كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

مهرجان تسالونيك يجعل الـمُشاهد اليوناني "ناخباً أفضل":

السينما والهوية والنضال مع ملاكم ومخرج وابن عربي غاضب

تسالونيك ــ هوفيك حبشيان

 

من محمّد علي كلاي الى الثورة السورية، عبوراً بالاسلام في ايطاليا وذكريات مارسيل أوفولس، تقدم الدورة الـ16 من مهرجان تسالونيك للفيلم الوثائقي (14 – 23 الجاري) دورة غنية ومتنوعة، حدّ انه يصعب لمس الاتجاهات التي تطغى على الوثائقي راهناً لكثرة وجود أفلام وعناوين وأسماء تثير حيرة الذي جاء الى هذه المدينة للارتماء في حضن الواقع المصوّر.

الاطار واضح، لا لبس فيه: "صور القرن الحادي والعشرين". هذا هو العنوان الفرعي لتظاهرة ثقافية خالصة لا تلجأ الى أيّ نوع من الادعاءات والافتعال. هناك أفلام، على مدّ العين والنظر، ولا شيء آخر سوى الأفلام، في هذه المساحة المخصصة لسينما الواقع. 191 فيلماَ من 42 بلداً تشقّ طريقها الى 6 صالات تتأهب لهذه الزيارة، علماً أن ضعف هذا العدد يُعرض في سوق الفيلم التي تتيح لمندوبي القنوات الأوروبية مشاهدة آخر الانتاجات وشراء الحقوق لعرضها على محطاتهم. اضافة الى هذه الأفلام، يقدّم المهرجان استعادات لاثنين من المخرجين الذين تركوا بصمات دامغة في الوثائقي، كلٌّ منهما على طريقته. أولهما، الأميركي بيتر وينتونيك الذي توفي العام الماضي عن 60 عاماً، كان صديق المهرجان المحبب والشخص المقرب من إدارته، ويؤمن بأن التواصل هو حقّ للجميع ومكانه في قلب الصراع من أجل الديموقراطية. كان وينتونيك يرى ايضاً ان الحلم الرقمي عندما يصبح مقترناً بواقع ملموس وتضاف اليه المعلومات، يمكنه ان يغيّر العالم. المخرج الثاني على لائحة المكرمين هو الفرنسي نيكولا فيليبير، الأشهر من أن يُعرَّف على الأقل عند المهتمين بالوثائقي. انه المخرج الكبير الذي عرف كيف يلتقط تفاصيل العيش اليومي في فرنسا بمناقبية عالية تعيد الاعتبار الى الكائن البشري وتحترم سلوكه. لا نزال نتذكر له "أن تكون ويكون لك" عام 2002، وجديده "بيت الراديو" (رُشِّح لـ"السيزار") يحملنا الى كواليس العمل في "راديو فرانس"، وسيفتتح - يا للمصادفة الجميلة - اسبوع "شاشات الواقع" في بيروت الأحد المقبل.

"تسالونيك للفيلم الوثائقي" يتفرع من مهرجان آخر يحمل الاسم نفسه ولكن يملك تاريخاً عريقاً خلفه (54 دورة): مهرجان تسالونيك الدولي الذي يُعقد في شهر تشرين الثاني من كل عام. مديره دميتري ايبيديس هو الرجل المناسب في المكان المناسب. يتكلم بحماسة عن مشروع انهاض المدينة بهذا المهرجان، قائلاً إنه بات يُعتبر ثالث موعد للفيلم الوثائقي في أوروبا من حيث الأهمية. كان القرار عام 1999 انشاء هذا الموعد السنوي بغية تثقيف المُشاهد اليوناني "كي يصبح ناخباً أفضل"، كما يقول ايبيديس، ما دامت وسائل الاعلام لا تقدم خدمة حقيقية الى الناس، وتتلاعب بالمعلومات وتسيسها وصولاً الى تغييبها الممنهج أحياناً وفق أجندات سياسية. لا بهرجة هنا، لا نجوم، لا بساط أحمر يُرمى أمام أحد. بل ضيوف عاديون يتجولون في أزقة المدينة متأبطين شنطة مهرجان ترعاه احدى ماركات البيرة اليونانية.

في مدينة هادئة، كل زاوية فيها على شاكلة منطقة تتشابك فيها الهويات ويتشعب تاريخها، حيث المقاهي منتشرة بشكل لا مثيل له الا في فرنسا، يجري اقحام سكان هذه القرية الساحلية على مدار عشرة أيام في نوع من متابعة نهمة للأفلام، وإن كان عندنا الشعور هذه السنة بأن الاقبال اضعف. فالطقس ربيعي جميل على الأرصفة، وكما قال احد السينمائيين خلال تقديمه لفيلمه الى المشاهدين، "انه لنوع من التضحية أن تترك أشعة الشمس، وتنغلق داخل صالة مظلمة للتفكير في مصير العالم".

سواء اتجهت الأنظار الى شمال القرية الكونية أو جنوبها، لا مجال لحصر المشكلات في بقعة محددة، لكثرتها وتنوعها وصعوبة ايجاد حلول جذرية لها، فالخيبات والمظالم والمؤامرات السياسية والارهاب والأمراض والأحوال الاقتصادية، تجتمع كلها في سلة واحدة، كاملة متكاملة، لتعيد تعريفك الى العالم من خلال الفيلم الوثائقي.

عشرات الأفلام تُعرض يومياً والهدف واحد: تعريف الجمهور اليوناني الى ما يدور في العالم. هناك أقسام مختلفة تُدرج فيها الأفلام: نظرة الى العالم، حكايات للسرد، تسجيل ذكريات، بورتريهات ورحلات إنسانية، حقوق مدنية، موسيقى، وبانوراما يونانية. هذه الأقسام كافة تصبّ في رغبة واحدة: الاطلاع على كل مستجد ومثير. لكن هذا لا يكفي. الوثائقي ليس ريبورتاجاً تلفزيونياً. لا يبحث عن الموضوعية في نقل الخبر. فهناك في الوثائقي نظرة مخرج يتطلع الى العالم من خلال عين الكاميرا. اذاً، يعرف المبرمجون في تسالونيك ان الموضوعية ورقة خاسرة وان الذاتية هي التي في امكانها أن تحول تقريرا صحافيا الى عمل سينمائي، اذا توافرت فيه اللغة السينمائية.

في مقابلة سابقة لنا مع المخرج الأميركي الكبير فريدريك وايزمان، عرّف الموضوعية في السينما الوثائقية على الشكل الآتي: كلّ شيء ذاتي. لا وجود للموضوعية. ليست لديَّ فكرة عما تعنيه هذه الكلمة. فعلاً، قل لي، ماذا تعني موضوعية؟ ربما عليك ان تلتقط صورة من 360 زاوية وبـ360 كاميرا لتقول انك موضوعي. كم من الوقت تستطيع أن تفعل ذلك؟ وهل يعتبر موضوعيا اذا استمر التصوير بهذا المنطق؟ بدلاً من كلمة موضوعية استعمل كلمة "عدل". تقويم المسألة ذاتي، حتى عندما تعطي الكلمة لطرفين متخاصمين، وتنقل وجهتي النظر المتضاربتين في شأن واحد. في الفنّ والسينما كلّ شيء ينبع من خيار".

من الأفلام اللافتة في المهرجان: الأوتوبيوغرافيا المصورة باسم "مسافرٌ" لمارسيل اوفولس (1927)، الابن الملعون لماكس اوفولس، المخرج الالماني الفرنسي الشهير الذي قدّم افلاماً كبيرة مثل "مدام دو" و"لولا مونتيس" و"مقبوض عليه". الرجل الذي تنقل للعمل بين ألمانيا وفرنسا وهوليوود وهرب من الحرب وعرف الاهانات والمجد ايضاً. كان مارسيل أوفولس توقف عن الاخراج منذ 18 سنة لم يقدم خلالها ايّ جديد. أحدث أعماله رحلة سينمائية ممتعة مع ابن عاش في كنف والده حتى بعد موته، عانى منه وايضاً استغل علاقاته واسمه، وكان يعترف بأنه "ابن بيّه"، ولكن بفارق انه استطاع ان يكون مخرجاً كبيراً بدوره مع "الأسى والرأفة" عام 1971، الذي يُعتبر احدى المحطات المضيئة في سجل السينما الوثائقية. يطالع مارسيل أوفولس الرسائل التي يتلقاها على مدار حياته (كوبريك، آلن...)، يتحسر على البعض منها، يكبت دمعة هنا ويفلت ابتسامة حزن هناك، نشعر بنفَسه المتقطع ونلمس صوته الذي يرجف. يأخذنا إلى اماكن عزيزة عليه، يجعدن، يطلق النكات ويأسف على زمن تسرب من بين أصابعه. ديناميكيته مدهشة. يلتقي جانّ مورو وفريدريك وايزمان ويتذكر معهما الأيام القديمة، ويستعيد ذكرياته مع تروفو، ويروي لقاء مع ماريلين ديتريتش، وتفاصيل سهرة امضاها برفقة "الملاك الأزرق"، وكيف كان على وشك ان ينام معها، لولا ادراكه في اللحظة الاخيرة أنها تكبره بسنوات. ولحظات اخرى كثيرة في فيلم مفرح ومحزن، حلو ومر، سنعود اليه حتماً في مناسبة لاحقة.

