كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

"رجـال الآثـار" يكشف:

إنقاذ الروائع الفنية من لصوص النازية.. مهمة مستحيلة!!

 يحرره: خيرية البشلاوى

 

أفلام الحرب العالمية الثانية -مازالت- تحتل مساحة علي خريطة السينما الأمريكية خاصة.. والاوروبية بشكل عام.. عدد من هذه النوعية المهمة ذات الانتاج الضخم علي قائمة أفلام 2013. ..2014

الدول التي شاركت ضمن قوات الحلفاء أو دول المحور.. تقدم زوايا النظر المتنوعة إلي ذلك الحدث العالمي الذي راح ضحيته ملايين الشباب والنساء وتهدمت من جرائه مدن وانهارت معالم وملامح مساحات أخري علي كوكب الأرض.

وما لفت نظري ضمن هذه النوعية فيلم للمخرج -النجم- جورج كلوني بعنوان "رجال الآثار" "2013- 2014" يتناول أحداثاً حقيقية.. ويقدم شخصيات مدنية شاركت في الحرب إلي جانب القوات العسكرية شكلت "فصيلاً" أو "مجموعة" هدفها الأساسي حماية الآثار والأعمال الفنية العظيمة والقطع الأثرية أو البحث عنها ومعرفة أماكنها السرية التي خبأت فيها وإنقاذها من اللصوص النازيين الذين سطوا علي كمية هائلة من هذه الأعمال. ونقلوها إلي متاحف في ألمانيا أو أخذها بعض القواد العسكريين ضمن مغانم الحرب.

الفيلم حسب المكتوب مأخوذ من كتاب بعنوان "رجال الآثار الأبطال المتحدون. لصوص النازية وأعظم مطاردة للآثار في التاريخ" للكاتب روبرت إرسل.

يتناول الفيلم المهمة الصعبة التي قام بها مجموعة من الأبطال كونوا فيما بينهم فريقا يتولي تتبع الآثار والتحف والروائع الفنية واللوحات الخاصة بكبار الفنانين وأشياء أخري علي درجة كبيرة من الأهمية الثقافية وذلك قبل أن يقوم هتلر وجنوده بتدميرها إبان اشتعال المعارك في الحرب العالمية الثانية.

في عام 1943 وفي معمعة الاشتباكات المشتعلة في ميادين القتال. وبينما تتقدم قوات الحلفاء ويحققون تفوقاً ملحوظاً علي قوات المحور في إيطاليا. قام أحد هؤلاء الأبطال واسمه فرانك ستوكس "جورج كلوني" باقناع الرئيس الأمريكي بأن الانتصار العسكري لن يكون له معني كبير إذا ما صاحبه تدمير لكنوز الحضارة الغربية أو إذا ما تسبب القتال في نهب وضياع القطع الأثرية الفنية التي لا تقدر بمال ولا يمكن تعويضها.

وحتي تتحقق هذه المهمة الخاصة جداً تم تكليف "ستوك" بتشكيل فصيل يتم اختياره من مديري المتاحف الفنية ورعاتها ومن مؤرخي الفنون لاقتفاء أثر تلك الأعمال والبحث عن القطع المسروقة واعادتها إلي أصحابها الفعليين.

شهدت الحرب نهباً منظماً للمعارض الفنية في فرنسا التي كان يحتلها النازيون. وتم إجبار مديرة معرض الفنون في باريس "كيت بلانشيت" علي السماح للجنود النازيين بالإشراف علي المعرض والاستيلاء علي القطع الفنية لحساب قائد نازي كبير باعتبارها ملكية شخصية له. وأوشكت هذه السيدة أن تقع في الأسر.. وتكررت هذه الأحداث في أماكن أخري وداخل إحدي الكنائس في بلجيكا حيث تم السطو علي تمثال للسيدة العذراء وطفلها.. من أعمال الفنان الإيطالي العظيم مايكل أنجلو وعلي مقتنيات أخري لكبار الفنانين وأيضا لأسر يهودية ثرية مات أفرادها في معسكرات الإبادة النازية.

فالنازية بطبيعة الحال هي الشر الأعظم وضحاياها من اليهود حاضرون في النسبة الأكبر من أفلام الحرب الثانية والأفلام الأمريكية التي تناولت فترة حكم الرايخ الثالث بزعامة هتلر في المانيا النازية مثلما صورت معسكرات الاعتقال وبحيث أصبحت تشكل نوعية تملأ أرفف عديدة. وسوف نشاهد منها نماذج قوية في انتاج العامين الأخيرين. ولعل أكثر الأفلام التي رأيناها إثارة وتأثيراً فيلم "قائمة شندلر" للمخرج ستيفن سبلبرج.

وفيلم "رجال الآثار" يمزج بين الكوميديا والدراما وإن كان البعض يري أنه من الصعب أن تستعين بالضحك في أعمال تتناول جرائم النازيين أو أن تجد الفكاهة في معسكرات الموت والضحايا من اليهود ورغم ذلك هناك أعمال من هذه النوعية إذ لا يوجد ما يمنع هذا الامتزاج الفني حتي في أعمال الحرب وهناك الكثير من الأفلام التي حاول صناعها أن يصنعوا من هذا الخليط الفني "كوميديا- دراما" أعمالا متوازنة وبمستويات متفاوتة من النجاح.

وما يلفت النظر هنا موضوع الفيلم البعيد عن أفلام الحروب التقليدية فهو موضوع بعيد جداً ويتسم بدرجة كبيرة من الرقي والنبل والتوجه الإنساني وصعوبته التي يعترف بها المخرج نفسه حين يقول إنه واجه أوقاتا صعبة عندما كان يبحث عن النغمة الصحيحة لفيلم "رجال الآثار" وأنه كافح من أجل تحقيق التوازن الفني الدقيق بين عناصر الكوميديا وعناصر الموضوع الجاد حول الحرب الثانية ومن زاوية جديدة لم يتطرق إليها أحد.

فالأبطال في الفيلم ليسوا من جنود القوات المسلحة وإنما رجال مدنيين أخذوا علي عاتقهم مهمة إنقاذ الميراث الفني والثقافي التاريخي للحضارة الغربية تحديدا.

وفي نهاية المهمة التي قادها "ستوكس" "كلوني" كان عليه أن يتقدم بتقريره إلي الرئيس الأمريكي الذي يتضمن نتائج هذه المطاردة الأعظم في تاريخ إنقاذ كنوز الآثار من دمار محقق. فقد أعاد الفريق المكلف كميات كبيرة جداً من الأعمال الفنية. الأمر الذي جعل الرئيس يأمر باستمرار المهمة ومواصلة البحث عن الكنوز المخبأة والمنهوبة والمسروقة من قبل اللصوص النازيين إبان الحرب. وأن يذهبوا إلي أوروبا من أجل المزيد من البحث وإعادة الأعمال الفنية التي تشكل الميراث الحضاري الأهم.

سأل الرئيس الأمريكي.. رئيس الفرقة:

هل يساوي ذلك الجهد حياة الرجال الذين ماتوا في هذه المهمة؟؟ وكانت إجابة "ستوكس": إن العمل يستحق بالفعل التضحية.

وبعد مرور فترة زمنية يظهر "ستوكس" وقد صار طاعنا في السن وهو يصحب حفيده لكي يشاهد تمثال السيدة العذراء وطفلها الذي أبدعه الفنان مايكل أنجلو.. ورأي ذلك الزحام الشديد من الشباب الذين جاءوا لمشاهدة هذا الأثر الفني العظيم الذي يشهد علي إبداع الإنسانية وعلي تضحيات الرجال الذين غامروا بحياتهم للحفاظ علي التمثال أثناء الحرب.

شارك في بطولة الفيلم مجموعة من كبار النجوم في هوليود وهم: جورج كلوني ومات دانون وييل موراي وكيت بلانشت وجون جودمان وجان دوجاردان "مخرج وبطل فيلم "الفنان"".

إن هذا الموضوع لا يتحمس له سوي فنان ذكي ومتذوق ويعرف قيمة الفن ويمتلك إمكانيات تؤهله لمغامرة ثقافية وفنية لا يقدم عليها سوي فنان لديه هذه المهارات والمؤهلات.. وجورج كلوني الوحيد في هوليود اليوم الذي يوافق علي إخراج هذا العمل.. هكذا شهد بعض النقاد الذين كتبوا عن الفيلم.

لم يحقق الفيلم نجاحا نقديا كبيرا حسب التقارير ولم يحصل علي الدرجات التي تضعه ضمن الأعمال الرائعة. ولكن أياً كانت الآراء. فالمؤكد أنه عمل يحتفي بالفن والتراث الثقافي الإنساني والتاريخي. ويقدم شخصيات لا تحركها نزعات مادية في مهمات تكلفها حياتها وفي ظروف قتال صعبة. فالفيلم يقول: إن هناك ما هو أكثر قيمة من المال. هناك الإبداع الملهم للبشرية. والثقافة التي تواجه خطر الدمار علي أيدي قوي تدميرية تقضي علي الأخضر واليابس. وهناك أشياء تستحق أن نقاتل من أجلها وأن نحميها وهناك إلي جانب ذلك رجال نبلاء خاضوا الحرب من أجل إنقاذ الحضارة والتراث الإنساني والفني.

** في ذهني وأنا أكتب عن موضوع هذا الفيلم شكل الدمار الذي أصاب عندنا المجمع العلمي والمتحف الإسلامي والكنائس الأثرية.. إلخ. وما شهدناه من بربرية معادية للحضارة والفن وللإنسان من حيث كونه إنسانا.. ومازلنا نشهده علي أيدي "جماعة" تدعي اعتناقها الإسلام.. أفعالا تعادي البشرية وتجر الشعوب إلي عصور الظلام.

رنـات

بمناسبة ذكري رحيل أحمد زكي

خيرية البشلاوى

صحيح مصر ولادة كما يقول العامة من الناس..

