كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

آمي أدامز لـ «الشرق الأوسط»: أنا امرأة حسّاسة ولا أجيد الدفاع عن نفسي

على الممثل أن ينتظر من المخرج التدخل في اختيارات معيّنة أو اقتراحات يراها ضرورية

هوليوود: محمد رُضا

 

إذن لم تنل آمي أدامز الأوسكار يوم الأحد الماضي بل ذهب الأوسكار إلى منافسة شديدة الصلابة (والموهبة) اسمها كيت بلانشيت. ولا مقارنة بين الأسلوبين لسبب بسيط: كيت لا تناسب الدور الذي لعبته أدامز في «نصب أميركي» ولا أدامز تستطيع التعبير تماما عن ذلك الرحيق الارستقراطي الذي بثّته بلانشيت في تمثيلها لفيلم «بلو جاسمين».

لكن النتائج الفنية متساوية على نحو مذهل، وبالنسبة لآمي أدامز مجزية للغاية. دورها في «نصب أميركي» هو أعمق ما أدّته إلى اليوم. تتقلب فيه سلوكا ونفسا وعاطفة أكثر من مرّة من دون أن تفقد مكانها. تتماوج داخليا لكنها لا تنكسر أو تسقط تحت وطأة ما يحدث، ولا أمام ممثلين في قوة الشلة التي أحاطت بها: كرشتيان بايل وجنيفر لورنس وبرادلي كوبر.

ولدت سنة 1974، العام الذي تقع أحداث «نصب أميركي» في جواره. وبدأت التمثيل سنة 1999 وكما هي العادة الأدوار الأولى كانت قصيرة وعادية. اللاحقة كانت أكبر والحالية هي الأنضج.

هذا العام هو أهم أعوام مهنتها نظرا لهذا الفيلم. لكن «نصب أميركي» ليس العمل الوحيد الجديد اللافت لها، بل هي أيضا في «هي» (أو Her). مع أن دورها هناك صغير، لكنه محسوس ومعبّر عنه برقّة لامعة. هذا كله يتبع أدوارا مهمّة لها في «المقاتل» (للمخرج ديفيد أو راسل الذي أخرج «نصب أميركي») و«المتاعب مع المنحنى» (أمام كلينت إيستوود) و«ذ ماستر» مع واكين فينكس والراحل فيليب سيمور هوفمن.

·        أنت في فيلمين في دورين مختلفين. الأول «هي» والثاني «نصب أميركي» وكلاهما مختلف عن الآخر كثيرا. ماذا يعني ذلك بالنسبة إليك؟

- كما تعلم هما دوران مختلفان أيضا بالنسبة للمدّة الزمنية الممنوحة لي. في «هي» هو دور مساند ومحدود، في «نصب أميركي» دور رئيس. واحد من الاختلافات بالضرورة هو ما يستطيع كل دور أن يتيحه للممثل من فرصة تكوين الشخصية، بصرف النظر عن حجم الدور، تكوينا صحيحا. هذا ما سعيت إليه لكن عليّ، وأعتقد أن ذلك يطبّقه أي ممثل آخر، أن أعترف بسهولة الدور الذي ينضوي عليه فيلم سبايك جونز («هي»). تريد أن تمنح الشخصية لحما ودما وعظاما وأحاسيس بصرف النظر عن المدّة، لكن الدور كما هو مكتوب يساعد على ذلك لأنه عميق وفي الوقت ذاته واضح.

·        هل كان سهلا لك الوصول إلى ما أنت عليه الآن من شهرة؟

- ليس هناك شيء سهل في الحياة. إذا كان هناك أي شيء سهل الوصول أو الحصول أو التطبيق أنا لا أعرفه. لكني أؤمن بأن من يسعى يصل. وهناك مراحل عدّة في حياة كل منا وبعضها لديه مراحل أقل عددا من مراحل آخرين نسبة للمناسبات التي يعيد فيها تكوين نفسه عند الوصول إلى نقطة معينة في حياته. حين كنت ما أزال في عشرينات عمري، كنت كثيرا ما أستجيب لتوجيهات الآخرين. اكتشفت في تلك المرحلة أني أحاول أن أطبق ما يريده الآخرون مني وأنني لا أستطيع أن أبقى في هذا الإطار مطلقا لأني سأكون أقرب إلى السكرتيرة مني إلى الممثلة.

·        هنا بدأت تحقيق ذاتك؟

- نعم.

·        متى تحديدا؟

- ربما حتى منتصف العقد الماضي أو في أواخره.

·        هي المرحلة التي أخذت فيها تنصرفين نحو أدوار مميزة تؤدينها بطريقتك الخاصة. هل من أمثلة؟

- «جوليا وجوليا» و«ريب» كانا فاصلين مهمّين في حياتي.

·        كلاهما مع ميريل ستريب.

- صحيح. الوقوف أمام ميريل ستريب هو الامتثال لخبرة طويلة وهي أفضل من أي مدرسة. تساعد على التفكير في كيف أتوقف عن أن أكون مجرد ممثلة وأن أمارس موهبة نابعة من خصائصي ومزاياي الفنية. هنا يمكن للمرء أن يعرف إذا ما كان موهوبا فعلا وقادرا على بلورة نفسه، أو أنه لا يستطيع ذلك والأفضل له البقاء ضمن أبسط المتطلبات وهي التمثيل تنفيذا فقط. المشكلة هنا هي أن هذا النوع الثاني من التمثيل ليس لك. أي ممثلة تستطيع أن تقوم به. النوع الأول هو كاملا لك ينبع منك ووجودك في دور ما ضمن شروطك وأسلوبك هو ما يمنح الفيلم القيمة الإضافية.

قرب الممثل

·        في «نصبٌ أميركي»، وهو فيلمك الثاني تحت إدارة ديفيد أو راسل بعد «المقاتل»، ظهرت مع مجموعة أكبر من الأسماء المهمّة حاليا: كرشتيان بايل وجنيفر لورنس وبرادلي كوبر وجيمي رَنر.. كيف كان العمل مع هذا الفريق؟

- هؤلاء هم مجموعة رائعة من الأشخاص. وأنا سررت كثيرا للعمل معهم. برادلي وجنيفر ملتزمان جدا حيال الدور الذي يؤديه كل منهما. وهما ممثلان ممتازان. لكن هناك اثنان مختلفان من كرشتيان بايل وأنا مثّلت أمامهما. في «المقاتل» هو مختلف تماما عن «نصب أميركي»، ليس فقط من حيث الدور والشخصية التي يؤديها.. هذا هو الاختلاف الطبيعي، لكن من حيث شخصيّته هو. يختلف كثيرا لأنه ينساق بإيمان غريب للعمل. وهذا الاختلاف هو ما يجعل العمل أمامه عملية إبداع رائعة.

·        ماذا عن المخرج؟

- ديفيد كان أيضا مختلفا في الفيلمين. في «المقاتل» كان أكثر هدوءا. وحتى أسلوب عمله في ذلك الفيلم يختلف عن أسلوب عمله هنا. الآن أصبح أكثر حيوية وأكثر صراخا (تضحك). أصبح دائم الحركة. لا يكترث لشاشة «المونيتور» حين يحضّر أو يصوّر، بل هو دائما على مقربة من الممثل ومن المشهد بحيث لا يفوته شيء خلال العمل. لديه طاقة مثيرة للدهشة.

·        هل هو مخرج ممثلين؟ هل يدير الممثل على نحو صحيح؟ أم أن الممثل هو من يأتي إلى المشهد جاهزا؟

- الاثنان. على الممثل أن يأتي جاهزا في كل الأحوال، لكن عليه أيضا أن ينتظر من المخرج التدخل في اختيارات معيّنة أو أن يقترح أمورا يراها المخرج تساعد الفيلم من وجهة نظره وخبرته. ديفيد أو راسل يملك الساحة كاملة وهو من سيخبرك موقعك في تلك الساحة. لديك فكرة أين ستذهب معه وما المطلوب منك، لكن ليس لديك فكرة عن طول المشهد الذي ستؤديه، ولا عما سيطلبه منك خلال تأدية المشهد.

·        أعتقد أن سبايك جونز (مخرج «هي») يختلف تماما..

- سبايك هادئ ولطيف جدّا. يطلب من الممثل ما يطلبه همسا والفيلم تحت إدارته عملية خاصّة وشخصية. حين كان يوجّه واكين فينكس (بطل ذلك الفيلم) كان كمن يبوح بأسراره. كنت أشعر بأن علي مغادرة المكان نتيجة ذلك. ديفيد معاكس لذلك تماما. وهو يتحدّث إلى الممثل طويلا وبحميمية لكن ليس هناك مجال كبير للمناقشة. يقرر أن الممثل يعرف ما يريد لكنه يريد التأكد من أنه سيقوم أيضا بما يريده هو منه.

·        هذا الفيلم الذي نتحدّث عنه يدور حول فن الاحتيال والنصب. هل تعرضت للنصب؟

- نعم.

·        متى؟

- وصلت إلى لوس أنجليس وأنا في الرابعة والعشرين من عمري. وعشت فيها وهذا يكفي لكل أنواع التجارب (تضحك). عليك أن تعلم أنني كنت بريئة وساذجة. لم أكن أعلم أن عدم المباشرة هو صفة عمل دائمة. لم أصدّق ما اكتشفته لاحقا من كيف يستغل البعض البعض الآخر، وأحيانا ما كنت أتساءل كيف يسمح أحد لنفسه أن يخادع أو أن يستغل شخصا آخر؟ لكني في النهاية أدركت أن علي أن أتجاوز ذلك كله لأن الوقوف عنده لا يفيد.

