كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

وحيد حامد: كل رجال السياسة على رؤوسهم «بطحة»

حوار - علا الشافعى - العباس السكرى

 

قليلون هم من نحتاج أن نسمع آراءهم من وقت لآخر، كلما تأزم المشهد السياسى والاجتماعى والفنى، قليلون من نعرف أن شهادتهم على أحداث بعينها تعنى الكثير فى التاريخ، بعضهم ينتمون إلى المفكرين أو العلماء، فما بالك إذا كان واحد من كبار مبدعينا الذين يملكون وجهة نظر واضحة، واستطاع بفنه أن يؤرخ ويستشرف الكثير من الأحداث، إنه الكاتب المبدع وحيد حامد الذى لا يخشى أن يقول كلمة حق فى وجه أى من كان، وفى ظل تشابك وتعقد المشهد السياسى العربى يصبح الحوار معه حتميا ليس لأنه فقط واحد من أهم كتاب السينما فى العالم العربى، وقدم رؤى مستقبلية فى أعماله، لأنه وقف ضد طاغوت الإخوان، ولكن الأهم أنه فلاح مصرى أصيل يعرف معنى الانتماء وقيمة الوطن ويسجل بعينه وعقله كل تفاصيل يعيشها، ومنذ أن وطأت قدمه القاهرة أصبح معجونا بحبها، وبات همه الأول يتمثل فى كشف الواقع وتعريته بأفلام وأعمال درامية صارت أيقونات فى تاريخنا، وفى حواره مع «اليوم السابع» يتحدث الأستاذ عن تفاصيل المشهد الذى نعيشه ويرسم صورة مستقبلية بفكره السينمائى المتفرد للأيام المقبلة.

·        بعد حسم المشير عبدالفتاح السيسى، قراره بخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، بقوله «لن أدير ظهرى عندما تطالبنى الأغلبية بالترشح»، كيف يرى الكاتب السينمائى وحيد حامد أبعاد هذا القرار فى ظل التحديات الصعبة التى ستواجه رئيس مصر المقبل؟

- أوافق تماما على ترشح المشير السيسى لخوض الانتخابات الرئاسية، لأنه رجل المرحلة، والكلام الذى ذكره فى حديثه والذى أشار فيه إلى أن «الدول لا تتقدم بالكلام وإنما بالجهد والإيثار والمثابرة وأن مصر تحتاج من أبنائها الكثير»، يعتبر بلغة الشارع «عين العقل»، وأؤكد أنه بدون وقفة جماعية للشعب المصرى وواعية، فإن مصر ستهبط من أعلى الجبل إلى الأرض، ولا أريد أن أقول «الحكومة فى الفترات السابقة تغاضت عن أخطاء كثيرة ارتكبها الجمهور»، ولعل أبرزها مشكلة النظافة التى نشكو منها جميعا، حيث إن إلقاء القمامة فى الشوارع مسؤولية البشر الذين يقبلون على هذا الفعل الذى يعتبر إهدارا وإهمالاً للمظهر العام للوطن.

·        البعض يرى أن هذه المشكلة التى تضر بالمجتمع وتؤثر على البيئة يجب أن تتصدى لها الدولة وليس المواطن.. وأحيانا يلجأ المواطن لذلك بدافع الانتقام؟

- إذا كانت الدولة لا تقوم بواجباتها فلا بد أن نعمل نحن على إصلاحها، لا ننتقم منها، وعندما نرى الحكومة متبلدة نسعى لإسقاطها، وكذلك رئيس جمهورية لا يؤدى عمله على الوجه الأكمل نعمل على خلعه من منصبه بالديمقراطية، والدستور الجديد يكفل لنا ذلك، لكن لا يجب معاندة الدولة لأن هذا الفعل بمثابة معاندة الأهل والجيران والنفس، وكثير من المصريين لا يفطنون لحقيقة مرة نعانى منها الآن، وهى أن ما تفعله جماعة الإخوان المسلمين فى الشوارع والجامعات ليس ضد الدولة ولا الجيش، بل ضد الشعب نفسه الذى يدفع ثمن هذا التخريب والدمار.

·        إذن ما الحلول التى يجب اتباعها لتفادى هذه المشكلات من وجهة نظرك؟

- الحل الأمثل أن نعمل على تغيير أى نظام فاشل فى الدولة، حتى يحدث نهوض حقيقى للأمة، ولا بد من تغيير ثقافة الشعب المصرى تماماً، ولا أعنى ثقافة الكلمة، بل أبسط الأشياء، وعلى سبيل المثال: «إذا لم نلق ورقة فى الشارع نكون قمنا بدور مثالى تجاه وطننا، وأيضا لو اقتصدنا فى منزلنا وإذا تحملنا الدولة، فلا أحد يريد أن ينتقم من نفسه على الإطلاق».

·        تبدو الصورة سوداوية أمام الرئيس المقبل فالاعتصامات تضرب المصانع، والإضرابات تجتاح الهيئات، وهناك أصوات معارضة ترى أننا نعيش تحت حكم المؤسسة العسكرية.. فما هى قراءتك للمشهد؟

- الرئيس المقبل وحكومته سيأتون للحكم وهم «وارثين الفقر»، وأى فرد يعارض الإصلاح الحقيقى فهو خائن، ويجب أن يعامل معاملة الخائن، وبالنسبة لمسألة الإضرابات التى تجتاح البلاد فأنا أرى «أنه نوع من أنواع البجاحة أن أعمل فى مؤسسة ما وأعرف أنها خاسرة وأطالب بأرباح وأنادى بالإضراب عن العمل»، هذا عيب ولا بد أن نعرف جميعا أن «الشغل شغل» ليس به الهزل ولا الهزار، وأتساءل: «ما الذى يمنع أن أقوم بتغيير القوانين وأحاسب كل عامل على إنتاجه فقط، بحيث لا يتساوى الذين يعملون ويجتهدون مع الذين لا يعملون»، لكن أن أجلس وأنا أعلم أن هناك قوانين عمل تحمينى من غير بذل أى مجهود أو جهد فهذا أمر لا يجوز، ويجب معاقبة من يهمل أو يتكاسل عن أداء عمله.

·        هناك الكثير من العمال ينادون بعودة تشغيل المصانع وتوفير الخدمات لهم؟

- أنا مع مطالب هؤلاء العمال، ويجب أن تقوم الحكومة الجديدة بتحديد أولوياتها، بمعنى التركيز فى ملفات مثل هذه النوعية من المصانع، والعمل على إعادة تشغيلها لأن تلك هى التنمية الحقيقية، وعلينا جميعا أن نعمل للوطن فى هذه المرحلة.

·        تُرى ما أهم الأولويات التى يجب على الرئيس المنتخب تنفيذها؟

- يتطلب من الرئيس القادم القضاء على الفوضى التى تعم البلاد، وعلى الفساد، رغم أنه إذا أراد أن يخرج البلاد من هذه الفوضى فسوف يكتسب عداءات كبيرة جداً، لأن المستفيدين من هذه الفوضى أصبحوا قوة لا يستهان بها مثلهم مثل جماعة الإخوان، وهؤلاء أنواع كثيرة منهم الباعة الجائلون الذين يشكلون إمبراطورية وأصبحوا قوة ضاربة فى جميع محافظات مصر، وكل شخص منهم واضع يده على المنطقة التى يعمل بها ويخبئ سلاحه تحت بضاعته، وإذا أراد الرئيس أن يتصدى فسيخلق له أعداء، وسوف يجدون من يناصرهم، وستخرج الأصوات تردد «ده أكل عيش» و«ده رزق يعنى يموتوا من الجوع» و«أنتم هتقطعوا أرزاق الناس»، ويجب الرد عليهم بتنفيذ القانون بمعنى أن نفتح لهم أسواقا يبيعون فيها تجارتهم بنظام وتحت المراقبة القانونية، لكن لا يصح أن تظل المسألة «جهجهون» بهذا الشكل، والكارثة الكبرى على البلد إذا أراد الرئيس أن يقنن الفوضى التى تتمثل فى كل كيان مخالف للقانون بصناعة قانون يحميه، لو حدث هذا يعتبر ارتكب جريمة فى حق الأجيال القادمة، وخلاصة القول «أن الرئيس المقبل إذا أراد أن يتصدى للفوضى فسيكون له أعداء وإذا أراد أن يقنن الفوضى فسيأخذ البلد إلى الهاوية، لكن عليه أن يأخذ بالاختيار الأصعب ويتصدى للفوضى وليس الفوضى فقط، بل تطبيق القوانين بحسم، ومثلاً لو خرج قانون ضد من يلقى «الزبالة» فى الشوارع وحدد له عقوبة قاسية لا تسمح بعودة نفس الخطأ فسيحد بالطبع من تلك الظاهرة، ولو نظرنا فسنجد أن مخالفات الإسكان سببها التراخى والغرامة الضعيفة، ولو استخرجنا قانونا بعدم إهدار الأراضى الزراعية فهذا القرار يعتبر فى صالح الأمة للمحافظة على الأرض الزراعية، لكن ستجد هناك أناس لهم مصالح شخصية سيعارضون هذا القرار من أجل تحقيق مصالحهم، وسنسمع أصواتا تخرج وتقول «لا هذا قمع»، وأقولها على مسؤوليتى «الحكم المحلى دمر هذه الأمة بالفساد الذى بداخله»، ومقاومة الفساد هى الأساس فى نهضة هذه الأمة مستقبلا، ولابد أن يؤخذ فى الاعتبار أنه لو جاءت أموال لكى نعيد إعمار هذه الدولة فعلينا ألا نقسمها إلى فتات بمعنى أن «نعطى كل واحد شوية» هذا مرفوض، بل يتطلب أن نعمل بكل الإمكانيات و«اللى ميقعدش يمشى» والفاسد والمرتشى لا مكان لهما ويجب التعامل معهما بحسم، حتى نتخلص من هذا المنهج البليد الفاسد، وإن فاز السيسى بالرئاسة سوف يجد أعداء خاصة إذا قرر إقامة العدل حيث سيظهر خصومه من المفسدين، وإذا طلب من العمال أيضا أن يعملوا فسيواجه فساد الكسالى والمسألة ليست سهلة وهو قالها بنفسه «النهوض بالوطن لن يتحقق إلا بإرادة الشعب وعمله».

