كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

 المرأة الجميلة خارج سلطة المخرج..

فللينــي: أرســم النســاء السـمينات

عواد ناصر

 

فيديريكو فلـلّـيني (ولد في 20 يناير/ كانون الثاني  1920 بمدينة ريميني بإيطاليا، وتوفي بروما، في 31 أكتوبر/ تشرين الأول  1993) بعد إصابته بنوبة قلبية. فلليني أخرج أجمل أفلام الدراما الكوميدية بعنوان (الدولشه فيتا – الحياة الحلوة) بطولة مارشيلو ماستروياني وإنيتو أكبيرغ.أغرم  الفتى فيلليني بعروض السيرك ومؤدي المسرحيات الهزلية التي كانت تعرض في  مدينته، وتقمص أدواراً عدة لا تبدأ بالمهرج الملون من طاقيته حتى حذائه ولا تنتهي بمروض الأسود، الساحر الذي يروّض وحوش الغابة ويجعلها ترقص على إيقاع الطبول.

تعرف على الممثلة جوليتا ماسينا وتزوجها في العام 1943، حضرت هذه المرأة في أحلامه الرومانسية، كحبيبة وممثلة وظهرت لاحقاً في عدد من أفلامه، ووصفها بأنها المرأة الأكثر إلهاماً لأعماله. وحقق في العام 1945 نجاحه السينمائي الأول حين دُعي للمشاركة في كتابة سيناريو فيلم (مدينة مفتوحة)، وهو من أهم أعمال المخرج روبيرتو روسيليني وفق أفلام الواقعية الجديدة، المثقلة بأسئلة الحرب العالمية الثانية وآثامها وآلامها التي خرج، إثرها، للعالم ثلاثة من أعظم مخرجي فن السينما الإيطالية والعالمية: لوتشينو فيسكونتي ومايكل آنجلو أنطونيوني و فيديريكو فيلليني، لكن كلاً من الثلاثة وضع بصمته السينمائية الخاصة في الاخراج والأخير، الحائز على أربع جوائز أوسكار، أسس مدرسة فنية في السينما أطلق عليها  (المدرسة الفللينية).

جوليتا مقياس الحب والفن

جوليتا صارت هي المرأة والممثلة والملهمة وامرأة الحوارات الحارة والمتوترة حول الحب والسينما والجمال، بل هي كل شيء مثل مدار كامل في حياة هذا المخرج اللامع.

ليس من صفحة في مذاكراته، بعد التعرف عليها، تخلو من صورة لها أو حوار ساخن أو مشاكسة أو غزل، وأكثر من هذا صارت هذه المرأة مقياساً لجمال النساء وعبقريتهن عنده "كانت تتقبل ما أقول وطيبة المزاج وتعطي كل ما عندها للدور، وتحتفظ بكل ما فكرت فيه خلال النهار وخصوصاً أخطاء العمل وتفضي به إليّ عندما نرجع إلى البيت ليلاً... جوليتا كانت ممثلة وستبقى ممثلة، ووجهت لي انتقادات عنيدة.. أردت أن أن أحمي مفهومي عن الشخصية وأرادت هي أن تحمي شخصيتها".

بين الزوجة والحبيبة والممثلة تنقل فلليني مفاهيمياً، لا جسدياً، فبقي مخلصاً لهذه المرأة التي لبت حاجاته الفنية والعاطفية والثقافية، من دون أن يمنعه هذا من إبداء رأيه، أو ذوقه بالنساء الأخريات فناناً حراً، فلا غيرة ولا مشاحنات، وهو الرجل الذي بدأت المرأة في حياته، منذ الطفولة، على هيأة ملاك يتبعه ويشير إليه بسبابته: أن اتبعني "إنه ملاك طفولتي ملاكي الحارس الذي لا يفارقني أبداً.. لم أستطع أن أتصور هذا الملاك إلا امرأة".

فلليني الخجول

فلليني الرجل الخجول، لكن الوقح في السينما، لم يمارس سلطته ونفوذه على النساء "خصوصاً مع امرأة جميلة".

