كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

"أولاد أبو غريب": معالم العراق المشوهة

أمير العمري

 

لم تنجح الأفلام الأمريكية التي ظهرت عن غزو العراق كما سبق أن نجحت الأفلام التي أنتجت في الماضي مثلا، عن حرب فيتنام والتورط الأمريكي فيها، الذي أشعل مظاهرات الغضب في العالم لسنوات. وقد يكون السبب الرئيسي في هذا أننا أصبحنا اليوم نعيش عصر الطفرة الإعلامية التليفزيونية في مجال الأخبار وغيرها، ففي زمن حرب فيتنام لم يكن التليفزيون قد حقق ما حققه الآن من قدرة على نقل الحدث من موقع حدوثه مباشرة. وربما كانت "حرب العراق" عام 2003 أول حرب تنقل على الهواء مباشرة. وقد شاهدنا مثلا عملية اقتحام مطار بغداد وغيرها، منقولة مباشرة من كاميرات الهواتف المحمولة للمراسلين الذين كانوا ملحقين بالقوات الأمريكية.

وعلى الرغم من جوائز الأوسكار والاحتفاء المغالى فيه الذي حصل عليه فيلم فيلم "خزانة الألم"  The Hurt Locker  لكاثرين بيجلو (2011) إلا أن الفيلم لم يحقق ما كان متوقعا من إيرادات، بل تفوقت عليه أفلام أخرى بعيدة تماما عن الاهتمام بـ"الأحداث الجارية". وتدريجيا، تراجع الاهتمام بموضوع العراق سينمائيا، رغم ظهور بعض الأفلام الجيدة مثل "روقب" لبريان دي بالما، و"معركة حديثة" للمخرج البريطاني نيك برومفيلد. لكن منذ فيلم "المنطقة الخضراء" Green Zone  لم تظهر أفلام بارزة عن الموضوع، ولكن يبدو أن هناك عودة إلى هذا النوع الآن بعد أن اختفى الوجود الأمريكي العسكري المباشر في العراق، مما يعكس رغبة في تذكير الأمريكيين بالتجربة القاسية التي مر بها أبناؤهم هناك.

أولاد أبو غريب

من هذه الأفلام الجديدة فيلم "أولاد أبو غريب" Boys of Abu Ghraib لمخرجه الشاب لوك موران Luke Moran  الذي كتب السيناريو ويقوم أيضا بدور البطولة فيه. يبدأ الفيلم بمشهد مصور تحت الأرض، في ممر طويل يسير فيه جندي أمريكي لا نرى وجهه بل نراه من ظهره، يقترب ببطء من بوابة ضخمة مغلقة، تتصاعد من وراءها أصوات دقات عالية وموسيقى الروك الصاخبة على خلفية من تعليق صوتي- بصوت الجندي- يشير إلى ما وقع بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. هذا المشهد سيتكرر بعد ذلك، في زمن متقدم من الفيلم، ولكن هذه المرة سنرى وجه الجندي وهو بطل الفيلم نفسه، بعد أن يكون قد غرق في "المستنقع" ولم يعد أمامه مفر من الانغماس في "اللعبة".

بعد مشهد البداية الذي يسبق نزول العناوين، ننتقل إلى منزل أسرة البطل الشاب "جاك" وهي تحتفل بعيد الاستقلال الأمريكي في الرابع من يوليو 2003، أي بعد أشهر من غزو العراق، ونعرف أن "جاك"، وهو جندي في الجيش الأمريكي، مرتبط عاطفيا بفتاة يحبها ويرغب في الزواج منها، ولكنه يتأهب لمغادرة البلاد إلى العراق في اليوم التالي للقيام بـ"واجبه الوطني". وفي العراق ينضم إلى فصيلة من قوات المراقبة التي تحرس قاعدة عسكرية أمريكية، ويشاهد للمرة الأولى مقتل أحد زملائه في هجوم ليلي تتعرض له القاعدة، ثم سرعان ما يطلب نقله للعمل في حراسة سجن أبو غريب، ويحصل على ما يريده دون أي تدريب مسبق، وعندما يذكر لرئيسه الضابط موضوع التدريب يكون كل ما يقوله له الضابط: "لا تقلق.. ستكون بخير"!

في المعتقل يتعرف على السجناء من العراقيين. نشاهد لمحات من المعاملة القاسية التي يتعرض لها البعض ولكن على استحياء شديد من جانب صناع الفيلم، فالموضوع الأساسي محل الاهتمام ليس العراقيين وما يتعرضون له، بل هذا الإبن الأمريكي البار بوطنه "جاك" إبن الطبقة الوسطى الأمريكية، وما يتعرض له من تجارب مؤلمة تكاد تدفعه إلى الجنون، في عزلته ووحدته واضطراره للقيام بأعمال غير إنسانية (تتكرر كثيرا لقطات قيامه بالتخلص من فضلات السجناء).

غير ان جاك ليس مثل غيره من الجنود العاملين في المعتقل. فهو يبدو إنساني في معاملته للمعتقلين، كما يقول له "غازي"- السجين العراقي الشاب الذي سيقيم جاك صداقة معه، ويتبادل معه الحديث عن نفسه بل ويطلعه أيضا على صورة حبيبته التي تنتظره في الوطن. يخالف جاك إذن التعليمات التي تحظر عليه مخاطبة السجناء، بل ويبدي تعاطفا واضحا مع غازي ويقوم أيضا بتوبيخ زملائه الذين يستدعون "غازي" بانتظام لتعذيبه واستجوابه

يحلم جاك باليوم الذي تنتهي فيه مهمته ويعود إلى الوطن، وهو يحصي مرور الايام على جدران غرفته.. نرى لمحات مما رأيناه في الأخبار لما كان يحدث من تجاوزات في أبو غريب: كيف يلبسون السجناء قلنسوات وملابس فضفاضة ويجعلونهم يتخذون أوضاعا مهينة، كما سنرى رجلا يفقد حياته بعد تعرضه للتعذيب- إستنتاجا (لا نرى قط أي مشهد للتعذيب الفعلي ولا نشاهد اي ضابط أمريكي يمارس التعذيب)، ونرى كيف يتقوقع "غازي" على نفسه ويبكي داخل زنزانته بينما يرتجف جسده كله بعد أن يكون قد تعرض أيضا للتعذيب. لكن جاك لا يكلف نفسه أبدا في غمرة اهتمامه بالحديث مع غازي عن حبيبته، أن يسأله عن سبب وجوده هنا؟

وفي الدقائق الأخيرة من الفيلم يشتبك مع زميل له بسبب ما يتعرض له "غازي" لكن الضابط يقول له إن غازي فجر قنبلة في مقهى تسببت في مقتل 17 شخصا، فيتحول جاك تحولا تاما ويتخذ موقفا عنيفا من غازي، وخصوصا بعد أن يرى زميلا له يحاول الانتحار بسبب ما يعانيه من وحدة وعزلة في المعتقل. ينحاز جاك لما لقنه إياه رؤساؤه وزملائه، فيتنكر لغازي بل ويقوم أيضا باساءة معاملته. وفي النهاية يأتي جندي جديد لكي يستلم من جاك المهمة، لكي يعود الأخير الى وطنه. في يد الجندي الجديد كاميرا هي التي سيلتقط بها الصور التي يتكشف فيما بعد ما كان يقع داخل السجن!

