كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

محيى إسماعيل:

تنبأت بالثورة وميدان التحرير والمشير السيسى

حوار : مريم الشريف

 

محيى اسماعيل رائد السيكو دراما الفنية اشتهر بتقديم الادوار النفسية المركبة خلال اكثر من عشرين فيلما منها «الاخوة الاعداء، وراء الشمس، اعدام طالب ثانوى، أهداه الرئيس السادات شقة مكافأة على دوره فى الأخوة الأعداء وحصل على جائزة من روسيا وكندا لتفوقه على النجوم العالميين بتأدية الأدوار النفسية، وعن تاريخه الفنى وتجسيده شخصية الرئيس القذافى وكواليس اللقاء بينهما ورأيه فى الأحداث السياسية فى مصر يحدثنا خلال السطور التالية

حدثنا عن اسباب غيابك الفترة الماضية؟

- كنت مريضا وأجريت عملية المرارة، وقبلها كنت مشغولا لمدة 12 عاما بكتابة فيلم القذافى وجاء لى ثلاثة عقود لتمويل الفيلم من شركات انتاجية كبيرة الا اننى رفضت لعدم اعجابى بهذه الشركات، خاصة ان الفيلم يحتاج الى تمويل بشكل اكبر، لفيلم «غاندى» والذى ظل كاتبه حوالى 20 عاما للبحث عن تمويل جيد له، كما انتهيت من كتابة الجزء الأخير فى حياة القذافى.

ألم تحاول سفارة ليبيا التدخل فى دعم الفيلم؟

- لا إطلاقا واتذكر جيدا اننى قابلت 3 سفراء من ليبيا ولم يحاولوا تدعيمه او حتى تسهيل مقابلتى بالرئيس «القذافى» لطرح فكرة الفيلم عليه.

ولماذا فكرت فى تجسيد الرئيس الليبى القذافى؟

الكاتب الكبير سعدالدين وهبة وهو اول شخص جعلنى أفكر فى تجسيد القذافى، خاصة لعلمه بأننى استطيع تقليد اى شخص، لذلك اعطانى عدداً من شرائط الفيديو للقذافى وطلب منى مطابقة شكلى معه، بالفعل أرتديت ملابسه وطلبت من احد اصدقائى فى لندن شراء حذاء لى بكعب لأن القذافى كان اطول منى قليلا تمهيدا لمقابلته.

هل الشبه بينكما شجعك على تجسيد حياته؟

حينما اقوم بعمل ماكياج اصبح شبهه، وليس هذا السبب الوحيد وانما صعوبة الشخصية، وحينما اجسد دوراً سهلاً اشعر بأنه ليس لى مثل فيلم «حد سامع حاجة» الذى لم استمتع به لسهولة الشخصية التى جسدتها.

حدثنا عن كواليس لقائك مع القذافى؟

- سافرت مع سعدالدين وهبة الى ليبيا أعقبها سفرى بطائرة اخرى الى بلدة «سرت» وصلت فى الثانية عشرة مساء واخذنا سيارة الى الخيمة التى يمكث فيها القذافى فى الصحراء، ليلا ومعنا ما ينير الطريق المظلم تماما، وقدمت طلباً للجان الثورية هناك لرغبتى فى مقابلته بنفس ملابسه واعداد ميكياج يقربنى من شكله ونفس طريقة شعره، وتمت الموافقة بعلمه، والكل جلس على الارض ننتظر حضور القذافى وامامنا كرسى متواضع جدا ليجلس عليه، وحينما خرج قام المواطنون بالهتاف له ولم ار من كثرة المواطنين سوى يده، وبنظرى الى الخيمة فوجئت بوجود اشخاص متقمصين شخصية القذافى عند كل عمود، فأصبت بانزعاج شديد، الا انه عقب هدوء الوضع قام بالترحيب بنا، وكان بينى وبينه مسافة ثلاثة امتار، ونظر لى مبتسما ولوح لى فذهبت اليه، وطلبت منه تجسيد شخصية فأجابنى «باهى باهى» أى موافق،  ثم عدت الى الفندق فوجدت فى غرفتى ثلاثة كتب ووثائق عن حياة القذافى واخذتها وعدت الى مصر، وفى هذه الفترة ذهبت الى فرنسا لمدة 6 شهور فأخذت هذه الكتب معى وقمت بتلخيصها.

هل حذرك القذافى من بعض الأشياء لعدم تناولها فى الفيلم؟

- إطلاقا

كيف تتناول شخصية القذافى فى الفيلم رغم انه رمز للديكتاتورية؟

- قدمت من قبل شخصيات تاريخية عالمية مثل شخصية نابليون وديليسبس وغيرهما، وكلها شخصيات لايمكن للفنان التدخل برأيه فيها، وانما كل اعتمادى على الوثائق والمستندات، التى اخذتها من 11 عاما من ليبيا حينما كنت هناك حيث قابلت الرئيس القذافى مرتين، ويعتبر «القذافى» الحاكم الوحيد فى العالم صاحب نظرية الحشد التى تنص على ان العاملين شركاء لا اجراء تطبيقا للاشتراكية، كما وضع نظرية الجماهيرية العالمية وتعنى كل انسان فى العالم له الحق فى الثورة والسلطة ووضع شىء خيالى بتطبيقة فى ليبيا من خلال اقامة اللجان الشعبية وكلمتة الشهيرة «انا قائد ثورة وليس رئيس دولة»، وهو شخصية وطنية ولكن لا تخلو شخصيته من التطرف.

ألا يقلقلك تناول شخصية كـ«القذافى» اقيمت ثورة ضده؟

- جميع حكام العالم لهم مميزات وعيوب وسأتناوله بحيادية، وليس معنى تجسيدى القذافى حبى له وانما لأنه شخصية صعبة، كما انه حينما تقوم ثورة ضد حاكم، لايمكن لاحد معرفة الحقيقة الذى يعرفها رجال الساسة فقط.

وما رأيك فى لحظة وفاته؟

- ماحدث له «قلة أدب» وجريمة بشرية لأنه زعيم وطنى، وطوال حياته يدعم الدولة الفلسطينية ماديا ومعنويا، والذى لا نعرفه ان «القذافى» من اشترى الخراطيم التى دمرت الساتر الترابى «خط برليف» فى 6 اكتوبر حيث ارسل «قذاف الدم» واشتراها من ماله.

هل مازالت متواصلا مع أحد من اسرة القذافى؟

- إطلاقا تواصلى الوحيد كان مع نجله «معتز» الذى قتل، وتربطنى به صداقة كبيرة، وحينما جاء الى مصر منذ خمس سنوات سألنى عن اخبار الفيلم وكان متحمسا لظهور الفيلم.

من الفنان الذى تراه امتداداً لك فى الجيل الحالى؟

- طه حسين، ام كلثوم، عادل امام شخصيات لا تتكرر وانا واحد منهم وهذا ليس غرورا منى لأنى اتحدث بطريقة علمية ودقة نتيجة تاريخى عقب مرور اربعين عاما، ودائما كانت رؤيتى عدم التحدث عن نفسى حينما كنت ممثلا شابا، بعكس الآن، لذلك اشعر اننا فى عصر الجرذان.

ما تقييمك للمستوى الفنى حاليا؟

- أرى أنه لايوجد فن منذ 15 عاما مضت ولكن بعض علامات له ولا يوجد صناعة سينمائية، اما الافلام الشعبية افراز مرحلة ما بعد الثورة وفى اى دولة تقوم بها ثورة يحدث عقبها خلل اجتماعى.