من الأمس

·        في تمثيلك هذا الفيلم تظهرين جانبا جديدا من شخصيتك. سابقا أنت على يمين هذا الخط أو على يساره. لكنك هنا تمثلين جانبا مزدوجا. تطلبين من المشاهد التعاطف معك لكنك في الواقع تشاركين في النصب وإلى حد معين النصب على الرجلين معا كوبر وبايل..

- نعم إلى حد ما. هي امرأة تعرف أولويّاتها وتحب بايل وإن كانت توجّه له انتقادات لاذعة وتتصرف لبعض الوقت حياله كما لو لم تعد تهتم به. هذا لم يكن سهلا علي وكان مهما عندي الاستماع إلى إدارة المخرج بكثير من العناية لأنه هو من يعرف ماذا يريده من الشخصية. في السيناريو هناك نص يدعوك للتصرّف، وعلى الممثل والمخرج إيجاد التبرير لهذا السلوك أو ذاك. ديفيد ينقل الممثل إلى نقطة عميقة وجديدة لا يمكن له أن يكتشفها وحده.

·        ما أوّل فيلم شاهدته أثر عليك وجعلك تقررين أن تصبحي ممثلة؟

- بصراحة Grease (تضحك). أعلم أنه فيلم مراهقات لكني كنت مراهقة بدوري آنذاك. حين أدركت أنني أريد أن أصبح ممثلة انتقلت لمتابعة الممثلات اللواتي نجمع على أنهن رائعات وموهوبات إلى حد لا يمكن نكرانه. كنت تحت تأثير الممثلة فيفيان لي. بهرتني حين لعبت «ذهب مع الريح».. كيف لها أن تكوّن حياة في الشخصية التي لعبتها. وهناك أوليفيا دي هافيلاند.

·        تختارين ممثلات قديمات. ليس هناك تأثير من ممثلات أقرب إلى العصر الذي نحن فيه؟ ميريل ستريب، جسيكا لانغ أو ربما ناتالي وود..

- أحببت دائما الأفلام القديمة وطريقة شغلها. لذلك أحب ممثليها وممثلاتها. طبعا أقدر الأسماء التي تذكرها وسبق أن تحدثت عن ميريل ستريب، لكن التأثير الأول، كما فهمت من سؤالك، عليه أن يبدأ من نقطة أبعد.

·        ثلاثة أفلام تحبّينها أكثر من غيرها؟

- «فرتيغو» و«ذهب مع الريح» و«إصلاحية شوشانك».

·        هل تتعاملين مع تقنيات اليوم؟

- تقصد الإنترنت وسكايب وفيسبوك وسواها؟ أنا جاهلة بمثل هذه الأمور تماما. ما أحبه في الحياة هو أنني ولدت قبل هذا العصر. لذلك حين قدّم لي ديفيد سيناريو «نصب أميركي» الذي تعود أحداثه كما تعلم إلى السبعينات سعدت به جدا. هو يعبّر عن فترة كان كل شيء لا يزال يجري إنسانيا أو عبر البشر بشكل مباشر.

·        ماذا يزعجك في التقنيات الحديثة؟

- يزعجني أنها خطرة جدا وهي ليست لكل الناس. أنا شخصية معروفة وعلي دائما أن أكون حذرة من أن يتصل أحد بي ليخبرني أن شيئا مسيئا لي منشور على الإنترنت. شيء لم أقم به أو لا أعرف عنه شيئا أو لم أقم به مطلقا. أنا امرأة حساسة ولا أجيد الدفاع عن نفسي وهذا يسبب بعض القلق. لذلك أفضل البقاء بعيدا عن «الميديا الاجتماعية» بأسرها.

·        «نصب أميركي» يدور في الماضي. «هي» في المستقبل. أيهما تفضلين؟

- سؤال صعب فقط لأن التفضيل هنا لا يعني عمليا الكثير. أنتمي إلى الماضي أكثر مما أجد نفسي في الحاضر أو في المستقبل. لكن الماضي لا يخلو أيضا من مشكلات ولو أنها لا تتساوى مع حجم المشكلات التي نعيشها اليوم. في «هي» قلق على المستقبل كوضع إنساني. هذا أيضا يجعلني حذرة منه.

·        «نصب أميركي» يدور حول الفساد السياسي في السبعينات. هل تعتقدين أن رسالته تنضوي أيضا على الفساد السياسي في عالمنا اليوم؟

- أعلم أن هذا الجانب كان في بال ديفيد حين كان يصوّر الفيلم. كان يتحدّث إلينا عن الحاضر وكيف أننا اليوم بتنا فاقدين للهوية الخاصّة بفعل فساد يحيط بكل شيء.. في السياسة وفي الاقتصاد وفي شتى الأوضاع الاجتماعية. نعم أعتقد أنه أراد من المشاهد أن يفكر في الحاضر على الرغم من أن الأحداث وقعت قبل عقود.

الشرق الأوسط في

06.03.2014

 
 

«أسبوع آفاق»..

سينما شبابية تذهب إلى الشارع

نديم جرجورة 

بدأ «أسبوع آفاق السينمائي» رحلته في أروقة المشهد السينمائي المحليّ، عبر أفلام عربية متنوّعة. إنه الأسبوع الأول (4 ـ 11 آذار 2014)، على أمل أن يستمرّ لاحقاً في تنظيم عروض جديدة. صالة سينما «متروبوليس» («مركز صوفيل»، الأشرفية) مفتوحة أمام 11 فيلماً ساهم «الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق)» في إنتاجها. هناك سينما شبابية تختبر أشكالاً عديدة للقول. تستعين بالكاميرا كي ترسم ملامح وحالات. تذهب إلى الشارع كي تروي فصولاً من حياة. تلتقي أناساً تختارهم من بين ملايين هادرة هنا وهناك، كي تطرح أسئلة اللحظة والمقبل من الأيام. الفيلم الأخير في هذا الأسبوع هو «هرج ومرج» للمصرية نادين خان، الذي يُتوقّع أن تبدأ عروضه التجارية المحلية قريباً.

مثلٌ أول: «بيت التوت» ساره إسحاق (8 مساء اليوم). المخرجة اليمنية تواصل رحلتها السينمائية في تفكيك البيئة الإنسانية في بلدها. فيلمها السابق «ليس للكرامة جدران» (2012) التقط لحظة الانقلاب الإنساني والأخلاقي ليمنيين كثيرين ضد سلطة القمع والموت، متّخذة من «جمعة الكرامة» (18 آذار 2011) ـ التي اعتُبرت بمثابة «نقطة تحوّل في مسار الثورة اليمنية» ـ فضاء مفتوحاً على معنى المواجهة والتحدّي. «بيت التوت» مختلف، وإن انطلق من هاجس متشابه وذاك الذي خيّم على الفيلم السابق: الفرد في مواجهة مخاطر الانغلاق. «التقوقع» البصري داخل عائلة دعوة إلى فهم جوانب من البناء الاجتماعي المبني على عقائد تربوية وسلوكية عامة، متحكّمة بمفاهيم العيش، وبمفردات العلاقات القائمة بين أفراد هذه العائلة، أي بين أفراد البيئة الاجتماعية الأوسع، خصوصاً على مستوى التواصل بين الرجال والنساء. عن «الهوية والعادات والصلات العائلية والاجتماعية، في موازاة بروز مشاركة النساء وأدوارهنّ ليصرن جزءاً أساسياً من الثورة اليمنية»: تعريف يشي بكون «بيت التوت» أشبه بامتداد سينمائي تحليلي إنساني لـ«ليس للكرامة جدران».

مثلٌ ثان: «موج» للمصري أحمد نور (8 مساء الأحد المقبل، 9 آذار 2014). الوثائقي معقودٌ على خليط فني متنوّع: التحريك، اللقاءات المباشرة، الأرشيف التاريخي، الحكايات الفردية، الراوي الذي يسرد الحكايات بنبرة هادئة مشوبة بشيء من الحزن، وبقليل من الأمل، وبنبض من الحماسة. هذه أدوات استعان بها نور لجعل منطقة السويس شخصية سينمائية، ولمنح المدينة، «التي لم يزرها مبارك طوال 30 عاماً» من حكمه، مدى سينمائياً قابلاً لأن يكون امتداداً لها في التعبير عن ذاتها عبر كاميرا أبدعت في صناعة الصورة، وأذهلت في جعل النصّ الشعري الجمالي (كلمات وصوُراً) مرايا مفتوحة على معنى التاريخ والحاضر. ذهب أحمد نور إلى السويس، لأن «العرّافة نظرت في عينيّ مبارك وقالت له: انتبه، نهايتك ستكون في السويس». ولأن السويس «شعلة الثورة». ولأن المنطقة أطلقت «ثورة 25 يناير». ولأن أحمد نور ابن المنطقة وعاشق متيّم بها. الذكريات، الفردية والعامّة، حاضرة. تاريخ عريق صنعته المدينة، فإذا بأحمد نور يُعيد رسم ملامحه عبر واقع آنيّ. صُور سينمائية. بلاغة في إبداع النصّ البصري. حرفية تصوير يخترق المحجوب ويُنقّي الظاهر من شوائب الواقع.

