كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

«شكوكو».. ابن البلد في مواجهة الاستبداد

كتب: معتز نادي

 

«امنع».. فعل أمر ناقص في دماغ المتغطرس في مواجهة الفكرة «الثورية»..

«قاوِمْ».. فعل أمر كامل التكوين في دماغ البطل الشعبي -الثائر- في مواجهة كل محتل.. مستبد.. ديكتاتور، لكن تبقى الحيلة والفهلوة مربط الفرس.. «لبلب» ضد «عنتر»..

ابن البلد وألاعيبه التي لا تنتهي تنتصر على مقص الرقيب، الذي تذرع بأن منع فيلم ينقذ «سُمعة مصر».. «لبلب» V.s «عنتر»..

في حارة شعبية، بطلها «لبلب»، الامتداد الطبيعي لكل من «علي الزيبق وسيف بن ذي يزن»، في المخيلة الشعبية للمصريين، يظهر محمود شكوكو، النجّار المطرب المونولوجست، معتمدًا على الحيلة في مواجهة مستبد يريد فرض سيطرته على أرجاء محيط سكنه وعمله ومحبوبته، وسط دكاكين تحمل أسماء «مطعم الحرية»، و«جزارة القنال»، و«عجلاتي الوحدة»، كإسقاطات سياسية لعمل فني بسيط، يختزل قدرة البطل الشعبي في الضحك على المستبد ودحر أطماعه.

يواصل «المحتل الدخيل» تطفله، فيقرر خطف «جميلة الحارة»، باستمالة رأس والدها، عاشق المال، فيقنعه بإنهاء خطبة ابنته من «فقير الحارة»، الذي لا يهدأ لهذا التدخل السافر، فيقرر مجاراة الوافد بصفعه 7 أقلام حتى يظفر بحبيبته وينهي وجوده في الحارة بمطاردة تشبه أفلام «توم وجيري».

كان اسم العمل «شمشون ولبلب»، عُرض بالقاهرة في 14 أبريل 1952، ليتم تغيير اسمه إلى «عنتر ولبلب»، بناء على طلب من يهود مصر احترامًا لاسم حاخام يدعى حاييم ناخوم أفندي.

ولم يكتف الرقيب بهذا التدخل، بل قرر وقف الفيلم، خوفًا من انتشار فكرة المقاومة الشعبية ضد طغيان الاحتلال الإنجليزي، كما عرضها «لبلب»، إلا أن تم عرضه مرة أخرى عقب قيام ثورة يوليو 1952 باسمه الجديد وتغيير أفيشاته.

«الفيلم اعتمد على إلغاء معاهدة 1936، وسعي مصر لوقف المفاوضات مع الإنجليز حتى الجلاء»، كلمات يوضح من خلالها الكاتب الصحفي، صلاح عيسى، فكرة أحداث «عنتر ولبلب».

ويوضح «عيسى» لـ«المصري اليوم»: «شكوكو يؤدي دور البطل الشعبي، الذي يوصل رسالة لمشاهديه بأن الضعف ليس مبررًا لترك الحقوق وعدم الدفاع عنها، ويمكن بذكاء وشطارة ابن البلد مواجهة جبروت الاحتلال مهما كانت قوته، وفيلمه سياسي بامتياز مُغلف بالكوميديا، وهو امتداد لقصص السير الشعبية المعروفة لدينا».

صاحب قصة الفيلم من أصل مجري يدعى سيف الدين شوكت، تولى إخراج الفيلم، بجانب كتابة السيناريو مع ريمون قربة، بينما صاغ الحوار بديع خيري، ويشير «عيسى» إلى أن «شوكت» امتاز بتقديم الأفكار غير التقليدية وكان من بينها هذا الفيلم، الذي كان يحمل اسم نبي من أنبياء بني إسرائيل، «شمشون».

ويربط «عيسى» بين دور «شكوكو» في الفيلم، وما قدمه في الأربعينيات من القرن الماضي، حيث كانت فكرة المقايضة منتشرة في الحواري المصرية، حيث يحصل الشخص على تمثال أو دمية لعبة لأطفاله مقابل تسليم زجاجة فارغة يعاد تصنيعها مرة أخرى، وكان المنادي، الذي يحمل تلك الدمى يمر أمام البيوت فيقول: ««سميحة بالقزايز».

وقتها كان «شكوكو» حقق شهرة واسعة بعدما لحن له محمد عبدالوهاب «يا جارحة القلب بقزازة.. لماذا الهجر ده لماذا؟»، لدرجة أن معجبيه صنعوا له تماثيل خاصة تتميز بزيه التقليدي من جلباب وطاقية وعصا.

وتم استبدال نداء «سميحة بالقزايز»، كما يروي «عيسى»، إلى «شكوكو بقزازة»، بحيث ينال أي شخص تمثاله في مقابل تقديمه زجاجة فارغة لا يتم تقديمها إلى الشركات لإعادة تصنيعها، وإنما يستخدمها الفدائيون كزجاجات مولوتوف ضد الإنجليز، لإجبارهم على الرحيل، أو كما يقول «شكوكو»: «إما الجلاء أو القلم السبعاء».

«شكوكو» لم يخش هذا الأمر ولم يتبرأ منه، في وقت كان التمسك بمقاومة المحتل يمكن أن تصعد بك إلى السماء إما شنقًا أو رميًا بالرصاص، لكنه استجاب لاستغلال اسمه بتلك الحيلة الشعبية للفوز في الجولة الكبرى على المستعمر.

«أنا ابن بلد مولود في الكحكين بالدرب الأحمر.. شجاع وطيب وخجول لما بشوف واحدة مابرفعش عيني فيها.. أغني المونولوج لنقد عيوب المجتمع.. ولا أمانع في خدمة وطني بالفن».. كلمات لـ«شكوكو»، الذي يراه «عيسى»، المميز بالتنقيب في دفاتر الوطن فيما يقدمه من كتابات تاريخية، أنه «بطل شعبي» تصنع له التماثيل كما هو الحال في عصرنا من تقديم لحلوى وشيكولاتة عليها صور قائد الجيش، المشير عبدالفتاح السيسي.

واسم «شكوكو» يعود إلى تقليده صوت الديوك وهو صغير أو ربما من جزيرة يابانية تحمل نفس التعبير، كما يروي شكوكو عن نفسه.

عرفه المصريون بـ«الأراجوز»، حيث يقدم نفسه لهم بجلباب ألوانه زاهية وطاقية وعصا يستخدمها في فقراته الفنية، التي بدأها مع أول أثير للإذاعة المصرية، عام 1934، فخطف أسماعهم لدرجة أن حضور حفلته ظلوا يرددون «عاوزين شكوكو.. عاوزين شكوكو»، فاستجاب لهم، وكان الوحيد، الذي غنى المونولوج مرتين على الهواء مباشرة عبر الإذاعة.

في فترة حكم الملك كان محظورًا على المصريين قيادة سيارة حمراء اللون، وبعد حفلة في بريطانيا العظمى أحياها شكوكو، عاد أحد رواد فن المونولوج إلى القاهرة بسيارة ماركة «رالي» لونها أحمر بمقعدين وبلا سقف، لكن جمارك الإسكندرية منعته من الدخول.

واستغاث شكوكو، المولود يوم عيد العمال عام 1912، بمصطفى باشا النحاس، آنذاك، كي يطلب من الملك السماح له بدخول سيارته، فما كان من «فاروق» إلا أن لبى مطلبه، تقديرًا لشهرته وفنه، قائلًا: «محمود شكوكو بس اللي يركب عربية حمراء».

