كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

"مهووسة جنسيا"- الجزء الثاني: إفراط دون إشباع!

أمير العمري

 

كتبت من قبل عن "الجزء الأول" من فيلم "مهووسة جنسيا" Nymphomaniac للمخرج الدنماركي لارس فون تراير بعد أن شاهدته في مهرجان برلين السينمائي. ولم أجد الفيلم مثيرا من الناحية السينمائية والفنية عموما، بل كان استنتاجي أنه عمل موجه من البداية لكي يصدم، ويستفز المشاهد، لا لكي يفكر ويبحث في نواح جديدة، فلسفية وإنسانية ترتبط بمغزى الجنس وجوهره، بقدر ما كان مقصودا منه إستفزاز ودفعه للاعتراض والاحتجاج وابداء مشاعر النفور والصدمة، وكلها تحقق شيئا لدى ذلك الطفل المشاغب- لارس فون ترايير- الذي إعتاد مداعبة جمهوره مداعبات ثقيلة!

ولكن رغم جملة الملاحظة الأولية التي أبديناها على الجزء الأول، لم يكن ذلك الجزء يخلو من مشاهد مصنوعة جيدا، فيها بعض لمحات فون تراير المتميزة القديمة كما في فيلمه "تكسير الأمواج" (1996) Breaking the Waves مثلا، كما في المشهد الذي يجمع بين بطلته "جو" (شارلوت غينسبرغ) ووالدها الموشك على الموت، الذي يرقد على فراش المرض في المستشفى، وما يدور بينهما من حوار (ربما يكون الأمر قد إختلط علينا أمام هذا المشهد عندما رأيناها تمارس الجنس مع رجل تصورنا للوهلة الأولى أنه أبوها نفسه، في حين أنه غالبا الطبيب المعالج له!).

وكانت هناك أيضا الكثير من اللمحات الطريفة الساخرة التي تصل إلى حد الكوميديا السوداء، في المشهد الذي تصل فيه إلى مسكن "جو" إمرأة في منتصف العمر مع أربعة أطفال هم أبناؤها، بعد أن قرر زوجها أن يهجرها لكي يعيش مع "جو" تحت غواية الجنس الذي لا يعرف حدودا. وكل هم المرأة- كما تقول لجو- أن تجعل الأولاد يشاهدون "فراش العهر" الذي سيضم اباهم مع عشيقته!

كان الجزء الأول ينتقل من الحوار الممتد بين البطلة "جو" وبين ذلك الرجل المتقدم في العمر (سيجيلمان) الذي ينقذها بعد تعرضها للضرب وبعد أن يعثرعليها ملقاة في الشارع الصغيرالذي يقيم به، وكيف تشكو له من كيف أنها اكتشفت أنها مصابة بالهوس الجنسي، وأنها لا تعرف سببا لهذه الحالة ولا تعرف ما إذا كان هذا الهوس يعتبر "خطيئة" أم "ضرورة"، نهما طبيعيا، أم عهر لا مبرر له!

إسقاطات شخصية

في الجزء الثاني يستكمل فون تراير هذا الحوار ويكشف عن مزيد من اسقاطاته الشخصية من خلال ما تقوله "جو" للرجل الذي أنقذها (سيلجمان) الذي أصبحت كما تقول، تعتبره "الصديق الوحيد الذي يمكنها الثقة فيه" (هل ستستمر هذه الثقة حتى النهاية!)، وما تعبر عنه مغامراتها" المتعددة التي توالي قصها عليه، لعله يجد لها تفسيرا عجزت عن العثور عليه، بل تكتفي بالقول أنها اكتشفت وهي في الثانية من العمر، رغباتها الجنسية ثم أصبحت مولعة بعضوها الجنسي!

هنا نرى كيف تتزوج جو من حبيبها (جيروم- شيا لابوف) الذي كان أول من فض بكارتها – كما شاهدنا في الجزء الأول- بناء على طلبها، وأنجبت منه طفلا أيضا، لكنها سرعان ما تسأم الحياة الزوجية بحثا عن تلك اللحظة المثيرة التي تحقق لها إشباعا لا تشعر به مع الزوج- الحبيب- الرجل الأول- الأب.. ونرى كيف تهمل ابنها تماما وكيف يكاد الطفل يفقد حياته بسبب إهمال الأم ولامبالاتها، وتصل إلى التردد على "عيادة" مخصصة لممارسة السادية على النساء تحقيقا لمشاعر مازوخية، ربما تحقق لها نوعا مختلفا من المتعة.. وكيف تتعرض للجلد بمنتهى القوة والقسوة على يد شاب محترف، لا يعرف لغة المشاعر، بل يقول لها من البداية إنه لن يمارس معها الجنس أبدا مهما حاولت، بل إنه يؤدي فقط وظيفته التي تنقده أجره عليها.

تذهب "جو" أيضا إلى مصحة للعلاج النفساني تديرها امرأة، تحاول تشجيعها على الادلاء بتجربتها أمام مجموعة من النساء على طريقة العلاج بالمشاركة الجماعية  أي ما يعرف في الطب النفسي بـ group therapy لكنها بعد أن تعترف أمامهن بفخر في البداية بأنها نجحت في الامتناع عن ممارسة الجنس لمدة اسبوعين وخمسة أيام، تعود في جلسة تالية لصب اللعنات عليهم جميعا وعلى مديرة المصحة وتبدي اعتزازا كبيرا بنفسها وبما تفعله وتتمسك بميولها الجنسية التي تؤكد في مشهد آخر لسيليجمان أنها تعتبرها "أقوى طاقة لدى الإنسان".

تسعى جو هنا أيضا إلى تجربة الجنس مع شاب أسود تختاره بنفسها من الشارع، ثم كيف يلحق به شقيقه لكي يمارس الاثنان معها الجنس في وقت واحد، وكيف يضيع الاثنان الوقت في المناقشة والجدل بلغة لا تفهمها جو، حول الوضع الأنسب الذي يجب اتخاذه، وينتهي الأمر إلى التخلي عن الفكرة برمتها، ثم كيف تتحول جو نفسها إلى ممارسة السادية على الرجال الذين يتلذذون بالضرب والايذاء، بل وكيف تنجح في ايقاظ الميل لمضاجعة الأطفال عند رجل لم يكن يعرف شيئا عن تلك الرغبة الشاذة الكامنة في داخله، مما يجعله ينهار في ضعف وذلة أمامها.

وعندما تستقل "جو" وتحاول الاستفادة بخبرتها مع الرجال واستثمارها في العمل في مجال جمع الديون المتأخرة، تستعين بمساعدة لها، طبقا للنصيحة التي يوجهها لها الرجل الذي كانت تعمل له (يقوم بالدور وليم دافو الذي شارك شارلوت غينسبرج بطولة فيلم فون ترايير الأسبق "المسيخ الدجال" Antichrist). لكن مساعدتها الشابة التي لا تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها تكشف عن ميول جنسية مثلية، تقيم أولا علاقة مثلية حامية مع جو، قبل أن تهجرها الى رجل وقعت في غرامه، فقد اكتشفت- على ما يبدو- أن تجربة الجنس مع الرجل أكثر أثارة!   

هوس بالفكرة

هذه القصص والحكايات لا تقيم بمفردها فيلما، ولا يمكنها أن تؤسس لعمل سينمائي متماسك يحقق المتعة البصرية للمشاهد، بل يظل "أهم" ما فيها جرأتها في تصوير "المسكوت عنه" أو "ما لم يكن من الممكن تصويره من قبل في السينما"، فنحن هنا نشاهد بوضوح وفي لقطات قريبة، ممارسة الجنس الفمي، والاستمناء، والمثلية الجنسية النسائية، والسادية والمازوخية، ولكن ما يتناقض تماما مع الفكرة الأساسية للفيلم عن تلك الشخصية "المهووسة جنسيا"، كونها لا تتلذذ قط بما تمارسه من جنس، أو على الأقل، هذا ما يفشل الفيلم في التعبير عنه تماما، فهي تمارس ما تمارسه ببرود وكأنها مدفوعة بتجربة عقلانية باردة انطلاقا من فكرة نظرية، أكثر من البحث الحقيقي عن "اللذة"، أي أنها ليس من الممكن ببساطة، اعتبارها "مهووسة بالجنس"- طبقا لعنوان الفيلم ولما تقوله عن نفسها، بل مهووسة بالفكرة النظرية المجردة عن الجنس.