رسالة للأمريكيين

هذا فيلم يتوجه أساسا، إلى الجمهور الأمريكي من الطبقة الوسطى، يريد أن ينقل لهم كيف كان الشباب الأمريكي يفقد مرحه وحسه الإنساني في العراق، لا لسبب سوى لأنه تعرض هناك لانتهاك البراءة، مما إضطره للجوء الى أساليب قاسية بسبب ما كان يواجهه من تهديدات وعمليات إرهاب وقتل جماعي وتفجيرات، وكأن التعذيب (الذي يكشف عنه في النهاية من خلال ما يبث من صور على شاشات التليفزيون منها صورة لحاك نفسه داخل المعتقل وهو يسيء معاملة غازي) مبرر تماما كرد فعل لعنف العراقيين!

ليس هنا مجال لتصوير ما كان يقع في الحقيقة داخل سجن أبو غريب، رغم أن الفيلم يخبرنا في عناوينه الأولى بأنه "مبني على أحداث حقيقية". ربما كان يبدو مخلصا في تصويره كيف كان الجنود يقضون وقتهم خارج نطاق الخدمة، في الليل، وكيف كانوا يتحلقون حول شعلة من النيران، يتدفأون، ويلهون ويلعبون أو يتعلمون من جندي أمريكي أسود الغناء على ايقاعات "الراب"، وكيف يستخدمون في حواراتهم ومشاغباتهم لغة السباب المعهودة.. ولكن ما الجديد؟ لقد سبق أن شاهدنا كل هذه الأشياء في أفلام كثيرة سابقة عن فيتنام وغيرها، بل إن الكثير مما يصوره لوك موران هنا منقول حرفيا من أفلام شهيرة سابقة كما في المشهد الذي يعقب لقاء جاك بخطيبته بعد عودته من العراق، حيث يبدو عاجزا، وكما في تصوير تلك النزعة الوحشية للانتحار لدى جندي يصوب بندقيته في فمه (على غرار ما شاهدنا في فيلم ستانلي كوبريك الشهير "بندقية معدة للاطلاق" Full Metal Jacket) ولكن ما يعيب هذا الفيلم بشكل صارخ غياب خصوصية المشهد العراقي، فمن الممكن أن تدور المناظر التي نشاهدها هنا (ولا أقول الأحداث) في أي مكان آخر، وخلال أي حرب أخرى. والتجريد هنا لا يخدم الموضوع بل يضره فنيا.

ومن عيوب الفيلم الفنية الواضحة كذلك، الإسهاب والإطالة في تصوير المشاهد على نحو يفقد الفيلم إيقاعه وحيويته منذ الثلث الأول، كما يفرط المخرج في استخدام الموسيقى الصاخبة التي كثيرا ما تطغى على ما يتردد من تعليق أو حوارت، كما تتكرر مشاهد لهو الجنود وصياحهم في بعضهم البعض، وكأن لا شيء هناك يفعلونه سوى تكرار الشيء نفسه ليلة بعد أخرى. وبين آونة وأخرى يتطلع جاك إلى صورة خطيبته بحيث يصبح المعنى الذي يصل إلى المشاهدين أنه لا يعيش في الزمن المضارع المخيف ويتفاعل معه، بل يرتد بذهنه وذاكرته إلى الماضي، الى ذكريات لحظات الحب التي كانت تجمعه بالفتاة (نراها أحيانا بالحركة البطيئة) في استطرادات وإسهاب يخرج الفيلم عن موضوعه وينحرف بالأسلوب، مما يسبب الارباك في بناء الفيلم ويضر بموضوعه.

هناك – مع ذلك- لقطة واحدة فنية في تكوينها ومغزاها، تنجح في تلخيص علاقة المكان بالعراق الذي يعرفه المشاهدون، فبعد أن يعرف جاك أن مهتمه ستمتد ستة أشهر أخرى، نشاهده في المشهد التالي منهارا يركع منتحبا، غاضبا، يضرب رأسه في الجدار، مرددا عبارات السباب، وفوقه صورة عملاقة لصدام حسين داخل المعتقل، بحيث يبدو صدام فوقه وكأنه المنتصر الذي مازال يملك اليد الطولى، في حين يبدو جاك الأمريكي، مهانا مذلا خانعا صغيرا في الأسفل. لكن لقطة واحدة.. لا تكفي!.

الجزيرة الوثائقية في

17.04.2014

 
 

المرأة عنوانا عريضا لمهرجان الوثائقي بأغادير

زبيدة الخواتري 

ينطلق المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بأغادير في دورته السادسة وذلك خلال الفترة الممتدة من 28 أبريل لغاية 5 مايو 2014 تحت شعار تكريم المرأة وذلك بمناسبة العيد العاشر للاحتفاء بصدور مدونة الأسرة في المغرب.

وأعلن عن موعد افتتاح المهرجان وشعاره في ندوة صحفية عقدت بمدينة الدار البيضاء من خلال كلمة ألقتها الرئيسة الجديدة للمهرجان هند سايح التي قدمت تسلسلا تاريخيا  لمهرجان الفيلم الوثائقي لأغادير عبر رصد أهميته كنافدة على العالم؛ من خلال عرض العديد من الأفلام الوثائقية من القارات الخمس.

مؤكدة على دور المهرجان في مواكبة النمو السكاني والنشاط الاقتصادي بجهة سوس ماسة درعة، ومساهمته في تنويع أنشطتها، خاصة في المجال الثقافي، مشيرة لدور السينما الثقافية في النهوض بتربية وتنمية الحس التعبيري لدى المواطن، مقدمة في معرض حديثها نبذة عن المشروع المهني “مينا دوك”، الذي سيتم إطلاقه من خلال الدورة؛ والذي يعنى بتكوين مجموعة من المنتجين المغاربة والمغاربيين، وإنشاء سوق يهم الإنتاج في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بشراكة مع شركة دولية في مجال الأشرطة الوثائقية، مبرزة أهمية هذا المشروع في انفتاح مدينة أغادير على السوق الآسيوي، الأوروبي، الإفريقي، والعربي.

وفي تصريح للسيد هشام فلاح المدير الفني للمهرجان أكد للجزيرة الوثائقية أنه سيتم خلال هذه الدورة التركيز على المنتجين الشباب من خلال مبادرة تشجيعية لانجاز أفلام وثائقية والإلمام بطرق توزيعها وتسويقها.

