كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

خديجة لوكلير: على الغرب أن يتسم بشيء من القناعة

باريس – نبيل مسعد

 

خديجة لوكلير مخرجة سينمائية بلجيكية مغربية الجذور مقيمة في بروكسيل، أنجزت حديثاً أول فيلم روائي طويل من تأليفها وإخراجها بعدما قدمت في الماضي ثلاثة أفلام قصيرة لاقت الرواج وحصدت الجوائز في المهرجانات الدولية، ومنها مهرجان دبي السينمائي. والفيلم الطويل إذاً عنوانه «كيس الطحين» Le Sac de farine وهو إنتاج مشترك بين المغرب وبلجيكا ومن بطولة الفلسطينية هيام عباس والتونسية حفصية حرزي والجزائري إسماعيل.

يتعرض الفيلم لحكاية صبية من أصل مغربي مولودة في بلجيكا ومقيمة في قلب ملجأ إثر اضطرار والدها إلى البقاء في المغرب من أجل عمله بينما تعاني الأم مرضاً عقلياً يمنعها من تربية ابنتها. وفي يوم يأتي الأب إلى بروكسل ويأخذ الصبية معه إلى المغرب حيث يتركها في صحبة أخته وعائلتها بينما لا يهتم هو إلا برحلاته المهنية الكثيرة. ولا تشعر الطفلة بأي سعادة أمام هذا الوضع وتظل تغذي في عقلها حلم العودة في يوم ما إلى بلجيكا.

أتت خديجة لوكلير إلى باريس من أجل الترويج لفيلمها قبل نزوله القريب العهد إلى دور السينما الفرنسية، علماً أنه سيعرض في المغرب ودول عربية أخرى اعتباراً من مطلع شهر نيسان (أبريل) المقبل. والتقتها «الحياة» في هذا الحديث.

·        أنت كتبت سيناريو فيلم «كيس الطحين» قبل أن تخرجيه، فماذا كان مصدر إلهامك في شأن هذه القصة بالتحديد؟

- إن مصدر إلهامي هو نفسي بما أنني أسرد في الفيلم حكايتي الشخصية. ولكنني في طبيعة الحال أدخلت إلى الوقائع بعض الخيال والرومانسية من أجل أن يتسم الفيلم بمواصفات سينمائية، فأنا لم أرغب في إنجاز عمل تسجيلي ولكن روائي بحت.

·        هل كان من السهل عليك كمبتدئة تولي إدارة ممثلات من طراز هيام عباس وحفصية حرزي؟

- أنا أعشق إدارة الممثلين، ولا تنسى أنني أخرجت في الماضي ثلاثة أفلام قصيرة، الأمر الذي يعني أنني لست مبتدئة كلياً. أنا لن أدّعي أن العملية كانت سهلة ولكنها لم تتسم بالصعوبة طالماً أنني كنت ملمة بمهمتي كمخرجة وغير مستعدة لإظهار أي نقطة ضعف أمام الممثلين. وعلى رغم كون حفصية حرزي وهيام عباس على مستوى كبير من النجومية، فأنا لم أشعر في لحظة واحدة بأي نوع من التكبر في تصرفات الأولى أو الثانية، بل على عكس ذلك، وجدت نفسي محاطة بممثلتين مهنيتين مطيعتين طالما أنني كنت أعرف ماذا أريد ولم أترك لهما ثغرة من أجل الدخول فيها وخطف السلطة مني. والنجوم بعامة يحترمون المخرج الذي يعرف كيف يديرهم ويستغل موهبتهم على الوجه الأفضل.

·        ماذا عن الطفلة رانيا مللولي التي تؤدي شخصية حفصية حرزي وهي بعد صبية؟

- لقد عثرنا عليها في وسط مجموعة ضخمة من الطفلات اللاتي تقدمن للدور رداً على إعلان كنا قد نشرناه في هذا الصدد. إنها لم تجرب التمثيل من قبل، وعلى رغم ذلك تصرفت مثل أي ممثلة بالغة محترفة وأدركت تفاصيل دورها بسهولة غريبة الشكل ولم تزعج الفريق بنزوات طفولية مثلاً، وهذا أمر نادر بالنسبة الى صبية. هي صارت ممثلة محترفة الآن ولديها وكيلة أعمال فنية وعملت في فيلمين من بعد «كيس الطحين».

·        هل هي مغربية؟

- نعم ولكن أيضاً بلجيكية مقيمة في بروكسل وتتكلم ثلاث لغات بطلاقة هي: العربية والفرنسية والإنكليزية.

·        ماذا عن النجم الفكاهي إسماعيل الذي يمثل شخصية والد الصبية وهو دور درامي بحت؟

- أنا معجبة بموهبة إسماعيل منذ سنوات طويلة وكنت متأكدة من قدرته على العطاء الدرامي وذلك على عكس المظاهر التي حبسته على مدار الأعوام في ميدان الكوميديا. وكنت على حق، فهو فرح حينما تسلم من جانبي العرض الخاص بدور الأب، وذلك حتى إذا كان الدور المعني أصغر حجماً من الأدوار التي يعتادها في السينما والمسرح. ولكنه عثر هنا على فرصة لتقديم الوجه الآخر لموهبته، وهذا ما أثار فضوله وفرحته في آن. وأنا اكتشفت فيه صفات خلقية قديرة إلى أبعد حد.

·        أنت إذاً مكتشفة مواهب؟

- نعم حال زميلي التونسي عبداللطيف كشيش الذي اكتشف حفصية حرزي وسارا فورستييه وصابرينا وزاني وأديل إكزاركوبولوس. أنا أعشق الممثلين، ذلك أنني منــهم أســاساً وبالتالي أهوى اكتشاف طاقاتهم الخفية.

«كاستينغ»

·        حديثنا عن مشوارك الفني؟

- أنا تعلمت الدراما في كونسرفاتوار بروكسل في بلجيكا حيث كبرت بعدما غادرت المغرب، وبدأت ممارسة مهنة التمثيل، إلا أن القدر شاء أن أعثر بسهولة على عمل في مكتب متخصص في إدارة «الكاستينغ»، أي التفتيش عن الممثلين الصالحين للأدوار المختلفة في الأفلام طبقاً لرؤية المخرج في كل مرة. أنا حققت نجاحاً في هذه المهنة جعلتني أغادر التمثيل بعض الشيء وأتفرغ لها، إلا أن رغبتي في سرد الحكايات لازمتني ودفعت بي إلى كتابة سيناريوات صغيرة الحجم وتحويلها في ما بعد إلى أفلام قصيرة، ومن ثم ألفت سيناريو «كيس الطحين» ورحت أتفرغ للإخراج السينمائي.

·        هل تعودين إلى المغرب؟

- نعم بين حين وآخر مثلما فعلت من أجل تصوير «كيس الطحين» وحال ما سيحدث مع فيلمي المقبل الذي سيصور بدوره بين المغرب وبلجيكا.

·        ماذا سيكون هذا الفيلم؟

- سيدور حول موضوع الكفالة، وهذا كل ما أستطيع البوح به في الوقت الحالي، إذ إنني لا أحب التكلم على الأشياء قبل حدوثها.

·        حكاية إذاً فيها أطفال مرة جديدة؟

- نعــم ومستمدة مرة جــديــدة من واقــع حياتي.

