كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

"الاحتيال الأميركي" سينما العنف المبطن والظاهر

نديم جرجورة

 

يتبوّأ "الاحتيال الأميركي" للسينمائي ديفيد أو. راسل (مواليد نيويورك، 20 آب 1958) المرتبة الأولى في لائحة الترشيحات الرسمية لجوائز "أوسكار" الـ86، التي توزّعها "أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية" في لوس أنجلوس في 2 آذار 2014، إذ حصل على 10 ترشيحات في فئات أساسية، كأفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل سيناريو وضعه المخرج نفسه بالتعاون مع إيريك وارّن سينغر، هو الفائز بـ3 جوائز "غولدن غلوب 2014" في فئات أفضل فيلم كوميدي أو موسيقي، وأفضل ممثلة في فيلم كوميدي أو موسيقي (آمي أدامز)، وأفضل ممثلة في دور ثان (جينيفر لورنس).

لكن هذا كلّه لا يقف حائلاً دون قراءة نقدية لفيلم انتقاديّ ساخر، استعاد إحدى المراحل التاريخية في أميركا (1978)، لرسم صورة قاسية عن جانب فاسد في البيئة الاجتماعية الأميركية، على مستويي العيش اليومي والسياسة/ الأمن/ القضاء. قيل إن السيناريو مستوحى من قضية "أبسكام" التي شهدتها أميركا مطلع السبعينيات المنصرمة (فساد سياسيين، ورشاوي كثيرة، وتداخل مصالح شخصية وعامة بين رجال أعمال ومال ونواب ومافياويين مسيطرين على كازينوهات وعقارات هنا وهناك، بالإضافة إلى عملاء تابعين لـ"المكتب الفيدرالي للتحقيقات"). قيل إن "ألعاباً" قذرة جرت فصولها يومها، وإن "توريطاً" ما لعرب خليجيين حصل أيضاً. الفيلم، الذي كاد يتحقّق مطلع الثمانينيات لولا وفاة الممثل جون بيلّوشي في 5 آذار 1982، يُركّز على مسألة أساسية: "يصدّق الناس ما تُقدّمه إليهم، أو ما تقوله لهم". إنه الاحتيال، أو الخداع. هذا ما اعتاش منه ايرفينغ روزنفالد (كريستيان بايل)، مقتنعاً بأن عمليات الاحتيال صغيرة الحجم (آلاف الدولارات الأميركية فقط في كل مرة) أسلم وأفضل وأقدر على حمايته من الوقوع في قبضة العدالة. غير أن لقاءه الرائعة والساحرة والجاذبة والفاتنة والمغوية سيدني بروسّر (آمي أدامز) أدخله عالماً أوسع من الخديعة، متّفقاً معها على استمرار العمل بأسلوبه المعتاد، قبل أن تنقلب الأمور كلّها رأساً على عقب، إثر اختراق العميل الفيدرالي ريتشارد "ريتشي" ديماسو (برادلي كووبر) عالمهما الـ"محصّن" هذا. اختراق شكّل منعطفاً في حياة هذا الثلاثي، الذي دبّ الخلاف بين أطرافه الثلاثة لاحقاً، والذي عانى مخاطر شديدة كادت تودي بروزنفالد، الأخبث بينهم، والأنجح في النجاة من حقول الألغام الكثيرة في "وظيفة" كهذه، بل في "تورّط" كهذا: التلاعب بسياسيين نافذين للإيقاع بهم. حقول ألغام تجمع السياسة والقضاء والمباحث الفيدرالية والمافيات والمال والأعمال في خندق واحد. لكن نجاة روزنفالد ساهمت في تعرية هذا الجانب الموبوء في الحياة العامة.

ليس "الاحتيال الأميركي" فيلماً عن الخديعة فقط، بل عن العنف أيضاً، المبطّن والمكشوف في آن واحد. عنف الصراع "الهادئ" داخل الكواليس والترتيبات وتبادل المصالح المشتركة. عنف الكلام القابل لتزوير واقع، أو للتحايل عليه. عنف القوة البدنية، التي تُترجِم غضباً وهوساً بما ينكشف لاحقاً عن كونه "غير حقيقيّ". عنف النظرة وتوابعها في حركة الجسد واليدين، وفي النبرة وإيقاع الكلمات ومخارج الألفاظ. عنف الصدامات التي دفعت كثيرين إلى انهيارات عنيفة في حيواتهم الخاصّة، وحضورهم العام. هذا كلّه مُظَهَّرٌ في أداء تمثيلي، وبناء حكائيّ، وإخراج اعتمد السخرية في الجوانب المختلفة للعمل.

يُعرض الفيلم، بدءاً من بعد ظهر اليوم، في صالات "سينما سيتي أسواق بيروت" و"سينما سيتي الدورة" و"أمبير دون" (فردان) و"أمبير بروميير" (سوديكو) و"غراند أ ب ث الأشرفية" و"غراند أ ب ث ضبيه" و"غراند كونكورد" (فردان) و"غراند صيدا" و"أبراج" (فرن الشبّاك) و"سيتي كومبلاكس" (طرابلس).

شِلَل

نديم جرجورة

تكشف المهرجانات السينمائية العربية قوّة الـ"شِلَل" التي تسيطر على الجوّ العام. الجماعات المنتمية إلى بيئة جغرافية واجتماعية واحدة تنشأ سريعاً. هي ناشئة أصلاً منذ زمن بعيد، لكنها تظهر منذ اللحظة الأولى لوصول "أفرادها" إلى هذه المدينة العربية أو تلك. إلى هذا المهرجان السينمائي العربي أو ذاك. تستمرّ الحالة هذه طوال أيام الدورات السنوية، ولا أعلم ما إذا كانت حاضرة في الحياة اليومية لهؤلاء الأفراد داخل جماعاتهم في بلدانهم الأصلية.

هذا كلّه ليس محصوراً بالبقاء جماعات، يغيب فيها الفرد حتّى الانسحاق، أثناء السهرات واللقاءات النهارية. هذا ينسحب أيضاً على الأفلام المشاركة في المسابقات الرسمية أو البرامج الرديفة، إذ ينصرف الصحافيون والإعلاميون والمدعوون إلى الأفلام المصنوعة في بلدانهم، لمتابعة أخبارها والترويج الإعلامي لها والكتابة عنها بسرعة فائقة. يطاردون "نجومها" لإجراء مقابلات معهم. لا ينتبهون إلى أن هناك أفلاماً قد تكون أهمّ. إلى أن هناك سينمائيين قد تكون لهم أساليب تجديدية أو مغايرة أو لافتة للانتباه. الغالبية الساحقة من هؤلاء الصحافيين والإعلاميين لا تُتقن فنّ النقد، ولا تعرف من السينما إلاّ واجهتها الإعلامية والاستعراضية، و"السجادة الحمراء" وأضواءها.

نادرون هم الذين يكسرون حدّة التزمّت في الـ"شِلَل" الجغرافية هذه. نادرون هم الذين لا يأبهون بالمنبت الجغرافي إطلاقاً، والذين يصنعون صداقات مع أناس يرون أنهم قريبون منهم، والذين يذهبون إلى الصالات لمشاهدة الأفلام ومناقشتها لاحقاً، ولا يكترثون بالأضواء المزيّفة التي تفرضها طقوس المهرجانات، علماً أن المهرجانات الدولية توازن بين الـ"نجوم" و"السجادة الحمراء" والاستعراض من جهة أولى، والحراك السينمائي الفعّال والمهم من جهة ثانية. الصحافيون والإعلاميون في المهرجانات الدولية نفسها يقومون بمهمّاتهم على أكمل وجه، هي التي تتكامل ومهمّات النقّاد أيضاً في مواكبة هذه المهرجانات، عبر الأفلام والحوارات والأخبار والمعاينات الدقيقة لما يجري في الكواليس الإنتاجية مثلاً. هذا مفقود إلى حدّ ما في المهرجانات العربية، مع أن بعض هذه الأخيرة يولي اهتماماً كبيراً بالجوانب الإنتاجية، خصوصاً بعد تأسيسه صناديق دعم للمشاريع السينمائية العربية، وإنشائه "أسواقاً" سينمائية وحيزاً للتواصل بين السينمائيين العرب والمنتجين الأجانب.