من الفنان الذى تفضل مشاهدته؟

- جميع الفنانين الموجودين حاليا موهوبين لكن ليس لديهم بصمات فنية خاصة بهم.

كيف ترى دور وزارة الثقافة؟

مقصرة للغاية ودورها منعدم، ولا يوجد مهمة لوزير الثقافة دكتور صابر عرب سوى التصوير بشكل يومى فى جرائد مصر، ولم يضيف شيئا، بعكس يوسف السباعى، الدكتور احمد هيكل، حيث كان لديهم رؤية وقدموا خطوات ايجابية.

لماذا صرحت عن غضبك من تواجد شباب الفنانين فى المهرجانات الدولية ممثلين لمصر؟

- لست غاضباً لكن هذه المهرجانات ذات قيمة ولابد من يذهب اليها يمثل مصر ويكون له تاريخ خاصة أننى كنت بصمة فى تاريخ السينما المصرية وحصلت على جائزة من روسيا من اربعين عاما من مهرجان طقشند السينمائى الدولى أى انتزعت الجائزة من 11 نجماً سينمائياً وتفوقت على الفنان العالمى بشهادة الكثيرون عن أول بطولة لى فى مصر من خلال فيلم «الاخوة الاعداء».

ماذا عن حديثك مع الرئيس انور السادات؟

استطاع دور الصرع الذى قدمته فى «الاخوة الاعداء» لفت نظر السادات، حيث تحدث الى رشاد رشدى رئيس الاكاديمية واستفسر منه عن اسباب احضار شاب لديه صرع واجهاده فى هذا الدور، وطلب مقابلتى واول كلمة قالها لى «خفيت من الصرع»، فأجابته بأننى لست مريضا بالصرع مطلقا، ولكنه لم يصدقنى، وعلمت أن الرئيس الراحل درس جيدا علم النفس، وطلبت منه «شقة» فكافأنى الرئيس بشقة عن هذا الدور ومدحنى عن هذا الدور بانه غير مسبوق وشىء نفسى صعب تمثيله، مما جعلنى افكر فى تأسيس مدرسة الفيلم النفسى، وبالفعل اصبحت لمدة 35 عاما لا اجسد سوى العقد النفسية مع تنوع الادوار، واثناء وجودى فى كندا لدراسة الدكتوراة فى السيكو دراما، سلمنى نائب رئيس الوزراء الكندى والبرلمان جائزة عن اعمالى فى عام 2011، بعدما قدمت عشرين فيلماً من اعمالى الفنية ليتم تدريسها للطلاب فى الجامعة، وبعد مقارنة النظرية النفسية مع التطبيق وجدوا كافة العقد النفسية التى جسدتها نفس العقد التى كتبها «سيجمم فرايد» مؤسس الطب النفسى، واطلقوا على لقب رائد السيكو دراما فى السينما العربية، كما منحى الدكتور عادل صادق رائد الطب النفسى جائزة الفنان المبدع الفيلسوف.

حدثنا عن فيلم «الدورية» الايطالى؟

- قدمت فيلم»الدورية» كاول فيلم لى فى حياتى قبل دخولى السينما المصرية عام 1967، ولم يكن لدى ما يكفينى من مال خاصة اننى كنت اكافح فى هذا التوقيت، اما العالمية تشترط وجود مال كاف.

كيف تم اختيارك للمشاركة فى فيلم عالمى؟

- كانت بالصدفة، حيث كنت مدعو فى احد الفنادق بمدينة لندن، واخبرنى صديقى بان من يجلس امامى مخرج ايطالى اسمه روبرتو مونتيرو، وفى هذا الوقت كنت جاهل بالسينما ولم يكن لدى ثقافة، ولم أقدم اى تجربة سينمائية فى حياتى، حيث كنت طالب فى معهد التمثيل، وحينما شاهدنى اعجب بشكلى وطريقة تصفيفى لشعرى واخبرنى بانه فى حال تقديم فيلم ايطالى سيحدثنى للمشاركة فيه، وبالفعل أتصل بى هاتفيا لترشيحى لدور «اوبريانو» جندى فى الجيش الايطالى ويصاب اثناء الحرب العالمية الثانية، أما اول فيلم فقدمته فى السينما المصرية كان «بئر الحرمان»مع الفنانة سعاد حسنى واخراج كمال الشيخ وأول بطولة لى كان فيلم «الاخوة الاعداء» مع حسين فهمى ومحمود عبدالعزيز ونور الشريف واخراج حسام الدين مصطفى.

حدثنا عن سر ازمة قبلة سعاد حسنى فى بئر الحرمان؟

- هذه الاشياء غير مقتنع بها وليس تزمت منى وخاصة أن عائلتى كانت تشاهد اعمالى وافلاماً كثيرة اعتذرت عن مشاهد القبلة بها وعمل خدع خاصة بالكاميرا، ونشأتى فى اسرة متدينة ووالدى أحد علماء الازهر، وهذا هو الفيلم الوحيد الذي قبلت في البطولة بشكل حقيقي وذلك بعد أن اقنعتنى سعاد حسنى بضرورة هذه القبلة، واحيانا كنت افكر فى التوقف عن الفن اذا كان حراما ولكن قرأت القرآن الكريم ولم اجد اى اية تتناول الفن نهائيا لذلك الله منحنى موهبة اخرجتها فى اعمالى.

كيف ترى مستقبل الديمقراطية فى مصر؟

- انا ملك التفاؤل ولكن حينما نتحدث عن الواقع لايمكن تحقيق الديمقراطية بسهولة عقب الثورة الا بعد مرور فترة من الزمن، لان لدنا تراكمات نفس بشرية لاتعتاد على الديمقراطية منذ ايام الاحتلال الانجليزى والرومانى والفرس وغيره، كما ان المصريين لم يعرفوا كيف يحبون بعضاً، اى انها تتحقق حينما نكف عن الحقد والغيرة ويتم صياغة المجتمع من جديد ونحتاج فترة طويلة لاحداث ذلك، ولكن البلد سيشهد استقراراً كبيراً بتولى المشير السيسى الرئاسة.

كيف ترى برامج التوك شو؟ 

- ربنا حينما يغضب على قوم يمنع عنهم العمل ويمنحهم الجدل لمدة 24 ساعة، وهذا لا يؤدى الى اى تقدم ابدا، وكثير من الاعلاميين لا يقومون بخدمة المجتمع وضع المجتمع وانما يقوموا باستعراض عضلاتهم.

ماذا عن تقديمك سيرتك الذاتية فى برنامج فنى؟

- بالتأكيد انتجت قصة حياتى بعنوان «العاشق» كتبتها على مدار خمس سنوات تفاصيل حياتى الشخصية والفنية فى اطار برنامج مسجل وكل حلقة لمدة نصف ساعة، ويظهر خلالها شخصيات كثيرة منها الفنان عادل امام ومحمود عبدالعزيز والدكتور احمد زويل.

ماذا عن اعمالك الادبية ؟

- كتبت رواية «المخبول» عام 2001 والتى تنبأت فيها بالثورة المصرية وميدان التحرير باللغة العربية والانجيليزية وتم نشرها الا انه تم التعتيم عليها خوفا منها وحجبوا عنى جائزة الدولة التقديرية التى استحقها، وتم طبعها مرة اخرى فى 2011 ووضعوا على الغلاف علم مصر.

  ما مفاجأتك فى تلك الرواية؟

بطل الرواية نجد به كل صفات المشير السيسى وتصرفاته وكل ما يقوله حاليا لذلك وسأقدم أول نسخة للمشير عبدالفتاح السيسى حينما يتقلد منصب رئيس الجمهورية.