·        هل من الممكن أن يضع الشعب يده مع المشير السيسى فى حال فوزه بالرئاسة إذا طلب منهم العون بصفة شخصية بما له من شعبية فى الشارع؟

- أتعامل مع المشير السيسى على أنه أحد أبناء هذا الوطن المخلصين، ومهما كانت درجة حب الناس له، وأحترم جدا هذا الحب لأنى واحدا من هؤلاء الناس الذين يحبونه، لكنى ضد صناعة الفرعون، ولا أحبذ أن يقول السيسى «علشان خاطرى»، أريده أن يقول «علشان الوطن» لأنه ليس خالدا أو مستمرا فى المنصب، والحلول الوقتية التى تشبه المسكنات تعد نوعا من أنواع الخداع، وعلينا أن نصبر على أنفسنا ولم أقل الحكومة، ليبدأ نظام الحكم الرشيد فى حمل القاطرة ووضعها على الطريق السليم، حتى نمنع الكثير من السلبيات.

·        بعد مغادرة حازم الببلاوى المشهد الحكومى ما تقييمك لأداء وزارة المهندس إبراهيم محلب؟

- الحكومة الآن عاجزة، ولم تتغير و«هىّ هىّ»، والتغيير لم يصب سوى رئيس الوزراء فقط، بما يعنى أنه «تم تغيير سائق القطار وليس القطار نفسه»، ومع احترامى الشديد للمهندس إبراهيم محلب لأنه رجل قادر على الفعل، فإننى أصبت بصدمة من تردده الشديد أثناء تشكيل وزارته، بمعنى أنه يأتى بوزير ثم يتم تغييره، وهذا حدث فى أغلب الوزارات، وإن كان هذا الأمر بيده فهو عيب كبير يدلل على التردد فى اتخاذ القرار، وإذا كان مفروضا عليه من قبل أحد فهو «عدة عيوب فى بعض»، وأتساءل: «نحن لم نشاهد من هذه الحكومة شيئا حتى الآن، لكن هم نفس الوزراء الذين كانوا فى حكومة الببلاوى ولم يفعلوا شيئا من الأول فلماذا نبقى عليهم؟».

·        ربما يكون القائد هو المسؤول عن إدارة فريقه وإظهار قدراته؟

- أعتقد أنهم سعداء بالمنصب، وإذا كان الوزير يريد فعل شىء طيب ورئيسه يحول دون ذلك فهذا الرئيس يجب أن يرحل، وإن كان يمنحه ولا يتيح له فرصة الفعل فعليه أن يرحل، نحن نريد وزيرا يخرج علانية ويقول «معرفتش أنفذ شغلى».

·        فور تكليف المهندس إبراهيم محلب بتشكيل الحكومة خرجت بعض الأصوات تتهمه بأنه محسوب على نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك.. ما تعليقك؟

- أنا شخصيا ضد التصنيف، لأننا لو صنفنا الناس لن نجد أحدا سوى بعض أبناء التيار الشعبى الذين قالوا هذا الكلام ومردود عليهم بأن رئيس التيار الشعبى حمدين صباحى يده فى يد الإخوان المسلمين وليس الإخوان فقط، بل كل التيارات، و«كل واحد من رجال السياسة على رأسه بطحة وعليهم أن يتحملوا بعض»، والناس التى لا توجد على رؤوسهم «بطحة» هم الذين انتماؤهم الحقيقى لهذا الوطن فقط، إنما أصحاب المصالح سواء كانوا «حزب وطنى» أو «إخوان» أو الأشخاص الذين لهم علاقة وطيدة بالأمريكان وحلفائهم «يحسسوا» على رأسهم الأول.

·        كيف ترى ترشح حمدين صباحى لرئاسة الجمهورية؟

- فى رأيى الشخصى أن حمدين صباحى من حقه أن يترشح، ولكن بالنسبة لى هو لا يصلح لمنصب الرئيس، لأنه رجل يسعى إلى السلطة ويده فى يد خصوم الوطن، وهذا الرجل مستعد أن يعقد أى تحالفات حتى لو كانت مع الشيطان «علشان يبقى رئيس جمهورية» وهذه وجهة نظرى الشخصية، لكن طالما رشح نفسه عليه أن يلتزم بشىء واحد وهو أن ينظر لنفسه فقط.

·        وهل تتفق مع ترشح الفريق سامى عنان للرئاسة؟

- المرشحون كلهم سواسية، ولا أمانع ترشح أى شخص، حتى المدعو أحمد مختار الذى أعلن ترشحه، وهذا الرجل يجب أن يوقف حملة «الشخبطة على الحيطان» التى بدأها فى الشوارع مثل حازم صلاح أبو إسماعيل، وعليه أن يتحمل غرامة إطلاء هذه الحوائط من جديد لتعود لشكلها الطبيعى.

·        ما تحليلك لمشهد سحب سفراء بعض دول الخليج من قطر؟

- قطر تشكل قلقا بالنسبة لكل الدول العربية وليس خطرا، وهذه «الدويلة» أخطأت خطأ كونيا لعدم معرفتها حجمها الحقيقى، لأن شعوب الدول المؤثرة دائما تؤثر بكيانها وبحضاراتها وثقافتها ومواقفها العادلة وليس أموالها، لكن قطر قررت أن تكون ولاية أمريكية تتبع أمريكا فى كل شىء وتخضع للحماية الأمريكية، وأكبر قاعدة لأمريكا توجد بقطر، وهى فى ظل الحماية الأمريكية والأموال الكثيرة تريد أن تشكل المنطقة العربية على هواها، وفى الواقع ليس هواها بل هوى الأمريكان والأوروبيين، وهذا الأمر فى حد ذاته يغضب الكثير لذا اتخذ أمراء وملوك بعض دول الخليج قرارا بسحب سفرائهم.

·        اعتاد يوسف القرضاوى مغازلة قطر بأسلوب رخيص وصل لحد تحريفه لبعض آيات القرآن بقوله «قطر أطعمتنا من جوع وآمنتنا من خوف».. ما الشعور الذى ينتابك عند سماع تصريحاته؟

- هذا الرجل من المؤسسين فى جماعة الإخوان المسلمين وله قصيدة شعر شهيرة يمتدح فيها حسن البنا، وسافر إلى قطر وكانت له مكانة ومنزلة شأنه شأن كل علماء الأزهر، وإذا أنكر ذلك فهو جاحد، وعلى الأقل فى مصر كان مستورا ومرفها، لكن بعدما ذهب لقطر وتكدست الأموال لديه وأصبح يمتلك المليارات أصابته فتنة المال، كما أصابته أمراض الشيخوخة وضعف العقل، وأعتقد أن القرضاوى لا يصح تحصيل العلم منه الآن، لأنه فى ظل هذه الشيخوخة رأيه ليس راجحا فى أى شىء سواء قال أو فعل، وجميع الموجودين حاليا داخل قطر سوف يندمون أشد الندم كلما طال بهم الزمن هناك، ويكفى أنهم يعيشون داخل الفنادق كأنهم فى سجن رغم آلاف الدولارات التى يتقاضونها، ونتركهم يهنؤون بها.

