كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

كيفن كوستنر يحكي سينما وسياسة

شغف بـ «الوسترن».. واختار دراسة التجارة في الجامعة ثم أخذ يفكر في التمثيل

هوليوود: محمد رُضا 

 

هناك كيفن كوستنر جديد على شاشات السينما يختلف بعض الشيء عن كيفن كوستنر الذي نعرفه. طبعا نستطيع أن نتذكّر ذلك الرجل الذي كان لا يزال في الأربعينات من عمره عندما لعب دور عميل الإف بي آي في الثلاثينات والأربعينات في «غير المرتشين» The Untouchables. ولد في كاليفورنيا بتاريخ 18 يناير (كانون الأول) سنة 1955 وكان أصغر إخوته وذا بنية بدنية رياضية. والده الذي كان يعمل في الكهرباء كان كثير الانتقال بين مدن الولاية، لكن ذلك لم يمنعه من تعليم ابنه البيانو وتشجيعه على الغناء الكورالي. حين وصل كوستنر، سنة 1973 إلى مرحلة التخصص الجامعي اختار دراسة التجارة فنال الدكتوراه ثم أخذ يفكّر في التمثيل.

في عام 1978 التقى كوستنر بالممثل الراحل رتشارد بيرتون على متن طائرة، وهذا اللقاء أثمر عن قرار كوستنر التحوّل فعلا إلى ممثل. فلمدة تزيد عن ساعتين أخبره بيرتون، وهو على ما كان عليه من خبرة مارسها في المسرح والسينما، ما ألهب حماس كوستنر وجعله يشعر بأن لا شيء آخر مهم في دنياه سوى التمثيل.

زوجته آنذاك شجّعته فأم مدارس التمثيل علما بأن ذلك فرض عليه حالة مادية صعبة دفعته للقيام بأشغال غير ثابتة ليعيل نفسه وزوجته وهوايته.

في مطلع الثمانينات وجد فرص تمثيل في ستة أفلام هي «ماليبو الصيف الماضي» و«دورية ليلية» و«فرنسيس» و«مطاردة الأحلام» و«طاولة لخمسة» و«فرسان ستايسي» وكلها ما بين 1981 و1983، وفيها جميعا لم يزد دوره على بضعة مشاهد أو (كما في «فرنسيس») مشهد واحد. لكن الحال تغيّر كليّا سنة 1984 عندما اختاره المخرج لورنس كاسدان ليشترك مع لفيف من الممثلين الجدد، ومنهم غلن كلوز ومغ تيلي وكيفن كلاين، في فيلمه «الرعشة الكبيرة». كان دور كوستنر كبيرا في الواقع.. كان العمود الفقري للفيلم لكن حين العرض فوجئ بأن المخرج ألغى معظم ما صوّره من مشاهد واختار البداية التي تختزل حياة الشخصية التي يؤديها. فالفيلم يفتح على مشهد رجل ميّت يوضع في الكفن وهذا الميّت لم يكن سوى كيفن كوستنر. وفي حين أن السيناريو الأصلي الذي تم تصوير الفيلم بمقتضاه نص على تعريف المشاهدين مباشرة بهذه الشخصية، فإن المخرج اقتطع كل ذلك.

كاسدان لم يفعل ذلك لفكرة طرأت على باله بل اضطر لذلك بسبب من ضغط الشركة المنتجة (كولمبيا) التي راعها أن يتمحور الفيلم حول «بطل» غير معروف. والمخرج شعر بأنه أغبط حق كوستنر فتقدم من كوستنر وقطع له وعدا: «أعدك يا كفين بأن تكون بطولة فيلمي المقبل معقودة لك بصرف النظر عن الفيلم ومتى سأقوم به».

بعد سنتين طلبه كاسدان من جديد وأعطاه الدور الرئيس في فيلم «سيلفيرادو» تبعا لهذا الوعد. وكان كوستنر على قدر المهمّة في هذا الفيلم الوسترن الناجح والخفيف. أراده كاسدان شبيها بأبطال أفلام الكاوبوي القديمة من حيث الشباب والحيوية وسهولة الحركة والجاذبية، وكان له ما أراد.

بعد ذلك هي طريق مفتوحة توجت الممثل بعدد من القمم فبات نجما أساسيا في النصف الثاني من الثمانينات وللسنوات الاثنتي عشرة التالية. في هذه الفترة شوهد في أربعة نجاحات متوالية هي «غير المرتشين» (1987) و«لا مهرب» (1987) والفيلمين الرياضيين «بل دورهام» (1988) و«حقل الأحلام» (1989).

تبع ذلك بدراما تشويقية هي آخر ما مثّله الراحل أنطوني كوين وذلك تحت عنوان «انتقام» في عام 1990 وهو العام الذي وقف فيه وراء الكاميرا ليحقق أول فيلم من إخراجه وهو «الراقص مع الذئاب» الذي نال عنه أكثر من أوسكار واحد (بينها أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل سيناريو مقتبس عن وسيط آخر). بعده لعب دور البطولة في «روبين هود: أمير اللصوص» (1991) و«جون ف. كندي» (1991) و«الحارس الشخصي» (1992) ثم «عالم كامل» (1993) الذي أخرجه كلينت إيستوود. في عام 1994 أنتج وقام ببطولة وسترن آخر هو «وايات إيرب» ثم قام بالإقدام على مغامرة إنتاجية كبيرة: فيلم حافل بالمخاطر يدور حول عالم ما بعد طوفان كبير هو «ووتروورلد».

أنجز الفيلم نجاحا لكنه ليس بالنجاح المأمول له. ومع أن اسم كوستنر بقي لامعا فإن التجربة علمّته، وهوليوود، أن يكون حريصا وحاسبا بدقة لما يخطو إليه. في السنوات الخمس الأخيرة استكان إلى الأدوار المساندة وبدا كما لو أن كل المتسابقين تجاوزوه. لكنه فجأة ما عاد في دورين بارزين جديدين خرجا للعروض هذه السنة هما «جاك رايان: ظل التجنيد» و«ثلاثة أيام للقتل».

·        من المثير جدّا أن نجد أمامنا ممثلا لا يزال يقود مهنته بنجاح بعد كل هذه السنوات.. ربما بعد العثرات، لكن غالبا بنجاح. هل أنت مخطط جيد أو هو الحظ وحده؟

- لا أدري تماما كيف تم ذلك. هناك تقليد في هوليوود يتمثّل في إعادة الكرّة وراء كل فيلم ناجح. هناك ممثلون بنوا نجاحاتهم اللاحقة على الصورة التي قدّموها بنجاح في المرّة الأولى. أنا لم أعرف، بصراحة، كيف أفعل ذلك. تكرار النجاح هو أمر جيّد بكل تأكيد لكني لم أفعل ذلك. لم تكن لدي خطّة من هذا النوع. في الوقت ذاته، لم أكن قلقا على نفسي.

·        ماذا عن عامل السن.. هل شكّل هما في السنوات الأخيرة؟

- لم أعارض حقيقة لا فائدة من معارضتها. كلنا نكبر مع الأيام ولا أحد يستطيع أن يسترد ما فات. إذا أدركنا ذلك من البداية نستطيع أن نتأقلم معه لاحقا عندما نحتاج إلى قبول الواقع والعمل بمقتضاه. في «جاك رايان: ظل مجند» الممثل كريس باين وهو في العشرين من عمره بينما كنت في السابعة والعشرين من العمر عندما بدأت التمثيل. لم أنزلق بسهولة صوب النجومية بل تطلب ذلك الكثير من العمل الدؤوب. ما أريد قوله إن الفرص تختلف من شخص لآخر لكن المهم هو أن تكون حاضرا حين تأتيك. أن يكون لديك التصوّر الصحيح لما تريد أن تقوم به ولماذا. وأنا وجدت ذلك في كريس.

·        هل كان الجمع بينه وبينك كممثل له تاريخ بمثابة استرجاع لصورتك الشخصية عندما لعبت بطولة «سيلفيرادو»؟

- ليس بالضرورة.. لكن الحديث تطرّق بيننا إلى سنواتي السابقة في السينما من دون أن نقتل ذلك الموضوع بحثا (يضحك). ما أقصده هو أنني تلمّست فيه إدراكا كبيرا لتاريخ السينما ولممثليها ما جعلني أقدّره. أنا من هذا النوع الذي يشعر بالرومانسية حيال ممثلي الأمس مثل غريغوري بك أو سواه. أشعر بالرومانسية حيال أشياء جميلة في الحياة مثل سينما «الوسترن» ومثل الممثلين السابقين وكيف كانت السينما تُصنع لجمهور لا يراها إلا على الشاشات الكبيرة.

·        بالمناسبة، في حديث بيننا، إثر قيامك بإنتاج وتمثيل «13 يوما» على ما أعتقد، قلت لي إنه لا يوجد فيلم يخسر تجاريا. كل الأفلام مربحة. هل ما زلت تعتقد ذلك؟

- لا أذكر في أي صيغة قلت ذلك لكني على الغالب قصدت القول إن الغالبية من الأفلام تسترد تكاليفها وقد تحقق أرباحا. هناك اليوم أكثر من وسيط وأكثر من مناسبة. هناك أفلام كثيرة تتوجه للعرض حول العالم ولا تعرض في الولايات المتحدة، وهناك أفلام توزّع مباشرة على أسطوانات.. لكن أيضا هناك الأفلام التي تحقق إيرادات جيّدة بصرف النظر عن الوسيلة المتاحة.

·        حين بدأت تؤدي أدوار الوسترن مثل «سيلفيرادو» و«الراقص مع الذئاب» ولاحقا «المدى المفتوح» Open Range و«وايت إيرب» كنت تخطو في نوع من الأفلام التي انتهى مفعولها منذ زمن بعيد. الجمهور لم يعد يطلبها فتوقّفت هوليوود عن إنتاجها باستثناء هذه الأعمال وفيلمين لكلينت إيستوود. هل تحب هذا النوع من الأفلام وهل كان حبها هو الدافع لها؟

- نعم أحب سينما «الوسترن» وكنت دائما سعيدا بأنني سأقوم بتمثيل فيلم منها. وسعيد أكثر لأنك من بين هؤلاء الذين تحدثني عن هذا النوع كلما التقينا.. ألم تكن أنت من سألني ذات السؤال من قبل؟

·        ربما..

- أنت وزملاؤك في جمعية المراسلين الأجانب عاشقون للأفلام وكثيرا ما تسألونني في هذا الأمر. هذا يسعدني لأنني فخور بما حققته وآمل أن أحقق المزيد منه مستقبلا.

·        في «جاك رايان» تؤدي دور الضابط الذي يجنّد كريس باين أو جاك رايان. كيف تنظر إلى مثل هذه المناصب في أميركا اليوم؟

- على صعيد شخصي أعتقد أن الوظيفة السياسية، أيا كانت، تأثرت بالحرب الفيتنامية. أعتقد أن أصعب شيء يمكن الحصول عليه هو المعلومات الصحيحة. تلك التي تستطيع أن تستند إليها لكي تكوّن رأيك المستقل. هناك الكثير من الأذكياء حول العالم، لكن ليس هناك الكثير من الحكماء. قد يختلف اثنان حول رأي معين وكلاهما على صواب لكن الحقائق هي التي ستجعل من أحدهما أكثر صوابا.

·        هل أنت شخص وطني؟

- أنا وطني نعم. لكني لست ساذجا حيال ما هو وطني عليه وحيال ما العالم عليه أيضا. وأميركا ما زالت مصدر أمل بحياة أفضل. إنه مذهل عدد من لا يزال يسعى للهجرة إلى أميركا. نحن الأميركيين مثل رجل كبير - صغير. قادرون ولدينا قوّة هائلة لكننا قد نرتكب أخطاء.