وصحيح أن الأوطان لا تموت بموت زعمائها حسب ما يؤكد التاريخ.

مات عبدالناصر وبكيناه كما لم نبك أبداً. شلالات من الدموع. وطوفان من أبناء الشعب تتدافع وراء جثمانه لحظة وداعه وكأن العالم بأسره قد توقف والحقيقة أن العالم لم يتوقف والحياة تمضي والبشر يموتون هذه سنة الحياة.

وماتت أم كلثوم وسار الآلاف في جنازتها ومن فرط الحزن اعتقدنا أن اللحن الحزين نغمة سوف تطول والحداد قدر فماذا يمكن أن يعوض خسارتنا في سيدة الغناء العربي؟! سهران لوحدي. ورق الحبيب. ورباعيات الخيام. ومحلاك يا مصري وأنت علي الدفة..!

ومات عبدالحليم وسعاد حسني اغتيلت.. علامات منحوتة في الوجدان. وصور مضيئة في ألبوم الوطن.. أتوق توقاً إلي حضورهم. وأستحضرهم كثيراً عبر ميراثهم الذي تركوه لنا أبدد وحدة الروح. ووعورة الأيام ومطبات الوطن الجريح في مسيرته الصعبة نحو المستقبل.. أرهف السمع. وأهدئ من تسارع دقات القلب عندما تتوالي صورهم ومعها صور الأيام والذكريات. ولا مانع من دموع غزيرة أمسحها في صمت ولا من شاف ولا من دري.

اليوم مرت علي الخاطر ذكري رحيل أحمد زكي.. استعدت أول يوم التقيته.. زمن بعيد. لم يكن قد خطا إلي العاصمة رأيته في الزقازيق. مجرد طالب يهوي التمثيل موهوب حسب ما سمعته من سيدة فاضلة احتضنته. ولم ينكر فضلها عليه عندما مرت السنون والتقيته بعد أن صار نجماً مشهوراً ومحبوباً.

ساعتها لم أتخيل أن هذا الشاب البسيط الخجول. هاديء الصوت. المتواضع سوف يصبح هذا النجم والفنان الفذ في مجال المسرح والسينما والتليفزيون!!

صحيح مصر ولادة كما يقولون. وصحيح أن الأوطان لا تموت بموت بعض أبنائها الأفذاذ في مجالات الحياة المختلفة. ولكن دلوني علي من حل محل عبدالناصر؟؟

الزعيم يخرج من رحم الوطن في الزمن والمكان والتوقيت المناسب بملامح فريدة تشبه زمانه. وبدور فريد اختصه القدر به. لن يتكرر الزعيم بنفس الملامح أو بصورة مطابقة قد يخرج من رحم زمن آخر لدور آخر زعيم آخر يفرضه التاريخ لكينونة الظروف.. ولكن لن يكون صورة طبق الأصل.

المرحلة الزمنية والظرف التاريخي والظروف في لحظة بعينها. فضلاً عن ظروف العالم المحيطة به. إضافة إلي عوامل أخري بعضها من صنع وترتيب الخالق جل شأنه.. هذه الظروف مجتمعة هيأت ميلاد الزعيم وهيأته أيضا للدور العظيم الذي يلعبه.

الزمن لا يعود. ولن نرجع زي زمان.. "وعايزنا نرجع زي زمان قول للزمان ارجع يا زمان" هكذا تغنت أم كلثوم.

لم يعوضنا الزمن عن سعاد حسني السندريلا بسندريلا أخري تحل محلها. السندريلا أيضا ابنة زمانها. وعبقريتها وخاصيتها المصرية الخالصة جعلتها ابنة كل زمان. وكل مصرية في زمانها وفي الأزمنة اللاحقة! دلوني علي "سعاد" الجميلة. المرحة. العاشقة. الحالمة في جراح الوطن. والمرأة التي عرفت الحزن. وأشاعت البهجة وأطلت في عيون بنات عصرها وقدمت ملخصاً بليغاً لمعني القهر السياسي. والظلم الاجتماعي والفقر الأخلاقي. مثلماً ترجمت ماذا تعني البهجة. ومضمون الحب الحقيقي. ورحيق الوطنية والانتماء من دون زعيق ولافتات وكلام حنجوري.. فسعاد لم تكن نبتاً شيطانياً ولا عُشبا أخضر في صحراء مجدبة ولكنها وليدة إبداع شعراء وكتاب وملحنين وكتاب سيناريو ومخرجين حرثوا وزرعوا وبذروا البذور في زمانها. وأمدوها بالوعي والإدراك وبالمعرفة الحياتية غير تلك الموجودة في الكتب النظرية.. سعاد ابنة عصرها. بدايتها ونهايتها المأساوية ليست بعيدة عن طبيعة العصر الذي عاشت فيه.

مصر صحيح ولادة.. وصحيح أن الزمن لا يعود. وإلا فأين أجد علي الساحة الآن من يحل محل أحمد زكي؟؟ لم يعد "البرئ" بريئاً. أصبح بلطجياً يشق البطون بالسواطير والجنازير. "ومتولي" خرج عن المسار.. الاستعمار الذي كان والسلطة العميلة التي كانت تخدمه صار إسلاماً سياسياً. إرهاباً وتطرفا وقتلا باسم الدين الحنيف. وحلم "الهارب" الرومانسي أصبح كابوساً. وخداعا ووهما بالخلافة وامبراطورية إسلامية.. لصوص التهريب وعقود العمل في الخليج هم فوق رؤساء دول إسلامية وخليجية وأموالهم لقتل المسلمين وإطفاء نور دُرة العالم ومصباحه الذي إذا ما انطفأ سوف يعم الظلام الشرق كله وليس مصر فقط.

أحمد زكي الذي رحل في مثل هذا اليوم "27 مارس من العام 2005". نغمة تغير عازفوها ورحل المايسترو وأسدلت الستار وانطفأت الأنوار لحين إشعار آخر.

مصر ولادة هذا صحيح ومؤكد ولولا ذلك ما كانت ثورة يتلوها ثورة. وما كان التحدي العظيم في مواجهة شرور شيطانية تتعاظم وتستقوي بالمال الحرام و"الشيوخ" الذين يحرمون الحلال ويقطعون أوصال الحياة بالفتاوي والرشاوي والمال الكثير.

مصر ولادة حتي ولو أصاب رحمها ورم وأخرج مولوداً مشوهاً أو من ذوي الاحتياجات الخاصة.

رحم الله من أناروا لنا الطريق وتركوا ما يجعلنا نثق في أنفسنا ونستمد العزيمة من ماضينا والأمل في تحقيق خريطة مستقبلنا!!

المساء المصرية في

30.03.2014

 
 

«رجـال الآثـار» ..

كيف تنقـذ اللوحـات وتصيب المتفـرج بالمـلل ؟

محمود عبدالشكور 

المشكلة الكبرى فى الفيلم الأمريكى» the monuments men أو «رجال الآثار»، الذى قام ببطولته وأخرجه واشترك فى كتابته وإنتاجه جورج كلونى، هى أنه يدافع عن الفن واللوحات الفنية بطريقة تفتقر تماما إلى الفن، كما أنه يعالج قصة شائقة للغاية من خلال سيناريو ممل يحتاج تقريبا إلى إعادة كتابة كاملة تضبط خطوطه، وتصنع من حكايته ملحمة جديرة بما يقال إنه قصة واقعية لإنقاذ لوحات كبار الفنانين الأوروبيين من سيطرة النازييين عليها فى نهاية الحرب العالمية الثانية، ما شاهدناه هو عمل مخيِّب للآمال بامتياز، منزوع التشويق ومضطرب الإيقاع تماما، بل إنه يثير التثاؤب، لا يستطيع أن يمتع أو أن يشبع، ويتأرجح بين المعالجة الساخرة والجادة، و لاينضبط قوامه إلا فى ثلث الساعة الأخير، خسارة فعلا أن تقدم قصة شائقة بمثل هذه المعالجة السطحية والهزيلة، رغم وجود حشد من النجوم مثل كلونى ومات دامون وكيت بلانشيت وبيل موراى والفرنسى جان ديجردان، ورغم وجود عناصر فنية عالية كالتصوير والموسيقى.

اقتُبس الفيلم عن كتاب بعنوان « رجال الآثار .. أبطال الحلفاء ولصوص النازية وأكبر سرقة للكنوز فى التاريخ» من تأليف روبرت داوسيل، مصادر التشويق فى الحكاية كثيرة وأهمها تكوين الأمريكى فرانك ستوكس (جورج كلونى) لفريق من الفنانين والمهندسين والمصممين، وتكليفهم بمهمة إنقاذ للوحات الفنية من الوقوع فى أيدى النازيين، واستعادة ما سلبته جيوش هتلر من لوحات وقطع فنية نادرة، حيث أراد النازيون نقلها إلى ألمانيا، و يشير الفيلم إلى أن هتلر كان ينتوى إنشاء متحف فى النمسا يضم كل ما سلبه من أعمال فنية من إيطاليا أو من فرنسا أو من بلجيكا أو من بولندا، وبالذات تلك المجموعات الفنية التى كان يقتنيها أثرياء اليهود، قرر فرانك متطوعا أن يقنع الرئيس الأمريكى فى تلك الفترة (روزفلت بالطبع) بخطورة ما يفعله النازيون من تدمير للتراث الفنى والإنسانى، مستعينا فى ذلك بصور توضح الدمار الذى طال أماكن حُفظت فيها تلك الروائع، وقد كان القصف والتدمير متبادلا من جانب المحور والحلفاء معا، يتساءل الرئيس الأمريكى عن أهمية إنقاذ اللوحات بينما يموت الآلاف كل يوم، فيؤكد فرانك أن الفن يستحق الدفاع عنه وحمايته بل التضحية من أجله، ولعل هذا المعنى الذى يتكرر فى مشاهد الفيلم التالية هو أفضل وأجمل ما فى الفيلم.