مثلٌ ثالث: تجربة الفيلم القصير. التكثيف الدرامي متوازن والتكثيف البصريّ. «حديقة أمل» لناديا شهاب، و«نايشن استايت» للاريسا صنصور، و«قلق» لعلي شرّي (7 مساء بعد غد السبت، 8 آذار 2014) تنويعات مختلفة في صناعة هذا الشكل السينمائي. المواضيع المطروحة معنية بهموم عامّة. العلاقة الزوجية في شمال العراق منسوجة على ما هو أبعد من المنزل العائلي (حديقة أمل). فلسطين مرسومة بغرائبية مفتوحة على أسس الخيال العلمي، في أطر تقنية تستمد جمالياتها من الفضاء الخارجي (نايشن استايت). الزلازل في لبنان مدخلٌ إلى تجريب أعمق للعلاقة بين الصورة والمتخيّل وما بينهما من تفاصيل بصرية (قلق).

السفير اللبنانية في

06.03.2014

 
 

سينما - محمد أمين بنعمراوي يتحدث عن "وداعاً كارمن":

دموع عمّار أمام الفيلم الهندي تطهّره من العنف

الدار البيضاء - سعيد المزواري 

يحملنا محمد أمين بنعمراوي في فيلمه الطويل الأول "وداعاً كارمن" إلى الريف المغربي وفترة السبعينات الغنية بالتقلبات السياسية والاجتماعية. نحن امام حكاية الطفل عمار الذي لا يجد، بعد رحيل أمه القسري إلى بلجيكا، سوى كارمن ملاذاً من سطوة خاله ومن العنف المتنامي داخل المجتمع. كارمن اسبانية من منفيي فرنكو، وعمار سيكتشف بفضلها عالم السينما...

تكمن قوة هذه الجوهرة الريفية (الفيلم ناطق بالريفية، واحدة من اللهجات الامازيغية الثلاث) في تماسك السيناريو وانسيابيته المطلقة، إلى درجة أننا لا نحيد لحظة واحدة عن تسلسل القصة. نودّ، في بعض الفصول، أن نلتقط أنفاسنا، حبذا لو يتجاوز الاخراج التصاقه المنبهر بالسيناريو ليأخذ مسافة تأملية مما يصوره (المنعرجات الدرامية التاريخية خصوصاً). هذا لم يمنع فئة كبيرة من النقاد ومعها الجمهور من الإعجاب بالفيلم، عند عرضه اثناء الدورة الخامسة عشرة من المهرجان الوطني للفيلم (من 7 إلى 15 شباط الماضي) حيث فاز بجائزتين: أفضل عمل أول وأفضل تمثيل لسعيد المرسي. في الحوار الآتي، يتحدث محمد أمين بنعمراوي عن تفاصيل كتابة السيناريو ويغوص في مختلف أوجه نظرته الاخراجية الواعدة.

·        اختيارك الخلفية التاريخية هل يعود إلى أنها طبعتك شخصياً ام إلى دواع سيناريستية بحتة كونها الارض الفضلى لنسج قصة الفيلم؟

- انطلقتُ من الفكرة التي تقضي بأن العلاقات بين المغرب واسبانيا لم تكن مستقرة عبر التاريخ. هذه هي القصة الكبرى. كانت هذه العلاقات دائماً رهن التقلبات والاتفاقات العابرة مما جعل تاريخها مفعماً بالقصص الدرامية إبان عصر ممالك الاندلس وطرد المسلمين، ثم الحرب الاهلية الاسبانية وحروب الريف (حروب المقاومين المغاربة ضد المستعمر الاسباني)، الخ. أنتجت هذه الذكريات القاسية علاقة معقدة مع اسبانيا يطبعها الحب والكره في الآن ذاته. ليس دوري أن اتكلم بطريقة مباشرة عن البُعد السياسي للمسألة، لكن اعتقد اننا ملزمون التطرق الى هذه القصص المشتركة ونسأل: ماذا حدث حتى نقيم السلام مع انفسنا ونتفادى الكليشيهات التي تسم تصور كل منا للآخر. كان ينبغي لهذا التاريخ الغني ان ينتج علاقة تعايش متنوعة وغنية، لكن العكس هو الذي حدث. لا أزال أتذكر في فترة السبعينات التوتر البالغ بين المغاربة والاسبان المقيمين في المغرب. لقد وضعتُ الحكاية في عام مفصلي لتاريخ البلدين، 1975. في تلك السنة شهدت اسبانيا موت فرنكو وعودة المنفيين وبداية الانتقال الى الديموقراطية. بالنسبة للمغرب، كانت فترة صعبة (شهد المغرب "مسيرة خضراء" أفضت الى استرجاع الصحراء التي كانت ترزح تحت الاستعمار الاسباني، ما خلق توتراً بين البلدين). كنا في قلب سنوات الرصاص والعنف الذي هيمن على المجتمع، وهذا واضح في الفيلم: عنف الكبار على الصغار وعنف الرجال في ما بينهم وعنفهم على المرأة. كان الامر فظيعاً.

·        شخصية الخال محورية داخل السيناريو. كما أن تجسيد سعيد المرسي لها كان رائعاً. كيف أدرت الممثل وكيف تعاملت مع هذه الشخصية لتخرج علينا بهذه القوة؟

- كان سعيد المرسي اول الممثلين الذين اشتغلنا معهم والمنتج محمد بوزغو، من اجل الكاستينغ. سبق له أن اضطلع بدور في فيلمي القصير "سلّام وديميتان". اعتمدتُ على مساعدته كثيراً في اختيار الاطفال مثلاً، وفق مدى ارتياحه للعمل معهم. المرسي من طينة الممثلين الذين يتفانون بشكل مطلق في أدوارهم، وهذا ما يروقني في التعامل معه. مهم جداً أن تشعر أن الممثل إلى جانبك على طول الخط، يفكر في الشخصية ويبني معك تصورها العام ويحاول تصحيح بعض الاشياء، إلى أن تتكون شخصية تناسبه كممثل وتناسبك كمخرج. هذه واحدة من إيجابيات عمل المخرج المؤلف، لأنه يتمكن من التفكير في أشخاص معينين لأدوار محددة، ليس فقط على صعيد التشخيص بل في العلاقة مع المشروع بشكل عام. أعرف شخصياً معظم الممثلين في الفيلم، اذ اننا عملنا باستمرار في المسرح والتلفزيون، ما مكنني من اقتراح بعض التحديات الصغيرة عليهم. عندما ينجحون في رفعها، أرى فيهم بعض الحساسية والهشاشة من النوع الذي نلاحظه في حياتنا اليومية والذي يفيدني كثيراً في عملي. الحياة هي التي تمنحنا مادة لكتابة السيناريو.

بالنسبة للأطفال، اجريتُ كاستينغ من أجل شخصية عمار قابلت خلاله ما بين 300 و400 طفل في ستة اشهر. كان الأمر مضنياً، لأنه تطلب القيام بجولة في المدارس والعمل مع الاطفال على تجسيد بعض المشاهد والتنسيق مع آبائهم حتى يضعوهم تحت اشارتنا نهاية الاسبوع، لأوقات تمتد إلى فترات متأخرة من الليل أحيانا. كان الطفل بنجليل آمان الله ثانياً في ترتيب لائحة الاطفال الذين قابلتهم وقد رأيتُ فيه حركات وتفاصيل صغيرة جعلتني أخطط للطريقة التي سأديره فيها. وجدتُ أطفالاً آخرين مناسبين، لكني لم أكن راضياً عنهم بالقدر نفسه. بعد عام على الكاستينغ، قلت: اتصلوا بآمان الله، هو الذي سيضطلع بالدور. كان العمل معه شيقاً إلى درجة لا تصدَّق. تميز بنضج غير عادي. كان يحس بروح المشاهد ويأتي مشبعاً بها، فنسمعه يقول: أعرف كيف سأنجز هذا المشهد! كان هناك شخص مكلف متابعة الأطفال أثناء الاستعداد والتصوير - لأنهم يبقون أطفالاً -، وقلتُ له ان يخبرني إذا حدثت نزاعات بينهم كي أفيد منها، ليس لتأجيجها، ولكن فقط من أجل الإحساس بها وتصريفها كطاقة ايجابية تفيدنا أثناء التصوير. كانوا حقاً محترفين وقدموا الكثير للفيلم.