نال شكوكو، الذي ظل يعمل بالنجارة، التي ورثها عن أبيه وجده، تكريمًا من الرئيس الراحل، محمد أنور السادات، إبان فترة حكمه، في عيد الفن، بعد خدمته لمصر سواء ضد الاحتلال الإنجليزي أو بالمشاركة في المجهود الحربي عقب نكسة 1967.

في فترة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، عمل على تقديم مسرح مكشوف يتجول في كل المحافظات بواسطة سيارة لوري استأجرها لخدمة المجهود الحربي، عقب نكسة 1967.

ويعيد «عيسى» نجاح «شكوكو» إلى تعاونه مع كتاب وملحنين كبار أمثال محمود الشريف، ومحمد عبدالوهاب، وفتحي قورة، وغيرهم، فكان إبداعًا يجمع بين الأصالة وحرفية «النجار» ابن البلد.

ويروي «عيسى» قصة أغنية «يا جارحة القلب بقزازة»، التي لحنها عبدالوهاب لـ«شكوكو»، فيشير إلى أن موسيقار الأجيال أعجب بصوته، الذي تقدم به لطلب يد ليلى مراد في أوبريت «كلام جميل»:

من ناحية قلبي ونار قلبي واتحب بموت

وحبيبي لو غاب يوم عني أرقع ميت صوت

بلدي ومدردح وإذنجي واكسب جنيهات

وقنيت م الفول والطعمية أربع عمارات

ندرٍ علي لو قلتي أيوة لأخلّي روحي في إيديكى شمعة

وافرش عينيا في كل خطوة تمشي عليهم والشمعة والعة.

وقتها تحدث عبدالوهاب إلى «شكوكو»، مداعبًا إياه، بقوله: «صوتك فيه بحة عاجباني، وعاوز ألحن لك حاجة تانية»، فاستجاب له شكوكو مقدمًا له كلمات أغنية «يا جارحة القلب بقزازة».

التحرير المصرية في

21.02.2014

 
 

الربيع العربي... «على درب الإرهاب»

قيس قاسم 

يربط مستشار الرئيس الأميركي باراك أوباما، الخبير الإستراتيجي بروس رايدل، بين النتائج التي سيفضي اليها «الربيع العربي» ومستقبل الحركات الإسلامية المتطرفة في شمال أفريقيا. ففي ضوء التغييرات التي ستحدث في مصر وتونس وليبيا سيتقرر وجود تنظيم «القاعدة»، كما قال في الوثائقي التلفزيوني الفرنسي «على درب الإرهاب». «فإما أن يضعف الى درجة كبيرة في حال اجراء تحولات اصلاحية حقيقية في تلك الدول وإما أن يقوى بشكل كبير إذا ما بقيت الفوضى فيها سائدة ووصلت ديكتاتوريات جديدة الى دفة الحكم، عندها من المحتمل ظهور تيارات جديدة أكثر تشدداً من «القاعدة» وستنتقل من أفريقيا الى بقية مناطق العالم العربي».

يراجع البرنامج تاريخياً وصول الأحزاب الإسلامية السياسية الى السلطة بعد «الربيع العربي» عبر تجربة الثورة الإيرانية باعتبارها أولى التجارب السياسية التي برهنت على امكان وصول أحزاب وحركات اسلامية الى الحكم. ومن جهة ثانية يعتبر اخفاق التجربة الجزائرية سبباً في توسع الحركات المتطرفة وظهور تنظيم «القاعدة في المغرب العربي» كرد فعل لعدم السماح للأحزاب الإسلامية الجزائرية باستلام السلطة بعد انتخابات أولية جرت في البلاد وحصلت «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» على تأييد شعبي واسع بداية التسعينات من القرن العشرين.

يذهب الوثائقي في تفاصيل نمو قوة الحركات المتطرفة الإسلامية في شمال أفريقيا بدءًا من الجزائر مروراً بالمغرب وتونس وليبيا وصولاً الى مالي ويعزو قوتها الى التدخل السوفياتي في أفغانستان والحرب على العراق.

فبعد خروج السوفيات من أفغانستان، عاد كثيرون من المقاتلين العرب الى بلدانهم، ووجدوا في احتلال العراق سبباً قوياً للذهاب الى أرض الرافدين ومحاربة «الأميركان» هناك. وربما سيتكرر السيناريو ذاته ثانية إذا أخفقت «الثورات العربية» في احداث تغييرات جديدة تمنع من استغلال المتطرفين لها كما في التجربة الجزائرية حين استغلوا سوء الوضع الاقتصادي الذي أدى الى خروج الناس في تظاهرات احتجاجية عام 1988 لأغراضهم الخاصة مستفيدين من انتشار البطالة بين صفوف الشباب لنشر أفكارهم والظهور أمامهم بمظهر المنقذ البطل كما جرى في الحالة المصرية، والتونسية أخيراً. ففي الشارع الجزائري استغل الإسلاميون حالة الفوضى لتقــوية نفوذهم مع الإقرار بقوة تنظيمهم وقـــدرتهم على استغلال الفراغ السياسي الذي دفع الرئيس الجزائري السابق الشاذلي بن جديد وفي محاولة منه لتخفيف ضغط الشارع الى القيام بإصلاحات دستورية سمحت بالتعددية السياسية التي سرعان ما استغلتها «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» لتــظهر قوتها في الشارع وتعلن نيتها إقامة دولة اسلامية في الجزائر.

يقدم الوثائقي الفرنسي صورة دقيقة للانتخابات التي حقق فيها الإسلاميون في عهد الرئيس الشاذلي تفوقاً واضحاً دفع المجلس الأعلى في الدولة وخوفاً من وصولهم الى السلطة بالالتفاف على نتائجها المتوقعة وحل التنظيم عام 1992، ما دفع الإسلاميين الى تشكيل تنظيماتهم المسلحة وإعلان «الحرب المقدسة» عبر عمليات ارهابية ضد الجنود الجزائريين وتصفية رموز وطنية بارزة الى جانب محاولات نشر الخوف بين الناس.

بين تلك الفترة والتدخل الأميركي في العراق عام 2003، توسّع تنظيم «القاعدة» في المغرب العربي وفي السنوات العشر الأخيرة ازداد عدد المقاتلين الوافدين من شمال أفريقيا الى العراق. وبعد «الربيع العربي» استغلوا حالة الفوضى في ليبيا وتونس ومصر فوسعوا نشاطهم كما هو معروف الآن، لكنّ السؤال المهم الذي يطرحه الوثائقي يتعلق بمستقبل هذا النشاط في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها الثورات العربية، التي لم تحسم بعد، وعلى نتائجها سيتقرر وضع المنطقة بأكملها بما فيها وجود تنظيم «القاعدة».

الحياة اللندنية في

21.02.2014

 
 

أحدث نتاجات مدينة السينما في باريس

« 3أيام للقتل» عودة كيفين كوستنر للمغامرات! 

يمتلك المخرج والمنتج الفرنسي لوك بيسون عقلية متقدمة في الاشتغال على حرفته الفنية، والسينمائية على وجه الخصوص، حيث يحتل موقعه البارز على خارطة صناع السينما في بلاده، واوروبا والعالم.