وجدير بالذكر أنه سيتم خلال المهرجان استقبال لمجموعة من طلبة معاهد التكوين في المجال السينمائي بالمغرب، واستفادتهم من برنامج متكامل من العروض والندوات ودراسة الحالات والدروس رفقة كل من الفرنسي نيكولاس فيلبرت مخرج الأشرطة الوثائقية العالمي، ورشا سالتي السينمائية العربية المعاصرة ومنسقة برمجة مهرجان تورنتو الدولي وآخرين، مشيرا إلى الإعلان عن مشروع طلب عروض وطني؛ لاختيار اثني عشر وثائقيا من طرف لجنة مكونة من لجنة من المختصين؛ جون لوك كوهن، وجون لويس كونيت وإقبال زيليلا، منوها بدور اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بأكادير؛ والتي سينظم بتنسيق معها لقاء حول السينما الوثائقية كدعامة للترويج لثقافة حقوق الإنسان، معتبرا الدورة فرصة لتكوين ووضع أسس عروض القرب الرقمية بالأحياء من خلال مجموعة من العروض المبرمجة خاصة الداخلية منها والتي تعرف خصوصا في الفعل الثقافي.

وستعرف هذه الدورة تنظيم مسابقة عالمية رسمية يتبارى فيها أكثر من 35 فيلما وثائقيا يمثلون الشرق والغرب. وتتكون لجنة تحكيم الدورة من المخرجة الجزائرية حبيبة دجاهنين، والمخرج المغربي محسن بصري، والمخرج المنتج السويسري برني كولدبلات، والناقدة الكوبية نورما كفارا، وأحيطت بها مهمة اختيار الجائزة الكبرى وجائزة لجنة التحكيم وجائزة حقوق الإنسان، بالإضافة إلى اختيار القناة الثانية دوزيم لشريطها المفضل بالدورة

وسيتخلل المهرجان  أيضا مجموعة من الأنشطة الموازية من بينها تنظيم دورات تكوينية في مجال الصورة موجهة للتلاميذ فضلا عن برامج عمل وورشات سيستفيد منها طلبة جامعة ابن زهر المغربية ، إضافة إلى جلسات خاصة واحتفالات سينمائية ، كما أنه وفي إطار تقريب الأفلام الوثائقية من كل شرائح المجتمع سيتم تنظيم مجموعة من العروض السينمائية في الهواء الطلق ، كما ستجرى العروض بكل من قصر بلدية أغادير (قاعة إبراهيم الراضي) ، وأيضا المركب الثقافي جمال الدرة ، وأيضا جامعة ابن زهر والمعهد الفرنسي .

وتمثل هذه الدورة امتدادا للدورات السابقة من حيث التركيز على أهمية الكتابة السينمائية والفيلم الوثائقي كرافعة للتنمية والإبداع علاوة على الدور الذي يمكن أن يلعبه في سبيل جعل المغرب جسرا للتواصل بين القارات الخمس وأيضا تطوير الفعل الثقافي كما من شأنه تعزيز أهمية جهة سوس ماسة درعة اقتصاديا وثقافيا وإعطائها إشعاعا كبيرا سيجعلها قبلة سياحية علاوة على ماتتميز به من معالم جعلتها فضاء سياحيا باهرا يغري بسحر الزيارة والاكتشاف.

الجزيرة الوثائقية في

17.04.2014

 
 

من إخراج يوسف العبدالله

«يا هِل» فيلم كويتي جريء ومخرج واعد

عبدالستار ناجي 

فيلم «ياهِل»«مفردة شعبية كويتية يشار بها الى الطفل»من سيناريو وحوار واخراج يوسف العبدالله والذي يخوض تجربة سينمائية، تحمل قراءتها الأولى كثير من الجرأة، والعفوية، والاهتمام بأسئلة الطفل، وفي الحين ذاته نحن امام مخرج واعد، يمتلك لغته البصرية وايقاعه السينمائي المتماسك، فيلم «ياهِل»يرحل بنا عبر حكاية الطفل «حسين»الفضولي الذي لا يتوقف عند طرح الاسئلة، وهو يمزج الفضول بالجرأة، لهذا يذهب بعيدا، في البحث عن اجوبة لسؤال ظل يحاصره، فحمله اولا الى والده «ليش العشر فلوس اكبر من العشرين فلس بالحجم مع ان العشرين فلس اكبر بالقيمة المادية»؟

سؤال عفوي بسيط، بريء، لكنه يقودنا الى حيث يريد المخرج يوسف العبدالله، الى منطقة ثرية بالتحليل، والمواقف تربويا واجتماعيا وايضا سياسيا.

يحمل السؤال الى والده، فيأتي الجواب مقرونا بشيء من الاستهزاء، اذهب الى وزارة المالية. لحظتها اعتقد الوالد ان هذا جواب، قد يشفي شغف طفله «حسين»، الذي تنهمر منه الاسئلة تبحث عن اجوبة تشبع فضوله وطفولته.

ولكن «حسين»يشد رحاله في اليوم التالي برفقة السائق الى وزارة المالية، بل يتجاوز ذلك الى وزير المالية.

وهنا شيء ما يريد المخرج يوسف العبدالله وكان بالامكان الذهاب الى ما هو أبعد في تطوير احداثيات وتداعيات ذلك السؤال البريء.

انها رحلة البراءة والطفولة، التي قد تذهب بنا وبذلك السؤال الى ابعد من الوزير، ولكن يوسف العبدالله يعي ما يريد، فيورطنا بلعبة الذهاب واللهاث وراء السؤال، حتى بعد نهاية الفيلم.

عند المخرج الشاب يوسف العبدالله، لغة بصرية عالية، وحلول في الكتابة، ذكية واحترافية. بالذات في المحافظة على الايقاع في الكتابة، وايضا الاعتماد على فريق عمل متميز، امام الكاميرا وخلفها.

فيلم «ياهِل»من انتاج قمرتنا ونيزك وسيناريو وحوار يوسف العبدالله وتمثيل حسين المرزوق واسامة البلوشي ومحمد عاشور وأحمد ريان وبدر المطر وفهد الفضلي، ومونتاج واخراج يوسف العبدالله.

الحديث عن تجربة «ياهِل»ليوسف العبدالله تدعو للذهاب الى التأكيد على اهمية الالتفات الى جيل من الكوادر السينمائية، التي نرى بها رهانا مستقبليا لصناعة السينما في الكويت والمنطقة، وهذا ما يدعونا للمطالبة بمزيد من الاهتمام بهذا الجيل، وايضا التحاور معه في المضامين التي يذهب اليها، خصوصا، وهو يمتلك زاد المعرفة، وان ظل في امس الحاجة الى مزيد من التجربة وايضا الدعم.

فيلم «ياهِل»لا ينتهي بعد ان تنزل الاسماء، بل يظل يفجر بداخلنا كما من الاسئلة اولها الاصغاء الى اسئلة الطفولة التي تحيط بنا ثم تطوير الاسئلة، حتى تتحول الى اتهامات كبيرة اكبر من الفيلم وابعد.

المخرج الشاب يوسف العبدالله موهبة شابة، علينا الاحتفاء بها، وبجيله من الشباب السينمائيين الواعدين.

