كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

حتى لا يخسر مهرجان السينما المغربية إشعاعه !!!

أحمد بوغابة / المغرب

 

تتواصل فعاليات الدورة 15 للمهرجان الوطني للسينما المغربية بمدينة طنجة والتي ستستمر إلى حدود مساء يوم السبت القادم. تعرف هذه التظاهرة نفس الحماس المتعدد والمختلف، الحاد أو المسالم، تُجاه الأفلام المعروضة، سواء القصيرة منها أو الطويلة، وهو انعكاس طبيعي لحيوية الإنتاج وللتناول السينمائي المُعبر عنه من مُختلف الأجيال. ويظهر ذلك جليا خلال النقاشات الرسمية إبان الندوات الصحفية الصباحية اليومية أو أيضا – إن لم نقل الأهم – النقاشات الحرة على الهامش في الفضاءات التي تستقبل المجتمع السينمائي المغربي بكل تجلياته الفكرية والفنية. وهذه النقاشات الدائرة حول الأفلام خلال مدة المهرجان هي بمثابة الشرايين المحيطة بالسينما والتي تغذيها بالأفكار والآراء كيفما كانت طبيعتها. والأجمل، أن هذا النقاش يساهم فيه أيضا السينمائيين المحترفين والصحفيين والنقاد الضيوف من الأجانب، فهم محايدون ولهم نظرة مغايرة وغير "متورطين" في "حساسيات" ما وبالتالي فمساهماتهم جد غنية لجميع الأطراف للاستفادة منها لمن يرغب في ذلك. وسنقف أسفله إلى بعض من ملاحظاتهم القيمة.

... مدير المركز السينمائي يحيي شخصية مصطفى استيتو

وكانت الدورة الحالية – كما جاء في نص سابق بالأسبوع الماضي - قد افتتحت يوم الجمعة الأخير، 7 فبراير، بحفل جد هام لقيمته المعنوية حيث العادة هو تكريم مجموعة من الفنانين في مهن التشخيص أو الإنتاج أو الإخراج بينما تم التركيز هذه السنة على إسم واحد وهو السيد مصطفى استيتو الذي غادر المركز السينمائي المغربي مع مطلع السنة الجديدة الحالية بعد أزيد من 40 سنة من الخدمة لصالح هذه المؤسسة التي لم يعرف سواها في حياته المهنية وقدم لها خدمات قانونية وهيكلية واجتماعية في ذات الوقت الذي كان يخدم السينما الوطنية ويبني أسسها بنفس طويل سيذكر له التاريخ لعقود من الزمن هذه الملحمة التي لا يعرف قيمتها إلا مَنْ واكب عن كثب مسيرته في الإدارة والسينما.

ونظرا لهذه القيمة الاستثنائية التي يتمتع بها السيد مصطفى استيتو، فإنه من الطبيعي والمنطقي أن يتم تكريمه في المهرجان الوطني للسينما المغربية كأهم محطة سنوية في الحقل السينمائي المحلي، وأن تكون الكلمة في هذه المناسبة بلسان مدير المركز السينمائي المغربي نفسه السيد نور الدين الصايل. إنه اعتراف علني ورسمي بكون مصطفى استيتو وشم تاريخ السينما بالمغرب

وكانت كلمة السيد نور الدين الصايل جد معبرة وذكية في رسالتها حيث استهل كلامه بأنه لن يتحدث عن تاريخ هذا الرجل وما أنجزه وإنما عن المستقبل، وكأنه يقول لا أوافقكم أن تعتبروه جزء من الماضي انتهى والسلام، وعليه أن ينعزل، بل فضل الحديث عن المستقبل. تلميح واضح لا غبار عليه أن مصطفى استيتو لم ينته بوصوله سن التقاعد مادام يتوفر على معرفة عميقة بالقانون الإداري والتنظيمي في السينما والسمعي البصري، يعني بضرورة استثمار رصيده في أفق أرحب. وبذلك فهو ينتقد من يعتبر وصوله إلى مرحلة التقاعد الإداري الرسمي يعني نهاية المطاف. أو بصيغة أخرى، فهو قد وجه دعوة مفتوحة لكي يبقى مصطفى استيتو في عمق السينما المغربية خاصة وأن خريطة المؤسسات والشركات والهيئات المستقلة والخصوصية في حاجة لمثله.

لكي يؤكد السيد نور الدين الصايل، المدير العام للمركز السينمائي المغربي، على ما سبق من كلامه ويبرهن على احترافية مصطفى استيتو، الكاتب العام للمركز إلى حدود بداية السنة الجارية، توقف عند ثلاث محطات التي جمعته به منذ كان نور الدين الصايل رئيسا للمؤتمر الدائم للوسائل السمعية البصرية في حوض المتوسط المعروفة اختصارا "كوبيام" (copeam) إلى أن أصبحا يشتغلان معا في مؤسسة واحدة هي المركز السينمائي المغربي حيث النقطة الأساسية التي التقا عليها هي الإنتاج وتطويره

... حفاظا على مكاسب المهرجان وإشعاعه

لا داعي لتكرار ما سبق أن تطرقنا إليه في نصوص سابقة عدة حول أهمية المهرجان الوطني للسينما المغربية بعد استقراره بمدينة طذجة حيث أصبحت لديه هوية واضحة ومعروفة داخليا وخارجيا. ووقفنا في السنوات الأخيرة إلى جانبه لكونه يشكل جزء من ثقافتنا السينمائية ضد من كان يسعى لقبره بشتى الوسائل. وخضنا معارك إعلامية من منطلق الإيمان بضرورة الحفاظ على كل ما هو إيجابي في هذا المهرجان. لكن، لا بد أن نتوقف عند الدورة الحالية (الدورة 15) التي ستشكل منعطفا في مسيرته إذا لم يتم استدراك هفواته. نتمنى أن تكون عابرة في هذه السنة فقط بسبب عدم وجود كاتبا عاما بعد مغادرة السيد مصطفى استيتو للمركز السينمائي المغربي.