فى لقطات قصيرة تذكرنا بأفلام تجميع فرق لمهمة خاصة (مثل دستة أشرار، والعظماء السبعة، وسلسلة عصابة أوشن التى قام ببطولتها جورج كلونى)، يقدم الفيلم أعضاء فريقه من دول مختلفة: أمريكا طبعا، وفرنسا، وبريطانيا، وبداية من شهر مارس 1944 يتم تدريب هؤلاء على استخدام السلاح فى بريطانيا، وفى يوليو من نفس العام يهبطون إلى فرنسا، يحاولون التحرى عن مكان اللوحات والقطع الفنية التى سرقها رجال هتلر مثل جورنج وآخرون، يساعدهم فى ذلك شاب ألمانى ترك بلده وهو صبى، ويعمل مترجما وسائقا مع فرانك، بينما يبدأ جيمس جرانجر من أول الخيط، بالتسلل إلى باريس لمقابلة صديقه مدير المتحف الوطنى الفرنسى، نعرف أن المشكلة فى تلك المجموعات النادرة جدا التى صادرها النازيون من هواة جمع التحف وهم من يهود فرنسا، تتوزع أفراد المجموعة بين عدة دول لمتابعة أى أخبار عن ناقلات تنقل اللوحات، وخصوصا بعد أن اتضحت ملامح هزيمة ألمانيا فى الحرب العالمية الثانية، وخلال تلك التحريات الطويلة، التى أطاحت بالتشويق وبالصراع، تفقد المجموعة اثنين من رجالها أحدهما بريطانى غامر بنفسه لمحاولة إنقاذ تمثال نادر لمايكل أنجلو بعنوان «عذراء بروج والطفل»، فقتله الألمان، وسرقوا التمثال، والثانى هو الفرنسى جان كلود كليرمون (جان ديجردان)، الذى قتل فى محاولة استقصاء مصير بعض اللوحات، وبعد تفريعات كثيرة، واستطرادات متعددة، تقوم الفرنسية الجميلة «كلير سيمون» (كيت بلانشيت)، التى أرغمها الألمان على العمل معهم، بإعطاء جيمس جرانجر كتيبا سجلت فيه بالتفصيل مصير كل قطعة أو لوحة فنية قام الألمان بسرقتها من المتاحف، وكانت كلير مترددة فى التعاون مع جيمس خوفا من أن يسترد اللوحات ويذهب بها إلى أمريكا، تكشف التحريات أيضا عن عدة أماكن تم فيها تخبئة لوحات نادرة للغاية فى بعض المناجم تحت الأرض، من هذه اللوحات مثلا «تقديس الحمل» التى حاول قساوسة الكنيسة تهريبها، فعثر عليها النازيون، واحتفظوا بها، ومنها تمثال عذراء بروج الذى عثر عليه فرانك ستوكس داخل أحد المناجم، بل تعثر المجموعة بالمصادفة فى أحد المناجم على مخزون ألمانيا من الذهب.

وفقا لما يقوله فرانك أمام الرئيس الأمريكى فى نهاية الفيلم، فإن فريقه الذى فقد اثنين من أعضائه، قد نجح (والعهدة عليه وعلى الكتاب المأخوذ عنه الفيلم) فى إنقاذ حوالى 5 ملايين قطعة فنية، وإن الأمر كان يستحق التضحية من أجل الفن، وبينما يبدو الألمان أقرب إلى الهمج الذين لا يتورعون عن إحراق بعض اللوحات بأمر هتلر المهزوم (وهو أمر مشكوك فيه لأنه كان أولى بهم أن يفعلوا ذلك فى باريس عند دخولها)، وبينما يبدو السوفيت يتحينون الفرصة هم أيضا لأخذ نصيبهم من التحف الفنية تعويضا عما فقدوه أثناء الحرب (20 مليون قتيل تقريبا)، فإن الأمريكيين هم الأحرص على رد اللوحات إلى أصحابها. يقول فرانك فى أحد المشاهد إن سحق جيل بأكمله فى الحرب، يمكن أن يعوض ببعثه من جديد، ولكن سرقة اللوحات والثقافة والحضارة، يجعل الإنسان كأن لم يكن، ويحوله إلى رماد فى الهواء، حاول السيناريو أن يمنح كل شخصية فرصة لتقديم مشاهد جيدة، وحاول أن يبرز مدى تآلف أعضاء الفريق وإيمانهم برسالتهم (كما فى مشهد بقائهم مع زميلهم جيمس جرانجر الذى وجد لغما أسفل قدمه)، ولكن عدم تصاعد الأحداث وتفريعها، وعدم ربط الخيوط وتضفيرها فى جديلة واحدة، كل ذلك أصاب الفيلم بالتفكك، وجلب النعاس إلى العيون، ولم يستعد الفيلم انتباه المتفرجين إلا فى ثلث الساعة الأخير، ولكن بعد فوات الأوان. أفلتت فرصة عظيمة لصناعة ملحمة رائعة، ولم يكن هناك أداء مميز إلا من كيت بلانشيت فى دور صعب وملئ بتلوين العواطف، أما كلونى فقد أمضى معظم مشاهده راكبا سيارة حربية، ونازلا منها، فقدم سخرية إضافية فى فيلم حوّل معركة من أجل الفن والحضارة إلى مغامرة هزلية وسطحية .

أكتوبر المصرية في

30.03.2014

 
 

قضية سامية «حداقة» ..الراقصة والسياسة

أحمد النومي 

انشغل الوسط الفنى والجمهور فى الفترة الاخيرة بأزمة الراقصة «سامية حداقة»، الشهيرة 
بـ «سما المصرى»، صاحبة قناة «فلول» والاستعراضات الجريئة ضد مرسى والبرادعى والإخوان، وربط البعض بين حادث السرقة واطلاق النار الذى تعرضت له فى إحدى الكافتيرات بالهرم، وخطة الجماعة الإرهابية المعلنة لاغتيال شخصيات سياسية وفنية مناهضة لها.

وثارت التساؤلات.. هل لعبت السياسة دوراً فى قضية الراقصة سما المصرى؟. وهل هناك ارتباط بين مواقف «سما» السياسية وهجومها الشرس، الذى فاق حدود النقد ووصل إلى رموز الإخوان فى الانتقام ومحاولة التخلص منها لتكون عبرة لغيرها من الفنانات اللاتى هاجمن الإخوان فى الفترة الأخيرة؟!

المتابع لمشوار سامية عطية حداقة الشهيرة بـ «سما المصرى»، تلك البنت الريفية القادمة من الشرقية بعد تخرجها فى كلية الآداب قسم الانجليزى، يجد أن القدر كان له دور فى تغيير مسار حياتها من العمل كمقدمة برامج على قناة المحور لفترة قصيرة من خلال برنامج «كليبس»، والذى تعرفت من خلاله على الدكتور محمد عبد العال رئيس حزب العدالة الاجتماعية، وعملت بالصحيفة التى يصدرها الحزب، ثم تعرفت بعد ذلك على شخصية سياسية، وتركت الجريدة التى كانت تعمل بها، لتظهر من جديد على الشاشة من خلال عدة إعلانات قصيرة.

وظلت «سما» تتنقل من مقدمة برامج ثم صحفية فموديل إعلانى ليستقر بها المطاف كراقصة فى كباريهات شارع الهرم بدون سبب منطقى بعد الاختفاء لفترة، وبدأت شهرتها من خلال أغنية «يا أحمد يا عمر» فى فيلم «مجانين دوت كوم»، قبل أن تتجه إلى المجال الذى قربَّها أكثر من رجل الشارع وهى الأغانى السياسية والتى بدأت باغنية عن المرشح الرئاسى السابق حازم أبو إسماعيل، واستمرت على نفس المنوال فى الهجوم على رموز جماعة الإخوان وقطر والرئيس الأمريكى أوباما، ثم قصة زواجها العرفى من النائب السلفى السابق أنور البلكيمى.

وزادت شهرة «سامية حداقة» بعد أن قررت افتتاح قناة «فلول»، التى تقدم فيها عددًا من البرامج تخصصت فى مهاجمة جماعة الإخوان، وجعلت البعض يتساءل.. من أين لها بالأموال التى تجعلها قادرة على الصرف على قناة فضائية؟ وهل هناك جهات تمولها؟. 

وسألت سما المصرى.. هل الإخوان وراء محاولة اغتيالك..فقالت: «مش عارفة إنما كل شى جايز.. وهذا ما سيتضح من التحقيقات ..أنا أعلم أننى مستهدفة لكن هذا لن يثنينى عن الدفاع عما أؤمن به».

أكتوبر المصرية في

30.03.2014

 
 

حتى فى التلحين.. للمـرأة بصمـات

محمود محمد 

أم كلثوم.. لور دكاش.. نادرة.. ملك.. ليلى نظمى، نماذج لمطربات خضن مجال التلحين لأنفسهن.. وبالرغم من أن ألحانهن تقف فى إبداعها وعظمتها على قدم المساواة مع ألحان أقرانهن من الرجال فإنهن لم يستمرون بالتلحين..مما يطرح تساؤلًا مهما حول أسباب عدم استمرار المرأة فى مجال التلحين.

وهو ما أجابت عنه ندوة نظمها متحف أم كلثوم بمناسبة اليوم العالمى للمرأة. فى إطار الاحتفال باليوم العالمى للمرأة نظم متحف أم كلثوم التابع لصندوق التنمية الثقافية العديد من الفعاليات من ورش عمل وندوات ومنها الندوة التى حضرتها د.أمل جمال الدين الأستاذ بكلية التربية الموسيقية بجامعة حلوان قسم الموسيقى العربية وعازفة القانون والحاصلة على المركز الأول فى العزف فى المسابقة الدولية للعازفات على الآلات العربية بالمهرجان الدولى للموسيقى العربية الذى أقيم بدار الأوبرا المصرية عن المرأة ودورها فى تلحين الموسيقى المصرية.
تطرقت د. أمل فى البداية إلى دور المرأة فى مجال الموسيقى منذ عهد الفراعنة حتى الآن وقالت أن فى العصر الفرعونى كان يفضل لكل سيدة أن تتعلم العزف على آلة موسيقية حتى لو كانت من بنات الشعب الفقيرة، كما أن هناك بعض الآلات الموسيقية التى لا تعزف عليها إلا المرأة مثل السيستروم التى تشبه الشخاليل وآلة "الدف" التى بالرغم من ثقلها إلا أن المرأة عزفت عليها بشكل مبهر.