مكانة الرجل

·        هل تعتبرين نفسك مخرجة أفلام نسائية بحتة؟

- لا شك في أن المرأة تحتل مكانة أساسية جداً في أعمالي بخاصة أنني أسرد وقائع حياتي الشخصية في السيناريوات التي أكتبها، وبما أنني إمرأة لا مفر إذاً من أن تكون أفلامي نسائية إلى حد ما. ولا يمنع الأمر الرجل من التواجد في هذه الأعمال ومن احتلال مكانة كبيرة فيها مثلما هو الحال في حياة كل امرأة عامة.

·        من الواضح في فيلمك «كيس الطحين» أنك تسلطين الضوء على الفوارق الثقافية الجوهرية بين الشرق والغرب، فما هي الرسالة التي ترغبين في توصيلها بالتحديد؟

- الرسالة إذا وجدت تخص ضرورة احترام كل منا لهوية الآخر وثقافته وتراثه وتقاليد بلده ودينه. والذي يحدث في أكثر الأحيان مع شديد الأسف هو اعتقاد كل فرد أنه يملك الحقيقة المطلقة وأن غيره هو المخطئ، وأنا أبرز هذه النقطة بوضوح في فيلم «كيس الطحين» من خلال رغبة البطلة في مغادرة المغرب والعودة إلى بروكسل حيث نشأت، ذلك أنها اعتادت أسلوب الحياة هناك وطريقة النظر إلى الأمور. وفي الوقت نفسه لا ينطبق الكلام نفسه على صديقتها في المغرب التي تتخيل حياتها في شكل مختلف إلى أبعد حد وعلى الطريقة العربية البحتة. فهل يمكننا الادعاء أن إحداهما على حق والثانية لا؟ أنا أرفض مثل هذا المبدأ كلياً، فلكل منا حقيقته، مثلما أرفض قيام المجتمع الغربي بتلقيننا الدروس في شأن الحياة والتعامل مع الآخر، فالغرب بعيد كل البعد من المثالية حتى يتكبر على غيره، ويكفي النظر إلى التفتت العائلي فيه من أجل أن نتأكد من أن مثل هذا المجتمع لا يملك أي حقيقة ومن الأفضل له أن يتسم بالقناعة بعض الشيء. والعكس صحيح بما أن الشرق بدوره لا يملك ما يسمح له بالاعتقاد أنه أفضل من هذا أو ذاك.

·        هل تعرفين المنطقة العربية جيداً غير بلدك المغرب؟

- أعرف دبي لأنني قدمت أفلامي القصيرة هناك وكذلك «كيس الطحين»، وفي كل مرة وجدت الناس في هذا البلد في غاية الأدب واللطف والتفتح الذهني، كما أنني لقيت معاملة مثالية من الرجال تجاهي كإمرأة. وأعرف الجزائر وحلمي هو العثور على فرصة لاكتشاف مصر، وأعتقد بأنها ستتاح أمامي في المستقبل القريب بما أن فيلم «كيس الطحين» من المفروض أن يعرض هناك.

الحياة اللندنية في

21.03.2014

 
 

بول توماس اندرسون:

 النجاح المستحقّ في ملاعب الكبار

ابراهيم العريس 

قبل شهور كنا في «الملحق» قد بدأنا نشر سلسلة من المقالات حول من سمّيناهم «ستة من الكلاسيكيين الجدد في السينما الهوليوودية المعاصرة»، ولكن بعد نشرنا مقدمة للسلسلة ثم الحلقة الأولى التي كرسناها للحديث عن المخرج دافيد فينشر، أدت «هجمة» المهرجانات والمناسبات السينمائية الخاصة الى تأجيل بقية الحلقات التي كان يفترض ان تتناول على التوالي، سينما بول توماس أندرسون وجيمس غراي وألكساندر باين وفيس أندرسون... الخ، على اعتبار أنهم أبناء الجيل الهوليوودي التالي لجيل جيم جارموش ودافيد كروننبرغ... إلخ. واليوم، في انتظار «هجمة» أحداث ومهرجانات جديدة نخلي المكان لتناولها، نستعيد نشر بعض ما يمكن من هذه الحلقات، فنتناول هنا المخرج بول توماس أندرسون الذي يبدو متميّزاً الى حدّ كبير حتى بين المتميّزين، الى درجة ان ثمة من بين النقاد من يقارنونه بالراحل ستانلي كوبريك، من ناحية قلة إنتاجه، ولكن ايضاً بأورسون ويلز من ناحية دقّته في عمله، وتنوع مواضيعه، ثم بخاصة دنوّه من السينما دنوّ كبار المخرجين المؤلفين، ناهيك بمواضيع أفلامه التي تلامس أحياناً خطوطاً حمراً في المجتمع الأميركي.

ملحمة عن سيّد ما...

ونعرف ان الفيلم الأخير الذي حققه أندرسون خلال العامين الفائتين، اعتبر تحفة سينمائية استثنائية، إسوة بمعظم ما حقق هذا المخرج «الشاب» (44 سنة) من أفلام هي قليلة العدد حتى الآن، إذ لا تحمل الفيلموغرافيا الخاصة به سوى أسماء سبعة أفلام، يقابلها في لائحة ترافق سيرته عشرات الجوائز التي نالها والمهرجانات التي تنازعت تلك الأفلام. هذا الفيلم هو «السيّد» («ذا ماستر») الذي اتى اشبه بملحمة تتناول فصولاً من سيرة مؤسس غامض لطائفة دينية/اجتماعية في أميركا منظوراً اليها من وجهة نظر العلاقة التي تقوم بين ذلك المؤسس - الذي لعب دوره في شكل استثنائي الراحل فيليب سايمور هوفمان الذي رافق أندرسون في معظم أفلامه كما حال الكثير من الممثلين والتقنيين الذين عملوا دائماً مع هذا المخرج كفريق متجانس - وتلميذ له يصبح نوعاً من العبد المقرّب اليه خلال فترة قصيرة. ونعرف ايضاً ان الفيلم قد اثار الكثير من الضجة عند عرضه، ولا سيما في أوساط طائفة «العلماوية» التي رأت في الفيلم مساساً بتاريخ مؤسسها رون هوارد الذي كان من الواضح ان شخصية الســيد إنما رسمت انطلاقاً منه. وقد كان هذا السجال الذي وصل الى القضاء يومها، مناسبة لتذكّر القضية التي رفعها الثري دافيد هيرست ضد أورسون ويلز متهماً اياه، في سنوات الأربعين، بتصوير سيرة حياته بشـــكل مــشوّه، تحت قناع السيد كين في فيلمه الأول «المواطن كين». لكن المؤسف ان كل هذا لم يشفع لـ «السيد» أوسكارياً حيث نال فقط ثلاثة ترشيحات أوسكارية، منها أفضل ممثل لبطله الثاني الذي قام بدور تلميذ السيد و «عبده» الأمين جواكيم فينيكس، من دون ان يعطى اي اوسكار.

شكسبيرية سينمائية

مثل هذا كان قد حدث قبل ذلك مع الفيلم السابق، أو لنقل من دون اي تحفظ، التحفة السابقة لبول توماس أندرسون «ستكون هناك دماء» المأخوذ عن رواية «بترول» للكاتب الاشتراكي الأميركي آبتون سينكلير. يومها ايضاً، في العام 2008، كانت كل التوقعات تشير الى ان «ستكون هناك دماء» الشكسبيري بامتياز، و «الويلزي» بامتياز ايضاً - نسبة الى اورسون ويلز -، سيحصد عدداً كبيراً من الأوسكارات، لكنه لم يفعل واعتبر كثر الأمر ظلماً لذلك الفيلم ومخرجه من دون أن يروا عزاءً كافياً في فوز بطله دانيال داي لويس بأوسكار افضل ممثل عن دوره فيه هو الذي قدّم في الدور واحداً من اقوى الأدوار التمثيلية في تاريخ السينما المعاصرة، تحت إدارة بول توماس اندرسون.