إن تجريد الفيلم زمانيا ومكانيا، لا معنى له هنا، بل ولا يضيف شيئا للموضوع، فنحن لا نعرف أين تدور الأحداث بالضبط (رغم أننا نشاهد بوضوح أوراقا نقدية من فئة الجنيهات الخمس الاسترلينية، أي العملة الإنجليزية)، بالاضافة إلى اختلاط اللهجات التي ينطق بها الممثلون نتيجة تعدد الجنسيات، وذلك الحوار المصطنع الذي يبدو مترجما الى الانجليزية، وتعمد إخفاء معالم منزل سيليجمان وتصوير جدارن الغرفة التي تدور فيها الحوارات بين الاثنين وكأنها جدران كهف، أو ربما، مهبل مبتل- حسب استقبال كل مشاهد على حدة بالطبع!

ويجب أن نضيف أن كل ما يصوره فون تراير مع بطلته في حواراتها الممتدة مع ذلك الرجل (المثقف) وهو يحاول إضفاء "فلسفة ما" على كل ما ترويه عليه من حكايات، ورد هذه المواقف والحكايات إلى أصول فكرية وفلسفية وعلمية، من كتب الحشرات والفلاسفة، من عالم السياسة والمعتقدات الدينية وعلوم الحيوان- يعجز رغم ذلك- عن تقديم الأسباب الموضوعية التي جعلت بطلته تصبح على ما أصبحت عليه، أي "مهووسة بالجنس".

لقد استعرض فون تراير في الجزء الأول من الفيلم، أعراض الحالة وتجلياتها، وجعل المتفرج متأهبا للحصول على تفسير حقيقي: درامي أو نفساني أو تاريخي حياتي، يمكن قبوله. لكنه انتهى إلى ممارسة نوع من العبث في معالجة الموضوع، مفضلا أن يبقي الأمر لغزا.

ويجب أن نضيف أخيرا، أن "الجزء الثاني" يفتقد كثيرا الى روح المرح التي كانت تخفف من وطاة وقسوة ما شاهدناه في الجزء الأول، كما يختلط هنا الأسلوب بحيث يصبح الفيلم- قرب نهايته- أقرب إلى أجواء الفيلم البوليسي الرديء، وينتهي نهاية لا علاقة لها بمسار الفيلم من البداية بأكمله!

إنه فقط يفسر الاعتداء الذي تعرضت له "جو" لكنه لا يفسر أي شيء بعيدا عن ذلك، بحيث أننا نخرج منه بعد المشاهدة، دون أدنى إشباع. ويبقى فيلم فون تراير عملا أقرب ما يكون إلى أفلام "البورنو" الجنسية، بعيدا عن أفلام الفن، فهو يفتقد التماسك على نحو واضح، رغم براعة إخراج مشاهد محددة منفصلة، ونجاحه في الإيحاء بأن أبطاله يمارسون الجنس أمام الكاميرا، وتتعرض بطلته للجلد كأبشع ما يكون، رغم إستعذابها له! 

عين على السينما في

15.04.2014

 
 

فيلم"عمر":

القفز عن الجدار والمشي على السجاد الأحمر

طارق خميس * 

كان فيلم "عمر" قاب قوسين أو أدنى من الأوسكار، ومع أنه لم يحصل على جائزة أوسكار للفيلم الأجنبي، إلا أنه سار على السجادة الحمراء، وهي المرة الثانية لمخرجه الفلسطيني هاني أبو أسعد التي يقترب فيها من الجائزة، حيث سبق هذا الفيلم فيلمه "الجنة الآن" الذي يقال إن الضغط الصهيوني حال دون فوزه بحجة أنه ينتصر للعمليات الاستشهادية، ونحن نعلم أن الماكينة الإعلامية الصهيونية تقيم ضجة على أي شيء بغرض تكريس الفوبيا من مقاربة القضايا الشائكة، هذا يعني أن معارضة عدوك لك ليستسببًا كافيًا لرضاك عن عملك.

ليست الأعمال الفنية مقالًا سياسيًّا حتى يكون الاصطفاف حولها بمنطق "لنا أو علينا"، ثم إن الفن رغم المنطق الداخلي الذي يحكم وجوده إلا أنه لا يكتفي بذاته كمبرّرَ للوجود؛ سينمائيًّا العمل الفني محكوم من اللقطة الأولى حتى انسدال الستار بخلق أشياء موجودة لكن ليست كما هي بالفعل، بل هو مشغول بها كيف تبدو بعد عبورها من خلال "الأيديولوجيا"، هذه الكلمة التي أصبحت مشبوهة إذا ما ذكرت في سياق عمل فني. بالطبع هي لا تعد رديفًا للشعاراتية والمباشرة التي تفسد العمل الفني في كثير من الأحيان، بل يمكننا القول: إنها المقولة وقد تخففت من وضوحها المتوقع، وصاغت نفسها جماليًّا.ومنذ ميشيل خليفي - رائد إخراجالسينما الفلسطينية من المباشرة والخطابة - والنقد يكرر ذاته حول كيفية التحدث عن فلسطين فنيًّا دون أن أكون مبتذلًا؟ لاحقًّا أصبح السؤال: كيف سأتحدث عن فلسطين دون أن تكون هي فلسطين تمامًا؟.

هل يكفي للعمل أن يكون مليئًا بالحجارة والأسلحة حتى يكون جماليًّا في السياق الفلسطيني؟! كما أن هذا السؤال مشروع فإن السؤال عن غياب فلسطين لتحل في خلفية المشهد كديكور ثوب فلاحي في معرض لشركات الاتصالات الفلسطينية هو مشروع أيضًا، ليس شرطًا لكل فيلم يخرج من فلسطين أن يتناول "الثيمات" المعروفة عن فلسطين حتى نعده كذلك، ثم إن حضورها بحد ذاتها لا يثبت شيئًا.

فيما يتعلق بفيلم"عمر"، فنحن أمام عمل لم يكن رومنسيًّا بشكل ناضج لنعتبره كذلك، وهو أيضًا لم يكن"أكشن" بما يكفي، ولا هو سياسي فلسطيني بالمعنى المباشر أو الموارب الذكي؛ نحن أمام عمل أراد أن يكون كل ذلك لأنها "ثيمات"كافية للوصول، فَلَمْ ينجح في أن يكون أيًّا منها، لكنه وصل بالفعل.

في حوار مع مخرج الفيلم هاني أبو أسعد، يقول إن قصة الفيلم مستوحاة من مسرحية "عطيل" للكاتب الشهير شكيسبير(الثيمة الشهيرة غربيًّا)، وفي حوار آخر بلغة أخرى يقول: إن القصة سمعها من أحد الناس وكتبها في أربع ساعات لتكون انعكاسًا صادقًا عن معاناة شعبنا، ومابين اللغتين يولد "بوسترين" دعائيين للفيلم، الأول: للجمهور العربي، يظهر فيه بطل الفيلم عمر (آدم بكري) ونادية(ليم لوباني) وهما ينظران لبعضهما البعض وخلفهما جدار الضم والتوسعة، فيما أن "البوستر" المعد للجمهور الغربي، وباللغة الإنجليزية، يُظْهَرُ عمرًا يقبل نادية(وهي القبلة الوحيدة داخل الفيلم) وخلفهما سماء زرقاء، ومضاف له عبارة لانجدها في البوستر العربي وهي: "an incredible love story".

التركيز على المقاربتين ليس نقدًا دعائيًّا أو ما شابه، بل هو مقدمة للقول إننا أمام عمل يتقدم باتجاه الأوسكار"الجائزة الأمريكية"، ويعرف بالضبط ما هي اللغة اللازمة لذلك. بالطبع ليس عيبًا أن يكون لديك بضاعة وتعرف الأدوات اللازمة لتسويقها، لكن حين لا تنجح في حجب العملية التسويقية فإن حسي بالبضاعة سيطغى على حسي بالعمل الفني بالضرورة.

الفيلم من الداخل

امتاز الفيلم من الداخل بلقطات قصيرة ومتوسطة، وهو الاختيار الذي ينسجم مع طابع أفلام "الأكشن" غالبًا، ولذلك نجد فقرًا ملازمًا في الحوارات التي خاضها الممثلون، خاصة حين يتعلق الأمر بحوارات الحب؛ وإن كان الفلسطيني "بيعرف يبوس" كما أراد أن يخبرنا البوستر الأجنبي، لكنه لا يعرف أن يخوض حوارات الحب، فظهرت حوارات مرتبكة وفقيرة، واحتاج المخرج هنا لصورة كلاسيكية لتعزيز هذا الفقر، فبطل الفيلم مازال يستخدم الرسائل الورقية ليراسل حبيبته، وهي طالبة مدرسة، في تعزيز للصورة الكلاسيكية ذاتها.