·        تعتقد أن الممارسات التى تنتهجها جماعة الإخوان والتيارات المتأسلمة سبب فى زيادة نسبة الملحدين؟

- بالطبع، ممارسة الإخوان والسلفيين أدت إلى زيادة نسبة الإلحاد، والتشدد فى الدين ليس فى صالح الدين وإنما يدفع إلى الهرب منه، وهناك أناس تتملق التيار السلفى، وهذا التيار يخادع ويناور مثله مثل جماعة الإخوان بالضبط فى كل شىء.

·        ما تفسيرك لمقولة ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية «إنه لا يجوز شرعا تولى الأقباط المناصب السيادية»؟

- هذا الرجل يريد صنع فتنة ويجب تقديمه للمحاكمة لأنه يعمل على تقسم الشعب بين مسلم وقبطى، وهذه مقدمة لأفعال أخرى مثلما قالوا من قبل «لا يصح أن يتعالج المسلم عند طبيب مسيحى ولا يجوز أن يأكل المسلم من مطعم يمتلكه قبطى»، وهذه الدعوات مخربة والدين الإسلامى لم يذكر هذا، بل كل هذه ادعاءات مخالفة للدين، وأتساءل «ما الذى يريده ياسر برهامى؟»، فهذا التيار السلفى يعيش على الخداع، يخرج فى الإعلام بوجه يدعى فيه الاستنارة وأفعاله عكس كل هذا، يقولون سوف ننزل يومى الاستفتاء للتصويت ونتفاجأ بعدم نزولهم، ويؤكدون أنهم لا يدعمون الإخوان وهم يدعمونهم، والتيار السلفى يحظى بالتدليل الآن، لأن لديه نسبة من الأصوات يلاعب بها، وقد يلجأ إليه بعض المرشحين طلبا للعون، لكن لن يعطى أصواته لأحد إلا مقابل التزامات، وللعلم ليسوا على قلب رجل واحد، فهناك اختلافات فكرية فيما بينهم، وهم مجموعة متفرقة إذا ما قورنوا بالإخوان، ومن الممكن أن يمثلوا قلقا بعمل مظاهرات وهذا وارد، وعلى الرئيس القادم العمل بدستور الدولة الذى يقضى بأننا دولة مدنية والمسيحيون مواطنون مصريون لهم نفس الحقوق.

·        الدستور الجديد يؤكد أن مصر دولة تقوم على أساس المواطنة فهل تؤيد إلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية؟

- لا إطلاقا، فأنا مع الحفاظ عليها لسبب بسيط يتمثل فى منع جرائم قد تحدث، كزواج الفتيات المسيحيات من المسلمين والعكس، فوجودها مهم وضرورى فى مسألة الزواج، وفى الماضى كان المجتمع متغيرا كنا قلة ونعيش فى وئام «المسلم يعرف المسيحى ويحبه» وتعدادنا لم يصل لـ90 مليون نسمة، بخلاف الآن، ووجودها ليس به ضرر لأحد، ويكفى أنى أعرف دينك فأحترمه.

اليوم السابع المصرية في

09.03.2014

 
 

"الحــب" في مملكة الثــلوج.. يــذيب "فـروزن"

يحرره:    خيرية البشلاوى 

اخترت من الأفلام الفائزة بجوائز الأوسكار هذه السنة 2014 فيلم "frozen" "متجمد".. بعض الأعمال التي كانت مرشحة منذ أسابيع وحظيت منذ أيام بالتمثال في حفل هائل يشهده ملايين معروضة حاليا في القاهرة.

نحن النقاد محظوظون أيضا حين تأتينا هذه الأعمال الفائزة كأفضل ما أنتجته الاستوديوهات الأمريكية وما تم اختياره من انجازات العالم السينمائية للحصول علي شرف هذا الأوسكار الجائزة التي تمنحها أكاديمية علوم وفنون السينما.

الأوسكار الأمريكية أهم الجوائز السينمائية علي الاطلاق هذا تحصيل حاصل وفيلم متجمد "frozen" من انتاج أعظم وأضخم استوديو لصناعة البهجة في العالم بأسره منذ ما يقرب من قرن اشير إلي استوديوهات "والت ديزني" التي تأسست عام 1923 وغزت بمخلوقاتها الاسرة وشخصياتها الخرافية وحواديتها المدهشة عقول ووجدان الأجيال جيلا وراء جيل فوق كوكب الأرض.

من منا لم يعشق ومازال مغامرات الفار ميكي او لم يتذكر أليس في بلاد العجائب وسنووايت والأقزام السبعة وسندريلا والغزال بامبي البديع الخ الخ..

لولا صناعة البهجة وفنونها التي تغذي المعنويات وترفه عن الروح ما استطاع البشر أن يواصلوا الكفاح الصعب ويتكبدوا مظالم الدنيا وقوانينها البشرية الجائرة التي تبدو أحيانا أكثر شراسة وعدوانية بما لا يقاس من قوانين الغابة وحيتان البحار المالحة والحلوة.

وربما لا يعرف كثيرون من غير المهتمين بدور هذه الصناعة الأمريكية الخالصة في خدمة القيم الأمريكية ومؤسساتها بما فيها المؤسسة العسكرية التي يعلم القاصي والداني حجم الجرائم التي ارتكبتها ضد الانسانية وعدد الذين أعدمتهم بحجة نشر هذه المبادئ وإقامة العالم الجديد.

ابان الحرب العالمية الثانية وبعد الهجوم علي بيرل هاربور وضعت استوديوهات "والت ديزني" امكانياتها في خدمة القوات المسلحة بتكليف من حكومة الولايات المتحدة وتم انتاج أفلام للتدريب والدعاية.. وقبل ذلك ومن خلال الرسوم المتحركة التي يعتبر "والت ديزني" رائدها ومؤسسها استحوذ الرجل الأبيض الأمريكي الخالص علي قلوب أطفال الدنيا وأيضا الكبار واشاع البهجة فعلا وطير معها الأفكار والمبادئ الأمريكية لتسكن عقول الناس.. لن استرسل في هذه الخواطر ولن أعبر الخط الفاصل بين مشاعر البهجة والتأثير الايجابي المصاحب لها إلي دور الأعمال المبهجة في تمرير الأفكار الموجهة الخادمة للسياسة باستخدام لغة الصورة التي وصلت إلي أقصي درجات الاستحواذ والابهار في مجال فن الرسوم المتحركة وحتي وصلت إلي مستويات مذهلة من التقدم في أساليب ترجمة الخيال والوصول به إلي حالات من الشطط الجميل والمغامرات غير المحتملة أو الممكنة واقعيا..

اخترت فيلم "frozen" "متجمد" لأنه استطاع أن يذيب ـ مؤقتا ـ مشاعر كثيرة سلبية تولدها اللحظة الآتية الني نعيش فيها وتلعب فيها أمريكا دور الشرير العالمي ويوقف ـ بفرملة ـ سريعة حالة القلق والتوتر والخوف التي يعيشها المهمومون المنشغلون بهموم مصر في هذه المرحلة المركبة المثقلة بشتي الأفكار والانفعالات والترقب.

علي عكس العنوان "متجمد" ينتهي الفيلم إلي حل بسيط جدا من أجل تحويل "المملكة" مكان الأحداث التي تغطيها الثلوج بسبب شتاء أبدي ولدته قوي ميتافيزيقية ساحرة. تحولها إلي صيف منعش تغطيه ألوان الأخضر لون الخصوبة والتفاؤل.. الحل البسيط السعيد والذي أراه مستحيلا هو "الحب" نعم "الحب"

يمكنك أن تبتسم في سخرية عندما تتلقي هذه الرسالة العاطفية المنعشة من فيلم أمريكي!! ويمكنك أن تتساءل في تنهيدة ساخنة: أين هو هذا الحب الذي يذيب جبال الجليد التي تحولت إلي سهام تخترق القلوب ومخاخ يغطس فيها الجسد الانساني إلي أن يتجمد وتضيع فيها معالم الدفء تخت غطاء كثيف من الثلوج والصقيع وتبدو الأشجار مثل اللحود "جمع لحد" وتتواري المحبة وراء البوابات المغلقة فالحب "باب مفتوح" لا يوصد أمام مشاعر البشر وتوقهم إلي التواصل الانساني..

من الصعب وانت تستعيد فيلم "متجمد" أن تتوقف أمام الرسائل المتضمنة بينما الابهار والتأثير كله يأتيك عبر إبداعات بصرية قوية وأمام شخصيات من صنع الكمبيوتر ـ صحيح ـ ولكنها تتدفق حيوية وتفاؤل وانطلاقا ولكل منها ملامح وخصال وتناقضات الملامح ليست كالبشر العاديين ولكنهم "بشر" لهم ذات الحضور والأفعال رددوا الأفعال.

