كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

ننشر مذكرات تحية كاريوكا للكاتب الكبير صالح مرسى

صالح مرسى: تحية هى أوَّل مَن جعلت من الرقص فنًّا يُحترَم

كاريوكا: والدى تزوَّج 7 مرات.. وكلما تزوَّج فتاة ماتت!

أعدها للنشر- محمد توفيق

 

·        حين رأت أن ثورة يوليو انحرفت عن مسارها قالت: «لقد ذهب فاروق وجاء فواريق»

·        تحية لم تنسلخ عن أرضها ووطنها وأبناء بلدها.. وكان هذا بالتحديد سر عظمتها ورونق شخصيتها الدائم

ليست مجرد مذكرات، وكاريوكا ليست مجرد راقصة!

فمذكرات تحية كاريوكا لا تعكس فقط قصة حياة أشهر راقصة عرفتها مصر، لكنها تعكس صورة لحال البسطاء والحكومات فى مصر طوال ما يزيد على نصف قرن من الزمن، وتكشف ما يجرى فى كواليس صناعة النجوم الذين تصدروا المشهد لسنوات طويلة من نجيب الريحانى وبديعة مصابنى وأنور وجدى إلى شكرى سرحان وفاتن حمامة وزينات صدقى!

فتحية لا يمكن اختزالها فى كونها راقصة حتى لو تُوّجت ملكة للرقص الشرقى، ولا يمكن تفسير حب الناس لها باعتبارها فقط واحدة من علامات الفن فى مصر، لكن «تحية» التى سكنت قلوب الناس، وجلست وتربعت داخل وجدانهم كانت معبرة عن بنت البلد المصرية الصميمة، الخالصة، المُخلصة، الشُجاعة، الجدعة التى تقابلها فى كل مكان، وتحترمها، وتقدرها، وتفخر بها أينما رأيتها أو نما إلى أذنك صوتها، لذلك بقيت تحية وذهبت غيرها.

فـ«تحية» إلى «كاريوكا» التى ولدت قبل 14 يومًا فقط من اعتقال سعد زغلول وقيام ثورة 1919، وعاشت أجواء حرب 1948 ووقفت إلى جوار الفدائيين وساعدت فى نقل الأسلحة إليهم، وحين رأت أن ثورة يوليو انحرفت عن مسارها قالت: «لقد ذهب فاروق، وجاء فواريق»، فدخلت السجن 101 يوم، لكنها بعد رحيل عبد الناصر، قالت: «لم أكن ضد عبد الناصر أو ضد الثورة، لكنى كنت ضد الخروج عن الأهداف التى قامت من أجلها الثورة وأولها الديمقراطية».

هكذا كانت تحية كاريوكا مختلفة، وفريدة، ومتفردة، لذلك قصة حياتها كانت مثيرة ومدهشة، لكن نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم حين قرآ هذه المذكرات غضبا بشدة!

وقال الحكيم لصالح مرسى معاتبًا: «ليه سميت اللى أنت كاتبه ده كاريوكا؟

فقال صالح: «لأنها كاريوكا يا توفيق بك

هنا تدخل نجيب محفوظ والأسى يقطر من بين شفتيه: «طب ما تسميها قصة راقصة يا أخى! اللى أنت كاتبه ده أدب»، وأضاف أديب نوبل قائلا: «أنا لو سميت اللص والكلاب (محمود سليمان) ما كانتش بقت رواية»!

كان هذا هو الدرس الأهم فى حياة الأديب الكبير صالح مرسى، وربما كان السبب الأول فى تغيير مجرى حياته ليصبح صاحب رأفت الهجان وجمعة الشوان والحفار وغيرها من روائع أدب الجاسوسية، لذلك كانت مذكرات تحية كاريوكا بمثابة نقطة الانطلاق.

مذكرات تحية كاريوكا كانت البداية.

لكن صالح مرسى قاوم كتابتها كثيرًا فقد كانت المرة الأولى فى نهاية الخمسينيات حين ذهب إلى كاريوكا، وقال لها «نفسى أكتبك» فوافقت، وهرب ونسى أو تناسى، ثم عاد وكرر الطلب بعد تسع سنوات، فوافقت ثم اختفى للمرة الثانية، لكنه عاد بعد أسابيع قليلة ليبدأ معها تسجيل رحلة حياتها فى عشرين ساعة، لتنشر فى مجلة الكواكب منذ قرابة نصف قرن، لكن المدهش أن هذه المذكرات لم تُنشر فى كتاب، بل إنها اختفت!

نعم، اختفت، فحين ذهبت إلى دار الكتب والوثائق وجدت أن الأعداد التى نُشرت فيها المذكرات فى «الترميم» -باستثناء أعداد قليلة- وبالتالى لا يمكن الاضطلاع عليها أو تصويرها، أما فى مكتبة الإسكندرية فلم أجد سوى ست حلقات فقط، فاتجهت إلى سور الأزبكية وسور السيدة زينب حتى عثرت على أجزاء من هنا، وأجزاء من هناك، وبعد رحلة بحث طويلة تم الوصول إلى المذكرات والحصول عليها كاملة بكل ما فيها من أسرار ومفاجآت.

1- كانت العاصفة تنذر بالهبوب، والسحب تتجمع وتحجب قرص الشمس الواهن.. وبدا لون الأمواج المتعالية أسمر مقبضا.. والسفينة الصغيرة تمخر عباب الخليج فى جهد شديد، والرياح تأتيها من الشمال، وصوت الآلة الصغيرة يتردد فى الداخل مجهدا لطول ما عانى فى الرحلة.. والرجال على السطح يرقبون الأفق وقد بلل رذاذ المياه المتطاير وجوههم، وكانت وجهتهم هى ميناء السويس، ثم النصف الجنوبى للقناة، ثم البحيرات، حيث ترقد الإسماعيلية فى دعة وهدوء!

كانت السفينة عائدة من رحلتها الطويلة إلى جدة، تلك الرحلة التى تعودت أن تقطعها فى كل عام مع بداية فصل الشتاء، وتعود منها دائما فى مثل تلك الأيام، والربيع يدق الأبواب.

