كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

تراهن على الطابع الملحمي للجزيرة «2»

هند صبري: السينما في خطر ولا مانع من وجود الأفلام التجارية

محمد قناوي (القاهرة)

 

استطاعت هند صبري أن تصبح واحدة من أهم نجمات هوليوود الشرق، بفضل موهبتها وأدائها المتميز بين السينما والتلفزيون، لتقدم عدداً من أهم الأدوار في السنوات الأخيرة نالت عنها العديد من الجوائز، وهي مشغولة حاليا بتصوير الجزء الثاني من فيلم «الجزيرة» الذي شاركت أحمد السقا بطولته قبل سنوات.

تقول هند صبري: خلال أحداث الجزء الثاني من «الجزيرة» ستستمر روح العمل الملحمية التي جذبت الجمهور إلى الجزء الأول، وبالنسبة لي فقصة حب «كريمة» و«منصور» الرومانسية ستستمر وتتطور في ضوء الأحداث التي مرت بها مصر.

وأضافت: شخصية «كريمة» سوف تظهر بتأثير أكبر في الأحداث وبشكل أكثر جرأة، ففي الجزء الثاني موجودة بلا ستار على عكس الجزء الأول، وما زاد حب الجمهور للشخصية هو قصة الحب المستحيلة بينها وبين منصور، والشبيهة بأسطورة روميو وجولييت، فكريمة ليست نموذجاً، وإنما شخصية استثنائية، ومن هنا جاء البعد الملحمي.

«الجزيرة» مغامرة

وقالت هند صبري: لم أقدم مع السقا سوى عملين فقط، وهما «الجزيرة» و«إبراهيم الأبيض»، وأعتقد أن ما يجعلنا ننجح كثنائي أن شخصياتنا في الفيلمين ملحمية صادمة للجمهور، كما أنني وأحمد نتلاقى في منطقة تكمل قدراتنا، وأنا فخورة بأننا تعاونا في فيلمين كبيرين تركا كل هذا الأثر.

وتؤكد هند صبري أن تقديمها للجزء الثاني من فيلم «الجزيرة» مغامرة في مثل هذا التوقيت، وتقول: هي مجازفة لأن الكل ينتظر ما سنقدمه في الجزء الثاني، لكنني أثق بالمخرج الكبير شريف عرفة، الذي أراد منذ الجزء الأول تقديم جزء ثانٍ للعمل، وهو يعلم جيداً أنه سيكون في نفس مستوى الجزء الأول، وهذا ما رأيته عندما قرأت سيناريو الفيلم.

وأشارت إلى أن تقديم هذه النوعية من الأفلام الكبيرة، مثل «الجزيرة» في مثل هذا التوقيت بمثابة موقف وطني وأخلاقي، موضحة: شريف عرفة يريد إعادة السينما الكبيرة لتصدر المشهد، ففي العامين الماضيين وجدت أفلاماً صغيرة، بغض النظر عن مستواها الفني، أسهمت في استمرار الصناعة، ويجب الآن أن تعود الأفلام الكبيرة.

وعن جديدها سينمائياً بعيداً عن مشروع «الجزيرة» قالت: هناك فيلمان تونسيان هما «زهرة حلب» و«ليلة قمر مكتمل» ولدينا مشكلة تمويل في الفيلمين، لأن السينما التونسية تعاني أزمة كبيرة.

أزمة السينما

وأشارت إلى أن صناعة السينما في مصر تعيش في الوقت الحالي حالة خطرة، وقالت: صناعة السينما مهددة بالتوقف، ويجب أن نشكر أي منتج يقدم أعمالاً مهما كان مستواها الفني في ظل ابتعاد الجمهور عن السينما، بسبب الظروف الاقتصادية السيئة والانفلات الأمني، كما أن أغلب المنتجين خائفون من العودة للإنتاج، بسبب عدم استقرار الأوضاع السياسية.

ورفضت هند دعوات مقاطعة الأفلام التجارية، وقالت: أنا ضد تلك الدعوات، فنحن بحاجة لعودة الجمهور إلى قاعات العرض، ثم إن تلك الدعوات تؤثر حتى في الأفلام الجيدة، ومثلاً فيلم «أسماء» تم تحميله 3 ملايين مرة من مواقع الإنترنت، وإذا لم يتم تقديم مثل هذه النوعية يكثر الهجوم على هذه الصناعة، بحجة أنها تحرم الجمهور من السينما المختلفة، وأنا أتعجب من حديث أصحاب هذه الدعوات عن إحياء صناعة السينما رغم أن جمهور السينما المختلف هو الآخر مسؤول عن إنجاح هذه الأفلام.

وأشارت هند إلى أنها قدمت نحو 24 فيلماً سينمائياً، وثلاثة مسلسلات تلفزيونية.. وهذه الأعمال لم تندم على أي منها. وهي فخورة بكل أدوارها وقالت: لا أعمل كثيرا واختياري دقيق في أدواري حتى أشعر بأن ما أقدمه يترك بصمة لدى المشاهد، وإذا تجولت بين أفلامي أجد «أحلى الأوقات، وبنات وسط البلد، وجنينة الأسماك» إلى أن أصل لفيلمي الأخير «أسماء» وكلها محطات فنية قوية في مشواري السينمائي، وهذا يجعلني لا أهتز في اختياراتي.

العودة إلى الدراما

وعن أسباب غيابها عامين، قالت: غبت عامين بالفعل منذ آخر مسلسل لي «فرتيجو» الذي قدمته العام قبل الماضي في رمضان، والسبب هو حملي بابنتي الصغرى ليلى والولادة ورعايتها هي وشقيقتها الكبرى عالية، وكنت في انتظار عمل يعيدني بقوة، وعرض عليَّ المخرج شريف عرفة الجزء الثاني من فيلم «الجزيرة» وليس هناك عودة أفضل من ذلك، ولا أنكر أنّ عامين بعيدا عن الكاميرا أصاباني بحالة خوف كأني أمثل لأول مرّة، وأول يوم تصوير في الفيلم كنت خائفة جداً.

وعن عودتها إلى الدراما في رمضان المقبل، قالت: سأعود للدراما هذا العام، ولدي أكثر من نص تلفزيوني سأختار من بينهما ما يناسبني، وقد افتقدت حضوري الدرامي العام الماضي، وشعرت بغيرة شديدة، عندما وجدت أعمالاً درامية جيدة، وسعدت بالتطور الذي أصبحت فيه الدراما، فقد ظهرت أعمال جيدة وحدث ثقل بالدراما المصرية أدهشني، وكنت أتابع مسلسلات «ذات، ونيران صديقة، وموجة حارة، وبدون ذكر أسماء».

وعن مشاعرها عندما وجدت اسمها ضمن قائمة أقوى 100 امرأة عربية، قالت: سعدت طبعا، ويوجد أكثر من مليون امرأة قوية لا يشملها هذا الاستفتاء، فالمرأة لها دور وشخصية وفاعلية وحضور ملحوظ، وعندما تأتيها الفرصة تعطي بشكل يبهر الجميع من دون التقيد بمجال محدد، فالمهم هو قوة الشخصية والإرادة.

الحياة الأسرية

تقول هند صبري، عن حياتها الأسرية وابنتيها عالية وليلى: كلتاهما تمتلكان روح الدعابة وهذه هي المرة الأولى التي أعود فيها للعمل بعد ولادة ليلى، وأدركت الآن معنى مصطلح «امرأة عاملة»، إنها تلك المرأة التي تريد أن تنتهي من عملها لترجع إلى أسرتها على الفور، وأنا أحترم جدًّا الأم التي تستطيع أن تنظم الوقت بين عملها وأسرتها، فهذا يحتاج إلى قدرات كبيرة.

الإتحاد الإماراتية في

22.03.2014

 
 

«نادي دالاس للمشترين».. فيلم يدون السيرة الذاتية

عمان - محمود الزواوي 

يجمع فيلم «نادي دالاس للمشترين» (Dallas Buyers Club)بين أفلام السيرة الذاتية والأفلام الدرامية. وهو من إخراج المخرج الكندي جان – مارك فالي. ويستند سيناريو الفيلم للكاتبين السينمائيين كريج بورتين وميليسا والاك إلى شخصيات وأحداث حقيقية وقعت في مدينة دالاس بولاية تكساس في أواسط ثمانينيات القرن الماضي.

والشخصية المحورية في قصة فيلم «نادي دالاس للمشترين» هو رون رودروف، وهو عامل كهربائي من هواة مباريات خيول رعاة البقر يعيش في مدينة دالاس، وهو مدمن على المشروبات الكحولية والمخدرات ومعروف بحياته الصاخبة وبعدائه للمثليين. ويصاب رودروف على غير توقّع بمرض الإيدز ويتوقع له الأطباء أن يموت خلال 30 يوما، إلا أنه يرفض الاستسلام لهذا القرار ويحارب بكل ما أوتي من قوة من أجل البقاء، مع أنه يصبح شخصا منبوذا من قبل أسرته وأصدقائه.

ويتعرف رودروف في المستشفى على المريضة رايون المصابة بمرض الإيدز التي كانت قد تحوّلت من رجل (الممثل جاريد ليتو)، ويقرر الذهاب إلى المكسيك بتشجيع من طبيبته إيف ساكس (الممثلة جنيفر جاردنر) للحصول على دواء لعلاج مرض الإيدز غير مرخص في الولايات المتحدة، ويشعر بتحسن كبير في غضون ثلاثة أشهر، ويقرر إحضار كميات من هذا الدواء من المكسيك لبيعها لغيره من المصابين الأميركيين بمرض الإيدز، ويؤسس «نادي دالاس للمشترين» بالشراكة مع رايون وبتشجيع من الدكتورة ساكس لترويج الدواء الجديد بين المصابين بمرض الإيدز مقابل الحصول على المال. وبعد ملاحقة من إدارة الغذاء والدواء يتعثر النادي وتفارق رايون الحياة، ويتحوّل رودروف إلى شخص صاحب رسالة يكرّس نفسه لمساعدة مرضى الإيدز. ويختتم فيلم «نادي دالاس للمشترين» بعرض نص على الشاشة يفيد بأن إدارة الغذاء والدواء سمحت لرودروف بتناول الدواء الجديد وبأنه توفي متأثرا بمرض الإيدز في العام 1992، أي بعد مرور سبع سنوات على الموعد الذي كان الأطباء قد حدّدوه لوفاته.

ويقدّم فيلم «نادي دالاس للمشترين» دراما إنسانية واقعية ذات رسالة قوية ومغزى أخلاقي، ويركّز على دراسة الشخصية وتحوّل بطل القصة من شخص مستهتر ولا مبال إلى شخص يتحمل المسؤولية ويتعاطف مع غيره من المرضى ويكرس نفسه لمساعدتهم. ويقدّم المخرج جان – مارك فالي عملا سينمائيا متكاملا يجمع بين العديد من المقومات الفنية، بما في ذلك سلاسة السيناريو، وتطوير شخصيات القصة والعرض الواقعي لأحداثها، وبراعة المصور إيف بيلانجر في التركيز على حميمية المشاهد دون إغفال الصورة العامة. ولكن رغم هذه العناصر المتميزة العديدة التي أكسبت الفيلم عشرات الجوائز السينمائية، فإن هذا الفيلم يستمد قوته أساسا من تفوق أداء بطليه الرئيسين ماثيو ماكونوهي وجاريد ليتو وتقمصهما الواقعي لشخصيتي المصابين بمرض الإيدز رون رودروف ورايون، حتى أنه يهيأ للمشاهد أنه لا يشاهد ممثلين في الفيلم، بل يشاهد شخصين حقيقيين يعانيان من مرض الإيدز، بكل ما في ذلك من تعبير عن الألم والأحاسيس والحركات والنظرات الواقعية. وخلال التحضير لدوريهما في الفيلم كمصابين بمرض الإيدز قام الممثل ماثيو ماكونوهي بتخفيض 23 كيلوغراما من وزنه، فيما قام الممثل جاريد ليتو بتخفيض 14 كيلوغراما. وانعكست قوة أداء هذين الممثلين في العدد الكبير للجوائز التي فازا بها عن هذين الدورين، وهي 16 جائزة للممثل ماثيو ماكونوهي لأفضل ممثل في دور رئيس، و21 جائزة للممثل جاريد ليتو لأفضل ممثل في دور مساعد.