يومها لمناسبة عرض هذا الفيلم الذي يأخذ الألباب بقوته، ناهيك بكونه قد عرف كيف يخرق كل القوانين التي تتحدث عن تعقّد العلاقة بين الأدب والسينما لمصلحة السينما، تحدثنا هنا عن المخرج وعن حضوره الفذ في السينما المعاصرة، مشيرين الى انه ينتمي الى ما يسمى بـ «الجيل الجديد» من السينمائيين الأميركيين، حتى وإن كان مشاهد ذلك الفيلم كما قلنا سيخيّل اليه انه أمام مخرج حقق عشرات الأفلام في سنوات طويلة، اي حقّق عدداً من الأفلام كافياً لإيصاله الى حال النضج التي ينم عنها هذا الفيلم. والحال أن دهشة كبيرة تستبد بمن يكتشف أن أندرسون لم يكن حينها قد تجاوز بعد، الثامنة والثلاثين، ويتساءل هذا المندهش: كيف تمكن اذاً مقارنة «ستكون هناك دماء» بـ «المواطن كين»؟ من الواضح ان هذا المتسائل ينسى ان أورسون ويلز حين حقق فيلمه التحفة هذا، كان بالكاد تجاوز الخامسة والعشرين... فحقق فيلماً استثنائياً، بل مثّل فيه أيضاً دور كهل يكاد ينتقل الى سن الشيخوخة.

بول توماس اندرسون لم يمثّل، طبعاً، في «ستكون هناك دماء» ولم يمثل في أي فيلم له من قبل ومن بعد. بل انه - على عكس المخرجين المؤلفين الذين يحسب في عدادهم - لم يكتب، هذه المرة، قصة الفيلم كما اعتاد أن يفعل في أفلامه السابقة («سيدني» أو الثمانية القاسية» 1996، و «بوغي نايت» 1997، و «ماغنوليا» 1999، و «غرام حيص بيص» 2002)... ذلك انه، وكما يقول بنفسه، كان يستعد لكتابة قصة وسيناريو فيلم جديد، حين قرأ مصادفة، رواية «نفط» لآبتون سنكلير، فقرر من فوره أن يحولها فيلماً، إذ رأى فيها كل امكانات تشكيل قاعدة لسينما كبيرة من النوع الذي يحلم به.

منذ فيلمه الأول الذي حققه وهو في السادسة والعشرين، اكتشف النقاد - ومحبو السينما المستقلة - سينما هذا الشاب الآتي الى السينما من التمثيل والبرامج التلفزيونية، والمولود أصلاً (عام 1970) في مدينة الاستوديوات في كاليفورنيا لأب كان ممثلاً. غير أن الإخراج ولد لدى بول توماس باكراً، ومنذ كان على مقاعد الدراسة الثانوية، حين حقق فيلماً ساخراً عن واحد من وجوه السينما الإباحية الأميركية - وهو جون هولمز، الذي سيعود اليه لاحقاً في فيلمه الثاني «بوغي نايت» الذي يتمحور كله حول هذا النوع من السينما -. وبعد ذلك سيواصل بول توماس تحقيق الأفلام القصيرة، ورسم المشاريع الكبيرة في خلواته، حين انتقل الى العمل مساعداً للإنتاج، على أثر دراسة السينما لسنوات قليلة، في إمرسون كولدج ومدرسة نيويورك، حتى حقق فيلم «سجائر وقهوة» القصير (1992) ليعرض في مهرجان ساندانس وينال اعجاب النقاد وجائزة، ما مكنه عند ذاك من تحقيق فيلمه الطويل الأول «سيدني» (أو «الثمانية القاسية»)، الذي حقق من النجاح - وإن بتواضع - ما جعله ينصرف من فوره، في العام التالي الى تحقيق «بوغي نايت» مستخدماً فيه نجوماً من الصف الأول (بيرت رينولدز، مارك وولبرغ، هيذر غراهام، وخصوصاً جوليانا مور، التي ستبدع واحداً من أفضل أدوارها في فيلمه التالي «ماغنوليا»). والحقيقة ان هذا الفيلم الأخير، أتى تحفة سينمائية استثنائية، من ناحية قدرة مخرجه (وكاتبه طبعاً) على ربط مجموعة من الحكايات ببعضها بعضاً، ثم المقاربة بينها، فالمباعدة من جديد ودائماً انطلاقاً من التركيز على «مبدأ الصدفة» الذي خصّه بتمهيد في الفيلم كان إحدى علامات ما - بعد - الحداثة في السينما الأميركية الجديدة. اشتغل بول توماس على «ماغنوليا» الذي تدور أحداثه في يوم واحد، في شكل تجديدي تماماً، حتى وإن كان استخدم فيه - أيضاً - عدداً لا بأس به من نجوم الصف الأول، وصولاً الى جاسون روباردز (الذي لعب في الفيلم دور عجوز يحتضر وهو ما سيكونه روباردز بعد أسابيع قليلة من عرض الفيلم)، الذي سيدور اليوم الطويل من حوله، شاملاً رغبته في رؤية ابن كان هجره منذ زمن (توم كروز)، وفي الإفصاح عن حبّه لزوجة صبية تبذل طوال ذلك اليوم جهداً هائلاً لمنع عذاب الاحتضار عنه (جوليانا مور)... وهذه الحكاية تتيح للمخرج أن يمر على عالم الإنتاج التلفزيوني وبرامجه المدمرة للصغار والكبار (خصوصاً من خلال حكاية رابح في مسابقات الصغار دمر ذلك الربح حياته، ومراهق يشارك اليوم وتستعد حياته لأن تدمر) وعلى عالم الوعظ التبشيري - الذي سيعود اليه في شكل خلاق في أخيره حتى الآن «السيّد» - على الشاشة الصغيرة، وما الى ذلك. وهذه الشخصيات جميعاً، يوحّدها الفيلم في كآبة الزمن واليأس الوجودي، قبل أن يعود الى توحيدها في أغنية جماعية رائعة من ناحية، وفي تلقي أمطار تنزل ألوف الضفادع فوق المدينة من ناحية أخرى.

المجد يأتي باكراً

إذاً، في «بوغي نايت» و «ماغنوليا»، جعل اندرسون لنفسه سمعة المخرج الذي لا يعطي البطولة في عمله لممثل واحد، بل يجعل الفيلم - كما الحياة - ميداناً للبطولة الجماعية التي تتحول بين لحظة وأخرى الى لا/بطولة. غير انه في فيلمه التالي، عاد الى ما يشبه النمط الكوميدي والبطولة المحصورة. ففي فيلم يمكن أن نطلق عليه في العربية اسم «غرام حيص بيص» وجعل البطولة فيه لآدم سندلر وإيمي واطسون، صوّر اندرســون حكاية غرامية رومنطيقية تبدو للوهلة الأولى كلاسيكية وعادية، لكنها مع شيء من التدقيق، ستبدو طارحة مجموعة من الأبعاد الجديدة كالعلاقات العائلية، والخوف من الحب، مع اشارات الى زمن الاستهلاك والعنف، إذ يصبح ما وراء الخير والشر... هذا من دون أن ننسى لمسات تنتمي الى حيز يتأرجح بين السوريالية وعبثية سينما الهزل الصامت في عشرينات هوليوود.