وكانت الإسماعيلية تبدو فى ذلك الوقت من النهار هادئة بنصفيها العربى والإفرنجى، كان الحى الإفرنجى يبدو نظيفا جميلا، وقد تناثرت فيه البيوت الصغيرة ذات الطراز الفرنسى، ومن حول البيوت الحدائق المليئة بالزهور وأشجار المانجو.. كان الحى يبدو كأنه قطعة من أوروبا، وقد راحت الزوجات الفرنسيات والإنجليزيات والبلجيكيات -وكانت هذه هى الجنسيات الغالبة على هذا الحى- يسعين إلى المحلات لشراء ما يلزم بيوتهن، أو يدفعهن أمامهن بعربات أطفالهن فى هدوء واطمئنان!

كان كل شىء قد هدأ منذ عامين، وخمدت تلك الثورة التى هبت فى عام 1919 فاجتاحت مدن مصر كلها، بما فيها مدن القناة رغم وجود جيش الإمبراطورية بكثافة فيها، وكف المصريون منذ زمن عن خطف الرجال والتمثيل بجثثهم، بل إن بعض الزوجات كن يخترقن الشوارع إلى الحى العربى وأزياء الشرق فيه، فيشترين ما يلزمهن من خضراوات أو بضائع، بثمن أقل!!

كذلك كانت الحياة تسير فى الحى العربى الذى بدا كأنه مدينة أخرى، فى قارة مختلفة!!

كانت البيوت ترتفع أدوارا بمشربياتها، وتتكدس المحلات متجاورة تحت الشرفات المغلقة فوق أعمدة البواكى، حيث كان المارة يجتمعون فيها من المطر الذى كان يهطل رذاذا رقيقا ثم انقطع.. وكانت الشوارع مزدحمة بالناس الرائحين والغادين، والمقاهى تضج بما فيها من حياة، وتتعالى نداءات الباعة وتتشابك فى نغم له رائحة.. لا شىء كان يلفت النظر سوى تلك المناقشات التى احتدت منذ أيام، والتى تجددت بعد هذا التصريح الذى ألقاه المستر ونستون تشرشل، وزير المستعمرات البريطانى الجديد، الذى خلف اللورد ملتر فى حكومة المحافظين.. وكان المستر تشرشل أكثر شبابا وأكثر تطرفا وحدة من اللورد ملتر، فصرّح بعد توليه الوزارة مباشرة بأن: المسألة المصرية مسألة بريطانية، لأن مصر قد أصبحت جزءًا من الإمبراطورية المرنة؟!

واحد من الرجال فقط -على ظهر السفينة التى كانت تقطع مياه الخليج نحو الشمال- كان أكثرهم قلقًا، لم يكن قد سمع شيئا مما كان دائرا فى مصر، بل تخطى فؤاده مدينة الإسماعيلية بكل ما فيها إلى قرية صغيرة فى الدقهلية، اسمها: المنزلة.

كان شاربه الكث يتطاير مع الرياح وتلتصق شعيراته بوجهه.. كان يبدو وسيما قويا هائل الحجم مثل «سارى» متين.. ولم يكن هناك ما يشغل بال المعلم محمد على النيدانى فى تلك الليلة سوى زوجته الجميلة الصغيرة، التى تركها منذ بضعة أشهر وقد انتفخت بطنها بجنين طال الشوق إليه.. كانت سفينته عائدة من رحلتها إلى جدة وقد تكدست فى منابرها البضائع، وكان حاله ميسورا، وهو يملك هذه البيوت فى الإسماعيلية، بلاده ومسقط رأسه وموطن كل عائلته -وله ثمانية من الأولاد والبنات، ثم.. لقد رزق وهو فى هذا العمر- بزوجة شابة، جميلة، ومطيعة.. فعشق قلبه طبعها مثلما عشق وجهها ذا النمش الكثير!!

ترى: هل أنجبت فاطمة؟!

هل وضعت ولدا أم بنتا؟

ذهب السؤال وعاد وألح على ذهن الرجل، فظل فى وقفته تلك حتى أتى المساء، واشتد هبوب الرياح، وبانت أنوار السويس فى الأفق المظلم، فتنهد بالحنين، وعاد إلى داخل السفينة!

كان هذا فى يوم 19 فبراير عام 1921.

ولو علم المعلم محمد على النيدانى بالحديث الدائر وقتئذ فى الإسماعيلية لتغير حاله واشتد به القلق وتشعب.. إن أكثر ما يخفيه ويقلقه تجدد المظاهرات، ووقف الحال، والكساد وبوار البضائع، وضياع الألوف من الجنيهات.. ثم تلك الشهرة التى اشتهر بها أخوه حسن النيدانى. ذلك الشاب الذى كان يجر على العائلة كثيرًا من المصائب، يوم كان يهوى خطف جنود الإمبراطورية، وقتلهم بالخوازيق! ولقد كان حسن واحدا من الذين كانوا يتناقشون فى ذلك الوقت على المقاهى وفى البيوت.. ولقد احتدت المناقشات يومها إلى حد أن نادى البعض بالعودة إلى أيام 1919 ورفع راية الجهاد من جديد.

غير أن شيئا من هذا لم يحدث، لقد هاج الناس وماجوا، وانهالت البرقيات -برقيات الاحتجاج على تصريح المستر ونستون تشرشل- على جميع الصحف والدوائر السياسية.. و.. وكان هذا هو كل شىء!!

2-  فى يوم 19 فبراير عام 1921 هذا.. انبعثت الصرخة الأولى لطفلة قُدّر لها أن تصبح واحدة من أشهر نساء مصر.. كانت فاطمة الزهراء -زوجة المعلم محمد على النيدانى- وقد ضمت طفلة، ولم يكن ميلاد الطفلة فى الإسماعيلية، بل كان فى قرية المنزلة، حيث ذهبت فاطمة منذ سفر زوجها لتقيم فى بيت أخيها.

ولأن الأب كان غائبا يوم ميلاد الطفلة التى لم ترث عن أمها شيئا سوى ذلك النمش الكثير الذى كان يغطى الوجه واليدين، فإن فاطمة الزهراء أبت أن تطلق عليها اسما قبل عودة الأب من سفره الطويل.