النهار الكويتية في

18.04.2014

 
 

فجر يوم جديد: {فرخة ولكن}!

كتب الخبرمجدي الطيب 

تمثل ظاهرة التحرش مادة ثرية لكتّاب ومخرجي الدراما المصرية؛ ممن ينظرون إليها بوصفها فرصة لإسالة لعاب المنتجين، ودغدغة غرائز الجمهور، كما رأينا في أفلام عادل إمام (بوبوس والسفارة في العمارة) وتامر حسني (كابتن هيما ونور عيني)، فيما يستشعر البعض الآخر خطورته، ولا يتردد في التنديد بها، والتحذير من استفحالها، كما فعل المخرج محمد دياب في فيلم {678}، لكنها المرة الأولى، في ما أظن، التي تتحول فيها الظاهرة، التي تتكرر كل يوم على مرأى ومسمع من الجميع، إلى مادة لفيلم تحريك أو {كارتون}، كما اصطلح البعض على تسميته، وهو ما فعله المخرجون الثلاثة: محمود حميدة (مجرد تشابه أسماء مع الفنان الشهير)، أحمد ثابت وإسلام مظهر في الفيلم الذي اختاروا له اسم {فرخة ولكن}، وتم إنجازه ضمن مشاريع تخرج دفعة 2013 في المعهد العالي للسينما .

يرصد الفيلم ظاهرة التحرش الجنسي في الشارع المصري، وحجم الانتهاك الصارخ الذي تتعرض له المرأة المصرية في الأماكن العامة، لكنه استعاض، في تجربة هي الأولى من نوعها، في رأيي، عن الصورة التقليدية للمرأة التي تُصبح نهباً لمن تطول يداه، ولكل من يعبث، بجزء من جسدها، باختيار جديد وطريف، وغير تقليدي، لهذه {الفرخة} التي تتعرض للتحرش عند صعودها إلى {الميكروباص}، بواسطة {الجدي}، الذي يقود الحافلة، ومن بعده {الخفاش}!

هنا يبدو، بوضوح، أن المخرجين الثلاثة اختاروا الإسقاط، والرمزية، حجر أساس في تجربتهم الفريدة؛ إذ لا يجد المتابع مشقة في إدراك أن {الفرخة} ليست سوى الفتاة / المرأة التي تتعرض لكثير من الأهوال مع كل خطوة تخطوها في الشارع المصري، المزدحم بشعارات تعكس حال رجاله، وهو ما ألمح إليه الفيلم بذكاء شديد في إشارته إلى لافتة تحمل كلمة {استرجل}، وتوقفه عند ذلك الرجل، الذي يتبول على وردة (الوردة هي المرأة في موروثنا الرومانسي)، ونجاحه في تكريس الصورة الذهنية للمرأة التي ينظر إليها الرجال بوصفها مجرد أنثى لعوب أو جسداً يتحرك على قدمين، ما يجعلها كائناً مُستباحاً لا يملك من إرادته، ولا جسده، شيئاً!

غير أن الفيلم، والمخرجين الثلاثة، يطرحون حلاً عجيباً عندما يرون أن إنقاذ المرأة من الأزمة يكمن في تخليها عن أنوثتها، وروحها المسالمة التي حباها الله بها، ولجوئها إلى العنف (تتعلم الكونغ فو على طريقة يوسف منصور في فيلم {قبضة الهلالي}!) كسبيل وحيد لمواجهة طوفان الذل والمهانة وجرح الكرامة الذي تتعرض له، وتعانيه، ولكي يشجعها على انتهاج هذا السبيل ينتصر لها في معركتها ضد {الجدي} و}الخفاش}، ويقدمهما وهما غارقان في بركة من الدماء، وقد تناثرت أشلاؤهما على الأرض بينما الحافلة مهشمة ومُلقاة على جانب الشارع.

لم يتاجر الفيلم بقضية التحرش، ولم يقع في فخ المباشرة، بعدما أدرك صانعوه أنهم بصدد تقديم عمل فني، فما كان منهم سوى أن وظفوا العناصر الفنية لتقديم قطعة جمالية، مثلما فعلوا في استخدام الـ {فلاش باك} (استرجاع الماضي) بطريقة مبتكرة؛ فمن الوهلة الأولى يتبادر إلى الذهن أن بركة الدماء والأشلاء نتجا عن حادث التصادم الذي تعرض له {الميكروباص}، قبل أن نكتشف أن  وراء الأكمة ما وراءها؛ فمن خلال {الفلاش باك}، الذي لا يتم اللجوء إليه كثيراً في أفلام التحريك، نتابع أكثر من وجهة نظر في الأسباب التي قادت الحافلة، ومعها {الجدي} و{الخفاش}، إلى هذا المصير المفجع؛ على رأسها أن {الجدي} (السائق) كان مُدمناً، بل يعمد (مثل عشرات نلتقي بهم كل يوم) إلى {لف السيجارة، وتدخينها، في قلب مقصورة القيادة، ومن ثم يسير بسرعة جنونية، ويعيش عالماً من الهواجس يتوهم، خلاله، أن كل النساء اللواتي يراهن في الشارع عاريات، ويسيل لعابه لمن تنجح أكثر في إغوائه، طمعاً في الفوز بموطئ قدم في الحافلة التي يستقلها، ومن ثم ينتهي الأمر بالكارثة المأساوية التي جرت في الشارع.

لم نكن بصدد فيلم تحريك بصورته التقليدية، بل فيلم تراجيدي، بمعنى الكلمة، أو ربما فيلم {أكشن}؛ إذ توافرت فيه، وله، مواصفات الدراما، والإثارة التي بلغت ذروتها من النضج والوعي مع القراءة الثالثة لحادث التصادم؛ حيث تستسلم {الفرخة}، وترفع الراية البيضاء، وتوافق، مُرغمة، على زيارة الطبيب النفساني، تشكو إليه ما تعانيه من تحرش ذكوري، وإذا بها تُفاجأ أن الطبيب هو نفسه {الجدي}، فتخرج عن طورها، وتلقنه علقة ساخنة، ومن مشهد إلى آخر يتأكد لنا أن بركة الدماء لم تكن ناتجة عن حادث التصادم فحسب، بل  عن صراع دموي ومواجهة عنيفة بين المجتمع الذكوري و{الفرخة} التي أخذت على عاتقها انتزاع حقها بعد طول تجاهل ومعاناة وظلم ... وتحرش!

الجريدة الكويتية في

18.04.2014

 
 

هل توقف الأزمات الرقابية عرض {بنت من دار السلام}؟ 

كتب الخبرروميساء إبراهيم 

يبدو أن موسم الصيف السينمائي الحالي حافل بالمشاكل، فبعدما اعترض مجلس حقوق الطفل على عرض فيلم {حلاوة روح} بطولة هيفاء وهبي وإخراج سامح عبد العزيز، توجه وفد من أهالي منطقة دار السلام، إلى جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، للمطالبة بمنع عرض فيلم {بنت من دار السلام} المتوقع طرحه قريباً مهددين بحرق دور العرض التي ستعرضه. يذكر أن الفيلم من إخراج طوني نبيه، بطولة راندا البحيرى ورحاب الجمل.