وبعد ذلك في «ستكون هناك دماء»، تمكن اندرسون من أن يحقق واحداً من أفضل الأعمال التي خرجت من هوليوود خلال السنوات الأخيرة... بل حتى، عملاً، من الصعب القول انه ينتمي تماماً الى ما كان متوقعاً من سينماه، خصوصاً أن مخرج الأداء الجماعي، هذا، قدم هنا فيلماً يكاد لا يوجد فيه سوى ممثل وحيد، سيُجمع كل الذين شاهدوا الفيلم على أنه اذا كان ثمة من منافس لبول اندرسون وقوة تعبيره في الفيلم، فإن هذا المنافس لم يكن سوى الممثل الاستثنائي الذي قام بالدور: دانيال داي لويس، الذي نال عن هذا الأداء أوسكار أفضل ممثل، كما ذكرنا، فيما لم ينل اندرسون أي جائزة أوسكار خاصة. والحقيقة أنه لو نالها لكان السؤال الآتي سيصبح: ما الذي يمكنه أن يفعل بعد، هذا المخرج إذ يصل الى ذروة لغته وذروة المجد بفضلها، حين يتقدم به العمر سنوات أخرى؟

كان «السيّد» هو الجواب، إذ - وعلى غير توقّع - عرف فيه أندرسون كيف يتفوق على نفسه، ولا سيما هذه المرة ايضاً في ادارة الممثلين وجرأة تناول الموضوع، وابتكار لغة سينمائية خاصة تجعلنا مرة أخرى أمام تلك النزعة الملحمية التي ميّزت «ستكون هناك دماء».

ومن بعد «السيّد» وكما يحدث في كل مرة أمام عمل إبداعيّ كبير، طُرح السؤال عما سيكون من أمر بول توماس أندرسون من بعده. فأتى قسم من الجواب مباغتاً هذه المرة أيضاً: سيحاول ما كان يعتبر مستحيلاً: فهو اليوم في صدد إنجاز فيلمه الثامن، وعنوانه «رذيلة موروثة». والحقيقة أنه إذ يبدو العنوان مألوفاً لمن هم مطّلعون على الأدب الأميركي الحديث والطليعي والذي اشتهر بأنه عصي على الأفلمة، سنبادر الى إخبارهم بأنهم محقّون. ففيلم أندرسون الجديد مقتبس عن واحد من أكثر هذه الأعمال غموضاً وسحراً، الرواية بالعنوان نفسه لكاتب هو الآخر من أكثر كتاب الحداثة الأميركية غموضاً وسحراً: توماس بينشون.

هذه الرواية كما معظم روايات بينشون تعتبر تحدياً حقيقياً لأي قارئ... فكيف بحالها مع مبدع سينمائي يحاول تحويلها صوراً؟ يقيناً اننا هنا أمام واحد من اصعب التحديات في السينما المعاصرة. فهل سينفد بول توماس اندرسون بجلده مرة أخرى ويثــبت مكانته الســامية في عالم السينما الكبــيرة حين ينجز الفيلم في مجرى هذا العام وتتخاطفه المهرجانات كالعادة؟

الحياة اللندنية في

21.03.2014

 
 

اسمهان والعودة إلى «مايو الجميل»

بيروت - «الحياة» 

جاء في بيان صحافي وزعته جمعية متروبوليس السينمائية في بيروت والمعهد الفرنسي في لبنان انهما ينظمان معاً وللسنة العاشرة على التوالي في العاصمة اللبنانية تظاهرة «شاشات الواقع» بين ٢٣ و٣٠ آذار (مارس) الجاري في قاعات في سينما متروبوليس أمبير صوفيل، في منطقة الأشرفية.

وتظاهرة تقدّم «شاشات الواقع» في دورة هذا العام بانوراما متنوّعة حول السينما التسجيلية، مع برمجة مؤلّفة من عدد من الأفلام الوثائقية التي حازت على الجوائز في العديد من المهرجانات وهي تعرض الآن لأول مرة في لبنان.

وتُفتتح التظاهرة مع الفيلم الفرنسي «منزل الراديو» إخراج نيكولا فيليبير الذي رشّح مؤخراً لجائزة أفضل فيلم وثائقي في جوائز السيزار ٢٠١٤. «فيلم عن وسيلة إعلامية تتوجّه بالأخص الى أذننا، منزل الراديو هو عمل سينمائي كبير» كما يقول الناقد سيرج كاغانسكي (لي أنروكوبتيبل)، من مخرج سبق لعدد من أفلامه المنتزعة من قلب الحياة الإجتماعية الفرنسية ان حققت حضوراً مهرجانياً إضافة الى نجاحات استثنائية في صالات تجارية («ان تملك وأن تكون»).

وإلى هذا تقدّم الدورة العرض اللبناني الأول لوثائقيين من لبنان هما: «أرق» لديالا قشمر، الفائز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة بالدورة العاشرة من مهرجان دبي السينمائي الدولي ٢٠١٣، و «أنوثة ساكـــنة» لكورين شـــاوي الذي شــارك في مهرجان مرسيليا الدولي للفيلم الوثائقي في العام الفائت ٢٠١٣.

ويتضمّن البرنامج أيضاً شريط «أسمهان، ديفا شرقية» من إخراج سيلفانو كاستانو وإنتاج ديغول عيد. وهو فيلم يوجّه تحية الى إحدى أهم الأصوات الشرقية. وعدا عن هذا تبدو برمجة هذا العام غنية بالأفلام العربية، إذ سيتسنّى للحضور مشاهدة الوثائقي المصري «الميدان» من إخراج جيهان نجيم الذي رشّح هذا العام لجائزة أوسكار أفضل فيلم وثائقي ووصل الى التصفيات النهائية.

وأخيراً، يختتم المهرجان مع النسخة المرممة لواحد من أهم أفلام الموجة الجديدة الفرنسية «مايو الجميل» إخراج كريس ماركر وبيير لوم، كما عرض ضمن فئة الكلاسيكيات خلال مهرجان كانّ السينمائي في دورته السنة الماضية. ويصور الفيلم الذي بات كلاسيكياً منذ زمن بعيد، الحياة في باريس في شهر مايو عام ١٩٦٢، حيث يسأل المخرج الوثائقي الكبير كريس ماركر الرجال والنساء عن مشاكلهم السياسية، الإجتماعية وعن حياتهم اليومية. يقوم برواية الفيلم الممثل الفرنسي الشهير إيف مونتان.

الحياة اللندنية في

21.03.2014

 
 

السينما الإيرانية وواقع بلاد فارس في عمان

عمّان - ميساء الأحمد 

بعيداً من غلبة السياسة في أصغر تفاصيل حديثنا ورؤيتنا للآخر، حضرت بلاد فارس لتكون ضيفاً على العاصمة الأردنية عمّان قبل أيام عبر «أسبوع الفيلم الإيراني». وهو أسبوع نظمته الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، وعرضت فيه مجموعة أفلام روائية ووثائقية، وكان مسرح الرينبو حاضنة لما وصفه كثر من الحضور بأنه أول إطلالة عبر نافذة سينمائية على مجتمع يفصلنا ويبعدنا منه الكثير.