جاءت هذه الطفلة إلى الدنيا كأنها صورة مصغرة للأب، ورأت عنه كل شىء، اليدين الكبيرتين، والقدمين الرشيقتين، والقوة والشخصية المتميزة بالاقتحام دون خوف!

والذين تتبعوا حياة تلك الطفلة منذ مولدها حتى اليوم.. يعرفون، ويدهشون فى نفس الوقت، ذلك التشابه الغريب بين أخلاقها وأخلاق البحارة.. هؤلاء الرجال ذوو الطباع الخشنة والقلوب الشديدة الطيبة الذين يقتحمون الأهوال، ويواجهون الأخطار.. لا لشىء، إلا لكى يصلوا إلى الشاطئ حتى إذا ما رست بهم السفينة أياما، انتابهم قلق لا يزول إلا عندما يبارحون الشاطئ من جديد، يخوضون ملحمة الطبيعة، بحثا عن شاطئ آخر!

أما النمش الذى ورثته عن أمها فلقد قُدر لها أن يزين الوجه لربع قرن من الزمان، حيث اضطرت أن تهرب من مصر إلى الولايات المتحدة الأمريكية فى أعقاب الحرب العالمية الثانية!

3- كان المعلم محمد على النيدانى -الذى اشتهر بين الناس باسم المعلم على النيدانى- يحب زوجته الصغيرة حبا شديدا، لكنه أيضا كان يخاف عليها خوفا أشد.. ذلك لأن زواجه من فاطمة الزهراء كان سابقة لم تحدث فى عائلة النيدانى من قبل.

ولقد كان العرف السائد بين أفراد العائلة، هو أن لا يتزوج شبابها أو رجالها أو من النيدانية فقط.. وفى بداية حياة المعلم على لم يشذ الرجل عن القاعدة، فلقد تزوج قبل زواجه من فاطمة الزهراء ست مرات، وكانت فاطمة الزوجة السابعة!

لم يكن الرجل مزواجا، كما قد يتبادر إلى الذهن، لكن شيئا غريبا كان يحدث كلما تزوج من فتاة من النيدانية.. كانت الزوجة تعيش معه شهورا أو سنوات، ثم تموت.. تاركة له طفلا أو طفلين أو أكثر.

لم تعش زوجاته الست، سوى زوجته الأولى فقط، ورغم أن الحب بينهما كان مفقودا فإن الرجل لم يُطلّقها، كل ما فعله أنه راح يبحث عن زوجة يأوى إليها كلما عاد من سفر بعيد.. تزوج الثانية فماتت بعد شهور، وماتت الثالثة بعد سنوات، والرابعة بعد أسابيع، وعندما ماتت زوجته السادسة أبى الرجال فى العائلة أن يُزوّجوه من بناتهم خوفا عليهن من الموت، فاضطر الرجل أن يبحث لنفسه عن زوجة لا من خارج العائلة فقط بل من خارج الإسماعيلية كلها.

لم يكن غريبا فى تلك الأيام أن يبحث الرجل عن زوجة وهو الستين من عمره، ولم يكن غريبا أيضا أن يتزوج من فتاة تصغره بأربعين عاما، ولم يكن من الصعب على رجل مثل المعلم على النيدانى أن يعثر على ضالته فى قرية المنزلة التى لا تبعد كثيرا عن الإسماعيلية، وكانت فاطمة أرملة فى العشرين من عمرها، مات زوجها الأول منذ خمس سنوات، مات وهى فى الخامسة عشرة من عمرها، وكانت قد أنجبت منه طفلة واحدة اسمها فاطمة النبوية.

منذ اللحظة الأولى أيقن الرجل أن فاطمة الزهراء، هذه الأرملة الشابة الجميلة، هى هدية الله إليه فى آخر أيامه!

كانت فاطمة الزهراء من عائلة الزينى فى المنزلة، وكانت هذه العائلة لا تطلق على أفرادها سوى أسماء من عائلة النبى، ذلك أن شجرة العائلة تمتدّ جذورها إلى سيدى على زين العابدين، أحد أحفاد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

وسرعان ما تمّت مراسم الزواج، وإذا كانت العروس أرملة فلا فرح ولا طبول ولا زفّة ولا عوالم، وذات يوم انطلقت فى القرية زغاريد النسوة فقط، تُعلن عن زواج فاطمة من المعلم على النيدانى، وما كاد الرجال يشربون الشربات، ويقرؤون الفاتحة داعين للعروسَين بالهناء، حتى كان الليل قد أرخى سدوله على الدنيا، فصحب الرجل زوجته الصغيرة إلى البيت الكبير فى الإسماعيلية.

وكان طبيعيا أن تصل فاطمة الزهراء إلى الإسماعيلية لتواجه بحملة شديدة من الكراهية، شنها عليها أبناء الرجل وبناته، الذين كانوا -فى الغالب- يكبرونها فى السن بكثير.. ولقد زاد من حفيظتهم عليها، أنه أفرد لها البيت الكبير، ذا الطابقين، تعيش فيه وحدها، مع ابنتها من زوجها السابق، ومع أمه، الجدة التى يهابها الجميع!

كان أكثر ما يوغر صدور الأبناء ضد فاطمة الزهراء أنها غريبة.. فهى ليست من النيدانية.. وهى فلاحة فهى ليست -حتى- من الإسماعيلية.. وهى بذلك دخيلة، قد تنجب للرجل أولادا يشاركونهم الميراث المرتقب.

كان الرجل قد أنجب من زوجاته السابقات ثمانية، هم: نجية، أحمد، فاطمة، مرسى، مريم، بدوية، هانم، ثم محمد الذى توفيت والدته وهو صغير، فتركته وسط إخوته بلا أشقاء.

وكانت العلاقات داخل العائلة الكبيرة قد تحولت، مثلما تحولت الحياة فى مصر، إلى شبح وأحزاب، وكان أولاد كل زوجة يكوّنون «عصبة»، ويشتد التصاق الأشقاء بعضهم ببعض، ليحتموا من إخوتهم الآخرين!