·        هل لديك علاقات مع موظفين في «سي آي إيه»؟ هل استعنت بهم لأجل أن تلعب دورك في هذا الفيلم؟

- لا تعرف متى تتحدث مع موظف في «سي آي إيه» أو في وكالة «إف بي آي». هذا غير منظور. ربما التقيت بأحد منهم هذا الصباح.. بسبب عملي تعرّفت سابقا على موظفين وعملاء في هذين الجهازين لكني لا أحاول أن أستثمر علاقاتي لأقترح على المخرج الاستعانة بمن يرشده إلى التفاصيل. إذا أراد سيسأل، لكن السيناريو مكتوب جيّدا ودوري تخيّلته ومثّلته كما أعرف وهذا كان كافيا في اعتقادي.

·        في الفيلم تقوم بمهمّة جاسوسية في موسكو.. هل ما زالت السينما تعيش الحرب الباردة؟ هل ما زال العالم في حرب باردة؟

- هذا ما يبدو عليه الحال اليوم، لكن لنتحدّث بصراحة.. ألا تشعر بأن الحدود بين البشر تتضاءل على الرغم من كل شيء؟ بمجرد أن تطير فوق الحدود تجد نفسك تذوب في المجتمع الآخر الذي تحط فيه. لقد زرت روسيا.. زرت موسكو.. دخلت البيت الرئاسي لبوتين. زرت سانت بتسبيرغ.. هل زرتها؟ خرجت ذات مرة في الساعة الحادية عشرة ليلا أتمشى في شوارعها. شاهدت الناس يمشون هناك متشابكي الأيدي. لا نفعل ذلك في أميركا. تشعر بالحنان. ووجهت بكثير من الحنان. لا أقول إننا أقل إنسانية أو أي شيء من هذا القبيل، لكنه أمر يطالعك وأنت تزور. تشعر أنك تريد أن تعرف الآخر أكثر مما أتيح لك حتى تلك اللحظة. الحرب الباردة ربما قائمة لكن الشعوب تطمح لأن تحب بعضها البعض أكثر مما يعتقد السياسيون.

·        شغل الجاسوسية تغير عبر المراحل.. لقد مضى عهد الرومانسية الذي كان فيه المشاهد يتفق ويؤيد جاسوسه المفضل. هل توافق؟

- نعم. أيام ما كان جيمس بوند يهبط بالمظلة إلى مخدع امرأة بكل سهولة أو أيام ما كان يعدم أعداءه من دون أن يُصاب بأذى.. حتى جيمس بوند تغير كما لا بد أنك تعلم.. بات أكثر ارتباطا بالواقع.. السينما لديها طريقة في تقريب الخيال إلى الواقع، ونحن لدينا طريقتنا في القبول أيضا. لكن أفلام الجاسوسية اليوم عليها أن تحسب الأمور على نحو مختلف. عليها أن تكون أكثر واقعية.

·        كأنك تتحدّث الآن عن دورك في «ثلاثة أيام للقتل». هو أيضا دور جاسوسي.

- صحيح. في هذا الفيلم أنا عميل ينفذ أوامر القتل. تستطيع أن تعرف من البداية بأن هذا النوع من العمل يعني أن حياته العائلية منهارة وبالفعل نراها كذلك من البداية. زوجته تظهر في مطلع الفيلم ثم تختفي وابنته تتمنى لو أنه كان هناك كأب.. هذا الدور كان له رد فعل في ذات زوجتي لأنه واقع. أحب الأفلام التي تتناول الأمور واقعيا حتى ولو كانت أفلاما ترفيهية.

الشرق الأوسط في

26.03.2014

 
 

حكاية الرحيل أو البقاء اللبنانية!

"النهار"/ هوفيك حبشيان 

ستّ سنوات بعد "تحت القصف" الذي صوَّر ما حلّ بلبنان إثر حرب تموز، يجيئنا المخرج اللبناني فيليب عرقتنجي بفيلم جديد، "ميراث"، يصعب تصنيفه في أيّ من الأجناس السينمائية التقليدية. فكلما تقدم الفيلم الى الأمام ليبلغ الدقائق الـ98 في نهاية مشواره، أدركنا كمّ ان همّ تحديد الهوية يبقى بعيد جداً من هواجس مخرجه الذي يظفر هنا بحرية كاملة لوضع نبرة العمل واختيار أدوات تعبيره.

عرفنا عرقتنجي مخرجاً لعدد من الأفلام الوثائقية التي وقع معظمها في النسيان. وعرفناه ايضاً صاحب وصفة سينمائية تنصهر في الواقع وتستمد من المأساة اللبنانية شرعيتها. هنا، مزيج من الاثنين، من هذا وذاك. يحملنا المخرج الخمسيني الى عالم فانتازي يبحر على أمواج التاريخ والحكايات الشخصية والآمال الصامدة والخيبات والألم والذاكرة المغتالة. وسط هذا كله، سؤال يوصله الى أجوبته المحتملة: ما هذه الحتمية العجيبة التي تعيد اللبناني دائماً الى نقطة الانطلاق أو نقطة الصفر؟ حيناً تعيده الى الميناء التركي الذي منه هاجرت جدته الى لبنان. وحيناً الى البلد الذي ظل ملجأً له من القتل والدمار؟ ودائماً، الى الماضي المحمّل ذكريات بعيدة قريبة ليس من فكاك منها ما دام حيّاً؟

"ميراث"، نوع من باتشوورك يلتقي فيه العقلاني بالعاطفي، التقليعة التقنية بالوسائل البدائية، الأحياء بالأموات، الفرنسي بالعربي، كلّ هذا في سعي مستمر لمعرفة لماذا يكرر التاريخ نفسه، مفرزاً دائماً النتيجة نفسها: تشرد، ضياع، شقوق في الهوية. منذ البداية، يحذرنا صاحب "بوسطة": هناك العديد من القصص والذكريات في لبنان، هذا الفيلم يروي إحداها. هو، في رأينا، يروي معاناة الكثير من اللبنانيين الذين يعيشون حيرة البقاء أو الرحيل الأبدية التي تكاد تكون نصيباً جماعياً في بلد الهجرة المستمرة: إن رحل، فكيف يعيش هذا المرء بعيداً من بلده، بل من ذاته الاولى؟ وإن بقي، أيّ مستقبل لأولاده، وماذا لو عاشوا ما عاشه؟

تبدأ الحكاية مع مشهد إعادة تجسيد. أمام شاشة تمرّ عليها صور أرشيفية، يستعيد عرقتنجي فصولاً تاريخية متداخلة بين تركيا ولبنان وباقي المنطقة، قافزاً من حكم العثمانيين الى الفرنسيين عبوراً بالأمبراطورية النمسوية المجرية والصراع على المنطقة. آنذاك، عام 1913، هربت جدته وديعة في سفينة فرنسية عسكرية بعدما كاد يصدر في حقّ عائلتها حكم بالإعدام نتيجة تحمّسها المتزايد لوصول القوات الفرنسية المسلحة والترحيب العلني بها. منها، حفظ عرقتنجي هذه الجملة: "المنفى لا يكسرك، المنفى يهريك".

والد وديعة صعد على باخرة مماثلة عام 1860، لكن في الاتجاه المعاكس، من الشرق الى الغرب. وها ان عرقتنجي يواجه استحقاق الرحيل هو الآخر، غداة حرب تموز 2006. مع هذا الفرق بينه وبين أسلافه وهو انه ينظر الى الخلف ويسأل. "على السفنية أحسستُ بالغضب، يقول عرقتنجي، انه احساس مزعج أمام مشهد يتكرر"، هو الذي سافر عبر البحر الى قبرص 3 مرات وحاول 20 مرة الاستقرار في بلد غير لبنان. ثم عاد مجدداً. في طريقه الى باريس، رست العبّارة في ميناء مرسين، المكان الذي سافرت منه وديعة قبل 90 عاماً. كان هو يعيش هجرة، وزوجته تعود الى وطنها فرنسا.

يقفز عرقتنجي من دروسه في التاريخ الى احشاء العائلة: زوجته ديان، وأولاده الثلاثة، ماتيو، لوك وإيف. يشرح انه طول عمره كان مهووساً بالتصوير، ليعزز الحجّة السينمائية المتمثلة في تصوير أفراد العائلة وتوريطهم في ما كانوا بغنى عنه. عدسته تلتقطهم في كلّ الأمكنة التي شهدت على طفولتهم المتنقلة. يصوّب عرقتنجي الكاميرا في كل الاتجاهات ململماً كبوات الماضي ومعايناً القلق على الآتي، بل الخوف منه. التصوير عنده صمود على طريقته. تصوير متعدد الوظيفة: ليس فقط توثيقاً أو احتفاء، بل هو خوف. دائماً نراه يصوّر كمَن يطلق طلقة. كمَن لا يملك في جيبه سوى رصاصة واحدة. "كأن كلّ شيء يمكن أن ينتهي فجأة"، يقول المخرج الذي أميل الى الاعتقاد بأنه يعاني هنا من أزمة "منتصف عمر" سينمائية، تجعله مرهف الاحساس. يحمل الكاميرا ليس من دون أن يوفر لشخصه علاجاً نفسياً، يعبّر عنه بهذه الجملة الموحية: "أتسلى بتركيب الماضي، عندما لن يعود أحد يرغب في مشاهدة أفلامي. فكرتُ انه من الممكن ان يكون هذا مفيداً لأولادي. أن يروا أنفسهم وهم يكبرون. قلتُ لنفسي لربما تجنبوا العلاج النفسي. صورتُ كثيراً. صورتُ كلّ شي".

"ت ما يرجع ينعاد"، جملة نسمعها من عرقتنجي غير مرة. هو يشتكي من حال النكران التي نعيشها وكلّ ما حوله يدعوه الى النسيان. بيد ان السينما هي المكان المثالي للحداد وطمر الأحزان. عرقتنجي يعرف ذلك جيداً، فيمضي الى نبش الذاكرة المصوّرة والشفهية ويسأل ويفكر بصوت عال. يصوّر مياه البحر كثيراً. يذهب الى استشارة أمّه اندريه، ويزور قبر والده ارنست. يضعنا أمام فيلم جوارير افتراضية قبل ان يستقر على جارور واحد، حقيقي هذه المرة، ذاك الذي يفتحه أمام أولاده، ذاك الذي خبّأ فيه كلّ طفولته التي أمضاها يجمع الرصاص. مشهد أساسي يُرينا كمّ الفوارق بين جيل عاش الحرب وآخر سمع عنها أو هرب منها.

بنبرة رومنطيقية فيها بعض الأنين والركون الى المثاليات والايغو، يحكي المخرج عن زيارته الاولى لفرنسا ("مكان للاستشفاء")، في أواخر الحرب. حاول أن يتكيف معها، فلم يفلح. لكنه تزوج فيها ورزق بأطفال ونال الجنسية. وظلّ مسكوناً ببيروت وبذكرى صديقه الراحل سامي الذي يزور والديه في مشهد جميل، شبه صامت. السفر يعني الهرب. شعر نفسه خائناً. عاد ولم يعد. يقارن عرقتنجي الحائر في أمره، بين الصور والبلدان والأشياء والوجوه والمسارات المتنافرة. يريد شرحاً لكلّ شيء. حتى المصادفات، يريد عقلنتها. بين الأسود والأبيض والـ"سيبيا" والنسيج البصري العالي الجودة ولقطات الأرشيف القديمة، يشقّ طريقه الى الأسئلة الوجودية الشخصية وتلك التي تؤرق مجتمعاً برمته. ثقته بنفسه سينمائياً يقابلها ضعفه كأب يستمد أحياناً قوته من تردد أولاده في الإجابة عن أسئلته. وسط فوضى المشاعر والنيات الحسنة، يضل طريقه أحياناً، لكن لا بأس اذا ساعده هذا في العثور على علاجه.