فيلم آخر كان له وقع كبير علينا في الأيام الاولى للمهرجان: "محاكمات محمّد علي" لبيل سيغل. انه أعمق مقاربة سينمائية لسيرة محمّد علي كلاي ونضاله (هناك أيضا فيلم مايكل مانّ الشهير)، تجلت في هذا الفيلم الأميركي الذي كان عُرض في مهرجان كانّ الأخير. تحدث المخرج عن الأشهر الـ12 التي أمضاها في غرفة مظلمة مراجعاً ملايين الوثائق عن الملاكم الأسطوري، قبل ان يباشر انجاز هذا العمل. الفيلم عن حياته الشخصية وليس عن نشاطه الرياضي الذي كان موضوعا لعشرات الأفلام. بالنسبة إلى سيغل، يحكي الفيلم عن الأميركيين بقدر ما يحكي عن علي. هناك لحظتان اساسيتان في حياة الملاكم خارج الحلبة: اولاً، اعتناقه الاسلام وعلاقته بـ"أمة الاسلام" (حركة المسلمين السود في أميركا التي قادها رجل محتال اسمه إلايجا محمّد في الستينات) وكيف استعملته هذه الجمعية لاستقطاب المزيد من المؤمنين برسالتها. ثانياً، رفضه الالتحاق بالخدمة العسكرية خلال حرب فيتنام والقضية التي رُفعت ضده بسببها. تحدث سيغل مع الشخصيات القريبة من كاسيوس كلاي، زوجته السابقة، شقيقه، ابنته، وأحد الذين ساهموا في انطلاقته. يبحث الفيلم في خفايا حياة أخرى خلف حياة تجلت فصولها المختلفة على صفحات الجرائد ويختتم بمقاطع مؤثرة للملاكم وهو يصارع مرض الباركينسون.
فيلم ثالث لا يمكن ان نبقى لامبالين تجاهه: "عقوبة لمدى الحياة" للمخرجين الاسرائيليين نوريت كيدار ويارون شاني. ينطلق الفيلم من الحكاية المثيرة للمناضل الفلسطيني فوزي نمر (1935 – 2013) الذي حُكم لـ710 أعوام مؤبداً بعدما فجر قطاراً يقل جنوداً اسرائيليين، من بين عمليات اخرى نفذتها أول مجموعة مسلحة انطلقت من أراضي الـ48. هذه النقمة على المحتل ولدت لديه غداة هزيمة 67، علماً ان نمر كان متزوجاً من امرأة اسرائيلية عاش معها قصة حبّ عاصفة وارتبط بها ضد إرادة العائلة. الحكاية في الفيلم ليست حكاية نمر الذي اخلي سبيله عام 1983 ضمن صفقة تبادل للاسرى، بل حكاية ابنه المنبوذ من كل الأطراف. هذا الفيلم نوع من تراجيديا اغريقية. فطوال حياته، عاش هذا الابن ذو الأسماء المتعددة، كل انوع الاضطهاد والرفض والذلّ وصراع الهويات والاديان التي هو أحد افرازاتها: أهمله رفاقه اليهود في المدرسة لكونه إبن "ارهابي"، ثم اضطهدته الأقليات الأخرى عندما حملته أمه الى كندا ووضعته في مدرسة لليهود الأرثوذكس المعروفين بتشددهم الديني. تأججت فيه كل الصراعات الممكنة، من ضياع التماسك العائلي وفقدان حنان الأب وعطفه، وصولاً الى وقوعه في فخّ المخدرات وخسران أعز شخص على قلبه، اخته التي سلّمت نفسها لمبادئ اليهودية بصورتها الأكثر تقليدية. لن ينقذه الا الحبّ الذي سيجده في شخص ابنة عمه هديل. في حين كنا ننظر إلى الأب كرمز للمقاومة (قبل ان تفقد الكلمة معناها)، نكتشف في الفيلم بأنه رجل معذب خصوصاً في أيامه الأخيرة بعد اصابته بمرض الرعاش. طوال حياته، ظلّ يتنقل من سجن الى آخر، بعض هذه السجون قيّده معنوياً وبعضها الآخر جسدياً. حاول الهرب منها الى كندا. كان حلمه ان يفتح حانوتاً، لكن ابنه لم يستطع أن يمد له يد العون. فالأخير، لم يجد طريقه وسط هذا الخراب الذي ورثه. انكر نفسه وانكر الايمان الاعمى وانكر كل شيء من حوله، ثم واجه نكران والده غير المقصود له في مشهد مرعب يبقى أروع ما يقدمه هذا الفيلم الذي يهز المشاعر.

hauvick.habechian@annahar.com.lb

محمّد بكري إلى العرب: ثورتكم موز!

هـ. ح.

الممثل والمخرج الفلسطيني محمّد بكري صدم الكثير من مواطنيه أخيراً بفيلم قصير من نحو ثماني دقائق سمّاه "يرموك"، أخرجه بنفسه استناداً الى سيناريو لإبنه صالح بكري. هذا الفيلم اعتبره عدد من الفلسطينيين، وفي مقدمهم المخرج نصري حجاج، مهيناً لهم ومحقّراً لشعبهم ومستخفاً بمعاناتهم، وجرت المطالبة برفع عريضة تطالب الممثل الشهير بالاعتذار عن الرسالة التي يحاول الفيلم إيصالها وتعميمها، وهي رسالة تشّوه، على قولهم، حقيقة ما يجري في المخيّم المحاصر، وتختصر "الكارثة التي يعيشها الشعب الفلسطيني من حصار وتقتيل وإعتقالات وتجويع".

ولكن، ماذا يوجد في هذا الفيلم تحديداً؟ يصوّر بكري بالأبيض والأسود مشروعاً بدا عائلياً (نحو 14 من آل بكري يطلّون في جنريك العمل)، عائلة فلسطينية من ستة أولاد ووالدين يعيشون في مخيم اليرموك. بعد أن تمر الكاميرا على وجوه كلّ واحد منهم فرداً فرداً وهم جالسون في غرفة تسيطر عليها العتمة، نرى الأب (بكري) يصطحب ابنته غير البالغة الى حيث يلتقي رجلين في سيارة مرسيديس فخمة. يترجل السائق من السيارة، في حين يبقى الآخر، الخليجي الملبس، في السيارة. يقترب السائق من الأب وابنته، طالباً من الأخيرة ان تفتح فمها وتبرز أسنانها، ثم يذهب الى السيارة ويعود مجدداً ليعطي الأب ما يُفترض انه مبلغ من المال. يعترض الأب على المبلغ الذي يتلقاه (نصف ما جرى الاتفاق عليه)، فيقول له السائق انه لم يجر التوافق على "أسنان خربانة". تترجل الصبية من السيارة بعد أن ترمي على والدها نظرة عتب خاطفة. تبتعد السيارة عن المنطقة المعزولة، وتبقى الكاميرا على وجه بكري الغارق في الظلام، ونراه يذرف بضع دمعات. ثم، يعود الى المنزل ومعه أكياس معبأة بالفواكه. أحد الأبناء يلتقط موزتين ويلعب بهما، استعداداً لأكلهما.

بهذا الفيلم الاستفزازي، فتح بكري على نفسه أبواب الجهنم، كما يقول أحد المعلقين. فمن جانب انهالت عليه الشتائم واتهامات التخوين والتسفيه، ومن جانب آخر نُشرت بعض المقالات الرصينة التي تأخذ على الفيلم ميوعته ووقوعه في الكليشيه (صورة الخليجي المتعطش للجنس) وفي لامنطقية ان يختار الأب إطعام أولاده الفواكه وهم يعانون من الجوع، وعناصر اخرى لا تركن الى العقل. وذهب بعضهم حتى الى اعتبار الفيلم يلمّع صورة النظام. أياً يكن، فإن بكري تجاهل الحصار والجوع والقصف المفروض على مخيم تحول رمزاً للصمود، وصرف النظر عن منع ادخال المواد الغذائية والمساعدات الانسانية اليه، ما ادى الى كارثة انسانية ولدت منها الصورة المأسوية الشهيرة التي نرى فيها الألوف ينتظرون دورهم لتلقي المعونات والمواد الغذائية. بدلاً من ذلك، ذهب مباشرة الى النتيجة، ما أحدث لغطاً وغضباً عارماً، هذا اذا اعتبرنا ان لا سوء نية خلف هذا العمل الذي يهديه بكري الى "الأمة العربية"!

لا شكّ ان بكري استعجل في انجاز فيلم عن اليرموك، هذا اذا صحّ القول ان الفيلم عن المخيم أصلاً. مهما يكن، فهو اخطأ في تسمية الفيلم "يرموك"، مختصراً مأساة الفلسطينيين بأب يبيع ابنته من دون النظر الى ابعد من ذلك، وقافزاً فوق الأسئلة الجوهرية، ومن دون ان يدرج الحكاية في سياقها الاجتماعي والسياسي الصحيح، ليفهم المشاهد عمّا يتكلم. الفيلم بدا اثارة رخيصة غير موفقة، خطابه ركيك والمحتوى ارعن، وهذا ما اوصله الى مكان اعتبره بعضهم إهانة. علماً اننا، في المقابل، علينا في هذه المنطقة من العالم، أن نتقبل صورتنا المطروحة على الشاشة، مهما تكن سيئة وغير مشرّفة. سقط بكري في فخّ الاستعجال وإعلان المواقف، من دون ان يعرف بالضرورة التفاصيل التي يجب ان تحوط بكل عمل فني يستحق ان يسمّى كذلك.

