كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

هل الحياة تستحق أن تعاش، حتى لو كانت وهما؟

أفلام على القمة في حصاد 2013 السينمائي

صلاح هاشم

 

عنما طلب مني في ديسمبر 2013 بصفتي عضوا في نقابة نقاد السينما الفرنسية أن أشارك في إستفتاء عن أفضل أفلام العام الفرنسية والأجنبية، اخترت على الفور فيلم " لمسة خطيئة " A TOUCH OF SINللمخرج الصيني المتميز زانج كي ZHIANG KE، الذي اخترته ليس فقط كأفضل الأفلام الأجنبية التي عرضت في فرنسا لعام 2013( ومازال يعرض في القاعات الفرنسية ولحد الآن)، بل وكأفضل فيلم في العالم أيضا في حصاد عام 2013 السينمائي المنصرم، فقد كان الفيلم بهرني جدا حين شاهدته في مهرجان " كان " السينمائي 67 الذي أواظب على حضوره منذ عام 1982 وأكتب عن أفلامه. ولم يكن هينا بالمرة وأنا أتابع أفلام السينما العالمية منذ أكثر من أربعين عاما في المهرجان أن أنبهر بفيلم ما الى هذه الدرجة..إلا أن الفيلم الصيني استطاع أن يستحوذ على تقديري وأعجابي في التو، ولم تكن لى حيلة في ذلك، إذ ماذا تستطيع أن تفعل مع " فيلم بديع " كهذا ؟..

 فيلم يقتلعك من مكانك أمام شاشة المهرجان، ومنذ أول لقطة في الفيلم، لكى يزرعك في قلب الصين الذي ربما يكون نصف شعبها يمثل نصف سكان الأرض أو أكثر، ثم يروح يحكي عن معاناتهم وآلامهم وانكساراتهم في ظل النظام العالمي الرأسمالي الاستهلاكي الجديد، ويتسامي الفيلم بإسلوبه وفنه، فيصبح في الحاضر الآني بمثابة "نبؤة" للمستقبل، بل ويصبح أيضا كما يقول المفكر والمخرج السينمائي الفرنسي جان لوك جودار، يصبح " أكبر منا " بمجرد إعجابنا به.

 لذلك رشحته مع فيلم " الجمال العظيم "LA GRAND BEAUTE للحصول على جائزة "السعفة الذهبية " LA PALME d OR من ضمن الأفلام القادمة من أنحاء العالم للمشاركة في مسابقة المهرجان للدورة 67 المنصرمة، وحزنت جدا عندما لم تنصفه لجنة تحكيم المخرج الامريكي الكبير ستيفن سبيلبيرغ ومنحت جائزة أفضل فيلم لفيلم "حياة آديل" للمخرج الفرنسي من أصل تونسي عبد اللطيف كشيش الذي لم يعجبني، ووجدته طويلا ومملا، ويستطيع الناقد كما يقول المخرج الاسباني العظيم لوي بونويل أن يغفر أي شييء لأي فيلم إلا أن يكون مملا. إلا أن النقاد الفرنسيين في المهرجان "عبدوا" فيلم كشيش ربما بسبب جرأته في معالجة موضوع الحب المثلي "السحاقي" بين فتاتين، وأعتبروه بسبب مشاهد ممارسة الجنس في الفراش على كل لون وشكل في الفيلم بمثابة "هدية"، لايجود ولن تجود السينما الفرنسية بـ"رائعة" مثلها!

فيلم " لمسة خطيئة " : نبؤة من الصين تنذر بوقوع كارثة ؟

بينا برز ضمن الافلام من نوع " سينما المؤلف" التي شاركت في المسابقة فيلم "لمسة خطيئة" A TOUCH OF SIN الذي أعتبره أهم فيلم سياسي عرضه المهرجان، وهو يعرض لاربع قصص من خلال أربع حوادث حقيقية FAITS DIVERS وقعت بالفعل في اربع مقاطعات صينية، وجعلت الناس في الصين كلها يتحدثون عنها، فقد انتهت كل قصة بمأساة دموية مروعة.

في القصة الاولي يكتشف مواطن صيني ان عمدة البلدة التي يعيش فيها قد اشتري منصبه فينطلق ليفضح الفساد في قمة السلطة، وعندما يعد له رجال العمدة كمينا، ويكادوا يقتلونه يقرر - وحيث ان القانون لايعتد به في مثل تلك بلاد لا توفر للمواطن الرعاية والحماية والأمن الضرورية- أن ينتقم بنفسه لنفسه، فيحمل بندقية ويقتل برصاصها العمدة ورجال العمدة ويستريح. وتبرز احدي قصص الفيلم التي تعمل فيها سيدة في عيادة سونا – دعارة مقنعة - وعندما يرغب احد الرجال في مضاجعتها، تقول له انها تعمل فقط كمشرفة وليست مومسا، فيضربها بحفنة من الاوراق المالية ويظل يضربها لمدة ثلاث، ويمعن في ضربه فتلتقط سكينا في غفلة منه وتروح تطعنه وتطعنه، ويتفجر الدم في وجهها ويتناثر على ملابسها ويغرقها في مشهد من أبشع وأقوى المشاهد الدموية في مهرجان كان 66 الفائت .. ياللرعب ... إن الاحساس بالظلم والسكوت عليه هو قنبلة موقوتة- كما ينبه الفيلم - موقوتة فقط لفترة، لكنها لن تظل موقوتة الى الأبد في ظل استبداد وهيمنة الانظمة الاستبدادية القمعية، وانتشار الفساد والفوضى في الصين، وسوف يأتي وقت تنفجر فيه لامحالة..

استفحال الفساد والعنف والاستغلال في الصين

ويكشف الفيلم من خلال تلك الوقائع التي تنشر عادة في صفحة الحوادث، والتي أستطاع الفيلم أن يعيد تمثيلها كما وقعت بالفعل RECONSTRUCTION وبحرفية فنية عالية واقتدار، أن المسار الاقتصادي الرأسمالي الليبرالي الحر الجديد الذي ارتضته الصين، قد خلق هوة بين طبقة جديدة من الاثرياء الجدد، وبين طبقة من المعدمين، مكونة من الاغلبية الساحقة للشعب الصيني، وحولت الصين كلها الى ورش للعمل الحر والبناء والاستغلال والفساد البشعين. ودفعت باتجاه الهجرة من أعماق الريف الى داخل تلك المدن الصناعية الجبارة، وخلق طبقة من المجرمين الانتهازيين الذين استباحوا دماء الغلابة من المواطنين الصينيين، ودفعهم دفعا في اطار غياب القوانين الى أخذ حقوقهم بايديهم، والتمرد وعدم السكوت على الاهانات التي تمارس بحق المواطن الصيني، واذلاله واستفزازه، بل وتركيعه أيضا، ولايمكن للمواطن مهما حقر شأنه، ولا للانسانية جمعاء، ان تسكت على تلك اهانات.

فيلم لمسة خطيئة هو فيلم "نبؤة" PROPHECY لأنه يقول ان ذلك المسار الاقتصادي سيؤدي في امبراطورية الصين العملاقة الى مأساة، بل والى الجحيم بعينه، وسيدفع باتجاه إما الانتحار كما يفعل أحد أبطال الفيلم، وهو شاب يبحث عن اي عمل لكى يوفر الضروريات لأسرته فينتهي به المطاف الى العمل كخادم في بيت للدعارة، وتصرخ أمه في التليفون نحن بانتظار ان ترسل لنا اي مبلغ ارجوك الحقنا، ولا من منجد أو معين في تلك القرى الصغيرة في أعماق الريف الصيني البعيدة عن العمران. فيستمع المسكين في نصف هدومه لتوسلاتها، ويتأسي لحاله وحال أسرته والبشر في تلك الامبراطورية الشاسعة، ولا يجد مخرجا لمأساته سوى الانتحار، وقد يدفع ذلك المسار الاقتصادي كما يشير الفيلم الى التمرد والثورة.

 وأعتبر هذا الفيلم من أقوى الأفلام السياسية التي كشفت عن حالة الاغتراب أو الاستلاب الكاملة التي تعيشها الاغلبية الساحقة من الشعب الصيني، وكان يستحق الفوز بجائزة أفضل اخراج مثلا في مهرجان كان 67 الا انه حصل على جائزة افضل سيناريو! ومنذ يومين فقط وبالتحديد في 12 فبراير، أعلنت جمعية نقاد السينما الفرنسية عن نتائج استفتاء أفضل فيلم خرج للعرض التجاري في فرنسا في عام 2013 ففرحت جدا وصدقت توقعاتي، إذ فاز "حياة آديل" بجائزة أفضل فيلم فرنسي، وفاز فيلم "لمسة خطيئة" بلقب أفضل فيلم أجنبي وهو مرشح حاليا وبقوة للحصول على جائزة أفضل فيلم أجنبي في مسابقة الأوسكار في مارس القادم في هوليوود/ وأعتقد أنه سينالها. ودعنا نرى ..