على مستوى الحبكة وتسلسل الأحداث، لم يكن الأمر مقنعًا بشكل كاف؛ يبدأ الفيلم بمشهد القفز عن الجدار بواسطة حبل طويل، وبحسب المنطقة التي جرى التصوير فيها "قرية أبوديس"، فإن هذا المشهد يبدو غير مألوف، إذ عادة ما يستخدم السلّم الطويل، أو إحداث ثغرة ما في الجدار للمرور..الخ، لكننا أمام اختيار لطريقة تبدو "أكشنية" بامتياز؛ ثم إن العادة جرت لمن "يُهَرّبْ" إلى أراضي الــ"48" أن يعود من الحاجز، فحواجز الدخول إلى أراضي الـ"67" لا تفحص هويات الناس عادة، لكنّ الحاجة للإثارة أهم من هذا التفصيل الواقعي.

ثم سرعان مايبدأ إطلاق النار على عمر الذي يقفز عن الجدار هاربًا، ليلاقي هناك صديقيه طارق وأمجد، وبالطبع حبيبته نادية (شقيقة طارق). تتفق المجموعة على تنفيذ عملية ضد معسكر إسرائيلي، ومنذ هذه اللحظة ستبدو القصة العسكرية خلفية لقصة الحب، وهذا بالطبع لا يعيب الفيلم، لكنه يؤثر في حبكته كما سنرى، لدرجة جعلت العميل هو ذاته من يقتل الجندي الإسرائيلي!

تتحول المجموعة للمطاردة، فتبدأ أول محاولة للقبض على المجموعة حين يطلق طفل صغير تحذيرًا: "مستعربين"، فنفاجأ برجال شرطة بزيهم الرسمي وليس مستعربين (الذين يتشبهون في أزيائهم وملامحهم بالعرب الفلسطينيين) لاحقاً تداهم القوات بيت عمر في مدينة نابلس، وتكون عبارة عن قوات شرطة إسرائيلية، لكن الفلسطينيون المقيمون في الضفة يعرفون جيدًا أن من يقوم باعتقالهم هي قوات الجيش وليست الشرطة، هل هذا خطأ عابر؟ لا أعرف، إذا جمعنا له ثلاثة مشاهد في السجن لاتنتمي للسجن الذي يخبره الفلسطيني حقيقة، تبدأ مع تقدم شاب يعرّف نفسه بأنه من "حماس" بطريقة مصطنعة  ليسأل عمر عن تنظيمه فيتجاهله عمر، مع أن الأسير يمر بعملية الفرز التنظيمي قبل دخول غرف السجن، ومن ثم يتناول وجبة الطعام من "بوفيه مفتوح"(محاكاةً لصورة مكان الطعام في الأفلام الأجنبية)، ويجلس في مقابل أسير آخر، يتضح فيما بعد أنه المحقق ذاته، لكنه يلعب دور العصفور "العميل المتنكر" داخل السجن، ولا أعرف - في حدود علمي - عن حالة يكون فيها العميل هو ذاته المحقق، لكن كما يبدو فإن الهدف هنا إضافة بعض التشويق.

يذهب العميل برفقة عمر من أجل الاعتذار لطارق، يريد أن يعتذر عن كونه خائن وقام بمعاشرة شقيقته أيضًا، وهي الآن حامل منه. خلال هذا المشهد يكون عمر حاضرًا بهدف معرفة أمر العميل، وفي ساقه جهاز تعقب وضعته المخابرات الإسرائيلية، ولايرى في ذلك أي خطر على المجموعة!

لم يكن المهم بالنسبة لـ"عمر" تصفية العميل ولا حماية المجموعة، ولا كل هذه التفاصيل، المهم هو إنقاذ نادية من قصة حملها بتزويجها لأمجد، وقد أدى ذلك بطريقة متكلفة لمقتل طارق، قائد المجموعة، لتظهر بعدها جنازة طارق بأعلام الفصائل الفلسطينية وهي تحمل الشعار ذاته، صورة قبة الصخرة وسلاح!كافٍ أن "تدج" رموزًا مثل السلاح وقبة الصخرة لكي تشير لهذا الشيء الواحد الذي اسمه "فصائل"!

الجماعة الهامشية والمشكلة الفردية

إن العلاقة التي يقيمها هاني أبو أسعد بين البطل المقاوم وفصيله المقاوم، هي علاقة خارجية دائماً، فالتطور كان إنساني الطابع في علاقة عمر بالمحقق(كما يؤكد مؤدي الدور وليد زعيتر في إحدى حواراته)، لكنه كان خارجياً محفوفاً بالشك والقلق مع فصيله المسلح، وهذا تأكد في مشهد تعيين القائد الميداني الجديد؛ حيث يوحي مجمل المشهد أنّ ثمة قائد عصابة تسلم زمام الأمور، ويريد أن يصفي حساب الخائن فيما تعامل عمر معه بتجاهل تام.

بالطبع وارد حدوث هذا في الواقع، ولكن عندما نتحدث عن تكرر نفس الفكرة في العملين الأهم لهاني أبو اسعد "الجنة الآن"و "عمر" فنحن وقتها أمام اختيار أيديولوجي، يحاول إعادة إنتاج صورة المقاوم الفرد بعلاقة ملتبسة مع فصيله، يحكمها الشك والريبة، والانتماء لها نفعي استخدامي من كلا الطرفين، وبما أننا سنتعاطف مع البطل لأننا واكبنا تطور شخصيته؛ فالفصيل يحضر هنا كآخر غامض وقلق ومثير للإزعاج، تظهر شخصية البطل بتطور مستقل أنشأته ظروفه الخاصة جداً بمعزل عن السياق الجماعي والتنظيمي،  ويحمل داخله تطور إنساني فردي مبرر لفعله المقاوم، وكأن الفعل المقاوم محتاج لمبرراته الشخصية الخاصة.

لابدّ أن يكون للفعل المقاوم منطلقاته الشخصية المستمدة من شعور الفرد بسياق سياسي جماعي، يصبغه لاحقا بإحساس على المستوى الوجودي أو العكس؛ لكن بالطبع هذه العملية أشد تركيباً من شعور بالعار كما في فيلم "الجنة الآن" أو شعور بالخديعة وخسران الحبيبة في فيلم "عمر".

مع بطل فلم "الجنة الآن" يظهر لنا السياق الفردي مرتبط بالشعور بالعار، فوالد البطل عميل  قتلته المقاومة مما شكل لديه دافعاً رئيسياً ووحيداً لتنفيذ العملية الاستشهادية، فيما صديقه -الذي بدا قوياً طوال الفيلم- تفكك كل منطقه الاستشهادي في حوار عابر خاضه مع فتاة مغربية، حتى وصل بشكل سريع إلى استنتاج هو أشبه بالكليشيه: "العيش لفلسطين أهم من الموت لأجلها" وكأنّ هذه الثنائية الوهمية لا تكتفي بتبرير "اللافعل" بل تتعالى على الفعل أيضاً.

ثنائية "التشويه" و"التمثيل"

في الحالتين يطلق أبطال هاني أبو أسعد رصاصتهم الأخيرة، فالمشاهد الختامية لديه أذكى من أن تكون ذات طابع تراجعي اعتذاري عن الفعل المقاوم، لذلك يندفع التأييد المبدئي للعمل من خلفية تعوّدت التشويه المباشر للعمل المقاوم. ربما علينا أن نتجاوز  الثنائية الاختزالية التي تحصر مقارباتنا النقدية ضمن: "التشويه" و"التمثيل" فيما يتعلق بالأعمال التي تقارب فلسطين فنيًّا، ونقفز خلف هاتين المقولتين نحو فحص المنطق الداخلي للأعمال وسياقاتها ومقولاتها التي توارت خلف تواتر المشاهد، ليس لنستخرج الوحش من داخل العمل، بل لنحافظ على مسافة نقدية مع الأعمال التي ترفع فلسطين وكأنها تذكرة كافية للمرور.

