كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

علا الشافعى تكتب..

"سلم" ملص إلى الرب يزعج السلطات القمعية

 

المخرج السينمائى السورى محمد ملص يعد واحدا من ألمع الأسماء العربية فى مجال الإخراج السينمائى، ومن أهم المبدعين الحقيقيين، المهمومين بالوطن، لم يبحث عن وطن بديل مثل البعض، رغم تدهور الأوضاع فى سوريا، وظل يتنسم رائحة الشام، رغم البارود الذى يغطيها، والدماء التى تملأها مؤكدا أن الوطن هو سوريا ولا بديل عن حلم عودته كارها المنفى سواء كان منفى اختياريا أو إجباريا خصوصا وأنه معتاد على صلف النظام وغروره، وقهره للإبداع والمبدعين، فمعاركه مع النظام تمتد لزمن بعد وقبل تدهور الأوضاع، حيث دائماً كان يُصنف فى خانة المبدع المزعج والذى يرفض الصمت على القهر أيا كانت أشكاله، ولذلك منعت بعض أعماله من العرض، وكانت مؤسسة السينما السورية سابقا ترفض إنتاج أفلامه، بحجج واهية، ولم ييأس ملص، أو يسكت، بل كان يصر على محاولة، إنجاز أعماله السينمائية.

نتفق أو نختلف حول إبداع ملص أو شخصه، ولكنه يظل واحدا من المخرجين الرواد فى السينما السورية والعربية، لذلك كان خبر اعتقاله من قبل المخابرات السورية لمدة 5 ساعات قبل أن يتم الإفراج عنه، مثار حديث الوسط السينمائى مؤخرا وأثار قلق المبدعين، حيث تم القبض عليه وهو فى طريقه لمطار بيروت متوجها إلى سويسرا ليعرض فيلمه "سلم إلى دمشق هناك".
اختفى ملص لمدة 5 ساعات لم يكن أحد خلالها يعرف مصيره، حيث تظن الأجهزة القمعية أنها تستطيع تكميم الأفواه، واغتيال الإبداع، بالقبض على المبدعين، ولكن أجهزة القمع والقتل تلك تجهل ببساطة أن الأفكار حرة والإبداع يبقى ويعيش، رغم فناء أصحابه، فكم من مبدع اغتالته الأجهزة القمعية، أو أيد التطرف والجهل، ولكنه بقى فى الوجدان، وتناقلت إبداعه الأجيال.

ومهما تكررت اعتقالات ملص داخل الزنازين سيظل فيلماه "أحلام مدينة" و"الليل" بمثابة وثيقة تدين الأنظمة القمعية وقهرها لمواطنيها، وهما الفيلمان اللذان وصفتهما صحيفة الجارديان البيريطانية بأنهما من أفضل 10 أفلام عربية أنتجت.

ويحكى فيلم "الليل" قصة مواطنين من بلدة القنيطرة السورية فى هضبة الجولان التى تحتلها إسرائيل، وظل الفيلم ممنوعا من العرض فى سوريا لأكثر من 4 سنوات، رغم الحفاوة التى قوبل بها فى مختلف المهرجانات العربية والدولية التى شارك فيها، وقد لا يكون فيلم "ملص" الأخير، والذى عرض بمهرجان دبى السينمائى.

أما فيلم "سلم إلى دمشق" لا يعد من أهم أو أفضل أفلامه، حيث تدور أحداثه عن الوضع السورى الراهن، وهو تحد كبير كان من نتائجه أن المخرج لم يستطع التصوير فى الشارع، كما أن الفيلم لا يحمل سردا تقليديا بل هو أميل إلى الشعرية فى رصده لتأثير الوضع الراهن بسوريا على شخصيات الفيلم والمحبوسة داخل جدران، ومنزل بساحته، تم توظيفها بشكل مسرحى لترصد تطورات الشخصيات النفسية.

يبدأ الفيلم بأسلوب مسرحى حيث يتكلم فؤاد (قام بدوره بلال مارتينى) مباشرة إلى المشاهدين وخلفه ستارة يستخدمها ليعرض الأفلام عليها بأنه يهرب من الواقع للسينما، تستمر تلك الحالة المسرحية فى الحوارات والأداءات طوال الفيلم والتى تتداخل مع صور ولقطات سينمائية جداً ومعبرة، ويبدو أن معظم الشخصيات تعجز عن إيجاد حل واقعى للأزمة فيلجأون إلى سلم أعلى السطوح يصعدون عليه متوجهين إلى السماء فقد يأتِى الخلاص من هناك.
ولا أعرف هل اللجوء إلى السماء بات أمرا يزعج السلطات السورية، لتقوم بإلقاء القبض على المخرج المبدع والذى ظل يعمل خلال 40 سنة قضاها فى صناعة الأفلام مستقلاً عن أى جهة حكومية للتمويل.

ومن أهم أعمال ملص "حلم مدينة صغيرة" و"القنيطرة74" و"أحلام المدينة" و"المنام" و"الليل" و"باب المقام" و"سلم إلى دمشق"، وحصل ملص على جوائز عديدة وقد تم تكريمه أيضا فى عدة مهرجانات منها مهرجان قرطاج الدولى ومهرجان بيروت السينمائى الدولى ومهرجان دمشق السينمائى الدولى.

اليوم السابع المصرية في

08.03.2014

 
 

"داعش" تقاتل الجميع في "الجبهة السورية الثانية"

محمد موسى 

"داعش أكثر قسوة من النظام". هذه العبارة او تنويعات منها ستتردد على طوال زمن الفيلم التسجيلي القصير "سوريا الجبهة الثانية" والذي كان أحد فيلمي الحلقة الأخيرة من برنامج "خط المواجهة" التسجيلي الأمريكي الذي يعرض على شاشة قناة "PBS" الأمريكية. "النظام" هنا، هو ما تبقى من الدولة السورية بقيادة بشار الأسد، و"داعش" هي الفرع السوري لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. يَصّبَغ جنود في الجيش السوري الحرّ تجربتهم الخاصة على العبارة ذاتها. فتتحول "داعش" أحيانا ل "مجرمة"، او "بربرية"، او "لا تفقه شيء من الدين الإسلامي". كل واحد من أولئك الجنود عَّرف "داعش" عن قُرب. "لقد قتلوا إخوتنا" يتحدث شاب بنبرة صوت تقترب من الصراخ لكاميرا الفيلم التسجيلي الأمريكي. فيما يُفضل زميل له التفصيل، ويشرح بروية الأثر الذي تركته داعش على الثورة السورية، ويحذر من عواقب أن تسقط بلده تحت سيطرة التنظيم، عندها "لن يبقى من سوريا شيئاً " كما يَصِّف.

لكن "داعش"، التي وعدنا التحقيق التلفزيوني الأمريكي، بالتقرب من عالمها، غابت عن الفيلم، فلم يظهر أفرادها فيه، وما زلنا نجهل الكثير عنها وعن مبادئها او طموحاتها للبلدان التي تقاتل فيها ومن أجلها. والصحفي السوري (محمد علي)، والذي تطوع في مهمة خطيرة للغاية للاقتراب من جبهات القتال الجديدة بين الجيش السوري الحرّ وداعش، لم يصل الى نتائج تذكر، لجهة اقترابه من عالم التنظيم الجديد. بالمقابل، سجل الصحفي السوري تفاصيل من الحياة اليومية لمجموعات من الجيش السوري الحرّ، وهي تستعد لمعركة، هي سلسلة من حرب طويلة. حرباً لم يكن الجيش السوري الحرّ يتوقعها او يرغبها، ويجد نفسه اليوم مُرغماً على الخوض في وحلها العميق.