***

فيلم " رقصة الواقع " : الحياة تستحق أن تعاش حتى لو كانت وهما .

من أجمل أفلام موسم 2013 أيضا الذي أحب أن أقف عنده، فيلم " رقصة الواقع " LA DANSA DE LA REALIDAD للمخرج اليخاندرو جودوروفسكي من التشيلي (84 سنة) الذي يعد أحد أعظم وأهم المخرجين ليس في التشيلي فحسب، بل في العالم، وتاريخ السينما قاطبة. فقد كانت أفلام اللاتيني جودوروفسكي مثل فيلم "الجبل السحري" من أحسن الأفلام التي تركت بصمته السينمائية السريالية السحرية المميزة على "فكر" جيل بأكمله وأعني به جيل الستينيات، وما شهدته تلك الفترة من قفزات سينمائية "حداثية" MODERN باهرة في أعمال المخرجين: فيلليني من إيطاليا، وجان لوك جودار من فرنسا، وميلوش فورمان من تشيكوسلوفاكيا، وساورا من أسبانيا، ورومان بولانسكي من بولندا، وهيرزوج من ألمانيا.. وغيرهم..

 وقد تميزت أفلام جودوروفسكي من التشيلي في أمريكا اللاتينية بأنها أفلام "ملحمية" و"مجنونة" بالدرجة الأولى فهي لا تحكي قصة لها بداية أو وسط أو نهاية حسب المفهوم الأرسطي لعقدة الحكاية، بل تناقش أفكارا فلسفية ووجودية عامة، وتسال في شموليتها أو كليتها الفنية TOTALITE إن كانت حياتنا هذه جديرة بأن تعاش، وتفتش وتنقب عن دلالاتها ومعانيها، وهى تطرح قضايا الوجود الإنساني الكبرى..

تجليات الخطاب الصوفي في "رقصة الواقع "

ولذلك تنضم في رأينا الى ما نحب ن نطلق عليه بـ تجليات " الخطاب الصوفي" في السينما العالمية، حيث يكون للأفلام ذات البعد الصوفي من هذا " النوع " طموحا أكبر وأوسع وأشمل في تجاوز الحكاية " السينمائية" الكلاسيكية التقليدية، والهروب من الاكاديمية الباردة المتحجرة العقيمة في أفلام السينما التجارية الإستهلاكية التي تدور في حلقة مفرغة .. ومن ثم الاقتراب أكثر من الفكر الصوفي LA PENSE SUFI الذي يفلسف وجودنا الحياة، ولا يسأل عن مصير الإنسان الـ" فرد"، بل يسأل عن مصير "الإنسانية" جمعاء، والكون بأكمله، وهو يناقش الهم الانساني الروحاني الكبير في تجاوز أو الارتفاع عن الماديات، وإعلاء شأن القيم الدينية الروحانية، ويؤمن بقدرة " الحب " المطلقة على صنع المعجزات كما في بعض أفلام الدانمركي كارل دراير، والامريكي تيرانس مالك، وهذا المخرج اللاتيني الفذ اليخاندرو جودوروفسكي في فيلمه الرائع "رقصة الواقع" الذي يعود به اليخاندرو الى السينما بعد فترة غياب وانقطاع طويلين امتدا الى أكثر من 13 سنة، وبفضل تكنولوجيا المعلومات الحديثة على شبكات التواصل الاجتماعي..

فقدعرض جودوروفسكي سيناريو فيلمه على شبكة الانترنت وطلب مشاركة الجمهور المتحمس في انتاج الفيلم بأي مبلغ، فاستجاب أكثر من 5 آلاف شخص لطلبه، ودفع كل واحد منهم ماتيسر من ماله الخاص لتمويل الفيلم، وبذلك توفرت لمخرجنا اللاتيني التشيلي أول "دفعة انتاج" – أكثر من 20 ألف دولار - مما شجع بعض شركات الانتاج والمؤسسات السينمائية الكبرى في فرنسا والعالم في مابعد على المشاركة في "مغامرة" صنع هذا الفيلم الكبير، في ما يمكن اعتباره بمثابة "ملحمة" SAGA سينمائية يحكي فيها جودوروفسكي عن "سيرته الذاتية" وتربيته وما فيهما من تجارب ودروس وعبر.

ملحمة تبدأ من عند طفولته في التشيلي التي يروح يقص علينا وقائعها في فيلم "رقصة الواقع" ويظهر هنا جودوروفسكي في صورة الطفل الذي كان منذ أكثر من سبعين سنة مضت والذي لم يتجاوز بعد كما يظهر في الفيلم التاسعة من عمره. وكما حكي لنا المخرج الايطالي الكبير فردريكو فيلليني عن طفولته في فيلم "اماركورد . إني أتذكر" يحكي لنا جودوروفسكي عن طفولته في سن التاسعة في تلك القرية الجبلية الموحشة " توبوكيلا" في آخر بلاد التشيلي ويتذكر، ويروح وهو يتذكر يحكي عن تلك الوقائع التي عاشها والتي جعلته يكبر ويشب عن الطوق بفضل تلك التربية التي طالته إن من خلال علاقته في البيت في الداخل مع والديه، الأب اليهودي الشيوعي المناضل "الغريب" الذي هاجر حديثا الى تلك القرية مع زوجته الاوكرانية أم جودوروفسكي، وكانت مغنية أوبرا سابقا وصارت الآن تملك وتدير محلا بإسم "أوكرانيا" في توبوكيلا لبيع الملابس الداخلية للنساء، كما يتذكر الطفل سكان وأهل تلك القرية المعزولة المطلة على البحر والبعيدة عن العمران في أعماق التشيلي أو ما يمكن أن نطلق عليه بـ "صعيد التشيلي" الجواني، وكيف كان لشخصياتها العجيبة الغريبة أبلغ الأثر على حياته، بل وصنعت منه هذا المبدع والمفكر والفيلسوف والمخرج السينمائي اللاتيني الذي ننحنى له تقديرا وأعجابا لفيلمه ولفنه..

يبدأ الفيلم حين يصطحب الأب ابنه في أول مشهد من الفيلم الى داخل سيرك حط بالقرية ويتعرف علي الأب بهلوانين ويطلبان منه حيث أنه عمل بالسيرك من قبل وكان يقدم "نمرة" أشجع رجل في العالم ويتحدى أي خصم ويصرعه، يطلبان منه أن يتسلق حبلا الى قمة الخيمة فيفعل ثم يطلبان منه ثانية حين يهبط أن يدخل معهما في مباراة ملاكمة فيرفض الأب استخدام قفازات ملاكمة ويخاف الطفل أن يضرب الأب أمامه ويهان ويخاف عليه لأنه يحبه فيركض غاضبا خارج الخيمة ويعدو في اتجاه البحار ويصفعه بحجر، فاذا بذلك البحر يثور ويضرب الطفل ردا على الصفعة بموجة عالية هادرة لا تنجح في الامساك بالطفل، وجره الى الماء ليغرق، لكنها تلقي على الشاطئ باطنان من أسماك البحر، وعندئذ يظهر أهالي القرية الجوعى العطشي المرضى بالطاعون لجمع تلك الأسماك والتهامها في حين تهبط طيور النورس لالتقام الأسماك من كل ناحية وزاوية أيضا والطفل في ذهول مما يحدث أمامه ولا يدري هل يتأسى لمنظر الأسماك أو لمرضى الطاعون الجوعى وحالهم ؟ !! ..

حكايات تشيلية .. لقهر الخوف والعتمة

ويؤسس جودوروفسكي ومنذ أول مشهد هكذا في الفيلم لحبل طويل من الحكايات المشوقة التي تعني بموضوع "قهر الخوف" والتسلل الى داخل المياه من دون وجل، وخوض "مغامرة" الحياة ذاتها ومهما كانت التضحيات، وتعلم التحليق بجناحين: جناح الأب الشيوعي المناضل القمعى الصارم الذي يعبد ديكتاتورا أسمه ستالين ويضع صورة كبيرة في قلب محل بيع الملابس الداخلية النسائية الذي تديره الأم، ويجهز الأب فيما بعد لرحلة لاغتيال الديكتاتور رئيس جمهورية لكنه لاينجح في مهمته ويصاب بالشلل ويعود من رحلته منكسرا. وجناح الأم التي تؤمن بأن الايمان بالله في القلب سكة لصنع المعجزات، وأن حب الله الكبير الذي يشملنا جميعا بعطفه ورحمته يمكن أن يطهرنا من كل أدراننا حتى أنها الأم بإيمانها الصادق العميق تنجح في الفيلم من شفاء الأب الذي أصيب بمرض الطاعون ..

