كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

الألوان في سينما 2013 (ملف خاص)

كتب: محمد المصري

 

في كتابه «سحر الأفلام: حكاية المؤثرات الخاصة في السينما» يخصص الكاتب والمؤرخ جون برونسون فصلاً كاملاً للحديثِ عن المراحل التي تَسَرَّبت من خلالها الألوان إلى الأفلام السينمائية لتصبح هي الصيغة المُفضَّلة في النهاية عوضاً عن الأبيض والأسود.

يقول «برونسون» أن السينمائيين في بداية ظهور الألوان تعاملوا مع الأمر بصورة احتفائية، «تحولت الأفلام إلى أحلامٍ ملونة» بحسب وصفه، وكان فيلم «بيكي شارب»، الذي بلغت كلفته مليون دولار عام 1935 هو أول فيلم ملون بالكامل، ورغم من قيمته السينمائية المحدودة وقصته الميلودرامية إلا أن التركيز على الألوان وحديتها –الأصفر، الأحمر، الأزرق- في ديكوراته وملابس أبطاله كان أمراً جاذباً جداً للجمهور، وهي الشيء الأساسي الذي اعتمدت عليه دعايا الفيلم في حينها.

لاحقاً، كانت الألوان هي ما يمنح فيلماً مثل «ساحر أوز» عام 1939 عالمه الساحر، وليس من قبيل الصدفة أن الأجزاء التي تدور في «بلاد العجائب» كانت الملونة، في حين أن بداية الفيلم ونهايته على أرض الواقع صورها المخرج «فيكتور فليمنج» بالأبيض والأسود.

الألوان كذلك هي ما منحت فيلم مثل «ذهب مع الريح»، عام 39 أيضاً، كل تلك الملحميَّة، ولم يكن من المتصور أن لقطة لـ«سكارليت أوهارا» وهي تقف «سلويت» وخلفها الغروب كان من الممكن أن تكون بكل تلك الأيقونيَّة لو لم نَكُن نَرى هذا الغروب باللون الوردي، أو كان من الممكن لنا ملامسة تغيرات الزمن خلال الحرب الأهلية بدون القتامة اللونيَّة التي تحرَّك الفيلم نحوها، من غلبة اللونين الأبيض والأخضر، للونين الأسود والأحمر في مراحله اللاحقة.

مع ظهور «ألفريد هيتشكوك»، وانتقاله من بريطانيا إلى أمريكا، كانت خياراته الفنيَّة تطوّر فعلاً من تعامل السينمائيين مع الألوان، بدلاً من الصورة الاحتفائية التي وصفها «برونسون» بأنها «أحلام ملونة»، بدأ «هيتش» في استغلال الألوان بصورةٍ أعمق وأكثر فنيَّة وسينمائية، وبحسب استشهاد المخرج الفرنسي فرانسوا تروفو في إحدى مقالات «كراسات السينما» أن «هيتشكوك كان يجعل الألوان جزءً من الحكايات، تماماً كما يفضل حكيها أحياناً بالأبيض والأسود»، ويُضيف: «لا يمكن أبداً فهم فيلم مثل Vertigo بدون استيعاب كامل لرمزية اللون الأحمر»، وهو ما كان، في رؤية «هيتشكوك» وخططه اللونيَّة: يعني الشَّهوة، وهو كذلك يعني المَوت، وفي افتتاحيَّة الفيلم الكلاسيكية يُغرق «هيتش» بعض الكادرات باللونِ الأحمر، وهو ما يترك أثراً عميقاً جداً ومرتبطاً بالشخصية، يستمر بعد ذلك طوال الفيلم.

«هيتشكوك»كان أحد المُعلمين الكبار بشأن استخدام الألوان، ولاحقاً، مع دخول التلفزيون، ومحاولة السينما إيجاد أدوات جذبها الخاصة، صارت الألوان هي الصيغة الفيلمية الدارجة منذ مطلع الستينات، وتجاوزت في الكثير من الأحيان كونها «مجرد ألوان»، وأصبحت جانباً هاماً من أدواتِ المخرجين لسرد حكاياتهم بدلاً من مجرد زخارف بصرية.

في هذا المَلَف، سيتم تناول عدد من أفلام عام 2013 المهمّة بصورةٍ مُختلفة، تركز بالأساس على الطريقة التي تعامل بها المخرجين مع الخطط اللونيَّة في أفلامهم، ومساهمتها في الحِكاية، أو في بناء الشخصيات.

(1) Short Term 12 – الحَركة من البارد إلى السَّاخِن

Short Term 12 هو واحد من أهم الأفلام المستقلة قليلة الكُلْفَة التي قدمت هذا العام، وهو، بصورةٍ عامة، واحداً من أفضل الإنجازات السينمائية التي قدمت في 2013.

يَحكي الفيلم عن مؤسسة لتأهيل المراهقين الذين يعانون من بعض الاضطرابات، بطلة الفيلم «جريس» هي المسؤولة عن هؤلاء المراهقين، قبل أن تحضر إلى المؤسسة مراهقة حادة وعنيفة الطباع تدعى «جيدن»، العلاقة بينهم يُفترض أن تتجه من مرحلة «الرفض والنّفور» من جانب «جيدن»، إلى «الطمأنينة والاعتماديَّة» على «جريس» كي تُساعد كل منهما الأخرى، وذلك «التغيُّر» والانقلاب يحكيه المخرج «ديستون كريتون» في ثمانية دقائق عَظيمة سينمائياً، كانت الألوان هي إحدى خياراته الفنيَّة الفاعلة جداً فيه.

الفَصل يبدأ بهروب «جيدن» من المؤسسة، تَتبعها «جريس»، وتطلب منها مُصاحبتها، توافق «جيدن» بشرط الحفاظ على مَسافة كافية بينهم.

في اللقطةِ الأولى: يختار المخرج «ديستون كريتون» لقطة واسعة جداً لهم، يَبدو هُناك تقارباً جسدياً بين الفتاتين –وهي مُقاربة بصرية عَميقة بالنسبة لماضيهم المُشترك الذي سنعرفه لاحقاً-، وتكون ألوان اللقطة باردة تماماً "الرصاصي/الأبيض/الأخضر".