يشرح الصحفي السوري طبيعة مُهمته القادمة للكاميرا قبل أن يدخل الحدود السورية من الجهة التركية. هو يريد أن يتقرب من جبهات القتال الجديدة لداعش مع أعدائها التي تفتحت في سوريا في العام الأخير. لكن داعش تكره الصحفيين. تعتبرهم خونة وجواسيس، وتعاقب من تمسك به بقسوة شديدة. يختار محمد أن يسجل القتال الدائر من جانب الجبهة الأمين. من طرف الجيش السوري الحرّ. سيقضي الصحفي أيام مع مجموعة من المجاميع التي تعمل تحت عنوان فضاض هو "الجيش الحرّ". رغم إنها مازالت بعيدة كثيراً عن تنظيم الجيش. فمعظم أفراد المجموعة لا يملكون خبرة في القتال. هم أبناء ريف، دفعهم بطش النظام السوري وداعش للبحث عن وسيلة للدفاع عن حياتهم وبلدهم. الجيش الحرّ يواجه أيضا نقص العتاد والأسلحة، فيما أعدائه يملكون منه الكثير.

يَجِد التحقيق التسجيلي في فيلم مُروع صوره هواة لعملية إعدام قامت بها داعش لأفراد من الجيش السوري الحرّ في بلدة الأتارب السورية، المادة التي ستمنحه البناء المشوق. فمجموعة السوريين المنضوية تحت اسم الجيش السوري الحرّ كانت تستعد وقت التصوير لاستعادة تلك البلدة الحيوية بموقعها الجغرافي. الفيلم لم يُصور المعارك، لأنها لم تقع، فداعش انسحبت من البلدة، قبل أن يصل اليها الجيش الحرّ. لكن البناية التي سالت على عتبتها دماء سوريين من الجيش السوري الحرّ قبل أشهر لازالت قائمة، وشعار داعش الأسود لازال يغطي جدرانها. يتحدث ناس من البلدة عن صمودهم تحت حكم "داعش"، لكن بعبارات اقل حماسيّة من الجنود الذين حرروها ووجوه يبدو عليها التردد، فجبهات القتال تتغير منذ عامين هنا، ولا أحد يعرف ما يمكن أن يحمله المستقبل.

في الجزء الثاني من الحلقة التسجيلية التلفزيونية الخاصة بسوريا، عرضت القناة الأمريكية فيلماً قصيراً بعنوان "أطفال حلب". كما يُشير العنوان، سيكون الفيلم عن أطفال عاصمة شمال سوريا، المُقسمة الآن بين سلطة النظام والجيش الحرّ. الفيلم سيسجل يوميات لأطفال من جبهة الجيش الحرّ. فيلتقي عائلة رفضت أن تترك والدها المنتمي لأحد التنظيمات المُسلحة، وبقيت في المدينة التي بدت بعض أحيائها كمدن اشباح. يلتقط الفيلم تفاصيل صغيرة لكن شديدة التأثير، فيصور أطفالاً يلعبون على شرفة بيتهم المسيجة بالحديد كزنزانة سجن. اللعب ذاك ستقطعه صوت قذيفة تجعل الأطفال يقفزون خوفاً من شدة الصدمة، ليعودوا الى واقع المدينة العنيف. في مشهد آخر، وأثناء مقابلة مع إحدى فتيات الحي، ستنفجر قنبلة اخرى، سترتجف الطفلة التي لم تتعدى السابعة، بعدها تصرح بثقة الخبير الحربي إن القنبلة سقطت من مكان قريب جداً من بيتها. في مشاهد اخرى ترافق الكاميرا مجموعة من أطفال الحي وهم يلعبون بشقق جيرانهم الفارغة، والتي تركوها بعد تفجر المعارك في المدينة. الشقق المفتوحة المُدمرة هي الآن ملعب ما تبقى من أطفال الحي.

لا يُمكن مُحاسبة الأفلام التي تُنجز عن سوريا او عن مناطق حروب اخرى فنيّاً. فهي تصور في ظروف صعبة للغاية، وصانعوها يغامرون بحياتهم من أجل تنفيذها. لكن يمكن محاسبتها على قدر إخلاصها بنقل صور صادقة ومتوازنة عما يجري هناك. يجتهد الفيلمان القصيران بنقل صورة محايّدة عما يجري في سوريا. فبجانب القنوط الذي غلف أجزاء طويلة من فيلم "أطفال حلب"،  هناك صور اخرى أكثر تفاؤلاً، عن أطفال وبالغين مازالوا يخرجون، ومنذ أيام الثورة الاولى قبل ثلاثة أعوام، كل يوم جمعة في مظاهرات ضد حكم النظام السوري. يبدو السوريون الذي يخرجون في تلك التظاهرات، وكأنهم يحتاجوا أن يعودوا الى نبع الغضب الأول، خاصة مع انسداد افق المستقبل وضبابيته. الفيلم يعرض تلك المظاهرات وكأنها احتفالاً يوميّاً بالحرية. ثم يعود ليقدم صور دمار الحيّ الذي يقطنه معظم المشاركين في تلك الإحتجاجات. هي سوريا اليوم، تبحث عن طريقها ولا تنسى مُثلها. حتى مع فيلم "سوريا الجبهة الثانية"، والذي لم يحقق هدفه بالكامل، سجل هو الآخر يوميات لجنود من الجيش السوري الحرّ. والحصار المزدوج الذي يعيشوه، بين قسوة جيش النظام السوري وقوات داعش التي لا ترحم.

تحول برنامج "خط المواجهة"، والذي تعرضه قناة "PBS" الأمريكية الى منصة لعرض أفلام تسجيلية عن سوريا، وأيضا للنقاش عن واقع البلد ومستقبله. فمع الافلام التسجيلية الخاصة بسوريا والتي تعرض دورياً ضمن البرنامج، خصصت إدارة البرنامج موقعاً على الإنترنيت لبحث الأزمة السورية، فهناك خريطة للمعارك وتقاسم النفوذ في سوريا تتبع ما يجري على الأرض، وكذلك يمنح الموقع فرصة للنقاش بين متصفحيه عن القضايا التي يتناولها.

أما قناة "PBS" فهي قناة غير ربحية أمريكية تأسست في عام 1970، تعتمد في جزء من تموليها على مساعدات الحكومة الأمريكية، والجزء الآخر على تبرعات أفراد ومؤسسات. تتميز برامج القناة بالجديّة والانفتاح على موضوعات محليّة ودولية، لا تجد غالباً فرصاً للعرض على القنوات الأمريكية التجارية.

الجزيرة الوثائقية في

09.03.2014

 
 

«حب بلا نهاية» ..