أشارت إلى أنه فى الجاهلية كانت النظرة للمرأة سيئة حيث كانت من وجهة نظرهم تجلب العار والشؤم على أهلها، وعندما جاء الإسلام لم يكن هناك اهتمام بالموسيقى نظرًا للانشغال بالفتوحات.

مشيرة إلى أنه مع استقرار الدولة الإسلامية والفتوحات ازدهرت الموسيقى وظهرت الجوقات الفرق الموسيقية والتى كانت تسمى باسم أكبر جارية وقد كنّ محظيات للملوك يقمنّ بنظم الشعر والتلحين والعزف على بعض الآلات الموسيقية والغناء والرقص وذلك من أجل امتاع الأمراء والملوك وعندما كان يتهادى بهنّ الملوك كانت تقدر بأنها كنز ثمين.

وقالت د. أمل جمال الدين إنه مع نهاية القرن الـ 19 وبداية القرن 20 بدأت المرأة فى احتراف الغناء فتعلمت التواشيح وتجويد القرآن الكريم والاستماع للملحنين القدامى وتعلم العزف على الآلات الموسيقية ومنها العود.

وأضافت: أم كلثوم تعلمته على يد الشيخ أبو العلا محمد وهناك صورة للمطربة لوردكاش وهى تعزف على العود وكذلك المطربة ملك، وقد قامت القليلات من المطربات بالتلحين لأنفسهن منهن من استمر وهناك من توقفن.. والأسباب كما تقول د. أمل متعددة منها الأسباب الاجتماعية والمتمثلة فى انشغال المرأة بدورها كأم وربة منزل وزوجة مما يشكل عائقًا لعملية الإبداع والتلحين، وهناك أسباب اقتصادية تتمثل فى ضعف الامكانيات المادية لديها والتى لا تمكنها من الإنفاق على العازفين والموسيقيين واستئجار الاستوديو، وهناك أيضًا الأسباب السيكولوجية فالتلحين يفرض على المرأة الاختلاط بمؤلف الكلمات والموزع والموسيقيين والمطرب وعمل البروفات ومن الممكن أن يتواصل العمل ليلًا ونهارًا وهذا يخالف طبيعة المرأة الرقيقة.

ذكرت جمال الدين أن أمثلة المطربات اللاتى خضن مجال التلحين سيدة الغناء العربى أم كلثوم والتى لحنت لنفسها أغنيتين من كلمات أحمد رامى وهما يا نسيم الفجر ريان الندى وطقطوقة على عينى الهجر ده منى، مشيرة إلى أن أم كلثوم كانت من الذكاء أنها عندما بدأت احتراف الغناء سايرت نوعية الأغانى التى كانت موجودة فى ذلك الوقت حتى تجذب الجمهور إليها ثم تقدم له أفضل مالديها من الكلمات والألحان، ومع ظهور عبد الحليم حافظ والمطربين الشباب والتفاف الجمهور حولهم بدأت فى الاستعانة بالملحنين الشباب مثل بليغ حمدى والشيخ سيد مكاوى وكمال الطويل حتى تكون أغانيها صالحة لكل زمان.

وعن المطربة ملك قالت إنها قدمت لنا ما يقرب من 5 ألحان منها لامونى الناس كلمات حسين حلمى المانسترلى و بى مثل ما بك كلمات أمير الشعراء أحمد شوقى وأوبريت مايسة والمطربة ملك من مواليد عام 1901 م وقد تعلمت العود على يد محمد القصبجى وارتبط اسمها بفن الأوبريت وأطلق على المسرح الذى كانت تغنى عليه أوبرا ملك والذى تحول إلى ساحة تخزين بعد وفاتها فى 28 أغسطس 1983م.

وأضافت: أما المطربة "نادرة" فقد تركت لنا خمس ألحان منها قصائد مثل هيئ لنا من أمرنا رشدا لعمر بن الفارض وطقطوقة غنى معايا يا موج النيل لـ عبد العزيز سلام وموشح غضى جفونك، ولدت عام 1906م فى بيروت من أب مصرى وأم لبنانية وقامت ببطولة فيلم أنشودة الفؤاد عام 1932 أمام جورج أبيض وهو أول فيلم غنائى فى تاريخ السينما.

تابعت: تعتبر لور دكاش من أكثر المطربات تلحينًا، حيث تركت لنا ما يقرب من 40 لحنا منها ليل الأشواق لـ إيليا أبو ماضى و عينيك الخضر آه منها لصالح جودت وبينى وبينك رسول ليوسف بدروس، كما أن هناك بعض الأغانى التى كتبت كلماتها إلى جانب تلحينها مثل يا ناسية الحب و مادام الساعة بايدك وألو ألو، واسمها بالكامل لور جورج دكاش ولدت عام 1917م لأسرة لبنانية وقد أطلق عليها محمد عبد الوهاب لقب ملكة التواشيح فى الإذاعة وقدمت 90 أغنية كما أنها غنت لأكبر الشعراء مثل الشاعر محمد مصطفى والذى غنت له أمنت بالله وقد منحها د.عاطف صدقى رئيس الوزراء الأسبق شهادة معاش استثنائى فانضمت لنقابة الموسيقيين.

وقالت جمال الدين أن الفنانة ليلى نظمى من ضمن المطربات اللاتى قمن بالتلحين لأنفسهن مثل أبو لاسة نايلون و حماتى يا نينة دلوعة عليا لعبد السلام أمين و كلنا بنحب مصر لمحمد قاسم و ما اشربش الشاى وقد ولدت عام 1945م فى الإسكندرية ودرست فى المعهد العالى للموسيقى العربية، أما المطربة عايدة الأيوبى وهى من مواليد عام 1967 بألمانيا من أب مصرى الأصل وأم ألمانية وتعلمت العود على يد د. حسين صابر وصدر لها ثلاثة ألبومات قبل أن تتوقف لفترة وهى على بالى 1990م و من زمان 1992م و "رفيق عمرى 1993م ومن الأغانى التى قامت بتلحينها على بالى و صدفة و عشقت الفن و مصبرنى والبوردة للإمام البوصيرى.

أشارت أستاذ الموسيقى إلى أنه فى مجال الأغنية التربوية ظهر الكثير من الملحنات والأكاديميات من كليات التربية الموسيقية ومعهد الكونسرفتوار ومعهد الموسيقى العربية، ويهدف هذا النوع من الغناء إلى تعليم الطفل قواعد الموسيقى أو قيمًا معينة مثل أركان الإسلام وحب الوطن وحب الأم وكيفية الوضوء ومن هؤلاء الملحنات عائشة صبرى أول خريجة فى معهد الموسيقى تتولى منصب العميد وأول عميد مصرى لكلية التربية الموسيقية جامعة حلوان وفتحية فايد وأميرة فرج وإحسان شفيق وحورية عزمى وبهيجة رشيد وعطيات عبد الخالق التى قدمت أغانى متميزة وهادفة للأطفال فى برنامج بابا شارو مثل النهاردة الضهرية وقولولى براوه براوه ويا عسكرىيا ابو بندقية، ومثلما برعت المرأة فى مجال التلحين فإنها برعت كعازفة على مختلف الآلات الموسيقية ومنهن مارسيل متىّ عازفة البيانو و بسمة عبد الرحيم عازفة الكمان و منال محيى الدين عازفة الهارب و د. إيناس عبد الدايم عازفة الفلوت ورئيس دار الأوبرا المصرية و نسمة عبد العزيز عازفة الماريمبا، كما أن المرأة برعت فى قيادة الكورال والأوركسترا والتأليف الموسيقى والهارمونى والتوزيع الأوركسترالى مثل السيدة منار أبوهيف الحاصلة على شهادة من الأكاديمية الملكية بلندن فى التأليف الهارمونى والعزف وقيادة الكورال.

أكتوبر المصرية في

30.03.2014

 
 

عبدالحليم حافظ.. «موسى» في حضن الملك

كتب: مصطفى علي 

أُجيز في الإذاعة المصرية عام 1951 مطربًا بعد أن فشل في الامتحان الأول، وكان نجاحه عبر قصيدة «لقاء» لحلاج الشعر صلاح عبدالصبور ولحن صديقه الأرستقراطي كمال الطويل.

كان ذلك الشاب النحيل، عبدالحليم شبانة، قد بلغ عمره وقتها 22 عامًا.

حينها كان الموسيقار محمد عبدالوهاب، مطرب الشرق الأول، قد بدأ يفكر بجدية وبخُبث معًا، في انسحابه من الأضواء والاكتفاء بالعمل من وراء الستارة للاحتفاظ ببريقه، لأنه أدرك أن ملامح جديدة للطرب تتشكل في قسَمات هذا الشاب الآتي من قرية «الحلوات» بالشرقية ليطرح موضة جديدة شكلًا وموضوعًا.

تربّى في حضن العهد الملكي، ليكون له عدوًّا وحزَنًا، إذ إنها سنواتٌ قليلة ويصير فتانا الأسمر مطربًا للثورة على ذاك الملك، وليكون هو نفسه انقلابًا غنائيًا صاحبَه انقلابٌ في مضمون الموسيقى طرَحَه رفاقُ التغيير، الموجي وكمال وبليغ.

اسمه: عبدالحليم علي شبانة.

