كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

الموسم الأول «لمواسم السينما العربية»

هدى إبراهيم صانعة هذه البهجة في باريس

عالية ممدوح

 

تطلع رائحة الأفلام من مسامها فتعدي الآخرين بشغفها فتدفعنا دفعاً لمشاهد الشرائط المختارة. ديناميكية، ذات عزيمة، شغوفة وناقدة، كاتبة وصحافية ومذيعة في مونت كارلو، وقبل هذا هي صديقة جميلة منذ وصلت باريس، وهي ما أن نلتقي حتى تطير إلى برلين أو مهرجان البندقية، دبي أو مراكش.. أو "مواسم" هو مشروعها وموسمها الفعلي وضعت فيه ثقلها النقدي والإبداعي في الذائقة والموهبة، في الحشرية والفضول، وفي ذلك التعب اللذيذ الذي كنا نراها سيغمى عليها وهي تتحرك ثلاثة أيام، تترجم وترحب،الخ.

هذا حوار في مناسبة الموسم الأول ل مواسم خلوتنا ومتعتنا، نحن العرب في باريس لكي تتضاعف بهجتنا. قلت لها:

·        ثلاثة أيام عاصفة ومكثفة في مهرجان "مواسم السينما العربية"، ضعينا رغم مشاغلك وسط هذه العاصفة السينمائية، كيف كانت البداية؟ وهل هي استمرار لما تراكم من مهرجانات سابقة كنت فيها في قلب النشاط والديناميكية؟

بالفعل البرنامج كان كثيفا ومفعما بالأعمال الجميلة والهامة من حيث النتاج في السينما العربية بأفلامها الطويلة والقصيرة، الوثائقية والروائية... خلال العروض كنت أراقب كيف أن الحاضرين من أصدقاء وغرباء كانت تنتقل إليهم عدوى المشاهدة الغزيرة إذ يأسفون على المشاركة بنقاش خارج القاعة لأن فيلما جميلا ما سيفوتهم وتهمهم مشاهدته، أو هم يبدون حزنهم لعدم قدرتهم على مشاهدة أكبر قدر ممكن من مقترحات البرنامج المقدم في ثلاثة أيام احتضنت ما يقارب الأربعين شريطا من تسعة بلدان بينها ثمانية بلدان عربية وفرنسا.

كنت أراقب اهتمامهم بالحديث والنقاش مع من حضر من منتجي أو مخرجي الأفلام المعروضة وما لفتني أيضا كان مستوى النقاش الممتاز وأقول ذلك عن خبرة إذ أن الأسئلة كانت دائما تتم في جو يعكس الشغف والرغبة بالتشارك وتبادل الأفكار حول الأفلام المعروضة والتي اخترتها بطريقة تمثل هموم وإبداعات الجيل الشاب الذي تطغى المرأة على صناعة السينما فيه.

الجمهور لم يكن كثيفا في هذه الدورة الأولى من "مواسم السينما العربية" لكنه، باستطاعتي القول، كان نوعيا ومهتما وساعيا للتعرف على هذا النتاج الذي حاول عبر الخلطة التي قدمها تقديم الوجه الجديد للسينما العربية في عاصمة الفن والثقافة والنور باريس، التي كانت أول واجهة للسينما العربية مجتمعة في خارج وداخل العالم العربي قبل أن يكون هناك أي مهرجان مكرس لهذه السينما داخل العالم العربي وحتى في العالم.

وفي هذه الدورة الأولى من "مواسم..." أعتقد أني قدمت بعض أفضل ما أنجز في العالم العربي في الأعوام الثلاثة الماضية، مع تركيز على سينما المشرق العربي باعتبار أن هناك أكثر من تظاهرة اليوم في باريس تهتم بسينما المغرب العربي وتبرز نتاجات هذه السينما النشطة خاصة في بلد مثل المغرب الذي كنا قدمناه في افتتاح أو ختام دورتي "ربيع السينما العربية".

فعلا أنا أرى "مواسم" استمرارا لتظاهرة "ربيع السينما العربية" ولكل ما سبقها من جهد في باريس وفرنسا للتعريف بالسينما العربية وإيجاد واجهة عرض خاصة بها، باعتبار أن الأعمال العربية لا يوزع منها إلا القليل على الشاشات التي تضيق بالإنتاج الأميركي الضخم والتي لا يفسح فيها المجال أحيانا للسينما الفرنسية المستقلة أو البسيطة الإنتاج فيفرض عليها قانون السوق ولا تصمد أكثر من أسبوع في هذه الصالات. وللتوضيح فإن ما بين ستة عشر إلى ثمانية عشر فيلما جديدا وعلى مدار العام تقريبا، تخرج أسبوعيا إلى الصالات الفرنسية.

باريس كانت شهدت منذ نحو خمسة وعشرين عاما تظاهرات سينمائية مختلفة اهتمت بالسينما العربية. وإذا كانت أولى هذه التظاهرات مهتمة بالسينما المغاربية خصوصا وكان ذلك بين مرسيليا وضاحية باريس أولا فإن الزميل الراحل غسان عبدالخالق كان أول من أسس مهرجانا خاصا بالفيلم العربي في باريس واستمر ذلك مع نشوء وازدهار معهد العالم العربي حيث أشرفت ماجدة واصف على إقامة "بيانالي السينما العربية" وقد قادني شغفي بالسينما سريعا لأن أصبح أحد أعضاء لجنة اختيار الأفلام لهذا المهرجان.

ولعل من الطرائف التي يمكن أن أذكرها على هذا الصعيد، أني في سنوات مراهقتي ومثل كثير من الشباب اللبناني، كنت من الكارهين للسينما العربية القديمة متمردة على مشاهدتها. ولعل أول فيلم عربي من سينما الزمن الجميل شاهدته فعليا كان في باريس وليس في لبنان حيث كنت أمقت الخطاب التقليدي من وجهة نظر المراهقة المتمردة.

وقتها كنت أرفض هذه السينما وكان اطلاعي على تاريخها معدوما، وطبعا كانت السينما الأميركية تشكل مرجعيتي الوحيدة في بيروت الثمانينات بعد أن كانت الحرب قضت على موجة الأفلام الهندية في بيروت منتصف السبعينات.

ما حصل في باريس أني وبسبب ابتعادي عن قوانين مجتمعاتنا وأحكامها صرت أرى هذه السينما بعين أخرى، صرت أرى جمالياتها وأحيانا روحها الجميلة وخفتها خاصة في أفلام الكوميديا الموسيقية التي لم تكف عن تقليد السينما الأميركية... لاحقا اكتشفت أفلاما عظيمة في هذه السينما غيرت وجهة نظري كليا بها وهي أفلام شهيرة ومعروفة وموجودة كلها في اللوائح الكثيرة الموجودة لأفضل مائة فيلم لكن المجال هنا يضيق عن ذكرها.

قبل ذلك كنت في بيروت، أذهب مع صديقة لي ونحن طلاب نكاد لا نملك فلسا إلى مهرجان دمشق السينمائي. هناك تعرفت إلى يوسف شاهين وإلى رضوان الكاشف ومحمد خان وآخرين بعد أن كنت تعرفت في بيروت إلى أعمال مي المصري وجان شمعون الرائدين في لبنان في مجال السينما الوثائقية...

باختصار ومن خلال عملي الصحفي احترفت السينما وشيئا فشيئا صرت أمتلك هذه النظرة الملمة بما يدور في مجال الفن السابع في لبنان كما في مصر كما سورية كما في المغرب العربي كما في الخليج حيث قادني عملي باستمرار ومنذ أكثر من عشرين عاما إلى عشرات المهرجانات السينمائية في مختلف الأماكن وحتى في الصحراء الجزائرية حيث كنا نشاهد الأفلام تحت الخيمة ونناقشها ونحن نتسامر بحضور الموسيقى وتحت النجوم، أحيانا حتى انبلاج الصبح.