إن المهرجان الوطني للسينما المغربية هو الأكثر تنظيما في المغرب من بين كل المهرجانات (أستثني المهرجان الدولي لمراكش نظرا لخصوصيته) وأكد ذلك في دورته الحالية أيضا (في مجملها) حيث يتوفر المركز السينمائي المغربي على أطر محترفة كفأة في التنظيم والعرض والمعرفة بشؤون السينما وأهلها. كما يتعاقد مع شركات أخرى محترفة أذكر خاصة شركة الأمن التي تأقلم موظفوها مع المهرجان ويعرفون الآن جميع الوجوه الفنية وبالتالي لم تعد هناك مشاكل على مستوى التنظيم. لكن هذه السمفونية المتجانسة الجميلة تنظيميا شوشت عليها عناصر أخرى نذكر منها شركة تم التعامل معها هذه السنة تكلفت ببعض الجوانب في اللوجستيك الذي لم يكن في المستوى. ليس شاشة كبيرة خارج القاعة هي التي ستعطيها المشروعية خاصة وأن تلك الشاشة ليست لها وظيفة إعلامية على الإطلاق وغيرها من المشاكل التي خلقتها تلك الشركة عند اللقاء السينمائي المهني لليوم الثاني من المهرجان بأحد الفنادق. وهذه الشركة هي التي جرت المهرجان الدولي لأقطار حوض المتوسط بتطوان إلى مشاكل كثيرة وخربته وكادت تقضي عليه خاصة في الدورات الثلاث الأخيرة (تطرقنا إلى ذلك بالتفصيل في نصوص سابقة). فهل تسعى هذه الشركة تخريب المهرجان الوطني من الداخل بعد أن عجز "أصدقاؤها" في محاربته بشتى الوسائل تحت يافطة "وصيتها القانونية"؟ إنني أثق في ذكاء المدير العام السيد نور الدين الصايل واحترافيته لكي لا يسمح لها بالعمل على ما عجز غيرها فيه

وتجرني ملاحظاتي للكلام على نشرة المهرجان التي هي المعبر وصوت هذه التظاهرة طيلة مدة انعقاده. وعليه فإن هذه النشرة، التي لا تتجاوز أربع صفحات، ينبغي أن تكرس نفسها للضيوف وأخبارهم وأنشطتهم وخاصة للأفلام المشاركة وأصحابها والأخبار السينمائية التي هي مفيدة للجميع عوض أن تضيع ثلث الصفحة الثانية بالفرنسية لشخص يدعى محمد باكريم الذي ينشر نرجيسيته بثرثرة لا يقرأها أحد سواي وربما إثنين أو ثلاثة أشخاص (لقد قمت باستطلاع قصير عفوي سألت من يقرأها فلا يهتم بها أحد) حرام أن تضيع تلك المساحة لغرض فيه "إن"؟؟!! ولم أفهم أيضا "حكمة" إعطائه تقديم الأفلام لكي يستدعي المخرج ثم يقول "فرجة ممتعة". فهل هذا هو النقد السينمائي هو "العالم"؟ أعتبره هفوة وعثرة كبيرة في الدورة 15. إن صلاحية استعماله انتهت (périmé) حتى ولو كان يتوهم العكس

ومن غرائب هذه الدورة وجود في كاتالوغ المهرجان إسم جمعية ضمن شركاء المهرجان وهي "الجمعية المغربية للدراسات السينمائية" وهي جمعية لا تتوفر على الوصل القانوني وغير معترف بها ورغم ذلك مازال "يتسوق" بها الشخص نفسه المدعو محمد باكريم (أنا واحد من مؤسسي هذه الجمعية التي لم تر النور بسببه. سأعود إلى الموضوع مستقبلا). أعرف أن إدارة المهرجان تدقق جيدا في كثير من النقط فكيف نجح في "التسلل" إلى هيئة وهو غير قانوني بل عمل على تأسيس جمعية أخرى جديدة ولم يتقدم باسمها.

... الوعود ثم الوعود ولا شيء إلا الوعود

في كل سنة، وفي كل دورة عند افتتاح المهرجان، يصعد عُمدة مدينة طنجة إلى المنصة ليلقي كلمته الرسمية التي يتحدث فيها عن "إنجازاته" رغم أننا في حفل سينمائي. وفي كل سنة، وفي كل دورة، يعد ب"الإنجازات" خاصة بفضاء يليق بالمدينة لكي تحتضن المهرجان الذي يكبر باستمرار. ربما ينسى بأنه يعد بوعده سنويا أو معتقدا بأن الحضور يتغير سنويا فيعيد نفس الخطاب بالوعد الذي قد يأتي ولا يأتي بل لن يأتي. فلو كان قد شرع بالموضوع منذ أن وعد به قبل ثلاث سنوات لكان قد وقف الآن شامخا بالمدينة. ولو كان اهتم بقاعة سينما "ألكسار"، التي وصل الآن سنها إلى قرن، لكانت المدينة قد استرجعت جزء من تاريخها واحتفظت بمعلمة من معالمها واستفاد المهرجان منها. وبما أن إيقاع الزمن قد أصبح سريعا وبالتالي فإن السنة المقبلة هي سنة الاستعدادات للانتخابات فقد صدرنا هذه المرة إلى سنة 2017 لعلنا ننسى الزمن.
إن طنجة تكبر، وحصلت مؤخرا بشكل رسمي على صفة "طنجة الكبرى" (متروبول) بعد الدار البيضاء مباشرة لكن مرافق الثقافة والفنون منعدمة. لحسن الحظ أن السيدة يطو برادة ناضلت لكي تنقذ قاعة الريف وحولتها إلى خزانة سينمائية وملتقى لعشاق فنون السينما فوجد المهرجان مكانه فيه... في انتظار وعود جديدة من عند السيد العمدة.    

الجزيرة الوثائقية في

13.02.2014

 
 

ملتقى مخرجي الأفلام التونسية

تونس – صالح سويسي 

انطلقت النسخة الثالثة من ملتقى مخرجي الأفلام التونسية والتي تتواصل حتى السادس عشر من نفس الشهر، بمشاركة 42 فيلما بين طويل وقصير ووثائقي أنتجت جميعها سنة 2013
الملتقى من تنظيم جمعية مخرجي الأفلام التونسية التي تأسست صيف 2011 ودأبت على تنظيم هذه التظاهرة التي تسعى لتقديم أحدث الأفلام التونسية على أنواعها في حيّز زمني قصير وتجميع أكبر عدد من المخرجين التونسيين في تلك الفترة صحبة عروضهم في قاعات العاصمة.
وسيفتتح هذه التظاهرة فيلم "مراسل الحرب" أو "الحي يروح" للمخرج أمين بوخريص وهو إنتاج وثائقي جديد في 74 دقيقة، هذا الفيلم الذي تمّ تصويره في تونس وليبيا ومصر وسوريا وتركيا والجزائر وفلسطين وفرنسا من إنتاج الضفاف للإنتاج، أمّا التصوير فقد تكفل به محمد أمين بوخريص ونيكولا قريقا وإياد حمد من فلسطين وأحمد باحدّو من الغرب ونسيم بومزار من الجزائر وإحسان دبيش، فيما وضع ربيع الزموري الموسيقى التصويرية للعمل.