ومسيرة هذا النجم المخرج والمنتج، تمتد لسنوات طويلة رسخت حضوره كواحد من اهم صناع الانتاج، ومن قبلها الكتابة السينمائية والاخراج، ومن اجل تكليل تلك المسيرة كانت خطوته الجبارة في تأسيس «مدينة السينما»او «هوليوود على السين»وهي عبارة عن مدينة سينمائية متكاملة تلبي جميع الخدمات الانتاجية الخاصة بصناعة الفن السابع، تضاهي ما يقدم من خدمات انتاجية في مدينة السينما الايطالية، وبنوود في لندن وبابلسبيرج في برلين، وقد كانت انطلاقة مدينة السينما في باريس في 21 سبتمبر 2012.

ومن اجل دعم هذه المدينة، لابد من رفدها بالمشاريع السينمائية، ولعل اخرها، فيلم «3 ايام للقتل»الذي قام بكتابته لوك بيسون بالتعاون مع عدي هساق، والفيلم من اخراج ماك جي وبطولة النجم الاميركي كيفين كوستنر ومعه امبيرهارد وهايلي ستنفيلد وكويني نيلسون وريتشارد صموئيل.

ونذهب الى الفيلم الذي يعتمد بناؤه الدرامي على حكاية ايثان ريز «كيفين كوستنر»الجاسوس الدولي الذي ظل لسنوات يحيط اسرته بالخفاء وقرر ان يعود لاسرته ويظهر الى العلن، ولكن بعد ان يقوم بمهمته الاخيرة قبل التقاعد.

مغامرة تتواصل على مدى احداث الفيلم 113 دقيقة، من سقوط القتلى والمغامرات التي لا تعد ولا تحصى، لعل المشهد الذي نفذ بعناية بالغة في احد شوارع باريس، حيث يقوم ايتان باغتيال عدد من الحراس واختطاف احدهم على مرأى طفل يجلس الى جوار والدته في احد الباصات.

كما تتضمن مهمته الاخيرة مطاردة مجموعة من الارهابيين الذين يشكلون خطرا محدقا على العالم، وفي المقابل محاولة الاعتناء بابنته المراهقة وليجد نفسه في ورطة، في ظل وجود ابنته في المدينة «باريس»وزوجته خارجها، وهنا يكون للمغامرة معان ومواجهات اكبر، تجعل المشاهد يلتصق بكرسيه وهو يتابع مناظر باريس الجميلة، وكمية المغامرات التي نفذت بعناية بالغة.

في الفيلم كل شيء، المغامرات، والارهاب، والمخدرات، والجمال والاغراء وايضا المشاعر الانسانية وقبل كل هذا وذاك باريس الجميلة.

المخرج ماك جي (او - ماكجر) مخرج اميركي من مواليد 1968 قدم للسينما العديد من افلام المغامرات وتعاون من ذي قبل مع لوك بيسون ومن افلامه «نيكيتا»و«شبك»و«سوبر نتشارال».

في فيلم «3 ايام للقتل»يعود النجم الاميركي كيفين كوستنر بعد شيء من التراجع في اعماله، وهو من مواليد 1955 وقدم للسينما مجموعة من الاعمال المهمة ومنها «الرقص مع الذئاب»حيث حصل على الاوسكار وله ايضا «روبن هود»و«جي. اف. كي»و«الحارس الشخصي»و«المعصومون».

فيلم يقول لصناع السينما في العالم ان مدينة السينما في باريس قادرة على تأمين خدمات انتاجية عالية المستوى، وقادرة على تحقيق اهم الاعمال السينمائية، بالذات افلام المغامرات وبكفاءة فنية عالية الجودة.

الفيلم يمزج كما من الخلطات الفنية، حيث المشاعر الانسانية في مواجهة رعب الارهاب والعصابات التي تهدد العالم والبشرية.

وتشكل العلاقة بين الاب وابنته محورا اساسيا للدخول في ادق تفاصيل الفيلم ومغامراته، حيث يجد المشاهد نفسه في حالة من اللهاث وهو يرصد احداثيات هذا الفيلم الذي يعيد النجم كيفين كوستنر الى المقدمة، وايضا يرشح حضور مدينة السينما في باريس كأحد المواقع المهمة للتصوير والانتاج.

ويبقى ان نقول. فيلم «3 أيام للقتل»كل شيء مبرر من أجل المحافظة على الأسرة.

النهار الكويتية في

21.02.2014

 
 

مهرجان جمعية الفيلم.. لم يحضر أحد

تقرير: دينا دياب 

«لم يحضر أحد»، ملخص ما حدث في الدورة الـ 40 لمهرجان جمعية الفيلم المقام بقاعة السينما بمركز الإبداع الفني، رغم حالة الخمول السينمائي في مصر وعدم إقامة أي مهرجانات أو أنشطة فنية حقيقية.. جاء مهرجان جمعية الفيلم مخيباً للآمال،

كانت بدايته صادمة بعدم حضور أحد سوي القائمين علي المهرجان، حيث غاب الجمهور والفنانون والسبب نابع من إدارة المهرجان التي لم تهتم بالدعاية له أو إرسال دعوات خاصة للفنانين للحضور وكانت النتيجة غياب الجميع.

بدأت فعاليات المهرجان يوم السبت 15 فبراير، وتستمر حتي 22 من نفس الشهر رافعة شعار «نحو سينما مصرية»، وللأسف لم يحافظ المهرجان علي قيمة اسمه بعد تقصير واضح من إدارته في احترام قيمة المهرجان الذي يعتبر ثاني أقدم مهرجان في مصر، بعد المهرجان الكاثوليكي، وكان يلقي احتراماً وتقديراً دائماً، خاصة أن كبار النقاد والفنانين كانوا يتهافتون علي رئاسة لجنة تحكيمه رغم قلة موارده المالية، ومن بينهم علي أبوشادي والراحل ممدوح الليثي وغيرهما.

يجب لفت النظر أيضاً إلي أن عرض إدارة المهرجان لأفلام مستهلكة معروضة مسبقاً علي الفضائيات كان عاملاً لغياب الجمهور، لكن الأزمة الأكبر أن المهرجان حين يعرض أفلاماً حديثة لم تعرض علي الفضائيات مثل: «فيلا 69» أو «هرج ومرج» أو «هاتولي راجل» أو «عشم» لا يخبر أصحابها بموعد عرض الفيلم، وهو ما حدث مثلاً مع فيلم «فيلا 69» المقرر إقامته غداً السبت، وحتي هذه اللحظة لا تعرف آيتن أمين مخرجة الفيلم أو أبطال الفنانين خالد أبوالنجا ولبلبة وأروي جودة ومؤلفاه محمد الحاج ومحمود عزت، ومدير تصويره حسام شاهين، أو حتي شركة إنتاجه ميدل ويست «وائل عمر» وفيلم كلينك «محمد حفظي»، وهو أيضاً ما حدث مع فريق عمل فيلمي «هرج ومرج» لمحمد فراج ورمزي لينر والمخرجة نادين خان، و«عشم» للمخرجة ماجي مرجان وبطولة أمينة خليل، ومحمد خان وسلوي محمد علي ونجلاء يونس، وهم سافروا إلي كل دول العالم أثناء عرض فيلمهما في عدد كبير من المهرجانات الدولية، إلا أنهم لم يحضروا المهرجان المعروض في بلدهم، حتي نجوم الصف الأول أحمد حلمي بطل فيلم «علي جثتي» وخالد صالح بطل فيلم «فبراير الأسود» اللذان أقاما ندوتين بعد عرض فيلمهما لم يحضرا الندوة رغم تفرغهما، وكانت النتيجة إقامة ندوات دون جمهور أو أبطال فقط، حضرها الناقد المقرر أن يدير الندوة ليتحدث عن الفيلم ويحفظ ماء وجه إدارة المهرجان.