يفتش الفيلم من خلال سرد الوقائع التي عاشها جودوروفسكي في طفولته وهو لم يتجاوز بعد الثامنة من عمره، يفتش في شخصية الأب ويعرض لأفكاره ويظهر الأب في أحد مشاهد الفيلم وهو يتبول على المذياع لأنه يبث خبرا عن رئيس جمهورية التشيلي الذي يكرهه الأب لأنه مسئول عن افقار وتجويع أكثر من 70 في المائة من جموع شعب التشيلي، وتظهر لنا قرية توبوكيلا في الفيلم كصورة مصغرة ميكروكوزم للتشيلي ويؤرخ الفيلم هكذا لفترة تاريخية أو مرحلة تاريخية في حياة الشعب التشيلي والقارة اللاتينية عامة فهناك الشعب المطحون الذي يمثله ضحايا العمل في المناجم وما يتطلبه من تفجيرات في الصخر وما تسفر عنه تلك التفجيرات من ضحايا في صفوف عمال المناجم ونراهم في الفيلم وهم يصدحون ب- " غنية المنجم " الذي خلق منهم مخلوقات مشوهة بعد أن طيرت تفجيرات المناجم أطرافها ونرى في الفيلم شرطة القرية تهبط الى الساحات وتجمعهم في عربة لجمع الكلاب الضالة، كما نرى أيضا حشود مرضى الطاعون الذين يعيشون بمعزل عن القرية في الجبل حين يثورون على تجويعهم وعزلهم، ويهبطون الى القرية في ثورة على المهانة والظلم وهم العطشى يطلبون الماء، فإذا بالعمدة يأتيه الخبر في الحال فيكلف شرطة القرية بعزلهم خارج القرية وقتلهم اذا تجرأوا على الخروج، ويذهب اليهم الأب الشجاع والد جودوروفسكي في الفيلم وهو يحمل لهم الماء على عربة تجرها الحمير، ويروح يوزع عليهم الماء، وبعد سقيهم اذا بهم وبعد أن ارتووا لفرط جوعهم، يهجمون على الحمير ويذبحونها على مرأى من الأب المذهول الملتاع !! ..

ويرحل الفيلم بنا في ذاكرة ذلك الطفل جودوروفسكي الذي كان ويفتش أيضا في هوية الأم التي كانت تناديه بإسم جده وكان ورث عن الجد شعرا أشقرا طويلا جعله أقرب مايكون بطفلة جميلة بشعر ذهبي طويل، لكن الأب يريد أن يخلق من طفله المدلل المخنث بواسطة الأم، يخلق منه رجلا، وعليه معها أن يمر بعدة اختبارات بواسطة الأب من ضمنها محاولة كتم الضحك اذا داعب الأب بطن قدميه بريشة، وأن يتعرض لصفعات الأب من دون أن يبدي ألما حتى لو تكسرت أسنانه وبصق الدم، ويصحبه الأب الى الحلاق الذي يقص شعره الأشقر ثم يأخذه الى طبيب الأسنان الذي يجري له عملية حشو من دون بنج، وعليه أن يجتاز كل التجارب، تجارب قهر الألم بأى شكل ليصبح رجلا، ويفوز بحب الأب وينال مكافأة سخية اذ يضمه الأب الى فرقة المطافيء الشجعان في القرية ويقبل بأن يشارك الطفل في عملية إطفاء حريق كبير شب في عشش المنبوذين الواقعة على الأطراف هناك ..

تستحق الحياة أن تعاش حتى لو كانت .. وهما

ويتوقف الفيلم أيضا عند شخصية مهمة في طفولة دودوروفسكي، شخصية ذلك الفقير الزاهد الصوفي الذي يعيش في القرية ويظهر دوما عاريا الا من قطعة قماش تستر العورة، وحين يلتقيه الطفل جودوروفسكي يلقي عليه ذلك الدرويش الزاهد بنصائحه ويشرح له أن كل الأديان تدعو الى السلام والحب ويروح يردد معه أغنية تضعه على الطريق الذي سلكه كل الزاهدين الواصلين، كما يمنح الطفل هدية عبارة عن ميداليات وشعارات لتلك الأديان إلا أن الأب حين يعود الطفل جودوروفسكي الى داره ينتزعها منه ويلقي بها في بالوعة دورة المياه ويقول له أن الله غير موجود ولاينبغي لطفل مثله إن أراد أن يصبح رجلا عن حق أن يعيش على " أوهام " كهذه..

يوسس جودوروفسكي في فيلمه " رقصة الواقع " لـ " أوبرا ملحمية"و معزوفة " سينمائيةعذبة دافئة سحرية للطفل المتمرد الذي كان،ويسحبنا مثل حكواتي من الزمان القديم الى حلبة الدهشة، بكل اختراعات وابتكارات الفن المذهلة ليحكي عن طفولة لطفل " غريب " آخر، و" تربية مغايرة " في وسط وبيئة تلفظك، ويعرض من خلال الف حكاية وحكاية في فيلمه الرائع الممتع لطفولة يمزج فيها بين الواقع والخيال، بين الحلم والوهم، ليقول لنا اننا جميعا نستطيع أن نرى في تلافيف حكايات طفولتنا مستقبل ذلك الرجل الذي سوف نصير اليه عندما نكبر، وأجمل مافي فيلم " رقصة الواقع " أن جودوروفسكي الذي تجاوز الثمانين من عمره يظهر بشخصيته الحقيقية في الفيلم في العديد من المشاهد في صحبة الطفل الذي كان لكي يعلق على الأحداث التي يعيشها ويصحبه في رحلة النضوج ويسدي اليه أيضا من آن لآخر بنصحه وارشاداتها كما إنسان يضييء بشمعة سكة ذلك الطريق الوعر الذي يجتازه ويمنحه أيضا من عطفه وحنانه، حبه وحدبه..

ويتدخل مخرجنا العجوز في الفيلم موجها حديثه الى الطفل الشخصية الرئيسية في الفيلم ويهمس له بكلام فيقول له : " أنت معي، كل ما سوف تصبح هو في داخلك، في حوزتك الآن، لاتدع أحزانك تقهرك وتكدرك، لأنه بفضل تلك الأحزان سوف تصل الي أنا، أنا ليس لي وجود الآن في حياتك، وبالنسبة لي انت أيضا لاتوجد بعد، لكن في نهاية تلك الرحلة في نهاية الزمن، عندما تشرع تلك " المادة " في رحلة العودة الى أصلها الأول، رحلة العودة الى منبعها، لن نصبح أنا وأنت إلا مجرد " ذكريات " لن نصبح واقعا أبدا، وسوف يحلم بنا إنسان ما أو شيء ما، ولذا أطلب منك أن تمنح كل حياتك الآن وفي اللحظة الى مغامرة الحياة الأصلية، امنح نفسك لذلك "الوهم" وعش. أجل عش الآن وفي كل لحظة ولا تنسى أبدا ذلك الطفل الذي تحمله في أعماقك، اجعله من فضلك جوهرتك، وماستك، ماستك التي ترى من خلالها العالم .. "

فيلم " رقصة الواقع " الذي عرض في تظاهرة" نصف شهر المخرجين" في مهرجان " كان " السينمائي 66 وخرج حديثا للعرض التجاري في فرنسا هو دعوة الى الحفاظ على ذلك الطفل الذي نحمله جميعا في أعماقنا، وهو تحية أيضا لتلك الأم الرائعة التي علمته أن العتمة أو الظلام هى ظل الله على الأرض، ولذلك لا يجب أن تخيفنا، وأنه علينا لكى نقهر تلك الظلمة أو العتمة التي تخيفنا أن نذوب في أحشائها، لكى نخرج من بطن العتمة مثل ذلك الرجل الخفي الذي يستطيع أن يتجول مطمئنا وسط العفاريت والرجال الخطرين الفاشيين المرعبين في قلب دغل الحياة الموحش ويقهرهم، وهو أيضا شهادة على قدرتنا نحن البشر على قهر ذلك الوحش المخيف الذي يسكننا، وقدرتنا اذا عرفنا قيمة الحياة وعشناها في الآن اللحظة، قدرتنا على أن نعب من بحرها، حتى لو كانت وهما، ومجرد حفنة من الذكريات، ونستمتع حتى الثمالة.تحية الى مخرجنا الكبير اليخاندرو جودوروفسكي على هذه "التحفة" السينمائية التي تستحق المشاهدة عن جدارة ..