في تتابع اللقطات اللاحق، تتغيَّر المُعطيات في كُل مرة: تصبح اللقطة أقرب، المسافة بين الفتاتين تقل، والألوان نفسها تتغير: من ألوانٍ باردة (الأخضر/الأسود/الرصاصي) في اللقطة الثانية، إلى غَلبة اللون الأصفر في اللقطة الثالثة، إلى اللونِ البرتقالي الدَّافئ جداً في اللقطة الرابعة.
في المشهد الذي ينتهي عليه التتابع، تكون الشخصيتين في ذروة الحكاية، ويبدأ جانباً من ماضيهم القاسي في الظهور، تحكي «جيدن» لـ«جريس» 
قصة كتبتها عن الأخطبوط الذي صادق القرش.. وصار يُطعمه إحدى أرجله كل أسبوع حتى فقدها كلها فرحل القرش يبحث عن صديقٍ جديد، تسألها «جريس»: «هل قام والدك بإيذائك من قبل؟»، يثبت «كريتون»اللقطة على وجه «جيدن» مع صوت «جريس»: «هل لازال يؤذيك؟!»، تظل اللقطة ثابتة على وجه «جيدن» التي بدأت تبكي بصوتٍ مَسموع، ويكون الأمر عميقاً ومؤثراً جداً في «التورُّط» مع الشخصية، قبل أن يُنهي «كريتون» دقائقه الثمانية بلقطةٍ تَختصر الحكاية كلها: فتاتين جالستان على الأرض –وليس فوق السرير- مُنزويتان جداً وصغيرتان جداً تضع أحدهما يدها فوق كَتف الأخرى، والألوان –الدافئة قطعاً- تَكون في أكثر درجاتها راحة خلال الفيلم، في تلك اللحظة تحديداً تَكتمل العلاقة بين الفتاتين بالصورة التي ستظلّ عليها

(2) Gravity – ألوان الكَون المحدودة

لا يَملك المُخرج ألفونسو كوران في فيلمه الذي يدور بالكامل في الفضاء، باستثناء مَشهد الختام، ذلك التَّرف في التحكُّم في العالم، بقدرِ ما يخضَع للصورة الحقيقية الدقيقة –قدر الإمكان- عن الفضاء، وبالتالي فهو في النهاية يَبني عمله بخريطة لَونية مَحدودة للغاية ومن الصعب تَبديلها.

يتعامل «كوران» مع ثلاثة ألوان أساسية: الأزرق الذي يَغلب على شكل الكرة الأرضية، الأسود كلونٍ للخلفية الفضائية، والأبيض في المَركبات البشريَّة وملابس روّاد الفضاء.

وهو في نَفس الوقت، يعتمد على ثلاثة مصادر رئيسية للإضاءة: الأرض والشَّمس والنجوم باختلاف إضاءتها بين السطوع والخفوت.

في إطار تلك الإمكانيات القليلة في التلاعب بالألوان أو الإضاءة، يُحاول «كوران» استغلال الأمر بقدرِ الإمكان للتعبير بصرياً عن التّيمة الرئيسية التي يدور حولها الفيلم وهي «البَقاء» أو «البعث من جديد».

يَستغل أولاً الحدَّة اللونية بين الفضاء الأسود والروَّاد ذوي الملابس البيضاء في لقطتين: الأولى حين ترتطم بقايا القَمر الصناعي الروسي بالمركبة الأمريكية وتتوه «د.ستون» عن البقية، اللقطة كافية للتعبير عن كونها صَغيرة جداً في هذا الفضاءِ المُتسع.

اللقطة الثانية هي لـ«مات كولينسكي» حين يفُكّ رباطه مع «ستون» ويتوه في الفضاءِ إلى الأبد، يؤكد «كوران» على نفسِ الأمر بشكل بَصري، الفضاء واسع جداً على تلك الأجسامِ الصغيرة.

في بقية العَمل يتعامل «كوران» مع الشَّمس/النجوم تحديداً بدقّة، وهي تَظهر في أربعة مواضع لتعبر عن المعنيين الأكثر ارتباطاً بهم (الغروب والشروق) في مُقابل (الموت/الحياة) بالنسبةِ لعالم الفيلم:

1- يظهر اللون الأحمر في هذا الفيلم مرات نادرة، أهمها حين تتوه «ستون» في الفضاء بعد افتتاحية الـ12 دقيقة –المدهشة سينمائياً-، لا يعرف المُشاهد في تلك اللحظة إن كانت «ستون» سَتُنقذ أم لا، يكون الضغط مُضاعفاً جداً، خصوصاً مع القرب الشديد من وجه «ساندرا بولوك» والذي يزيد التورُّط معها، وفي ذلك الوقت يستخدم «كوران» انعكاس أشعة الشمس الحمراء في طورِ الغروب –وهي لحظة موت للشخصية- على وجهها، اللقطة تَكون مُخيفة فعلاً، الأحمر هنا يزيد التوتر.. وبصورةٍ أو بأخرى هو الموت.

2- حين ينقذ «كواليسكي» ستون ويبدآن في التحرك ناحية السفينة الروسيّة، تكون لحظة هادئة، يتحرَّكان في الفضاء، وأمام مِصر تحديداً بالمناسبة، وراءهم يكون الضوء الأصفر المطمئن للشمس/نجم في مرحلة «الشروق»، الشخصية تجد نجاتها.

3- بعد أن ينتهي الوقود من المركبة الروسية، تغضب «ستون» بشدة وتعتقد أن تلك هي النهاية، يَقطع «كوران» للقطة واسعة للمركبة كاملة، في الخلفية.. أحد النجوم يَختفي ببطءٍ وراء الأرض، أمر له أثر بصري قوي في لحظة ينتهي أمل الشخصية في الحياة، وفي النصف الآخر من الشاشة –حين تتسع لقطة «كوران» أكثر- يكون هناك ظاهرة The Green Aurora التي تحدث على أحد قطبي الكرة الأرضية، اللون الأخضر للظاهرة الخلاّبة لم يكن لغرض جمالي بقدر ما يضفي على اللقطة الكثير من الرثاء والثقل وربما التعبير عن مَجهولية المَصير.

4- اللقطة الأخيرة حين تنجح «ستون» في الحركة بالسفينة الروسية، وتكون بالقرب تماماً من المركبة الصينية التي ستعيدها للأرض، الخلفية البصرية للقطة هي «شروق الشّمس»، والألوان المُعبرة عن البدايات الجديدة، تماماً كـ«ستون» القريبة من النجاة و«البعث» مرة أخرى نحو الأرض.

(3) Frances Ha – بالأبيض والأسود.. ذلك أفضل كثيراً

اختار المخرج «نواه بومباك» تصوير فيلمه «فرانسيس ها» بالأبيضِ والأسود، وكان له سبباً وَجيهاً في ذلك: «نيويورك المُعاصرة بالنسبة لي تبدو صاخبة وغالية، نيويورك التي نشأت عليها وعرفتها عبر الأفلام كانت بالأبيضِ والأسود، ».