·        شكلت موسيقى خالد إزري داعماً أساسياً لهذا التماهي مع الشخصيات، بحيث منحت الفيلم عمقه الانساني والحسي. كيف عملت معه في هذا الاتجاه؟

- نعم، خالد إزري هو من دون شك أفضل ملحن وموسيقي في منطقة الريف. لقد عمل معي قبل هذا على أفلامي القصيرة. هو رفيق دربي أيضاً، وبسببه، نوعاً ما، عدتُ إلى السينما. قال لي ذات يوم، بعد مرور سنوات لم نلتق فيها: "محمد! أتذكر أنك حكيت لي عند وصولي إلى بروكسيل قصصاً رائعة تتوق إلى تصويرها عن الريف. لقد سعيت إلى هذا منذ الطفولة والآن اراك تعمل في القطاع الاجتماعي. هذه خسارة كبيرة!". كانت هذه صفعة أيقظتني وفتحت عيني من جديد على حلم الطفولة. خالد قريب جداً من أجواء قصة الفيلم لأنها نوعاً ما قصته أيضا. عندما بعثتُ له النسخة الأولى من السيناريو، أخبرني أنه قرأها أربع مرات ولم يتوقف عن البكاء في كل مرة. لقد كان متأثراً بالقصة إلى أبعد حدّ. لم يكلّ من الاشتغال معي طوال فترة الانتاج وبعدها. امضينا وقتاً طويلاً نناقش الشخصيات والأماكن والتيمات الموسيقية المناسبة لكل منها. أنا فخور جداً بهذا التعاون وبالموسيقى التي نتجت منه، على الرغم من قلة الامكانات. الموسيقى قدمت كثيراً للفيلم وحملت لمسة فنية اضافية وأساسية من دون السقوط في المبالغة الميلودرامية. كان الهدف أن نبقى قريبين من الشخصيات وأن نحاول فهمها عبر الموسيقى. على سبيل المثال، في المشهد الذي يصرخ فيه حميد وحيداً مفصحاً بنوع من الهستيريا عن حبه لكارمن، فهمنا أنه كان في هذا الوقت بالذات أحوج ما يكون إلى إظهار هشاشته وإنسانيته. كنا أمام إنسان يعاني، فحاولنا مرافقة المشهد ببعض النوتات الموسيقية البسيطة حتى نكون إلى جانبه ولو لمرة واحدة ونبتعد من النزعة المانوية التي تجعلنا نصوره كوحش. أما بالنسبة للأغاني، فقد كنت محظوظاً لأني حظيتُ بفرصة العمل في محطة راديو وتمكنتُ من جمع عدد كبير من الاغاني الريفية التي بدأ بعضها يختفي تماماً. هذا جزء من ذاكرتنا الجماعية التي أعمل عليها وقد كان من المهم دمج هذه الاغاني في الفيلم وتذكير الناس بها...

·        الأغاني الهندية حاضرة كشخصية قائمة بذاتها في الفيلم...

- ترتكز التجربة الأولى لمعظم المغاربة، بمن فيهم المخرجون، على السينما الهندية أو سينما الحركة وفنون القتال او السينما المصرية. الأفلام الهندية كانت الاكثر نجاحاً على الاطلاق. كان لهذه الافلام وظيفة ترويجية تقوم بها في ظرفية محددة من تاريخ الشعوب التي ترزح تحت سلطة عسكرية او ديكتاتورية عموماً. كانت، نوعاً ما، مخرجاً لتصريف الإحباطات السياسية والاجتماعية. حتى الرقصات ليست محض مصادفة، فهي ضرورية من أجل دعم التوتر الجنسي الذي لا يصل حدّ الانفجار. كانت الافلام الهندية استعارة لسرد قصة عمار من خلال تطور علاقته بها. بين المشهد الذي يحكي فيه لصديقه عن قصة الفيلم الاول ثم حين يشاهد الفيلم الثاني الذي يروي حكاية لقاء بعد فراق مطول تشبه كثيراً قصته، كان عمار يبحث عن اجابات يجدها في الافلام الهندية. وقد كان الامر مماثلاً لدى معظم المغاربة. على الرغم من الفكرة التي نحملها جميعاً عن السينما الهندية كأفلام تتسم بالسطحية وتعيد إنتاج نموذج ايديولوجي متكرر، فإن علاقة المتلقي بها جد معقدة. قرأتُ مراجع متعددة وفكرتُ مطولاً في تاريخ هذه الافلام وكان السؤال كيف أظهر هذه العلاقة بكل تعقيدها في الفيلم مع المحافظة على تناسقه الفني؟ حتى الدموع التي يذرفها المشاهدون أمام الأفلام الهندية بعيدة من دموع التأثر المباشر التي يمقتها الاوروبيون خصوصاً لأنهم متشبعون بثقافة كبح المشاعر. حين يبكي عمار امام فيلم "جورو"، يفعل ذلك كتطهّر من العنف المحيط به. على غرار عمار الذي كان يعيش حياته بالوكالة عبر الافلام الهندية، شعر مشاهدو "وداعاً كارمن" في الصالات انهم هناك في "قاعة الريف" يشاهدون الفيلم مع عمار. السينما تحتفي بالجماعة اولاً وأخيراً، ولا معنى لشخص يشاهد فيلماً وحده امام شاشة صغيرة. كان سيناريو الفيلم إذاً اشبه بحلقة يحكي عبرها عمار قصته من داخل الأفلام الهندية، مما جعلني أتناول الكلمة في النهاية (عبر النص المكتوب على الشاشة)، وكأني أقول أن كل هذه التأثيرات صنعت أيضاً قصتي الخاصة وحملتني نحو "وداعاً كارمن".

سينما الثورة التي ضاعت...

بدأت في مجمع "متروبوليس" مساء الأول من أمس تظاهرة سينمائية جديدة محورها دفعة من الافلام التي شارك في انتاجها الصندوق العربي للثقافة والفنون، "آفاق". كان افتتاح هذا الحدث المعنون "اسبوع آفاق السينمائي" بفيلم الفلسطينية ميس دروزة، "حبيبي بيستنّاني عند البحر" (وثائقي طويل)، وهناك عشرة افلام اخرى، وثائقية طويلة وروائية قصيرة، يقترحها هذا الاسبوع السينمائي الذي يستمر الى الحادي عشر من الجاري. فيلم دروزة يصوّر رحلة العودة إلى فلسطين، حيث تلتقي المخرجة حبيبها المتخيّل حسن، ومن خلال عالمه الفانتازي تعثر على بقايا أمل في شخصيات تحيا شظف الحياة.

الدورة الاولى من هذا الحدث تجري في بيروت، لكن الدورات المقبلة ستتنقل بين عواصم عربية مختلفة. هذا ما جرى اعلانه في المؤتمر الصحافي. الافلام المعروضة منتقاة من بين 150 مشروعاً سينمائي دخلت في كاتالوغ "آفاق" منذ تأسيسها عام 2007. بيد ان ما يختلف في الافلام المعروضة في هذا الحدث انها تحمل سمات الراهن العربي، مطعّمة بواقعه وبالأحداث التي كادت تغير مجرى التاريخ ذات لحظة. ما من فيلم لم يتأثر بالتحولات الكبرى التي شهدتها بلدان مثل مصر وتونس واليمن (وسوريا، الغائب الأكبر في البرنامج). الأهمّ كيف يعيش السينمائيون الشباب (كونهم كلهم بأعمار شابة) هذه التحولات، وهل استطاع منجزهم البصري ان يرقى الى "عظمة" الحالة التي هم فيها؟ هل التقط السينمائيون الشباب شيئاً من هذا الحدث، أم جعلوه يتسرب من بين اصابعهم كالعادة؟ والسؤال: كيف التُقطت اللحظة الراسخة في الوجدان الجماعي، بأيّ صورة، بأيّ مونتاج، بأيّ نمط سردي؟ بأيّ مقاربة اخراجية؟ هل استطاعت سينما الشباب العرب المحاصرين بالمعوقات الأخلاقية والمادية والجمالية توثيق لحظة كهذه، يصعب توثيقها، لوجودهم فيها؟ فالسينما ليست نشرة أخبار الساعة الثامنة. يحتاج المخرج الى خلق مسافة زمنية بينه وبين موضوعه كي ينضج الطرح وتنتقل الصورة من كونها خبراً الى كونها لغة.

الأفلام المعروضة، بحسب المنظمين، "تقدّم صورة حيّة عن مجتمعات عربية تواجه تحديات الهوية والإرث الحضاري والتفتّت والإنتفاض والغليان الداخلي وفوضى الحاضر وضبابية المستقبل. إلا انه في جوهر كل من تلك الأفلام حاجة ملحّة تتمثل بصوت السينمائي المتمسّك بالحياة والمنشغل بدوره والمؤمن بفنّه وبقدرته على التغيير". ثمانية بلدان عربية تحضر في التشكيلة المقترحة: الجزائر، مصر، تونس، فلسطين، العراق، لبنان، الأردن، اليمن. الأفلام لا تأتي وحدها، هناك مَن يرافقها الى عاصمتنا. 11 مخرجاً ومخرجة سيشاركون في هذا الاسبوع السينمائي الذي سيتحول منصة لأفكارهم ومنبراً للتواصل مع جمهور محلي يتابع النقاشات ما بعد العرض، وهي نقاشات تمد عمر الفيلم، حبذا الا تدور دائماً حول السياسة والقضايا الخارجة عن اطار الفيلم. يركز هذا الحدث على أهمية إيصال هذه الأفلام الى جمهور عربي لا يتسنى له دائماً ان يرى سينما ينتمي اليها قلباً وعقلاً. المعوقات كثيرة، سوء التوزيع وغياب المنهجية ابرزها. فالتوزيع السينمائي في العالم العربي في حاجة الى هيكلية كاملة تحسب حساب القرصنة ووسائط التواصل الجديدة وحاجز اللهجات وكل هذه التفاصيل المهمة. تقول مديرة البرامج السينمائية في "آفاق"، ريما المسمار: "انطلق الحدث من إحساسنا بالغبن اللاحق بالسينمائيين جراء محدودية فرص العرض. فباستثناء المهرجانات، نادراً ما تحظى الأفلام العربية، ولا سيما المستقلة، بتوزيع في صالات السينما في بلدانها، ناهيك بالدول العربية الأخرى. نعتبر هذا الأسبوع السينمائي فرصة إضافية للسينمائي العربي ليتشارك فيلمه مع جمهوره الطبيعي في المنطقة العربية، وفرصة ايضاً للجمهور لكي يعرف أكثر ويقدّر قيمة النتاج السينمائي المحلي، ويكتشف افلاماً تمسّه بقضاياها وهمومها. كما ننظر إلى هذا الحدث كخطوة متواضعة مكمّلة للجهود الكبيرة التي تبذلها مؤسسات وأفراد للوصول إلى خطط واستراتيجيات، كلاسيكية وبديلة، لإيجاد حلول لأزمة غياب توزيع الأفلام العربية داخل المنطقة العربية".