(*) عُرض "ميراث" في مهرجان تسالونيك للفيلم الوثائقي (14 – 23 الجاري) وتفتتح عروضه بدءاً من اليوم في كلّ الصالات اللبنانية.

النهار اللبنانية في

27.03.2014

 
 

مهرجان تطوان... مخلص في التزامه للسينما والناس

سوريا وفلسطين... دائما في قلب المهرجان

أحمد بوغابة / المغرب 

سيحتفل المهرجان الدولي لسينما أقطار البحر الأبيض المتوسط في مدينة تطوان (شمال المغرب) بدورته العشرين (20) التي ستنعقد من 29 مارس الجاري إلى غاية 5 أبريل القادم. وقد امتد المهرجان 29 سنة من حياته (الدورة الأولى كانت سنة 1985)، بمعنى سيحتفل في السنة المقبلة أيضا بمرور 30 سنة على وجوده. فهو أقدم مهرجان سينمائي في المغرب بعد مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة (سنة 1977) في وسط المغرب. عرف المهرجان الدولي لسينما أقطار البحر الأبيض المتوسط، في مسيرته التاريخية تلك، كثير من الأحداث الغنية والتحولات التي صقلته. كما كانت العثرات الذاتية والموضوعية دروسا إيجابية له حيث ينجح دائما بالخروج منها منتصرا، صامدا ضد كل من راهن على وأده.

يكمن سره في كونه يتجدد سنويا نحو الأفضل، ويتطور باستمرار، فيبقى دائم الشباب، محتفظا بحيويته، حيث لا يمسه الترهل، وهو ما يشجع على مواكبته عوض الهروب منه أو الملل من برامجه. فهو بالتالي، يشكل مع مهرجان خريبكة، - وأيضا مع مهرجان آخر شاب حديث الوجود بمدينة أكادير (جنوب المغرب) يهتم بالسينما الأمازيغية وهو "إسني وورغ"-، التظاهرات الملتزمة فكريا وفنيا. والدليل على ذلك أنه يواكب الأحداث الاجتماعية والاقتصادية التي تهز حوض المتوسط. اهتم كثيرا بالسينما اليوغسلافية منذ بدايتها وبتحولاتها السينمائية وفي ما بعد بالأقطار التي أنتجها انفجار ذلك البلد، كما اهتم بألبانيا وباليونان ومصر وإيطاليا وإسبانيا والجزائر وتونس.. وكان في الموعد مع الانتفاضة الشعبية في سوريا، عند انطلاقها مباشرة، حيث كرم السينما والسينمائيين في سوريا قبل سنتين ببرنامج جد خاص، بمحتواه الفني، وبوفد كبير احتفلت به المدينة أيضا. ومازال المهرجان يتفاعل مع سوريا بطريقة إبداعية ذكية من خلال تخويل رئاسة لجنة التحكيم الرسمية للأفلام الطويلة للمخرج والكاتب السوري الكبير محمد ملص (لقد تم اعتقاله قبل ثلاثة أسابيع حين كان يعتزم عبور الحدود السورية نحو لبنان). وافتتاح الدورة العشرين، التي ستعلن عن نفسها يوم السبت 29 مارس، بفيلمه الجديد "سلم إلى دمشق"، وهذه "نبضة قلب" في غاية من الجمال السينمائي الملتزم تُجاه السينمائيين المستقلين "هُناك"... وفي المهجر. ونفس الرؤية النضالية تُجاه الشعب الفلسطيني حيث تعمل إدارة المهرجان جاهدة، في كل دورة، أن يكون الفيلم الفلسطيني حاضر وكذا مخرجيها. من الصعب أن تمر إحدى الدورات بدون فلسطين. لقد مر من تطوان أغلب المخرجين والممثلين والممثلات من فلسطين. يحضر هذه السنة المخرج والكاتب والناقد السينمائي الفلسطيني فجر يعقوب ليشارك بآخر فيلم له "طريق بيروت" في مسابقة الأفلام الوثائقية. وسيكون الفيلم الفلسطيني "عمر" للمخرج هاني أبو أسعد في عرض اختتام فعاليات المهرجان

يمكن العودة إلى النصوص السابقة التي نشرتها في موقع الجزيرة الوثائقية لمعرفة تفاصيل تاريخ هذه التظاهرة السينمائية القيمة لمن يرغب في ذلك إذ لا داعي للعودة إليها من جديد. ويشرفني أنني واكبت تاريخ هذه المهرجان منذ انطلاقه وأحفظ تفاصيله.

 شراكة سينمائية... بين تطوان وطنجة

رغم أن مهرجان تطوان محدد في جغرافيته بسينما أقطار البحر المتوسط إلا أن له بعدا دوليا بمكوناته وتفاصيله، ولا يكتفي بأفلام المسابقة الرسمية فقط وإنما يغني عروضه بكثير من الأفلام الأخرى التي يشاهدها الجمهور بموازاة مع المواضيع التي يبرمجها، في إطار الندوات والموائد المستديرة، كنوع من العلاقة الجدلية بين الخطاب والصورة لإغناء النقاش والتداول الفكري. وتشكل تلك الأفلام جزء من البرنامج العام للمهرجان وليس "على هامشه" كما يطيب للبعض تسمية تلك العروض الداعمة، وأحيانا تكون أساسية بغناها وتنوعها، والتي عادة ما تكون من خارج فضاء المتوسط أو من عمقه.

فلا تقل تلك الأفلام أهمية عن المُبرمجة في المسابقة، وقد تكون أحيانا أفضل. وبالتالي، فإن مَنْ يعتبرها "هامشية" يفقد أجزاء أساسية في البرنامج. كما أن المهرجان يعطي للمشاهد/المتفرج/المتتبع إمكانيات متعددة للاختيار، وفي قاعات مختلفة، فلا يعتقله في دائرة واحدة كما تفعل كثير من التظاهرات في المغرب حيث ينعدم فيها هذا الاختيار الديمقراطي والتعلم على الاختيار الفردي. يسري هذا على المدعوين والجمهور المحلي على حد سواء مادامت المدينة كلها تعيش على إيقاع المهرجان من خلال فضاءاته الثقافية والفنية (القاعات السينمائية: أفينيدا وإسبانيول والمعهد الثقافي الفرنسي وكذا المعهد الثقافي الإسباني والتي تحتضن عروض الأفلام بينما المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان – الذي يحتضن مقر "جمعية أصدقاء السينما بتطوان" المؤسسة للمهرجان – فتتم به الندوات والنقاشات الصباحية للأفلام المعروضة والموائد المستديرة والورشات الخاصة بالأطفال التلاميذ. ونذكر أن مدير المعهد، الفنان عبد الكريم الوزاني، هو مصمم شعارات المهرجان منذ سنوات عدة، وسيكون هذه السنة عضوا بلجنة تحكيم الأفلام القصيرة التي يترأسها الإسباني إسماعيل مارتين، مدير مؤسسة الفيلم القصير بإسبانيا.

إنه من الصعب أن تمر دورة من دورات المهرجان البحر الأبيض المتوسط بتطوان دون أن تخلق الحدث، بحكم كثافة برنامجه وأنشطته، إذ تقول إدارة المهرجان بأن عدد المتتبعين له بالمدينة قد تجاوز في السنة الماضية 50 ألف متتبع خلال أسبوع واحد، وهي مدة انعقاد المهرجان، ويستقطب كذلك جمهور المدن الصغيرة المجاورة لتطوان وقراها، خاصة وأن وسائل النقل متوفرة للربط بينها إلى ساعة متأخرة من الليل. وفي إطار انفتاحها على محيطها السينمائي، فقد ارتأت إدارة المهرجان أن تعيد هذه السنة تجربة سابقة كانت قد خاضتها مع الخزانة السينمائية بطنجة قبل ثلاث سنوات، وذلك بنقل جزء من برنامجها إليها حيث استقر الاختيار بينهما على برنامج الفيلم القصير المبرمج ضمن المسابقة الرسمية لعرضه بطنجة، بموازاة مع المهرجان ضمن شراكة التي تمت بينهما وكانت قد تم الشروع فيها في بداية السنة الجارية من خلال استقدام مهرجان السينما العربية بمرسيليا (جنوب فرنسا المطلة على بحر الأبيض المتوسط أيضا) وهي التجربة التي أغنت مكانتهما السينمائية في شمال المغرب كأهم مرافق في الثقافة السينمائية لا يضاهيهما فيه أحد.

تتشكل فقرات المهرجان من مسابقات رسمية لأفلام من مختلف الأجناس والجنسيات المنتمية لحوض البحر الأبيض المتوسط، ولا ينبغي أن تكون قد تجاوزت سنة على إنتاجها منذ الدورة الأخيرة للمهرجان. تتوزع المسابقات إلى ثلاثة أقسام بثلاث لجن مستقلة عن بعضها

1) الفيلم الروائي الطويل التي سيترأس لجنة تحكيمها المخرج والكاتب السوري محمد ملص والذي سيجد أمامه، وأمام باقي أعضاء لجنته، 11 فيلما تتبارى حول 5 جوائز: الجائزة الكبرى، وجائزة لجنة التحكيم، وجائزة العمل الأول، وجائزتين لأفضل ممثل وأفضل ممثلة. وهناك جائزة سادسة لهذا الصنف ترتبط بالجمهور والتي يمنحها بالتصويت عليها.

2) ستمنح لجنة الفيلم الروائي القصير، التي سيترأسها الإسباني إسماعيل مارتين، ثلاث جوائز فقط هي الجائزة الكبرى، وجائزة لجنة التحكيم، وجائزة الابتكار ل14 فيلما مشاركا في المسابقة 

3) تترأس المخرجة والمنتجة المصرية ماريان خوري لجنة الفيلم الوثائقي التي ستبث فيها صحبة ثلاثة أعضاء آخرين بثلاث جوائز أيضا. وهي الجائزة الكبرى طبعا وجائزة لجنة التحكيم وجائزة العمل الأول. ويشارك في مسابقة الفيلم الوثائقي 13 فيلما.

 قطر... على البحر الأبيض المتوسط

تكاد تمثلية الأقطار المطلة على المتوسط أن تكون ممثلة في هذه المسابقات الثلاث، وبأجيال مختلفة، حيث مقياس اختيارها هو نوعيتها وإبداعها ومدى تجديدها في اللغة السينمائية. لذلك تتفاوت مستويات الأفلام فتخلق بعضها مفاجآت جميلة وممتعة للعين وللنقاش، وتخرجنا من النمطية باجتهادات عميقة في الشكل السينمائي والمضمون الفكري.

وتمتد بعض الأفلام بجنسيتها الإنتاجية إلى أقطار أخرى من خارج حوض المتوسط كما سلف الذكر ونذكر منها فيلم "طالع نازل" للمخرج اللبناني محمود حجيج الذي يشارك في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة. فقد ساهمت دولة قطر في إنتاجه كما ساهمت أيضا في إنتاج فيلم آخر مشارك في المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية وهو فيلم "طيور أيلول" من إخراج سارة فرنسيس، وهو أيضا من لبنان.