***

"عن يهود مصر" في السينما . أوتراجيديا الفراق عن الأوطان

فيلم "عن يهود مصر" للمخرج الشاب أمير رمسيس، الذي أحب ثالثا أن أتوقف هنا عنده لا يوثق فقط لذاكرة المصريين اليهود، وعملية اضطهاد ممهنجة ومأساة الفراق عن الأوطان، بل يوثق أيضا للتحولات والمتغيرات التي طرأت على المجتمع المصري، وحولته من مجتمع "كوزموبوليتاني" منفتح ومتسامح وجاذب، الى مجتمع عنصري طارد، واستبدادي. وكنت سعدت - في زيارة الى مصر في الفترة من 18 مارس وحتى 20 ابريل 2013 أثناء فترة حكم الاخوان بزعامة الرئيس المعزول محمد مرسي - بمشاهدة مجموعة من الأفلام المصرية الجديدة الجريئة، من صنع شباب لم يتخطى سن الثلاثين بعد في معظمه. ومن ضمنها فيلم عن يهود مصر، وأعجبت آنذاك ليس فقط بالحرفية السينمائية العالية التي تميزت بها تلك الأفلام، وأساليبها الفنية المتميزة، بل بالقضايا والمشاكل والهموم التي طرحتها أيضا، وارتباطها بواقع وتناقضات و"تحولات" المجتمع المصري بعد ثورة 25 يناير 2011، مما يعكس وعيا متقدما عند هؤلاء الشباب، بقدرة السينما على النفاذ الى ما تحت الجلد، وبالإمكانيات الهائلة للصورة الوثائقية في الامساك بـ " توهج " الحياة ذاتها، والنفاذ الى روح مصر الحقيقية، وكيانها الروحاني..

وربما يكون العامل المشترك الذي يجمع بين كل تلك الأفلام هو أنها أفلام ديالكتيكية "مثيرة للجدل" وتحفز هكذا الى الحوار- الديالوج -، وترفض بوعي أو من دون وعي أن يكون هناك طرفا واحدا متسلطا، يفرض باستبداده وجبروته وعناده وتشدده، يفرض "أسلوب حياة" بعينه على المصريين، لكي يعود بنا الى عصور التخلف والتمييز والجهل، ويروح ينصب لنا محاكم التفتيش، ويطعن في وطنيتنا، ويتهمنا بالتخوين ..

خرج فيلم "عن يهود مصر" للعرض التجاري في مارس 2013 وهي المرة الأولي التي يغامر فيها منتجه وموزعه بدفعه الى جمهور السينما في مصر. ذلك الجمهو الذي تعود على مشاهدة الأفلام الروائية فقط في دور العرض، ويعتبر أن الأفلام الوثائقية الطويلة مكانها الطبيعي في بلادنا في التلفزيون، وعروض هيئة الاستعلامات وأفلامها، التي كانت قديما على أيامنا تعرض علينا في الحدائق والميادين العامة!! وعلى اعتبار أن تلك أفلام كما يظن ذلك الجمهور، تصنع أساسا بهدف البروباجندا، والدعاية للنظام، والترويج لمشروعاته وخططه ونشر الـ" الهراء " الحكومي العام، مثلها في ذلك مثل الأغاني الوطنية المباشرة المبتذلة، التي تروج مازالت لحب الوطن بخبط الحلل والقباقيب، وتروح وسائل اعلام النظام تقصفنا بها في المناسبات الوطنية، وتجعلنا في أغلبها – بسبب تفاهتها وسخافتها - نستاء، ونقرف من حياتنا. وأيضا على اعتبار أن السينما هي وسيلة للتسلية والترفيه، ولذلك لا تصلح الأفلام الوثائقية كما هو شائع لمشاهدتها في دور العرض، لأنها أصلا تكون خالية من المتعة، ومجرد " بوق " للنظام الحاكم.. وهي أفكار سينمائية جد متخلفة بطبيعة الحال وقد عفى عليها الزمن، ومن الخطورة بمكان أن تظل هكذا قائمة ومترسخة ومتجذرة في المشهد السينمائي المصري العام، أو هكذا كانت، وحتى خروج فيلم أمير رمسيس للعرض، وهذه أول حسنة ربما تحسب لهذا الفيلم الوثائقي البديع، الذي ربما يسمح بتغيير أو بإعادة النظر في تلك المفاهيم، ويفتح بتميزه وجودته آفاقا أوسع لتسويق الفيلم الوثائقي المصري ..

يحكي فيلم أمير عن هؤلاء المصريين اليهود، فلا يحكي عنهم بتلك الصفة المقلوبة والمغلوطة كـ " يهود" أولا، لكي يطعن في وطنيتهم، ويتهمهم بالخيانة، ويلقي بهم في الحبس، ثم يقوم بترحيلهم قسرا، وسحب جنسيتهم المصرية منهم، كما فعلت كل نلك الأنظمة التي تعاقبت على مصر من أيام الزعيم الراحل الرئيس عبد الناصر وحتي الرئيس السادات..

بل يحكي عنهم كـ " مصريين " أولا وكـ "بشر" ومواطنين مصريين شرفاء، أخلصوا في حب الوطن وعشق ترابه، ومن ضمنهم محامين وتجار ورأسمالية وطنية وشيوعيين كافحوا من أجل مجتمع مصري أكثر عدالة وحرية وكرامة وتسامحا، ومنذ أيام الزعيم سعد زغلول وثورة 1919. لكن اذا بهم يتحولون وفقط بسبب ديانتهم، وحتي قبل ميلاد دولة اسرائيل الصهيونية الى "كبش فداء" لكافة الأنظمة التي تعاقبت على حكم مصر بعد ذلك، ويظهر في الفيلم "اخوانجي" متوحش، يكيل لهم التهم ظلما، ويعتبرهم وباء على شعبها، وهويتها الأصيلة!. كما يكشف الفيلم كيف ناصبتهم "جماعة الاخوان المسلمين" العداء على طول الخط، ومنذ أيام حكم الملك فاروق، وكيف مارست الجماعة الملعونة ضغوطاتها وسياساتها " الارهابية " عليهم، وقامت بإحراق بعض متاجرهم، حتي أجبرت البعض منهم على الرحيل الى جنوب افريقيا والبرازيل واستراليا..

هرتزل : " يهود مصر متدينين جدا .. وماينفعوش " !

بل والمضحك كما يكشف الفيلم، أن مؤسس الحركة الصهيونية هرتزل حضر الى مصر في فترة الاربعينات لكي يتفقد المصريين اليهود، ويري مدى استجاباتهم لمشروعه الصهيوني، ثم اذا به يصرح ملتاعا عند خروجه من مصر، انهم : "متدينين جدا، وماينفعوش" اي لا يصلحون لتجنيدهم في تلك الحركة لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، فلم يكن أي من المصريين اليهود آنذاك بحاجة الى وطن آخر اصطناعي مفبرك غير بلدهم مصر، وبخاصة عندما يكون الوطن الجديد مؤسسا هكذا على طرد الفلسطينيين من بلادهم، وتشريدهم في أنحاء العالم، وبه يستغنون عن وطنهم الأصلي مصر .. لأ يا سيد هرتزل ..مش عايزينه!

وتتعاقب شهادات المصريين اليهود في الفيلم بين القاهرة وباريس، وتتقاطع مع شهادات المفكرين ورجال السياسة والمؤرخين من أمثال محمد أبو الغار مؤلف كتاب "حكاية يهود مصر من الازدهار الى الشتات" وأحمد حمروش ود.سعد الدين ابراهيم وغيرهم، وتتداخل ببراعة مع المشاهد الوثائقية المأخوذة من جريدة مصر الناطقة والأرشيف السينمائي المصري، لتؤسس لهذه الرحلة السينمائية التاريخية الممتعة التي تحكي وياللغرابة عن "مأساة" ومعانات وتشريد وألم! ولكي تصبح في التو بفضل مونتاج الفيلم المتمهل الهادئ الذكي الرصين وحده، تصبح "درسا " في السينما الوثائقية السياسية العظيمة، و"إضافة" مصرية أصيلة الى تلك الروائع التي حققتها السينما الوثائقية عبر تاريخها الطويل على يد مخرجيها الكبار مثل الهولندي الطائر جوريس إيفانز JORIS IVENS و"نموذجا" يحتذى ..