"الحي يروح" شهد عرضه العالمي الأول في الدورة الأخيرة لمهرجان دبي الدولي، ويصور واقع المراسلين والمصورين "جنود الخفاء" الذين يجاهدون من أجل إيصال المعلومة والصورة بكل تفاصيلها وألوانها.

"معرّضين حياتهم للخطر في كل لحظة، مراسلو حروب تابع المخرج الشاب مغامراتهم ونضالهم من أجل المعلومة والصورة، بدءًا من تونس فمصر وصولاً إلي ليبيا وسوريا. بعضهم تعرض إلى الإصابة بالرّصاص والبعض الآخر لقي حتفه في قلب المعركة...

أما الاختتام فسوف يكون مع شريط "طفل الشمس" للطيب الوحيشي وهو فيلم طويل في 87 دقيقة، وهو شريط انطلق فيه صاحبه من قصة واقعية حدثت له وسعى لتجسيدها في عمل سينمائي طويل، راهن فيه على الحب ونبذ الكراهية وهو من بطولة هشام رستم.

وبين فيلميْ الافتتاح والاختتام سيكون لعشاق السينما التونسية مواعيد متواصلة على امتداد أيام الملتقى وفي عدد من القاعات مع أكثر من أربعين شريطا تتنوّع من حيث الطول والنوع والتوجّه الفنّي والخلفيات المعرفية والأيديولوجية. من بينها "هز يا وز" لإبراهيم اللطيّف و"باستاردو" لنجيب بلقاضي و"صب الرش" لسمير الحرباوي و"لست ميّتا" لمهدي بن عطيّة...

النقد السينمائي

هذا ويتضمّن البرنامج ندوة فكرية تناقش موضوع "النقد السينمائي" يومي 15 و16 فبراير ويشارك فيها صحفيون ومحررون من النشرية الفرنسية  les cahiers du cinéma"كراسات سينمائية" والنشرية التونسية  "موجة" بمساهمة الجمعية التونسية لدعم النقد السينمائي

ويرى المنظمون أنّه "لا يمكننا تصور سينما بدون نقد، هما متلازمان منذ بدء الفن السابع، النقد يعيننا على ولوج الفيلم وكشف كنهه، ويعطينا الأدوات لقراءته وتفكيكه.."

وما من "ناقد كانت له من السلطة الأدبية الكافية للتأثير على سمعة فيلم أو مسيرة مخرج، نذكر فرنسوا تروفو، جاك ريفات وسارج دني في فرنسا، بيل كوهل في الولايات المتحدة، سمير فريد في مصر، محمد محفوظ والطاهر الشيخاوي في تونس.."

وتؤكد ورقة الندوة أنّ  دور النقد تراجع اليوم وأنّ "الكثير من الأفلام تولد وتموت وهي يتيمة لا يرافقها العمل النقدي المستنير والعارف، أفلام لا تحدث التفاعل لأن الكتابة عن السينما أصبحت غير ثاقبة، كتابة في الغالب سطحية تصطح الانفعال الرقمي الذي اكتسح فضاءنا اليومي.."

ويبدو أنّ الثورة الرقمية قد غيرت صناعة الأفلام وأثرت كذلك في النقد وفي طريقة الكتابة، فعلاقة النقد بالسينما حساسة وإستراتجية لتكوين المتفرج المستنير لذلك قررنا تخصيص لقاء على يومين للخوض في الموضوع.

اليوم الأول من الندوة، السبت 15 فبراير 2014 من الساعة العاشرة صباحا إلى الساعة الواحدة بعد الزوال مخصص لتجارب تونسية في النقد بمساهمة "جمعية النهوض بالنقد السينمائي" ومجلة "الموجة".

أمّا اليوم الثاني الأحد 16 فبراير 2014 من الساعة العاشرة صباحا إلى الساعة الواحدة بعد الزوال سيخصص لمسار المجلة النقدية الفرنسية "كراسات السينما".

مسابقات وجوائز

وفي إطار الملتقى سيتمّ توزيع جوائز على المتألقين وهي: جائزة أفضل فيلم روائي طويل وجائزة أفضل فيلم روائي قصير وجائزة أفضل فيلم وثائقي، وجائزة أول فيلم روائي طويل وجائزة أول فيلم روائي قصير وجائزة أول فيلم وثائقي.

عمار الخليفي

تكرّم النسخة الثالثة من ملتقى مخرجي الأفلام التونسية المخرج عمار الخليفي الذي يوم 16 مارس / آذار 1934 زاول تعليمه الفني بالمعهد القومي بتونس وبمعهد نانسي بفرنسا، وهو مخرج عصامي ومن إفرازات الحركة التونسية لهواة السينما كما كوّن نفسه من خلال المشاركة في بعض الأفلام الأجنبية المصورة في تونس، أنتج وأخرج وصوّر عديد الأفلام القصيرة منذ العام 1961، ومن أهم أعمالها شريط "الفجر" وهو أول فيلم تونسي روائي طويل تحصل سنة 1967 على جائزة "هيئة الدفاع عن السلام بموسكو"

وربما كان لهذا الفيلم الفضل في نيله لقب "أب السينما التونسية"، ليخرج بعد ذلك 4 أفلام أخرى طويلة وهي "المتمرد" (1968)، "الفلا ?ة" (1970)، "صراخ" (1972) وآخر فيلم "التّحدي" (1986).

توقف الخليفي عن النشاط السينمائي منذ سنوات مفضلا الكتابة في مجال التاريخ التونسي.

وخصصت جمعية مخرجي الأفلام سهرة التكريم في الدورة الثالثة من الملتقى السنوي لمخرجي الأفلام لعرض فيلم "صراخ" الذي أخرجه سنة 1972، والشريط يروي قصة أم تسرد قصة فتاتين على مسافر سعدية التي تعرضت للاغتصاب، ولكي تنتقم قامت بقتل المعتدي عليها مجلس القرية يحكم عليها بالإعدام، أما سلمى التي أحبّت الهادي، فقد أجبرها والدها على الزواج برجل أخر،  يعود حبيبها فجأة ليلة زفافها ولكنّ البحر ألقى بجثته سلمى تجن وتموت...