يقول في مذكراته (*):

"أنا دائماً خجول مع النساء. لم أرغب في امرأة عشاقها كثار يمكنها أن تجري مقارنة بيني وبينهم ولو في خيالها فقط. لم أكن منافساً في السرير.. أحب النساء الخجولات لولا أن التقاء شخصين خجولين أمر محرج".

نصائح المخرج للممثلات لا تتحد بالدور والحوار ولون العينين والشفتين، إنها تتوجه إلى المرأة الممثلة على أنها امرأة تعرف ما تريد من جمالها وحضورها وشخصيتها، إذ الجمال عنصر أساس، على أن يكون المخرج "صديق" الممثلة الذي يصارحها ويثني على جمالها مثل أي صديقين حميمين. يقول فلليني: "أثناء عملنا في فيلم "جولييت والأشباح" قلت للمثلة ساندرا ميلو: يجب أن تؤمني بجمالك.. عليك أن تقفي أمام المرآة بطولك الكامل وأنت وحيدة، ومن المفضل أن تكوني عارية وتقولي بصوت عالٍ: أنا أجمل امرأة في العالم".

ثمة مشكلة عويصة بين فلليني الرجل وفلليني الفنان بشأن النساء، على أن طفولة الفتى غير حرفية المخرج الناضج الذي يرى في المرأة عطاء لا ينضب في الفن والحياة، حتى أنه يعترف بأنه "يجلّ النساء" على خلاف النظرة التي أبداها بعض نقاده الفنيين الذين اتهموه بأنه يحط من قدر المرأة ويستعملها مادة فنية أو "وسيلة انتاج".

فلليني، في مذكراته، يبحث عن البراءة في المرأة جزءاً من براءته الشخصية، كما يقول، رغم خشيته من النساء، لكنها خشية تتلاءم مع تقديسه لهن، فهن لسن في متناول أي شيء عدا الحب والفن، وربما على شكل دعابة.

أما أثناء العمل فيبوح فلليني: " قد أقول، أحياناً، لامرأة في موقع العمل: هل مارست الحب في الليلة الفائتة؟ ترتبك ثم تجيب عادة بالنفي حتى لو أنها ربما مارست ذلك، وأقول أنا ما معناه: إذن، ضاعت ليلتك سدى". 

ماستروياني معبود النساء

مارشيلو ماستروياني صديق فلليني ونجمه المفضل كان ساحر النساء عدا كونه نجماً لامعاً في السينما الإيطالية والعالمية فهو النجم في أفلام فلليني ورأيناه في أفلام عدة منها عرض في دور العرض البغدادية أيام زمان، خصوصاً في السبعينات.

يذكر فلليني: "كانت النساء تترامى على مارشيلو ماستروياني، دائماً،. قلت له: "أنت محظوظ. فأجاب: إنهن يترامين عليك، ولكنك لا تقبض عليهن، بل إنك لا ترى ذلك فتفلت منك الأمور".

مخرج، مثل فلليني، ولا بد مثل أي مخرج حرفي آخر، عليه أن يعزل نزواته عن عمله، فالعري النسائي ينبغي أن يدخل في الأفلمة وليس في الشهوة الخاصة للمخرج "كنت أجد نفسي منهمكاً في العمل جداً بحيث أكون في الغالب غافلاً، تقريباً، عن الممثلات العاريات قربي".

أما النساء السمينات فهن في رسوم فلليني، خصوصاً تلك التي تشكل مخططات الأفلام على الورق، لكن بطلاته لم يكن سمينات، ربما الأمر يعود إلى أخيلة الطفولة فهو، كما يقول، يقتصر على الظاهر حيث كان يعي اختلافهن عنه:

"عند توزيع الأدوار، أو الكتابة، أو في الفترة السابقة للانتاج، يبدو أن يدي ترسم وحدها أحياناً.. في تلك اللحظات أرسم صدوراً أنثوية ضخمة على الأرجح (بالمناسبة فلليني رسام أيضاً)، والشيء الآخر الذي أعبث في رسمه، عادة، هو مؤخرات نسوة بالغات الضخامة.. إن معظم النساء اللواتي أرسمهن في كراسة الرسم الأولى يظهرن كأن ثيابهن تتمزق عنهن.. إن كن يرتدين أي ثياب".

(*)أنا فلليني – إعداد: ش. شاندلر، ترجمة عارف حديفة، منشورات دار المدى.