كما يعتمد أمير رمسيس في تصوير مشاهد الفيلم من الناحية التقنية على اللقطة المتوسطة أو الوسطية التي تخلق نوعا من الحميمية مع أصحاب الشهادات وتبسط مساحة أكبر للتعقل والفهم الصحيحين وبشكل محايد، ولذلك يجعلنا نطلب المزيد، ولا نشبع من تلك الشهادات المشحونة بالأسى والاحساس بالظلم والحنين الى الوطن على لسان المصريين اليهود الذين تشردوا لأنها جميعها تذكّرنا بحقوقنا : حق الانسان في أن لايترك بلده، وحقه في الحفاظ على جنسيته، وحقه في أن يحاكم أجل ويدان، لكن بطريقة عادلة، ومن دون أن تلفق له التهم، وتتسسامي بعض تلك الشهادات الانسانية في الفيلم لتصبح تراجيديات، وكل تراجيديا منها تصلح لعمل فيلم مكتمل ..وقائم بذاته .. لايحكي فيلم أمير رمسيس – اذا تأملته مليا وتعمقت فيه - عن يهود مصر أو المصريين اليهود كما يزعم أو كما قد يتصور البعض، والواضح في الفيلم أنه ينحاز ويتعاطف فقط بالطبع مع هؤلاء الذين خرجوا أو طردوا من مصر من دون أن يرتكبوا أي ذنب وفقط لأنهم كانوا يهود..

عندما تسلبنا السلطة كياننا الروحاني

بل يحكي في الواقع عن تراجيديا حب مصر الوطن، وألم الفراق حين تنتزع منا قسرا هويتنا أو مصريتنا الأصيلة التي تمثل كياننا الروحاني فاذا بنا نتحول الى " مسخ "، ونصير غرباء عن أنفسنا والعالم بل وحتي تحت جلودنا، مثل هؤلاء المصريين اليهود الذين تشتتوا في أنحاء العالم لا لإثم اقترفوه بل بسبب من عقيدتهم، وصاروا لاهم مصريين ولا فرنسيين ولا مغاربة ولا شيء على الإطلاق، فما يصنع للمرء هويته وانسانيته يقينا هو ارتباطه بوطن وتاريخ في المكان وأرض، ولذلك تكون المأساة أفدح وأشد قسوة ومرارة - عندما يكون هذا الارتباط كما يبين الفيلم يخص بلدا بذاته هو مصر أم الدنيا، ونكون معرضين في أية لحظة - ونحن نخاف عليه من الهواء الطائر- وبخاصة في اطار تلك الظروف العصيبة التي تمر بها بلادنا تحت حكم وسلطة الاخوان، معرضين للتشكيك في وطنيتنا تحت أي مسمى و.. تخويننا..

ولذلك تكمن الأهمية القصوى لهذا الفيلم في أنه يشير بوعي أو من دون وعي الى أن الدور حتما سوف يأتي علينا اذا استمرت تلك الحكومات " الاخوانية " المتعاقبة الجاهلة في ممارسة سياسات التمييز والتفريق والتقسيم بين المصريين كما يحدث حاليا – كتبت هذا في مفكرتي السينمائية أيام حكم الاخوان وبعد مشاهدة الفيلم على الفور-- على اساس من دين أو مذهب، فكر أو عقيدة.تحية لأمير رمسيس على هذا الفيلم البديع عن الذاكرة والنسيان، الذي يخاطب فينا الوعي والوجدان،قبل أن كادت تلحق بنا جميعا – وبخاصة أثناء حكم مرسي وجماعة الاخوان - شبهات التجريم والتخوين..

الكلمة المصرية في

01.03.2014

 
 

«التحرير» تنشر مذكرات تحية كاريوكا.. «الحلقة التاسعة»

كاريوكا: بدأت أتعلم الرقص أمام عينَى بديعة مصابنى

كاريوكا: كنت أجلس فى الكواليس أراقب بديعة مصابنى وهى ترقص 

أعدها للنشر- محمد توفيق 

عندما قررت بديعة إنتاج فيلم «ملكة المسارح» حقق فشلاً ذريعًا.. وخرجت منه بديعة مصابنى وقد خسرت كل شىء: البيت والأثاث.. وكادت تفقد الصالة أيضًا

كانت صالة بديعة تقدم برنامجًا جديدًا كل أسبوعين.. برنامجًا جديدًا برقصات جديدة وموسيقى جديدة وأغانٍ ومونولوجات جديدة.. كانت تنفق على فنها بسخاء شديد.. وكانت قد وضعت تقاليد شديدة الصرامة لأسلوب العمل

لم تكن تحية تعلم أن أمها كادت تفقد صوابها.. وأنها ذهبت إلى الإسماعيلية وأقامت دعوى على أحمد النيدانى تتهمه فيها بقتل ابنتها

العثور على مذكرات كاريوكا أشبه بالحصول على كنز، فمذكرات تحية كاريوكا لا تعكس فقط قصة حياة أشهر راقصة عرفتها مصر، لكنها تعكس صورة لحال البسطاء والحكومات فى مصر طوال ما يزيد على نصف قرن من الزمن.

ولدت قبل 14 يومًا فقط من قيام ثورة 1919، وعاشت أجواء حرب 1948 ووقفت إلى جوار الفدائيين وساعدت فى نقل الأسلحة إليهم، وحين رأت أن ثورة يوليو انحرفت عن مسارها انتقدتها، ودفعت الثمن، ودخلت السجن.

لكن الأجمل والأهم والأمتع هو أن تقرأ هذه المذكرات بقلم العم صالح مرسى الأديب الذى جعل من الجاسوسية أدبًا وفنًا.

فتحية إلى «كاريوكا» بنت البلد المصرية الصميمة، الخالصة، المُخلصة، الشُجاعة، الجدعة، وتحية إلى المبدع الرائع الراحل صالح مرسى، فكلاهما لم يرحل عن القلب والذاكرة رغم رحيلهما عن الدنيا.

وتلقفت تحية هذا الإحساس الغامر بإحساس مقابل، بعطش متزايد.. كانت قد فقدت هى الأخرى فاطمة الزهراء.. أمها التى تعيش بعيدًا عنها فى المنزلة مطرية.

فى بيت أخيها، لا تعرف مصير ابنتها، تسأل عنها فلا تأتيها سوى أجوبة غامضة عن هروب فى الليل إلى مكان مجهول.. ولم تكن تحية تعلم أن أمها كادت تفقد صوابها فى ذلك الوقت، ولم تكن تعلم أنها ذهبت إلى الإسماعيلية، وأنها رفعت دعوى على أحمد النيدانى تتهمه فيها بقتل ابنتها حتى يرثها ويرث ما ورثته من مال.. لم تكن تحية تعلم شيئًا من هذا على الإطلاق، لكنها كانت تحس به إحساسا غامضًا، وتشعر بالحنين الشديد الدامع إلى صدر الحنان الوحيد، ووجدت بعض هذا الحنان -الكثير منه- فى صدر «المدام» التى رغم أحزانها لم تنكسر أبدًا!

لم تنكسر بديعة رغم تمرد أنطوان، وجولييت، وببا.. لم تنكسر حتى عندما فقدت كل شيء، وأصبحت تنام على سرير من حديد!

ففى تلك الأيام، كانت السينما المصرية لا تزال تحبو، رغم مرور عشر سنوات تقريبًا على بدايتها، وأرادت بديعة مصابنى -ملكة الاستعراض فى عماد الدين- أن تجرب حظها.. فأنتجت فيلمًا عنوانه «ملكة المسارح».

وكما كانت تفعل فى الصالة.. أنفقت على الفيلم بسخاء.. كانت صالة بديعة تقدم برنامجًا جديدًا كل أسبوعين، برنامجًا جديدًا برقصات جديدة وموسيقى جديدة وأغان ومونولوجات جديدة، كانت تنفق على فنها بسخاء شديد، وكانت قد وضعت تقاليد شديدة الصرامة لأسلوب العمل فى الصالة.. وعندما قررت إنتاج هذا الفيلم فعلت نفس الشىء، وأنفقت ببذخ، لكن الفيلم عند عرضه، حقق فشلاً ذريعًا، وخرجت منه بديعة مصابنى وقد خسرت كل شىء، البيت والأثاث، وكادت تفقد الصالة أيضًا.

ففى الصباح التالى لوصول تحية، وقع الحجز على البيت -بعد أن بيع الأثاث- كما وقع الحجز على الصالة.

وكان هذا فوق ما تحتمل بديعة.. لكنها لم تنهزم، ولم تتوقف، كان فى الصالة عشرون فتاة، يرقصن ويغنين ويظهرن فى الاستعراضات، وكانت فيها أيضًا فرقة أجنبية مكونة من عشرين فتاة «هنغارية»، وكان هناك موسيقيون وعمال وفنانون ومطربون، ووسط هذا كله، لم تنسَ بديعة تلميذتها الجديدة، فسرعان ما ألقت بتحية وسط «مجاميع» الفتيات، وعهدت إلى مدرب للرقص اسمه «أيدى» أن يمرنها على الخطوات: «علمها يا أيدى علشان تشتغل فى المجاميع»!