وعندما تزوج المعلم على النيدانى، لأول مرة، كان أقصى ما يصبو إليه أن يرزقه الله بولد، يقف بجواره على ظهر السفينة، ويرث منه مهنته.. ولما كانت نجية هى كبرى أولاده، فلقد صمّم الرجل على أن يجعل منها هذا الابن المرجو.. فعاملها منذ طفولتها على أنها صبى، وقص لها شعرها، واشترى لها ملابس الغلمان.. وارتدت الفتاة جلبابا، ووضعت على رأسها لاسة، وظلت حتى السادسة عشرة من عمرها تركب البحر رجلا مع الرجال، وتسافر مع أبيها كلما أقلعت السفينة، تقف إلى الدفة، وتجذب الحبال، وتفرد الشراع، وتتسلق الصوارى!

الغريب فى الأمر.. أن المعلم على النيدانى أنجب بعد تحية أولادًا كثيرين، لم يرث واحد منهم مهنة أبيه، ولم يصعد أحدهم على ظهر سفينته!

ولقد اكتسبت نجية من حياة البحر خشونة الطبع، فكانت أكثر الناس إيذاء لفاطمة الزهراء، الزوجة الصغيرة، للأب العجوز!

4- مع غروب يوم 31 فبراير عام 1921 كانت سفينة المعلم على النيدانى تتهادى فوق سطح البحيرات نحو شاطئ الإسماعيلية، بعد أن عبرت الجزء الجنوبى لقناة السويس، وكان خبر ميلاد الطفلة -التى ظلت رغم مرور يومين بلا اسم- قد وصل إلى أسماع العائلة فى الإسماعيلية، وما إن ألقت السفينة الصغيرة بالهلب إلى قاع البحيرة واستقرت، حتى صعد إليها الرجال والمستقبلون والمهنئون بسلامة الوصول.. ورغم القلق واللهفة اللذين كانا قد اشتدا بالمعلم على النيدانى فإنه لم يسرع فى مغادرة السفينة، راح يعمل مع الرجال، يجذب الحبال ويهم على المنابر ويطوى الشراع، ويستقبل من استقبل من أولاده ورجال الشاطئ.. وعلم -وسط ضجيج الوصول والترحاب- أن فاطمة الزهراء قد أنجبت بنتا، فلم يفه بكلمة، وكان كل ما حدث أن لاحت على وجهه ابتسامة راضية، نظر إلى السماء وتمتم دون صوت: «الحمد لله»! وكان كل ما يبغيه الآن الوصول إلى البيت الكبير، حيث كانت أمه -دون شك- تنتظره فى لهفة!

وكانت والدة المعلم على النيدانى امرأة طاعنة فى السن. كانت تكبر ولدها بخمسة عشر عاما أو أقل من ذلك بعام.. لكنها رغم سنها هذا كانت مثل رجل قوى الشكيمة، يهابها الجميع، أحفادها مثل أولادها، ويعملون لها ألف حساب.

ولقد كانت هذه الجدة العجوز الاستثناء الوحيد، وسط بحر الكراهية الذى أحيطت به فاطمة الزهراء.. ولقد عاشرت هذه العجوز كل زوجات ابنها الست، وكانت تذكر بعضهن بالخير، وتذكر الأخريات بامتعاض.. لكنها لم تحب، ولم ترتح لواحدة منهن، قدر حبها وراحتها لتلك المرأة الصغيرة الطيبة التقية، التى كانت -رغم فارق السن بينها وبين ولدها- تعبد زوجها عبادة!

وأكثر ما كان يثير أحفادها تلك الرغبة الغريبة، فى أن تنجب فاطمة الزهراء ولدا، ولقد نذرت الجدة العجوز أن تسمى المولود -إن كان ولدا- باسم السيد البدوى، ولى الله ذى الضريح الهائل فى طنطا.

مع غروب هذا اليوم كانت العجوز تعلم أن سفينة ولدها قد وصلت إلى الشاطئ.. فراحت تقطع الوقت فى انتظاره وهى تفكر فى فاطمة الزهراء. وفى المولودة الجديدة، وما إن صعد المؤذن إلى المئذنة ليؤذن لصلاة العشاء، حتى جاءتها الأصوات من الدور السفلى، وملأت البيت بسملة المعلم على القوية، فقامت من جلستها لتستقبله من قمة السلم، وصعد الرجل إليها يلملم جلبابه الواسع، فبدا لها فى ضوء المصباح الذى كانت تحمله فى يدها، مثل شاب فى الثلاثين، وقبل أن تتفوه بكلمة كان الرجل ينحنى ليقبل يدها، فقالت والدموع تكسو عينيها:

«الغيبة طالت المرة دى يا على!».

وجلس المعلم على بجوار أمه على الكنبة يستعد لاستقبال الخبر الذى زف إليه منذ ساعة.. كانت علامات السعادة تطرد من ملامحه علامات التعب والإجهاد، وكان قد قرر أن يسافر فى الصباح إلى المنزلة.. وابتسمت الأم وهى تدرك بغريزتها ما يعتمل فى نفس ولدها، فقالت على الفور:

«ناوى تسمى المولود إيه؟».

كان المعلم على النيدانى يعلم رغبة أمه فى تسمية المولود باسم السيد البدوى، فسألها: «إيش قولك انتى يا امه؟».

قالت: «بدوية..».

فقال المعلم على:

«وحياة النبى دى تبقى تحية يا امه!»، وهكذا استقر رأى الأم والابن معا، على أن يصبح اسم الطفلة التى ولدت منذ يومين «بدوية تحية»!

وفى ضحى اليوم التالى، أى يوم 22 فبراير عام 1921، كان المعلم على قد وصل إلى المنزلة، فسجل ميلاد الطفلة فى دفتر المواليد تحت اسم «بدوية تحية محمد على أبو العلا النيدانى كريم»!

ولم تمض خمسة وعشرون عاما على هذا اليوم حتى كانت بدوية تحية ملء الأسماع فى مصر، وبهجة للأبصار والوجدان.. وكان اسمها قد تغير، وكانت هى قد أصبحت شيئا آخر.

كانت قد أصبحت تحية كاريوكا.

