كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

«ابن الله» يتخلص من «الشيطان أوباما» على الشاشة!

كتبت: شيماء سليم

 

فى سابقة هى الأولى من نوعها اشترى قساوسة بعض الكنائس الأمريكية جميع التذاكر وتقدر بأربعة ملايين تذكرة. فى ثلاث عشرة قاعة سينمائية - بشكل مبدئى - والتى سوف تعرض فيلم «ابن الرب». فى الثامن والعشرين من فبراير المقبل.

إعجاب الكنيسة بالفيلم الذى يقدم القصة كما جاءت فى الكتاب المقدس حرفيا. دفعهم للاستيلاء على قاعات العرض لتوزيعها على مريدى الكنائس لحثهم على مشاهدة الفيلم.

ويلخص اهتمام الكنيسة غير المسبوق بالفيلم التصريح الذى أطلقه «بريان ويلز» أحد رجال الكنيسة وقال فيه: «لقد قامت كنيستنا بشراء جميع تذاكر قاعات عرض الفيلم فى اليوم الأول لعرضه. وإذا جاء أى شخص فى هذا اليوم لمشاهدة فيلم آخر سوف يكون تعيس الحظ.. لأننا لدينا عدة تذاكر إضافية لمن سوف يجيئون إلى السينما فى هذا اليوم».

وفى تصريح آخر لأحد كبار القساوسة فى كاليفورنيا قال «لقد شاهدت جميع الأفلام التى قدمت عن السيد المسيح. وقد تجاوزت الخمسين فيلما ولكن «ابن الإله» هو الأفضل على الإطلاق.. نحن سعداء بعودة المسيح إلى الشاشة وسوف نملأ قاعات العرض». جدير بالذكر أن معظم هذه التذاكر مقدم من عدد من رجال الأعمال كتبرع للكنيسة.

بالإضافة إلى التذاكر المجانية المقدمة لحضور الفيلم والتى سوف تتجاوز الأربعة ملايين تذكرة. هناك دراسة سوف يتم توزيعها على المتفرجين تتناول حياة السيد المسيح وأيضا مجموعة من الملصقات الخاصة بالفيلم.

أما عن الدعاية التى سبقت الفيلم فقد كان أهمها فى حضور الرئيس الأمريكى «باراك أوباما» عندما حضر منتجا الفيلم «مارك بورنيت» و«روما داونى»- التى تجسد شخصية السيدة العذراء فى الفيلم وقاما بالترويج للفيلم أثناء إفطار جماعى تحت اسم «الصلاة القومية» يحضره الرئيس مع مجموعة من رجال الدين والعلمانيين.

المفارقة هنا أن الفيلم كان من بين شخصياته شخصية الشيطان والممثل الذى قام بتمثيل دوره كان يحمل شبها كبيرا بينه وبين الرئيس «أوباما» مما أثار انتباه الإعلام وجعل بعض الصحف تنشر صورتين متجاورتين لكل من «أوباما» وشخصية الشيطان فى الفيلم.

منتجة الفيلم «روما داونى» من جانبها قالت إن الصور التى توضح شخصية الشيطان تم حذفها من الفيلم. وأضافت: «يسعدنى أن أخبركم أن الشيطان لم يعد له وجود فى الفيلم.. فهو عن المسيح ولا يوجد مجال لظهور شياطين هنا»!! وقالت أيضا إنها حريصة على تجنب مثل هذه المواقف. وأنه على الرغم من ظهور شخصية الشيطان فى الحلقات التليفزيونية فإننا شعرنا أن غيابها أفضل حتى لا نشعر أن شخصية المسيح يلازمها شيطان.

وفى محاولة أخرى للتبرير قالت «روما داونى» إن الممثل الذى أدى شخصية الشيطان هو الممثل المغربى الأصل «مهدى أوزانى» قد انتخب الرئيس «أوباما» فى إشارة إلى أنه من المحبين للرئيس الأمريكى.

يبدو أن هناك مخاوف تراود منتجة الفيلم فيما تتحدث عنه حتى تبرر حذف شخصية شبيه أوباما غير دقيق خاصة أن شخصية الشيطان ظهرت فى الحلقات التليفزيونية التى نقل عنها الفيلم درجة أن بعض المشاهد أخذت من الحلقات كما هى، ولكن شخصية الشيطان فى الحلقات لم تحمل هذا الشبه مع الرئيس «أوباما».

فيلم «ابن الإله» يلتزم بقصة السيد المسيح كما وردت فى الكتاب المقدس.. فيبدأ مع ميلاده ويستمر ليقدم تعاليمه ثم صلبه وبعثه من جديد. وهو مأخوذ عن حلقات تلفزيونية بعنوان «الكتاب المقدس» وقدمت منذ فترة. والتزمت أحداثها وقصصها حرفيا كما وردت فى الكتاب المقدس. وحققت هذه الحلقات نجاحا هائلا عندما عرضت على قناة «هيستورى» وسجلت اعلى نسبة مشاهدة تجاوزت العشرة ملايين مشاهد. كما حقق بيعه على أسطونات الـٔ•ٔ مبيعات هائلة.

الفيلم من إخراج «كريستوفر سبنسر» ومن بطولة «ديوجو مورجادو» فى شخصية السيد المسيح.

تم تجسيد شخصية السيد المسيح فى الأعمال الفنية فى البداية على خشبة المسرح وكان ذلك قبل ظهور السينما. وبعد ظهور السينما أخذت الأفلام فى تقديم المسيح منذ عام 1911 فى أفلام قصيرة وطويلة. حيث قدمت أكثر من ثلاثمائة مرة ما بين أعمال سينمائية وتليفزيونية.. ولكن كانت أهم الأفلام التى تناولت قصة السيد المسيح حوالى 28 فيلما أهمها على الإطلاق ثلاثة أفلام هى «أعظم القصص التى حكيت» عام 1965 والذى تشارك فى إخراجه كل من «ديفيد لين» و«جورج ستيفنز» و«جان نيجيولسكو».. وقدم شخصية السيد المسيح فى الفيلم «ماكس فون سيدو».. أما المخرج «مارتن سكوسيزى» فقد قدم فى عام 1988 فيلم «الإغواء الأخير للمسيح» والذى قدم فيه شخصية المسيح الممثل «ويليام دافوى». وقد أثار الفيلم جدلا كبيرا لأن الجزء الأخير تناول قصة خيالية لم ترد فى الكتاب المقدس عن نزول المسيح بعد صلبه وزواجه من مريم المجدلية. بعد أن ظهر له الشيطان فى صورة طفل جميل أقنعه بعمل ذلك. هذا الجزء أثار سخط وغضب الكثير من المسيحيين الذين عبروا عن استيائهم بتنظيم احتجاجات ومظاهرات أمام استوديوهات «يونيفرسال» بل إن أحدهم عرض شراء نيجاتيف الفيلم حتى يقوم بحرقه.. وقد اضطرت بعض دور العرض فى ذلك الوقت إلى وقف عرض الفيلم كما تم منع عرضه فى العديد من البلاد الأوروبية.