* ناقد من فلسطين

عين على السينما في

15.04.2014

 
 

الثورة الكردية الصامتة في (روج آفا) بعيون أسبانية

عدنان حسين أحمد 

ضمن قائمة الأفلام الوثائقية التي عرضها مهرجان لندن للفيلم الكردي في دورته الثامنة التي لما تزل مستمرة بشكل من الأشكال حيث يعرض المهرجان شهرياً بعض الأفلام بالتعاون مع بعض الجامعات البريطانية وبعض المؤسسات الكردية الفاعلة في المشهد الثقافي والسينمائي على وجه التحديد. وفي هذا المقال سنقدّم قراءة موسعة لفيلم "الثورة الصامتة" للمُخرجَين الإسبانيَين ديفيد مسوغير وأوريول غراسيا الذي عُرض عرضاً عالمياً أولاً في المهرجان المذكور الذي يرأسه ويفعِّل أنشطته المتنوعة الأستاذ عطا مفتي.

لم تحظَ الثورة السورية باهتمام كبير من قِبل المخرجين السوريين أو العرب ولم تأخذ حقها من الرصد والتوثيق بسبب قساوة الحرب ووحشيتها وخطورتها على طاقم العمل السينمائي برمته سواء أكان سورياً أم عربياً أم أوروبياً. لذلك لجأ بعض المخرجين الأجانب ومنهم الأسبانيَان ديفيد مسوغير وأوريول غراسيا إلى مدينة عفرين التي تقع شمال غربي حلب ضمن إقليم كردستان السوري الذي يُطلقون عليه اسم "Rojava" ويعني بالكردية "الغرب"، فكردستان مقسّمة إلى كردستان شرقية وغربية، وشمالية وجنوبية. وقد وقع اختيار المُخرجَين الأسبانيَين على مدينة عفرين تحديداً لأنها آمنة أسوة ببقية مدن الإقليم الكردي وقراه المتناثرة وسط طبيعة مُشجرة خلاّبة.

رصانة السرد

لم تنبثق رصانة السرد من فراغ فلقد بنى  المخرجان فيلمهما الموسوم بـ "الثورة الصامتة" على قصة سينمائية قوامها الحبكة القصصية المتقنة، والسرد السلس الناجم عن أسئلة ذكية تستهدف إجابات محددة أفضت جميعها إلى النتائج والخلاصات التي يريدها المخرجان اللذان كتبا السيناريو كما وضع أوريول غراسيا لمساته على التصوير أيضاً. إنَ انتقاءهما للشخصيات التي لم يسبق لها أن مثّلت من قَبل كان دقيقاً إلى درجة أن الطالبة الصغيرة والمغنية شيرين باكو كانت مفوّهة جداً ولم تتلكأ على مدار الإطلالات الثلاث وهي تسرد حكايتها وتتحدث عن أحلامها الشخصية وتطلعاتها المستقبلية من دون أن تنسى ذكر أفراد عائلتها الذين تشتتوا في المنافي العربية والأوروبية.

قد لا يستطيع كاتب السيناريو أو المخرج أن يؤثث قصته السينمائية جيداً لذلك يلجأ إلى ملء الفراغات بواسطة "الفويس أوفر"، تماماً كما حصل في هذا الفيلم، إذ أطل السارد المُحترف كولن مورغان سبع مرّات على مدار الفيلم الذي بلغت مدته خمسين دقيقة حيث أحاط المتلقي بمعلومات شافية وافية رسمت له طبيعة المشهد السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والعسكري.

يمكن القول إن هناك عشر شخصيات رئيسة ساردة إذا أضفنا إليها صوت الراوي "الفويس أوفر" وهي إيبو سيدو، علي علي، كولزار، شيرين باكو، جودي عفرين، مصطفى رشواليك، أبو محمد، روش، وسينام محمد، وهناك أيضاً شخصيات ثانوية قد لا تقل أهمية عن الشخصيات الرئيسة لكن أدوارها محددة وظهورها خاطف ولا يتكرر أكثر من مرة كما هو الحال في مشد زيارة قبور الشهداء في القامشلي، عاصمة الإقليم، أو  في مشهد التدريب العسكري للفتيات، أو في الاحتفال بمناسبة نوروز في ظل غياب السلطة الحكومية القامعة وما إلى ذلك من مشاهد كثيرة لا يمكن حصرها جميعاً في مقال واحد

مستويات السرد

لا شك في أن مستويات السرد تختلف من شخصية إلى أخرى، خصوصاً إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن هذا الفيلم يزدحم بالثيمات الرئيسة والفرعية لعل أبرزها الطفولة، الصبا، الشباب، المرأة، الإعلام المرئي، القائد أوجلان، السياسة، التهجير القسري، اللغة الكردية، الحكم الذاتي، الأحزاب الكردية، الغناء، الموسيقى، الأناشيد الوطنية، الدبكات، الاحتفال بنوروز وبعض المناسبات الوطنية، هذا إضافة إلى التحرر من ربقة الجلاد وحكومته المستبدة التي تفتك بشعبها يومياً أمام أنظار العالم البليد الذي لم يحرِّك ساكناً حتى الآن.

يستهل المخرجان فيلمهما بمشهد أُسَري حميم على الرغم من أن الأبوين ينهمكان في إعداد البندقية ذلك لأن كولزار تريد أن تذهب لتأدية واجبها عند حاجز التفتيش في مدخل المدينة فلقد انتمت إلى وحدات الحماية الشعبية بعد أن أمضت سبعة وعشرين يوماً في دورة تدريبية قصيرة أهلّتها لهذه المهمة التي لا تخلو من بعض المخاطر على الرغم من الهدوء الذي يخيّم على إقليم كردستان السوري برمته. لقد أسند المخرجان هذا الدور إلى كولزار، الأم التي تعتني بثلاثة أولاد صغار ولا تجد ضيراً في أن تتركهم في المنزل كي تقضي بعض الساعات عند نقطة التفتيش. هذا الاهتمام بالمرأة سيتكرر على مدار الفيلم بدءاً بالصبية الصغيرة، والفتاة اليافعة، مروراً بالمرأة الناضجة، وانتهاءً بالسيدة الطاعنة في السن، بل أننا كمشاهدين لم نعرف حتى اسم زوج كولزار الذي يبدو أن المخرجَين قد غيّباه عمداً كي يوحيا للمشاهد بأنهما مهتمان بالأنثى على وجه التحديد أكثر من الذكر. لقد التقينا بالتلميذة والمغنية الصغيرة شيرين التي لا تكتفي بالغناء الوطني فقط، وإنما تشرح واقع الحال الذي تمرّ فيه أسرتها المشتتة حيث تعيش أختها في العراق، بينما يدرس أخواها في ألمانيا، أما أبوها فقد هاجر إلى السعودية بهدف تأمين الرزق الحلال.

الحضور السياسي

السرد السياسي له حصته في هذا الفيلم فثمة شخصيات سياسية عديدة أبرزها إيبو سيدو، مصطفى رشواليك وسينام محمد وكلهم أعضاء في حزب الاتحاد الديمقراطي. وقد طرح ثلاثتهم آراءً مهمة بصدد القضية الكردية في سوريا. فقد تعرّض إيبو سيدو إلى التعذيب والإهانة والإذلال واتهموه بأنه صديق لأعداء السلطة الحاكمة بدمشق، وأنه إرهابي فخلعوا ملابسه ورشقوه بالماء البارد فردّ عليهم بأنه وطني ومجرد شخص كردي لا غير. أما تمنياته لهذا الإقليم فلم تتعدَ الديمقراطية والعيش من دون تفرقة أو تمييز بغض النظر عن النظر عن العرق واللون والديانة والطائفة. فالعدالة هي همهم الرئيسي والمساواة هي هاجسه الأول والأخير

لا يختلف مصطفى رشواليك كثيراً عن إيبو سيدو فهو كمنتمٍ لحزبٍ ديمقراطي يدعم الثورة السلمية لكنه يخشى من السلطة المستبدة أن تقمع أصواتهم، فهو يريد للمثقفين أن يقودوا الجماهير الكردية، ولا يتمنى أن يُترك زمام الأمور للسلفيين، أو للمجموعات المتطرفة، أو للأحزاب والمنظمات الدينية التي لا تتماشى مع روح العصر. وعلى الرغم من هامش الحرية الذي تحقق خلال سنة كاملة إلا أنه ما يزال ينظر إلى أن الثورة لم تحقق شيئاً للمواطنين العاديين الذين هاجر بعضهم ولا يزال بعضهم الآخر مرابطاً ضمن حدود الوطن المستباح من قِبل القوات الحكومية من جهة والمتطرفين والجماعات المسلحة من جهة أخرى. يدعو رشواليك إلى التعاون والتنسيق بين مسعود البارزاني ومراد كارايلان بغية تأسيس اللجنة العليا الكردية كي تتفاوض أطرافها المتعددة بصوت واحد مع المعارضة السورية وتحقق في خاتمة المطاف الانتصار لشعبها الكردي في سورية.

