كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

إبراهيم العريس:

قمعت المبدع بداخي، ولن أكتب مذكراتي ولا أدين بشيء للمجتمع على الإطلاق

حوار: أمل الجمل

 

ليس من خريجي المدارس أو الجامعات، لكنه خريج الفقر الذي قاده لما وصل إليه. هكذا يُقرر ببساطة وحسم. معتد بنفسه ولا يعرف التواضع، بل ينفر منه أحياناً. يرى أن ثقافته لا تشبه أي إنسان آخر. لا يُجزم بأنها أفضل أم لا؟ لكنه يُؤكد أنها لا تشبه أي إنسان آخر. رغم كثرة أصدقائه يرى نفسه إنساناً وحيداً ومنعزلاً. يعترف بأن حياته ليست سعيدة، مع ذلك لا ينفي أن الحياة كانت كريمة معه. إنه إبراهيم العريس، أحد أهم وأبرز كتاب النقد السينمائي في الوطن العربي. جاء من عائلة فنية. والده المخرج الراحل علي العريس مؤسس السينما اللبنانية، والدته مارجريت شمعون كانت ممثلة مسرحية ثم سينمائية، كما أن زوجتا أبيه ناديا العريس وآمال العريس كانتا ممثلتين أيضاً. التقيته لأسأله عن حياته وسنوات الطفولة والنشأة والتكوين، وكيف جاء إلى عالم النقد السينمائي بينما درس الإخرج وكتابة السيناريو فأجابني: اتجهت لهذا العالم عن طريق والدي الذي أنتج وأخرج أول فيلمين في تاريخ السينما اللبنانية ثم أفلس وأضاع أمواله كلها وعاش في الفقر، من ثم قررت أنني لا أريد أن أكمل دراستي بعد أن بقيت في المدارس حتى سن الثانية عشر أو الثالثة عشر.

• قررت عدم إكمال دراستك بسبب فقر والدك؟ 

- لا.. لأني كنت أفترض أن ثقافتي أكبر من ثقافة الأساتذة الذين يعلمونني. والدي وفر لي فرصة عمل في ستوديو سينمائي كعامل كهرباء وعامل ديكور وعامل كلاكيت، لكن طموحي كان أكبر بكثير، فبدأت أقرأ وأشتغل على السينما أثناء تلك الفترة التي استمرت عشر سنوات. كنت أعيش التناقض بين القراءات الليلة والأفلام التي أشاهدها وبين طبيعة عملي في النهار. وقررت أن أكون مخرجاً سينمائياً وعملت مساعد مخرج مع المصري فاروق عجرمة الذي اشتغل بلبنان في فترة الهروب بعد التأميم في عهد عبد الناصر. كانت الفترة الذهبية للفيلم المصري في لبنان بعد هروب الرسامين والموزعين والمخرجين. 

• أثناء هذه الفترة خضت تجربة كتابة السيناريو؟ 

- اشتركت في كتابة سيناريوات مع عبد الحي أديب عندما زار لبنان وكتب أردأ سيناريواته. كانت أفلام لبنانية تركية مصري من بطولة فريد شوقي مثل شياطين البوسفور، وعثمان الجبار، غرام في إسطنبول. كنت أنظر لنفسي ببعض الاحتقار لأنني اشتغل في هذا الجو بينما طموحاتي أكبر بكثير. بعد هزيمة 67 استعادت مصر السينمائيين والرسامين، وكان فاروق عجرمة من عائلة غنية جدا عاش في أمريكا، وحقق فيلم مصري بعنوان "العنب المر" مع لبنى عبد العزيز، فقرر أن يعود إلى أمريكا على أن يعيش في روما فترة وطلب مني أن أعمل معه في روما في مكتبه، لأنه كان يحبني جدا وكنت أترجم له مخطوطاته. اقترح عليَّ أن أدرس في المعهد التجريبي التابع لمدينة السينما في روما لأصبح مخرجاً، فذهبت معه إلى إيطاليا ودرست من 9 إلى عشر أشهر، فصرت من بعدها مخرج. وأصلاً كان عندي خبرة بكل أنواع العمل السينمائي من عامل كلاكيت إلى مساعد مخرج إلى كهربائي إلى مصور، كل شيء. ثم رجعت على لبنان لأمارس الإخراج فوجدت السينما تحقق أفلاماً أتفه مما كانت تحققه أيام المصريين في لبنان على أيدي يوسف شرف الدين وتيسير عبود، فقررت ألا أعمل في السينما، واتجهت للصحافة فسافرت إلى الكويت لكني لم أحتمل أكثر من ثلاثة أشهر فقط، ورجعت على لندن. 

• ودراسة السيناريو متى فكرت فيها؟ 

- أثناء وجودي في لندن علمت بوجود دورة تدريبية - دراسة حرة - للنقد والسيناريو فالتحقت بها. كانت 9 أشهر نقد، و9 أشهر سيناريو، ومن هنا تحولت رغباتي من الإخراج إلى الكتابة. بالإضافة أنني كنت أعمل مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديموقراطية على مستوى الأحزاب اليسارية بروما حزب المانفيستو، فكل هذا ساهم في تكويني سياسيا وفكريا وصحفياً، وهكذا صرت ناقد سينمائي منذ عام 1971 ، أو 1972. كنت مدير تحرير وأكتب نصوص ثقافية وسينمائية وحتى سياسية. وشعرت أنني تبدلت تماماً من تلك الفترة. فقد انتقلت إلى الحزب الشيوعي اللبناني فصرت مسئول قطاع الفن وكان معي مارسيل خليفة، وساهمت في تأسيس جماعة السينمائيين الجدد في لبنان، واتحاد النقاد السينمائيين العرب الذي لم يعش سوى ساعات.. عندما التقيت برهان علوية وجوسلين صعب وراندا الشهال في بيروت عملنا على تكوين النادي السينمائي العربي في بيروت. وبدأت أُصدر كتب موقعة باسمي وأحضر مهرجان سينمائية. 

• ألم تشعر بحنين لممارسة الإخراج, أو لنقل، ألم تشعر بالندم لأنك لم تواصل في ذلك الطريق واتجهت للنقد؟

- الحقيقة هذه المسألة إشكالية بالنسبة لي، لأني كسول بطبعي وأفضل أن أجلس وأكتب. حصل مرة أنني كتبت سيناريو من ثلاثة أجزاء عن حياتي وعلاقتي مع السينما وبيروت، وحياتي مع الغرام، من خلال الرمز والفلاش باك المتداخل والمتشابك، ثم أرسلتها لمخرج سوري أعرف أنه لن يخرجها لأنها ليست من النوع الذي يتفق وأسلوبه. وذات يوم عرفت المنتجة ماريان خوري وقالت لي: "لو كنت ستخرجها أنا سوف أنتجها لك.. ولا يوجد أحد غيرك قادر على إخراجها لأنها مرتبطة بك وبحياتك." في ذلك اليوم لم أنم طيلة الليل من الخوف والرعب. طبعا لن أخرجها أبداً لأني كسول. فالإخراج ليس وارد عندي على الإطلاق. لكن ما استوقفني هو الخوف، كأن أحدهم قتل الطفل بداخل. رعبي هو ما أرعبني.

• لماذا؟ 

- لأنه لو لم أصب بالرعب لكان ممكن أعود وأربط الشيء النظري الذي أعمله بالعملي الذي أمارسه من أربعين سنة، لكني خفت وحسيت أنه مستحيل، كأنه قتل في داخلي حلم خفي لم يكن ظاهر عندي. حسيت بمأساة كبيرة ، المأساة أنني لم أحلم بأن أكون مخرج. لم يكن حلم الإخراج واحداً من أحلامي. كنت أفضل أن أحلمه ويفشل. لذلك ليس عندي حنين للإخراج، وربما لأنه عندي رعب من التعامل مع طاقم العمل لأني إنسان وحيد ومنعزل في حياتي اليومية. عندي مشاكل مع نفسي، لذلك لن أقدر على التعامل مع فريق العمل قبل وأثناء التصوير، ثم يأتي مونتير ليمارس دوره، ثم يأتي المتفرج ليفسر العمل ثم الناقد ليكتب عنه. لا أقدر على تحمل كل هذا. أثناء الكتابة أكون وحيداً جدا.. هكذا يكون المبدع وحيداً - وليس له شريك - العمل الإخراجي يتطلب مشاركات ومناقشات مع آخرين. لا يمكن أن أناقش موضوعي مع أحد قبل نشره. 

• قلت أن عندك مشاكل مع نفسك؟ هل توضح أكثر؟ 

- بسبب الوحدة التي عشتها ولازلت أعيشها، لأني نشأت وحيداً وعشت وحيداً، فمثلا أُفضل عندما يقابلني الناس ألا يتحدثوا معي، طبعاً لو كلموني سوف أكلمهم. 