يتمحور {بنت من دار السلام} حول منال، فتاة من حي دار السلام بقلب القاهرة، تحصل على الثانوية التجارية، ثم تخرج إلى سوق العمل، فتقرر الزواج من رجل يكبرها 30 سنة، وفجأة تكتشف مرضه النفسي، ويحاول قتلها في النهاية.

يحتوي  الفيلم مشاهد {عنيفة} أقرب إلى السادية، وأغنية {سي السيد}  التي تحمل دلالات جنسية، وتغنيها الراقصة شاكيرا، وقد أثارت جدلاً على الـ {فيس بوك} بسبب الألفاظ النابية التي تحتويها بالإضافة إلى ملابس شاكيرا المثيرة في الكليب، وارتفعت مطالبات بضرورة منع هيئة الرقابة على المصنفات الفنية عرض الفيلم، فيما وجه كثر اللوم إلى نقيب الموسيقيين، لإعطائه ترخيصاً للأغنية  مؤكدين أنها تهدف إلى إثارة الغرائز.

لا للتهديدات

يؤكد المخرج أحمد عواض، رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية،  أن الرقابة لا ترضخ لأي تهديدات من أي جهة، لكنها تنفذ القانون في ما يخص السماح بعرض الأفلام، موضحاً أن جهاز الرقابة هو الجهة الوحيدة المسموح لها باتخاذ قرارات خاصة بعرض الأفلام.

يضيف أن  ثمة مشاهد يرى جهاز الرقابة ضرورة حذفها لأنها غير ملائمة تبعاً للقانون، وأنهم طلبوا من القيمين على الفيلم حذفها لسخونتها وخروجها عن اللائق.

بدوره يشير مخرج الفيلم طوني نبيه إلى أنه لن يلتزم بالملاحظات التي طلبتها منه الرقابة، {لأنها تخل بالسياق الدرامي وتؤثر سلباً على الفيلم}، على حد تعبيره، نافياً استغلاله مشاهد الجنس في دعاية الفيلم، ومؤكدا أنه تعمد ألا يخدش الحياء أثناء التصوير، وأنه نفذ هذه المشاهد بشكل محترم.

سي السيّد

تلفت شاكيرا، إلى أنها فضلت عدم الظهور ببدلة رقص تقليدية، لذا فكرت في رسم كفوف على البنطلون الذي ترتديه، مشيرة إلى أنه مجرد «كف» وليس فيه ابتذال، مؤكدة أنها أرادت تحقيق اختلاف فحسب، وأن  برومو الفيلم لا يستخدم ألفاظاً وإشارات جنسية بل هو «محافظ جداً»، على حدّ وصفها.

أما عن كلمات الأغنية التي قدمتها في الفيلم وتقول فيها «سي السيد إيه بلا نيلة» تقول شاكيرا إنها من تأليفها، وهي مستوحاة من قصة الفيلم، خصوصاً  أن بطله  يحاول أن يثبت للعالم أنه «سيد الرجالة» خارح بيته في حين أن الأمر مختلف تماماً  في الحقيقة.

تبدي راندا البحيري دهشتها من الحملة ضد الفيلم، مؤكدة أنه ليس فيلماً جريئاً، بل فيلم فني، حتى أن فربق العمل يخشى من تصنيفه كفيلم مهرجانات، لا سيما أن مخرجه عمل مساعداً ليوسف شاهين وخالد يوسف، وهو مخرج موهوب ولا يهدف إلى إثارة الغرائز، هذا ما يؤكده فيلمه الأول «صندوق خشب»، وهو روائي قصير، شارك في مهرجانات دولية وحصد جوائز.

تضيف أن الجدل حول الفيلم ربما يكون بسبب تطرقه لمشكلة شائكة، للمرّة الأولى، بهذه الواقعية، مؤكدة أن البرومو لم يصنع خصيصاً للدعاية، بل مشاهده موجودة في السيناريو الأصلي للفيلم.

الجريدة الكويتية في

18.04.2014

 
 

بجانب الرومانسية والكوميديا والقصص الإنسانية 

مهرجان اسطنبول السينمائى يخترق التابو ويقدم عوالم المثليين

إسطنبول: سيد عبد المجيد 

قبل أسابيع ثلاثة ، أعلن عن فوز كاسح لحزب « العدالة والتنمية الحاكم « بالانتخابات المحلية، التي جرت وقائعها في الثلاثين من مارس المنصرم ، ومع هذا يكتنف البلاد إجمالا وإسطنبول مركزها النابض ، حالة من الغموض إضافة إلى هواجس نحو ما قد يحمله الغد من أخبار ربما لا تكون سارة ، خاصة والجدل قائم حول نتائج يراها البعض غير حقيقية.

في ظل هذه الأجواء انطلقت ليالي مهرجان إسطنبول السينمائي ، وميدان تقسيم نفسه الذي يحتضن معظم الدور التي تحتضن أفلامه لم يعد هو ذاته مقارنة بالعام السابق إذا بدا غريبا وقاتما من فرط تغييرات اضاعت معالمه التي اعتاد عليها مريديه .

ولعل القائمين على فاعليات الدورة الثالثة والثلاثين والتي يسدل عليها الستار بعد غد الأحد ( 20 أبريل ) أن يتنفسوا الصعداء وان ينعموا بالسعادة حتى وإن كانت نسبية ، ومرد ذلك هو أن ما يقود القرار بالاناضول لم يترك منفذأ إبداعي إلا وحاصره بدءا من الميديا مرئية ومقروءة مرورا بمواقع التواصل الاجتماعي وانتهاء بالتويتر واليوتيوب وكون المهرجان نجا من الحصار وظل بعيدا عن أعينه فهذا إنجاز يحسب له بيد أن العدالة والتنمية الحاكم لم يتقرب منه أو يتدخل في إدارته ، فليس هناك موانع أو توجيهات بعرض هذا وحجب ذاك.

صحيح تجنب المهرجان الولوج في تجاذبات ونقاشات سياسية لا طائل من ورائها إلا أنه في الوقت نفسه لم يضع عراقيل أمام أعمال بعينها فلا وجود لاي تابو أو محرمات ومن ثم حفلت لياليه برؤي فنية مغايرة وجديدة لا تنفصل عما تموج به استديوهات السينما في العالم وكان لافتا إستحداث قسم خاص تمحورت مفرداته حول عوالم المثلية الجنسية التي يبدو إنها صارت واقعا يرصد على الشاشة الفضية سواء في الولايات المتحدة وأوروبا وأمريكا اللاتينية ،والدليل على ذلك أن أقساما مختلفة ضمت أفلامها شخوصا مثليون أيضا .