اسبوع أفاق السينمائي - "متروبوليس" (4 ــ 11 الجاري). للمزيد:

/http://www.metropoliscinema.net

النهار اللبنانية في

06.03.2014

 
 

سيناريو فيلم عن تجربة النصيرات الشيوعيات

إعداد: ئاسو كرمياني  

ينشغل الآن الكاتب المبدع كریم كطافة مع المخرج علي رفيق لإنجاز سيناريو لفيلم يحاول توثيق تجربة النصيرات الشيوعيات إبان سنوات الكفاح المسلح ضد الدكتاتورية.. التقیته في دنهاخ لتسلیط الضوء على تجربته الجدیدة

·        عرفناك ككاتب روایة، ما هي دوافع خوضك لتجربة كتابة السیناریو؟ 

-بدءاً أود القول :إن احترامي لأشكال التعبير الأدبي والفني يمنعني من القول إني كاتب رواية مثلاً أو كاتب سيناريو. لكني أسمح لنفسي بالقول إني كتبت روايات وها أنا أجرب كتابة السيناريو. الأمر بالنسبة لي يتعدى قضية الخلفية الأكاديمية وما شابهها من أسباب تجعل أحدهم كاتب رواية والآخر كاتب سيناريو. الأمر ليس كذلك. كثرٌ هم خريجو أكاديميات فنية باختصاصات مختلفة، لكنهم على صعيد الإنتاج الفعلي صفر اليدين ومثلهم وأكثر من حُرموا لأسباب مختلفة من دخول تلك الأكاديميات لكنهم رغم ذاك كانت لهم إنجازات ملموسة. القضية تتعلق بما يمكن وصفه بذاك الشيء الهلامي الذي يصعب تعريفه بـ(الموهبة) فقط. إذ مع الموهبة هناك الرغبة الحقيقية وهناك التحدي كذلك أو لنقل البحث عن تحدٍ. من هنا استطيع القول إن دخولي في تجربة كتابة السيناريو جاء بدافع البحث عن تحدٍ جديد. رغم إدراكي أن عملية كتابة سيناريو لا تشبه عملية كتابة رواية. الاختلاف كبير بين النص السردي والنص البصري.

·        كیف تهیأت معرفیاً إذاً للتمكن من كتابة السيناريو؟ 

-بذلت جهداً بتثقيف نفسي بنفسي بفلسفة وآليات وتجارب كتابة السيناريو. تتلمذت على يد فطاحل في هذا المجال بدءاً من جاك أومون وميشيل ماري الفرنسيان وصولاً إلى الأمريكي الذي تخرج سيناريوهات هوليوود من تحت يديه (سد فيلد).. ولم أوفر التجربة العربية في هذا المجال سواء المصرية على خصبها وغزارتها أو العراقية على ندرتها التي أفرزت رغم ذاك كتيب تعليمي صغير (كيف تكتب السيناريو) للمخرج العراقي صاحب التجربة الطويلة مع السينما (قيس الزبيدي). أرشدني هذا الرجل إلى ملاحظة تلك العلامات الفاصلة بين ما هو أدبي وما هو بصري في كتابة السيناريو. وعوداً على بدء، أن انشغالي بكتابة سيناريو فيلم النصيرات سبقته تجربة تحويل روايتي الثالثة (حصار العنكبوت) التي أتوقع صدورها عن قريب، إلى سيناريو سينمائي جرى الاتفاق على كتابته بمساعدة المخرج (قيس الزبيدي). لكن مشاكل تخص التمويل والميزانية أوقفت المشروع. كذلك حولت روايتي الرابعة (13 ساعة نزهة حرة) إلى سيناريو فيلم روائي طويل وهو جاهز لمن يرغب من المخرجين. أما فيلم النصيرات فهذا له قصة أخرى تتعدى التجريب وشؤونه. القصة تخص توثيق تاريخ أنا شخصياً جزء منه. لقد وجدت رفيقي وصديقي (علي رفيق) بفريق عمل صغير قد أخذ على عاتقه مشروعاً كبيراً يحتاج إلى مؤسسة كاملة التخصصات لإنجازه . لكنه رغم ذاك وربما بدافع التحدي الذي أشرت له قبل قليل، قد نجح في إخراج الجزء الأول من مشروعه فيلم (سنوات الجمر والرماد) وما زالت لديه مادة كبيرة (رشز) تكفي حسب تقديره لأربعة أفلام أخرى مواضيعها جاهزة في رأسه. لكن حجم المشروع وضآلة الإمكانات (المادية) بالتأكيد ستنعكس بشكل مباشر على سرعة ونوعية الإنجاز. لذلك كان مستعداً مسبقاً لتقبل كل الملاحظات التي قيلت وتقال حول الجزء الأول من المشروع، الذي رغم كل ما قيل نال استحسان وإعجاب الكثيرين سواء من الأنصار أو من خارج الأنصار. لكنه ولكي يكمل مشروعه للأخير ولأهمية هذا المشروع بوصفه التجربة السينمائية الأولى لأرشفة وتوثيق تاريخ حركة الأنصار، يظل بحاجة ماسة إلى الدعم والمساندة على الأخص من قبل رفاقه ومن قبل رابطة الأنصار التي تبنت المشروع من البداية ودعمته. هذا الأمر هو الذي دعاني أنتدب نفسي متطوعاً وأعرض عليه ما أستطيع القيام به فوافق.

·        أفهم من كلامك أن انشغالك الحالي بـ (فيلم النصيرات) هو محاولتك الثالثة بعد تحویل (حصار العنكبوت) و(13 ساعة نزهة حرة) في مجال كتابة السیناریو؟

-بالنسبة لرواية (حصار العنكبوت) فإنها تعتمد على تنويع سردي تضمن من بين ما تضمن سيناريو فيلم. الأمر الذي سهّل علي في ما بعد أن أتعامل مع الرواية ككل وأحولها إلى سيناريو. أما رواية (13 ساعة نزهة حرة) فهي أصلاً كانت مكتوبة على شكل سيناريو لأحد الأصدقاء المخرجين لكنه توقف ولم يكمله. ولما عرضه عليّ وقرأته، سألني هل بإمكاني إكماله. أجبته بصراحة؛ أن هذا السيناريو لم يقنعني، لكني سآخذ منه خمسة أسطر فقط!! سألني مندهشاً ماذا ستفعل مع الخمسة أسطر، أجبته أعمل منها رواية. وبين المزح والجد باعني تلك الأسطر الخمسة بدولار واحد لم أسلمه له لحد الآن. وتفرغت لكتابة الرواية وأنجزتها. ولما اكتملت المسودة الأولى وعرضتها عليه، عاد وطلب مني أن أحولها إلى سيناريو من جديد. لكنه في هذه الحالة اتخذ ملامح أخرى لا علاقة لها بما كتبه هو

·        وماهو جدیدك الممیز في فيلم النصيرات؟

-أما عن تجربة فيلم النصيرات، فأعتبرها تجربة استثنائية بكل ما في هذه الكلمة من معان. الجديد في فيلم النصيرات ليس موضوعه فقط، بل التقنية المطلوبة لإنجازه. أنت تستطيع عمل فيلم وثائقي مبني مسبقاً على فكرة ما تختار لها المحاور والمتحدثين أو المادة الأرشيفية وما عليك سوى أن تقترح الميزانية التخمينية لعملك وتبحث عن منتج يقتنع بالعمل وتبدأ.. أما في حالة فيلم النصيرات (الذي للآن لم نختر له عنواناً) فالأمر جاء معاكساً تماماً لهذه الطريقة في العمل. لدينا مادة مصورة جاهزة لكنها بلا محاور، وبلا موضوع محدد، يمكن القول إنها (رشز) فقط. إذ كان (علي رفيق) خلال تصوير مادته متسامحاً كثيراً مع المتحدثين والمتحدثات، أعطاهم حرية الحديث عن كل شيء.. لذا تجد في الحديث الواحد لأحد الأنصار أو النصيرات سلسلة من المواضيع وليس موضوعا محددا، سلسلة من الأفكار والرسائل غير مبوبة. وهنا تكمن الصعوبة لشخص مثلي هو في كل الأحوال يدخل التجربة من باب التحدي والحماسة والانحياز أكثر من كونه محترفاً. أن تشاهد 76 ملفاً بصرياً بطول 5 إلى 10 دقائق لكل ملف، ثم تسأل نفسك ذات الأسئلة عشرات المرات: ماذا بوسعي أن أفعل.. أي محور أختار..أي متحدث أختار.. ولماذا؟ كل هذا وأنت في بلد والمخرج في بلد آخر والعلاقة بينكما تكون عبر الإيميل والسكايب فقط. مؤكد سيكون هكذا عمل بمنتهى الصعوبة. علماً أن هذه الـ(76) ملفاً ما هي إلا مجتزءات للقاءات طويلة من ملفات أكبر، لم يستطع (علي رفيق) إرسالها لي لأسباب فنية. الأمر الذي اضطرني بعد كتابة المسودة الأولى للسيناريو للسفر إلى لندن ومشاهدة ما تبقى بعهدة المخرج ومن ثم الدخول في ورشة عمل ثنائية دامت عشرة أيام. خرجنا منها برؤية مشتركة وعملنا عليها. لكنك في كل الأحوال لا تستطيع إنجاز فيلم سينمائي مبني على لقاءات فقط. ستكون بحاجة إلى مشاهد تكميلية لحديث المتحدثات كما تحتاج إلى مساحة بصرية تثري الخط الدرامي للفيلم. وهذه كلها لكي تنجزها تحتاج إلى (فلوس) تمويل. بينما واقع الحال أن فريق العمل إضافة إلى كونه يعمل متطوعاً في هذا المشروع هو فوق هذا يدفع من جيبه لتلك الاحتياجات البسيطة التي بمقدوره تغطيتها. ما يجعل تلك الاحتياجات الأكبر لإكمال الفيلم متوقفة تنتظر التمويل. علما أن للجميع واجبات والتزامات عائلية ووظيفية في البلدان التي يعيشون فيها. لكن المشجع في الأمر أن حماسة فريق العمل لإنجاز هذا الفيلم تصل إلى درجة العناد. الجميع مصرون على إكماله مهما تكن المعوقات وإن اضطررنا للصرف من جيوبنا أو الاستدانة.

