كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

موجة من الأفلام الدينية قادمة

دارين أرونوفسكي بـ «نوح» في مواجهة ريدلي سكوت بفيلم عن النبي موسى

هوليوود: محمد رُضا 

 

غادر المخرج ريدلي سكوت إسبانيا عائدا إلى لندن، وفي غضون أسبوع يعود إلى لوس أنجليس لاستكمال العمل على فيلمه الجديد «نزوح» (Exodus). وهو تمويل إسباني تقوم شركة «فوكس» بتوزيعه حول العالم، ويتناول الفترة التاريخية التي شهدت النزوح الجماعي لليهود من مصر لاجئين إلى فلسطين.

سكوت منح كريستيان بايل دور النبي موسى، عليه السلام، ووزع الأدوار الرئيسة الأخرى على سيغورني ويفر، وبن كينغسلي، وجون تورتورو و(الإيرانية الأصل) غولديشفته فرحاني و(الفلسطينية الأصل) هيام عباس، من بين آخرين بينهم الأسترالي جويل إدغرتون في شخصية الملك الفرعوني رمسيس.

التاريخ الإنتاجي لهذا الفيلم يعود إلى يوليو (تموز) سنة 2011 عندما تم إنجاز السيناريو وعرضه على عدد من المخرجين. بعد نحو سنة أعيد إلى مرحلة الكتابة من جديد ثم أعيد مرة أخرى في مطلع العام الماضي. في أغسطس (آب) سنة 2013 بوشر التصوير ما بين إسبانيا واستوديوهات باينوود البريطانية، وهو الآن يدخل مراحل ما بعد التصوير ليكون جاهزا للعرض في الشهر الأخير من هذا العام.

* تاريخ مشروع قبل أن يحل هذا الوقت، بل وفي غضون الأسابيع القليلة المقبلة، سينطلق للعرض عملان دينيان آخران أحدهما من إنتاج «فوكس» التلفزيونية بعنوان «ابن الآلهة» الذي يستعين بمشاهد عديدة من مسلسل تم تحقيقه قبل حين بعنوان «الإنجيل» ليحكي قصة السيد المسيح، ثم يضيف عليها مشاهد جديدة تم تصويرها في معالجة جديدة لا تخرج عن الحبكة الرئيسة لمعظم ما سبق تقديمه من أفلام استخلصت عن حياة النبي عيسى بن مريم أو من الإنجيل ذاته.

الفيلم السينمائي هو «نوح»، لمخرجه دارين أرونوفسكي، وهذا من إنتاج «باراماونت»، وتم وضع السيناريو قبل شهر واحد من سيناريو «نزوح»، وتمت كتابة نسخة ثانية قبل نهاية عام 2011 قبل أن يدخل مرحلة ما قبل التصوير في مارس (آذار) 2012. في يوليو (تموز) من العام ذاته بوشر التصوير الذي انتهى في نوفمبر (تشرين الأول) سنة 2012 أيضا.

طوال العام الماضي كان «نوح» محط عمليات ما بعد التصوير التي تتطلب الكثير من المؤثرات والخدع البصرية الخاصة، كما محط خلاف بين مخرجه وبين الاستوديو. كل منهما يريد إنجاز النسخة التي يفضلها من الفيلم.

نوح يؤديه راسل كراو (الذي لعب «غلادياتور» لحساب ريدلي سكوت سابقا)، بينما تتوزع الأدوار المساندة على عدد كبير من الممثلين المعروفين، من بينهم جنيفر كونيللي وأنطوني هوبكنز وإيما واتسون ونك نولتي وراي وينستون.

مشروع «نوح» بالنسبة للمخرج أرونوفسكي له من العمر 30 سنة أو نحوها. ليس كمشروع سينمائي متكامل بل كفكرة واكبته عندما كان لا يزال طالبا وطلبت منه المعلمة أن يكتب، ورفاقه، مقطوعة نثرية عن النبي نوح. أرونوفسكي شذ عن القاعدة وكتب شعرا عن السلام تسلل إلى مسابقة أقامتها الأمم المتحدة وفاز بجائزة. من هنا، يقول المخرج في لقاء عابر تم قبل عامين في لندن، إن الفكرة ترسخت: «أعلنت لنفسي أنه في يوم ما سأقوم بإخراج فيلم عن نوح».

* خلافات نام أرونوفسكي على الفكرة طويلا. أنجز منذ عام 1998 وحتى سنة 2010 خمسة أفلام روائية طويلة أولها بعنوان «Pi»، وآخرها «البجعة السوداء» سنة 2010. عندما استجابت «باراماونت» لفكرة تحقيق فيلم عن سيدنا نوح، سنة 2011، توسم المخرج أن نجاح «البجعة السوداء» نقديا وحصوله على خمسة ترشيحات للأوسكار (وفوز واحد نالته بطلة الفيلم ناتالي بورتمان) سيمنحه بعض التأثير على جوانب العمل المختلفة وسيجعله طليقا في القرارات الحاسمة ومنها ما يعرف بـ «نسخة المخرج»، أي تلك التي تحمل بصمته كاملة حين عرضها على الجمهور.

الاستوديو كان له رأي آخر. بميزانية ترتفع عن 125 مليون دولار، لا يستطيع تسليم القيادة للمخرج حتى وإن كان فيلمه الناجح «بجعة سوداء» حصد 330 مليون دولار عالميا. صحيح أن التصوير بدأ و«باراماونت» ترقب من بعيد، إلا أنها قررت الاقتراب أكثر من المشهد والتدخل فيه أول ما اكتملت لدى المخرج نسخة عمل. هنا طلبت منه عرض نسخته غير المنجزة على جمهور اختبار وغايتها من ذلك التأكد من أن رؤيته الفنية ستستقبل جيّدا.

المفاجأة هي أن توقعاتها كانت صحيحة. لقد تجاهلت معارضة المخرج ودعت مشاهدين من فئات مختلفة للعرض الخاص وتلقفت ما كانت تخشاه: رد فعل سلبي. رد الفعل تمحور حول الدكانة التي رسمها المخرج للنبي نوح وللفيلم بأسره. «ليس هذا فيلما مسيحيا» كما كتب أحد الرهبان الذي شاهد تلك النسخة. وكتب آخرون امتعاضهم من أن المخرج صوّر نوح في أحد المشاهد سكيرا. وربما الأهم هو أن نوح أراد محو البشرية بأسرها عن الأرض، كما يقول الفيلم.

بناء على ذلك، قام الاستوديو بالتدخل في المونتاج، وعرضت معالجات عدة من العمل على عينات أخرى من المشاهدين قبل أن يجري الاستقرار على النسخة التي جلبت أكبر نسبة من القبول وهي تلك التي ستنطلق للعروض بعد ثلاثة أسابيع.

* مخرج مريح هذا لم يقع طبعا مع ريدلي سكوت الذي يعمل بمنهج مختلف تماما. هو أهل ثقة مطلقة ولم يسجل عليه أنه سقط في أي خلاف مع الاستوديوهات التي عمل لها على الرغم من أنه أنجز أفلاما تاريخية ودينية متعددة بميزانيات كبيرة. في عام 1992 حقق «1942: غزو الفردوس»، وفي عام 2000 أنجز «غلادياتور»، ثم قام بتحقيق فيلمه عن الحملة الصليبية «مملكة الفردوس» سنة 2005 لجانب أنه حقق «روبين هود» (2010) وأنتج سلسلتين تلفزيونيتين من الصنف التاريخي هما «غيتسبورغ» (على اسم واحدة من أهم مواقع الحرب الأهلية الأميركية) و«العالم بلا نهاية» (2011 و2012).