ورغم أن بولندا كان لها قسط وافر من العروض ، إلا أن السينما الفرنسية تمكنت من مزاحتمها كما كيفا ، من حيث لغتها السينمائية من جانب وما طرحته من معالجات إنسانية ثرية من جانب آخر ، منها هذا الشريط الآخاذ المعنون CASSE-TÊTECHINOIS أو « لغز الحب » وفق الترجمة التركية ، وصنعه واحد من مبدعيهاCédric Klapisch ، وفيه بدت تفاصيله شديدة الصخب مفعمة بالاثارة ، وعلاقات أسرية متشابكة تقابلها رومانسية نابضة مثيرة عن الحب والغازه وتورات فيه التراجيديا أمام طوفان من الكوميديا الراقية والبسيطة في آن ، وبطل الفيلم RomainDuris الذي وجد نفسه وسط أتون من المشاكل العائلية بدا وكأنه قرر أن يتحداها ولكن على طريقته متجاوزا ما قيل عن الحياة التي ليس فيها إلا الألم والمرض والشيخوخة والموت ،و على نحو فانتازي استدعي من القرنين الثامن والتاسع عشر قمتين فلسفتين عشر وهما الالمانيان آرثر شبنهور ( 1788 ــ 1860 ) الكاره للنساء محور مصائب العالم ، وجورج ويليهام فريدريش هيجل( 1770 ــ 1831)المثالي وفنومينولوجيا ( ظاهرايات ) الروح لعلهما يخرجانه من مأزقه الوجودي وحيرته وتنازعه بين موطنه باريس ومكان إقامته بنيويورك الصاخبة المضطر إليه كي يكون قريبا من أطفاله.

من المدينة الأمريكية إلى أخري فرنسية على المتوسط ، غير أن الانتقال سيكون إلى ما هو مفجع ومأساوي عندما تصبح الحياة مرادفة للعيش مع الاشعاع وذلك من خلال عمل يحمل دلالات شتى أنه «المحطة النووية» NÜKLEER SANTRAL  للفرنسية  « Rebecca Zlotowski « التي تعود بعد سبع سنوات من كتابة السيناريو لاثني عشر عملا ، لتقدم تجربتها الاخراجية الثانية مجسدة ، في مشاهد بصرية قاتمة في أغلبها ، هذا المثلث وأضلاعه العنف والعمل والحب المشع ، ومن خلال الشخصية الرئيسية ، والتي أداها الجزائري الاصل « طاهر رحيم «Tahar Rahim، وجدنا أنفسنا في أتون فساد ومقاولي عمل من الباطن وهرولة شباب مدفعون تحت الحاجة لوظيفة ومال لكن أبدانهم باتت في مواجهة مع الموت البطئ ، رغم كل الامكانيات الهائلة وضمانات الأمان إلا أن الخطأ يحدث ومع أي هفوة يخضع من تلوث بالإشعاع رجل أم سيدة لحلق شعره وحك الجسد بقسوة لعله يتخلص من ذرات التصقت بجلده ورغم البؤس تظهر شمس ونهار ومياه تتسري في جداول لتتناغم مع إرهاصات حب ومشاعر شجية تصر في النهاية على الفكاك من واقعها المأساوي.

وتواصل السينما الفرنسية حكاياتها وتقدم فيلما عنونته بــ « آيتلا مارسيل » والحق هو شريط إنساني ، الابتسامة بدت فيه ضنينة مقابل الكثير من الدراما ، تخللته موسيقي تزاوجت جملها اللحنية من كلاسيكية فيفالدي ورمانسية مندلسون واخرجتهSylvain Chomet في أول عمل طويل بعد تاريخ من إخراج أفلام الرسوم المتحركة ، هنا  Paulويؤدي الدور الممثل Guillaume Gouix الذي فقد صوته طفلا بعد مأساة مروعة أفضت بموت أمه وابيه وتمثلت في انهيار سقف شقتهم بمبني قديم يفتقر للصيانة بيد أنه لم يتحمل ثقل بيانو ضخم وضع على أرضيته ، وتتولي شقيقتا أمه ترميم الالة الموسيقة الضخمة ليعزف عليها وهو شاب ولكن دون خيال فقط أشبه بالريموت كنترول ينتظر الاشارة كي يبدأ العزف وما أن يعرف سر عذابه ، تكون بدايته الجديدة مع طفله الذي سيعيد له نطقه.

وتحت عنوان « من مناطق ملغومة « يقدم لنا المهرجان تنويعة ألمانية تبدو بسيطة ولكن مفرداتها شديدة القسوة والتشاؤم معا ، كتب لها السيناريو وأخرجها سينمائيا فيليب جورننج Philip Gröning، باسم « زوجة رجل بوليس « ، بطلاها تزوجا حديثا وانجبا طفلة ، ولكنهما يرزحان تحت وطأة ضغوط نفسية معقدة ، الزوج «بيرجمان » لا يظهر عليه سوى الوداعة ، لكنها قناع سرعان ما يكشف عن شخص سادي ، وزوجته بائسة « هنكة » يبدو وقد إستمرأت العذاب رغم إدراكها أنها تنحدر وتتهاوي إلى قاع سحيق ، أنه العجز والرغبة في عدم النجاة ، ومع العنف هناك الاغتراب والنزعة نحو التدمير وفي قلب كل هذا تنقف الطفلة شاهدة وما تراه يترسب في ذهنها تمهيدا لتصبح غير سوية عندما تشب وتخرج عن الطوق ، لتكون أما مثل أمها أو أبيها أو كليهما معا.

وفي باب عنونه المهرجان بـ « نظرة جديدة « نتوقف عند عمل رفيع المستوى من قارة أمريكا اللاتينية وتحديدا بيرو وفيلم بدون لسان DİLSİZ أو الصامت وأخرجه وكتب له السيناريو ايضا دياجو فيجا Diego Vega ، وتمحور حول شخص ، رفض المشاركة في الفساد فكان الابعاد من الوظيفة هو العقاب .

وليت تم الاكتفاء بذلك ، إذ أطلق عليه عدة رصاصات تتمكن واحدة منها من اختراق حنجرته ، ليفقد النطق إلى الابد ولأنه في مجتمع فاسد غاب فيه القانون لم يتم القبض على الضالعين المعروفين ، ويكون عزاؤه أن يعود إلى الماضي بعد أن يئس من التواصل مع زوجته فتكون الذكريات مع أمه هي الملاذ والنهاية ، وقد استطاع ، فريناندو باتشيليو Fernando Bacilio أن يجسد الدور ببراعة أستحق معها أكثر من جائزة منحها له مهرجانا لوكارنو السويسري و منيسك بروسيا البيضاء.