إنها إذن قصة حب طويلة لم أرد التخلي عنها حين قرر معهد العالم العربي التخلي عن مهرجانه السينمائي الذي كان أقر رسميا حضور السينما العربية في باريس. وقتها (أعتقد عام 2008) أسسنا مع مجموعة من الأشخاص من عرب وفرنسيين وعلى رأسنا ماجدة واصف جمعية السينما العربية الأوروبية بهدف أن نستمر مع السينما العربية في باريس.

لكن الجمعية ظلت لسنتين غير ناشطة بشكل فعلي ثم قررت ماجدة الذهاب للاستقرار في القاهرة وأسست مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية الذي تقام راهنا دورته الثانية بينما استمررنا نحن في باريس وحققنا عام 2011 و2012 دورتين من "ربيع السينما العربية" الساعي لتقديم الجديد في السينما العربية وسط كل التغيرات التي تعيشها أوطاننا.

غير أن المسيرة هذه توقفت برغبة أعضاء الجمعية الذين فضلوا عدم الاستمرار في المغامرة طالما لم ننل دعما كافيا من الأطراف الرسمية الفرنسية وبعد تفكير من طرفي قررت الاستمرار بمفردي وقمت بهذه المغامرة المجنونة التي تعبر عن مدى شغفي وتعلقي بهذه السينما ومدى رغبتي بتقديمها للجمهور الباريسي بشقيه العربي والفرنسي والذي لا يمتلك فرصة مشاهدة هذه الأفلام.

·        الأفلام المشاركة هل سيعرض بعضها للمرة الأولى كما فهمت، وهذا احتفاء بالمواسم... كيف وثق المخرجون بالمواسم حالا وسلموكم الأفلام؟

ليست المرة الأولى تماما، هذا نادرا ما يحصل اليوم ولا يحصل إلا في المهرجانات الكبرى مثل كان وبرلين والبندقية ودبي وأبو ظبي وغيره... لكنها قد تكون المرة الأولى في فرنسا أو في باريس أو إحدى العروض الأولى للفيلم في العالم، هذا هو الحال مع فيلم "أريج" الوثائقي للمخرجة فيولا شفيق، هذا هو أيضا حال "أم أميرة" لناجي اسماعيل وكلاهما قدما في برلين وأتيت بهما مباشرة من هناك. كذلك شريط "إضحك تضحك لك الدنيا" الفلسطيني...

هذه هي الأفلام الجديدة جدا، وهناك أفلام أخرى نالت الكثير من الجوائز والإعجاب على مدى العامين الماضيين خصوصا في العالم العربي ومن طرف الجمهور والنقاد... والكثير الكثير من الأفلام الأولى وأفلام السينما المستقلة وأفلام المرأة ذات الطرح السينمائي الذي يحمل نبضا آخر ويجدد دم هذه السينما.

من خلال عملي المستمر كصحفية وناقدة على الإنتاج السينمائي منذ أكثر من 25 عاما تكونت لدي علاقات واسعة بالمبدعين والعاملين في هذا المجال على مدى العالم العربي ولم أكن بحاجة للبحث عن أحد أو لمشاهدة فيلم أحد، لأني كنت أعرفهم جميعا وكنت قد رأيت كل شيء تقريبا. كانت البرمجة سهلة علي وكان ينبغي فقط الوقت الذي تقتضيه أمور مثل توجيه الرسائل والدعوات وتلقي الإجابات والنسخ.

وهنا أحب أن أوجه شكرا كبيرا وتحية إلى كل المنتجين والمخرجين والمبدعين الذين بادروا إلى مساعدتي بمنحي أفلامهم بدون مقابل مادي كحقوق عن النسخة التي أعرضها، كما أشكر كل المخرجين والمنتجين الذين تعاونوا معي وظلوا حتى الدقيقة الأخيرة يطبعون الترجمة الفرنسية على أفلامهم التي لم تكن مترجمة إلا إلى الإنكليزية.

قبل المهرجان بثلاثة أسابيع قمنا بترجمة أكثر من عشرة أفلام بينها أربعة أفلام طويلة إلى الفرنسية، أنا وعدد محدود من الأصدقاء العرب والفرنسيين. حتى أن فيلم قيس الزبيدي "اليازرلي" الذي اختتمنا به التظاهرة في لفتة أحببت أن أسجلها للسينما السورية في بداية السبعينات التي كانت شهدت فترة إنتاج ذهبية في حينه، هذا الفيلم،"اليازرلي" قمت بقراءة الترجمة الفرنسية له في القاعة خلال العرض وبين الجمل العربية التي يقولها الفيلم.

حتى هذه كانت تجربة شيقة ومسلية وتضيف حياة إلى هذا الفيلم الذي صور عام 1972 وعرض مرات محدودة.

كانت قضية الترجمة أصعب ما واجهنا، ليس لطبيعتها، بل لناحية ما تتطلبه منا من جهد ووقت وذلك قبيل المهرجان بأيام قليلة. كانت كل هذه الأمور مغامرة بكل معنى الكلمة لكن نتيجتها تبقى إيجابية.

هناك الكثير من الثقة والصداقة والحب والاحترام المتبادل بيني وبين المبدعين والمنتجين وقد كان التبادل والعطاء على هذا الأساس وآمل لذلك أن يستمر.

·        ما أبرز ما في هذا الموسم السينمائي من وجهة نظرك كمسؤولة؟ وكم عدد الأفلام التي قدمتموها؟

- كلمة "مسؤولة" في سؤالك تفاجئني... لا أريد لي صفة فيما أقوم به... إنما أنا نظمت التظاهرة ورافقني عدد من أصحاب الطاقات الإيجابية الفاعلة التي تتيح بفعلها للأشياء أن تكون... قدمنا نحو أربعين فيلما بينها أفلام قصيرة جدا مما أسميه فيلم الدقيقة أو الفيلم كليب، لكنها كلها كانت تنم عن السينما المستقلة الجديدة والتعابير المختلفة للشباب المجدد في المجال السينمائي العربي.

وقد نال شريط مثل "منسيون" الروائي القصير لايهاب طربية والذي يعتبر الفيلم السوري الأول المصور داخل الجولان المحتل الكثير من الإعجاب وكذلك سائر الأفلام القصيرة مثل فيلم التحريك للبنانية لينا غيبة "برج المر" أو فيلم "يد اللوح" للمخرجة التونسية كوثر بن هينة والتي يخرج إلى صالات تونس فيلمها الروائي الطويل الأول.

صانعو الأفلام القصيرة هذه يمثلون المواهب الجديدة التي ستمثل السينما العربية مستقبلا في أعمال من حقها أن تنال السمعة العالمية اللائقة لسينما باتت اليوم تصل إلى الأوسكار وتقبل عليها المهرجانات الدولية وخاصة في جانبها الوثائقي. تظاهرتي صدى لهذا السينمائي كله، مكبر صوت لنبضها العالي والجميل.

هذه كانت حالة المخرجة المصرية جيهان نجيم هذا العام، أي الترشح للأوسكار، وقبلها الفلسطيني عماد برنات في "خمس كاميرات مكسورة" فضلا عن النجاح الذي لاقاه فيلم الفلسطيني مهدي فليفل "عالم ليس لنا"، كل ذلك في الوثائقي ولا ننسى شريط "عمر" الروائي لهاني أبو أسعد والذي سبق خروجه إلى الصالات الفرنسية.