ما وراء انتعاش النوع الديني - التاريخي (وهناك أفلام دينية ليست تاريخية مثل «ذا ماستر» و«ايدا» و«وراء الهضبة») حقيقة أن الدين لا يزال يشكل موضوعا فلسفيا ووجدانيا وطرحا سياسيا لجانب أنه يشكل حجما دوليا من الروحانية. وهذا التشكيل ليس جديدا (يعود تاريخ الأفلام المشابهة إلى العقد الأول من القرن العشرين على شكل أفلام روائية قصيرة) لكنه في عالم اليوم وما يخالجه متجدد دوما.

الفيلمان المذكوران، «نوح» و«نزوح»، إلى جانب الفيلم التلفزيوني «ابن الآلهة»، تحاول اليوم اختبار مدى رغبة المشاهدين الراغبين في أعمال دينية وتاريخية ذات حجم ملحمي مشاهدة هذه الأعمال داخل البيت أو على الشاشات الكبيرة. لا أحد في هوليوود يعتقد أنه من الممكن الركون إلى الرغبة في إنعاش هذا اللون من الأفلام وحدها. لكن الطريقة التي يستخدم فيها دارين أرونوفسكي المؤثرات لخلق فيضان هائل، والأسلوب الذي يسرد المخرج ريدلي سكوت فيلمه ليعاين التاريخ اليهودي من جديد، سيكونان مثار اهتمام كبير على أكثر من صعيد وربما بداية تعامل متجدد لهوليوود مع المواضيع ذات الشأنين المسيحي واليهودي.

* الدين والسينما: السنوات الأولى

* أول فيلم ديني تاريخي ذا حيز كبير كان «بن حور» الذي حققه سيدني أولكوت سنة 1907. من «المهد إلى الصليب» لأولكوت أيضا (1912) و«كو فاديس» للإيطالي إنريوك غواتزوني، الذي تبعه سنة 1913 كفيلم روائي طويل، تبعاه بنجاح. أعيد تحقيق «بن حور» على أيدي فرد نبلو ومخرجين آخرين سنة 1925 وقبل ذلك قام ديفيد و. غريفيث بتقديم «جوديث وبيتولا» (1914)، وقام سيسيل ب. ديميل بتحقيق نسخته الأولى من «الوصايا العشر» سنة 1923، وهو الذي عاد للأفلام الدينية أكثر من مرة في ما بعد بما في ذلك فيلم صامت بعنوان «ملك الملوك» (1927) ثم نسخة ناطقة من «الوصايا العشر» سنة 1956.

شاشة الناقد

معالجة جديدة لحكاية قديمة

«مجمّد»

الفيلم: Frozen 

إخراج: كريس باك وجنيفر لي تقييم الناقد:(*3)(من خمسة) حكاية هانز كريستيان أندرسن (ذلك الروائي والشاعر الدنماركي الذي وضع بعض أشهر روايات الأولاد والذي عاش ما بين 1805 و1875) «ملكة الثلج» تتحول إلى هذا الفيلم الأنيميشن في عملية استيحاء متحررة من الالتزام بالحكاية الأصلية وما تحتويه من شخصيات وخيوط وعقد.

متحررة لدرجة أن الفيلم والرواية لا يلتقيان إلا من زاوية أن هناك تشابها في الأحداث يدركه من قرأ الرواية (التي كانت من أكبر أعمال المؤلف) وشاهد الفيلم معا. كتاب السيناريو هنا شيّدوا على عالم أندرسن حكاية خاصة تنفصل أكثر مما تلتقي مع حكايات الرواية الأصلية التي نشرها الكاتب قبل ثلاثين سنة من وفاته. بقليل من التجديد في كيفية تنفيذ هذه الشخصيات كان يمكن للفيلم أن يأتي متكاملا للغاية. لكنه بوضعه الحالي، هو فيلم جيد وله جاذبيته الساحرة ضمن نوعه كفيلم كارتوني موجه لجميع الأعمار.

هنا نتعرف على شخصيتي الفتاة الصغيرة آنا (كريستين بل) وشقيقتها الأكبر قليلا إلسا (إدينا مانزل) وذلك في مشهد طويل يجمع بينهما وهما يلعبان. إلسا لديها قدرة سحرية إذ تستطيع تحويل الأشياء إلى ثلج. وهي، من دون قصد، تصيب شقيقتها آنا بقدرتها تلك خلال المشهد ذاته. لكن آنا تتعافى وتبدأ في الطلب من شقيقتها معاودة اللعب معها من دون أن تعلم أن سبب عزوف إلسا عن اللعب معها يعود إلى خشيتها من قدرتها تلك. للغاية ذاتها، ترتدي إلسا القفازات لكي تحد من قدرتها وتتحاشى لمس الأشخاص.

كل شيء رغم ذلك كان على ما يرام إلى أن تتعرّف آنا، بعد سنوات أصبحت وشقيقتها شابتين جميلتين، على أمير رشيق وجذّاب فتتقدم آنا من إلسا (التي أمست الملكة بعد وفاة والديهما) بطلب الموافقة على الزواج من الأمير. تصاب إلسا بخيبة أمل تبقى خفية عن الفهم بالصورة التي ترد فيها هنا. لكن المرجح أن السبب الأساس يكمن في أن إلسا تدرك أنها لن تستطيع معاشرة الرجال أو الزواج نظرا لحالتها الغريبة لذلك تشعر بالغيرة من آنا. وما تلبث الملكة أن تلجأ إلى قصر في أعالي الجبال، الأمر الذي يدفع آنا لمحاولة الوصول إليها رغم كل المعوقات والمخاطر.

في هذه المرحلة يتم تقديم شخصيات أخرى تتكلم وتغني، من بينها شخصية غزال رُسمت لجذب الأطفال دون سواهم، لكن الفيلم ليس ساذجا والأولاد ربما كان من الأفضل لهم دخول الصالات بصحبة أوليائهم نظرا لبعض المشاهد ذات الطبيعة الغامضة بالنسبة إليهم.

إنه الفيلم الكارتوني الطويل الثالث والخمسون من إنتاج الاستوديو منذ أن بدأ الراحل وولت ديزني بتقديم تلك الأعمال في الثلاثينات. في عام 1937 أنجز «سنو وايت والأقزام السبعة» وبعد عامين أنتج «بينوكيو» و«فانتازيا»، هذه الأفلام الثلاثة هي التي وضعت استوديو ديزني على عربة الانطلاق في مجال سينما الأنيميشن إلى اليوم. وهو فيلم موسيقي - غنائي بقدر ما هو رسوم متحركة، وهذا عنصر عمل يصاحب الحكاية ويثريها جيدا. الفيلم خال من الملل، ولو أنه خال أيضا من الرسالة التي تزيد إلمام الأولاد بما هو أبعد من حالات البشر. المطلوب ليس بالضرورة مادّة ثقيلة وعصيّة على الفهم، بل بعض تلك اللمسات الذهنية التي من شأنها إثراء العمل.

10-TOP

حدث كبير بالنسبة لسينما الأنيميشن وقع هذا الأسبوع: فيلم جديد من إنتاج بيكسار بعنوان «The Lego Movie» جذب أكثر من 72 مليون دولار في أيامه الخمسة الأولى. هذا في الوقت الذي لا يزال فيلم الأنيميشن الأخر «مجلد» ينجز أرقاما لا بأس بها، إذ حل رابعا هذا الأسبوع، لكن مجمل ما أنجزه من نجاح داخل أميركا الشمالية يزيد قليلا على 369 حتى الآن.