النهار اللبنانية في

20.03.2014

 
 

الثلاثي الغنائي في فيلم للطرزي..مسارات فنانين وبلد

نديم جرجورة 

بين منطق المتابعة التوثيقية لأحوال الثلاثي الغنائي الشعبي المصري (أوكا وأورتيغا ووزّة)، والرغبة السينمائية في إعادة رسم ملامح بيئة وفن وعلاقات إنسانية تائهة في أعماق البنى المجتمعية المنهارة والمرتبكة، لم تتردّد المخرجة المصرية سلمى الطرزي (1978) في ردم الهوّة القائمة بين الكاميرا السينمائية ووقائع العيش في قاع المدينة، عشية تبدّل أحوال البلد بدءاً من 25 كانون الثاني 2011، وأثناء ما بات يُعرف باسم «ثورة 25 يناير». ردم الهوّة نابعٌ من رغبة سينمائية في مقاربة حكايات الثلاثي هذا، الذي حقّق مكانة له في الغناء الشعبي التقليدي، قبل أن يجد نفسه في المشهد الأمامي للحالة الفنية العامة، هم الطالعون من القاع ولامبالاة كثيرين إلى واجهة يريدها كثيرون في يومياتهم العادية. رغبة سينمائية في مقاربة واقع وتفاصيل تتجاوز الثلاثي أيضاً، وتتكامل معه في وقت واحد.

في «اللي بيحبّ ربّنا يرفع إيده لفوق» (2013)، رافقت سلمى الطرزي الثلاثي الغنائي الشعبي في تفاصيل عديدة تصنع يومياتهم، وتكشف أحوالهم، وترصد تبدّلاتهم، وتواكب تطلّعاتهم، وتحاول أن تفهم مخاوفهم ورؤاهم وهواجسهم. ثلاثي مقيم في أعماق المجتمع، ومنسجم وثقافة الأعماق هذه، ومتحايل على الأوجاع والقلاقل كلّها، وساعٍ إلى فهم الحدّ الفاصل بين سيرته الأصلية ومعنى الخروج إلى الأضواء العامة. ولعلّ العنوان الإنكليزي يبقى أفضل تعبير عن هذا المسار نفسه، إذ اختزل الحكاية كلّها به: «تحت الأرض على السطح» (ترجمة حرفية للعنوان الإنكليزي Underground On The Surface). هو مسار غير بسيط وغير سهل. دونه عقبات. أمامه عوائق. أو بالأحرى أمامه مفاصل نبتت فجأة كي تتيح له بلوغ سطح المشهد، أو واجهته.

الغالبية الساحقة من المشاهد مُلتقطة في ليالي المدينة، وفي أزقّتها التي اعتاد الثلاثي التجوّل فيها، والمشاركة في حفلاتها الشعبية الصغيرة. بهذا المعنى، تجعل لعبة الإضاءة مثلاً الصورة السينمائية أمتن في ارتباط موضوعها وحالات ناسها بوقائع سلوكية وتربوية واجتماعية وثقافية. الوثائقي هنا منحاز إلى الفعل السينمائي الممتدّ من آلية تقديم المادة وشخصياتها، إلى ما هو أبعد وأعمق وأجمل: تعرية الروح من شوائب محيطة بها، وهي تعرية متعلّقة بالفرد والبيئة والثقافة العامة. تعرية مُنصَبّة على قول حقائق مستورة، وعلى كشف نيات متناقضة، وعلى تفكيك العلاقات كلّها من دون استثناء. تعرية متوافقة ووقائع الأحوال، جعلتها سلمى الطرزي أفضل الوسائل البصرية لفهم إحدى أبرز الحالات الاجتماعية المصرية، المتمثّلة بالغناء الشعبيّ المقيم في بواطن البيئات، لا في ظواهرها. المتمثّلة أساساً بواقع أناس مهمّشين، على الرغم من حضورهم في مشهد فني شعبي فاعل في البيئات الفقيرة والمهمّشة أيضاً، المتمثّلة بالنبرة الشفّافة في سرد الحكايات، والإجابة على التساؤلات، والتعليق على مواقف وحالات.

لا يفصل الفيلم الوثائقي الجديد لسلمى الطرزي بين العام والشخصي. علاقة الصداقة القائمة بين أركان الثلاثي جزء من اللقطة العامة. المآل التي انتهت إليها هذه العلاقة مرّت بأحوال مرتبكة وملتبسة، كارتباك وقائع العيش في بلد مثل مصر والتباساته. المجتمع المصري، قبل حركة «25 يناير»، مشلولٌ ومعطّل ومُصاب بألف لعنة. تبدّل الأمر لاحقاً، وإن لم تسر الأمور كلّها بشكل إيجابي بالمطلق. سلمى الطرزي مزجت مسارات الفنانين الشعبيين الثلاثة بمسارات البلد وناسه والمجتمع وأبنائه. الانشقاق الحاصل على المستوى الشخصي شبيهٌ بانشقاقات جمّة ألمّت بالبلد وناسه، وبالمجتمع وأبنائه. التداخل متين بين الذاتي والعام، وإن لم يظهر واضحاً ومباشراً. الفعل السينمائي مبسّط وعميق في آن واحد: مبسّط على مستوى الأدوات المستخدمة في التصوير والتوليف والإضاءة والمتابعة، وعميقٌ على مستوى غوصه الإنساني في الحكايات والحالات، كاشفاً وفاضحاً ومعبّراً عن غليان داخليّ.

الفيلم إضافة نوعية على أسلوب العمل السينمائي الخاصّ بسلمى الطرزي.

 ([) يُعرض الفيلم (68 دقيقة) 8 مساء اليوم في صالة «سينما راديو» في القاهرة.

السفير اللبنانية في

20.03.2014

 
 

«يرموك».. عثرات ثماني دقائق

علاء الدين العالم  (دمشق) 

لم يحتج الجمهور الفلسطيني في اليرموك المحاصر أو خارجه، سوى إلى ثماني دقائق، «هو زمن الفيلم»، ليغمر بعدها فيلم «يرموك» لمخرجه محمد بكري بسربال من السباب واتهام الهوية، باعتبار أنه يشوّه ما حصل في اليرموك، ولو كان ذلك على سبيل المحاكاة لا النقل أو التوثيق. فهل ظُلم «يرموك» بردة الفعل هذه؟

«جرّاء الأحداث الدامية التي اندلعت في سوريا منذ العام 2011، تشرّد مئات الآلاف، وعضّهم القهر والجوع»: بهذه العبارة الإخبارية، يفتتح بكري «يرموك»، واضعاً إياه في زمن محدّد (بعد العام 2011) ومكان واضح (سوريا)، ما يجعل الانطلاق من هذا التحديد أمراً لا مناص منه في تحليل البنية الفيلمية. بذلك، تصبح قصّة الفيلم متموضعة بين حدّي الزمان والمكان، المحدّدين سابقاً. فضاء التأويل حدّدته العبارة الآنفة الذكر، مستبعدةً التكنية والترميز عن المتلقّي، فما سيراه في الفيلم «سوريٌّ» يجري الآن، ويعكس حال اليرموك كما يتّضح من العنوان.

انطلاقا من ذلك، يشوب النقص أي محاولة لتفسير الفيلم من دون أخذ العبارة الافتتاحية بالحسبان. فالرجل الخمسيني، الذي يتضوّر أولاده جوعاً أمام مقلتيه، يأخذه عجزه إلى بيع إحدى بناته لثري خليجي، عائداً من تلك البيعة بطعام لأطفاله الآخرين. هذه المباشرة الفجّة في الطرح تجعل كل تفسير يشطح عن سوريا 2013 (الآن وهنا) تفسيراً يفتقد الدلائل من الفيلم نفسه. بعبارة أبسط، القصّة تصوّر الحال المزرية لساكن اليرموك في ظلّ الحصار المفروض عليه منذ أشهر. حصار وضع الرجل أمام قتل «ابنته» لإحياء أبنائه الآخرين. كل ما أشيع عن تفسير الفيلم خارج هذا المنظور يتّصف بالشطط. وقع بكري أثناء عرضه مأساة مخيم اليرموك في المشاركة بصنع المأساة التي يعرضها، وتعميق الجرح الإنساني لدى سكان اليرموك. علّة ذلك بناء الفيلم على موقف يستفزّ العرف العام (بيع رجل لإبنته).

بعيداً عن تفسير الفيلم بالعلاقة مع العرف الاجتماعي، هناك عثرات عديدة في الدقائق الثماني تلك، ساهمت في خلخلة بنية «يرموك»: الرجل يستقل سيارته في طريقه إلى بيع ابنته. كيف لرجل يبيع ابنته كي يسد رمق إخوتها أن ينسى وقود سيارته الذي إن باعه لأجّل تلك البيعة قليلاً، ولما كان الفيلم أساساً؟ أما كان حريّاً بهذا الرجل، سواء كان صورة عن رجل في اليرموك أو صورة عن العجز العربي (كما فسّرها المخرج لاحقاً) أن يبيع وقود سيارته، وهو المطلوب بإلحاح في حالة الحصار التي يصوّرها الفيلم؟ هل يشتري الرجل لأبنائه، في ظلّ حصار مطبق غير معروف الأجل، فاكهة للطعام، كما حدث في الفيلم، أم يأتي بما يسدّ الرمق، ويبقى طويلاً؟

اختار محمد بكري لفيلمه اللونين الأسود والأبيض من دون دلالة واضحة على هذا الاختيار. تبدى التصوير بهما من دون وضعه في خدمة فكرة الفيلم تكلّفاً بصرياً لم يخلق معنى محدّداً. زاد ذلك في تناقض إيقاع الفيلم والحالة المصوَّرة. القطع السريع المتكرّر زاد من حركة الإيقاع، ما يتنافى ووضع العائلة المحاصَرة وعلاقتها بالزمن. الحصار والجوع يفرضان حالة انتظار تجعل للزمن عند هؤلاء ثقلاً مضاعفاً وثباتاً، بعكس ما يظهر من خفّة للزمن في الإيقاع السريع للكاميرا. كذلك الحركة داخل الكادر: لا ثبات، بل حركة دائمة تُناقض العجز والشلل اللذين دفعا الرجل إلى بيع ابنته. تندر اللقطات القريبة والقريبة جداً، فاسحة المجال للقطات متوسّطة وأخرى عامة، لا يُبان فيها تفاصيل الوجوه بوضوح، مُفقدة الفيلم قدرته على نقل حساسية التعابير في الشخصيات في موقف استثنائي كهذا، وتصوير الانعكاسات النفسية على وجوههم، مُبعدة الفيلم عن مبتغاه في استثارة العواطف جرّاء عرض هكذا فعل على الشاشة.