• ربما للأمر علاقة بالطفولة والعائلة؟ 

- نعم.. كنت في طفولتي وحيداً. لم أعش مع أسرة. كنت ضحية الصراعات العائلية. والدي كان عنده فرقة استعراضية. كان عنده مجموعة من البنات وتزوج واحدة منهم هي أمي مارجريت لكن طلقها بعد ثلاث أو أربع سنوات، بعد التمثيل تحولت هي إلى خياطة وتزوجت وصار عندها أولاد سوريون. والدي كان بوهيمي فعاش لوحده وعشت معه فلم يهتم بي، لأنه كان عنده نزواته وحياته فتربيت لوحدي. كنت أعيش يوم عند زوج أمي، يوم عند زوجة أبي، ويوم على الطريق. كنت أشعر بالحزن لأنه لا عندي أم ولا أب، لكن مع الوقت عرفت أن هذا ما علمني. العلم والحياة لا تورث، أحيانا أشكر الله لأني نشأت وتربيت من دون أب ومن دون أم لأن هذا في النهاية صنعني. وأنا صادق مع نفسي وأؤكد بأني أحب حياتي، ولو فكرت فيها أتمنى أن أعيدها كما هي، رغم إن حياتي لم تكن سعيدة لكن الحياة كانت كريمة معي. 

• ولماذا لم تكتب مذكراتك؟ 

- لن أكتب مذكراتي، لأني أعتبر كل كتاباتي هي مذكراتي، وعندي قناعة إن كل ما يبقى منا هو ما ننتجه في هذه الحياة. البيت لا يبقى ولا الأشياء المادية تبقى، فقط كل ما نكتبه - فقد يصل أو لا يصل للآخرين - هو ما يبقى. 

• وكتابة مذكراتك هي إبداع سيبقى فلماذا لا تفعل؟ 

- بسبب حلم رأيت نفسي فيه ونصفي الأسفل متعرياً، ولما راجعت كتاب فرويد عن تفسير الأحلام أدركت أن كلام الإنسان عن نفسه هو تعرية، تعرية لجسده، كل كتابة أدبية هي تعرية. هذا ما جعلني أتوقف عن الإبداع منذ عام 1972. 

• قبل أن تقمع فكرة الإبداع بداخلك أي الأنواع الأدبية كنت تكتب؟ 

- كتبت الشعر لأني أحب الشعر الكلاسيكي، وأرى أن أعظم شاعر هو المتنبي. فجربت الشعر مثل أي شاب يعيش لحظات الغرام الأولى، ونشرت قصائد كثيرة لكني أخجل منها، ومن حين لآخر أحب أن أكتب خواطر، لكن ألقيها على جنب. بدايتي كانت مع القصص القصيرة وكتبت منها الكثير ونشرتها في جريدة النهار، ومجلة الهدف، ثم فيما بعد جمعتها وحرقتها.

• ما الذي يجعلك تنفر من التواضع؟ 

- لأني أراه تواضع كاذب. وأنا، كتير، ما عندي تواضع. ربما البعض يصفني بالتكبر أو الغرور، لكني أعتبر نفسي مثقف، أكتب، وأستفيد من كتاباتي. أعتد بنفسي، وأفتش عن الأصدقاء والصديقات، على ناس مثلي. التقيت كثير من الأصدقاء، لكنهم أصدقاء لفترة، لأني كثير التنقل بين البلدان، كثيراً ما أغير في الأفكار، وأتطور بسرعة، وشعاري هو: الحمقى وحدهم لا يتغيرون. الأفكار لابد أن تتطور مع الزمن. مع ذلك أرضخ أمام الواقع، لا أحتج علنا على الواقع، لكن أشعر بخوف داخلي وهذا يعيدني إلى السينما والحديث عن أنانية المثقف أو المبدع الذي كون نفسه بنفسه ولا يدين بشيء للمجتمع على الإطلاق، لا مدرس أو معلم أو مدرسة. أدين فقط للمبدعين الكبار اللذين شاهدت وقرأت أعمالهم وأرد هذا الدين بالزاوية التي اكتبها بجريدة الحياة "ألف وجه لأف عام". هنا الرغبة الأساسية إحياء ذكرى هؤلاء الأشخاص أكثر من الرغبة في النشر، أو نشر الثقافة. أحاول كل يوم الاحتفاء بأحدهم. أعيش علاقتي معهم يومياً. أنقل حبي لهم إلى الآخرين، مثل عدوى، بدون أي رغبات تنويرية أو تثقيفية، وأيضاً من خلالها أنقل فكرتي عن الثقافة. فكرتي أنه لا يحرر الشعوب سوى الوعي الفني، التحرر يبدأ مع ثورة الوعي عند الناس. 

• تصف نفسك بالكسول وأنت تتميز بالزخم في الكتابة؟

- لست كسولا في الكتابة. لكني كسول في الحركة. أنام باكر وأستيقظ باكر. لا أسهر، فاستيقظ الساعة الخامسة. أجد الدنيا هادئة. أسمع موسيقى وأكتب. على الساعة التاسعة أكون انتهيت من الكتابة، أكتب كثيراً وبسرعة خارقة. لا أحكي عن العمق. أعرف تماما أنه ليس لي مهمة في هذه الحياة غير أن أكتب. لا أجلس على المقاهي كثيراً. ليس عندي تطلعات بالمستقبل. بناتي الثلاث في باريس أنهوا دراستهن ويعملون. أجلس وحدي ببيروت، حولت بيتي إلى ديسكوتيك وسينماتيك، أقرأ وأشاهد أفلام وأكتب.

• وكأن غزارة الكتابة تقصي عنك وحدتك؟ 

- أؤمن أن العمل الكتابي اليومي هو مدرسة يومية لي أنا، وليس للآخرين. لما أكتب عن قصة أو سيمفونية أو كتاب أو فيلم شاهدته فأنا أعيد يوميا علاقتي معه وهذا ما درسته. لم ألقنه عن طريق أحد. الآداب والفنون وصلتني مباشرة عن طريق مؤلفيها. تعلمت اللغات عبر السفر. عندي خمس لغات أقرأ بها وأترجم، وتعلمتها كلها، وحدي، بالسفر. كتاباتي هي حياتي. لا أتخيل أن أعيش من دون الكتابة. من هنا زخم الكتابة عندي. هو ليس عمل. أحيانا أكتب من دون مقابل مادي. لكني أقاوم الوحدة التي عشتها في حياتي وقلة العلاقات التي عشتها مع آخرين. أحس أنني انتقمت من هذه الوحدة بالحياة. إنها طريقتي حتى لا أكون وحيداً. إذن وحدتي أنا ليست حقيقية، لأنه لما أكون على علاقة بكل هذه الآداب والفنون، وبالتالي علاقات روحية مع آلاف القراءة في العالم العربي فأنا لست وحيدا. أنا أتخيل أنني وحيد. 

• وما هي حكاية الثأر من الحياة الذي تمارسه على الورق؟ 

- لقد صرت في مكان ما يمكنني من تحريك الحياة، ومن الثأر منها. لوسمان جولدمان الكاتب الروماني الفرنسي يقول: "بداخل كل مبدع يوجد إله مخبوء، ويوجد أيضاً "بصَّاص" يتلصص على حياة الآخرين." مثلاً نجيب محفوظ عندما يكتب عن الآخرين، فيتلصص على خديجة أو كمال أو عائشة في الثلاثية، وعندما يختار أن يعاقب عائشة لأن أخوها حبها مقابل خديجة التي كان مصيرها حلو مع إنها فتاة سخيفة.. فكأن المؤلف هو إله يختار مَنْ يعاقب ومَنْ يكافئ. فبداخل كل مبدع يوجد إله و"متلصص". أنا لست مبدع لكني أمارس هذا الاختيار والعقاب باختيار مادة الكتابة، باختيار فيلم أكتب عنه أو رواية أو سيمفونية فأحس أنني أمارس هذه اللعبة لأني أقرر ما الذي سوف أوصله للناس وما سوف أحجبه. لماذا أخترت أن أكتب عن كافكا؟ ليس لأن عيد ميلاده اليوم، لكني اخترته لأني قررت أن أُعيده للحياة اليوم، صرت ماريونيت. لا مكان للعفوية في حياتي. كل شيء محسوب بدقة، في حياتي ومقالاتي. 

• وما هي حكاية حلمك بإنجاب البنات؟ 

- لأني لا أحب الصبيان، وأحب البنات، لأني لم أتربى في حضن أم. في بيت عمي كانوا كلهم بنات، وأنا الصبي الوحيد، ولم يكونوا ينتبهوا لي، كأني الرجل الشفاف أو الطفل الشفاف. فطالما كنت في بيت عمي كنت أجلس معهم. فالبيت المثالي هو البيت الذي فيه بنات فلما تزوجت أنجبت أربع بنات ماتت منهم واحدة وهى جنين. ونشأت صداقة بيني وبينهن لكنهن اتجهن وجهة علمية خالصة؛ الأولى دكتورة في الكيمياء، والثانية دكتورة بعلم الوراثة، والثالثة مسئولة عن قطاع التربية والحق بالتربية باليونسكو. زوجتي مارست دور الأم بشكل جيد. كانت قوية أكثر مني، هي التي ضبطت الناحية الأخلاقية في البيت، لأني بطبعي متحرر كثيراً. لو كان عندي صبي كان سيصبح عبئاً علي. تربية الذكور على عكس ما يعتقد الناس أصعب، لأن البنت سلفاً محكومة بضوابط اجتماعية.