الجزيرة الوثائقية في

13.02.2014

 
 

توثيق الثورات العربية بعيون خوزستانية

عدنان حسين أحمد 

كثيرة هي الأفلام الوثائقية التي رصدت ما يسمّى بثورات "الربيع العربي" غير أن هذا الفيلم له نكهة خاصة ربما لأن مخرجه حبيب باوي ساجد من خوزستان "عربستان" ولابد أن ينظر لهذه الثورات بعين أخرى قد تلتقط ما لم يلتقطه مخرجون آخرون. وبما أن ثيمة الفيلم الأساسية تتحدث عن السينما العربية من جهة والثورات العربية من جهة أخرى فلابد لمادة الفيلم أن تتسع لتغطي أكبر عدد ممكن من البلدان العربية مثل مصر وتونس وليبيا والمغرب وسورية بوصفها البلدان التي انطلقت فيها ثورات الربيع العربي. كما التقى المخرج بثلاث عشرة شخصية سينمائية عربية تتوزع على الإخراج والإنتاج والتمثيل والنقد السينمائي وبرمجة الأفلام. هذا إضافة إلى اللقاءات المهمة الأخرى التي أجراها مع والدة الراحل محمد البوعزيزي التي وصفت طبيعة مشاعرها قبل وقوع الحادث. كما سلّط أحد أصدقاء الراحل الضوء على الشرارة التي دفعت البوعزيزي لأن يوقد النار في جسده احتجاجاً على إهانة الشرطية التي صفعته أمام الملأ وهي تحاول مصادرة الميزان الذي يزن به بضاعته المعروضة للبيع على سطح عربة متواضعة.

يستهل المخرج حبيب باوي فيلمه الوثائقي "السينما العربية والثورات" بتشبيه المخرج الفرنسي جان لوك غودار الذي يقارن فيه السينما بالبندقية حيث يقول: "السينما بندقية تُطلق 24 رصاصة في الدقيقة" في إشارة واضحة إلى عدد الكوادر التي يعرضها الشريط السينمائي في الدقيقة الواحدة.

التحفيز على الثورة

ويبدو أن السؤال الأول الذي خطر في ذهن المخرج حبيب باوي هو طبيعة العلاقة بين السينمائيين العرب وثورات الربيع العربي، وهل ساهمت السينما العربية في تحفيز المواطن العربي وحثِّه على الثورة؟ وكانت الإجابة الأولى من نصيب الناقد السينمائي المغربي مصطفى المسناوي الذي نفى أن تكون الأفلام التونسية هي التي دفعت المواطن التونسي إلى الثورة. كما استبعد أن تكون الأفلام المصرية هي التي دفعت المواطن المصري إلى الاعتصام أو الاحتجاج. ورأى أن الأسباب الحقيقية التي دفعت المواطن العربي إلى الانتفاض هي الظروف السياسية والاجتماعية الخانقة التي ساهمت السينما العربية بصفة عامة على إخفائها وإلهاء الناس عنها.

أما رأي المخرج السينمائي المغربي محمد العسلي فيختلف قليلاً عن مواطنه المسناوي، ويعتقد أن أي فيلم، أو أي عمل أدبي إبداعي موجّه بصدق إلى الإنسان سيكون له تأثير معين. ويعتقد بأن هناك أفلاماً عربية قد أثرّت وساهمت في تكوين الوعي العربي.

من جهته يعتقد المنتج اللبناني ميخائيل نعيمة أن السينما لها دور في تثوير المواطن العربي حتى وإن لم يكن هذا الدور مباشراً، وهو يرى أن فيلم "هي فوضى" ليوسف شاهين يتضمن كلاماً كثيراً عن الثورة قبل حدوثها. كما أن فيلم "عمارة يعقوبيان" لمروان حامد هو فيلم ثوري أيضاً ولا تختلف رواية "شيكاغو" لعلاء الأسواني في ثوريتها عن الفيلمين السابقين. ويختم وجهة نظره بأن المخرجين والفنانين والكُتاب هم الذين يقفون وراء الثورات التي حدثت في العالم العربي.

البحث عن هوية

أما المخرج السوري نبيل المالح فيعتقد أن السينما العربية تحاول منذ زمن طويل أن تبحث عن هوية. وذكر أمثلة على أن السينما المصرية كان لها شكل أو صيغة في الخمسينات والستينات ثم تبعها محاولة إيجاد هوية سينمائية في السبعينات لذلك شاهدنا أفلاماً لافتة للنظر من الجزائر وتونس ولبنان وسوريا ومصر غير أن السقوط السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي تعرضت له المنطقة العربية أسقط معه السينما. لم يرد المالح أن يكون متشائماً لكنه يعتقد بأننا مقبلون على أيام صعبة ومعقدة على مختلف المستويات السياسية والثقافية والاجتماعية والفكرية كما تثير تساؤلات جدية حول الغد.

الممثلة التونسية سهير بن عمارة تعتقد أن إيطاليا التي تحطمت في الحرب العالمية الثانية قد خرجت علينا بـ "طلّة" مغايرة وهي "الواقعية الجديدة". وهي ترى بأن السينما توثق للأحداث التي تقع ولم تكن بعيدة عن رصد المشكلات السياسية والاجتماعية.

أنسنة المكان

ركّز المخرج التونسي محمد زرن على شارع بورقيبه وتعامل معه وكأنه شخص حي يرى ويسمع ويختزن الذكريات وقد شهِد كل الأحداث التاريخية والتغييرات السياسية والاجتماعية في تونس فلاغرابة أن يكون مخزناً للفكر والخيال والتحولات

يؤكد زرن بأن المُشاهد يمكن أن يرى في شارع بورقيبة كل التوانسة بأفكارهم وألوانهم المتنوعة وتشابهاتهم الاجتماعية. فهذا الشارع من وجهة نظره يتغيّر بين ساعة وأخرى وكأنه إنسان يتغير مزاجه بين لحظة وأخرى.

أخذ زرن حصة مماثلة لحصة نوري بوزيد الطويلة نسبياً ليحدثنا أيضاً عن شاعر تونسي قال بأنه سيكون مشروعاً لفيلمه الوثائقي القادم ثم قرأ لنا هذا الشاعر قصيدته طويلة نقتبس منها الآتي: "هي الحياة عندي رغيف خبز لم يكتمل، وماء بئر لا يُحتمل، وأشياء شتّى لا تغتفر، وحلم أجيال حيارى يبحثون عن وطن . . . أين الوطن؟".