وبعد هذه الأزمة بسنوات وفى عام 2004 قدم النجم «ميل جبسون» فيلما من إخراجه بعنوان «آلام المسيح» وقد أدى شخصية السيد المسيح فى الفيلم النجم «جيم كافيزال».. الفيلم أشعل أزمة جديدة خاصة فى الأوساط اليهودية. حيث قدم الفيلم اليهود على أنهم السبب الرئيسى لصلب وتعذيب السيد المسيح.

كل الشواهد تقول إن عام 2014 هو عام ظهور الأنبياء على شاشة السينما.. فالبداية فى نهاية هذا الشهر مع فيلم «ابن الإله» عن السيد المسيح.بينما يعرض بعده باسابيع فيلم «نوح» إخراج «دارين أرنوفسكى» عن قصة النبى نوح الذى يؤدى دوره النجم «راسل كرو».

ومن المفترض ان يشهد شهر مايو القادم عرض الفيلم الإيرانى «طفولة محمد» إخراج «مجيد مجيدى» عن طفولة وشباب سيدنا محمد (ص). وفى نهاية هذا العام وتحديدا فى شهر ديسمبر سوف يعرض فيلم «الخروج» إخراج «ريدلى سكوت» عن قصة النبى موسى والذى يؤدى دوره فى الفيلم النجم «كريستيان بال».

مجلة روز اليوسف في

22.02.2014

 
 

«التحرير» تنشر مذكرات تحية كاريوكا للكاتب الكبير صالح مرسى

تحية كاريوكا: رقصتُ لأول مرة فى حياتى فى الشارع على طبلة كراوية!

أعدها للنشر: محمد توفيق 

·        عملتُ خادمةً فى بيت أخى أحمد.. وفكرت فى الهرب لأول مرة بعد أن قصُّوا لى شعرى

·        لم يعد أمام بدوية سوى ذلك الحلم الغريب.. الشارع الذى اسمه: عماد الدين

·        منذ تلك الليلة التى قصوا فيها شعر بدوية.. وبدوية لا تفكر إلا فى شىء واحد.. هو الهرب!

·        عندما علم أحمد بهروبى إلى بيت مرسى جاء وفى يده السوط الأسود.. وأجبرنى على العودة إلى بيته

·        لم أحزن عندما مات أبى مثلما حزنت عندما ماتت جدتى وأخى مرسى

العثور على مذكرات كاريوكا أشبه بالحصول على كنز، فمذكرات تحية كاريوكا لا تعكس فقط قصة حياة أشهر راقصة عرفتها مصر، لكنها تعكس صورة لحال البسطاء والحكومات فى مصر طوال ما يزيد على نصف القرن من الزمن.

ولدت قبل 14 يومًا فقط من قيام ثورة 1919، وعاشت أجواء حرب 1948 ووقفت إلى جوار الفدائيين وساعدت فى نقل الأسلحة إليهم، وحين رأت أن ثورة يوليو انحرفت عن مسارها انتقدتها، ودفعت الثمن، ودخلت السجن.

لكن الأجمل والأهم والأمتع هو أن تقرأ هذه المذكرات بقلم العم صالح مرسى الأديب الذى جعل من الجاسوسية أدبًا وفنًا.

فتحية إلى «كاريوكا» بنت البلد المصرية الصميمة، الخالصة، المُخلصة، الشُجاعة، الجدعة، وتحية إلى المبدع الرائع الراحل صالح مرسى، فكلاهما لم يرحل عن القلب والذاكرة رغم رحيلهما عن الدنيا.

كان الشارع الذى تجرى فيه بدوية شارعا غريبا، كان شارعا طويلا وكأنه بلا نهاية، تدلت فى سمائه القناديل والأضواء والكلوبات.. على جانبيه يسير الناس فى زحام ثم راحت توسع لنفسها طريقا وهى تجرى وأصوات الموسيقى تلاحقها أينما ذهبت.. ظلت تجرى وتجرى والأضواء تخطف بصرها، ثم ها هو الصوت الجميل يأتيها من بعيد. وتسرع بدوية فى عدوها أكثر. إن سعاد محاسن تغنى هناك، صوتها ينساب إلى أذنَى الصبية فترتجف بالنشوة، ها هى جاءت إلى القاهرة، وها هى سعاد محاسن تغنى والناس يصفقون، ومن خلف سعاد محاسن يلمحها الطبال وهو يعزف فوق طبلته، يبتسم وجهه، وتسرع يداه بدقات «الشارلستون»، ويغادر مكانه ليقابل بدوية.. وتلتقى نظرات سعاد بنظرات بدوية، وترى الصغيرة الوجه الأبيض المكتنز وهو يبتسم فى سماحة.. وقالت سعاد محاسن: «مين؟!.. تحية؟.. إنتى جيتى؟!».

ومنذ غادرت المدرسة لم ينادها أحد باسم «تحية»، كان هذا هو اسمها فى المدرسة فقط.. تحية.. تلتفت إلى حيث كان كراوية الطبال ينادى، ويدق على الطبلة «ارقصى.. ارقصى!».. وترقص بدوية، ويطول شعرها أمتارا، وسعاد محاسن تضحك وتضحك.. وبدوية ترقص وترقص، وكراوية يدق الطبلة، الأضواء تملأ الدنيا، والأنوار، والضحكات، والمكان فسيح، واسع، واسع.. أوسع من البيت الكبير.. ومن البحيرة التى تمتد حتى الأفق عند شاطئ الإسماعيلية.. وتلتفت بدوية فجأة نحو الباب، فتتوقف، وتبتسم، ثم تصرخ: «أمه»!

كانت فاطمة الزهراء تقف هناك.. كانت تبتسم، وكانت الدموع -مثلما كانت بدوية تراها دائما فى المرات الأخيرة- تنسال من عينيها، واندفعت بدوية نحو أمها.. اندفعت.. جرت.. بكل قواها كانت تجرى، وكلما اقتربت خطوة ابتعدت الأم خطوات، وبدأ الذعر يستولى على بدوية، راحت تصرخ: «أمه.. أمه..» الأضواء، الناس، سعاد، كراوية، عماد الدين، والأم تبتعد، وبدوية تجرى، وتصرخ، ثم ينتشر الألم مثل سيخ محمى فى أحشائها، وإذا بركلة هائلة تصيب البطن، وتفزع الصبية من نومها.. تهب مذعورة تريد أن تبتعد، لكن الأصفاد فى قدميها تمنعها، فتزحف إلى الحائط، وسط الظلام، بينما وجه زوجة الأخ يطل عليها من أعلى تضيئه لمبة الجاز الصغيرة! «فزّى قومى علشان العجين، الشمس هاتطلع!».

واستيقظت بدوية تماما من النوم وراحت أنفاسها تهدأ قليلا، وقد نسيت الحلم برمته!

لم تكن بدوية قد رأت سعاد محاسن منذ أربع سنوات، ومنذ هذا اليوم الذى رقصت فيه فى الفرح، لم تر أمها سوى مرة واحدة، فى قسم البوليس!

منذ تلك الليلة التى قصوا فيها شعر بدوية، وبدوية لا تفكر إلا فى شىء واحد.. هو الهرب!