وفي فيلمٍ يدور جانباً عَميقاً منه حول علاقة البَطلة بالمَكان، فإن اختياره للأبيض والأسود كان خياراً «حميمياً جداً يُناسب القصة» بحسب تعبير «بومباك»، «كُنت أريد الاحتفاء بكل شيء، الأماكن والأشخاص، وبطريقة سينمائية، الأبيض والأسود يمنحك نَكْهَة كلاسيكية جداً لفعلِ ذلك».

يستخدم «بومباك» كل أداة يمتلكها لمنح فيلمه تلك النكهة الكلاسيكية، يستخدم موسيقى من الأفلامِ القديمة على رأسها The 400 Blows لفرانسوا تروفو وContempt لجان لوك جودار –أهم رموز الموجة الفرنسية التي أعلَت من قيمة المُدن وعلاقة أبطال الأفلام بها-، يَضع تحيَّات متناثرة لكادرات من أفلام «تروفو»، بل ويضع بوستر فيلمه Small Change في أحد المشاهد، وهو كذلك يستلهم روح «وودي آلان» في فيلمه Manhattan أو بشكلٍ أدق «كان يتسرب للفيلم دون أن أشعر» كما يقول «بومباك»، ليجعل الفيلم نيويورك جَميلة جداً وكلاسيكية جداً، كالمدينة التي عَرفها مخرجه في الأفلامِ صغيراً.

السبب الآخر لاختيار التصوير بالأبيض والأسود كان «فرانسيس»/الممثلة جريتا جيرويج نفسها، الشخصية الاستثنائية التي تُعلَّق عليها روح الفيلم كله، وهي بالأهمية درجة قيادة الخيارات الفنية فيه، يَشرح «بومباك»: «شعرت أن فرانسيس ستكون جَميلة إذا صورتها بالأبيض والأسود»، «حتى إن كانت تجري في الشارع لجلب بعض الأموال من ماكينة الصرف الآلي، فإن الأبيض والأسود يجعل الأمر فاتناً»، وهو ما حدث تحديداً، وصنع ربما أجمل شخصية سينمائية للعام كاملاً، في واحدٍ من أجمل أفلامه.

(4) The GrandMaster– النور والظّل

يحكي فيلم The Grandmaster، للمخرج الصيني الشهير «وونج كار واي»، قصة معلم الفنون القتالية «ييب مان»، الذي تعلم على يديه أيقونة السينما الأسيوية «بروس لي».

مُبكراً جداً، في اللقطة الافتتاحيَّة التي تسبق عنوان الفيلم يَرغب «وونج كار واي» في إبهارنا بطبيعة الرجل الذي سيحكي عنه، يصنع مشهداً قتالياً بارع الجَمَال، ولكن الأيقونية الحقيقية التي يمنحها لبطله في المشهد يأتي تحديداً من القبعة التي يرتديها.

المشهد بكامله مَبني على اللونِ الأسود فَقَط، ويتلاعب «وونج كار واي» –كبقية الفيلم- بالنور والظلّ من أجل منحه درجات مختلفة من العمق في الصورة، الشيء الوحيد الذي يكسر تلك الحدة اللونية في بناء المشهد هو قبعة «ييب مان» البيضاء في مواجهة رجال مُتشابهين بالأسود، وهو ما يمنحه صورة أيقونية جداً تبقى في الذاكرة.

يَستلهم «كار واي» في خياره هذا تراثاً سينمائياً لأفلام الحركة يَمنح القبَّعة أهمية ورمزية خاصة، تحديداً «جان بيير ميلفيل» في فيلم Le Samouraï عام 1967، أو الأخوين كوين في Miller’s Crossing عام 1990، حيث تكون «قبعة» بطل الفيلم معبرة عن الشرف والكاريزما والاحترام، وفي Grandmaster، ومع اللون الأبيض الذي يَجعله «كار واي» واضحاً في مشهد «أسود» بالكامل، يَستطيع أن يفعل ذلك في مشهده الافتتاحي، وهو أمر يستمر معنا طوال أحداث الفيلم.

(5) Her - أزرق وأحمر

Her، للمخرج «سبايك جونز»، هو أكثر الأفلام المُخططة لونياً بشكل دَقيق خلال هذا العام.

لا يوجد لَقطة رُبما في هذا الفيلم لا تلعب الألوان فيها دَوراً هاماً في الحِكاية، التي تدور حول علاقة حُب تجمع بين كاتب وبين نظام حاسوبي متطور يحمل اسم «سامانثا» وبصوتِ الممثلة «سكارليت جوهانسون».

مُنذ المُفتتح يَكون هناك «تلخيصاً بصرياً حاسماً للشخصية»، نَرى «ثيودور» يسير في شوارع المَدينة المُستقبلية، المَدينة تبدو قاتِمَة جداً، تغلب عليها الإضاءة الزرقاء، «ثيودور» في المُقابل يَرتدي سترة حمراء، نعلم عنه أنه شخص عاطفي جداً، يقوم بكتابة رسائل بين الأحباء بفضل موهبته، ولكنه يَشعر بالوحدة، اللقطة تختصر كل هذا بصرياً ولونياً.

حين يَسترجع «سبايك جونز» حياة «ثيودور» مع زوجته السابقة، في فلاش-باكات سريعة، غالباً ما يُصوّر ذلك في ضوء النهار، بألوانٍ يغلب عليها الأحمر والأبيض، الحياة الحقيقية التي يفتقدها بطله حالياً.

وحين يقوم بشراء النظام الحاسوبي «سامانثا»، يُصبح العالم من حَوله أكثر حميمية، سواء كان ذلك في جولةٍ ليلية ذات ألوان مألوفة، أو في جولة صباحية على الشاطئ، أو وهو يتحرك بالمترو صباحاً، وعلى عَكس لقطة المُفتتح التي يظهر فيها وحيداً وتَميل نَحو الزّرقة، ضوء الشمس هنا يجعل الصورة حميمية.