روز اليوسف اليومية في

11.02.2014

 
 

قليل مـن الحب كثير من العنف!

كتبت: ماجى حامد 

مع ظهور السينما نهاية القرن التاسع عشر ومنذ أكثر من نصف قرن وصناع السينما المصرية كانوا دائما ما يبحثون عن أهم عوامل جذب الجمهور لأعمالهم السينمائية.. ولأن الحب هو أسمى معانى الحياة ظل العنصر الرئيسى والأكثر تأثيرا من خلال أى عمل فنى هو الحب والرمانسية، حيث أشهر وأروع ما قدمت السينما المصرية من رومانسيات كانت ولاتزال خالدة فى أذهاننا.

ومع مرور الزمن وبما أننا فى عصر التقدم والتكنولوجيا فإذا بالرومانسية ترحل عنا ليحل محلها العنف والخوف والغضب والدم، ولأن السينما هى لسان حال العصر فقد اقتصر إبداع مبدعينا على أفلام الأكشن والرعب ومحاكاة الواقع الأليم، حيث البلطجة والعشوائيات وأشهر قضايا الفساد والنصب والسرقة ولأنه ليس هناك من جديد فليبقى الوضع على ما هو عليه.

وخلال أيام يطل علينا عيد الحب وستعرض الشاشات أجمل أفلام قصص الحب مثل نهر الحب وحبيبى دائماً وحافية على جسر الذهب.

لكل عصر أسلوبه الخاص به فى التعبير عن العنف.. «آسفة الحب» كان للحب حسابات أخرى فى ظل عصر أصبحت الثورة هى لغة الحوار بين الشعب وحكامه، ونحن نسأل هل أصبح الحب سذاجة فى هذا العصر؟ ولتكن الإجابة عن السؤال التالى: إلى أين رحلت عن شاشتنا قصص الحب الحقيقية؟! وهل للواقع تأثيره؟! وهل غياب قصص الحب عن شاشة السينما لسان حال لغيابها فى الواقع أم نحن مازلنا قادرين على أن نحيا الحب.

قد تكن اهتمامات الجمهور اليوم بعيدة كل البعد عن اهتماماته أمس وقد تكون عوامل جذب هذا الجمهور لأى عمل سينمائى اليوم غير عوامل جذبه من قبل خاصة عندما يسود العنف بيننا ويصبح تدريجيا لغة دارجة بين أبناء الوطن الواحد، هنا فقط يصبح من الطبيعى أن تغيب عنا الأفلام الرومانسية لتصبح البدائل بالنسبة لها كثيرة والدافع محاكاة الواقع الذى نعيشه من أكشن وعنف وعشوائيات وبلطجة وفساد وظلم وفقر وغيرها من نماذج طرحت، ومن الوارد طرحها سينمائيا مادمنا ارتضينا بالأمر الواقع، وقال إيه طبيعة العصر!

للعلم إذا كان هذا الدافع وراءه طبيعة العصر فالعقل والمنطق يقولان إنه كلما اشتدت المحن كلما كنا فى حاجة إلى الحب والمشاعر للهروب من الواقع حتى ولو للحظات قليلة مدة أى عمل سينمائى، فلولا هذه اللحظات لما استمرت الحياة لذلك كانت وستظل هذه الأعمال الرومانسية هى الأكثر جاذبية لدى الجمهور والأكثر تفاعلا معه.

فى جولة سريعة عبر الأجيال سنطوف لنتعرف على آراء عدد من مبدعينا الكبار مقاما وعمرا وأيضا آراء مبدعينا الشباب حول السبب الرئيسى وراء غياب الرومانسية عن شاشة السينما.. وقد كانت البداية كالتالى: «خناق.. أكشن.. عشوائيات» هذا هو الواقع ولأن السينما هى مرآة عاكسة للواقع بشكل فنى فإن الواقع الراهن لن يسمح لمثل هذه النوعية من القصص الرومانسية بالتواجد فيما بيننا، وبالتالى على شاشة السينما ولكن للحب أشكال وهذه الأعمال السائدة اليوم بها أيضا أحد أشكال الحب صحيح أنه بعيد عن حب «بين الأطلال» و«رد قلبى» و«حبيبى دائما»، ولكنه فى النهاية حب فهو الأكثر ملاءمة لطبيعة العصر، هذه هى لغة العصر الذى من خلاله عاش هذا الشعب ثورة 30 يونيو التى مازالت مستمرة حيث التوتر والإحباط والأحلام نصف المتحققة، وبالتالى فالأوضاع مختلفة تماما،      بالتالى السينما.. هكذا عبر الكاتب الكبير بشير الديك عن رأيه لنا حول غياب الرومانسية عن السينما المصرية.

أما المخرج داود عبد السيد فقد كان رأيه كالتالى: «الجدير بالذكر أن السينما اليوم هى سينما تجارية وهذه النوعية من السينما المتعارف عليه بحثها الدائم عن أهم التيمات التى تجذب الجمهور وليس شرطا أن تهمه ولعل الفرق واضح، فما يجذب الجمهور هو أفلام الأكشن حتى وإن لم يكن من المهتمين بأفلام الأكشن وكل ما يهمه هو لقمة العيش، أنبوبة البوتاجاز وغيرهما، ولكن بالمناسبة فوجود الأفلام الرومانسية أو غيابها لا يعنى عدم وجود الحب فمادامت هناك علاقات إنسانية فيما بيننا فالحب موجود، فلا يجوز الربط بين نوعية الأعمال المتواجدة وبين الظروف المفروضة علينا.

أما المخرج الكبير د. سمير سيف فقد أكد : «قد يكون السبب الرئيسى وراء غياب الرومانسية عنا وعن أعمالنا الفنية هو اختلاف المزاج العام الذى لم يعد رومانسيا ولم يعد قادرا على تقبل مثل هذه النوعية من الأعمال الفنية، فالسينما ما هى إلا مرآة عاكسة للواقع والواقع عبارة عن عنف داخلى كامن بداخلنا نتيجة التقلبات السياسية التى مررنا بها ومازلنا نمر بها والنتيجة مزاج شديد العنف، وهذا المزاج بعيد كل البعد عن المزاج الفنى المطلوب لكتابة مثل هذه النوعية من الأعمال الرومانسية ومن هنا اختلف اتجاه المبدعين، أخيرا الأبطال الجدد الذين اتجهوا إذ فجأة إلى الأكشن والشعبى فلم يعد لديهم التطلع لخلق البطل الرومانسى كل هذا أدى إلى افتقادنا للرومانسية فى حياتنا وبالتالى فى السينما المصرية».

هكذا كانت آراء جيل عايش زمن الرومانسية وأبدع من خلالها، أما عن آراء الجيل الجديد الذى عايش ثلاثين عاما من الصمت أعقبها انفجار وخروج عن الصمت عبارة عن ثورة شعب أحب أرضه، حريته، كرامته هذا هو الحب المتعارف عليه اليوم والأكثر ملاءمة لظروف هذا العصر. 

وهكذا عبر الفنان الشاب عمرو واكد عن وجهة نظره التى قد تكون بمثابة لسان حال الكثير من أبناء جيله: «غياب الحب عن السينما نتيجة حتمية لفساد دولة وفساد مجتمع، فعادة ما تؤثر السياسة على المجتمع بشكل مباشر والنتيجة غياب كل ما هو جميل فخلال أعوام كنا نعيش وجها لوجه مع الفساد حتى أصبح كل ما يعنينا هو الخداع والسرقة والنصب والفساد وليصبح الحب سذاجة لا مجال لها بيننا».