المدى العراقية في

06.03.2014

 
 

"المرأة الخفية"..

جانب مُغفَل من حياة تشارلز ديكنز

ترجمة: عادل العامل  

كان سيُتعب المرء نفسه لو جادل بأن المخرج رالف فيَينس خائف من عمالقة الأدب الانكليزي الكبار. فأول فيلم له كمخرج، و هو ( كوريولينَس ) الكثير الصراخ بشكل مؤثر، كان يتناول إحدى مسرحيات شكسبير التي يُستخف بأهميتها مقارنةً بأعماله الأخرى. والآن يرتبط فيينس بحادثٍ أُغفَل لوقتٍ طويل من حياة الروائي الانكليزي تشارلس ديكنز، كما تقول تارا برادي في عرضها هذا.
ذلك أن فيلم ( المرأة الخفية The Invisible Woman )، المستمدة قصته من كتاب كلير تومالين، ينصب على علاقة الروائي الغرامية مع ممثلة متوسطة المرتبة، بيلي تيمان. وإذا كان الفيلم و السيرة الشخصية جديرين بالثقة، فإن العلاقة قد أدت إلى انهيار زواج ديكنز المزعزَع آنذاك و أثّرت في الخاتمة المريرة لروايته ( توقعات عظيمة Great Expectations ).
و نبدأ بلقطة كاسحة رائعة للشاطئ في مارغيت. فديكنز ( الذي يقوم بدوره فيّينس ) ميِّت ونيلي ( التي تقوم بدورها فيليسيتي جونز ) ــ الأصغر من الروائي بأكثر من 25 سنة ــ قد تزوجت جورج وورتون روبنسون. و مزاملتها ديكنز معروفة، لكن الصديقات و الأصدقاء و الأسرة غير عارفين بعلاقتها الجنسية معه. و تعود بتفكيرها إلى لقاء جرى في تمرين تمثيلي، بداية العلاقة الغرامية، و تأثيره على حياة ديكنز البيتية، و حادثة تصادم قطارات مشهورة، مصورة في تسلسل حرَكي غير متوقع

وينبغي لأولئك الذين لديهم تخوف من " سينما التراث الأدبي " أن يكونوا عارفين أن ( المرأة الخفية ) فيلم جميل و من دون رتوش بالطريقة التي نتوقع أن تكون عليها درامات الفترة الفكتورية. فالعمل الذي تقوم به كاميرا روب هاردي يصل إلى كل الزوايا المعتمة. و تومئ سلسلة متتابعة من اللقطات الرائعة نحو اللوحة المزدحمة للرسام الانكليزي وليام باول فريث، 1819ــ 1909، و عنوانها " يوم ديربي " ( التي ظلت طويلاً غلاف طبعة دار بنجوين من " دوريت الصغيرة " ) . و قد امّنت الأزياء للفيلم الترشيح لجائزة الأوسكار

ويحيط أداء فيَينس المتعدد الطبقات برجولية المؤلف و مقدرته وهو ينقل عدم الاستقرار الذي نتج عن تربيته الرثة. و يمكن القول إن نص آبي مورغان للفيلم غني و ناضج سياسياً في معالجته للشخصيات الأنثوية : إذ تظهر الممثلة جونز المؤثرة بشكل متزايد مشلولةً بعجز نيلي ( صديقة ديكنز ) عن قول الحقيقة الكاملة عن علاقتها، بينما تخلق جوانا سكانلون شيئاً تراجيدياً من زوجة ديكنز القلقة. و أخيراً، فإن محبي الروائي الانكليزي سوف يحبون الفيلم، الذي يستغرق عرضه 111 دقيقة . أما معظم ما سيجده غيرهم فيه، فيجعلهم يقضون الوقت بصورة مقبولة جداً.

 عن/ THE IRISH TIMESn

المدى العراقية في

06.03.2014

 
 

المخرج الروسي فيودور بوندارتشوك:

أبحث عن لغة سينمائية جديدة

ترجمة: نجاح الجبيلي  

يعد فيودور بوندارتشوك من أبرز المخرجين في الجيل الجديد للسينما الروسية وهو ابن المخرج الكبير الراحل يوري بوندارتشوك .ولد عام 1967 ودرس في معهد السينما لعموم روسيا ( VGIK). تخرج عام 1991 ثم مثل أول مرّة في السينما عام 1985 بفيلم "بوريس غودونوف" مع أبيه وخلال التسعينات من القرن الماضي عمل في إخراج الفيديوهات الغنائية كما أخرج أول فيلم له بعنوان "الشركة التاسعة" عام 2005 المعتمد على قصة حقيقية عن الحرب السوفيتية في أفغانستان (1979- 1989) وحصل الفيلم على نجاح كبير في شباك التذاكر والمهرجانات. كما أخرج فيلم خيال علمي بجزءين هو "الجزيرة المهجورة".

وآخر أفلامه بعنوان "ستالينغراد" وهو دراما عن الحرب العالمية الثانية صوّره ثلاثي الأبعاد بتقنية الآيماكس. وفي هذا اللقاء يناقش التحديات التي واجهته في صنع الفيلم بهذه التقنية أول مرة وكيف التقط مثل هذه الحميمية على الرغم من الظروف المحيطة وماذا يعني هذا الفيلم لمستقبل السينما الروسية

·        *هذا أول فيلم روسي ثلاثي الأبعاد بتقنية آيماكس لا بد من أنك تشعر بالفخر من تحملك مسؤولية ذلك؟ 

-أنا في منتهى الفخر. لقد عزمت على صنع هذا الفيلم بتقنية آيماكس منذ البداية.

·        *ما هي التحديات الجديدة التي وجدتها حين صورت فيلماً ثلاثي الأبعاد بتقنية آيماكس؟

-في البداية أخبرت منتجي الفيلم وطاقمه ومدير التصوير الذي عمل معي في كل أفلامي فقد كنا أصدقاء ودرسنا في معهد الفيلم نفسه وبقيت صداقتنا لمدة 25 سنة فأنا أخرجت وهو صور حوالي 200 فيديو غنائي معاً. على أية حال، في أحد الأيام قلت لكل فرد بأني اعتقد بأن فيلم "ستالينغراد" يجب أن يصور ثلاثي الأبعاد، تصوّر فقط دراما حربية بتقنية ثلاثية الأبعاد. إنها ليست كارتونا أو قصصا مصورة عجائبية ولا خيالا علميا- إنها دراما حربية. هذه منطقة جديدة. لكني بعد ذلك بدأت التفكير أولاً بأفلام دراما الحرب، إنه لا يدور عن ستالينغراد بل عن الحرب العالمية الثانية. إنه يدور حول الحرب. فكرت بالنوع في البداية- دراما الحرب. كانت فكرتي أن أخلق نوعاً جديداً من لغة السينما. إن مجرد التفكير عن إمكانية تصوير فيلم مثل هذا كان سخيفاً

كان هذا هو السبب أنني أخبرت زملائي عن هذه الفكرة لأني كنت أحتاج إلى إقناعهم بأن هذه الفكرة تستحق الاهتمام ويجب أن ننفذها معاً. حين انتهينا من مرحلة ما قبل الإنتاج بعدها فقط أظهرت لهم لقطات مصورة بتقنية الأبعاد الثلاثية ،ففهموا ماذا يدور في ذهني وأين ذاهب مع هذا. أساساً أقنعتهم بأن هذه فكرة تستحق الاهتمام. لا أقنعهم فحسب بل أفاجئهم أيضاً بطريقة أو أخرى. إنها تقنية لا للتسويق بل للسماح للناس أن يكون أقرب إلى الأحداث التي وقعت فعلاً. أن أغمرهم من خلال الأبعاد الثلاثة. بعد ذلك وحين فهم الناس فإنهم آمنوا. بعد ان أقنعت الناس بأن هذه الفكرة تستحق الاهتمام فإن قسم الأزياء ساند الفكرة وقسم المؤثرات بدأ ينفذ العمل بشكل صحيح – كل فرد فهم ماذا يجري