وليست هذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها قطر بالمهرجان الدولي لسينما البحر البيض المتوسط بل ترجع مشاركتها السابقة إلى سنة 2010 من خلال قناة الجزيرة الوثائقية ومديرها الأستاذ أحمد محفوظ شخصيا. لقد كانت مشاركة ثمينة ودالة على مستويات عدة تتمثل في عضوية الأستاذ أحمد محفوظ في لجنة التحكيم الرسمية للأفلام الوثائقية من جهة ومن جهة أخرى تخصيص جائزة لجنة التحكيم في تلك الدورة (الدورة 16) باسم قناة الجزيرة الوثائقية والتي مولتها القناة. فقد كان ذلك الدعم المعنوي والمالي مثيرا للاهتمام كأول تجربة قبل أن تليها تجارب أخرى مستقبلا. كما كرمت القناة، خلال الدورة المذكورة، باسم مديرها، رئيس مؤسسة المهرجان السيد نبيل بنعبد الله والذي كان حينها سفيرا للمغرب بإيطاليا بعد أن كان وزيرا للاتصال (هو الآن وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة) الذي سلمته درع القناة. كما القناة اشترت حقوق بعض الأفلام. دون إغفال المتابعة الإعلامية المكثفة من خلال موقعها الإلكتروني.

الأطفال... ركيزة المهرجان ومستقبله

يعقد المهرجان ندوته المركزية حول موضوع "السينما في المدرسة: إشكاليا وتحديات" بمشاركة عدد مهم من المتخصصين في شأن التربية على الصورة، ومنهم أساتذة فنون السينما في عدد من المعاهد والمدارس والمؤسسات التعليمية بأقطار حوض المتوسط أو مدرائها، وذلك يوم الجمعة 4 أبريل بتعاون مع الأكاديمية الجهوية طنجة – تطوان.

تطرح هذه الإشكالية نفسها بحدة في المغرب حيث لا توازي المدرسة التطور الحاصل في المجتمع مع الصورة، خاصة عند الأطفال، ولم تجد السينما مكانها طبيعيا في أقسام الدراسة سواء الابتدائية أو العليا. ولا تهتم الجمعيات السينمائية بتثقيف الطفل في هذا الحقل باستثناء تجربة الخزانة السينمائية بطنجة التي شرعت منذ أزيد من 4 سنوات، بتعاون مع الجمعية السينمائية السويسرية "المصباح السحري"، بتربية الأطفال سينمائيا اعتمادا على منهجية وبيداغوجية مدروسة علميا، وهي تجربة رائدة في المغرب مع الأطفال. وشرعت هذه السنة – أي الخزانة السينمائية بطنجة – في تأطير أساتذة الثانويات لتأطير بدورهم تلامذتهم (أنظر نصوصا في هذه المواضيع سبق نشرها بموقع الجزيرة الوثائقية).

ومهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط هو بدوره من الإطارات التي اهتمت بالأطفال قبل سنوات بتنظيم ورشات سينمائية معهم أطرها سينمائيون مغاربة وأجانب، طيلة أيام انعقاده، وأنجزت بعضها أفلاما قصيرة جدا تم عرض بعضها في حفل اختتام، ومنها من حظيت بجوائز مادية فتشجع بعضهم لاختيار السينما في دراسته العليا. ومنهم من يتطوع للعمل مع المهرجان الذي تربى فيه. وعليه، فإن المهرجان كان واعيا بقيمة العمل مع الأطفال، وأنهم مستقبله، فتُعد ندوته، لهذه السنة، بمثابة تتويج لماضيه بغية إيجاد حلول لتطوير العمل داخل المؤسسات التعليمية العمومية طيلة السنة وليس في المناسبات فقط. من هنا تكمن القيمة المضافة للندوة المقررة.

برامج أخرى...

وكما سبق القول أعلاه، فإن المهرجان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط، أو بعبارة أصح، الأفلام المنتجة في الأقطار المحيطة به، هو تظاهرة ضخمة وكبيره وغنية ولا يتوقف ذلك عما جاء سالفا بل يتضمن أنشطة أخرى كالمائدة المستديرة حول "السينما وحقوق الإنسان بالمتوسط"، يوم الإثنين 31 مارس، بتعاون مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وستُعرض في هذا الإطار مجموعة من الأفلام تنتمي إلى المغرب وفرنسا ومصر ولبنان وفلسطين وبمشاركة مخرجيها في المناقشة.

كما يتضمن البرنامج عروضا سينمائية ضمن فقرة "4،14 كلم" التي تتناول العلاقة بين ضفتي حوض المتوسط، خاصة المغرب وإسبانيا، ودلالة إسم الفقرة هو المسافة الفاصلة في المضيق بين المغرب (طنجة) وإسبانيا (طريفة) لخلق الحوار والتبادل الثقافي والتعاون السينمائي، وهو ما تعمل به هذه الفقرة التي هي في الواقع إسما لتظاهرة تتم أيضا في طنجة وبعدد من المدن الإسبانية.

ويلتفت المهرجان، سنويا، نحو مجموعة من الأسماء السينمائية بحوض المتوسط لتكريمها والاعتراف بعطاءاتها حيث اختارت الإدارة أربعة أسماء: المخرج والكاتب السوري محمد ملص، والممثل المغربي صلاح الدين بنموسى، ومدير التصوير والمخرج المغربي محمد عبد الكريم الدرقاوي، ومدير التصوير الإسباني خوصي لويس ألكايني.

الجزيرة الوثائقية في

27.03.2014

 
 

"رسائل نسائية" بطلاً لمهرجان سينما التحريك بمكناس

الرباط - خديجة الفتحي 

توج فيلم التحريك الفرنسي "رسائل نسائية" لمخرجه أوغوستو زانوفيلو، بالجائزة الكبرى للدورة الثالثة من المهرجان الدولي لسينما التحريك، الذي اختتمت فعالياته يوم الأربعاء بمدينة مكناس المغربية.

وتندرج هذه الجائزة التي تقدر قيمتها بحوالي 3 آلاف أورو، ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي شارك فيها 36 فيلما تمثل 20 جنسية، تم انتقاؤها من أصل 200 فيلم تنتمي لجغرافيات مختلفة تقدمت للمشاركة في هذه التظاهرة التي تعد الوحيدة المختصة في هذا الصنف من الأفلام على الصعيد العربي والإفريقي.

وفاز فيلم "لا بوتيت كاسرول داناطولي" للمخرج الفرنسي إيريك مونتشود بجائزة أحسن فيلم تحريك فرانكفوني قصير، والمقدمة من طرف إذاعة وتلفزيون سويسرا، فيما فاز فيلم "دو بلومز" للطالبة اليابانية أيازا كوجينوما بالجائزة الخاصة بأحسن فيلم مدرسي.

وحاز فيلم "أودوغا" للمخرجة الروسية آنا بودانوفا بجائزة لجنة التحكيم، فيما نال جائزة الجمهور فيلم التحري الكندي "جو دو لا نكونسيونت" للمخرج كريس لاندريث.

وترأس لجنة المنافسة الفرنسي سيرج برومبيرغ، وتضم في عضويتها كلا من لطيفة أحرار (المغرب) وغاستون كابوري (بوركينا فاصو) ودولفين نيكوليني (فرنسا) وريجينا بيسوا (البرتغال).

وتميز حفل الختام بتقديم المخرج الأميركي سيرج برومبرغ إلى الجمهور سفرا عبر الصوت والصورة تاريخ سينما التحريك. كما استضافت الدورة وعلى غرار الدورات السابقة في إطار "ماستر كلاس" النجم الأميركي في سينما التحريك (وولت ديزني) المخرج ايريك غولدبيرغ.

وتضمنت أنشطة المهرجان الموازية ورشات سينمائية قدمها مهنيون دوليون في عالم سينما التحريك، ويتعلق بعضها بورشات السيناريو، الإنتاج، الوثائقي التحريكي وورشة حول كيفية إنجاز فيلم "أسطورة ساريلا"، ورشة حول تقنيات التحريك وورشة حول المكرم السينمائي الكندي نورمان ماك لارين الذي تشكل هذه السنة الذكرى المئوية لمولده، حيث كانت كندا ضيف شرف الدورة.

وبهذه المناسبة تابع الجمهور آخر وأبرز الإنتاجات الدولية في هذا النوع السينمائي، وخصوصا الإنتاجات السينمائية الكندية التي تم الاحتفاء بها في هذه الدورة.

يشار إلى أن برنامج هذه التظاهرة، التي نظمتها (مؤسسة عائشة) بشراكة مع المعهد الفرنسي بمكناس، تضمنت، بالإضافة إلى عرض مجموعة من أفلام التحريك، لقاءات وندوات ناقشت "مستقبل سينما التحريك بإفريقيا" و"انخراط المرأة في مجال سينما التحريك"، فضلا عن تنظيم ورشات تكوينية في سينما التحريك لفائدة طلبة مدارس الفنون الجميلة بالمغرب.

يذكر أن المهرجان استقطب أيضا جمهورا غفيرا من الأطفال قدره المنظمون بحوالي 7000 طفل، استمتعوا بأفلام الرسوم المتحركة وفق عروض ثلاثية الأبعاد، واستفاد العديد منهم من ورشات تربوية نظمت من أجلهم.

العربية نت في

27.03.2014

 
 

مهرجان برلين للفيلم العربي: مرآة للواقع العربي

DW  

تناولت الأفلام التي تم عرضها في مهرجان برلين للفيلم العربي مواضيع تشغل بال المواطن العربي بشكل عام كالقضايا السياسية والحراك الذي تشهده بعض البلدان العربية، وذلك إلى جانب مواضيع اجتماعية تتعلق بالمرأة والجسد والجنس.

لا تتاح للمشاهد العربي في برلين فرصة مشاهدة أفلام عربية جديدة وقديمة بأعداد وفيرة، كما يحدث أثناء مهرجان الفيلم العربي في برلين الذي يقام برعاية أصدقاء الفيلم العربي في العاصمة الألمانية. ولذلك، لم يكن غريبا أن تشهد هذه الدورة حضور جمهور كثيف سواء من العرب أو الألمان. "إنها نتيجة مفرحة وجميلة لعمل المتطوعين والمتطوعات الذي استمر لخمس سنوات" كما يقول عصام حداد مدير مهرجان الفيلم العربي.

الدورة تم افتتاحها بفيلم فلسطيني عالمي رشح لجائزة الأوسكار هذه السنة في فئة أفضل الأفلام الأجنبية، يتعلق الأمر بفيلم "عمر" الذي يتناول تعقيدات الوضع في الشرق الأوسط من خلال قصة ناشط فلسطيني يريد ضابط إسرائيلي تجنيده لصالحه مهددا إياه بكشف أسرار خاصة تخص حبيبته. مخرج الفيلم هاني أبو أسعد لم يتمكن من حضور العرض الافتتاحي غير أنه خص المهرجان برسالة مصورة تم عرضها قبل بداية الفيلم، قال فيها المخرج الفلسطيني: "أتمنى أن يجد هذا الفيلم مكانه لدى الجمهور البرليني، ويهمني على الخصوص أن أعرف رأيكم، لذلك أرجو أن تبلغوا تعليقاتكم وانطباعاتكم للمشرفين على المهرجان".

فيلم "عمر" أثار إعجاب الجمهور البرليني نظرا لقوته الدرامية وكذا حبكته السينمائية، إذ تقول الكاتبة التشيكية ميلينا أوده لاسكا: "لقد شعرت بعد انتهاء الفيلم بقيمة الحرية، فطيلة الفيلم أحسست بما يشعر به أبطال الفيلم من رهبة وخوف ومرض، لقد كان فيلما جيدا، لكنه قاسٍ في الوقت نفسه".