وعند مروره بالتساؤلات أو التوترات بشأن تلك العلاقة، خصوصاً بعد طلاقه الرسمي، غالباً ما يرتدي «ثيودور» السترة البُنيَّة، قبل أن يُقرر إنهاء هذا الوضع المربك مع نظامه الحاسوبي، عند تلك المرحلة من الفيلم.. يَضعه سبايك جونر في عدة لقطات واسعة، يرتدي في تلك المرة قميصاً لَبني اللون، مُحايد عاطفياً، ومُحيطه يغلب عليه الأحمر.. مع وجود فتى وفتاة في تكوين المَشهد، المدينة تبدو له مُوحشة أكثر على تلك الصورة، لا تُراعي وحدته، أمر يؤكد عليه «جونز» بصرياً في لقطة ينقض فيها نِسر على لوحة إعلانية تماماً على ظَهر «ثيودور».

مع ملاحظة أن كل مشاهد تلك الفترة تصور ليلاً أو في إضاءة خافتة، فإن عودة «ثيودور» و«سامانثا» يتبعها مباشرةً لقطة واسعة: ثيودور يرتدي القميص الأحمر من جديد، ومُحيطه يَغلب عليه اللون الأخضر، الأمور تبدو جيدة الآن.

في تلك المرحلة، حين يضع «جونز» لقطة أخرى وهو يسير في الشارع، تكون الإضاءة أكثر حميمية من زرقة البداية، «ثيودور» يرتدي سترة حمراء أيضاً ولكن وضعه الجسدي أكثر حرية وأقل تخشباً من اللقطة الأولى، لأنه يتحدث مع «سامانثا»، ولكن الأهم في اللقطة هم أن الناس من حوله أيضاً أكثر مرحاً وحميمية، وما لا يلاحظه «ثيودور» -وسيلاحظه بعدها في نهاية الفيلم- أن الجميع يتحدث مع نظامه الحاسوبي.

وفي النهاية، حين تتركه «سامانثا»، وترحل كل الأنظمة التي يزداد تطورها، فإن التصميم الفني للفيلم يُصبح أكثر قتامة، «ثيودور» يرتدي قميصاً أبيض –نراه به للمرةِ الأولى- وبنطلوناً بنياً، النور مُغلق في بيته، حوائط بيت صديقته «إيمي» هي الأخرى حيادية الألوان جداً.

قبل أن ينهي «جونز» فيلمه، المُخطط بدقة شديدة بصرياً، في الديكورات والملابس وتصميم المَشاهد، بلقطة بَسيطة، واسعة لـ«ثيودور» يجلس بجانب «إيمي»، تضع رأسها فوق كَتفه، وتكون أمامهم المَدينة في طورِ الغروب، تبدو اللقطة مُعبرة عن الوحدة وعن الحاجة، ويبدو «جونز» خائفاً من التطور الذي يُزيد الوحشة، ربما قصد بإنهاء فيلمه –الممتلئ بصرياً- بتلك اللقطة البسيطة بميله للصورة الحقيقية دون أي بهرجة أو تدخلات، بكل عاديتها، تماماً كما بطله الذي أرسل رسالة لزوجته القديمة يخبرها أنه سيحبها دوماً «لأننا كبرنا معاً».

المصري اليوم في

02.03.2014

 
 

هند عاكف تشيد بتحويل «الأقصر للسينما الأفريقية» لمهرجان صديق للمعاق

كتب: إبراهيم معوض 

أشادت الفنانة هند عاكف بدور محافظ الأقصر اللواء طارق سعد الدين، ورئيس مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية الفنان سيد فؤاد، في تحقيق مبادرتها بشأن تحويل مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية إلى مهرجان صديق للمعاق، مؤكدة أنها ستواصل مساعيها مع أصدقائها من المهتمين بقضايا المجتمع لتحويل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وكافة المهرجانات السينمائية والغنائية والسياحية بمختلف المحافظات المصرية إلى مهرجانات صديقة للمعاق ، موجهة الشكر للواء طارق سعد الدين والفنان سيد فؤاد على تقديرهم لتلك الفئة الغالية من المجتمع ، واصفة قرارهم بجعل مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية مهرجانا صديقا للمعاق والتي تعد الأولى من نوعها ، بأنها ستسجل في التاريخ الانسانى وستسهم بدور فعال في جذب آلاف السياح المعاقين من مختلف بلدان العالم لزيارة المدينة التي جعلت من مهرجاناتها مهرجانات صديقة للمعاق .

وطالبت الفنانة هند عاكف، بأن تكون كافة المهرجانات السينمائية والفنية والسياحية في مصر مهرجانات صديقة للمعاق، وتحويل ما يتردد من شعارات عن حقوق المعاق ، ودور المجتمع تجاههم إلى واقع معاش وملموس ، مشيرة إلى أن صداقة المهرجانات الفنية المصرية المختلفة للمعاق هو إضافة إنسانية ، سيكون لها مردود ايجابي كبير على تلك الفئة الغالية من المصريين، وسيساهم في تشجيعهم على الإبداع والاندماج بشكل ايجابي مع بقية فئات المجتمع.

وأكدت عاكف، على أن تحضر الأمم يقاس بمدى اهتمامها واحترامها للأقليات وذوى الاحتياجات الخاصة والفئات المهمشة لأنهم شركاء في الوطن ، مطالبة بقية المحافظات ومنظمي المهرجانات المصرية بتطبيق تجربة الأقصر ومهرجانها الدولي للسينما الأفريقية وجعل كافة مهرجاناتهم مهرجانات صديقة للمعاق.

ومن جانبه قال محافظ الأقصر، إن سلطات المحافظة قررت أن يكون أي مهرجان يقام على أرضها مهرجانا صديقا للمعاق وليس مهرجان السينما الأفريقية فقط.

المصري اليوم في

02.03.2014

 
 

غياب الفرنسي آلان رينيه.. فارس سينما المؤلّف

نديم جرجورة 

قبل ثلاثة أشهر على احتفاله بعيد ميلاده الـ92، رحل السينمائي الفرنسي آلان رينيه بعد أعوام مديدة أمضاها في صناعة سينما مختلفة وسجالية وصدامية. الرجل المولود في عائلة ذات علم وثقافة واشتغالات اجتماعية ميدانية، تحوّل إلى أحد صانعي «السينما الجديدة» في فرنسا، على غرار التجربة الأدبية التي عرفتها باريس على مستوى «الرواية الجديدة». السينمائي الذي ساهم في تفعيل العلاقة بين الصورة والأدب ـ بتعاونه مع أدباء عديدين، أو باقتباسه روايات فاعلة في المشهد الثقافي العام، أو بسرده حكايات «مبدعين» أو قصصاً «إبداعية» ـ هو نفسه الذي أتقن كيفية الاستفادة من الفنون الأخرى، كالمسرح والموسيقى والفن التشكيلي والأشرطة المصوّرة، في صناعة بدت معه كأنها تخرج إلى عالم أرحب وأعمق وأجمل في إعادة رسم خارطة الدنيا، والنفس الإنسانية، والروح المعلّقة في متاهة التناقضات، أو اكتمالاتها الملتبسة.