·        في "مواسم.." الكثير من الأعمال الأولى أو الثانية التي لا تقل جودة عما ذكرته أعلاه لكن حظها في الوصول إلى الجمهور هنا كان أقل... وإذن هي دعوة للاكتشاف وللاطلاع على هذا النتاج في بعض من أفضل ما قدم.

في هذه الدورة أيضا أعمال من بلدان قليلة الإنتاج السينمائي لكنها سائرة على هذا الطريق مثل اليمن والسعودية ممثلتين بأعمال لخديجة السلامي وعهد كامل في أول فيلم قصير لها "حرمة" حيث تقوم بالإخراج والتمثيل بعد أدائها لدور المعلمة القاسية في شريط "وجدة" للسعودية هيفاء المنصور الذي لاقى الكثير من الترحاب في الغرب. أما خديجة السلامي فهي بصدد مونتاج أول فيلم روائي لها.

·        من أنتم في هذا المشروع؟ من أين تتلقون الدعم؟ وهل كان الجمهور الفرنسي حاضرا ومن باقي الجنسيات؟

حاليا أنا وحدي وقد ساعدني بنفس الاندفاع عدد محدود من الأصدقاء من العرب والفرنسيين، جميعهم عمل بنفس الحب والاندفاع ودون سؤال عن بدل مادي، حتى الشاب الذي عمل ملصق ودليل المهرجان، لم أكن أعرفه حتى، ولا زلت لا أعرفه وتكلمت معه فقط على الهاتف للتنسيق. له أوجه التحية وأيضا إلى كل هؤلاء الذين استجابوا وبذلوا طاقتهم بشكل طوعي، يعيد الأمل أهدى هذه الدورة الأولى من المواسم...

كنا تظاهرة مستقلة تماما، لم نتلق دعما من أي أحد ولا من أي جهة، لقد تبرع لنا المكتب الثقافي في السفارة الفرنسية في دبي مشكورا ببطاقة سفر لمخرجة من الخليج كما تبرع لنا المكتب الثقافي في السفارة المصرية في باريس ببطاقة أخرى لمخرجة مصرية تعذر حضورها في اللحظة الأخيرة بسبب عمل استجد.

تلقينا أيضا دعما من مدير سينما "لاكلي" حيث دارت التظاهرة.

عدا ذلك، لم يكن أمامنا الوقت حتى لطلب الدعم. نحن بصدد أن نؤسس الجمعية راهنا وسنعد لدورة ثانية ولعروض أخرى موسمية ونأمل أن يأتي إلينا جمهور أكبر في المرة القادمة. جمهورنا كان نوعيا ومهتما ومختلطا، وأحببته كما أحببت الأفلام التي قدمتها، لكن هذا الجمهور لم يكن حضوره ليعطي للتظاهرة كل معناها وهذا ما سأعمل عليه في المرات القادمة.

أخرج من التظاهرة بعزيمة أكبر على الاستمرار في تقديم الجميل والمهم في السينما العربية بهدف التشارك ونشر هذه الأعمال وإتاحتها للجميع لأن الأعمال السينمائية، كما الفنون عموما، معناها يقوم أيضا في مشاهدتها والتفاعل معها وعبرها...

يقال ان هتلر الذي كان يحب الرسم ولو صار فنانا لكان تغير وجه العالم ونحن بتقديمنا لهذه السينما نريد لفضاء باريس الذي نسكنه أن يتسع لنا بشكل أجمل ويصبح أكثر رحابة، أكثر إلفة وحنوا مع الآخرين من الفرنسيين الذين عبر السينما التي يشاهدونها، سيعرفوننا أكثر، وسنقترب ويقتربون من بعضنا البعض... نحن البشر.

الرياض السعودية في

05.04.2014

 
 

مجدي الطيب يكتب :

السينما المصرية تأكل أبناءها .. ماهر عواد نموذجاً ! 

• انفرد بأسلوب يصعب محاكاته ونهج يستحيل استعارته ولغة سينمائية جعلت منه صاحب بصمة يلجأ إلى الاسقاط والرمز بلا فجاجة ويتجرأ على "التابوهات" من دون امتهان أو ابتذال
• تفاءلنا بفوز السيناريو الذي كتبه بعنوان "حتى نفاد الكمية" لكن تجار السينما والدخلاء لم يرحبوا به لأن عودة قامة شامخة مثل ماهر عواد تعني عودة الروح للإبداع والإبتكار والخيال والتمرد الجميل !

عندما يلازم المخرج الكبير كمال الشيخ بيته من دون عمل،مذ أنجز فيلمه "قاهر الزمن" العام 1987وحتى رحيله العام 2004 ثم يتكرر الأمر مع المخرج والسيناريست رأفت الميهي،الذي انتهت علاقته بالسينما مذ قدم فيلمه "شرم برم" (2001)،والمخرج سعيد مرزوق،الذي لم يجد المنتج الذي يدعمه مذ أخرج "قصاقيص العشاق"،واستسلم للمرض يأساً وزهداً واستنكاراً للجحود الذي استشعره،ولا يختلف الحال كثيراً مع كتاب ومخرجين وممثلين كُتب عليهم الاعتزال قسراً،وصاروا "قيد الإقامة الجبرية"،فإن الأمر يعني أن السينما المصرية تأكل أبناءها،أو كما يقولون في الأمثال الشعبية المصرية "تأخذهم لحماً وترميهم عظماً" !

ربما يرى البعض فيما أقول مبالغة فجة ورجعية لا تليق أو محاولة لإعادة عجلة الزمن إلى الوراء،وقد أتهم بأنني "كلاسيكي" أو انتمي إلى العصر الحجري،وأنني أطالب بعودة "الحرس القديم"،وأناصر"الماضي" على حساب "الحاضر" و"المستقبل"،وحيثياتهم في اتهامي بأن جميع من أشرت إليهم تقدم بهم العمر،ولم يعد لديهم ما يقدمونه،وإذا عادوا إلى الساحة فلن يقدموا ما يواكب العصر،ويجاري العالم المتغير بحركته السريعة،وإيقاعه اللاهث !

وجهة النظر لا تخلو من مغالطة،وإزدراء للموهبة،وتجاهل فاضح للتاريخ،واستهانة صارخة بالخبرة الناتجة عن تراكم التجارب. ومع هذا فإن تساؤلاتي لا تقتصر على الأسماء التي ذكرتها فقط،وانما تُشير إلى كاتب موهوب أطل علينا،وهو في ريعان شبابه،وسرعان ما أصبح واحداً من أهم مبدعي السينما المصرية،وبرغم هذا لفظته،وأخرجته من حساباتها،وأجبرته على مغادرة الساحة،لينكفيء على نفسه،ويكتب السيناريو تلو الآخر،وهو يُدرك في قرارة نفسه أن مصيرها الأدراج ! 