ومثل كل أفلام "ديزني" تحتل حكاية "الأميرة" المركز..

وكان يا ما كان في هذه الأيام أو في سالف العصر والأوان تعيش أميرتان شقيقتان "آنا" و"السا" في مملكة رائعة الجمال.. "إلسا" الشقيقة الكبري تمتلك قوي سحرية خفية تحول كل ما تلمسه يداها إلي جليد وتظهر هذه القوي عندما تلمس شقيقتها الأصغر. بينما يلهوان معاً في احدي أروقة القصر. عندئذ يهرول الملك والملكة لإنقاذ "آنا" وحتي لا تتكرر المأساة ويكشف الرعية تلك القوي الخفية التي تملكها "إلسا" يتم عزلها عن شقيقتها "آنا" حتي يحين موعد إعلان تتويجها ملكة علي هذه المملكة الخيالية.. 

لوعة "آنا" علي فراق "إلسا" تترجمها أغاني دافئة تلمس أوتار القلب وتستجيب لها الدموع في العين وتنقل المتابع لحالة من التعاطف والأسي.

لمسات "السا" المتعجرفة ورفضها غير المبرر بسبب قوة شخصيتها وعدوانيتها تحول المملكة إلي شتاء صارم أبدي بالغ البرودة وهذا الجحيم الأبيض يزداد ضراوة ويتحول إلي مخاخ وأنياب ووحوش شرسة وقصور باردة وأشجار متجمدة.

مشاعر الندم والاصرار علي العناد يجعل الأميرة القوية "السا" التي أصبحت ملكة تعتزل المملكة وتقيم لنفسها قصرا رهيبا من الثلوج أيضا ولكنه أكثر شراسة من حيوانات ما قبل التاريخ "الديناصورات وما شابه".

ورغم الجمود والصقيع هناك المغامر العاطفي المندفع "كريستوف" "رجل الخيال" الذي يقع في هوي "آنا" المنطلقة عاشقة الحرية. التواقة للدفء والمحبة. والمستعدة للموت وسط الصقيع من أجل استعادة شقيقتها "السا" وهناك أيضا رجل الثلج سنومان "اولاف" شخصية مدهشة من عالم ديزني الذي لا يكف عن ابتكار الشخصيات الخرافية والحكايات الخرافية والعلاقات الخرافية أيضا بين الانسان والحيوان وبين الجميلة والوحش وبين الأميرة سندريلا والأمير العاشق وبين "عروسة البحر الصغيرة" وعالمها هناك علاء الدين فلا تنسي الكوكب كله مكان مفتوح للمغامرة. المخلوقات جميعها الواقعية والخيالية المبتكرة أبطال المغامرات تسافر معها إلي أقاصي الكون والكواكب وأعماق البحار وقصور الأميرات وأكواخ الأقزام..

جمود الفيلم يفك أوصال المشاعر الجامدة ويشيع دفئا داخليا يقتحم هذا البياض الثلجي والصقيع بعدد من النمر الاستعراضية الموسيقية التي يشارك فيها عشرات المخلوقات التي تنط من تحت طبقات الجليد في حركات رشيقة وخفة روح ولمحات طريفة تشيع أجواء من المرح تعيدك إلي "طفولة" تبدد برودة الشيخوخة فضلا عن شيخوخة المشاعر.

الأداء الصوتي آسر ومعبر يضيف للشخصية الخيالية ملمحا انسانيا لا تفلت من تأثيره الممثلة كرستين بيل لعبت دور "إلسا" بصوتها و"ايدينا منزل" لونت شخصية "آنا" المرحة المتفائلة المندفعة للحب والمغامرة المتحررة من مشاعر الخطر. فالخوف حسب حوار الفيلم هو العدو المتربص الذي يهدد القوة والجمال وينبغي تبديده حتي يتحقق ما تنشده من تأثير وتلك رسالة أخري متضمنة في هذه الحدوتة الخيالية "fairgtale" التي أبدعها الكاتب الدنماركي هانسي كريستيان اندرس الذي أمد ديزني بالكثير من الحواديت.

في هذه المغامرة الطفولية المثيرة المعتمدة علي عناصر تتكرر في معظم أعمال ديزني بتجليات ضخمة ستحد المنظر الاستعراضي الحركي النابض بالحيوية والحياة.

هنا الرسوم تتواري مجازيا وتصبح شخصيات آسرة بملامح خاصة مميزة. الأغنية الدافئة المشبعة بالمعاني القريبة جدا من القلب وستجد البيوت والأكواخ والقصور الخيالية بتسمياتها الفريدة.. مملكة "اريندال" في فيلم "متجمد" حية وحيوية ونابضة مثل جميع مخلوقات الله.. المبدعون الحقيقيون في أعمال ديزني منذ تأسيس هذه المملكة المؤثرة والمنتشرة في أجزاء من العالم والواصلة لكل فرد يسكنه. أقول المبدعون فعلا في هذه المملكة الخيالية المبهجة هم "صناع" العرائس أعني الشخصيات هم صناع "الرسوم" والتي تبث الروح في الصور وتحقق لك حالة فريدة من الفرح والمرح والفكاهة والدعابة والحكايات الآسرة في بلاد العجائب وممالك الخيال وقصور الجليد والغابات المطيرة مع ملوك الثلج وملوك الجبال وملوك الأرض والجن والسماء.

وهذا الابداع المهيمن والصناعة الفذة والنافذة التي لم تقتصر علي صناعة أفلام التحريك والرسوم وانما أيضا إلي صناعات أخري جانبية تطول حتي أكواب الشاي "mugs" والتي شيرت واللعب الكمبيوترية بما تحركه من مهارات وتحديات داخل نفوس الأجيال وتجعل منهم دون وعي أسري لهذا العالم الفذ من الابداع البصري الثري الكاشف عن حجم التطور التكنولوجي في صناعة الصور والتقدم في مجال إخراجها.. مخرج هذا العمل "frozen" أو "متجمد" هو كريس باك مخرج "طرزان" ومعه جنيفرلي الاثنان تألقا علي المسرح بينما يتسلمان تمثال "الأوسكار".. هذا الجمال الذي صار شخصية حية يسعي الجميع إلي اقتنائها أو مجرد الاقتراب من نيلها.

رنـات

البقــاء للأقـوي!

خيرية البشلاوى

اعتمدت الحكومة الاسرائيلية مؤخرا وبالاتفاق مع بلدية القدس مبلغ 22 مليون شيكل "6.3 مليون دولار" لدعم الأفلام والبرامج التليفزيونية الأجنبية التي تصور في مدينة القدس.. نشرت الخبر المجلة السينمائية الالكترونية "سكرين ديلي". 

أول المستفيدين من هذه المنحة الجديدة شبكة "إن بي سي" NBC الأمريكية التي سوف تشرع فورا في تصوير مسلسل بوليسي من ست حلقات بعنوان "حفر" "Dig" الذي يعتبر أول مسلسل أمريكي يتم تصويره بالكامل في اسرائيل وفي مدينة القدس بشكل أساسي

المسلسل الذي تقع أحداثه في القدس القديمة وفي منطقة حفر أثرية يدور حول جريمة قتل غامضة يتولي فك ألغازها ضابط أمريكي من المباحث الفيدرالية يبذل جهودا فائقة للوصول إلي الفاعل
وزير الاقتصاد في اسرائيل "نفتالي بنيت" يصرح قائلاً: ليس هناك ما هو أكثر أهمية من الدعاية وتسويق الجانب الجميل لاسرائيل وليس هناك ما هو أكثر تأثيرا من انتاج عالمي يتم تصويره في مدينة القدس

يساهم في الدعم وزارات الاقتصاد والمالية والسياحة ويشترط للحصول عليه ألا يقل انفاق الشركة المنتجة عن 25 مليون شيكل داخل اسرائيل. عشرة منها تستثمر داخل مدينة القدس
وتهدف المنحة الاسرائيلية لشركات الانتاج التي تصور أعمالها في اسرائيل إلي وضع مدينة القدس في قائمة المدن في العالم التي تستخدم طرقا مشابهة في دعم الأفلام والبرامج التليفزيونية والهدف الثاني من الدعم دفع الانتاج المحلي وتقدمه.. باتباع نفس الجهود العالمية في تحقيق هذا الهدف

يشير الخبر أيضا إلي وجود مشروعات أخري أمريكية سينمائية وتليفزيونية سوف تتم داخل اسرائيل وبالاشتراك مع أكبر شركات الميديا هناك وهي شركة "كاشيت ميديا جروب" فالمشروع الأول مجرد خطوة علي طريق ممتد ذلك لأن التاريخ المذهل للقدس يجذب صناع البرامج والأفلام ويوفر لهم حكايات عظيمة وحسب تصريحات عمدة القدس "بات واضحا بالنسبة لي اننا سوف ننجح في اقامة رابطة قوية بين هوليود بنجاحها الهائل وبين الامكانيات العظيمة لمدينة القدس وان النتيجة ستكون مبهرة بالنسبة لآلاف الملايين من المشاهدين حول العالم". 