وتبقي الأزمة الحقيقية في إهمال جميع الفنانين بحضور مهرجانات بلدهم «التي لا تعطيهم بدل حضور» وأخري من إدارات تدعي أنها قادرة علي إقامة مهرجان، وفي النهاية الحصيلة مهرجان محسوب علي السينما لا يعرف شيئاً عن السينما.

يرأس لجنة تحكيم الدورة الـ 40 للمهرجان المخرج محمد عبدالعزيز، وتضم لجنة التحكيم في عضويتها كلاً من المخرج إبراهيم الموجي والناقد طارق الشناوي والسيناريست عاطف بشاي والموسيقار منير الوسيمي والمخرج يوسف أبوسيف ومهندس الصوت مجدي كامل ومدير التصوير الكبير رمسيس مرزوق والناقدة ماجدة خير الله والناقد محسن ويفي، رئيس جمعية نقاد السينما المصريين، ومهندس الديكور محمود محسن والمونتيرة الدكتورة رحمة منتصر أستاذة المونتاج بالمعهد العالي للسينما.

يشارك في دورة هذا العام 26 فيلماً روائياً تتنافس علي جوائز المهرجان، منها: «علي جثتي» و«فبراير الأسود» و«الشتا اللي فات» و«الحرامي والعبيط» و«هرج ومرج» و«عشم» و«فرش وغطا» و«فيلا 69» و«الحفلة» و«هاتولي راجل».

يكرم المهرجان هذا العام كلاً من الفنانة ميرفت أمين والناقد السينمائي مصطفي درويش والناقد السينمائي صبحي شفيق، ومنسق الخدع السينمائية عباس صابر ومصور الفوتوغرافيا للأفلام السينمائية محمد بكر، ويمنح المهرجان شهادات التقدير للراحلين كاتب السيناريو ممدوح الليثي والمخرج توفيق صالح والناقد رفيق الصبان، والأب يوسف مظلوم، كما أعطي المهرجان شهادات تقدير لشركة «نيوسنشيري» للإنتاج الفني والتوزيع عن فيلم «علي جثتي» للمخرج محمد بكير، من تأليف تامر إبراهيم، وتسلم شهادات التقدير أحمد بدوي.

الوفد المصرية في

21.02.2014

 
 

آخر ما كتب المخرج المفقود في " رحلة الموت"

محمد رمضان: وصيتى الهروب إلى الطبيعة

كتب – علاء عادل 

«بعدما الواحد شاف الطبيعة والناس الطيبة في أسوان وقدر يخطف «شوية» من السلام النفسي الموجود هناك.. بصراحة الواحد نفسه اتفتحت للبعد عن المرضي النفسيين اللي بيحاوطونا.. إذن فلنهرب للطبيعة».. كانت تلك الكلمات هي آخر ما كتب المخرج الشاب محمد رمضان قبل سفره إلي سانت كاترين، علي حسابه الشخصي بشبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك».

كان «رمضان» معيداً بالمعهد العالي للسينما، حيث تخرج عام 2010، ورصيده من الأعمال السينمائية فيلم روائي قصير وحيد، بعنوان «حواس»، الذي كان مشروع تخرجه في المعهد، ومثّل مصر في أكثر من 30 مهرجاناً سينمائياً دولياً، حصد أكثر من 10 جوائز، منها جائزة المهرجان القومي للسينما، وجائزة مهرجان وهران السينمائي الدولي بالجزائر.

ويعد «محمد» واحداً من الشباب الذين شاركوا في الثورة المصرية في 25 يناير 2011، وكان محباً للبلد ويحلم بتحقيق أهداف الثورة من عيش وحرية وعدالة اجتماعية، وحين استضافه أحد البرامج الفضائية عقب فوزه بجائزة مهرجان وهران قال: «أنا أحد من شاركوا في الثورة المصرية، التي لم تحقق أهدافها حتى الآن، ولكنها ستستمر لأنها عملت قيمة لينا كشباب مصريين».

وأضاف مشيراً إلي أحداث مجلس الوزراء حينها: «إحنا في ظروف استثنائية، ومش عارف ده وقته أطلع أتكلم عن جائزة في فيلم ولا لأ، خصوصاً في ظل الأحداث الحالية، ولكن بقول إني أهديت جائزة فيلمي في مهرجان وهران إلى ست البنات، (وهي الفتاة التي تم سحلها أمام مجلس الوزراء وظهر بعد ذلك أنها منتمية إلي حركة 6 أبريل، وكان ذلك عملاً مأجوراً لتشويه صورة القوات المسلحة في الخارج)».

وواصل حديثة قائلاً: «لو هي بتسمعني دلوقتي بقولها متزعليش من أي محاولات تشويه ليكي إنتي وكل اللي اتسحلوا في مجلس الوزراء، لأننا كفنانين من شباب الثورة هنوثّق اللي حصلك في أعمالنا، وأنا واثق حقك هيرجع، والثورة مستمرة».

وفي 13 فبراير 2014، حلّقت الطائرة من مطار القاهرة تحمل محمد رمضان وأصدقاءه إلى جنوب سيناء، وهي اللحظة التي رصدها حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، وظل «رمضان» يوثّق رحلته من مرتفعات سانت كاترين، بالصور حيث في 14 فبراير التقط بكاميرته صورة للقمر من خلف الجبل، معلقاً عليها: «القمر مستخبي ورا الجبل»، واللقطة الثانية كانت في نفس اليوم مع طفلة سيناوية، وعلّق عليها: «صباح الخير يا سينا»، وهي كانت آخر لقطاته على حسابه.

يذكر أن «محمد» كان محباً للمغامرات، وأنه في بداية الشهر الجاري كتب علي حسابة قبل زيارته لأحد الدجالين قائلاً: «رايح حالاً أقابل الراجل «بتاع» قراءة الغيب والعلاج بالقرآن.. المشكلة أنه لما عرف أني عايز أقابله وافق وقبل التحدي، وصيتي ليكم: «خلو» بالكم من مصر والقطتين وسيادة الريس».

الوفد المصرية في

21.02.2014

 
 

«الأقصر للسينما الإفريقية» يخصص جائزة باسم محمد رمضان «ضحية سانت كاترين»

كتب: الأناضول 

قررت إدارة «مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية»، بالتعاون مع نقابة «المهن السينمائية»، في ساعة متأخرة من مساء الخميس، تخصيص جائزة باسم المخرج محمد رمضان، الذي كان أحد ضحايا العاصفة الثلجية التي ضربت منطقة سانت كاترين، بمحافظة جنوب سيناء.

وبحسب مصدر بإدارة المهرجان فإن الجائزة ستمنح لأحد الفائزين ضمن فعاليات الدورة الثالثة من المهرجان، التي تقام منتصف شهر مارس المقبل، وذلك تخليدا لذكرى محمد رمضان.

وعثرت قوة من الجيش، الأربعاء، على جثة المخرج الشاب محمد رمضان، ليصبح رابع الضحايا، بعد العثور على ثلاثة خلال الأيام الماضية، إضافة إلى أربعة آخرين في حالة صحية سيئة.

كان فيلم «كي لا نجوع» أحد أبرز الأفلام التي ساهم فيها محمد رمضان، كمساعد مخرج، وينتمي الفيلم لنوعية السينما الصامتة لأن كلا بطليه لم ينطقا سوى جملة واحدة في منتصفه أعربت فيها البطلة، مصورة صحفية، لزميلها البطل عن خوفها من النزول لتغطية التظاهرات المعارضة للنظام في مصر، قبل ثورة 25 يناير 2011 بعد ورود صور تفيد بتعذيب معتقلي النظام.