الحب يستحق النضال دفاعا عنه

محمود عبدالشكور 

لولا بعض التطويل، وكثير من الإستطراد، وعدم تكثيف الحبكة، لكان الفيلم الأمريكى «endless love» من إخراج شانا فيستا، بمثابة العودة الجيدة للدراما الرومانسية، التى تذكرنا بفيلم «قصة حب»، الحقيقة أن بطلى فيلم «حب بلا نهاية» أليكس بيتفير» و «جابريللا ويلد» هما أفضل عناصر الفيلم، ليس فقط لأن كل واحد منهما لديه حضور رائع، وقدرات تمثيلية جيدة، وملامح مريحة، ولكن لأن الاثنين معا يشكلان ثنائيا متجانسا، وهو أمر شديد الأهمية فى الدراما الرومانسية بالذات، الذى تتعامل مع منطقة الحلم، وما نتمنى أن نراه، ولكن السيناريو دخل فى استطرادات وتفريعات أطالت من زمن المشاهدة، وأحدثت بعض الهبوط فى الإيقاع، دون أن يلغى ذلك أن العمل مغلف بإطار رقيق من المشاعر والأحاسيس، وأنه جدير بالمشاهدة، وفيه الكثير من الجهد، بالإضافة إلى صورة مميزة، ورسم جيد لشخصيتى البطلين.
يقدم الفيلم ببراعة شخصيتيه فى يوم الإنتهاء من المرحلة الثانوية، والإحتفال بذلك: الفتاة المنطوية جايد بترفيلد الثرية تعانى من الوحدة والعزلة عن زميلاتها، هى من أسرة ثرية، لديها شقيق وسيم هو كيث، ولكن فى حياتها وحياة أسرتها مأساة، لقد توفى شقيقها الثالث كريس بالسرطان وهو فى سن الشباب، أما الطرف الثانى دافيد فهو شاب وسيم يحب زميلته فى صمت دون يخبرها، عمره 18 عاما، أى أكبر من جايد بعام واحد، من أسرة عادية، والده يمتلك جراجا لإصلاح السيارات، ويبدو شخصا ظريفا ومتفهما، يعمل دافيد أيضا بعيدا عن الدارسة كسايس يركن السيارات، يلتقى مع جايد وهى تحضر غداء أقامه والدها احتفاء بانتهاء دراستها الثانوية، يلفت دافيد نظرها، تطلب منه توقيعه على صورتها، يأخذها فى جولة بسيارة لأحد الأثرياء المتعجرفين، يتعارك دافيد معه ويلكمه، يشعر والد جايد بالتأفف من سلوك السايس، زميل ابنته.

تتطور العلاقة عندما يقيم والد جايد، طبيب القلب الشهير، حفلا فى منزله، لكى يجذب إليه زملاءها الذين ينعزلون عنها، لا يحضر من الزملاء إلا ديفيد، ولكنه ينجح بحيلة ماكرة فى استدعاء بقية زملاء الدراسة، تستعيد جايد ابتسامتها وبهجتها، بينما يشعر والدها الصارم بعدم الإرتياح، أمها تبدو متعاطفة مع ابنتها، فى حين يرى الأب تكريس ابنته حياتها لدراسة الطب مثله، بل إنه يريد إستغلال إجازة الصيف لكى تتدرب جايد فى إحدى المستشفيات لمدة أسبوعين، عندما تقع جايد فى حب ديفيد، تقرر أن ترفض التدريب، وتختار أن تقضى الصيف مع ديفيد، يظل الصراع مع الأب، الذى يجبر ابنته على أن تذهب مع الأسرة إلى منزلهم الفاخر قرب البحيرة، تصر جايد على دعوة حبيبها معهم، ليدخل الصراع بين الأب ودافيد مرحلة جديدة أكثر اشتعالا.

يبدأ التطويل، وتفريع الأحداث فى مشاهد البحيرة، هناك بالطبع مشاهد رومانسية رقيقة تصاحبها أغنيات تعبر عن الحب بين دافيد وجايد، ولكننا ندخل فى أول تعقيد عندما يكتشف دافيد أن الأب له علاقة بامرأة أخرى غير زوجته، ويقوم ديفيد بإخفاء الأمر على جايد، كما يدخل فى مواجهة مع الاب بسبب ذلك، لم يكن الفيلم فى حاجة لاصطناع سبب جديد لعداء الأب لديفيد، كما أنه لم يكن فى حاجة إلى فبركة حكاية قدوم زملاء الدراسة إلى البحيرة، واقتحام حديقة الحيوان، من أجل أن ينتهى الأمر بالقبض على ديفيد، ثم اصطناع معركة أخرى بين ديفيد والأب، الذى تحرى عن الشاب، واكتشف أن دخل الإصلاحية وهو صبى، لأنه ضرب عشيق والدته، وقد أدى ذلك إلى هروب الأم، كل هذه التعقيدات أثقلت الحدوتة الرومانسية البسيطة، وأدت إلى استطرادات لا مبرر لها، لنصل فى النهاية إلى ما نتوقعه من انفصال دافيد وجايد، وخصوصا بعد أن ضرب والدها، كما أنها رأته مع زميلة له فى حوار هامس!

من الواضح أن مشكلة السيناريو أن أصحابه لا يثقون فى أن سببا واحدا جيدا يكفى تماما لتبرير التصرفات والسلوكيات، ولذلك رأينا هذا الإسراف الدرامى، فى كل الأحوال ظلت شخصية الأب محورا كبيرا فى الدراما، واختلطت أسباب رغبته فى تدمير قصة حب ابنته، بدا أحيانا حريصا على مستقبلها فى دراسة الطب، وفى أحيان أخرى بدا راغبا فى حماية ابنته حتى لا يفقدها كما حدث مع ابنه كريس، أضيف إلى ذلك علاقته المضطربة مع ابنه الثانى كيث، حيث يسخر منه والده، ويستغرب أن يتخصص فى دارسة الإتصالات، أما علاقة والد جايد بأمها فبدت متقلبة، الأم استعادت الرومانسية من خلال قصة حب ابنتها، ولكن الأب يبدو جافا معها بدون مبرر، بل إنه يخونها مع امرأة أخرى، ويصل إلى حد تهديد ديفيد بمقاضاته إذا اقترب من ابنته، الذى تسافر للتدريب ودراسة الطب فى مدينة بعيدة.

من خلال فوتو مونتاج، يحاول ديفيد نسيان جايد دون جدوى، تندمج فى الدراسة، ويصبح لها صديق آخر، ولكنها لا تستطيع نسيان ديفيد، يعرف الشاب موعد وصول جايد من أمها، ينتظرها فى المطار، يتفق معها على الهرب ليلة رأس السنة، يصطنع السيناريو معركة بين الأب وابنه كيث لمجرد أنه دخل واستخدم اسطوانات أخيه الراحل كريس، ثم يصطنع مرة أخرى حريقا فى الحجرة، تهرب جايد مع ديفيد، ولكنه يشاهد الحريق فيعود لإنقاذ الأب، يستفيق والد جايد أخيرا من أوهامه، ويعترف فى النهاية بحق ابنته فى اختيار حبها الأول، أما والد ديفيد فهو الذى ساند ابنه لكى يدافع عن حبه، ينتهى الفيلم بزواج كيث من صديقته الشابة، وعودة العلاقة بين ديفيد وجايد.

لا تختلف كثيرا حبكة فيلم «حب بلا نهاية» عن حبكات الأفلام الرومانسية، هناك حب فانفصال فعودة، هناك (كما فى فيلم قصة حب أو حتى فى حكاية روميو وجولييت) صراع بين جيل الآباء، وجيل الأبناء، ثم انحياز واضح للمستقبل، للجيل الجديد الذى يريد أن يعيش على طريقته، ويريد ألا يتحول إلى نسخة من جيل الكبار، ولدينا دوما هذا الإنحياز لقيمة الحب التى تستحق الدفاع عنها، ذلك أن الأب هو نقيض ديفيد الواضح، لديه المال والعمل ولكنه فقير جدا لأنه فقد الحب، وقد تألق بروس جرينوود فى دور والد جايد، فمنح الحكاية بعض العمق، الذى لم يفسده إلا المط والتعقيد الذى لا لزوم له على الإطلاق.

أكتوبر المصرية في

09.03.2014

 
 

بطولة إليجا وود

«البيانو الكبير» الحدث السينمائي المرتقب!