فيلم جورج كلوني «رجال النُصب» شد نحو 24 مليون دولار، وحل ثانيا، في الوقت الذي أخفق فيه فيلم جديد ثالث هو «أكاديمية الفامبايرز» في تسجيل رقم متقدم، وانتهى إلى 4 ملايين دولار بعدما حط في المركز السادس.

باستثناء «مجمّد» ليس من بين الأفلام في قائمة العشرة الأولى أي عمل مرشح للأوسكار. هذه تأتي في العشرة التالية (ومنها «دالاس بايرز كلوب» و«هير»). أما «مجمّد» فهو مرشح في سباق الأنيميشن.

1 (-)(*4)The Lego Movie: $72,544,343 2 (-)(*2)The Monument Men: $23,625,380 3 (1)(*2)Ride Along: $09,311,460 4 (2)(*3)Frozen: $6,914,752 5 (3)(*3)The Awkward Moment: $5,540,650 6 (5)(*2)Lone Survivor: $5,221,546 7 (-)(*1)Vampire Academy: $4,101,884 8 (4)(*2)The Nut Job: $3,809,532 9 (6)(*2)Jack Ryan: Shadow Recruit: $3,677,090 10 (7)(*2)Labor Day: $3,240,045

سنوات السينما: 1940

أوسكارات العام

ذهب أوسكار أفضل فيلم إلى «ذهب مع الريح» متجاوزا ما وفرته أفلام قوية أخرى مثل «نيوتشكا» و«ساحر أوز» و«غودباي مستر تشيبس». هذه الأفلام والفيلم الرابح من إنتاج مترو غولدوين ماير. روبرت دونات نال أوسكار أفضل ممثل عن «غودباي مستر تشيبس»، وبين الممثلات نالتها فيفيان لي عن «ذهب مع الريح». الممثلة السوداء هاتي ماكدانيال نالت الأوسكار عن أفضل ممثلة مساندة عن الفيلم ذاته، وكانت بذلك أول ممثل أفرو - أميركي ينالها. وسجل «ذهب مع الريح» نجاحا إضافيا بفوز مخرجه فيكتور فلمينغ بأوسكار أفضل مخرج.

المشهد

رحيل شيرلي

عندما عادت الممثلة شيرلي تمبل، التي توفيت في العاشر من هذا الشهر، إلى الشاشة سنة 1963 بفيلم عنوانه «الحب هو شيء كشظايا كثيرة» (Love is a Many- Splintered Thing)، شهدت عودتها تلك خمس حقائق. الأولى أنها كانت ابتعدت عن التمثيل في السينما منذ عام 1949، والثانية أنها كانت بلغت الخامسة والثلاثين من العمر، والثالثة أن الفيلم كان رديئا، والرابعة أن دورها لم يكن بطوليا، والخامسة أن الفيلم لم يحقق نجاحا.

لكن شيرلي تمبل كانت معذورة. لقد كانت نجمة كبيرة، بل وكانت أشهر النجمات ما بين 1935 و1940. أي أنها بلغت تلك المرتبة وهي في السابعة من عمرها وحتى الثانية عشرة من العمر. أمر لم يحدث مثيله مع أي ممثلة (أو حتى ممثل) بالقدر ذاته. كانت بدأت التمثيل وهي في سن الخامسة (بفيلم «آخر وقفة لفتاة»)، وخلال السنوات المذكورة لعبت بطولة 19 فيلما. ثم مثلت ثلاثة عشر فيلما آخر من 1941 حتى 1949 قبل أن تغيب لتعود من جديد، وفي دور ثانوي هذه المرة، عودة غير موفقة.

مع ذلك، شيرلي تمبل كانت محظوظة. لجانب شهرتها الكبيرة وهي لا تزال طفلة فإن السينما لم تهملها أول ما أصبحت ممثلة شابة. الإهمال حدث لاحقا بعدما تخطت العشرين من العمر. هنا تساوى مصيرها مع مصير العديد من الممثلين والممثلات الذين لعبوا أدوارهم الرئيسة خلال طفولتهم، وقبل سنوات البلوغ، ثم توقف الطلب عليهم بعد ذلك. لكن في سنوات نجوميتها لم تجارها أي ممثلة أخرى. كانت تتسلم من رسائل المعجبين أسبوعيا أكثر مما تتسلمه غريتا غاربو. أيامها كان كلارك غيبل النجم الراشد الأول، لكنه كان ثانيا، وبمسافة ملحوظة، بحسبان كل الممثلين.

في سن الثانية والعشرين أصبحت من أهم مروجي الحزب الجمهوري وجامعة تبرعات له. وانخرطت في السياسة أكثر عندما عينها الرئيس جيرالد فورد سفيرة للولايات المتحدة لدى غانا (ما بين 1974 و1976)، وبعد ذلك عينها فورد رئيسة «البروتوكول» في البيت الأبيض حتى عام 1977 عندما عادت للسلك الدبلوماسي عندما عينها جورج بوش الأب سفيرة لدى دولة تشيكوسلوفاكيا سنة 1989.

بذلك تكون الفتاة الصغيرة ذات الوجه البريء والروح القوية وجدت ما تعمله بعيدا عن السينما والتمثيل، ربما من باب أن نجوميتها خفّت عندما تحولت من فتاة إلى امرأة. تلك الذاكرة لدى الجمهور، خصوصا في الأربعينات والخمسينات، كانت عاطفية تريد الأشياء والوجوه كما هي بلا تغيير.

للمناسبة، هناك ممثل مسن آخر بدأ ولدا صغيرا وعرف نجاحا طيبا لازمه لعقود. على العكس من شيرلي تمبل، لا يزال حيا يرزق. إنه ميكي روني الذي ولد سنة 1920 مما يجعله في الرابعة والتسعين حاليا. آخر مرة شاهدته فيها كانت قبل خمس سنوات، حين أممت عرضا خاصا لفيلم في أكاديمية العلوم والفنون السينمائية ودخل مع مساعدته ليجلسا على مقربة. في العام الماضي شوهد في فيلم تشويقي لجانب فرانكو نيرو بعنوان «الغابات». كان لا يزال يستطيع تقديم أداء لا بأس به.

الشرق الأوسط في

14.02.2014

 
 

تستعد لأولى تجاربها في الإخراج السينمائي

سكارليت جوهانسون: أعرف عيوبي وأثق بنفسي

إعداد: محمد هاني عطوي 

نجمها يلمع في كل مكان، في عالم السينما، وعلى الملصقات الإعلانية لفيلم "دون جون" وعلى مسرح برودواي، وحتى في باريس، حيث تعيش جزءاً من حياتها منذ أن وجدت فيها الحب . إنها باختصار الممثلة، وعارضة الأزياء، والمغنية الأمريكية، ذات الأصول الدنماركية والبلاروسية سكارليت جوهانسون .

بدأت سكارليت مشوارها السينمائي بفيلمها الأول عام 1994 باسم "نورث" . والحقيقة أن جوهانسون هي، في المقام الأول، صاحبة صوت عذب أو صوت "مبحوح"، كما يقول سلاطين الغناء والطرب، فبحة صوتها تنبعث من الأعماق . وعندما كانت طفلة، كان خبراء الأصوات يسألون والدتها إن كان صوتها مبحوحاً طبيعياً أم بسبب مرض . ولكن بعد عشرين عاماً، حصلت، بفضل أدائها الصوتي في فيلم "هير"، وهو فيلم روائي طويل للمخرج سبايك جونز، على جائزة أفضل ممثلة في المهرجان السينمائي الدولي الثامن في روما . وفي فيلمها الجديد "دون جون"، وهو من النوع الكوميدي للمخرج جوزيف جوردون ليفيت، يقف صوتها العذب مرة أخرى إلى جانبها حينما تقلد اللهجة المبتذلة لضواحي ولاية نيوجيرسي الأمريكية، وتملأ الشاشة فتنة، حينما تجسد شخصية باربرا شوغارمان، تلك الفتاة التي تتزين دائماً على الطريقة الفرنسية الفاتنة . وتقول سكارليت: "أردت أن أجسد بحق هذه البطلة، بكل تفاصيلها؛ لأن قوام باربرا يكاد يكون شخصية في حد ذاته" .