كل المخرجين ومديري التصوير تعلموا من مشاهدة الأفلام الكلاسيكية السوفيتية وكانت الفكرة الرئيسة أن نخرق تلك الأنماط المكررة والمقاييس ونظهر لغة سينمائية جديدة. حتى لو كان أضخم فيلم في شباك التذاكر في تاريخ السينما الروسية وحقيقة أن أكثر من عشرة ملايين روسي شاهدوا الفيلم فإني ما زلت مهتماً برؤية التعليقات التي يقارن بها الناس الفيلم بكلاسيكيات الأفلام السوفيتية. الأمر المهم أنها كانت تجربة وفهمت تماماً أن ذلك- وتركت احتمالاً بأنه لن ينجح- سوف يعطي دفعة جديدة إلى العملية

·        *لقد أنجزت عملاً مدهشاً في تولي هذه المجموعة الضخمة من الأحداث ومعركة شرسة – ومع ذلك وجدت قصة حميمية ضمن ذلك. فهل كان ذلك تحدياً لك؟ 

-حين أصنع فيلماً ففي الغالب تكون له ارتباطات عاطفية مع المشاهدين وأقسّم الأفلام إلى تلك التي يجب ان تشاهدها وتلك التي يجب أن تحسها. أولاً وأخيراً المهم لي أن ينخرط المشاهد في العملية وجعله يؤمن في الفيلم ويشعر بارتباط معه. بالنسبة لي من المهم حقاً بأنه في غضون ساعتين وربع ساعة فإن المشاهد سوف يخرج من السينما وقد تغير بصورة عاطفية

·        *الكثير من العاطفة يأتي من "الكابتن خان". على الرغم من أنه نازي إلا أنه ليس الشرير النموذج بالنسبة إليك وقد خضع للأنسنة. بإعطائه جانباً تعاطفياً ماذا جلب ذلك للفيلم؟ 

-لم أقف مع الألمان لكن تاريخ صناعة الفيلم السوفيتي وبعض البروباغاندا تصف النازي كونه ضعيفا عاطفياً وترسمه بشكل كاريكاتيري. والشيء المهم أنّ المعركة قد جرى الانتصار فيها لا مع تلك الصور الكاريكاتيرية للناس بل في الواقع ضد أحد أفضل الجيوش في العالم. لهذا من المهم بالنسبة لي أن أظهر العدو كونه قوياً. شخصية خان غير إيجابية إنها معقدة تماماً وشخصية مركبة

·        *تعمل في غالب الأحيان مع ممثلين يؤدون أول مرة في أفلامك – وهذا غير مختلف. لماذا تنجذب إلى العمل مع الممثلين غير المحترفين؟ 

-دائماً أعمل مع الممثلين المؤدين أول مرة. إنها أدوار مختلفة من التوزيع لأنه بعد التجارب الأولية وإذا ما اخترت الناس المناسبين فإنك تظهرهم وهم يكشفون عن مواهبهم الخفية ودائماً تفضل الجيل الشاب من الممثلين في تلك الحدود. إنه تحدٍّ بالنسبة لي كمخرج وبعد الفيلم يكون من المهم لي أن أولئك الممثلين يبدأون عيش حياتهم في التمثيل. إنه شيء مختلف العمل مع ممثلين يظهرون أول مرة وذلك ما يجذبني. الأفلام التي أصنعها هي من فئة الكبيرة وهذا هو السبب في أن الممثلين يحتاجون إلى أن ينغمروا في عملية التصوير لعدة سنوات حتى لو أن الأمر بدا مبالغاً فيه قليلاً. لقد أصبحنا عائلة حقيقية وسنكون مجموعة متكاملة من الناس. وذلك هو أمر غاية في الأهمية بالنسبة لي

·        *أخيراً هل تعتقد ، مع نجاح فيلم "ستالينغراد" في شباك التذاكر، بأن الإنتاجات السينمائية الضخمة سوف يظهر في روسيا؟ 

-أولاً يؤكد نجاح الفيلم أن السينما الروسية ذات قيمة. ثانياً، والأمر المحزن أن هذه المشاريع ضخمة ودون إسهام حكومي في تمويلها فمن المستحيل تصوير شيء مثل ذلك. الحقيقة أننا نجحنا في إطلاق مثل هذا المشروع الضخم وأعطينا مثالاً للمخرجين الآخرين وأظهرنا أنه من الممكن عمل ذلك. عليك أن تستثمر الكثير من المال لكن بالنسبة لي من المهم أن زملائي وبقية المخرجين سوف يقاربونني ويقولون ذلك إنه إذا ما صنعت ذلك فإننا كذلك نستطيع أيضاً. إن الأمر لا يتعلق أيضاً بالتمويل ،ففي الغالب يتعلق بالنوعية أنه إذا ما صنعت شيئاً مقنعا جداً بمثل هذه الضخامة فهذا يعني أن الصناعة تغيرت وأننا قادرون على صنع مشاريع نوعية راقية.

المدى العراقية في

06.03.2014

 
 

«الإسلاموفوبيا» في معالجتين سينمائيتين لجزائري وإيرانية

«طريق العدو» ليست سالكة

قيس قاسم 

لا تنعكس الموضوعات الإشكالية في السينما على الدوام بوصفها فناً لصيقاً بالواقع، فحسب، بل تجد صداها في مهرجاناتها، كما لاحظنا في الدورة الـ 64 للبرليناله عندما عرضت فيلمين لهما صلة بموضوع المسلمين و«الإسلاموفوبيا».

الأول أميركي الإنتاج والموضوع أما مخرجه فعربي الأصل فرنسي الجنسية هو الجزائري رشيد بوشارب، صاحب «خارج عن القانون»، «بلديون»، «نهر لندن» وغيرها، والذي حاول في فيلمه الجديد «طريق العدو» تحوير موضوعه المقتبس من قصة فيلم فرنسي سابق قام ببطولته الممثلان جان كابان وألن ديلون في بداية السبعينيات، ومقاربتها مع الفكرة الجديدة التي أراد من خلالها عرض موضوع إشكالي حاول معالجته في أفلام سابقة له، خصت الموقف من المسلمين وعلاقتهم بالغرب في مسعى منه لعرض رؤيته حول قضية كثيراً ما يساء فهمها بفعل تأثيرات تأخذ من الفعل الفردي موقفاً عاماً، كما رأينا في «نهر لندن»، الذي تناول حادثة تفجير قطار الأنفاق في لندن وراح ضحيته عدد من الأبرياء، وكيف ساعد التقارب الإنساني بين أم مسيحية وأب مسلم فقد كل منهما ولده أثناء الحادث (بدوافع وظروف مختلفة)، على بلورة صورة واقعية جديدة استبعدت الأحكام المنمطة ووضعت مكانها علاقة أكثر إنسانية، رغم شدة الألم والأسى الذي كان مخيماً على المشهد الدرامي.

بلا عمق

الاختلاف بين أعماله السابقة و«طريق العدو» أن الأخير أقل إشباعاً على المستوى الدرامي، وحكايته تبدو كما لو أنها ألصقت عنوة برجل أسود دخل السجن لأسباب جرمية ولم يتعرض لضغط الشرطة حين خرج منه لكونه مسلماً، بل لموقف اجتماعي مسبق من كل الذين يدخلون السجن وبشكل خاص السود منهم ولا يسمح لهم بالتكيف مع العالم الخارجي ثانية، ولا تسمح أجهزة الشرطة لدورها غير التربوي بقبوله كشخص أخطأ ودفع ثمن خطئه، بل تعامله كمجرم مذنب عليه العودة إلى السجن ثانية. الغريب أن بوشارب لم يعمق شخصيته وفق ما تتعرض له من ضغط بسبب الموقف من الإسلام، كما يجري اليوم في الولايات المتحدة الأميركية وبخاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر، بل ترك الأمر مفتوحاً على افتراض مسبق بأن المشاهد سيعطيه من عنده ما يحتاج أن يعطيه البطل من مواقف وأفكار، حين يجسد دور شخصية ما على الشاشة أمام المشاهد.

في النهاية وبغض النظر عن أهمية الموضوع المختار تناوله، فإن ما هو مجسد أمامنا على الشاشة جاء مفككاً، وغير مقنع، لا على مستوى الحكاية ولا الشغل السينمائي رغم إسناد دور البطولة إلى الممثل الأميركي فورست ويتكر، الذي لم يفلح في تجسيد شخصية الرجل المسلم بما يكفي للتفاعل مع قضيته الوجودية ككائن يتعرض لضغوط اجتماعية تخسره كل ما حاول بناءه بعد تجربة السجن المريرة، لا لشيء سوى لأنه مختلف اللون والعقيدة ويعيش في وسط محافظ رافض للتعايش مع التنوع البشري وفضائله، على عكس ما حاولت الإيرانية سوادبي مرتضاي في فيلمها «ماكوندو» تقديمه، حيث جربت معالجة الحركات الإسلامية المتطرفة من منظور مختلف، يعطي مساحة «للغفران» بتخفيف الحكم المطلق على عموم المسلمين من خلال مجموعات تسيء إليهم بسلوكها المتطرف، وبمعالجة سينمائية متماسكة اتخذت من معسكر لطالبي اللجوء في النمسا مكاناً لأحداث الفيلم وظلت تدور في مساحته، في حين أحضرت الموضوع الشيشاني عبر ربط الصلة بين شخصياته الرئيسية وخلفياتهم السياسية ومواقفهم من العنف الذي يقترن بتداخلات ملتبسة، يشكل فيها الدين والحقوق القومية طرفين رئيسيين إلى جانب تفاصيل كثيرة تتعلق بتكوينات المهاجر النفسية والاجتماعية، وعلاقته بالوسط الجديد الذي يجد نفسه فيه في تنافر صارخ تمكنت سودابي من الإمساك بالكثير منها بمهارة سينمائية تشي بموهبة مُتشكلة. لم تظهر حتى اللحظة أفلام كثيرة تتناول منطقة الشيشان المسلمة معقدة التركيب، وذات الخلفية التاريخية المتشابكة مع وجود الاتحاد السوفييتي سابقاً ثم روسيا في الوقت الحاضر.