جريدة القاهرة في

03.04.2014

 
 

فيلم " وكأنهم كانوا سينمائيين . شهادات على سينما وعصر " للمخرج صلاح هاشم :

تحفة سينمائية أعادت لنا زمن الفن الجميل . بقلم نجلاء عبد الفتاح

بقلم نجلاء عبد الفتاح

 

على الرغم من أحداث التفجيرات المرعبة التي شهدتها مصر بالأمس ،  وجعلت المصريين جميعهم حزانى، عرض في مركز الثقافة السينمائية ، الذي يديره الاستاذ مجدي الشحري، عرض فيلم " وكأنهم كانوا سينمائيين . شهادات على سينما وعصر " سيناريو واخراج  الناقد السينمائي المصري الكبيرصلاح هاشم مصطفى( رئيس تحرير مجلة " سينما إيزيس الجديدة - مجلة وموقع سينمائي ) و تصوير ومونتاج الفنان اللبناني سامي لمع، والفيلم انتاج مصري فرنسي دانمركي . مدة العرض 62 دقيقة. وقد استقبل الفيلم  بحفاوة نقدية وجماهيرية كبيرة، وبتحية وإشادة بصانعه وفنه ، وانسكبت تعليقات الاعجاب من كل حدب وصوب في احتفال الفيلم البهيج..

وكانت وسائل الاعلام من جرائد ومواقع الكترونية ، في نفس اليوم،   تناقلت الخبر الخاص بعرض الفيلم، ومن ضمنها موقع 24 - متابعة ، الذي نشر الخبر التالي : " ..يتضمّن شهادات كبار السينمائيين والباحثين صلاح هاشم يعرض فيلمه الجديد "وكأنهم كانوا سينمائيين" اليوم يعرض الناقد الكبير صلاح هاشم، فيلمه الجديد "كأنهم كانوا سينمائيين"، اليوم الأربعاء (2 إبريل)، في مركز الثقافة السينمائية، في القاهرة. يتضمّن الفيلم شهادات لكلّ من مدير التصوير الكبير د. رمسيس مرزوق، وشيخ النقاد المصريين د. صبحي شفيق، والباحث والروائي بكر الشرقاوي. يُذكر أن صلاح هاشم، فضلاً عن حضوره النقدي المتميز، يبدو مشغولاً في أفلامه، التي يقوم بصناعتها بنفسه، بقضايا التنوير والتحديث والتأصيل، كما ظهر في فيلمه "البحث عن رفاعة الطهطاوي"، رائد التعليم والتحديث في مصر.."..

--

وكان صلاح هاشم  بعد نشر الخبر، كتب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك "، كتب يقول " :

قررت بسبب أحداث التفجيرات التي شهدتها الجامعة المصرية اليو م وعكننت علينا إلغاء اللقاء الذي كان من المزمع أن يتم بعد عرض فيلمي " وكأنهم كانوا سينمائيين .شهادات على سينما وعصر " اليوم الأربعاء ابريل الساعة 6.30 مساء في مركز الثقافة السينمائية 36 شارع شريف بوسط البلد، لكن العرض ثابت وفي نفس التوقيت وشكرا للحضور الكريم على تفهمه لطبيعة الظروف المأسوية التي تعيشها البلاد، لكني سأمكث لفترة بعد العرض، لمن لديه أية استفسارات أو تساؤلات بخصوص الفيلم الذي صنعته اساسا ، متوجها به الى الاجانب والغرباء ، و" الآخر " بشكل خاص، لاقول لهم لماذا نعشق السينما المصرية التي صنعتنا، واترك الحبل لتلك الشهادات في الفيلم، لتفسر وتشرح ، وتعلق على تلك الاضافات الفذة التي حققتها، وأين يكمن ياترى سحرها الخفي ، في ماهو اقرب مايكون الى" درسفي السينما..

درس شغفت به ، ويشهاداته ، لرمسيس مرزوق ، وصبحي شفيق ، وبكر الشرقاوي،  واصغيت اليه بكل جوارحي، وأمتعني، وقد أردت بذلك الفيلم : أن يكون " تحية " الى تراث سينما مصر العظيمة، و " نقطة من بحر الحب" الذي نكنه نحن المصريون لها، وقد كانت هذه السينما عندي ، مثل ذلك " الغزال " الذي تشدو مغنيتنا له وعنه في شريط صوت الفيلم ، وقد " تاه عجبا، قكم بالافكار وبقلوب لعب، وإذ يخطو، يخطو بدلال ، فيثير الشهبـ ، ليأسرنا الغزال كما فعلت بنا السينما المصرية ، يأسرنا بروحه الحلوة، وسحره ، وجماله لكن الجمهور قرر بعد عرض الفيلم، وانقضاء فترة الاستراحة ( 10 دقائق )، قرر العودة سريعا الى القاعة للمشاركة في الندوة ، التي عقدت بإدارة الناقد والمخرج السينمائي الكبير د.صبحي شفيق ، وهنا اخذت تعليقات الاعجاب بالفيلم، تنهال من كل حدب وصوب، واستمرت الندوة لفترة أكثر من ساعة

قالت الناقدة والمونتيرة السينمائي صفاء الليثي  " إستمتعنا بالفيلم جدا، واكتسبت معرفة جديدة، وعملنا ندوة غصب عنك وعن الإرهابيين، الحياة مستمرة....

وقال المخرج د. على الغزولي

" فيلم جميل يجب عرضة على نطاق واسع ، فهو ينصف السينما المصرية التى تتعرض باستمرار للهجوم من قوى التخلف ، ويلقى الضوء على الدور الرائد لها ، بين سينمات العالم ، وتاثيرها الايجابى والحضارى فى المجتع،  وانتصارها الدائم للانسان المكافح البسيط ...تحية لصانع الفيلم

--

وقال الاستاذ مجدي الشحري مدير مركز الثقافة السينمائية ":

الف مبروووك د/ صلاح هاشم . يوم جميل فى مركز الثقافة السينمائية . والفيلم تحفة سينمائية، اعادتنا لزمن الفن الجميل

--

وقالت الصحافية منى غباشي:

حب إلي الأبد"..هكذا انت يا "صلاح هاشم" في روايتك مع الفن السابع..السينما كما "النداهة" بالنسبة لك..عاشق للسينما ومهووس بها-بالمعني الجميل- وغارق في حبها..السينما فقط هي محور حياتك...لم تزل منبهرا بهذا الفن، علي الرغم من ضياع"الانبهار" من كثيرين ، امام الكثير من المجالات والاهتمامات.اسعدني الحضور، واستمتعت ، واستفدت الكثير من محتوي ومضمون العرض، واسعدني كثيرا التركيز علي مشاهدة العم"بكر الشرقاوي" ، وهو يدلي بشهادته ، متحمسا كعادته بشدة ، لما يقتنع به ، ويسجله شاهدا صادقا امينا ، في ملف السينما المصرية ، وهو بلا شك من رموزها ، وإن غيبته الغربة في بلاد"الفرنجة"!!

وأسمح لي ياصلاح أن اهنئك ، واقول لك"مبروك" علي هذا الجهد الرائع.واختيارك باصرار،  ان تقدم مثل هذا العمل السينمائي الهام .الذي توفر له البلدان "الواعية". - وبلاش استعمل صفات اخري تثير الحساسية .وكفاية "الواعية."- توفر له الميزانيات الداعمة .والامكانات اللازمة وتفتح له الابواب المغلقة ، هذا طبعا قبل "التكريمات "وشهادات التقدير!! وإلا في بلدنا للأسف..

--

وقال الشاعر المصري الكبير جمال بخيت الذي حضر العرضك

" مبروك نجاح الفيلم ياصديقي .. "

--

وقالت الصحفية المصرية الشابة داليا ابراهيم :

تسلم ايدك يا استاذ صلاح، الفيلم اكثر من رائع ، وحضرتك ، مخرج جميل..

ولايسعنا في " سينما إيزيس " إلا نقول للاستاذ صلاح هاشم رئيس التحرير: الف مبروك على هذا الفيلم الذي ينتصر للحب، وأعاد لنا بهجة الاستمتاع بالسينما المصرية الجميلة، وجعلنا من خلال فيلمك الاثير نحبها ونفهمها ونقدرها أكثر ، وتكون " هديتنا " الى العالم ، وعلى أمل كما ذكرت في مداخلتك في الندوة التي أعقبت عرض الفيلم تصحيح صورة مصر في الخارج ليس عن طريق الدبلوماسية الرسمية فقط ، بل وأيضا عن طريق الثقافة والفن، وبهذا العشق للحياة والسينما في ابداعاتك المتميزة وفنك، وحضورك اللامع أيضا كناقد سينمائي كبير..

سينما إيزيس في

03.04.2014

 
 

من بطولة جينا كارانو

«في الدم» المرأة تحقق العدالة بيدها!

عبدالستار ناجي

 

حينما بدأت جينا كارانو، لم يكن أحد ليتوقع ان تذهب الى السينما، بعد ان احترفت الفنون القتالية، وغدت بطلة عالمية، لفنون الدفاع عن النفس وباتت واحدة من البطلات اللواتي يشغلن مساحة كبيرة من الصفحات والبرامج الرياضية.