يقول عنها المخرج وودي آلن الذي أخرج لها ثلاثة أفلام: "تمتلك سكارليت جوهانسون تلك المواصفات الجسدية التي لا تجعلها تبهر المكان الذي تصل إليه، ولكن تبهر كل من في المكان" . 

من جهتها تشعر سكارليت جوهانسون التي لم تبلغ بعد ال30 عاماً، بالقلق من عوارض الزمن على الرغم من المقومات الجمالية التي تمتلكها . وتقول في ذلك: "عندما أحدق في المرآة في صبيحة كل يوم ألمح تغييرات جديدة في وجهي، فبعد سن ال ،25 يتغير الجسم باستمرار لأن كل شيء في حركة" .

تضيف سكارليت: "لحسن الحظ، يرافق ذلك التغير المزيد من النضج، فالنساء بشكل عام، يتعلمن كيف يقبلن هذه التغييرات مع التقدم في السن، وأنا مثل أي واحدة منهن أشعر بالسعادة، وأعرف عيوبي، والتطورات التي تحدث في حياتي، كما أنني اكتسبت ثقة بنفسي كممثلة، ولا أدري إن كان ذلك واضحاً على الشاشة، وللجمهور أن يحكم على ذلك" .

وعن دورها في الشخصية التي تجسدها في فيلمها "دون جون" تقول سكارليت: "الشخصية بحد ذاتها لم تترك لي خياراً، فباربرا تعي تماماً جاذبيتها الفاتنة وتعرف أيضاً أن هذه الجاذبية تساوي الكثير" . 

يبدو أن لهجة "نيو جيرسي" لعبت دوراً مهماً في إتقان سكارليت للدور الجديد، فقد اكتسبت هذه اللهجة بسهولة خاصة أنها بنت مانهاتن التي نشأت على ضفتها الأخرى من النهر . وفي ذلك تقول سكارليت: "لهجة مانهاتن هي بالنسبة لي موسيقى مألوفة، وإذا كانت نيويورك هي مينائي الذي أرسو فيه، وموطني الذي يستحيل عليّ تجاهله، فإنني الآن مجبرة على القيام برحلات متكررة بين نيويورك وباريس"، ففي الصيف الماضي وافقت سكارليت على طلب الزواج من شاب فرنسي يعمل في مجال الإعلان وهو رومان دورياك لتنضم بذلك إلى نادي النجمات الأمريكيات اللواتي عثرن، على ما يبدو، على توأم الروح في فرنسا أمثال: صوفيا كوبولا، وهيلاري سوانك، وهالي بيري وناتالي بورتمان .

تقول سكارليت: "المدينتان أختان فسكان نيويورك، مثل سكان باريس واضحون وصريحون، لكنني في باريس أحب الساحات التي تعزف فيها الموسيقى، وأعشق توجهات الطهي الجديدة، والمشي في حديقة لوكسمبورغ أو في الحدائق الهادئة في متحف رودان، كما أعيش في مكان ليس بعيد عن لندن حيث توجد مجموعة رائعة من الأصدقاء والأقارب" .

وعن خطوبتها تفضل النجمة سكارليت السكوت معلّقة: "هذا أمر بيني وبينه، ولا أريد أن يطلع عليه كل الناس إلا في الوقت المناسب" .

منذ أن حكم على أحد قراصنة الإنترنت الذي نشر لسكارليت صورة خاصة مسروقة، وظهورها كضيفة شرف في رواية فرنسية رائجة جداً وملاحقة الناشر أمام القضاء لاستخدامه بطريقة غير مشروعة الحقوق الشخصية، والنجمة سكارليت لا تتوانى في الدفاع عن حياتها الخاصة؛ لأنها عنيدة وغيورة على خصوصياتها، ولا سيما أنها تشعر بأنها مراقبة . ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي في تايبيه، تحوَّل تصوير فيلم "لوسي" للمخرج الفرنسي لوك بيسون الذي تلعب فيه دور البطولة ، إلى كابوس لأن البابارازي لم يكفوا عن مطاردتها . وتقول سكارليت: "في باريس أتعرض كثيراً للمضايقة، وأعتقد أنه ينبغي على هذه المدينة الجميلة أن تتعود عليّ لأنني لاحظت أنه كلما زادت مدة إقامتي قلت الفائدة من وجودي هنا، وذلك يرجع للمضايقات التي لا تكف عن مطاردتي، لذا آمل أن أستمتع يوماً ما بمزيد من الخصوصية" .

في الوقت الراهن، المشاريع المتعددة لسكارليت تجبرها على البقاء بعيداً عن الضفة اليسرى لباريس حيث وتيرة العمل الجنونية، ولذا قضت النجمة الأمريكية فصل الربيع على خشبات مسرح برودواي في إنتاج جديد لمسرحية وتينيسي وليامز الشهيرة "قطة على صفيح ساخن"، التي ألفها في العام 1955 . وتقول سكارليت: "الحقيقة أن وتيرة العمل هنا كانت جنونية، ومرهقة أيضاً ولذا أشعر دائما أنني في فترة نقاهة" . ومن المتوقع بعد الانتهاء من تصوير فيلم الأكشن للوك بيسون أن تتابع النجمة سكارليت تصوير الجزء الثاني من فيلم "المنتقمون"، حيث إنها ستلعب دور الأرملة السوداء . أما في الوقت الضائع، فتستعد سكارليت بعصبية للوقوف وراء الكاميرا لتصوير فيلم "عبور الصيف"، المقتبس من رواية لترومان كابوت كتبها أيام الشباب، التي تعمل على إخراجها منذ ست سنوات، وسوف تبدأ في التصوير في يوليو/تموز المقبل في نيويورك . وتقول النجمة عن هذه التجربة: "هذا هو هدفي الأول منذ كان عمري 12 سنة" .

الخليج الإماراتية في

14.02.2014

 
 

عبدالعزيز مخيون :

السينما المستقلة .. بديل يمثل مصر في المهرجانات الدولية

ألعب دور كاتب صحفي يكشف تجار الدين في "تفاحة آدم"

فكري كمون 

انتهي الفنان الكبير عبدالعزيز مخيون من تصوير دوره في الفيلم السينمائي "تفاحة آدم" قصة وسيناريو وحوار أمل صديق عفيفي وإخراج هشام عيسوي وإنتاج شريف مدكور. 

يقول عبدالعزيز مخيون: الفيلم يدور حول تاجر يدعي انه يرعي الإسلام ويحافظ عليه ويستغل حاجة الشباب لتنفيذ أفكاره الهدامة في الانتقام من كاتب يحاول كشف شخصيته وفضح متاجرته بالدين. 

يلعب عبدالعزيز مخيون في هذا الفيلم شخصية الكاتب الصحفي المستنير وصاحب رؤية في الإصلاح والأخذ بأساليب العلم الحديثة وذلك في مقالاته التي يكشف فيها نماذج التاجر الذي يدعي التدين وهذا الكاتب يتهمه هذا التاجر بأنه ملحد وضد الدين ويستخدم سائق تاكسي له ظروف صعبة بسبب مرض زوجته ويطلب منه أن يقتل هذا الكاتب الملحد ويلعب دور هذا السائق "عمرو يوسف" وتلعب دور الزوجة المريضة "سهر الصايغ" ويتضح في النهاية ان هذا الكاتب حريص علي دينه ويؤدي الفرائض كما يكشف الفيلم عن نزاع علي قطعة أرض يريد التاجر المدعي الاستيلاء عليها. 