السفير اللبنانية في

20.03.2014

 
 

ثلاثية الفقد والغربة والحنين في فيلم "حلبجة"

عدنان حسين أحمد 

بالتعاون مع مهرجان لندن للفيلم الكردي نظّم الأستاذ حسين دزئي عرضاً خاصاً في جامعة "سواس" البريطانية لفيلم "حلبجة: الأطفال المفقودون" للمخرج الكردي السوري أكرم حيدو وذلك لمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لفاجعة حلبجة. وقد حضر العرض جمهور نوعي من جنسيات مختلفة تفاعلوا مع ثيمة الفيلم وتأثروا بأحداثة المؤلمة التي سنتوقف عندها بالتفصيل.

لم يخض المخرج أكرم حيدو تجربة الفيلم الحربي، ولكنه كان مُصراً على أن يتخذ من تداعيات الحرب موضوعاً لفيلمه الوثائقي الذي بلغت مدته (72) دقيقة. كما أنه لم ينطلق من الماضي الذي يمتد إلى واحدٍ وعشرين عاماً بالتحديداً، وإنما شرع في رصد هذه القصة الدرامية المؤلمة من نهايتها تقريباً بعد عقدين وسنة كاملة من وقوع الحدث الجلل الذي تمثل بقصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية في 16 مارس 1988

لقد ارتأى المخرج أن ينطلق من الحاضر حينما قررت السيدة جنار سعد عبدالله، وزيرة شؤون الشهداء والمؤنفلين في إقليم كردستان إجراء فحص الحمض النووي DNA لعلي من جهة، وللعوائل الخمس التي تدعي أن "علياً" يمكن أن يكون ابنها من جهة أخرى، معتمدين في ذلك على عمره المقارب لأعمار أبنائهم المفقودين، ولبعض أوجه الشبه في معالمه الخارجية التي يحتمل أن تحيل إلى أحد هذه العوائل الخمس.

تقنية الزمن المقلوب

لقد انتقى المخرج أكرم حيدو حدثاً واحداً ستتشظى منه كل الأحداث التي تابعناها في الفيلم وهو حدث ترك الأم لطفلها الرضيع زمناكو الذي لم يجتز شهره الثالث بعد وخروجها إلى الشارع كي تنقذ شقيقه الأكبر لكنها سقطت مغميةً عليها وسوف تجد نفسها في مستشفىً بمدينة كرمنشاه الإيرانية، لكن هذا الرضيع زمناكو الذي تُرك ملفوفاً بقطعة قماش في المنزل ستُكتب له الحياة حيث ينقذه الجنود الإيرانيون ويتم نقله إلى مدينة مَشهد حيث تتبناه سيدة إيرانية وتقوم بتربيته على أكمل وجه ولا تخبره بقصة تبّنيه إلا بعد ست عشرة سنة. وحينما تتوفى أمه الإيرانية، إن صحّ التعبير، يقرر العودة إلى وطنه الأول بهدف البحث عن عائلته التي لا يعرف عنها شيئاً سوى بعض الأخبار المتناثرة التي جمعها من هنا وهناك

وبغية تشويق المتلقي ووضعه في دائرة الشدّ والترقب والانتظار يعمد المخرج أكرم حيدو إلى تقديم بضع لقطات تأسيسية لمدينة حلبجة المنكوبة ثم نرى علياً وهو في طريقه إلى مقبرة شهداء حلبجة، التي (يُمنَع فيها دخول البعثيين) حيث يقف أمام شاهدة أحد القبور المكتوب عليها اسم "خه رمان محمد أحمد" بعد أن شطبوا اسم زمناكو محمد أحمد وهو اسمه الحقيقي الذي سُمِّي به في حلبجة، أما علي فهو الاسم الذي أطلقته عليه السيدة الإيرانية التي تبنّته وأحسنت تربيته وتعليمه

أراد المخرج أكرم حيدو أن تكون قصة علي أو زمناكو لا فرق، هي البؤرة التي تتشظى منها الأحداث لكي نطل، نحن المشاهدين، ليس على العوائل الخمس التي تتمنى أن يكون علياً هو ابنها المفقود، ولكن على بقية الشخصيات التي أثثت هذا الفيلم الوثائقي وهي كثيرة بمكان بحيث لا يمكن الوقوف عندها جميعاً، فالمحنة واحدة والنتائج متشابهة فحتى الشخص الذي جلس إلى جواره مصادفة في مقهى شعبية وكان سجيناً في سجن "أبو غريب" في أثناء الكارثة قد فقد ابنته التي لم تجتز عامها الثامن

فهذا الفيلم هو فيلم شخصيات قبل أن يكون فيلماً دكيّودرامياً يجبر مشاهديه على ذرف الدموع إن لم أقل الانخراط في بكاء حار خصوصاً في لحظة إعلان الطبيب لنتائح فحص الحمض النووي واكتشاف علي لأمه الحقيقية التي افترق عنها من دون إرادته لمدة واحد وعشرين عاما.

الشخصيات الإنسانية

لا يمكننا التفريق بين شخصيات هذا الفيلم على الأساس الثقافي أو المعرفي على الرغم من أهميته، فقد قال المعلم فخر الدين حاجي سليم وزوجته، أو المرأة "المُنتظرة" الأخرى التي تتنظر قدوم ابنها في أية لحظة، قالوا ثلاثتهم أشياء بنفس الأهمية على الرغم من أن المعلّم فخر الدين كان فناناً وقد أضفت أعماله الفنية بُعداً توثيقياً لم تتمكن بقية الشخصيات من إضفائه أو تجسيده، لكنهن، وأعني النساء تحديداً قلنَ أشياء لا تقل أهمية عما قاله المعلِّم والفنان فخر الدين حاجي سليم

لقد أخد المعلّم فخر الدين حصة كبيرة من الفيلم قد تبزّ حصة البطل علي، العائد من إيران بعد واحدٍ وعشرين عاما. ولكن لهذا الرجل محنته التي لا تقل ألماً وتراجيدية عن محنة علي الذي فقد خمسة من أشقائه ولم يبقَ لديه سوى والدته واثنين من أشقائه اللذين كان يلعب معهما كرة القدم بواسطة جهاز الـ "پلَي ستيشن". فالمعلّم فخر الدين فقد اثنين من أبنائه وقد سرد لنا عبر الفيلم كيف أخذت الأم ولدها الرضيع الذي لم يتم عامه السابع، فيما أخذ الأب بقية الأطفال فـ "Nejin" كانت تريد من والدها أن يحكي لها قصة، فيما طلب "Senger" من والده أن يغنّي له أغنية لكنه اعتذر عن الغناء لأنّ أمه قد توفيت قبل مدة قصيرة ولا تزال الأسرة برمتها تعيش مرحلة الحِداد

كان المعلّم فخر الدين مُشوَّشاً ومضطرباً شأنه شأن كل الناس الذين يعيشون المحنة في ذورتها، فحينما قال سينكر بأنه جائع نسي الأب أنه كان يحمل قطعة خبز في جيب شرواله لأنهم يقفون جميعاً على حافة الموت وخشيته الوحيدة هي أن يفقد طفليه إلى الأبد لكنه سقط مَغمياً عليه هو الآخر ولحسن حظه فقد استفاق بعد مدة قصيرة، أما غالبية الآباء والأمهات الذين أغمي عليهم وحينما استفاقوا وجدوا أنفسهم في مستشفيات مَشهد وكرمنشاه وطهران

لقد ماتت نيكين بين يديه، كما حاول أن يقوم بعملية تنفس اصطناعية لسينكر بعد أن شعر هذا الطفل بالاختناق. أرادت الأم أن تقترب من فخرالدين لكنه منعها لأنه كان يشمّ في المكان رائحة الغازات السامة وحينما سألته عن الأطفال الثلاثة قال إنهم معه وهم بخير جميعاً.

ثمة إحساس بالذنب يكاد يشعر به جميع الآباء والأمهات لأنهم أغمي عليهم وفقدوا أبناءهم نتيجة لهذا الإغماء الخارج عن إرادتهم، ويمكننا أن نستشف تبكيت الضمير لدى زوجة فخرالدين وهي تتحدث عن ولدها الرضيع ذي السبعة أشهر فقد كانت تحمله بين يديها، وتتذكر أنها أرضعته قبل أن يُغمى عليها، وحينما أفاقت وجدت نفسها في إيران وكان طبيعياً أن تسأل عن طفليها الصغيرين ئاژين وره نج حيث أخذت ابنتها الكبرى الطفل الرضيع من بين ذراعي أمها كي تنقذه لأن الأم غابت عن الوعي، وهذا فقد تبددت الأسرة برمتها، كما تبددت بقية الأسر في تيه مطبق وظروف غامضة لم تنجلِ حتى بعد مرور عقدين من الزمان ويزيد

واحدة من الأخطاء التي ارتكبها المخرج أكرم حيدو أنه لم يُظهر للمُشاهدين أسماء الشخصيات المتحدثة، وبالذات العوائل الخمس التي فقدت أبناءها. فثمة امرأة محجبة فقدت شقيقها وكانت تقارن صوره بصور علي الذي عاد من إيران وأعتقدت أنه يمكن أن يكون شقيقها، ولأن الأمر يحتاج إلى حقائق دامغة أبعد من موضوع الشبه في الملامح الخارجية فقد ذهبت والتقت بعائلته (الإيرانية) وسألت أمه عن عمره حينما تبنته فقالت إن الأطباء أخبروها بأنه لا يتجاوز الأربعين يوماً حسب تقديراتهم الطبية لذلك أيقنت هذه المرأة أن علياً ليس شقيقها، فأخوها المفقود كان عمره سنتين في وقت الحادث وهو بالضرورة أكبر من علي بعامين.