فبعد تلك الليلة، لازم مرسى الفراش تماما، وكان أحمد قد ازداد سطوة وقوة بعد أن آلت إليه أمور العائلة.. وكان شعرها لا يزال قصيرًا، وعلى جسدها أسمال ممزقة، عندما دخل أحمد البيت هادرا غاضبا، وناداها، وراح يشتم، ويصرخ، ويحدث زوجته.. وكانت بدوية ترتجف فزعا، ولكنها لم تكن خائفة، كانت ركبتاها ترتجفان رغما عنها وكانت تعلم أنها سوف تضرب، ولم يعد الضرب يعنيها أو يؤلمها، كان فقط يبكيها، كانت تريد أن تهرب، إلى أى مكان، فقط تهرب.. وعلمت من صراخ أحمد أن أمها فى الإسماعيلية، وأنها عادت ترفع دعوى، وأن بدوية سوف تذهب إلى القسم ليسألها الضابط من جديد!

كان على بدوية أن لا تنسى هذه المرة كلمة واحدة.. أن لسعات السوط تمزق جسدها، أن الهول والجوع فى انتظارها، وذهبت إلى القسم، وقالت أمام الضابط هذه المرة إنها تذهب إلى المدرسة، وعندما بكت فاطمة الزهراء، وسألها الضابط، لماذا قصوا لها شعرها؟ قالت:

«علشان كان فيه قمل!».

كان هذا منذ سنوات، بعد ليلة الفرح بأشهر قليلة.. ومنذ سنوات وهى تعمل فى البيت خادمة!

نهضت الصبية من مكانها وراحت تحجل والأصفاد فى قدميها، كانت تعرف الطريق إلى جوال الدقيق، والماء، وكانت تعرف تماما ما يجب عمله فى مثل هذا اليوم، كان عليها أن تعجن ما يكفى العائلة من الخبز لمدة أسبوع، وما إن قفزت بأصفادها إلى خارج الغرفة، حتى جاءت زوجة الأخ لتفك الأصفاد، وتدفعها نحو غرفة الكرار!

شخص واحد شذ عن الجميع.. هو عثمان.

كان عثمان أحد أولاد أحمد.. وكان يكبر بدوية بثلاث سنوات، كان هادئا، رزينا، وكان يعطف عليها فيحمل إليها الحلوى فى السر، ويهمس فى لهفة وهو يعطيها نصيبه: «ابلعى.. ابلعى!».. وتبتلع بدوية كل الحلوى دون أن تتذوقها، خوفا من أن يراها أحد فتنهال عليها الضربات والركلات!

منذ تلك الليلة -ليلة الفرح- وهى تفكر فى الهرب، وتنفذه!

كان الهرب هو طريقها الوحيد، وبعد أن جزوا لها شعرها من الجذور، وبعد أن انتهى الفرح وسافرت سعاد محاسن إلى القاهرة، قررت أن تهرب إلى بيت مرسى.

وبالفعل، هربت فى الصباح، أطلقت ساقيها للريح وذهبت إلى بيت مرسى، أخيها المريض، وحكت، وقصت، وبكت.. وعندما جاء الظهر، كان أحمد يدخل البيت غادرا صاخبا، لاعنا، فى يده سوط أسود.. كالإعصار كان أحمد، لا يستطيع أحد أن يقف فى طريقه وبجبروت غادرت بيت مرسى عائدة إلى بيت أحمد من جديد.

الهرب..

لا شىء غيره، كانت بدوية تفكر فيه، ليل نهار، وما إن تحين الفرصة، حتى تهرب بالفعل.. وفى كل مرة، كانت تهرب إلى بيت أخ أو أخت.. وفى كل مرة، كان أحمد يأتى هادرًا كالإعصار، ثم يعود وقد طواها تحت ذراعه الرهيبة!

ذات ليلة استيقظت بدوية على صوت عثمان -ابن أخيها- وهو يدخل البيت.. أطلت من فرجة الباب فوجدته يبكى.. كان ثمة شىء غريب يحدث فى البيت طوال ذلك اليوم، لكنها لم تعرفه، جاء أحمد وخرج، ولحقت به زوجته المالطية الأصل، واختفى أولاد أخيها واحدًا بعد الآخر.. وكان فى عيون الجميع نظرات غريبة، وكأنهم يتجنبون النظر إليها!

نهضت بدوية -ولم تكن الأصفاد قد وضعت بعد فى قدميها- إلى عثمان، واقتربت منه:

«مالك يا عثمان!».

وشهق عثمان، وازدادت دموعه انهمارا، ثم تهته قائلا:

«عمى مرسى!».

وارتجفت بدوية، ارتجفت لكنها لم تصرخ، ولم تدمع.. فقط، اندب الحزن فى أحشائها كنصل حاد.

مات مرسى!

ولكم تمنت وانتظرت يوم شفائه ليعيدها إلى المدرسة!..

وعندما مات أبوها فزعت، لكنها لم تحزن.. لم تشعر بذلك الإحساس الأسود المقبض الذى يظلل النفس باليأس.. كانت المرة الأولى التى أحسستْ فيها بالحزن يوم ماتت جدتها، وكانت هذه المرة -يوم مات مرسى- هى المرة الثانية، فماذا تجدى الدموع.. ترنحت واستندت إلى الحائط، ودلفت إلى الغرفة، وفى ركن منها جذبت الفَرشة، وجلست عليها، ودفنت رأسها فى الوسادة.. وانبثقت دموعها مدرارًا!

فى تلك الليلة أيضا.. قررت أن تهرب.

حسمت أمرها أن لا تهرب إلى بيت أحد من إخوتها لأبيها، ففى هذه البيوت جميعا، تسرى كلمة أحمد كرعد مدمر.. وليس أمامها إلى أن تهرب لبيت أختها، لأمها «فاطمة النبوية»!

ولسوف تفعلها!

وكان هذا اليوم، هو يوم الخبيز أيضا، حملت بدوية وعاء العجين فوق رأسها وصعدت به إلى السطح.. كان عليها أن تغطيه، وأن تجهز الفرن والحطب، وأن تتركه حتى يتخمر.. وتهبط إلى الشارع لتشترى الفول، والفطور، تخدم هذا، وتلبى نداء ذاك، وتنظف الشقة، حتى إذا انتصف النهار، صعدت إلى السطح لتبدأ الخبيز، فإذا ما عاد الرجل من عمله والأولاد من مدارسهم.. أكلوا خبزا لا يزال ساخنا بنار فرنه!

وعندما مات المعلم على النيدانى لم يكن من المعقول أن تعيش فاطمة الزهراء بابنتيها وسط بحر الكراهية هذا، الذى أحاط بها، فعجلت بزواج ابنتها من زوجها الأول -فاطمة النبوية- وزوّجتها وهى فى الثالثة عشرة من عمرها!

وإذا كانت فاطمة النبوية هى أختها لأمها فإن أحدا لن يذهب إلى هناك، إنهم يكرهونها أيضا،.. ولسوف تهرب إلى بيت فاطمة النبوية، وتختبئ هناك، ولن تعود!

وهربت بدوية..

هربت وهى لا تعرف أن هذه هى الطامة، وأنها ارتكبت كبيرة الكبائر.. لم تهرب إلى بيت أحد من النيدانية، فهى بهذا تخرج عن طوع العائلة كلها، وتهرب إلى بيت رجل غريب!