الـ"شِلَل" العربية في المهرجانات السينمائية واقع يكاد يستحيل التخلّص منه. "شِلَل" منغلقة على نفسها وعلى الآخرين. تمنع هؤلاء من اختراقها، وتتعالى عليهم. "شِلَل" نابعة من بقاع الدنيا العربية كلّها تقريباً. الاختراقات قليلة، تنطلق من قناعة التحرّر من البؤر الجغرافية والمناطقية والـ"شِلَلية"، من أجل ما يُفترض به أن يكون أسمى وأجمل وأحسن: العلاقات الإنسانية الصافية، والمشاهدات السينمائية الجادّة. أصحاب هذه الاختراقات القليلة مقتنعون تماماً بأن هذا منسحب أيضاً على كيفية التعاطي مع النتاجات السينمائية، إذ إن للفيلم قيمته كصنيع سينمائي مستوف شروطه وقواعده الفنية المطلوبة، وليس كمنتوج "وطني" بحت.

لكنها عقلية منغلقة في بلاد مُشلّعة على فراغات كبيرة.

ثلاثية صلاح هاشم..

السحر الخفي للسينما المصرية 

تُكرِّم إدارة "البينالي الثالث للثقافة والفنون" الكاتب والناقد والمخرج السينمائي المصري صلاح هاشم في الدورة الجديدة للبينالي (12 ـ 19 شباط 2014)، بعرض جديده السينمائي كمخرج، وهو الجزء الأول من ثلاثية "وكأنّهم كانوا سينمائيين ـ شهادات على سينما وعصر" (62 د.، إنتاج مصري دانماركي، تصوير ومونتاج اللبناني سامي لمع)، الذي يُقدّم "رؤية" شخصية للسينما المصرية، ويُبيّن علاقتها بحضارة مصر الفرعونية القديمة، في محاولة للإجابة عن سؤال: أين يكمن السحر الخفي للسينما المصرية، ذلك الذي كان موجوداً في أفلامها القديمة بالأبيض والأسود، ثم تلاشى واختفى. والسؤال مطروح على كتّاب وسينمائيين مصريين، فيتحدّثون عن التراث السينمائي المصري العريق، ويعرّفون ويذكّرون بالإضافات التي حقّقتها السينما المصرية، كـ"محرّك للشعب المصري"، كما يقول الروائي بكر الشرقاوي. هناك أيضاً شهادات لمدير التصوير المصري رمسيس مرزوق، والناقد صبحي شفيق، وآخرين.

تُعتبر ثلاثية "وكأنهم كانوا سينمائيين" خامس تجربة لصلاح هاشم في الإخراج السينمائي الوثائقي، علماً أن "البحث عن رفاعة الطهطاوي"، أحد أفلامه الأساسية، عُرض في "متحف الحضارات الأوروبية والمتوسطية" في مرسيليا الفرنسية في أيلول 2013، بمناسبة تكريم الطهطاوي "مونتسكيو العرب"، وفي إطار الاحتفال بمرسيليا "عاصمة للثقافة الأوروبية" في العام المنصرم. إنه أول فيلم وثائقي مصري (إنتاج العام 2008، تصوير ومونتاج سامي لمع أيضاً، إنتاج الإعلامية والناقدة الكويتية الراحلة نجاح كرم)، يتناول بأسلوب سينمائي متميّز غير تقليدي "مسيرة" رائد نهضة مصر الحديثة رفاعة رافع الطهطاوي، وينبّه بشكل غير مباشر (منذ العام 2008) إلى "خطورة التيارات الدينية المتطرّفة الفاشية"، وإلى "صعودها واستفحالها في عهد مبارك". كما أنه يعرض أفكار الطهطاوي في الحكم والإدارة والحرية والثقافة والمرأة والتربية، مؤكّداً أن رحلة الطهطاوي لا تزال "ابنة الحاضر"، ولم تنته بعد.

السفير اللبنانية في

13.02.2014

 
 

فيلم "الحمى" لهشام عيوش.. الأبوة المتأزمة

محمد بنعزيز (الدار البيضاء) 

نال الممثلان سليمان دازي وديدي ميشون مناصفة جائزة أفضل ممثل في ختام الدورة الثالثة عشرة لـ"المهرجان الدولي للفيلم بمراكش"، عن أدائهما المتميّز في "الحمى" للمخرج المغربي هشام عيوش. خفّض هذا التتويج من ردّ فعل السينيفيليين المغاربة، الذين فضّلوا أن يكون "هُمُ الكلاب" لهشام العسري في المسابقة الرسمية للمهرجان. يحكي فيلم العسري عن رجل يبحث عن أسرته، ويحكي فيلم عيّوش عن طفل يبحث عن والده المهاجر في باريس. هذه صورة مجتمع يعاني تفكّكاً رهيباً.

يغادر الطفل بنجمان الإصلاحية التي عاش فيها ليقيم مع جدّيه ووالده. هنا نكتشف شخصيته: طفل منغلق على نفسه. عدوانيّ وبارد كقبلة الموت. طفل خام لا يميّز بين الصواب والخطأ، ويتحدّى محيطه. يجلس في بهو المنزل أمام الجدّة بسروال قصير، ويشعل سيجارة. يجد الجدّ صعوبة كبيرة لقبول ابن زنا حفيداً له. يعرض الفيلم العزلة الساحقة لمهاجرين مسنّين يحلمون بيوم العودة إلى "البلاد". تمكّن المخرج من استثمار دال لفضاء أحياء المهاجرين. يتنقّل الطفل بين أبراج إسمنتية موحشة. يتواصل مع الجدران بشكل أفضل. استخدم المخرج الرسم ليكشف مشاعر الطفل. بينما تخترقنا موسيقى تصويرية دالّة ومؤثّرات صوتية تزيد من مصداقية السرد، وهذا بخلاف أفلام مغربية كثيرة تستخدم إيقاعات فولكلورية كموسيقى تصويرية. يلتحق الطفل بالأسرة وعالم المراهقة دفعة واحدة. يَجري ذلك بصعوبة. كان تحت مراقبة الموظّفين في الإصلاحية، الذين أطعموه وحرسوه كبيروقراطيين لا كآباء. ليس له دَيْن تجاه أحد من المحيطين به. الدولة هي مرضعته. يتعامل بشكل بيروقراطي مع والده. لتربية بنجمان، لا بد من العودة إلى الصفر. لذلك، يقوم الأب بنقد ذاتي متأخّر. لم يخطر بباله أن مضاجعة عابرة ستورثه مسؤولية مزمنة. يشعر بنجمان بهذا الرفض، ويحتجّ على الإهمال الذي طاله، بينما يعبّر الأب عن عجزه وندمه بصمت. مع توالي اللقطات، يتعاطف المتفرّج مع الطفل من دون أن يحقد على الأب. أعتقد أن نجاح هذه المعادلة سبب حصول المغربي سليمان دازي والطفل الفرنسي ديدي ميشون على الجائزة.

بعد 50 دقيقة، وصل الفيلم إلى ذروة الأزمة. احتار المتفرّج، وبدا أن لا حلّ للعقدة: لماذا عجز الثلاثة عن التعامل مع الطفل الخام؟ كيف يحلّ الأب والجدّين محلّ الموظّفين؟ وجد المخرج الحلّ: أدرك الأب في لحظة مواجهة أن الأبوّة نعمة لا نقمة، وأن سعادته تكمن في صنع سعادة من حوله. نجح عيوش في تصوير مشاهد التوتر بين الطفل والأب، فارتفع إيقاع الفيلم. تعوّد المتفرّج على شكل العلاقة بين الاثنين، فنزل الإيقاع من جديد في نصف الساعة الأخير. للتغطية على ذلك، لجأ عيوش إلى الأسلبة وترقيع السيناريو بعد الدقيقة الـ50. على الصعيد الأول، بُذل جهد تقني كبير. جرى اللعب بالإضاءة على وجوه تظهر وتختفي وتتلوّن تبعا للضوء. هذا ليس حدثا سرديا. هذه خدعة بصرية صارت مُضجرة بسبب تكرارها. استخدم "ترافلينغ" إلى الأمام على قفا الطفل، ثم "ترافلينغ" إلى الخلف مع كادر كبير. أخيراً، جرى تسريع مرور الصُوَر في المونتاج، خاصة حين يتوقّف السرد وتشرع الشخصيات في التأمّل. هذه حيل لرفع الإيقاع. على الصعيد الثاني، أقحم عيوش في السيناريو الذي كتبه بنفسه شخصيتين لإطالة الفيلم، الهدف منها تهوية القصّة فقط. فيها، يظهر أفريقي مشرّد وعمّ مُعوّق. يحب المخرجون المغاربة تصوير المعوّقين والمعتوهين. هاتان الشخصيتان لا صلة لهما بتسلسل الأحداث، أي أنه يمكن حذفهما بسهولة. النتيجة هي أن إيقاع الفيلم متذبذب.