حتى جاءتها دعوة المخرج ستيفن سودبيرغ في فيلم «هاوير - 2011»الى جوار عدد بارز من النجوم ومن بينهم مايكل دوغلاس وايوان ماكجريور وتشانينج تاتوم وانطونيو بانديراس ومايكل فاسنبدر يومها عرف العالم قدرات هذه النجمة الشابة التي تحولت من بطولة في حلبات القتال والمصارعة والدفاع عن النفس... الى نقلة للأعمال السينمائية التي تذهب في الاتجاه الذي يرسخ حضور المرأة بطلة حقيقية لأفلام المغامرات والبطولة والتحدي.

ونصل الى محطة عملها السينمائي الجديد «في الدم»الذي يتحدث عن حكاية زوجين يقومان برحلة الى بحر الكاريبي، وخلال رحلتهما، يختفي الزوج في ظروف غامضة، بعد ان يسقط به «التلفريك»ليلقي حتفه... وتبدأ مهمة الزوجة بالبحث عن زوجها، ولكنها تلاقي دائما نفسها وسط كومة من الألغاز والأسرار، وسط عوالم المافيا وفرقة الأشرار. وقد حرص المخرج جون ستوكويل على جمع أكبر حفنة من الأشرار، الذين عرفناهم في السينما الأميركية.

رحلة تتحول الى كابوس، ويكون على تلك المرأة الشابة «ان تحقق العدالة بيدها، دون ان تلتفت للقوانين، بعد ان تتأكد من تورط رجال البوليس في علاقات مشبوهة مع المخرمين، الذين كانوا وراء اختطاف... واختفاء زوجها بقية الاحداث، هي في الحقيقة تحصيل حاصل، حيث أكبر كم من المطاردات والمواجهات بين الأشرار وتلك المرأة، التي تشاهد وهي تمارس الفنون القتالية وبشراسة عالية بعد ان كانت المرأة الوديعة... فاذا بها بركان من التحدي... والعتاد، بحثا عن الحقيقة.

تبدأ عندها ايضا رحلة تلك المرأة «ايفا - جينا - كارانو»في تصفية كل الشخصيات الذين تتأكد من تورطهم في اختفاء زوجها، عبر كمية من المغامرات، صممت ونفذت لترسخ حضور ومكانة هذه النجمة الشابة.

مع «جينا كارانو»في الفيلم عدد بارز من النجوم، من بينهم داني تريخو «شاهدناه في فيلم «المنجل»وايضا ستيفن لالمج «افاتار»...يقود المجموعة المخرج جون ستوكويل الذي عرف عالميا في فيلم «توب غان - 1986»، «وفي الأزرق - 2005».

مشاهد الفيلم صورت بين المملكة المتحدة وبورتوريكو، بل نستطيع القول بأن النسبة الأكبر من المشاهد صورت في «بورتوريكو.

أبرز مشاهد الفيلم، تلك التي تحمل المواجهة بين جينا كارانوا وداني تريخو، وهو يجسد دور الشرير، ويمثل وجود «تريخو»في الفيلم احدى مفردات نجاح هذا العمل، خصوصا، وان اسم كارانو لايزال غير معروف لدى نسبة كبيرة من جمهور السينما في العالم.

وفيلم «في الدم»يقترب في حبكته من فيلم «تايكن»لليام نيسون، وفي النهاية نحن أمام فيلم آخر، عن شخص يتم اختطاف أهله، يبدأ بنفسه عملية البحث والثأر والتحدي والتصفية، الفرق في الأمر ان فيلم «تايكن»هو عمل سينمائي هوليوودي عالي الانتاج، وهنا نحن أمام فيلم مغامرات ذي ميزانية متواضعة، ولكنه قادر على تأمين الطريق لميلاد نجمة سينمائية، ستضع اسمها على خارطة أفلام المغامرات.

وفي الفيلم كثير من عوالم المغامرة، وايضا الرحلة الى عوالم أميركا الجنوبية وأسرارها وغموضها، وهذا ما شاهدناه من ذي قبل في فيلم المخرج جون ستوكويل السابق «تورستاس»الذي يتحدث عن مجموعة من السياح الاميركان في البرازيل، يجدون أنفسهم في ورطة مع عصابات تتعامل مع عمليات زرع الأعضاء «بشكل غير قانوني».

فيلم متسارع... يعتمد عل المغامرة، ما ان يبدأ، حتى تفتح أبواب المغامرات على مصراعيه، وتبدأ «ايضا»باغتيال وتصفية خصومها الواحد بعد الآخر للوصول الى هدفها...

فيلم «في الدم»يؤكد بان المرأة قادرة على تحقيق العدالة بيدها.

النهار الكويتية في

03.04.2014

 
 

المخرج مازن شيرابياني .. صاحب عين سينمائية مدربة

عدنان حسين أحمد

 

لا تقتصر موهبة مازن مهدي شيرابياني على الإخراج السينمائي حسب، وإنما تتعداها إلى كتابة السيناريو والتصوير والمونتاج. فلقد سبق له أن حصل على تكريم من قبل جمعية المصورين السينمائيين في المملكة المتحدة. كما نال الجائزة الأولى لمسابقة السيناريو في الدورة الثامنة لمهرجان لندن للفيلم الكردي "لأن قصته السينمائية مليئة بالأمل" كما ذكرت لجنة التحكيم في قرارها. ولابد من الإشارة إلى أن فكرة مسابقة السيناريو تعود للمخرج الكردي هونر سليم غير أن داعمها الأساسي هو خالد صالح، رئيس جامعة كردستان بأربيل حيث قرر رصد خمسة آلاف دولار أميركي سنوياً للفائز الأول في هذه المسابقة. ونظراً لأهمية السيناريو الفائز من جهة، وأهمية المخرج الذي نال جائزة جمعية المصورين السينمائيين في المملكة من جهة أخرى حيث أخرج ثمانية أفلام قصيرة ووثائقية ارتأينا أن نلتقيه ونسلّط الضوء على تجربته الإبداعية في بعض حقول تخصصه المتعددة، وفي الآتي نص الحوار:

كاتب محترف

·        انتَ مخرج ومصوّر ومونتير لكنك فاجأتنا بفوزك في مسابقة السيناريو  في الدورة الثامنة لمهرجان لندن للفيلم الكردي. هل لكَ أن تحدثنا عن تجربتك في كتابة السيناريو، وهل تعتبر نفسك كاتب سيناريو محترفا أم أنك مازلت في طور الهواية؟

لقد كتبت ستة سيناريوهات طويلة لذلك أعتبر نفسي كاتب سيناريو محترفا. لقد قرأت الكثير من المصادر التي تتعلق بكتابة السيناريو وتعمّقت فيها ومنها بينها كتاب سيدفيلد، وأصبحت متمكناً منها لأنني في حقيقة الأمر  أمارس كتابة السيناريو يومياً وأحاول أن أصنع من الأفكار البسيطة عالماً معقداً ومتشابكا.

فتاة المونديال

·        هل لكَ أن تعطي القارئ الكريم نبذة مختصرة عن السيناريو الذي فزت به أواخر العام الماضي في مهرجان لندن للفيلم الكردي؟

كان اسم السيناريو الذي فزت به بجائزة المهرجان هو "فتاة المونديال". تقوم فكرة هذا السيناريو على قصة خيالية مفادها أن هناك فتاة كردية مراهقة عمرها خمس عشرة سنة تحلم بأن تمثِّل كردستان في سباق المُراوحة أو  "البريد" في المونديال، لذلك درستْ تاريخ هذه الرياضة منذ العصور اليونانية القديمة وحتى الوقت الراهن. وقد سميتُ هذه الفتاة ـ "لانا" وهو اسم كردي معروف كما يسهل لفظه من قِبل الأجانب.

قصة مليئة بالأمل

·        كيف تلقيتَ رأي لجنة تحكيم مسابقة السيناريو التي كانت تتألف من شخصيات سينمائية مهمة مثل المخرج هونر سليم وجوليا ساكو وشوكت أمين أمين كوركي ومهمت أكتاش ونيكولا غالاني؟

هم قالوا إن قصة السيناريو جميلة وهي تتمحور حول فتاة كردية شابة من مدينة أربيل "هولير" تريد أن تمثل كردستان في المونديال القادم. وقد وجدوا في معالجة هذه القصة ما يستحق الفوز لأنها مبنية بناءً فنياً رصيناً. وقد التقيت بعضوة التحكيم المخرجة والممثلة المسرحية جوليا ساكو بعد توزيع الجوائز وأخبرتني عن إعجابها بالسيناريو وقالت إن قصته مليئة بالأمل لأن الفتاة تريد أن تحقق حلمها الذي قد يبدو صعب التحقيق. وللمناسبة فإن هذا الحلم الذي يدور في رأس الفتاة هو حلمي الشخصي أيضاً، فأنا شخصياً أنتظر كل أربع سنوات لأرى فعاليات المونديال ووقائعه الجميلة وأتمنى أن أرى علم كردستان في هذه المناسبة الرياضية العالمية. أنا شخصياً أحب الرياضة فهي مفيدة ذهنياً وجسدياً هذا إضافة إلى المتعة الكبيرة الموجودة فيها.