عبدالستار ناجي 

فيلم «البيانو الكبير» سيكون الحدث السينمائي المرتقب، ويدخل الى دائرة الكلاسيكيات في السينما العالمية، لمقدرته على مزج الرعب مع الموسيقى، في تناغم عالي الجودة، وسيناريو مكتوب بحرفية عالية، تبقي المشاهد ملتصقا بكرسيه، وهذا الفيلم يذكرنا بعدد من الافلام ومنها «غرفة الرعب»و «غرفة الهاتف»، وغيرها من الافلام المحكومة الايقاع.

فيلم «البيانو الكبير»من توقيع المخرج أوجينو ميرا، وهو مخرج اسباني من مواليد فالنسيا 1977 وشهرته كمخرج تقترن بشهرته كموسيقي، وعازف ومؤلف، ومن هنا تأتي اهمية هذه التجربة.

قدم في عام 2004 فيلم «عيد الميلاد»وأجنوسيا عام 2010، وهو يعتمد على سيناريو كتبه داميان شازيلي الذي كان وراء العديد من الاعمال، بالاشتراك مع زوجته المخرجة والمنتجة ياسمين شازيلي.

في الفيلم الجديد، نتابع حكاية الموسيقار توم سلزبيك، اهم عازف بيانو بين ابناء جيله، «يقوم بالدور اليجا وود».

يعود هذا الموسيقي الشاب، الى العزف من جديد، بعد غياب نتيجة حالة من التوتر كانت تصيبه، وهي ناتجة عن خوفه من الوقوف على المسرح، وليس من العزف.

مع بداية عودته، يكتشف انه اصبح هدفا، لشخص لديه ملاحظات حول موسيقاه، حيث تصله التهديدات الارهابية بالقتل، وهكذا الامر بالنسبة لزوجته إيما «كيري بيش»ما لم يعزف باتقان عالي، والا تكون هنالك اي شائبة في اسلوب عزفه، وهنا تبدأ عملية التحدي للوصول الى اقصى درجات التكامل، وأي خطأ سيكون كفيلا بتدمير حياته، او حياة زوجته، هكذا هو المحور الذي اعتمد عليه البناء العام للنص والفيلم.

يقوده ذلك الشخص عبر سماعة للهاتف، في مغامرة تحبس الانفاس، وتتصاعد مع ايقاع الموسيقات العالمية التي نسمعها، ويعزفها ذلك الموسيقار الشاب.

فيلم «رعب موسيقي»ساحر وخلاب، ومدهش وشديد الحساسية، يأسرنا بأسلوبه، وايقاعه وسخاء المضامين التي يقدمها، وكمية الحالات الدرامية والنقلات التي يقدمها، وتجعل كل شخصية تنطلق الى محاور وفضاءات جديدة، وكأننا في صراع يتصاعد بشكل متناغم.

وفي الفيلم ايضا استخدام حديث للموسيقى، وايضا وسائل الاتصال الحديثة، من هاتف الى الكمبيوتر، الى مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يظل من خلالها ذلك الشخص الذي يقوم بدوره جون كوزاك بمطاردة ومحاصرة هذا العازف الشاب الذي يحاول السيطرة على خوفه السابق اولا من ارتقاء المسرح، وايضا الاجادة التامة في العزف، ومواجهة خطر الموت المحدق الذي يحسه ويتابعه، فهو يعلم ان هنالك من يجلس في الصالة ويشهر بندقيته عليه، بانتظار ان يخطئ كما يخاف على زوجته ايضا.

اي رعب، قناص وتهديدات تصله تارة عبر النوتة التي امامه، واخرى عبر الهاتف ثم عبر بريده وجهازه الاليكتروني.

خاف من الجمهور وخوف من المسرح ولا طريق إلا الذهاب الى الموسيقى والعزف وبجودة عالية، فالكمال هو سبيله الى ان ينقذ حياته، في معزوفة لا تنتهي.

يظل الفيلم لمرحلة طويلة منه احادي، حيث العازف لوحده، وحينما يكشف الفيلم عن وجهه الذي يهدده يتطور الايقاع ليصل بنا الى مرحلة من اللهاث ولربما الاختناق.

نوعية خاصة «جدا»من افلام الرعب التي تحول جميع المشاهد الى حالة من التوتر المتصاعد والمحتشد بالايقاع والتفاعلات النفسية، بحث عن مثل تلك الرموز والطلاسم لبلوغ المواجهة، واكتشاف الحقيقة التي لا نقولها هنا بل تجدونها في صالة العرض.

في الفيلم بالاضافة الى «اليجا وود»الذي عاش عقداً من الزمان كاملاً وهو يقدم سلسلة افلام «سيد الخواتم»ليدخل بنا هذه المرة الى عوالم وأسرار الموسيقى عبر اختيار ذكي ولماح للشخصية ومضامينها، معه في الفيلم جون كوزاك وكيري بيشي وياسمين اغيرتون.

تبدأ اللعبة في هذا الفيلم، حينما يكتشف ذلك العازف الشاب، ملاحظة مكتوبة على أوراق النوتة التي امامه، في لحظات الاندماج التام مع العزف، وأمام الجمهور، وايضا تقديم اقصى درجات التكامل، لان اي خلل يعني الموت.

جميع مشاهد الفيلم صورت في إقليم كاتلونيا وفي برشلونة على وجه الخصوص.

كتب الموسيقى التصويرية للفيلم الموسيقار الاسباني فيكتور رابس الذي كتب موسيقى فيلم «الاضواء الحمراء».

ومعهم في الفيلم مدير التصوير انكس منديا الذي صور افلام باك وود، وكما آخر من الافلام الاسبانية، ويبقى ان نقول: احتفاء حقيقي بالموسيقى والصورة، ومن قبلها النص المكتوب والمحبوك بعناية ودقة، في فيلم سيظل خالدا بعنوان «البيانو الكبير».

النهار اللبنانية في

09.03.2014

 
 

السينما اللبنانية..

"غليان إنتاجي" في ظل الاضطرابات

بيروت - فرانس برس 

يسجل المشهد السينمائي المحلي في لبنان تغييرا جذريا يتمثل في "غليان" إنتاجي، وفي إقبال متزايد من الجمهور على الأفلام المحلية، لا يحده الاضطراب السياسي والامني المتواصل في هذا البلد.

ولم تحتضن الصالات اللبنانية من قبل هذا الكم من الأفلام المحلية لا قبل الحرب الأهلية التي امتدت بين العامين 1975 و1990، ولا خلالها ولا في الفترة التي تلتها مباشرة.

ففي الاشهر الخمسة الأخيرة تنافست ستة أفلام سينمائية لبنانية روائية طويلة كان القاسم المشترك في ما بينها تناولها قضايا اجتماعية في إطار ساخر.

ويشير الناقد السينمائي نديم جرجورة في حديث له: "الأفلام السبعة التي عرضت خلال سنة ونصف، جذبت بمعظمها جمهوراً كبيراً وحققت أرقاماً جيدة على شباك التذاكر، وهذا مهم لأن السينما أساساً صناعة، وينبغي ان تدر أرباحاً".

وليس المهم بالنسبة لجرجورة عدد الأفلام اللبنانية المعروضة وحجم الجمهور الذي شاهدها بل هل استمتع الجمهور بهذه الافلام، وهل تفاعل معها بالمعنى الإنساني والثقافي، وهل هذه الأفلام في ذاتها تنطوي على قيم سينمائية ومشغولة بطريقة لائقة.

وكان فيلم "بيبي" للمخرج إيلي حبيب الذي جمع وجهين تلفزيونيين معروفين هما ماغي بوغصن ويوسف الخال، استقطب العدد الأكبر من المشاهدين وهو 152 ألفا.