الأهرام اليومي في

18.04.2014

 
 

أوصلها زوجهارومان بولانسكي إلى النجومية

إيمانويل سيغنر: غالبية المخرجين لا يعرفون ماذا يفعلون

إعداد: محمد هاني عطوي

في يناير/كانون الثاني الماضي عثرت الممثلة الفرنسية إيمانويل سيغنر زوجة المخرج الشهير رومان بولانسكي على دور في فيلم "فينوس في الفراء" أقل ما يقال فيه إنه يتناسب مع مبالغتها في كل ما تقوم به، خاصة أن الفيلم كان من تأليف وإخراج زوجها المعروف أيضاً بمبالغته في طرح العديد من الأفكار في أفلامه . لكن الذي يشغل الممثلة سيغنر اليوم هو الغناء والوقوف وراء الميكروفون، فها هي تطرح ألبومها الثالث باللغة الإنجليزية بطريقة لافتة للنظر وبعيدة عن صورة المرأة الفاتنة التي ارتبطت بها منذ بدايات ظهورها، خاصة أنها مدعومة من قبل الموسيقي الأمريكي آدام شليسنجر الذي اكتشف في صوتها حساً لا يقل عن صورتها أمام الكاميرا . عن هذه التجربة الجديدة كان لمجلة "باري ماتش" الفرنسية معها هذا اللقاء

·        مع أغنية "الحبيب البعيد"، تعودين إلى حبك الأول أغاني الروك والإنجليزية؟

-أول أسطوانة أصدرتها كانت كلاسيكية الطابع أما الأسطوانة الثانية، فكنت أرغب في أن تكون بالفرنسية، لذلك قدمت أسطوانة يغلب عليها طابع "البوب" لأن في داخلي شيئاً يميل إلى المبالغة والجنونية، ولذلك أرغب في أن تكون الأسطوانة ميالة لأسلوب "البانك" وهو أمر يجعلني أنتفض من داخلي على المسرح وبكل عنفواني، وهنا أتذكر المغني ميك جاغر وهو على المسرح، الذي يحمل "ميكروفون" في جيب سرواله وتجده يتفجر حيوية ومرحاً وهو في السبعين من عمره، هذا الأمر يعجبني عند مغنيي "الستونز" فشعارهم الرضا والمرح والفرح، وهي طريقة جيدة للاستمتاع بالحياة لأننا سوف نموت جميعاً .

·        لقد أعدت تمثيل رواية "فينوس في الفراء" التي كتبها لو ريد الممثل ومغني الروك الأمريكي والذي يعتبر واحداً من المغنين المفضلين جداً لديك؟

-في المنزل كان والدي يحب الاستماع إلى بريل، وبراسينز، وبياف أما أنا فكنت في الثامنة من عمري أستمع في زاوية غرفتي إلى أغنية "شرير" للو ريد لأنني أعشقه، وبالنسبة لي هو الذي ساعدني من خلال أغانيه على اكتشاف ذاتي، وهذا أمر كان مهماً بالنسبة لي كفتاة في سن المراهقة . ولقد التقيته مرتين لكنه للأسف توفي في اليوم الذي جئت فيه إلى نيويورك لتسجيل هذه الأغنية .

·        كان عمرك 8 سنوات وكنت تحلمين بأن تكوني مغنية؟

-منذ طفولتي، كنت أود أن أكون مثل ميك جاغر، وليس مارلين مونرو وكنت أريد دائماً أن أكون مغنية موسيقى روك، ولكن الحياة أخذتني إلى مكان آخر، ففي سن ال،14 بدأت بالعمل عارضة أزياء وفي سن ال،17 التقيت جان-لوك غودار (مخرج أفلام فرنسي وأحد أبرز أعضاء حركة الموجة الجديدة السينمائية) وصورت فيلم "المخبر" ثم عملت فيلم "المحمومة" مع بولانسكي، والحقيقة أنه كانت تسكنني، دائماً رغبة دفينة تعد المحرك الأول في حياتي وهي الاستمتاع بما أعمله، فالمال، والنجاح، والجوائز كلها أمور لا أعيرها اهتماماً أبداً ويمكنني أن أقبل تصوير فيلم ما لمجرد أننا نصوره ونشتغله في مكان جميل . في المقابل رفضت مشروعات مهمة لأنه كان علي أن أذهب إلى بلغاريا، وقلت أنني لا أوافق على ذلك إلا إذا كان المخرج هو مارتن سكورسيزي . ولذلك تجدني لا أشتغل إلا القليل من الأفلام، كما أن مسألة استيقاظي في الصباح هي الكابوس بالنسبة لي، فضلاً عن أنني أعتقد أن أغلبية المخرجين لا يعرفون ماذا يفعلون

·        كنت من المحظوظات جداً لأنك بدأت العمل في وقت مبكر مع مخرج مثل رومان بولانسكي، فهل عانيت معه من النظر إليك باستمرار على أنك لعبته الخاصة التي يتصرف فيها كيف يشاء؟

-في البداية كان الأمر صعباً لأنني كنت صغيرة السن وهذا يحدث الآن في بعض الأحيان، ولكنني اليوم أرى الأمر بطريقة أخرى لأنه لا يكاد يتوقف عن إطرائي ودعمي، والواقع أنني في سن 19 - 20 عاماً، تعرضت لجرح نفسي ولكن مع مرور الوقت تعلمت كيف تسير الأمور وأن مجرد تفريغ الشحنة هو أمر إيجابي .

·        ما هي الفرصة التي جعلتك تفكرين جدياً في الغناء؟

-أولاً استفدت من كوني ممثلة معروفة، في تسجيل ألبوم "ألترا أورانج" في سن الأربعين، ومنذ تلك اللحظة، بدأ المخرجون ينظرون إلي بشكل مختلف .

·        الكثير من الممثلين الشبان لديهم عدد من الارتباطات مع الصحافة ويوقعون عقوداً مع علامات تجارية فاخرة قبل أن يدخلوا عالم الشهرة . . ما رأيك؟

-لا أريد أن أكون مجرد معطف يُلبس حيناً ثم يرمى بلا اكتراث . لقد ساهمت في الترويج لدور أزياء مشهورة مثل "سان لوران"، و"توم فورد"، و"مارك جاكوبس"، و"سيلين"، و"موسكينو"، و"جاب" . . ولكن في كل مرة كانت هناك قصة لها علاقة بالفن . ما يزعجني هو أن تصبح الفنانة سلعة استهلاكية . وبطبيعة الحال كلنا يحب المال، ولكن للأسف أصبحت السينما مجرد "بزنس" تجارة فقط . وأنا أعاني كثيراً من هذا الأمر .

·        تحتفلين هذا الصيف بمرور 25 عاماً على زواجك من رومان بولانسكي فما سر نجاح هذه العلاقة؟

-أعتقد أنه الحب، ولكن في الحقيقة لا أعرف . فنمط عائلتي كان دائماً عبارة عن أزواج متحدين، والدي ووالدتي ما زالا سوياً منذ خمسين عاماً، وتوفي جدي محروقاً ثم لحقته جدتي بعد تسعة أشهر . ولذا أعتقد أننا مبرمجون كي نكون عائلة موحدة .

·        لم يعد من العدل أن تستمر الممثلة حتى سن الشيخوخة أمام الكاميرات فهل تواجهين هذا الأمر برباطة جأش؟

-في الوقت الراهن، أقول لا بأس، وما زلت قادرة على التحمل، ولكن عندما سأصبح عجوزاً سأمثل دور المرأة العجوز وأنا لست خائفة من هذا الأمر، ولا أفكر في ذلك أصلاً ولن ألجأ إلى أشياء غريبة لا تتناسب مع عمري "كالبوتوكس"، وشد الوجه . أنا أفضل أن يشيخ وجهي بدلاً من أن أبدو كائناً فضائياً مسخاً .