قائد قطار التجديد

أتحدث عن الكاتب ماهر عواد قائد فطار التجديد والابتكار في السينما المصرية،مذ كتب أول أفلامه "الأقزام قادمون" (1986)،الذي مثل اكتشافاً جديداً من حيث الشكل،وأظهر القدرة الفائقة للكاتب الشاب،وقتها،على الاقتراب الحميمي من هموم وقضايا المجتمع برؤية لا تخلو من سخرية لاذعة إذا كان الأمر يتعلق بالسلطة والنخبة،وإصرار واضح على تثمين لحظة التنوير في حياة المواطن البسيط،والتأكيد على مواطن القوة في داخله،وتحريضه ضد أشكال القبح والزيف والظلم والعفن والفساد والاستغلال؛ففي فيلم "الأقزام قادمون" فاجأنا "عواد" بجرأته في تناول عالم الإعلانات الزائف من خلال البطل "شريف" ـ يحيى الفخراني ـ الذي يكتشف خواء عالمه،وزيف واقعه،ويُعيد النظر في أسلوب حياته،فيقرر أن يهجرها،وزوجته فتاة الإعلانات ـ ليلى علوي ـ وفي الإسكندرية يدخل عالم الأقزام المجهول بالنسبة له،وللجميع،ويُعيد حساباته،ويراجع مفاهيمه وقناعاته،ويتحمس،ولأول مرة،لمناصرة الضعيف، ومواجهة الظالم،ورد الظلم،واستعادة الحق المسلوب،والتمرد على العالم المزيف الذي كان يرفل في نعيمه.

في "الأقزام قادمون" وغالبية الأفلام التي كتبها ماهر عواد بعد ذلك،تحتل لحظة التنوير مكانة مهمة؛فالثورة والانقلاب على الذهنية السابقة،ومن ثم اختلاف آلية التفكير،يبدأ لديه بالمعرفة،وسقوط الأوهام،ومراجعة القناعات القديمة،التي تنهار وتتهاوى مع وصول شخوصه الدرامية إلى لحظة التنوير،كما حدث مع "شهاب" بطل "الأقزام قادمون"،وبصورة أوضح مع "سرور" ـ أحمد زكي ـ كبير المشجعين في فيلم "الدرجة الثالثة" الذي خدعوه بتعيينه ممثلاً عن جمهور "الدرجة الثالثة" في مجلس الإدارة،ولا يطول الوقت به قبل أن يكتشف،في لحظة تنوير،أنهم استغلوا سذاجته ليمرروا صفقاتهم القذرة،واستخدموا جهله،وحماسته،ليقيهم غضبة الجمهور لحظة أن يكتشف انحرافاتهم .

الرمز والإسقاط 

في "الدرجة الثالثة"(1988) يبدو ماهر عواد وكأنه تخلى عن الحذر الذي التزمه في فيلمه الأول "الأقزام قادمون"، فهاهو يمارس النقد السياسي على نطاق واسع،ولا يكتفي بالتنديد بالعالم المزيف،وفساد "رضوان بيه" ـ جميل راتب ـ الذي اغتصب الأرض من "الأقزام"،ومن ساواهم في القامة والمكانة،لكنه يمضي في نقده إلى حد تحليل "ميكانيزم" الحكم في ظل النظام القائم وقتها (حكم مبارك)،والأنظمة القمعية و"الدكتاتورية" بوجه عام،لكن شيء ما أثار قلق ماهر عواد،ودفعه إلى اللجوء إلى الرمز والإسقاط في تناوله لعلاقة الحاكم والمحكوم،فاختار أن يُشبه الحاكم وبطانته برئيس مجلس إدارة النادي ـ جميل راتب ـ و"جماعته"، بينما اختار أن يكون الشعب،وتحديداً الطبقة الكادحة ـ والمغرر بها ـ هم "جمهور النادي"،ومشجعي كرة القدم الذين تفانوا في خدمة النادي،وتشجيعه، والوقوف معه في انكساراته،متحملين لهيب الصيف وصقيع الشتاء،ولا رصيد من الحقوق والامتيازات بينما ينعم "الرئيس" وحاشيته بكل الامتيازات،وعلى رأسها الجلوس في "المقصورة"،والتغني بالانتصارات،التي يحققها "الفريق"،والاستحواذ على مكاسبه،وعلى رأسها "الكأس" أو "الدرع"؛فالصراع في "الدرجة الثالثة" يحمل بعداً سياسياً واضحاً،والتحريض على إسقاط الأقنعة عن أباطرة الفساد خطوة أولى تقود إلى التمرد ثم الثورة،التي تنجح بانضمام كل الطبقات،ومختلف الأجيال،إلى صفوفها، كما فعلت بائعة الشاي "نعناعة" ـ سعاد حسني ـ والكهل ـ عبد العظيم عبد الحق ـ الذي تبنى الدعوة إلى التغيير،وصنفه "عواد" بأنه "وفدي"؛حيث كان يُعول كثيراً وقتها على ليبرالية الحزب الجديد،وإنقاذه البلاد من القمع والدكتاتورية ! 

في فيلم "يا مهلبية يا"(1991) يبدو ماهر عواد وكأنه يقدم معاناته،ورفيق مسيرته شريف عرفة؛فالفيلم يحكي تجربة مؤلف ـ أحمد راتب ـ ومخرج ـ عبد العزيزمخيون ـ يبحثان عن ممول،وميزانية،لفيلمهما،وقبل أن يبيع المخرج مخزن الدقيق الذي ورثه عن والده للمليونير الإنفتاحي "سيد بعكوك " ـ أحمد عقل ـ يكتشف المؤلف أن المخزن ليس سوى استديو سينمائي قديم،وبتراجع المخرج عن البيع لكن "الإنفتاحي" الذي لا يقدر قيمة الفن،ويستهين برسالة الثقافة، يُصر،ويهدد ويتوعد.وفي تجربة اتسمت بالكثير من الإبتكار والتجديد،على صعيد الكتابة،يعتمد "عواد" قالب "الفيلم داخل الفيلم"،يُبهر المتلقي بسيناريو ثري يكسر الإيهام،ويذخر برؤية جمالية تختلط فيها الكوميديا بالفانتازيا بالتابلوهات الاستعراضية بالدراما الإجتماعية والرؤية السياسية،ومرة أخرى يعود ماهر عواد إلى الرمز والإسقاط ، ويكرس كراهيته لثورة 23 يوليو 1952،التي ألمح إليها في فيلم "الدرجة الثالثة"؛فالأحداث تتأرجح بين الأربعينات (ذروة المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الانجليزي) والحاضر،وبينهما يُمعن في السخرية اللاذعة من النضال الثوري الساذج،وبائعة الهوى التي أصبحت مناضلة،وقائدة للمقاومة،والتأسي على مصر التي اغتصبها "الملك"،وانتهك "العسكر" شرفها،ودماء المصريين التي أهدرت في حروب عبثية،وكانت النتيجة أن أقتيد العقلاء إلى المصحة النفسانية !

خرج فيلم "يامهلبية يا" عن الشكل التقليدي الذي اعتدناه في السينما المصرية،وكرس "فانتازيا" من نوع جديد تلعب فيها السخرية دورا تحريضياً وتنويرياً،وهو شكل ومضمون انفرد به ماهر عواد حتى يمكن القول،من دون مبالغة،أنه تحول إلى "مدرسة" على يديه،فضلاً عن الرؤية التي جمع فيها بين الجدة والجدية،والإسقاط على ما يعيشه الوطن،كما فعل في فيلم "سمع هس" (1991) الذي انطلق من فكرة السطو على تيمة لحنية يغنيها "حمص" ـ ممدوح عبد العليم ـ و"حلاوة" ـ ليلى علوي ـ في الموالد والأفراح الشعبية لتُصبح،بين يوم وليلة،أغنية وطنية يوظفها "مطرب النظام" ـ حسن كامي ـ لنفاق السلطة،إلى تنديد من جانب "عواد"،بوطن تضيع فيه الحقوق،وتُسلب الأعراض،ويعلو على أرضه صوت المنافقين،وزبانية السلطة،وخدام النظام ! 