مثال صارخ

لقد ظلت مشاكل الجمهوريات السوفييتية حديثة الاستقلال أو تلك التي ظلت تحت الحكم الروسي عصية على الحل وصعبة على الفهم، لشدة تداخلاتها، ومسألة الشيشان مثال صارخ على ذلك. ففي الوقت الذي يسعى فيه شعبها وأغلبيتهم من المسلمين، للتخلص من هيمنة روسيا تسعى الأخيرة للحفاظ على سطوتها باستخدام وسائل سياسية وقومية وحتى عسكرية في محاولة منها لطمس معالم الوجود القومي للشيشان، فظهرت وكرد فعل عليها حركات مسلحة متطرفة اتخذت من العنف مساراً لنشاطها متعكزة في بنائها الفكري على الدين. على هذه الخلفية رسمت مرتضاي شخصياتها داخل المعسكر وتركز الحدث فيه على صبي اسمه رمضان وأخواته ووالدته التي جاءت بهم إلى النمسا بعد موت زوجها في عملية انتحارية ضد الجيش الروسي، من جهة وبين عيسى الذي نجا من الموت في نفس العملية التي خسر فيها صديقه والد رمضان. ثلاثة أطراف للحكاية اثنان منها: العائلة وعيسى كانا يتفاعلان مع المكان الجديد، في حين كان الطرف الثالث حاضراً من خارجها عبر سيرة الأب القتيل وقضيته إلى دفعت بالكثير من الشيشانيين للهجرة إلى أوروبا وطلب اللجوء.

بَنَت الإيرانية مرتضاي فيلمها على فكرة «الغفران»، فالشخصيات المتألمة من تاريخها القاسي والدموي تريد التخلص منه بالاندماج المعقول مع المجتمعات الجديدة، عبر عنصرين مهمين: اللغة والعمل. يبدو الفيلم في ظاهره، إذا ما أبعدنا العنصرين المذكورين وكأنه يريد تزكية السلوك المتطرف، لكن بوجودهما سنفهم رغبة رمضان ووالدته في تأمين حياة جديدة تخلو من هَم البلاد التي تركاها ولكنها ما زالت تصاحبهما في رحيلهما القسري.

تفاصيل الحياة اليومية تلملم المشهد العام للمهاجرين وبخاصة الشيشانيين وتعطي صورة واضحة للتصادم الثقافي الحاصل داخله وخارجه أيضاً، وتأثير ذلك المباشر على موقع الأطفال الاستثنائي في معادلات التأقلم المعقدة. طفولة رمضان وعقدة حرمانه من الأب، وخوفه على أمه وأختيه الصغيرتين يمثل القاعدة النفسية الهشة التي يشترك الكثير من الأطفال معه فيها لكنه يتميز عن بعضهم بدواخل طيبة، تتراجع قوتها كلما عاشر أطفال السوء أو تذكر يتمه وحاجته للتذمر من جور الزمان عليه، بالقيام بأفعال يندم كثيراً عليها، متقارباً مع تجربة صديق والده الذي يعترف بارتكابه أخطاء كثيرة خلال حياته ويلمح بشكل أكبر إلى تلك المتعلقة بنشاطه السياسي المسلح، الذي فقد خلاله بعض أصابع يديه، ولم تقعده الإصابة رغم جسامتها، عن الحركة والعمل.

ساحة غفران

يتحول المعسكر في «ماكوندو» إلى ساحة للغفران وغسل الآثام المتركبة في داخله أو بعيداً عنه، ما يضعه بين قلة من الأفلام التي تصنع جواً تسامحياً مقبولاً بين عناصر متصادمة، لكنها تجتمع في مكان واحد يسمح لها بركن خلافاتها جانباً أو قسم منها، ليفسح المجال أرحب للعبور إلى مساحات جديدة تتفاعل فيها الحيوات وتتشارك وفق اتفاق على أن الاحترام المتبادل وقبول الآخر شرطان أساسيان فيهما، وهنا يأتي الحديث عن الطرف الحاضن والمتحكم في المعادلة، بطريقة لبقة فيها من الذكاء الكثير متمثلاً في التقاط تعبيراته السلوكية. فبقدر ما يبدو الصراع الداخلي معقداً عند المهاجر الشيشاني لارتباطه بموروث ديني وثقافي مختلف عن ثقافة الوسط الحاضن، ما يدفعه إلى الانسحاب نحو الذات متخذاً من الدفاع عنها مبرراً لكل تصرفاته مع الآخرين وموقفه منهم، يبدو من جانب آخر عند النمساوي أكثر يسراً بسبب قلة ما فيه من تداعيات على حياته، فهو لا يعرف هؤلاء البشر إلا من الخارج، لا يعبأ بهم إلا حين تتصادم مصالحه مع مصالحهم، ولايتدخل بينهم بقوة إلا عبر مؤسسات دولته مثل الشرطة ودوائر الشؤون الاجتماعية المهتمة بحياة طالبي اللجوء في بلاده، ومع هذا، فما أن يقترب المهاجر الذي يقبل بالشرطين المهمين: تعلم اللغة والعمل، حتى يغير موقف الطرف الثاني منه، لهذا تمكن المراهق رمضان سريعاً من تجاوز أخطائه وتصالح سريعاً مع عالمه الجديد، ومع ماضيه، في نفس الوقت، حين قبل صداقة عيسى ليؤسس صداقة مختلفة عن صداقات الأب القديمة التي بُنيت على مشتركات سياسية وأفكار تقبل بالعنف، إلى أخرى أكثر تسامحاً متصالحة مع حاضرها وشروط عيشها الإنساني.

سودابي مرتضاي جاءت من الوثائقي إلى الروائي متسلحة بقدرة نادرة على القص، والتقاط التفاصيل عبر كاميرا شديدة الحساسية تعرف ماذا تأخذ من المشهد الذي صنعته رؤية مخرجة موهوبة، تناولت موضوعاً شائكاً بروح تصالحية ربما لا تتوافر في الحياة نفسها، لكنها ودون أي عوائق تستطيع أن تحضر في السينما بوصفها فناً يتحمل أفكاراً وعوالم متخيلة عن الواقع الذي نعيشه ويمكن تجسيده بأدواتها التقنية الخاصة.

الإتحاد الإماراتية في

06.03.2014

 
 

فنانون في مؤتمر إعلان تفاصيل عيد الفن:

لو يملك الإرهابيون حسًّا فنيًّا لما قتلوا أحدًا

كتب: حاتم سعيد 

عقد الموسيقار هاني مهنى، رئيس اتحاد النقابات الفنية، مؤتمرًا صحفيًّا الخميس، بالمجلس الأعلى للثقافة، لإعلان تفاصيل حفل عيد الفن وأسماء المكرمين، المقرر عقده الخميس المقبل، بالمسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، بحضور المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية، بعد توقف دام 33 عامًا.

حضر المؤتمر كل من الفنانين عزت العلايلي، وسامي مغاوري، والمنتج محسن علم الدين والمخرج محمد النجار.

وقال «مهنى»: «العيد عمدة الفن في العالم العربى، وكثير من فناني السينما غير مصريين ولكن الكل يحضر إلى مصر لينعم بفنها هنا، ولهذا قرر المستشار عدلي منصور، رئيس الجمهورية، رعاية العيد وحضوره للاحتفال الرئيسي 13 مارس، ليسلم وسام الاستحقاق، من الدرجة الأولى لعدد من الفنانين تقديرًا منه للفن».

وتابع: «كان هناك استهداف للفن والثقافة الفترة الماضية، من خلال بعض المنظمات الدولية لكسر الفن في مصر لأن الجميع يعلم أن مصر هوليوود الشرق».

واختتم: «أعظم سلاح لمحاربة الإرهاب هو الفن، والإرهابيون لو لديهم حس فني لن يقتلوا أحدًا، لذلك عيد الفن سيكون انطلاقة لكل فنان مبدع لكي نسلم الراية للشباب ونستطيع محاربة الإرهاب».

ومن جانبه قال الفنان عزت العلايلي: «مصر لديها سينما من 117 عامًا، ومسرح من 150 عامًا ورسومات على الجدران منذ 7000 عامًا، ولذلك كنت أرى أن المفترض أن نكون بجانب مهرجان (كان) السينمائي، لأننا نمتلك القدرة الفنية والإدارية التي تجعلنا ننافس المهرجانات العالمية».

وقال الفنان سامي مغاوري: «موافقة الدولة على عودة عيد الفن انتصار للجميع، لذا أطالب بأن يكون لكل من يقف خلف الكاميرا تقدير متساوٍ تمامًا للتقدير الذي يحصل عليه من يقف أمام الكاميرا».

المصري اليوم في

06.03.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)