكواليس

فضائح النجوم.. تضع أهل الفن على حافة السقوط جماهيرياً

ريهام صفوت (القاهرة) 

«الفضائح» مسلسل درامي تراجيدي مستمر ولكنه خلف الكواليس وداخل الشقق السرية، أبطالها ألمع نجوم الوسط الفني تكتمل فصولها في مكاتب النيابات وقاعات المحاكم، وتبدأ القصة بشائعة تنطلق في الوسط الفني وتصل الإعلام ليتم ترويجها وتصبح غير قابلة للنفي، لينفجر الخلاف بين الزوجين حين يتبرأ الرجل وينكر علاقته بمحبوبته التي تزوجها عرفياً، وكأنه لم يعرفها في يوم من الأيام.

تتمثل الفضائح في الزواج السري أو العرفي كما هي موجودة في كل المجتمعات، فهي ليست محصورة في الوسط الفني فقط، ولكنها تأخذ أشكالاً مختلفة باعتبار أن الفنان هو ضمير المجتمع وقدوته وهو يعبر عن قضاياه، فلذلك يشعر بأن أي فضيحة تعد خصماً من رصيده الفني ويسارع بنفيها وعدم صلته بها ويؤكد على أنها مجرد شائعة، لكنها تتحوّل إلى حقيقة تنتشر كالنار في الهشيم. وفي كثير من الأحيان تلجأ بعض الفنانات إلى إعلان هذا الزواج السري لتعرضهن لظروف قاهرة تجبرهن على الاعتراف به كظهور الحمل عليهن، بينما يواصلان أعمالهما وكأن تلك الفضيحة لا تؤثر في مشوارهما الفني.

زيجات سرية

ويعتبر ملف زيجات الفنانين والفنانات السرية مفتوحاً، فهناك زيجات من أهل الفن لم يعرف الجمهور عنها أي شيء ورحل أصحابهم دون أن ينكشف أمرهم. إلا أن قضية أحمد عز وزينة التي شغلت الرأي العام في أوائل قائمة الزيجات السرية، رغم أنها خرجت عن نطاق الشائعات والاتهامات المتبادلة لتدخل ساحات العدالة، حيث زعمت زينة زواجها العرفي من أحمد عز، وحين بدت عليها علامات الحمل غادرت إلى الولايات المتحدة لتضع حملها، وتعود إلى القاهرة وتفجر القضية من مطار القاهرة حين سُئِلَت عن الأوراق الرسمية الخاصة بالطفلين لتؤكد أن والد نجليها الممثل أحمد عز.

أصبحت القضية هنا هي عدم اعتراف أحمد عز بأولاده وينكر وجود أي علاقة تجمعه بها ورفضه القيام بعمل تحليل «‏DNA»، ومنذ أيام قليلة حاول حل الموضوع ودياً معها مقابل مبلغ من المال كي تتنازل عن قضية النسب المرفوعة ضده، بينما رفضت زينة وظلت متمسكة بموقفها ولازالت القضية قيد المحاكم ولم يتم الفصل فيها.

نجومية الفنان

وتفتح القضايا الباب واسعاً أمام عدة أسئلة حول مدى تأثر الفنان بمثل تلك الفضائح.. وهل تخصم من رصيده الجماهيري..؟ وما مدى تقبل الجمهور لفنان تلاحقه الفضائح ..؟

هذه الأسئلة وغيرها يجيب عليها عدد من النقاد والممثلين من بينهم الممثل أحمد عز نفسه، حيث قال: لا ألتفت لهذه القضية كثيراً ولم أجعل مشاكلي الشخصية عقبة في طريقي الفني، وكل ما يشغلني ويهمني أن أواصل أعمالي الفنية، حيث أقدم الآن دور البطولة في مسلسل «إكسلانس» بمشاركة الممثلة نور، منه فضالي، وصلاح عبدالله والإعلامية ريهام سعيد، والمسلسل من إخراج وائل عبد الله. وتدور أحداث المسلسل في إطار«تشويقي درامي» حول تورط شاب في إحدى القضايا، ويجد نفسه مضطراً للهروب إلى خارج مصر حتى يمكن إثبات براءته التي تساعده فيها فتاة تربطه بها قصة حب قوية. وعلى الرغم من محاولة زينة التخفي عن عيون الصحافة والجمهور بعد قضيتها مع عز، إلا إنها سرعان ما قررت الخروج هي الأخرى لتعود إلى الدراما التلفزيونية بعد غياب طويل من خلال مسلسل «الوسواس» مع نخبة من ألمع نجوم الدراما، ومنهم الممثل تيم حسن، محمد عبد الحافظ، أشرف مصيلحي، والفنان القدير أحمد راتب، والمسلسل من إخراج حسني صالح، وتأليف محمد ذو الفقار، حيث تقوم بتجسيد فتاة سوقية تمتلك قهوة بلدي يتدفق عليها الرجال ليس حباً في مشروباتها، ولكن إعجاباً بها وبشخصيتها ويتصارعون من أجلها.