يقول عبدالعزيز مخيون انه صور بعضا من مشاهد دوره في أماكن متفرقة منها صحراء سقارة وأكاديمية طيبة ومسرح السلام وفي المهندسين والفيلم يعد واحدا من أفلام السينما المستقلة ولهذا فنحن نتقاضي أجورا زهيدة علي أدوارنا فيه وربما لا نتقاضي شيئا إلي أن يتم عرضه بل ان عرضه لا يتم في دور العرض العادية جماهيريا ولكنه يعرض بالتسويق في الجامعات الأمريكية والمحطات الفضائية وبرامج المهرجانات. 

وقد سبق لمخرجه أن أخرج فيلما لنفس السينما المستقلة وهو "الخروج من القاهرة" مع نفس المؤلفة د. أمل عفيفي ونال العديد من الجوائز الدولية و"تفاحة آدم" تشترك في بطولته صبا مبارك. أما منتجه شريف مدكور فهو مخرج ولكنه يزاول مهنة الانتاج في أكثر من عمل.. كذلك فإن مخرج هذا العمل هشام عيسوي يكاد يكون علي سفر دائم ما بين القاهرة وأمريكا حيث يأتي إلي مصر لإخراج هذه النوعية من الأفلام التي أصبحت تمثل السينما المصرية في العالم ونشترك بها في المسابقات العالمية. 

مجلس أمناء 

وعبدالعزيز مخيون صاحب رأي سياسي جريء فيما يدور من أحداث يقول انه يأمل أن تتحقق فكرة الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل في أن يحكم المشير السيسي مصر بمساعدة فريق من مجلس أمناء لأن القضايا كثيرة والملفات الشائكة ضخمة ومفتوحة وتشمل أزمات المياه والطاقة والعشوائيات ولو كان هناك فرعون فإنه لن يستطيع حلها وحده. 

وعن نشاطه الخاص يقول عبدالعزيز مخيون انه يعكف علي الانتهاء من كتابين له الأول يتضمن مجموع مقالات له في الصحافة والنقد المسرحي علي مدي 36 عاما والكتاب الثاني عن "يوميات مخرج مسرحي في قرية مصرية" يرصد فيه يوما بيوم أحوال القرية المصرية في عيني فنان مقيم بها. 

الجمهورية المصرية في

14.02.2014

 
 

(لامؤاخذة).. أين الفيلم؟

أ.د. وليد سيف  

تتطور الفنون وتتنوع مذاهبها ويتوالى ظهور المدارس الإبداعية، ويظل العمل الفنى الجيد هو ذلك الذى يطرح من خلاله صاحبه رؤية متكاملة يعبر عنها بقوة وتأثير مهما تعددت الأفكار ويتحدد لديه الهدف مهما تعقد البناء وتعددت الخطوط والشخصيات، وأصبحت فيه كل لقطة وجملة ولفتة، بل ولحظة صمت أقرب لخلية حية صغيرة تعبر فى مكوناتها الأولية عن الروح والرؤيا العامة للعمل وكأنها جزيئة صغيرة منه تحمل كل مكوناته وصفاته الجينية، بعيدا عن هذا يصبح الحديث عن التجريب أو الحداثة ومابعدها أو غيرها من المدارس الفنية عبث، فهل وعى عمرو سلامة فى تجربته الثالثة بهذا الدرس، وهل جاء فيلمه معبرا عن فهم يتعمق ويتطور للغة الفن عموما والسينما خصوصا، هذا هو السؤال الذى يطالعنا فى كل لحظة ونحن نتابع فيلمه الجديد لامؤاخذة.

بطبعى لا أكون أى إنطباعات مسبقة عن العمل قبل مشاهدته ولم يشغلنى قليلا أو كثيرا ما أثير من ضجة حول تصدى فيلم لامؤاخذة لمسـألة التمييز الطائفى فى مصر بين المسلمين والأقباط، وهو ما يبدو جليا فى إشارات كثيرة يتضمنها شريطه الدعائى، وربما هذا ما دعى حامى حمى الوطن والوطنية الملحن عم مصطفى للمطالبة بوقف عرض الفيلم تماما كما كان يوقف بنفسه وبصحبته اتباعه أى مواطن يعبر من شارعهم لمجرد إشتباههم بكونه أجنبيا ليتهموه بالخيانهة والتجسس والعمالة والعمل على تخريب الوطن أثناء ثورة 25 يناير. 

مقدمة إعلانية

الشىء الوحيد الذى توقعته هو أن أرى فيلما جديدا ومختلفا فى طابعه ومذاقه ويعبر عن فهم سليم للغة الفيلم ويتميز بقدر من التماسك الدرامى ووحدة الأسلوب كما رأيت فى تجربتى عمرو سلامة السابقتين زى النهاردة وأسماء، ولكن المشاهد الأولى من لامؤاخذة جعلتنى أتوقع تجربة أكثر طموحا وتحررا أكثر فى الأسلوب ورؤية ذات طابع كوميدى ساخر، خاصة وقد صاحب هذه المشاهد صوت النجم الكوميدى الشهير أحمد حلمى كراو ومعلق على الأحداث، ولكن هذه المشاهد طالت بكل أسف، وكما لوكان المخرج قد سعد بقبول أحمد حلمى لهذا الدور فإستفاض فى المشاهد التى تحكى حكاية أسرة البطل الطفل، وبأسلوب أقرب لإعلانات السلع الفاخرة الترفيهية التى تستعين بأسر ميسورة الحال، لتكون وسيلتنا لمعرفة الحياة المرفهة التى عاشها الطفل قبل أن يتوفى والده فى مشهد عبثى ذى طابع ساخر غير مقبول أو مثير لأى ضحك لنعيش مع الطفل رحلة معاناته فى مدرسة حكومية مراعاة للظروف القاسية التى تمر بها أسرته الصغيرة والتى لم يطرأ عليها أى تحول إلا على حساب هذا الطفل.

هذه المقدمة وهذا التحول لا يمكن أن ينتج عنها إلا فيلم ذى طابع ميلودرامى، وربما لهذا طعم المخرج فيلمه ببعض المشاهد فوق الواقعية كتلك التى نرى فيها تلاميذ المدرسة يطيرون من أمام الكانتين أو مع شخصية التلميذ أبو شنب الذى يظهر فجأة ويوجه نصائح وإرشادات للطفل البطل أو فى غرفة المنبوذين وأيضا غرفة التلاميذ الأقباط المزعومة الذين نتعرف عليها متأخرا.

لا مانع بالطبع أن ينتهج المخرج الأساليب التى تروق له أو أن يمزج أو حتى يخلط بينها طبقا للمفاهيم ما بعد الحداثية ولكن المفترض أن يتم هذا فى إطار رؤية وألا تنسخ مشاهد تتبنى أساليب معينة مشاهد أخرى تتبى أساليب مختلفة، ففى هذا الإطار تفقد مشاهد واقعية جدا مدلولها الواقعى بعد أن إختلطت بما فوق الواقعى، فالمدرسين بأنماطهم وأسلوبهم وأشكالهم المزرية والمثيرة للضحك والرثاء أو الإستياء والإشمئزاز أو الإحتقار والكراهية لا يزيدون مطلقا فى أى شىء عن الأنماط الشائعة فى مدارسنا البائسة التى تفوق أى فانتازيا والذين تعلمت أنا شخصيا أو فقدت فرصة التعلم السليم بسببهم.