مثلما حضرت الطفلة الفنانة، والمرأة المقاتلة، حضرت المرأة السياسية بقوة فسينام محمد التي تنتمي للاتحاد الديمقراطي أيضاً انتقدت الأطراف المتحاربة كلها واصطفت إلى جانب الأمهات الأتراك والأمهات الكرديات اللواتي فُجعن بأبنائهن مُذكرةً إيانا بالمثل الإنجليزي الذي يفضل حدوث المعارك على طاولة المفاوضات وليس على جبهات القتال لأن الثمن، في الحالة الثانية، سيكون باهضاً ومأساوياً في آنٍ معا.

اللغة الكردية لها حصتها في هذا الفيلم وقد جسّد هذا الهاجس المعلِّم (علي علي) الحاصل على شهادة جامعية في الصيدلة لكنه فضّل تعليم الأطفال متطوعاً، إذ يعتقد أنه يقدم خدمة كبيرة لمجتمعه وللأطفال الكرد على وجه التحديد. فعلى مدى خمسين عاماً كانت اللغة الكردية ممنوعة حتى أنه لم يكن يتقن القراءة والكتابة باللغة الكردية لأنه لم يدْرسها بشكل منهجي لذلك انتظم في أحد الصفوف وبدأ يدْرس على يد معلّم أصغر منه سناً، ثم تطور رويداً رويداً إلى أن أصبح معلماً متمكناً من تدريس اللغة الكردية للأطفال الصغار. وهو يعتقد في قرارة نفسه أنه لا يعادي أحداً، وكل الذي يطالب به هو حقوقه المشروعة لا غير.

الهجرة القسرية

مثل غالبية الأسر الكردية تعرضت أسرة علي إلى القمع والاضطهاد فهاجر ثمانية من أولاده إلى كندا، واثنان إلى ألمانيا، ولولا قسوة النظام الحاكم لما شهدت هذه العائلة هجرة جماعية بحيث بدأ الوالدان يشعران بعزلة مقيتة. وكل الذي يتمناه علي هو أن يخدم أبناء شعبه إلى أن يموت لكنه لا يريد للغته أن تموت معه

تجسدت فكرة الهجرة القسرية في شخصية أبي محمد الذي نزح من مدينة حلب واستقر في قرية مجاورة لكن هذه القرية لم تسلم هي الأخرى من القصف فغادرها متجهاً إلى عفرين، المدينة الآمنة التي ساعده الناس فيها كرداً وعرباً وكانوا طيبين معه إلى درجة كبيرة.

أما معاناة الإعلام المرئي الكردي فقد تمثلت بجودي عفرين الذي يعمل لمصلحة تلفزيون "روناهي" الذي قدّم بثاً تجريبياً على مدى ثلاثة أشهر قبل أن ينطلق في بثه الاحترافي الدائم، وتحدث عن الصعوبات التي كان يواجهها الإعلامي الكردي وهو يعمل خلسة بغية الحصول على الأخبار والمعلومات. وبما أن الشعب الكردي لم يعهد سماع اللغة الكردية من قبل بسبب قمع النظام السوري لهم فقد اندهشوا حينما شاهدوا قناة "روناهي" تبث بالكردية حتى أن العديد قد انخرط بالبكاء حينما سمع اللغة الكردية تنساب من شاشة التلفاز.

ربما تكون الشخصية التاسعة "روش" هي الأكثر سلمية ذلك لأنه قائد وحدات الحماية الشعبية لكنه لم يهاجم الثُكنات العسكرية في المنطقة وإنما انتظر انسحاب وحدات الجيش والشرطة والعناصر الأمنية التابعة للنظام الاستبدادي وحلّ محلها من دون أن يحرق العلم السوري أو يتلف التجهيزات التي خلفتها الوحدات العسكرية والأمنية. وجدير ذكره أن وحدات الحماية الشعبية لا تقتصر على كرد عفرين حسب وإنما تمتد إلى العرب والتركمان والآشوريين والشركس إضافة إلى تواجد المسيحيين والإيزيديين وبعض الطوائف الأخرى الصغيرة.

عبدالله أوجلان

يحتل القائد الكردي عبدالله أوجلان مساحة كبيرة من هذا الفيلم حيث رأينا كولزار وهي تشرح لزوجها عن سيرة حياة أوجلان وأبيه الصامت دائماً، وأمه ذات الشخصية القوية

لقد بلغ تعلّق الأكراد في إقليم روج آفا بأوجلان إلى حد الهتاف بصوتٍ عال (أن لا حياة من دون أوجلان) وهذا يعني أن شعبيته طاغية جداً في غرب كردستان وأن شهرته وقيادته قد تجاوزت شمالي كردستان إلى جنوبيها وغربيّها في آنٍ معاً. وربما هو متواجد بذات القوة في شرقي كردستان أيضاً لأن الأكراد وكل الشرفاء في العالم يتعاطفون معه بوصفه مقاتلاً من أجل الحرية وحق تقرير المصير، فهو ليس قائداً محلياً، وإنما هو قائد لمشروع كردستان الكبرى وإن كانت هذه القيادة لا تلقى ترحيباً كبيراً من منافسه القوي السيد مسعود البارزاني الذي أنجز حكمه الذاتي من جهة، وحقق دولته الفيدرالية ضمن الحدود العراقية المتعارف عليها، وهو قريب جداً من إعلان دولته الكونفيدرالية التي تسبق إعلان الدولة الكردية المستقلة أرضاً وشعباً وحكومة.

لا يكتفي الفيلم بإطلالاته على بعض العادات والتقاليد الكردية لذلك توقف المخرجان عند عيد نوروز والاحتفالات التي تُقام بهذه المناسبة الرمزية لما تنطوي عليه من مقاومة للظلم والاستبداد والتعسّف وقد انتهى الفيلم بمشاهد الألعاب النارية التي تتفجّر في سماء روج آفا.

تحتاج إطلالات الراوي (الفويس أوفر) إلى مقال منفرد وذلك لأهميتها في رفد الفيلم بالكثير من المعلومات عن أكراد سوريا ودورهم في هذه الثورة الصامتة التي تذكِّرنا بأسلوب المهاتما غاندي الذي طرد الاحتلال البريطاني بثورته السلمية وقاد سفينة الهند إلى برّ الأمان.

لابد من الإشادة بدور أوريول غراسيا كمدير للتصوير، وبعلي رضا أوزكان على موسيقاه المعبِّرة المنبثقة من روحية الشعب الكردي وفرحه الباذخ الموزّع في عموم كردستان. أما الرؤية الإخراجية لصانعي الفيلم فقد كانت متفردة وأنتجت فيلماً وثائقياً هو أقرب التحفة الفنية منه إلى فيلم وثائقي عابر.

الجزيرة الوثائقية في

16.04.2014

 
 

صدمة المسرح الأفغاني في وثائقي يوناني

قيس قاسم 

آنيتا باباثنسيو، ممثلة مسرحية ومخرجة يونانية قادها مشروع ثقافي إلى العاصمة الأفغانية كابول، وهناك، حيث كان مقرراً لها أن تقدم محاضرات تطبيقية في قسم المسرح التابع لكلية الفنون الجميلة، التقت مجموعة طالبات أفغانيات سردن لها قصصاً عن حياتهن وعشقهن للمسرح الذي سبب ويُسبب لهن مشاكل لا تحصى ويُعرض حياتهن لمخاطر قد يكون الموت من بينها!  فقررت من هول ما سمعت تسجيلها في وثائقي أرادته صادماً، لمن لا يعرف البلاد وأحوالها، مكتفية بما يوفره لها الوقت ومساحة حركتها المحدودة لإنجازه متجنبة، رغم كل الظروف الصعبة التي أحاطت عملها، عبور فيلمها حدود الوثائقي إلى الريبورتاج التلفزيوني.