هربت وهى لا تدرى أنها ستعود فى نفس اليوم لتوضع فى قدميها الأصفاد، لتظل مقيدة لعام كامل.

لم تهبط إلى الشقة، بل هبطت إلى الشارع، وأطلقت ساقيها بكل ما فيها من ضعف وهزال ووصلت إلى بيت أختها، وأغلقت الباب وراءها، وانفجرت باكية، وقد ظنت أنها قد أصبحت فى مأمن..

قصت بدوية كل شىء على أختها، وراحت كل منهما تقول ما بدا لها، ثم توقفت بدوية عندما قالت فاطمة النبوية:

«وهو حد يقدر على أحمد النيدانى!».

لم تمض ساعات قليلة حتى عرف أحمد أن بدوية هربت، وأنها ذهبت إلى بيت «الجداوى»، فذهب والشرر يتطاير من عينيه.. كان شعرها قد طال قليلا، فجذبها منه، جرها عبر الدرج إلى الشارع، وجرها من الشارع إلى البيت، وقذف بها فى الغرفة الصغيرة، وسمعت لأول مرة فى حياتها صليل القيود، قيود حديدية كان أحمد يمسكها فى يده، ويهبط بها إلى الأرض، ليضعها فى قدمى أخته، ثم ينهال على جسدها ضربا حتى يتعب، فيستدعى حلاقا، يجز لها شعرها من جديد!

وعادت بدوية تحلم من جديد، وكلما أغمضت عينيها طالعها وجه سعاد محاسن، وأضواء شارع اسمه عماد الدين، وطبلة يعزف عليها شاب بمهارة، شاب باسم اسمه: كراوية.. وكانت تفكر أيضا فى الهرب.

وعندما يُضرب الإنسان كل يوم، يتعود جسده على الألم، فلا يؤثر الضرب فيه.. ولكن نفس الإنسان أبدًا، لا تتعود على الهوان.. فإذا لم يؤلم الضرب جسده، آلم نفسه وجرح كرامته، حتى ولو كان مكانه فوق فَرشة خادم فى غرفة مهملة!

لذلك.. كانت بدوية تبكى دائما كلما ضُربت..

ولقد كانت تُضرب لسبب وبلا سبب، ولم تعد ضربات السوط تؤثر كثيرًا فى جلدها.. عام كامل وهى فى الأصفاد لا تعطى لقدميها حرية الحركة إلا إذا كانوا يريدون منها أن تفعل شيئا.. شهر وراء شهر وعثمان يهرِّب لها الحلوى التى يجلبها أبوه من بورسعيد، ويطلب منها -فزعًا هو الآخر- أن تبتلعها بسرعة، فتبتلع الحلوى دون أن تتذوقها!

مات مرسى وانزوت زوجته بأولاده بعيدًا عن العائلة!

وأُغلق بيت فاطمة النبوية فى وجهها إلى الأبد.. بعد أن علمت أن ذهابها إليه هو جريمة الجرائم، وكبيرة الكبائر!

ولم تعد أمها تأتى لزيارتها.. فحتى لو أتت.. أنى لبدوية أن تذهب إليها بالأصفاد فى قدميها؟!

فى البداية: كانت الأصفاد تسلخ جلد الساقين -ولقد ظلت علاماتها باقية حتى اليوم!- ثم لم تعد تؤثر فى الجلد، بعد أن تركت فيه علامات واضحة!

ولم يعد أمام بدوية سوى ذلك الحلم الغريب.. الشارع الذى اسمه: عماد الدين، والوجه الأبيض المكتنز، وصوت سعاد محاسن الجميل، ونقرات الطبلة وأصابع كراوية تعزف بخفة.. الأضواء والصيحات والناس، والأم تنادى، وبدوية تعدو إليها.. تعدو وتعدو.. والأم تبتعد، وبدوية تصرخ، ويزداد ابتعاد الأم، فتفزع بدوية، وتستيقظ من النوم خافقة القلب والصدر، وقد ضاع منها كل شىء، سعاد، وكراوية، والأم معًا!!

الهرب!

كان الهرب هو الشىء الوحيد الذى يعنيها، وتفكر فيه..

ولسوف تهرب إلى أمها.. ولو استطاعت أن تصل إلى المنزلة، فلسوف يحميها خالها.. فقط، عندما تحين الفرصة.

ولكن كيف؟!.. كيف والأصفاد فى قدميها تكبل حركتها؟.. كيف، وعيون الجميع تراقبها فى حذر، وقد أيقنوا أنها -فى أول فرصة- سوف تهرب؟!

>>> 

حتى كانت ليلة!

كان الجميع قد ناموا، لكنها كانت مستيقظة.. تبكى وحدها!

كان أحمد قد ضربها منذ قليل، ظل يضربها حتى ناله التعب بتوقف.. وهى لا تذكر لماذا ضربها أحمد، فلقد كان يضربها دائما، ولقد كان كل ما تفعله، خطأ تستحق عليه العقاب.

كانت القيود فى قدميها تمنعها من الهرب، عندما انفتح الباب فى هدوء، وكان عثمان يقف به!

«مش كفاية عياط يا بدوية؟!».

ولكن بكاءها ازداد، وازداد انهمار الدمع من عينيها.

ركع عثمان بجوارها وهو يهمس:

«كفاية عياط علشان أبويا ما يسمعشى حاجة!».

كان الصبى يحمل فى يده شيئا.. وكانت يداه تقتربان من ساقيها فى الظلام، وساد الصمت وقد حبست الصبية أنفاسها خشية ورهبة، واصطدم المفتاح الصغير بقفل القيد فى قدميها، فدوّى فى سكون البيت.. وكان عثمان يفك قيود بدوية، فسألته:

«عاوزنى أعمل لك شاى؟!».

فقال هامسًا:

«لا.. أنا عاوزك تهربى!».

كالذى تعوّد السجن، تصدمه الحرية، وتعوق حركته!

وقفت بدوية فى منتصف الغرفة تترنح، لم تكن تفهم شيئا، وكانت أنفاس عثمان متهدجة، وصوته الهامس يحذرها:

«إوعى تروحى بيت حد من إخواتك، إوعى تروحى أى حتة يقدروا يروح لك فيها».

وأسقط فى يد بدوية:

«أمال أروح فين؟!».

احتد صوت عثمان وهو يقول:

«سافرى مصر، روحى لأمك، أى حتة.. بس لازم تهربى!».

وسادت فترة صمت تأكد فيها عثمان أن أحدًا فى البيت لا يسمع. وكان الليل قد انقضى ولاحت تباشير الفجر، عندما أمسك ابن أخيها بيدها، وسحبها صاعدًا بها إلى السطح وهو يهمس:

«تعالى.. لازم تهربى.. دلوقت.. اهربى!».

ولم تكن بدوية، تحية، تحلم أن تلك الليلة، شهدت مولد نجم عظيم، وكان هذا النجم: هى نفسها!

لم تكن تعلم، لكنها أسلمت نفسها ليد عثمان، وتبعته إلى سطح البيت!