وعرض فيلم «نادي دالاس للمشترين» في تسعة مهرجانات سينمائية. ورشح الفيلم لخمس وسبعين جائزة سينمائية وفاز بثمان وأربعين جائزة شملت ثلاثا من جوائز الأوسكار لأفضل ممثل في دور رئيس للممثل ماثيو ماكونوهي وأفضل ممثل في دور مساعد للممثل جاريد ليتو وجائزة أفضل ماكياج وتصفيف شعر. وفاز هذان الممثلان بجوائز الكرات الذهبية ونقابة ممثلي السينما الأميركيين وعشر من روابط نقاد السينما، كما فاز الفيلم بجائزة أفضل عشرة أفلام من المجلس القومي الأميركي لاستعراض الأفلام السينمائية. وبلغت الإيرادات العالمية الإجمالية لفيلم «نادي دالاس للمشترين» 31 مليون دولار في حين اقتصرت تكاليف إنتاجه على 5,5 مليون دولار.

الرأي الأردنية في

22.03.2014

 
 

«أسمهان ديفا الشرق».. ستون دقيقة مع الأسطورة

«بيت الراديو» يفتتح المهرجان الوثائقي «شاشات الواقع»

نديم جرجورة 

لافتتاح الدورة العاشرة من «شاشات الواقع» مساء غد الأحد، اختارت «جمعية متروبوليس»، المتعاونة مع «المعهد الفرنسي في لبنان» لتنظيم هذه التظاهرة السينمائية الوثائقية، فيلماً ذا إنتاج مشترك بين فرنسا واليابان، يغوص في «التفاصيل غير المرئية» في العمل الإذاعي. المخرج الفرنسي نيكولا فيليبير أنجز، في العام الفائت، «بيت الراديو» (103 د.، بالفرنسية مع ترجمة إنكليزية)، متوغّلاً عبره في أعماق «إذاعة فرنسا»، بهدف البحث عن/ في كل ما «يفلتُ من الأنظار»: أسرار وكواليس مؤسّسة إعلامية لا تزال مادتها الجوهرية (الصوت) غير مرئيّة. مغامرة سينمائية وثائقية تستدعي أحد أجمل الأداوت البصرية لاختراق اللامنظور، ولفهم آلية العمل الإذاعي، ولنقل اللامرئيّ إلى مشاهدين محتَمَلين.

التظاهرة الوثائقية الدولية (سبعة أفلام مُنتجة في العام 2013، بالإضافة إلى نسخة مُرمَّمة لفيلم مُنتج في العام 1963)، التي باتت تحتلّ مكانتها الثابتة في البرمجة السينمائية اللبنانية السنوية، تُقدّم في دورتها العاشرة، المُقامة يومياً (الثامنة مساء) في صالة سينما «متروبوليس» («مركز صوفيل» في الأشرفية) لغاية 30 آذار 2014، ثلاثة أفلام لبنانية (ذات إنتاجات مشتركة مع مؤسّسات ودول عربية وأجنبية مختلفة)، بالإضافة إلى فيلم مصري/ أميركي رُشَّح لجائزة «أوسكار» في فئة أفضل فيلم وثائقي طويل في دورة العام 2014. الفيلم الأخير هذا بات على كل شفة ولسان منذ أشهر طويلة: «الميدان» (104 د.، بالإنكليزية والعربية المُرفقة بترجمة إنكليزية، الأربعاء 26/ 3) لجيهان نجيم. الحراك الشعبي في القاهرة، وتفاصيل إنسانية فردية وعامة، وحكايات مستلّة من وقائع العيش في لحظة تاريخية محتاجة إلى تحليل واجتهادات ثقافية واجتماعية وفكرية كثيرة. الأفلام اللبنانية الثلاثة هي: «أسمهان، ديفا الشرق» (فرنسا/ سويسرا/ لبنان، 60 د.، بالفرنسية والعربية المُرفقة بترجمة فرنسية، الاثنين 24/ 3) للإيطالي سيلفانو كاستانو المتعاون مع اللبنانية إيمان حميدان في تحقيق هذا المشروع المتعلّق بإحدى أجمل الايقونات العربية. «أرق» (لبنان/ الإمارات العربية المتحدّة، 110 د.، بالعربية المُرفقة بترجمة إنكليزية، الخميس 27/ 3) لديالا قشمر. و«أنوثة ساكنة» (لبنان/ فرنسا، 55 د.، بالعربية المُرفقة بترجمة فرنسية، السبت 29/ 3) لكورين شاوي. الأول استعادة تاريخية لحقبة من التاريخ الغنائي العربي، من خلال أسمهان وحكاياتها، والتباس موتها، وقوّة صوتها، وموقعها في الوجدان الشعبي في مقابل أم كلثوم تحديداً، وعلاقاتها بالسياسة والحبّ والألم والحزن، وارتباطاتها الفنية والإنسانية والحياتية في جبل الدروز ومصر وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ولبنان. ستون دقيقة تعيد إلى الواجهة امرأة تفوّقت على إبداع الصوت، وتحوّلت سريعاً إلى لغز يكاد يُطيح بأساطير الشرق كلّها. الثاني تحليل اجتماعي إنساني ثقافي، مشبع بلغة سينمائية وثائقية متينة الصُنعة، لواقع شبابيّ اتّخذ من بيئة جغرافية مذهبية اجتماعية محدّدة (حي اللجا في بيروت) فضاء لحكاية أناس وواقع. الثالث رحلة في الذات والعلاقات عبر الكاميرا، لمرافقة أصدقاء وصديقات يعيشون حيوات وانفعالات بين العامين 2008 و2013.

الأفلام الأخرى هي: «فيفي تصيح فرحاً» (أميركا/ فرنسا، 96 د.، بالفارسية المُرفقة بترجمة فرنسية، الثلاثاء 25/ 3) لميترا فرهاني: شهادة سينمائية توثّق الشهرين الأخيرين في حياة «أسطورة الفن الإيراني الحديث» بهمان مؤسِّس. «المهبط» (سويسرا/ فرنسا، 100 د.، الجمعة 28/ 3، بالفرنسية والفارسية المُرفقة بترجمة فرنسية) لكافيه بختياري: منزل المهاجر الإيراني أمير في أثينا بات محطة ترانزيت لمهاجرين قرّروا مغادرة بلدهم، مثله. «أيار الجميل» (فرنسا، 136 د.، الأحد 30/ 3، بالفرنسية المُرفقة بترجمة إنكليزية) لكريس ماركر وبيار لوم: نسخة مُرمَّمة لفيلم رواه الممثل الفرنسي الراحل إيف مونتان، يستعيد أيار 1962 مع مخرجَين يسألان عن مشاكل اجتماعية وسياسية ووقائع حياتية يومية لأناس متنوّعين، بعد وقت قصير على توقيع «اتفاق إفيان» المشهور، الذي أوقف إطلاق النار بين مناضلين جزائريين ومحتلّين فرنسيين.

 

السفير اللبنانية في

22.03.2014

 
 

النساء مخرجات وعناوين للأفلام

«مواسم» في باريس.. مبدعات السينما العربية

نديم جرجورة 

نشاط سينمائي عربي جديد في باريس. الزميلة هدى إبراهيم خطت خطوة إضافية في المسار الطويل للحضور السينمائي العربي في العاصمة الفرنسية. خطوة يُراد لها أن تستكمل مشروع «السينمات العربية الجديدة» تحديداً، التي يسعى صانعوها الشباب إلى إضفاء مسحات مختلفة في إنجاز صُور أعمق في مقاربة أحوال وحالات وانفعالات، ونتاجات أجدّ في معاينة اللحظة وتحوّلاتها، من دون تناسي ما يُمكن وضعه في خانة «كلاسيكيات السينمات العربية» أيضاً. «مواسم» اسم جمعية أنشأتها إبراهيم مؤخّراً. «فصول السينما العربية» (أو «مواسمها») اسم تظاهرة أرادتها إبراهيم تفعيلاً إضافياً للإبداعات الحديثة لتلك السينمات. النسخة الأولى، المُقامة بين 21 و23 آذار 2014، اختارت المرأة، مخرجة وممثلة ومواضيع مرتبطة بها. أفلام طويلة وقصيرة، روائية ووثائقية، تجريبية ومستقلّة، بالإضافة إلى أفلام تحريك: هذا كلّه في ثلاثة أيام فقط، يُفترض بها أن تُقدّم لمُشاهدين مهتمّين أفلاماً غير معروفة كثيراً في فرنسا، أو غير معروضة أبداً في صالاتها سابقاً. 37 فيلماً تمتلك «نبضاً جديداً للحياة، ومختارات سينمائية منسجمة والمسارات الآنية للمجتمعات العربية، ولشبابها»، كما جاء في تقديم هذه النسخة الأولى، التي يأمل منظّموها تحويلها إلى محطات عديدة في كل عام «بهدف تقديم النتاجات السينمائية العربية الحديثة».

في تحديدها العنوان الرئيس للنسخة الأولى، قالت هدى إبراهيم إن اختيار النساء و«تسليط الضوء على أعمال المخرجات (منهنّ)» نابعان من «قيمة هذه النتاجات وكمّيتها». أضافت أن هؤلاء «حاضرات كمخرجات، وأيضاً كنساء هنّ مواضيع أفلام، وبطلات لحظات مستلّة من الحياة الحقيقية، كما المتخيّلة». هذا كلّه مرتبطٌ بكون هؤلاء النساء المخرجات «لديهنّ جرأة العيش»، وقادرات على إمساك زمام الأمور بأيديهنّ «على الرغم من كل شيء، وبشجاعة وحزم». ذلك أن المرأة، بوقوفها خلف الكاميرا أو بعيشها حياتها اليومية، تستمرّ في نضالها كي تحصل على حياة أفضل في تلك المجتمعات التي تُبنى اليوم مجدّداً: «شُجاعة، وصادقة، ومتعطّشة لتحقيق نفسها، ولتحقيق حلمها بالمساواة والعدالة». فالمرأة بالنسبة إلى إبراهيم «هي التي تقود المسيرة غالباً». في الأفلام المختارة، «تظهر المرأة بأشكال مختلفة: تتحمّل المسؤوليات كلّها الخاصّة بالعائلة عندما يكون الأب مريضاً، تعمل وتكتب وتُعالِج. تكون مُحترَمَة أحياناً، لكن في أحيان أخرى تكون موضوع فتوى ما». تقول إبراهيم: «الوضع خطر في الدول العربية، التي تمرّ مجتمعاتها اليوم في (حقول من) الدم والعنف، كما في الانكفاء والقمع الاجتماعي والثقافي. لكن، في هذا العالم الذي يعيش تبدّلاً عميقاً، مع أولئك الذين يؤمنون دائماً بمستقبل أفضل، تترافق أجمل زهور الأمل جنباً إلى جنب مع الألم والخيبة».