زينة.. «حماتي بتحبني»

زينة أبدت سعادتها لاستقرار المخرج أكرم فريد عليها وضمها إلى الفيلم السينمائي «حماتي بتحبني»، الذي يشاركها بطولته الفنانة ميرفت أمين، والمطرب حماده هلال وهو أول فيلم يجمعهما معاً، وتدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي، حول علاقة شاب بحماته ويتطرق إلى المواقف الكوميدية والخلافات التي تحدث بينهما. وتتضارب الأقاويل وآراء النقاد حول عودتهما إلى الدراما بعد القضية الشهيرة بينهما، وهل يستغلان هذه القضية لتحظى أعمالهما الدرامية المقرر عرضها في السباق الرمضاني المقبل بأعلى نسبة مشاهده من قبل الجمهور..؟

وفي هذا السياق يقول الناقد السينمائي وليد سيف، إن علاقة عز وزينة خرجت عن إطار الشائعات أو علاقة حب غرامية عابرة وتدرجت إلى المحاكم ووصلت إلى حد وجود أطفال بينهما، ومن وجهة نظري أن أول من يفقد جمهوره ويسقط من نظر كثير من الناس هو أحمد عز، أما زينة فتكتسب تعاطف الجمهور معها نظراً لكونها امرأة ضعيفة وقعت في خداع عز وظلمه لها.

ويتفق معه في الرأي الناقد السينمائي أحمد كامل بقوله، إن أحمد عز يناله النصيب الأكبر من الخسائر في السينما والدراما التلفزيونية بعد هذه القضية ولم تنجح أعماله القادمة بعدما فقد صورة الرجل الشجاع والفارس الذي تتمناه أي فتاة.

الفيشاوي والحناوي

بينما تشير الناقدة السينمائية حنان شومان، إلى أن مثل هذه القضية حدثت داخل الوسط الفني كثيراً ولم تتأثر الأعمال الفنية الخاصة بكل من عز وزينة بهذه القضية، والدليل على ذلك أن أحمد الفيشاوي لم تتأثر أعماله الفنية ولم يفقد جمهوره بعد قضيته الشهيرة التي أثارت ضجة كبيرة داخل الوسط وخارجه مع هند الحناوي، فنفى الفيشاوي زواجه منها وأنكر أبوته لطفلته منها، ولكن الحناوي رفعت قضية إثبات نسب وطلبت تحليل الـ «‏DNA»، وكسبت القضية واضطر الفيشاوي إلى إثبات النسب، وعلى الرغم من افتقاده المصداقية مع جمهوره إلا أن هذه المسألة معتمدة على عامل الزمن فقط.

في حين تفصل الناقدة ماجدة خير الله، بين عمل الفنان وسلوكه الشخصي وتقول إن أي ممثل يواجه العديد من المشاكل الشخصية ولكن الجمهور على دراية كاملة بأنها أمور شخصية بعيدة عن الأعمال الفنية الخاصة به، وأيضاً عز وزينة يحاولان تخطي هذه المرحلة الصعبة ويخرجان إلى النور بأعمال درامية جديدة.

أما المنتج السينمائي كريم السبكي فيرى أن كل منهما سيقدم عملاً درامياً جديداً ينتظره الجمهور على «أحر من الجمر» فضولاً منهم، إلا أن جودة العمل لا نستطيع أن نحكم عليها إلا بعد عرض العمل وقياس نسبة نجاحه أو فشله.

(وكالة الصحافة العربية)

قمر وجمال مروان

تؤكد الناقدة ماجدة موريس، أن عز يحظى بنجومية كبيرة ويعد من أهم نجوم الشباك المتواجدين على الساحة ولم تتأثر نجوميته بمثل هذه القضية، ونفس الأمر ينطبق على زينة وأكبر دليل على حديثي ما حدث مع الممثلة اللبنانية «قمر»، التي تزوجت من رجل الأعمال «جمال مروان»، وأنجبت منه طفلها الوحيد «جيمي»، إلا أن مروان حتى وقتنا هذا لم يعترف بهذا الزواج ولم ينسب إليه الطفل. وعلى الرغم من كثرة المشاكل والقضايا المحيطة بها، فإن هذه القضية لم تمح مشوارها الفني بل تواصل عملها وتستكمل مسيرتها فقد شاركت في الفيلم الكوميدي «حصل خير»، ونال إعجاب الكثير من المشاهدين.

الإتحاد الإماراتية في

21.04.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)