«عمره الطويل، وأناقته، وفطنته، ورصانته، وشعره الأبيض الكامل البارز منذ زمن مديد إلى درجة أننا نسينا معه أنه كان شاباً ذات يوم، هذا كلّه يجعل من آلان رينيه نوعاً من نُصب لفارس آمر في «سينما المؤلّف» الفرنسية، بقدر ما كان لعوباً ومبتهجاً ومرحاً وتجريبياً في الواقع». بهذه الكلمات، رثى الناقد الفرنسي جاك ماندلبوم (الصحيفة الفرنسية اليومية «لو موند»، 2 آذار 2014) مخرج «نعرف الأغنية» (1997) و«الأعشاب البرّية» (2009). في رثائه هذا، استعاد ماندلبوم ما قاله الناقد الراحل سيرج داناي (أحد أبرز المنظّرين النقديين الفرنسيين) عن رينيه ذات مرّة: إذا كان يُثوِّر اللغة السينمائية، «فذلك لأنه يكتفي بالتعامل مع موضوعه بجدّية، ولأن لديه الحدس، الحظّ تقريباً، بالتعرّف على موضوعه من بين المواضيع الأخرى كلّها».

بالنسبة إلى التاريخ الحديث للسينما الفرنسية، المنبثق من أعماق خمسينيات القرن المنصرم، فإن آلان رينيه قدّم فيلمين اثنين يُعتبران، لغاية اليوم، بمثابة «محطّتين تاريخيتين أساسيتين»، يمكن الركون إليهما في فهم تحوّلات هذه السينما، ومساراتها المختلفة: «هيروشيما حبي» (1959) و«العام الفائت في ماريانباد» (1961). الأول مقتبس من رواية بالعنوان نفسه للكاتبة مارغريت دوراس، والثاني مرتكز على سيناريو لآلان روب ـ غرييه، الذي حقّق التقطيع السينمائي للفيلم نفسه أيضاً. فهل هي مجرّد صدفة بحتة، أم أن المسألة متعلّقة بهواجس السينمائي، التي قادته إلى اثنين من أبرز الروائيين الفرنسيين الذاهبين بالتجديد الأدبي والأسلوبي والكتابيّ إلى أبعد الحدود الممكنة؟ صحيح أن دوراس لم ترضَ بالترجمة السينمائية لروايتها الأقرب إلى سيرتها. صحيح أن الأسود والأبيض لغة سائدة في ابتكار الصُوَر والحكايات والحالات في التعاون السينمائي مع غرييه. صحيح أن الاشتغال مع روائيين مساهمَين في تحقيق انقلابات ثقافية فعلية أفضى إلى تحقيق فيلمين لن يكونا، لوحدهما، أفضل «اختراعات» رينيه، وإن كانا أجملها. لكن الأصحّ كامنٌ أيضاً في أن العالم السينمائي المتكامل الذي وضعه المخرج الراحل قبل يومين يُشكّل فصلاً مستقلاً في حكاية السينما الفرنسية تحديداً: «الحياة رواية» (1983) مثلاً، يغوص في متاهات النفس الفردية، من خلال اختبار يُحرّض عليه سيّد القصر، كي يكتشف ضيوفه عبر الاختبار هذا معنى آخر للسعادة، قبيل انبثاق أمر لامتوقّع، بفضله ينفتح الاختبار نفسه على احتمالات شتّى. قبله بـ17 عاماً، حقّق رينيه «الحرب انتهت» (مستمدّاً حكايته من تداعيات الحرب الأهلية الإسبانية)، محاولاً تفكيك الذات الفردية أيضاً في ارتباطاتها المعقّدة بالحياة والحرب والراهن. علماً أن الحرب استهوته، أو بالأحرى دفعته إلى اختراق عوالمها الدفينة، فإذا به يُحقّق «موريال، أو زمن عودة» (1966) عن الجزائر وحربها. «تدخين/ ممنوع التدخين» (1993)، العمل المؤلّف من فيملين اثنين عُرضا منفصلين، يهيم ـ كشخصياته التي أدّاها الممثلان سابين أزيما وبيار أرديتي ـ في وجوه مختلفة لأنماط الحياة، وفي اختبارات تعكس وجهات نظر عديدة للواقع والعيش والعلاقات.

هذه نماذج. يستحيل اختصار السيرة السينمائية لآلان رينيه. تستحيل الإحاطة الكاملة بعالمه السينمائي. فيلمه ما قبل الأخير «لم تُشاهدوا شيئاً بعد» (2012) بدا شهادة شخصية جداً له، مفتوحة على أسئلة الحياة والموت، والواقع والمتخيّل، والمسرح والتفاصيل اليومية. فالعمل المسرحي، الذي أراد صاحبه عبره العمل مجدّداً مع رفاق قدماء، دعوة إلى اكتشاف دواخل الروح والحدود الواهية بين التناقضات. عنوان الفيلم الأخير «أحبّوا، اشربوا وغنّوا» (2014) يكاد يكون صلاة أخيرة لمخرج «لم يكن لديه إلاّ موضوع واحد فقط: الرجل العائد من الموت»، كما قال عنه الفيلسوف جيل دولوز.

السفير اللبنانية في

03.03.2014

 
 