طالعتُ كتباً كثيرة فَقَد كتّابها القوّة والألق في ربعها الأخير. يحدث هذا في الأفلام أيضا، مع فرق أن الأفلام قد ينقذها الممثلون من الرتابة.

السفير اللبنانية في

13.02.2014

 
 

فجر يوم جديد: {البرنسيسة}!

كتب الخبرمجدي الطيب 

في فبراير 2012 قدمت السينما المصرية فيلماً بعنوان {ركلام} دان فيه كاتبه مصطفى السبكي الفقر بوصفه {سبب الويلات والنكبات}، والدافع الوحيد، مع زوج الأم، وراء اضطرار الفتاة {شادية} (غادة عبد الرازق) إلى الزواج من تاجر مخدرات تنجب منه طفلة، وعندما يتم القبض عليه تلجأ، بتفان واجتهاد عظيمين، إلى الإيقاع بالزبائن في ملهى ليلي، بحجة التحايل على الرزق،  والحصول على {لقمة العيش}!

بعد مرور ما يقل عن العام، وفي أغسطس 2013 تحديداً، يكتب مصطفى السبكي فيلماً بعنوان «البرنسيسة» يكاد يكون نسخة طبق الأصل من «ركلام» بفارق بسيط أن الفيلم الأول من إخراج علي رجب والثاني أخرجه وائل عبد القادر، في أولى تجاربه بالسينما.

ففي «البرنسيسة» نحن مع «نانسي» (علا غانم) التي تبيع مناديل ورقية في إشارات المرور، لمساعدة أهلها، ويتعلق قلبها بالمحامي الذي تظنه طوق النجاة للخلاص من الفقر، والحارة البائسة التي لا تليق بطموحاتها، والشقيق الأكبر الذي يُذيقها المرارة والعذاب، لكن المحامي يغدر بها، وترضخ لشقيقها الذي يُرغمها على الزواج من «ميكانيكي» تهجره بعد أن تنجب منه طفلاً وطفلة، وعندما يحاول الشقيق إجبارها على العودة إليه تهرب من المنزل، والحارة، وطفليها، وتقع في براثن «قواد» يدفعها إلى العمل في الدعارة، وينتهي بها الأمر إلى العمل «ركلام» في ملهى ليلي!

«الحدوتة» نفسها تتكرر، ولا تتغير، وكأن الكاتب يجترها، ولا يملك سواها، وربما يكون لديه الحق في أن يلعب على التيمة المستهلكة، التي استعارها من تراث السينما المصرية، لكن ما الذي أثار حماسة شركة تخوض التجربة لأول مرة لإنتاج  فكرة عقيمة، ونص عفا عليه الزمن، في فيلم لا يكتفي باستثمار عالم الدعارة، والملاهي الليلية، بهدف استعراض الأجساد العارية، بشكل رخيص ومبتذل، بل ينتقل إلى عالم الاتجار بالهيروين، الذي يقترن عند كتاب السينما المصرية بتجارة السلاح، ويجهل الجميع دهاليزها وأسرارها، وتُصوّر على الشاشة بوصفها شحنة أسلحة معبأة في صناديق خشبية ضخمة يجري تبادلها على مقربة من سيارات سوداء في صحراء نائية، وتنتهي، في الغالب، بانقلاب طرف على الآخر، وتبادل عشوائي لإطلاق النار يُسفر عن تصفية جسدية، ومذبحة جماعية!

المثير للدهشة أن المخرج وائل عبد القادر بدأ فيلمه بإبهار تقني، على صعيدي التصوير والإضاءة (أكرم ممدوح ) والمؤثرات الصوتية والبصرية، والتوظيف «الأميركي» للخدع والمفرقعات (فتحي صادق) والإيقاع اللاهث (مونتاج عمرو عاكف)، لكن الإبهار لم يدم أكثر من خمس دقائق انتهت باعتقال البطلة «نانسي»، بتهمة الاتجار بالسلاح والهيروين، وبعدها تراجع الخط البياني للفيلم، بسبب السيناريو الذي كُتب بشكل تقليدي للغاية؛ ولم يخرج عن توظيف «الفلاش باك»، استرجاع الماضي، ليحكي قصة «نانسي»، التي تفترش الأرض في غرفة الحجز، بعد الحكم عليها بأربعة أيام، ثم خمسة عشر يوماً، على ذمة التحقيق، ويذخر الفيلم بكم من المبالغات لا تنتهي،  و{كليشيهات» تقليدية، وردات فعل غير منطقية؛ فالبطلة الساذجة التي يُغرر بها «القواد»، وكأنها معاقة ذهنياً،  تنقلب، فجأة، إلى امرأة تتقد ذكاءً، تنجح في الإيقاع بصاحب الملهى (ضياء الميرغني) وتستولي على إرثه، وملهاه، وتثأر لنفسها من ابنته الوحيدة (راندا البحيري) وتُصبح «البرنسيسة»، بعد أن تُخضع كل من حولها، وتوطد علاقتها و{الباشا» (ياسر علي ماهر) رجل سلطة يستشعر خطورة تهديداتها، عقب القبض عليها،  فيدبر خطة لاغتيالها، بعدما  باعها الجميع بنفس راضية، وضمير مستريح!

برأيي الصفعة التي تلقاها فيلم «البرنسيسة» عند عرضه في الصالات التجارية، وانصراف الجمهور عنه، بدليل تردي إيراداته، ترجع إلى اقتداء الفيلم بالنهج الميلودرامي الذي سارت عليه السينما الهندية ورسخته، وإحساس الجمهور المصري بأنه لا يجتاج إلى النسخة «التايوانية» الرديئة؛ فالمبالغات لا تنتهي، والطموح يثير الشفقة،  والمؤامرات تعكس أمراضاً مزمنة لدى الشخصيات، والأغاني الشعبية هابطة وكلماتها مبتذلة،  أما الأداء التمثيلي فوصل إلى درجة كبيرة من الانفعال، والافتعال، والتشنج، والعصبية، كما رأينا في سوقية علا غانم، وفجاجة ضياء الميرغني، وصنعة حسام فارس، وشحوب أداء راندا البحيري وشمس وصبري عبد المنعم في دور الأب المغلوب على أمره .

فيلم «البرنسيسة» أحد الأفلام «الأخلاقية» التي تُحذر الفتيات من عاقبة الهروب من المنزل، ويُلقن من يُشاهده دروساً في أهمية المشي على الصراط المستقيم، وأن الخير لا بد من أن ينتصر في النهاية، والمجرم ينبغي أن يلقى جزاءه، ومن ثم فقد كان يُفترض من صانعيه أن يتجهوا إلى صياغته في خطبة تُلقى على «المنبر» بدلاً من أن يصدمونا بها على «الشاشة»!

الجريدة الكويتية في

13.02.2014

 
 

مواقف الرقابة نحو الأفلام... دعاية إيجابية؟

بين الرفض والتعطيل والحذف

كتب الخبرهند موسى 

مرّت مجموعة من الأفلام المطروحة في دور العرض راهناً بمشاكل عدة مع الرقابة استمرت سنوات كالرفض، والتعطيل، والمطالبة بحذف بعض المشاهد، من بينها {لا مؤاخذة} الذي رُفضت فكرته في عام 2009 بحجة أنه يزيد الفتنة الطائفية، ويبرز تصرفات غير موجودة في المجتمع المصري، ما أجبر مؤلفه ومخرجه عمرو سلامة على إجراء تعديلات في السيناريو. ولكن رُفض رغم حصوله على منحة دعم من وزارة الثقافة في مصر، وظل سلامة في هذه ال...