صاحب صاحبه

انفرد ماهر عواد بأسلوب يصعب محاكاته،ونهج يستحيل السير عليه،ولغة سينمائية جعلت منه صاحب بصمة،يلجأ إلى الاسقاط والرمز من دون مباشرة أو فجاجة،ويتجرأ على "التابوهات" من دون امتهان أو ابتذال،وفي كل موضوعاته لا يتخلى عن تحضره،وبمنتهى الرقي يطرح أفكاره،ويعالج موضوعاته،ولا أبالغ في القول بإنه كان صاحب فضل كبير في المكانة التي احتلها المخرج شريف عرفة؛ففي "الأقزام قادمون"،تحسسا الطريق إلى سينما متمردة،وفي "الدرجة الثالثة" تحررا من الشكل التقليدي،على الرغم من الإخفاق الذي انتهت إليه التجربة بفعل الإنتاج الفقير،وفي "سمع هس" و"يا مهلبية يا" أطلقا العنان لموهبتهما،ولفتا الأنظار إلى خصوصيتهما،وتفردهما بسينما غير تقليدية،تنقلب على السائد،ولا تلعب على المضمون .

من هنا لم يفهم أحد سر التوتر الذي شاب العلاقة بين ماهر عواد وشريف عرفة،الذي قدم أفضل مستوى تقني لديه في الأفلام التي كتبها "عواد"،ونجح في التعبير عن نفسه،وموهبته،بأعمال لعبت فيها الصورة،والتشكيل الجمالي، دوراً كبيراً بفضل سلاسة لغة ماهر عواد،وطزاجة أفكاره،وفهمه المتطور لماهية الإيقاع،ووظيفة الحوار،قبل أن تتبدل لغة التفاهم بينهما،ويحدث ما يشبه القطيعة،بعدما أصاب علاقتهما شرخاً نفسانياً عجل بالفراق بغير رجعة، وخسرت السينما المصرية بفراقهما أفلاماً ذات خصوصية،وأنموذجاً للسينما المتمردة والمختلفة.

عامان غابهما الموهوب ماهر عواد قبل أن يعود مع المخرج سعيد حامد،الذي أدرك حجم موهبته المتفردة منذ أن كان يعمل كمساعد للمخرج شريف عرفة،واتفقا على تقديم فيلم "الحب في الثلاجة"(1993)،وبعده بدا وكأن "حامد" الوحيد الذي لديه قناعة بأن ماهر عواد "عبقرية" لا يمكن التفريط فيها بسهولة،وواحد من أفضل وأمهر كتاب السيناريو في السينما المصرية،وأكثرهم تفرداً،وميلاً للتجديد والإبتكار والتطوير،لذا عادا للتعاون في تجربتي "رشة جريئة" و"صاحب صاحبه"،وبانتهاء العملين،وعرضهما،اختفى اسم ماهر عواد من "تترات" الشاشة الكبيرة، وباختفائه غابت اللمسة الإبداعية التي كانت تميز أفلامه،والفكرة اللامعة التي تلمحها في موضوعاته،وسطور حواراته،والأهم نبرة السخرية اللاذعة التي كانت تتسلل من بين ثنايا معالجاته،ورؤيته الناضجة،وقراءته الرصينة لقضايانا،وخصوصيته الفريدة في مراجعة التاريخ،وقراءة أحداثه بعيداً عن المحاضر والروايات الرسمية.

اختفى "عواد"،الذي لا يجيد حرفة "العلاقات العامة"،وتوارى عن الأنظار،بعد ما أيقن أن المناخ لم يعد مواتياً،وأنه ظهر في الزمن الخطأ،وانقطعت أخباره بشكل يثير الأسى والأسف،حتى عاد اسمه يتردد تحت الأضواء عام 2010 مع الإعلان عن فوزه بالمركز الأول في فرع كبار الكتاب في مجال السيناريو السينمائي بالدورة السادسة لمسابقة "مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية"،عن سيناريو "حتى نفاد الكمية"،مناصفة مع الباحث والمخرج محمد كامل القليوبي،الذي تقدم بسيناريو "لعبة المرايا على ضفاف المدن"،ومع الإعلان عن اسمه عادت الروح إلى جسد محبي إبداعه،وتجدد الأمل في نفوس عاشقي سينماه،ممن افتقدوا قيمة،ومكانة المبدع الخلوق ماهر عواد،لكن الفرحة لم تكتمل،فعلى الرغم من مرور عامين على اختيار سيناريو "حتى نفاد الكمية"،بعنوانه الذي لا يخلو من مغزى،إلا أن خطوة واحدة لم تتخذ في شأنه،ومن ثم لم ير النور،وكأن ثمة مصلحة للدخلاء والطفيليين من تجار السينما في تغييب المبدعين الحقيقيين،والإبقاء على الانهيار الذي يجثم على أنفاس السينما المصرية،كونهم أول من يُدرك أن عودة قامة كبيرة مثل ماهر عواد تعني عودة الروح للإبداع والإبتكار والخيال والتمرد الجميل !

صفحة الكاتب على الـ Facebook في

05.04.2014

 
 

أكدت سعادتها بنجاح مسرحية «سكر هانم»

لبنى عبدالعزيز: أزمات السينما والمسرح تحتاج إلى حلول ناجعة

(وكالة الصحافة العربية) 

منذ بطولتها في فيلم «الوسادة الخالية» حين اكتشفها المخرج «صلاح أبو سيف»، عرفت الشهرة طريقها إلى حياة الفنانة القديرة لبنى عبدالعزيز، والتي تميزت بصوتها الدافئ المرح المليء بالرومانسية، وهي من الفنانات اللواتي راهن على أن النجومية لا تكمن في الجمال فقط، لكن في الموهبة.

فتحت قلبها وعادت للماضي البعيد حين سألناها عن خطواتها الأولى نحو الفن فقالت: «بعد أن تخرجت في الجامعة الأميركية في القاهرة عملت في الإذاعة في «البرنامج الأوروبي»، كمقدمة برامج أطفال باسم «ماما لولو»، حتى سنحت لي فرصة التمثيل في فيلم «الوسادة الخالية»، وبعدها تتالت أفلام أخرى عرفني الجمهور من خلالها.

أزمة السينما والمسرح

لبنى عبدالعزيز التي ابتعدت عن السينما لأعوام طويلة، وعادت لتواصل نشاطها الفني، ترى أن السينما تمر بحالة انعدام توازن، وهناك أسباب كثيرة، أبرزها تواضع الإنتاج، وضعف الموضوعات، وعزوف نجوم الصف الأول عن طرح أعمالهم السينمائية، وهذا ما أدى إلى ظهور ممثلين «درجة ثانية»، بالإضافة إلى أن الأزمة الأمنية والسياسية حالت دون تقدم السينما في المرحلة السابقة.

وأكدت أيضا أن المسرح يعاني أزمة، فقد سبّب عزوف المنتجين عن المسرح فجوة كبيرة، وأتمنى أن يشهد المسرح انتعاشة خلال الفترة القادمة، وأتوقع حدوث ذلك، فقد لاحظت إقبال الجمهور على مسرحية «سكر هانم» التي شاركت فيها، والتي توقفت لظروف الثورة لكنها ستعود قريباً، وأعتقد أن المتحكم الأساسي في المسرح، هو الأمية الثقافية وعدم وجود مثقفين حقيقيين قادرين على مساعدة المسرح على الخروج من محنته، وهناك مشكلة يجب أن تُحل وهي سعر التذكرة المرتفع، وهي من أسباب عزوف الجمهور عن المسرح في ظل الظروف الاقتصادية التي نعاني منها. فالمسرح كان من أهم دعائم الاقتصاد المصري في الخمسينيات والستينيات، كمسرح نجيب الريحاني وعبدالمنعم مدبولي وفؤاد المهندس وإسماعيل ياسين وغيرهم.