عن نفسى أنا راض عن كل ما قدمته من رومانسية وحب ومشاعر من خلال أعمالى الفنية هكذا أكد لنا الكاتب تامر حبيب قائلا: «دائما ما كنت أشعر بحاجة الجمهور لمثل هذه النوعية من الأعمال فى كل مرة كنت أحرص على تقديم عمل مميز والحمد لله جميعها كانت أعمالاً ناجحة لأن النجاح أمر مضمون بالنسبة لمثل هذه النوعية من الأعمال التى تحمل مشاعر الحب وأجواء الرومانسية التى تخفف من حدة الواقع، لذا فأنا قد أندهش لماذا غابت عنا هذه الرومانسية وقصص الحب ، حتى أنها أصبحت بالموضوعات المستبعدة بالنسبة لكتابنا الكبار وأيضا، الشباب فبالفعل هناك تقصير من قبلهم تجاه هذه النوعية من الأعمال قد يكون السبب صعوبة الفكرة فإلى أن يرى عمل رومانسى النور هناك العديد من المراحل الغاية فى الصعوبة حتى يكون هذا العمل عمل مميز، هذه الصعوبة هذ الدافع وراء تخوف البعض من الإقبال على هذه الخطوة ولكن للعلم هذا لن يجعلنا نغفل حقيقة واضحة ألا وهى أننا عاشقون للحب ومن المستحيل أن نتوقف عن الحب، قد يكون أيضا السبب هو الظروف المحيطة بنا والجو العام الذى نجح فى التأثير علينا جميعا حتى أنا تأثرت كثيرا من خلال خطواتى الفنية فعلى الرغم من كم المشاعر التى انفجرت أثناء ثورة يناير إلا أننا فجأة إذ بالوضع ينقلب رأسا على عقب دون مبرر فإذا بشعور بالملل، الغضب ، نتيجة لتراجع الظروف الاجتماعية والاقتصادية والنفسية للشعب المصرى قد يرى البعض أننا فى مثل هذه الظروف أحوج إلى الحب ولكن أين هو الحب وسط كل ما نمر به؟ ».

أخيرا كان رأى المخرج خالد يوسف الذى أكد على حقيقة انعكاس الواقع على طبيعة الأعمال السينمائية وبما أن السينما هى مرآة عاكسة للواقع الذى نعيشه ووسط كل ما نمر به من ظروف مضطربة وعدم استقرار ليس بالغريب الجو العام السائد على الأعمال السينمائية، ولكن يظل الحب موجودا حتى وإن كان من خلال حلم جميل نعيش من خلاله ثوانى قليلة نلمس من خلاله الرومانسية التى غابت عن الواقع.

صباح الخير المصرية في

11.02.2014

 
 

«لامؤاخذة».. ميلاد الطفل النجم

كتب : ماجي حامد

مع نجاح «لامؤاخذة» هل يتلاشى الخوف ويترك مبدعونا صومعتهم ليعلنوا عن ميلاد بطل جديد لأفلامهم، بطل لا يشترط فيه الخبرة أو التاريخ الفنى وإنما أهم ما يعنيهم هو الموهبة والذكاء حتى يقتنع به وبقضيته المشاهد، فمنذ أعوام لم تشهد السينما المصرية مثل هذه التجربة، من أيام فيروز ولبلبة وإكرام عزو وغيرهم من نجومنا الصغار الذين أقنعونا فى زمن ما بنجوميتهم وموهبتهم.. عن غياب هؤلاء النجوم كان سؤالنا حول السبب الذى أدى إلى غيابهم ومع الإجابة عن هذا السؤال تعددت الأسباب ولكن النتيجة واحدة.

«لامؤاخذة».. عقلية الطفل

جاءت إجابة الكاتب تامر حبيب بمثابة أحد الأسباب التى أدت إلى غياب نجومنا الصغار عن الساحة الفنية، ليس أى نجوم وإنما نجوم ذوو موهبة، ذوو مستقبل باهر فى عالم الفن، فمن جهته أكد تامر: «من جهتى فأنا حقيقة أتمنى أن أشاهد أعمالا مماثلة لفيلم «لامؤاخذة»، حيث البطل الطفل الذى لا يقل أهمية أو موهبة عن أى نجم كبير سواء عمرا أو خبرة أو تاريخا فنيا، ولكن من وجهة نظرى فالسبب وراء افتقادنا للبطولة الطفولية وللأعمال التى تحترم عقلية الطفل هو صعوبة العمل على مثل هذه النوعية من الأعمال بداية من الفكرة والموضوع، اختيار الموهبة التى تستحق والموهبة الأفضل فنحن فى اشتياق حقيقى لهؤلاء النجوم.. ففى اعتقادى أن «لامؤاخذة» سيعود بنا بالزمن إلى الوراء حتى نتذكر كيف كان هؤلاء الأطفال نجوما فى وقت ما، وقد حان الوقت حتى نشهد معا ميلاد نجوم آخرين خلال هذه الأيام».

«لامؤاخذة».. هل من مزيد؟

سبب آخر من وجهة نظر إنتاجية بحتة أكد عليه المنتج محمد حسن رمزى قائلا: «العيب فى الكتاب، فمن خلال «لامؤاخذة» من المفترض أن يبدأ الكتاب فى إعادة النظر فى شأن الأفلام التى تتناول قضايا مهمة سواء بالنسبة للكبار أو الصغار من خلال البطل الطفل، فنحن فى حاجة إلى المزيد، فالسينما من دورها تثقيف النشء، لذا فأنا أتمنى أن يكون «لامؤاخذة» بمثابة الدفعة لكل من المنتجين والمخرجين والكتاب حتى نعيد أمجاد سينما الطفل، وبالنسبة لى فأنا شديد الحماس لتقديم عمل من هذه النوعية بغض النظر عن تحقيق إيرادات، فالأهم الموضوع والبطولة والإخراج، كل هذا سيجعل من الفيلم منتجا جيدا يشيد به الجميع.. ومع تباين الآراء أو الأسباب كان للناقد والكاتب طارق الشناوى رأيه الذى كان كالآتى : «من خلال فيلم «لامؤاخذة» لاحظنا قدرة المخرج على فن قيادة الممثل وتوجيه الطفل وهى أكبر مشكلة تواجه المخرج وهى كيفية المحافظة على تلقائية الأطفال، وهذا ما نجح فيه المخرج عمرو سلامة وإن كنت لا أتمنى أن تصبح موضة، فهناك حتمية أدت إلى أن يلعب أطفال بطولة هذا الفيلم، وقد نجحوا فى ذلك وإنما إذا تم تجميع الأطفال لمجرد التجميع لا أتصور أن النجاح فى هذه الحالة قابل للتكرار، فلابد من وجود منطق فنى ودرامى ليس مجرد تلكيك للاستعانة بالأطفال، فهذا لن يؤدى إلى شىء سوى الفشل.

صباح الخير المصرية في

11.02.2014

 
 

يا حبيبتى يا شادية.. وحشتينا

كتب : مي الوزير وريشة: سامى امين 

لا توجد مرحلة فى حياتى لا ترتبط بأغانيها من الطفولة حتى الشباب منذ أن سمعت «ماما يا حلوة» وحتى حلمى بـ«دبلة الخطوبة».

حبيبتى «شادية» تلك الطفلة الشقية الدلوعة أو المرأة صارخة الأنوثة إذا أرادت.. دائما متجددة، متنوعة، لم تكرر نفسها أبدا لم تسمح بأن توضع فى نمط واحد أو قالب واحد، بمنتهى السلاسة اختارت أدوارًا تتلاءم مع كل مراحلها العمرية بتطور مبهر ومذهل.