واقع أم خيال

وهنا يقع عمرو سلامة فى فخ المزايدة على الواقع بالفانتازيا مع إن الواقع بشروطه وظروفه الحقيقية وبدون أى فذلكة هو متجاوز لأى فانتازيا، والمسألة لم تكن تتطلب سوى معايشة واقع تلاميذنا البؤساء فى مدارسهم الفقيرة العفنة التى لا تعلمهم سوى الذل والبلطجة والتخلف والقذارة، وساعتها كان يمكن لعمرو أن يقدم فيلما واقعيا رائعا بإمتياز يتضمن صورا من الخيال تفوق أى واقع.

ولكن هذا الموضوع الذى يشغل مساحة مؤثرة من الفيلم سرعان ما يتوه لحساب موضوع آخر يشغل مساحة أخرى دون تأثير يذكر والمقصود به مسألة التمييز الطائفى، وهو موضوع لا يتأصل ولا يتطور أبدا ولا يبدو إلا من خلال توجس الطفل وكذبه المجانى وتظاهره بأنه مسلم وهى مسألة لا يترتب عليها أى شىء ولا تبدو إلا من خلال ملامح قليلة وباهته لردود فعل الأولاد ونظرتهم للمسيحيين أو لقطات فوتومونتاج ريبورتاجية لتصريحات مشايخ ورجال دين اسلامى تبدو مقحمة.

والحقيقة أن المخرج أيضا لو أراد أن يصنع فيلما يسخر فيه من مفهوم التمييز الطبقى لكان يكفيه ان يجالس البعض من إخواننا الأقباط لينصت إلى حكايات حقيقة بلا حصر تثير الرثاء بقدر ما تثير السخرية وكان بإمكانه أن ينسج منها إسكتشات تصب فى قالب واحد ويجمعها إطار واحد بدلا من هذا الإطار المتهدل المتداعى الذى يفتقد لأى تعبير أو تأثير والذى يبدو فيه التمييز الطائفى لا يزيد عن كونه هاجس فى ذهن الشخصيات المسيحية أو إحساس لا يتم التعبير عنه بأى فعل من قبل المسلمين، وبهذا لا يختلف الفيلم كثيرا عن افلام الدعاية المجانية المستهلكة التى ترفع شعار يحيا الهلال مع الصليب متجاوزة عن واقع مؤلم بسذاجة وفجاجة. 

طائفى أم طبقى؟

ولكن المسألة التى تشغل الجانب الأكبر من الفيلم والتى كانت جديرة بأن تصنع له قيمة ومعنى هى مسألة التفاوت أوالتمييز الطبقى، فمشكلة الطفل فى الغالب هى ليست مشكلة طالب مسيحى بين طلاب فى مدرسة غالبيتها مسلمين لان التعرض لمسألة الدين لم تظهر إلا فى حالة إصرار المسيحى على إستفزاز المسلمين بالإفطار أمامهم أثناء صيامهم، كما أن مسألة فساد وخراب التعليم الحكومى لم تؤثر على مسيرة الولد الدراسية ولا تفوقه ولا حرصه على التعلم، ولكن مشكلة التمييز والتفاوت الطبقى هى التى تبدو أكثر وضوحا، فالولد يعانى بداية لأن مظهره مختلف عن زملائه، ومحاولاته فى التقرب منهم إجتماعيا تبوء بالفشل.

بل إن الفجوة تتزايد حين تتأكد لديهم مكانته بحضور أمه للمدرسة، ربما يحقق الصليب على صدرها شيئا ما، ولكن لن يكون بإمكانها تحقيق أى شىء إلا بفضل مكانتها الإجتماعية، ولكن حتى هذه القضية تتوه بمعانيها وتلميحاتها فى ظل تزاحم الأفكار وهلوسة الأساليب التى أصابت المخرج، وقبل كل هذا تلك النزعة الكوميدية الفاشلة فى رسم الشخصيات والمواقف وهذا الزيف والإصطناع الذى يصبغ كل شىء ويهمش كل الموضوعات، ويحيل الحكاية كلها فى النهاية إلى صراع جسدى بين طفل شقى شرير ضخم الجثة وآخر طيب ضعيف البنية يضطر إلى تعلم الجودو للتغلب عليه فى معركة فاشلة وهزيلة وغير قابلة لاى تصديق، وكما قرر المخرج ان يدخل إلى ملعب الكوميديا الذى لا يجيده إنتقل فى النهاية إلى مشهد حركة أو معركة حققه بفقر شديد وبتفاصيل قديمة ومكررة من أيام على الكسار ونجيب الريحانى حيث تحسم حفنة من الرمال فى وجه ضخم الجثة المعركة لصالح الصغير الضيل الذى يبدو كالفأر وهو يرقد على خصمه الضخم.

ولن يضيف لكل هذه المعانى سوى مزيد من الضبابية والتشتت مشهد النهاية حين نرى الطفل المسيحى وهو يبتسم فى سعاده حين شارك زميله المسلم العقاب فى شعور بعدم التمييز، كان بإمكان هذا المشهد أن يكون من أفضل النهايات ولو تأسس لهذه المعانى من داخل الفيلم، ولو أخلص السيناريو لأى معنى أو قيمة وصنع منها خطا واضحا ومحددا لا يحيد عنه مهما تعرض لأفكار ومهما تنقل لخطوط أخرى..

وفى مقابل هذا الترهل الفكرى والدرامى يبدى عمرو سلامة حرصا غير عاديا على الشكل وجماليات ودرامية الصورة، فالحرص على الشكل يبدو دائما على حساب المضمون مع أنه من المفترض أن يتحد كل منهما مع الآخر، وتلك مأساة أخرى لا تخص عمرو سلامة وحده ولكنها تخص الكثيرين من مخرجى الأجيال الأحدث.

بين عالمين

من خلال الديكور لهند حيدر يتشكل التناقض الواضح بين العالمين الذين يحيا بينهما الطفل، بين هذا البيت الأنيق ذو الطابع الغربى بنظافته ونصوعه وهدوء ألوانه إلى عالم المدرسة بقذارته وألوانه الكابية وسيطرة الأصفر الباهت، وهى مسألة يرسخ لها الضوء بمفهوم درامى بليغ لدى مدير التصوير إسلام عبد السميع الذى يتفنن فى إظهار هذا التناقض ويوغل فى تحقيقه عبر مشاهد غرف التلاميذ المنبوذين التى يتمكن من تحقيق الضوء المناسب لها رغم قتامتها، وبصرف النظر عن الترهل والتشتت الدرامى الذى يصيب الإيقاع فى مقتل ولكن لا شك أن المونتير باهررشيد يحقق جزئيا نقلات سلسة وربط متصل بين المشاهد واللقطات، وهى مسألة تعبر بالتأكيد عن تصور مبدئى متكامل لتتابع الصورة لدى المخرج، الذى يبدو يقظا جدا فى إختيار لقطاته وزواياه المعبرة وعدساته وأحجام لقطاته التى تضيق لتركز على المشاعر والإنفعالات وتتسع لتكشف على الحالة العامة والخريطة الواسعة والأجواء المعبرة.