التحرير المصرية في

22.02.2014

 
 

ننشر مذكرات تحية كاريوكا للكاتب الكبير صالح مرسي «الحلقة الرابعة»

كاريوكا: هربت من البيت عن طريق «المنور» قبل طلوع النهار

أعدها للنشر- محمد توفيق 

العثور على مذكرات كاريوكا أشبه بالحصول على كنز، فمذكرات تحية كاريوكا لا تعكس فقط قصة حياة أشهر راقصة عرفتها مصر، لكنها تعكس صورة لحال البسطاء والحكومات فى مصر طوال ما يزيد على نصف القرن من الزمن.

ولدت قبل 14 يومًا فقط من قيام ثورة 1919، وعاشت أجواء حرب 1948 ووقفت إلى جوار الفدائيين وساعدت فى نقل الأسلحة إليهم، وحين رأت أن ثورة يوليو انحرفت عن مسارها انتقدتها، ودفعت الثمن، ودخلت السجن.

لكن الأجمل والأهم والأمتع هو أن تقرأ هذه المذكرات بقلم العم صالح مرسى الأديب الذى جعل من الجاسوسية أدبًا وفنًا.

فتحية إلى «كاريوكا» بنت البلد المصرية الصميمة، الخالصة، المُخلصة، الشُجاعة، الجدعة، وتحية إلى المبدع الرائع الراحل صالح مرسى، فكلاهما لم يرحل عن القلب والذاكرة رغم رحيلهما عن الدنيا.

قصة الهروب الكبير الذى أوصل تحية كاريوكا إلى القاهرة!

كانت أمور كثيرة قد تغيرت فى شارع عماد الدين فى تلك الأيام من عام 1935. كانت بديعة مصابنى قد انفصلت نهائيا عن نجيب الريحانى، بعد أن يئست من إصلاح عبقرى الكوميديا المصرى.. انفصلت عنه وكوّنت لنفسها فرقة للمسرح الاستعراضى، كانت تدرى -أو لم تكن تدرى!!- أنها ترسى دعائم نوع جديد من الفن الاستعراضى فى مصر، تخرج فيه عشرات النجوم الذين حفلت بهم سماء الفن طوال تلك الحقبة من الزمان، حتى يومنا هذا.

ولقد كان شارع عماد الدين فى تلك الليلة من ليالى أغسطس، حيث وقفت بدوية فوق سطح البيت مع عثمان، يعج بالحياة.. رغم اقتراب الفجر، ورغم هجرة أغلب نجومه، مع حر القاهرة، إلى الإسكندرية، أو شواطئ النيل فى روض الفرج أو عند كوبرى بديعة!

كان من عادة نجيب الريحانى أن يغلق مسرحه فى الصيف، أما بديعة مصابنى فكانت تنتقل مع فرقتها التى تضم فى الأغلب الأعم نجوما من الشباب.. مثل أسمهان وفريد الأطرش وحورية محمد وإبراهيم حمودة ومحمد فوزى ومحمد عبد المطلب.. كانت تنتقل بهم، وبنظامها الصارم فى إدارة العمل، إلى كازينو الكوبرى، الذى اشتهر باسم «كوبرى بديعة»، والذى أصبح اسمه «كوبرى الجلاء».

أما على الكسار فقد تعود فى ذلك الوقت من العام أن يقدم عروضه الفكاهية فى روض الفرج.. وكان شارع عماد الدين رغم هجرة نجومه العظام يعج بالحياة والأضواء، وقد تناثرت على جانبيه الكازينوهات والمسارح الاستعراضية.. ولم يكن هناك أحد فى الدنيا يستطيع أن يتنبأ بأن بدوية هذه، الصبية الحافية قصيرة الشعر التى تقف على سطح البيت فى الإسماعيلية، تستعد الآن، فى تلك اللحظات بالذات، لأن تخطو خطوتها الأولى إلى شارع النجوم هذا، لتصبح بعد سنوات قليلة نجما يسطع فى سمائه.

كان الجو حارا فى تلك الليلة من ليالى شهر أغسطس عام 1935.. وثمة ريح رطبة تهب على المدينة الساكنة من الشرق، حيث ترقد البحيرات تحت ضوء القمر كالحلم.. وكان فى إمكان بدوية أن ترى البحيرات من مكانها هذا فوق السطح.. هى الآن خالية الذهن تماما من كل شىء فى الدنيا، إلا الهرب.. تركت نفسها لعثمان دون أن تسأله، أو حتى تسأل نفسها: إلى أين؟!

وجاءها همس عثمان: «يالله يا بدوية!».

«حاروح فين يا عثمان؟».

«نطى على بيت أبو المعاطى».

تسمرت بدوية فى مكانها، دهمها الخوف كالغول، ومن بين عشرات الطرق التى تعرفها للهرب، لم يخطر ببالها بيت أبو المعاطى، هذا بالذات.. ولقد كان أبو المعاطى يعمل فى شركة قناة السويس، ومنذ سنوات، عندما كان هذا الرجل شابا يريد الزواج لم يجد فى الإسماعيلية خيرا من المعلم على النيدانى ليناسبه، فخطب منه ابنته «نجية»، وبنى لها بيتا ملاصقا لبيت النيدانى.. غير أن زواجه هذا لم يكتب له الاستمرار، فانفصلا بالطلاق، وتزوج من سيدة أنجبت له أول ما أنجبت، ولدا اسمه رجب.. وعرفت هذه السيدة فى الحى باسم «أم رجب».

فهل تهرب بدوية إلى بيت أبو المعاطى طليق نجية؟.. وماذا يكتب عليها لو أنهم ضبطوها هذه المرة؟!

«يالله يا بدوية.. النهار حايطلع!».

كان الخوف يصفد قدميها لكنها تحركت.. وكانت تعرف الطريق جيدا، ولطالما عبرت الأسطح مرات ومرات، وكانت تعلم أن العابر من سطح النيدانى إلى سطح أبو المعاطى سوف يجد بعد خطوات «منورا» يسقط من السطح إلى قلب البيت.. وكانت تعلم أيضا أن هذا المنور هو الطريق الوحيد -الآن- للهرب!

عند فوهة المنور وقفت بدوية بجوار عثمان، وفى ضوء الفجر دس الصبى فى يدها شيئا: «دول خمسة تعريفة.. خليهم معاكى!».

قبضت يد الصبية على اللفافة التى دسها عثمان فى يدها، كان الصبى قد لف القرشين ونصف القرش فى منديل، وكان صوته يردد:

«اوعى تروحى بيت حد من أعمامى أو عماتى، آدينى باقول لك أهوه.. اهربى لأى حتة.. أى حتة!».

راح عثمان يرتجف بالخوف مع ضوء النهار الزاحف من فوق البحيرات، عندما مالت بدوية على فوهة المنور تستعد للقفز، وفى ارتباك مد لها الصبى يديه:

«امسكى فى إيدى!».

رفعت رأسها إليه وقالت: «لأ».. وقبل أن يفتح فمه بكلمة، كانت قد حسمت أمرها، وقررت، وألقت بنفسها من فوق السطح لتهوى إلى الأرض فى دوى اهتز له سكون الفجر!

عندما انقلب بيت أحمد النيدانى بعد ساعات رأسا على عقب، لم يفه عثمان بكلمة واحدة.. فلم يكن يجرؤ!