المدى العراقية في

11.02.2014

 
 

 فلليني مخرج يصور أحلامه..

الفانتازيا ضد الفاشية والطفولية المزمنة

محمد عبيدو 

عندما عرض فيدريكو فيلليني «ساتيركون» اي «المأساة الساخرة» قال الكاتب الايطالي الكبير البرتومورافيا «ان هذا المخرج يصور احلامه». 

ولقد كان هذا صحيحا تماما وان لم يكن قد كشف عن كل اعماق فيلليني التي وصفها الناقد الامريكي بيترهاركورت فيما بعد قائلا: «ان فلليني له حياة سرية خاصة لاتظهر الا في افلامه» والغريب في هذا الفيلم، وهو واحد من اعظم افلامه، انه كان يتناول مشكلة تاريخية وهي مصير الامبراطورية الرومانية، اي انه فيلم تاريخي من حيث النظرة المبسطة للتقسيمات الفيلمية.

ولكن اي تاريخ واي مصير؟ ان المشاهد الاساسية للفيلم صورت داخل «الكوليزيوم» في وسط روما المعاصرة. ولكن هذا المبنى الاثري الهائل الذي يفخر به الايطاليون المعاصرون كان بالنسبة لفيلليني »الجمجمة التي تبقت من الحضارة الرومانية البائدة» ومن هذا المعنى اخذ فيلليني يملأه، اي يملأ هذه الجمجمة بمظاهر حياتية هي مزيج من روما القديمة وروما المعاصرة، لكي يعطي للمفترج الاحساس بان ما يشاهده من اعمال ونتائج في الحضارة الاوروبية المعاصرة، هو مماثل لما كانت عليه الحال في روما في ايامها الاخيرة. هذا الشعور بالزوال كان آخر تطور وصل اليه فيلليني من مناقشته لحياة بلاده ولحياة اوروبا كلها، الامر الذي شكل صدمة غير متوقعة لكل النقاد والمتفرجين في اوروبا.

قد يكون هذا هو المعنى النهائي الذي تركه فيلليني، الذي غادر عالمنا يوم 31/10/1993، لكل الاجيال القادمة، وهو معنى مخيف صاغه فيلليني بكل الادوات التصويرية المتاحة له في ذهنه، من سيريالية وتكعيبية وتعبيرية، وكانت النتيجة انه قدم عالما «فنتازيا» لم يقدمه مخرج سينمائي من قبل

ولد فيلليني في 20 كانون الثاني 1920 في مدينة «ريميني» الايطالية، بعد انتهاء دراسته الثانوية، سافر الى فلورنسا ليبدأ عمله عبر نشر رسومه وقصصه في صحافتها، وما لبث ان اخذ يكتب النصوص المسرحية للاذاعة والاغاني للمسارح الاستعراضية، ليتعرف على كاتب السيناريو جيروته ليني ويتعاون معه على كتابة العديد من السيناريوهات للافلام السينمائية. فيلليني بدأ الرسم صبياً، وكان هذا هو حبه وولعه الأول من بين ألوان الفنون. ويستطيع المر سريعاً وببساطة أن يجد العلاقة بين تلك الهواية الأولى التي احترفها في الصحف فيما بعد، وبين الكيفية التي يقدم فيها نماذجه من الشخصيات، فهي أيضاً تماثل الرسومات في غرائبيتها وعدم واقعيتها. لكن الأمر في مدلولاته ليس مجرد استكمال معين لولع سابق، وليس مجرد انتقال ذلك الولع من وسط فني إلى آخر، بل هناك الكثير من الأسئلة التي تثيرها تلك الشخصيات الغريبة التي يقدمها لنا: من هم هؤلاء؟ لماذا يثقلون على كاهل فيلليني؟ كيف يستطيع أن يلتقط معانيهم؟ أين يجدهم وماذا يريد منهم؟

في «فيلليني: مفكرة مخرج» (كتباً حكى فيه عن بعض ذاته) يقول حول شخصياته: "نعم. أعلم أن الأمر يبدو مشيناً وقاسياً، لكني كثير الإعجاب بكل هؤلاء الأشخاص الذين دائماً ما يطاردونني، يتبعونني من فيلم إلى آخر. كلهم مجانين إلى حد. يقولون أنهم بحاجة إليّ، لكن الحقيقة إنني بحاجة إليهم أكثر. إن قيمهم الإنسانية كثيرة، وفيرة، كوميدية وأحياناً مشوقة" .