من الأفلام المختارة، هناك «اليازرلي» (1974) لقيس الزبيدي، و«اقتلها» (2013) لخديجة السلامي، و«الخروج للنهار» (2013) لهالة لطفي، و«أم أميرة» (2013) لناجي اسماعيل، و«بلادي الحلوة، بلادي المرة» (2013) لهينر سليم، و«برج المر» (2012) للينا غيبه، و«حمامة» (2013) لنجوم الغانم، و«شباب اليرموك» (2013) لأكسل سلفاتوري سينز وغيرها.

السفير اللبنانية في

22.03.2014

 
 

مهرجان القاهرة السينمائي يعوم على بحيرة من الفساد!

أمير العمري 

توليت رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي لمدة شهر واحد. كان وزير الثقافة السابق- علاء عبد العزيز- الذي لا تربطني به أي علاقة شخصية من أي نوع، هو من عرض علي هذا المنصب. وكنت أرى من واقع خبرتي ومعرفتي بعالم السينما وعالم المهرجانات الدولية عبر أكثر من ثلاثين عاما، سواء كعضو في لجان التحكيم أو كمشارك فاعل قريب من عدد كبير من المهرجانات السينمائية الدولية المرموقة، أنني جدير بتولي هذه المهمة، وأنها فرصة لوضع خبراتي التي قمت بتحصيلها عبر ثلاثين عاما أو أكثر قليلا، في خدمة المهرجان "الكبير" الذي يقام في بلادي وباسمها، والذي كان قد اكتسب عبر سنوات، سمعة سيئة في العالم، أساسا، بسبب إسناده الى غير المتخصصين وغير المحترفين وغير المهتمين أصلا بقضية الثقافة السينمائية بالاضافة إلى التدخل المزري من جانب أجهزة الدولة (التي يسمونها بالعميقة) في أعماله وبرامجه. وكانت قناعتي ومازالت، أن صناعة المهرجان السينمائي الدولي مهمة ذات علاقة وثيقة بالثقافة السينمائية، وليست مجرد إحتفال استعراضي يقصد من وراءه الترويج للسلطة.

وكنت أكتب، منذ أكثر من عشرين عاما، في نقد مهرجان القاهرة السينمائي، ونشرت الكثير من المقالات التي وجهت نقدا شديدا لهذا المهرجان، داخل مصر وخارجها، وتحدثت في الاذاعات الدولية ومحطات التليفزيون الدولية كثيرا. وعندما جاءت الفرصة لتولي هذه المسؤولية رحبت بها، وتساءلت كما تساءل كثيرون وقتها: وهل يمكن قبول مهمة من وزير محسوب على حكومة الإخوان المسلمين؟ وكانت الاجابة بنعم ونعم.. فهي بمثابة اعتراف بالدور الثقافي للمهرجان، ورد للأمور إلى نصابها الصحيح، وعودة الحق لنا نحن المثقفين الذين قضينا عمرنا دفاعا عن قضية الثقافة والثقافة السينمائية.ومازلت غير نادم عن قبولي تولي المهمة.

ليس دفاعا عن علاء عبد العزيز

لماذا؟ لأن محمد صابر عرب وزير الثقافة في عهد الاخوان المسلمين وحكومة محمد مرسي وهشام قنديل أيضا هو من عملت معه مديرا من قبل لمهرجان الاسماعيلية السينمائي، وهو الوزير المهيمن حاليا على الأمور ويعمل معه جميع من هاجموا علاء عبد العزيز وشككوا بجهل فاضح، في قيمته ومعرفته، رغم أنه الوزير القادم من محيط الثقافة السينمائية كمدرس في معهد السينما ومونتير، وليس قادما من "التنظيم السري العقائدي" للاخوان بل ولم يكن أصلا عضوا في تنظيم الاخوان، بل إنني وجدته- وهذه شهادة للتاريخ- أكثر انفتاحا وليبرالية ونزاهة وشرفا واستقامة وأمانة وصدقا – من الأغلبية العظمى من حفنة المثقفين والمتثاقفين الذين وقفوا ضده، واعتصموا في مبنى وزارة الثقافة بعد توليه منصبه (وأنا أعرفهم معرفة شخصية طويلة واعرف عنهم وعن مواقفهم وتطلعاتهم الكثير مما يمكن أن يملأ مجلدات)، وقد خضع هؤلاء بشكل يدعو للتعجب، لتوجيهات ثلاثة من موظفي الوزارة الذين يلطخ الفساد وجوههم وذممهم، الذين أعفاهم علاء عبد العزيز من العمل معه بعد ان سمحوا باحتلال مبنى الوزراة وشجعوا على دخوله، بل وسهروا على راحة المعتصمين وتقديم الشاي والقهوة لهم،  رغم ان علاء عبد العزيز لم يقطع رزقهم بل اعادهم الى الجهات الحكومية  التي انتدبوا منها للعمل في مقر الوزارة.. مما يدل على استماتتهم في الدفاع عن "مصدر النهب العام" الذي يغترفون منه، وهو نفس ما فعله ببعض من يطلق عليهم "قيادات العمل الثقافي" من أمثال أحمد مجاهد رئيس هيئة الكتاب، وإيناس عبد الدايم، رئيسة دار الاوبرا، وغيرهما. وقد اطلعت بنفسي على وثائق رسمية بتوقيعهم تدينهم بالفساد المالي وتبديد المال العام والحصول- بدون وجه حق- على مكافآت مالية ضخمة.

وكان علاء عبد العزيز على حق فيما اتخذه من قرارت ضدهم، وقد أصبح هناك اليوم من يطالب علانية بمحاسبة أمثال هؤلاء من قيادات في الوزارة، ومنهم من قام بنهب وسلب المال العام في القطاع الذي يعمل به، لسنوات طويلة ومنهم أيضا من تقاعد أخيرا وكان ينتظر إسناد منصب الوزير إليه تكريسا ومكافاة للفساد الذي يقال لنا أن السلطة الحالية تحاربه، ولو أرادوا محاربته حقا لفتحوا ملفات التحقيق مع عبد الدايم ومجاهد بل وصابر عرب نفسه المتهم بالكثير من وقائع الفساد عندما كان رئيسا لدار الكتب والوثائق القومية، ويقال إنه في عهده ايضا- هو وسلفه، سرقت مخطوطات نادرة وتم بيعها بعد تهريبها خارج البلاد، وكتب الكثير أيضا عن كيف أنه تمكن من اغلاق ملفه الذي كان موجودا أمام النائب العام!

وأود أن أؤكد هنا، ما يعرفه الجميع من ان إسناد رئاسة المهرجان إلي لم يكن بأي حال قائما على أساس سياسي بل مهني بحت، وأن الجميع يعرف جيدا أنني من كبار معارضي الاخوان المسلمين بل وكل فرق الاسلام السياسي منذ عشرات السنين، عندما كان الكثيرون يرحبون بهم ويعتبرونهم جزءا من الحركة الوطنية، بل وهناك من كتبوا شعرا في خطاب يوسف القرضاوي الشهير عشية انتصار ثورة يناير 2011 في ميدان التحرير وقالوا عنه إنه من أعظم خطابات العصر الحديث وإنه ينبغي تدريسه على طلاب المدارس. وقد تحول الكثيرون من هؤلاء الآن بين ليلة وضحاها الى اعتبارهم "جماعة ارهابية" بعد أن أعلنت السلطة ذلك.

وكنت من أشد ناقدي الفكر السياسي الديني وكتبت في عشرات المواقع والمطبوعات معبرا عن ذلك بل وأصدرت بيانا وهم في عز سطوتهم بعد أن توليت المهمة، قلت فيه بوضوح أنني لا اتفق مع قناعات علاء عبد العزيز السياسية فأنا أنتمي لليسار، في حين يقف هو الى اليمين. لكني الآن أود أيضا أن أؤكد أنني لا أنطلق في أحكامي على البشر من منطلقات أيديولوجية، بل كنت دائما وسأظل، أدافع عن الحرية وعن الحقيقة. وليس من الممكن أبدا إنكار الحقيقة الواضحة لحساب الانحياز العقائدي. والحقيقة أن علاء عبد العزيز كان صادقا في رغبته في تطهير وزارة الثقافة. وأن ميزته الكبرى أنه كان قادما من خارج دولاب السلطة والوزارة وعملاء الأمن وفرق كتبة التقارير الذين قصرت عليهم المناصب والمسؤوليات الكبرى في مصر دون غيرهم، منذ عشرات السنين وحتى يومنا هذا، بدليل بقاء محمد صابر عرب وزيرا للثقافة في كل العهود. وما أقوله هنا هو الحق الذي أعرفه، وهذه حقيقة للتاريخ. وليس من الممكن نكران الحق، نكاية في "الإخوان" أو في غيرهم. وأود أن أضيف أيضا أنني وجدت كل تشجيع وحرية في العمل من جانب علاء عبد العزيز الذي لم يتصل بي ولا لمرة واحدة طوال فترة قيامي بالمهمة ولم يصدر لي أي توجيه أو يطلب مني أي طلب خاص او يتدخل في عملي كما هو معروف من جانب الوزراء.. وهذه أيضا، شهادة للتاريخ.

وقد علمت- قبل أن يعرض علي منصب رئيس مهرجان القاهرة السينمائي- أن ناقدا سينمائيا معروفا كان يسعى للحصول على هذا المنصب، وأنه ونحن بعد في دورة مهرجان كان السينمائي العام الماضي، كان يوسط من يمكنه التحدث إلى الوزير الجديد علاء عبد العزيز في هذا الشأن، بل وعلمت من علاء عبد العزيز نفسه فيما بعد، أن الناقد الكبير قام بتوسيط صحفي من أصدقائه قابل الوزير وطرح أمامه إسم الناقد الكبير لتولي مسؤولية المهرجان. ولم يكن لدي إعتراض من أي نوع على "خبرة" الناقد الكبير في هذا المجال، بل واحترم معرفته وخبراته وأقدرها.

الممثل محمود قابيل اجتمع مع علاء عبد العزيز وخرج بعد اللقاء وصرح بأنه تأكد بنفسه من وجود فساد وتجاوزات في الوزارة وأعلن تأييده لقرارات الوزير واقتناعه بسياسته ثم عاد فالتحق بالاعتصام ضده.. فالمسألة كانت سياسية تماما!

ولم يكن العمل مع "الوزير الإخواني" - كما يحب البعض أن يصفه، مرفوضا من ناحية المبدأ، بل إن الناقد الكبير دافع عنه في عدد من مقالاته في البداية كما هاجم اعتصام من يسمون أنفسهم بالمثقفين، ثم تحول إلى الهجوم عليه ومطالبته بالاستقالة بعد ذلك!

هذا الكلام أكتبه الآن بكل صراحة للتاريخ، ليس بقصد الإساءة لأحد، بل لوضع الأمور في نصابها أمام الجميع وحتى لا تتم المتاجرة بأي موقف أو المزايدة على أي موقف.

حملة التشويه

وقد تعرض كاتب هذا المقال لأبشع حملة تشويه وهجوم من بعض من كنت أعتقد أنهم من "الأصدقاء" أو على الأقل، من "غير الأعداء"، وكشفت لي هذه الحملة التي تسترت في الموقف السياسي المناهض للاخوان المسلمين وفكرهم، عن كم الأحقاد والغيرة والحسد التي تملأ قلوب البعض لمن يأتي من خارج "حظيرتهم" محصنا بثقافة سينمائية رفيعة وتجربة ثرية لم يتح لأحد منهم تحصيلها، صنعها بجهده الشخصي وفي معظم الاحوال، تحمل نفقاتها من جيبه الخاص دونما حاجة لدعوة من أحد، أو راع من منتجي الأفلام الاستهلاكية أو "فنانة" معروفة مثلا، لكي ينفق على سفرياته إلى مهرجانات السينما الدولية.