الخليج الإماراتية في

18.04.2014

 
 

رائعة سعيد مرزوق:

«زوجتي والكلب» في مترو المدينة

ريما عيتاني 

لا يمكننا استخدام مصطلح سينما المؤلّف من دون التوقف عند سعيد مرزوق. استطاع المخرج المصري أن يحجز مكاناً بين مخرجي جيله، وخصوصاً باكورته الروائية التي نشاهدها مساء الاثنين المقبل ضمن الموعد الشهري الذي ينظّمه «نادي لكل الناس» و«مترو المدينة» لعرض كلاسيكيات الفن السابع

إحياءً «لعراقة السينما العربية والمصرية تحديداً»، يقدّم «مترو المدينة» شهرياً، بالتعاون مع «نادي لكل الناس»، فيلماً عربياً من أرشيف السينما المصرية. وقع الاختيار هذه المرّة على «زوجتي والكلب» (1971) لسعيد مرزوق (1940) الذي نشاهده عند السادسة والنصف من مساء الاثنين في «مترو المدينة». لا يمكن الحديث عن مصطلح سينما المؤلف من دون التوقف عند سعيد مرزوق الذي استطاع أن يحجز لنفسه مكاناً بين مخرجي جيله.

لم يدرس السينما، لكنه راقبها عن قرب وتعلّق بعالمها بعدما شاءت الظروف أن يكون منزله بالقرب من «استديو مصر». هكذا، ألمّ بالقراءة وانكبّ على صقل موهبته بمتابعة التقنيات، فكانت له مدرسته الخاصّة. أخرج مرزوق فيلمين قصيرين وبعض الأعمال التسجيلية، إلى أن أنجز باكورته الروائية الطويلة «زوجتي والكلب» (1971) التي قلبت موازين السينما المصرية المعتادة. كسر مرزوق القيود لناحية الرؤية الإخراجية، والتصويرية ولا سيما لغة المونتاج.

تدور أحداث الفيلم معظم الوقت بطريقة داخلية جوّانية، وتحديداً حول أفكار وعواطف الممثل الرئيسي مرسي (محمود مرسي) الذي يعمل في فنار منطقة معزولة، يرافقه معاونه الشاب نور (نور الشريف). ترك الأوّل زوجته (سعاد حسني) بعد شهر العسل، فيما يكتفي نور بدور الصديق والمحدّث الدائم لمرسي، الذي يروي له مغامراته مع النساء وخصوصاً المتزوجات. يكتفي الشاب اليافع نور بجمع صور بعض النساء العاريات، «هواية» تعززها خبرته القليلة مع النساء. وعندما يقرر تمضية إجازته في المدينة، يكلّفه مرسي توصيل رسالة إلى زوجته. من هنا تبدأ دوّامة الشك لدى مرسي، متخيّلاً أنّ زوجته تخونه مع نور.

لم يبتعد مرزوق في هذا الشريط عن الوضع الإنساني والسيكولوجي والاجتماعي لممثليه. اعتمد أساسيات سينما المؤلّف بطريقة متشرذمة، كالحياة نفسها. أعطى أهميةً لكل ما هو جمالي، معتنياً بالشكل الفني للصورة. ولأنه الحرفي في مجاله، ارتكز لديه الإخراج، والمونتاج، والتصوير على مقوّمات سينما المؤلّف.

إخراجياً، اهتم مرزوق بلغة الصورة، واختار أماكن تصوير تتوافق وعلاقة الممثلين في ما بينهم من جهة، ومع الأماكن من جهة أخرى. هكذا، يبتعد الفنار عن أبسط متطلبات الحياة، ويدلّ على عزلة الشخصيات ووحدتها، كأنه منفى أو سجن.

شكّل الفيلم درساً ومرجعاً فنياً متفرّداً في بلاغة الصورة والمونتاج

حتى إنه يعكس حالة الاضطراب والقلق والحرمان التي يعانيها الريّس مرسي ونور. أما البحر، فظهر كبطل آخر، متماهياً مع بطولة محمود مرسي. هو المضطرب والهادئ معاً، المرتطم بالصخور، كارتطام الريّس مرسي بالشك والقلق والفراغ. يمكننا القول إنّ الإخراج ما كان ليبلغ هذا الحد من الحرفية الفنية، لولا تعاون مرزوق مع عبد العزيز فهمي الذي كان أحد أهم مديري التصوير في العالم العربي آنذاك. أظهر فهمي قدراته في الفن التصويري، والنتيجة صورة جديدة وحديثة، عزّزتها الكادرات الجميلة، والإضاءة الطبيعية التي منحتها بعداً درامياً واضحاً. أما شخصية الكلب، فلم تنجُ من المقارنات الذكية. تارةً، كانت رمزاً للحب والوفاء، وطوراً رمزاً للحرمان الجنسي. أتى المونتاج داعماً للصورة البلاغية، وخصوصاً عبر استخدام الذكريات أو الفلاش باك التي شاهدناها مع مرسي، وتذكره لمغامراته مع زوجته، وشكّه المرضي بخيانتها له. ورغم اللقطات السريعة في العمل، استطاع مرزوق أن يمنحنا اكتفاءً، من الناحية الفنية والتقنية خالقاً إيقاعاً مشوقاً ومتسلسلاً لتصاعد الحبكة الدرامية. جعل مرزوق من «زوجتي والكلب» أيقونة للسينما المصرية، وتحديداً سينما المؤلف، ومرجعاً فنياً متفرّداً في بلاغة الصورة، ما منحه مكاناً بين أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.

«زوجتي والكلب» لسعيد مرزوق: 18:30 مساء الاثنين 21 نيسان (أبريل) ــ «مترو المدينة» (الحمرا _ بيروت) _ للاستعلام: 76/309363

إحياء تحف الفن السابع

في حديث مع «الأخبار»، شدّد مدير «نادي لكل الناس» نجا الأشقر على أهمية «زوجتي والكلب»، باعتباره تحفة فنية في تاريخ السينما المصرية. يحرص النادي بالتعاون مع «مترو المدينة» على عرض فيلم من المكتبة السينمائية العربية كل شهر بهدف «إحياء هذه الأفلام النادرة، لأنها قليلة في الأسواق، ولأنّ ابتعادها عن النمط التجاري يجعل عروضها التلفزيونية شبه معدومة». ويضيف الأشقر أنّ هذه الأفلام تلقى استقطاباً واسعاً، وخصوصاً لدى الجيل الشاب، وتلامذة المسرح والسينما. لهذا يسعى النادي جاهداً إلى «تطوير هذه العروض وتكثيفها وإنشاء نواد سينمائية في الجامعات».

الأخبار اللبنانية في

18.04.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)