تجسيدها لبطلات روايات نجيب محفوظ من خلاله ظهر التغيير النوعى فى اختيارات شادية وأدائها من فيلم لآخر ومرحلة إلى أخرى حتى اتخذت شادية قرار الابتعاد، قرار جعل جمهورها وجعلنى أنا بشكل شخصي أحتفظ لها بصورة ذهنية لم تتغير، ابتعدت عن الجمهور وعن الإعلام ولكنها مازالت داخل القلوب، وفى ذكرى ميلادها أقول لها «شكرا على كل تلك اللحظات الجميلة التى عشتها معك وكل الذكريات التى جسدتيها لى ولجمهورك وأقول لها: «وحشتينا يا شادية».

حالات حب ووله ودلال عشناها معها وهى تغنى «مكسوفة، شباكنا ستايره حرير، سونة يا سُنسُن، وحياة عنيك وفداها عنيا، آه يا اسمرانى اللون، قولوا لعين الشمس ماتحماشي» أقصى حالات عشق الوطن تجسدت عندما غنت «يا حبيبتى يا مصر» والتى أصبحت بمثابة نشيد وطنى.. من خلال تلك الأغانى عشقها جمهور لم يعرفها بشكل شخصى، جمهور جسدت له مراحل فى حياته أو مناسبات بعينها.. فى السطور القادمة سنقترب من بعض أصدقائها المقربين وممن عشقوا شادية على مر السنوات ليحتفلوا معنا بعيدها.

قابلتها منذ أيام صدفة فى أحد المعارض الفنية وعندما أخبرتها أننى أعد لملف نحتفل فيه بعيد ميلاد شادية أبدت سعادتها وموافقتها على التحدث معى وهى الفنانة التشكيلية «ناهد شاكر» ابنة شقيق الفنانة شادية

سألتها: كيف تتابع شادية الأحداث فى مصر الآن؟

- هى متابعة جدا كل ما يدور فى مصر وتحزن جدا عندما تدور هذه الاشتباكات وتحزن لموت الشباب، وأحيانا نضطر إلى أن نخفى عنها ما يحدث مما نشهده أحيانا من حوادث صعبة أو موت شاب ما لأنها تحزن جدا وتتأثر جدا.

وما رأيها فيما يدور خاصة منذ اندلاع الثورة وحتى هذه اللحظة؟

- عمتى كانت تحب الرئيس السادات جدا وجيهان السادات كانت حبيبتها، وأيام مبارك كانت تتابع ما يحدث فى البلد مثلنا جميعا، وأثناء حكم الإخوان فى مصر كانت حزينة وكانت تقول «مش دى مصر اللى نعرفها»، وكانت تدعى ربنا يخلص مصر وينصرها، وبعد 30 يونيو فى أحد الأيام كنا عائدين من الاتحادية إلى المنزل عندها وشاهدت الأولاد يحملون صورة للسيسى قالت: «أنا حبيت الراجل ده واحترمته» وأخذت الصورة وعلقتها فى غرفتها، وكانت سعيدة جدا بإنقاذه للبلد فى هذه المرحلة الحساسة.

وهل تتابع البرامج والأعمال الفنية، أم ابتعدت عن متابعة الإعلام تماما؟

- بالعكس تماما، فهى تشاهد بعض البرامج وبعض الأعمال الجديدة التى تعرض وتفضل المسلسلات الدرامية، ومازالت تتابع أعمالها إذا عرض فيلم لها على إحدى القنوات، ورغم أنها ابتعدت عن الأضواء واتجهت إلى الله إلا أنها وسطية بعيدة عن التشدد والتعقيد.

 هى فقط مع الله بشكل صوفى وهى أقرب إلى العلاقة المجردة بين العبد وربه بدون أى مسميات، بشكل وسطى لذلك تمارس كل أمور حياتها بشكل عادى جدا.

وكيف تقضى يومها الآن بعد قرارها بالابتعاد؟

- يومها مُقسم على حسب أوقات الصلاة ومواعيدها فهى تستيقظ لصلاة الفجر ثم تنام ثم تستيقظ لصلاة الضحى والظهر لتستكمل يومها بشكل عادى جدا، ونحن نعلم هذا فلا أحد منا يجرؤ أن يكلمها مثلا فى التليفون فى أوقات الصلاة أو بعدها حتى تكون انتهت فهذا أصبح عُرفًا لدينا بعد العشاء تكون مكالمتنا معها أو زيارتنا.

رفضت شادية بشكل قاطع تقديم عمل عن قصة حياتها.. ما السبب وراء هذا الرفض لعلها أفصحت لك؟

- منذ فترة طويلة جدا تحدثت معها فى هذا الأمر قبل أن تبدأ موضة الأعمال التى تتناول السيرة الذاتية للفنانين، كان يُعرض عليها أحيانا أن تكتب مذكراتها فى كتاب أو ما شابه ولكنها كانت ترفض وكان ردها «إن هذه حياتى الخاصة وبها تفاصيل خاصة جدا، وبعض التفاصيل ليست ملكى وحدى وخاصة بأشخاص آخرين، والناس لها فنى والأعمال التى قدمتها».. كان هذا وقتها منذ سنوات، أما الآن وبعد انتشار موضة أعمال السيرة الذاتية فهى لم تكن راضية عن معظم الأعمال التى تناولت قصة حياة فنانين مثل السندريللا أو ليلى مراد مثلا، هى لم تحب سوى مسلسل «أم كلثوم» وأحبت أداء صابرين جدا وأعجبت جدا بإخراج إنعام محمد على للعمل.

فكرت كثيرا فيمن ألجاء إليه ليخبرنى عن شادية التى عاصروها وتعاملوا معها عن قرب فذهبت إلى اثنين من كبار الإعلاميين وأصدقاء للجميلة شادية وهما الإعلاميان «فهمى عُمر، ووجدى الحكيم».

فى قطار الرحمة

الإذاعى الكبير فهمى عمر يقول: عام 1986 جاءت شادية إلى الإذاعة لتشارك فى الليلة المحمدية وغنت أغنيتها الخالدة «خد بإيدى» وبعد ذلك تبتعد شادية عن الغناء وبعد هذه الليلة بفترة أعلنت اعتزالها.

وفى ليلة الرسول عام 1987 اتصلت بها وقلت لها: الإذاعة تحتفل بالليلة المحمدية، قالت لى: أنا بطلت أغنى وأحب أن أغنى للرسول ولكن أنا لن أصعد إلى مسرح أو أقف أمام جمهور.

علاقتى بشادية بدأت فى قطار الرحمة بعد الثورة فى أواخر عام 1952 حيث كان متجهًا إلى الصعيد لجمع التبرعات لمنكوبى فلسطين، وكان فى هذا القطار مجموعة من الفنانين والفنانات وكانت شادية من ضمنهم وكانت مازالت صغيرة فى السن واستغرقت الرحلة حوالى 16 يومًا وكانت شادية تغنى للجماهير فى محطات القطار سعيدة جدًا بها ومتفاعلة معها وأظهرت حبًا شديدًا، وكانت هذه من المحطات التى قربتنا جميعا إلى شادية.

شادية إنسانة طبيعية وبسيطة جدا شديدة الإنسانية، عندها تنتهى كل المسافات بينها وبين البشر الذين تتعامل معهم وهى خجولة جدا على عكس الصورة الذهنية التى صدرتها أعمالها.