ووسط العشرين فتاة، ألقت تحية بنفسها، وبدأت تتعلم أولى خطوات الرقص على يدى «أيدى» وأمام عينى بديعة مصابنى وتحت إشرافها، وبدأت تخطو أولى خطواتها على سلم الرقص الطويل!

كان أول ما تعلمته تحية التى أصبح اسمها منذ ذلك اليوم «تحية محمد»، هو احترام «المدام»!

ذلك أنها سرعان ما اندمجت وسط تينا وجينا وفردوس.. و.. و.. وكل البنات فى مدرسة بديعة بسرعة، وتوطدت بينها وبينهن العلاقات، كانت توقع كل صباح -مثلها مثل كل راقصة أو راقص- فى دفتر الحضور والانصراف، وكانت مثلهن إذا ما غابت «المدام» تلعب وتضحك وتصهين عن التدريب.. حتى إذا هلت «المدام» فى أول الشارع أو آخره.. دوت فى الصالة صيحة أحدهم أو إحداهن:

«المدام جت.. المدام جت!».

وسرعان ما يفر الجميع، الكبير والصغير، ويلزم كل إنسان موقعه، لتدخل «المدام» فتمارس العمل بلا كلل!

كانت بديعة إذا ما دخلت فى الصباح، توقفت وسط الصالة لتحاسب الجميع على ما حدث بالأمس.

«خدى إنت هنا.. إنت عملتى كذا وكذا إمبارح.. مخصوم لك خمسين قرش، وإنت يا فلان الساعة كذا حصل منك كذا وكيت.. مخصوم منك ريال.. وانت.. وانت.. وانت»!

و.. وتبدأ التدريبات.. وتبدأ الموسيقى فى العزف فى تمام التاسعة والنصف صباحًا، لم تكن فتيات بديعة يعرفن الإجازات إلا يومين كل أسبوعين، عندما يبدأ برنامج جديد، كانت تحاسب الكبير والصغير وترقب خطوات المبتدئات والمخضرمات، وكانت ترقب خطوات تحية أكثر من أى راقصة أخرى.

«وانتِ بترقصى، انسى كل حاجة.. انسى نفسك، سدى ودانك، اوعى تسمعى كلمة من اللى بتتقال فى الصالة، خلى عقلك وقلبك وروحك فى رجليكى إذا كنتى عاوزه تبقى رقاصة بحق وحقيقى

كان أيدى قد بدأ يدرب تحية على رقصات المجاميع، وكانت تحية قد أصبحت -رسميًّا-راقصة عند بديعة باسم «تحية محمد» وبمرتب قدره ثلاثة جنيهات!

وفى صالة بديعة غرقت تحية لأذنيها فى الرقص، وضعت كل همها فى مراقبة الراقصات وفى تقليد «المدام».. كانت تجلس فى بداية أيامها هناك -فى الكواليس لترقب بديعة وهى ترقص.. غير أن أكثر ما كان يشجعها حقًّا، هو ذلك العزف الذى كانت بديعة تعزفه بالصاجات، كانت «المدام» إذا ما بدأت صاجاتها فى العزف، طغى صوتها على صوت الموسيقى، وكثيرًا ما كانت الموسيقى تتوقف لتفسح الطريق لعزفها الشجى العظيم!

غير أن الرقص لم يكن بعد هو كل شىء فى حياة تحية، كانت بديعة هى «كل شىء فى حياتها»!

وكما كانت هذه السيدة الغريبة القوية مدرسة لعشرات الراقصات اللاتى لمعن فى سماء مصر، كانت بالنسبة لتحية مدرسة من نوع خاص.. كانت مدرسة حياة قبل كل شىء.

وفى صالة بديعة، كان هناك العشرات من نجوم الغناء والرقص، كان هناك فريد الأطرش وحورية محمد ومحمد عبد المطلب وبشارة واكيم وعبد الغنى السيد، وكان محمد فوزى شابًّا صغيرًا جاء حديثًا من طنطا.

ولا تذكر تحية -وربما لا يذكر أحد- متى صعدت إلى المسرح لأول مرة.

غير أن شريط الذكريات يمتد إلى رقصة فرعونية، كانت حكمت فهمى -الراقصة التى تجسست لحساب الألمان فى أثناء الحرب العالمية الثانية- تظهر فى تابلوه فرعونى باسم «نفرتيتى».. وكان هذا التابلوه يضم مع حكمت المطرب الشاب محمد عبد المطلب، فى دور قائد فرعونى، وكان أيضًا هو أول الطريق لتلك الراقصة الناشئة، التى انتهى «أيدى» من إعدادها فى أسابيع قليلة.. فكانت تحية تدخل -مع غيرها من البنات- فى توابيت مغلقة، ثم إذا أضيئت أنوار المسرح، خرجن من التوابيت، واتجهن بخطوات راقصة نحو الداخل، وصحن فى وقت واحد: «الملكة نفرتيتى»!

وهنا تظهر حكمت فهمى -نفرتيتى- فوق محفة يحملها أربعة من العبيد، وتبدأ الراقصات مع الموسيقى وغناء محمد عبد المطلب.. قالوا لتحية إن لفريد الأطرش شقيقة كانت تغنى عند بديعة منذ عام واحد فقط. وقالوا لها إنه أمير من الشام!

غير أن فريد لم يكن يتصرف كأمير، كان -مثلما كان دائمًا- طيبًا، وودنيًّا!

وكانوا إذا أرادوا مداعبته، ذهب أحدهم إليه وأخبره أن أحدًا خاض فى سيرته.. فلا يلبث فريد أن يغضب، ويحتج.. فكانوا يضحكون، ويدهشون، كيف تجتمع هذه الكمية الهائلة من الطيبة والحنان، مع هذا الإغراق فى تصديق كل ما يقال له؟!

غير أن يومًا جاء، كان هو أسعد أيام تحية على الإطلاق.

فذات صباح كان أيدى يشرف على إحدى بروفات المجاميع فى «نمرة» جديدة.. وفى الصالة، كانت المدام تراقب الراقصات بعين الخبير، تنقد وتسب وتلعن.. لكنها فى هذا الصباح كانت مهتمة بشكل غير عادى.. بساقَى تحية وهى تؤدى البروفة.. وفجأة، وأمام الجميع، صاحت بديعة:

«لأ.. دى رجلين رقاصة.. انت رجيلكى اتخلقت للرقص!».

ثم التفتت نحو «أيدى» قائلة أمام الجميع: «اعمل لها رقصة لوحدها يا أيدى

ثم مضت!

فى ذلك اليوم.. انتبهت تحية محمد لشىء غريب وجديد وغامض، كان يقتحم حياتها.

ثمة شىء ينساب من داخلها ويتفجر كالينبوع فيغرقها حتى أذنيها.. ارتجفت من الأعماق حقا، لكن شيئا ما حدث فى الصباح التالى، فجعلها تكاد تفقد صوابها، تكاد تجن!

لم يكن أحد فى الصالة يعلم مدى ما تعانيه بديعة مصابنى من آلام سوى تحية.

كانت كل محاولاتها لتسديد الديون تبوء بالفشل.

يوما بعد يوم ذهبت هذه المحاولات أدراج الرياح، فلم تكن بديعة مصابنى من ذلك النوع الذى «يكلفت» أى شىء لابتزاز أموال الجمهور.. ذلك أن جمهورها لم يكن من السكارى وعمد الريف بإسرافهم الغريب.. كانت بديعة تقدم حفلة «ماتينيه» كل يوم ثلاثاء، لا تحضرها سوى السيدات فقط من أسر مصر العريقة، وكانت تقدم كل يوم «عرضًًا» فى التاسعة والنصف، يستمر حتى منتصف الليل، عرضا فنيا كاملا لا تخالط فيه الفتيات أحدًا، وكانت فتيات المسرح ممنوعات من الجلوس مع الزبائن.. ثم إذا انتهى البرنامج، بدأ «الكباريه».. وفى الكباريه كانت تقدم الأغانى الفردية وبعض الرقصات.

وكان كل هذا يتكلف مالاً، وكانت أجور الفنانين والفنانات والموظفين تتكلف مالاً، وكانت ببا عز الدين قد انتقلت من الإسكندرية إلى القاهرة وأصبحت منافسة لبديعة، وكانت هناك -أيضًا- مارى منصور التى لمعت فى «البسفور» الشهير.. والحالة تزداد سواء يومًا بعد يوم.. حتى جاءها ذات يوم أحد المتعهدين.. وعرض عليها القيام برحلة إلى مدن الصعيد، تبدأ من بنى سويف إلى المنيا وأسيوط وجرجا وملوى.. و.. و.. وبدأت بديعة تستعد -مرغمة- للقيام بهذه الرحلة، علها توفر بعض مصروفات الصالة، وتكسب بعض المال من جولتها.. واختارت لذلك عددًا من الراقصات قررت أن تصحبهن معها، وكانت الراقصة «تحية محمد» واحدة من هؤلاء الراقصات.