أما "حبة لولو" للمخرجة ليال راجحة فشاهده 130 ألف شخص وهو درامي ساخر يعالج قضية الأولاد اللقطاء، واستحالة منحهم أوراقا ثبوتية في لبنان، وكان لافتا أن هذا الفيلم تفوق جماهيريا على فيلمين أميركيين مهمين عرضا في الفترة نفسها، هما "وولف اوف وول ستريت" و "هانغر غايم".

وأقبل 80 ألف مشاهد على فيلم "غدي" للمخرج أمين درة، وهو من بطولة جورج خباز الذي كتب أيضا السيناريو، ويتناول الاختلاف عبر قصة فتى مصاب بمتلازمة الداون.

ويقول المسؤول عن برمجة الأفلام في صالات "امبير" بسام عيد ان :"الفيلم اللبناني حقق قفزة نوعية على شباك التذاكر، والجمهور يريد ان يضحك ويتسلى".

ويضيف عيد: "بات الموزعون مقتنعين اكثر بتوزيع الفيلم اللبناني، وهذا التوجه إلى اتساع، اذ اطلعت هذا الاسبوع على مشاريع سبعة افلام لبنانية طويلة".

ويستطرد قائلا: " نحن نشجع الافلام اللبنانية ونعرضها في صالاتنا ولكننا نحرص على أن تكون ذات نوعية جيدة".

وترى المخرجة اللبنانية لارا سابا، صاحبة فيلم "قصة ثواني"، ان "الافلام التي تعرض راهنا ابتعدت عن موضوع الحرب لأن ثمة جيلا لم تعد تهمه هذه الحرب، ولم يعد يتحدث عنها".

ووتضيف سابا: "حين تبين للمنتجين ان الافلام اللبنانية بدات تجذب مشاهدين الى الصالات، تشجعت رؤوس الاموال للاستثمار في السينما".

وتقول المخرجة اللبنانية والناشطة في مجال السينما زينة صفير: "علينا ألا نخرب السينما اللبنانية كما فعلنا بموسيقانا، وانا مع الافلام ذات النوعية التي تنجح تجاريا فالسينما صناعة، لكنني ضد السخف". 

لكن الناقد نديم جرجورة يرى أن "ثمة فرقا بين منتج سينمائي وبين الذي يمول". ويقول "في لبنان ثمة ممولون، لكننا نفتقر الى شركات الانتاج" المعنية بالقيمة السينمائية للاعمال.

وأضاف جروجورة: "معظم الافلام التي نزلت الى السوق هي افلام ممولين تستعين بممثلين تلفزيونيين معروفين، وهذه التوليفة التجارية كانت معتمدة في مصر خلال الستينات".

ويعزو مخرجون ومراقبون تزاحم الافلام في الصالات اللبنانية الى ارتفاع عدد الجامعات التي تدرس السينما، وتوافر التمويل من صناديق دول الخليج، وتطور وسائل التصوير والمونتاج الرقمية.

العربية نت في

09.03.2014

 
 

النساء يحصدن جوائز مهرجان المركز الكاثوليكى المصرى للسينما

هند موسى 

حصلت النساء على نصيب الأسد من جوائز مهرجان المركز الكاثوليكى المصرى للسينما الذى اختُتمت فاعليات دورته الـ62 أول من أمس، إذ نالت فرح يوسف جائزة أحسن ممثلة عن دورها فى فيلم «الشتا اللى فات»، ونالت المخرجة نادين خان جائزة أحسن فيلم عن «هرج ومرج»، الذى نالت عنه المونتيرة دينا فاروق جائزة أحسن مونتاج.

ووُزِّعَت شهادات الإبداع على كل من نجلاء يونس عن دورها فى فيلم «عشم»، ووهبة يسرى عن شخصيتها المركَّبة فى «فيلا 69»، ومنى الشيمى لتقديمها الفتاة الفقيرة بمرح وبساطة فى «عشم».

ونال المخرج سعيد مرزوق جائزة الريادة السينمائية، ورغم عدم قدرته على المشى، وجلوسه على مقعد متحرك، فإنه حرص على الصعود أعلى المسرح لتحية الحضور.

وطلبت إلهام شاهين من الأب بطرس دانيال مدير المركز ورئيس المهرجان أن تظهر مذيعةً لتقدم جائزة الريادة السينمائية لنور الشريف، مشيرة إلى أنه ساعدها فى بدايتها، ومنحها دورًا كبيرًا فى فيلمه «العار»، وهى تعتبره أستاذها وليس مجرد زميل، وأنه علّمها أن النجومية هى تقديم أفلام جيدة، مع التميز بالثقافة والفكر.

من جانبه أشاد الشريف بالسلوك الشخصى لشاهين، وبكونها ممثلة نادرة، مشيرًا إلى فضل المركز الكاثوليكى عليه، إذ حصل فيه على أهمّ جوائز حياته، وأقيم فى قاعاته عديد من جمعيات السينما.

وذكر أن هذه هى الدورة الـ62 من المهرجان، وهذا يعنى أن تاريخ هذا المهرجان أطول من تاريخ دولة إسرائيل نفسها، ودعا أن لا يتوقف نشاط هذا المركز فى الحفاظ على الهوية المصرية، دون تفرقة بين مسلم ومسيحى، لأننا جميعا فراعنة مع الاحتفاظ بطابعنا العربى.

ونال على الحجار، الذى تَغيَّب عن المهرجان، جائزة التميُّر الفنى لريادته فى تقديم الأغنيات الدرامية، سواء فى السينما أو التليفزيون أو المسرح، وكذلك فازت أحلام يونس عميد المعهد العالى للباليه بشهادة تقدير عن الفقرة الفنية التى قدمتها فى بداية حفل الختام، وتسلمها عنها محمد حسنين مصمِّم الاستعراض.

وفاز صبرى عبد المنعم بجائزة لجنة التحكيم الخاصة عن دوره فى «هرج ومرج»، الذى نال عنه محمد ناصر جائزة أحسن سيناريست، وكانت جائزة أحسن تصوير من نصيب حسام شاهين عن «فيلا 69»، وأحسن موسيقى تصويرية لأحمد مصطفى صلاح عن «الشتا اللى فات».

وفاز المخرج أحمد عبد الله بجائزة أحسن إخراج عن فيلمه «فرش وغطا» وتَسلَّمها عنه خالد أبو النجا، الذى فاز أيضا بجائزة أحسن ممثل عن دوره فى «فيلا 69»، مشيرًا إلى أن الفيلا التى صُوِّرَت الأحداث فيها كانت معروضة للبيع لمستثمر عربى كان يخطط لهدمها، وبعد عرض الفيلم تراجع هذا المستثمر عن شرائها حفاظًا عليها.

ونالت جميع الأفلام المشاركة فى المهرجان شهادات تقدير، وهى: «الشتا اللى فات»، و«هرج ومرج»، و«عشم»، و«فرش وغطا»، و«فيلا 69».

التحرير المصرية في

09.03.2014

 
 

ننشر مذكرات تحية كاريوكا للكاتب الكبير صالح مرسى

«الحلقة الخامسة عشرة»

أعدها للنشر : محمد توفيق 

العثور على مذكرات كاريوكا أشبه بالحصول على كنز، فمذكرات تحية كاريوكا لا تعكس فقط قصة حياة أشهر راقصة عرفتها مصر، لكنها تعكس صورة لحال البسطاء والحكومات فى مصر طوال ما يزيد على نصف قرن من الزمن.

ولدت قبل 14 يومًا فقط من قيام ثورة 1919، وعاشت أجواء حرب 1948 ووقفت إلى جوار الفدائيين وساعدت فى نقل الأسلحة إليهم، وحين رأت أن ثورة يوليو انحرفت عن مسارها انتقدتها، ودفعت الثمن، ودخلت السجن.