الحلقة القادمة

تحية كاريوكا: لهذه الأسباب أكره اسمى

التحرير المصرية في

19.02.2014

 
 

الممثل المغربي محمد البسطاوي:

السينما ما زال ينقصها الاشتغال على مضامين تهم الشعب

أؤمن بالتخصص وأتمنى أن أبقى ممثلا

طنجة: فؤاد الفلوس 

قدم الممثل المغربي محمد البسطاوي على مدار مشواره الفني ما يزيد على ثلاثين عملا سينمائيا، إضافة إلى الكثير من المسلسلات والمسرحيات الرائعة التي شارك فيها، ومن أبرز هذه الأعمال دوره في المسلسل التراثي «وجع التراب»، وأيضا المسلسل التاريخي «صقر قريش»، وفيلم «علال القلدة» الذي عرض عام 2003 وحصل على الجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون.

ومن أواخر الأعمال التي شارك فيها الفنان محمد البسطاوي فيلم «أياد خشنة» و«الصوت الخفي» الذي يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان الفيلم المغربي بطنجة.

وفي هذا السياق، ذكر البسطاوي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك أفلاما أخرى شارك فيها مثل فيلم «أغادير إكسبريس» من إخراج يوسف فاضل، وفيلم «الوشاح الأحمر» لمحمد اليونسي، مشيرا إلى أنها ستعرض في الدورة المقبلة للمهرجان. وحول مساره الفني في التمثيل قال: «أنا أومن بالتخصص، وأتمنى أن أبقى فقط ممثلا»، وعزا أهم المشكلات التي يعانيها الممثلون إلى الفراغ القانوني الذي يجب أن يحميهم ويضمن لهم الاستقرار وحياة أفضل. وبشأن مكانة السينما المغربية، أوضح البسطاوي أنه ما زال ينقصها الاشتغال على مضامين تهم الشعب المغربي، وقال: «يجب أن نسعى إلى سينما تميزنا عن غيرنا وتقدم صورة للمواطن المغربي»، مبرزا من جهة ثانية أن السينما الإيرانية أصبحت معروفة، وزاد قائلا: «الإيرانيون يؤمنون بأن السينما هي إحساس ويشتغلون على وتيرة مرتفعة».

وإليكم نص الحوار.

·        بداية، ما آخر الأفلام التي شاركت فيها؟ وهل هناك جديد؟

- بالنسبة لمهرجان الفيلم بطنجة في دورته الـ15، هناك مشاركتي في فيلم «الصوت الخفي» للمخرج المغربي كمال كمال، الذي يشارك في المسابقة الرسمية، وهناك أفلام سينمائية أخيرة شاركت فيها وستشاهدونها الدورة المقبلة، مثل فيلم «أغادير إكسبريس» من إخراج يوسف فاضل، وفيلم «الوشاح الأحمر» لمحمد اليونسي.

·        هل تجربتك ستقتصر فقط على التمثيل أم سنراك مستقبلا في الإخراج أو الإنتاج، كما فعل الكثير من الممثلين؟

- لا أبدا، أنا أومن بالتخصص، وأتمنى أن أبقى فقط ممثلا وأوفق بين زملائي وأكون محبوبا سواء من طرف الزملاء أو الجمهور، فإذا وصلت إلى هذه المكانة فذاك هو حلمي، وطموحي محدود في هذا الأمر، أما الإخراج فلا أعتقد يوما أنني سأعمل مخرجا أو منتجا أو أي شيء آخر مرتبط بالصناعة السينمائية.

فأنا أحب أن أبقى مقدما لشخصيات كثيرة، وأطلب من الله أن يوفقني في ذلك.

·        موازاة مع فعاليات الفيلم المغربي في طنجة، ما مكانة السينما المغربية مقارنة بالسينما العالمية؟

- إذا تحدثنا عن السينما العالمية فإننا نتكلم عن خمس قارات وعدد كبير من الدول، وكل دولة تحتوي على سينما خاصة بها، والأكيد أن مستوى السينما متباين في العالم العربي. والسينما المغربية حاليا تتوجه لها الكاشفات وتسلط عليها الأضواء، لأن الدولة المغربية تساهم كثيرا في دعم الإنتاج، وقد وصل عدد الأفلام التي أنتجت السنة الماضية إلى 22 شريطا طويلا، إضافة إلى أفلام أخرى يجري إنتاجها وتحصل على جوائز ضمن أفلام ودول معترف بها عالميا في صناعة السينما.

·        من أي جانب تتطور السينما المغربية وتحصل على جوائز مهمة؟ وهل ما تزال متأخرة عن مستوى العالمية؟

- على مستوى الصوت والصورة وغير ذلك، لكن ما زال ينقصنا في السينما المغربية الاشتغال على مضامين تهمنا كشعب، يجب أن نسعى إلى سينما تميزنا عن غيرنا وتقدم صورة للمواطن المغربي. وفي هذا السياق نجد السينما الإيرانية أصبحت معروفة بدليل أن وفدا قدم من هوليوود لزيارة إيران ولقاء المخرجين، لكي يكتشفوا طريقة اشتغالهم وتصويرهم، لأن الإيرانيين يؤمنون بأن السينما إحساس ويشتغلون على وتيرة مرتفعة، فتصبح لديهم المسألة كونية، وليس أن تكون البداية من الكوني وأنَّا نعيش في المغرب ونتجاوزه كأننا ننسلخ عن بيئتنا وواقعنا، وحينذاك لن يرضى عنا مجتمعنا، بيد أننا نرى أشياء الآخرين ولا تكون لنا القدرة على العمل مثلهم، لأننا لا نتوفر على إمكانياتهم ولا على ثقافتهم، لذلك كلما قمنا بأشياء نعيشها وقريبة منا يمكننا معالجتها بطريقة صحيحة ومعقولة.

·        ما السينما التي تفضلها أو تقتدي بها في أدوارك؟

- أنا معجب كثيرا بكل رواد السينما، وما تزال هناك الكثير من الأفلام الخالدة في ذهني مثل فيلم «سارة» و«وشمة» و«حلاق درب الفقراء»، وهي روائع مغربية صنعت بأقل الإمكانيات.