وقد تصور بعض هؤلاء الذين إنغمسوا في تلك الحملة القذرة وقتها أنهم الأجدر والأولى، وأنهم أحق من أمير العمري "الذي عاش طويلا في أوروبا"- كما قال بعضهم وصرح في الصحف، كما لو أن العيش في الداخل الملوث بالفساد يمثل قيمة في حد ذاته، وكما لو أن تجربة الغربة التي تكسب المرء الكثير من الخبرات والمعارف أصبحت عيبا في زمن تحولت فيه البعثات العلمية إلى اوروبا إلى مجال للارتزاق وتحويل العملة ومجاملة أبناء و"أزلام" المسؤولين ومكافآت تدفع لمن ينافقون هذا أو ذاك، من "القيادات الثقافية المشبوهة".

وقد رأينا بأعيننا بعد أن سكتت الضجة- ضجة المهزلة - كيف كوفيء أحد نقاد السينما من "الفئة الثالثة"، بموقع لا يستحقه في أكاديمية الفنون، مكافأة له على هجومه الشديد الهستيري على علاء عبد العزيز وعلى العمري، لحساب رئيس الأكاديمية سامح مهران الذي يوجد ملف ضخم لفساده لم يجرؤ حتى الوزير الأسبق للثقافة الدكتور شاكر عبد الحميد، على كشفه أمام رئيس الحكومة الجنزوري (في ذلك العصر والأوان) واقناعه باعفائه من منصبه، فالعلاقات مع أجهزة الأمن، تظل هي الأقوى في دولة بوليسية محكومة بالقهر، حولت قطاعات عريضة من المثقفين منذ 1954 إلى قطيع من كتبة التقارير والتجسس على أقرانهم في الداخل والخارج.

كان من أسباب الحملة ضدي أيضا أنني كنت أتصدى عبر ثلاثين عاما لنقد الأفلام المصرية الرديئة الفاشلة، ولذلك سنجد الكثير ممن انتقدت أفلامهم يتقدمهم مخرج نكرة، لم يصنع سوى فيلم واحد ولا أظنه سينجح في صنع فيلم ثان، ولعل تجربة إنتاج هذا الفيلم أيضا، تملأ ملفا من أكبر ملفات الفساد السينمائي في وزارة الثقافة في عصر فاروق حسني.

وقد وجدها أيضا فرصة، بعض من حثالة صحفيي المنوعات وأخبار النجوم والفضائح ولصوص المقالات، ممن فشلوا في الحصول على دعوة لمهرجان الاسماعيلية الذي عملت مديرا له في دورة 2012. وهؤلاء لا أسماء لهم أصلا، فهم، وبينهم أيضا عدد من صغار الصحفيات الفاشلات، مجموعة نكرات لكن صحف التدني في زمن الانهيار الثقافي المصري ترحب بما يبعثونه إليها من نفايات!

والطريف أيضا أنني تلقيت هجوما شرسا من المدعو هاني مهنى، عزف الأورج الذي انتخب نقيبا للفنانين في مصر، بدوعى أنني غير معروف لدى الفنانين وأنني فشلت في مهرجان الاسماعيلية، في حين ان هاني مهنى كان يتقافز وهو يدق بأصابعه على آلة الاورج عضوا في فرقة عبد الحليم حافظ، عندما كنت أنا أجوب ربوع مصر ثم العالم العربي في السبيعينات والثمانينيات أنشر الثقافة السينمائية وأعلم الشباب كيف يشاهدون الأفلام. وقد ولد على يدي عشرات من السينمائيين المصريين والعرب الذين أصبحوا اليوم من كبار السينمائيين المرموقين، فأين كان السيد هاني مهنا الذي لم يعرف له أدنى اهتمام بالسينما في تلك السنوات!

عن الاعتصام مجددا

كان رأيي في ذلك الاعتصام المشبوه في وزارة الثقافة، أن هذا الاعتصام يمكن قبوله لو كان في الشارع، أما احتلال المباني العامة فهذه جريمة يعاقب عليها القانون، وكان يجب على أجهزة الشرطة المصرية أن تتدخل لاخراج هؤلاء المعتصمين من مقر الوزارة.. وأنا الآن أقولها بمليء الفم، إن احترامي وتقديري لبعض من انضموا لهذا الاعتصام، قد تراجع الى نقطة الصفر، أي لم يعد له وجود بعد أن رأيتهم وهم يتحولون الى "أدوات" في أيدي مجموعة من "أزلام" وخدم بعض أصحاب المصالح الذين أضيروا بعد اعفائهم من مناصبهم على يدي الوزير الشجاع علاء عبد العزيز. واليوم يطالب كل الشرفاء بعودة نفس ما فعله علاء عبد العزيز في وزارة الثقافة وما كان يعتزم فعله.. ألا يشعر هؤلاء الذين استخدمت أسماؤهم وصورهم بالخجل اليوم؟!

ولكن لماذا تم التغاضي عن تلك "الجريمة" من جانب أمن الوزارة وأمن الدولة بل وتشجيعها على الاستمرار؟ وهل من الممكن أن يقتحم المثقفون الآن- الذين اكتشفوا أخيرا أن محمد صابر عرب – وزير الثورة الثانية العظيمة- لا يمثلهم أيضا، هل يمكنهم اقتحام مبنى الوزراة الآن واحتلالها بدعوى الدفاع عن "الثقافة الوطنية"!؟

الاجابة بالطبع لا.. فمبنى الوزارة مغلق ومحصن حاليا وعلى كل من يقترب من بابه أن يبرز شخصيته وسبب قدومه، ولا يسمح لأي مجموعة من مدعي الثقافة النفاذ من الباب. وأما سبب ترك الأمور تسير نحو الفوضى في يونيو 2013 فقد كان جزءا واضحا من مخطط الأجهزة الأمنية لاسقاط حكومة الاخوان المسلمين، وتشجيع التظاهر وخلق العراقيل الممكنة أمامها وصولا الى 30 يونيو عندما خرجت جموع الشعب مطالبة بتدخل الجيش لاسقاط الاخوان. ومعروف للكل ما حدث في ذلك التاريخ والقوى التي اجتمعت معا لتغيير نظام الإخوان، ومعروف أيضا الآن بكل وضوح، القوى التي استفادت من سقوط الاخوان وحلت مكانهم واستعادت السيطرة على مقدرات الأمور في مصر.

لقد كانت الفترة المحدودة التي قضيتها في رئاسة مهرجان القاهرة كافية لكي أضع يدي على الكثير من مظاهر فساد ضارب بجذوره في أرضية ذلك المهرجان منذ تأسيسه.. ويكفي أن أنشر الآن الاستقالة التي تقدم بها في 2012 المخرج أحمد عاطف (الذي تعاون معي في البداية ثم سرعان ما قفز من المركب عندما تغير الوزير وأدرك أنني لن أبقى للعمل مع صابر عرب.

ملاحظات

وقبل ان أنشر نص الاستقالة أحب أن أوضح النقاط التالية:

1- أنني اكتشفت وجود توقيع للسيد منيب شافعي رئيس غرفة صناعة السينما في مصر على حساب من حسابات مهرجان القاهرة السينمائي بالعملة الأوروبية (اليورو) في بنك مصر، جنبا إلى جنب مع توقيع رئيس المهرجان، جدون أن تكون لمنيب شافعي أي صفة أو علاقة مباشرة بالمهرجان.. فما معنى هذا؟!

2- غياب أي تسويات مالية لحسابات ما يقرب من ثلاثة ملايين جنيه تأتي من أموال الرعاة للمهرجان، فليست هناك وثائق توضح من أين جاءت ولا كيف تم انفاقها وعلى ماذا، كما  اكتشفت أن السجادة الحمراء التي تستخدم في حفل الافتتاح تتكلف 900 ألف جنيه (نشر الرئيس الجديد للمهرجان الذي جاء بعدي الناقد سمير فريد مؤخرا- ما يشير الى أنه وجد أن حفل الافتتاح كان يتكلف ثلاثة ملايين جنيه!).

3- لم يحرك وزير الثقافة الحالي والأسبق وما قبل الأسبق، أي محمد صابر عرب الذي قدم إليه أحمد عاطف هذه الاستقالة ساكنا ولم يأمر بالتحقيق فيها، بل طلب ممن قدمها التزام الصمت وترك الأمور الى أن يمر المهرجان "على خير"، وبالتالي أصبح السؤال قائما: ما مصلحة الوزير في التستر على وقائع بهذه الضخامة، وما معنى تستره عليها؟ بل وما معنى أن يستمر صاحب الاستقالة في العمل مع من يتهمهم بالفساد على هذا النحو، ولماذا لم يتقدم بما لديه من معلومات وأدلة للنائب العام، ولماذا عاد إلى طرق باب الوزير نفسه بعد ذلك رغم ان الوزير لم يعيره التفاتا؟!

نص الاستقالة (تركنا النص كما هو أي بكل أخطائه النحوبة واللغوية كما كتبها صاحبها الذي أخرج ثلاثة أفلام، لكنه أساسا، صحفي معين في أهم صحف مصر أي "الأهرام"):

استقالة مسببة

من مهمة المدير التنفيذى لمهرجان القاهرة السينمائى في دورته الخامسة والثلاثين

معالى الدكتور محمد صابر عرب

وزير الثقافة ،

تحية طيبة وبعد

لقد شرفت بقرار سيادتكم تعييينى مديرا تنفيذيا لمهرجان القاهرة السينمائى الصادر فى 15 سبتمبر 2012

واعتبرته مهمة قومية لانقاذ المهرجان كما دعوتم سيادتكم دائما في الأسابيع الماضية، أن يتقدم كل صاحب خبرة هذا المجال لانقاذ مهرجان مصر الأكبر.

ولما كنت ولله الحمد من الخبراء في هذا المجال حيث وفقنى الله لاكتساب تجارب عديدة في مجال ادارة المهرجانات الدولية بالاضافة لتخصصى الاخرين كمخرج سينمائى وكاتب صحفى.

فوضعت كل جهدى ووصلت الليل بالنهار طوال شهر كامل من أجل نجاح هذا المهرجان وخروجه بصورة مشرفة. وقررت أن يكون عملى تطوعيا بدون أجر ايمانا منى بالمهمة الجسيمة وأبلغت بذلك رسميا السيدة نائب رئيس المهرجان وكل العاملين بالمكتب الفنى للمهرجان.

وتحملت سهام الكثير من زملائى اللذين اتهمونى بالتخاذل وقبول هذة المهمة في وسط الصراع الدائر حول مهرجان القاهرة الان، والانتصار لموقف الوزارة ضد عدد من السينمائيين.لم اعبأ بكل ذلك لاحترامى الكبير لكم كممؤرخ وكمسئول ثقافى رفيع أراك على حق في موقفك أن تنظم وزارة الثاقافة المهرجان.

ولكنى اليوم وكلي حزن وأسي، أجد نفسي مضطرا لكى أطلب من سيادتكم قبول استقالتى من هذا الموقع الذى أراه موقعا رفيعا يستحق أن يتحمل المرء من أجله الكثير.