السينما كمرآة للواقع السياسي

من المؤكد أن اختيار الأفلام المعروضة خلال هذه الدورة والتي بلغ عددها الثلاثين فيلما، خضع لاعتبارات سينمائية فنية، لكن كان هناك اهتمام أيضا بعرض أفلام تناقش قضايا سياسية واجتماعية، حسب مدير المهرجان الذي أوضح لـDWعربية، أن الدورة الحالية كانت "حريصة على أن تعكس ما يجري في العالم العربي من مخاض عميق وحراك سياسي يطمح للديمقراطية".

وفي هذا السياق تم عرض أفلام تتناول الأزمة السورية في قالب درامي مثل فيلم "سلم إلى دمشق" الذي أخرجه محمد ملص، وكذا فيلم "العودة إلى حمص" للمخرج طلال دركي. وهو الفيلم الوثائقي الذي ينقل المُشاهد من صالة عرض الفيلم إلى واقع الصراع الدائر بسوريا من قتال وقصف وخوف.

المرأة وجسدها في السينما العربية

عرف المهرجان عرض فيلم " صخرة القصبة" للمخرجة المغربية ليلى المراكشي، وهي مخرجة شابة صنعت اسمها السينمائي في المغرب من خلال فيلمها "ماروك" الذي تناول قصة حب بين فتاة مسلمة وشاب يهودي. ليلى المراكشي عادت إلى السينما بعد غياب سنوات من خلال فيلمها الجديد "صخرة القصبة" الذي تناول وضع المرأة في المغرب وفي العالم العربي ككل من خلال قصة امرأة مغربية عاشت خارج بلادها لمدة طويلة، لتعود بعد وفاة والدها إلى المغرب فتصطدم بالعادات والتقاليد وقوانين الإرث.

حرصت المخرجة المغربية من خلال الفيلم الناطق بالعربية والفرنسية إلى إشراك ممثلات عربيات كنادين لبكي من لبنان، وهيام عباس من فلسطين ومرجانة علوي من المغرب لتؤكد على أن مشاكل المرأة العربية لها قواسم مشتركة وإن اختلفت الجنسيات العربية. وتميز الفيلم بمشاركة النجم العالمي عمر الشريف الذي أدى دور الأب المتوفى في الفيلم.

"صخرة القصبة" لم يكن الفيلم الوحيد الذي تناول واقع المرأة العربية، إذ ركز المهرجان أيضا على موضوع الجسد من خلال عرض الفيلم التونسي "حلفاوين" الذي يحكي قصة مراهق ينفتح على الجنس الآخر من خلال ذهابه مع والدته إلى الحمام الشعبي، حيث سيصطدم هذا الشاب الصغير بالأجساد الأنثوية. وهو الفيلم الذي تم إنتاجه سنة 1990 لمخرجه فريد بوغدير، واعتبر حينها فيلما جريئا.

علامات فارقة في تاريخ السينما العربية

المهرجان عرف عرض أفلام كانت فارقة في تاريخ السينما العربية كفيلم "باب الحديد" للمخرج المصري يوسف شاهين الذي يعود إلى عام 1958، بالإضافة إلى فيلم "خلي بالك من زوزو" لمخرجه حسن الإمام من عام 1972 والذي قامت فيه بدور البطولة الراحلة سعاد حسني. كما قامت المخرجة المصرية-الألمانية فيولا شفيق بتقديمه للجمهور البرليني.

وبعد عرض "خلي بالك من زوزو"، قالت فتاة مصرية "لقد شاهدت الفيلم مرات عديدة في التلفزيون، لكنها المرة الأولى التي أشاهد فيها الفيلم في السينما، وكان لذلك طعم مختلف".

الشروق المصرية في

27.03.2014

 
 

كركوتى:

"لامؤاخذة" بداية حقيقية للسينما المستقلة

كتب- محمد فهمى

أكدت ماريان خورى المنتجة السينمائية، أن فكرة مشروع سينما "زاوية" جاءت فى إطار محاولات إتاحة المجال لعرض سينما مختلفة عن السائد تجاريا، حيث يخصص قاعة صغيرة فى السينمات لعرض أفلام جديدة أسبوعيا من نوعية الأفلام التى لا تجد طريقها عادة إلى دور العرض التجارى ومنها أفلام أوربية وعربية روائية قصيرة وطويلة وتسجيلية.

وأضافت ماريان خورى فى لقائها مع الإعلامية منى سلمان فى برنامج "مصر × يوم " على فضائية دريم2 مساء أمس –الثلاثاء-، أن "زاوية" فكرة مجنونة وطموحة تهدف لتغيير الزوق العام، وتحفز المشاهدين لمعرفة تجارب ومشاهدة افلام مختلفة عن الشائعة فى السينمات.

ومن جانبه أشار المحلل السينمائى علاء كركوتى، أن الفكرة لا تقتصر فقط على عرض الفيلم فى السينما وإنما تخلق مكان بعد عرض الفيلم للمناقشة مع الجمهور حول الفيلم بحضور المخرج أو أحد صناع الفيلم، مؤكدا أن فكرة الأخذ والعطا بين المشاهد وصانع الفيلم يجعل المخرج يتحفز لتقديم افلام بأفكار مختلفة .

وأضاف كركوتى أنه لا توجد قاعدة فعلية لصناعة الأفلام الوثائقية تستطيع أن تحقق دخل، موضحا أن العرب عموما يفضلون الخيار الآمن، فنختار نفس النجم المشهور نختار نفس السينما، ونخشى من التجديد ومشاهدة أفلام غير مألوفة من ثقافات أخرى.

واتفقت معه المنتجة ماريان خورى التى أكدت أن سمعة الفيلم الوثائقى فى مصر ليست جيدة بدعوى أن الفيلم الوثائقى فيلم مملل، وهذا ليس حقيقة، مقترحة أنه لابد من إيجاد كلمة بديلة "للوثائقى"، ومن أجل ذالك تبنت "زاوية" فكرة دمج التعليم مع الترفيه من خلال برنامج “التعليم و السينما”،الذى تنظمه فى إطار بانوراما الفيلم الأوربى بالتعاون مع المدارس والجامعات المصرية لنشر التعليم من خلال السينما، وذلك لمساعدة الأجيال الشابة فى تطوير الحاسة النقدية والفنية ومعرفة ثقافات الشعوب الآخرى من خلال هذه الأفلام.

وأشارت مارين خورى إلى فيلم  “وجده" ” للمخرجة السعودية هيفاء المنصور وأكدت أن هذا الفيلم كشف تفاصل عن الحياة السعودية لم نكن نعرفها وكشف أيضا وجه آخر مختلف للمرأة السعودية.
وأعرب كركوتى عن تفائله بأن مستقبل السينما المستقلة بدأ يتغير وخاصة بعد التجربة الناجحة لفيلم "لامؤاخذة" للمخرج عمرو سلامة والذى تصدر ايرادات السينما حتى اليوم، على الرغم أن تكلفة صناعة الفيلم ليست كبيرة كما انه حاصل على دعم من وزارة الثقافة، وعلى الرغم ايضا أن الفيلم لا يعتمد على نجم مشهور أو فكرة معتادة.

وأكد كركوتى أن فكرة زاوية لو استطاعت تحقيق نسبة مشاهدة تصل لـ50 ألف مشاهد خلال سنة واحدة فهذا يعتبر نجاحا كبيرا للفكرة.

الوفد المصرية في

27.03.2014

 
 

أحمد زكى..

خرج من الدنيا بالستر"وزيادة حبيتين"

كتبت - حنان أبوالضياء: 

«ما بين الجنون والعبقرية خطوة لم يخطها وظل محافظا عليها..لا أعرف هل هذا كان بإرادته أم أن الأقدار حافظت له على تلك المسافة.. دائما كان قاب قوسين أو أدنى من السعادة، ثمة شيء ما لا يعرفه منعه من الوصول إليها.. بركان من الإبداع..وفيض من الإنسانية.. وإعصار من الغضب عندما لا يوجد تفسير مقنع لكونه لم يكن المتوج على عرش السينما فى أى مهرجان يدخل فيه بأحد أفلامه.. صادقا إلى حد البوهمية.. ومعطاء بالقدر الذى جعل من إنسان كسب الملايين إلى شخص يخرج من الحياة بالستر «وزيادة حبتين».. عن أحمد زكى أتكلم، الذي تمر اليوم ذكراه التاسعة».

أحمد زكي الإنسان.. أصدقاؤه كثيرون، كل واحد فيهم يعتقد أنه الصديق الأوحد..وتلك مقدرة إنسانية لم يكن يعزف عليها باقتدار وعفوية فقط ولكن بعبقرية أيضا..أفعاله يغلفها إطار واحد هو الإيثار فى كل شيء إلا فى الإبداع.. فهذا الإنسان الذى يعطيك كل ما يملكه بدون تفكير، يتحول فى لحظة الى إعصار يعتصر ذاته وكيانه قبل الاخرين إذا فشل فى الحصول على دور كان يحلم به..وفى الحقيقة وعلى ما أعتقد أن الكثير من أعمال وحيد حامد كان من المفروض أن يقوم ببطولتها أحمد زكي ولكنها كانت فى النهاية تطير لتحط بجناحيها على موهبة أحد آخر, وربما يرجع هذا الى أن أحمد زكي كان عنيدا فى وجهة نظره الى الحد الذى لا يقبله وحيد حامد، فالأزمة دائما تكون بين مبدعين كليهما يعرف مقدار ذاته ويرفض التنازل عن ما يفكر فيه.. وعامة إن كنت شاهدا على ضياع حلمه فى تمثيل فيلم «سوق المتعة» الذى ذهب الى محمود عبدالعزيز. فقد كان أحمد زكي يذهب يوميا الى المكان الذى اعتاد أن يكتب فيه وحيد حامد وظل مرابطا أمامه فى الأيام الاخيرة من كتابته..وأعتقد أن تلك المشاهد أخذت وقتا طويلا من المبدع وحيد حامد لإصرار أحمد على التواجد أثناء الكتابة. وبعد الانتهاء من السيناريو وكالمعتاد طار الفيلم منه..وحتى الآن لم أعرف لماذا!....

أحمد.. «الطائى»

كرم أحمد زكي ليس له حدود..دائما عازم..لم أره معزوما الا فى حالات استثنائية..  فى كل المهرجانات السينمائية التى كان يحل عليها ضيفا يصر أن يكون مقيما على حسابه الخاص. ومن الايام التى لا أنساها أثناء تواجده فى مهرجان الاسكندرية وكالمعتاد كانت إقامته على حسابه.. فى الوقت الذى كنت ترى فنانين يأتون بأسرهم كاملة على حساب المهرجان! وكان الجلوس مع أحمد زكي على طاولته يعنى أنك معزوم، ومهما بذلت من مجهود لاقناعه أنك معزوم من إدارة المهرجان يصر على دفع حسابك!.. الطريف أن أحمدزكي كان له ذوقه الخاص فى ارتداء الملابس وكان مقتنعا أن هذا الذوق سينال أعجاب الجميع.. لهذا الحد لا يخرج الامر عن كونه ثقة بالنفس، ولكنه كالمعتاد وبلمسته الخاصة يحوله الى شيء غريب وغير معتاد، لكونه كان يشترى من معظم القمصان التى يرتديها كل المقاسات، حتى إذا أبدا أحد إعجابه بالقميص صعد الى حجرته بالفندق «الذى كان يقيم به معظم الوقت» وأحضر له مقاسه.