وكان قد أعلن ان هذه الأفلام حصلت سابقاً على مجموعة من الجوائز ضمن مهرجانات سينمائية عدة. وواضح أن هذا يعود الى عدســة الكاميرا التي مكّنت خمسة مخرجين من إيران من أن يسقطوا العمامة عن رأس الهرم، ويرفعوا قبعة التخفي عن بيوت إيرانية وشوارع طهرانية.

كانت البداية مع المخرج باكتاش ابتين في فيلمه الوثائقي «موري يريد زوجة» وهو يدور من حول موري الشخصية الرئيسة الذي يمكن اعتباره إسقاطاً لصراع البقاء في مجتمع لم يقدم لرجل عمل ثلاثين سنة عاملاً، غرفة واحدة يعيش فيها، فانفصلت عنه زوجته الأولى ثم الثانية ولم تقبل به ثالثة، لذا يصارع موري كل ليلة رغباته وحاجاته الإنسانية مع ذاته في الخفاء في ظل مجتمع تغلب عليه النزعة المحافظة. وعلى رغم غلبة طابع السخرية والفكاهة على الفيلم، إلا أنه قدم نظرة جريئة لما يعيشه كثر من أمثال موري في مجتمع لم يستطع أن يقدم لهم متسعاً من العيش الكريم. ناهيك بأنه لم يقدّم لهم عقائدياً حرية التعبير بصوت مرتفع عن رغباتهم وحاجاتهم الإنسانية. وفي هذا الإطار أشارت خبيرة وموزعة الأفلام الإيرانية فاريبا سومانسكا أثناء النقاش مع الجمهور في نهاية الفيلم، أنه لم يحصل على رخصة عرض في إيران «لأن فيه من الجرأة مساحة يضيق أمامها أفق الحكومات».

وعرض في اليوم التالي الفيلم الروائي «من طهران إلى الجنة»، الذي يتحدث عن غزل بطلة الفيلم الباحثة عن زوجها الذي اختبأ بعد أن اتُّهم بسرقة وثائق تجرّم أشخاصاً بشأن تجارب أسلحة بيولوجية في مختبر كيمياء يعمل به، واجهت الخطف والاغتصاب والتهديد الدائم. ويصور هذا الفيلم بدوره المجتمع الإيراني الحافل بالتناقضات، وأشار المخرج فيه إلى حجم العنف الذي قد يتعرض له الشخص على ذنب لم يقترفه عندما يحاول جاهداً الحفاظ على حياته وحده.

أما الفيلم الثالث فوثائقي لكامران الحيدري وعنوانه «اسمي نيغاهدار جمالي وأصنع أفلام الغرب الأميركي»، وفيه نوع من الإسقاط على علاقة الإيراني بالمجتمعات الأخرى، من خلال البطل نيغاهدار جمالي إيراني من شيراز الذي لم يقبل أن يتقوقع في مستنقع إيران المغلق على نفسه كما كان يعــيش أصدقاؤه وعائلته، بل أحب ما لا تحبه الحكومة والمجتمع الإيراني: الغرب الأميركي! فبدت قصة الفيلم إشارة إلى أن صراع القوى السياسية ضيّق من رقعة الأفق الثقافي والحضاري، ما جعل حبّ جمالي لصناعة أفلام الغرب الأميركي يدفعه لمواجهة الكثيرين في ســبيل إنجاز ما يحب ويرضى.

ليل مدينة ما...

«بارك مارك» الفيلم الرابع وثائقي لباكتاش ابتين، وهو يقدم حكاية امتدت منذ منتصف ليلة حتى بزوغ فجرها في شوارع طهران التي تملأها صناديق التبرع للفقراء، وفيها مارك المتسول الذي ينتظر الليل ليسرق ما فيها ويفترش حدائق طهران غرفة نوم له. ويحكي مارك أسرار المدينة التي دفعه الظلم فيها لتكون المخدرات رفيقه الأول والأخير. وقد تميز هذا الفيلم بلقطاته التصويرية التي جعلت مشاهديه يشعرون وكأنهم يسيرون مع مارك على أقدامهم في شوارع طهران، فيما هذا يتحدث مع الكاميرا وجهاً لوجه وكأنه يرانا ونحن نراه.

وفي الختام، كان فيلم «سمكة وقطة» الروائي للمخرج شهران موكري، وهو عبارة عن لقطة تصويرية واحدة لم تغلق فيها عدسة الكاميرا لمدة ساعتين وبضع الساعة، على خلفية موسيقى تصويرية وحوارات معقدة فيها إيحاءات وإشارة الى حياة كثير من الإيرانيين وواقع المدينة. أما محور الفيلم فمجموعة من الطلبة في رحلة إلى منطقة نائية صورهم الفيلم ضمن سلسلة من الأحداث التي أثارت الخوف والريبة بينهم، وعلى الأقل حتى اللقطة الأخيرة المختلفة برسالتها في الفيلم إذ ترينا مجموعة من الطائرات الورقية في السماء كإشارة إلى أن ما يدور على أرض الواقع من خوف وريبة وترقب للقادم ما هو إلا سراب خلقه بعض الراغبين في فرض قوتهم وسيطرتهم.

ويمكن القول ان ما قدمه أسبوع الفيلم الإيراني كان مغايراً للأسلوب المعتاد من خلال سينما جادة، أتت على شكل أفلام غير تجارية لم يتهافت من أجلها الجمهور إلى شباك التذاكر، بل جاءها من كان باحثاً وراغباً في خوض تجربة معرفة الآخر، ومشاهدة أفلام تحكي قصص الشعوب وتجسّد الواقع كما هو.

الحياة اللندنية في

21.03.2014

 
 

مصريات يبحثن عن ذواتهن في زمن التحوّلات العنيفة

أمستردام - محمد موسى 

في فيلمه الأول عن مصر «العودة إلى الساحة»، والذي عرض قبل عامين، رافق المخرج التشيخي الأميركي بيتر لوم شخصيات مصرية في الفترة التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من شهر يناير، وسيطرة الجيش المصري على الشارع. فأظهر خيباتها والجدار الأصم الذي اصطدمت به أحلام تلك الشخصيات. كما اجتهد المخرج لكي يغوص في خلفيات المجتمعات التي أتت منها تلك الشخصيات، فارداً مساحات مُهمة للمهمشين من المصريين في لحظات تاريخية بدت فارقة. ومن بين تلك الشخصيات، مصرية شابة ألهمتها بشارات الثورة فغادرت قريتها الصغيرة وتوجهت إلى القاهرة، وبالتحديد إلى ميدان التحرير. حيث ستتقاتل قوى النظام الرسمي الفاشية وسطوة التقاليد الاجتماعية الرجعية على الفتاة لتفقدها توازنها، حتى إن «الميدان» الذي بدا لأسابيع رمزاً لحياة مُختلفة مقبلة، تحوّل وفي غضون أسابيع قليلة أيضاً إلى هوة سحيقة، ستترنح الفتاة على حافتها لأشهر، فيما بدا أنه مقدمة لفترات صعبة للغاية، تثير كثيراً من القلق على مصير تلك الفتاة وحتى على سلامة قواها العقلية.