برامج للأطفال

وعن الإذاعة وتأثيرها الجماهيري وبخاصة وأنها عملت في مرحلة من حياتها بالإذاعة المصرية، قالت: قدمت العديد من الأعمال الإذاعية أشهرها برنامج «ماما لولو»، وهو للأطفال، وكذلك «أجمل أم في الدنيا» وأرى أن جرعة برامج الأطفال أصبحت قليلة وغير هادفة لتنمية مدارك الطفل وروح الوطنية والانتماء والإحساس بواجبه ناحية بلده، وليست الإذاعة وحدها هي المتهمة في ذلك، بل الإعلام ككل، فلم يجد الثقافة الوطنية ولم يدعمها عند الشعب، خصوصاً الأطفال عصب الأمة القادم.

ولابد من عمل برامج إذاعة للثورة وتكون موجهة لربات البيوت، لأنهن البذرة الأولى لعصب الأمة، حتى يتسنى للطفل أن يصل بفكره لنا ولا نتدنى نحن لمستواه، ويخرج جباناً خائفاً من الرقابة والسلطة وغير ذلك.

أما بشأن ابتعادها عن الساحة الفنية لفترة طويلة، ثم عودتها لتمارس نشاطها الفني، قالت: تعرّفت في أميركا على زوجي المرحوم الدكتور إسماعيل برادة وتزوجنا، واخترت أن أكوّن أسرة وأظل هناك، بناء على طلب زوجي، كما أن علاقتي بالتمثيل كانت من جانب الهواية أكثر مما هو احتراف، لذا وافقت، وبعد أن عدت إلى مصر تم ترشيحي لأؤدي دور البطولة في مسلسل «السائرون نياماً»، لكنه تعرض لمشاكل ولم أشارك به، وتزامن هذا مع تلقي عروض للعمل في مسلسل «عمارة يعقوبيان»، ومسرحية «سكر هانم» فوافقت على المشاركة، وكانت أعمالا ناجحة.

متفائلة للغاية

وتواظب لبنى على كتابة المقالات في صحيفة «الأهرام ويكلي»، لذا تطرقنا معها لرؤيتها للواقع السياسي، فأوضحت قائلة: أعتبر أن ثورة 25 يناير حلماً صعب المنال، وما قام به شباب مصر يثبت أن هذا الشعب لديه قدرات وطاقات كبيرة، وأنا متفائلة للغاية، وننتظر مستقبلاً مشرقاً للمصريين، وأتمنى أن تستعيد مصر هيبتها وقوتها وثقلها على الصعيدين الإقليمي والدولي، فبعد ثلاث سنوات من الاضطرابات أتوقع أن ينعم الشعب بحياة ديمقراطية واجتماعية أفضل من السابق.

وعن رأيها في القوائم السوداء التي صنعها الثوار لبعض الفنانين، أكدت أنه من الخطأ أن نحكم مثل هذه الأحكام، فحب شخص لنظام ما أو كرهه له هو شيء يخصه، فكيف إذا ننادي بحرية ونمنع غيرنا منها؟ أنا ضد هذه القوائم، والأولى بالاحترام هنا هو الفنان الذي ظل على موقفه قبل وبعد الثورة، ولم يتنكر لرأيه كما فعل البعض.

الإتحاد الإماراتية في

05.04.2014

 
 

بالصور.. ليزلي مان تتحرش بـ«دياز».. و«كاميرون»:

الشذوذ مرحلة في حياة المرأة (تقرير)

كتب: حاتم سعيد 

يبدو أن الممثلة الأمريكية وعارضة الأزياء السابقة كاميرون دياز لن تكف عن إثارة الجدل حولها، بداية من تصريحاتها غير المتوقعة، مرورًا بتبريرها لأي موقف تتعرض له، وانتهاء بموافقتها على تجسيد أي مشهد جنسي في أفلامها.

ونجحت «دياز» والتي تبلغ من العمر الآن 41 عامًا، في خطف أنظار الصحافة خلال الأسبوع الماضي أكثر من مرة، بدأت مع طرح «تريلر» فيلمها الجديد الذي لم يعرض بعد وهو Sex Tape، والذي تدور أحداثه حول محاولة زوجة منع انتشار فيلم جنسي لها مع زوجها، حتى لا تراه عائلتها والعاملون معها، وتظهر «دياز» خلال الفيلم في أكثر من مشهد جنسي صريح، وهو ما عرضها لانتقادات كثيرة، كون الفيلم كوميديًا إلى حد ما.

وخلال حضورها لافتتاح فيلمها الجديد The Other Woman نهاية الأسبوع الماضي، فاجأت الممثلة ليزلي مان .المشاركة في بطولة الفيلم. حضور العرض بإقدامها على الإمساك بمؤخرة «دياز» في غفلة من المصورين، إلا أن أحد المصورين التقط المشهد في غفلة من الجميع، لتتناثر بعدها أقاويل حول الممثلتين وانتمائهما الجنسي، خاصة أن «كاميرون» صرحت قبل عرض الفيلم بأيام قليلة بأن أي امرأة عليها أن تشعر في مرحلة ما بالميل إلى جنسها.

واستفاضت «كاميرون» في حوارها مع مجلة Glamour ونقلته صحيفة Daily Mail البريطانية قائلة: «أنجذب للسيدات، وأرى أن كل امرأة سيكون لديها ميول مثلية في وقت من الأوقات، لأن النساء جميلات، جميلات للغاية، وأعتقد أن أي امرأة شعرت بالانجذاب لأخرى في مرحلة ما، إنه أمر طبيعي أن يكون هناك تقدير لجمال امرأة أخرى».

وتابعت: «أعترف بأنني أنجذب لنساء أخريات، لكن هذا لا يعني أنني مثلية الجنس، وحبي لغيري من النساء يعني أنني لا أشعر بالغيرة منهن، وأنا لا أؤمن بوجود غيرة بينهن أساسًا، لأنه شعور غير جيد».

يشارك في بطولة الفيلم كاميرون دياز، وليزلي مان، وكيت أبتون، والمغنية نيكي ميناج، وتدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي حول سيدة تكتشف أن حبيبها متزوج من أخرى .تجسد شخصيتها ليزلي مان. فتقرر مصارحتها بعلاقتها بزوجها ويتحدان سويا للانتقام منه.

المصري اليوم في

05.04.2014

 
 

«واشنطن بوست»:

«النبوي» جسد السادات ببراعة في Camp David.. وأضاف سحر المصريين

كتب: غادة غالب 

نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، مقالا لفريدة السمان وزنياك، وصفت فيه طريقة تجسيد الفنان خالد النبوي لشخصية الرئيس الراحل محمد أنور السادات، في مسرحية «كامب ديفيد»، بـ«البارعة»، موضحة أن «النبوى» أضفى بعض لحظات من البهجة في هذه المسرحية السياسية المتوترة، بإبرازه كل السحر والفكاهة المعروفة عن المصريين.

وانتقدت «وزنياك» مقالا نشرته «واشنطن بوست»، الثلاثاء، لعدم ذكره اسم «النبوي»، وتجاهل الإشادة به، وبتجسيده «الرائع» للسادات، وتركيزه فقط على الإشادة بشخصية الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر، التي يجسدها الممثل الأمريكي، ريتشارد توماس.

وأوضح المقال أن هذه المسرحية ليس لديها سوى 4 شخصيات أساسية، كل شخصية لها أهمية مساوية للأخرى، وكل واحدة كتبت بدقة مذهلة، ولها مساحة كافية، لذا عند النقد، لا يجب التركيز على شخصية بعينها، وتجاهل الشخصية الأخرى، خاصة عندما تكون مجسدة ببراعة.