عفاريت أحمد

«أحمد لبسه عفريت.».. شعور يسيطر عليك مع كل عمل يقدمه أحمد، فشخصيته تتبدل 180 درجة ليصبح فى حال غير الحال.. ملابسه رثة تدعوك للشفقة عليه مع كل الشخصيات التى قدم فيها شخصية الإنسان المطحون, فعندما سافرنا له أنا والزميل الراحل حمدى بسيط الى الفيوم أثناء تصوير الراعى والنساء، كان مرتديا طول الوقت قميص وبنطلون بسيط للغاية مثل الشخصية التى يؤديها، ورغم أنه كان يستيقظ مبكرا جدا والتصوير لا يبدأ إلا بعد الرابعة ظهرا وينتهى مع الساعات الأولى من الصباح.. ولا أعرف  حتى الآن  متى كان ينام أحمد زكي!.. وكان البرنس الذى لا يترك السيجار من يده عندما يكون من أصحاب المعالى..فعندما قام بدور عبدالناصر ظل لفترات طويلة يسير بانحناءة قليلة لكون ناصر كان كثيرا ما ظهر منحنيا قليلا عندما يكلم الآخرين لطول قامته.. ولشدة تقمصه للدور  اعتقدت أنه من المستحيل أن يتقمص دور السادات بنفس البراعة ولكم كان مذهلا وصادما عندما تراه فى بهو الفندق الذى يقيم فيه فى غير أوقات التصوير مرتديا الجلباب والعباية وممسك بـ«البايب» كما يفعل السادات..وظل لفترة طويلة يحلق الجزء الأمامى من رأسه حتى ظن الكثيرون أنه أصيب بالصلع.. ...وربما أن الاقدار لم تبخل عليه بالألم الذى كان يعانيه عبدالحليم حافظ ليتقمص بصدق لحظات المعاناة التى عاشها العندليب ليكون كما كان دائما حقيقيا وهو يمثل فى آخر أعماله «حليم».

أحمد.. «أبو الوفا»

حكايات كثيرة دارت عن علاقة أحمد زكي بماضيه.. هناك ممن كانوا يغارون من عبقريته كانوا من خلال بعض أصحاب الأقلام المسمومة  يشيرون إبان حياته أنه كان متبرئا من أيام فقره وشبابه.. وتلك التهمة لا تحتاج الى تبرئته فالايام فعلتها ولكننى فقط أذكر أن كل أصدقاء أحمد زكي فى بدايته ظلوا هم أنفسهم وهو فى عز نجوميته ومجده، وأذكر منهم الراحل ممدوح موافى الذى أصر بعد إجراء جراحة فى القلب أن يسافر مع أحمد زكي الى باريس عندما اشتد مرضه، وهناك سقط مغشيا عليه ليكتشفوا انه مصاب بالسرطان فى المرحلة الاخيرة وعاد معه الى مصر ليموت قبل أحمد بشهور.. ليسبق أحمد الى مقبرته ليرافقه حياته ومماته.

حريم أحمد زكي

حكايات كثيرة قيلت عن غراميات أحمد زكي فى حياته, وأخرى ابتدعت بعد وفاته, وهناك الكثيرون الذين صالوا وجالوا عن حريم أحمد زكي  صاحب الكاريزما الخاصة جدا.. ولكن الحقيقة تكمن فى هذا المكان بالقرب من الفيوم الذى يقطن فيه أحمد الآن..فالحياة الخاصة صندوق أسود يرحل مع صاحبه..ولكن تكمن الحقيقة الوحيدة الثابتة على حب أحمد زكي الوحيد المعترف به فى حياته وهى الراحلة «هالة فؤاد» والذى أثمرت قصة حبهما هيثم أحمد زكي.. وكل من كان يعرفه عن قرب، يعلم كم كان يكابد ويعانى أثناء مرضها.. ولكنه كان دائما يحافظ على المساحة التى لا يجب الاقتراب منها لكونها زوجة لرجل آخر.. لم يتكلم أحمد كثيرا عن أسباب الفراق واحتفظ بها لتصبح زاده الخاص الذى يتزود به من الذكريات.

الحاج أحمد زكى

لا يعرف الكثيرون أن أحمد أدى فريضة الحاج قبل وفاته بأكثر من عشرة أعوام..  علاقة أحمد بالله مثل كل البشر لا يعلمها الا الله, ولكنه كان سعيدا بعد عودته من الحج ويحكى حكاياته عن تجربته الانسانية هناك بعفوية بعيدة عن الكلمات الجوفاء والرنانة.

وأخيرا فإن الطائر الذى ظل محلقا على الطريق «بعيون لاتنام»، مشاركا فى «صناعة النجوم»..وأى فيلم له لم يكن بمثابة «نزوة» فنية ولكن تعامل معه بأسلوب «البطل» الذى لا يعرف «الهروب»، ولايسكن «أرض  الخوف».. وفى البلاتوه  يلعب «بالبيضة والحجر».. «المدمن» لإبداعه.. إنه «الإمبراطور».. «البريء».. «أحمد زكى».. الذى  عاش مؤمنا أن «العمر لحظة».. ورحل فى «الليلة الموعودة» 27 مارس 2005.

"الباطنية" بداية زكى والإنتاج حرمه من "الكرنك"

كتب - أمجد مصباح:

مشوار أحمد زكي السينمائي مليء بالإبداعات.. ويمكن القول إنر بدايته كانت عام 1974 حينما شارك بدور صغير في فيلم «بدور» مع محمود ياسين ونجلاء فتحي في دور موظف بهيئة المجاري وفي العام التالي تم ترشيحه لبطولة فيلم «الكرنك» أمام سعاد حسني.

ولكن جهة الإنتاج تراجعت وأعطت الدور للنجم نور الشريف، ثم قدم دورا مميزا جدا في فيلم «العمر لحظة» أمام ماجدة الصباحي عام 1976 في دور الجندي عبدالعزيز، أما البداية الحقيقية لأحمد زكي في السينما كانت بمشاركته في فيلم «الباطنية» حيث قام بدور ضابط شرطة يستطيع خداع العصابة، بعد أن خدعهم بقيامه بدور المدمن الصعلوك ودوره في فيلم «شفيقة ومتولي» عام 1978.

ومع بدايات الثمانينيات بدأ «زكي» مشوار النجومية الحقيقية حيث قام ببطولة عدد كبير من الأفلام حقق معظمها نجاحا كبيرا منها «المدمن، النمر الأسود، أنا لا أكذب ولكني أتجمل، درب الهوي» وفي منتصف الثمانينيات بدأ في تجسيد أدوار أكثر تميزا في أفلام «البريء» و«الهروب» و«عيون لا تنام» و«زوجة رجل مهم» وبعض الأفلام الخفيفة مثل: «مستر كاراتيه، البيضة والحجر، الليلة الموعودة».

وفي عام 1990 جسد بشكل رائع شخصية تاجر المخدرات في فيلم «الإمبراطور» وفي عام 1991 شارك سعاد حسني في آخر أفلامها «الراعي والنساء»، وتألق بعد ذلك في أفلام «الباشا، حسن اللول، أبوالدهب» وفي عام 1995 كان موعد أحمد زكي مع اعتلاء قمة المجد حينما جسد شخصية الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في فيلم «ناصر 56» وأقنع كل من شاهد الفيلم بأن أحمد زكي هو جمال عبدالناصر، براعة لأقصي درجة في تجسيد شخصية الزعيم الراحل وبعد هذا الفيلم كان أحمد زكي يدقق كثيرا في أدواره وقام ببطولة فيلم «أرض الخوف» وبعد ذلك أعد لمشروع فيلم «أيام السادات» الذي قام بإنتاجه وظهر هذا الفيلم للنور عام 2001، وجسد أحمد زكي شخصية السادات كأفضل ما يكون وحصل بعد ذلك علي لقب «رئيس جمهورية السينما»، وبعد عامين قام ببطولة فيلم «معالي الوزير» وبرع لأقصي مدي في تجسيد شخصية الوزير المنحرف، و«اضحك الصورة تطلع حلوة».

وفي بداية عام 2004 بدأ أحمد زكي رحلته مع المرض اللعين كان حلم حياته الفني تجسيد شخصية العندليب الراحل عبدالحليم حافظ علي شاشة السينما وبالفعل تحقق الحلم ورغم شدة المرض بدأ أحمد زكي تصوير الفيلم يوم 18 يناير 2005 واستمر في التصوير حتي يوم 2 مارس 2005 حتي اشتد عليه المرض تماما بالدرجة التي جعلته لا يستطيع استكمال التصوير ليكمله نجله الفنان الشاب هيثم أحمد زكي، ويظهر الفيلم للنور بعد رحيل زكي لتكتب نهاية مشوار نجم قدم للسينما روائع خالدة.

"الإمبراطور" فتى أحلام نجمات السينما

كتب - أمجد مصباح:

رغم أن أحمد زكي لم يكن يملك مواصفات النجم الوسيم في عالم السينما، ولكن جميع نجمات السينما في عصره، كانوا يسعون للعمل معه ضمانا للنجاح وقدرته الهائلة في عالم التمثيل علي رأسهم السندريللا الراحلة سعاد حسني وميرفت أمين ويسرا ورغدة ولبلبة ومعالي زايد ونبيلة عبيد ونجلاء فتحي وليلي علوي وهالة صدقي حتي مني زكي، والأخريات كن يحلمن بالوقوف أمام النجم الأسمر.

يكفي أحمد زكي أنه النجم الأشهر في تاريخ السينما، الذي سعت سعاد حسني للعمل معه وهو لايزال في بداية الطريق لأنها أيقنت أن أحمد زكي حالة منفردة في السينما.

في ذكراه التاسعة لابد أن نقول إن أحمد زكي كان حالة فريدة في تاريخ فن التمثيل في مصر هو بالفعل عندليب السينما لأنه تشابه مع عبدالحليم حافظ في أشياء كثيرة جعلته معشوق  الملايين ونجما من طراز رفيع من الصعب أن يجود الزمان بمثله، كان يعبر بصدق عن الشخصية المصرية في جميع أعماله تقريبا.

رحم الله النمر الأسود الذي رحل عن دنيانا يوم الأحد 27 مارس 2005 بمستشفي دار الفؤاد.

زملاء "البلاتوه": أحمد زكى ينسى نفسه أمام الكاميرا

كتبت - دينا دياب:

«المعنى الحقيقى لكلمة ممثل» صفة اجتمع عليها كل من تعامل مع أحمد زكى أو شاهد أعماله، من اراد ان يتعلم فن التمثيل كان عليه أن يراقب زكى فى الكواليس ليعرف ما معنى كلمة «تقمص»، كيف تمتزج الشخصية بالفنان ليختلط على من حوله الفصل بينهما.

فى الذكرى التاسعة للفتى الأسمر تظل عبقريته الخلاقة هى الذكرى العطرة له، ويظل صاحب نسبة الـ10 من 10 موهبة كما وصفه اصدقاؤه عملاق التمثيل الذى لم يصل لموهبته أحد.. سألنا من تعامل معهم من هو «زكى» فى الكواليس؟ فقالوا: «مجنون».

عبدالخالق: أعظم مشاهد زكى جسدها بظهره

كتبت - دينا دياب:

المخرج الكبير على عبد الخالق قدم مع زكى أفلام «شادر السمك» و«أربعة فى مهمة رسمية» و«البيضة والحجر»، وصفه بأنه كتلة إحساس، وكانت حساسيته الشديدة  فى حياته الشخصية سر إرهاقه.