واسباب استقالتى مفندة لسيادتكم كالاتى:

-       - لا أستطيع أن أعمل فى جو تحيط به مسائل مالية تدعو الى الريبة. حيث راعنى أن تقوم شركات  بعينها بالكثير من الأنشطة فى المهرجان في حين انه من الممكن ان يقوم بها افراد من الخبراء أو هيئات وزارة الثقافة بتكاليف أقل بكثير مما يتم التعاقد به. أى ما يمكن أن يتكلف 10 الاف جنيه على الأكثر يتم دفع نصف مليون جنيه فيه. وتمنعنى السيدة نائب رئيس المهرجان أن أحضر الاجتماعات مع تلك الشركات أو معرفة تفاصيل نشاطها. بل وعندما أسال السيدة سهير عبد القادر عما تفعله تلك الشركات تنفعل وتخرج عن شعورها قائلة: أه أنا بأدلع الشركات، دى طريقتى.وعندما أحاول دخول اجتماع به هذه الشركات يغيرون الموضوع أو يصمتون.

- ولكن بسبب وجودى بشكل يومى بالمهرجان فاتحا الأعين والاذان، معتبرا نفسي عين شريفة على ما يحدث وحارسا على المال العام. فوجئت بأن تلك الشركات ( ماكسيمام فيجان وكنوز للسياحة وأروما وأم سي ام ) لها تاريخ طويل مع المهرجان. ومجال المخالفات في التعامل معها كالاتى:

- ماكسيمام فيجان مثلا وظيفتها جلب رعاة للمهرجان. وهى التى تتفق مع الرعاة وتحدد بالاتفاق مع نائبة رئيس المهرجان مبلغ الرعاية. وتستلم الشركة المبلغ وتخصم من المبلغ ما صرفته من مصاريف جلب للراعى، ثم يتبقي مبلغ، فلا تقوم بتسليمه للمهرجان بل تقوم بعمل خدمة ما للمهرجان من خلاله.

- وعادة ما تكون تلك الخدمة تقديرها المالى من الشركة أكثر من قيمتها فى الواقع. فمثلا قامت شركة أروما  بعمل أفيش المهرجان في الاعوام السابقة بتكلفة بلغت 500 ألف جنيه فى العام الواحد.

- بالنسبة لحفلى الافتتاح والختام فهو مجال واسع  لشبهات التربح والسرقة واهدار المال العام. فمتوسط تكلفى الحفلين 2 مليون جنيه بما يشكل عادة ما بين ربع أوثلث الميزانية الاجمالية للمهرجان. فبدلا من الصرف علي الانشطة الثقافية يتم دفع ذلك في تكاليف وهمية مثل شركة (ركن سيارات ضيوف الحفلين ) أو انشاء السجادة الحمراء بتكلفة 750 الف جنيه رغم ان المبلغ الطبيعى لتلك السجادة بطولها وحجمها المعتاد لا تزيد عن 150 ألف جنيه. بل ولا توجد حاجة أصلا للاستعانة بشركة لتقوم بعمل تلك السجادة، فورش الأوبرا تستطيع عمل ذلك. ونفس تلك الشركة أروما تقاضت مبالغ تجاوزت المليون جنيه مصرى مقابل اقامة حفل الافتتاح والختام رغم أن المهرجان كان يستطيع الاستعانة بمخرجى متخصصين في حفلات الافتتاح والختام من العاملين بوزارة الثقافة. مثل خالد جلال.

- وهناك أيضا شركة اسمها أم سى ام دأبت على صناعة خيم للمهرجان وهى شركة كانت تقوم بكل انشطة زوجة الرئيس المخلوع لكى يقام بها المركز الصحفى وبعض الأنشطة الأخرى، ولا أعرف لماذا الاحتياج لخيم رغم أن المهرجان كل عام فى شهر نوفمبر ولا توجد شمس حارقة نحتاج معها للخيم.

- وهناك شركتى سياحة اسمهما كنوز وماكسيمام فيجان مالكهما شخص واحد هو محمد منير.يقوم بجلب الرعاة ومسئول عن عروض ليزر هذا العام فى الافتتاح. ومسئول عن انشاء السوق.  ولا أعرف كيف تقوم شركة سياحة بتلك الاعمال وهو ليس تخصصها.

- وقد قالت لى السيدة نائب رئيس المهرجان فى احدى المرات وهى لا تنتبه أنها سافرت لمهرجان أبو ظبي على حساب شركة ميك أب فور ايفر وهى شركة أدوات ماكياج عالمية من رعاة المهرجان منذ سنوات.

- وطوال سنوات طويلة بكتالوج المهرجان: توجد أسماء رعاة رغم أنهم رسميا لا يدفعون شيئا للمهرجان. أو يدفعون ولا أعرف اين يذهب المبلغ. مثل شركات مرسيدس بنز. بل يقال انهم رعاة بالخدمات.

- وفى اجتماع ادارة المهرجان مع سيادتكم الذى تم بتاريخ 17 سبتمبر 2012 . حدث أمران الأول أن السيدة سهير عبد القادر قالت أمام الجميع أن الشركات دى هتعمل لنا الحاجات دى ببلاش ماهم كسبوا مننا كتير قبل كدا.

- والأمر الثانى أن نائبة رئيس المهرجان أصرت على ذكر اسماء هذة الشركات باعتبارها من رعاة المهرجان فى الخبر الصادر من المكتب الصحفى للسيد وزير الثقافة، وذلك لتمنح تلك الشركات شرعية رغم ان تلك الشركات لم توقع بعد أية عقود مع الوزارة أو مع المهرجان ومن غير اللائق أن يخرج خبر كذلك به أن الوزير قابل الشركات الفلانية أو العلانية.

- ونفس الامر بالنسبة لشركة الشحن والتأمين التى يتعامل معها المهرجان. فلم تجرى مزايدات أو منافصات لاختيارهما رغم أن كلاها ليس من الشركات الكبيرة فى مجالهما.فلماذا يتعامل المهرجان مع شركة شحن (سكاى نت) التى لم أسمع عنها فى حياتى. فأنا سمعت فقط عن فيديكس ودى اتش ال وأرامكس و يوبى اس.

- وبناءا على كل ذلك:

- فانه غير معلوم ماهية ضوابط اختيار الرعاة وكيفية تحديد المبلغ الذى يدفعه كل راعى وماذا يتلقى مقابله .وهل هذا المبلغ مناسب أو اقل مما ينبغى.

- ولماذا هناك وسطاء لجلب الاعلانات بعيدا عن وزارة الثقافة. واذا كانت هناك نسبة تتلقاها تلك الشركات لجلب الرعاة. لماذا لا تكون هذه النسبة معلنة.

- وما هى الضوابط التى تحكم أوجه صرف المبالع القادمة من الرعاة. علما بأن المهرجان له قيمته التسويقية الكبيرة بسبب عراقته واسمه الكبيرين وحجم النجوم اللذين يترددون عليه.

- وباعتبارى مدير تنفيذى للمهرجان حسب القرار الوزارى فانه يتم منعى من معرفة أية تفاصيل خاصة بهذه  الشركات أو حضور التفاوض معها أو معرفة أى شئ عن عملها.

- ماذا يفعل المرء اذن سيادة الوزير أمام كل هذا؟ ان هذا التعتيم واخفاء المعلومات ونقص الشفافية وشبهة الاسترباح الواضحة  تمارسها السيدة نائب رئيس المهرجان أمامى فماذا أفعل.

- الأمر الثانى الذى يضطرنى لطلب الاستقالة هو:

- محاولة السيدة نائبة رئيس المهرجان أن تحول المهرجان (لفرح بلدى) أو هيكل خارجى بدون مضمون. ففي الوقت الذى تقوم فيه بدعوة 20 رئيس مهرجان سينمائى دولى تجتمع معهم هى ولا يقابلهم اى سينمائى منذ أعوام، وفي الوقت الذى تتعاون فيه مع ابنة خالتها السيدة ميمى جمالى المقيمة في لندن وتجلب فوق ال 15 ضيفا من أصدقاء السيدة ميمى وهم علاقتهم ضعيفة بالسينما.

- ترفض السيدة سهير عبد القادر دعوة ولو ضيف واحد كمدرس بالورش التى اقترحتها بالمهرجان، وترفض اصدار حتى لو كتاب واحد حتى لو كان بالتنسيق مع احدى هيئات وزارة الثقافة. وترفض الاحتفال بمئوية اسماعيل ياسين واسمهان مثلا رغم ان ذلك لن يكلفها شيئا. ولا تسألنى سيادة الوزير عن دور المكتب الفنى، فجزء منه يرضخ لها والجزء الاخر تخفى عنه المعلومات الأساسية وهم فنانون كبار لن ينشغلوا بالتفاصيل. ويوجد محضر لأول اجتماع للمكتب الفنى فلم يناقشوا فيه أيا من أمور المهرجان بل ناقشوا الخوف من التيارات المتشددة وكأنهم في ندوة.

- والسبب أن المهرجان كحدث ثقافى هو اخر ما فى ذهن السيدة عبد القادر. فهى تنظر له باعتباره حدثا احتفالىا صاخبا. ولا تخفى كراهيتها للسينمائيين عدا بعض النجمات من صديقاتها من الأجيال القديمة.

- والسبب الاخر أن السيدة عبد القادر غير متخصصة فى السينما ولم تفلح تلك السنوات فى اثارة الاهتمام لديها بفن السينما. ويا ليتها تكتفى بالأمور الادارية والمالية لكنها تتدخل فى كل تفصيلة فنية بالمهرجان. فقد اختارت وحدها بدون الرجوع لأحد أكثر من 75 بالمائة من أعضاء ثلاث لجان تحكيم للمسابقات الثلاث للمهرجان. وتركت كلا منا يطرح اسما واحدا ذرا للرماد. حتى ماريان خورى المدير الفنى للمهرجان اختارت عضوين فقط من 27 عضوا بلجان التحكيم.

وخلال هذا الشهر فوجئت بالاكذوبة التى تراكمت مع السنوات ان السيدة عبد القادر صاحبة قدرات ادارية فذة وانها الشخص الوحيد الذى يستطيع ادارة المهرجان. والواقع أثبت لى عكس ذلك. فالادارة هى عمل هدف وتحديد لمهام كل شخص وجدول زمنى لبلوغ الهدف. واستغلال لقدرات العاملين وتنويع العمل ما بين أصحاب الخبرة وأصحاب الموهبة الجديدة والحماس. تلك هى الادارة الحديثة.

أما السيدة عبد القادر فهى تصحو من النوم لتقوم بجهد عشوائى فى الادارة على طريقة أنها تنجز ما تتذكره وما يرتاح اليه قلبها من ضيوف أو فعاليات. وبالطبع الاساطير المعروفة عنها من دكتاتورية ومركزية في القرار  ظهرت فى التعامل اليومى لى معها. بالاضافة لعصبيتها وعدم قدرتها على الاستماع الى الاخرين وفقدانها لأعصابها فى أقل الأمور. فأحيانا يصل الأمر الى اساءة بالقول أو الى تطاول على كل من يعارض.

وبناءا على كل ما سبق، فقد أقدمت على المهمة الرفيعة التى شرفتمونى بها لايمانى بضرورة أن يكون المهرجان مساحة للحوار والصداقة  والتفكير والتأمل والبهجة.