لقد تعمّدت في أن تكون البطلة فتاة لأن المرأة في كردستان خاصة والشرق الأوسط عموماً غير مُمثلَة في هذه المناسبات الكبيرة، فالنساء هنّ بالنتيجة أخواتنا وأمهاتنا وزوجاتنا وحبيباتنا وعليهن أن يمثلن أنفسهن في كل المحافل الدولية، ويجب أن نبيّن لهن أنهنّ مساويات للرجال في الحقوق والواجبات. وأنا شخصياً أعتقد بأن النساء قد يؤدين الكثير من الأشياء بطريقة دقيقة ومتقنة أفضل من الرجال. وربما يأتي هذا الرأي لأنني منحدر من عائلة سياسية ذات مستوى ثقافي جيد بحيث كانت والدتي تشجعنا على ممارسة الرياضة، والذهاب إلى السينما لمشاهدة الأفلام لذلك أعتبر أمي مثلي الأعلى في الحياة فلا تستغرب أن تأخذ المرأة حيزاً كبيراً في كل سيناريوهاتي تقريبا.

الكاميرا العمياء

·        ما هي أبرز السيناريوهات التي تخطر ببالك الآن؟

كل السيناريوهات التي كتبتها حاضرة في ذهني لكن دعني أتوقف عند سيناريو "الفتاة الوحشية" الذي كتبته عام 2001، وقد قرأه الأستاذ ناصر حسن وأُعجب به جداً،علماً بأنه كان أول سيناريو أكتبه في أثناء دراستي في معهد الفيلم بلندن، لكنني أحب أن أحوِّل سيناريوهاتي إلى أفلام بنفسي ولا أعطيها للمخرجين الآخرين ليس لعدم ثقتي بهم ولكن لأنني أحب أن أتأمل نمو الشخصيات التي خلقتها، وأفهمها وهي تنضج وتتطور. كان موضوع هذا السيناريو عن امرأة كبيرة سناً لكنها تريد أن تصبح راقصة وهذا هو حلمها الذي يبدو صعباً هو الآخر مثل الصعوبة التي تواجهها "فتاة المونديال" لكنني أعوّل على الأحلام وأعتقد أن الكثير منها يتحقق على الرغم من صعوبته. ثمة سيناريو آخر اسمه "الكاميرا العمياء" وقد أنجزته ولا أريد الحديث عنه قبل أن أحصل على الدعم المالي من حكومة إقليم كردستان.

مسحة فلسفية

·        كيف ستنفِّذ سيناريو "فتاة المونديال"، هل بصيغة روائية أم وثائقية؟

هذا سؤال مهم جداً بالنسبة لي لأن السيناريو مكتوب لفيلم روائي لكنني سأصوره بطريقة واقعية، أي ستكون الصيغة وثائقية. كما أريد أن أضفي على الفيلم مسحة فلسفية فيها جوانب فكرية واضحة. أريد لأفكاري أن تتجسّد ليس في الفيلم فقط وإنما في الأفلام الأخرى التي كتبت سيناريوهاتها. لدي فكرة عن شخص يتيم في قرية بكردستان يتربى في ظل رعاية رئيس العشيرة لأن هذا الطفل قد تيتّم بسبب الأنفال غير أنه الآن متهم بقتل ثلاث نساء هن زوجات الآغا. الفيلم يتمحور على حقوق النساء من جهة، كما أن هذا الشخص اليتيم يقع في الحب حينما كان موظفاً اجتماعياً فالفيلم ينتهي نهاية كوميدية وتراجيدية في نفس الوقت.

أفلام عراقية

·        كم عدد الأفلام الوثائقية والروائية القصيرة التي أنجزتها لحد الآن؟

لدي أربعة أفلام روائية قصيرة وهي "الأطفال والدراجة"، "حب في لندن"، "الصندوق السحري"، و"حلم المقص". كما أنجزت أربع أفلام وثائقية أذكر منها "نوروز" ، "المجهول"، وفيلم "سنور" حيث يتناول الأخير كيفية صناعة الفيلم في إقليم كردستان وما هي الصعوبات التي تواجه الجميع مخرجين وفنانين وتقنيين. بالمناسبة كنت أذهب مع والدي إلى السينما كثيراً وأشاهد الأفلام العراقية التي كانت تُعرض آنذاك مثل "حب في بغداد" و "الحدود الملتهبة" وقد بقيت هذه العناوين في ذهني لمدة زمنية طويلة وربما يكون عنوان فيلمي "حب في بغداد" هو صدى لذلك الفيلم العراقي القديم لكن فكرة فيلمي مختلفة في القصة والمعالجة والرؤية الإخراجية.

·        هل تأثرت ببعض المخرجين الكرد مثل هونر سليم  وشوكت أمين كوركي وغيرهم كما تأثرت ببعض المخرجين العراقيين العرب أو من قوميات أخرى؟

فيما يتعلق بالمخرج شوكت أمين كوركي فهو صديقي شخصياً كما عملت معه مخرجاً مساعداً في فيلم "ذكريات على الحجر". وقد أنجزت عنه فيلماً وثائقياً لأنني أعتبره مخرجاً موهوباً وذكياً في كتابة السيناريو والإخراج. أما هونر سليم فأنا أعتبره صانعاً لأفلام عالمية وهو مخرج موهوب أيضاً وقد حقق شهرة عالمية كبيرة. لقد تأثرت حقاً بالمخرج الكردي يلماز غوناي وقد شاهدت فيلم "الطريق" حينما كنت صبياً صغيراً حيث كان هذا الفيلم ممنوعاً في زمن صدام حسين وقد جلب والدي هذا الفيلم بطريقة غير قانونية ولم يدعني أرى الفيلم لكنني تمارضت ودخلت غرفة والدي وشاهدت الفيلم تحت الغطاء. أحببت مخرجين كردا آخرين أمثال مانو خليل وسالم صلواتي وجميل رستمي وسهيم عمر خليفة.

سينما كردية

·        ما الذي قدّمه لك مهرجان لندن للفيلم الكردي خلال السنوات الثماني التي مرت؟

يجب أن أعترف بأنني فخور جداً بمهرجان لندن للفيلم الكردي الذي وصل إلى مستوىً عالمي ولديه جمهور كبير من جنسيات مختلفة. أتذكر أنني حضرت اجتماعهم الأول في الدورة الأولى لأنني كنت ضمن قائمة المتطوعين وقد رأيت في حينه كيف كانت قصص الأفلام تروى من جانب واحد حيث تتناول قضايا صغيرة في المجتمع الكردي. أما الآن وقد بلغ المهرجان سنته الثامنة فلا أستطيع سوى أن أقف بإعجاب ودهشة أما هذا التنظيم، والأفلام المتطورة، وصالات العرض والندوات التي تُقام بعد العروض، فهي أروع ما في المهرجان، والأهم من ذلك كله هو هذا الجمهور النوعي الذي يناقش المخرجين والممثلين بعد العروض . لقد قام الأخ عطا مفتي بجهود رائعة وهو لم ينم إلاّ ساعات قليلة في أثناء المهرجان ومعه فريق كبير من المتطوعين الذين يبذلون جهوداً كبيرة هي محط اهتمام وتقدير الكثيرين. نحن فخورون بهذا المهرجان وببقية المهرجانات الكردية التي تقام في ستوكهولم وكوبنهاغن وغيرها من العواصم الأوروبية.

حينما أمضيت في كردستان بعض الوقت التقيت بهونر سليم وشوكت أمين كوركي ومهمت أكتاش تناقشنا كثيراً في السبل المؤدية لصناعة الفيلم الكردي وطرق تطويره. فمن المعروف أننا نصنع أفلاماً جيدة لكن سيناريوهاتها ضعيفة. أنا شخصياً قرأت العديد من الكتب عن السيناريو ويمكن أن أشير هنا إلى كتاب سيد فيلد وقد أفدت منه كثيراً وأعتقد أننا ككتاب سيناريو كردي تمسكنا كثيراً بالبناء القديم لكتابة السيناريو، بينما يتطور السيناريو كل يوم شأنه شأن الكومبيوتر والهواتف النقالة وبقية الأجهزة التكنولوجية لذلك أعتقد أن مبادرة جامعة كردستان في أربيل قد جاءت في محلها فيما يخص دعم مسابقة السيناريو في مهرجان لندن للفيلم الكردي. يجب أن تكون سيناريوهاتنا مختلفة عن سيناريوهات هوليوود لأن لدينا صوتنا الخاص وحياتنا الخاصة بنا لكن مع الأسف أن البعض من أصدقائنا يصنعون أفلامهم على الطريقة الأميركية. وبما أنني متأثر بالموجة السينمائية الفرنسية الجديدة الذين يريدون لجمهورهم أن يرى أفلاماً فرنسية أنا كذلك أريد لجمهورنا الكردي أن يرى سينما كردية فيها تجليات الحضارات القديمة لبلاد ما بين النهرين. إن مبادرة جامعة كردستان هي مبادرة مهمة بالتأكيد ليس لأني فزت في المسابقة ولكن لأن هذه المسابقة قد أصبحت جزءاً من تاريخ المهرجان الذي يروي قصصاً كردية ذات طابع إنساني مؤثر. وبعد فوزي بالجائزة اتصل بي العديد من الشباب والفتيات وطلبوا مني أن أتعاون معهم في كتابة السيناريو أو أن البعض منهم يريد أن يصبح كاتباً للسيناريو لأنه قاص ويريد أن يُسمع صوته للآخرين. خلاصة القول إني أعتبر مبادرة جامعة كردستان حجر الأساس لكتابة السيناريو في كردستان.

