كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

سامية جمال

مرجانة هوليوود الحافية

أحمد مغربي

 

في غير زمن الإنترنت، ربما لا تهمّ تلك التفاصيل الصغيرة عن الفوارق في سيرة الراقصة الراحلة سامية جمال. لكنه زمن الشبكات الرقميّة. إذاً، لنقرأ.

على صفحة بالعربية في موسوعة «ويكيبيديا»، يظهر تاريخ ميلادها بأنه 27 آيار/ مايو 1924، لكن الموسوعة نفسها تنقل الميلاد إلى 5 آذار/ مارس 1924 في الصفحة الإنكليزية. وتختار الأخيرة غلافاً من مجلة «الكواكب» في العام 1958، عليه صورة أقرب الى التعبير عن سرّ في جسد الرقص لدى سامية جمال: الكتف المكشوف والمدفوع إلى الأمام بدلال وخفّة تتواصل الى الشفتين المنفرجتين بابتسامة فرِحَة. الأرجح أن تلك الحركة من الكتف ميّزت رقصها عن كثيرات، إضافة إلى أشياء اخرى كثيرة. ولو أردنا وصفاً موجزاً لطريقة رقصها، لجاء القول أقرب إلى أنه تموّج يهزّ الجسد الأنثوي بداية من القدم، ثم ينتقل التموّج في ربع دائرة تتنقل لتدور قليلاً بالورك والخصر، ثم البطن والصدر، لكنها لا تكتمل إلا بالتلاعب باليدين كثيراً وكثيراً، قبل ثني الكوع ونقل التموّج إلى الكتف (غالباً الأيسر)، وبعدها تصل دوائر الرقص إلى الوجه ليكثفها، خصوصاً الشفتين اللتين تستجيبان زمّاً وانفراجاً، وغالباً مع ضحكة آسرة.

يمكّن هذا التموّج في أقواس تعبيريّة، الجسد من التحرّر في آفاق الرقص الشرقي، ليعبّر عن فنٍّ راقص أساسه تمكّن المرأة من أنوثتها، خصوصاً ما يعبّر عن مواطن خصوصية الجسد النسوي في الخصر والصدر. من ينسى يدي ساميّة جمال؟ لم تكن وحيدة في هذا التموّج الساحر للكفّين، وهو يتشارك مع الرقص الهندي الآتي من المعابد (وهو شرقي أيضاً)، في إعلاء شأن الكف واليد في التعبير: وهي رمز العمل والعطاء والإخلاص والملامسة الحنونة والمداعبة الحميمة وغيرها.

ماضوية الرقص ومنع إبن عربي

عندما انحدر الرقص العربي بداية من سبعينيات القرن العشرين، بتفاوتات شتى، مالت اللواتي سُمين «راقصات» إلى أداء جنسي يروج للجسد - السلعة. عدن إلى ما ظنّت راقصات كجمال وتحيّة كاريوكا ونعيمة عاكف، أنه بات جزءاً من الماضي. ربما بدأ مسار العودة الى ماضوية الثقافة عربيّاً من الرقص أولاً. ألم تكن تلك الفترة أيضاً بداية التقهقر المُعبّر عنه في تصويت البرلمان المصري (وهو وليد تحالف أول بين الساداتية والإخوانية الراجعة من سجون الناصرية)، ضد طباعة كتاب «الفتوحات المكيّة» للشيخ إبن عربي؟

نسيت راقصات الجنس اليد والكتف. نسين القدم أيضاً، ليركزن على الفخذ المكشوف والمتصل بانكشافات متعهّرة تحوم حول التوهيم الجنسي، ولعلها تتجاوزه نزولاً على سلّم استثارة الحيوانية في الشهوة.

كذلك نسيت مدّعيات الرقص القدم، وهي التي كانت بداية سامية جمال. إذ ذاع عليها لقب «الراقصة الحافية»، في مستهل شهرتها. والحكاية معروفة. فعندما أعطيت فرصتها الأولى على مسرح كازينو الراقصة المعروفة بديعة مصابني، استهلّت وصلتها بتشنّج ليس بمستغرب من إبنة الـ15 ربيعاً.

لاحقاً، قالت أحسّت أن شيئاً كان يكّبلها. فكّر عقلها أن الحذاء هو قيدها. وفي رغبة جارفة للإمساك بالفرصة التي ربما لا تتكرّر، لم تتأخر جمال في التخلّص من حذائها على المسرح. وبعدها، تحرّر الرقص وتموّجاته. وسرعان ما ذاعت شهرتها في القاهرة.

تلتقط الصفحة الانكليزية في موسوعة «ويكيبيديا»، تلك اللحظة لتشير إلى أنه لم يكن مستطاعاً بقاء السياسة بعيداً عنها. وحينها، في عهد الملك فاروق، انداحت مساحات كبيرة من التقاطع بين نخب السياسة والسلطة، بطُرُق أثارت كثيراً من الأسى، مصرياً وعربياً.

سرت إشاعات هامسة، ما يعني أنها مؤثّرة بشدّة، عن علاقاته مع الممثلة كاميليا، ولاحقته شبهات حول مصرع المطربة أسمهان. مع سامية جمال، بدا الأمر مختلفاً. وفي 1949، من القرن الماضي، منحها الملك فاروق لقب «راقصة مصر».

وتستمر صفحة «ويكيبيديا» الانكليزية في الإمساك بهذا الخيط.

إذ ترى أن اللقب الملكي لفت نظر أميركا لهذه الراقصة. المفارقة الهائلة أن الصفحة العربية من الموسوعة لا تورد شيئاً من هذه الأمور، كأنها أسيرة الخوف العربي المزمن من السلطة، أو ربما أسيرة ذكورية لا ترى في الرقص ما «يرقى» لشأن السياسة والملك.

وحي ماري مونتيز!

في مصر، ظهرت في السينما للمرّة الأولى في 1942، في فيلم «ممنوع الحب» مع محمد عبدالوهاب. ثم وصلت الى النجومية بفضل فيلم «حبيب العمر» الذي موّله فريد الأطرش من ماله الخاص في 1947. وحاز الفيلم شهرة هائلة في مصر ولبنان وسوريا وفلسطين. وكونت مع الأطرش ثنائياً فنياً استعراضياً استمر حتى العام 1952، حين مثّلت معه للمرة الاخيرة في فيلم «ما تقولش لحَدّ».

وتبدو الصفحة العربية في «ويكيبيديا» تائهة أمام الحقبة الأميركية للراقصة سامية جمال. إذ انتقلت إلى أميركا. عملت في ملهى. تعرّفت إلى نصّاب أميركي أوهمها أنه مليونير، قبل أن تكتشف أنه لا يملك سوى 50 ألف دولار. وصمدت. ونجحت في الوصول إلى العالميّة. أدّت دوراً أساسيّاً بوصفها مرجانة، في فيلم فرنسي «علي بابا والأربعين حرامي» (1954) أمام الممثل الفرنسي الشهير فرنانديل. ثمة وقفة واجبة. إذ جمعها فيلم «علي بابا» مع رشدي أباظة للمرّة الأولى، ثم تزوّجته بعد 4 سنوات. ويلفت أيضاً أن أداء فرنانديل ربما كان مصدر إلهام للممثل إسماعيل ياسين الذي أدى أفلاماً كثيرة أمام جمال.