ولكي يضعنا المخرج حبيب باوي في صُلب الأحداث كان يقدّم لنا بين أوانٍ وآخر مشاهد من بعض الأفلام التي يُشار إليها سواء من قبل المخرجين السينمائيين الذين تتم مقابلتهم أو الشخصيات السينمائية الأخر التي ترد على ألسنتها أفلاماً محددة. وبما أننا إزاء ثورات الربيع العربي فلابد أن نتوقع مشاهد عنف وقمع ودماء وغازات سامة ورصاص حي وما إلى ذلك.

علاقة متبادلة

المخرج المصري يسري نصر الله صاحب فيلم "بعد الموقعة" قال إن العلاقة بين السينما والسياسة متبادلة ويرى أن السينما المصرية على وجه التحديد كانت سينما معارضة منذ خمس عشرة سنة وكانت تطرح تساؤلات سياسية واجتماعية كبيرة على النظام القائم آنذاك، وقد تطرقت بشكل عنيف جداً في بعض الأحيان عن الأشياء غير المقبولة وغير المحتملة في المجتمع المصري. ولتأكيد هذا الجانب يقدِّم لنا المخرج مشهداً من المظاهرات التي تصرخ بالفم الملآن: "يا جمال قل لبوك / الشعب المصري بيكرهوك" ثم نشاهد خطاباً للرئيس حسني مبارك يدعو فيه المسؤولين إلى خدمة الشعب وحماية المواطنين.

يعتقد نصرالله بأن آخر أفلام يوسف شاهين، بل حتى الأفلام التجارية لعادل إمام كانت تتطرق إلى صميم الإشكاليات التي يواجهها الشعب المصري، وكانت تنحاز لفكرة مواجهة الفوضى التي يخلقها نظام فاسد. ويخلص إلى القول بأن السينما المصرية قد أثرّت في بلورة أفكار الناس وتأثرت برغبتهم في التغيير.

ذكرَ المخرج عبدالله الهالي بأن ليبيا لا توجد فيها سينما قبل الثورة، وقد عانت طوال 42 سنة من قمع الكتاتور الذي لا يريد صناعة سينما في بلده لأنه يخشى منها. فحينما يتوفر للمواطن الليبي على أدب وسينما ومسرح وثقافة فإنه سيبدأ بالتفكير ومعرفة حقوقه والمطالبة بها. كما أشار المخرج إلى أن هناك حراكاً ثقافياً قد حدث بعد الثورة، إذ بدأت السينمات بعرض أفلام أوروبية ذات نوعية جيدة في محاولة لإيصال هذه الثقافة البصرية للناس الذين حُرموا منها طوال 42 عاما.

المبرمج العراقي انتشال التميمي الذي يتوفر على خلفية صحفية وسينمائية قال بأن ما حدث في تونس ومصر من ثورة للشباب لا يعني أنهم فقط مَن ساهم في هذا الأمر فهناك عدد هائل من الشيوخ والشباب، والرجال والنساء الذين ذهبوا إلى السجون والمعتقلات وربما إلى المنافي من أجل إعلاء كلمة الحق، ورفع كلمة الناس

ثمة صوت لفتاة لم نرها كانت تتحدث عن المخاطر التي ألمّت بالشعب التونسي وقد تحدثت نقلاً عن جارتها بأن هناك امرأة أصابها القناص وهي في منزلها لذلك فهي تخشى على أبيها وأخيها حينما يخرجان من البيت. ولم تكن تتصور ذات يوم بأن الشرطي التونسي يمكن أن يقف ضد المواطن التونسي يضربه أو يطلق عليه النار.

النضال السينمائي

حظي المخرج نوري بوزيد بمدة زمنية أطول من أقرانه استرجع فيها مرحلة شبابه حينما دخل منظمة العمل التونسي في سن الحادية والعشرين، وهي منظمة يسارية ناضل فيها حينما كان يعيش في بلجيكا وباريس. كما استذكر سنواته المريرة التي أمضاها في السجن منذ 1973 حتى عام 1979 إثر عودته إلى تونس. أشار بوزيد إلى أنه لم يكن منتمياً إلى حزب سياسي بعينه، لكنه كان معارضاً وقرر أن يكون نضاله عن طريق السينما وليس السياسة.

يشدّد بوزيد على التأثير المحدود للأفلام التونسية لأنها لا تُروَّج حتى عن طريق التلفزة التونسية التي تحذف العديد من اللقطات والمشاهد التي لا تحذفها من الأفلام الأجنبية. لذلك فهو لا يعول كثيراً على السينما التونسية التي أُوكل أمرها إلى السلطة التي تمتلك القرار. والغريب أن التفزيون التونسي يشارك في إنتاج بعض الأفلام ومع ذلك لا يعرضها أو يحذف لقطات كثيرة منها. لقد اشتروا "آخر فيلم" لكنهم لم يعرضوه. أما فيلم "عرائس الطين" فقد شاركوا في إنتاجه لكنهم حذفوا منه 25 دقيقة من أصل 100 دقيقة.

ربما تكون المشاعر التي أدلت بها شابة تونسية ضروية جداً لكي نفهم الوجه الآخر للناس فهي تحمل صورة لرئيس الجمهورية السابق بن علي وتقول بأننا كنّا متمسكين به ونحبه، وأنها شخصياً كانت تحبه لكنها لم تكن تعرفه على حقيقته المزرية. وحينما عرفت ما قام به من نهب وسلب لثروات البلد خيّب أملها.

لا يزال صوت الفتاة يتحدث عن بعض المواطنين التوانسة الذين لجأوا الجوامع والكنائس كي يلوذوا تحت تمثال السيد المسيح أو صورة السيدة مريم العذراء، يوقدون الشموع فتلتمع أعينهم الخائفة من  عنف السلطات الأمنية وبطشها.