يقول عمرو سلامة إنه لا يهتم بمدى تأثير موقف الرقابة السابق على الدعاية لفيلمه {لا مؤاخذة} بقدر اهتمامه بأن قراراتها كانت مجحفة لأنها عطّلت مبدعاً عن تنفيذ مشروعه، ورغم ذلك نفذ ما يريده في النهاية، وتمنى ألا يتكرر ذلك في المستقبل، وأن تختفي الرقابة في حد ذاتها، ويتناول المبدع أي موضوع يريد مناقشته بحرية.

إلى جانب {لا مؤاخذة} يحضر فيلم {الخروج من القاهرة} الذي انتهى منه القيمون عليه قبل عامين وشارك في مهرجانات عدة، ومع ذلك لم توافق الرقابة عليه إلا منذ أيام قليلة. يرى منتجه شريف مندور أن الضجة التي أثارتها الرقابة على العمل لا يمكن اعتبارها دعاية إيجابية أو سلبية، مضيفاً أن البعض قديماً كان يستخدم هذه الوسيلة في الترويج للفيلم وإثارة الجمهور ودفعه إلى مشاهدته، لكن في هذه الأيام يتخوّف الصانعون من خوض معركة مع الرقابة، أو وضع لافتة {للكبار فقط} على العمل.

وتابع أن الجمهور أذكى من أن يجذبه رفض الرقابة أو تعليقها ليقرر دخول العمل المثارة حوله ضجة إعلامية أو رقابية، إضافة إلى أن ردود أفعال المشاهدين حول الفيلم يتناقلها الجمهور بعد أول يوم عرض، وبالتالي إذا كان الفيلم غير جيد، أو يتضمن مشاكل نصية، أو أن الدعاية ليست لها علاقة بجودته، سيعزف عنه المتفرج تماماً بغض النظر عن أي أمور أخرى.

وأكد أن القيمين على جهاز الرقابة أكثر تفهماً مما كانوا عليه منذ سنوات، ولديهم نظرة منفتحة إلى المشاكل التي تطرحها الأفلام، لذا يؤيد الرقابة في منعها المشاهد الجنسية الصارخة، والألفاظ غير المستحب استخدامها بشكل طبيعي في السينما المصرية وفقاً لعادات وتقاليد المجتمع، وفي الوقت نفسه يعترض على وقوفها ضد الفكر عموماً.

وذكر مندور أن رئيس الرقابة في مصر أحمد عواض اقترح تغيير شكلها لتصبح {بعدية} لا {قبلية} على السيناريو أو الفكرة، وإنما على نتيجة العمل النهائية، ومحتواه أيضاً، إضافة إلى ضرورة تصنيف الفيلم العمري.

إصرار المخرج

كذلك وضعت الرقابة مجموعة من الملاحظات حول فيلم {أسرار عائلية}، وطالبت المخرج هاني فوزي بالالتزام بها، ولكنه رفض ذلك وتمسك بموقفه، مؤكداً أنه إذا تم حذف هذه المشاهد سيحدث خلل في العمل.

وصرّح منتج الفيلم د. إيهاب خليل أن الدعاية التي تقدمها الرقابة برفضها أو تعطيلها لأحد الأعمال السينمائية لا يشترط بالضرورة أن تكون إيجابية، موضحاً: {حقق {أسرار عائلية} إيرادات تقل كثيراً عن توقعاتي في شباك التذاكر بسبب الدعاية السلبية القوية التي وجهتها الرقابة نحوه؛ إذ تخوف مشاهدون كثر من الذهاب لمتابعته نظراً لما أشيع بأنه يتضمن مثليين، ولا أملك أي وسيلة يمكنني استخدامها لمناهضة هذه الدعاية سوى دعوة المنتقدين إلى مشاهدته ليتضح إليهم العمل وفكرته، وأنه يشمل قصة درامية، ويمكن لأي فرد متابعته حتى إذا كان لا يعاني هذا المرض، ولا يعرف صديقاً يعانيه}.

ولفت خليل إلى أن بعض دور العرض رفض ضم الفيلم إلى مجموعة الأفلام المعروضة لديه تخوفاً من أن يقال بأن هذه الصالات تروج لقيم مرفوضة مجتمعياً، وتتم بالتالي مقاطعتها، لذا تكبد خسارة فادحة جراء رفضها، واضطر إلى وضع النسخ الغالية التي طبعها خصيصاً لهذه الدور في صالات لم تحقق له المبالغ التي توقعها.

كذلك عبَّر عن استيائه من السماح بعرض أفلام تجارية من دون وقوف الرقابة حائلاً أمامها، ومنع أخرى تناقش مواضيع وظواهر اجتماعية مهمة، لذا لم يستجب لملاحظات الرقابة، واكتفى بحذف جزء من الشتيمة التي يوجهها اللص إلى الشاب المثلي لبيان نوعية السُباب الذي يُوجه إلى هذه الفئة.

وكشف خليل عن غضبه أيضاً من امتناع كثيرين عن مشاهدته رغم أنه يحتوي على دراما إنسانية رائعة، وهذا هو رأي غالبية المتفرجين الذين ذهبوا لمتابعته متوقعين بعض الألفاظ أو المشاهد الخارجة، وهو ما لم يجدوه، مشيراً إلى أنه حتى الإعلاميين الذين أجروا لقاءات مع صانعي الفيلم كان لديهم هذا التصور، ومن بينهم وائل الإبراشي الذي اشترط قبل استضافتهم في برنامجه {العاشرة مساءً} أن يشاهد العمل قبل لقائهم كي لا يُقال بأن برنامجه يقدم دعاية للشواذ، ولكنه تأثر به وأكد على عدم وجود مشاهد تستحق هذه الضجة، كما هي الحال مع {لا مؤاخذة} الذي قيل بأنه يثير الفتنة الطائفية، ومع ذلك دخله كثير من المسيحيين لأنه يعبر عن قضيتهم، وهو وأصدقاؤه منهم.

كذلك قالت الناقدة حنان شومان إن موقف الرقابة نحو مختلف الأعمال السينمائية قد يمثل دعاية سلبية أو إيجابية، وهذا لا يعني إلغاء دور الرقابة ووظيفتها كي لا تؤثر سلباً على العمل، إضافة إلى أن فكرة الدعاية في حد ذاتها غير واردة لدى القيمين على هذا الجهاز أثناء تقييمهم لأي فيلم.

وأشارت إلى أن كثيراً من الأفلام التي واجهت مشاكل مع الرقابة لم تحمها الكتابات عن الخلافات في الإعلام والصحافة من الفشل لأنها كانت غير جيدة، موضحة أنها كانت عضواً في لجان خاصة داخل الرقابة لإبداء رأي استشاري حول الأعمال المتقدمة، وكانت ترى أن الضجة المثارة حول كثير من هذه الأفلام سببها أنها سيئة ودون المستوى فعلاً. وأكدت أن هذه المناقشات لم تعد مؤثرة على المشاهدين سلباً أو إيجاباً، ولا على عُمر الفيلم، وحتى إن حدث ذلك فيكون خلال أول بضعة أيام، وحينما يكتشف المشاهد أن العمل غير جاذب لا يشاهده، ويخبر معارفه بذلك.

وذكرت شومان أننا تخطينا مرحلة أن يؤثر رفض الرقابة أو تعنتها نحو بعض الأعمال على إيرادات الأخيرة وجماهيريتها، وأننا تجاوزنا فكرة أن الممنوع مرغوب التي كانت منتشرة بكثرة في فترتي الثمانينيات والتسعينيات، كذلك الحال بالنسبة إلى أفلام المهرجانات وطوابير المشاهدين عليها لأنها تعرض من دون قطع أي أجزاء منها.

الجريدة الكويتية في

13.02.2014

 
 

وثائقي عرضته الـ BBC..