لكن الأجمل والأهم والأمتع هو أن تقرأ هذه المذكرات بقلم العم صالح مرسى الأديب الذى جعل من الجاسوسية أدبًا وفنًا.

فتحية إلى «كاريوكا» بنت البلد المصرية الصميمة، الخالصة، المُخلصة، الشُجاعة، الجدعة، وتحية إلى المبدع الرائع الراحل صالح مرسى، فكلاهما لم يرحل عن القلب والذاكرة رغم رحيلهما عن الدنيا.

كاريوكا: اقترضتُ ستة جنيهات من صاحب سينما «ريفولى» لأشترى بدلة رقص

وفى تلك الأيام كانت القاهرة مسرحًا لنشاط سياسى وفنى شديد.. كان على ماهر قد استقال من الوزارة ليخلفه حسن صبرى، وكانت المعارك بين الشعراء تحتدم كل صباح على صفحات الجرائد والمجلات، ودخلت إيطاليا الحرب وزحفت قوات الدوتشى من ليبيا لتغزو أرض مصر وتحتل السلوم وسيدى برانى وتدق أبواب الإسكندرية بمدافعها الثقيلة.. وتحدث أزمة وزارية فى وزارة حسن صبرى فيستقيل الوزراء السعديون فى مظاهرة سياسية هائلة، ويسقط رئيس الوزراء ميتًا فى البرلمان أمام الملك فاروق وهو يتلو خطبة العرش.. ويؤلف حسين سرى وزارة جديدة.. وكان ديجول يعيش فى مصر بعد أن سقطت فرنسا تحت أقدام النازى فى أيام قليلة.

مع بداية الحرب العالمية الثانية أُعلِنَت الأحكام العرفية، وفُرِضَت الرقابة على الصحف، واحتجَّ حزب الوفد بمذكِّرة قدمها للسفير البريطانى، وملأ الإنجليز حيطان المدن بأفيشات تحمل رسومًا كاريكاتيرية ضد النازية والفاشستية، وفُتحت معسكرات الإنجليز لعشرات الألوف من العمال المصريين للعمل فى الورش أو البناء.. وأغرقوا البلاد بملايين الملايين من الجنيهات، واستخدموا كل طريقة للترويج والدعاية.. وكان كازينو بديعة، بما له من شهرة وصيت ومكانة فنية، أحد هذه الأماكن التى أغدق الإنجليز عليها أموالهم.. وإذا كان الكازينو قد أصبح يمتلئ كل ليلة بضباط جيش الإمبراطورية -ويحرم دخوله على الجنود- فإن ما كان ينفقه الضباط لم يكن يكفى، فاتفقت السلطات البريطانية مع بديعة، نظير ألوف الجنيهات على أن تقدم برامج دعائية، ترتدى فيها البنات زى مضيفات جويات، أو مجندات، وأن تصمّم لهن رقصات تبشر بالنصر!

وكانت تحية بطبيعة الحال تشترك فى هذه البرامج، وكانت تؤدِّى مع الراقصة الناشئة -مثلها- هدى شمس الدين، رقصة ترتديان فيها زِىَّ مضيفات جويات.. وكانت إذا وجدت ساعة أو بعض ساعة بلا عمل، أسرعت إلى شلة المحنطين، فى ما بين الماتينيه والسوارية، برداء المضيفة الجوية، إلى حيث كانوا يجتمعون فى مثل هذا الوقت من كل يوم فى بار الأنجلو!

وذات يوم، قبل أن تدخل تحية بار الأنجلو، كان حسنى (بك) نجيب فى انتظارها!

«اسمعى يا توحة…».

همس لها الرجل بأنهم يدبِّرون مقلبا للشيخ عبد العزيز البشرى.

قالت تحية: «البشرى! وده يطلع إيه؟!».

فى كلمات أخبرها حسنى نجيب بمن يكون ذلك الرجل الذى اشتهر بلسانه الطويل وأسلوبه اللاذع، وفى كلمات طلب منها أن لا تنطق حرفًا بالعربية إذا ما دخلت البار، فهى -كما أخبروا الشيخ عبد العزيز- إحدى المجندات التابعات للجنرال ديجول، جاءت تبحث عنه، ليلقى حديثًا فى إذاعة فرنسا الحرة، موجَّهًا إلى الدول العربية!

وشاهدت تحية الشيخ عبد العزيز لأول مرة، وجلست ترقب هذا الرجل ذا الشارب الكث والعمامة فوق رأسه، وراحت ترطن معه بالفرنسية، وحسنى نجيب يترجم.. وكان من عادة الشيخ عبد العزيز البشرى أن يتناول غداءه فى تمام الساعة الثانية ظهرًا، وأن ينام ساعتين أو ثلاثًا، وأن يرفض أى موعد لعمل أو لقاء فى هذه الفترة من اليوم.. وكان الشرط الوحيد لهذه المضيفة الجوية التى جاءت من قِبَل الجنرال ديجول للشيخ عبد العزيز، أن يسجِّل حديثه، فى فندق الكونتننتال فى تمام الساعة الثانية ظهرًا!

ورفض الشيخ عبد العزيز، غير أنه ما إن سمع بالأجر الذى عرضته عليه، وهو ثلاثون جنيهًا، حتى وافق، ومَضَت تحية بعد ساعة على موعد معه فى اليوم التالى، لكنها غادرت بار الأنجلو، لتنسى الأمر برمته!

ولقد مضت الأيام، مضى عام كامل، وكانت تحية تسير ذات يوم فى ميدان الأوبرا، وتعبر الرصيف أمام فندق الكونتننتال، عندما فوجئت برجل معمَّم، كَثّ الشارب، يخرج عليها من الفندق شاهرا عصاه، ومن فمه تنهال الشتائم والسباب بلا حصر، وعندما التفتت نحوه ورأته، عرفت فيه ذلك الشيخ الذى قابلته فى بار الأنجلو ذات يوم، فأطلقت لساقيها العنان، وشهد ميدان الأوبرا فى ذلك اليوم منظرًا فريدًا، كانت تحية كاريوكا -كانت قد عُرفَت بهذا الاسم واشتهرت به فى كل أنحاء مصر- تجرى بكل قواها، ومن خلفها الشيخ عبد العزيز البشرى وهو يطاردها وقذائف الشتائم تنهال من بين شفتيه.

أفلتت تحية من الشيخ عبد العزيز بأعجوبة، لكنهما أصبحا بعد ذلك صديقين، وأصبح هو، من أقرب الناس إلى قلبها، ذلك العالم، الذى كانت تتعلم منه حقيقة، أصول الدين!

لم تكن تحية تعلم -قبل هذا الحادث بعام واحد- أن الرقصة التى كانت تستعد لها مع إيزاك ديكسون، بموافقة المدام وسخطها الدائم لاستغراق تحية فى التدريب، سوف ترتبط بها إلى الأبد ارتباطًا لا ينفصم، لم تكن تعلم أن هذه الرقصة سوف تصبح اسمها هى نفسها!

وعندما سمحت بديعة لتحية بأن تتدرب فى أثناء فترات الراحة فى البروفات، وبعد البروفات أيضًا، لم تكُن موافقتها مجرد موافقة رغم أنها كانت ترفض -حتى هذا الوقت- أن تتحدث مع إيزاك أو تعامله، ذلك أنها راحت -من بعيد وبعين الخبير- ترقب خطوات الرقصة بوما بعد يوم، وتشاهد التدريبات وتتابعها وتناقش تحية فى الخطوة، وقد تُبدِى رأيًا سريعًا وقد لا تُبدِى رأيا، لكنها فى النهاية كانت راضية.