كان موعد السفر فى المساء.. وكانت تحية قد انتهت من العمل فى الصالة وفى مساء اليوم السابق، وركبت الحنطور مع بديعة إلى الفيلا فى حدائق القبة.. وفى الصباح.. استيقظت تحية لتوقظ «المدام» كى تستعد للسفر.. وما إن دخلت عليها، حتى أدهشها ذلك الشحوب الغريب الذى كسا الوجه الجميل.

«مالك يا مدام؟»

ارتجفت تحية وهى تقترب من بديعة مصابنى، الراقدة على سرير صغير من الحديد وجاءها الصوت واهنًا ضعيفًا:

«عندى مغص

نادت تحية على «عزيزة» الوصيفة -وقد دهمها إحساس مقبض رهيب.. وجاءت عزيزة لتسأل سيدتها بدورها عما بها.. وإذا بالمرأة تلمح شيئًا تحت الفراش:

يا لهوى»!

ازداد جزع تحية:

«إيه ده.. فيه إيه»؟!

كانت المرأة قد التقطت أنبوبة إسبرين، فارغة من تحت الفراش:

«أنبوبة الإسبرين فاضية»!

وما إن استدارت تحية نحو بديعة، حتى كانت هذه تكاد تغمض عينيها من فرط الإعياء وكان شحوب وجهها قد ازداد واشتد، وصرخت تحية:

«الحقينى يا عزيزة بدكتور.. الحقينى

ووقعت الصبية من قمة الأمل، إلى حضيض اليأس القاتل، ها هو الجبل ينهار، لقد انتحرت الأستاذة، وابتلعت أنبوبة الإسبرين بكاملها!

التحرير المصرية في

01.03.2014

 
 

لطيفة ونيللي كريم وهاني سلامة

يفتتحون الدورة الثانية والستين من المركز الكاثوليكي

كتب : رانيا محمود 

أقام المركز الكاثوليكي المصري للسينما برئاسة الأب بطرس دانيال حفل إفتتاح المهرجان في دورتة الثانية والستين، وقد بدأ الحفل بفيلم عن المهرجانات السابقة للمركز.

ثم أعقب ذلك كلمة للأب بطرس دانيال رئيس المهرجان متحدثاً فيها: "إذا كانت السياسة تفرّق الشعوب وتخلق أحزاباً تتنافس، فإن دورالفن هو خلق الإنسجام بين جميع الفئات مهما اختلفت فيما بينها، ولكن دور المركز الكاثوليكي هو توحيد القلوب وإذابة الثلوج بين الأشخاص. لذلك يسعى المركز إلى تشجيع كل الفنون دون محاباة أو تحيز أو تفضيل فئة على أخرى".

وقد منح المهرجان جوائز الريادة السينمائية لكلاً من سميحة أيوب، وآمال فريد و تسلمتها عنها إلهام شاهين، وعبد الرحمن أبو زهرة، والمخرج سمير سيف، وتغيب عن أستلام هذة الجائزة نور الشريف، والمخرج القدير سعيد مرزوق على ان يتم استلامها في حفل الختام .

وقد منحت جائزة فريد المزاوي لإسم الراحل ممدوح الليثي والذي تسلمها عنه ابنه الإعلامي القدير عمرو الليثي، وجائزة الأب يوسف مظلوم للمخرج القدير سمير خفاجي .

ثم صعدت المطربة غادة رجب وقامت بإهداء مجموعة من أغانيها الوطنية وبعد ذلك أهداها الأب بطرس دانيال درع المركز تعبيراً عن الشكر والتقدير لها، كما حضرت حفل إفتتاح المهرجان المطربة لطيفة والتي اهدت أغنية يبقى انت اكيد المصري لجمهور المهرجان والمكرمين.

ومنحت جائزة المركز الخاصة للفنان د. فاروق حسني وزير الثقافة السابق، وجائزة التميز الإعلامي للإعلامي والمحاور القدير مفيد فوزي، وجائزة الإبداع الفني للموسيقار المتميز راجح داوود .

اما جوائز التميز الفني فحصل عليها كلاً من الناقد السينمائي يوسف شريف رزق الله، ومحمود رضا وتسلمتها ابنته شيرين رضا، وفريدة فهمي، ومهندس الديكور نهاد بهجت، واعتذر المطرب علي الحجار عن الحضور لأستلام جائزته على ان يتسلمها في حفل الختام .

ثم جاءت فقرة توزيع جوائز الأعمال الدرامية

وحصل على جائزة أحسن دور في مسلسل تلفزيوني كلاً من نيللي كريم عن دورها في مسلسل "بنت اسمها ذات" وهاني سلامة عن دوره في مسلسل "الداعية"،وحصلت الفنانة نسرين إمام على جائزة المركز التشجيعية .

وكانت لجنة التحكيم هذه الدورة برئاسة المخرج مجدي أحمد علي وعضوية كلاً من ليلى علوي وفاروق الفيشاوي و نهال عنبر والسيناريست سيد فؤاد والموسيقار هاني مهنى ومدير التصويرد. سمير فرج والناقد الفني نادرعدلي .

الوطن المصرية في

01.03.2014

 
 

أبو النجا وأحمد عبد الله وآيتن أمين يحصدون جوائز مهرجان جمعية الفيلم

كتبت صفاء عبد الرازق

أقيم منذ قليل حفل ختام مهرجان جمعية الفيلم فى دورته الـ40، بحضور عدد كبير من النقاد والفنانين والمخرجين، الذين لهم أعمال مشاركة بالمهرجان، منهم خالد أبو النجا، وروبى، ومى سليم، والمخرجة الشابة آيتن أمين، والمنتج محمد حفظى، والموسيقار منير الوسيمى، وهانى مهنى، والمخرج محمد عبد العزيز، والإعلامى عمرو الليثى، والمخرج خالد جلال، والناقد طارق الشناوى.

وعرض فيلم "المعدية"، لأول مرة فى قاعة السينما، للمخرج عطية أمين، إنتاج أحمد عفت، من توزيع الإخوة المتحدين.

وحضر من لجنة التحكيم جميع أعضائها المكونة من رئيس اللجنة المخرج محمد عبد العزيز، وإبراهيم الموجى، والمونتيرة السينمائية رحمة مصطفى، والناقدة ماجدة خير الله، والناقد مجدى كامل.

كرمت جمعية الفيلم المخرج الراحل توفيق صالح، وتسلم شهادة التقدير نجله محمد توفيق صالح، كما كرم السيناريست الراحل ممدوح الليثى، وتسلمها شقيقه وجيه الليثى، وكرم الناقد السينمائى رفيق الصبان، وتسلمها نجله زياد رفيق الصبان، وتم تكريم الأب الراحل يوسف مظلوم، وتسلمها الأب بطرس دانيال رئيس المركز الكاثوليكى للسينما، وكرم صبحى شفيق وتسلمها الناقد السينمائى طارق الشناوى، كما تم تكريم مصطفى درويش، ولكنه لم يحضر لسفره خارج البلاد وتسلمها نيابة عنه الناقد على أبو شادى، وتم تكريم منسق المناظر عباس صابر، وهو الجندى المجهول فى السينما المصرية.

وقال عباس صابر: أعمل فى السينما المصرية منذ 55 عاماً، وأهدى هذا التكريم لكل سينمائى لم يتم تكريمه حتى الآن.

منحت جمعية الفيلم شهادة تقدير لشهيرة ناصر عن فيلم "فيلا69"، وأحسن مصممة أفيش عن فيلم "فرش وغطا"، حصل عليها طارق حنفى ومحمدجابر، وأحسن ملابس عن فيلم "عشم" لمحمد والى، وجائزة أحسن ديكور ذهبت لفيلم "الحرامى والعبيط" لحمدى عبد الرحمن، وفاز أفضل موسيقى عن فيلم "عشم" أحمد مصطفى وخالد قمار، وأفضل مونتاج عن فيلم "فيلا69" لعماد ماهر، وأفضل تصوير أحمد المرسى عن فيلم "الحفلة"، وحصل الفنان عمرو غندور كأحسن ممثل دور ثانٍ، وهبة يسرى أحسن ممثلة دور ثانى عن فيلم "فيلا 69"، وفاز خالد أبو النجا بجائزة أفضل ممثل عن فيلم "69"، وحصلت روبى على جائزة أفضل ممثلة عن فيلم "الحرامى والعبيط"، وأفضل سيناريو لأحمد عبد الله عن فيلم "فرش وغطا"، وتسلمها نيابة عنه خالد أبو النجا، وحصلت على جائزة أفضل مخرجة آيتن أمين، وحصل على جائزة أفضل إخراج أحمد عبد الله السيد عن فيلم "فرش وغطا".