وزعت صاحبة "اللَعب بالنار" وثائقيها، الذي عرض في الدورة 16 لمهرجان تسالونيكي للأفلام الوثائقية، على مستويات عدة، وعبرها حاولت تقديم جوانب جديدة، التقطتها عيناها وسجلها وعيها لأول مرة في بلد لم تعرف عنه الكثير، وبخاصة عن مورثه الثقافي الذي طمسته الحروب الأهلية ورسخت وسائل الإعلام صورة نمطية عنه تُولد في الذهن انطباعاً بأن الحياة فيه خاوية والموت المجاني سمتها اليومية الوحيدة!. المكان.. كان من بين المستويات المهمة، التي شجع انخفاض سقف توقعات مخرجته اليونانية من زيارتها للبلد، على بروزه بشكل استثنائي، ولهذا السبب كانت كابول نفسها من أشد الصدمات قوة لبصرها لأنها لم تتوقع وجود ما رأته  فيها من مظاهر مدنية فيها  الكثير من مشتركات المدن الحديثة التي تعرفها: عمران وبنايات، شوارع مكتظة بالسيارت، جامعات وطلاب يدرسون فيها علوماً وفنوناً. صدمة المكان الأولى امتصها وعيها بسرعة ثم انتقل إلى منجزها البصري، بوصفه شرطاً وثائقياً، لا يستقيم نقل الأحداث والشخوص التي تتحرك وسطه من دون الإحاطة بتفاصيله وأجوائه. لم تفتعل كاميرتها مشاهد يومية بل صورت ما وقع أمامها من تفاصيل الحياة في المدينة وحركة ناسها ما سهل على مشاهدها فهم ما سيليها من مستويات على صلة مباشرة بفكرة الفيلم، وأكثرها مدعاة للانتباه علاقة نساء المدينة بالمسرح ومن بينهن المممثلة طاهرة هاشمي التي اتفقت معها المخرجة على لقاء مطول حال وصولها كابول ولكنها اختفت فجأة

اختفاء الممثلة قاد الوثائقي إلى تشعبات ودروب كثيرة، خاصة وأن المخرجة كانت قد رتبت لمقابلتها الكثير من الأسئلة المتعلقة بتجربتها في المسرح ونجاحاتها التي تكللت  بفوزها بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان كابول المسرحي وقيامها بتأسيس أول مسرح نسوي في البلاد. قصة طاهرة وما سيليها من تفاصيل ستقوم المخرجة بالتعليق عليها لتمد من خلالها الوثائقي بعناصر شخصية يغدو بفضلها مزيجاً من انطباعات مخرجته وأحداثه المستقلة عنها

من خلال السؤال عن طاهرة ظهرت ممثلات غيرها تشاركن معها نفس المصير: حب المسرح. حب شبه مُحرم على الفتيات في بلد ذكوري بامتياز ومع هذا كانت كلية الفنون ومعهد المسرح تشهد عروضاً تقوم ممثلات بأداء بعض أدوارها فيُعرضن حياتهن ومستقبلهن بسببها للخطر. في مشهد "مسرحي" ملتبس يغدو هذا المستوى الذي يعرض الوثائقي تفاصيله غير مفهوم كلياً. في صفوف المعهد تؤدي بعض طالباته أدواراً تجريبية بشروط تعجزية لا تفهمها الإغريقية الآتية من موطن المسرح، من بينها عدم السماح بأي اقتراب جسدي بين الممثل والممثلة ولا القبول بوجود تعابير عاطفية هذا غير تقييد النص بضوابط تفقده الكثير من معناه. شروط لا تتوقف عندها الممثلات كثيراً فبالنسبة إليهن المهم الاستمرار في الدراسة وتقديم العروض والأهم تجاوز الصعوبات والتخلص من الضغوطات الاجتماعية المسلطة عليهن، فالكلام المشاع عنهن مخز والأهل يعاملونهن كخارجات عن الطريق وكثيراً ما يُخيرونهن بين دراسة العلوم أو ترك المعهد إلى الأبد.

في محاولة للإحاطة بعالم المسرح الأفغاني ينفتح الوثائقي على شخصيات قدمت حقائق مدهشة ذات صلة بتاريخ البلاد ومسرحها، الذي شهد فترات ازدهار كان يقدم خلالها عروضاً يومية تحظى بقبول وحب الجمهور، واستمر في تقديم الجديد  حتى آواخر التسعينيات عندما اشتعلت الحرب الأهلية وجاءت "طالبان" غلى الحكم فغدا الذهاب إلى المسرح جنوناً، في ظل وجودهم في السلطة وفي ظل ظروف عامة كان العنف فيها يخيم على كل زاوية من زوايا المدينة. إذن كيف نفسر حماسة وإصرار الطالبات. هل هو نوع من الجنون أم أنه مغامرة  تشبه مغامرة اللعب بالنار؟ أسئلة وقفت أمامها اليونانية حائرة وأرادت إيجاد أجوبة معقولة عنها عبر التقرب أكثر من الفتيات أنفسهن. اختارت الحديث مع منيرة أخت طاهرة، فما زال غياب الأخيرة محيراً ويدفعها للبحث. من تشعبات الحديث فهمت بأن أختها موجود الآن في برلين وأن أهلها طلبوا منها عدم العودة لتلقيها تهديات بالموت بعد عرض مسرحيتها "الجدار" في التلفزيون. لقد اعتبر المحافظون ظهورها أمام الناس وهي تؤدي دور المهرج بحركاته البهلوانية والمضحكة خروجاً عن التقاليد والأعراف ولا بد من إيقافها نهائياً. حكاية طاهرة  وعائلتها تفسر ما كانت تظنه المخرجة جنوناً أو لعباً بالنار. فالعائلة وخلال الحرب الأهلية هاجرت إلى إيران وهناك أرادت طاهرة دراسة التمثيل ولم تنجح، لأن الظروف في إيران لا تسمح  للمهاجرة أن تكون ممثلة فقررت العودة إلى كابول لتدرس الفن في جامعتها! لم تتوقف حماستها فأسست مسرحاً خاصاً، يقدم عروضاً للكبار والأطفال ويضم قسماً لإنتاج الأفلام السينمائية القصيرة. موهبتها وعشقها للمسرح كان وراء عودتها وهذا ما يفسر وجود غيرها رغم كل التهديدات. إنها الصدمة القاسية للإغريقية المُشبعة بتاريخ مسرحي حافل، جاءت في زيارة لبلاد يتعرض من يشتغل بهذه المهنة للموت والازدراء. أي ثمن تدفعه الفتيات من أجل عشقهن لفن تأسست ملامحه في بلادها ومنها انتشر في بقاع الأرض وازدهر؟ أسئلتها عن الأثمان الغالية قادتها إلى مقابلة عدد من الفتيات صرحن لها بخطورة وضعهن وخشيتهن من الموت بعد قتل ممثلة كانت تعمل مع طاهرة. لقد قتلها مجهولون بعد خروجها من المسرح مباشرة، وهناك غيرها خُطفن من الشارع وانقطعت أخبارهن.

من مفاجآت "اللعب بالنار" أن والد طاهرة كان من بين المتحمسين لاستمرار بناته في التمثيل على النقيض من الأغلبية التي رفضت بشكل تام ممارسة الفتيات لهذا "العبث" كما تجلى في لقاءات رتبها الوثائقي مع مجموعة أشخاص عاديين في شوارع كابول وكانت أجوبتهم قد اجتمعت أغلبيتها على أن: المرأة للبيت وتربية الأولاد ولا يصح أن تقف مع رجل غريب فكيف إذا سمحت له بمسها؟. تناقض يكشف عمق الهوة  بين عشاق المسرح والموقف الاجتماعي منه، ويفسر بدوره مخاوف الفتيات وتفكير بعضهن بترك العمل فيه رغم تطمينات أساتذة المعهد لهن وتكرار دعم الحكومة للعمل فيه باعتباره فناً لا يحرمه الإسلام ويساهم في توعية الناس. حيرتها وصعوبة تفسير مما تراه أمامها دفعها إلى المضي أكثر في تقصي الموقف من المسرح ولماذا يكُن الناس له كرهاً ما دام كان معروفاً عندهم منذ فترات طويلة؟ إلحاحها قاد الوثائقي للبحث في الموقف السياسي وتعارضاته مع التقاليد الاجتماعية الثقافية الأفغانية. فالكثير من الحركات السياسية الدينية الناشطة على الساحة الأفغانية تقوّي موقفها من خلال التقليل من شأن المرأة عموماً واعتبار كل نشاط توعوي مسعى للحد من نفوذ القيم الإسلامية والأخلاقية!؟. لقد تعكزت تلك الحركات على نظرية "قداسة" المرأة وعدم السماح للمسرح والسينما  بتنجيسها ولهذا بررت وقوفها ضدهما، يقابل موقفهم المتشدد قبول ضمني للمسرح بين الأوساط المتعلمة وحماسة شديدة له بين الفتيات يصعب تصديقها ما أذهل الإغريقية وجعلها أكثر التصاقاً بقضية الممثلات وطالبات الفنون الجميلة وعليه وبدلاً من أن تعود إلى أثينا قررت زيارة طاهرة في برلين لتتعرف على ما تصنعه هناك. كان لقاءً مليئاً بالحيوية التي نقلتها غليها الشابة الطموح وهي تقوم بالتدرب على عرض مسرحي جديد باللغة الألمانية يحكي عن تجربتها وتجربة عاشقات المسرح، توقعت له أن يحدث صدمة عند عرضه كالتي يحدثها الوثائقي "اللعب بالنار" عند مشاهديه.