الشهرة: (عبدالحليم حافظ).

الميلاد: الشرقية- مصر 21 يونيو 1929.

الوفاة: ضباب لندن- المملكة المتحدة 30 مارس 1977.

غذاءٌ ملكيٌّ.. خلاصٌ ثوريٌّ

لم يكن أحدٌ ليحمي موسى من الفرعون إلا الفرعون نفسه، كان هذا كيْدًا إلهيًّا لابن الماء، الذي حمله البحر إلى قصر الملك ليتربّى هناك في أمان، ثم بعد مرور زمن يخرج على الملك ليدعوه إلى تحرير الناس.

لم يكن أحدٌ ليحمي العندليب إلا ظل الشجرة في «مصر الملك فاروق» ومن سبقه من آبائه الذين حكموا مصر واستولوا على خيراتها -واستعبد بعضهم أهلها أحيانًا- نشأ العندليب اليتيم في ظل تعليم حقيقي ومُناخ صحي أثمر علماء وفنانين وأدباء أحدثوا نهضة حقيقية في الذوق المصري عشنا ومازلنا نعيش عليها..

وُلد في اليُتم في أواخر عهد «فؤاد الأول»، والد فاروق، وُلد في فقر الريف المصري، بينما ملك مصر والسودان المعظم تُصبُّ له الأناشيد في طول البلاد وعرضها.

تغذّى في بلاط الملك مُصادفة، لكنه كغالبية الرعية يدعون للملك بطول العمر ويدعون لأنفسهم بطول البال والصبر والأمل في خلاص ثوري.

أحوال العهد البائد..

العندليب يولد ولا يصنع، كانت مصر أيام الملكية يعتمد اقتصادها على الزراعة، وكان هناك اكتفاء ذاتي من المحصولات الزراعية، بل كان القطاع الزراعي يتجه فائض منه للتصدير، وكان تعداد المصريين 20 مليون نسمة قبيل ثورة 1952.

لم يلجأ الاقتصاد المصري للاستيراد، إذ كان اقتصادًا شبه مغلق، فيما كانت الحياة الصناعية في مصر قبيل الثورة تعتمد على بقايا الصناعات التي أدخلها محمد علي وما حاول الخديو إسماعيل استحداثه ومن بعده عباس حلمي الثاني مثل السكك الحديدية والسفن وصناعات الغزل والنسيج وقصب السكر، لكن القفزة الكبرى للاقتصاد المصري كانت مع إنشاء بنك مصر على يد طلعت حرب، حيث تم استقطاب رؤوس الأموال الوطنية لإنشاء الشركات والمصانع المصرية كشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وشركة مصر للنقل البري التي أدخلت لأول مرة في مصر حافلات النقل الجماعي.

وبدأ تنافس الصناعة المصرية في بعض المجالات الصناعات العالمية، خاصة تلك التي أدخلتها برطانيا في مصر، نظرًا لحاجتها لتلك الصناعات في مصر أثناء الحرب العظمى، التي أحدث نشوبها تطورًا كبيرًا للاقتصاد المصري، حيث إن مصر استفادت من هجرة رؤوس الأموال الأوروبية إليها، ودخلت مصر الحرب العالمية الأولى وهي مدينة لإنجلترا وخرجت منها وهي دائنة لها بـ150 مليون جنيه مصري.

«الجنيه المصري وقتها كان يساوي 8.5 جرام من الذهب الخالص عيار 18». وبتدفق رؤوس الأموال الأوروبية إلى الرأسمالية الوطنية التي أنشأها طلعت حرب ورفاقه، أنشأت مصر قاعدة صناعية قوية، حيث أصبحت البورصة المصرية في ذلك الوقت خامس بورصة في التصنيف العالمي.

سياسيًا، نجد أن حركات الكفاح الوطني والشعور العام بالانتماء لبلد يعده العالم مطمعًا وكنز ثروات، ولّدت إحساس فخر لدى المصريين بانتمائهم لهذا الوطن رغم نهبه من الاحتلال، وكان من ثمرة هذه الحركات الوطنية اكتمال نضجها في عام 1919 بقيادة سعد زغلول، واتجه المصريون لتمصير اقتصادهم وطبهم وصناعتهم، حتى أجبرت الحركة الوطنية الملك فؤاد الأول على التوقيع على دستور 1923 كأول وثيقة دستورية تحدد سلطات الملك، وجعلت الحكم برلمانيا -الملك يملك ولا يحكم- وكانت أول حكومة بمقتضى هذا الدستور مارست سلطات الحكم بعيدا عن الملك حكومة الوفد بقيادة سعد باشا زغلول عام 1923 وأصبح سعد باشا يلقب بدولة الباشا أي أنه أصبح الحاكم الفعلي للبلاد.

كانت مصر تسير نحو ديمقراطية حقيقية، حتى ولو كانت تطبق على قاعدة بسيطة وليست متسعة في طول البلاد وعرضها، إذ كان غالبية الشعب من الفقراء الفلاحين، ولولا غياب الشعب عن استغلال هذه الفرصة الديمقراطية وتدخل الإنجليز لإجهاضها لآتت الحركات أُكُلها، لكن الرياح تأتي، أغلب الظن، بما لا تشتهي مصرُ. ظهر تنويريون أمثال طه حسين وقاسم أمين، وظهرت على الساحة المصرية لأول مرة حركات إصلاح ديني –هكذا سمّت نفسها- مثل جماعة الإخوان المسلمين.

وكان التعليم مقتصرًا على طبقات محدودة من الشعب المصري، كان منقسما بين التعليم الأزهري والتعليم الأجنبي والأميري وكان المجتمع طبقات، فلاحون يحفظون القرآن ويزرعون الأرض، وصُنّاع لا يهتمون إلا بحرفهم، ولا تعليم للإناث إلا فيما ندر، ثم التجّار أو سكان المدن الذين كانوا يعلمون أبناءهم في الأزهر والمدارس الأميري والأجنبية، وكان هذا للأغنياء فقط.

وكان للتعليم فضلٌ على من يريد الارتقاء من طبقة إلى طبقة، لذا فإن مَن كان يرغب في التعلم كانت ثماره ناضجة بالفعل، وكان للحركات الوطنية أيضا فضل كبير في نشر المدارس الأهلية بمصروفات أقل مما أقره الإنجليز.. هكذا تعلم فقراء المصريين قبل ثورة يوليو 1952.

وكانت هناك الكتاتيب التي كانت اللبنة الأولى للتعليم في مصر، حيث كانت تضع حجر الأساس لأي شخص أراد التعلم، فيشرب أسس الكتابة والقراءة ويحفظ القرآن.

كانت الحياة في بر مصر تعتمد الفقر منهجًا.. يعيش أهلها على الكفاف رغم أنهم يعومون على ثروات.. لهم رموز حقيقية تسعى لتطوير الوطن.. هناك أديب ومفكر مستشار لوزارة المعارف نادى بمجانية التعليم الابتدائي اسمه طه حسين وأقرها بالفعل وزير المعارف آنذاك، أحمد نجيب الهلالي، في بداية الأربعينيات من القرن العشرين.

كان عبدالحليم شبانة يستعد للحضور في هذه الأيام إلى الدنيا، وكانت تلك مصر التي استقبلته طفلًا.

العندليب.. الأسطورة تخرج إلى النهار

خرج موسى من مصر هاربًا نحو مديَن بعد أن ارتكب أو تورط في جريمة قتل.

خرج ليتطهر ويولد من جديد.. خرج ليتعلم ويتنفس هواء جديدًا، لكنه لم ينسَ روافده الأولى، من أول الماء الذي ألقته أمُّه إليه فكان معلمَه الأول، مرورًا بمبادئ السحر الأولى، حتى عودته بوحي ورسالة.

كان لا بد لعبدالحليم أن يترك «الحلوات»، دون أن يرتكب جريمة، كان عليه أن يكبر بسرعة في اليُتم، بعد أن ماتت أمُّه عقب ولادته بأيام.. كان عليه أن يودع ضعفه وقلة الحيلة ليرتمي في حضن القاهرة، ببختها الواسع، لا ينسى أنه ابن الكُتاب والحقول المفتوحة حتى السماء.

كان عليه أن يخرج مهاجرًا نحو نفسه المتمردة.. ملّ روتينه في أن يكون في حيز ضيق.. ملّ العمل كمدرس للموسيقى، يكرر ما يقول كل يوم.. راح إلى البراح ليكتشف هناك أن فيه مساحة لم يستخدمها بعد، وآن له أن يجرب حظه فيها.. فربما ينجح أكثر من أخيه، المطرب المُهم إسماعيل شبانة، غير المحظوظ بالمرة.

كان لا بد من لقاءات يرتبها القدر.. كان لا بد من محمد الموجي وكمال الطويل ثم بليغ حمدي ليكون عبدالحليم شبانة مؤسسة فنية تنمو وتتنامى لتأكل الأخضر واليابس وتسحب البُسُط من تحت أعتى عُتاة الغناء.. كان لا بدَّ من مصادفات.. وحظوظ.. كان لا بد من تعويض إلهي عن اليُتم والتشرد في الملاجئ.

عبدالحليم.. أول مطلع في أغنية الثورة

قد نتفق أو لا على أن الغناء لهذا الوطن ووحدته بدأ مع النابغة سيد درويش، ونشيدنا الوطني دليل، وقد نتفق أو لا على أن عبدالحليم حافظ أحد أصدق من غنوا لهذا الوطن، والفارق كبيرٌ بين من يغنّي لحكام الوطن ومن يُنشد لتجربة ومرحلة مثلت أجيالًا صدّقت التجربة.