برج خليفة من أبرز ديكورات الأرض

قيس قاسم  

في واحد من أمتع وثائقيات هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» عن الكرة الأرضية وزينتها الخارجية، والكيفية التي وضع الإنسان لها ديكوراً أعطاها الشكل الجميل، الذي تظهر عليه سطوحها اليوم، جاء ذكر برج خليفة في دبي ضمن حلقة «مكان للعيش» كنموذج متقدم لأروع الحُلي التي زين بها الإنسان كوكبه، ففي برنامج «الأرض المتوسعة» ذي الحلقات الثلاث، استُخدمت أعلى درجات التقنية الرقمية في التصوير والمونتاج وأُخضعت الصورة لضرورات النص المكتوب، ما جعل البرنامج عملاً تلفزيونياً يجمع بين جمال الصورة وروعة النص في توافق مدهش سهَّل توصيل حجم المعلومات الكثيرة فيه إلى المشاهد. وحتى الأرقام التي اعتمدها النص للتوثيق والمقارنة لم تكن ثقيلة، بل محفزة للتفكير في قدرة البشر الهائلة لا على تحويل سطح كوكبنا المائي والأجرد اليابسة، في أغلبه، إلى مكان صالح للعيش الآدمي فحسب، بل ومزين أيضاً بديكورات أنيقة تجمل سطحه وتعطيه شكلاً متميزاً عن سطوح الكواكب الأخرى.

يروي لنا البرنامج كيف اختار الإنسان أن يبني بيته أولاً ثم مدينته، وظل هذا السلوك قائماً حتى اليوم، فمعظم المساحة التي يعيش فيها الناس هي المدن. وبالأرقام، فإن أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية يعيشون على مساحة لا تتجاوز مساحة أستراليا، ولو جمعنا كل شوارع المدن في العالم وجاورنا بعضها إلى بعض، فإن مجموعها لا يزيد على 1% من حجم مساحة الأرض الكلية، وبالتالي فإن تزيين الكرة الأرضية وتصميم ديكوراتها عبر بناء الشوارع والبنايات والبنى التحتية والمواصلات يظل محصوراً بالمدن الكبيرة، والناس الذين يعيشون فيها. ومع هذه الحقيقة ثمة تغييرات سريعة حدثت في هذا الجانب، حين ظهرت مدن ما كان متصوراً لها من قبل أن تظهر بالشكل الذي نراها عليه اليوم، ولا سيما في الصحراء العربية، التي اعتبرها البرنامج نموذجاً على قدرة الإنسان في هذه المنطقة على تحويل رمال الصحراء إلى مدن كبيرة، عصرية، مزينة بأحلى عمارات ناطحات السحاب والأبراج، كبرج خليفة، الذي يبلغ قرابة كيلومتر ارتفاعاً واستُخدمت فيه أعلى تقنيات البناء لتجاوز مشكلات فنية بدت في بادئ الأمر مستعصية على الحل بسبب شدة الحرارة التي تهدد بتمدد مواد البناء. وفي هذا المجال، يكشف الريبورتاج الخاص ببرج خليفة عن استخدام مهندسيه «السمنت المتجمد» الذي يمنع التمدد، وبالتالي يضمن سلامة البناء، ولكنه لا يركز على الجانب المعماري والهندسي فقط، بل يذهب إلى موضوع جانبي قد لا نلتفت إليه يتعلق بتنظيف واجهات هذا الصرح العمراني، فيُجري لمعرفة التفاصيل الخاصة بتنظيف شبابيكه التي يزيد مجموعها على عشرين ألف شباك، مقابلات مع مجموعة من المختصين بتنظيفها.

وهنا نجد أن فريق العمل يتكون من 15 متسلقاً يصعدون كل يوم إلى قمة البرج ويبدأون من هناك تنظيف واجهاته نزولاً نحو الأسفل في عمل أشبه بمغامرة الصعود إلى قمة جبل إيفرست، فأي خطأ فيه يعرض العمال كلهم لخطر السقوط من أعلى برج في العالم. ومع هذا، فرئيس الفريق يشعر لحظة وصوله إلى قمة البرج والنظر إلى الأرض من علو، بأنه سيد هذه الأرض الشاسعة. ثم تمضي حلقة «مكان للعيش» لعرض المنجز العمراني المذهل للمنطقة الصحراوية وكيف نبتت من وسط رمالها مدن تجاوزت توصيفها بالعصرية إلى «متروبولية»، ومثال دبي يقدّم بالأرقام، فمن ميناء صيد ساحلي تحولت اليوم إلى مدينة يسكنها أكثر من مليوني شخص. وخلال ثلاثة عقود من الزمن ارتفعت على أرض الخليج أكثر من 150 ناطحة سحاب تزين وجه المنطقة والكرة الأرضية.

يعرض البرنامج التلفزيوني البريطاني بشكل بانورامي الإضافات الجمالية للبشر على كرتهم الأرضية على رغم ما يصاحبها من مشكلات سكانية وبيئية، ولكنها في النهاية تشكل جزءاً من عمليات التكيُّف مع رغبة العيش في المدن الكبيرة التي يصعب إيقافها، ومدينة هونغ كونغ خير مثال، فهذه المدينة التي تُزين واجهة الأرض بمبان وطرق غاية في الروعة، يعيش قسم من سكانها عملياً فوق الأرض، أي أن أقدامهم لا تلامسها مباشرة، فالتنقل بين شوارعها أو بناياتها يتم عبر شبكة معلقة من الممرات توصل نقاط المدينة بعضها ببعض، وفي الصين ثمة حركة بناء عمرانية هائلة تريد استيعاب هجرة الناس من الريف إلى المدينة، وقد استحدث مهندسوها طرق بناء جاهزة تركب خلال أيام قليلة، فمجمع سكني كبير يستوعب مئات الآلاف قد لا يزيد زمن بنائه على أسبوعين، لهذا نرى غابات من العمارات العملاقة تظهر فوق مدينة شنغهاي أسبوعياً تعطيها حلة جديدة لم تعرفها قبل عقدين من الزمن.

وشهدت طوكيو مبكراً حركة بناء سريعة أظهرت معها مشاكل تهدد بإغراقها، لعدم وجود مساحة كافية من الأرض لامتصاص مياه الأمطار الساقطة فوقها فتذهب إلى الأنهر التي ربما تفيض، في حين تواجه مدن القارة الأميركية مشكلات مختلفة، كالمكسيك التي بنيت على أرض رخوة تتسرب منها المياه، ما يتطلب بناء مجاري تصريف عملاقة يعرض البرنامج واحدة منها تبنى الآن في مكسيكو سيتي وتعد منجزاً بشرياً مدهشاً، بسبب قدرة البشر على التكيف مع بناء مدنهم العصرية وتزيينها بالحلي والديكورات الجميلة والتفكير بحلِّ ما يصاحبها من عوائق.

المدى العراقية في

13.02.2014

 
 

بازوليني قال لنا:

تفاؤلكما أكثر مأساويةً من تشاؤمي

ترجمة: نجاح الجبيلي  

يعد الأخوان "تافياني" من بين عمالقة السينما الإيطالية الكلاسيكية. وقد برزا حين كانا شابين في عصر روسلليني وبازوليني.  ويعدان برتولوتشي من بين معاصريهما؛ ولهما تأثير قوي على المخرجين الأصغر القادمين من الريف مثل "ناني موريتي". فازا عام 1977 بالسعفة الذهبية في كان عن فيلهما "الأب والأستاذ Padre Pardone  " وهو رحلة ريفية شاقة صورت بفنتازيا ومسرحة قابلتين للتحول. يبدأ الفيلم بابن فلاح من سردينيا يعتمد الفيلم على يومياته يقدم دعماً إلى الممثل الذي سيؤدي دوره؛ ومشهد آخر يسمح لنا بالوصول إلى المونولوج الداخلي لمعزى  يمارس الصبي معها الجنس ("سوف أتبرز على حليبك!"). ويستمر هذا العبث واللعب في فيلم "ليلة الشهب" – 1982 وهو حكاية خرافية في وقت الحرب وفيلم " كاوس"-1984 المعد عن مسرحية لبيراندلو و فيلم "صباح الخير يا بابل"-1987 حول مصممي ديكور يعملون لمصلحة المخرج  د.و. غريفث (المعروف بفيلم "التعصب" و"مولد أمة"-م).