وكانت أمه هى أول من اكتشف اختفاء بدوية.. أيقظت زوجها، فاستيقظ البيت كله، ووجد الجميع -لدهشتهم الشديدة- الأصفاد ملقاة فوق الأرض.. فمن الذى أعطى لبدوية المفتاح؟!

راح الجميع يضربون أخماسا فى أسداس.. غير أن أحمد النيدانى لم يضع وقتا، كان يعرف طريقه جيدا.. فأخذ يبحث عن بدوية حيث كان يجدها دائما.. وكان إذا ما دخل بيتا ولم يجدها فيه أيقن أنها لا بد فى بيت آخر.. ولقد مضى النهار دون أن يسمع أحد عن بدوية، ودون أن يراها أحد.. ومع حلول المساء، كانت الدهشة قد تجسدت فى سؤال: أين ذهبت بدوية؟

وكان أكثر الجميع دهشة، هو عثمان.. ظل قلبه يخفق: حقا.. أين ذهبت بدوية؟!

وعندما هوت بدوية إلى أرض المنور، دوى صوت قدميها فى السكون مثل انفجار، ثم ضاع كل شىء فى هذا الإحساس الرهيب بالألم، شعرت وكأن عظامها تتداخل، أرادت أن تتنفس فلم تستطع، انبثق الألم مثل صواريخ تمزق لحمها وعظامها، توقف صدرها عن الشهيق والزفير، ضمت ذراعيها فوق صدرها وتمايلت من حولها الأشياء، ها هو الموت آتٍ، فمن يسمع نداءها، رفعت رأسها نحو السماء، تريد أن تستغيث، فتحت فمها فى صرخة لكن الصرخة لم تنطلق، أرادت أن تنادى عثمان، لكن عثمان كان قد مضى.. اختفى دون أن يفه بكلمة!!

مضى النهار ومن بعده الليل وقلب أحمد النيدانى المدينة رأسا على عقب.. سأل الذين يعرفه والذين لا يعرفهم، فى البيوت والمحلات، لم يترك مكانا لم يذهب إليه.. لكن أحدا لم يعثر لبدوية على أثر..

عندما رفعت بدوية رأسها فى الفجر لتستنجد بعثمان ولم تجده، كانت تشعر وكأن روحها تزهق.. لكن ثمة صوتا لقدمين تقتربان من المنور، كان الصوت يقترب ويقترب، وكان لا بد لها أن تتحرك بأى ثمن، لا بد أن تتحرك، مع تقطع أنفاسها كان عليها أن تختبئ... فبدأت تزحف، زحفت مبتعدة عن الباب، عرفت فى صوت القدمين قدمى الست أم رجب، دارت بعينيها فى المكان حتى استطاعت أن تصل إلى «طشت» كبير، ثم اندست خلفه فى نفس الوقت الذى فتح فيه الباب لتطل منه أم رجب.

نظرت المرأة يمينا ويسارا، ثم أنصتت طويلا، ثم أغلقت الباب جيدا ومضت!

وقتها فقط شهقت بدوية، وكأنها تريد استنشاق هواء الدنيا كله.. بردت أطرافها وارتجفت.. لكن ثمة راحة كانت تزحف إلى جسدها الواهن، فلقد كانت تتنفس.

ولقد مضى النهار الأول وباب المنور مفتوح وبدوية خلف «الطشت» لا تستطيع حراكا، شل التوتر كل حواسها فلم تعد تشعر بالجوع أو العطش.. وجاء الليل وكانت عظامها قد تخشبت حيث كانت، فكانت تغفو حينا، ليداعبها ذلك الحلم الغريب لذلك الشارع الذى اسمه عماد الدين، وتلاطفها ابتسامة «سعاد محاسن» ودقات كراوية على طبلته.. ثم يزحف فوق جسدها فأر فتنتفض من حلمها ونومها مذعورة، فإذا ما اكشتفت أن العابر فأر ابتسمت.. لأنها لم تكن تخاف الفئران، كانت -منذ الصغر- تلعب بها.

غير أنها مع انبثاق ضوء النهار الثانى بدأت تحس بالعطش.. وكان عليها إذا أرادت الوصول إلى الصنبور فى آخر المنور أن تعبر من أمام الباب، وإذا ذهبت إلى المنزل فقد يأتى أحمد ويعيدها إلى بيته من جديد، ومنذ أربع سنوات لم تر سعاد محاسن، فهل تذكرها إذا ما ذهبت إليها؟.. ولقد سمعت أهل البيت يتحدثون عن هروبها، إذن فقد شاع الأمر وعرفه الجميع، ومهما اكتوت بنار العطش فعليها أن تتماسك وأن تصبر حتى ولو كان خيط الماء ينساب من الصنبور بلا توقف.. يهبط الليل الثانى فإذا الجوع والعطش وتخشب العظام جحيم لا تطيقه.. خيط الماء ينساب بصوت كأنه الهدير، ولا بد لها أن تشرب أو تموت، يغلبها العطش وقد ران السكون تماما، فتحركت.. وندت عن حركتها آهة كتمتها بكفها لكنها زحفت.. اشتدت بها الآلام لكنها لم تتوقف، مرة بعد أخرى، وها هى تقترب من المياه.. كان عليها الآن أن تنهض عندما توسطت المنور.. وإذا ذهبت إلى القاهرة فلسوف تسأل الناس عن شارع عماد الدين، وفى الشارع سوف تسأل عن سعاد محاسن، هى تجاهد وتجاهد حتى تقف، ينتابها الدوار حقا لكن المياه على بعد خطوتين، الليل ساكن صامت وبعد خطوة أخرى تستطيع أن ترتوى.. خطت الخطوة فدهمها ظلام دامس، وسبح وعيها فى فراغ، فطار جسدها فى الهواء، وضاع كل شىء، فلا عطش ولا جوع، وإذا صرخة واهنة تند عنها كمن تأتى من أعماق بئر سحيقة.. وإذا هى تسقط على الأرض فاقدة الوعى.

أفاقت بدوية لتجد نفسها ممدة فوق الفراش، وكان وجه أم رجب يطل عليها فى إشفاق وحنان، وبجوارها كان أبو المعاطى يطل عليها هو الآخر.. فهل ضاع كل شىء؟!

مدت لها المرأة يدها بكوب لبن:

«اشربى يا بدوية.. اشربى يا بنتى».

كانت المرأة تهمس، فلماذا تهمس؟!

«اشربى يا بدوية اللبن علشان تتقوى!».

وكان الرجل يهمس، فلماذا يهمس؟!

وصعدت ابنة أم رجب إلى جوارها وحملت رأسها، ومدت المرأة يدها لتسقيها اللبن.

«بلاش عياط يا بنتى أحسن يسمعوكى!».

قالت المرأة هذا ففتحت بدوية عينيها فى دهشة.. إذن فلقد كتموا الخبر حتى الآن، انتابها الفرح فازداد انهمار الدمع من عينيها.

«والنبى ماتقولوش لاخويا!».