وأضاف عبدالخالق كان عاشقا للسينما وكانت أمنياته الوحيدة إنشاء شركه إنتاج واتفقنا على تقديم فيلم بعنوان «شقى العمر» من تأليف محمود أبوزيد، وتمنى أن يقيم بجوارها استوديو ومعمل ودار عرض ولكن وافته المنية قبل تحقيق حلمه، فهو ليس مجرد ممثل لكنه كان يهتم بالصناعة.
وأضاف لم يتدخل يوما فى الإخراج لكنه كان يتناقش كثيرا للوصول لنقطة التقاء مثلا أثناء تصوير فيلم «أربعة فى مهمة رسمية» جسد أمامى كل أدوار الفيلم فى ساعتين ليقنعنى بديالوج مشهد واحد.

وعن تقييمه كممثل قال عبدالخالق كان يعمل بطريقة التمثيل «الاندراكتنج» وهو أصعب أنواع التمثيل لا يعتمد على انفعالاته وملامحه لا تتغير كثيرا فيقتصد فى التعبير فى الوجه والصوت فتراه قادرا أن يمثل بظهره ويقنعك بالدور، وهنا يتشكل حسب الأداء، وكان يهتم بشكل الشخصية التى يجسدها دون «استايلست» وكان حريصا أن يظهر شكله وملابسه للشخصية أيا كانت حتى لو سيضر بشكله الحقيقى، فهو يشحن كل أدواته بإحساسه ويتجرد عن شكله فى كل لقطة محافظا على الثبات الانفعالى للشخصية، لذلك كان ممن يحبون اللقطة الأولى ولا يفضل الإعادة لأنه جسدها  بكل أحاسيسه، وكان ملتزما فى مواعيده وحريصا فى اختياراته فتجد أغلب أفلامه متميزة، لأنه يريد أن يترك بصمة لا تنسى لذلك نسى غرور النجومية.

فاضل: نسيت شخصية أحمد زكى فى التصوير

كتبت - دينا دياب:

كان يدخل «اللوكيشن» بملابس الشخصية، ويطلب من حوله أن ينادونه بجمال.

هكذا وصف المخرج محمد فاضل شكل أحمد زكى فى كواليس فيلم «ناصر 56» وقال إن كلمة عبقرى قليلة على وصف موهبة أحمد زكى، لأنه الممثل الوحيد الذى تعاملت معه وغلبت فيه الشخصية على الممثل، وأضاف: لم أتذكر للحظة أن أحمد زكى هو من يقف أمام الكاميرا لكنه أجبر من حوله أن جمال عبدالناصر موجود معنا فى «اللوكيشن»، كان يجلس مع الجميع خارج التصوير ولكن بشخصية جمال.

وعن أصعب مشاهد الفيلم التى تقمصها «زكى» قال «فاضل»: «زكى» كان ينام فى «اللوكيشن» ولا يذهب الى منزله وأثناء تصوير مشهد يظهر فيه «ناصر» وهو يتحدث الى سيدة عجوز تتصل به بطريقة خاطئة كان «زكى» متقمص الشخصية لدرجة جعلت من حوله يصمتون أكثر من ساعة يشاهدونه وهو يتحدث فى الهاتف ويشرب السيجار وقتها كان «زكى» متيقظا من النوم ونهض فجأة ليجسد المشهد، وهذا فى اعتقادى هى سر موهبته أنه يعيش الشخصية ويجن بها، الأمر الذى كان يبهر من حوله قدرته الخارقة على الخروج من الشخصية لتقمص شخصية أخرى فمن كان يتعامل معه يرهق من تركيزه فهو ممثل من المستحيل تكراره.

أحمد زكى "صلصال" السينما المصرية

كتب - أمجد مصطفي:

هناك فنان يزداد ارتباطه بالناس بعد الرحيل.. والسبب الوحيد في ذلك أن إبداعه الذي تركه يزداد لمعانا كلما مرت السنون عليه لذلك جميعا نتوقف أمام أفلام الأبيض والأسود، وهو المغرد الذي نطلقه علي الأفلام القديمة، لأنها تمثل قمة إبداع الفنان المصري.

عشرات بل مئات من الأسماء تركت رصيدا هائلا كلما نشاهده نشعر بالحنين لهذا الزمن رغم أن الكثيرين منا لم يعيشوه، لكنهم من خلال هذه السينما الجميلة عشنا أيام الملك، وناصر والسادات، شاهدنا شوارعنا الجميلة وأحياءنا الشعبية بنبلها وكرم أخلاق أهلها من خلال هذه الأفلام شاهدنا تلاحم أبناء الوطن ودفاعهم عن الأرض والعرض، من خلال هؤلاء المبدعين عشنا الحروب التي خاضتها مصر ولم نحيها، السينما كان لها بريق وفعل السحر بفضل مبدعيها، أحمد زكي ينتمي الي هؤلاء العمالقة الأوائل رغم أنه لا ينتمي لجيل القصري ونجيب الريحاني وعمر الشريف ويحيي شاهين وأنور وجدي وحسين صدقي وحسين رياض ورشدي أباظة وزكي رستم وإسماعيل ياسين وفريد شوقي وتوفيق الدقن وأحمد رمزي وعبدالمنعم إبراهيم ويوسف وهبي وسليمان نجيب وعبدالوارث عسر والمليجي وكمال الشناوي وشكري سرحان وصلاح ذوالفقار، كل هذه الأسماء وغيرهم انتمي لهم أحمد زكي بالموهبة، فهو علي رأي النابلسي «سليل عائلة الإبداع الفني».

أحمد زكي هو عنوان العبقرية السينمائية كان رحمه الله بمثابة الصلصال أو المادة الخام التي يستخدمها الفنان التشكيلي ليخرج في النهاية تمثال للشخصية التي يريدها، هكذا كان أحمد زكي مع أي مخرج عمل معه كان يشكل كيفما رسمت الشخصية من قبل كاتب السيناريو وهذا هو الفنان الحقيقي، هناك أكثر من جيل ظهر بعد أحمد زكي بعضهم تقمص شخصيته وبعضهم كان يناور من أجل احتلال مكانته، لكنهم جميعا عجزوا لأن المبدع إذا أراد أن يكون شديد التأثير فعليه ألا يكون إلا نفسه.. من هنا يضع المبدع شخصيته لذلك بقي «زكي» واختفت أسماء كثيرة ظهرت قبله وبعده.

أحمد زكى قليل من الدراما كثير من التأثير

خاص - بوابة الوفد:

رغم قلة أعمال أحمد زكي في مجال الدراما التليفزيونية إلا أنه ترك بصمة كبيرة في تلك الأعمال، في عام 1979 جسد أحمد زكي شخصية عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في مسلسل «الأيام» مع العمالقة يحيي شاهين وأمينة رزق ومحمود المليجي، حيث برع لأقصي درجة في تجسيد شخصية طه حسين في هذا المسلسل أثبت قدرته علي تجسيد روح الشخصية.

وفي عام 1985 قام ببطولة مسلسل «هو وهي» مع السندريللا الراحلة سعاد حسني وقدم في هذا المسلسل 15 شخصية مختلفة ما بين كوميدي ورومانسي وصعيدي وشارك بالغناء فيه وبعد ذلك أخذته السينما من الدراما.

بشير الديك: أحمد زكى كان يعيش السيناريو

كتبت - دينا دياب:

الكاتب الكبير بشير الديك كتب 5 أعمال مع الفتى الأسمر هى «سائر على الطريق» و«موعد على العشاء» و«ضد الحكومة» و«النمر الأسود» و«الهروب» و«نزوة».

وقال: زكى كان يتعامل بفطرته مع الفن ويلتزم دوره كممثل فلم يتدخل يوما فى السيناريو، لكن تميزه في أنه لا يحفظ الدور لكن يعيشه فيقدم الدور حسب إحساسه بالسيناريو ويبحث عن نفسه فيه، وأضاف الديك تعاملت مع زكى فى بداياته وفى نجوميته، فلم أر حتى الآن ممثلا أو ممثلة بقيمته لأنه كان يحترم عمله، وسر عبقريته أنه يتبع فى التمثيل «مدرسة الاستبطان» ان يدخل فى الشخصية ويكون هو الشخصية ويلتبسها حتى ترهقه ويعيش داخلها ولا يحفظ كلامها، ويكون هو والشخصية فى إنسان واحد، ويحدث صراع داخلى بينه وبين الشخصية يظهر على الشاشة من يتغلب على الآخر.

وأشار «الديك» اثناء تقديمنا فيلم «ضد الحكومة» عاش تناقضات الشخصية، ووصل أنه شخصية مستهترة، فأظهر صراعا نفسيا فى موقف درامى شديد الصعوبة، ظهرت فى مشهد يقول حواره: «شفت المستقبل فى عنيه احميه ولا ماحميهوش»، ففى رأيى أن «زكى» هو الممثل الوحيد الذى كان يظهر نفسية الشخصية أكثر من مظهرها الخارجى خاصة فى هذا الفيلم.

وأضاف كان زكى مرشحا لفيلم «الحريف» ولكنه تشاجر مع محمد خان بسبب تفاصيل الدور فجسده عادل امام وظهر متميزا ايضا.

معالى زايد: أحمد زكى ممثل عاشق

كتبت - دينا دياب:

"فنان بدرجة عاشق".. هكذا وصفته الفنانة معالى زايد.

وقالت من الصعب على من يتعامل مع أحمد زكى فى الكواليس ان يتعامل معه فى الحقيقة، الصداقة التى كانت تربطنا بالشخصية فى الكواليس كانت مع الشخصية الفنية وليست مع شخصية زكى وأتذكر وقت تجسيدنا فيلم «البيضة والحجر» كان يجلس «زكى» فى «اللوكيشن» فوق السطوح ويتحدث بطريقة النصابين وقتها كان يختلط علي الأمر، واجتمعنا فى فيلم ابو الدهب ورغم تقديم أعمال كثيرة عن المخدرات لكننى أتذكر أن أحمد زكى بشخصيته كان يعطيك إيحاء أنه يخرج المخدرات من حقيبته من كثرة تقمصه الشخصية، ليصل لدرجة عشق الكاميرا والشخصية تجعله ينسى من حوله وينسى نفسه وعندما يشاهد الفيلم بعد عرضه لا يعجبه فهو «ممثل بمعنى الكلمة».

واضافت معالى: الأنانية كانت أبعد الصفات عن أحمد زكى فى تعامله مع أصدقائه، يتعامل مع الشخصيات حوله وكأنها جزء لا ينفصل عنه فعندما يتقمص شخصية يرى كيف يتعامل مع حبيبته وصديقته ومن معه فى العمل، فهو لا ينظر إذا كان يحب أن يظهر أحد بجواره أو لا وهذه كان سمات جيلى من الممثلين، عندما تتقمص شخصية تعيش تعاملها مع الآخر وأضافت على المستوى الإنسانى كان ما يميزه أنه جدع «وصاحب صاحبه» ولديه القدرة ان يتحمل اى عبء مهما كان عن أصدقائه فهو حنون وكريم الى درجة لا يمكن أن يتم وصفها.

الوفد المصرية في

27.03.2014

 
 

«زي النهاردة»..