امرأة طاعنة في السن تشكو من الوحدة، فقد مات زوجها، وأُبعِد كل أقربائها، وهي تعيش وحيدة منذ سنوات طويلة وتعتمد على الناس المحسنين في تأمين لقمة العيش، لكنها تخبرنا بأن حياتها قد باتت قصيرة وأن الحياة التي أمضتها كانت بائسة وتعيسة.

ثمة امرأة متوسطة العمر تسكن عند مشارف حلبجة شرحت ببعض التفصيل قصف المدينة بالأسلحة الكيمياوية من كل الجهات مُشيرة إلى الخسائر البشرية الفادحة وذكرت بأن هناك أسرة فقدت سبعة أطفال ولم يبقَ منها سوى الأب الذي ظل وحيداً ومفجوعاً هو الآخر. ثم تحدثت عن حاجة المدينة إلى الغاز والكهرباء والمستشفيات وبقية المتطلبات الضرورية الأخرى

وعلى الرغم من الوضع المزري الذي يعيشه أبناء المدينة إلاّ أنها تشعر بالأمان لخلو حلبجة من الجنود العراقيين الذي يشكِّلون خطراً جدياً عليهم، وتهديداً متواصلاً لحياتهم التي يُفترض أن تكون آمنة مطمئنة.

ربما تكون "المرأة المُنتظِرة" كما أسميتها لأن المخرج لم يخبرنا باسمها الحقيقي هي التي تجلّت في كلامها ووصفت مرارة انتظار الابن المفقود فكلما طرق أحد بابها هبّت مسرعة لأنها تتصور أن الطارق هو ابنها الغائب، فلقد أدمنت الانتظار الذي أخذ منها مأخذاً كبيراً، كما أن الابن المفقود كان يعيش في ذهنها ومخيلتها ولا تستطيع أن تُخرجه من رأسها

فلاغرابة أن تموت في كل ساعة ودقيقة وثانية تمرّ لأنها لا تستطيع أن تقطع الأمل نهائياً، فلو كان ميتاً لما تعذبت وعانت ما تعانيه الآن لأنها ستطوي قضيته جانباً وربما تنهمك بأشياء أخر. فلقد ذهبت إلى مَشهد وطهران لكنها لم تجد صورة له في المراكز الصحية ذات العلاقة، ولم تعثر على جثته المستشفيات الإيرانية، ولهذا بقيت معلّقة بأهداب الأمل متوقعةً عودته كلما طرق بابها طارق عابر.

أما شخصية الوزيرة الشابة جنار سعد عبدالله فهي أنموذج راقٍ للشخصية الإنسانية التي تتعامل مع أبناء شعبها بهذا الحنوّ الكبير الذي يكشف عن مستواها الثقافي والإنساني في آنٍ معاً فقد كان وجودها مثل البلسم الذي يشفي الجراح، وكان حضورها خفيفاً مثل أي ملاك يهبط عليك من شاهق السماء.

النَفَس التوثيقي

لا شك في أن أي مخرج ناجح يسعى لأن يرتقي بفيلمه إلى مستوى الوثيقة التي تؤرشف للحدث وتمنحه مسحة فنية إضافية. فما من مخرج وثائقي يكتفي بتوثيق الحدث وأرشفته بطريقة واقعية دقيقة لأنه سوف يظل بمنأى عن الجانب الإبداعي الذي هو هدف المخرج الخلاق الذي يحاول الجمع بين صفتي التوثيق والإبداع، لذلك لجأ أكرم حيدو إلى شخصية المعلم فخري الدين حاجي سليم لأنه رسّام ونحّات ولديه نَفَس توثيقي واضح على الرغم من أنه يتواضع كثيراً حتى أنه لا يصف نفسه بالفنان وأن رسوماته ومنحوتاته هي ليست أعمالاً فنية! ولكن واقع الحال يشي بقدرته النحتية الواضحة على الحجر والخشب في آنٍ معا على الرغم من أن نوعية بعض الأحجار لا تصلح للأعمال النحتية لكنه يستعملها لأنها من محنة حلبجة وكارثتها. فلاغرابة أن نراه يجمع الحصى والأحجار ليل نهار طاحناً بعضها إلى ذرات صغيرة كي يستعملها كمادة حيّة شهدت المأساة وتعرّفت إليها من كثب.

كان فخر الدين موطفاً في وزارة التربية لكنه ما إن فقد أطفاله في كارثة حلبجة حتى قرّر أن ينتقل إلى التعليم، وهو أصلاً يحب هذه المهنة التي أمضى فيها (37) سنة،  لكي يكون وسط طلابه الذين يرى في وجوههم معالم أطفاله فهو يقول: "إن عيونهم تُشبه عيون أطفالي، وشعرهم مثل شعر أطفالي، وابتساماتهم تشبه ابتسامات أطفالي"، بل أنه أحياناً يتماهى معهم وكأنه يرى أطفاله الحقيقيين، لكنه ما إن يستفيق من حلم اليقظة حتى يكتشف أنهم تلامذته وليس أطفاله الذين رحلت أرواحهم إلى جوار العلي القدير أو الذين فقدوا في يوم الكارثة وانقطعت أخبارهم تماما

لقد طرق فخر الدين كل الأبواب حتى أنه التقى الرئيس العراقي مام جلال وقد حثّه هذا الأخير على تأسيس جمعية لمفقودي حلبجة بهدف البحث عنهم وإعادتهم إلى وطنهم

ما يهمنا في هذا المقام هو انغماسه الفني الموازي لنشاطاته الأخر الاجتماعية والثقافية المتعلقة بالأطفال المفقودين فقد أراد أن يوثق كارثة حلبجة مُركزاً فيها على أبرز اللقطات التي ظلت راسخة الذاكرة الإنسانية مثل مشاهد الآباء والأمهات الذين تساقطوا أمام أبواب منازلهم وهم يحتضنون أطفالهم الصغار وقد رأينا العديد من المنحوتات الحجرية والخشبية التي صوّرت هذه اللقطات المأساوية التي استمد فخرالدين خشبها من أبواب منازل الضحايا أنفسهم ومن الحصى والحجر المحيط بهم في كل مكان

لا تقتصر اهتمامات المعلِّم فخرالدين على الجوانب الفنية والثقافية في هذا المجال ولكنه وسّع من هذه الدائرة ليلامس الجانبين الفكري والتنظيري حيث أنجز منحوتة خشبية تمحورت فكرتها على أن حزب البعث هو حزب نازي من وجهة نظره وقد نحت من الحروف الثلاثة لكلمة بعث صليباً معقوفاً في إشارة واضحة إلى نازية هذا الحزب الذي يتزعمه طاغية مُتجبِّر لا يجد حرجاً في قصف أبناء جلدته بالأسلحة الكيمياوية. كما صنع تماثيلاً أخر من أخشاب متنوعة بينها خشب الرمّان القوي الذي يصمد أمام تقادم السنوات مُجمِّداً فيها، مثلما يقول، حركتهم الأخيرة قبل أن يفارقوا الحياة.

يعتقد فخرالدين جازماً بأن هناك العديد من الدول الغربية قد ساعدت النظام العراقي في حربه ضد الأكراد لأن العراق، من وجهة نظره، لم يستطع أن يُصنِّع إبرة خياطة فكيف يستطيع أن يصنع أسلحة كيمياوية، ومع ذلك فإن دماء الضحايا الكرد ما تزال معلقة برقاب البعثيين أولاً وبالشركات الأوروبية التي زوّدتهم بهذه الأسلحة المحرّمة دولياً

وتأكيداً على أهمية الهاجس التوثيقي لدى المُعلِّم والفنان فخرالدين نقول إنه سجّل قائمة بأربعين طفلاً مفقوداً وحينما تمّ العثور على علي وعاد إلى حلبجة شطب اسمه من القائمة بعد أن وقعّت وزيرة شؤون الشهداء والمؤنفلين على قائمته التي دوّنها بنفسه، وأكدت أن علياً لا يزال على قيد الحياة وقد عاد إلى أهله وذويه ووطنه.