إن الحقبة الناصرية -إن جازَ لنا أن نسمّي المسافة بين ثورة يونيو 1952 ووفاة عبد الناصر 1970- كانت تمثل حُلمًا رومانتيكيا لجيل صدّق أنه بالإمكان أن نحلم، فكان من الطبيعي أولا أن يختار الحُلمُ من يحلمه بصدق، وكان من الطبيعي ثانيًا أن يظهر جيل موسيقي مختلف عن الجيل الملكيّ، وكان من الطبيعي ثالثًا ظهورُ مؤرّخ شعري لتلك الثورة/ الحلم، صلاح جاهين، وكان من الطبيعي رابعًا أن يكتئب المؤرخ وينتحر بانتهاء فترة الحلم، وكان من الطبيعي خامسًا وسادسًا حتى رقم غير محدود أن يقع اختيار الحلم على عبدالحليم ليكون متحدثا رسميا باسم هؤلاء الحالمين.

وكان طبيعيًا أخيرًا، حين يصحو الحالمون على نكسة، أن يغني العندليب منبّهًا إياهم بأن «النهار عدّى»، وآنَ لهم أن يفيقوا.

هناك من يصنّف عبد الحليم على أنه مطرب عاطفي، وهناك من يصنفه نجمًا تجاريًا، وأيضا هناك من يعتبره ناطقًا باسم الحاكم والدولة ومجندًا لدى النظام، مثله في ذلك مثل أم كلثوم وعبد الوهاب وغيرهما، ممن استغلتهم السلطات، لامتلاك المحكومين والترويج لبطولاتهم، أو تقربوا هم من السلطات، ليكونوا أصحاب نفوذ، لكن الأهم في ذلك كله أن عبد الحليم، كبقية الأسماء التي ذكرت سابقًا، تجربة غناء عربي اتسمت بالحيوية، ومثّل هو مشروعًا غنائيًا واضح المعالم، وكان أداءً له سماتٌ يمكن تحديدها بسهولة، ووصل ببساطة إلى معادلة البصمة التي لا تكرار لها.. وصل للشخصية التي تكون نفسَها ولا تستعير غيرها أبدًا.

حروب العندليب.. «أنا اللي هاغني لوحدي»

الغلُّ مشروعٌ حين يُنتج فنًّا يعيش، سواء رضي منظّرو الإنسانيات أو لم يرضوا، وهذا الشاب «الغلّاوي» المدعو عبدالحليم شبانة ما كان له أن يكون طيّبًا خالصًا ورقيقًا وناعمًا ومُؤْثِرًا الآخرين على نفسه، لسنا ملائكة إلى هذا الحد ولا هو شيطان إلى هذا الحد.

دخل عبد الحليم حروب بقاء مع كل من هدد مشروعه الفني، احتكر بليغ حمدي وعبد الرحمن الأبنودي، لا حبًا فيهما فقط، وإنما انتزاعًا من كفة الآخرين، محمد رشدي تحديدًا، ذاك الذي يغني بالشعبي ويكتسح سوق التوزيع، فكان لا بد أن يقرر عبد الحليم أن يغني «شعبي» على «الطريقة الحليمية»... وكأنه يقول: «أنا اللي هاغني لوحدي».

ويحكي الشاعر عبد الرحمن الأبنودي: «عبدالحليم قال لي: عايز أغنّى اللغة بتاعتك.. لكن أنا ماقدرش أقول المسامير والمزامير زي صاحبك رشدي».

ويكمل الأبنودي: «في يوم كنت في استوديو صوت القاهرة بصحبة محمد رشدي وبليغ حمدي وفرقة صلاح عرام، نسجل أغنيتَي (بلديات) و(وسّع للنور)، وفجأة وجدت أمامي اثنين يرتديان بدلتين أنيقتين، وتختفي ملامح وجهيهما خلف نظارات سوداء ضخمة، وقال أحدهما بنبرة حادة: (حضرتك الأستاذ الأبنودي؟ من فضلك عايزينك معانا شوية). فصار معهما بهدوء، وقال لبليغ بالإشارة من خلف زجاج الاستديو ما معناه: «أنا معتقل.. ابقى ادفع لي إيجار الشقة».

كانت سيارة «كاديلاك» في انتظارهم، وركب الثلاثة، وركب أحدهم بجوار الأبنودي، والثاني بجوار السائق، والكل صامت ومرّت السيارة بجوار مبنى وزارة الداخلية في لاظوغلي ولم تقف، وفجأة وقفت السيارة أمام عمارة ضخمة في الزمالك، وكان يقف أمامها شرطة، فظن الأبنودي أن المخابرات هي التي ألقت القبض عليه، ودخل العمارة، وسار إلى الأسانسير، وصعد معهم حتى وصل إلى شقة ظن أنها مكتب للمخابرات، ورنّ أحدهم الجرس، وانفتح الباب، فوجد الأبنودي أمامه رجلًا نوبيًّا يرتدي طربوشا وقفطانا أبيض وحزاما أحمر، وبمجرد أن وطئت قدماه الشقة، وجد صالة كبيرة بها سجاد لم يرَ مثله قط، وفوتيه ضخما يجلس عليه شخص نحيف، لكن ملامحه غير واضحة خلف الفوتيه.. فجأة قام هذا الشخص، وجرى نحو الأبنودي ليعانقه، ويقول له: «عبدالرحمن.. إنت جيت؟».. فإذا هو عبدالحليم حافظ.

منطقي أن يكون هذا الشاب من النوع الخاطف في ملامحه وخططه الفنية والحياتية.. كله بمنطق «الخطف» لأن العمر قصير والفرص قليلة.. اختطف عبدالحليم الشاعر الأبنودي والملحن بليغ حمدي من غريمه الشعبي محمد رشدي.

دخل معركة مع أم كلثوم، قدر المستطاع، لكنه عرف أنه سيخسر فتراجع بمرونة سياسي مُحنّك، توافق مع نظام الثورة بصدق ولم يختلف مع الوجود الساداتي، إنه حُب البقاء ومشروعيته، حتى حين أراد أن يسيطر على أهم الصحفيين في مصر كان يوزع الهدايا عليهم ويُغدق النعم للتقرب، نعم فعل ذلك، مَن منّا ملاكًا؟.. بمكر شديد حاور الناقد الشهير جليل البنداري في مكتب مصطفى أمين تجنبًا للسانه السليط، وتحمّل شتائم البنداري وكان يرد على تلك الشتائم بـ«أنا ولدت بقرية الحلوات بالشرقية».

أيّ مكر لشاب لم يعلموه السياسة وفنونها؟! عبد الحليم حافظ مطرب عاش أنانية اليتيم وغلّه، نعترف، وقسوة النجاح، نقرّ، تمسّك بوجوده الفني كأنه في حرب، مشروع، امتدّت حروبه للآخرين، ربما، برّر لنفسه تلك الحرب والجرائم بمبررات فنية، جميعنا يخطئ ويصيب.. عبدالحليم حافظ، قاتلًا كان أم بريئًا.. له ما له وعليه ما عليه، لكنه «غنّى بجد» واستحقت تجربته أن تمتد لما بعد غيابه لأكثر من 37 عامًا بعد رحيله، حتى الآن، وتلك كما يقولون «حظ المهارة إذ تجتهد».

المصري اليوم في

30.03.2014

 
 

«زي النهاردة»

وفاة العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ 30 مارس 1977

كتب: ماهر حسن 

ولد «العندليب الأسمر» عبد الحليم حافظ، في قرية الحلوات التابعة لمركز الإبراهيمية بمحافظة الشرقية، في 21 يونيو 1929، وكان الابن الأصغر بين أربعة إخوة هم إسماعيل، ومحمد، وعلية، وقد توفيت والدته بعد ولادته بأيام وقبل أن يتم عامه الأول توفي والده ليعيش يتم الوالدين، وعاش في بيت خاله الحاج متولي عماشة وكان دائم اللعب مع أولاد عمه في ترعة القرية، ومنها انتقل إليه مرض البلهارسيا.

كان شقيقه الأكبر إسماعيل شبانه مطربًا ومدرسًا للموسيقى في وزارة التربية، والتحق «حليم» بكتاب الشيخ أحمدوفي المدرسة تجلي حبه للغناء والموسيقي ثم التحق بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين في 1943والتقى بالفنان كمال الطويل الذي كان في قسم الغناء والأصوات، و تخرجا في 1948 ثم عمل لأربع سنوات مدرسًا للموسيقى بطنطا ثم الزقازيق وأخيرا بالقاهرة.

قدم استقالته من التدريس والتحق بفرقه الإذاعة الموسيقية عازفا على آله الأبواه في 1950 إلي أن اكتشفه الإذاعي الكبير حافظ عبد الوهاب في 1951 في بيت مدير الإذاعة في ذلك الوقت الإذاعي فهمي عمر، وسمح له باستخدام اسمه «حافظ» بدلا من شبانة.

أُجيز حليم في الإذاعة بعد أن قدم قصيدة «لقاء» كلمات صلاح عبد الصبور، ولحن كمال الطويل في 1951، وهناك رواية أخري تقول أنه أجيز في 1952 بعد تقديمه أغنية «يا حلو يا أسمر» كلمات سمير محجوب، وألحان محمد الموجي.

وحين غنى «صافيني مرة» كلمات سمير محجوب، وألحان محمد الموجي في أغسطس 1952 رفضتها الجماهير حيث لم يكن الناس على استعداد لتلقي هذا النوع من الغناء الجديد، غير أنه غناها مجددا في يونيو 1953 يوم إعلان الجمهورية، وحققت نجاحًا كبيرًا، ثم قدم أغنية «على قد الشوق» كلمات محمد علي أحمد، وألحان كمال الطويل في يوليو 1954 وحققت نجاحًا ساحقًا، وقد بدأ تفاقم مرض البلهارسيا لديه في 1956.