عالم النساء الخاص

أما في فيلم لوم الجديد «أنا أنا»، (وهو الثاني للمخرج عن مصر وأخرجه مع زمليته الهولندية كورين فان أيخرييت ويعرض حالياً في صالات منتخبة في هولندا) فهناك أربع فتيات على شاكلة فتاة فيلم «العودة إلى الساحة» لجهة إصرارهن على تغيير دفة حياتهن، كما أن همومهن هي نموذج لهموم جيل بأكمله من النساء في مصر. لا ينحصر موضوع الفيلم الجديد بالثورة المصرية، على رغم أن هذه لها بعض الأصداء في الفيلم. لكنه يبدو فيلماً شاعرياً لم يشأ أن يخوض في الثورة وآثارها، مفضلاً البقاء ضمن العالم الخاص لشخصياته النسائية، مبتعداً عن البناء التقليدي الذي تفرضه أحياناً القضايا الاجتماعية الراهنة.

يتماهى الأسلوب الفنيّ للفيلم مع الموضوعة المُقدمة، فيبحث عن مقاربة تشبه ما تبحث عنها شخصياته في حياتها الخاصة والعامة. هن فتيات مصريات ما زلن في بداية طريقهن لاكتشاف مواهبهن الفنية الإبداعية. لا يهتم الفيلم كثيراً بخلفياتهن الاجتماعية، فهو مثلاً يُقدم أسماءهن في العناوين التي تظهر على الشاشة قبل بداية الفيلم، بعدها تتقاطع وتتداخل شهاداتهن، والتي لن تخضع للسرد التصاعدي. يدخل الفيلم في الدوامة التي تشبه السجن لعوالم هؤلاء الفتيات، ويحاول أن يجد طريقه في متاهة أفكارهن المقطوعة وغير المكتملة.

«أنا أنا» التي ترد بإلحاح في عنوان الفيلم، هي همسات شخصيات الفيلم التي تقترب أحياناً من الصرخات أو نوبات البكاء. هذه «الأنا» النسائية، لا تكاد تُسمع وسط ضجيج المدينة والأصوات الذكورية العالية. يفرد الفيلم مساحات مهمة لتسجيل لحظات خاصة من العمليات الإبداعية للفتيات، فيقدم مُحترفهن الفني و «لا شعورهن». إحدى هؤلاء الفتيات هي راقصة فن حديث، تقوم منذ سنوات بتصوير نفسها في أمكنة مختلفة من القاهرة، في بحث عن صورة للذات وسط المدينة العملاقة، وهو البحث الذي يشغل شخصية أخرى من الفيلم، والتي وجدت في الكاميرا الفوتوغرافية، الدرع التي تحميها من خراب ما حولها، على رغم أنها تريد أن تسجل هذا العالم الذي يحيطها، من دون أن تملك تفسيراً واضحاً لهذه الرغبة. هذه الفتاة تصور نفسها أيضاً.

لغة الرمز الفعالة

يحضر الواقع المصري المعاصر بمعضلاته وتعقيده وانسداد أفقه في الفيلم، لكن بإشارات سريعة جاءت في الأساس لاستكمال الصورة التي رغب المخرجان بتقديمها عن شخصياته النسائية. ويستعين الفيلم بلغة رمزية لوصف هذا «الواقع»، فتتكرر في سياقات عدة مشاهد تملك التركيبة نفسها: زحام خانق في أحد ميادين القاهرة، حيث السير متوقف تماماً وسيارات تقف بعشوائية وفي كل الاتجاهات. لا أحد يعرف كيف وصلت الأمور إلى هذا التعقيد. إنها الحياة المتوقفه في البلد وفي يوميات شخصيات الفيلم. يبحث الفيلم أيضاً عن صور غير شائعة من يوميات المدينة الشاسعة، فيصور شجرة صغيرة بين شارعين، بدت وحيدة تماماً بين إسفلت الشوارع، كما يصور طائراً ينقر بقسوة على شباك أحد البيوت القديمة، هارباً – ربما - من غبار المدينة.

مع مثل هذه المشاهد الفنيّة الشاعرية، سيمرّ الفيلم على موضوعات تحاصر المرأة المصرية منذ عقود. فيقدم شهادة ليلية طويلة لفتاة تعمل كمساعدة مخرجة، تضطر بسبب عملها أن تقطع شوارع القاهرة ليلاً، «عندما تتحول المرأة التي تجوب المدينة بعد منتصف الليل ومهما كان شأنها، إلى عاهرة وفريسة، والشوارع إلى غابات تكثر فيها الوحوش»، كما تصف. سيدة أخرى رغبت في فتح موضوع التحرش الجنسي في القاهرة في عربة قطار أنفاق خاصة بالنساء، اصطدمت باعتراضات بعض الراكبات أنفسهن، فلا يجوز للمرأة أن تتناول موضوع التحرش الجنسي وفق إحدى سيدات العربة.

حتى في فيلمه السابق عن مصر، بحث بيتر لوم عما خلف الصور الــشائعة عن المديــنة. لا يحــمل هو، وكغيره من المخرجيين الأجانب الذين أنجزوا أفلاماً عن ثورات العرب الأخيرة، تصورات وقيوداً أخلاقية تُعيق عملهم. لذلك، تتــميز أعمالهم بالحريّة الفنية الكبيرة، وأيضاً في تقديــمها لما يُعد أحياناً مُحرمات اجتماعية لزملائهم العرب.

في اختصار يجمع فيلم «أنا أنا» بين الحســاسية الفنيّة التي تثور على الشكل التقليدي للوثيقة التسجيلية التي تتناول موضوعات اجتـــماعية معاصرة، والقدرة على النقل المُعبر عن الضيق النفسي الآني الذي يقترب من الاختــناق لدى شخــصياته النسائية.

الحياة اللندنية في

21.03.2014

 
 

غرافيتي وتحرير ودرويش يحاكم الظالم

القاهرة - ياسر سلطان 

ظهرت خلال السنوات الثلاث الماضية أفلام تسجيلية عدة سعت إلى توثيق أحداث الثورة المصرية بأساليب ورؤى مختلفة. فمنها ما حاول تتبع الأحداث المتلاحقة، ومنها ما فضل تسليط الضوء على تجربة معينة ارتبطت بالثورة. ومن هذه الأفــلام ما هو أجنبي ومنها ما هو مصري. ومن أبرز الأعمال الأجنبية الراهنة، فيــلم «مــصر وآراء حول الثورة» للفرنسي سباستيان سوغوس، و»العودة إلى الميدان» لليوناني بيتر لوم، وفيلم «الإطاحة بطاغية على الطريقة المصرية» للبريطاني لوري فيليبس، وفيلم «ميدان التحرير»، للإيطالي ستيفانو سافونا.