وبعد عقدين من التغاضي أو الهجوع يعود"باولو"-82 سنة، و"فيتوريو"-83 بفيلم " قيصر يجب أن يموت Cesare Deve Morire" وهو دراسة محكمة حميمة للتحضيرات لمسرحية "يوليوس قيصر". تعرض المسرحية على سجن "ربيبيا" في روما من قبل لصوص متمرسين بعضهم أفراد سابقون في المافيا ومن قتلة منظمة "كامورا". النغمة حادة لكنها غير صاخبة أما التصوير فأغلبه بالأبيض والأسود. يقول فيتوريو:" كل شيء في الفيلم لا علاقة له بشكسبير كان قصة حقيقية أخبرنا بها نزلاء السجن. كل شيء كان أداءً. كل شيء كان مكتوباً في سيناريو. إنه فيلم. فيلم فريد، نعم لكنه ما يزال فيلماً". وما جعل الفيلم كبيراً ومعترفاً به منح المخرج مايك لي ولجنة الحكام جائزة راقية له في مهرجان برلين السينمائي السنة الماضية.

يتفق المتعاونون معهما على أن الأخوين تافياني يخرجان الأفلام كونهما شخصاً واحداً،و من المرجح أن الأمر لا يهم كون "فيتوريو" قد جاء لندن دون أخيه. وكان "مارسيلو ماستروياني"، الذي عمل معهما في فيلم "ألونسانفان"- 1974، يشير إلى كلا الرجلين بشكل فردي كونهما "باولوفيتوريو". وبعد أن ُسئل في نهاية التصوير كيف يبدو الأمر حين تأخذ الإرشاد من مخرجين اثنين أجاب الممثل:" هل كان هناك اثنان ؟". يوضح فيتوريو الأمر لي:" لدينا شخصيتان مختلفتان لكن من الطبيعة نفسها. اختياراتنا في الحياة والفن نفسها" ينحني ويرفع أصبعه تحذيراً:" على الرغم من أننا لدينا زوجتين مختلفتين". ويعقبها بضحكة مطقطقة جافة مثل صوت خشخشة  طفل بجيبه المليء بالحصى. شاربه وحاجباه يشبهان فايبركلاس أبيض لامع خشن قصير. ياقتا قميصه مؤطرتان بمنديل رقبة مزررة بينما قبعة زرقاء مدفوعة إلى الوراء على رأسه. على الرغم من أن عينيه مخفيتان تحت نظارتين ملونتين بالبرتقالي الفاتح إلا أني أقنعت نفسي بشكل متعاطف بأني أستطيع أن أراهما مشرقتين.يتم تقاسم العمل في موقع التصوير بالتساوي إذ يأخذ كل أخ العنان في تنظيم متبادل للكاميرا. وإذا ما كان ثمة عدد مفرد لهما في اليوم فإنهما سوف يرميان قطعة نقود. إن الديناميكية بين الأخوة الآخرين يسحرهما. ويستذكر "فيتوريو":" قبل عدة سنوات التقينا الأخوين كوين وسألناهما:"كيف تعملان معاً؟" فإجابا:" كلا. أنتما بدأتا هذا الأمر برمته اخبرانا أنتم". لكن اتفقنا أربعتنا على أن يبقى الأمر سرّا". للسينما أصولها في الأخوين الثنائيين أشرت إلى ذلك:" نعم. وفي بداية مهنتنا كتب ناقد شرير بأن السينما بدأت مع الأخوان لومييه وسوف تموت بموت الأخوين تافياني".ذلك الناقد هو ميت الآن. إن سينما الأخوين تافياني مع ذلك مزدهرة وفيتوريو في قمة نشاطه حين يناقش فيلم "قيصر يجب أن يموت". أخبر ستانسلافسكي ممثليه كي يعيشوا شخصياتهم لكن هذا كان مجرد تمرين عقلي. بالنسبة للنزلاء فهم لا يحتاجون إلى استعمال خيالهم: فهي على ما يرام هناك. فهم ليسوا أفضل الممثلين في العالم. لكن إذا ما كنت تمتلك خلفية فأنت محكوم على أن تعطي نوعاً مختلفاً من الأداء. أحياناً بمستطاعنا أن ننظر في أعين النزلاء حين كنا نمثل ونرى تلك الأعين التي شهدت الجريمة في الحياة الحقيقية. ثم مرة أخرى حين ينتهي الأداء فإن النزلاء يمرون بلحظات من المتعة القصوى. ومن وراء الكاميرا، رأيناهم مثل الأطفال الذين كانوا مرة يهتفون ويقفزون. وبنفس الطريقة نحن نكره كل ما فعلته المافيا و"الكامورا" وما إليها. كيف يمكن لنا أن نضع تلك العواطف الغريبة على حدٍّ سواء معاً؟ ما نزال لا نعرف كيف نحل ذلك".

لقد قال الأخوان تافياني سابقاً بأننا يجب دائماً أن نتذكر أننا جزء من الطبيعة. وذلك سهل بما يكفي في المشاهد الريفية في فيلم "الأب والأستاذ " و"ليلة الشهب" لكن كيف يتسنى لهذا أن يعلن نفسه ضمن الجدران الكونكريتية لفيلم "قيصر يجب أن يموت" أو فيلمهما الذي يدور حول السجن بعنوان "القديس مايكل عنده ديك"؟ يبتسم فيتوريو قائلاً:" حسناً. بقدر ما نحب ونحترم الفرد فإن علاقته مع سعة الطبيعة هي التي تكـّون ذلك التوتر الذي هو ربما جوهر وجودنا الإنساني. لكن بالنسبة للنزلاء المحرومين من علاقتهم مع الطبيعة، فإن العلاقة الوحيدة لديهم هو شيء أكبر من أنفسنا ألا وهو موتهم. الجزء الأكبر من الطبيعة التي يشعروا بعلاقة أقوى معها هو الزمن. وزمنهم هو إدانتهم. إنهم لا يستطيعون أن يفعلوا أي شيء إزاءه – إنهم بلا قوة. إن الزمن هو صوت الطبيعة".

أخبرته باقتباس له مرة أخرى:" في كل فيلم تصنعه هناك دائماً صفحة أو اثنتان من السيرة الذاتية ". فأين هي في فيلم "قيصر يجب أن يموت"؟ وبدأت الحصى تخشخش مرة أخرى بينما هو يضحك مع نفسه:" يجب أن أعطي ملاحظة:" لا تصرح باقتباس لا تستطيع أن تبرهن عليه". ثم أضاف:" إن الفيلم هو سيرة ذاتية بمعنى أنه يثبت لحظة في الزمن. إذا ما انخرطنا في مشروع معين فلكي نجيب عن أسئلة طرحناها على أنفسنا في تلك النقطة. إن ما يقفز إلى أذهاننا ،نحن الإيطاليين، هي الحالة المؤلمة التي يمرّ بها بلدنا".

ربما كان الأخوان تافياني "جذابين" خلال حياتهما العملية، لكن علاقتهما المفعمة في المراهقة تستدعي إلى الذهن قولاً مثيراً من موطنهما في توسكاني: "فراتلي، كولتلي" (أو:"أخوان، سكاكين"). بعد أن قضى طفولة سعيدة في "سان مينياتو" فإن حب "فيتورو" لبابلو فسد حين كان لدى أخيه الطفل الطيش الذي جعله ينمو ليصل إلى طوله."ذلك شيء لا يغتفر. كانت هناك فترة خلال المراهقة حين كنا نأمل من الآخر أنه سيموت في حادث سيارة. اعتدت كتابة المسرحيات التي كانت تحتوي على أخوين أحداهما مثالي والآخر شرير". وكانت تجربة في العيش خلال الحرب العالمية الثانية ،كما يقول، جعلتهما أكثر قرباً- وبشكل جيد كما كان حبهما للفيلم. وبعد فترة قصيرة من الحرب تجولا داخل صالة السينما التي كانت تعرض فيلم "بيزا" وهو الفيلم الواقعي الجديد لروسلليني الذي يدور حول تحرير الحلفاء لإيطاليا. "كانت صدمة في حياتنا، ويا له من تحسن، لأننا راقبنا مأساتنا الخاصة التي كنا نعيشها من حلال إعادة تمثيلها على الشاشة. وبرؤيته فهمنا بشكل جيد الأزمان التي كنا نعيش خلالها".