الغربة اللغوية

لا يمكن تصنيف شخصية البطل علي "زمناكو محمد أحمد" تحت عنوان واحد، فلقد فقد اسمه الحقيقي لمدة واحد وعشرين عاماً ثم استعاده بعد هذه المدة الطويلة ولو أن أمه كانت تناديه بعلي حتى بعد عودته. كما فقد أخوته الخمسة، وفقد لغته الكردية التي سوف يستعيدها شيئاً فشيئاً، فهو يفهم ما يقولونه لكنه لا يستطيع أن يرد عليهم بطلاقة. وأصبح موزعاً بين لغتين وهما الفارسية والكردية، كما أنه موزّع بين وطنين وهما إيران وكردستان العراق. وقد حُرم من التعليم الجامعي لأن لم يمتلك الأوراق الرسمية التي تثبت مواطنته الإيرانية لذلك استأنف دراسته الجامعية في محافظة السليمانية على أمل الاندماج في المجتمع الكردي من جديد
ثمة أفكار قيّمة كثيرة تسربت من علي في أثناء أحاديثة عن النظام القمعي السابق حيث قال بما معناه: "أنه لا يستطيع أن يقتل ذبابة فكيف استطاع صدام حسين وعلي حسن المجيد المكنّى بـ "علي كيمياوي" أن يقتلا خمسة آلاف مواطن كردي بريء غالبيتهم من النساء والأطفال؟" ثم أضاف: "أنا من جهتي غفرت لصدام حسين وعلي كيمياوي، ولو أنّ أمر إعدامهما بيدي لما أعدمتهما على الرغم من أنني فقدت أربعة أشقاء وأخت واحدة!". وأكثر من ذلك لا يرى علي فرقاً بين أن يكون الإنسان سُنياً أو شيعياً، فقد مُنِح دون إرادته اسماً شيعياً أو يحيل غالباً إلى هذا المذهب، لكنه لا يجد ضيراً في أن يكون الإنسان مسلماً أو مسيحياً أو يهودياً، سُنياً أو شيعياً، المهم أن يكون إنساناً وكفى، مثله تماماً الذي صفح عن قاتلي عائلته وشعبه مخولاً أمر القتلة إلى الله جلّ في علاه

لقد عانى علي من غربة لغوية، وغربة مكانية لأنه أُبعد عن وطنه قسراً في ظل الظروف المفجعة التي أشرنا إليها آنفاً، لكنه لم يعش الغربة الاجتماعية وقد تلمّس حميمية أهالي حلبجة الذين كانوا يعاملونه معاملة الابن وفلذة الكبد، وقد شعر بهذه المحبة مع كل رجل يلتقيه، وكل امرأة يقابلها على قارعة الطريق. وهذا ما خفف عنه غلواء المحنة التي كان يعانيها طوال مدة غيابه عن الأهل والمدينة والوطن

الذروة الدرامية

نادراً ما تتوفر الأفلام الوثائقية على ذروة درامية قوية بهذا الشكل الذي رأيناه وشعرنا به في فيلم "حلبجة: الأطفال المفقودون" ربما لأنه فيلم دكيّودرامي أيضاً يتوفر على جملة من عناصر الشدّ والتشويق والإثارة التي تتوزع على طرفين في آنٍ واحد يتمثل الأول بعلي من جهة، وبالعوائل الخمس من جهة أخرى، من دون أن نهمل الطرف الثالث الذي يتمثل بالناس الذين حضروا تلك اللحظة المصيرية والجمهور الذي يشاهد الفيلم في كل مكان ويصطدم بهذا المشهد الدرامي الذي يهتز له الضمير، وتتحرك له المشاعر الإنسانية في كل بقعة من هذا العالم
فلاغرابة أن تغرق العيون بالدموع الساخنة قبل إعلان نتيجة فحص الحمض النووي، ثم اللحظة المدوية التي قال فيها الطبيب إن نسبة %98 من نتيجة التقرير الطبي تشير إلى أن علي "زمناكو" ينتمي إلى أن أمه البيولوجية فاطمة محمد أحمد التي هبّت لتحتضن ولدها المفقود الذي عاد إليها بعد واحد وعشرين عاماً مقبلةً إياه على وجنتيه وعينيه وجبينه في مشهد درامي مؤثر أبكى كل من حضر القصة الحقيقية أو شاهد الفيلم

وربما كان المُعلِّم والفنان فخرالدين من بين أكثر الشخصيات المتأثرة التي بلغ انفعالها درجة البكاء بصوت مسموع والصراخ بصوت عالٍ قائلاً بأنه يشمّ في علي رائحة ابنه المفقود ره نج الذي نتمنى عودته وعودة بقية الأطفال المفقودين الذين يتراوح عددهم بين 300 إلى 400 طفل آخذين بنظر الاعتبار أن مدينة حلبجة قد فقدت نحو خمسة شهيد وجريح من أصل "57" ألف نسمة ومازال الكثيرون من مصابيهم يحملون تشوّهات جسدية جرّاء الغازات الكيمياوية السامة مثل الزومان والزارين والتابون والخردل، كما أن العديد من النساء قد عانينَ من الإجهاض والأجنّة المشوّهة والأمراض الجلدية.

لابد من الإشارة إلى أن متحف شهداء حلبجة الذي يضم أسماء الضحايا الذين سقطوا في هذه الكارثة الإنسانية التي تعرضت لها مدينة حلبجة قد أخذ نصيبه من التوثيق. فبالإضافة إلى رفع اللوحة السوداء التي تحمل اسم زمناكو محمد أحمد من باطن هذا النصب التذكاري الذي يوثق لكارثة حلبجة ويدين وحشية النظام الدموي السابق إلا أن المتحف قد أخذ حقه كنُصب أيضاً إذ ظهر غير مرة ضمن اللقطات العامة أو التأسيسية التي شملت المدينة برمتها

أما اللقطات المتوسطة والقريبة فقد كشفت عن عمق المأساة التي تعاني منها غالبية شخصيات هذا الفيلم وقد لا أغالي إذا قلت إنَّ شخصيات المدينة برمتها قد قدّمت تضحيات كبيرة، فلو وزعت خمسة آلاف ضحية وأكثر من 400 مفقود على عدد عوائل مدينة حلبجة لما سلمت عائلة من الفقد والمحنة والخسران

انتقد بعض الصحفيين الذين كتبوا عن الفيلم تغطيات صحفية سريعة المخرج أكرم حيدو على إطالته في بعض الحوارات التي سببّت الملل إلى الجمهور، كما يدّعون، وحقيقة الأمر أن الفيلم قد مرّ عليّ شخصياً مثل البرق الخُلّب في سرعته ولم يتسرّب إليّ الملل مطلقاً، بل كنت أتمنى عليه أن يسلط الضوء على الشخصيات التي مرّت مروراً خاطفاً وهي تستحق مساحة زمنية أطول من تلك التي قرّرها المخرج ووجدها كافية لإيصال رسائلهم.

لابد من الإشارة إلى أن مُصوِّر الفيلم وكاتب السيناريو والمخرج أكرم حيدو قد نال العديد من الجوائز عن هذا الفيلم من بينها الجائزة الأولى وجائزة أفضل مخرج في مهرجاني الخليج ودبي وسواها من الجوائز الأخرى التي يستحقها الفيلم جملة وتفصيلا

ولابد من التنويه في هذا الصدد إلى المونتيرة البارعة فرانسيسكا فون برلبش وساندرا هوبنر التي ساعدتها في المونتاج الجميل لهذا الفيلم المؤثر

وفي السياق ذاته لابد من الإشادة بجهود جوان حاجو وميخائيل أصلان في الموسيقى، وصوت رافين عساف، المخرج العراقي المعروف الذي كرّس عدداً من أفلامه لقضية حلبجة ولعموم المُؤَنفلين في العراق

وفيما يتعلق بأكرم حيدو فهو مخرج من أصول كردية من مواليد سوريا 1973. هاجر إلى ألمانيا عام 1995 حيث درس تصميم الإعلام الرقمي والإخراج السينمائي في أكاديمية رور للفنون. يعيش ببرلين حالياً ويعمل مُصوراً ومُخرجاً ومُنتجاً سينمائياً مستقلاً. وقد أخرج عدداً من الأفلام نذكر منها "حيث يكون وطني هناك" 2001 و "ديجا فو" 2004.

الجزيرة الوثائقية في

20.03.2014

 
 

ع السمسمية...عراقة آلة عراقة شعب

حبيب ناصري 

فيلم ع السمسمية، لمخرجته المصرية، شيرين غيث، من الممكن  القول، إنه فيلم انبنى على رؤية إخراجية، واعية بأهمية الحكي والنبش في ذاكرة الشعب المصري الفنية، عبر أداة موسيقية شعبية عريقة، لها قيمتها الدلالية المستمدة من التراث الشعبي المصري العربي ككل.

السمسمية والسفر في الذاكرة

من الممكن القول، إن حكي المخرجة قد تم عبر تتبع وظائف هذه الأداة الموسيقية الشعبية بطرية فنية جعلتنا نستمتع،  ومنذ البدء بطبيعة الرقصات الجسدية الغنية والمستمدة من عالم البحار. كثيرا ما قيل، إن الإمساك بالعالمية، لابد من شرط المرور عبر المحلية. قولة من الممكن أن نجد لها العديد من العناصر الفنية في هذا الفيلم نقدمها بشكل مختصر على الشكل التالي.

1/ شخوص تحكي وترقص بشكل فطري.

وأنت تتابع وتسافر صحبة المخرجة، في فضاءات عناصر المجموعة الموسيقية، تستنتج تماهي وتداخل المجموعة المنتمية لبورسعيد، بهذا الشكل الغنائي الشعبي، تماه وتغلغل حضر على امتداد كافة مكونات الأسرة الفنية والعائلية ككل.

2/ الطفل عبد الله وضمان استمرار "ع السمسمية".

الظاهرة/الطفل عبد الله، من الممكن الجزم، بأنه الشخصية القوية والمؤثرة جدا في المتلقي، طفل يراقص الأب ويستمتع ويتساءل ويحفظ كل الأغاني، لقد تشرب ورضع هذا الغناء من ثدي أمه، كان في الكثير من محطات الفيلم، الخيط الذي نجحت المخرجة في تتبعه وقولها ما تريد قوله لكل الأجيال عبر هذا الطفل، الذي به ضمنا جميعا استمرارية هذا الغناء وتجذره في الناشئة على الرغم من كل أشكال الغزو الموسيقي والغنائي في صفوف أبنائنا...لكن حينما يتعلق الأمر بالسمسمية، هنا تسقط  كل أشكال هذا الغزو.