شادية فى بداية أعمالها قدمت مجموعة من الأفلام تتسق مع مرحلتها العمرية وكانت مرحلة مهمة وقدمت أعمالاً تشبه لشخصية شادية وفيها روح الشباب، وبعدها أبحرت فى مرحلة أخرى مثل (اللص والكلاب) وكان أول فيلم لا تغنى فيه وكان هذا شيئًا جديدًا على مطربة ممثلة على عكس أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب مثلا فى أفلامهما، وهى قدمت هذا لأول مرة وأظهرت موهبتها كممثلة ونضجها الفنى. اختياراتها كانت دائما تتناسب مع المراحل الجديدة فى حياتها.

شادية رفضت تقديم عمل عن قصة حياتها ولعل هذا ما يؤكد فكرة الفنانة المجهولة التى لا تريد أن يكون هناك تركيز على حياتها، ولعلها شاهدت أعمال سيرة ذاتية لفنانات ورأت أنها لم تكن صادقة مثل أسمهان وليلى مراد.

عاشقة الفن

ويؤكد الإعلامى وجدى الحكيم: إن شادية كانت تأخذ الحياة بجدية شديدة تعادل أى فنانة درست التمثيل، وكان تشجيع أهلها دائما ما يدفعها، نجحت شادية منذ أول تجربة، ونجحت لأنها تأخذ الفن على محمل الجدية وهى عاشقة له بشكل كبير، ولديها ذوق رائع فى اختيار أغانيها ولم تندم أبدًا يومًا ما على أغنية قدمتها أو فيلم، لأن لديها حالة من التدقيق، فأنا أتذكر اختلاف شخصيتها فى ردهات الإذاعة ومرحها وكيف كانت تمزح مع الجميع والجدية التى تنتابها بمجرد دخولها الاستوديو تكون فى حالة أخرى وهذا يوضح مدى جديتها فى عملها.

من الناحية الغنائية كانت عاشقة لألحان بليغ حمدى وكان أقرب الناس لصوتها وتجاربها المجنونة وخصوصا تجربته فى تطوير الفلكلور، كما أنها كانت حريصة فى كل مرحلة عمرية على اختيار ما يلائمها من كلمات الأغانى ففى مرحلة معينة غنت (مكسوفة ودبلة الخطوبة) وفى مرحلة أخرى شهدت النضج اتجهت فيها للأغانى الطربية ففى كل مرحلة عمرية مرت بها كان لديها حرص على الإجادة والتغيير مع التقدم فى العمر، وهذا يتطابق مع مرحلة اختيارها للاعتزال.

لا توجد مرة كلمت شادية فيها لكى تشاركنا فى حفلة من الحفلات ورفضت، وعمرها ما تقاضت أى أجر عن أغنية وطنية سجلتها، وأنا أذكر صلاح جاهين فجر ضرب مدرسة بحر البقر، كلمنى وقال: عندنا أغنية عايزين شادية تغنيها، كلمتها صباحا وأبلغتها قالت لى: اقفل وكلم أحمد فؤاد حسن، ووافقت على تسجيل الأغنية ولم تسأل حتى عن كلماتها وغنت (الدرس انتهى لموا الكراريس) وعيناها ممتلأتان بالدموع وتوقف التسجيل أكثر من مرة بسبب اندماجها ودموعها.

ويكمل الحكيم: لها تسجيلات نادرة أصبحت من الفلكلور وعندما كانت تسمعها كانت تتصل بى وتقول «شوفت كنا بنضحك إزاى».

حماسها وحبها للبلد هو محصلة نستنتج منها أن (حب مصر اسمه شادية) أفنت فيه حياتها منذ بدايتها وحتى يوم قررت الانزواء ومازالت عاشقة لها وتترقب الأحوال باستمرار فيما عدا الأوقات التى تقضيها فى الصلاة.

شادية كانت معشوقة من العالم العربى وأى دولة كانت تسافر إليها كانت تحظى فى الحفلات بتصفيق أكثر من أى فنان آخر وكانت بمجرد ظهورها على المسرح يستمر التصفيق لمدة لا تقل عن خمس دقائق، وهذا ما كان يثير غيرة فنانين آخرين.

أذكر عندما كانت هناك جولة لمسرحية «ريا وسكينة» فى الكويت والدوحة والإمارات وكان بمجرد وصولنا لبلد كانت التذاكر تباع ورغم أن المسرح بالنسبة لشادية تجربة غير واردة إلا أنها أقدمت عليها.

أرشيف شادية

الناقد طارق الشناوى يقول: شادية رغم اعتزالها الفن من فترة طويلة فإنها لم تتنكر للفن ولم تلعب تلك اللعبة التى تقوم بها بعض الفنانات المعتزلات، وبالعكس هى على تواصل ببعض الفنانات، ولكنها جعلت بينها وبين الإعلام مسافة كبيرة، وإذا نظرنا إلى أرشيف شادية سنجد عبقرية شديدة فى اختياراتها وما ينطبق عليه جملة (السهل الممتنع) وغنت أغانى لا يستطيع أحد غير شادية ان يغنيها لذلك عاشت واستمرت، شادية اختارت الانزواء وترك الساحة وهذا بإرادتها ولم تجبر عليه وعندما قررت الانزواء كان قرارًا صادقًا فهى صادقة مع نفسها فى كل مراحل حياتها كل ما غنته غنته بصدق ووعى ونُصح .

تربية الإحساس

الكاتبة والناقدة مايسة زكى إحدى عاشقات شادية، كتبت العديد من المقالات عن الفنانة الكبيرة ورصدت العديد من أعمالها على مدار سنوات عملها تقول:

أنا فى حالة استقبال لأعمال شادية منذ سنوات عديدة وتعلقى بشادية بدأ منذ فترة طويلة فكل جيل يبنى علاقة مع فنان معين والفنان الحقيقى يربى هذا الجيل ويكون مشاعره ويربى إحساسه، وشادية من الفنانين الذين ربوا إحساسى ومشاعرى ومشاعر جيل بأكمله فعلاقتى بأمى بدأت بأغنية (ماما يا حلوة يا أجمل غنوة) وبعض أغانيها الطفولية جدا والتى كأنها تتهجى كلمة (ماما)، والشعور العكسى بالأمومة ورغبتك فى طفل وأن تبنى علاقتك بابنك أو ابنتك أيضا تربية شادية أيضا عندما تغنى فى المرأة المجهولة «سيد الحبايب يا ضنايا أنت» فهنا يكمن مضمون الأمومة، فى مرحلة أخرى تنمى علاقتك العاطفية بالرجل الذى تحبينه أو تتمنين الارتباط به فى أغنية مثل «شباكنا ستايره حرير».

ففى كل مرحلة تأخذنا شادية من حالة إلى حالة ومن مرحلة نفسية إلى أخرى بمنتهى السلاسة والنضج حتى فى منطقة الآغانى الدينية عندما نسمعها تغنى «خد بإيدي» و«أم الصابرين»، وفى مرحلة الأغانى الوطنية والضمير الوطنى عندما نسمع لها «يا حبيبتى يا مصر»، مشوار شادية يكمن فيه كل المراحل والمشاعر التى يمر بها الإنسان فى حياته، وكل هذا من الناحية الغنائية فقط ناهينا عن أعمالها الفنية الأخرى.