كانت تتوسل، وكان الأسى واضحا على وجوههم فطمأنوا قلبها.. نامت بدوية فوق الفراش لأول مرة منذ وقت طويل، وجاء الصباح، فإذا قواها تعود إليها، وإذا الحديث فى البيت لا يزال همسا.. مضى اليوم الأول، والثانى.. و... ومضت خمسة أيام، والحياة فى بيت أبو المعاطى تسير همسا، كانت بدوية لا تزال تحتفظ فى يدها بكنزها الصغير، ورغم الحب والحنان والعطف كانت عيناها مثل أذنيها، ترقبان كل شىء وتتسمعان إلى كل شىء.. لم تكن تنام حتى تطمئن إلى أن البيت كله قد نام.. حتى كانت الليلة الخامسة، وكان الرجل يحدث زوجته على مائدة العشاء عندما سمعت بدوية حديثهما..

«ما احنا كمان مالناش عليها يا أم رجب.. أحمد برضه أخوها!».

«حيأذوها يا خويا!».

«أنا حاكلم أحمد، حاجمع عليه الرجالة وأحلفه اليمين!».

«وهم دول بتوع يمين يابو المعاطى؟!».

ولا تسمع بدوية شيئا بعد ذلك.

لا تسمع شيئا لكنها كانت جالسة فى الظلام وقد حسمت أمرها.. لسوف تهرب.

ويمضى الليل كله وهى جالسة دون نوم وقد عقدت العزم، فى يدها منديل معقود على «خمسة تعريفة» وهذا كل ما تملك.. وإذا ما لاحت تباشير الفجر سوف تتسلل من البيت.. إلى المنزلة، أو إلى القاهرة.. أو إلى الجحيم نفسه، لا بد أن تهرب.. بنداء أذان الفجر فى سماء المدينة الساكنة، وتتسلل الصبية من مكانها خافقة القلب، بجوارها ابنة أبو المعاطى وعليها أن تسبح على أطراف أصابعها، ليس فى البيت شىء غريب عنها، فهى تعرف الطريق حتى ولو كان الظلام دامسا، عبرت باب الغرفة وتوقفت، كان عليها أن تنحرف إلى اليمين وتدور حول مائدة تتوسط الفناء، ثم تخطو خطوتين أو ثلاثا وتصبح أمام البيت!.. ها هو المزلاج يطيعها دون صوت، وترتفع دقات القلب كالطين لكن الباب يفتح، تهدج صدرها بالانفعال عندما لفحها هواء الصباح البارد... خطوة، خطوة واحدة وتصبح فى الطريق.. وخطت بدوية هذه الخطوة، مرقت من الباب إلى الشارع لا تلوى على شىء حافية القدمين كانت قصيرة الشعر شاحبة الوجه حمراء العينين من السهر والبكاء، فى يدها منديل تقبض عليه بعنف، تطلق ساقيها للريح فى الشوارع الخالية، لم تكن تعلم إلى أين، اختفت الأم والمنزلة، والقاهرة بعماد دينها وسعاد محاسنها، ولا شىء سوى الهرب، الجرى بكل قواها وشوارع الإسماعيلية خالية إلا من بائعى الخبز واللبن والمخابز ترسل دفء خبزها فتهرب بدوية إلى الحوارى، ومن الحوارى إلى الشوارع، ومن الشوارع إلى الخلاء.. تترك الإسماعيلية كلها وهى تجرى دون توقف، كأن شيطانا يطاردها كانت تعدو، يتهدج صدرها، وتجد نفسها بجوار القناة وشريط السكة الحديد الذى يسافر إلى بعيد فتتبعه، إلى الشمال أو الجنوب، هى لا تدرى، لكنها تريد أن تبتعد ولن يجرؤ أبو المعاطى ولا أم رجب ولا أولادها أن يخبروا أحدا أنها كانت عندهم، لن يجرؤ أبدا.. ظلت تعدو وتعدو خمسة عشر كيلومترا حتى وجدت نفسها أمام محطة صغيرة للسكة الحديد.

هنا فقط.. توقفت بدوية، نظرت خلفها وكان الطريق خاليا مثل رصيف المحطة، صعدت إلى الرصيف وهى تلفظ أنفاسها، دارت بعينيها فوجدت رجلا فى آخر الرصيف يرتدى بدلة صفراء، اقتربت منه عندما أيقنت أنها لا تعرفه وأنه لا يعرفها، فى ضوء الصباح هذا رفع الرجل رأسه نحو بدوية:

«بتسألى على القطر ليه يا بنتى.. انتى رايحة فين؟

كانت تعرف أن المنزلة لا تصل إليها القطارات...

«رايحة مصر!».

قالتها دون وعى فلم يكن أمامها سوى هذا.

«زمان القطر جاى يا بنتى.. زمانه جاى!».

وجاء القطار بعد نصف ساعة، وكانت صورة سعاد محاسن قد ملأت رأسها، وإذا كان القطار ذاهبا إلى القاهرة، فهى لا تعرف سوى اسمين: عماد الدين.. وسعاد محاسن.

ولم تكن بدوية تعرف، وهى تصعد إحدى عربات الدرجة الثالثة، وتنزوى فى ركن منها بجوار النافذة، لا تملك ثمن التذكرة، لم تكن تدرى فى ذلك الصباح الغريب لأحد أيام شهر أغسطس 1935، أنها تركب قطار المجد!

التحرير المصرية في

23.02.2014

 
 

علي الريس :

مهرجان الخليج فضاء للحوار المستقبلي

عبدالستار ناجي 

أكد المدير العام لمؤسسة الانتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية علي الريس بان مهرجان الخليج للاذاعة والتلفزيون يمثل فضاء متميزا للحوار الاعلامي الذي يهدف الى بناء المستقبل بين صناع الاعلام في دول مجلس التعاون الخليجي . وثمن الريس في تصريح خاص بـ«النهار» الدور المتفرد الذي تقوم به مملكة البحرين الشقيقة في التحضير واستضافة هذا المهرجان الذي يستقطب المئات من صناع الاعلام في مجالات الاذاعة والتلفزيون، حيث تتحرك جميع القطاعات الاعلامية في مملكة البحرين من اجل العمل على ان يظهر المهرجان بالمستوى الرفيع الذي تنشده مملكة البحرين وقياداتها السياسية والاعلامية على حد سواء .

كما أشاد المدير العام لمؤسسة الانتاج البرامجي بالجهود العالية المستوى على صعيد الاعداد والتنسيق والتحضير من أجل اقامة هذا المهرجان من قبل جهاز اذاعة وتلفزيون الخليج بقيادة الاعلامي القدير الدكتور عبدالله ابو راس .

وقال علي الريس :

- الدعم الذي تحظى به مؤسسة الانتاج البرامجي المشترك من لدن وزير الاعلام وزير الدولة لشؤون الشباب رئيس مجلس ادارة المؤسسة الشيخ سلمان الحمود الصباح كان له أبعد الاثر في رفد مسيرة المؤسسة التي ستظل دائما البيت الاعلامي الخليجي الذي نفتخر به ونعتز، بالاضافة الى رعاية مجلس ادارة المؤسسة الذي يظل الداعم الدائم لبقاء هذا الصرح الذي كان أحد أبرز ثمار التعاون الاعلامي الخليجي المشترك .