خدعة ذكية

·        ما هي بعض السيناريوهات التي لفتت انتباهك في المهرجان وهل فيها المواصفات الفنية والإبداعية؟

أنا في الواقع لا أسمح لنفسي بالحكم على السيناريوهات ولكن يمكن أن أعطي آرائي الشخصية وأقول إنني معجب جداً بسيناريو فيلم "جمالك لا قيمة له" للمخرج الكردي حسين تاباك. فالسيناريو محكم وفيه شخصيات تنمو وتتطور بشكل طبيعي خصوصاً فيما يتعلق بشخصية الأخوين. نحن نكتب غالباً سيناريوهات عن أحداث كبيرة جداً وهذه مشكلة يجب علاجها. فسيناريو حسين تاباك كان ممتازاً وقد لمست فيه نمو الشخصيات وتطورها وقد استطاع أن يفسّر قصته ويرويها بطريقة معقولة. من السيناريوهات الأخرى التي أعجبتني هو سيناريو فيلم "ميسي بغداد" لسهيم عمر خليفة، و "قبل سقوط الثلج" لهشام زمان على الرغم من صعوبة تصوير الفيلم في خمس دول حيث تحتاج الشخصيات إلى أن تنمو وتتطور ومع ذلك فقد تسلّح المخرج بخطة إخراجية مهمة بينما كانت شخصيات فيلمه تتحرك من موقع تصوير إلى آخر بسلاسة. كما أحببت سيناريو فيلم "بلادي الحلوة بلادي الحادة" لهونر سليم. لابد من الإشارة إلى أن السينما الكردية تتحدث عن مأساة الكرد دائماً بينما نحن كشعب نحب الفرح والمرح والدبكات الشعبية لذلك لجأ هونر إلى خدعة ذكية حيث تناول فيلمه قصة ما بعد الحرب حيث وضعنا كمشاهدين في موقعين في آنٍ واحد حيث يجعلك تتشوق لمعرفة ماذا سيحدث تماماً مثل هتيشكوك الذي يجعلك تترقب وتتشوق وتنتظر. نحن بحاجة لأن نضحك فحتى في أفلامنا التراجيدية هناك مساحة من الكوميديا. أخيراً أستطيع القول بأن هونر سليم قد ألهمني الكثير بأسلوبه وطريقة تفكيره ومعالجاته السينمائية.

الجزيرة الوثائقية في

03.04.2014

 
 

برنامج حافل في مهرجان إسطنبول السينمائي

أمير العمري

 

تشير ملامح الدورة الثالثة والثلاثين من مهرجان إسطنبول السينمائي الدولي إلى الطموح الكبير الذي يدفع القائمين على أمر هذا المهرجان المرموق إلى الانفتاح على كل التجارب السينمائية في العالم، مع عدم إغفال ذلك الاهتمام المعتاد بالسينما التركية، فالهدف الأساسي لأي مهرجان سينمائي هو تطوير السينما المحلية في البلد الذي يقام فيه المهرجان، وليس مجرد تحقيق عروض للمتعة والتسلية للجمهور لبعض الوقت ثم ينتهي الأمر.
وأساس اهتمام ضيوف المهرجان الأجانب والنقاد والمتخصصين والسينمائيين، يتجه عادة الى الإطلاع على طبيعة النشاط السينمائي في الدولة المضيفة وليس فقط متابعة الأفلام التي تتنافس على الجوائز، أو تلك التي تعرض في البرامج الموازية التي تتوجه في الأساس ، إلى جمهور البلد الذي ينظم المهرجان.

وإذا عدنا إلى تاريخ مهرجان إسطنبول الدولي سنجد أنه نشأ في بدايته، عام 1982، كأسبوع سينمائي باسم "أيام إسطنبول السينمائية الدولية" كجزء من مهرجان إسطنبول للفنون، ثم أصبح حدثا سينمائيا مستقلا بذاته في 1984 ، وفي العام التالي بدأ الأسبوع (أو الأيام) في تنظيم مسابقتين، الأولى دولية، والثانية للأفلام التركية.  وفي عام 1989 أصبح "الأسبوع السينمائي" مهرجانا دوليا حصل على اعتراف الاتحاد الدولي لمنتجي الأفلام (الفياف) وأصبح ينظم مسابقة متخصصة تعرض الأفلام اتي تدور حول الفن والفنانين أو الأفلام المقتبسة عن أعمال أدبية.

وقد أصبح المهرجان ينظم منذ 2006، لقاءات بين المنتجين الأوروبيين ونظرائهم الأتراك بغرض تشجيع التعاون في مجال الإنتاج المشترك تطورت هذه اللقاءات إلى ورشة مكثفة لتقييم ودعم المشاريع السينمائية، كما يقيم المهرجان منذ 2007، مسابقة للأفلام التي تتناول مواضيع تتعلق بحقوق الانسان، ويمنح جائزة لأحسن فيلم في هذا المجال باسم جائزة المجلس الأوروبي لحقوق الانسان.

يعرض المهرجان أكثر من 200 فيلم، ويبلغ عدد المترددين على عروضه نحو 190 ألف شخص، وهو مهرجان طويل نسبيا إذ يستغرق 16 يوما. والدورة الجديدة وهي الثالثة والثلاثون، ستقام في الفترة من 5 إلى 20 أبريل 2014.

ينقسم إلى أقسام عديدة تغطي كل الاهتمامات وأنواع الأفلام، من الكلاسيكية إلى التسجيلية والروائية والتحريك وافلام الاطفال وافلام الشباب، إلى جانب المسابقة الدولية ومسابقة لأفلام حقوق الإنسان

تشمل المسابقة الدولية عرض 12 فيلما من بولندا وبلجيكا وفرنسا وكندا وأيسلندا وألمانيا وإيطاليا والنرويج والسويد وبريطانيا واستراليا وأيرلندا.  أفلام المسابقة هي "20 ألف يوم على الأرض" للمخرج البريطاني إيان فورسايث، و"تربتيك" TRIPTYQUE  للمخرج الكندي روبير لوباج، و"فيوليت" للفرنسي مارتن بروفوست، و"عمياء" أول أفلام المخرج النرويجي إسكيل فوغت، و"أنا ونفسي وأمي" Me, Myself and Mum للمخرج والممثل الفرنسي عليوم غليين، و"تلك السنوات السعيدة" للمخرج الإيطالي دانييل لوتشيتي، و"بابسوزا" لاثنين من المخرجين البولنديين، عن حياة الشاعرة والمغنية الغجرية البولندية الشهيرة برونسلافا فايس التي عرفت باسم "بابسوزا" PAPUSZA .

وهناك في المسابقة الدولية أيضا أفلام "ميتالهيد" Metalhead عن الفرقة الأمريكية الشهيرة التي برعت في هذا النوع من الموسيقى والغناء الصاخب، وهو من اخراج المخرج الأيسلندي راغنار براغاسون، وفيلم "مسارات" للاسترالي جون كوران عن الفتاة التي قهرت الصحراء في استراليا وقطعت رحلة بلغت مئات الأميال على قدميها بصحبة ثلاثة من الإبل حتى وصلت مياه المحيط الهندي. وهناك أيضا فيلم "اعادة الوصل" The Reunion للمخرجة السويدية أنا أوديل عن ذكريات المخرجة أثناء دراستها وتعقيدات علاقاتها مع زملائها، و"توم في المزرعة" وهو أحد أفلام المخرج الكندي زافييه دولان.

تتكون لجنة تحكيم المسابقة الدولية من خمسة اعضاء هم المخرج الايراني أصغر فرهادي (رئيسا للجنة) والمنتجة البريطانية ليندت مايلز والكاتب والناقد والمخرج الفرنسي بيير لو جواي، والمخرجة الأمريكية دافني هالمان، والمخرج الروماني رادفان رادولسكو

أما مسابقة أفلام حقوق الإنسان فتشمل 10 أفلام من بينها الفيلم المصري "فرش وغطا" لأحمد عبد الله، و"ترانس إكس إسطنبول" للمخرجة الألمانية ماريا بايندر (إنتاج مشترك مع تركيا)، و"حبيبي بيستناني عند البحر" لمريم دراوزه من الأردن (انتاج مشترك مع قطر وفلسطين وألمانيا) وهو فيلم تسجيلي يصور رحلة مخرجته التي تعود للمرة الأولى الى الوطن لكي تلتقي بحبيبها الذي لم تره.. الفنان التشكيلي الفلسطيني حسن حوراني، وفيلم "القضية المزورة" للمخرج الدنماركي أندرياس جونسون، وهو تسجيلي عن المعارض الصيني آي ويوي الذي أرغمته السلطات الصينية على الصمت وسجنته ثم أطلقت سراحه بعد أن فقد الذاكرة.