في المقابل، حملها فيلم «علي بابا» نفسه إلى نوع من «المقابلة» مع الممثلة الشهيرة ماري مونتيز، التي أدّت دور الراقصة مرجانة في فيلم «علي بابا» في العام 1942! وإضافة الى بعض الشبه جسديّاً بين مونتيز وجمال، ثمة تأثّر كبير بالممثلة الفرنسية في الصور الفنيّة التي عُرِفَت بها الراقصة المصرية. ولعل الصورة المنشورة على غلاف «الكواكب» المشار إليه آنفاً، هي من المؤشّرات على هذا التأثّر أيضاً. وفي العام 1954، أدّت دوراً قصيراً كراقصة شرقية في الفيلم الأميركي «وادي الملوك».

وفي مصر، كرّرت سامية جمال دور راقصة البلاط ضمن أجواء «ألف ليليّة» في غير فيلم كـ«أمير الانتقام» و«شهرزاد» و«زنّوبة» وغيرها.

رقص لأخبار ومواويل

في أميركا، عانت من رجل نصّاب، لم تتعثر بمعاناتها منه. تتكرّر هذه الترسيمة غير مرّة في حياة جمال. أغرمِت بفريد الأطرش إلى حدّ أنها كادت تفقد الوعي عندما تحدّثت إليه أول مرّة. ثم أغرِمَت برشدي أباظة صاحب الوسامة الذكورية الأسطورية التي «خطفتها» من الموسيقار فريد الأطرش. لكنها لم تسقط أرضاً، لا من عدم وصول علاقتها مع الأطرش إلى زواج، ولا من أهواء أباظة المتقلّبة. تزوّجت أباظة بعد أن تقاسمت معه بطولة فيلم بقيت صامدة. رقصت حتى لامست الخمسين عمراً. ثم توقفت. وعادت بناءً على نصيحة من الممثل سمير صبري.

وعند بداية الثمانينيات، توقف جسد الراقصة الحافية ومرجانة هوليوود عن الرقص. ولم يتأخر جسد الإنسانة سامية جمال عن اللحاق بهذا التوقّف. إذ قهرها مرض السرطان في العام 1994، تماماً في سن السبعين.

مثّلت الخمسينيات والستينيات عصراً ذهبيّاً للرقص الشرقي ونسائه، خصوصاً الثلاثي تحيّة كاريوكا وسامية جمال ونعيمة عاكف. في تلك الحقبة التي بدا فيها الفن حداثيّاً ومنفتحاً على التجريب المبدع بصورة مفتوحة، ظهرت صورة لكاريوكا وجمال في «الكواكب». قالتا إنهما تستطيعان الرقص حتى على نشرة أخبار. لعله تصريح يعبّر عن زمن مبدع، وكذلك عن معنى عميق في الرقص. من يذكر رقص سامية جمال أمام جمود جسد فريد الأطرش وثبات نغمات مواويله المديدة الآهات، يدرك أن أجساد تلك الراقصات مارست فنّاً راقيّاً يتفاعل مع معنى الفن وتمثيلاته وتعبيراته كافة. ألسن قريبات من ذائقة معاصرة تصل إلى حدّ التعبير عن رسائل الدكتوراه في العلوم بالرقص، كما هو الحال في أميركا الآن؟ وللحديث بقيّة.

(كاتب فلسطيني)

السفير اللبنانية في

18.04.2014

 
 

ملكة قلوب الناضجين

عصام زكريا 

فريدة هي بين نجمات الرقص الشرقي ونجمات السينما المصرية. محبوبة من الجميع تقريباً، لم أسمع اثنين يختلفان على موهبتها واحترافيتها وجاذبيتها.

لكن سامية جمال ليست من تلك النجمات اللواتي يخطرن بالبال من أول لحظة. الحب الذي يكنه معجبوها بها هادئ، ومشوب بالاحترام وربما الاحتشام أيضاً، بالرغم من كونها راقصة. لم أسمع أحداً يتحدث مخطوفاً عن جسدها أو يذكر أنها كانت امرأة خياله في فترة المراهقة، بالرغم أيضاً من أن رأسمال نجوميتها الأول، وربما الأوحد، كان جسدها.

هو جسد مغلق على نفسه بالرغم من فراعته وامتداده الحر، وهو جسد مستقيم مرتفع دائماً حتى في أكثر التواءاته قرباً من الأرض. جسد عال تتعلق به العين ويبقى هناك نادراً ما يهبط تحت مستوى السرة.

حتى شعرها القصير دائماً يجبرك على النظر لأعلى، ويبعدها عن صورة الأنثى الجارية ذات الشعر الطويل المثير الممتد نحو الأرض.

في اللحظات الأكثر حسية من الرقص الشرقي تنحني الراقصة إلى الأمام أو الخلف إلى أن يلمس شعرها الأرض. لا وجود لمثل هذه اللحظات في رقص سامية جمال. غالباً، ستدرك جمال سامية جمال في فترة متقدمة من عمرك، عندما تزداد وعياً بأن حلم اللقاء الجنسي يمكن أن يتجسد في خطوة رشيقة، وأن نار الرغبة يمكن أن تتجسد في التفافة يد فوق اليد.

هي ملكة قلوب البالغين الناضجين حين تقارنها بملكات الشهوات الأولى والرغبات الأولية.

إذا فكرت يوماً في راقصات المعابد القديمة، حين كان الفن يختلط بالعبادة، وكان الرقص نوعاً من اللغة التي يتخاطب بها البشر مع الكون من حولهم... فغالباً ستخطر ببالك سامية جمال، وهي تتبختر فوق أطراف أصابع قدميها لاتكاد تلمس الأرض، كما لو كانت تتحرك فوق سلم غير مرئي، أو وهي تلفلف كفيها فوق بعضهما راسمة حركة اللهب أو تمد ذراعيها الطويلتين نحو السماء راسمة شكل زهرة اللوتس.

يقال إن سامية جمال، الفقيرة الجاهلة البائسة كانت تقتصد من القروش القليلة التي تتقاضاها كراقصة مجاميع ـ«كومبارس»ـ في ملهى بديعة مصابني، لتدفعها إلى مدرّس باليه معروف ليعلمها أصول التعبير بالرقص.

بعيداً عن مدى ما تعلمته على يد هذا المدرس، فإن إسلوب سامية جمال هو الأقرب إلى الرقص التعبيري من بين كل أساليب نجمات الرقص الشرقي. ويكفي أن تشاهد رقصتها التحذيرية لعماد حمدي من فيلم «قطار الليل» (إخراج عز الدين ذو الفقارـ 1953) التي تبدأ كرقصة شرقية شعبية قبل أن تنتهي بأسلوب و«تكنيك» ينتميان بالكامل إلى فن الرقص الحديث، الذي يعبر فيه الممثل عن عواطفه وأفكاره وعن المواقف الدرامية التي يمر بها بواسطة حركات وإيماءات جسده فقط.