الجزيرة الوثائقية في

16.04.2014

 
 

الفنانة الهندية شبانه عزمي:

أفلامي غيرت أفكار المجتمع

بقلم:   هناء نجيب 

الفنانة الهندية شبانه عزمي، من أشهر ممثلات بوليوود فى السبعينات والثمانينات وحتى الان، تنتمي لعائلة فنية، فوالدها كيفي عزمي ووالدتها الفنانة المشهورة شوكت عزمي وأخوها بابا عزمي المصور السينمائي الشهير، ثم تزوجت من الكاتب والشاعر جافيد اكتر. 
يبلغ رصيدها الفني أكثر من مائة فيلم. نالت العديد من الجوائز المحلية والعالمية، لها نشاط اجتماعي كبير، لذا تم اختيارها سفيرة للنوايا الحسنة للهند بالأمم المتحدة، ودخلت معترك الحياة السياسية لتدافع عن حقوق مواطني بلدها ضد الفقر والتميز فى كافة أشكاله. حضرت مع مجموعة الفنانين والمثقفين للمشاركة فى مهرجان الهند على ضفاف النيل، ليؤكدوا للعالم كله ان مصر أمنة. 

فكان لـ"صفحة السينما" معها هذا الحوار لتحدثنا عن مشوارها الفنى وسينما بوليوود ونشاطها الاجتماعي ومشاركتها السياسية. 

·        حضرتي أكثر من مرة لمصر. فما هى الأسباب وهل تجدين اختلافا فى شعبية المتفرج المصري تجاه سينما بوليوود؟ 

هذه هى الزيارة الثالثة لى لمصر، الأولى كانت منذ زمن بعيد في رحلة سياحية، والثانية عام 1995 حيث شاركت كرئيسة لجنة التحكيم بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، اما هذه المرة فقد حضرت بتشجيع من نفديب سوري سفير الهند بالقاهرة، ضمن الوفد الهندي المشارك فى مهرجان الهند على ضفاف النيل، لتعريف المزيد عن الثقافة الهندية للشعب المصري وكذلك إرسال رسالة للعالم كله ان مصر أمنة. اما بخصوص شعبية الفيلم الهندي فإنها قلت عن المرة السابقة والتي لمستها وقتها حيث هناك ولع الجمهور بنجوم بوليوود مثل اميتاب بتشان، ولعل هذا يرجع لعدم تواجد الفيلم الهندي فى مصر. 

·        هل انتماؤك لعائلة فنية كان له تأثير بان تصبحي فنانة؟ 

هذا صحيح. فقدت شربت الفن منذ الصغر، فأمي الفنانة شوكت عزمي كانت تحملني الى أماكن التصوير منذ كان عمري أربعة شهور، وهذا يرجع بالطبع إلى أنه لم يكن لدينا وقتها حيث هناك ثمن جليسة أطفال، ومن هنا كانت البداية المبكرة لزرع حب الفن فى نفسي، بالإضافة الى اشتغال أبى وآخى أيضا فى المجال الفني. 

·        لماذا تختفي النجمات فى سينما بوليوود سريعا ويظهر جيل من الشابات عكس النجم الرجل؟ 

لعل هذا يرجع إلى ان الجمهور يهتم أكثر بقضايا الشباب، وان كانت هناك نجمات لهن تاريخ فنى طويل يلعبن أدوارا كبيرة، مثل مادهورى ديكسيد، كما ان هناك صناعات سينمائية أخرى فى الجنوب مثلا تتناول قضايا اكثر تنوعا. 

·        هل هناك اختلاف فى صناعة السينما فى السبعينات والثمانينات عن الآن؟ 

نعم هناك فرق. فألان السينما الهندية تقدم جميع النوعيات، كذلك تستخدم تقنيات فنية عالية نتيجة التقدم التكنولوجي وكل ذلك اثر على التصوير بطرق حديثة. ولكنني ارى انه يجب الاهتمام أكثر بالسيناريو. 

·        لماذا تركزين على قضايا المرأة فى معظم أفلامك؟ 

بالفعل معظم أفلامي تناقش قضايا المرأة وحقوقها المفقودة، كما أننى ارفض ان العب دور ا تظهر فيه المرأة ضعيفة ومتدنية، وانا سعيدة بأنها كلها لاقت استحسان الجمهور وحققت نجاحات. 

·        ما هو أكثر فيلم كان له مردود اجتماعي من ضمن هذه الأفلام؟ 

فيلم "ارت" عام 1984، اى منذ 30 عاما وهو يحكى قصة زوجة هجرها زوجها ليذهب الى امرأة أخرى، ورغم ذلك أصرت الزوجة على مواصلة رحلة الحياة وحدها وتكافح، وبالفعل نجحت وأصبحت قوية الشخصية، وعندما عاد لها زوجها رفضت الرجوع اليه، كانت هذه النهاية تعد مخاطرة من جانبي أنا ومن المخرج بأن تكون النهاية غير سعيدة مثل كل الأفلام الهندية، بالإضافة الى ان الزوج رغم اعتذاره لزوجته بعد ان عاد رفضت تماما، وهذا غير مقبول فى ثقافة شعوبنا. ورغم كل هذا الفيلم حقق نجاحا كبيرا غير متوقع وأصبح بداية جديدة لكل امراة بأنها يمكنها الاعتماد على نفسها والتخلص من الظلم الذى يفرضه عليها المجتمع. 

·        ما هو سبب دخولك العمل الاجتماعي وخاصة مناصرة المرأة الهندية؟ 

هذا الفيلم هو الذى شجعني على العمل الاجتماعي، فبعد عرضه، بادرت نساء كثيرات بعرض مشاكلهن لكى أساعدهن فى الوصول لحل، ومن هنا شعرت ان من واجبي ان أقف بجوار اى امرأة تبحث عن حقوقها المسلوبة فى بلدي. فبالرغم من أن المرأة الهندية وصلت لأرفع المناصب مثل رئيس وزراء، الا اننا نجدها فى أماكن كثيرة مهمشة الى أقصى درجة. 

·        هل اختيارك سفيرة للنوايا الحسنة للهند مرتبط بنشاطك الاجتماعي؟ 

نعم، فتركيزي على استعادة حقوق المرأة ومساعدة المحتاجات منهن من خلال الجمعية الأهلية التى يرأسها والدى، والتى اعلم النساء من خلالها حرفة مثل الحياكة، يقمن بتفصيل وتطريز ملابس النجمات الكبار فى الأفلام الهندية، مما يجعلهن معتمدات على أنفسهن ويحصلن على اجر. هذا بالإضافة الى مساعدة المحتاجين بصفة عامة فى المجتمع واهم هذه الفئات هم المرضى وقد تبنيت موضوع محاربة الايدز، وهناك أعمال أخرى هامة أقوم بها وهى مساعدة المشردين فى الأحياء الفقيرة. 

الأهرام اليومي في

16.04.2014

 
 

وسط مطالبة بزيادة مناقشة واقعها الاجتماعي

صورة المرأة في السينما.. مضطهدة ومتسلطة

ريهام صفوت (القاهرة) 

دائماً تظل صورة المرأة في السينما، إما مضطهدة، أو خائنة أو متسلطة، حيث لم تتعامل السينما المصرية مع قضايا وواقع المرأة الاجتماعي بشكل أكثر قرباً، ورغم وجود العديد من الأفلام التي عبّرت عن مشاكل المرأة بشكل واقعي، مثل أفلام، الأستاذة فاطمة، والأفوكاتو مديحة، مروراً بأسرار البنات، ومذكرات مراهقة، والشوق، وركلام، وبنتين من مصر، وصولاً إلى أفلام مثل 678 الذي تناول ظاهرة التحرش، وكذلك فتاة المصنع، إلا أن هذه الأفلام لا تعدو كونها أعمالاً سينمائية عابرة، حيث فشلت في عرض مشاكل المجتمع وطرح الحلول المناسبة، وما زالت السينما تتعامل مع المرأة، باعتبارها أداة لتحريك الغرائز ومخاطبة الشهوات.