لا أعتقد ان هذا الخبر يحتاج إلي تعليق ما يثيره من خواطر غني عن التصريح ومعناه ان القدس العربية سوف يتم استثمارها عالميا لحساب الدعاية لدولة اسرائيل وباعتبار ان القدس التي يتم تهويدها وفق خطوات ممنهجة أصبحت اسرائيلية يهودية بالصوت والصورة وفي أعمال موجهة مثيرة وفاعلة علي المستوي الذهني والعملي والترفيهي

إذن البقاء للأقوي كما تؤكد اسرائيل منذ تأسيس الدولة الصهيونية عام 1948 ولا عزاء لكل الارهابيين المجاهدين المعتلين فكريا وعقليا ممن يزعمون الدفاع عن القدس وعن القضية الفلسطينية وعن أرض فلسطين وعن الاسلام!! 

فإذا كان كل شيء يبدأ في الدماغ فإن اسرائيل من خلال الميديا وتأجير الأرض للسينما العالمية والبرامج الأمريكية الموجهة قد بدأت بالفعل ومن بداية التفكير في وطن قومي بدأت في حفر الدماغ فعلا عبر استخدام الوسائط الموجهة اساسا للدماغ أي للعقل عبر العين والقلب ومن خلال بناء صور ذهنية وعاطفية وحضارية لتاريخ يهودي مصطنع يؤكد عدم وجود أصحاب الأرض الأصليين أو خروجهم من التاريخ مثل الهنود الحمر هم مجرد عينة من آثار بشرية انتهت مدة صلاحيتها كبني آدمين

ان السينما الاسرائيلية والصهيونية العالمية المسيطرة علي جانب كبير من الميديا دأبت علي تكريس ما يسمي بأرض الميعاد ومن قبل قيام اسرائيل ومنذ السينما الصامتة كرست الشرائط التسجيلية وروجت لمقولة "شعب بلا أرض وأرض بلا شعب" والتاريخ السينمائي في اسرائيل نبض الشرائط التسجيلية التي صورها يعقوب بن دوف المصور الرائد علي الأرض المحفلة منذ الثلاثينيات من القرن الماضي والدور الذي لعبته السينما لا يقل في تأثيره عن الحروب الساخنة التي خاضتها وتخوضها اسرائيل.. والمعركة ما زالت مستمرة وحسب الشواهد "البقاء للأقوي".. قانون الغابة.

المساء المصرية في

09.03.2014

 
 

محمد عبدالعزيز:

السينما كالهواء والمخرج صانع أفخاخ

العرب/ عمار المأمون ـ دمشق 

محمد عبدالعزيز دمشقي يجد نفسه منجبا للتحولات التي تمر بها بلده فاختار أن يبقى فيها ليستلهم من أحداثها أفكارا واقعية يوثقها في أفلامه.

بسيطاً، عفوياً، مميزاً بقبعته التي قد تردّ الشمس أو بعضا من الموت الذي تعبق به دمشق، محمد عبدالعزيز مخرج سوري شاب ذو رؤية متفردة شعّ اسمه في السنوات الأخيرة، في رصيده خمسة أفلام، “نصف ملغ نيكوتين” الحائز على جائزة أفضل فيلم في مهرجان إيطاليا للفيلم المتوسطي، و”دمشق مع حبي” الحائز على الجائزة الثانية في مهرجان أنابوليس الدولي في تونس وكذلك “المهاجران” و”الرابعة بتوقيت الفردوس″ الذي انتهى من تصويره مؤخرا، بالإضافة إلى فيلم غنائي طويل –Musical- بعنوان “ليلى”.

يصف المخرج محمد عبدالعزيز السينما السورية البعيدة عن الجمهور وانحصارها في المهرجانات والعروض الخاصة في سوريا بأنها كسولة، ويرى أن الخوض مرارا وتكررا في مسألة الفيلم والجمهور بات أمرا ثقيلا كحجر على الكتف والقلب، ويضيف قوله بأنْ لا شيء بعيد عن الجمهور، فـ”هناك الكسل الذي نتحاصصه كطرفين: صناع الفيلم من جهة والجمهور من جهة أخرى، أسباب هذا الكسل معروفة للجميع، – متهكماً- الكسل أمر مفيد وهو جيد ويناسبنا حالياً”. أما عن مسألة انتشار أفلامه فيقول: “أعتقد أنه الشكل الذي اختاره عادة لنصب الفخ أمام المتلقي إذا صح التعبير”.

السينما الجديدة

حول الظواهر السينمائية أو شبه السينمائية التي ظهرت في سوريا حاليا، وعن انتشار المخرجين في كل مكان يعلق عبدالعزيز بالقول: “السينما كالهواء من حق الجميع تنفسه بالطريقة التي يراها مناسبة. لكني كمشاهد أرى أن معظم ما أنتج ورأيته، هو مجرد ثرثرة بصرية لا تتعدى الريبورتاج التلفزيوني بشكله الممجوج والمباشر، الجانب الإبداعي فيه يكاد لا يتخطى شكل النميمة البصرية التي يتمحور جوهرها حول إلحاق أكبر قدر من العطب بالخصم، هذه ليست سينما، بل أقرب إلى ملاسنة بين امرأتين في حي شعبي، ربما في المستقبل تتدحرج ماسة ما من وسط كومة اللغط، جوهرة مزيفة الجميع يرغب في اقتنائها من باب الزينة لا أكثر ولا أقل، في النهاية النفيس سيضيء من تلقاء ذاته”.

السينما كالهواء من حق الجميع تنفسه بالطريقة التي يراها مناسبة. لكني كمشاهد أرى أن معظم ما أنتج ورأيته، هو مجرد ثرثرة بصرية لا تتعدى الريبورتاج التلفزيوني بشكله الممجوج والمباشر.

ويضيف عبدالعزيز واصفاً ظاهرة جديدة شدت انتباهه في عالم السينما العربية عموما والسورية خصوصاً وهي ” بروز البوليس السينمائي الثوري الذي لم ينفك يلوّح بهراوته في وجه كل من لا يشبهه ويميل إلى رؤاه ومــواقفه الســياسية.

هؤلاء تكاد صورتهم تمثّل الوجه الأبرز للحالة السورية والربيع العربي عموما، لا شيء سينمائيا لافتا برز ليعيد الجميع إلى مراجعة مفهومهم المعرفي والروحي والكوني عن ماهية الصورة والسينما والثقافة بمعناها الوجودي العميق.

الكثير من الشتائم على شكل أفلام، جيش كامل من الشرطة الثورية السينمائية يجوبون الأرجاء تتملكهم تلك الرغبة العميقة بتهشيم الرؤوس ومناخ هزيل وهشّ واصطفافات ضحلة في وحل المستنقع المخبول الذي نخوضه الآن نحو اللاشيء، في نهاية المطاف عندما تكون موجة الدم عالية وصاخبة إلى هذا الحد يصبح الخوض في مثل هذه الشؤون محاولةً طائشة لشرح مدى التنوع اللوني في خيط قوس قزح لشخص كفيف غارق في بئره العميقة”.

حين سألناه عن رعب حمل الكاميرا في شوارع دمشق وتأثيره عليه كإنسان وكسينمائي يجيبنا عبدالعزيز قائلا: “في البداية كنت مأخوذا بهذه الحالة كما كنت مأخوذا باللحظة الشعبية بنقائها واكتشاف صوتها النبيل لحصد ما حرمنا منه مطولا، الآن لم يعد الأمر يثيرني، الجوهري والعميق والمثير بالنسبة إليّ هو عندما أجلب الخبز والحليب والمرتديلا من سوبر ماركت الحي وأعود إلى ابني وبيتي سالما”.

الرقابة و الجبنة

عن علاقته مع الرقابة يجيبنا عبدالعزيز بأسلوب فيه نوع من التلاعب اللفظي المشابه للحالة مع الرقيب في سوريا فيقول: “علاقتي مع الرقيب هي مثل علاقتي مع جبنة -لافاش كيري- “La vache qui rit” عندما أسحب الخيط الأحمر بحركة دائرية واحدة يصبح المحتوى في متناول يدي، ثلاثتنا نخرج من هذه العلاقة مسرورين، الرقيب لأنه يشعر بأنه الأذكى وأنا لأني أحصل على الجبنة بمجرد سحب الخيط الأحمر والبقرة التي تضحك علينا دائما”.