سوف يدرك عز الدين ذو الفقار هذه القدرة الفريدة في رقص سامية جمال ويمنحها فرصة أكبر للظهور في فيلم «الرجل الثاني» (1959).

تنتمي سامية جمال إلى أسرة صعيدة من بني سويف، وجيناتها تحمل بوضوح الكثير من صفات الصعيد: لون البشرة الأسمر الخمري، الفم المستدير والشفاه الممتلئة والعيون اللوزية العميقة، الحوض الكبير العريض الذي يجعل جسدها على شكل ساعة الرمل، والصدر المتوسط الحجم، الممتلئ في غير بروز، والذي يبدو كما لو كان مرسوماً ليتناسب مع بقية تضاريس هذا الجسد بالتحديد، وأخيراً هذه الأفخاذ الثقيلة التي طالما حاولت سامية جمال أن تخفيها خلف طيات بدلات الرقص.

لا تكشف سامية جمال الكثير من جسدها أثناء الرقص. غالباً تغطي فخذيها، وكل بروز صدرها، وتسمح بالتعري فقط لتلك المساحات العريضة المنبسطة من بطنها ورقبتها حتى أعلى الصدر. وعلى عكس كثير من الراقصات الشرقيات، فإن الكاميرا نادراً ما تتسكع حول تفصيلة هنا أو هناك من جسدها وإنما تصورها كاملة داخل إطار كبير يسمح لها بالتحرك بحرية يميناً ويساراً. في الرقصة التي أشرت لها من فيلم «قطار الليل» تكتفي الكاميرا لثوان طويلة بتصوير ظل جسد سامية جمال المتراقص فوق الحائط، فيبدو كما لو كان قد تخلص من كل صلة تربطه بالغريزة والأرض، وتحول إلى طاقة تعبيرية مجردة!

ملامح سامية جمال المصرية تبرز رقصاتها البدوية والشعبية، علماً أن كثيراً من اسلوبها وتقنياتها تنتمي للأسلوب الغربي في الرقص. وقد شهد تطور مشوارها الفني عبر السنوات تقلص البدوي والشعبي وزيادة التعبيري والغربي، ولعلها أكثر راقصة اهتمت بدمج الرقص الشرقي، الذي يطلق عليه «رقص البطن»، بالرقص التعبيري الغربي.

سامية جمال الممثلة طالما اعتمدت على هذه الملامح المصرية الجنوبية. قد تبدو بعض ملامح وجهها كبيرة وغير متناسقة، ولكن فيما يتعلق بالتعبير الدرامي فهي طيعة للغاية. بأقل ابتسامة على فمها الواسع وأسنانها البارزة ترتسم البهجة على وجهها كله، وبأقل زم لهذا الفم وتقطيبة لهذه الحواجب المقوسة يرتسم الألم والحزن بلا حدود.

الشيء نفسه ينطبق على صوتها المبحوح قليلا، والقادر على التعبير عن أقصى درجات الفرح والبؤس بأقل قدر من الجهد.

لم تملك سامية جمال موهبة تمثيلية كبيرة، ولكن هذه المرونة التي تتسم بها ملامحها وخامة صوتها استطاعت أن تشارك في بطولة حوالي خمسين فيلماً نجحت في معظمها كممثلة.

كما هو معروف مرت سامية جمال بظروف شخصية صعبة طوال حياتها، من فقر الطفولة إلى فشل البدايات وحتى إحباطات الحب والعلاقات الأسرية المتكررة، وقد ارتسمت كل هذه الخبرات ليس فقط على وجهها، ولكن أيضاً على جسدها وتعبيراته وصوته الذي بدا في المرحلة الأخيرة من مسيرتها الفنية مثل عود أو كمان صقلت أوتاره كثرة الألحان والأشجان!

(كاتب مصري)

السفير اللبنانية في

18.04.2014

 
 

سامية جمال

تأثير الفراشة

جمال الجمل 

في استراحة العالم بين الحربين (عشرينيات القرن الماضي) ولدت زينب.. طفلة جنوبية لأب مصري فقير يعيش في «ونا القس»، وهي قرية نائية بمركز الواسطي بمحافظة بني سويف، لا يزيد سكانها عن ألفي مواطن بين مسيحي ومسلم. الحياة خشنة ضنينة في كل شيء، ولا توجد نوافذ للأمل في جدران هذه العزلة الموحشة، لكن اليائسين أحياناً لديهم قدرة على اكتشاف ما لا يراه المتعايشون، ومن هؤلاء اليائسين كانت زينب التي ماتت أمها وهي طفلة فتزوج والدها من فقيرة أخرى كانت تعوّض عذابها بتعذيب الإبنة اليتيمة (هذه هي القصة النمطية التي دأبت الفتيات الهاربات على حكايتها لتبرير الخروج من القفص).

ضمن ثرثرات السمر الريفي تسلل إلى سمع زينب حكاية القاضي محمد عثمان من عائلة الحسيني، الذي ترك القرية قبل قرن من الزمان، وتعلم في مصر وسافر بلاد بره (فرنسا)، وصار من الكبار، ولم تعرف زينب شيئاً عن القاضي، ولم تهتم بسيرته، لكنها تعلقت بفكرة الخروج من القرية، سيطر عليها هاجس الخلاص من هذا المصير المؤلم (كان الحديث عن الأديب والمترجم والقاضي محمد عثمان جلال (1829 ـ 1898م) تلميذ رفاعة الطهطاوي، وشريك المويلحي في جريدة «نزهة الأفكار»، ورائد أدب الطفل، ومترجم راسين وكورني وموليير، ولافونتين» الذي استلهم خرافاته في ديوان «العيون اليواقظ في الأمثال والمواعظ» بأسلوب كليلة ودمنة).

لكن زينب والمتسامرين لم يعرفوا هذا، ولم يكن يعنيهم لو عرفوه، فالقرية النائية تصحو وتنام على نداء وحيد هو «لقمة العيش»، والهروب من مخالب الجوع والمرض، منذ تلك الليلة تغيرت زينب، لم تعد تفكر في الحل داخل «ونا القس» التي زاد عدد سكانها اليوم إلى 14 ألفاً، لكنها لا تزال تعيش المعاناة والعزلة نفسيهما، وفي أول فرصة للفرار عبرت إلى القاهرة، ووجدت طريقها إلى ملهى بديعة على نيل الجيزة!

أما كيف هربت؟ وأين أقامت في القاهرة؟ وماذا عملت قبل أن تجد طريقها للرقص في كازينو بديعة، فتلك تفاصيل تم تحريفها أكثر من مرة حتى على لسان زينب التي غيرت اسمها وكينونتها وصارت النجمة «سامية جمال».