اليوم السابع المصرية في

01.03.2014

 
 

تكريم روبي وخالد أبوالنجا ومي سليم في ختام «جمعية الفيلم»

كتب: حاتم سعيد 

اختتم مهرجان جمعية الفيلم، دورته الأربعين، بمسرح مركز الإبداع، بدار الأوبرا المصرية، وتم تكريم عدد من الفنانين في ختام الفعاليات.

وضمت قائمة المكرمين كل من شهيرة ناصف عن فيلم «فيلا69»، وطارق حنفي ومحمد جابر عن فيلم «فرش وغطا»، وفاز محمد والي بجائزة أحسن ملابس عن فيلم «عشم».

وتواجد أعضاء لجنة التحكيم المهرجان المكونة من رئيس اللجنة المخرج محمد عبدالعزيز، وإبراهيم الموجي، والمونتيرة السينمائية رحمة مصطفى، والناقدة ماجدة خير الله، والناقد مجدي كامل.

وذهبت جائزة «أحسن ديكور» لفيلم «الحرامي والعبيط»، لحمدي عبدالرحمن، وفاز أحمد مصطفى وخالد عمار، بجائزة أفضل موسيقى عن فيلم «عشم»، وفاز عماد ماهر، بجائزة «أفضل مونتاج» عن فيلم «فيلا69» وفاز أحمد المرسي بجائزة «أفضل تصوير» عن فيلم «الحفلة»، وحصل الفنان عمرو غندور على جائزة «أحسن ممثل دور ثانٍ»، وفازت هبة يسري على جائزة «أحسن ممثلة دور ثان» عن فيلم «فيلا 69»، وفاز خالد أبوالنجا بجائزة «أفضل ممثل» عن فيلم «فيلا 69»، وحصلت روبي على جائزة أفضل ممثلة عن فيلم «الحرامى والعبيط»، وذهبت «أفضل سيناريو» لأحمد عبدالله عن فيلم «فرش وغطا»، وتسلمها نيابة عنه خالد أبوالنجا، كما حصلت آيتن أمين على جائزة أفضل مخرجة.

كما تم تكريم اسم المخرج الراحل توفيق صالح، وتسلم شهادة التقدير نيابة عنه ابنه محمد توفيق صالح، وتكريم اسم السيناريست الراحل ممدوح الليثي، وتسلم شهادة التقدير نيابة عنه شقيقه المنتج وجيه الليثي، واسم الناقد السينمائي الراحل رفيق الصبان، وتسلمها نيابة عنه ابنه زياد رفيق الصبان، واسم الأب الراحل يوسف مظلوم، وتسلمها نيابة عنه الأب بطرس دانيال رئيس المركز الكاثوليكي للسينما، وصبحي شفيق وتسلمها نيابة عنه الناقد السينمائي طارق الشناوي، ومصطفى درويش، وتسلمها نيابة عنه الناقد علي أبو شادي.

حضر حفل الختام مي سليم، المنتج والسيناريست محمد حفظى، الموسيقار منير الوسيمي، وهانى مهنى، والإعلامي عمرو الليثى، والمخرج خالد جلال، والناقد طارق الشناوي.

وعقب التكريمات وتوزيع الجوائز تم عرض فيلم «المعدية»، الذي شارك في بطولته كل من الفنانين درة، ومي سليم، وأحمد صفوت، وهاني عادل، ومن إخرج عطية أمين،و إنتاج أحمد عفت، من توزيع الإخوة المتحدين.

المصري اليوم في

01.03.2014

 
 

نُقّاد عن اتجاه الفنانين للإعلانات والبرامج:

محاربة للبطالة لتراجع صناعة الفن

كتب: الأناضول 

دفع تراجع إنتاج صناعة الأفلام في مصر بعد ثورة 25 يناير 2011، بعض الفنانين والسينمائيين إلى الاتجاه لعالم الإعلانات التجارية، وتقديم البرامج التليفزيونية.

ولم يعد مستغربًا أن تفتح شاشات التليفزيون طوال العام لترى فناني الصف الأول مثل أحمد حلمي، وشريف منير، وغادة عادل، وأشرف عبدالباقي، وعبلة كامل، وماجد الكدواني، وغيرهم يروجون لمنتجات تجارية مثل، الشيبسي، والجبن، ومساحيق الغسيل، والمنظفات، بعد أن كان يقتصر ظهورهم في مثل هذه الإعلانات على شهر رمضان فقط.

بعض الفنانين فضّل الاتجاه للقنوات التليفزيونية، لتقديم برامج تتناول الشأن السياسي والاجتماعي، ولا تقتصر على الجانب الفني فقط، مثل برنامج التوك شو «مصر البيت الكبير»، الذي يقدمه أشرف عبدالباقي وبشرى، على فضائية «الحياة»، وبرنامج «أحلى مسا»، الذي تقدمه فيفي عبده وهشام عباس، على فضائية «إم بي سي مصر».

ويقدم كاتب السيناريو والمؤلف مدحت العدل برنامجًا على قناة «سي بي سي 2» بعنوان «إنت حر»، يتناول شؤون السياسة والمجتمع والشأن العام، فيما شارك فنانون مثل أحمد حلمي، وشيرين عبدالوهاب ببرامج المسابقات مثل «آراب جوت تالنت»، و«ذا فويس»، كأعضاء في لجان تحكيم هذه المسابقات.

وشهدت صناعة السينما المصرية تراجعاً ملحوظاً في أعقاب اندلاع ثورة 25 يناير، بسبب عدم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية، حيث بلغ متوسط الأفلام المنتجة سنويا قبل عام 2011 نحو 40 فيلمًا، قبل أن يتراجع العدد ليصل إلى 19 فيلمًا فقط في 2013.

وقدرت غرفة صناعة السينما المصرية مجموع إيرادات السينما في عام 2013 بـ 90 مليون جنيه، لافتة إلى أن هذه الإيرادات هي الأقل في السينما خلال الـ15 عامًا الماضية.

الناقد السينمائي محمد كمال يفسر هذه الظاهرة قائلا: «لجوء الممثلين، وخاصة النجوم منهم، إلى الإعلانات أو إلى الشاشة الصغيرة، تحدث في حالتين: الأولى تراجع الإنتاج السينمائي والذي يعني إجمالا عدم إنتاج أفلام تكفي لاستيعاب عدد النجوم الموجودين على الساحة، ولديهم شعبية يمكن استثمارها، وبالتالي الاستعانة بالأبرز من بينهم، ليبقى الآخرون بين الشاشة الصغيرة، سواء في المسلسلات أو تقديم البرامج، وبين الإعلانات، أما الحالة الثانية التي تدفع الفنانين للجوء إلى الإعلانات أو إلى الشاشة الصغيرة، فهي عندما تتراجع شعبيتهم».

وأضاف كمال: «لعل التنافس السينمائي الذي شهدته المسلسلات التليفزيونية منذ عام 2002 هو الأكثر شراسة، حيث مثل مفصلًا للصناعة الدرامية وصناعة السينما، ووصلت أعمار نجوم السينما إلى حدود لم يعد معها المشاهد العادي يقتنع بكونهم شبابًا على الشاشة، أمثال يسرا، ومحمود عبد العزيز، وعادل إمام، ونور الشريف، وغيرهم».

وتابع: «السينما الشبابية كانت في قمتها وهو ما اضطر العديد من هؤلاء النجوم إلى التوجه للشاشة الصغيرة، وقدم كل منهم مسلسلًا في شهر رمضان، وشهدت مساحات العرض في القنوات الرئيسية صراعات معلنة وخفية، حول احتلال مكان متميز للعرض على الشاشة، واحتلال هؤلاء النجوم للشاشة الصغيرة، أدى إلى تراجع نجوم الصف الأول في التليفزيون، للخلف قليلًا، انتظارًا لمرور عاصفة نجوم السينما، التي خلفتها ثورة يناير 2011، وأثرت سلبًا على إنتاج السينما».

وقال الناقد السينمائي أحمد رأفت بهجت: «لجوء الفنانين للظهور في الإعلانات التجارية، وتقديم البرامج التليفزيونية، وسيلة مشروعة لمواجهة البطالة التي يعانون منها منذ اندلاع الثورة، وهو ما جعل المنتجين يترددون في إنتاج الأفلام ذات الميزانيات الضخمة والتي كانت تستقطب نجوم الصف الأول».

المصري اليوم في

01.03.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)