غياب السينما

قال عبدالعزيز مرة – لا توجد سينما سورية بل عدة أفلام تعد على أصابع اليدين- وهو ما حفزنا لتبيّن قوله هذا، ورأيه في الأفلام التي وصلت إلى مهرجانات عالمية كـ”كان”، أجابنا عبدالعزيز: “ما زلت عند قولي هذا، وصول فيلم لـ”كان” أو لخارج المجموعة الشمسية لا يعني شيئا، مجرد هزل لا يتعدى باب الدعاية وإثارة الغبار، الأغنية الشعبية أيضا وصلت لمهرجان نوبل للسلام – يقصد المغني السوري عمر سليمان- ومحمد فارس خاض تجربة سبر الفضاء ماذا يعني ذلك؟ حتى القرود والصراصير والفئران زارت الفضاء، هل هذا يعني أن الفئران ستخرج نوعها وفصائلها من مجارير وخزائن مطابخنا إلى الفضاء الخارجي الرحب، بكل الأحوال أنا أعيش في كهفي، لم تعد لديّ رغبة في النظر عبر الكوة الضوئية عما يحدث في الخارج، في السابق كان لديّ هذا الفضول والغوص في كل هذه المسائل النظرية في السينما والأدب والثقافة. في الوقت الحالي فقدت إيماني بكل شيء، مسائل مثل كيفية التخلص من العلكة الملتصقة بالثياب وكيفية تجفيف النعناع وطرد النمل من المنزل بأقل قدر ممكن من العنف هي ما تشغلني”.

في فيلمه “دمشق مع حبي” يتناول المخرج مشكلة الأقليات اليهودية في سوريا، وبسؤالنا له عن إمكانية توظيف الأزمة الطائفية التي تعيشها سوريا حالياً بصيغة سينمائية يجيب موارباً: “لا أعلم، لا أدري، ممكن، لا أميل إلى ذلك، ربما، أحياناً، لا بد.. قطعاً لا”. وعند سؤاله عما إذا كان فيلمه الحالي أو وجود مشروع مستقبلي آخر لتصوير فيلم يتناول ما تمر به سوريا يجيب بشكل مختزل :”أي”.

تمجيد العبيد

سألنا عبدالعزيز عن سبب عدم عرض فيلم “المهاجران” حتى الآن فأجاب: ” فقدت إحساسي ودافعي في الوقت الحالي لشحن المتلقي بتلك الجرعة المركزة من مشاركة الآخر بما يدور في خلدك، ليس لديّ مزاج في الخوض مع الجمهور بما يحمله هذا الفيلم من دفقات ممكن أن تفتح الباب مجددا حول مسائل كالعبودية بكمالها وبهائها ورياضياتها الكونية وبكونها كنزنا الثمين الذي لن نلقي به على ما يبدو لتبحر السفينة نحو ما هو غامض ومضيء ورؤوف ومتناقض وإشكالي بحيث يفضي هذا التلاطم والتصادم والمماحكة إلى التناغم المنشود للرسو”.

دمشق مفاتيح للغيب

لم يغادر محمد عبدالعزيز دمشق، بل بقي فيها وعمل فيها عكس الكثير من المبدعين والمشتغلين بالشأن الثقافي، وحين سؤاله عن عدم اختياره الرحيل يعقّب بالقول: “أجد نفسي أحيانا منجذبا للتحولات التي تمر بها دمشق في الوقت الحالي، المخيف والمثير في نفس الوقت، هذا الموت المحدق بالجميع، نحن داخل حدقة العين الحمراء، لست شجاعا بالمعنى المتداول لأقول إني أريد النظر إلى ما داخل تجاويف تلك الحدقة المميتة، لا شيء يربطني بالمكان أيضا بالمفهوم التقليدي المتداول لأبقى لمجابهة هذه التحديات التي تضعنا يوميا على حافة الهاوية فنبقى متأرجحين بين الهاوية وحافتها،.. التأرجح مغر جدا، نحن في الحقبة الجوراسية ومن المثير أن تكون قريبا إلى هذا الحد من فعل الانقراض ومشاهدة الزواحف العملاقة وهي تقاتل بقية الكائنات المفترسة للبقاء حية في خضم هذه المشاعر والرؤى المتناقضة في دمشق اليوم، هناك أيضا تلك اللحظة النورانية وسط هذا الحطام والخراب التي تأخذك إلى نوع من التجارب الروحية التي تشبه ربما حالة من حالات المتصوفة في الدوران والانجذاب نحو ما يجعلهم مندمجين أكثر فأكثر بما هو محيط وشمولي يتعدى حدود الفهم والإدراك، وهي حالة مستقاة من النبذ والتماهي.

كل هذا الخطر المحدق يجعل منك كائنا متحفزا، إنه تكثيف الرهبة والطيش والحذر فيتسع مجال الرؤيا وترى ما لا يراه الآخرون إلا على الشاشات. أنا بطبيعتي أنحدر من هذه الذهنية وكفرد – ليس كمخرج – أخذت حصتي من الخوف والبرد والجوع والحب مثلي مثل الجميع من سكان دمشق، التي يبدو محزنا تركها في مثل هذا الوقت. حتى اللحظة لا شيء يدفعني لمغادرتها وبدأت أتآلف مع مناخاتها الجديدة والطارئة، هناك تآلف عضوي لن أجده أو أستطيع إعادة صياغته وبنائه بعد هذا العمر في مكان آخر بعيدا عن دمشق الحياة”.

العرب اللندنية في

09.03.2014

 
 

عندما يبتذل الفلسطيني مأساته،

هل هذه هي حكاية اليرموك يا محمد بكري؟

العرب/ نصري حجاج 

فيلم 'يرموك' لمحمد بكري، مازال يثير اهتمام العديدين ليس عن مستواه بل لسذاجته وما احتواه من أفكار أساءت إلى الشعب الفلسطيني.

"يرموك" فيلم قصير لمحمد بكري، أخرجه مؤخرا، عن مأساة مخيم اليرموك. لن أصف محمد بكري بالساذج أو الجاهل أو قليل المعرفة أو ناقص المعلومات والاهتمام؛ عما وبما يجري في سوريا وعلى الأقل بالنسبة لشعبه الفلسطيني هناك. لأن السذاجة ترف لا نستطيع تحمل تبعاته كفلسطينيين، مثقفين أو فنانين أو كتاب أو مبدعين في أي مجال وكمواطنين عاديين أمضينا من العمر أكثر من 7 عقود ونحن نعيش في هلع وكوراث وانعدام الطمأنينة وتشرد وقتل وتفتيت.

سأنطلق من هنا، إذا لم يكن محمد بكري ساذجا وهو ليس كذلك، أو جاهلا وهو ليس كذلك أو قليل المعرفة أو ناقص المعلومات والاهتمام. فلا بد أنه كائن يعرف ماذا يفعل، فقد ارتكب في السابق أخطاء وخاض تجارب تمثيلية أساءت إلى صورة الفلسطيني في أفلام غربية أو إسرائيلية واستطاع إقناع الجمهور الفلسطيني من محبيه، أنه كان ساذجا أو تم خداعه أو ما إلى ذلك من الحجج الواهية كذرة تراب في مهب الريح. ولكن في هذا الفيلم الذي أتناوله لا يمكن تبرير ولا إقناع أحد بسذاجته أو جهله؛ فالموضوع وطوال ثلاث سنوات وعلى مدار الساعة يصفع الناس الجهلة والأذكياء والمثقفين وعديمي الثقافة والفنانين أو العاملين في تسليك مجاري القاذورات في الأحياء الفقيرة.

لم يشفع لمحمد بكري لا موسيقى فاغنر ولا الصورة المصنوعة بجهد واضح ولا دمعته الصغيرة التي انسابت على خده في فيلمه القصير 8,08 دقائق، الذي كتب السيناريو وأنتجه وأخرجه عن قصة لابنه الممثل صالح بكري والذي أسماه "يرموك" هكذا بلا "أل" التعريف، ربما برغبة لا وعية ليجعل من الفيلم الذي يزعم أنه يحكي عن مخيم اليرموك، فيلما يحكي عن "يراميك" كثيرة في العالم العربي، وخاصة أنه أهدى الفيلم في نهايته، وليس في بدايته وقبل نزول الجنريك إلى "الأمة العربية" ليذكر هذه الأمة بالمأساة التي تعيشها شخصيات فيلمه.