من اول افلامه وحتى صوت القمر اخرها ؛ تكاد تكون سينما فلليني كلها رحلة متواصلة في اعماق النفس البشرية . عام 1943 تزوج فيلليني من جوليتاماسينا الممثلة القديرة التي قامت ببطولة معظم افلامه .. ٠

ثم يخرج بالتعاون مع البرتولاتوادا اول افلامه «اضواء الاستعراض» عام 1950 وفي العام الذي يليه يخرج اول فيلم له «الشيخ الابيض» وقد نبع الفيلم من كتابات انطونيوني عن عالم الاساطير. وقوبل الفيلم بفتور اثناء عرضه في مهرجان فينيسيا، هذا الفتور يتحول الى حماسة واعجاب بعد عام واحد عندما عرض فيلمه الثاني «المدللون» ويكون نجاحه السينمائي الحقيقي الساحق عند عرض فيلمه الثالث «لاسترادا» عام 1953 في مهرجان فينيسيا، وكان النجاح حيا وسريعا جدا. نال جائزة «الاسد الفضي» الفينيسي، وتبعه استقبال حار في ايطاليا وفي الخارج ( استمر عرض «لاسترادا» في نيويورك مدة ثلاث سنوات وكانت زخات الجوائز تنهال عليه، ومن بينها الاوسكار لافضل فيلم اجنبي، واثار النقد في ايطاليا، في الوقت نفسه، لهذا الفيلم خصومات عنيفة

فكان البعض يثمنونه ويمجدونه كأية تعكس روح سامية، والبعض الآخر يحكمون عليه كمحاولة اغتيال شنيعة للواقعية الجديدة وجمالياتها

وينزل الى الحلبة الكل تقريبا: النقاد، المخرجون، المثقفون، السياسيون، وهم يسجلون على صفحات الصحف اراءهم المتباينة، التي كانت على الاغلب ذات صفات مبدئية أكثر مما هي صفات سينمائية

عام 1957 ينجز تحفته السينمائية «ليالي كابيريا» وقدمه في مهرجان «كان» ليحصل على نجاح عظيم، ومنحت جوليتا ماسينا جائزة أفضل ممثلة، كما حصل على جائزة الاوسكار مرة أخرى

يقدم لنا فيلليني شخصية مومس بائسة من ضواحي المدينة.. كابيريا التي تنجو من الموت بأعجوبة المصادفة، ولا تريد ان تصدق ان عشيقها هو الذي دفعها الى الموت ليسرق منها حقيبتها.. كابيريا الساذجة الطيبة رسم شخصيتها فيلليني ببراعة ليرصد بصدق ذلك الواقع السفلي البائس من المدينة.. أولئك البشر العزل، الوحيدون، الحزانى.. 

كابيريا، بعد ان أمست تشعر بأنها ضائعة وخالية من أي أهمية.. مصادفة، تلتقي غير مصدقة برجل طيب، يفاتحها بخجل عن حبه لها، وتوافق على الزواج منه، وتقبل ان تبيع بيتها كي تذهب معه الى بيت الزوجية، حاملة النقود في حقيبتها، تركض لشاطئ الأمان.. وفي النهاية، وبعد جولة في الغابة ينتهي الخطيبان الى ضفة النهر، ويطغى الانفعال على وجه الخطيب، وتعود لها ذكرى النهر الذي غرقت فيه.. فتصرخ «إن كنت تبحث من وراء كل ذلك عن هذه النقود، فخذها، ولكن اقتلني.. اقتلني أرجوك، فمن أجل أي شيء أعيش.. والى أين سأعود»؟ 

عن الفيلم كتب أحد النقاد: «إذا كان فيلم (لاسترادا) يمثل النقاء فإن فيلم (ليالي كابيريا) هو الفيلم الكامل والأكثر ادهاشا بين أفلام فيلليني». 