ولكن فى مقابل هذا الإهتمام والتوظيف لعناصر الصورة يتراجع الإهتمام بعناصر الصوت بصورة ملفتة فالمؤثرات الصوتية لا يبدو لها أثرا، كما أن الحوار ذاته يبدو فى كثير من الأحيان غير مسموع، خاصة مع ممثلين صبية من الواضح أنه لم يبذل معهم جهدا كافيا للتدريب على الأداء الصوتى، بل وحتى على التحكم فى النطق ومخارج الألفاظ بصورة سليمة أما الموسيقى التصويرية لهانى عادل فتبدو فى غاية الفقر ولم تتميز سوى فى حرصه على توظيف الآلات التى تستخدم فى المسيقى المدرسية ولكنها فى مقابل هذا لم تعبر عن التناقض بين البيت والمدرسة، ولا بين الموسيقى الكنسية والإنشاد الدينى مع أنها كانت أحد الموضوعات التى تطرق لها الفيلم والتى لم يمهد لها الفيلم موسيقيا بالقدر الكاف حين نجح الطفل المسيحى فى مسابقة الإنشاد الدينى ربما بفضل تميزه وتفوقه وتدريبه الصوتى على الغناء الكنسى.

على جانب آخر وبعيدا عن الأداء الصوتى للمثلين الصبية فمن المؤكد أن المخرج وفق كثيرا فى إختيارهم، كما أنه وجههم حركيا وإنفعاليا بدقة، بينما كانت كندا علوش فى دور بلا معنى ولا ملامح ولا هدف تماما كهانى عادل الذى لم يتجاوز دوره فى التعبير أى مسافة أبعد من الملابس التى كان يرتديها وهذا ببساطة لأنه لاتوجد رؤية ولا خطة واضحة ولا هدف محدد، ربما أراد المخرج أن يعبر عن تأثير تخلف التعليم والتفاوت الطبقى على التمييز الطائفى ولكن الأعمال لا تحسب بالنيات، وإذا كان التراجع بسبب مخاوف او محاذير رقابية، فينطبق على هذا الفيلم الحكمة الشعبية الشهيرة:" إن خفت ما تقول، وإن قلت ما تخاف"

صفحة "النقد السينمائي" على FaceBook في

14.02.2014

 
 

المخرج السينمائي السوري عمر أميرالاي شهيد الثورة الأول

فيلم 'محاولة عن سد الفرات' يعتبر أول أفلام الثلاثية الوثائقية عن نهر الفرات، الذي وثق فيه تأثير السد على حياة الناس.

العرب/ عبد الحاج 

دمشق - حول بحيرة الأسد، يمتدّ بلد اسمه سوريا الأسد. من سوريا الجديدة هذه اختار عمر أميرالاي قرية. هذه القرية وأهلها وحتى بئر الماء فيها اسمها الماشي. قرية يحكمها شيخ عشيرة هو نائب في مجلس الشعب، يعاونه ابن أخيه مدير المدرسة ومسؤول الحزب. إنها بعبارة أخرى عيّنة من بلد يحكمه حزب البعث منذ أكثر من أربعين عاما دون منازع..

في قرية “الماشي” هذه، صوّر المخرج السوري الراحل فيلمه الوثائقي “طوفان في بلاد البعث” سنة 2003. ومن دون تعليق كثير أو نقد، يترك عمر أميرالاي الصورة تنساب كما هي لتروي لنا حكاية القرية في الفترة التي تلت تولّي بشار الأسد الحكم، بعد وفاة والده الرئيس حافظ الأسد.

أميرالاي ولد في دمشق عام 1944 لأب كان ضابطا سابقا في الجيش العثماني وأم لبنانية.

وفي عمر 21 عاما، انتقل إلى باريس حيث درس في المعهد العالي للدراسات السينمائية، لافيمي.

وحاول تسجيل أحداث ثورة الطلاب من جامعة مونتير عام 1968، أنجز العديد من الأفلام التسجيلية للتلفزيون الفرنسي منها “مصائب قوم”، و”عطر الجنة” و”الحب الموؤود”، و”فيديو على الرمال”، و”العدو الحميم”، وفيلم “إلى السيدة رئيسة الوزراء بنازير بوتو”، حين تشكّلت هويته اليسارية والتزم العمل السينمائي كوسيلة تعبير “على متاريس الحي اللاتيني”.

وليعترف أنه لا يعتقد بمنطق السلطة، “والدي توفي وأنا في سن مبكرة، فنشأت حكما في غياب مصدر السلطة هذا”.

دائرة أوسع

في عام 1970، شعر أميرالاي أن أمرا مهما وإيجابيا حصل في سوريا (انقلاب حافظ الأسد في ذلك العام)، وقال أميرالاي وقتها إنه يريد توثيق “التغيير الإيجابي” الذي يقوم به النظام البعثي الجديد.

في أول أفلامه “محاولة عن سدّ الفرات” 1970 في 16 دقيقة ذهب إلى منطقة الفرات في قرية مويلح في منطقة دير الزور، وصنع فيلما تسجيليا عن السدود التي يقيمها النظام الجديد على النهر، حيث رصد عمر الحياة والواقع الريفي المهمل وحاول تأسيس علاقة عضوية مع هذا الواقع لا تنتهي بانتهاء الفيلم التسجيلي.

فيلم “محاولة عن سدّ الفرات” هو أول أفلام الثلاثية الوثائقية عن نهر الفرات، التي قام خلالها المخرج بتوثيق تأثير السد على حياة الناس، بعدها تعرّض أميرالاي إلى حملة عدوانية مشدّدة وكريهة من السلطة الحاكمة، نابعة من اتهامه بتشويه صورتها.

كان يؤكد مرارا على أنه ليس سياسيا. وبصفته عضوا في “المجتمع المدني الجديد”، في عام 2000، كان من بين 99 مثقفا سوريا وقعوا على عريضة تحث الرئيس المنتخب حديثا بشار الأسد على رفع قانون الطوارئ، الذي وضع عام 1963. وفي عام 2005 انضمّ أميرالاي إلى إعلان دمشق الذي تضمّن أيضا إصلاحات وانتقال سوريا من الحكم الاستبدادي إلى الديمقراطية.

ونظرا لإيمانه بالديمقراطية، وقع أميرالاي -مع نشطاء في حقوق الإنسان وشخصيات سورية أخرى بارزة- على بيان أثنوا فيه على ثورتي تونس ومصر. يصف العلاقة بين النخب العربية والغربية بأنها علاقة تحكمها طبيعة النظام العالمي، مجتمعات متقدمة تنتج حضارتها ومعرفتها ومجتمعات تابعة أو مستهلكة. فالمثقف الغربي على حدّ قول أميرالاي، لا يفهم عدم قدرة المثقف العربي على القيام بدوره الطبيعي في تطوير مجتمعه في ظل قيود النظام العربي.

قاطر ومقطور

يعتبر أميرالاي أن هذا التفاوت الجوهري، بين “عالم قاطر وعالم مقطور”، سيبقى على ما هو عليه حتى نقوم بثورتنا الداخلية التي “تطيح حثالتنا الحاكمة” وتفتح قدراتنا الهائلة على العلم والمعرفة.

واعتبر الفن مجالا مفتوحا لإلغاء الحدود بين المجتمعات لأنه لا يتأثر كثيرا بهذا التفاوت الحضاري باعتباره مخزونا تاريخيا مشتركا في المعرفة والثقافة والفنون، ما يمكّن المبدع العربي من إنتاج أعمال تنتمي إلى معايير معاصرة بعيدا عن ضوابط الواقع العام وخصوصية المجتمع الذي ينتمي إليه.

بالعودة إلى شريط “الطوفان” وفي البداية، يظهر أطفال بزيهم العسكري الموحد داخل قاعة دراسية في قرية زراعية وهم يرددون: “نحن طلائع البعث نحيّي قائدنا بشار الأسد”، ثم ينشدون “نحن صوت الكادحين”.