شاركت إلى جانب عمالقة المسرح والتلفزيون أمثال شوشو ومحمود المليجي

مارسيل مارينا: الإفلاس الفني هو سبب نهاية بعض الممثلين

بيروت: فيفيان حداد 

وصفت الممثلة اللبنانية مارسيل مارينا جيل الممثلين الجديد الذي تتعامل معه اليوم بصاحب الطاقات الهائلة. وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لعلّ مشاركتي في عدة مسلسلات تلفزيونية مؤخرا تضم نجوم الشاشة الصغيرة من هؤلاء، جعلتني أتعرف عن كثب إليهم وعلى بعض المواهب اللافتة بينهم». وتابعت: «ولكنني أستطيع القول: إن النظريات التي يكتسبونها في الجامعات لا تكفي، فالعمل على الأرض مهم أيضا وكذلك الموهبة التي يمكن صقلها بالدروس الجامعية. وأنا شخصيا لم أدخل الجامعة لأدرس التمثيل إذ كان مسرح (شوشو) بمثابة مدرستي وجامعتي اللتين تلقيت منهما مجمل ثقافتي التمثيلية». ورفضت الممثلة المخضرمة التي سبق ووقفت إلى جانب نجوم كبار أمثال الراحلين محمد علاء الدين المعروف بـ(شوشو) والممثل المصري محمود المليجي، ذكر أسماء معينة تجدها لامعة في مجال التمثيل اليوم وقالت: «لكلّ منهم شخصيته وأداؤه ولا أستطيع التفريق بين هذا أو ذاك، ولكن يمكنني القول بأنه لدينا اليوم باقة من الممثلين المجتهدين». إلا أن مارسيل مارينا أثنت على الدور الذي يلعبه بعض المخرجين الجدد الذين تعاملت معهم وقالت: «لقد فاجأني مثلا أداء المخرجين هشام شربتجي في مسلسل (آخر خبر) وسيف الشيخ نجيب في مسلسل (حلوة وكذابة) إذ كانا ملمين بشكل دقيق بكل تفصيل، كما أنهما ركزا على جوانب لم يسبق أن تناولها أحد قبلهما مع احترامي للجميع».

وعن الفرق بين الممثلين اليوم والبارحة ردّت قائلة: «في الماضي كان العمل ككل مختلفا، كان هناك رهبة للعمل، جدّية في التعامل مع النص وفريق العمل». ثم تتنهد وتتابع: «لقد كان الإخلاص عنوان ذلك الزمن الجميل ويا ليتنا نستعيد تلك الخصائص في الساحة التمثيلية اليوم».

وعما إذا كان هناك من ممثلين يذكرونها بنجوم من الجيل القديم قالت: «لا أحد يذكرني بنجوم الماضي، فمن سيحلّ مكان الراحل إلياس رزق؟ أو ليلى كرم رحمها الله؟ أو من يمكن أن يأخذ مكان هند أبي اللمع أو علياء نمري؟ برأي أن لا أحد يستطيع أن يحلّ مكان الآخر فلكل شخصيته وهويته حتى من نجوم اليوم».

وتجد الممثلة اللبنانية أن الساحة التمثيلية في لبنان اليوم تتطور بشكل ملحوظ وأنها نحو انتشار أكبر بفضل الجهود التي بذلتها شركات الإنتاج والمخرجون والممثلون معا.

ووصفت مشاركتها الحالية في مسلسل (اخترب الحي) الذي يعرض على شاشة الـ(إم تي في)، بأنه زوّدها بخبرات جديدة من حيث التعامل مع دم شبابي يختلف أداؤه عن الجيل السابق.

أما عن رأيها في بعض الكتاب الذين صاروا يلجأون لاستخدام عبارات شعبية سمتها «زقاقية»، وبينها ما يخرج عن الالتزام الأدبي الذي اعتدناه في الدراما اللبنانية السابقة قالت: لعلّنا استوردنا هذه العادة من المسلسلات المدبلجة التي يستعمل فيها عبارات مماثلة بشكل لافت مثل «سكّر بوزك» أو «انقلع من هون» أو «ربنا ياخدك»، فوجد الكتاب بأنها تعكس كلامنا في الواقع في حياتنا الطبيعية، ولكني أرفض هذه المقولة وأحيانا ألجأ إلى بعض التعديلات في النص كي لا ألفظ عبارات مماثلة. وتضيف: «لا أحد يمكنه أن يجبرني على التلفظ بكلمات مشابهة حتى لو كانت من صلب النص وأحيانا عندما أقول عبارة مثل (يقصف عمرك) في موقف طريف أجدها ثقيلة وغير مناسبة». وعن رأيها بانتشار الدبلجة بالسورية في المسلسلات التركية علّقت بالقول: «قد يكون السبب الرئيسي هو عدم وجود لهجات مختلفة لديهم، فنحن في لبنان تختلف لهجة أهل الشمال عن أهالي بيروت، أو صيدا ولذلك اللهجة السورية كانت أسهل لاتباعها في المسلسلات المدبلجة، كما أن اتفاقا حصل بين الطرفين يقضي بتبادل الأعمال فيما بينهما مما ثبّت قواعد اللعبة منذ البداية».

وتشددّ مارسيل مارينا على متابعة المسلسلات اللبنانية وتقول: «لا أحب أن أقول ككثيرين غيري لا أملك الوقت الكافي لذلك بسبب انشغالاتي الكثيرة، لا بل أجد أن متابعتي هذه تفيدني في مهنتي كممثلة، كما أنها تقرّبني بشكل أفضل مما يحصل على الساحة. ومؤخرا تابعت بشغف مسلسل (وأشرقت الشمس) وأعجبت به كثيرا».

وعن أجور الممثلين اليوم التي شهدت ارتفاعا مقارنة مع أجور الممثلين في الماضي قالت: «لطالما كانت أجورنا مقبولة، وما كنا نحصل عليه في السابق ووفقا للمعيار الاقتصادي السائد في تلك الحقبة كان برأيي عادلا». وهنا سألتها عن سبب الفقر الذي عانى منه بعض نجوم الماضي فرحلوا مفلسين فلم يستطيعوا حتى تطبيب أنفسهم فأجابت: «إن أي شخص منا يحصد ما يزرعه، وبرأيي أن هؤلاء لم يهتموا بتخبئة القرش الأبيض لليوم الأسود، فأهملوا واجباتهم تجاه أنفسهم ولم يتحلّوا بالمسؤولية المطلوبة منهم فوصلوا إلى نهايات غير مرضية».

وأضافت: «مهما تقاضينا من أجور فهي برأيي تبقى قليلة نسبة إلى العطاء والجهد اللذين نبذلهما لهذه المهنة، ولكن ذلك لا يمنع من أن نقوم بحساباتنا على أكمل وجه ونحفظ ما يسترنا في النهاية».

وهل هي شخصيا تخاف النهاية؟ تقول: «طبعا كلّنا نخاف النهاية ووعدت نفسي بأن أتوقف عن ممارستي المهنة عندما أشعر بأن الكاميرا لم تعد تحبّني نظرا لتقدمي في العمر مثلا، ولكني في الوقت نفسه ما زلت أحلم بتجسيدي أدوارا جديدة، فلا أعلم ماذا ينتظرني في المستقبل، فأجسد دورا مركبّا كالمجنونة مثلا أو دورا رومانسيا، لأن الحب يمكن أن يطرق بابنا في أي عمر كان». ووصفت مارسيل مارينا علاقتها بزوجها الممثل سمير معلوف بالمتكاملة وقالت: «صحيح أنه لا يظهر حاليا في أعمال كثيرة لأنه يتأنى في هذا الموضوع ولكنه يشاركني في كل شاردة وواردة في عملي كما أستشيره وأعمل بنصائحه».