تعاون حليم مع الموجي وكمال الطويل ثم بليغ حمدي، كما قدم أغان شهيرة من ألحان عبد الوهاب، وبعد حرب 1967 غنى في حفلته التاريخية أمام 8 آلاف شخص في قاعة ألبرت هول في لندن لصالح المجهود الحربي، وغني أغنيتي المسيح وعدا النهار، ألحان بليغ وكلمات الأبنودي، وكان حليم صديقًا للزعيم الحبيب بورقيبة، والحسن الثاني، والملك حسين وكان يحلم بتقديم قصة «لا» للكاتب الكبير مصطفي أمين على شاشة السينما ورشح نجلاء فتحي لبطولتها ولكن القدر لم يمهله.

قدم عبد الحليم أكثر من 230 أغنية، كما قدم الكثير من الأغاني الوطنية بعد ثورة 23 يوليو 1952 ومنها العهد الجديد في نفس عام الثورة ثم توالت أغانيه ومن أشهرها «إحنا الشعب، والله يا بلدنا، وابنك يقولك يا بطل، ونشيد الوطن الأكبر، وحكاية شعب، ومطالب شعب، وصورة، وعدى النهار، وأحلف بسماها، والبندقية اتكلمت»، وبعد حرب أكتوبر 73 غنى «عاش اللي قال، وصباح الخير يا سينا، والنجمة مالت على القمر، و المركبة عدت، وخللي السلاح صاحي».

وفي 1955 شهد عرض 4 أفلام كاملة للعندليب، فيما وصف بأنه عامه الذهبى سينمائيًا وكان قدم في السينما 16 فيلما أشهرها «لحن الوفاء، وأيامنا الحلوة، وأيام وليالي، وموعد غرام، ودليلة، وبنات اليوم، والوسادة الخالية، وشارع الحب، وحكاية حب، والبنات والصيف، ويوم من عمري، والخطايا، ومعبودة الجماهير، وأبي فوق الشجرة»، وكان آخر أفلامه.

كما قدم المسلسل الإذاعي «أرجوك لا تفهمني بسرعة» وكان العندليب قد أصيب بتليف في الكبد جراء مرض البلهارسيا أدي لوفاته «زي النهاردة» في 30 مارس 1977، وقد تم تشييع جثمانه في جنازة مهيبة لم تعرف مصر مثلها سوى جنازة الرئيس عبد الناصر والفنانة أم كلثوم.

المصري اليوم في

30.03.2014

 
 

فى ذكراه الـ37..

عبد الحليم فى مذكراته: أصدقائى يصفوننى بـ"الذكى" لكنى "إنسان حساس"

كتب العباس السكرى 

فى شتاء 1973 قرر العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، أن يحكى للأوراق حكايته، أثناء تواجده بأحد مستشفيات إكسفورد للعلاج من نزيف المعدة، بعد أن حاصره الألم، حيث كان كبده يعمل بنسبة 10% فقط، واعتبر العندليب نفسه وقتها أنه خدع الموت وهرب منه، وأراد أن يصرخ بكل ما حدث فى عمره من وفاء وخيانة وحب وصداقة أمام الأوراق.

كان عبد الحليم حافظ يعتبر حياته رحلة رائعة بكل ما فيها من آلام، اكتسب خلالها من التجارب حد المعرفة بطبيعة النفس البشرية، وأسرار الحياة، حيث أعطى لشباب العالم درسا فى كيفية البحث عن الذات، منذ أن انطلق فى دروب التيه يبحث عن مستقبل مفقود بعد أن وصفته لجنة الاستماع فى الإذاعة بـ"الخواجة"، لكونه لم يقلد أحدا من كبار الطرب، وقتها أمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وكوكب الشرق أم كلثوم، واختار أسلوبا جديدا سلكه فى الأداء، حيث كان يؤمن العندليب بأن البساطة هى أصعب أنواع الأداء، كما ذكر فى كتابه "حياتى" الذى أصدرته مؤسسة "روز اليوسف" فى عهد الراحلين جمال كامل ومصطفى محمود.

فى كتابه "حياتى" يعترف الموعود بالعذاب بخط يده قبل وفاته عن طبيعة العلاقة التى تجمعه بالسندريلا سعاد حسنى، وكتب فى مذكراته "نعم أحببت سعاد حسنى، والذى جمع بيننا هو الحنان لأنها عاشت مثلى طفولة قاسية، وعلمّتها كيف تختار حياتها، وعندما تمردت على صداقتى أحسست أنها نضجت، وسعاد كانت تتصرف بتلقائية مع الناس وتلقائيتها تسىء إليها، لكن بها ميزة رائعة وهى الوفاء لأسرتها، واستطاعت أن تعوضهم الحنان المفقود، وقد فكرت فى الزواج منها لكن مستقبلها الفنى وقف حائلا بينى وبين الفكرة"، وتكشف مذكرات العندليب أن سعاد حسنى فقدت بساطتها المعهودة، وأصبح يشوبها شىء من التكلف، عقب نجاح فيلمها الشهير "خلى بالك من زوزو" مع المخرج حسن الإمام.

ويقسم عبدالحليم فى مذكراته أن الفتاة ذات العينين الجميلتين هى أنبل قصة حب فى حياته، وتغنى لها بأغنيته "بتلومونى ليه لو شفتم عينيه"، وكانت تغار عليه من سعاد حسنى من فرط حبها له، وعندما اقترب منها الموت أوصت عبد الحليم بأن يتزوج السندريلا، وعقب وفاتها خيم الحزن على عبدالحليم، وكتب "لم أنجح فى اختيار شريكة حياتى لأن الموت تدخل، وتساءلت كثيرا هل من العدل أن تموت حبيبتى دون أن نحقق حلمنا، كما كنت أسأل الأرض والسماء لماذا جئت إلى هذه الحياة دون أب أو أم".

ودافع عبدالحليم حافظ عن نفسه فى اتهامه بأنه يعترض طريق المطربين الناشئين، حيث كتب: "الكثيرون يقولون إننى أعترض طريقهم، وأنا أقول لا أحد يستطيع أن يعترض طريق موهبة حقيقية، وأنا لم أعترض طريق أحد فى حياتى، أصدقائى يقولون عنى إننى إنسان ذكى، وأنا أعتقد أننى إنسان حساس وتركيزى دائما فى عملى".

على خريطة حياة عبدالحليم الكثير من الأصدقاء الذين وضعهم فى مكانة الإعزاز من نفسه، على رأسهم الشاعر الكبير كامل الشناوى، وإحسان عبدالقدوس، ومحمد عبدالوهاب، وكمال الطويل، ومحمد الموجى، وبليغ حمدى، ومجدى العمروسى، واعترف أنه تعلم كيف يتعامل مع الناس بفضل كامل الشناوى، وعرف طريق الإتقان من خلال إحسان عبدالقدوس، ومعنى الوفاء بمصادقة مجدى العمروسى، وبدأ يفهم أى كلمة تقال أمامه بذكاء محمد عبدالوهاب الذى كتب عنه فى مذكراته "حذرونى من عبدالوهاب لأنه ناعم يغرق الإنسان فى الإعجاب، فلا يعرف رأسه من قدمه، لكنى خضت فى بحر عبدالوهاب وأجدت السباحة دون أن أغرق".

ويظهر ولاء عبدالحليم لأصدقائه حينما رفض أن تختار له شركة عبدالوهاب بعد أن تعاقد معها مطلع حياته كلمات أغانيه وألحانه، وأصر على ترشيح الموجى والطويل لتلحين أغنياته، وربما يأتى نجاح العندليب بسبب ذكائه الاجتماعى فى تكوين ثروة صداقة كبرى فى جميع المجالات الفنية والثقافية والصحفية، وكان يردد: "يحسبون دائما ثروتى بالملايين، وأنا أحسب ثروتى بحب الناس لى، وأقول رصيدى كم مليون إنسان".

اليوم السابع المصرية في

30.03.2014

 
 

شائعات الاعتزال تطاردها... ولا تبالي

منى زكي: “آسيا” حقق أكثر مما توقعت

القاهرة- خالد فؤاد

لا أعلم شيئاً عن “ملكة الإغراء” و”الشهرة

أكتفي بالمشاهدة في رمضان المقبل

ابتعدت الفنانة مني زكي عن الساحة الفنية منذ عرض مسلسلها الأخير “آسيا” في رمضان الماضي, وتردد أنها عانت من الاكتئاب لعدم تحقيقه النجاح الذي كان منتظرا منه, وانها تفكر جديا في اعتزال الفن والاكتفاء بما قدمته خلال الأعوام الماضية.

تردد أخيرا انها مرشحة لاداء دور ملكة الإغراء الراحلة هند رستم في المسلسل الذي يجري تجهيزه عنها, كما قيل انها رفضت مشاركة عمرو دياب بطولة مسلسله الجديد “الشهرة” لكن أين الحقيقة في كل ما نشر وقيل, وما الأسباب الحقيقية وراء ابتعادها عن الساحة, وماذا عن مصير فيلمها “أسوار القمر”? منى ترد في لقاء مع “السياسة”:

·        أين أنت?

* لم يطل غيابي بدرجة كبيرة بهذا الشكل, فمسلسل “آسيا” لم يمض على عرضه سوى أشهر, بل ويعاد عرضه بمجموعة من القنوات بشكل مستمر حاليا.

·        ما رأيك فيما قيل عن أن المسلسل لم يحقق النجاح المنتظر منه, وتسبب هذا في شعورك بصدمة?

* كلام لا يستحق التعليق عليه لان المسلسل حقق أكثر مما كنت أتوقع, وإلا ما كانت القنوات تتسابق على عرضه الآن وبهذا الشكل, فهو وباتفاق النقاد المحترمين من الأعمال التي من الممكن أن تبقى وتعيش لسنوات طويلة ويتم مشاهدتها كل مرة بمنظور مختلف.

·        هذا عن النقاد, فماذا عن الجمهور?

* لم أكن أتخيل أيضا أن تكون بهذا الشكل الإيجابي, ليس في مصر فحسب بل في كل الأقطار العربية الأخرى.