أما من بين الأفلام المصرية الراهنة فيبرز فيلم «حيطان»، الذي يوثق إحدى أهم الظواهر الفنية التي نشأت مع الثورة، من طريق الاقتراب من تجارب عدد من فناني الغرافيتي ورسومهم. الفيلم تم إنتاجه بدعم من المجلس الأعلى المصري للثقافة، وهو من تأليف وسيناريو المصور والقاص شريف عبد المجيد وإخراج حلمي عبد المــجيد. ومؤلف الفيلم كانت له تجربة سابقة في توثيق حضور الغرافيتي على جدران الشوارع من طريق الفوتوغرافيا والتي جمعها في كتــاب صدر حديثاً عن الهيئة المصــرية العامــة للكتاب تحـــت عــــنوان «أرض أرض... حكاية ثورة الغرافيتي»، وهو كان من أولى المحاولات التي ســـعت إلى توثيـــق رســـوم الـــغرافيتي التي انتشـــرت في شــوارع القـــاهرة والإســــكندرية وعــدد من المدن المصرية الأخرى قبل أن يتم طمسها لاحقاً. ومن المعروف أن رسوم الغرافيتي عبّرت في شكل مباشر عن الكثير من الأحداث المتلاحقة خلال السنوات الثلاث الماضـــية؛ وكان لها دور فاعل في كثير من تلـــك الأحداث. وفي فيلم «حيطان» الذي شارك فيه بالتألـــيف وكتابة السيناريو، يستمر عبد المجيد في سعيه لتوثيق تلك الظاهرة الفنية من طريق اســتعراض تجارب عدد من الفنانين، كما يلتـــقي عدداً من النقاد لإلقاء الضوء على هذا الفن من حيث نشأته وتطـــوره وأشــكاله المتعددة، وطبــيعة القضايا التي يتناولها عموماً. يـــبدأ الفيلم بهتاف للحرية مســـتعرضاً وجوه الشهداء الذين سقطوا في أحــداث الثورة المصرية، هذه الوجوه التي تحولت في ما بعد إلى أيقونات على حوائط المدن المصرية.

تاريخ قلب الثورة

وفيلم «حيطان» هو أحد ثلاثة أفلام تسجيلية تم عرضها أخيراً في مقر دار «دَوّن» في وسط القاهرة. وتشترك الأفلام الثلاثة في رصد جوانب مختلفة من أحداث الثورة المصرية. فبينما اختار أصحاب فيلم «حيطان» توثيق الغرافيتي، وثّقت المخرجة أسماء إبراهيم في فيلمها «الكعكة الحجرية» لتاريخ ميدان «التحرير»، قلب الثورة. واستعرضت أسماء إبراهيم حكاية «ميدان التحرير» من خلال التسلسل التاريخي على خلفية من كلمات الشاعر المصري الراحل أمل دنقل، والذي أهدت المخرجة فيلمها إلى روحه. يســـتعرض الفيلم تاريخ الميدان والذي كان يعرف بميدان الإسماعيلية نسبة إلى الخديوي إسماعيل، الذي تم تخطيط الميدان في عهده في النصف الأول من القرن التاسع عشر. كما يستعرض الفيلم أيضاً تاريخ عدد من المعالم المهمة المحــيطة في ميدان التحرير، مثل المتحف المصري، المجمع العلمي، مقر الحزب الوطني الحاكم قبل الثورة وجــسر قصر النيل وغيرها من المعالم الأخرى، والتي كانت شاهدة على أحداث بعينها خلال السنوات الثلاث الماضية. كما يتم إلقاء الضوء على عدد من الميادين القريبة والشوارع المهمة التي تتفرع من ميدان التحرير، والذي يعد سرّة العاصمة المصرية وملـــتقى طرقها وأحيائها. يتم استعراض كل هذه التفاصيل من خلال ذاكرة رجل يجلس على مقهى مطل على الميدان يقوم بدوره الفنان محمود عبد الغفار، والفيلم حاصل على جائزة نقابة المهن السينمائية بمهرجان الإسكندرية في دورته الأخيرة.

الدرويش يحاكم الرئيس

أما الفيلم الثالث فهو بعنوان «دراويش الميدان» وهو من إخراج ياسر شبانة، وهو يستعرض تجربة أحد المواطنين المشاركين في الاعتصامات بميدان التحرير، من خلال تفاعله مع عدد من الأحداث المهمة كمحاكمة مبارك ورموز حكمه. يحاول الرجل من خلال السياق التسجيلي للفيلم التعبير عن رؤيته لما يحدث من خلال طريقته الخاصة وهي التشكيل بالأخشاب، والتي كان يستخدمها في ما يشبه الأعمال المركبة.

الحياة اللندنية في

21.03.2014

 
 

شهيرة: أنا قلوقة بطبعى على أسرتى وكل أم شهيد تستحق «الأم المثالية» 

لقبت السينما المصرية عددا من الفنانات وإعتبرتهن الأمهات المثاليات وذلك وفقا لرأى الجمهور الذى وجد لديهن فطرة وطيبة وحزم الأم المصرية وكانت النماذج الأبرز فى أفلامنا الأم الأكثر شهرة أمينة رزق فهى أم السينما المصرية فهى مثال للام التى تكافح من أجل ابنائها وهى صورة لكثير من الأمهات التى نقلت تجاربهن بصدق فى «الجنة تحدت قدميها» «أريد حلا».. أما الأم الأكثر دفئا فكانت الفنانة فردوس محمد التى يشهد عليها أعمالها الفنية مثل «ابن النيل».
والأم الحنون التى برعت فيها عزيزة حلمى فى عشرات الأدوار للأم الارستقراطية والفلاحة والصعيدية, وبالرغم من خفة ظلها وتقديمها لدور الأم التى مازالت تتعلم من الأخطاء مثل كثير من الأمهات فإن الفنانة كريمة مختار أيضا استحقت لقب الأم المثالية حتى بعد تقديمها «ماما نونة» التى لامها الكثيرون على طريقة تربية ابنتها الوحيد فى هذا اليوم لاتكفى كلمات الإمتنان لأمهات مصر وشهدائها.

رغم اعتزالها منذ ما يقرب من 20 عامًا لكن مازالت الفنانة شهيرة تكرم ليس فقط عن ادوارها ولكن كأم قدمت للفن اسرة فنية ناجحة . المركز الكاثوليكى كرمها فى يوم العطاء مع عدد من الفنانات كأم مثالية . عن هذا التكريم وطقوس احتفالها بعيد الام مع اسرتها تتحدث شهيرة لروزاليوسف

تم تكريمك مؤخرا فى يوم العطاء الذى نظمه المركز الكاثوليكى . حدثينا عن شعورك بهذا التكريم؟

لا تتخيلى مدى  سعادتى بهذا التكريم خاصة عندما يأتى من مكان ذات قيمة مثل المركز الكاثوليكى الذى اكن له كل تقدير واحترام وقد اختار عنوان التكريم كلمة  جميلة وهى «العطاء» فهذه الصفة لا يعطيها المولى عز وجل الا لمن يحبهم فالعطاء هو انك تسامحى اى حد يخطئ فى حقك وانك تهتمى بالآخرين سواء اصدقائك او اسرتك دون انتظار اى مكافأة منهم.

ومن هم الموجودون فى أولوية اهتمام شهيرة؟

اكيد اسرتى المكونة من زوجى محمود ياسين وأولادى رانيا وعمرو وزوجيهما وأحفادهما بحب اهتم بكل تفاصيل فى حياتهم لدرجة أنهم من كثرة هذا الاهتمام اشعر أنهما يتضايقان ويقولان لى يا ماما إحنا كبرنا وأصبح عندنا بيوت وأولاد لكن الام مهما كبر أولادها يظل شغلها الشاغل ومحور اهتمامها الأولاد وأنا بطبعى أظل قلوقة طول الوقت على أولادى.

من أكثر عطاء واهتمام بالأسرة حضرتك أم زوجك الاستاذ محمود ياسين ؟

أنا بحكم تفرغى للبيت وتربية الأولاد خاصة بعد اعتزالى لكن فى المقابل محمود حنين وبيحب بيته جدًا وحبه لى ولأولاده بالفعل وليس بالكلام  فمثلا هو لا يقولى كلام حلو لكن أشعر بحبه فى اهتمامه بى وبصحتى.