ولم تكن تحية تريد أكثر من ذلك، لم تكن تحلم بأكثر من ذلك، ولم تستطع أُمّ حورية محمد، ولا حورية نفسها، الاعتراض فى البداية، كانت حورية فى تلك الأيام راقصة لها شأنها وكانت راقصة ممتازة قديرة تنساب حركاتها فى الرقص الشرقى، أو فى رقصة التانجو التى كانت قد اشتهرت بها، فى إبداع لا ينكره أحد، وعلى ذلك، فلقد كان من غير المعقول أن تعترض على هذه البنت الناشئة بخاصة بعدما حدث بعد أن أدَّت رقصتها الشرقية الأولى، وبعد أن مزقت الست نرجس البدلة إلى قطع صغيرة دفعت المدام ثمنها كاملًا!

غير أن تحية فى ذلك الوقت، كانت مشغولة بشىء آخر نغَّص عليها حياتها تمامًا، ولقد اجتمعت «الشِّلة» ذات يوم (جينا وتيتى وجمالات وتحية) وراحت كل منهن تناقش هذا الأمر وتقلبه على كل وجوهه رغبة فى الوصول إلى حل دون جدوى!

كان إيزاك ديكسون قد صمّم البدل، وكانت التدريبات الشاقة قد وصلت إلى نهايتها وأصبحت تحية على استعداد كامل لأن تقدم الرقصة إلى الناس، فماذا كانت تنتظر؟!

«عملتى إيه فى حكاية البدلة يا توحة؟!».. هكذا كان يسألها كل يوم، وكانت فى كل يوم تجيب نفس الإجابة: «لسه، ماعرفش!».

وهكذا بدأت تفقد مرحها الذى لازمها منذ انتقمت من كريمة، ومنذ أصبح الجميع يخافون منها ويعملون لها ألف حساب ويعاملونها باحترام، ولقد كانت تحية عقدت صداقات عديدة مع كثيرين من زبائن الكازينو الدائمين، وكان من هؤلاء ثلاثة من الأشقاء عرفتهم مصر عندما أنشؤوا سينما «ريفولى» لتضارع فى جمالها سينما «مترو» التى كانت فى تلك الأيام مفخرة الشرق!

كان أولاد جعفر (مصطفى ومحمد والمرحوم مظهر جعفر) من أقرب الأصدقاء إلى نفس تحية، ارتبطت بهم ارتباطًا وثيقًا على مدى سنوات طويلة، وكان محمد جعفر فى تلك الأيام قد وقع فى حب جولييت بعد أن انتهت علاقتها بفؤاد الجزئرلى، وذات يوم كانت تحية تجلس مع مصطفى ومحمد جعفر فى حديقة الكازينو، وكان واضحا عليها ذلك الإحساس الدفين بالضيق والألم، وسألها محمد جعفر: «مكلضمة ليه؟!».

وفى عصبية قصَّت تحية عليه القصة كلها، فسألها مصطفى: «والبدلة دى تتكلف كام؟!».

قالت: «ماعرفش، اسأل إيزاك».

ثم انصرفت!

وبعد لحظات من انصرافها، دخل إيزاك الكازينو، وناداه مصطفى جعفر، وسأله عن ثمن البدلة، فقال: «ستة جنيه»!

كان المبلغ كبيرًا بالنسبة إلى تحية، لكنه كان بالنسبة إلى أولاد جعفر مبلغًا بسيطًا، وعندما أخرج مصطفى جعفر عشرة جنيهات وقدمها لتحية التى كانت قد عادت إليهم من جديد، رفضت أن تأخذ المبلغ كله، كان كل ما تطلبه هو الجنيهات الستة ثمن البدلة!

وسرعان ما بدأت مدام مارى (التى كانت تصمم ملابس الراقصات) تصنع البدلة التى ما إن رأتها تحية حتى كاد عقلها يذهب.

وأخيرا جاءت ليلة العرض.

وإذا كان الرقص الشرقى يعتمد على حرية الراقصة فى التعبير بالجسد مع النغم المنساب وإذا كان كان يعتمد أيضًا على ذلك الإبداع الخفى الخاص بالراقصة، والذى يميزها من كل راقصة أخرى، فإن هذا الرقص كان مختلفًا أشدّ الاختلاف، كانت الخطوة تلازم الإيقاع ملازمة درامية تتصاعد معه أو تهبط به فى رتم مدروس ومرسوم، إن أى خطأ فى أى خطوة، كان كفيلًا بكشف الراقصة وتحويل الرقصة بعد ذلك إلى مجرد حركات بلا معنى، لهذا، لم تكُن تحية هى التى انتابها القلق وحدها، بل امتدّ القلق إلى بنات الشلة اللاتى تركن الكواليس ونزلن إلى الصالة ليشجعن تحية بالتصفيق والاستحسان كما امتد إلى إيزاك ديكسون الذى لازم تحية فى هذا اليوم ملازمة الظل، وراح يدربها كلما استطاع ذلك فى الصباح أو الظهر أو المساء، يصاحبها بصيحاته وتعليماته، غير أن أكثر الجميع قلقًا كانت هى بديعة مصابنى.

فى تلك الليلة لم يحدث ما حدث فى المرة الأولى، ولم تقدم الرقصة باسم تحية كما حدث عندما قدمت الرقصة الشرقية، كل ما قيل فى الميكروفون: «سيداتى آنساتى ساداتى، نقدم لكم الليلة، ولأول مرة، رقصة الكاريوكا!».

أُطفِئَت الأنوار ودقت موسيقى الفرقة الغربية التى كانت تعمل فى الكازينو، فوقع قلب تحية فى قدميها، وارتجفت، وبرد جسدها، وعندما رُفِعَ الستار، دفعها إيزاك ديكسون إلى المسرح دفعًا، وتعالى تصفيق البنات وصيحاتهن من الصالة، وبدأت تحية تخطو للمرة الأولى تلك الخطوات التى كانت سببًا فى شهرتها، ومضت الدقائق وتحية تؤدِّى الرقصة على إيقاع الموسيقى وصوت إيزاك الذى كان واقفا فى الكواليس يهمس صائحًا: «واحد، اثنين، ثلاثة، واحد. اثنين، ثلاثة»!

وما إن انتهت الرقصة حتى دوّت الصالة بالتصفيق.

وانحنت تحية للناس الذين كانت أكُفُّهم تدوِّى فى الصالة، لكن عينيها كانتا عند بديعة، ولشد ما كانت دهشتها عندما رأت بديعة وهى تشير إلى الأوركسترا أن يعيد العزف من جديد، ومن جديد رقصت تحية «الكاريوكا» ونجحت، وعندما أُسدِلَ الستار كان أول من تَلقَّاها بين ذراعيه هى، بديعة مصابنى، كانت هذه السيدة قد أيقنت بما لا يدع مجالًا للشك، أن تحية قد وضعت قدمها على أول الطريق، وأنها أصبحت راقصة فعلًا، فلم تتحفظ، وضمَّتها إلى صدرها، وقبَّلَتها!

كان فى هذا فقط كل الكفاية بالنسبة إلى تحية، وكانت هذه هى الليلة الأولى، التى نسمع فيها من يناديها فى الصالة باسمها الجديد، زبون عادى لا تعرفه ولا تذكره. كانت تسير بجواره، فناداها صائحا فى إعجاب: «كاريوكا!».

والتفتت تحية نحوه فى حدة وهى تقول: «أنا ماسميش كاريوكا!».