·        إذن لماذا لم تقومي بالرد على ما أثير حول اصابتك باكتئاب وتفكيرك في الاعتزال?

* لكوني ومنذ بداياتي لا اهتم بالشائعات سواء الإيجابية أو السلبية, ومثل هذا الكلام يتردد بصفة مستمرة فأتركه حتى يتضح كذبه, وكنت أعتقد أن مطلقي هذه الشائعات سيشعرون بالخجل من أنفسهم بعدما يتأكد الناس من كذب ما يرددونه, ولكن للأسف لا يشعرون بأي خجل, ويعودون بعد فترة لترديد ونشر نفس الكلام. بل الغريب إنهم كثيرا ما ينسبون لي كلاما لم أصرح به, ويدعون أنني قلته لهم حصريا .

·        لكن هناك نوعية بعينها من الشائعات لا يجب السكوت عليها ?

* مادامت شائعات ومهما كانت لا يجب الالتفات لها, لكون مجرد الالتفات لها والرد عليها سيعطيها مساحة لا تستحقها وستصل لمن لم تصل لهم, فالمهم بالنسبة لي جمهوري فهو يعرف جيدا الفارق بين الحقيقة والشائعات فيما يقال. وكثيرا ما أجد آلاف بل مئات الآلاف من الشباب الذين لا أعرفهم يقومون وبأنفسهم بالرد على الشائعات نيابة عني, فاشعر بسعادة كبيرة أن لي جمهورا يحبني بهذا الشكل دون أن يراني أو يتعامل معي بشكل مباشر وهذه نعمة كبيرة من الخالق, فلا يوجد أجمل من أن تشعر أنك محبوب بهذا الشكل وأن هناك من يتولى حمايتك والدفاع عنك دون أي أغراض, وهذا هو المكسب الحقيقي لأي فنان.

·        لماذا نطالع بين وقت وآخر أخبارا وصورا غريبة عبر صفحتك “فيسبوك”?

* للأسف أيضا معظم الصفحات المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليس لي علاقة بها, وكنت استاء منها كثيرا في البداية إلى أن أدركت أن الجمهور ومن تلقاء نفسه انصرف عنها بعد إدراكه لعدم حقيقتها, وهو أمر لم أعان منه أنا فقط ولكن يعاني منه كل الفنانين والمشاهير ليس في مصر أو الدول العربية فحسب بينما أيضا الأوروبية والأميركية.

·        نفهم من كلامك إنه ليس لك أي صفحات على “فيسبوك” و”تويتر”?

* أخيرا اطلقت صفحة رسمية باسمي على موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر وأتواصل مع جمهوري من خلالهما.

·        ما سبب اعتذارك عن المشاركة في مسلسل “الشهرة” مع عمرو دياب?

* هذه أيضا أكذوبة مثل بقية الأكاذيب الأخرى, وقد شعرت بدهشة كبيرة من ترديدها وانتشارها على نطاق واسع خلال الأيام والأسابيع الماضية.

·        نفهم من كلامك أنك لم تعتذري عن العمل ?

* لا لم أقل هذا, بينما الحقيقة إنه لم يتم ترشيحي من الأساس للعمل به لكي أقبل أو اعتذر عنه.

·        لكنك التقيت بعمرو دياب في “دبي” وربما هذا سبب الشائعة?

* نعم التقينا على هامش حفل ختام مهرجان دبي السينمائي في دورته العاشرة قبل بضعة أسابيع, وكان زوجي أحمد حلمي موجودا في اللقاء وتناولنا معا العشاء, وتم التقاط الصور تذكارية لنا معا. فهل مجرد اللقاء يكفي لترديد مثل هذا الكلام على الرغم من أننا لم نتطرق على الإطلاق لموضوع المسلسل.

·        ربما لكون اللقاء غلب عليه طابع الحميمية, خاصة إنه لم يسبق لنا مشاهدتك في لقاء سابق مع عمرو دياب بهذا الشكل?

* معلوماتكم غير صحيحة فأنا من عشاق عمرو دياب وتربطني به صداقة جميلة ورائعة اعتز بها كثيرا, وسبق والتقينا أكثر من مرة فلماذا قاموا بترديد هذا الكلام بعد هذا اللقاء تحديدا.

·        لنترك هذا الموضوع وننتقل للحديث عن مسلسل “ملكة الإغراء” واستعدادك له?

* استعداداتي له ? هل الأمر وصل إلى حد أنني تلقيت سيناريو العمل وبدأت الاستعداد لتصويره!

·        ماذا تقصدين ?

* أقصد أنه لا يوجد عمل كهذا من الأساس فلم يفاتحني أحد بشأنه, وبالتالي لم أتعاقد عليه.

·        تريدين القول أن هذه أيضا شائعة?

* مؤكد هي كذلك, ليس بالنسبة لي فقط, بل بالنسبة للعمل ككل, فحسب معلوماتي أن السيدة بسنت ابنة الفنانة الراحلة هند رستم لن تقبل بظهور عمل كهذا بناء على وصية الفنانة الكبيرة الراحلة بنفسها لها.

·        إذن ما مصير فيلمك “أسوار القمر”?

* انتهيت منه تماما بعد معاناة طويلة, وسيصبح جاهزا للعرض بعد انتهاء المونتاج والمكساج.

·        نفهم من كلامك أننا سنشاهد الفيلم في دور العرض قريبا?

* موعد العرض مسألة تتعلق بالشركة المنتجة وليس للفنان الحق في التدخل فيها.

·        ماذا عن استعدادك لشهر رمضان المقبل?

* لن أقوم بأي عمل, فكل ما تلقيته وجدته لا يحمل أي جديد أو إضافة, ففضلت الاعتذار والجلوس على مقاعد المتفرجين لمشاهدة أعمال زملائي.

السياسة الكويتية في

30.03.2014

 
 

«مواسم».. دورة ثانية في باريس تطل على جديد السينما العربية

عمان - ناجح حسن 

قدمت السينما العربية ألوانا من اشتغالاتها العديدة في اكثر من ملتقى ومهرجان في باريس منذ سنوات ، البعض منها توقف نظرا لعدم توافر الدعم المالي او لعدم تفرغ الكثير من النقاد والمهتمين بهذا الحقل الابداعي.

فمن خلال مبادرات وجهود عدد من النقاد والاعلاميين المقيمين بالعاصمة الفرنسية جاءت تجربة بينالي معهد العالم العربي بباريس في تعريف الغرب وقطاعات من المهاجرين العرب بانجازات سينمائية عربية الا انه للاسف عجزت عن الاستمرار باقامة هذا النشاط الذي كان فعلا بمثابة اطلالة على تجارب عربية ناضجة بحكم ما شهده معهد العالم العربي من تغيرات بانماط التفكير لدى القائمين عليه، حيث ظلت عروض السينما تقتصر على مناسبات تنهض بجهود ذاتية لهذا الناقد او ذاك على نحو ما تقوم به الاندية والمراكز الثقافية التي تعنى بالنشاط السينمائي.

حديثا، سعت الزميلة الناقدة السينمائية والاعلامية في راديو مونت كارلو الدولية هدى إبراهيم، بايجاد نافذة باريسية تطل منها على احدث نتاجات السينما العربية تحت مظلة احتفالية سنوية تجمع المهتمين وعشاق الفن السابع مهاجرين عرب ومواطنين فرنسيين للاطلاع على تجارب عربية أمام شاشة تقدم النتاجات الجديدة للمخرجين العرب.

تعاونت ابراهيم مع العديد من المهتمين والاصدقاء والقائمين على احدى صالات العرض الباريسية، ونجحت في تنظيم دورة اولى العام الفائت مهرجان محدود الامكانيات هو بمثابة احتفالية تزدحم بالعروض اسمتها (مواسم) تقوم على عرض ومناقشة عدد من الافلام العربية التي سبق لها ان حازت على نصيب من النجاح في مهرجانات دولية.

وهذه السنة وتحديدا الاسبوع الفائت، اقامت دورة ثانية للاحتفالية لمدة ثلاثة أيام، اقتصرت في معظم اختياراتها على ابداعات لمخرجات عربيات لا تخلو من اطلالة على موروثها الثري.

استهلت عروض (مواسم) هذا العام، بالفيلم العراقي المعنون «بلادي الحلوة والقاسية» للمخرج الكردي هاينر سليم، نافش فيه حكاية درامية تسري وقائعها في قرية كردية نائية على الحدود بين العراق وتركيا.

كما تضمنت فعاليات الدورة الجديدة، أفلاما حققت حضورا متميزا في مهرجانات سابقة كان، دبي، ابو ظبي، اتية من تونس ولبنان وسوريا وفلسطين والعراق واليمن ومصر والسعودية والإمارات وتونس، حيث اختتمت بالفيلم التجريبي «اليازرلي» المنجز العام 1974 بتوقيع مخرجه العراقي قيس الزبيدي والمستدة أحداثه عن قصة للروائي السوري حنا مينة.

تمحورت افلام الدورة الثانية على الاتجاهات الجديدة في السينما العربية والتي تعبر عن تطلعات صانعيها معظمهم مخرجات عرضن قضايا النساء في اكثر من بيئة اجتماعية وسياسية بالبلدان العربية باساليب متباينة في تيار السينما المستقلة، صورن بكاميراتهن جملة من التحديات والصعاب لنسوة يشقّن طريقهن في الحياة باحثات عن قيم العدل والمساواة، حال فيلم المخرجة اليمنية خديجة السلامي «قتلوها تذكرة للجنة»، وهناك الإماراتية نجوم الغانم بفيلمها المعنون «حمامة»، والسعودية عهد كامل بفيلمها «حرمة» ، والمصرية فيولا شفيق بفيلم «أريج»، ومواطنتها هالة لطفي بفيلمها المتميز «الخروج للنهار» وأيضا التونسية كوثر بن هنية في فيلم «يد اللوح».

الرأي الأردنية في

30.03.2014

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)