حدْس الأم

ربما يكون حديث السيدة أم محمد البوعزيزي هو الأكثر ملامسة لمشاعر المتلقين فهذه سيدة بسيطة متواضعة عادت إلى البيت في ذلك الصباح ووجدت محمداً غارقاً في نومه حتى أنها حينما حدقت إلى وجهه وجدت فمه مفتوحاً ووجهه مشعاً ملتمعا فظنت أنه متعب جداً. همّت أن تطبع على وجهه قبلة لكنها ترددت وقالت في سرّها: "كيف أقبّل ابني وقد أضحى رجلاً في السادسة والعشرين من عمره؟". قدّمت رِجل وأخرّت أخرى لكنها ظلّت في ترددها. حاولت أن ترتب المكان لكنها لم تستطع. بحثت عن بعض الأشياء لكنها لم تجدها. كان شعورها الداخلي كأم يخبرها بوجود خطأ ما لكنها لم تعرف ما هو هذا الخطأ على وجه التحديد. وحينما ذهبت إلى العمل شعرت بثقل قدميها، فحدسها الأمومي كان يقول لها شيئاً ما لا تعرفه لكنها لم تكن تتوقع بالتحديد ماذا سيحدث لها أو لابنها وما الذي تخبئه الساعات القادمة

لا يقل اللقاء الذي أجراه المخرج مع زميل محمد البوعزيزي في ساحة العمل حيث سلّط هذا الشاب الضوء على السبب الحقيقي الذي أفضى إلى هذا الحادث المروع. فنحن كمتلقين لم نكن نعرف أن هناك شجاراً ما قد حدث بين الشرطية ومحمد ألبوعزيزي، إذ أقدمت هذه الشرطية الفظّة على أخذ صندوق الكمثرى من عربته لكنه سحبه من يدها، ثم حاولت أن تأخذ الميزان ولما سحبه جرح يدها فصفعته على وجهه أمام الملأ فظل مدهوشاً فاغراً فاه. وحينما صرخ أمام الآخرين ليشهِدهم على تجاوزها حاولت أن تغطي على فعلتها وسلوكها العدواني السيئ لكن سبق السيف العذل، إذ أضرم البوعزيزي النار في جسده ولم يكن يدري بأنه أضرم النار في تونس كلها لتمتد نيرانه الملتهبة إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا والمغرب في أقل تقدير.

اختار حبيب باوي جزءاً معبِّراً من خطاب الرئيس زين العابدين بن علي الذي اعترف أول مرة بأنه فَهِم كلام الشعب التونسي وأن الأوضاع تفرض تغييراً عميقاً وشاملاً. لقد فهِم الآن فقط، فهم الجميع . . . العاطل عن العمل، والمحتاج والسياسي الذي يطالب بمزيد من الحريات. لقد فهِم متطلبات الجميع لكن بعد فوات الأوان ثم نسمع من بين أبيات النشيد الوطني "نموت نموت ونحيا الوطن"، وهي نهاية منطقية وواقعية لم ينتبه إليها الحكام العرب الذين هربوا أو واجهوا مصائرهم المحتومة شنقاً أو حرقا بالنار أو رمياً بالرصاص، ولن ينتبه إليها الباقون، ولن يتعظوا أو يأخذوا عبرة من الدروس القاسية التي شاهدوها بأم أعينهم.

ينتمي هذا الفيلم إلى تقنية "الرؤوس المتكلمة" التي تعبِّر عن كمٍ كبيرٍ من الرؤى والأفكار التي تدور في أذهان هذه الشخصيات المُنتخبة التي وقع عليها اختيار المخرج حبيب باوي ساجد الذي بنى فيلمه الوثائقي بناءً رصيناً، ليس فقط من حيث تتابع الأفكار وسلاستها، وإنما من حيث الربط الدقيق والجميل بين كلام الشخصيات المتحدثة وبين مَشاهد الأفلام التي ترد على ألسنتهم. كما لعب التوثيق المباشر لمشاعر والدة البوعزيزي وأحاسيسها الداخلية دوراً مهماً في إثراء هذا الفيلم وتعزيز وجهة نظر مخرج الفيلم وكاتب قصته السينمائية الذي ربط بين الخاص والعام في هذه الحادثة لينسج بحرفية واضحة بين عالميها البرّاني والجوّاني في آنٍ معا.

الجزيرة الوثائقية في

13.02.2014

 
 

مكافأة للقلب في «الفالانتين»

«إنقاذ السيد بانكس».. حب بشــكل حريري

عُلا الشيخ ــ دبي 

مفهوم الحب والاحتفال به المنوط بعلاقة بين عاشقين ليس من الضرورة أن يكون قاعدة ثابتة، فالحب له حالات، فالوقوع في حب كتاب مثلاً يظهر جلياً في إعطاء عاشقه فرصة الحديث عنه، والوقوع في حب مكان ما يعطي الإحساس ذاته، والاحتفال بعيد الحب (الفالانتين)، الذي سيصادف تاريخه غداً، يجعل من أي شخص يحتفل به على طريقته، حتى لو قرر مكافأة قلبه بمشاهدة فيلم «إنقاذ السيد بانكس» للمخرج جون لي هانكوك، وبطولة توم هانكس وإيما تومسون، الذي لا يقل الشغف فيه عن أي فيلم يجمع حبيبين في نهايته.

الفيلم الذي يعرض في دور السينما المحلية يتناول سيرة تسلسل صناعة فيلم «ماري بوبينز» المرتكزة على محاولة اتفاق عمره 20 عاماً بين «والت ديزني»، والكاتبة باميلا ترافرز، ضمن أحداث مليئة بالحب الذي يجمع الكاتبة مع قصة كتبتها تحكي حياتها الخاصة ولو حاولت إنكار ذلك، يضع الفيلم المشاهد أمام معنى الشغف الحقيقي الذي لا ينتظر مردوداً إلا باحترامه وتقديره عبر ربط بين الماضي والحاضر بشكل حريري، لا يزعج المتلقي ولا يشتت ذهنه في فهم القصة، مع كل هذا الزخم في المشاهد التي تشعرك حقا أنها خارجة من صفحات كتاب.

السيدة ترافرز

الكاتبة التي تصرّ أن ينادويها الجميع بـ«السيدة ترافرز» غير المهتمة لعدم الذوق السلوكي الذي يتمتع به الأميركان حسب تعبيرها وطريقة تعاملهم التي تجعلهم يتخلون عن الألقاب لجعل الأمور أكثر سلاسة، خصوصاً بوجود مؤسس شركة ديزني (والت ديزني) الذي ينادونه بـ«والت».. مشاهد تبدأ بها القصة الفعلية للصراع على تحويل قصة كتبتها السيدة ترافرز، وبقيت محفوظة في رفوف شركة ديزني لمدة 20 عاماً، لأن الكاتبة رفضت تحويلها إلى فيلم، لكن ضائقة مالية مرت بها، وهي الأسترالية التي تقيم في لندن، جعلتها ترضخ للتجربة لكن بشروطها التي كانت تعجيزية لكن مع إصرار والت، رضخت السيدة ترافرز، أخيراً، لكن على مضض، وأنتج الفيلم عام 1964 الذي حمل عنوان كتابها «ماري بوبينز».