ثراء فنى

استغلت شادية موهبتها فى كل مرحلة معينة بشكل مختلف، وشادية تعتبر انعكاسًا لثراء المرحلة التى عاشتها، فنحن بصدد فنانة عملت من نهاية الأربعينيات حتى أوائل الثمانينيات، فكانت مرحلة فى عز شبابها ونضوجها الفنى كان هناك احتفاء بالفن والفنانين فيها تنوع وثراء شديدان، فلو نظرنا إلى رصيد شادية فقط بين 1960 حتى 1970 سنصاب بالذهول من كم المخرجين شديدى التنوع الذين عملت معهم مثل صلاح أبوسيف وفطين عبدالوهاب، حسين كمال، كمال الشيخ ومحمود ذو الفقار، فكل مخرج من هؤلاء لديه تركيبة مختلفة ورؤية مختلفة، فهذا يخبرنا عن عصر ثرى جدا وشخصية فنية لديها القدرة على أداء شخصيات مختلفة الأوجه وأنماط مختلفة، بالإضافة إلى أنها قدمت أعمال نجيب محفوظ فى هذه المرحلة، قدمت مراتى مدير عام والزوجة الـ13 فى هذه المرحلة أيضا، قدمت أيضا فى هذه الفترة «شىء من الخوف».

مغامرتها مع نجيب محفوظ

شادية تركيبة منفردة حتى على المستوى العالمى وجرأتها هى سبب هذا التميز واختيارها لدور الأمومة واقتناعنا بها بينما تتحول فى عمل آخر إلى امرأة شديدة الأنوثة، وهناك أيضا مرحلة تقديمها لأعمال نجيب محفوظ واختيارها أن تذهب إلى مناطق شديدة الخطورة والمناطق المظلمة جدا من الشخصية، فأى مطربة تغامر بجماهيريتها لأن المطربات عامة يفضلن أن يحتفظ الجمهور لهن بصورة ذهنية حالمة وحساسة ولكن باختيارها مع نجيب محفوظ أن تدخل أكثر ظلال الشخصيات ظلمة مثل فيلم «الطريق» ونور فى «اللص والكلاب» وزُهرة فى «ميرامار» ودورها فى «زقاق المدق» كلها أنماط متدرجة وهى اختارت هذه المنطقة رغم أن ممثلات كثيرات قد يخفن أن يخضن مغامرة مثل هذه.. فالمغامرة كانت سمة فى اختياراتها الفنية وعلى مستوى الشكل الخارجى أيضا فتحولت من ذات الشعر الأسود الفاحم إلى الشقراء وناسبها هذا وأحبها الناس بهذا الشكل وتعتبر من أكثر الممثلات فى هذا الجيل على تغيير المظهر وبلا حسابات.

«يا حبيبتى يا مصر»

العنصر الحيوى جدا فى شادية وفى اختياراتها الفنية أنها رغم مرور سنوات طويلة على اعتزالها فإنها مازالت تعيش بصوتها بيننا هذه الأيام وأغانيها لم تغب عن بالنا خاصة فى أحلك الظروف السياسية التى عشناها على مدار السنوات الماضية كأغنية «يا حبيبتى يا مصر» التى شحنت معنويات المصريين الأعوام الماضية وأصبحت أيقونة.

فيلم «شىء من الخوف» بأن تصبح شادية رمزًا لـ«فؤادة» ومشهدها بفتح الهاويس وأنها أصبحت رمزاً لفتح هاويس الحرية فى 2012، شخصيتها المستوحاة من تمثال نهضة مصر تلك الفلاحة القوية الصامدة واختيارها لمكياج العين بهذا الشكل ودقة الملابس.

الاعتزال

شادية اتخذت خطوة الاعتزال بقناعة إيمانية كبيرة وكانت النقلة بأغنية «خد بإيدى» وكانت ما بين تاريخها الفنى وما بين توجهها الكامل لله سبحانه وتعالى، ومابين هذا وهذا حسمت حسماً قاطعاً وأخذت القرار الذى يحفظ تاريخها الفنى وهذا سبب عزوفها عن الظهور الإعلامى وهذا قد يكون سبب رفضها لتقديم أى مسلسل عن قصة حياتها لأنها أغلقت هذا الباب للأبد، شادية ينطبق عليها ما يقال بالبلدى «شبعانة»، شاديه حالة استثنائية فى موهبتها وتنوعها وقفزاتها الفنية من منطقة إلى أخرى.

صباح الخير المصرية في

11.02.2014

 
 

سينما الواقع دراسة تحليلية في السينما الوثائقية

عبد العليم البناء 

تحت هذا العنوان أصدر الزميل والصديق العزيز الناقد السينمائي كاظم مرشد السلوم كتابه الاول الذي عرف بكتاباته النقدية ومتابعاته السينمائية التي إعتاد فيها على تسليط الضوء على التجارب الابداعية لصناع السينما من العراقيين والعرب والاجانب , ففي كتابه هذا الذي يعد (دراسة تحليلية في السينما الوثائقية) تميزت – الى حد ما - بفرادتها وجدتها بما يغني المكتبة السينمائية العربية بالجديد والجامع والشامل لاراء ومنظري ورواد الفيلم الوثائقي الذي تنتظم عناصره - كما يؤكد الاستاذ الدكتور عقيل مهدي يوسف أستاذ الجماليات في كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد الذي كتب مقدمة الكتاب (الفكرة والحبكة)– بصورة موثقة للواقع الموضوعي المعاش نفسه بمنهجية علمية تنشد الجمال بطريقتها الخاصة في التعبير الفني من خلال الفيلم بوصفه خطابا عن افكار المخرج المتفاعلة في مع العصر وإعلاء اللحظة اليومية الى مستوى تأريخي مستقبلي ببراعة صنعته التقنية

وفي مقدمته لكتابه هذا الذي جاء في 194 صفحة من القطع الكبير والصادر عن (دار ميزو موبوتاميا) و(مكتبة عدنان للطباعة والنشر) و(أفكار للدراسات والنشر) يرى الناقد السلوم ان الفيلم الوثائقي يعد”نوعا تأسيسيا من الافلام التي أنتجتها السينما منذ إكتشافها قبل أكثر من قرن من الزمان فضلا عن كون الفيلم الوثائقي أحد أهم أنواع التي لها مساس مع جوانب عديدة من حياة الانسان وواقعه المعاش لان فلسفته تعتمد اساسا على الواقع واستنطاق حقائقه”, حيث يأتي هذا الكتاب ليقدم دراسة تحليلية للكيفية التي يتم من خلالها تناول السينما الوثائقية للواقع.

وفي الوقت الذي يورد السلوم بعضا من التعريفات للفيلم الوثائقي وكذلك تسميته على تعددها “فهناك الكثيرون ممن يطلقون يطلقون عليه الفيلم التسجيلي ,فيما يسميه البعض الاخر بالفيلم الوثائقي “ , أمثال رائد السينما الوثائقية (جريرسون) و(منى الحديدي) ,فإنه يضع تعريفا آخر مفاده : “ الفيلم الوثائقي هو شكل متميزمن النتاج السينمائي ,يعتمد بشكل أساسي على العلاقة بين صانع الفيلم والواقع الحقيقي ,من خلال رؤيته وتحليله للواقع بإعتماده شكلا فنيا في تناوله للواقع”. مستعرضا هذا الواقع من حيث التعريف اللغوي والاصطلاحي حسب حلمي مرزوق ومدكور ثابت ومحمد عبد الجبار ليصل الى أن “الواقع هو المادة الاساس المتوافرة في المعطى الحياتي والذي يتم توظيفه بكيفيات وآليات متنوعة داخل بنية الفيلمالوثائقي ليصبح الواقع بمظاهره الفيزياوية إنعكاسا فنيا وتمثلا لصوره الفيزياوية “.