التخلي عن السينما، عرفا بأن ذلك كان اللغة التي يريدا أن يتكلما بها. وقد أخذا على نفسيهما عهداً: إذا لم يصنعا أفلامهما في غضون عقد فإنهما سيشتريان بندقية ويقتلان أنفسهما :"ولم يقرر بعد من هو الأول الذي سوف يقتل نفسه". يقول فيتوروا وكأنّ الفكرة طرأت في باله الآن.  

إنها صورة قلمية موجزة للأخوين تافياني: فظاعة الحرب التي يلطفها تجلي الفن والوعد المتكلف "السينما أو الموت!" الذي ينبثق عن طريق انتحار مزدوج عملي والمزج المشترك للقسوة مع الأمل. يخبرني فيتوريو عن بازوليني حين عرض عرضاً خاصاً لإحدى أفلام الأخوين كي يتخلى فيما بعد عن تحميل التعبير القاتم. وفي لقاءات اجتماعية متتالية احتجّ بازوليني على الأخوين لمنظورهما المتفائل.يقول" أخبرنا بيير باولو بازوليني:" تفاؤلكما أكثر مأساوية من تشاؤمي". وبعد عدة أيام كان ميتاً. بالنسبة لنا "التفاؤل" كان كلمة خاطئة. إنها تلك الشركة الصغيرة من الأمل أو العقل التي تهمنا. قد يكون العيش مأساوياً لكن الحياة ليست كذلك".

 عن: الغارديانn

المدى العراقية في

13.02.2014

 
 

محمد البدوي لـ'المغربية'

أحث المخرجين الشباب على خلق سينما جديدة

المغربية 

أثار فيلم "سليمان" "رجل الشمس") (solei-man للمخرج المغربي الأمازيغي الشاب، المقيم بين إسبانيا وهولندا، محمد البدوي، جمهور مهرجان طنجة خلال عرضه في المسابقة الرسمية للفيلم الطويل.

وأجمع المهتمون على أن "سليمان" من أجود الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية، لا متلاك صاحبة حسا شاعريا عميقا وتقنيات سينمائية جديدة على السينما الأمازيغية تعتمد على الصورة أكثر من الحوار.

عن هذا الفيلم الأمازيغي يقول المخرج محمد البدوي في حوار لـ "المغربية" إنه أول فيلم يتحدث بـ"الريفية" ويصور بمدينة الحسيمة، للكشف عن طبيعتها الجميلة، والقاسية في الآن نفسه، وعن معاناة سكان المنطقة مع مرض السرطان، بسبب الغازات السامة، التي ألقيت في المنطقة من طرف الإسبان، في فترة حرب الريف.

ويضيف أن"سليمان" فيلم روائي طويل من إنتاج مشترك مغربي وإسباني، من تأليف وإخراج محمد البدوي، الذي شارك فيه بدور "سليمان" إلى جانب ممثلين أجانب، ومغاربة غير معروفين، مثل الممثلة المسرحية أنيسة إيكري، والطفل عمر بوعمار.

ولتقريب مخرجه للقراء، فإن صاحب الشريط من مواليد سنة 1979 بمدينة الحسيمة، بالريف المغربي، عاش طفولته بين هولندا وإسبانيا، حيث حصل على ماستر في السمعي البصري بجامعة مدريد، تقدم "المغربية" هذا الحوار. 

·        من أين جاءتك فكرة فيلم "سليمان" وما سبب هذه التسمية؟

هي قصة واقعية لشخص يدعى "سليمان"، لكنها ليست سيرة ذاتية، بل معاناة عاشها سكان الريف في الماضي جراء الاستعمار الإسباني، الذي تسبب في انتشار مرض السرطان بسبب استخدام قنابل كيماوية والغازات السامة لردع مقاومة الريف.

بعد عودتي من هولندا التي قضيت بها 25 سنة، فوجئت بعدم تغير الأحوال، لذا كان لزاما علي تقديم شيء ينقل معاناة هذه الفئات المتضررة من المجتمع المغربي، ومساعدتها بعض الشيء عن طريق الترويج لمناطق الريف والحسيمة وما تزخر به من مؤهلات طبيعية تجعل منها قبلة سياحية رائعة. 

·        هل واجهتك صعوبات في إنتاج هذا الفيلم؟

إنتاج الأفلام غالبا ما يتطلب إمكانات مادية كبيرة، لكن ميزانية فيلم "سليمان" كانت في المتناول، لأنني بدأت في تصويره من مالي الخاص وبتجهيزات عادية، زد على هذا صعوبة إيجاد منتج يتبنى عملي وهو أول تجربة لي، وبالتالي كان من الصعب كسب ثقة أحد المنتجين أو الدفع بهم للمغامرة في تجربة بهذا الشكل، لكن إصراري، رغم انسداد جميع الأبواب في وجهي، فتح أمامي بوابة أخرى تمثلت في أربعة منتجين إسبان مولوا هذا الفيلم.

·        وماذا عن صعوبات التصوير؟ 

واجهتني صعوبات عديدة خلال التصوير، منها صعوبة التنقل في مناطق الريف نظرا لطابعها الجبلي، وعدم توفرها على طرق معبدة تسهل عملية التنقل، علما أن جميع مشاهده صورت إما في الجبل أو في البحر، بالإضافة إلى عدم قدرتي على تصوير بعض المشاهد في مناطق محددة لأسباب أمنية، من ناحية أخرى كانت لي بعض المشاهد التي أردت تصويرها في المستشفى العمومي لكن القائمين على مستشفى محمد الخامس بالحسيمة رفضوا الأمر ما اضطرني إلى تصويرها في مستشفى خاص، وكذا إظهار العلامة التجارية لهذه المستشفى اعترافا بالجميل.

·        هل توقعت نجاح الفيلم في هذه الدورة من مهرجان طنجة الوطني؟

لم أكن أتوقع هذا التجاوب الكبير مع الفيلم، فعلا سبق وحقق "سليمان" في مهرجان القاهرة نجاحا وإقبالا جماهيريا واسعا، لكنني لم أكن أنتظر نجاحا بهذا الشكل بالنسبة للمهرجان الوطني، فالجمهور تتبع الفيلم حتى النهاية وصفق له كثيرا، كما أن المهتمين أثاروا نقاشا عميقا حول الفيلم، زيادة على الاهتمام الإعلامي اللافت بهذا العمل، الذي لا يزيدني سوى إصرارا على تقديم المزيد.

·        هل سيدفعك هذا النجاح إلى إخراج أعمال أخرى؟ 

فيلم "سليمان" مجرد بداية أما الآن فلدي فيلمان أولهما كتبته بالريفية والثاني بالإسبانية وتتمحور أحداثه حول الأزمة المالية الخانقة التي عصفت باسبانيا ومدى انعكاسها على وضع المغاربة المقيمين هناك، وهو محاولة لعكس واقع معيش لمسته من خلال هجرتي واستقراري بالخارج لمدة طويلة.

·        كيف ترى واقع السينما في الريف؟ 

فيلم "سليمان" هو أول فيلم ريفي بكل مكوناته، حيث سبق وصورت العديد من الأفلام، لكنها لم تكن أفلاما ريفية، بل كانت هذه المنطقة مجرد مسرح لتصوير هذه الأعمال، كما أن الحديث عن سينما ريفية لم يكن مثارا بالمرة، منذ رحيل الاستعمار هدمت قاعات السينما وعوضت بدور للسكن، وهو ما يبرر غياب ثقافة سينمائية في هذه المناطق.