والفيلم تدور أحداثه في عشر دقائق ونصف الدقيقة تعرض خلالها لقضية التعذيب فى السجون المصرية، حيث يروى قصة شاب يعمل مصورا وصديقته خلال تغطيتهما لإحدى المظاهرات الحاشدة فيتم إلقاء القبض عليهما و إيداع كل منهما في سجن انفرادي ليبدأ المخرج في توثيق أقسى أنواع الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون.

كانت إدارة «مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية»، أعلنت في بيان نهاية العام الماضي عن مشاركة 320 فيلما من 63 دولة في الدورة الثالثة للمهرجان التي تقام في مدينة الأقصر الأثرية جنوبي مصر في الفترة ما بين 16 و24 مارس القادم.

وأشارت الإدارة إلى أنها قررت تقسيم الأفلام المشاركة في المهرجان إلى فئتين، إحداهما للأفلام الروائية والثانية للأفلام الوثائقية.

وبررت إدارة المهرجان قرارها هذا بـ«وجود عدد كبير من الأفلام المتقدمة للمشاركة في المسابقة التي تنطبق عليها الشروط، إضافة إلى توصيات من لجنة تحكيم الدورة الثانية التي أقيمت في مارس الماضي».

ويهدف مهرجان الأقصر للأفلام الإفريقية، الذي تأسس عام 2012، إلى دعم وتشجيع إنتاج الأفلام الإفريقية والشراكات بين دول القارة من خلال تقوية الروابط الإنسانية والسياسية بين المشاركين في المهرجان بوجه عام والفنانين الأفارقة بوجه خاص.

المصري اليوم في

21.02.2014

 
 

جيمس كاميرون يواصل الإبهار ويقدم 2 Avatar بالـ4k

كتبت - شيماء عبدالمنعم

نقلاً عن اليومى.. 

أعلن المخرج العالمى جيمس كاميرون أنه اجتهد هو وفريق عمل الجزء الثانى من فيلمه Avatar لتقديم كل ما هو أفضل للفيلم، حيث يستخدمون خاصية جديدة تسمى خاصية 4k، وهى خاصية أقرب لـ3d، لكن كاميرون لم يعلن تفاصيل أكثر عن هذه الخاصية الجديدة، لكنه أكد أن هذا الجزء والمقرر عرضه بدور العرض السينمائية الأمريكية 2016 سيكون ملحمة سينمائية مبهرة تفوق توقعات الجمهور وصناع السينما.

الجزء الثانى من Avatar يشارك ببطولته زوى سالدانا وسيجورنى ويفر وسام ورذينجتنو، ومن تأليف جوش فريدمان وريك جافا وأماندا سيلفر وشين ساليرنو، وشارك معهم فى الكتابة مخرج العمل جيمس كاميرون، الذى قرر المشاركة فى الكتابة بعدما وجد أن الشخصيات التى تدور حولها أحداث الفيلم أصبحت أكثر ثراء.. تدور أحداث الجزء الثانى من السلسلة حول سكان باندورا، تحت الماء للبحث عن الإلهام فى مياه منخفض ماريانا، ولتقديم أفضل أداء سافر بطل الفيلم سيم ورتينغتون للتدريب على استعمال جهاز التنفس تحت الماء، ومن ناحية أخرى يبحث المنتج جون لانداو عن المعدات الملائمة للتصوير تحت الماء.

ويتم حاليا تصوير الأجزاء الثلاثة فى نفس الوقت، حيث قرر جيمس كاميرون إخراج جزء ثان وثالث ورابع على أن يعرض avatar 2 بدور العرض السينمائية الأمريكية ديسمبر 2016، وسيعرض الجزءان الآخران على مدى عامى 2017 و2018 بخاصية الـ2d.
ويصور جيمس كاميرون الثلاثة أجزاء  فى نيوزيلندا، وذلك بعد إبرامه اتفاقا مع حكومة ويلينغتون، وستخصص ميزانية بقيمة 300 مليون يورو لكل جزء من هذه الأجزاء.

الفيلم الأول من سلسلة «أفاتار» صور جزئيا فى نيوزيلندا، وتولت شركة «ويتا ديجيتل» النيوزيلندية إعداد التأثيرات الخاصة المستخدمة فيه، وقد وقع اختيار كاميرون على نيوزيلندا نظرا لشركات الإنتاج المحترفة المنتشرة هناك.

اليوم السابع المصرية في

21.02.2014

 
 

غرفة صناعة السينما ترفض أفيشات أفلام الموسم المقبل وتصفها بالابتذال

كتبت - نسرين علاء الدين 

أكدت غرفة صناعة السينما على اتخاذها بعض الإجراءات خلال اجتماعها الأخير بمجلس الإدارة لمساندة الرقابة على المصنفات الفنية فى رفضها لافيشات بعض أفلام الموسم السينمائى القادم حيث اكد سيد فتحى رئيس الغرفة أن مجلس الإدارة قد قرر بالاجماع ولأول مرة ارسال خطاب إلى منتجى بعض أفلام الموسم المقبل تطالبهم خلاله بتغيير افيشات هذه الأفلام والتى من بينها فيلم «حلاوة روح» لهيفاء وهبى وباسم يوسف وفيلم «ظرف صحى» لدوللى شاهين وأحمد عزمى حيث أكد فتحى أن العملين افيشاتهم الا تصلح للدعاية لما تحمله من ايحاءات ومشاهد خارجة واكدت الغرفة تعليقها لاصدار تصريح عرض العملين حتى يقوم القائمون على الأعمال بعمل أفيش جديد أما فكرة وجود مشاهد خارجة داخل الأعمال فهذا من اختصاص الرقابة وحدها.

الجدير بالذكر أن أفيش فيلم «حلاوة روح» قد تعرض لهجوم شديد على صفحات التواصل الاجتماعى الفيس بوك لما يحمله من صور لها ترتدى خلالها قميص نوم وتنتهج الاغراء واعتبروه بحثا عن الايرادات مؤكدين أن ما يحمله الفيلم من مشاهد للجمهور حرية القرار فى مشاهدة الفيلم من عدمه احتراما لحرية التعبير أما الافيشات فمعرض أن يشاهدها كل من يمر فى الشارع ومن حقه ألا يفرض عليه صوراً مرضية له يراها لمجرد مروره فى طريق به دعايا للعمل.

وبنفس الهجوم واجه أفيش فيلم «ظرف صحى» لدوللى شاهين حيث تظهر دوللى فى الأفيش شبه عارية مما دفع الشركة المنتجة للفيلم نفسها تتبرأ من الأفيش وتقوم بعمل افيش جديد يحترم قرار الرقابة والغرفة.

واكد سيد فتحى أن الغرفة تعرضت لأزمات بعد السماح لأحد أفيشات فيلم «اسرار عائلية» وكان غير لائق لذا تصدرت بحدة لافلام الموسم القادم احتراما للجمهور المار بالطريق ولا يتطلع لرؤية هذه المشاهد.

روز اليوسف اليومية في

21.02.2014

 
 

عدسة مثقفة في فيلم 'كتاب الرمال' للمخرج السعودي بدر الحمود

العرب/ محمد العباس 

الفيلم بنى مدرجاته المصورة والمتصورة على متن النص في المقام الأول، حيث استخلص أبلغ عبارات بورخيس.