وعليه فلا استطيع أن استمر فى تلك المسيرة العشوائية التى ستنتج شيئا ساذجا به البريق الخارجى لكنه خاو من الداخل. فذلك ما يتناقض مع مبادئى ومع ما تعلمته اكاديميا وما خبرته عمليا. واشهد الله أننى بذلت قصارى جهدى دون كلل أو ملل وتحملت الكثير من الامور السيئة ومحاولة التقليل من دورى وتهميشى لا لشيئ الا للانفراد بقرارات يا ليتها كانت للمصلحة العامة. وأرفق لمعاليكم كشفا تفصيليا لما قمت به خلال الشهر الذى عملته بالمهرجان. ورأيى المتواضع أن المهرجان فى هذة المدة المتبقية لبدئه يستطيع أن يستمر بدونها وبجهود الفريق الموجود. فقد وضعت شخصيا تحديدا لكل يوم من أيام الفعاليات وطريقة دخول العروض والمتطلبات التقنية لها.

نهاية الأمر اليكم أنهى حديثى وانتهى. وهذه استقالتى قدمتها بين يديكم ولكم فيها ما تشائون. والأمر مفوض.

مقدمه

أحمد عاطف

(المخرج والناقد السينمائى)   30 سبتمبر 2012

((للموضوع بقية))

عين على السينما في

22.03.2014

 
 

يمنح حيزا لأفلام النساء

مهرجان «مواسم» للسينما العربية ينطلق في باريس

باريس: «الشرق الأوسط» 

كان للسينما العربية أكثر من مهرجان في باريس، بدأ أولها قبل ثلاثة عقود بجهود صحافيين عشاق للفن السابع، ثم تواصلت، بشكل دوري، مع تأسيس معهد العالم العربي. لكن التجربة توقفت، قبل سنوات، وباتت مقتصرة على عروض متفرقة تقام هنا أو هناك.

الناقدة السينمائية لراديو «مونت كارلو - الدولية»، الزميلة هدى إبراهيم، لم تفقد حماستها لتخصيص موعد سنوي يجمع الجمهور العربي والفرنسي أمام شاشة تقدم النتاجات الجديدة للمخرجين العرب. وبدعم من مدير صالة «لا كليه» في باريس وتعاون عدد من الأصدقاء، نجحت في العام الماضي في إقامة مهرجان صغير للسينما العربية بعنوان «مواسم». وقد تصور الكثيرون أنها فورة آنية لن تتكرر. لكن هدى، التي تسابق الزمن للحاق بالمهرجانات الدولية والعربية، قدمت في الدورة الثانية من المهرجان برنامجا مكثفا في ثلاثة أيام، يحيط بجديد الشاشات العربية من أفلام روائية ووثائقية، تعطي الغلبة لإبداعات النساء.

«مواسم» الذي انطلق مساء الجمعة بالفيلم الكردي «بلادي الحلوة والحادة» للمخرج هنر سليم، أتاح لجمهور العاصمة الفرنسية مشاهدة الفيلم الجديد لمخرج متميز حصد الكثير من الجوائز، قبل نزوله إلى الصالات في الشهر المقبل. وكعادته، يزاوج هنر سليم بين المأساة والمفارقات الساخرة والملاحظات الذكية وهو يتناول جانبا من مشكلات الشعب الكردي، حاليا. إنها قصة مقاتل شاب من قدامى مقاتلي «البيشمركة»، يختار أن يعمل مديرا لمركز للشرطة في قرية كردية نائية على الحدود بين العراق وتركيا، ليكتشف أن القانون الذي كان يحلم بأن يسود أرضه، بعد سقوط نظام صدام، يخضع لمراكز قوى متمثلة في الأغا ورجاله من مهربي الأسلحة والأدوية الفاسدة. والشريط الذي يستوحي روح أفلام «الكاوبوي» الأميركية، يبدأ بمشهد لتنفيذ أول حكم إعدام بحق قاتل أدانه القضاء في المنطقة الكردية، لكن المكلفين بالتنفيذ لا يحسنون نصب المشنقة لأن المهمة جديدة عليهم.

يجمع «مواسم» في دورته الثانية أفلاما حققت حضورا متميزا في مهرجانات سابقة، من مصر واليمن والسعودية والإمارات ولبنان وسوريا والعراق وتونس وفلسطين. ومن المقرر أن تختتم العروض بالفيلم السوري «اليازرلي»، المنتج عام 1974، للمخرج العراقي قيس الزبيدي والمأخوذ عن قصة للروائي حنا مينا.

يركز «مواسم» على الاتجاهات الشابة في السينما العربية وعلى الأفلام التي أنجزتها مخرجات واكبن قضايا النساء في بلادهن، من مثيلات اليمنية خديجة السلامي «قتلوها تذكرة للجنة» أو الإماراتية نجوم الغانم «حمامة» أو المصرية فيولا شفيق «أريج» وزميلتها هالة لطفي «الخروج للنهار» أو الفلسطينية راما مرعي «إزرقاق» أو التونسية كوثر بن هنية «يد اللوح» أو السعودية عهد كامل «حرمة».

«إنها أفلام جديدة ومستقلة، بعضها تجريبي، ينبعث منها نفس جديد للحياة كما تعكسها السينما»، كما تقول مديرة المهرجان هدى إبراهيم.

الشرق الأوسط في

23.03.2014

 
 

أبطال مهمشون وسيارات سباق تحقق المستحيل

جديد الأسبوع.. أفلام منحرفة تجاه الشباب

هوليوود: محمد رُضا 

«منحرفة» هو فيلم آخر من بطولة فتيات شابّات يلحق بخطى «ألعاب الجوع» (في جزئيه) في هذا المجال، فالفيلم الآخر هو أيضا من بطولة فتاة شابة، وما يماثلها عمرا من بعض المشاركين في مغامراتها، وذلك في مواجهة الكبار سنّا كما هو الحال هنا.

لكن ثمة موضوعا آخر يجمعهما يمكن البحث فيه منفصلا؛ كلاهما عن مستقبل ستسود فيه دولة تحكم بتعسف واستبدادية بمعونة تطوّر علمي هائل. لكن في حين أن التميز الطبقي في «ألعاب الجوع» هو المحرك الفاعل في الرغبة في الاستئثار بالسلطة، فإن «منحرفة» يتحدث عن عالم جديد يجري تأسيسه بعد حرب كونية، بما أن الأحداث تقع بعد مائة سنة من اليوم، فإن تلك الحرب وقعت في سنوات ما بين اليوم ومنتصف ذلك الزمن على الأرجح، وما نتج عنها هو قيام دولة تقسم رعاياها حسب مواصفات أخرى تكشف للمسؤولين (ممثلين بماجي كيو هنا)، ما إذا كان الشخص الذي يجري فحصه مناسب للقيادة أو للاشتراك في فعل اجتماعي أو احتضان أسرة. بطلة الفيلم بياتريس (وودلي) تبدو للمسؤولين منحرفة، ليس أخلاقيا، بل في مسارها الخُلقي. إنها من النادرات اللواتي لا يمكن تصنيفهن، وبذلك تشكل خطرا على المؤسسة. لذلك لا مكان لها في المجتمع ومصيرها الانضمام إلى مجموعة مماثلة حُكم عليها بأن تعيش مهمّشة وبعيدة عن رعاية النظام. لكن هناك مجموعة أخرى، اسمها «الشجعان» هي من تلتحق بهم بياتريس. لكي تنضم عليها أن تربح ثقة المجموعة ومعركة بقاء على قيد الحياة، وهي تفعل ذلك بل تصبح أبرز المقاتلين الجدد.

مرّة أخرى نجد «ألعاب الجوع» يطل على هذا الفيلم بإصرار. الفتاة الشابة التي تصارع من أجل البقاء، وتقود مجموعة من المنبوذين ضمن نظام استبدادي يكمن لنا في المستقبل. الرواية ذاتها، وقد كتبتها فيرونيكا روث، خرجت سنة 2011، أي بعد ثلاث سنوات من نشر رواية سوزان كولينز «ألعاب الجوع». الاستلهام واضح حتى وإن لم يكن (ربما) مقصودا.

كل هذا يحكم على الفيلم الجديد بالتبعية لأفلام سابقة (آخرها «ألعاب الجوع» ومن بينها Ender›s Game) فالنقل (كما فهمت بعد تصفّح مقدمة الكتاب وثلاثة فصول وسطية ثم النهاية) أمين. والمخرج نيل برغر لم يشأ «هز القارب» كما يقولون، واعتمد الخط نفسه الذي إذا ما جرى اتباعه لم ينضح بجديد يذكر أو بإضافة مهمّة على ما سبقه من أفلام.

لا شيء يلمع، وإذا فعل ففي حدود المشهد وحده. الحس بأنك شاهدت أطراف الحكاية، وتلك الشخصيات من قبل هو شيء، لكن فشل المخرج برغر في منح الفيلم إثارة بصرية هو شيء آخر. بكلمات أخرى: لديك حكاية باتت تقليدية، لمَ لا تحاول ستر عوراتها بأسلوب عرض وسرد أفضل؟ لمَ لا تبتكر؟

ولا التمثيل قادر على أن يحمي رقعة العمل الممنوحة له. شايلين وودلي جيّدة. تستطيع أن ترى ذلك، لكن شخصيتها باهتة (كما ملامح مدينة شيكاغو التي تقع فيها الأحداث)، كذلك شخصيات الممثلين الآخرين. أكثرهم تعرضا للخسارة كيت ونسلت وأشلي جَد.

* مهمة مزدوجة

* لا يسهو البال طبعا عن أن هوليوود دأبت منذ سنوات على تخصيص الجمهور الذي لم يتجاوز الـ22 بصف نجومه في أفلام كانت حكرا على جمهور أكبر. سلسلة «توايلايت» التي تضمنت خمسة أفلام متتابعة، هي في الأساس أفلام رعب، تم تحويلها إلى رعب من النوع الترفيهي مع أبطال من الشباب والفتيات وزرع قصص حب وهيام وغرام وانتقام بينهم في زركشة رومانسية نجد مثيلا لها في أفلام أخرى، وصولا إلى «لعبة الجوع» بجزأيه، وهذا الفيلم الذي يحتضن فكرة إنتاج أجزاء أخرى (تقوم الكاتبة روث بوضع جزء ثانٍ في غضون أشهر).

لكن هذا النوع لم يتغير وحده. أفلام السيارات (كرياضة بحتة أو كتشويق) تحوّلت بدورها من سينما كان المخرجون فيها يمعنون البحث في استنباط رموز منها إلى أخرى لا ترمي إلا لأن تكون هادرة ومتوترة ومضجة.

«الحاجة للسرعة» هو آخرها. فكرته تقوم على محاولة شاب اسمه دينو (الممثل آرون بول) يريد أن يجتاز الولايات المتحدة من الشاطئ الشرقي إلى الغربي للاشتراك بسباق سيارات غير قانوني. لا بأس.. هذه ليست المرة الأولى، لكن الجديد في الموضوع الذي يحاول الفيلم بناء الواقع عليه، هو أن على هذا الشاب أن يفعل ذلك في 45 ساعة فقط، لماذا هذا البطء الشديد؟ ألا يستطيع الفيلم أن يتحدى نفسه فيجعل المهمة - وهي مستحيلة على أي حال - في غضون 22 ساعة، مع ساعة للغذاء وساعة أخرى لتناول عشاء خفيف؟ لكن الفيلم يريد فعلا أن يجعل المسألة أصعب مما نتصور: ماذا لو قاد بطل الفيلم جزءا من المشاهد على الجانب الخطأ من الطريق.. ليس أي طريق، بل على الطريق السريع.