·        وماذا عن السينما العالمية؟

- أنا كثير المشاهدة والفرجة فيما يخص السينما العالمية، خاصة ما يهم تكويني أي التشخيص، وأعشق ذلك، في حين لا أحب الممثلين كثيرا بيد أني معجب بالذين يقدمون شخصيات متنوعة وتكون لديهم مصداقية ويكونون جديرين بالثقة، ويمكن القول إني لست متأثرا ولكن أشاهد وأعرف الطريقة التي يشتغلون بها، ومن هؤلاء أل باتشينو، روبرت دي نيرو، جون مالكوفيتش، دانيال دي لويس.

فعند مشاهدتهم نتمتع معهم ونتمنى أن نصل إلى مستواهم وأن نعمل بالطريقة التي يشتغل بها دانيال دي لويس، وهذا ليس بالأمر الصعب لا سيما حين يقدم لك السيناريو المناسب، وبالنسبة لي ما زلت لم ألعب أي دور من هذا القبيل.

·        ما الأدوار التي تأمل أن تشخصها وتفتخر بها؟

- حلمي أن أقدم شخصية تاريخية، خاصة أن التاريخ المغربي غني وروافده متنوعة، ويمكن القول إنه إلى اليوم لم يتناوله أحد بجدية.

·        انطلاقا من مسارك الفني في التمثيل، أين تكمن مشكلات الممثلين المغاربة؟

- أبرز المشكلات التي يعانيها الممثل المغربي اليوم هي الفراغ القانوني الذي يجب أن يحمي الممثل ويوفر له ظروف الاشتغال الملائمة، حيث يؤدي عمله في راحة واطمئنان وضمان لمستقبله.

·        من بين المؤاخذات التي يكنها المشاهدون للسينما المغربية، أن نهاية الأفلام تكون غامضة أو بالأحرى بلا نهاية، فإلى أي حد تتفق مع ذلك؟

- لا يمكن قول ذلك على كل الأفلام، لكن بطبيعة الحال هناك فضوليون في التمثيل والإخراج والإنتاج، والأكيد أن الفضولي في أمر ما لن يتقنه جيدا، أما الذي يؤمن بقدراته ويجري تكوينات ويخوض تجارب من أجل تطوير أدائه في الصناعة السينمائية سيشتغل وستكون بداية أفلامه ونهايتها بشكل جيد.

·        على ماذا تراهن السينما المغربية اليوم؟ على القاعات السينمائية أم الإنترنت؟

- المشكل القادم هو التكنولوجيا الحديثة والثورة الرقمية، وطبعا سيكون الرهان عليهما بشكل كبير.

الشرق الأوسط في

19.02.2014

 
 

وصية محمد رمضان الأخيرة:

"خلو بالكم من مصر والقطتين والريس"

كتب : نجلاء ابو النجا 

لو انت انسان طبيعي ممكن تتقبل الأخر .. هتشوفني ليبرالي ولو انت انسان اقصائي .. هتشوفني اخواني علماني ماسوني موزمبيقي صهيوني امبريالي رأسمالي فرعوني".. بهذه الكلمات عرف المخرج الشاب الراحل محمد رمضان نفسه علي صفحته الشخصية في الفيس بوك ..وعكس "البروفايل الفيس بوكي " وما يحمله من ستاتيس status و حالات مكتوبة شخصية ذلك الشاب الثائر الحالم الخلوق

حمل بروفايل محمد رمضان الكثير من الصور والاراء والامنيات بل حمل بعض التوصيات التي تركها وكأنه يعرف مصيره.

في أحدى البوستات الاخيرة كتب

"وصيتي ليكم : خلو بالكم من مصر و القطتين و سيادة الريس"

ومحمد يملك قطتين ذكر وانثي اسماهما لولو وعبده ونشر صورهما كثيرا ووصفهما بانهما صديقيه ووعد احدى صديقاته ان يمنحها قطا بعد ان تحمل القطة وتلد .

وكان ذلك بتاريخ 8 فبراير .

وكان محمد في ذلك اليوم في طريقه الي احد الدجالين المشاهير في قراءة الغيب والعلاج بالقران ..وكتب

"رايح حالاً اقابل الراجل بتاع قراءة الغيب و العلاج بالقرأن .. المشكلة انه لما عرف اني عايز اقابله وافق و قبل التحدي "

وحذره اصدقاؤه من هذا الرجل فقال لهم سأتحداه وترك وصيته السابقة وهو يبتسم

وقبل وفاة رمضان وسفره الي سانت كاترين كانت له رحلتان احدهما الي جنوب مصر وتحديدا الي " اسوان والاقصر والنوبة " وكان ذلك يوم 30 يناير ونشر رمضان صوره مع اطفال نوبيين وتركت هذه الرحلة اثرا عظيما داخله وكتب

"بعد ما الواحد شاف الطبيعة و الناس الطيبة في اسوان و قدر يخطف شوية من السلام النفسي الموجود هناك ..

بصراحة الواحد نفسه اتفتحت للبعد عن المرضي النفسيين اللي بيحاوطونا ..

اذن فلنهرب للطبيعة"

وكتب ايضا يوم 5 فبراير

"نصيحة بجد : لازم اي حد حابب يفصل شوية من الضغط اللي حوالينا يروح لاسوان .. هتلاقي سلام نفسي رهيب مع الناس الطيبة و الطبيعة الهادية ."

وقبل رحلة جنوب مصر قام برحلة للفيوم وبالتحديد لقرية الخالدية وكان ذلك يوم 1 ديسمبر 2013 وكتب رمضان

" في قرية الخالدية في الفيوم .. يوم مع جمعية "من احياها" لتوزيع بطاطين علي اهالينا و جذب الاطفال لحب الرسم في قرية صميدة صالح بالخالدية .

وده لينك الجمعية الي اللي حاب يتطوع او يتبرع اهو

الجمعية مستقلة و لا حديث فيها بالسياسة و هدفها الخير فقط "

واختتم كلامه علي الفيس بوك يوم عيد الحب وقبل رحلته الموت بكلمه عن الحب قال فيها

"اللي بقيت متاكد منه : انك لو عايز تعرف انت بتحب واحدة ولا معجب بيها بس .. شوف نفسك معاها عامل ازاي . لو حبيت نفسك معاها .. تبقي بتحبها"

وبعدها ودع رمضان الحياة فقد سافر الي كاترين يوم 13 فبراير وعاد 19 فبراير جثة هامدة علي طائرة حربية ليدفن في مقابر نقابة السينمائيين وتكون هذه رحلته الاخيرة .