وذكرت «وزنياك» أن مؤلف المسرحية لورنس رايت، وصف بوضوح سعادته الغامرة، لأنه استطاع إقناع «النبوي» تأجيل جميع ارتباطاته الفنية في مصر، والمجيء إلى الولايات المتحدة لأداء العمل، وذلك في جلسة الأسئلة والأجوبة، في أعقاب المسرحية، الأسبوع الماضي، موضحة أنه من المؤسف أن مقالة «واشنطن بوست» حذفت هذا الكلام من المقال، خاصة في ضوء كل الصور القاتمة القادمة من الشرق الأوسط.

ويشارك في بطولة المسرحية إلى جوار «النبوي» كل من الممثل ريتشارد توماس الذي يجسد شخصية جيمي كارتر، وهولي فوت، ورون رفكلين، وإخراج مورث ميث، وقد بدأ عرض المسرحية في21 مارس، وتستمر حتى 4 مايو المقبل.

المصري اليوم في

05.04.2014

 
 

الجمهور «زهق» من أفلام الألوان الطبيعية

كتبت: هدى المصرى 

المتابع للمشهد السينمائى الحالى لا يستطيع تجاهل الحضور المتميز للجيل الجديد من صناع الأفلام المستقلة التى استطاعت فرض نفسها فى السوق السينمائية الحافلة بالمتناقضات.. تجارب قليلة منها تحدثت عن نفسها وأفرزت جيلا جديدا من المتوقع أن يتصدر المشهد السينمائى فى الفترة القادمة ومن أبرزهم المؤلف والمخرج أحمد عبدالله السيد بعد نجاحه الملفت لفيلمه «فرش وغطا».. عبدالله يكتب تاريخا جديدا لسينما المؤلف التى تصدرها باقتدار يوسف شاهين وداود عبدالسيد ويبدأ حاليا مشواره للسينما الروائية بفيلمه «ديكور» وهو كما قال اتجاه مختلف عن النوعية المقدمة حاليا.. يكشفها لنا وأسرار أخرى فى حواره معنا:

بعد 3 أفلام لك كمؤلف ومخرج.. هل لمست تفاعل الجمهور مع ما تقدمه؟

- فى البداية عندما قررت أنا وزملائى المخرجون تقديم هذه النوعية من الأفلام والتى أطلق عليها فيما بعد عدة مسميات «سينما مستقلة»، «موجة جديدة»، «سينما بديلة»، لم تكن لدينا توقعات بأن يقبل الجمهور التجربة الجديدة والتى كانت مغامرة للخروج عن كل ما هو سائد فى السينما من أساليب تصوير وإخراج اعتاد عليها الجمهور المصرى، وكان وقتها مسموحا لنا بأن نضع أفلامنا فى عدد محدود من دور العرض، ولكن إقبال الجمهور على مشاهدتها كان على عكس كل توقعاتنا وخصوصا «فرش وغطا» الذى حظى بنسبة مشاهدة عالية جدا رغم أن فترة عرضه كانت أسبوعا واحدا لكنه حاز إعجاب الجمهور مما شجع على تمديد مدة عرضه.

بم تفسر هذا الإقبال الكبير وبعكس توقعاتكم؟

- الشعب المصرى تغير كثيرا بعد الثورة التى أبرزت جمهورا جديدا تخلى تدريجيا عن طريقة تفكيره القديمة، واختلفت عقليته خلال 3 سنوات فأصبح جمهور السينما يرغب فى أفكار غير تقليدية خارج الصندوق، وهذا ما يفسر الحضور والكثافة التى شهدتها أفلام «السينما المستقلة» أو التجارب الجديدة التى أقبل عليها الشباب الذى صار على درجة كبيرة من الوعى والثقافة.

وهل يعنى ذلك أن المشهد السينمائى الحالى يشهد صراعا بين السينما «المستقلة» و«التجارية»؟

- لا أتفق مع ذلك وأرى أن بعض النقاد توقعوا صراعا بين التيارين مع أنه لا وجود لهذا فى الواقع، فالتجارب الجديدة لا تلغى التجارب السابقة لأن الفن قائم على التنوع الخلاق ومواجهة التنميط، لذلك تجدين أن الفرق الموسيقية الجديدة لم تأت لتحل محل الموسيقى الأخرى لأن لكل موسيقى جمهورها، فبالإضافة لكون التعددية مطلوبة فى الفن كوسيلة لخلاصه فإن الجمهور نفسه يمل التكرار والدليل على ذلك انحسار الموجة الكوميدية فى السينما بعد فترة من ازدهارها.

هل يزعجك اتهام البعض لأفلام المهرجانات التى تحصل على جوائز دولية بأنها تركز على جوانب سلبية فى المجتمع؟

- لا يزعجنى، لأن هذا أصبح يحدث مع كل الأفلام التى حصلت على جوائز لكونها أعمالا فنية اتسمت بالصدق ولم تلجأ للتلفيق، وأرى أن هذا الهجوم دليل على أن المناخ الذى نعيش فيه غير صحى، ولا أفهم من أقنع الصحافة أن الغرب يريد أن يرى صورة سلبية عن مصر من خلال السينما.

لكن كاميرا «فرش وغطا» صدمت الجمهور بعشوائيات مصر؟

- تركيز الفيلم من بدايته حتى نهايته كان على الأبعاد الإنسانية وفى النماذج التى يلتقيها البطل بعد هروبه من السجن ومأساة المهمشين التى لم تتغير أوضاعهم وسقطوا من حسابات المجتمع والتصوير فى تلك الأماكن كان لخدمة الفكرة.

أما أفلامى الأخرى فكان التصوير فى أرقى أحياء القاهرة كحى مصر الجديدة فى فيلم «هليوبوليس» وفى «ميكروفون» كانت الإسكندرية أجمل مدن مصر وتطرق فيها الفيلم لجماليات بصرية وإنسانية وتراثية.

لا يخفى على أحد تراجع الإنتاج السينمائى المصرى فما هى الحلول التى تراها مناسبة لأزمة صناعة السينما؟

- بالعكس أنا لا أرى هذه الأزمة، فعلى المستوى التجارى هناك أفلام تحقق أرقاما فلكية وإيرادات عالية رغم الظروف السياسية الحالية وهناك أيضا شركات إنتاج بدأت تعود إلى المشهد من جديد بالإضافة إلى افتتاح دور عرض جديدة فى بعض المحافظات ومؤخرا فى الإسماعيلية.

حدثنا عن تجربتك فى «ديكور» وهل انتهيت من تصويره؟

- الفيلم من إنتاج «نيو سينشرى» وهذه هى المرة الأولى التى أعمل مع شركة إنتاج ضخمة والسيناريو لمحمد وشيرين دياب وفيه أفكار ومساحة إبداعية كبيرة، وكما تعرفين أبطاله حورية فرغلى وخالد أبوالنجا وماجد الكدوانى وقد اقتربنا بالفعل من الانتهاء من تصويره.

حورية فرغلى قالت إننا سنراها فى دور مختلف هذه المرة.. ما تعليقك؟

- حورية ممثلة لديها إمكانيات فنية جيدة وفى «ديكور» سيراها الجمهور بشكل مختلف وتجسد فى الفيلم شخصية مركبة، حيث تتزوج من رجل أحبته وتنفصل عنه لتنتقل إلى قصة حب أخرى فى مدينة أخرى وبعد انفصالها مرة أخرى تقرر السفر للمرة الثالثة للتعرف على زوجها الثالث ثم نكتشف فى نهاية الأحداث أن كل ما مرت به لم يكن سوى حلم تفيق منه البطلة وتتفاجأ بالواقع.