وينجز فيلمه «الحياة حلوة» الذي لاقى نجاحا جماهيريا عاليا وحدة عالية من الجدل والنقاش حوله.. وحصد جوائز عديدة، أهمها السعفة الذهبية لمهرجان «كان» السينمائي

وعن الفيلم يقول فيلليني: أدركت بعد حين ان هذا العمل تحول حدثا تعدى الشريط ذاته، كان أول شريط ايطالي مدته ثلاث ساعات، وحتى أصدقائي حاولوا اقناعي باقتطاع بعد المشاهد منه، انه لوحة مجنونة للأرستقراطية السوداء والفاشية. لم يكن في امكاني شرح هذا للسيدة العجوز التي ركضت نحوي ذات مرة وهي صحافية في جريدة الفاتيكان، ظلت أشهر تشتم «الحياة الحلوة» لتقول لي: من الأفضل للانسان ان يربط حجرا ثقيلا في رقبته ليغرق في عمق البحر من أن ينشر الفضيحة في المجتمع.. بعد أيام على باب احدى الكنائس وجدت ملصقا كبيرا محاطا بالأسود كتب عليه: لنصلِّ من أجل خلاص روح فيدريوكو فيلليني الخاطئة

العام 1993 يدخل فيلليني مضمار السينما الفلسفية بفيلمه «ثمانية ونصف» الذي بدأ مرحلة جديدة من رؤيته السينمائية والابداعية، وفيه استطاع فيلليني ان يعبر بعمق عن مشكلة الابداع وعن شخصية الفنان المبدع وحالته الروحية من خلال قصة مخرج سينمائي يعيش أزمة روحية صعبة ويعاني من التشتت والارتباك اثناء بحثه عن موضعه الخاص

وكأن فيلليني هنا يحكي بشكل وجداني عن نفسه وعن شغبه الروحي الخاص، وأزماته الشخصية التي لا تضيق حدود الفيلم بل ترتقي بقيمه العامة عاليا

عن فيلمه «ثمانية ونصف» يقول فيلليني: أردت ان أصنع فيلما يعطي لوحة للكائن البشري متعدد الأبعاد، أردت ان أعرض الانسان في مجمل خصائصه وصفاته.. ان ولادة الانسان الحقيقي الأصيل، الانسان متكامل الشخصية، المتحرر من الخوف والخرافات، الانسان الحر حقاً، هي الضمان الوحيد لبناء مجتمع انساني جديد بهذا الاسم، مجتمع يحرص بدوره على الدفاع عن الشخصية.. ان فيلمي هو تجلي الإيمان بالانسان». 

ويصور عام 1965 اول فيلم له بالألوان «جولييتا والاشباح»، وفيه محاولة للغوص بعالم المرأة الداخلي، عبر رؤية فلسفية ونفسية وتحليلية عميقة تقترب من تحليلات عالم النفس يونج حول اكتشاف التصورات اللاشعورية الجماعية

وينجز عام 1969 «ساتيركون».. ان «ساتيركون» يكشف المتفرج عليه امام نفسه.. انه يحرره من القناع الذي يضعه على وجهه.. يجرده من الملابس التي تلفه، انه عملية تشريح للنفس البشرية في ابشع حالاتها وفي انطلاقها مع غرائزها

نحن لسنا امام قصة ولكننا امام قصص متعددة او مواقف او مناظر متعددة يربط بينها جميعاً في لحظة تاريخية معينة. هذه اللحظة التاريخية هي اللحظة التي انهارت بعدها الامبراطورية الرومانية، هل العالم الان يعيش هذه اللحظة؟ لحظة كتلك التي انهارت بعدها الامبراطورية الرومانية، بسبب الفساد وغياب القيم..؟ اننا اذا اجرينا مقارنة بين ما كان يحدث في ذلك التاريخ البعيد وبين ما يحدث الان لوجدنا ان الشبه كبير

ان الفيلم كله فانتازيا.. ورؤية بشعة للانسان عندما تنحط قيمه وترفع رايات الغرائز ويتراجع العقل وتصبح الشهوة ـ على كل مستوى ـ هي المسيطرة وهي صاحبة القيادة.. انها رؤية مخيفة لعالم مرعب نعيش فيه. وفيلليني يعلق على ذلك قائلاً: انني لا اظن انني نوع من الوحوش اللاانسانية فأنا عندما اتكلم عن نفسي فإنني احس انني اتكلم عن كل واحد». 