في هذه المسابقة أيضا فيلم "صوت من لا صوت لهم" للمخرج ماكسيمون مونيهان من جواتيمالا الذي يصور من خلال أسلوب شبه تسجيلي قصة حقيقية عن الفتاة "أولجا" التي هاجرت من بلدها في أمريكا الوسطى إلى الولايات المتحدة وتعرضت منذ وصولها إلى نيويورك للكثير من المشاكل ووقعت في قبضة عصابات الاتجار بالبشر. وهناك أيضا فيلم "الحكم" The Verdict  للمخرج الهولندي يان فيرهين، و"الصورة المفقودة" للكمبودي ريثي بانا عن فظائع جماعة الخمير الحمر في كمبوديا خلال السبعينيات من القرن الماضي.

السينما التركية

الأقسام المخصصة للسينما التركية تشمل: مسابقة (هي الثالثة والأخيرة في المهرجان) للأفلام التركية التي أنتجت في 2013- 2014 (10 أفلام)، وقسم الأفلام التركية خارج المسابقة (5 افلام)، ثم قسم الأفلام التركية القصيرة التي يعرض منها 10 من أفضل الأفلام التي أنتجت في العام الماضي، وقسم للأفلام التركية التسجيلية (13 فيلما) ثم قسم "السينما التركية الجديدة" (7 أفلام) وهي مجموعة مختارة من الأفلام التي أنتجت خلال العشرين عاما الماضية والغرض منها التعريف بما قطعته السينما في تركيا من تقدم. وضمن قسم "العودة إلى كلاسيكيات السينما التركية" يعرض فيلم واحد هو "محسن بيه" من عام 1987 ومن اخراج يافوظ تورغال. وبهذا ينتهي الاحتفاء وتسليط الأضواء الممنهج والمتعدد الأوجه على السينما التركية، أي سينما البلد المنظم للمهرجان. وجدير بالذكر أن جميع هذه الأفلام تعرض مترجمة للإنجليزية.

الأقسام العالمية

أما الأقسام العالمية في المهرجان فتشمل أولا (بعد المسابقتين الدولية وحقوق الانسان) قسم الأفلام التي تعرض عروضا احتفالية لكبار السينمائيين في العالم لاطلاع الجمهور التركي على مختارات من الأفلام المنتظر أن تعرض فيما بعد في دور العرض في انحاء البلاد. يعرض في هذا القسم 9 أفلام منها "فيلومينا" البريطاني لستيفن فريرز، و"فينوس ترتدي الفراء" الفرنسي لرومان بولانسكي، و"العدو" الكندي لدنيس فلينيف، و"اللغز الصيني" لسيدريك كلابيش الفرنسي و"المرأة الخفية" لرالف فينيس من بريطانيا، و"سارقة الكتب" البريطاني لبريان بيرسيفال، و"فندق بودابست الكبير" لويس أندرسون الأمريكي.

هناك بعد ذلك قسم مخصص لعرض "أفلام الأساتذة" Masters أي عمالقة الاخراج السينمائي في العالم (11 فيلما) منها "مهووسة جنسيا" للارس فون ترايير (الجزءان الأول والثاني) وهو الفيلم الجريء الذي لا يخشى منظمو المهرجان عرضه على الجمهور العام.

ومن أفلام الكبار أيضا في هذا القسم "عقدة الشيطان" للمخرج الكندي من أصل مصري- أتوم إيغويان، و"دبلوماسية" لفولكر شلوندورف الالماني، و"فاونسا رجل الأمل" للبولندي لأندريه فايدا، و"كم من الغريب أن تدعى فيلليني" لإيتوري سكولا الايطالي، و"حقل الكلاب" لليش مايفسكي البولندي.

أما القسم التالي فهو بعنوان "من عالم المهرجانات" ويشمل 19 فيلما من أحدث ما عرض في المهرجانات السينمائية حول العالم. من هذه الأفلام الفيلم الكردي العراقي "بلادي بلاد الفلفل الحلو" لهينر سليم، و"إيدا" للبولندي لبافل بالوكوفسكي، و"سبتمبر" للمخرجة اليونانية بيني بانايوتوبولو، و"رائد" للنرويجي إريك سكولدبيرج، و"قدم صغيرة" للأمريكي الكسندر روكويل، و"العدو الداخلي" للمخرج اليوناني يورغوس تسمبروبولوس، و"ثلاثة تدريبات في التفسير" للمخرجة الرومانية كريستي بويو، و"لا تحرق المخطوطات" للمخرج الايراني محمد روسولوف، و"وداعا أيها الخريف" للياباني كوجي فوكادا، و"كالفاري" Calvary للمخرج البريطاني جون مايكل ماكدوناه، و"جراند سنترال" للفرنسية ربيكا زولوتوفسكي.

أفلام الشباب

القسم التالي بعنوان "رؤى جديدة" New visions وهو يشمل 15 فيلما، ويهدف إلى تسليط الاضواء على افلام المخرجين الشباب- الأولى والثانية- التي لاقت استحسانا نقديا كما حققت نجاحا جماهيريا وحصلت على جوائز في المهرجانات السينمائية العالمية.

بعد ذلك هناك قسم آخر بعنوان "عصر الوثائقي" ويشمل عرض 18 فيلما وثائقيا تتناول مواضيع وقضايا مختلفة من السياسة إلى الرياضة، ومن الفن إلى الموسيقى والتعليم والهجرة والتحولات الاجتماعية وقضايا الواقع اليومي، وكلها أفلام تتصف بالحس الفني العالي والتقنية المتميزة. ومن أفلام هذا القسم "المعلوم المجهول" لإيرول موريس عن دور وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد في حرب العراق، و"ذئب على الباب" للبرازيلي فرناندو كويبرا الذي يتابع كيفية تعامل زوجين شابين مع محنة ألمت بهما، و"سالفو" للإيطالي فابيو جراسادونيا عن المافيا الايطالية الصقلية، و"الأبكم" لاثنين من المخرجين من بيرو هما دييجو وجانييل فيجا، وهو عن رجل شريف يواجه شبكة هائلة من الفساد يشك انها تضم حتى زوجته ووالده، هو يتعرض للقتل خلال تحريه الأمر لكنه يصر على المضي قدما في كشف الحقيقة.

ويضم قسم "منطقة ملغومة" 9 افلام تتميز جميعها بالاجتراء على طرق مناطق صعبة وشديدة الحساسية في السينما، مع أسلوب فني متميز ومبتكر في المعالجة. ومن هذه الافلام الفيلم اليوناني "الآنسة عنف" الذي يروي قصة رمزية عن كيف يبيع رجل بناته في عالم الدعارة من أجل مواجهة شظف العيش وهو عمل صادم، وفيلم "كلاب ضالة" من تايوان عن الظروف القاسية التي تدفع أسرة إلى العيش على فتات الطعام مما يوزع في الأسواق للتذوق فقط. وهناك أيضا فيلم "فتيات كيسبي" لسباستيان سيبولفيدا من تشيلي الذي يصور كيف يؤدي قانون صدر أخيرا بحظر رعي الماشية في منطقة جبلية معينة، إلى هجرة ثلاث فتيات من رعاة الأغنام المنطقة والتوجه الى العاصمة حيث يتعرضن هناك للكثير من المشاكل المعقدة

وهناك قسم آخر بعنوان "مضادات الاكتئاب" يشمل 9 أفلام كوميدية جديدة من السينما العالمية، وقسم "سينما الأطفال" (3 أفلام تحريك)، وقسم "جنون منتصف الليل" (3 أفلام) وهي من أفلام الرعب تعرض فقط مساء السبت من كل اسبوع، وقسم "أين أنت ياحبيبي" يعرض 8 أفلام عن المثليين.

عروض احتفالية

يحتفي مهرجان إسطنبول السينمائي هذا العام بالمدرسة البولندية في سينما الرسوم المتحركة أو التحريك، والأفلام التجريبية، من خلال عرض مجموعات من الأفلام البولندية المتميزة في هذا المجال وتخصيص مناقشة حول ما حققه هذا النوع وما يواجهه من مشاكل اليوم. كما يحتفي المهرجان بأعمال المخرج الروسي ألكسي غيرمان الذي رحل في فبراير العام الماضي، وقد أخرج ستة أفلام طويلة كلها مصورة بالأبيض والأسود سيعرضها المهرجان لتسليط الأضواء على التجربة الفنية المتميزة لهذا المخرج الكبير.

ويعرض المهرجان اثنين من روائع عصر السينما الألمانية الصامتة هما "الناس يوم الأحد" لروبرت سيدمارك، و"عيادة الدكتور كاليجاري" الفيلم الشهير لفريدريك مورناو. والطريف أن المهرجان إختار أن يطلق على هذه الاحتفالية الخاصة بالكلاسيكيات القديمة "الحرب العالمية الأولى والحداثة في أزمة"!

وفي قسم احتفالي آخر تحت عنوان "في الذاكرة" يعرض المهرجان ثمانية أفلام في تحية خاصة إلى مخرجيها المشاهيرالراحلين ومنهم البريطاني المرموق ديفيد لين (لورنس العرب)، والمخرج الفرنسي باتريس شيرو الذي رحل في اكتوبر العام الماضي (الملكة مارجو)، والاسباني بيغاس لونا (خامون.. خامون)، والمجري الذي رحل أخيرا عن عالمنا ميكلوش يانتشو (الأحمر والأبيض)، والتركي يلماظ غوني (القطيع)، والفرنسي الذي رحل الشهر الماضي آلان رينيه (يعرض آخر أفلامه حياة رايلي).