لماذا قررت أن تخوض «ديكور» بتقنية الأبيض والأسود؟

- الموضوع راجع لعدة أسباب منها أن دراما الفيلم تدور فى عوالم مختلفة، فلا تدرى إذا كان ما تراه يدور فى حياتك الحقيقية أم فى حياة أخرى، وبالتالى رأينا أن الأبيض والأسود أفضل وسيلة لإخفاء الأفكار داخل حدود الأرضية الرمادية، ومن ناحية أخرى نقدم الفيلم كتحية لكلاسيكيات السينما المصرية التى نحترمها.

مجلة روز اليوسف في

05.04.2014

 
 

(الملحد).. ينتصر لحرية الإبداع.. لكنه طائر بلا أجنحة

كتبت: ايمان عبدالمؤمن 

ربما لم أصل يوما إلى قاع (الإلحاد).. لأننى رأيت الله دوما.. فى كل جمال.. فى كل رسالة.. فى كل أزمة.. كنت أنصت.. أتأمل..أفكر وأناقش.. رأيته نورا فى قلبى.. رأيته فى ورقة الشجر.. عطر الورد.. ريشة الطاووس.. جناح الفراشة.. صدح البلابل.. شقشقة العصافير.. عبقرية الجسد.. نداء الموسيقى.. إيقاع الكون المحكم الدقيق المنضبط.. تناغم حروف القرآن.. المحسوبة بميزان حساس.. ليس فى مألوف اللغة.

فالإنسان فى الفلسفة (المثالية) هو الله.. والكون بما فيه أحلام تسكن عقله.. والكون فى الفلسفة (المادية) هو الله.. والمخلوقات جميعا موضوعات ثانوية. والله فى فلسفة (وحدة الوجود) فى الديانة الهندية القديمة.. هو الخالق والمخلوق معا.. فلا حساب.

وتأتى آية (التوحيد) فى القرآن.. لتقرر صراحة أن الله حقيقة.. والملائكة حقيقة.. وجميع البشر حقائق.. والله هو الخالق الذى أوجدها جميعا.. لتنقذ البشرية جميعا من التشتت والضياع بين كل هذه الآلهة المزيفة.. المال.. النفوذ.. السلطان.. المرض.. وتمنحها القوة والشجاعة فى مواجهة كل هذه المعبودات الوهمية.. فلا تخاف من طاغية.. ولا تهلع من متجبر.. ولا ترتجف من ميكروب.. ولا تقهر من رغبة.. ولا تجزع من موت.

هى لا تأمل إلا فى واحد.. ولا تخشى إلا من واحد.. ولا تطيع إلا واحداً.. ولا تطمع إلا فى واحد.. ولا تسأل إلا أمام واحد.. هكذا تتحرر النفس.. ويجتمع شملها.. ويغمرها الهدوء والراحة والسكينة.. إلا أن الله سمح بوجود الشر ؟ لم يأمر به .. لأن الحرية مع الألم فى دستوره أكرم للإنسان من العبودية مع السعادة.. لذا تركنا نخطئ.. ونتألم.. ونتعلم.. كما اقتضت العزة الإلهية.. استغناء الله عن خلقه.. فمن شاء فليؤمن.. ومن شاء فليكفر.. فهو العزيز عن خلقه.. الغنى عن العالمين.

وإذا كانت فكرة (الإلحاد) هى عدم التصديق بوجود الله.. ومن أسبابه عدم وجود دليل علمى على فرضية الخلق من العدم.. فالرد فى بساطة كما قال (توفيق الحكيم) : إن إغفال أى حاسة من حواسنا.. و إقفال باب من أبواب المعرفة.. إن المعرفة البشرية لا تدخل إلينا من باب العقل وحده.. إنما تتسرب إلينا من كل مسام جلدنا وجسدنا وذهننا وروحنا ووعينا الظاهر والباطن.. فمن كان يتوق حقا إلى المعرفة الكاملة والحقيقة العظمى.. فليفتح لها كل الأبواب والنوافذ.

لاشك أن التطرق إلى فكرة (الإلحاد) بشكل مباشر.. لأول مرة فى تاريخ السينما المصرية.. يعد انتصارا لحرية الإبداع.. إلا أن الإبداع مازال طائرا بلا أجنحة.. كلما حاول التحليق فى الفضاء.. واجه العديد من الأغلال التى تكبله.

بطل فيلم (الملحد) هو نجل داعية إسلامى شهير على الفضائيات.. يتجه نحو (الإلحاد).. ورغم أن جوهر الإسلام مفتوح دوما على الاجتهاد.. وعقلانى منطقى.. يقبل الجدل والحوار.. ويحترم حرية الفكر والاعتقاد.. إلا أن والده كان من أهم أسباب اتجاهه للإلحاد.. لأنه وجد فى فكره الدينى الجمود والتحجر.. وهو ما أثار حفيظة أسرته والمقربين له.. نظرا للخلفية الدينية التى تربى فيها.

يعتمد العمل على فتح النقاش غير المعقد بين أقصى اليمين وأقصى اليسار.. إلا أن الحوار بحاجة إلى تكثيف ورشاقة.. وينقصه العمق والجاذبية.. كما كان يمكن تقديم شخصية (الملحد) بشكل أكثر جدية واحتراماً.. لأنها ليس شخصية بسيطة.. بل تحمل تفاصيل أكثر تعقيدا.

بدا أداء الفنانة (نبيلة حسن) هادئا وطبيعيا وعفويا فى مشهد (بائعة الجبن).. وهو من أجمل المشاهد.. وفيه يهرول البطل لإنقاذها من اعتداء صاحب محل.. ورغم أن تصرفه يتعارض مع أفكاره.. فإن الرحمة داخله حركته.. كان يقترب من الحقيقة.. ومن أحب الله.. أحب مخلوقاته.. وأحسن إليها.. وحين يسألها فى نهاية المشهد : أين أجد الله ؟! : تقول : هنا.. وتشير إلى (قلبه).. وكأنها تردد قول الله فى الحديث القدسى للصوفى (محمد بن عبدالجبار)- فى إشارة إلى (الضمير)- : كيف تيأس منى.. وفى قلبك سفيرى ومتحدثى ؟!.. فقد وضع الله فى (قلب) كل منا كلية شريعة.. وميزانا لا يخطئ.

الفيلم تأليف وإخراج (نادر سيف الدين).. حاول الاعتماد فيه على التوازن بين المواهب الجديدة.. محمد عبدالعزيز.. محمد هشام.. حسن عيد.. محمد عثمان.. أحمد مجدى.. الوجوه المعروفة.. صبرى عبدالمنعم.. ياسمين جمال.. ليلى عز العرب.. نبيلة حسن.. أما الموسيقى فهى لـ (محمد القطان).

ربما يبدو العمل فنيا متواضعاً للغاية على كل المستويات.. لكنه فتح باب الأمل فى وجود عقول أكثر اتساعا.. لاستيعاب قضايا.. كان من المستحيل التفكير فيها.. لذا أحترم قبول هؤلاء الشباب الدخول فى منطقة الجرأة الخطرة.. وشجاعة المواجهة الصادمة مع المجتمع.. التى يهرب منها الكبار.. فهم فنانون يملكون رسالة حقيقية.. ولديهم القدرة على التحدى والتغيير.. إيمانا منهم بخطورة تلك القضية الحساسة.. وإيمانا منهم أيضا بأن الفكر لا يرد إلا بالفكر.

مجلة روز اليوسف في

05.04.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)