المثير في كتابتي عن سامية جمال أنها كتابة بحثية من الخارج، فأنا لم أقابلها في حياتها أبداً، ولم أكن مشدوداً لمشروعها الفني سواء في الرقص أو التمثيل، باستثناء مشاهد متناثرة في أفلام مثل «الوحش»، «سيجارة وكاس»، «الرجل الثاني»، و«أمير الانتقام»، ولذلك أجهدت نفسي في قراءة الكثير عنها: مذكراتها، حواراتها، شهادات النقاد والقريبين منها، مشاهدة أفلامها، والاستفسار من معاصريها والمعجبين بها، وحددت فكرة المقال أولاً في تيمة الهروب، لكنني لم أجد تميزاً فيها، فهي شائعة عند نجمات كثيرات مثل هند رستم وفيفي عبده وأخريات، وحددتها أكثر في «هروب الجنوبية»، لكن تيمة شفيقة ومتولي أكثر درامية، لأن حكاية زينب هي دراما سطحية بلا متولي في الواقع، وأخيراً أعجبتني فكرة «الفراشة»، ليس بسبب الخفة والجمال والترحال الحر من زهرة إلى أخرى، ولكن لأن سامية كانت تحمل بالفعل سمات أعمق من ذلك تجمعها بالفراشة، فهي تتفاعل مع الحياة بأقدامها أكثر من أي شيء آخر، وهي أيضاً بلا فم، حيث كانت تكره الطعام بشكل طبيعي، ولذلك حافظت على رشاقتها حتى النهاية، بل وعادت للرقص الاحترافي في فرقة سمير صبري وهي في الستين من عمرها، كما أنها تعيش بالعاطفة وتقتلها العاصفة، وتهتز في رقصاتها بسرعة عير مرئية تشبه رفة أجنحة الفراشة، وهو المدخل الذي وثقه بالصورة فنان الفوتوغرافيا الأميركي لوميس دين مصور «مجلة لايف»، من خلال «ريبورتاج» نشر في الخمسينيات بعنوان «حركة مازدا» رصد فيه بإشارات ضوئية اهتزازات الوسط والبطن وانسيابية التحليق على «البيست» في رقصات سامية، والأهم أن حياة زينب لم تمض وفق قواعد المنطق الواقعي حيث المقدمات تؤدي إلى نتائج، لكنها كانت أشبه بثورات كامنة أقرب ما تكون لنظرية «تأثير الفراشة»، فهي تتعدى قراراتها وتغير مصيرها ومسارها بطريقة البذرة الصغيرة نفسها التي لا تلفت نظر الكثيرين كما حدث في ليلة السمر العابرة عن سيرة محمد عثمان جلال، فهي ترعى البذرة الصغيرة في كتمان، وفي لحظة ما لا يعرفها سواها تكشف عن الشجرة الضخمة في الواقع، هكذا هربت، وهكذا انتقلت من المهن الهامشية إلى احتراف الرقص مع بديعة، وهكذا استأجرت مدرب الرقص إيزاك ديكسون ومزجت بين الشرقي والغربي في أسلوبها المدهش الذي أثار إعجاب الكثيرين، وأغضب راقصات عديدات على رأسهن معلمتها بديعة مصابني التي اتهمتها بإفساد الرقص الشرقي، وهكذا صنعت سامية علاقتها بفريد الأطرش، وهكذا اتخذت قرار نهايتها، وهكذا تعرفت على الأميركي شيبرد كينج في أوروبا، وجاءت به إلى القاهرة حيث أشهر إسلامه وتزوجها في مكتب المحامي أنيس عطية خريف العام 1951، رداً على زواج الملك فاروق من ناريمان في الصيف السابق، وهكذا ايضا صممت على الطلاق من كينج الذي استولى على حصيلة رقصها في 5 ولايات أميركية رغم أنه من عائلة ثرية معروفة بتجارة العقارات في تكساس، وهكذا دبرت الزواج من رشدي أباظة، وتحملته 17 عاماً، بل وتحملت نزواته التي وصلت إلى زواجه العابث من صباح، ثم فأجات الجميع بقرار الطلاق بعد سنوات لأسباب أكثر بساطة، وهكذا اتخذت قرار الاعتزال والاكتفاء بدور زوجة اباظة، ثم اتخذت قرار العودة للرقص وهي في الستين، لأنها كانت بحاجة ماسة إلى ألفي جنيه تدفعها فرقة سمير صبري، لتعيش من دون أن تقبل بإعانات من أحد...

من هذه الأمثلة وغيرها استهوتني فكرة المقارنة بين سامية جمال والفراشة، لكن انتشار اللقب بشكل سطحي دفعني للتراجع، لأعفي الكتابة من القراءة النمطية.

(كاتب مصري)

السفير اللبنانية في

18.04.2014

 
 

الرقص كإبداع

محمد شعير 

-1-

لماذا سامية جمال؟ هو احتفاء بالجسد في أقصى درجات تحرره. جسد تحاول السلطة (الاجتماعية والدينية والسياسية) أن تسيطر عليه، أو تتوهم أنها تقوم بذلك، وليست ممارسات مثل التحرش أو قمع التظاهرات أو مصادرة فيلم بدعوى الخروج عن القيم والأخلاق إلا محاولات السلطة الأبوية لترويض الجسد وقدرته على التعبير. لعل الخبر البارز في القاهرة أمس عن منع رئيس الوزراء المصري فيلم «حلاوة روح» الذي تقوم ببطولته هيفاء وهبي بعد أيام من طرحه في صالات العرض، وبعد موافقة الرقابة عليه.. لكن رئيس الوزراء اعتبر أن الفيلم مناف للذوق والأخلاق المصرية... بالتأكيد لم يشاهد رئيس الوزراء المصري «حلاوة روح».. وربما لم يشاهد أيضاً الفيلم الإيطالي الشهير المأخوذ عنه الفيلم المصري»مالينا» لمونيكا بيلوتشي.. وربما تصور أن الدلالات العميقة في الفيلم الإيطالي موجودة في الفيلم المصري. مالينا فيلم ضد الفاشية، ضد السلطة الأبوية القاهرة... فيلم في زمن الحرب التي بلا معنى.. بالـتأكيد فيلم هيفاء وهبي استلهم المعنى السطحي من الفيلم الإيطالي، ولكن ينبغي الدفاع عنه، ليس دفاعاً عن «الإسفاف» كما يرى البعض، وإنما دفاعاً عن حق الاختيار، وعن القانون.. وضد الفاشية التي يريد لها البعض أن تنمو. ولكن تقاوم بضراوة عبر الخيال والتعبير.. وانفتاح المجال العام!