هذا المشهد لم يكن سوى بداية الفيلم الذي يشكل لائحة اتهام قاسية للنظام. هكذا يتحرك الفيلم ببطء من الطلاب إلى المعلمين إلى المسؤولين الحكوميين، ومع الجميع يردّد بالضبط نفس المديح للرئيس وشعارات تمجّد الحزب، مع اللازمة التي تتكرر طيلة الفيلم: “بعث”.. “بعث”.. “بعث”…

في 6 فبراير 2011 غادر عمر أميرالاي حياتنا قبل أن يرى أبناء سوريا ينادون للحرية.

العرب اللندنية في

14.02.2014

 
 

"طالع نازل"... حيرة بسيكولوجية

علا عطايا 

تُشكّل فكرة زيارة المعالج النفسي، وما يحدث داخل العيادة النفسية، مسائل مشوّقة ومثيرة لاهتمام كثيرين، خاصةً في مجتمعاتنا العربية، حيث اننا لا نزال نتصارع مع المعتقدات المغلوطة المرتبطة بالقضايا النفسية، والوصمة الاجتماعية المرافقة لها. حاولت أفلام سينمائية عربية تناول هذه المسائل، لكنها وقعت في مغالطات كثيرة، وفي هزالة وتسطيح. الفيلم اللبناني "طالع نازل" لمحمود حجيج يتميّز عنها بتعامله مع مسألة العلاج النفسي بأسلوب أكثر نضجاً وجدّية. فيلم يجمع بين الأداء الجيّد للممثلين والممثلات، واعتماد الاستعارات في الصُوَر والكلام، ووصف حاجة الناس في مجتمعنا إلى الكلام والحوار والبوح. يبدأ بمشهد عامل تنظيفات ينظَّف الزجاج، وهو أمر يشبه في أثره فعل العلاج النفسي في إزالة الشوائب، وتوضيح الصورة، وتحسين الرؤية. ينتقل بعدها إلى عيادة "الطبيب" النفسي والمصعد الكهربائي، تلك المساحات الآمنة التي تسمح للشخصيات بالوقوف وجهاً لوجه أمام المرآة، والتأمُّل والتعبير عن مكنونات نفسها. يكشف الفيلم أيضاً عن مآزم في حياة "الطبيب" النفسي، وهو أمر مهم، لو أنّ المخرج أحسن التعامل معه كما حدث في أعمال أجنبية أخرى كفيلم "غرفة الإبن" (2001) للإيطالي ناني موريتّي، والمسلسل التلفزيوني الأميركي In treatment (2008 ـ 2010) لمبتكره هاغاي ليفي.

في الشكل، هذا عمل مهم. إلاّ أنه وقع في مغالطات وتسطيح، وغفل عن قضايا مهمّة مرتبطة بمهنة العلاج النفسي. قدّم شخصيات عديدة تعاني مآزم نفسية واجتماعية، إلاّ أنه تعامل معها بأسلوب "خفيف" لم يمكّننا من التعاطف معها والشعور بمعاناتها، فظهرت بشكل كاريكاتوري، كأنها تقاوم العلاج، أو متمسِّكة بمشاكلها، أو في حالة إنكار. لم يظهر لدى أي منها الحدّ الأدنى من القدرة على الاستبصار والوعي وفهم الذات، على الرغم من انها - بحسب الفيلم - مضى على زيارتها المُعالج سنوات عديدة (شخصية يارا مثلاً، التي تؤدّي دورها ندى أبو فرحات). يرافق ذلك البرودة، والجدّية الزائدة في التعاطي مع الشخصيات من قِبَل "الطبيب" (كميل سلامة)، حيث ظهرت الشخصيات أقوى من "الطبيب" النفسي الذي لم نشعر براحته ومتعته في التعامل معها. هنا، يُذكر أن العلاقة بين المُعالج والشخص "الصابر" على معاناته (patient) تُعتبر أساسية في العلاج النفسي، كما يعتَبَر التجاوب الانفعالي بينهما أمراً مهمّاً لأنه يمكِّن المعالج من اكتشاف الجوانب الخفية والحساسة فى شخصية الفرد الذي يعاني، والكشف عن مصادر الصراع الكامنة والعميقة، القابعة خلف الأقنعة والدفاعات النفسية. ظهر "الطبيب" النفسي في الفيلم "مُكبَّلاً" بمهاراته المهنية. لم نشعر بتعاطفه مع زائريه، بل وجدناه يركّز اهتمامه على ما سيقوله أحياناً، ويقع في الوعظ (ورفع الإصبع في وجه الزائر) أحياناً أخرى، وهو ما ينبغي تجنّبه في العلاج النفسي بمختلف مدارسه.

حتى جلسات العلاج، لم يتم إغلاقها/إقفالها (closure) من قِبَل المعالج، تماما كحال الفيلم. وجدنا الشخصيات تترك العيادة محمَّلة بمشاعرها وهواجسها التي كشفت عنها في الجلسة العلاجية. فالشخص الذهاني مثلا (حسّان مراد) يتركه المُعالج يغادر عند انتهاء الجلسة وهو في حالة من الهياج والغضب. هذا يعني أنه تمّ التغاضي عن أهمية مرحلة الختام في نهاية كل جلسة علاجية في التلخيص، أو تهدئة المشاعر، أو وضع خطة للمرحلة المقبلة. فضلاً عن ذلك، كانت طريقة دفع شخصيات الفيلم كلفة الجلسة عند انتهائها مسيئة للمُعالج وغير واقعية. تختلف طرق دفع كلفة العلاج بحسب كل مُعالج. لكن، في الأحوال كلّها، يتعامل الأفراد مع المُعالج بتواضع أكبر عند الدفع، لا سيما بعد جلسة تعبير مليئة بالمشاعر المختلفة.

مسألة أخرى: صفة الطبيب. وقع الفيلم في مغالطة تزيد التشويش الشائع بين "الطبيب النفسي" (psychiatrist) و"المُعالج النفسي" (psychologist/psychotherapist). ما رأيناه في الفيلم كان معالجاً/اختصاصياً نفسياً لا طبيباً نفسياً. الطبيب النفسي يعتمد التشخيص ووصف الأدوية النفسية، بينما المُعالج النفسي يعتمد على البوح والعلاج بالكلام، ويساعد الشخص على استكشاف مكنونات نفسه وإدراكها. بحسب الفيلم، شخصية "الطبيب" كانت تلعب دور المُعالج النفسي لا دور الطبيب النفسي.

ملاحظة أخيرة، متعلّقة بعنوان الفيلم: "طالع نازل" عبارة شائعة ومُستعملة بكثرة. قد تشير إلى مزاج الشخص أو حالته، أو تُستخدم في وصف وضع ما. هو اختيار موفّق لولا ربطه بالمعنى المحدود في اللغة الإنكليزية (Stable Unstable). فـ"طالع نازل" بالنسبة إلى الفيلم تشير إلى المصعد، أحد المكانين الأساسيين في الفيلم، أو مزاج الأشخاص أو وضعهم العام. أمّا المصطلح الأجنبي، فقد يحدّ من المعنى، لأنه يشير إلى المزاج، مستقرّاً كان أو غير مستقرّ.

يتركنا الفيلم من دون خاتمة، كالشخصيات التي زارت المُعالج النفسي. نتخبّط مع أسئلة. نتساءل، هل يساهم الفيلم في توضيح عمل المُعالج النفسي، أم يعزّز معتقدات مغلوطة شائعة؟
(
اختصاصية نفسية)

السفير اللبنانية في

14.02.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)