تحت إدارة المخرج الجديد سكوت ووف هذا ممكن، وعليه أن يكون ممكنا لأن الممثل سيصل إلى هدفه تبعا للسيناريو الذي يجعل لبطله مهمّة مزدوجة؛ فقد أودع في السجن خطأ، وغايته الأخرى، لجانب الاشتراك في ذلك السباق، هي الانتقام من الذي تسبب في إدانته ظلما. من دواعي حظ بطل الفيلم أن السيناريو سيجعل هذه المهام المتعددة سهلة. سيوفر له الفرصة المناسبة فالسباق يجري برعاية شخصية غامضة (مايكل كيتون) يمنح جائزة قدرها مليون دولار للفائز. بالنسبة لدينو هذا مبلغ يعوّض ثلاث سنوات من السجن، لكن بالنسبة لمن أودعه فيه فرصة للنيل منه مرة أخرى وإلى الأبد.

الشخصية الغامضة هي أيضا حكيمة.. يصرخ فيّ أحد المشاهد: «السباق فن، لكن السباق بشغف فن عالٍ».. الفن الأعلى ربما - والأصعب طبعا - هو تحقيق فيلم جيد. الأمر الذي لن ينفع معه كل ذلك الأسلوب المتوتر من التصوير والتوليف والتمثيل.

* «رود رانر» على عجلات

* يذكّر «الحاجة للسرعة» بكثير من الأفلام التي دارت حول سيارة وطريق وسائق أرعن مع اختلاف أن السائق الأرعن كان إما برسالة وإما خفيف الظل مما ينتج عن الأول اهتمام بالمفهوم المطروح عبر تلك العناصر، وما ترمز إليه السيارة من مفادات (حرية، قوّة رجالية، تحدّ اجتماعي.. إلخ) أو من مواقف سخيفة وضاحكة لا يعول عليها أكثر من ذلك.

في النطاق الأول، وجدنا ذات مرّة الممثل باري نيومان يريد قطع المسافة بين نقطة الانطلاق ونقطة الوصول عبر الولايات (وإن ليس عبر كل الولايات) بسيارة «دودج شالنجر» موديل 1970. الفيلم كان «نقطة اختفاء» للمخرج رتشارد سارافيان، وجاء يومها معبأ بكثير من الرمزيات المطلوبة في سينما ذلك الحين. فالسيارة هي رمز للحرية المنشودة لفرد لا يعرف كيفية التعبير عن رغبته في الاختلاف عن سواه إلا بقيادة سيارته بسرعة على الطرق السريعة، على الرغم من تعقّب القانون الكثيف له.

الفيلم كان جادّا لكنه كان ذا رنة اجتماعية وثقافية لجانب أنه كان مصنوعا من نسيج فني صلب، ومن دون أخطاء تذكر. وكان أيضا واقعيا تصدّق ما يدور أمامك، بما في ذلك تفضيل بطله الانتحار بسيارته على الاستسلام لحاجز البوليس الذي ينتظره عند ذلك الطريق الرمادي الطويل.

في الثاني قدم المخرج دك لاوري (وتبعه في أجزاء أخرى هال نيدهام) حكاية أخرى من ذلك السائق الذي لا يبالي. الفيلم هو «سموكي والعصبة» (ثلاثة أجزاء؛ الأول سنة 1977 والثاني 1980 والثالث 1983) وكان كوميديا في الأساس مع معالجة مثيرة وهازلة (وأحيانا هزيلة): بيرت رينولدز في سباق من تلك غير المرخص بها، والشريف جاكي غليسون هو رجل البوليس، الذي يكاد ينفجر من غيظه، كلما تمكن الأول من الفرار من فخاخه وحواجزه. شيء مثل «رود رانر» على عجلات.

الشرق الأوسط في

23.03.2014

 
 

قصص الغرقى السوريين

أمستردام - محمد موسى 

يُشير الموظف الإيطالي الى صفوف من القبور العمودية المبنية على بعضها كطوابق عمارة سكنية ويغطي الرخام الأبيض جدرانها من كل الجهات:" هذه تعود لاثيوبيين وأريتريين، هناك في نهاية هذا الصف قبر رقم 13 الذي تبحثون عليه". في القبر ذاك ترقد زوجة حسن،  الذي عندما سمع ما قاله الموظف، إقترب من القبر وبدأ بكائاً هادئاً. تنسحب كاميرا الفيلم التسجيلي الهولندي التي كانت توثق المشهد،  وتترك الزوج يقضي هذه اللحظة الخاصة لوحده، وعندما تعود اليه مرة أخرى، كان حسن، الفلسطيني الذي ولد وعاش حياته كلها في سوريا والذي كان واقفا هناك في المقبرة الإيطالية بظهر محنيّ، يتسائل عن القبور أمامه، ولماذا لا تشبه القبور الإسلامية في بلده، وكيف يُمكن أن تكون فوق الأرض ولا يُغطيها التراب.

تجتهد مرافقة حسن الشابة حنين حسان، الفلسطينية الأصل هي الأخرى والتي تعمل في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان التابع للإتحاد الاوربي، لتفسير ما حولها للرجل المثكول، وكيف إن هذه المقبرة مخصصة للغرباء المجهولي الهوية، لكنها هي أيضا لا تعرف كل شيء، فهما وصلا معا الى المقبرة، ولا تستطيع أن تقدم أجوبة وافية على أسئلة "حسن" المُلحة، خاصة إن هناك الكثير الذي يشغل بالها، كسلامة حسن نفسه، فهذا الأخير يعيش بشكل غير شرعيّ في جزيرة صقلية الإيطالية، ويُخيم على حياته شبح الإبعاد.

فقد حسن معظم عائلته في غرق الباخرة السورية أمام سواحل صقلية في الحادي عشر من إكتوبر من عام 2012. عندما إنقلبت الباخرة بسبب حملها لأكثر بكثير من قدرتها، وهي الحادثة التي قضى فيها أكثر من مائتين شخص (مُعظمهم من السوريين الذين كانوا متوجهين الى أوربا بشكل غير شرعي) غرقاً في البحر، ومنهم زوجة حسن وإبنته وأحفاده. أما السوري الفلسطيني الذي عمل نجاراً في حياته السابقة في سوريا فتم إنقاذه ونقله الى مركز مؤقت للاجئيين في الجزيرة الإيطالية، حيث يعيش كالسجناء، بقلب زلزله الحزن، جاهلاً مصائر عائلته.

قصة حسن ستكون إحدى محاور الحلقة الأخيرة من البرنامج التلفزيوني التسجيلي الهولندي "زمبلا"، والتي حملت عنوان "العبور القاتل". تسير الحلقة على منهج البرنامج التسجيلي الذي صار معروفاً، بجمعها بين التحقيق الإستقصائي وتقديم قصصاً إنسانية صغيرة، من التي تسقط من المتابعات الإخبارية التقليدية. فرغم إن غرق الباخرة نال على نصيب جيد من الإهتمام الإعلامي الهولندي والاوربي وقتها الا انه بقى في حدود القصة الإخبارية اليومية الذي سرعان ما تلاشى من برامج الأخبار والإهتمام الشعبي. يعود التحقيق التسجيلي الى القصة الكبيرة كما يتناول بعض القصص الإنسانية الاخرى، محققاً بعدة إتجاهات، مسلطاً الإنتباه على الجحيم الذي يعيش فيه أهل الضحايا، والذين لايزالون لا يعرفون ما آل اليه أحبتهم.

يتابع التحقيق التلفزيوني حنين حسان. تسعى هذه الشابة، والتي تركت قبل سنوات مدينة غزة الفلسطينية وتوجهت لهولندا لدراسة القانون، ومن خلال عملها في الإتحاد الاوربي، للحصول على أجوبة تخص الباخرة وضحاياها ومسؤولية أجهزة أمنية أوربية فيما حدث للباخرة. ترافق الكاميرا إجتماعات حنين حسان مع زملائها في الإتحاد الاوربي وبعد شهر تقريباً من الحادثة، والتي تناولت التحقيقات الأولية عن إهمال أجهزة بحرية اوربية لندائات إستغاثة. حاولت القوى البحرية في إيطاليا ومالطا، التي تتلقى مثل هذه الإستغاثات يومياً، أن ترمي المهمة وقتها على جارتها. ستغرق السفينة غير الشرعية، عندها ستتدخل بواخر من كلا الدولتين لإنقاذ الأحياء من ركابها.

بعد أجتماعات بروكسل، ستتوجه حنين حسان الى جزيرة صقلية في إيطاليا والتي نُقل إليها بعض من ناجين الباخرة الغارقة. عندما تصل الشابة الى مركزهم تجد إن معظمهم قد هرب طلباً للجوء في دول اوربية عدة. عندها تقابل "حسن". الخمسيني الذي بدا إنه يحمل ثقل العالم فوق كتفيه. بقليل من الجهد ستكتشف حنين، إن إبن حسن تم إنقاذه أيضاً، وهو يعيش في قبرص. المشاهد التي تتبع للمكالمة الهاتفية بين الأب والإبن هائلة الحزن والتأثير. الإبن ذاك فقد زوجته الشابة وطفله الذي لم يتجاوز السنة في الباخرة الغارقة. تحصل "حنين" على شهادات ناجين آخريين. أحدهم وصف كيف كانت أم سورية تتمسك بطفلها الرضيع الميت، رافضة التصديق إنه فارق الحياة بعد أن قتله برد مياه البحر. شهادة إخرى تؤكد الطبيعة الإجرامية لمافيات تهريب البشر، فشاب سوري زعم إن الجهة التي رتبت سفرهم قامت هي نفسها بإغراق الباخرة، بسبب رغبتها بسرقة أموال ركابها، خاص إن بينهم سوريين باعوا كل ما يملكون في بلدهم وكانوا يحملوه معهم كنقود أجنبية في حقائبهم.

تستسلم حنين حسان، والتي بدت قوية في إجتماعات بروكسل، الى نوبات بكاء حادة في منتصف مهمتها، فالكارثة وما رأته كانا  أكبر من قدرتها على الإحتمال، خاصة عندما إقتربت من مواقع الأحداث وقابلت أهل الضحايا، فعندما رتبت زيارة الى قسم البوليس لمشاهدة صور فوتغرافية لقتلى، من الذين تم العثور على جثثهم وتصويرها قبل دفنها، ستنهال عليها المكالمات والتوسلات من كل دول العالم، من عوائل لازالت تجهل مصير أفرادها، تطلب منها البحث عن علامة ما في تلك الصور. شوه البحر معالم معظم الجثث، الأمر الذي جعل من العسير تماماً التعرف على أصحابها. لكن حنين ستعثر على صورة لزوجة حسن وحفيدته، فيما ظلت بقية الجثث بدون أسماء، مدفونة مؤقتاً في المقبرة الإيطالية.

لا ريب إن موت لآجئي الباخرة السوريين وغيرهم على أبواب اوربا، ساعد على أن تصل قصتهم سريعاً الى الإهتمام التسجيلي الهولندي. ورغم إن البعض يشعر بعدم الإرتياح من أن يمر الموت اليوميّ في سوريا وغيرها من البلدان المتوترة دون أن يحظى بإهتمام كالذي ناله غرقى الباخرة، الا إنه لا يمكن الا الثناء على جهود مؤسسات إعلامية بموارد غير كبيرة، تجتهد أن تنقل الحقيقية وما يجري في العالم الى جمهورها المحلي، المتوجهه إليه بالأساس، والى جمهور واسع أحياناً (قامت القناة البلجيكية الاولى بعرض الفيلم أيضاً). ما يتميز به فيلم "العبور القاتل" وغيره من التحقيقيات التسجيلية المهمومة بما يحدث من جرائم وانتهاكات، هو مَنحها وجه إنساني للكوارث العامة التي تحل بالعالم والتي تمر سريعاً او لا تلفت إنتباه كثيرين. "حسن" هو الوجه الحاليّ لمآساة الباخرة الغارقة في الحادي عشر من أكتوبر من عام 2012، والى أن يقوم فيلم آخر بالنبش عن قصص منسيّة من الباخرة تلك، التي كانت تحّمُل بؤس العالم.