الوطن المصرية في

19.02.2014

 
 

«عودة الروح» إلى البلاتوهات بعد «مغامرة» المنتجين

كتب : شيماء الحويتى 

رغم تخوف بعض المنتجين فى هذه الفترة من الإنتاج السينمائى، بسبب الحالة الاقتصادية والمشاكل السياسية التى تعيشها مصر، فإن عددا كبيرا من المنتجين قرروا المغامرة بتصوير أفلامهم فى هذه الفترة.

من هؤلاء المنتج هشام عبدالخالق، الذى يعود بفيلم «الجزيرة 2» بطولة أحمد السقا وهند صبرى ومحمود ياسين ونضال الشافعى، وتأليف محمد دياب وإخراج شريف عرفة.

وقد نفى هشام عبدالخالق لـ«الوطن» الأخبار التى تم تداولها عن أن ميزانية الفيلم ستتعدى الـ22 مليون جنيه، مؤكدا أن «تكلفة الفيلم ستكون أقل من ذلك، ولكن لا أستطيع أن أحسم الميزانية حاليا وعندما ينتهى الفيلم أستطيع أن أحسب التكلفة الحقيقية».

وتبدأ أحداث الفيلم بهروب «منصور»، الذى يجسد دوره أحمد السقا، يوم جمعة الغضب، وذلك بعد فتح السجون، ويعود مجددا للعمل فى السلاح وتمويل الجماعات الإرهابية.

ومن الأفلام التى يتم تصويرها حاليا أيضاً فيلم «ديكور»، الذى يقوم ببطولته خالد أبوالنجا وماجد الكدوانى وحورية فرغلى، تأليف محمد دياب وشيرين دياب، وإنتاج شركة «نيوسنشرى»، وهو يعتبر مغامرة حقيقية فى عالم السينما. لأنه عمل بالأبيض والأسود، والمخرج كانت له وجهة نظر، وهى أنه شىء مختلف، ومن الممكن أن يجذب الجمهور، خاصة أن الأبطال أعجبتهم الفكرة ووافقوا على الفور.

أما المخرج داود عبدالسيد، فاختار فيلم «قدرات غير عادية»، الذى يقوم ببطولته خالد أبوالنجا ونجلاء بدر ومحمود الجندى، وإنتاج شركة «نيوسينشرى» أيضاً، ليخوض به الماراثون السينمائى بعد غيابه 3 سنوات عن الساحة، ليقدم هذه التجربة من تأليفه وإخراجه، وانتهى من تصوير أكثر من 75% من أحداث الفيلم.

وقال أحمد بدوى، مدير عام إنتاج شركة «نيوسينشرى»: لم تضع الشركة ميزانية محددة لفيلمى «ديكور»، و«قدرات غير عادية»، وذلك لاستمرار التصوير حتى الآن، ولكن هدف الشركة تجاه الأفلام التى تقدمها فى هذه المرحلة هو الوصول إلى المهرجانات فى البداية ثم تحديد مواعيد للعرض بعد ذلك.

وهناك أيضاً فيلم «وش سجون»، الذى يقوم ببطولته باسم سمرة ودينا فؤاد وإيناس عزالدين وأحمد وفيق وأحمد عزمى، تأليف مصطفى السبكى، إخراج عبدالعزيز حشاد، وإنتاج طارق عبدالعزيز.

أما المنتج أحمد السبكى فوضع ميزانية مبدئية لفيلمه «مطلوب عريس»، تصل إلى 14 مليون جنيه، الذى تقوم ببطولته ياسمين عبدالعزيز، وجار التعاقد والاتفاق حاليا مع باقى طاقم العمل حتى يبدأ التصوير.

الوطن المصرية في

19.02.2014

 
 

فيلم "لامـؤاخـذة": هل القوة هي الحل!

محمد كمال 

"لما تروح المدرسه ماتتكلمش في الدين".. تلك الجمله التي قيلت على لسان كندا علوش أم بطل الفيلم هاني عبد الله بيتر(أحمد داش) جمله يمكن ان تفتح لك الباب على مصراعيه لفهم طبيعه الفيلم وموضوعه، وهي اذا اردت ان تمارس عقيدتك او افكارك فعليك ألا تواجه أحدا بها، فقط مارسها في صمت، واذا تشجعت ومارستها في العلن فعليك أن تمتلك القوه التي تدفعك لممارستها.

فيلم "لامؤخذه" هو ثالث أعمال المخرج عمرو سلامة. ولكن يمكن القول إنه أقلها مستوى عما سبقه من أفلام، سواء فيلم "أسماء" الذي يتكلم ايضا عن شجاعه المواجهه وليس فقط مرض الايدز، وفيلم "زي النهارده"، لذلك ففيلم "لامؤاخذه" اراد ان يناقش الطائفيه ففقد بوصلته وألمح للموضوه من بعيد!

يبدأ الفيلم (بعد عرض حياه البطل وأ من خلال التعليق الصوتي Voice-overبلسان أحمد حلمي وتعبيرات وكلام عن السلام النفسي والاجتماعي الذي كان يعيش فيه البطل ) فنرى الحدث الذي يقلب حياه البطل رأسا على عقب في مشهد بسيط اثناء لعبه واستمتاعه بـ play station"" وكأن المخرج يريد أن يقول لنا "وبدأت العكننه" هنا تقف امامه امه (كنده علوش) وتقول له "ده ورقك في المدرسه الجديده" ثم تختفي، وذلك بعد موت الاب(هاني عادل) بشكل هزلي وهوعلى المائده بصحبه زوجته وابنه حيث يموت "بشرقه" وهو يأكل، وكأن المخرج اراد ان يعّجل بسير الاحداث ليبدأ في صلب الموضوع في سرعه!

وررغم أن الأم ترفض ارسال ابنها الي مدرسه حكوميه عندما طلب ذلك عم الطفل نظرا لارتفاع تكلفة المدرسة الخاصة فانها استجابت لطلب ابنها بمنتهى السهوله واليسر دون أي مقاومة او نقاش، وذلك حينما عرف الطفل تعثر الحالة المادية للأسرة.