وحول مشاركات المؤسسة في مهرجان الخليج للاذاعة والتلفزيون في دورته الثالثة عشرة قال الريس :

مشاركات مؤسسة الانتاج البرامجي انطلقت مع البدايات الاولى لهذا المهرجان وراحت تتواصل في اطار من التعاون البناء والحوار الهادف المثمر. حيث يمثل مهرجان الخليج بالنسبة لنا في المؤسسة فضاء خصبا للحوار المستقبلي الذي من شأنه العمل على تطوير مفردات التعاون الاعلامي بين المؤسسة وأجهزة الاعلام في دول المنطقة بما يعبر عن آمال وطموحات ابناء دول المجلس في انبثاق اعلام خليجي متميز ومتطور وخلاق .

وفيما يخص المشاركة في المسابقات اشار المدير العام للمؤسسة قائلا:

فيما يخص البرامج التلفزيونية فان المؤسسة ستشارك من خلال الاعمال التالية في البرامج التوعوية برنامج «تماسك» الجزء الثالث من تأليف واعداد اسامة الروماني واخراج ناصر عويس وضمن برامج الاطفال المسلسل الكارتوني «أبطال الخليج» من اخراج سعد العنزي وبرنامج الكارتوني «ملسون دوت اورغ» سيناريو واخراج سلافة حجازي وضمن البرامج التسجيلية برنامج «الخليج مكمن الطاقة» فيلم «سلامة العيش» اخراج دايفيد وارد.

وضمن البرامج الاذاعية البرنامج المنوع «لحن وشجن» اعداد يوسف السريع وأحمد الصالحي واخراج عبدالله يوسف .

وتابع المدير العام لمؤسسة الانتاج البرامجي بان المؤسسة ستشارك ايضا وكما العادة بجناح خاص في سوق المهرجان والذي يشهد عاما بعد آخر حضورا علاميا ومشاركات راحت تتجاوز الفضاء الخليجي والعربي الى الفضاء الاعلامي الدولي .

كما ستشارك المؤسسة في جملة من الانشطة والفعاليات من بينها الندوات التي سينظمها جهاز اذاعة وتلفزيون الخليج .

وفي ختام تصريحه قال المدير العام لمؤسسة الانتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية علي الريس بان المهرجان في دورته الجديدة سيفتح الباب على مصراعيه أمام مزيد من الحضور الشبابي الذي يؤكد رهان دول المنطقة الدائم على جيل الشباب فهم البوابة صوب المستقبل.

النهار الكويتية في

23.02.2014

 
 

بعد تجربته في «عقارب الساعة»

خليفة المريخي: «شاهين» فيلم قطري جماهيري برؤية هوليوودية 

أعلن المخرج السينمائي القطري خليفة المريخي عن تحضيراته بكتابة سيناريو فيلم روائي طويل من تأليفه بعنوان «شاهين»الذي يمثل بالنسبة له الخطوة السينمائية الروائية الثانية بعد تجربته السينمائية الأولى «عقارب الساعة»، مشيرا الى أنه أنهى عددا من الخطوات التي بدأت بكتابة المعالجة الدرامية للفيلم ثم قام بارسالها باللغة الانكليزية الى هوليوود حيث قدمت الى جهات مختصة في قراءة السيناريوهات وتحليلها والتعليق عليها والحكم على مدى صلاحيتها للانتاج السينمائي من عدمه، حيث خضعت المعالجة للعرض على 3 محكمين مستقلين، كل على حدة، ثم جاء الرد عليه من المحكمين الثلاثة وكان مبشرا حيث أثنوا على المضمون والحبكة القوية وغني الطرح.

وأشار المريخي في تصريح صحافي على موقعه الالكتروني عن الفكرة التي تدور حولها قصة الفيلم فقال: تدور أحداث الفيلم في بداية الخمسينيات من القرن الماضي بعد اكتشاف النفط بقطر على يد البريطانيين، ويحكي الفيلم قصة الشاب البدوي «شاهين»الذي يقطن مع عائلته بالصحراء ويتمنى ان ينتقل الى مدينة الدوحة حيث العمران والحياة المدنية الأكثر رخاء ورفاهية وهروبا من قسوة العيش بالصحراء وما يحوط بهم من أخطار فقد قتلت الذئاب أمه، ولكن والده راشد يرفض لتعلقه بموطنه الذي عاش فيه طوال عمره وذات يوم عاد شاهين من مدرسته ليجد الذئب قد أصاب والده اصابة بالغة نقلت اليه «داء الذئب»فحمله الى المطوع الذي أخبرهم ان أحدا لا يستطيع انقاذه سوى رجل واحد يقطن بساحل عمان فاضطر شاهين ابن الستة عشر عاما ان يحمل أخته وأباه على المطايا ويخرج في رحلته الصعبة طالبا ساحل عمان لمعالجة والده حيث سيواجه المشاكل ويصادف الصعاب ويطارده قطاع الطرق، في الجهة المقابلة كان جورج الأميركي الذي جاء مع البعثة البريطانية الى قطر شغوفا باستكشاف البدو والتعرف على أنماط حياتهم فبدأ يكلم صديقه البريطاني ديفيد الذي عارضه قائلا لقد جئنا لاستكشاف النفط لا لاستكشاف البدو لم يستمع جورج الى ديفيد وبدأ رحلته من دخان الى الصحراء، وتدور الأحداث ويقابل جورج حمدان البدوي الذي كان يعمل معهم بشركة النفط ويستضيفه ثم يخرج جورج ويتوه بالصحراء، ويجده شاهين على وشك الموت عطشا فيسقيه وحينما عزم جورج على العودة الى دخان هاجمهم قطاع الطريق وقبل ان يقتل أحدهم جورج أنقذه شاهين حيث قتل اللص وفروا هاربين ونشأت علاقة قوية بين جورج وشاهين ولاحقتهم العصابة لتثأر لقتيلها وتتابعت الأحداث سريعة ثم انضم حمدان الى جماعة شاهين الذي جاء متطوعا للبحث عن جورج بعدما استغاث به ديفيد وطلب منه البحث عنه مقابل المال فرفض ان يأخذ شيئا ثم يموت حمدان على يد اللصوص ثم تنضم اليهم فتاة قتل اللصوص والدها واختطفوها ثم هربت منهم وكانت سببا في انقاذ شاهين حيث قتلت العقاب زعيم اللصوص بطعنة خنجر غائرة، وفي النهاية يحقق شاهين حلمه ويُشفى والده ويعود للاقامة في الدوحة. وقال المريخي أردت ان أوصل رسالة من خلال هذه القصة الى المشاهد الغربي ان العرب والمسلمين ليسوا ارهابيين ولا قتلة وانما أهل شهامة ومروءة وأخلاق رفيعة في النجدة واغاثة الملهوف والوقوف مع المحتاج في أصعب الظروف. وقال خليفة المريخي ان هذا الفيلم جماهيري ومن المقرر ان أستعين فيه بممثلين لامعين عربيا وعالميا بالاضافة الى الاستعانة بممثلين من قطر، مظهرا اصراره على ان يخرج هذا الفيلم على أفضل صورة ممكنة.

النهار الكويتية في

23.02.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)