-2-

سامية جمال هي نموذج لقدرة الجسد على الخيال والتعبير.. وحياتها أيضا تعبير عن ذلك. في الجنوب المصري يرقص المصريون في كل المناسبات تقريباً. في القرى تقام احتفالات راقصة حتى في المناسبات الدينية، ترقص النساء عندما يذهب أحد أفراد الأسرة الى الحج، وعندما يعود أيضاً.. ويرقص الرجال في الاحتفالات الدينية والموالد الشعبية.. (أتحدث هنا قبل صعود الوهابية في مصر)... في قرية من تلك القرى ولدت سامية جمال.. وتنتقل بعد أيام من مولدها إلى القاهرة (حي الأزهر تحديداً).. كانت ـ كما تصف نفسها: «أكثر بنات الحي شقاوة، غجرية، كثيرة الشجار، أقضي معظم ساعات النهار في الحارة ألعب في الزلط والطوب، وأجري وراء عربات الرش، اغتسل من مائها وكانت ظروفنا قاسية، كنت أعيش على هامش الحياة»... هربت الطفلة من الحياة البائسة بعد رحيل امها، إلى اختها، ثم إلى بيت صديقة لها، قبل أن تذهب إلى بديعة مصابني لتبدأ رحلتها الفنية في ليلة رأس السنة عام 1939. أول مرة صعدت إلى خشبة المسرح، وقفت كالتمثال، لم تتحرك، بدأ الجمهور يصفر ويبدي تذمره، حاولت الهرب ولكن مدرب الرقص منعها..عادت مرة أخرى ولكن بدأ في رفع الكراسي، أدركت أنها فشلت، لتبدأ من جديد في تعلم الرقص.. وبدأ الجمهور يصفق لها. وكانت بداياتها مع الشهرة عندما عملت «كومبارس» في فيلم «انتصار الشباب» مع المخرج أحمد بدرخان.. وبطولة أسمهان وفريد الأطرش... ولتبدأ رحلتها في الصعود لتنافس غريمتها تحية كاريوكا التي تكبرها بخمس سنوات، ولكن كاريوكا بدأت الرقص مبكراً عنها، حتى أن سامية تعتبرها الاستاذة التي فتحت لها الآفاق وأهدتها بدلة رقص في بدايتها وشجعتها كثيراً.. كيف لا وكلتاهما مدرسة مختلفة عن الأخرى!

-3-

الروائي الراحل خيري شلبي يرى أن رقص سامية جمال نوع من الأدب، أو ما يسميه «أدب الرقص». إذ إن رقصاتها: «ليست مجموعة حركات إيقاعية تحفظها وتؤديها، بل إن الراقصة هنا ـ سامية جمال ضد كل ما هو محفوظ من الحركات، لأنها ليست كالمطرب الذي يغني بصوت مستعار، كما أنها ليست تعتمد فتنة الجسد، بل إن الجسد نفسه قد لا يكون فاتنا في ذاته، إنما هي تعتمد على الإبداع الصرف. كل حركة، كل لفتة، كل ميسة قد، كل هزة ردف، كل رجفة صدر، كل رعشة ساق كل كسرة خصر، وراءها معنى، وراءها مضمون، موضوعي يسعى للتعبير عن شعور عن فكرة عن انفعال عن موقف في مشهد درامي.. الرقص عند سامية جمال نوع من التشخيص.. بل هو من أرقى ألوان التشخيص، لأنه لا وسيلة لديه سوى الجسد، فالجسد هو الذي يتكلم في صوت ليقول كل شيء، بل ليقول ما تعجز الكلمات البليغة عن قوله. رقصها على درجة عالية جداً من الحساسية المرهفة تكاد ترقى في عبقريتها الى حساسية الشعراء والرسامين والموسيقيين. تصل هذه الحساسية المرهفة عندها إلى حد القدرة على الإفضاء، والبوح، والمكاشفة، الحميمية، وهى قدرات لا يملكها سوى كبار كبار الشعراء والروائيين والموسيقيين». ويضيف شلبي في بورتريه كتبه عنها: «وهو نوع من أدب الرقص لأنه بعيد تماماً عن الابتذال، وليس ثمة من حركة واحدة تستهدف الإثارة الجنسية على هذا النحو الفج الذي نراه عند معظم راقصاتنا الحاليات. رقص لا يستهدف الجنس لذاته، تماماً كما ترد المشاهد الجنسية عند كبار الروائيين: مجرد نافذة على دخيلة النفس البشرية تستطيع الكشف عما لا تستطيعه زوايا الرؤيا الأخرى، الجنس الذي يكشف عن التركيبة الإنسانية للإنسان، عن تكوينه النفسي، عن تأثيرات البيئة والتربية فيه، عن العقد المتحكمة في سلوكه وفى دوافعه».. ربما لخصت كلمات خيري شلبي أهم ملامح وسمات مدرسة سامية جمال الخاصة في الرقص.

(كاتب مصري)

السفير اللبنانية في

18.04.2014

 
 

«سعيد مرزوق».. الحاضر بعد غياب

نديم جرجورة 

في العام 2003، بحسب اللائحة المذكورة في نهاية كتاب تكريميّ خاص به صدر مؤخّراً، حقّق المخرج السينمائي المصري سعيد مرزوق (مواليد العام 1940) آخر أفلامه: «قصاقيص العشّاق»، تمثيل نبيلة عبيد، التي مثّلت في فيلمين سابقين له هما «هدى ومعالي الوزير» (1995) و«المرأة والساطور» (1997). أسبابٌ كثيرة حالت دون استمراره في تحقيق أفلام، «هَزّ» بعضها المشهد السينمائي المصري، مُثيراً انتقادات حادّة، أو حملات تشهير، أو انفضاضاً نقدياً أو سينمائياً أو جماهيرياً عن هذا البعض. أسباب ذلك؟ «براعته» في استفزاز الآخرين، عبر مواضيع وآليات اشتغال لم يستسغها كثيرون حينها. «براعته» في تحويل مواضيع حسّاسة إلى أفلام مصنوعة بأساليب لم ترق لآخرين عديدين. لكن غيابه الممتد على مدى عشرة أعوام نابع من اجتماع المرض والقرف من راهن سينمائي ومن تبدّلات سلبية، أدّت كلّها إلى ابتعاده عن العمل السينمائي.

بعد عشرة أعوام فقط على هذا الصمت السينمائي والإعلامي، المشوب بإصابة مرضية جرّاء خطأ طبيّ، اختارت إدارة «المهرجان القومي للسينما المصرية» سعيد مرزوق كأحد الوجوه الإبداعية لتكريمه في إطار الدورة السابعة عشرة (18 ـ 26 تشرين الثاني 2013)، فكان «فيلسوف الصورة» كتاباً وضع فيه الزميل المصري مجدي الطيّب شيئاً من تقدير كبير للسينمائي، وشيئاً من تحليل لا يُهادِن أحياناً، وشيئاً من سجال مفتوح على الأسئلة كلّها مع المُكَرَّم نفسه، الذي بدا فيه أكثر التزاماً وقناعة بما صنعته يداه ومخيّلته وحساسيته وأدواته التعبيرية من قبل.

لعل صمته هذا ناتجٌ، أيضاً، من رغبة دفينة في الانسحاب من التخبّط المرير الذي عانته صناعة السينما المصرية وتعانيه دائماً، أو من تمسّك بـ«تقليد» اتّبعه مرزوق في حياته السينمائية ـ المنطلقة في العام 1971 بتحقيقه أول فيلم روائي طويل له بعنوان «زوجتي والكلب» (بدأ إنجاز أفلام قصيرة متنوّعة في العام 1965، مع فقرة تكميلية بعنوان «فرحة»، أتبعها بأول وثائقي قصير بعنوان «أنشودة السلام» في العام التالي) ـ تمثّل (التقليد) بقلّة العدد في مقابل جودة سينمائية متفاوتة الأهمية، جعلته يواجه تحدّيات شتّى، بصرياً ودرامياً وسينمائياً. ربما لهذا تساءل الطيّب: «هل دفع مرزوق ثمن ولعه بتقديم الأفلام المثيرة للجدل؟» (ص. 18)، مشيراً إلى أن استهداف «إنقاذ ما يُمكن إنقاذه» (1985) مثلاً بحملات عنيفة يؤكّد هذا، وملمِّحاً لاحقاً إلى أن أهمية «المغتصبون» (1989) مثلاً، برأيه هو كناقد، لا تكمن في قضيته التي أثارت هلع المجتمع المصري وفزعه، «بل في الدروس الفنية التي يُمكن استخلاصها منه، في التصوير والإضاءة، وتصعيد ممثلين عُرفوا وقتها بأنهم نجوم الصف الثاني (...) إلى مرتبة النجوم، ونجحوا في الاختبار، وكسب المخرج رهانه عليهم» (ص. 23).