وفاة الفنان أحمد زكي 27 مارس 2005

كتب: ماهر حسن 

ولد الفنان أحمد زكي في 18 نوفمبر 1949 بالزقازيق بمحافظة الشرقية، و اسمه كاملا أحمد زكي عبد الرحمن ورباه جده، بعد وفاة والده وزواج أمه حصل على الإعدادية ثم دخل المدرسة الصناعية، حيث شجعه ناظر المدرسة الذي كان يحب المسرح، وفى حفل المدرسة تمت دعوة مجموعة من الفنانين من القاهرة، وقابلوه، ونصحوه بالالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، وأثناء دراسته بالمعهد، عمل في مسرحية «هالوا شلبي».

تخرج «زكي» من المعهد عام 1973، وكان الأول على دفعته، من قسم التمثيل بتقدير ممتاز، وكانت أول فرصة فنية له من خلال دور صغير وهو دور جرسون يحب التمثيل ويقلد الممثلين في مسرحية «هالو شلبي» ومن بعدها كانت محطة مهمة وهي دوره في «مدرسة المشاغبين»، و لفت الأنظار إليه بشدة عندما قام بدور الطالب الفقير الجاد في هذه المسرحية، ثم مثل في مسرحيتي «أولادنا في لندن»، و«العيال كبرت».

انتقل إلى التليفزيون ثم السينما ولفت الأنظار إليه بكل دور يقوم به حيث قام بدور البطولة في مسلسل «الأيام» ثم «هو وهي»، و«أنا لا أكذب ولكنى أتجمل، ونهر الملح، والرجل الذي فقد ذاكرته مرتين»، ثم لعب دور البطولة في فيلم «شفيقة ومتولي»، أمام سعاد حسني ثم دوره في فيلم «الباطنية»، بين عملاقين هما فريد شوقي ومحمود ياسين، ثم فيلم «طائر على الطريق»، فكسر بذلك شرط الوسامة للنجومية.

قدم أفلامامه ابتداء من «عيون لا تنام، والبرئ، والحب فوق هضبة الهرم، وأحلام هند وكاميليا، وناصر 56 ،وأرض الخوف وإسكندرية ليه، والعوامة 70، والنمر الأسود، وموعد على العشاء، والبريء، وزوجة رجل مهم، واضحك الصورة تطلع حلوة»، وتنقل من دور إلى آخر فهو الفلاح الساذج في فيلم «البريء»، ومقتنص الفرص الهائم على وجهه في فيلم «أحلام هند وكاميليا»، وابن الحي في فيلم «كابوريا»، وهو رجل الأمن القاسي في «زوجة رجل مهم»، والرئيس عبد الناصر في فيلم «ناصر56»، والسادات في فيلم «أيام السادات».

تزوج من الفنانة المعتزلة الراحلة هالة فؤاد، وأنجبا ابنهما الوحيد هيثم أحمد زكي لكنهما انفصلا قبل وفاته، كما تعاون مع أسماء متميزة من مخرجي مصر مثل عاطف الطيب، ومحمد خان، وداوود عبد السيد، ويوسف شاهين، وشريف عرفة، وإيناس الدغيدي.

ومن أفلامه الأخرى «أبناء الصمت، ووراء الشمس، ودرب الهوى، والمدمن (فيلم)، والليلة الموعودة، والراقصة والطبال، والبداية، وأربعة في مهمة رسمية، والبيه البواب مع فوادالمهندس، والبيضة والحجر والإمبراطور والهروب و الراعي والنساء، وضد الحكومة، ومستر كاراتيه، وسواق الهانم، واستاكوزا ومعالي الوزير، وحليم».

حاز الكثير من الجوائز ومنها جائزة عن فيلم «طائر على الطريق» في مهرجان القاهرة وجائزة عن فيلم «عيون لا تنام» من جمعية الفيلم، وجائزة عن فيلم «امرأة واحدة لا تكفي» من مهرجان الإسكندرية عام 1989 وجائزة عن فيلم «كابوريا» من مهرجان القاهرة السينمائي عام 1990وفي الاحتفال بمؤوية السينما العالمية عام 1996 اختار السينمائيون 6 أفلام قام ببطولتها أو شارك فيها الفنان أحمد زكي، وذلك ضمن قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية وهي «زوجة رجل مهم، والبريء، وأحلام هند وكاميليا، والحب فوق هضبة الهرم، وإسكندرية ليه وأبناء الصمت»، إلى أن توفي «زي النهاردة» في 27 مارس 2005 إثر صراع طويل مع مرض سرطان الرئة.

«زي النهاردة»..

مارلون براندو يرفض جائزة الأوسكار 27 مارس 1973

كتب: ماهر حسن 

في 1 يوليو 2004 وفي لوس أنجليس بكاليفورنيا وعن ثمانين عاما توفي عراب السينما الأمريكية مارلون براندو أحد أشهر الممثلين في القرن العشرين، وأحد أساطير السينما وأكثر الوجوه السينمائية إثارة للجدل، إلا أنه سئم التمثيل وتحول إلى كتابة السيناريوهات.

حصل ممثلا علي جوائز عديدة ففي 1955 حصل على أول جائزة أوسكار كأفضل ممثل عن دورة في فيلم (على الواجهة البحرية) كما حصل عن الفيلم ذاته على جوائز أخرى كما حصل علي جائزة أفضل ممثل في مهرجان كان السينمائي وعلى (جائزة الأوسكار) كأفضل ممثل عن دوره بفيلم العراب عام 1973 (الأب الروحي)لكنه رفض الجائزة «زي النهاردة» في 27 مارس 1973 بسبب سوء المعاملة التي يتعرض لها الهنود في السينما والتليفزيون.

وأعلن «براندو» عشية الأوسكار مقاطعته للاحتفال، وأرسل نيابة عنه الممثلة ساشين ليتل فيذر وعند إعلان فوز براندو بالجائزة قرأت رسالة براندو والتي كان مفادها أنّه «ممتن جدا لهذه الجائزة السخية، لكنّه لن يستطيع قبولها بسبب المعاملة السيئة للهنود الحمر في مجال صناعة الأفلام».

واستغل «براندو» الاحتفال لإبداء دعمه لحركة الهنود الحمر، تزامنا مع حصار الناشطين الهنود في بلدة صغيرة جنوب داكوتا من قبل القوات الأمريكية ولم تكن حالة «براندو» الوحيدة في رفض أوسكار فلقد كانت الفترة الواقعة بين 1970و1980 من أكثر الفترات التي استعمل فيها الفنانون احتفالات الأوسكار كمنبر للتعبير عن آرائهم السياسية ودعمهم لقضايا إنسانية معينة ومن هذه المرات علي سبيل المثال ماحدث في في احتفال1977، حيث أدانت الممثلة فانيسا ريدجريف، الحائزة على جائزة أفضل ممثلة ثانوية، «السفاحين الصهاينة» من على المنصة، وأعلنت معاداتها للصهيونية.

أما عن سيرة براندو فتقول أنه ولد في 3 أبريل 1924 في أوماها بولاية نبراسكا الأميركية لأبوين يعانيان من مشاكل في زواجهما ومشاكل إدمانهما على الكحول وكان الأب قاسيا على ابنه لا يدع شاردة ولا واردة إلا وينتقد فيها ولده بشدة، وقد عمل لاحقا مديرًا لأعمال ابنه.

أما الأم فهي دورثي بينيباكر ممثلة موهوبة لم تحظ بشهرة كبيرة كانت تقدم بعض الدروس في التمثيل وكان ممن حضر هذه الدروس الممثل الشهير هنري فوندا، وقد توفيت في 1954 من آثار إدمان الكحول وورث عنها ابنها حب التمثيل ونشأ متمردًا لم تحتمل مشاغباته طويلًا أي من المدارس العديدة التي دخلها بما فيها مدرسة عسكرية وعمل بمهن صغيرة وارتحل إلى نيويورك والتحق هناك بمعهد يسمى «المدرسة الجديدة» وواصل تعليمه في «ستديو الممثل» والذي يديره كل من لي ستراسبيرج والسيدة ستيلا إدلر التي يدين لها بالفضل في تعليمها إياه ما يسمى تمثيل الطريقة أو المحاكاة والتي أتقنها وصار أداؤه بها يدرس في معاهد السينما ثم توجه للمسرح ليبدأ مشواره بمسرحية (أتذكر أمي) والتي أداها على مسارح برودواي الشهيرة والتي كانت جواز سفره لعالم الشهرة.

ثم شارك في مسرحية «كافيه طريق الشاحنات» ثم «عربة اسمها الرغبة» والتي أخرجها إليا كازان عام 1947 ثم اتجه للسينما في 1950 وكانت البداية في فيلم «الرجال».

وفي 1951 قدم للسينما، بعد المسرحية، فيلم «عربة اسمها الرغبة» الذي ترشح لأوسكار أفضل ممثل ثم تعاون مع المخرج إيليا كازان مجددا في فيلم (فيفا زاباتا ) والذي رشح فيه للأوسكار وفي 1953 قدم فيلمين الأول«يوليوس قيصر»في دور مارك أنتوني وفيلم «الجامح» ورشح للأوسكار للسنة الرابعة للتوالي في فيلم «على واجهة الماء» لايليا كازان وحصل الفيلم علي أوسكار أفضل فيلم وسبعة أوسكارات أخرى، وتتابعت أفلامه التي كان منها «شبان ودُمى» و «منزل الشاي لقمر أغسطس» و «سايونارا» و «الأسود الفتيَّة» و «الإمبراطور الأخير» و«رقصة التانجو الأخيرة في باريس».

«زي النهاردة»..

وفاة الفنان محمد توفيق 27 مارس 2003

كتب: ماهر حسن 

ولد الفنان القدير محمد توفيق، في الثاني والعشرين من أكتوبر 1908، والذي ساهم في العديد من الأعمال السينمائية والمسرحية والتلفزيونية، وقد بدأت علاقته بالتمثيل عندما كان طالبًا في المدارس الابتدائية والثانوية، ثم التحق بمعهد التمثيل الذي تأسس عام 1930 فاحترف التمثيل مع فرقة جورج أبيض وعزيز عيد وفرقة خليل مطران (بالمسرح القومي ) وفي 1937 سافر إلى انجلترا لدراسة التمثيل.

بعد عودته من إنجلترا في 1941 رشحه المخرج نيازي مصطفى لبطولة فيلم مصنع الزوجات وبعدها توالت أفلامه والتي بلغ عددها مائة فيلم من أشهرها «ابن البلد، وحب من السماء، وشهداء الغرام، والسوق السوداء، وشارع البهلوان، ومعلش يا زهر، وبابا أمين،و لك يوم يا ظالم، وشيء من الخوف(أبو فؤادة)، والأخ الكبير، وحسن ونعيمة، وكان آخر أفلامه هو أرض الأحلام».

كما شارك في حوالي 40 عملًا تليفزيونيا منها «عادات وتقاليد، والقاهرة والناس، وهند والدكتور نعمان، ومحمد وأخواته البنات، وأبوالعلا البشري، وما زال النيل يجري»، وكان آخر مسلسلاته هو «يوميات ونيس»،كما أنه قام بإخراج النص العربي لمشروع الصوت والضوء في منطقة أبو الهول وأهرامات الجيزة عام 1964وشارك في تقديم العديد من المسرحيات أهمها «مرتفعات وذرنج، و فاوست، و6 شخصيات تبحث عن مؤلف، والمفتش العام».

حصل «توفيق» على العديد من الجوائز والأوسمة وشهادات التقدير تقديرا لمسيرته وعطائه الفني فمنحه كل من الرئيس عبدالناصرعام 1967 والرئيس أنور السادات في أكتوبر 1979 وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى إلي أن توفي «زي النهاردة» في 27 مارس 2003 عن 95 عاما.

المصري اليوم في

27.03.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)