لكن غضبها لم يكُن يعنى الناس فى كثير أو قليل، فمنذ تلك الليلة أصبح اسمها «تحية كاريوكا»، إلى الأبد!

التحرير المصرية في

09.03.2014

 
 

نور الشريف بعد تكريمه فى المهرجان الكاثوليكى:

محدش يقول مسلم ومسيحى.. إحنا فراعنة

اياد إبراهيم  

اختتم مهرجان المركز الكاثوليكى للسينما دورته الثانية والستين بقاعة النيل للاباء الفرنسيسكان أمس الأول وهى الدورة التى تستحق لقب دورة «المستقلين» بامتياز بعد ان شارك بها 5 أفلام تنتمى للسينما المستقلة وهى «الشتا اللى فات»، «هرج ومرج»، «عشم»، «فرش وغطا»، «فيللا 69».

وقد وزعت جوائز الدورة بين الأعمال الخمسة، وحاز فيلم «هرج ومرج» على النصيب الاكبر منها، فحصد محمد ناصر مؤلف الفيلم على احسن سيناريست، ودينا فاروق احسن مونتيرة، والفنان صبرى عبدالمنعم جائزة لجنة التحكيم الخاصة.

أما أحسن ممثل فذهبت لخالد ابو النجا عن دوره فى فيلم «فيللا 69» وذهبت جائزة احسن ممثلة للفنانة فرح يوسف عن فيلم «الشتا اللى فات» وجائزة احسن مخرج لأحمد عبدالله عن فيلم «فرش وغطا».

كما ذهبت جائزة احسن موسيقى تصويرية لأحمد صالح عن فيلم «الشتا اللى فات» ونال حسام شاهين أحسن مصور عن فيلم «فيللا 69».

وقد بدأت الاحتفالية بتقديم فيلم قصير كما هو معتاد عن فاعليات الدورة ثم قدمت فرقة المعهد العالى للباليه فقرة استعراضية، ليصعد المخرج الكبير سعيد مرزوق لخشبة المسرح لتلقى جائزة الريادة السينمائية، يعقبه الفنان الكبير نور الشريف لينال نفس الجائزة والذى طلبت الهام شاهين تسليمه الجائزة بنفسها وقالت «طلبت اكون مذيعة عشان اقدم استاذى وصديق العمر نور الشريف».

وألقى الشريف كلمة لمدة دقائق تحدث فيها عن تكريم المركز له من قبل بصحبة سعاد حسنى واشار إلى فضل مكتبة المركز الكاثوليكى، كما اكد الشريف على دور المركز فى الحفاظ على الهوية المصرية وقال «محدش يقولى مسيحى ومسلم كلنا فراعنة مع الاحتفاظ بالانتماء العربى، وانا سعيد برقصة الافتتاح المستوحاة من الفن الفرعونى».

كما وجه نور الشريف رسالة لأى نظام حاكم على حد تعبيره وقال «اوعى تتخلى عن الفن عشان الفن هو المصنع اللى بيخلق الشعوب» كما اشار إلى عراقة المهرجان والذى يتخطى عمره عمر دولة اسرائيل وصحبته على خشبة المسرح فى كلمته الفنانة بوسى.

ثم قال انه سعيد بوجود سعيد مرزوق على خشبة المسرح الكاثوليكى لأنه احد عباقرة الابداع السينمائى فى العالم.

كما منح المركز جائزة التميز الفنى للفنان على الحجار تكريما له، كما فازت احلام يونس عميدة معهد الباليه على جائزة شكر وتقدير.

الشروق المصرية في

09.03.2014

 
 

شجرة تنمو بالحسنات في البرزخ!

"خطأ طباعي" فيلم قصير ملاكه طفلة لبنانية في الثامنة

ساره الشمالي 

خطأ يودي بأحدهم إلى الموت قبل أوانه بثمانية أعوام، فيطرح عليه الملاك أن ينتظر أو يعود بلا ذاكرة. والملاك ليس سوى طفلة لبنانية في الثامنة.

ساره الشماليفيلم قصير، لكنه يتعرّض لموضوع قد يعتبر من الكبائر، ولو كانت المعالجة لا تغالي في هذا الأمر. إنه فيلم "خطأ طباعي" أو Typo، الذي يروي قصة رجل توفي، فوصل إلى البرزخ ينتظر حسابه، ليكتشف بعد قليل أن خطأ طباعيًا في الأمر،  وأن موعد موته بعد ثمانية أعوام، وأمامه خيار من اثنين، الانتظار أو العودة إلى الحياة، بعد أن تُزال ذاكرته عن بكرة أبيها.

وجه الملاك

مدة الفيلم لا تتجاوز ست دقائق ونصف دقيقة، لكنه زاخر بمعان إنسانية كبيرة. وتكبر أكثر، لأنها ثقيلة على كاهل الطفلة تمارا المهتار، التي تؤدي أحد الدورين الأساسيين في الفيلم، إلى جانب جوليان فرحات.

فتمارا ابنة الثمانية أعوام هي الملاك الأبيض، الذي يستقبل الموتى في البرزخ، ويسجل دخولهم وخروجهم، ويحسب حسناتهم وسيئاتهم، خصوصًا أن لكل منهم شجرة تنمو بحسب ما يلمّونه من حسنات، ويجمع كل لحظات حياتهم في أرشيف مصور. وهي من يجلس مع المُتوفي، القادم حديثًا، الذي يؤدي دوره جوليان فرحات، ليكتشفا معًا أنه ليس المطلوب ميتًا اليوم، بل بعد ثمانية أعوام.

لم تبذل تمارا الكثير من الجهد في أداء الدور، إذ حفظته سريعًا، خصوصًا أن الكلام ليس كثيرًا كأي فيلم آخر، "لكن الصعوبة كانت في تقديم الوجه الذي أراده المخرج حسين إبراهيم"، كما تقول تمارا لـ "إيلاف". تضيف: "ما كنت أعرف كيف يكون وجه الملائكة، فكان عليّ أن أستوعب أولًا كيف يجب أن أكون، لكن جوليان ساعدني لأتجاوز ما لم أكن أفهمه، أي أن أمثل الدور كأي إنسان".

مسألة خطأ

تخطت تمارا هذه العقبة سريعًا، "وأدركتُ أن المطلوب مني أن اكون أنا، نفسي، أن أتكلم كما أتكلم في المنزل، مع أهلي، وأن أتصرف على طريقتي، وهذا لم يكن صعبًا، بالرغم من أن موضوع الفيلم جديد بالنسبة إليّ، وعرف جوليان كيف يدخلني إلى الدور المطلوب مني، وعلمني بتأنٍ كيف ألفظ الكلمات التي ما سمعت بها من قبل".

استطاعت تمارا أن تكون في الفيلم، تحت إدارة حسين إبراهيم، مؤلف الفيلم ومخرجه، ذاك الملاك، فصبغت المشهد بطفوليتها، التي جعلت من المسألة برمتها فعلًا مسألة خطأ طباعي، لا أكثر.

لا بد أن اختيار طفلة في الثامنة من عمرها لأداء هذا الدور قدم إلى الفيلم بعدًا آخر، إذ قرّب وجه تمارا، إلى جانب الممثل جوليان فرحات، الوجه الآخر لما بعد الحياة، بمعزل عن الروايات الدينية والتكهنات الميتافيزيقية.

الجدير بالذكر أن حسين إبراهيم ألّف هذا الفيلم وأخرجه، ليكون مشروع تخرجه الجامعي، وحمله إلى مهرجان براغ للأفلام القصيرة، فعرضه هناك.

إيلاف في

09.03.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)