والغريب أن ذلك لا يتناسب مع عقليته الطفوليه في ادراكه الحدث نفسه خصوصا وأن عقله لم يستوعب موت السلحفاة التي يملكها، وضعها في علبة داخل الثلاجة لكي يراها كلما أوحشته، فكيف له أن يدرك ماحدث لابيه والأسرة من موت وتعثر مالي وهو ما لم نر أثره على العائلة سوى في انتقال هاني من مدرسه خاصة الي مدرسة حكومية، فالسيارة الفارهة التي تملكها الأم لم تتغير وهي بثمنها كانت تنفق عليه لثلاثة أعوام أو اكثر،  كما أن الشقه التي يعيشون فيها لم يتغير فيها اي شئ ولم تُباع منها اي قطعه!

ويبدأ حياته في المدرسة الجديدة التي تختلف في شكلها ومضمونها عما اعتاد عليه.. ولكن في في الفترة الاعدادية في المدارس الحكوميه يكون الملبس ازرق اللون وليس بيج كما كان في الفيلم فاللون البيج في المدارس الحكوميه تعبير عن الفتره الابتدائية، كما ان ليس هناك زي موحد للجميع فالطلبه باختلاف مستوياتهم يلبسون قمصان رياضية أو عادية على بنطلون من نوع الجينز وغيره من الملابس التي تتناسب مع مستوى وثقافه كل منهم، وهو دلالة على اغفال السيناريو كثير من التفاصيل البسيطة.

لم يستطع زملاؤه في المدرسة التعرف على ديانته المسحية،  خاصة بعد أن اراد وجه المدرس السؤال التقليدي عن أسماء الطلبة لمعرفه ديانتهم وانتهى الامر بقول الاستاذ "الحمد لله طلعنا كلنا مسلمين".. فهذه هي بداية الجبن في عدم المواجهه بديانته (التي من المفترض انه فخور بها كما كان يعلمه ابوه المسيحي المتدين)حتى لايُنتقد من الاخرين.. فاذا كان يمتلك قدرا من الشجاعة واذا اراد مخرج العمل ان يتحدث عن التمييز والطائفيه لكانت تلك اللحظه هي اللحظه المناسبة والبداية لتغيير سير الأحداث لكن تأخر كشف هويته المسيحية قرب النهاية هو ما أضعف الفكرة التي أراد المخرج أن يناقشها. ويمكن القول انه فقد بوصلته اثناء الكتابه بفكرته الاساسيه وهي التمييز والطائفيه التي لم نر لها سوى قشور عند معالجتها واصبح التمييز ومحاوله التضييق عليه بسبب طبقي.

حتى حينما اراد ان يصارح صاحبه "مؤمن" الذي ارتاح له دونا عن باقي زملائه الاخرين ويواجهه بحقيقة أمره عرض عليه مؤمن أن يصطحبه الي احد الفصول وبها من اطلق عليهم "العضمة الزرقاء" أي المسيحيين، اخذ مؤمن يقول له إن هؤلاء غرباء عنا مع ان منهم أصحاب كفاءة الا انهم يتم تهميشهم بسبب دينهم ( هكذا كان معنى كلامه) وكأن المخرج اراد ان يقول لنا إذا قررن أن تواجه المجتمع فهذا هو مصيرك.

ثم وبعد ان خاف البطل من مواجهة زملائه بطبيعة ديانته وبعد أن فشل في محاولاته الاولى والتقليدية في التعايش معهم يطلب من والدته ان تنقله الي مدرسه اخرى، والغريب انها قبلت ذلك دون اي مقاومه تتناسب مع طبيعه اي ام فقدت زوجها، لذلك ظهرت وكأنها هشه الشخصيه ضعيفة لا تملك رؤية قوية لتنشئة طفلها الوحيد خصوصا انها كانت من الممكن ان تنقله الي مدرسه اقل قليلا من المستوى السابق وليس مستوى متدن للغاية كالمدرسه التي ذهب اليها البطل.

اراد الطفل ان يتحدى نفسه وان يتعايش مع زملائه فأخذ يتعلم الانشاد الديني وحصل على الجائزه الاولى في ذلك وهو ما جعله يعيش بشكل متميز قليلا من الوضع السابق فاصبح "الشيخ هاني" وتمتع ولفتره بسيطه بالهاله الدينيهة التي يستغلها بعض الشيوخ، ودخل مسابقه العلوم واخترع لعبة على شكل طائرة ابهر بها زملائه حينما عرضها عليهم في الطابور الصباحي ولكن لم تهتم ادارة المدرسة ومديرها مما احبط البطل ومدرسته مدرسه العلوم التي اكتشفت موهبته وذكاءه وشجّعته على اختراعه فلم نعرف هل يناقش المخرج تدهور التعليم أم التمييز.. وقد اراد ايضا ان يتقرب من زملائه على طريقتهم فتعلم الاغاني الشعبية لكنه لم يصبح واحدا منهم.

حدثت المفاجاه التي ظن بها المخرج انها ستقلب الاحداث بعد مشاجرة تمت بين البطل وأحد زملائه (الطفل المتشرد البلطجي) وذلك بدخول كندة علوش ام البطل المدرسة وهي ترتدي الصليب على صدرها فعرف اصدقاؤه حقيقه ديانته وخرج احد الاطفال يقول " الواد هاني طلع كوفتش" فاندهش الجميع وكانها معلومة جديدة لم يعرفها المدرسون ولا مدير المدرسه "الحكومية" التي يخضع فيها اي شئ للورق الذي يكشف هوية وديانة كل من يدرس بها.

جاءت نهاية الفيلم مرتبكة فهاني عندما يفشل في التعايش مع زملائه طوال احداث الفيلم يلجأ الى تعلم لعبة الجودو لكي يدافع عن نفسه.. ويواجه الطفل البلطجي ويصارعه على مرأى ومسمع من كل وينتصر هاني عليه وهنا يحمله الزملاء على اكتافهم، وكأن المخرج أراد ان يقول لنا اذا اردت ان تواجه المجتمع بافكارك المخالفة عليك ان تكون قويا وحينها سوف يرفعك الناس على اكتافهم ويحتفوا بك!

عين على السينما في

19.02.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)