يصدر بكري فيلمه بالعنوان التالي باللغتين العربية والإنكليزية "جراء الأحداث الدامية التي اندلعت في سوريا منذ 2011 تشرد مئات الآلاف وعضهم القهر والجوع". هكذا يفتح الفيلم على عائلة المفترض أنها فلسطينية في غرفة متواضعة، يفترشون حصائر بلاستيكية، هي المطبخ ومكان النوم، العائلة مؤلفة من ستة أطفال والأم والأب "محمد بكري".

تزويج الفلسطينيين في اليرموك بناتهم القاصرات لأهل الخليج فرية ودعاية من قبل نظام القتل تجويعا

تستعرض الكاميرا الوجوه بلقطات قريبة إلى أن تصل إلى الأب حيث تعود الكاميرا إلى وجهيَّ الفتاتين واحدة بعد الأخرى، من زاوية الأب وكأنه في حيرة من أمره، أي الفتاتين يختار لأمر سنكتشفه فيما بعد لأنه محور القصة. ويختار البنت الأصغر والتي لا يبدو أنها تجاوزت الثانية عشر من عمرها.

تنتقل الكاميرا بعد ذلك لمشهد في السيارة "بلوحة إسرائيلية" وليس سورية، يقودها الأب ومعه الفتاة إلى أن يصل إلى منطقة معزولة بالقرب من جدار أو خزان ماء ضخم وأشرطة شائكة. يتوقف السائق محمد بكري فنرى ضوء سيارة قادما بمواجهته. تقترب السيارة وهي من نوع مرسيدس فارهة، فنرى في المرسيدس إلى جانب السائق شيخا يرتدي الملابس الخليجية التقليدية، الحطة والعقال ودشداشة بيضاء. ينزل السائق ويقترب من نافذة سيارة بكري حيث تجلس الفتاة ونسمعه يقول لها: افتحي فمك! ثم يعود أدراجه إلى المرسيدس وفي طريقه يضع في جيب سترته كاشفا للضوء يساعد على الرؤية عن قرب. يغيب لحظة ثم يعود إلى محمد بكري وينحني فوق رأس الفتاة ويناوله شيئا.

يتناوله محمد بكري بتردد ضعيف ثم يقول للرجل: هاي خمسة واتفقنا على ألف.. فيقول الرجل: لم نتفق على أسنان خربانة. ثم يأخذ بكري ما هو واضح أنه نقود وتنزل الفتاة بعد أن ترمق أباها بنظرة عتاب وتذهب مع السائق وتتحرك المرسيدس ومعها الفتاة. ويعود بكري أدراجه، بعد ذلك ننتقل إلى الغرفة في منزل العائلة فنرى الأطفال نائمين ويدخل الأب حاملا معه أكياس بلاستيكية مليئة بالفواكه والخبز الحاف، يضعها على الأرض فينهض الأطفال من نومهم بسرعة ويبدؤون بالتهام الطعام. لينتهي الفيلم على أحد الأطفال يحمل موزتين حول وجهه والكاميرا تقترب منه ثم ينتهي الفيلم بالإهداء: إلى الأمة العربية.

أحببت تناول هذا الفيلم الذي أثار اهتمامي لأسباب منها أن مخرجه وفريق العمل به فلسطينيون من الثماني وأربعين. ولأن المخرج محمد بكري ممثل ومخرج فلسطيني أحبَّ أن يقنعنا بأن كل أهل قرية البعنة، قريته حيث وُلد ويعيش، ساعدوا في إخراج الفيلم.

بمعنى أن أهل البعنة كافة ساعدوه في إخراج هذا الفيلم التسطيحي والمقزز في رؤيته لما يجري في مخيم اليرموك وليس ذلك وحسب، ففريق العمل غير كاتب القصة والمخرج والمصور يتضمن 13 شخصا بين ممثلين وتقنيين من عائلة البكري. ما يضع المشاهد أمام معضلة صعبة لنقد الفيلم حين تتم المواجهة بين المشاهد والناقد من جهة وعائلة البكري وأهل البعنة الطيبين من جهة أخرى.

سأبدأ من تصدير الفيلم بتسمية ما يجري في سوريا بالأحداث الدامية وهو وصف لما يجري وليس ما هو في الواقع، وكأن هناك محاولة لا واعية لإنكار دور النظام والحرب التي يشنها مع حلفائه ضد الشعب السوري، وكأن ما يجري في سوريا محض أحداث تحدث بالصدفة وبالصدفة تصير دموية.

ثم ما هي الحكمة من تسمية الفيلم "يرموك" لماذا يمحي المخرج "أل" التعريف من اليرموك الحاضر الذي يتعرض لأبشع أنواع الحصار والتجويع والتدمير لسكانه الفلسطينيين. هل هناك يرموك آخر كي نتجاهل اليرموك الأصلي؟ ينطلق الخطاب الأساس للفيلم من تفصيل بسيط ليفرض هذا التفصيل على مسيرة الأحداث في مخيم اليرموك، وهذا التفصيل هو قيام الأب ببيع ابنته القاصر إلى شيخ "خليجي" ثري مقابل بعض المال يطعم به أطفاله الآخرين.

العرب اللندنية في

09.03.2014

 
 

زوم 

المرأة في السينما جميلة وفي الأدوار لا بُدَّ من مهارة

بقلم محمد حجازي 

انسجاماً مع الاحتفال بيوم المرأة العالمي في الثامن من آذار/ مارس الجاري، تم تنظيم الدورة الرابعة من مهرجان أفلام المرأة في لاهاي،  الذي اختتم أعماله مساء أمس الأحد في التاسع من الجاري بعد ثلاثة أيام من العروض المتواصلة، بحضور 14 ضيفاً فقط من السينمائيين والنقاد، وفدوا من العالم العربي، كي يتابعوا عرض 14 فيلماً تتمحور حول المرأة، دورها، قضاياها، مع معرض للصور الفوتوغرافية نظّمته وفاء سمير تحت عنوان «أنا أنا»، في صالة تريهت بمركز الكتاب الأميركي،  والعنوان نفسه هو لفيلم مشترك هولندي - غربي من إنتاج العام المنصرم 2013، ويتناول أربع فتيات من مصر تتقدّمهن وفاء سمير، وما الذي طرأ على حياتهن من تغيّرات بفعل الثورات المتلاحقة في مصر.

وفي الإطار نفسه عُرِضَ شريط أميركي دانماركي مصري للمخرجتين جيهان نجم ومنى الضيف بعنوان «رفيقة سولار ماما»، كما قدّمت المخرجة الأردنية زين دوري شريطها القصير «أفق»، في أول عرض عالمي له، بينما قدّمت زميلتها المصرية سالي أبو باشا عملها الوثائقي القصير «الحياة بيديها»، كما عُرِضَ الفيلم الروائي اللبناني الطويل «وينن» من إخراج سبعة من طلبة جامعة الـ NDU (جامعة سيدة اللويزة) بينهم مخرجتان: زينة مكي (الممثّلة وبطل فيلمَيْ: حبّة لولو، ونسوان) وماريا عبد الكريم، والخمسة الباقون هم: طارق قرقماز، جاد بيروتي، كريستال آغنيادس، سليم الهبر، وناجي بشارة، ويُفترض أنْ يكون هذا العرض هو الثاني خارج لبنان قبل برمجته على شاشاتنا المحلية في نيسان/ إبريل المقبل، وهو عمل جميل، ويحكي عن الذين اختُطِفوا طوال حرب لبنان وما تلاها إلى اليوم استناداً إلى نص وضعه الفنان جورج خباز.

كما عرض فيلم للسعودية «عهد» بعنوان «حرمة»، بعدما حصل نقاش مع المشرفين على إنتاج «وينن» سام لحود، ونيكولا خباز، والمخرج قرقماز، وكان حواراً مُفيداً مجدياً وعميقاً حول الفيلم ورسالته السامية.

كما كانت تظاهرة للأفلام التي ترصد أحوال القضايا الفلسطينية من خلال أفلام:

- أميركا، لـ شيرين دعيبس.

- ميرال، للأميركي جوليان شنايبل.

- هيك القانون، لـ فادية صلاح الدين.

وقدّمت المخرجة والممثّلة نسرين فاعور محاضرة حملت عنوان «نموذج المرأة الفلسطينية في السينما بين الماضي والحاضر.. ماذا تغير؟!».

المهرجان حمل هذا العنوان (Arab Women´s Film festival) ومهمته تنسجم مع الرغبة العربية بالاحتفال بالمرأة خصوصاً على الشاشات طالما أنّها زينة هذه المنابر المهمة، أياً يكن الموضوع، أو المحور الذي يتحدّثون عنه، والرجال عندنا يتحرّكون من  وقت إلى آخر للفوز ببطولات أولى بدل النساء، لكن المنتجين لم يستوعبوا هذه الصورة حتى الآن، ويتحدّثون نيابة عن الجمهور...