بين الماضي والحاضر

في اللقطة الأولى من الفيلم المعنونة بتاريخ 1906، تظهر فتاة صفيرة جميلة، تنام فوق حديقة، تغمض عينيها وتذهب بخيالها الطفولي إلى بعيد، يأتيها والدها الذي له تأثير عميق في تحفيز هذه المخيلة من خلال حوار مملوء بالشخصيات والتساؤلات الوهمية التي تحفز عقل الصغيرة لتختار أفضل الكلمات، الشخصيات المتمحورة حول الفتاة وأبيها ستظهران كثيراً في الفيلم، فهو ذاكرة الكاتبة (السيدة ترافلز) التي تظهر في المشهد التالي كامرأة لا تشبه الطفلة أبداً: صلبة، وخشنة، وقاسية في التعامل، ومهذبة المظهر وأنيقة، وتتحرك بطريقة لا تشبه رقصاتها وضحكاتها الطفولية التي كانت موجودة يوماً ما.

إحساس كملمس الحرير تشعر به والمشاهد تنتقل بك من الماضي للحاضر، والحاضر في الفيلم يوحي بمأزق تعيشه الكاتبة، هي لا تريد خسارة منزلها في لندن، ويحاول مدير مكتبها أن يعرض عليها التنازل وقبول عرض شركة «ديزني» لتحويل حكايتها «ماري بوبينز» إلى فيلم، فتوافق لكن على مضض.

الشمس والمطر

أخيراً، تقرر السيدة ترافلز وهو اللقب الذي تحب الجميع أن ينادونها به لتتضح حكايته أن له علاقة بحمل اسم والدها الرجل الأول في حياتها، وعلى ما يبدو هو الأخير، تقرر الذهاب إلى لوس أنجلوس، وتحديداً إلى شركة ديزني، كي تتناقش بشروط تحويل حكايتها إلى فيلم، حلم انتظره مؤسس الشركة وصاحبها «والت ديزني» وهو الذي وعد بناته يوماً بأنه سيحوّل القصة إلى فيلم بعد أن سمع ضحكاتهن وهن يقرأن القصة، لكن وعده ظل مرهوناً لمدة 20 عاماً، وها هي السيدة ترافلز تحنّ على والت وتصل، ليستقبلها السائق الخاص الذي يرحب بها باسمها (باميلا) فتلفت انتباهه إلى مناداتها بلقبها المحبب إلى قلبها.. يحاول السائق تلطيف الجو، مؤكداً أن الشمس في لوس أنجلوس أشرقت لها، فتجيبه بطريقتها الجامدة: «أحب المطر لأن فيه حياة». فيجيبها: «لكن الشمس أيضاً تعد حياة لآخرين» فقصة السائق لم تتوقف عند هذا الحد، فقد توطدت العلاقة بينهما واعتبرته الأميركي الوحيد الجيد الذي قابلته حسب تعبيرها، خصوصاً بعد أن قال لها قصة الشمس وأهميتها في حياته، فهو تعطي الابنة المعاقة فرصة للجلوس خارج المنزل.

قطبان وماضي

تصل السيدة ترافلز أخيراً، إلى مقر الشركة لتبدأ المعركة، وهنا المعركة لها علاقة بقطبين يتمثلان بالسيدة ترافلز وولت، كل واحد منهما يريد شيئاً من الآخر، ولشغف خاص بهما، فالسيدة ترافلز، أو «باميلا» كتبت قصة «ماري بوبينز» مستندة على كل تفصيل بحياتها المرتبطة بشكل كبير مع والدها، وكل مشهد يحدث في حاضر شركة ديزني تسرح به السيدة ترافلز لتعود إلى حضن أب علمها أبجدية الخيال من خلال التعبير عن كلمات، ومع أن الأب قد لا يكون مثالياً لكثيرين، فهو مدمن كحول، ولا يكون في حالة الصفو مع ابنته إلا في هذه الحالة، وعندما يصحو يكون قاسياً، فتضطر الصغيرة إلى البحث عن زجاجات الكحول التي تلقيها أمها لتعيدها إلى والدها الذي خسر وظيفته بالبنك بسبب إدمانه، وأصبح طريح الفراش ومصاباً بداء عجّل من منيته، لكن الصغيرة تدرك القلب الكبير لوالدها، فهي لا تأبه لدموع والدتها التي تستعين أخيراً، بشقيقتها التي يخافها والد باميلا، تفاصيل كثيرة تظهر في الفيلم عن هذه العلاقة المليئة بالشغف والحب بين أب وابنته، فالابنة كتبت هذه القصة من أجله، لتظهر للعالم أنه لم يكن قاسياً مع أنه عجل بموته بسبب إدمانه، لا تريد خذلانه وهي التي باتت تعتقد أنها سبب في موته لأنها كانت تقرّب له زجاجات الخمر.

في الجانب الآخر، يوجد والت، المعتز بنجاحاته التي بدأت من رسم لفأر (ميكي ماوس)، الذي رافقه في كل رحلاته، والذي عانى ماضياً له علاقة بوالده (إلياس ديزني) القاسي القلب حسب تعبيره، الذي كان يجعله يوزع الصحف في البرد القارس غير آبه بجسده الضئيل، وكان يضربه بحزام غليظ إذا ما تقاعس يوماً، قصته هذه قالها عندما وصل إلى مرحلة خسارة الصفقة، محاولاً أن يقول للسيدة ترافلز: «نحن نحب آباءنا مهما كانت صورهم وطريقة تعاملهم»، ولديه همّ آخر أنه وعد بناته بأن يحول القصة إلى فيلم وهو مصرّ على ذلك.

على الطريقة الأميركية

منذ لحظة مقابلة السيدة ترافلز لفريق العمل على الفيلم المكون من المؤلفين الموسيقيين الأخوين شيرمان (قام بدورهما جيسون شوارتسمان وبي جي نوفاك) وكاتب السيناريو دون داغرادي (الذي أدى دوره برادلي ويتفورد)، المحتفين بقدوم السيدة، مرحبين بها باسمها المختصر (اهلاً بك بام) فترد عليهم بضرورة منادتها بلقبها، خصوصاً أنها تكره «ديزني» ورسوماتها التي كانت في استقبالها بغرفتها في الفندق وقامت بالتخلص من جميع الشخصيات بحشرهم في الخزانة باستثناء «ميكي ماوس. تقرر السيدة الذهاب فوراً إلى مكتب والت بعد أن يحذرها فريق العمل بعدم مناداته بـ«السيد ديزني»، فتقوم بأول حركة استفزازية وتناديه بذلك، يحاول والت أن يظهر لها كم هو سعيد بقدومها، بينما الصد واضح من قبلها، يقدم لها العقد، فلا تقبل التوقيع عليه، وتصر على تسجيل جلسة العمل بالصوت، ليكون مستنداً قانونياً إذا ما تم خرق الاتفاق، وأهم شرط ألا يتم استخدام أي نوع من الرسومات المتحركة في الفيلم.