الرياض – تفتقر المحاولات السينمائية في السعودية إلى النص سواء على مستوى التأليف أو الإعداد. وفي ظل هذا الاندفاع نحو إنتاج المزيد من الأفلام التي تُحشّد الموضوعات الاجتماعية المزمنة في شريط بصري يفتقر إلى أبسط معايير السينما، يأتي فيلم “كتاب الرمال” محمولا على نص أدبي، خارج سياق المناقدة الاجتماعية المستهلكة. فهو مأخوذ عن القصة الشهيرة لبورخيس، التي تحمل نفس العنوان.

قام خالد اليحيا بالاستحواذ على القصة وإعادة إنتاجها من منطلقات الكتابة ما بعد الحداثية، هكذا أنتج نصه الموازي. بإنهاض مدينة الرمال في دون هوانغ التي حفر فيها أبوت وونغ، ليقلّب نص دايموند سوترا، أقدم نص مؤرخ ومطبوع. وصولا إلى مخطوطة فوينتش، التي تسمى بالمخطوطة المشفّرة. وتوصف بأنها أكثر النصوص غموضا لأنها كتبت حسب الاعتقاد بلغة مشفّرة. وكل ذلك الترحال في جغرافيا وتاريخ المخطوطات والكتب الإشكالية المحيّرة من أجل ابتداع قصة مركبة يماهي بها فكرة بورخيس عن مجازية اللاتناهي، المختزن في مزدوجة الرمل والكتاب. لدرجة أن الفيلم بدا في لحظة من اللحظات وكأنه يلهج بخطاب متعال.

خيانة النص

قصة بورخيس تعتمد على التجريد المفرط في الأساس. وخلط الأزمنة وتشويش الأفكار. فهي تحكي قصة كتاب من أربعين ألف صفحة دون مؤلف. والصفحة التي تُقرأ لا تُرى مرة أخرى. وقد سُمي بكتاب الرمال لأن الكتاب والرمال لا مبتدأ لهما ولا نهاية. أما أفلمة القصة فتتطلب بالدرجة الأولى استيعاب سياقاتها الأدبية، ومقاصدها الفلسفية والإمساك بجذر العلامات المزروعة في طياتها. وقد قبض خالد اليحيا على جوهر النص وأجرى عليه توسيعا ثقافيا وتاريخيا جوهريا ومقنعا، من داخله تارة ومن خارجه تارة أخرى، إلا أنه لم يخرجه عن أدبيته. إذ لم يتبدّ التحدّي في كيفية نسخ فكرة القصة الوعرة فنيا بشكل آلي وتحويلها إلى متوالية بصرية، بل في إنتاج فيلم تجريدي لفكرة متمادية على المستوى المفهومي والروحي. وهو الأمر الذي تحقق من خلال التماهي الشفاف بين إيقاع الفيلم وعوالم القصة.

ولأسباب مفهومة على المستوى الموضوعي وغير مقنعة على المستوى الفني، تمّ تجاوز المفهوم الإنجيلي لقدسية الكتاب الذي أكد عليه بورخيس في قصته من خلال الحوار مع بائع الأناجيل، المنتمي للكنيسة المشيخية التي لا تعترف بالأساقفة. وهذه خيانة صريحة للنص ما كان ينبغي أن تُرتكب من قبل القائمين على الفيلم. لأن هذا البُعد يمثل الديني بمعناه العميق، وليس مجرّد فكرة طارئة.

بالمقابل جاءت الإشارات الشاعرية والدلالية للشخصيات والأفكار الراسبة تحت الحبر بشكل بارع.

سواء على مستوى التعبير اللغوي أو الرؤية البصرية. حيث حضر جحا، ودون كيخوته، وشهرزاد، وشهريار، ونيو، ودراكولا، وأخيل، وسنيك، وملك الخواتم، وزوربا، ومونش. وقد أُريد بكل تلك الاستعادات القول بأن العوالم التي تتأسس في ظل الحبر، أو في المسافة ما بين الحبر والورق، تسرح كمخلوقات وتمرح، حسب مفهوم الفيلم، لتصنع كل تلك القصص التي نقرأها. تماما كالفراغ بين الذرات والإلكترونات، حيث تصنع أجسادنا وتتخلق. فالفيلم بهذا المعنى يتجاوز الأدبي إلى عرض صورة شاعرية فيزيائية النزعة والمخيلة.

على هذا الأساس التركيبي يمازج الفيلم برهافة ما بين القدامة والحداثة. كاللقطات السريالية للجاحظ مغرَّدا به على “تويتر”، مخترقا بالكلمة المدى الزماني والمكاني، ومحفوفا بجمع من الشخصيات التاريخية والفنية المعاصرة، التي أُسقطت بنعومة وذكاء بين سياق اللقطات الواقعية. فقد جاءت كلماته ملهمة ومعبرة ليس عن الأثر العمودي للكتاب داخل خط الزمن فحسب، بل عن المتخيل الفكري للكلمة المعبّر عنه بصريا.

تأريخ الكتاب

طبيعة النص فرضت على عبدالله آل عياف، بما أنه معدّ السيناريو، وعلى بدر الحمود بوصفه مخرج الفيلم، الانزياح إلى ما يشبه الديكودراما. فقد ازدحم الفيلم بالمخطوطات والوثائق والخرائط والشخصيات والحكايات التي تتشابك لتشكل حلقة متماسكة في تاريخ الأدب والفكر الإنساني.

وكأن الفيلم قد تصدّى عند هذا المفصل لمهمة تأريخ الكتاب، وسرد سيرة نشأته. فيما يبدو نفخا مدروسا ومبرمجا لقصة “كتاب الرمال” القصيرة، لتحويلها إلى فيلم متعدّد الأبعاد والغايات، مستزرعا بالأدلة النصيّة التي تعاضد فكرة وقدسية الكتاب.

بورخيس الذي يصرّ دائما على توطين ذاته في قصصه تمّ استدعاء عوالمه في الفيلم كما في القصة. وكأن الفيلم كان يبني مدرجاته المصوّرة والمتصوّرة على متن النص في المقام الأول.

حيث استخلص الفيلم أبلغ عبارات بورخيس في القصة، حين كان يتمتم “إن أفضل مكان لإخفاء ورقة هو الغابة”. وهكذا جاءت حركة الكاميرا رشيقة في رسم عوالم شقته في بوينس آيرس. وكذلك في الانتقال بين المشاهد. إذ تمّ التقاط المشاهد بعدسة مثقفة، تراعي التفاصيل المكانية والأدواتية. وتتوغل بعمق ودراية في زوايا المكتبة وسرد تاريخ الكتاب. ولأن قصّة بورخيس كانت على درجة من التعقيد والغموض، ليس على مستوى اللغة بل على مستوى الفكرة، ارتبك الفيلم في هذه البؤرة الملتبسة.

وعجز إلى حدّ ما في ترجمة جانب من الأثر النصّي إلى عرض بصري. ولذلك تردّدت مفردة “خدعة” كثيرا في الفيلم لتمتصّ كل التداعيات الغرائبية اللامفهومة لـ”كتاب الرمل” المحيّر. الأمر الذي قلّل من الأثر السحري الجمالي لوجود الكتاب ذاته.

خطاب الصورة المعتمد لم يستفرغ كل الاحتقان الروحي والمفهومي والنفسي الموجود في لغة القصة. ولم يتمّ توظيف أية خدعة بصرية أو تشخيصية للكتاب العجيب الذي يشبه الرمال في لا نهائيته وانتفاء بداياته. فكانت اللغة هي الأداة وليست الصورة. ليبقى صوت بورخيس وهو يقرع الأسماع “ما هذا الشيء الذي أمسكه بين يديّ؟ هل هذه خدعة؟ ما هذا الكتاب؟”.