ثم يصور فيلمه «روما» عام 1972، وهو تصوير نقدي لكل عاصمة كبيرة تظهر فيها، على كل، تلك النوعية التي لا يمكن تحديدها، وذاك الشيء الغامض الذي لا نعرف كنهه والذي يجعل من روما حقيقة فريدة لا مثيل لها

1973 هو عام «اماركورد» او ذكرياتي.. واعادة تصوير فيلليني لشبابه وهو في مدينته «روميني». ونال الفيلم النجاح الباهر اينما عُرض، كما جرى تكريمه بجوائز عديدة منها الاوسكار الرابع في مسيرة حياته.. في «اماركورد» يصور لنا ما تبقى في ذهنه عن الحياة في روما وهو صغير في لحظة نشوء الفاشية، وينتهي الى نتيجة وهي ان الفاشية في داخل نفوس الايطاليين. وهكذا فإن الفيلم يحمل اتهاماً لكل معاصري موسوليني.. 

وفي صدد حديثه عن فيلمه يقول فيلليني: «يبدو الي ان الفاشية اخطر بكثير لا كحركة سياسية بل كحالة من حالات النفس البشرية، انها شيء كامن في الاعماق، مخبأ بعيداً عن الانظار، لقد كانت الفاشية، في بعض ملامحها، موجودة في بلادنا قبل مجيء موسوليني. وللتأكد من ذلك، يكفي الرجوع الى تاريخ الكنيسة الكاثوليكية. فلقد اعتاد الانسان الايطالي على الطاعة والخنوع والخوف، وكان الحكام يعاملونه مثل طفل صغير، لا ينمو، لا يكبر ابداً.. والداه والكاهن والبابا يقومون بحل مشاكله الحياتية عوضاً عنه، فهم جميعاً، لكن بدونه، يشتركون في تقرير مصيره

لقد صارت عبادة الاساطير والطقوس جزءاً منه. وفي النتيجة تشكل نمطاً سيكولوجياً معيناً للإنسان الايطالي، يمكن تسميته ب«نمط طفولي مزمن».. عن هذا النموذج من الناس وعن مدينة صغيرة، لا يرغب اهلها بأن يكلفوا انفسهم عناء التفكير، يحكي فيلم «اماركورد»، وربما لا يكون من قبيل التواضع ان اقيّم افلامي، ولكنني اعتبر فيلمي عملاً عميقاً معادياً حقاً للفاشية». 

«كازانوفا» كان فيلم فيلليني لعام 1977، وكان المشروع الاكثر كلفة في تاريخ مسيرته: ثمانية ملايين دولار وفي الفيلم اراد فيلليني الكشف عن نمط الانسان الايطالي السخيف والسطحي ذلك الطفل الكبير الذي افسدته التربية الكاثوليكية واسترقته ارادة الغير واجمالا فقد كان هدف فيلليني ان يصم بالعار «الكازانوفية» كظاهرة ابتلى بها بلد بأكمله

«بروفة الاوركسترا» عمل فيلليني لعام 1979: سبعون دقيقة من قصيدة شعرية يعبر فيها عن مخاوفه على مصير مدينة غربية مندفعة في ضياعها العنيف ـ الفيلم صورة مصغرة للمجتمع الايطالي؟ صورة مصغرة لبلد يشتعل بالحرب الاهلية ثم يناشد سلطة دكتاتورية تأتي لاخراجه من دوامة الهلاك.. صورة رمزية للثورة الفوضوية وما تولده من مجال لتسلط ديكتاتوري «ينقذ» الموقف.. 

صورة صارخة للحلقة الجهنمية المفرغة التي يدور فيها عالم فقد قيمه الانسانية والحضارية عندما سئل فيلليني تحديدا عما اراد قوله في فيلمه حاول ترك حرية التفسير لكل فرد من الجماهير: «اردت الشهادة على ذلك عندما يكف كل عازف عن الاهتمام بموسيقاه والتفكير فقط في الالة التي بين يديه، نرقص على بركان». 