أهمية «فيلسوف الصورة» متعدّدة الجوانب: سجاليته النقدية في التحليل والنقاش. إفساحه مجالاً أمام المخرج والناقد لممارسة لعبة حوار مستندة، أساساً، الى مواجهة ثقافية وجمالية، كما الى رغبة في إضاءة أمور عالقة، أو في تأكيد المؤكّد، أو في كشف بعض المبطّن. فبعيداً عن شهادات فنانين تراوحت بين التكريم والانفعال المتلائمين ومناسبة إصدار الكتاب، وبعيداً عن الحاجة الملحّة للكتاب برمّته إلى تحرير يُنقذه من أخطاء لغوية وكتابية، وبعيداً عن التصميم الفني المحتاج إلى تأهيل جذري، يبقى الكتاب شهادة حبّ وتقدير، ونصّاً يُبيّن عوالم سينمائية، ويروي حكايات، ويسرد وقائع، ويفتح حواراً، ويستعيد ذكريات. يبقى الكتاب مرجعاً يُمكن الركون إليه لما فيه من معطيات وقصص وتفاصيل.

 (]) يُنظِّم «نادي لكل الناس» عرضاً لفيلم «زوجتي والكلب» (تمثيل سعاد حسني ومحمود مرسي ونور الشريف وزيزي مصطفى ووحيد سيف)، ٦.٣٠ مساء الاثنين في 21 نيسان 2014، في «مترو المدينة».

السفير اللبنانية في

19.04.2014

 
 

أمل عرفة وضعت «حقائبها» في دمشق

محمد الأزن/ http://194.126.8.100/revive/www/delivery/lg.php?bannerid=34&campaignid=16&zoneid=3&OACBLOCK=43200&OACCAP=500&OASCCAP=500&loc=1&referer=http%3A%2F%2Fwww.al-akhbar.com%2Fnode%2F205024&cb=14f4a35c04دمشق

غيابُ أمل عرفة مثّل أحد أبرز العناوين أو علامات الاستفهام حول موسم الدراما السورية الفائت. كذلك يبدو حضورها المكثّف على قائمة عروض الموسم المقبل، عبر مشاركتها في خمسة أعمال، هي: «صرخة روح2»، «قربان»، «الغربال»، «بقعة ضوء10» و«حقائب».

بعد غيابها عن الشام قرابة عام ونصف، وعن دراما رمضان 2013، سارعت بطلة «زمن الخوف» إلى ترميم صورة «الفنانة الشاملة»، ذلك اللقب الذي لطالما ارتبط بالممثلة السوريّة على مدى سنوات. هكذا، بدأت العمل متكئةً على الصوت، وحنين الكلمة، فكانت أغنية «دور عحالي» (كلماتها وألحان مروان خوري)، التي صوّرتها بطريقة الكليب تحت إدارة المخرج مصطفى برقاوي. لن نخوض في تأثير أغنيتها والأصداء التي حققتها، فالأهم أنها عادت. بل افتتحت موسم عودة النجوم إلى دمشق، مّمن غابوا عن البلاد تحت وطأة ثِقل الحرب والمخاوف على العائلة.

وقفت عرفة أمام كاميرا إياد نحاس في «الضحية» إحدى خماسيات الجزء الثاني من مسلسل «صرخة روح» (إنتاج شركة «غولدن لاين») الذي عرضته شبكة قنوات «أوربت» المشفّرة أخيراً. وتلك كانت البداية. أما الآتي فكان أكثر زخماً. إذ وافقت على لعب دور «يارا» إحدى شخصيات مسلسل «قربان» الرئيسية التي رسم ملامحها الكاتب الشاب رامي كوسا. شخصية قال عنها الأخير بأنّها تمثل «صوت المنطق» في حكايته، فهي «لاعب مشترك، وأساسي، وبطل في محاور كثيرة، تتدخل في كل المفاصل والنزاعات الحامية لجهة حلّها بصورة منطقية ترضي جميع الأطراف». لم يقتصر دور أمل في العمل على لعب شخصية «يارا»، بل غنّت بصوتها: «يا طفل يلّي ساكن بحضن الوجع/ حبل الحكي قدّام نظراتَك قصير/ يا خجلة اللي فيّق بعينَك دمع/ يا خجلة اللي تاجر بجرح الفقير». كلمات ألفها كاتب العمل، ولحنها المؤلف رعد خلف. وكان يُفترض أن تكون هذه الأغنية شارة «قربان» لولا أن صنّاعها اتخذوا قرار إطلاقها بشكل مستقل لاحقاً، بعد أخذٍ ورد مع الجهة المنتجة، وفق ما علمت «الأخبار».

تؤدي شخصية زوجة بسام كوسا في «الغربال» وابنته في «حقائب»

لم تضيّع أمل الوقت أبداً. خلال فترة تصوير العمل، شهدت خشبة «مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما» بدورته السادسة، عودة عرفة إلى المسرح في مونودراما بعنوان «البحث عن عزيزة سليمان» عن نص الأديب الأردني الراحل عاطف الفراية، وإخراج الفنّان السوري أسعد فضّة.
وبعدما أنهت عرفة تصوير دورها في مسلسل «قربان» (إخراج علاء الدين كوكش، وإنتاج «المؤسسة العامّة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي»)، بدأت تصوير مشاركاتها في عاشر أجزاء «بقعة ضوء»، تحت إدارة المخرج عامر فهد. عملٌ لطالما كانت عرفة أحد نجومه الأبرز، ووقفت مجدداً أمام شركائها: باسم ياخور، وأيمن رضا، وشكران مرتجى. وأصبحت الصور التي تجمعها معهم من كواليس العمل، موضع متابعةٍ، واهتمامٍ كبيرين على مواقع التواصل الاجتماعي، وربما عنواناً لعودة الدراما السوريّة إلى عافيتها. وكان من بين أكثر تلك الصور تداولاً، صورة جمعتها بشريكة نجاحها شكران مرتجى في مسلسل «دنيا»، وأخرى تظهر فيها مع رضا في مشهد سوريالي من سيرانٍ دمشقي افتراضي في «الغوطة» وسط دخان القذائف.