وكما هي الحياة كذلك السينما... لا تستوي من دون المرأة، والحاصل حالياً أنّ جمهور الصالات ينتظر مثلاً إطلالة هيفاء وهبي في فيلم «حلاوة روح»، الذي تحدّد له موعد نهائي للعرض هو العاشر من نيسان/ إبريل المقبل، وهو مأخوذ عن فيلم: (Malena) الذي جسّدته بشكل رائع مونيكا بيلوتشي، عن امرأة تعاني من ردّة فعل كل الرجال كباراً وصغاراً على جمالها، وتدفع حياتها ثمناً لهذه النعمة.

لكن في المقابل هناك مَنْ ينتظرون ميريل ستريب في جديدها، وهناك مَنْ يعتبر شارليز شيرون «ست الحسن» بين جميع النجمات، ويلتفت البعض إلى ميغين فوكس لجمالها الثوري أو لـ جنيفر لورانس القادرة على النقيضين في صورتها، لكن دائما هناك الصورة السلبية حين لا وجود لوجه جميل في أي فيلم، فالسينما شئنا أم أبينا محكومة بالجمال، لكن لا شيء يمنع أنْ تكون فعلياً جميلة، وفي الوقت نفسه قادرة على تقمّص شخصيات متعدّدة تلعبها بحزقة ومهارة، لكن أين هي هذه الممثّلة، نادراً ما توافر الجمال مع الموهبة الكبيرة، ربما لأنّ عصر مارلين مونرو، ليزا منيليي، ليز تايلورو وغيرهن ولّى ولم يعد له وجود، إلا في البال، وهذا لوحده غير كافٍ في معادلة للسينما.

عروض 
«
عرقتنجي» يحكي سيرته مع الحرب من بطولته مع ذويه وأفراد عائلته في: «ميراث»

عصر الأمبراطوريات المتصادمة.. ما بين أساطيل وخيانة وحضور الأبطال

«ماكونوغي» و«جاريد» استحقَّا أوسكار التمثيل عن دوريهما حول الأيدز في دالاس
عديدة هي الأفلام الجديدة على شاشاتنا, فالأوسكار حتَّم وجود أعمال إضافية فازت في حفل الأسبوع الماضي، الذي عرف استبعاداً لشريط «عمر»، لـ هاني أبو أسعد، الذي كان يستحق نيل أوسكار أفضل فيلم أجنبي غير ناطق بالإنكليزية.

{ ميراث:

- لـ فيليب عرقتنجي، صاحب: بوسطة، وتحت القصف، الذي يقدّم هنا مكاشفة مع نفسه، عائلته، بلده، جيرانه، أصدقائه، بينما صوته رقيق دائم في كل المشاهد على مدى الوقت، لأنّه يحكي بينما اللقطات تتوالى، من الطفولة، إلى حضن الوالدين، إلى اللعب مع الصغار، إلى اندلاع الحرب وتفرّق الناس كلٌٍّ في جهة، من دون رابط بينهم إلا الحنين.

هي رواية فيليب مع ذويه وجيرانه والأحزاب من حوله، والأجواء التي دفعته لأنْ يغادر إلى فرنسا ثم يعود منها، محاولاً الانطلاق من جديد، ثم يغادر ثم يعود، فيما حال البلد يتقهقر، ولسان حال والديه أنّ الأيام الجيدة لا بد من أنْ تعود، فاللبناني أقدر الشعوب على استعادة المبادرة والإقدام من جديد.

ميراث، هو سيرة شخصية لـ فيليب وذويه وعائلته الصغيرة، ومن خلالهم سيرة الوطن الذي ما عاد يعرف أين هي الوجهة الصحيحة للبقاء.. وتُقفل الأمور على مجهول لا نعرف نهايته.

صادق عرقتنجي، والشريط ذكرى طيّبة عن أيامٍ خوالي جيد أنّه وثقها في بيروت، كما في فرنسا كما في الأقطار التي قصدها، لكن بأسلوب يدرك معه مخرجنا أنّه لا بُدَّ عائد من حيث أتى... عائد إلى لبنان.

{ 300Rise of an Empire

- إنّها ممالك قديمة أيام الفرس والرومان والعرب... باشرت عرض الشريط الصالات الأميركية في السابع من آذار/ مارس في 102 دقيقة، وهو صُوِّرَ في: نيو بويانا فيلم ستوديو في صوفيا - بلغاريا.

مخرج العمل إسرائيلي من مواليد القدس عام 61 وإسمه نوام ميرو، استند إلى سيناريو وضعه آراك ستايدو، وكيرث جونستاد عن رواية بعنوان «Xerxes» لـ فرانك ميلر، والرواية هي هي إسبرطة وأثينا والمقاتلون القلّة الذين قاتلوا الجيوش الجرّارة وهزموها، في تنفيذ مشهدي جميل ورائع سواء للمعارك البحرية وعشرات السفن، أم لاحتكاك المتقاتلين ذوي العضلات، أم للمشاهد الدرامية المميّزة التي توصّل إلى رباط عاطفي يمتّن العروة مع المشاهد.

كثيرة في الفيلم المواقف النبيلة، والسيد القوي هنا ثميستوكليس ويجسّد دوره سوليفان ستايلتوت، وهو وجه غير مستهلك في الأعمال التاريخية المتعدّدة، لكنّه هنا، وجه رجل، قوة رجل، وليس مصطنعاً في حركاته، خصوصاً أنّ معظم مَنْ لهم عضلات على الشاشة لا يتمتّعون بموهبة تمثيلية لافتة.

الممثل العربي أشرف برهام حاضر في الفيلم، بينما حضور النساء لافت مع لينا هيداي في دور الملكة غورغو، وهي إنكليزية في الرابعة والعشرين من عمرها ولدت في برمودا، وكان يليق بها الدور الغرامي، ومعها آرتريريميزيا (إيفا غرين) التي بدت متسلّطة بالكامل وغير قريبة إلى القلب، لكنها تقمّصت الدور بكل ثقة.

الكاستنغ تولّته لوسي بيفان، وتولّى قيادة فريقي المؤثّرات الخاصة والمشهدية كل من: جوفكو دوغاندجسكي ومايثو آسمات، ولعب باقي الأدوار: ديفيد وينهام، سكوت بيرن، كاتيلف كارمايكل، كالبان مليفااي، ورود ديغو سانتورو.

{ (Dallas Buyers Club):

- نادراً ما وقعنا في حب دور كما أحببنا الشخصية التي لعبها بمهارة النجم ماثيو ماكونوغي (رون وود روما) في هذا الشريط، ويكون لاعب روديو يعيش حياته طولاً وعرضاً، ويسعى خلف الملذّات بكل الطرق، وعندما يقع في إحدى المرات وهو في مكاتب الروديو يشرف على اللاعبين يُنقَل إلى المستشفى، وبعد فحصه والتعرّف على واقع دمه تم اكتشاف أنّه مُصاب بالأيدز.
لم يُصدّق رون، فشتم الطبيب، والطبيبة إيف (جنيفر غارنر) وغادر العيادة غير عابئ بشيء، لكن الحقيقة أنّ رأسه بدأ يدور في كل الاتجاهات لم يعد يركّز، فغرق في ممارسة الجنس أكثر، خصوصاً أنّ المدّة المُعطاة له على قيد الحياة، هي شهر فقط، لكنه استطاع بفضل إصراره أنْ يعيش ست سنوات لأنّه عرف بوجود عقار شافٍ ومُجرّب، لكن القيّمين على توزيع الأدوية ليس من صالحهم توزيعه أو السماح باعتماده لعلاج مرض نقص المناعة المكتسبة.

استحق ماكونوغي وزميله جاريد ليتو (في دور رايون) أوسكارَيْ أفضل ممثّل أوّل وثانٍ، فـ ليتو قدّم دور المخنث هو الآخر بأسلوب متمكّن عميق ومؤثّر، وقد أمضينا 117 دقيقة ونحن غائبون عمّا حولنا، بعدما استطاع هذا الفنان سلبنا كل معالم الدفاع.

الفيلم لم يتكلّف أكثر من خمسة ملايين ونصف المليون دولار، وهو جنى من الصالات الأميركية في السابع من شباط أكثر من 23 مليوناً ونصف المليون دولار، وهو صور في نيو أوليانز - لويزيانا، من إخراج لـ جان مارك فاليه، عن نصف لـ كريغ بورتون، وميليسا والاك، وتولّى كاتي ريغز ومارك كوت، إدارة فريقي المؤثّرات الخاصة والمشهدية

اللواء اللبنانية في

09.03.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)