العرب اللندنية في

21.02.2014

 
 

ننشر مذكرات تحية كاريوكا للكاتب الكبير صالح مرسي.. الحلقة الثانية

تحية: أكره اسم «كاريوكا» كراهية عمياء لأنه «مش اسمى.. ده اسم رقصة

أعدها للنشر: محمد توفيق 

عندما علم أخوها أنها تذهب إلى الكنيسة الموجودة فى المدرسة قرر أن تجلس فى البيت

فكرت تحية أن تهرب من البيت للمرة الأولى بعد أن منعها أخوها أحمد من الذهاب إلى المدرسة وقرر أن تعيش معه

عملت فى بيت أخيها مثل الخادمة كانت تساعد فى الغسيل والعجين والكنس وغسل الأطباق.. وتغرقها الشتائم إن أخطأت!

إذا أراد أحد أن يعرف شيئًا من تلك الأيام التى تلت وفاة الأب، فهو لن يجد مصدرًا سوى تحية كاريوكا نفسها.. ذلك أن معظم أبطال هذه الحقبة من حياتها، قد ماتوا جميعًا.

غير أن الذى يركب مخاطرة السؤال أو الحديث، عليه أن يكون ذا معرفة حقيقية بتلك السيدة التى ظلت طوال ربع قرن من الزمان، ويزيد، نجمة تلمع وسط عشرات النجوم، ببريق متميز تختص به وحدها، ولا يشاركها فيه أحد.

وعلى الذى يركب مخاطرة السؤال أو الحديث، أن يتسلح بالصبر أيضًا، وقبل الصبر: بالحب الشديد.

ذلك أن تحية كاريوكا التى خاضت أهوال الحياة فى مصر وهى تضحك، والتى تكره اسم «كاريوكا» كراهية عمياء: «لأنه مش اسمى، ده اسم رقصة!»، تتحول إذا ما جاءت سيرة تلك السنوات العشر، التى تلت وفاة الأب، إلى امرأة بائسة، تنهمر الدموع من عينيها بلا حساب، ويتصاعد من داخلها بركان قذائفه كل ما فى الدنيا من شتائم.. ثم ها قد تفعل أى شىء مع مرارة الإحساس بالهوان، وذكرى أيام كان الحزن الأسود، والأصفاد، والحرمان، والذل.. هى علامتها الواضحة!

وكانت ليلة غريبة تلك التى مات فيها الأب.

وصل الخبر إلى المنزلة مع آذان العصر، وانهارت فاطمة الزهراء بلا صراخ، راحت الدموع تنهمر من عينيها فى صمت.. جلست على الأرض، وأسندت رأسها إلى كفها، ولم تعد تسمع شيئًا.. لا حديث الأخ، ولا صراخ زوجته، ولا صوات نسوة القرية اللاتى تجمعن لكى يقمن بالواجب!

وعندما طلب منها أخوها أن تنهض لتسافر إلى الإسماعيلية، رفعت إليه رأسها وقالت فى حزم:

«أنا حاسافر بالليل.. زى ما كان المرحوم دايمًا بيقول».

وكان الليل حالك السواد عندما تحرك الركب الصغير.. فاطمة الزهراء تحمل طفلتها بدوية، وبجوارها الأخ يمضى فى صمت.

وطوال الطريق من المنزلة حتى الإسماعيلية لم تكف عينا فاطمة عن البكاء.. وكانت إذا ما رفعت الصغيرة رأسها وسألت أمها عن سبب بكائها.. تمتمت الأم بكلمات غير مفهومة، ثم عادت إلى بكائها من جديد.

فى البداية.. بكت بدوية لبكاء أمها، ثم تعبت من البكاء والطريق معًا، ثم أسندت رأسها إلى صدر أمها، وراحت فى سبات عميق.

واستيقظت بدوية لتجد نفسها فى الإسماعيلية، ووجه النهار يطل من الأفق عبر البحيرات، والشوارع خالية، والجو بارد، والجوع يقرصها.. لكنها عندما همت بطلب الطعام، كانت قد وصلت إلى البيت الكبير، وكانت تعرف الطريق، فتملصت من أمها حتى هبطت إلى الأرض، وأرادت أن تنطلق إلى الفناء ومنه إلى السلم، وأرادت أن تهتف: «أبا ستى.. » أرادت.. وأرادت.. غير أن يد أمها منعتها، ظلت فاطمة تقبض على كف وحيدتها بيد من حديد!

وقف الخال فى الفناء وترك شقيقته تصعد السلم وحدها.. كانت فاطمة قد بدأت تبكى بصوت مرتفع، وارتدت الصغيرة داخل نفسها فى فزع، وهى ترفع رأسها نحو أمها الباكية.. درجات السلم تعرفها القدمان الصغيرتان تمام المعرفة، درجة وراء درجة، وثمة ضوء ينير الساحة فى الطابق العلوى.. عند قمة السلم استقبلتها عاصفة عاتية من الصراخ والعويل، وجوه وجوه وجوه، سواد سواد، سواد، أفواه فاغرة، صرخات عاتية، دموع منهمرة. عيون محمرة. كلهن كن هناك، عماتها وأخواتها والجارات والبنات والنساء، وجوه متراصة وأفواه تصرخ، فصرخت.. وكانت أمها تصرخ مع الجميع، وإذا عاصفة الصراخ تجذبها فتصرخ بكل ما فيها تصرخ، صدرها يتمزق وتصرخ.

من وسط الوجوه وجه لا تنساه حتى وإن مرت مئات السنين، وسط الصراخ تنهض أختها «نجية».. تنهض مثل صرخة ثاقبة، طويلة لها قامة رجل، قوية لها كف بحار، مارس جذب الحبال وتوجيه دفة السفينة.. تنهض، تمشى، تقترب، تصرخ، تقف أمامها وأمام أمها كانت تقف، وترفع بدوية عينيها إلى أعلى، إلى فوق حيث وجه نجية، وإذا الذراع الهائلة تحمل الكف الكبيرة وتهوى بها فى صفعة دوت فوق الصراخ، وكانت الصفعة على وجه أمها.. فاطمة الزهراء!

ويعم الصمت.. صمت مرتجف خائف ينخر العظام، ثم يأتى صوت نجية مغيظًا: «خشى.. أهو عندك جوه!».

وعندما انفجرت الأم باكية وهى تتجه نحو غرفة الأب.. كانت بدوية قد انطلقت تمزق نفسها صراخًا.. تخشب جسدها وارتمت فوق الأرض وراحت أعضاؤها تتشنج، وصدرها يعلو ويهبط فى صرخات رهيبة.. ثم غابت الصغيرة عن الوعى!

بدأت رحلة العذاب قبل أن يغادر جثمان الرجل غرفته! ولقد فزعت بدوية وغابت عن الوعى وهى تشعر أن شيئًا هائلًا وكبيرًا قد حدث.. ولم يمض وقت طويل، حتى عرفت أن الشىء الذى حدث هو أن «آبا» قد مات!

منذ هذا اليوم، تكره بدوية المآتم كراهيتها للموت ذاته.. كما تكره الأفراح أيضًا.

ظلت بدوية تحية لأسابيع طويلة، بعد وفاة الأب، تستيقظ فى الليل صارخة فى فزع:

«آبا.. آبا.. آبا».