إن رنين السمسمية، الشعبي العربي العريق، يعطيك انطباعا قويا تكاد دموعك تتراقص فرحة وألما وأملا...فرحة بعمق كينونة هذه الموسيقى الشعبية الأصيلة التي هي خلاصة تفاعل بين آلة الطنبورة الآتية من السودان الخ، وما جادت به قريحة هذا المصري العربي العريق في التاريخ والفنون والعلوم. فرحة تدفعك في اتجاه استحضار أشكال إبداعية عديدة سواء على مستوى فضاءات الأحياء الشعبية كما هي في نصوص نجيب محفوظ، أو في أفلام صلاح أبو سيف أو توفيق صالح الخ، فمن خلال هذه الأغاني نتماهى كمتفرجين مع كل أفراد المجموعة، وهو التماهي الحاضر فيما بينهم وبين السمسمية.

في دلالات السمسمية التاريخية

وأنت تتقوى بإيقاعات غناء المجموعة، يتمدد الزمن نحو مجريات الأحداث في مصر، في اتجاهين.

الاتجاه الأول

مرحلة جمال عبد الناصر وما واكبها من أحداث تاريخية، أحداث تتجذر مع السمسمية و تتغلغل في  زمن حفر قناة السويس، والدور الذي لعبته هذه الآلة في تحقيق متعة السمر والغناء الجماعي المتنوع، وفق الجغرافيات البشرية المشتغلة في بناء هذه القناة .

الاتجاه الثاني

ويتحدد في حضور المجموعة والسمسمية في ميدان التحرير، لكي تقول قولها الشعبي وتقوي العزائم من أجل تحقيق مبتغى الثورة المصرية.

 من خلال هذين الامتدادين التاريخيين،  أي بين ماض تاريخي عريق، وبين حاضر/مستقبل، لا زالت معالمه التاريخية ترسم بأشكال إبداعية عديدة، ومنها السمسمية، استطاع الفيلم أن يموقع هذه الآلة العريقة في سياقات سياسية/تاريخية/إنسانية.

متعة الغناء والرقص

قوة الفيلم، أيضا حاضرة في كونه ينقلك من المحكي الشفهي في فضاءات شعبية متعددة، ومن خلال حوارت كان فيها الطفل عبد الله، صانعها بامتياز، إلى فضاءات غناء ورقص السمسمية.     هنا  وكمتفرجين نصبح "مطالبين"، على الأقل بأن نستمتع بهذه الأغاني ذات الروح المصرية الوطنية العربية العريقة، بالإضافة إلى بعض المكونات الغزلية والاجتماعية، بل أحيانا وجدنا أنفسنا نرغب في أن نحقق فضولا جماليا آخر، وهو أن نقلد مكونات رقصة البحار، ولم لا، وللجسد جاذبيته بمفهومها الثقافي الفني الترفيهي الهادف، وتصل ذروة التماهي مع غناء ورقص المجموعة، بأن توقف زمن التلقي،  واستحضار كافة متع البهجة والاعتزاز بهذا العمق العربي العريق الجريح...

ع السمسمية... و"هذا أنا"

قدم الفيلم الوثائقي، ضمن ركن"هذا أنا"، وهو ركن خصصته قناة الجزيرة الوثائقية التي أنتجت هذا الفيلم، للإجابة عن سؤال تاريخي ثقافي وفني ورياضي وروحي الخ، سؤال، من أنا؟. هي إجابة بمقاربة فيلمية وثائقية فنية ثقافية جمالية راقية. ركن نحن في أمس الحاجة إليه لإعادة الاعتبار لذواتنا العربية والإسلامية الجريحة والمنهوكة. "هذا أنا" صرخة بلغة الفن والثقافة، لكل من تنكر لدورنا العربي العلمي والثقافي والفني والجمالي والإنساني، صرخة نحن في أمس الحاجة إليها في هذا الزمن الصعب الذي تعيشه مجتمعاتنا العربية والإسلامية ككل، في ظل "هيمنة سياسوية" على كل مناحي حياتنا. بهذا النوع من الأفلام الوثائقية، المدرجة في سلسلة"هذا أنا"، من الممكن أن نؤسس لرؤية ثقافية وفنية وجمالية، بلغة الصورة، بل هنا نؤسس لذاكرة فنية وثقافية مشتركة، من خلالها نحاور ذواتنا والآخر والعالم ككل. بل هذه الرؤية التي تبنيها قناة الجزيرة هنا، هي شكل من أشكال المثاقفة، وتصحيح التصورات الخاطئة عنا، والمروج لها بلغة الصورة من طرق الغير، ومن طرف بعض من بني جلدتنا لغايات، نعرفها جميعا.

على سبيل التركيب

ع السمسمية، فيلم وثائقي، له قيمته الإخراجية والفنية والثقافية، المبنية على عراقة آلة موسيقية شعبية دالة، مستمدة من عراقة شعب مصري، كان ولا يزال وسيبقى دوما، شعبا عريقا متجذرا في التاريخ، نشم رائحة عمقنا العربي والإفريقي والثقافي فيه.

الجزيرة الوثائقية في

20.03.2014

 
 

المهرجانات السينمائية بين الثقافي والفرجوي

حمادي كيروم 

تشكل المهرجانات والتظاهرات السينمائية بالمغرب ظاهرة ايجابية تستحق الاهتمام والتساؤل. وقد وصل عدد المهرجانات والتظاهرات الى ستين مهرجانا خلال هذه السنة.

ويعود ازدهار هذه المهرجانات الى عدة اسباب اهمها اهتمام الدولة بالقطاع السينمائي من خلال التنظيم القانوني والمهني والدعم المنتظم والمستمر انتعاش التعبيرات السينمائية والسمعية البصرية وتراجع أشكال التعبير الفني الاخرى، أما من الناحية السوسيولوجية فيمكن اعتبار الإنسان المغربي مجبولا على الفرح والاحتفال، وقد كانت القبيلة والعشيرة تنظم مواسم وطقوس احتفالية تتقاسم فيها الفرح والحلم الجماعي الذي يدعم ويحافظ على الروابط الاجتماعية بين افرادها.

واذا كانت هذه المواسم والطقوس الحياتية مرهونة في المغرب العتيق بالظواهر الطبيعية وبالطقوس الحياتية التي تمنحها المعنى والهوية فإن الحياة المعاصرة قد وسمت هذه المهرجانات بنوع من التضخم والفوضى والتسيب.

ولكي تحتفظ هذه المهرجانات بجديتها وجاذبيتها كفعل ثقافي وفني، وكدينامية مجتمعية ايجابية لابد طرح التساؤلات حول السياسة الثقافية  المؤطرة لهذه الاجواء والمناخات.

ان المتتبع لبرامج الحكومات المتعاقبة على تدبير الشأن السياسي للبلاد سيلاحظ خلو هذه البرامج من المشروع الثقافي المتكامل، كما أن سيرورة الممارسات الحزبية تهمش الفعل الثقافي وتعتبره شيئا  ثانويا قد يصلح أحيانا للتأثيث والمزايدات السياسوية.

وقد فرض هذا الوضع المزري للشأن الثقافي على الفعاليات المتنورة والغيورة وبعض جمعيات المجتمع المدني محاولة تعويض هذا الفراغ القاتل على المستوى الثقافي والفرجوي الممتع والمفيد لأن مكونات المجتمع المدني الفنية والفكرية ترى ان للثقافة دورا مركزيا في دعم وتطوير الملكات العقلية والفكرية والجمالية للمواطن المغربي، كما ان الثقافة تمكنه من ادوات المقاومة التي تساعده على مواجهة العولمة المتوحشة بوجهيها التجاري والسياسي الذي يسعى الى اجتثات الهوية الاصلية وتفتيت الرابط الاجتماعي من خلال خلق تشرذم يحفز النزعات العرقية والاثنية واللسانية والمذهبية.

ومن اهم وسائل الاتلاف والتهويدالتي تستعملها الشركات المتعددة الجنسيات تعويض النتاج الثقافي والفني بتصنيع وتسويق بضاعة التسلية عبر وسائط الاتصال الحديثة واعتبارها بديلا ثقافيا جماهيريا يعوض المستهلكين عن الثقافة والفن الجديين.

وفي خضم الحماس والمبادرة الفردية والجماعية من اجل ملء هذا الفراغ وتلبية حاجة المواطنين الى الفن والثقافة والفرجة السينمائية سقطت كثير من المهرجانات والتظاهرات السينمائية في اخطاء تنظيمية ومهنية يمكن تلخيصها فيما يلي:

عدم وضوح الرؤية، وغياب المشروع الفني والثقافي، وانعدام الخبرة والتجربة والمهنية، وسيادة الهواية والبريكولاج والتكرار والتشابه في المضامين، وغلبة الموسمية والفولكلورية والاستعراضية الوهمية، انعدام الكفاءة والتخصص والتفرغ، انعدام الشفافية وسوء التدبيروالتسيير، وسوء التنظيم.. غير أن هذه الملاحظات التي تلخص هذه الظاهرة المهرجانية  تثبت في نفس الوقت ما وصلت اليه بعض المهرجانات من حرفية ومهنية متميزة لأن وراءها فريق متكامل ومنسجم يجمع بين وضوح الرؤية والهواية والاحتراف والكفاءة والنزاهة والمسؤولية.