جلسات ومناكفات

لا شيء يعجب السيدة ترافلز، إذ قررت هذا مسبقاً، لا الأغاني ولا تبديل الكلمات في النص الأصلي، ولا أي شيء، تحاول دائماً وضع العقبات، لكن فريق العمل مصرّ هو الآخر على كسب المعركة، يتقبل نزقها بكل ود، فتستفز أكثر، يؤلفون أكثر من مقطوعة موسيقية إذا ما رفضت إحداها، ينهكونها وتنهكهم.. جلسات من العذاب، هي بحاجة إلى النقود لكنها بحاجة أكثر إلى إظهار والدها وحكايتها بشكل يليق بقلب هذا الشخص الذي أثر في حياتها، يتفهم فريق العمل أخيراً الشعور، ويبدأون في الدخول أكثر في ردود فعلها والكلمات التي تخرج منها، خصوصاً بعد سرحانها وانسلاخها عن المكان مؤشراً عن الذي تريده، وبالفعل ينجح الفريق أخيراً، في زرع البسمة على وجهها بل وجعلوها ترقص على أنغام أغنية «لاتس جو فلاي أكايت»، وهي البسمة الأولى التي شاهدها المشاهد أيضاً بعد بسماتها وضحكاتها الطفولية التي اختفت مع وفاة حبيبها والدها، هذا المشهد المتعلق بالقبول جاء مباشرة بعد مشهد طريف جمع بين والت والسيدة ترافلز في مدينة ديزني لاند الترفيهية، وجعلها مرغمة عنها تصعد إلى إحدى اللعب المشهورة وتشعر بالمتعة.

السيد بانكس

عنوان الفيلم المأخوذ من شخصية موجودة في سلسلة كتاب «ماري بوبينز» يحكي عن والد السيدة ترافلز، لذلك كانت مصرّة على أن تكون الشخصية بلا شارب، على عكس والت الذي شعر هو الآخر أن شخصية الأب تشبه علاقته بابنتيه، وهو لديه شارب، وكسب هذه المعركة، لكن الخلاف الجذري الذي جعل السيدة ترافلز تلملم نفسها، وتعود إلى لندن، كان في مشهد البطاريق، إذ سألت: «كيف ستجلبون البطاريق إلى الفيلم وتجعلوها ترقص؟» ليجيب أحد الأخوين الموسيقيين: «سنرسمهم كرتونيا» فتستشيط السيدة ترافلز غضباً، وكأنها وجدت طوق النجاة لتنهي كل هذا، فقد اخترق والت شرطها الذي ينص على عدم استخدام رسم كرتوني، وتعود إلى لندن، وفي اليوم نفسه يلحقها والت الذي يرفض خسارة المعركة، ويقصد منزلها، ويقول لها قصته التي سبق وتم ذكرها وينهي كل هذا الزخم بجملة واحدة «ثقي بي» ويعود وتوقيع السيدة ترافلز على العقد معه.

1964

افتتاح فيلم «ماري بوبينز»، الجميع مدعو باستثناء السيدة ترافلز، فقد شعر والت بأن وجودها أمام كاميرات الاعلاميين واسئلتهم سيؤثر في شباك التذاكر، لكنه يفاجأ بوجودها أمامه، يبلع غيظه، فالانتصار بالنهاية كان من حليفها، مع أنها وأثناء مشاهدة الفيلم لم تبد أي إشارة إعجاب به، خصوصاً عندما ظهر مشهد البطاريق الكرتونية، واستغلت المشهد وبكت كثيراً على كل لحظة جميله رحلت مع رحيل والدها.

الإمارات اليوم في

13.02.2014

 
 

إسرائيل ترفض تصوير فيلم ناتالي بورتمان في القدس

 لتضمنه كلمة «غزو أجنبي»

كتب: ريهام جودة 

بسبب جملة foreign invasion، وهي ما تعني بالعربية «غزو أجنبي»، تم وضعها على جرافيتي ضمن أحد مشاهد فيلم الممثلة ناتالي بورتمان الجديد A Tale Of Love And Darkness تعرضت «بورتمان» لهجوم حاد من المستوطنيين الإسرائيليين في القدس المحتلة، بعد أن أعلنت تصويرها أول أعمالها كمخرجة هناك.

وبعث عدد من المستوطنيين بخطاب إلى السلطات الإسرائيلية يطالبون خلالها منع تصوير الفيلم بالمنطقة، وأكد المحتجون في خطابهم أن الأماكن التي أعلن طاقم الفيلم عن التصوير بها ستكون في شوارع حساسة ومنشأت مهمة يجب الحذر عند الاقتراب منها ، ويأتي ذلك رغم أن بورتمان ولدت في إسرائيل ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة في طفولتها ، والفيلم مأخوذ عن كتاب سيرة ذاتية للكاتب الإسرائيلي عاموس أوز باسم "في المدينة" ، ومن المفترض أن تتحدث ناتالي في الفيلم باللغة العبرية حيث ستعلب بطولته أيضا.

وقالت راتشيل أزاريا عمدة مدينة القدس أن هناك توترا دائما بين كون القدس مدينة جذابة لما بها من معالم أثرية وتاريخية مشرقة وبين محاولات من قبل بعض المتطرفين لمنع جاذبية تلك المدينة.

ويأتي هذا بعدما تعرضت ممثلة أخرى هي سكارليت جوهانسون لانتقادات من قبل ناشطين مؤيدين للقضية الفلسطينية بسبب تصويرها إعلان لمشروبات غازية تحمل اسم صودا ستريم، وانتقدت جوهانسون بسبب تصويرها الإعلان لصالح الشركة التي لها مصنعا على الأراضي المحتلة بالقدس ، كما فسخت منظمة أوكسفام الدولية التي تعني بحقوق الانسان عقدها مع جوهانسون كسفيرة لها بسبب موقفها المؤيد للإسرائيليين على حد تأكيد تلك الانتقادات.

المصري اليوم في

13.02.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)