وعن انتقاد المشاهد لبعض الممثلات اللاتي يبقين على الماكياج حتى في مشاهد لا تتطلّبه قالت: «إنهن أحيانا يضطررن لذلك بسبب ضيق الوقت أو سرعة وتيرة التصوير، ولكن في استطاعتهن أن يخففن من استعمال أدوات التجميل بشكل لافت، وهذا يعود للممثلة نفسها وللمخرج مراقب العمل».

وعما إذا هي تشعر بالحنين لزمن الفن الجميل تقول: «أنا محظوظة كوني واكبت الفن الماضي والمعاصر، وقد لا يمرّ يوم دون أن أتذكر الحقبة الماضية، فأشعر بالحنين الدائم لها، وبرأيي أن جمهور المسرح بحدّ ذاته تغيّر واختلف أيضا، أما غالبية ذكرياتي فتتعلّق بالحقبة التي عملت فيها بمسرح (شوشو)».

وتضيف: «(شوشو) فنان لن يتكرر إذ كان مميزا بموهبته وكما قلت سابقا لا يمكن أن يحلّ أحد مكان أحد آخر، فلا صباح ولا عبد الحليم ولا إبراهيم مرعشلي ولا غيرهم يمكن أن يتكرروا».

وعن النصيحة التي توجهها لجيل اليوم تقول: «أقول لهم اجتهدوا وتعلّموا ممن سبقوكم في هذه المهنة، فأنا شخصيا ما زلت أجد بعض الأخطاء في أدائي وأحاول أن أكتسب خبرة إضافية من عملي اليوم مع جيل الشباب من الممثلين، فالروتين والاكتفاء في هذه المهنة لا يصنعان النجاح، بل التطور والاكتساب الدائم».

الشرق الأوسط في

03.03.2014

 
 

دراما وتمثيل: أي واقعية؟

محمد رضا 

طالما سمعنا عن المخرج الذي يمهـد للحديث عن ممثلي مسرحيـته أو فيلمه بالقول إنه اختار مجموعة من الهواة وغير المحترفين للعب الأدوار الماثلة. وتبريره لذلك عادة ما يكون من نوع: «أردت الاستعانة بمن لا خبرة لهم لكي أنقل نبض الشارع» أو «قررت أن هؤلاء هم أفضل من يجسد الواقعية التي أطمح إليها».

على هذا الأساس نفهم أن المسرحية أو الفيلم ليسا سوى محاولة لنقل نبض الشارع وتجسيد واقعيـته خدمة لـ...؟ لا أعرف تماما.

السينما أكثر إمعانا في هذا المنوال من المسرح. لا تستطيع أن تغامر، على الخشبة، بممثل لم يسبق له أن عرف ماهية الدراما. ربما الغناء يختلف؛ كون المغني إذا لم يكن صاحب خبرة، لا يستطيع البرهنة في امتحان واحد على قدراته الأدائية والصوتية وتقديم وصلة غنائية جيـدة قبل ظهوره على المنصـة أو أمام كاميرات التلفزيون. لكن الممثل الذي لم يمثـل من قبل عادة، وبحكمة، ما عليه أن يبدأ الظهور في الأدوار الخلفية ليتقدم منها (أو ليبقى فيها إذا ما لم يثبت نجاحه).

لكن في السينما هذا المنوال كان دائما منتشرا.

وهو مناسب للأفلام التسجيلية أو التوثيقية حيث، بطبيعة الحال، لا يمكن الطلب من محمود حميدة أو توم هانكس أو جولييت بينوش، أن يمثـل أحدهم في فيلم تسجيلي فيتقمـص شخصية عليها أن تبقى منتمية إلى الواقع بكامله، لكنه ليس مناسبا في معظم حالات الفيلم الروائي... بل ليس ضروريا.

هل حقق المخرج الراحل صلاح أبو سيف واقعية أقل في «شباب امرأة» (1956) عندما أسند بطولة فيلمه الواقعي ذاك إلى ممثلين معروفين (تحية كاريوكا، شكري سرحان، عبد الوارث عسر... إلخ)؟ طبعا لا. على العكس تماما فإن الاستعانة بغير ممثلين للعب أدوار درامية باسم أن يحافظ الفيلم على واقعيـته قد يؤدي إلى عكس ذلك تماما وإلى إصابة الفيلم بوعكة خطيرة يبدأ وينتهي بها.

ليس كل فيلم أسندت بطولته إلى ممثلين غير ممثلين، على طريقة فيتوريو ديسيكا في «سارق الدراجة» (1948) نجح في أن يكون فيلما واقعيا.

ثم إن مفهوم الواقعية مفهوم مطـاط إلى حد بعيد. من ناحية ينص على عناصر أساسية مثل نزول الكاميرا إلى الشوارع عوض التصوير في الاستديو، لكن هذا يحدث كل يوم مئات المرات في السنة، ومن ناحية ثانية يحد من الفعل الدرامي فيصبح العمل راضخا لمعايير مختلفة. يصبح لزاما عليه، مثلا، أن يلغي التصاعد الدرامي لأن الحياة في الواقع ليست كذلك. معظمنا لا يشهد «صعودا دراميا» في حياته أكثر من مرة كل عشر سنوات. ألا يعني ذلك أن على المخرج الالتزام بذلك؟

الحياة أكثر مللا بالنسبة لكثيرين منـا مما يتبدى على الشاشة. صاحب محل الخضار الذي يفتح صباحا ويغلق مساء ويتعامل والزبائن ويزن المشتريات ويقبض ويصرف... كل يوم. موظـف المصرف الذي يجلس وراء مكتبه يراجع ويحصي ويراسل ويؤم الاجتماعات كل يوم. كذلك حال الطبيب وسائق سيارة الأجرة والأستاذ والمنظـف وصاحب المقهى وزبونه.

من يريد الواقعية أساسا في السينما؟ نبحث في ذلك لاحقا.

الشرق الأوسط في

03.03.2014

 
 

معالي زايد عن رفض السيسي لخلفيته العسكرية:

«مصر أساسًا جيش وطلعله شعب»

كتب: سعيد خالد 

قالت الفنانة معالى زايد إن الرئيس الجديد عليه أن يتحدى العديد من الصعاب والملفات المفتوحة، ويجب أن يعمل بسرعة على تحقيق العدالة الاجتماعية، مشيرة إلى أن الرئيس المرتقب لا يملك عصا سحرية، لكنه يحتاج إلى مساعدة الشعب بالعمل واحترام القوانين والالتزام.