لقد قسم السلوم فصول كتابه الذي شكل رسالة الماجستير التي حازها من كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد الى فصول عدة والتي كانت مفعمة بالتحليل العلمي والعملي المرتكز على خاليته كناقد سينمائي أصيل كان اولها عن (فلسفة الحقيقة والواقع في الافلام الوثائقية) حيث تفحص كلا من (الحقيقة والواقع) بالتحليل والدراسة انطلاقا من ان الواقع يشكل “السمة الاساسية للافلام الوثائقية وهو والحقيقة يشكل هدفها الدائم “ وصولا الى التفريق بين الفيلم الوثائقي والفيلم الروائي حيث لكل منهما فلسفته الخاصة به.ويرى ان هناك اتجاهين “حكما تطور وتعامل السينما الوثائقية مع الواقع وقد انعكس تاثيرهما حتى على تطور السينما الروائية”حيث يتعامل كلاهما مع فلسفة الحقيقة والواقع بالطريقة التي يراها مناسبة .

وهنا يورد تحليلا نقديا دقيقا ورصينا يصب في هذا الاطار لكيفية التعامل مع حادثة 11 سبتمبر وضرب برجي التجارة العالمية في نيويورك وكيف نظر لها المخرجون الاحد عشر- وبينهم المخرج المصري يوسف شاهين والانكليزي كين لوتش والفرنسي كلود ليلوتش- الذين كلفتهم احدى الشركات السينمائية متمثلة بثلاثة منتجين(الان بريغان,جاك بيران,نيكولامورفي) لعمل فيلم في 11 دقيقة عن حادثة الحادي عشر من سبتمبر كل بمفرده وبحسب رؤيته وتجربته وحسه وخلفيته الثقافية والتاريخية والفنية وحتى الايديولوجية أو جهة الانتاج. ويخلص من خلال تأكيد خطورة اعادة استخدام الوثيقة الى ان الفيلم الوثائقي”يتعامل مع الحقيقة والواقع من خلال فلسفة خاصة تتباين بين مخرج واخر حيث يتم اسقاط هذه الفلسفة على الواقع عبلر الوسائل الفنية التي تصنع الفيلم وبذلك يكون الواقع الحقيقي غير الواقع المنقول والمصور من خلال الكاميرا والمعروض على الشاشة).ومن ثم يورد مصداقا لمقولة المخرج الفرنسي فرانسوا تروفو”ان الاكاذيب السينمائية في السينما التسجيلية تفوق مثيلتها في السينما الروائية مئات المرات” حادثة هبوط رائدي الفضاء الامريكيين عام 1969على سطح القمر التي شكك فيها مجموعة من العلماء بعد اكثر من ثلاثين عاما وفقا لاسانيد علمية دقيقة وصولا الى تأثير البعد الذاتي والموضوعي لتناول الواقع في السينما الوثائقية عبر مصدر الصورة المتعدد الوسائل والزوايا وماشاكل ذلك با يفضي الى وضع الوثيقة في اطار يساعنا على فهمها وفهم الواقع الذي يتم تصويره وكذلك من خلال وجود التعليق الصوتي على الوثيقة البصرية حيث يرى السلوم ان الفيلم الوثائقي يبقى”معالجة ابداعية للواقع مقولة مقبولة على شرط ان نتفهم ونعرف ماهو الواقع والى اي جانب يجب ان ننحاز”.

وفي الفصل الثاني (الانواع الفيلمية للسينما الوثائقية وأشكال تناولها للواقع)يقف السلوم عند تقسيمات وتصنيفات مجموعة من الباحثين والمنظرين والمؤخين السينمائيين أمثال: فان كارل رايس جريرسون وهاشم النحاس وسبو تزوود وايفيلينا نورجيستكا لانواع الفيلم الوثائقي التي وجد فيها الكثير من التداخل والتشابه وعدم خروج اي منهما من المستويين اللذين حددهما رائد السينما الوثائقية جريرسون ,الاول “وهو مستوى ادنى ويشمل الجائد والمجلات السينمائية والافلام التعليمية والعلمية وهي تفتقر الى البناء الدرامي وتعتمد على الوصف والعرض “.والثاني “ وهو مستوى اعلى يطلق عليه الافلام الوثائقية وتقدم خلقا فنيا يمكن ان يبلغ مراحل الفن العليا وابراز المغزى الذي ينطوي عليه خلق هذه الاشياء”.مع الوقوف عند مجموعة الاسس التكوينية التي يقوم عليه الفيلم الوثائقيمن مقابلات وارشيف وممثلين وصور فوتوغرافية ورسائل ومذكرات وبرامجيات الحاسوب. ومن ثم يقف عند عناصر تناول الواقع في الفيلم الوثائقي من خلا السرد الفيلمي والتصوير والمونتاج ووالمكان والزمان والصوت والاوالاخير يتمثل بعناصر المؤثرات الصوتية, والحوار واللقاءات ,والموسيقى,والصمت. مرورا بالشخصيات وصولا الى البطل في الفيلم الوثائقي واتجاهات الفيلم الوثائقي والمتمثلة بالواقعي والرومانسي والسيمفوني واتجاه السينما عين والاخير اوجده المخرج دزيغا فيرتوف منطلقا من مبدأان عين الكاميرا تفوق العين البشرية .. 

ويكرس الفصل الثالث ل(السمات الجمالية للافلام الوثائقية)التي يرى انها تمتلك سمات جمالية خاصة بها “وقد تأسست وتميزت عن غيرها منذ الدهشة البصرية الاولى التي حققها الاخوان لوميير في فيلمهما خروج العمال من المصنع”مستعرضا ادراك الجمال وفهمهانطلاقا من الفيلم ااسينمائي يخاطب مدركات المشاهد الحسية التي تختزن الجمالوبالتالي تسقطه علىمفاهيم وافكار الفيلم ولايقف عند هذه الحقيقة حسب فيتناول (جماليات الفيلم الوثائقي بين السينما والتلفزيون )عبر حجم الشاشة واستخدام الصوت وغيرها نسبة لطبيعة ومكونات واسلوب كل منهما وسبل وواسس انتاجه.التي تحقق هدف هذا النوع او ذاك من الافلام الوثائقية.

وكرس الناقد كاظم مرشد السلوم الفصل الرابع والاخير ل(التطبيقات) التي استعرض فيها نقديا عينات تمثل اشكال متنوعة من عملية تناول الواقع في الفيلم الوثائقي وفق اسس مباديء نقدية شكلت عصب هذه التطبيقات النقدية التي شملت افلام:الارض لالستر فوثركيل و,القرار الاخير سيناريو واخراج انور الحمداني,وائبيكليبس لايزابيل كلارك,وعالم الطيوروذلك عبر تقديم خلاصة وتحليل نقدي يقف عند السرد والتصوير المونتاج والمكان والزمان والشخصيات . ويخلص في خاتمة الكتاب الى أن التطور التقني والفني ساعد “على انتشار الفيلم الوثائقي وتقبل المشاهد له من خلال عرضه لافلام تسبر غور الواقع غير المرئي للعين اليشرية لاسيما وان قدرة هذ الفيلم على تزييف الواقع شكل بنية واعية تحقق الغرض الفكري والجمالي من هذا التزييف” .ليكون هذا الكتاب وثيقة لاغنى عنه لكل الباحثين والدارسين وصناع السينما داخل وخارج العراق وفقا لما انطوى عليه من حقائق علمية ونقدية وفنية مؤثرة ومعبرة بدلالاتها التي جسدت الجهد الفكري والملموس للباحث والناقد الذي خاض غمار الخراج كما خاض غمار النقد حين اخرج افلامه الثلاثة:الشماعة ,والفتى البرتقال وخيط ابيض رفيع وعمله معدا للبرامج في قناة الحرة عراق لاسيما برنامج (بالعراقي).

جريدة المواطن نيوز  

الوطن الجزائرية في

11.02.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)