شباك التذاكر

على الصعيد الفني، يقول الناقد السينمائي أحمد كامل: كانت المرأة تشكل حالة فريدة في شخصيتها وفي الأدوار التي تقدمها على الشاشة سابقاً، وهذا ما ينطبق على جيل نادية لطفي وسعاد حسني، ويأتي بعدهما نبيلة عبيد ونادية الجندي، في استكمال مسيرة صورة المرأة التي تنافس الرجل في شباك التذاكر. وتابع: بدأ هذا الدور يتراجع مع جيل يسرا وليلى علوي وإلهام شاهين، ولم يستطعن منافسة الأجيال السابقة في تقديم دور المرأة بشكل قوي، فضلاً عن عدم قدرتهن على إقناع الجمهور في بطولات مطلقة على غرار نادية الجندي ونبيلة عبيد، وأشار إلى أن الجيل الحالي مثل منى زكي ومنة شلبي استطعن حمل الراية منكسة من جيل يسرا، ورغم أن هناك محاولات من بعضهن لاسترداد البطولة المطلقة، إلا أن جميع تجاربهن فشلت، نظراً لأن السينما تعتمد بشكل رئيسي على النجم الشاب.

السينما الحديثة

وقال الفنان محمد صبحي: إن سينما المرأة بعد الثورة لم تتعامل مع المرأة المصرية بالصورة الإيجابية الفعالة التي انتظرناها جميعاً، لافتاً أن حوالي 80 % من الأفلام الحديثة تظهر المرأة المصرية بائعة هوى، مشدداً على أن السينما في مصر تحتاج إلى ثورة على كل ذلك قائلاً: نحتاج تغيراً ثورياً حقيقياً في وزارة الثقافة وهذا ما يحتاج إلى تطهير جيد، فالثقافة سلوك، فماذا يحدث في مصر نتيجة فن مبتذل يقدم منذ سنوات عديدة دمر سلوك الشباب؟!.

وأضاف صبحي: أن ظهور المرأة المصرية في السينما الحديثة بعد الثورة كان كارثياً، حيث تجسدت تلك الكارثة في الأفلام التي تم إنتاجها بعد الثورة ومن أشهرها ثلاثة أفلام معروفة تعتمد على البلطجي والراقصة، وإدمان المخدرات، وانعدام الأخلاق وتصديرها للمجتمع العربي والمصري، وكأن هذا ما يحدث في مصر.

أزمة حقيقية

بينما يرى السيناريست مصطفى محرم، أن سينما المرأة مازالت ضعيفة، ولم ترتق إلى مستوى الفن السابع، وهو ما يضع صنّاع الفن أمام أزمة حقيقية، نظراً لضعف مستوى السيناريوهات التي تخص دور المرأة داخل العمل الفني، وأوضح أن المرأة عموماً مضطهدة في حياتها الاجتماعية، لوجود موروثات قديمة جعلت المصريين يعاملها كأنها «مواطن درجة ثانية»، وبالطبع هذه الثقافة خلّفت مردوداً فنياً عن صنّاع الفن.

ومن جانبه، أوضح المخرج مجدي أحمد علي، أن غالبية الأفلام التي توصف بأنها سينما المرأة ظلمتها المعالجة الدرامية، حيث وضعتها في موقف المرأة المتسلطة، أو التي تستغل جسدها من أجل الإنفاق على أسرتها، كما حدث في فيلم «ريكلام»، وأكد أن ازدواجية المجتمع الذكوري الموروثة، أثرت على كتّاب السينما، فجميع الأعمال تضع مبررات للرجل في نزواته، في حين صوّرت السينما المرأة بشكل منحرف، وتستحق العقاب لأنها تنازلت عن شرفها.

سوسن بدر: الأزمة في تخوف المنتجين

ترى الفنانة سوسن بدر، أن السينما منذ سنوات تحاول الوقوف إلى جانب المرأة بشكل قوي، ولذلك ظهرت أفلام مثل «678» الذي تناول قضية التحرش بشكل واقعي، وأيضاً فيلم «بنتين من مصر» الذي تناول أزمة العنوسة في مصر، ومؤخراً فيلم «فتاة المصنع» الذي كشف عن معاناة المرأة العاملة، وأوضحت أن أزمة المرأة في السينما تكمن في تخوّف المنتجين من تقديم مثل هذه النوعية من الأفلام، لأنها أفلام مأساوية، ولا تلقى النجاح الجماهيري، مقارنةً بأفلام النجوم الشباب.

الإتحاد الإماراتية في

16.04.2014

 
 

مجلة آفاق.. عدد خاص عن السينما المغربية

عمان - ناجح حسن 

تضمن العدد الجديد من مجلة (افاق) الصادرة عن مجلة اتحاد كتاب المغرب، ملفا خاصا بالسينما المغربية، مصحوبا بكتاب عن هوية السينما المغربية لمؤلفه الناقد والباحث الاكاديمي د. حميد اتباتو.

احتوى الملف الذي اشرف عليه الناقد محمد اشويكة، جملة من القراءات والدراسات النقدية التي تتناول قضايا جمالية ودرامية في السينما المغربية الجديدة، ساهمت فيه اقلام نقاد وباحثين واكاديميين.

من بين موضوعات الملف: السينما والتاريخ في المغرب: الصورة ، الذاكرة، والحكي لمحمد نور الدين افاية، السينما المغربية في رحاب التحولات: قراءة سوسيولوجية لفريد بو جيدة، الفيلم المغربي بين طقوسية الرمز والتجربة الروحية لنور الدين بو خصيبي، المقامة بأعين سينمائية متعددة لحمادي كيروم، النقد السينمائي بالمغرب: الممارسة والافاق، القاعات السينمائية بالمغرب من الازدهار الى الانحسار لمحمد البو عيادي، السينما الامازيغية: اسئلة التأسيس والبحث عن الذات لسعيد شملال.

وهناك عناوين: مازق السينما المغربية وافاقها لادريس القري، شعلرية الحلم ومقاربة الواقع في السينما المغربية لنور الدين محقق، البعد التشكيلي في ملصقات السينما المغربية لابراهيم الحيسن، السينما كصورة للفكر او انطولوجيا الصورة السينمائية لعزالدين الخطابي، فوزي بنسعيدي وجماليات المواربة لفريد الزاهي قراءة في فيلم خيل الله لنبيل عيوش لرشيد برهون، سينما حكيك بلعباس او تمجيد الالم لعبدالله صرداوي، الشركي او الصمت العنيف لمؤمن السميحي لخالد الخضري، قراءة في يوميات مهرجان طنجة لعزالدين الوافي، وهناك حوار مع المخرج السينمائي محمد مفتكر أجراه محمد اشويكه.

وكتب رئيس تحرير المجلة عبد الرحمن طنكول في استهلال العدد: للسينما المغربية تاريخ لا يمكن التقليل من اهميته او تهميشه، ونقصد هنا الانتاج السينمائي الوطني الا انه يواجه عقبات تعيق الارتقاء الذي يطمح اليه فقد استطاع هذا الانتاج في السنوات الاخيرة من تحقيق حضور لافت، بالعديد من المهرجانات الوطنية والدولية من هنا لا غرابة ان يجري تخصيص هذا العدد للاحتفاء بمنجز السينما المغربية.

واضاف رئيس تحرير (آفاق): لم يكن للسينما المغربية ان تصل الى مستوى الانجازات التي وطدتها لولا جهود مؤسسي الممارسة السينمائية المغربية، من المبدعين والنقاد والمنتجين.

وفي ركن التشكيل خصص العدد فضاءا خاصا للمبدع الراحل محمد شبعة، الفنان التشكيلي والانسان وصاحب الاسئلة في الفن وجمالياته ورسالته والوعي البصري شارك فيه كل من احمد بن يسف، احمد جازيد، ابراهيم لحسن، بو جمعة العوفي، انيس الرافعي، احمد لطف الله.

كما اشتمل العدد على «بورتريه» ابتسامة تحيي العالم لادريس الملياني، وفي عنوان «رحلة» كتب عبد العزيز الراشدي بيكاسو وانا في شيكاغو، وجاءت في زاوية الابداع جملة من النصوص منها: قصة سر عتيق لميلودي شغموم ، قصيدتان عن النهر لياسين عدنان، الرباط /باريس لعبدالاله الصالحي، مونادا دمشق لحسن بحراوي، وفي حيز صدر حديثا مراجعة لكتاب كشف المستور في كتاب الدكتور رشيد بن حدو، وانتحار المعنى في «ليليات» لبلقزيز. 

الرأي الأردنية في

16.04.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)