وتضحك قائلة: عندما يفكر الأولاد فى الهدية التى سيشتروها لى فى عيد الام يكمل هو عليها حتى يشترون حاجة حلوة وكأنه يقولى بطريقته كل سنة وانتى طيبة

ما أكثر الاعمال التى جسدتى فيها دور الام وتعتزى بها فى مشوارك الفنى؟

مسلسل «اليقين» فالبطل فى هذا العمل هو الام التى فقدت نؤمها وهما رضع اثناء الحرب وظل بداخلها يقين انهم بخير حتى عادوا اليها وهما شباب بعد مرور 20 سنة هذه الشخصية اثرت فى جدا خاصة ان القصة فيها حالة انسانية رائع على  الرغم من مرور سنوات على هذا العمل الذى قدمته قبل اعتزالى مباشرة الا اننى مازالت اتلقى ردود افعال طيبة عندما يعيد التليفزيون عرضه.

وهل تأثرت بأى من أمهات السينما الشهيرات عندما قدمتى مسلسل اليقين؟

لم أتأثر لسبب بسيط هو ان دور الأم فى معظم الافلام كان دورًا ثانويًا لكن هذا لا يمنع انى أحبهم كلهم خاصة اسلوب كل فنانة منهن فى تناولها لشخصية الأم.

ومن الفنانة التى تعطيها لقب الام المثالية على شاشة السينما ؟

بحب جدا فردوس محمد وأمومتها الفطرية بحس انها حتى لو ظهرت فى مشهد واحد ستكون مؤثرة.

ومن الشخصيات التى تريدين ان تبعثى لهن بتهنئه لهن فى هذا اليوم؟

احب أن اقول كل سنة وانتى طيبة لامى الروحية الفنانه الكبيرة شادية والفنانة نادية لطفى والفنانة فاتن حمامة والفنانة مديحة يسرى ايضا اقول لكل ام شهيد كل سنة وانتى طيبة واوعى تزعلى لان ابنك فى الجنة وهياخد ايدك لها.

وكيف رأيتى عودة عيد الفن وتكريمه لجيل الرواد ؟

عودة عيد الفن بمثابة عودة الحياة للفنانين وسيعطيهم دفعاً للعطاء وتقديم افضل ما عندهم واتذكر اننى سبق أن كرمنى الرئيس السادات فى أحد أعياد الفن التى اقيمت فى عهده وكنت سعيدة جدا بهذا التكريم لأنه تكريم من الدولة.

سمعنا كثيرا عن عودتك للفن .ما حقيقة هذا الكلام ؟

لست ضد المبدأ فى حد ذاته لكن عندما اعود لابد ان يكون ذلك بعمل مناسب يعوض الجمهور عن غيابى ووقت ما أحصل على النص الجيد الذى يدخل قلبى وعقلى سأقدمه فورًا.

روز اليوسف اليومية في

21.03.2014

 
 

انتاج فرنسي أضاع الطريق للأسواق الأميركية

«روابط الدم» حكاية شقيقين شرطي ومجرم!

عبدالستار ناجي 

حكاية لطالما شاهدناها في الافلام العالمية والمصرية والهندية حول شقيقين يقفان وجها لوجه، أحدهما ملتزم بالقانون، من خلال عمله كضابط، والآخر مجرم خريج سجون.

وفي فيلم «روابط الدم»او «علاقات الدم»للمخرج الفرنسي غيوم كانيه، والذي انتجه وصوره في نيويورك، وتدور احداثه في سبعينيات القرن الماضي. المحور الدرامي والقصصي لفيلم «روابط الدم»يتحرك في اطار حكاية كريس «كلايف أوين»بعد خروجه من السجن، يحاول ان يبدأ حياة جديدة، ولكنه يواجه مصاعب، تضطره للعودة الى عالم الجريمة، هذا ويضعه لاحقا في مواجهة مع اخيه فرانك «بيلي كرودوب»الذي يعمل شرطيا في نيويورك.

هكذا هو البناء الدرامي، لاحداث عاصفة بالمغامرات والصور والشخصيات والعلاقات. شاهدت الفيلم في مايو 2013، ضمن عروض خارج المسابقة لمهرجان كان السينمائي، ويومها اختلفت الآراء حول الفيلم وحينما عدت لمشاهدته، بعد اكثر من عشرة اشهر تقريبا، كأنني خرجت بذات النتيجة، التي وصلت اليها وهي اننا امام فيلم مغامرات، بأموال فرنسية ومخرج فرنسي، يحاول ان يقدم سينما اميركية، ولكن النتيجة تظل مجرد مغامرة، لن تستطيع الصمود طويلا في صالات العرض العالمية.

صراع بين شقيقين، كل منهما يرى العالم من وجهة نظره، ويفسر القانون والحياة والتصرفات من وجهة نظره، وعلاقة كل منهما مع من حوله، ومع بعضهما البعض.

احداث كثيرة، ومشاهد كثيرة، يمكن الاستغناء عنها وتجاوزها، تأتي من اجل تعبئة الوقت، خصوصا، تلك التي تتحدث عن كل منهما وعلاقته الخاصة مع من يحب ويعشق.

تجرى احداث الفيلم عام 1974، حيث كريس يكون خارجا بقوة من السجن، يبحث عن فرصة لعمله تجعله يتجاوز ماضيه، في العمل على تجاوز القطيعة مع شقيقه واسرته، ولكن الظروف تقوده من جديد الى عالم الجريمة، بل الجريمة المنظمة، التي ترهب نيويورك، وتجعل قياداتها الامنية تستنفر بحثا عن ذلك المجرم، فكيف ستكون المواجهة بين شرطي وشقيقه.

ولكن كلما مرت الاحداث، نجد انفسنا نغرق في بحر متلاطم من المغامرات والاحداث، المبررة تارة، وغير المبررة تارات، وتارات، وتارات.

ولا نريد هنا ان ندخل في التفاصيل التي تمثل هوامش الحدث، من علاقات ومواجهات وقتلى كي نصل الى النتيجة التي وصل اليها الفيلم، بعد رحلة مضنية. حينما عرض الفيلم في كان، قيل بان هنالك 30 دقيقة حذفت من الفيلم، ما شوهه، وخفف من قيمته.

وحينما عدت لمشاهدته مرة ثانية، كانت نسبة القطع قد ارتفعت الى 45 دقيقة، لتكون النتيجة دمارا.. دراميا.. سينمائيا.

عدم الاستقبال الحسن في كان، انعكس سلبيا على الفيلم، وهذا ما نتوقع له ان يكون عند عرضه في الاسواق العالمية.

مفاهيم الاخوة تبدو هامشية، ومفاهيم التسامح تبدو غير منطقية وموضوعية. في بطولة الفيلم هناك الممثل البريطاني كلايف اوين، ومعه الممثل الاميركي بيلي كرودوب، وايضا الممثلة الفرنسية ماريون كويتار «وهي زوجة المخرج غيوم كانية، وفي الفيلم ايضا كم اخر من الاسماء ومنهم زوي مسالدان، وميلاكينس وليلى تايلور والنجم الكبير جيمس كان بدور الاب. في الفيلم كم من المغامرات والرصاص الذي ما ان يبدأ حتى لا يتوقف، ولكن تبقى النتيجة لا شيء لان المخرج غيوم كانية فكر بطريقة فرنسية وليس بعقلية اميركية لصناعة فيلم اميركي، وبهذا فوت غيوم كانية فرصة ذهبية لدخول السوق الاميركية.

النهار الكويتية في

21.03.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)