الجزيرة الوثائقية في

23.03.2014

 
 

مخاض عسير للسينما الافريقية في القارة السمراء

ميدل ايست أونلاين/ القاهرة 

فاروق عبدالخالق يعتبر في كتابه الصادر عن مهرجان الأقصر أن افريقيا عرفت عروض السينما منذ 1896 إلا انها تأخرت في الانتاج.

يسجل الكاتب المصري فاروق عبدالخالق أن دول حوض النيل عرفت عروض السينما منذ 1896 إلا أنها لم تعرف كمنتجة للسينما إلا في ستينيات القرن العشرين بعد الاستقلال الذي "لم يستتبعه استقلال ثقافي واقتصادي" يتيح لصناع السينما إنتاج أفلام تعبر عن طموح الشعوب إلى الحرية والتنمية.

ويقول في كتابه "السينما في دول حوض النيل" إن القارة السوداء تملك ما لا يملكه غيرها من أساطير وثقافات وموسيقى وصراع للإنسان مع الطبيعة وبطولات في مواجهة الاستعمار والعنصرية والرق والاستعباد وغيرها من التفاصيل الإنسانية التي تكفي لإنتاج أعمال سينمائية ثرية ذات طابع عالمي.

ويضيف أن هذه الدول التي عرفت عروض السينما مبكرا ظلت بعد الاستقلال السياسي "خاضعة لنفوذ الاستعمار الأوروبي" الذي فرض نوعا من التنمية والإنتاج يحول دون ظهور سينما قوية تعبر بصدق عن إفريقيا الحرة إذ كانت وسائل الاتصال والفنون تهدف "لدعم السلطة... تحولت إلى مجرد آلة للدعاية للبيروقراطية" وإن استطاع مخرجون أفراد الإفلات من هذا السياق وقدموا أعمالا مستقلة حققت شهرة عالمية.

ويصف الأفلام السابقة على الاستقلال بأنها "سينما بيضاء.. ترى في القارة السوداء خلفية كبيرة جميلة هادئة للمغامرات العاطفية أو البحث عن الثروات" مضيفا أن حلم رواد السينما الوطنية كان القفز بالشعوب الإفريقية إلى المستقبل وتجاوز تلك النظرة الاستشراقية.

ويرى عبدالخالق أنه بعد سنوات من الاستقلال السياسي قدم هؤلاء الرواد إلى العالم سينما إفريقية بأساليب سرد "مبتكرة" واستخدوا لغات محلية أسهمت في التقريب بين الشعوب التي شاهدت آلام الأجيال السابقة ومعاناتها تحت الاستعمار الأوروبي "الذي ادعى أنه جاء للمساعدة" في حين ظل يستنزف الثروات الطبيعية والبشرية.

والكتاب الذي يقع في 128 صفحة كبيرة القطع أصدره (مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية) المقام حاليا في المدينة المصرية الجنوبية والذي يشارك في دورته الثالثة أفلام من 41 دولة إفريقية.

وحمل غلاف الكتاب صورة من فيلم (تيزا) للمخرج الإثيوبي المقيم في الولايات المتحدة هايلي غيريما الذي كرمه المهرجان في الدورة الأولى 2012 وقرر أن يسهم في المهرجان منذ دورته الثانية 2013 –مصطحبا فريق عمل يضم المخرجين دانيال إي وليامز وأمبيساغير برهي- بالإشراف على ورشة للتدريب على فنون الإخراج والسيناريو يشارك فيها متدربون من 18 دولة إفريقية.

وستعرض الأفلام التي ينجزها المتدربون في حفل ختام المهرجان الاثنين.

ويقول عبدالخالق في المقدمة إن كتابه "يعكس التأكيد على هوية مصر الإفريقية... وإقامة أواصر أكثر تقاربا وتشاركا في وحدة مصير واهتمام مشترك... ومنها مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية الذي كان أحد ثمار ثورة 25 يناير 2011" التي أنهت حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.

ويضيف أن السينما الوطنية ظهرت في إفريقيا جنوب الصحراء بعد مرور 60 عاما على انتشارها في العالم كما تأخرت أيضا عن السينما في الشمال الإفريقي.. ففي مصر أنتجت أفلام روائية في العشرينيات بعد فيلم (في بلاد توت عنخ آمون) 1923 في حين ظهر "أول فيلم إفريقي جنوب الصحراء 1955" وهو فيلم (إفريقيا على نهر السين) للمخرج السنغالي بولين سومالو فيرا.

ويرى أن إفريقيا عانت كثيرا من التشويه على يد صناع السينما الأوروبية إلى أن تمكن عدد من المخرجين الأفارقة الرواد من التغلب على مشكلات تمويل الإنتاج وقدموا أفلاما "يطل منها العالم على ثقافة وحضارة تجاهلوها طويلا ونظروا إليها بفوقية وعنصرية واضطهاد وظلم لإنسانيتها" وجاءت أفلام الأفارقة أكثر صدقا وواقعية وإبهارا في بعض الأحيان.

ويشدد عبدالخالق على أن للسينما دورا مهما في التوعية قائلا إن الزعيم باتريس لومومبا (1925-1961) كان "يعي ويدرك أهمية دور السينما في التأثير في مشاهديها" مضيفا أن الاستعمار البلجيكي خلال سيطرته على الكونغو الديمقراطية كان "يحظر السماح بعرض الأفلام الأجنبية على السكان السود" خشية أن يؤدي ذلك إلى الفوضى أو الاحتجاج.

ولا يقتصر تأريخ المؤلف على إنتاج الأفلام وإنما يلقي نظرة على السياق السينمائي العام.. ففي السودان صدرت عام 1978 مجلة (السينما) وهي أول مجلة متخصصة في البلاد وكانت "تعكس الطموح إلى صنع سينما وطنية عربية" ثم صدرت عام 1980 مجلة 'السينما والمجتمع'.

أما في أنغولا وموزامبيق فأنشئت في السبعينيات معاهد سينمائية تعكس "شكلا من الاشتراكية" وتسهم في إنتاج أفلام تواكب ما بعد الاستقلال ومنها مجموعة أفلام قصيرة عنوانها 'أنا أنجولي وأعمل بجد' 1975 كما حمل أول فيلم أنجولي روائي طويل عنوان 'تشجع أيها الرفيق' 1979.

ميدل إيست أنلاين في

23.03.2014

 
 

فيلم عن 'شيطان الرمادي' أو صاحب مهنة القتل في الفلوجة

ميدل ايست أونلاين/ الرباط 

برادلي كوبر يجسد دور القناص الأميركي الاكثر شراسة كريس كايل المتسبب في قتل 160 شخصا اثناء الحرب على العراق.

ينهمك النجم الأميركي كلينت إيستوود في التحضير لتصوير فيلم عن حياة القناص الأميركي الشهير كريس كايل، وهو مشروع ضخم سينتهي من تنفيذه في نهاية الأسبوع الأول من شهر مايو/ أيار.

وكايل ويعرف باسم "شيطان الرمادي"، في إشارة الى كبرى مدن الانبار العراقية، المحافظة التي سجلت انتهاكات للجيش الأميركي خلال احتلاله العراق، هو عضو سابق في القوات الخاصة للبحرية الأميركية، ويعد أكثر القناصين قتلاً في تاريخ الولايات المتحدة، حيث بلغ عدد الأشخاص الذين قتلهم 255 شخصاً.

ومن المنتظر ان تتم عملية تصوير الجزء الاكبر من الفيلم في المغرب.

واسند فيلم "القناص الاميركي" في الأصل إلى المخرج ستيفن سبيلبرغ، الذي انسحب من المشروع نظراً لانشغالاته والتزاماته العديدة، وخاصة تركيزه على مشروع سينمائي ضخم حول النبي موسى، مما دفع شركة وارنر براذرز للإنتاج لأن تقوم بإجراء محادثات مع إستوود لإخراجه.

وأفادت صحيفة هوليوود ريبورتر الأميركية، ان الفيلم سيكون مقتبساً عن سيرة حياة القناص الأميركي كريس كايل، الذي يعرف بأنه أكثر القناصين قتلاً في تاريخ الولايات المتحدة.

وأشارت إلى ان الممثل برادلي كوبر (38 سنة) سيلعب دور البطولة في الفيلم الجديد، وهو منتجه أيضاً.

وذكرت الصحيفة انه من المتوقع أن يبدأ إنتاج الفيلم، الذي يؤلف نصه، غايسون هال، في القريب العاجل.

وقام هال بكتابة السيناريو استناداً الى السيرة الذاتية التي انجزها كايل والتي صرح فيها أنه قتل ما لا يقل عن 255 شخصاً طوال حياته المهنية، وتربعت هذه الرواية على قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في سنة 2012.

يذكر أنّ كريس كايل معروف بشراسته في الهجوم الأميركي على الفلوجة الذي أودى بحياة الآلاف من أهالي المدينة.

وكان كايل اشار في تصريحات سابقة إلى أنه قتل أكثر من 160 عراقيا أثناء الحرب الاميركية في العراق مما جعله يتربع على عرش أكثر القناصة شراسة ودموية في تاريخ واشنطن.

ويشار إلى أن سيرة حياة كايل تكشف كيف علمه والده إطلاق النار وقت أن كان في الثامنة من عمره، قبل أن يتحول إلى القناص الأميركي، الذي قتل أكبر عدد من الناس.

ودافع كايل في مقابلة، أجراها قبل ان يلقى حتفه مع مجلة تايم الأميركية، عن كتابه بالرغم من السرية الكاملة التي تغلف عالم قوات القوات الخاصة للبحرية الأميركية، قائلاً "لم أحاول تمجيد نفسي، أو عدد من قتلتهم، الأمر برمته يدور حول التضحيات التي تقدمها عائلات العسكريين".

وغادر القناص الاميركي صفوف الجيش سنة 2009 حيث أنشأ شركة قامت بتدريب قوات الشرطة وعملاء شركات الخاصة بالحراسة على القتال واستعمال الأسلحة.

ولدى سؤاله عن أي شعور بالذنب أو الندم أجاب "ان الأعداء الذين قتلهم متوحشون ولا يندم على القيام بواجبه في قتلهم".

وفي تصريحات أدلى بها قبل وفاته لوسائل الإعلام، أيد كايل تسليح المعلمين في أميركا، وأبدى اعتراضه على فرض قيود على امتلاك الأسلحة.

ونال كريس عدة أوسمة من الجيش الأميركي وجائزة من المعهد اليهودي لشؤون الأمن الوطني.

وقُتل كريس كايل في حقل تدريبي للرمي واعتقلت السلطات المشتبه به في القضية بحسب ما أوردته صحيفة فورتورث ستار تيليغرام في ولاية تكساس الأميركية.

وكان كايل قد أصدر كتاب سيرة ذاتية له عقب عودته من العراق بعنوان قناص أمريكي حيث ذكر أنه روع العراقيين ونال لقب شيطان الرمادي وكانت أطول مسافة قنص فيها ضحية هي كيلومترين تقريبا وكان الضحية شاب يحمل مدفع أر بي جي قرب مدينة الصدر.

ميدل إيست أنلاين في

23.03.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)