وقبل انطلاق تصوير مشاركاتها في «بقعة ضوء10»، أو بالتزامن معها، دخلت بطلة «حسيبة» عصر البيئة الشاميّة من جديد، حيث الملايا والحريم، وحكايات القبضايات، والزعماء، والزعران، لتقف مجدداً أمام الممثل بسام كوسا، شريكها في ثنائية حبٍ لا تنسى في مسلسل «الخوالي» (2000). لكن زمن الحب قد ولىّ على ما يبدو بين النجمين السوريين في مسلسل «الغربال» (تأليف سيف رضا حامد، وإخراج ناجي طعمي وإنتاج «غولدن لاين»). هنا، تؤدي أمل وبسّام دورين مناقضين تماماً للصورة السابقة. العلاقة بين الزوجين أبو جابر، وأم جابر تحلّ فيها المصلحة بديلاً من الحب، ولا تلبث الزوجة أن تتورط في مؤامرات زوجها الشرير الذي «تريده زعيماً ومتنفذاً»، لتكون المرأة الأولى «ذات النفوذ في الشاغور».

لن تتوقف إطلالات أمل عرفة في موسم دراما رمضان 2014 عند هذا الحد. ثمّة مفاجأة أخرى أعلنتها شركة «سما الفن» أخيراً، وهي انضمام عرفة إلى قائمة أبطال مسلسل «حقائب» الذي يستعد المخرج الليث حجو لتصويره في دمشق في أواخر الشهر الحالي عن نصّ للكاتب ممدوح حمادة. في هذا العمل، ستقف بطلة «عشتار» مجدداً أمام بسام كوسا، لكن ليس بدور الزوجة، أو الحبيبة، بل الابنة. وستكون إحدى بنات وأبناء أسرة سورية تتنازع خيارات البقاء والرحيل، عن وطنٍ يعلو فيه صوت الرصاص، ضمن إطارٍ من الكوميديا السوداء لطالما برعَ الكاتب حمادة في صياغة مفرداتها.

وفي انتظار الصور التي ستأتي من كواليس «حقائب»، ثمّة أسئلة كثيرة قد تخطر في بال المشاهد حول مدى إمكانية اقتناعه بثنائي «الأب والابنة» الذي سيلعباه أمل وبسّام في العمل، مقارنةً بدوريهما في «الغربال»؟ الأسئلة تبقى مشروعة، ومنطقية في انتظار المشاهدة.

الأخبار اللبنانية في

19.04.2014

 
 

تدور أحداثه في قالب كوميدي هادف

«نسوان» فيلم لبناني ينتزع السلطة من الرجل ويمنحها للنساء

رنا سرحان (بيروت) 

صرخة واضحة لإقرار حقوق المرأة والمساواة في المجتمع، هو عنوان الفيلم اللبناني «نسوان»، حيث تمنى الأبطال بدورهم أن تصل الرسالة التي يهدف لها، متمنيين على السياسيين أن يسمعوا صرختهم ومطالبهم. ويستمر الفيلم في حصد أرقام عالية على شباك التذاكر في صالات العرض اللبنانية، وهو كتابة السيناريست السوري يوسف سليمان، وتحت إدارة المخرج الصاعد سام إندراوس، وإنتاج «جارودي ميديا» و«آي شوت»، وتوزيع ‏ECS، أما الموسيقى التصويريّة لكارينا عيد، إضافة إلى تلحينها وأدائها أغنية الفيلم «ليش لأ» التي ما تزال تلاقي نجاحاً كبيراً.

في لفتة مميزة، وبعد عرض الفيلم أمام الصحافة والإعلام، تزامناً مع يوم المرأة العالمي، كان اللافت الإقرار النهائي لمشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري في الهيئة العامة لمجلس النواب اللبناني. وقد أقرّت اللجان النيابية المشتركة مشروع القانون، تحت عنوان «قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري». ويعتبر كاتب العمل سليمان أن الغاية في هذه المرحلة هي نجاحنا في تحقيق بعض مكتسباتها حول مضمون القانون كما نطالب به، وأهمّها إعادة إدراج اسم النساء في عنوان القانون، وإعادة النظر بتجريم إكراه الزوجة، ولو أنها اكتفت بتجريم الضرب والإيذاء والتهديد للحصول على ما أسمَتْه «الحقوق الزوجية».

قالب كوميديّ مميّز

يقول سليمان: «يعالج «نسوان» قضايا حقوق المرأة بقالب كوميديّ مميّز، وهو نوع الكوميديا السوداء التي تتناول قضايا التطرّف والتعصّب الاجتماعي، من خلال نطاق التمييز على أساس الجنس، والمساواة بين الجنسيْن. وهي محاولة إنتاجية جديدة بمفهومها للنهوض بالسينما اللبنانية وبالتالي العربية لتكون على مقربة من التجارب السينمائية الحديثة. في «نسوان» ساهمت في اختيار هذه الوجوه لأنها مناسبة للدور المطلوب، وزينة مكي والياس الزايك اللذين لعبا البطولة جعلاني أثق أكثر في اختياري لأنهما أجادا العمل وجسدا شخصياتهما بإقناع كبير».

ويتابع: «اختيار وجوه جديدة لبطولة الفيلم كان مغامرة محسومة النتائج، فلا يمكن للسينما اللبنانية أن تنهض إلا إذا دخل اللعبة أكثر من كاتب ومخرج وممثل وموضوعات جديدة للمعالجة، ولا شك في أن كل الذين شاركوا في «نسوان» أبدعوا، وسوف يصبحون علامة فارقة في عالم السينما».

كره النساء

وعن قصة الفيلم يروي سليمان: «تدور أحداث هذا الفيلم حول صابر ...شاب في الـ25 من العمر منعه كرهه الشديد للنساء من الزواج حتى هذا العمر، وهو معرض للاحتكاك بالنساء بشكل دائم، وذلك نتيجةً لعمله كجزّار، وفي يومٍ ما يتعرّض صابر لحادث سير نتيجةً لقطع إحدى الفتيات إشارة مرورية بسيارتها، ومن ثمّ يقوم صابر بضرب الفتاة لأنها استفزّته، وعاملته بازدراء، بالإضافة إلى كرهه الشديد للنساء، وعند الذهاب إلى المحكمة يتم الحكم عليه بالسجن 3 سنوات، وعند خروجه من السجن، يُصْدَم صابر بالواقع الجديد الذي أصبحت فيه النساء هنّ صاحبات السلطة والأمر والنهي، ويلاقي صعوبات كبيرة جداً في إيجاد طريقة للعيش في هذا المجتمع الأنثوي، ليُضطرّ صابر للعمل كخادم في البيوت كي يستطيع أن يؤمّن لقمة عيشه، بعد أن وجد أن ملحمته قد أصبحت ملكاً لإحدى النساء، ومن ناحية أخرى كي يستطيع الوصول إلى جمعية حقوق الرجل التي تعتبر محظورة في دولة النسوان، ومنذ خروجه من السجن، فقد تم وضعه تحت المراقبة من قبل المخابرات النسائية، ومن قبل نساء الأمن، فقمر التي هي عنصر من عناصر الشرطة تقوم بتوضيح المهمة التي سيسير عليها صابر، من خلال عملية تجنيد مفترضة للتجسس على جمعية حقوق الرجل.