·        ما السبيل للنهوض بمنطقة الريف سينمائيا؟

من الممكن النهوض بالسينما في أي مكان حول العالم عبر إيصالها للناس، وهذا ما حاولت فعله بعد دعوتي لعدد من المهتمين بالشأن السينمائي والعاشقين لهذا النوع من الفن كي يمضوا فترة تدريب على مستوى التمثيل وكذا تقنيات التصوير، تزامنا مع تصوير فيلم "سليمان"، ولعل من ثمار هذه الخطوة صدور عمل ريفي آخر تحت عنوان "وداعا كارمن" للمخرج محمد العمراوي، الذي كان حاضرا في تصوير فيلمي، واشتغل مع فريق عملي بعد حوالي أربعة أشهر.

وهو من أهم الأفلام المغربية المشاركة في المهرجان، كما سبق له المشاركة في العديد من المهرجانات العالمية.

·        بعد أدائك دور البطولة في فيلمك الأول، أيمكنك قبول المشاركة في عمل مغربي كممثل وليس مخرجا؟

بالفعل هذا شرف لي، في السابق دعيت للعب دور في فيلم مشترك بين إسبانيا وإيطاليا وقبلت العرض، فلم لا أقبل الاشتغال مع مخرج مغربي، لكن يبقى شرطي الوحيد لقبول أي دور كان هو اقتناعي به وبقدرتي على تجسيده، للحفاظ على صورتي وبدايتي هذه، وحرصا على منتوج المخرج الذي قد يدعوني للعب دور قد لا يتماشى مع أفكاري وقدراتي.

·        ما رأيك في السينما المغربية؟ 

في اعتقادي السينما المغربية في تقدم مستمر، لكنني أناشد المخرجين الشباب من أجل خلق سينما جديدة وتفادي التكرار الذي يتفشى في هذا المجال بسبب استمرار الوجوه نفسها في الساحة السينمائية، وأملي كبير في المبدعين الشباب لخلق أفلام جديدة تتصف بالعالمية، بحيث تكون لها القدرة على مجابهة كبار السينما عبر العالم عبر المشاركة في مسابقات رسمية لمهرجانات دولية مثل كان والبندقة وبرلين.

·        هناك من يقول إن السينما تعيش أزمة تمويل وليس إبداع، فما رأيك؟

لا يمكن للتمويل أن يكون مبررا لغياب الإبداع، فمع وجود إبداع يتبخر الحديث عن التمويل، فمثلا كيم كيدوك مخرج كوري ومنتج في الوقت نفسه لا يقدم سوى أعمال صغيرة وبسيطة بإمكانيات عادية، لكنها قمة في الإبداع ما يجعله دائم الحضور في كان وبرلين وغيرهما من المحافل العالمية.

·        هل تتطلع إلى التتويج، وكيف تنظر إلى جوائز المهرجان؟

في اعتقادي جوائز المهرجان تحفيز مهم للفنان والمبدعين، والحصول على إحداها ما هو إلا دفعة معنوية تجبرني على تقديم المزيد.

الصحراء المغربية في

13.02.2014

 
 

الفيلم القصير يسافر بجمهور أيت ملول إلى أربع قارات

خديجة معقول | المغربية 

تحتضن مدينة أيت ملول الدورة السابعة لمهرجان سوس الدولي للفيلم القصير، بمشاركة أزيد من 30 فيلما قصيرا من أجل المنافسة في المسابقة الرسمية لهذه التظاهرة السينمائية التي تمثل أربع قارات.

وكشف نور الدين العلوي، مدير المهرجان، أن هذا العرس الفني المنظم من قبل محترف كوميديا للإبداع الفني بأيت ملول، خلال الفترة الممتدة ما بين 8 و 11 من شهر ماي 2014، سيحتفي ببوركينا فاسو، إلى جانب استقبال أفلام من الجزائر، وألمانيا، وبلجيكا، وفرنسا، وكوريا، الدانمارك، وجورجيا، وتونس، ومصر، وليبيا، وروسيا، والعراق، فلسطين، واليمن.

وقال في تصريح لـ "المغربية" إن المهرجان خصص للدورة السابعة أربع جوائز قيمة، وهي جائزة لجنة التحكيم، وجائزة الجمهور، والجائزة الكبرى، وجائزة الفيلم الوثائقي القصير، وسيشرف على انتقاء هذه الجوائز لجنة تمثل نخبة من الفنانين والمخرجين المرموقين من داخل وخارج المغرب أمثال المخرج الألماني-العراقي نوزاد شيخاني، والناقدة السينمائية الجورجية كيتيفان، والمخرج المصري محمد خان، والممثلة المغربية المقتدرة دنيا بوطازوت والمخرج المغربي أحمد منتصير، وغيرها من الأسماء التي ستشكل، لامحالة، إضافة متميزة لهذه الدورة.

وأضاف مدير المهرجان أن هذه التظاهرة الفنية تسعى إلى إرضاء أذواق الجماهير الوفية لهذا الموعد السنوي، من خلال تنظيم عدة أنشطة وفعاليات لها علاقة بالفن السابع، مثل عروض خارج المسابقة في حصة فريدة من نوعها، وهي الموجهة بالأساس لتلاميذ المؤسسات التعليمية الابتدائية منها على وجه الخصوص، كنوع من أنواع التربية على السينما التي تشكل قضية محورية وملحة يرتكز عليها المهرجان في بعده التأصيلي والتثقيفي والتنويري والتربوي والتأسيسي لصناعة سينمائية ذات بعد تربوي، من خلال إدماج الفرد بمحيطه السوسيو ثقافي وجعله عضوا فاعلا في مجال من المجالات.

وأبرز أن الدورة المقبلة ستشكل فضاء لتبادل الأفكار والاطلاع على ما جد في عالم الفن السابع، وفرصة للمخرجين الشباب المغاربة للاطلاع على التجارب الدولية، والدفع بهم نحو الإبداع في فن الفيلم القصير كنوع مستقل، كما ستعرف هذه الدورة، في إطار أنشطتها الموازية، فقرة ثقافية متميزة، ويتعلق الأمر بتوقيع مجموعة من الإصدارات السينمائية الوثائقية والروائية والتشكيلية والشعرية والفكرية باللغتين العربية والفرنسية.

ويعتبر المهرجان الدولي سوس للفيلم القصير، الذي ينظم في شهر ماي من كل عام، من بين أكبر التظاهرات الثقافية على أجندة النشاطات السنوية في المغرب، المتخصصة في عرض أفضل إنتاجات السينما العربية والعالمية في مجال الفيلم القصير، واستضافة رموز صناعة الفن السابع محلياً وإقليمياً وعالمياً، فضلا عن إقامة حفلات خاصة، وجلسات حوارية وندوات، تتاح من خلالها للجمهور ووسائل الإعلام فرصة للتفاعل مباشرة مع كبار نجوم وخبراء السينما الذين يفدون على المهرجان من كل مكان من العالم. أما على مستوى صناعة السينما فقد دأب المهرجان، سنويا، على تنظيم عدد من أوراش العمل واللقاءات التي توفّر منصة تعارفية وعملية لعقد الاتفاقات والشراكات في عالم السينما.

وبعد النجاح الذي حققته الدورات السابقة، إذ تزخر كل دورة، على حدة، بالتنوّع، واشتمالها على كل أشكال وأنماط صناعة السينما، عبر (جوائز سوس) وما تقدّمه من دعم معنويّ وعمليّ لصانعي السينما في هذه المنطقة، وما يصاحبها من زخم تنافسيّ مُتصاعد، وتفاعل بنّاء بين المخرجين الناشئين، وكان لذلك انعكاسات إيجابية على مكانة المهرجان، منصةً أولى ومُفضّلةً لإطلاق الأفلام الجديدة، ما ساهم في ترسيخ تلك المكانة عبر العديد من البرامج والمبادرات التنموية التي أطلقها المهرجان.

يذكر أن ملتقى سوس الدولي للفيلم القصير الذي انطلق في (إنزكان أيت ملول) عام 2006 يؤسس لرؤية سينمائية يهدف من خلالها لأن يتحول إلى مهرجان سينمائي عالمي ، يحتضن السينمائيين من كل أنحاء العالم ويدافع عن قضايا البيئة و الحرية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة، ويطرح القضايا الجوهرية التي تمس حياة المجتمعات العربية بصفة عامة، فهو فعل ثقافي متلازم مع القيم الثقافية والإنسانية بشكل عام.

الصحراء المغربية في

13.02.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)