وأضافت «معالى» لـ«المصرى اليوم»: «لا بد من الاهتمام بملف الصحة ورفع الميزانية المخصصة لها فعلياً، لأن من أقل حقوق المواطنة الحصول على العلاج، والتعليم أيضاً منظومة تحتوى العديد من المشاكل، خاصة فى المناهج التى يتم تدريسها والتى من شأنها خلق شباب غير واعٍ وغير مثقف». وطالبت الرئيس الجديد بالعمل على عودة مجانية التعليم، وقالت: «الناس مش لاقية تاكل، ويجب أن نستغل الشمس التى تنعم بها مصر فى حل أزمة الطاقة وهو مشروع قومى قوى».

ودعت إلى إنشاء صندوق بمعظم البنوك لدعم الأمن وإمداده بجميع الأسلحة الحديثة، والتى تساعده فى محاربة الإرهاب، مؤكدة أن وزارة الداخلية فى مصر تمتلك خبرة كبيرة لكن تنقصها الإمكانيات.

وأوضحت أنها تؤيد المشير عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، رئيساً لمصر. وقالت إنه «الأحق بهذا المنصب لأنه وطنى وقوى، والشعب سيتحمل معه ويستمع إلى كلامه». وأضافت أنها لا يشغلها كون الرئيس الجديد عسكرياً أو مدنياً. وقالت: «مصر فى الأساس جيش وطلعله شعب، ونحن كشعب صعب حكمه ونحتاج إلى شخص (كاريزما) ورجل دولة- مثل (السيسى)- وحازم حتى نسير على الطريق الصحيح».

المصري اليوم في

03.03.2014

 
 

"ماضي" أصغر فرهدي: عودة الزوج الإيراني

باريس ــ إيمان حميدان 

كما في فيلمه السابق "انفصال" الذي نال جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عام 2012، لا يتدخل أصغر فرهدي بشخصيات فيلمه الجديد "الماضي". لكل فرد قصته ولكل رؤيته للقصة، ويستطيع إقناعنا ولو بالقليل أحياناً.

أحمد (علي مصفى) رجل إيراني يأتي من طهران إلى باريس، حيث عائلته الصغيرة، بعد غياب 4 سنوات؛ لتوقيع أوراق الطلاق من زوجته الفرنسية ماري (بيرينيس بيجو) تلبية لطلبها. يجد زوجته على علاقة مع رجل عربي اسمه سمير (طاهر رحيم) ولديه طفلٌ يقضي معظم وقته في بيت ماري مع ابنتيها من زواج سابق، بينما زوجة سمير في الغيبوبة نتيجة محاولتها الانتحار.

عودة الزوج الغائب في فيلم "الماضي"، وهو الأول الذي يصوره فرهدي خارج إيران، هي تحضير لرحيل جديد ونهائي. تحولت هذه العودة إلى غوص في العلاقات العائلية المعقدة، خاصة بين الأم والابنة المراهقة "لوسي" التي تكشف لأحمد سرّاً مؤلماً وهي أنها بعثت برسائل لزوجة سمير تكشف لها علاقة أمها بزوجها. تعيش الابنة حالة شعور بالذنب تحت وطأة فكرة أن الزوجة حاولت الانتحار بعد قراءتها تلك الرسائل. عاد أحمد ليقطع خيطاً أخيراً مع ماضٍ مؤلم، إلا أنه يجد نفسه في قلب هذا الماضي، محاولاً لملمة آثاره وتدوير الصراعات العائلية الناتجة عنه.

لا يعود سبب رحيل الزوج في الماضي هو المهم، بل كيف يرى هو معنى رحيله وعودته إلى بلاده، كيف يتصالح معه، إن استطاع، كيف يعيش أفراد عائلته معاناة غيابه، وكيف تجتاز كل شخصية بمفردها أحزان الماضي وتتغلب عليها دون قسوة. فرهدي أذكى من طرَح معادلة "شرق -غرب" وتوقف عندها، والمسألة لا تكمن في زوج إيراني وزوجة فرنسية. الأمر أبعد من ذلك، إذ يطرح مسألة الأفراد ورغباتهم بغض النظر من أين أتوا. إنها علاقة انفصال زوجين وتأثير هذا الانفصال على الصغار، وما يتبعه من حيوات جديدة يحاول كل شريك بناءها. وإن بدا سلوك الشريكين السابقين مؤذياً لمن حولهما وغير منطقي. قدّم فرهدي عبر تلك القصص الصغيرة شخصيات عذّبها الماضي ولا تحتاج سوى للرأفة بها إلى حد المغفرة.

تميّز أداء علي مصفى دور الزوج. ذلك الهدوء والروية والصبر أمام عائلة منهارة تتواصل عبر الصراخ وصفق الأبواب والبكاء وانعدام التواصل. أصوات الشارع والبيت وحركة الأفراد فيه وبكاء الأولاد وقلقهم المدوي، كل ذلك فيه من الغنى ما يكفي لتشكيل خلفية لحيوات الشخصيات. ربما لهذا السبب آثر فرهدي عدم إضافة الموسيقى إلى فيلمه الأخير.

ورغم المشهدية الدرامية المبعثرة التي تُشعر المُشاهد أحياناً استحالة الخروج من طريق مسدود، نجح فرهدي في تقديم عالم من المشاعر والحب. شكّل صمْت أحمد وقدرته على الإصغاء وعلى التواصل والعطاء مرادفاً لحياة يومية قلقة وشرسة.

تناول بعض النقاد فيلم فرهدي الجديد بالمقارنة مع فيلمه السابق "انفصال" مشيرين إلى أن الأخير (لعبت فيه دور البطولة ليلى أحمد زوجة علي مصفى) كان أكثر أهمية سينمائيا من هذا الفيلم. وهو ما يعاني منه الأدباء أيضاً، حين لا يتوانى القراء والنقاد عن مقارنة أي كتاب جديد لهم بالذي سبقه. ربما كان من الأفضل أن يدخل ذواقة السينما لمشاهدة "الماضي" دون أفكار مسبقة ودون مرجعية والتمتع بعمل فرهدي الأخير دون إسقاطات.

"الماضي" فيلم عن الحب وعن كيفية التعامل مع ماضٍ صار له وجه آخر لكنه لا يزال حاضراً ولا يمكن اقتلاعه.

العربي الجديد اللندنية في

03.03.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)