وفي تحية خاصة الى المنتج الفرنسي (من أصل روماني) مارين كارميتز الذي أسس شركة إم كيه 2 (MK2) الفرنسية الشهيرة قبل أربعين عاما أنتجت خلالها نحو 100 فيلم من الأفلام الفنية المتميزة لكبار السينمائيين في العالم مثل فاتح أكين (تركي ألماني) وجان لوك جودار والأخوين تافياني ومايكل هانيكه وأنجلوبولوس، يمنح المهرجان هذا العام جائزة شرفية خاصة الى كارميتز (75 سنة)، كما يعرض ثمانية من الأفلام التي أنتجها، منها "لحظة براءة" للإيراني محسن مخملباف (1996)، و"المحطة القادمة.. الجنة" للروماني لوسيان بنتيل، و"فوضى" للأخوين تافياني (1984)، و"لورنس على أي حال" (2012) لزافييه دولان الكندي، و"خمسة" لعباس كياروستامي (2003)، و"نصف حياة" لرومان غوبيل (1982).

الدورة الثالثة والثلاثون من المهرجان ستكون دون شك، حافلة بالأفلام والأحداث والمناقشات، وأيضا الاكتشافات الجديدة. وستكون لنا وقفات عند أهم تلك الاكتشافات.

الجزيرة الوثائقية في

03.04.2014

 
 

مهرجان "سينما الواقع" في باريس،

ندى الأزهري

 

"همس المدن" للعراقي كاظم عبد فيلم من ثلاثة أجزاء منفصلة، مترابطة بصريا. تربطها  راهنية اللقطة، حرارتها، احساس مصورها.

على مدى عشر سنوات صور عبيد  في ثلاث مدن شرقية، من رام الله إلى اربيل مرورا ببغداد. عاش مؤقتا في تلك المدن وصوّر حياة الشارع السفلي، من خلف نافذة، من على شرفة أو سطح بناية... دائما من علو. جمع الصور يوما فأحس فيها "خصوصية هذا العالم القريب من قلبه"، وكان الفيلم. مقطوعة موسيقية لا حوار فيها ولا سرد. فقط رصد يثير لدى المتلقي أحاسيس عميقة.

هذه "رام الله" مصورة وقت الانتفاضة الثانية ما بين 2000 و 2003 . قبل حظر التجول في شارع نظيف خال إلا من بضعة عابرين: بائع كعك يترافق صياحه مع صياح الديكة، تلاميذ قلائل، بائع جرائد يستقر بتراخ فيما مكانس القشاشين تمر على  أطراف الأرصفة، دهان يطلي اشارة مرور بالأحمر والأبيض... من حين لآخر يحدث طارئ: سيارة عرس، مدرعات المحتل تعلن بدء حظر التجول... وتسمع أصوات: اطلاق رصاص وتحطم زجاج، المحتل يعلن بدء منع التجول، وصوت مطر بدأ يهطل...

بغداد مسقط رأسه الذي غادره قبل ثلاثين ستة مصورة تحت الاحتلال الأمريكي( من 4004 وحتى 2012)، كأننا لم نخرج من رام الله إلا ليزداد "الهمس"، وليمتلئ المسرح اكثر بأبطاله. عمال وآلات وجنود وعابرون... بائعو الكعك هم أيضا هنا على عرباتهم، قشاشون ومتسولة عجوز تنتهز فرصة توقف السيارات أمام الاشارة الحمراء وتلاميذ، ورشة بناء وسقالات خشبية هشة، بنّاء لايبدو مهتما بخطر ما يقف عليه، و عمال يحفون أحجار بأدوات بدائية... صور لا ينفع معها الكلام، إنها السينما الحقيقية التي تستغني بالصورة عن أي كلام، وماينفع هذا مع صورة عامل يمسح رموش ابيضّت من غبار حف الأحجار، ورجل غافٍ على كرسي مائل؟ 

تتابع العدسة بناء بحرة في الشارع على مدى ايام او شهور، لا يهم. يبدو الزمن واقفا مع تكرار مجرياته،  البحرة شُغَلت اخيرا ولم تنجو من بؤسها إلا بلعب الفتيان فيها بمرح وبهجة. لمحات أخرى من الأمل مع شباب يدبكون في الشارع و زراعة نخلات، هنا فقط يخفت " همس المدن" ليعلو صوت موسيقى نصير شمة

لقد التقط المخرج برهافة بالغة حيوات الناس اليومية، انفعالات الوجوه المتعبة المبتسمة. زوايا تصوير اختيرت بحس عال كتلك اللقطة التي تبين علامات مرور العجلات على أرض مبللة، وأخرى لشرطي مرور تائه وسط معمعة السير.. وثمة طرافة لا يخلو منها الشريط، فهذه لوحة "عراق، مستقبل واعد"! أو "حلوة الزهور" تكذبها كل الصور من دخان متصاعد في سماء المدينة، و مسلحون يطلقون الرصاص وسيارات اسعاف لا تكف عن الصراخ وهي تحاول اختراق الزحام. بغداد هي هنا ولا داع لكلام، أو لصور قتلى وشهداء...

ينتهي الشريط في اربيل((2002). هدوء نسبي. وهنا أيضا طنابر(عربات خشبية يجرها حمار أو حصان) وتزمير وطلاب مدارس... 

وهنا أيضا أحد أروع مشاهد الفيلم. حين هطول المطر، لكل أسلوبه في الاحتماء: ركض، انتظار بصبر، انحناء لايجدي، أو خرقة لا تمنع، حيرة فتردد ثم اتخاذ قرار... صور تمس  مشاهدها كما لا تفعل الكلمات يتفاعل مع المواقف ويبتسم لها. عدسة كاظم عبد حنونة  وتقطيع موفق لمشاهدها.

"ايراني" و" كان يا ما كان"

" همس المدن" يعرض في مسابقة العمل الأول للمهرجان الدولي لسينما الواقع في باريس، الموعد السنوي لأهم الأفلام الوثائقية من 20 إلى 30 مارس. إلى جانب أفلام أخرى من فرنسا، ألمانيا، ايطاليا، صربيا، الصين، فيتنام، وبوليفيا ....

أما المسابقة الدولية فتعرض أحد عشر فيلما من فرنسا واليابان وألمانيا وبلجيكا وكندا وتركيا والمكسيك والكونغو والأرجنتين.

الفيلم الياباني" الحملة رقم 2"، يتطرق لأمر حساس في اليابان و حُقق بميزانية لم تتجاوز ال 850 دولار أمريكي.  اختار كازوهيرو سودا  اسلوب السينما المباشرة، سينما ترصد اليومي وجوهره بأسلوب روائي، كحكاية مُختلقة. يتابع المخرج يوميات مرشح للانتخابات وضع " ضد النووي" عنوانا لحملته وكان شعاره" لا مال، لا دعم لا لا شيء". هذه هي المرة الثانية لياماوتشي المرشح لكنه بعد مأساة فوكوشيما اختار الخروج من حزبه مستاءا من تهاون السلطات وها هو يخوض معركته وحيدا بلا سيارة إعلانية كما جرت العادة في اليابان وبلا مصافحات ولكنه مسلح " بترف الاستقلالية" وهو مفهوم يأخذ أبعادا أعمق في  الثقافة اليابانية والمجتمع البعيد عن الاستقلالية.

أما الفيلم التركي" كان يا ما كان"، لكاظم أوز فهو عن عائلة كردية تترك الاناضول للعمل في الأرض وزراعة الخس قرب أنقره. يوم العائلة حافل بعقوق الطبيعة، لكن ليس فقط. فثمة نظرات الاحتقار للعائلة الفلاحة في محطة قطار أنقره والذل العائد للفوارق الاقتصادية والاجتماعية. فهل الحب ما سيغير الأوضاع؟ "سأهرب معها" يقول الشاب العاشق من الأسرة في غمرة انغماسه في زراعة الخس في الحقل.

ويعود الإيراني مهران تمدن في فيلم جديد يندرج ضمن سلسلة حواراته مع المسؤولين من حرس الثورة" الباسيج" و الملالي والمدافعين عن الجمهورية الإسلامية.

تمدن يعيش في فرنسا وهو في عمله الثالث هذا يدعو ثلاثة من رجال الدين إلى منزل العائلة، ويعترف بأنه " لا يفكر مثلهم و لا يتورع عن قول ذلك لهم". هدفه أن يري في فيلمه "إنتاج" قواعد للعيش المشترك بينه هو العلماني وبين رجال دين. كيف سيتصرف هؤلاء في الفضاء العام و كيف سيشغلونه؟! هل سيحققون " الأمل المثالي" بالعيش معا وفقا لدستور عام وضعوه معا؟ حوارات تتطرق إلى العلمانية التي لا تعني الالحاد كما يشرح لهم تمدن، وإلى " حيادية" الفضاء المشترك فلما لا يكون المجتمع علمانيا بمعنى ألا يكون لأمثاله هو الملحد أو لرجال الدين أو لآخرين من عقيدة أخرى. فيلم لا بد مثير للاهتمام الشديد وللجدل.

الجزيرة الوثائقية في

03.04.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)