ولحاولة الاستجابة لهذه الديناميكية المدنية التي خلقتها فعاليات المجتمع المدني  وللمساهمة في تنظيم ودعم وانعاش الحقل الثقافي والفرجوي السينمائي ولانهاء سياسة الريع المزمنة والتي كانت سائدة في هذا المجال اصدرت الدولة مرسوم قانون ينظم دعم المهرجانات السينمائية من اجل تعزيز الاحترافية والمهنية والارتقاء بالمستوى التنظيمي وضمان الاستقلالية للمهرجانات السينمائية وذلك اعتمادا على تصنيف هذه المهرجانات الى اربع فئات تخضع كل فئة منها الى شروط ومعايير تضمن استفادتها من الدعم وخضوعها الى قواعد تنظيمية تتعهد فيها الجهات المنظمة باحترام برنامج المشروع والالتزام بالاشراف على تنفيذه.

ان ظاهرة المهرجانات في المغرب ظاهرة  ايجابية وحضارية تجيب عن حاجة حيوية للجمهور المغربي وتشبع نهمه وتطلعه لما هو عصري وحديث وتبين وبجلاء تطلعاته الفنية والثقافية ورغبته في التفاعل مع محيطه المحلي والقومي والعالمي. وللعمل على استمرار هذه المهرجانات وتطويرها وانقاذها من التسيب والفوضى والتمييع لا بد أن نعيد طرح السؤال حول المشروع الثقافي المجتمعي وحول السياسة الثقافية بشكل عام وحول التصور التقليدي للمهرجانات والتظاهرات الثقافية.

ان المهرجان تصور فلسفي اي "اكورا" Agoraبالمفهوم الاغريقي واختيار ثقافي وتوجه فني وجمالي مرتبط بهوية محددة، وهو في نفس الوقت تواطؤ رمزي وعملي بين المنظمين والفاعلين الفنيين والثقافيين ومؤسسات العرض والمدارس والجامعات والجمهور الواسع والمؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية من أجل تأسيس وتأصيل وتدبير مشروع مشترك يتميز بهوية ترسو في خصوصية المجال الجهوي. وينبغي ان يتحقق هذا في اطار العمل المشترك من اجل خلق نسق من العيش المشترك لان العمل التشاركي يساهم في خلق الانسجام الاجتماعي.

ان المقاربة الحديثة المبنية على الديمقراطية التشاركية تتطلب القطع مع النظرة التقليدية للفعل الثقافي الفرجوي باعتباره حقا ديمقراطيا يفترض اشراك المواطنين في المساهمة في ترويج وتنظيم الفعل الثقافي عوض ان نعد لهم وندعوهم للفرجة في اخر لحظة.

ان هذا التصور الديموقراطي سيجعلنا نعيد التساؤل من جديد حول اهمية الثقافي في الحياة اليومية للمواطن، وسيحيلنا كذالك على التفكير في مراجعة العلاقة السائدة بين الفني والثقافي والسياسي باعتبارهما المدماك المحرك لمعنى وجوهر الحياة التشاركية داخل المجتمعات المتحضرة.

ان المهرجان اداة ووسيلة لبلورة الانخراط في الحراك الجماعي والمساهمة الفعالة في الفعل السياسي بمعناه العام والنبيل. انه يساعد على انبثاق فضاءات  للتجمع والحوار والتعايش السلمي، كما لاينبغي ان يقتصر دور المهرجانات على التنظيم والتنشيط فقط بل عليها ان تصبح ارضية للتفكير والتجريب والتكوين والتأطير لدفع المواطنين الى أخذ المبادرة وخلق مشاريع فنية وثقافية جديدة ومتنوعة.

هذا على المستوى العام اما على المستوى الخاص فان الهدف من المهرجان السينمائي هو ان يكون على وعي بأن الحقل السينمائي قد افسدته العولمة وتجارة التسلية، وعليه فالمطلوب من الفريق الفني ان يعرف الجمهور على اعمال ابداعية لمخرجين مؤلفين يعتمدون في كتاباتهم السينمائية على الفن والتجريب وتكون أفلامهم جريئة وشجاعة في طرح قضايا حميمية وكونية تستفز العقل والوجدان وتدفع الى التأمل والتفكير  والبحث عن أفلام ملحة وجذرية  تعانق الاشكاليات المستعجلة وتتبنى كتابة سينمائية حديثة ومجددة، مغامرة في شكلها ومضمونها، تكسر النمط المهيمن وتفتح آفاقا للحلم والمغامرة..

كما يعمل المهرجان على ربط علاقات صادقة ودائمة مع سينمائين ونقاد ومثقفين وكتاب يحملون معهم حبا خاصا للمهرجان ويتكلفون بمساعدته وطنيا ودوليا من خلال الأفكار والمقترحات والانتقادات من أجل التطوير المستمر ومن أجل خلق شبكة علاقات ثقافية وطنية ودولية تدعم الرأي العام الثقافي وتساهم في تكوين جبهة قوية ومنظمة لنشر الثقافة والفرجة الجيدة الممتعة والمفيدة التي تجعل الإنسان محورها ومقاومة قوى الفساد التي تسربت الى المجال الثقافي والفني فأفسدت الذق الجمالي بعدما أفسدت الذوق االسياسي.

عين على السينما في

20.03.2014

 
 

نظرة هوليوود للممثلين اللاتينيين:

يميلون للعنف وغرائزهم الجنسية تتحكم بتصرفاتهم

كتب: ريهام جودة 

رغم الشعارات التي ترفعها مدينة السينما الأمريكية التي تشير إلى الترحيب بالمواهب من أي جنسية، إلا أن موقع Hollywood.com أورد تقريرًا أشار خلاله إلى تعامل صناع السينما في هوليوود بكثير من التحيز والعنصرية ضد اللون الخمري الذي يميز الممثلون من أصول لاتينية، لحساب ذوي البشرة البيضاء والشعر الأشقر، رغم أن اللاتينيين يشكلون 17 % من الشعب الأمريكي، كما تعد اللغة الإسبانية ثاني أكثر اللغات انتشارًا، إلا أنهم دائما يقدمونهم في الأعمال التليفزيوينة والسينمائية بأنهم يميلون إلى العنف والعصبية ويسيرون وراء غرائزهم الجنسية، ويتمسكون بالعادات الغريبة التي تعكس تخلفهم، كما يشار إليهم بأنهم الذين يتحدثون بلكنة مكسورة وبطريقة ثقيلة في نطق الكلمات.

وأضاف التقرير أن الممثلة الكولومبية صوفيا فيرجارا التي تطلق عددًا كبيرًا من النكات خلال دورها في مسلسل Modern Family، دائمًا ما تجد صعوبة في اللغة الإنجليزية، كما تظهر في غالبية المشاهد بملابس عارية لاتغطي سوى نصف جسدها على حد وصف الموقع، ورغم ذلك حصلت صوفيا على جائزة أفضل ممثلة من نقابة الممثلين الأمريكية SAG مؤخرا، والذي منحت أيضا الممثلة البورتريكية ريتا مورينو جائزة إنجازات العمر عن مجمل أعمالها، وهو ما وصفه الموقع بأن هوليوود ربما تكفر عن أخطائها تجاه اللاتينيين.

التقرير قارن أيضا بين الممثلتين الإسبانية بينلوبي كروز والمكسيكية من أصل لبناني سلمى حايك ، فكلتاهما تتحدثان اللغة الإسبانية ، لكن بينلوبي أوروبية اكتسبت شهرة في بلادها من خلال عدة أدوار مميزة، فاختطفتها هوليوود بعد نجاحها في مسقط رأسها، لتسند لها بطولات مثل WOMAN ON TOP ، ثم أصبحت إحدى الأبطال الرئيسيين لسلسلة PIRAYES OF THE CARRIBEAN، لكن سلمى من أمريكا اللاتينية لم تتمكن من الدخول إلى هوليوود والحصول على مكان لها بين الممثلات إلا بأدوار المرأة المثيرة والعاهرة، ومثل بينلوبي مواطنها أنطونيو بانديراس الذي انطلق بفيلم THE MASK OF ZORO إلى أدوار مميزة لا تعتمد على هويته.

وذكر التقرير أن المشكلة تكمن في تقبل الجمهور الأمريكي للكنة المكسرة والمواصفات الشكلية للممثلات اللاتينيات من شعر داكن وبشرة سمراء، فغالبية الأعمال الناطقة باللغة الإسبانية يجري تسويقها بشكل محدود بين المشاهدين الأمريكيين، ويتم دبلجتها باللغة الانجليزية كي يتابعها الجمهور الأمريكي، والمثير أن الممثلين الأمريكيين حين يقدمون أدوارا لشخصيات لاتينية تلقى نجاحا وقبولا لدى الجمهور الأمريكي، مثل بن أفليك الذي قدم شخصية عميل للمخابرات المركزية الأمركية نصف لاتيني في فيلم Argo ، وأيضا جوني ديب في فيلم Don juan demarco ،الذي حقق من خلاله نجاحا مدويا في بداياته ، وإيثان هوك في فيلم Alive.

إلا أن هناك ممثلين من أصول لاتينية نجحوا في تخطي تلك العقبات إما بتقديم أدوار عادية لا تعتمد على هويتهم وطريقة كلامهم مثل الممثلة من أصول دومينيكية وبورتريكية زوي سالدانا التي لعبت بطولة فيلم avatar ، وقدمت عدة أدوار بعده كممثلة سمراء وليست لاتينية ، وشارلي شين الذي اضطر لتغيير اسمه من إيستيفيز ليحصل على أدوار طبيعية.

المصري اليوم في

20.03.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)