كانت قد أدركت أن «آبا» قد مات. ولطالما انتابها الحنين، حتى بعد مرور قرابة نصف قرن من الزمان، لتلك الأيام التى سبقت موت «آبا».. طالما انتابها الحنين، بدموع غزيرة، لشاربه الكث وجسده الهائل، ويديه الكبيرتين.. والكحل الأزرق. فى عينيه!

كان «آبا»، أو المعلم على الشيدانى، مثله مثل الكثيرين من أولاد البلد فى ذلك الزمان، يضع الكحل فى عينيه، وكان الكحل الذى يفضله أزرق اللون.. وكان بالنسبة إليه، دون شك، نوعًا من العلاج لعينين يحتاج منهما البحار لقوة نظر وحدة إبصار، كما أنه كان نوعًا من الزينة، أخذه بعض المسلمين سُنة عن النبى صلى الله عليه وسلم كما يروى بعض الرواة!

كانت بدوية تعشق النظر إلى هذا الأب الهائل فى الشارب الكث، وكانت كثيرًا ما تقلده فى مشيته، كانت تقلده فى حديثه، حتى فى جلسته.. وذات يوم كان الرجل يمسك بالمرود، وهو يكحل عينيه بكحله الأزرق هذا، عندها صاحت بدوية:

- «وأنا يا آبا!).

كان الأب جالسًا فوق الكنبة فى غرفته الواسعة، النافذة التى تطل على الشارع مفتوحة ينسال منها الضوء باهتًا. فى الركن المقابل كان السرير ذو الأعمدة والمساكر النحاسية، وزام الأب، ولم يلب لبدوية رغبتها.

«وأنا يا آبا.. والنبى يا آبا!».

وعبثًا حاول الرجل أن يثنى ابنته عن رغباتها.. ظلت تلح، وتلح، وتلح حتى رضخ.. فطمس المرود فى الكحل وراح يكحل لها عينيها!

وما كاد المرود يلمس جفنها، حتى صرخت بدوية من الألم!

كان الكحل حراقًا حاميًا، وكان الأب يعلم ذلك، فراح يضحك، وبدوية تصرخ، والكحل يكوى عينيها، فيزداد صراخها ويزداد ضحك الأب.

وكانت هذه هى المرة الأولى والوحيدة التى بكت فيها بدوية فاستلقى الأب على قفاه من الضحك، دون أن يغضب أو يثور أو يسأل: «إيه الحكاية!».

وعندما مرت السنوات وتغيرت بدوية.. اشتهرت بين أهل مصر بالكرم الشديد.. ولقد أسهبت الصحف، كما أسهب الذين عرفوها عن قرب أو عن بعد، عن هذا الكرم حتى أصبح سمة من سمات شخصيتها.. ولقد كانت فاطمة الزهراء، عندما تقدمت بها السن، ولقد حافظت على عهد الزوج فلم تقترن من بعده برجل آخر، تقول لابنتها «هو إنتى جايباه من بره؟!».

ذلك أن المعلم على النيدانى كان يخرج لصلاة الفجر، وهو يرتدى الجبة والقفطان والعباءة.. ومنذ تزوجته فاطمة، كانت حريصة على أن تستيقظ قبله، لتضع له المياه فوق النار حتى تدفئها قليلًا، ثم تصب له المياه فيتوضأ إذا ما كان خارجًا لصلاة الفجر.. وكان الرجل يغيب ساعة أو بعض ساعة، ثم يعود إليها بالعباءة على جسد عار!

يقول الذين عرفوا المعلم على النيدانى، إنه كان رجلًا كريمًا، إذا وجد محتاجًا أو فقيرًا أو عاريًّا، خلع عليه ما يرتديه من ملابس وترك على جسده ما يستره فقط، حتى يعود إلى البيت.

ذات صباح كانت بدوية تلعب فى فناء البيت، كان البيت قد خلا إلا من جدتها وأمها فقط، وكانت الصغيرة تلحظ شيئًا غريبًا، كان بطن الأم ينتفخ، ويكبر.. ولما سألت، علمت أن فى بطن الأم «نونو».

وظلت بدوية تنتظر مجىء النونو بفارغ الصبر، لكنها أبدًا لم تنتظر ومجىء الأغراب ليحتلوا البيت!

وعندما مات الأب لم يتغير فى الحياة شىء كثير، سوى مجىء شقيقها أحمد، الذى كانت تخافه وتخشاه وتهرب منه كلما رأته، كثيرًا إلى البيت.. وتلك المناقشات الحامية التى كانت تدور بينه وبين الجدة.. حتى كان ذلك الصباح، وبدوية تلعب فى الفناء الواسع وحدها، عندما انفتح باب البيت، الذى لم يفتح من قبل لغريب، ليدخل إلى الفناء رجال ونساء وأسرة ودواليب ومقاعد ومراتب.. و..و.

ولقد فزعت الصغيرة فزعًا شديدًا وهرولت تصعد السلم إلى أمها، وإذا هى تنزوى مع أمها فى غرفة واحدة، وكان بطن الأم يزداد انتفاخًا!

مات المعلم على النيدانى وزوجته حامل، وما إن مضت بضعة أشهر حتى وضعت طفلة اسمها سعاد، وليس مهمًا ما حدث بعد ذلك لأن سعاد لم تعش أكثر من عامين، ثم ماتت!

وزاد ارتباط بدوية بأخيها مرسى، فقد كان الوحيد الذى تندفع إليه كلما رأته، وتتعلق برقبته، وتجلس على حجره، وهو كان يعاملها كابنته أكثر من كونها أخته، لذلك فقد اصطحبها إلى مدرسة «السبع بنات» مع أولاده، وظلت الصورة ثابتة لسنوات.

ذات يوم عادت بدوية من المدرسة فتجد أخاها أحمد فى البيت، وما أن خطت خطوة حتى سمرتها صرخته: «تعالى يا بت هنا!».

كان الشرر يتطاير من عينيه، إلى يمينه جلست جدتها، وبدا عليها الحزن والهم، وعلى يساره جلس مرسى، وكان المرض قد تمكن منه، وأصبح وجهه أكثر شحوبًا، وصوته أكثر خفوتًا.

«بتروحى الكنيسة فى المدرسة ولا لأ؟

شلها غضب أخيها فظلت للحظات لا تجسر على النطق، ثم أنطقتها صرخته الهادرة وهو يعيد السؤال:

«بتروحى الكنيسة فى المدرسة ولا لأ»..

وقالت بدوية: «أيوه

واندلعت النار...

نار مناقشة حامية كان الثلاثة، أحمد ومرسى والجدة، وهم أطرافها، وظلت بدوية ترتجف فى وقفتها، وكان أحمد يطالب بأن لا تذهب بدوية إلى المدرسة حتى لا تغير الراهبات دينها، وكانت بدوية تحب الراهبات، وتحب الحديث معهن باللغة الفرنسية، لكنها لم تكن تحب، بل ترتجف خوفًا وهلعًا من أن تذهب إلى بيت أحمد، بل إنها قررت أن تهرب من البيت إذا أرسلوها إلى بيت أخيها أحمد!

ثم جاء صوت الجدة ليحسم الأمر كله: «أنا حاجيب لها شيخ يعلمها القرآن والعربى هنا فى البيت»..

وتمضى الأيام، وتذهب إلى بيت أحمد مرغمة، تقبع بعيدًا كقط مذعور، تغرقها الشتائم، وتُمنع من دخول المدرسة، وتساعد الخادمة فى الغسيل والعجين والكنس وغسل الأطباق!

التحرير المصرية في

21.02.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)