أما فرح التي هي عنصر من عناصر الشرطة النسائية، فإنها تستطيع أخذ المعلومات التي تريدها من صابر، من خلال بناء الثقة بينهما دون أن يدري صابر بأنها من عناصر الأمن، ولكن العمل في الخدمة في المنازل لا يستطيع توفير أي معلومة استخباراتية، لكنه يوفر العديد من السلبيات التي يعاني منها هذا المجتمع النسائي، والعديد من المواقف الساخرة في قالب كوميدي هادف، كأن يقوم الرجل بالأعمال التي تقوم بها المرأة من تربية الأولاد والعمل المنزلي، والتقدّم لخطبة الرجل، وفرض السيطرة عليه في كل المجالات.

وفي المقلب الآخر، تطلب قمر من صابر الدخول إلى سجن ما للتقرب من أعضاء في جمعية حقوق الرجل، وينجح صابر في اختراق هذه الجمعية والوصول إلى قيادتها، وبالتالي المساهمة بالتحضير للقيام بانقلاب على حكومة النساء، لكن التضليل الذي يمارسه صابر لم يكن بالمستوى المطلوب فتتم عملية دهم لموقع اجتماع الجمعية، واعتقال كل الموجودين، وهنا تفاجئه فرح بأنه ليس هناك انقلاب ولا حكومة للنساء، ولا جمعية لحقوق الرجل، ولا شيء من هذا القبيل، كل ما في الأمر أن أبا حسان اتفق مع منتج تلفزيوني لتصوير برنامج لتفزيون الواقع يلقن به صابر درساً، حيث قاما بخلق واقع افتراضي جعل صابر يتغير جذرياً، ثم تعود الحياة الى طبيعتها».

مفهوم البطولة

وعن التوفيق بين أبطال مبتدئين ونجوم لم يكونوا قي الواجهة في العمل، يؤكد سليمان: «الفيلم هو بطولة الياس زايك لأن أدواره تأتي في الفيلم منذ البداية حتى النهاية، لكننا نحن لا نقيس البطولة بعدد المشاهد في الافلام وحجم الدور. وفي المبدأ يختلف مفهوم البطولة بالنسبة لي، الفيلم بطولة ليليان نمري التي تظهر في مشهدين، هما الأصعب في الفيلم، وهي أول محرّك للفيلم تأخذ دوراً معاكساً في نفس الشخصية، تارة هي التي تُحكَم، وتارةً أخرى هي التي تتحكم مرة تكون الجلاد ومرة أخرى الضحية. ومعظم النجوم أدّوا بطريقة مميزة، كما أنني اكتشفت مواهب كبيرة جداً أثناء التصوير من هؤلاء الشباب والفتيات الذين شاركوا في مشهد واحد فقط. وانا أدعو جميع المخرجين والمنتجين ان يهتموا بأولئك المواهب الصاعدة الذين باستطاعتهم ان يقلبوا المعادلة».

وقد شارك في العمل ولعب دور البطولة كل من الياس الزايك، زينة مكي، لارا رين، ندى أبو فرحات، ليليان نمري، أنطوانيت عقيقي، ميشال أبو سليمان، سينتيا كرم وجوزيف عازوري وغيرهم.

باب الشهرة

تقول الممثلة زينة مكي حول دورها في «نسوان»: «دوري هو شخصية فرح، التي تترحم على زمن حكم الرجال بعد الانقلاب والنساء ضدهم، و تستطيع بأنوثتها أن تقنع صابر المتعصب لرجولته في جعله مغرماً بها».

وعن أصداء العمل وشهرتها في وقت قصير، تقول: «بعد فيلم «حبة لولو» ولعبي دور البطولة المطلقة لأول فيلم لي، وبطولتي في فيلم «نسوان»، كانا باب شهرتي لكني لم أستوعب أصداءها بعد، كما أنني أشعر أنني لا زلت زينة. في الواقع أن الشعور كبير بالسعادة، لكنه يجعلني أكثر مسؤولية لأني بدأت أدوار بطولة، وجعل الحمل أكبر في تصرفاتي تجاه الناس. أما برأيي سبب نجاح فيلم «نسوان» يعود لعدة عوامل، وهي الإخراج التمثيل الموسيقى تصويرية المونتاج والتصوير، وبالتأكيد النص فالتكامل مطلوب».

وحول رسالة العمل تختم: «ليست كل النساء مظلومات، لكن هناك نساء تتعرضن لجرائم قتل وظلم، كذلك عدم منح جنسيتها لولدها حق لا يستهان به، وإن كانت الصورة في العمل مضخمة نوعاً ما، بحسب ما يرى الكاتب.

أمّا بطل الفيلم الممثّل إلياس الزايك الذي يطلّ على الجمهور في تجربته السينمائية الأولى من خلال فيلم «نسوان»، في دور «صابر» الجزّار والذكر الشوفيني المتعصّب لذكوريته، والذي يرى النساء على خطأ مهما فعلن، فقد روى قصّة ترشيحه للعب بطولة هذا الفيلم قائلاً: «تعرّفت على كاتب الفيلم يوسف سليمان، ومخرجه سام أندراوس بواسطة الشاشة الصغيرة، حيث شاهدوا عملاً من أعمالي حمل عنوان الموقع الإلكتروني الخاصّ بي، والذي يتضمّن أرقام الاتصال بي، فاتصل بي يوسف سليمان، وذهبت للقائه، واتّفقنا على تنفيذ هذا الفيلم الذي بقي في الدرج لمدّة خمس سنوات، وقد أحببتُ النصّ كثيراً بعدما قرأته، وتباحثنا فيه على مدى خمسة أشهر إلى أن اتّفقنا على كلّ التفاصيل، وقرّرتُ أن أوقّع عقداً مع الشركة المنتجة للفيلم «آي شوت بروداكشن» على مدى خمس سنوات، وكان هذا الفيلم باكورة أعمالنا معاً».

ليست ثورة ضد الرجل العربي

في فيلم «نسوان.. ليش لأ» حالات متقلبة من المواقف صاغها الكاتب يوسف سليمان ويصفها باختصار، بالانقلاب السياسيّ الافتراضيّ الذي جعل النساء يحكمن البلد في الفيلم، وهو عمليّة تجريد للذات من الذات نفسها لوضعها في مكان الآخر لتقدير ردود أفعاله، كاشفاً «أنا أناصر الرجل والمرأة معاً، وعندما أضع الرجل في مكان المرأة ذلك اختباراً لشعورها، وليست ثورة ضد الرجل العربي. لم أتطرّق الى الشق الديني، فأنا أعالج قضية اجتماعية وليس دينية، والفيلم يعالج كيفية تعاطي الرجل مع النساء إن كانت أمه، أو أخته، أو زوجته، أو ابنته». ويضيف سليمان: الفيلم الذي يعرض في لبنان، بعد أن وضعت اللمسات الأخيرة عليه في أبوظبي من عملية تلوين الفيلم ‏Grading وإجراء عمليات المكساج للموسيقى، سيعرض في دبي في شهر مايو المقبل على أن يعرض في بقية الدول الخليجية بحسب أجندة خاصة كما يقول الكاتب، ثم ينطلق إلى أوروبا للمشاركة في مهرجانات عدّة، بعد أن لقي تنويهاً من صحف إيطالية كإنتاج عربي مهم، كما يجري التحضير لعرضه في الصالات الأميركية.

الإتحاد الإماراتية في

19.04.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)