عام 1980 يخرج فيلمه «مدينة النساء» وقد قال فيلليني عن السبب الذي دفعه الى اخراج فيلم عن «آلمرأة» ان «لدي شعورا بان كل افلامي تدور حول النساء، انني واقع كلية تحت رحمتهن منهن المخلوقات الوحيدات اللواتي اشعر معهن براحة حقة: انهن الاسطورة واللغز والتنوع والسحر والعطش الى المعرفة وطريق البحث ـ اوهن البحث ذاته ـ عن الهوية الذاتية بل انني ارى السينما ذاتها كامرأة تتغير الاضاءة فيها ما بين الظلام والنور، بظهور الصور واختفائها

الذهاب الى السينما بالنسبة لي هو اشبه شيء بالعودة الى الرحم، فانت تجلس هناك ساكنا تهجع وتقبع في صمت بانتظار الحياة التي توشك على الظهور امامك فوق الشاشة على المرء ان يذهب الى السينما في براءة الجنين». 

وينجز عام 1982 فيلم «السفينة تبحر» الذي تدور احداثه ابان الحرب العالمية الاولى وتبدو الملامح العامة كما كتب اساطير الاطفال وفوق السفينة غلوريا يجمع فيلليني نماذج مختلفة متناقضة من الانماط الانسانية

عام 1985 ينجز فيلمه «جنجر وفريد» وكان بطلاه مارشيللو ماستروياني وجوليتيا مازينا، اكثر من مجرد نجمي الفيلم، فقد شكلا فريقا ـ دليلا قاد المشاهد داخل عالم الاحلام الغامض للتلفزيون وارياه مجموعة من الخدع السينمائية الباهرة والمؤثرات المتلالئة الخلابة انه (الحلم) الذي يترجم الى واقع وفي هذا الفيلم يأخذ فيلليني بثأره من التلفزيون حيث كان دائم الشكوى من قطع افلامه لبث اعلانات تجارية ويتبين لنا كيف يتجرد الفن من انسانيته عندما يتصل بالتلفزيون وكيف نغدو نحن معدومي الاحساس نتيجة لتعرضنا المستمر لتلك التسلية الجماهيرية

عام 1987 يقدم فيلمه «المقابلة» يقول عنه: «انه فيلم تستعمل فيه الكاميرا كقلم او ريشة تدونان هيروغليفية ما او تنقلان الخربشات التي نسود بها صفحة ورقةبيضاء في اوقات الفراغ فكرة لفيلم نقشي تصويري رؤيوي عكس كل محاولات السينما التي تحكي قصة». 

آخر افلامه «صوت القمر» 1990 هو اقتباس حر لرواية بعنوان قصيدة المزاجيين «حول التشرد الليلي لصديقين مزاجيين وتتحول نقطة الانطلاق هذه ذريعة لتصوير سلسلة من المشاهد الغرائبية والفانتازية استنادا الى التقليد الفيلليني المعهود، لكن الفيلم يبلغ الذروة حين يتمكن ثلاثة قرويين من التقاط القمر ويقيدون كتلة النار هذه في احد العنابر ويجري في اعقاب ذلك نقاش تلفزيوني تقوم خلاله السلطات المحلية واسقف المنطقة واعضاء الحكومة بالتعبير عن مواقفهم حيال هذا الحدث الاستثنائي.

أفلامه كمخرج:

- أضواء حفل المنوعات (1950) بالاشتراك مع ألبرتو لاتوادا

- الشيخ الأبيض (1952)

- فيتولونيI, Vitelloni )1953)

- الطريق La Strada )1954)

- المحتالون (1955)

- ليالي كابيريا (1957)

- الحياة الحلوة La Dolce Vita )1960)

- بوكاشيو 70 (جزء - 1962)

- ثمانية ونصف (1963)

- جولييتا والأرواح (1965)

- قصص غير عادية أو أرواح الموتى (جزء - 1968)

- ساتيريكون (1969)

- المهرجون (1971)

- روما (1972)

- أماركورد (إني أتذكر - 1973)

- كازانوفا فلليني (1976)

- بروفة أوركسترا (1978)

- مدينة النساء (1980)

- السفينة تبحر (1983)

- جنجر وفرد (1986)

- المقابلة (1987)

- صوت القمر (1990)

عن صحيفة الحياة اللندنية

المدى العراقية في

11.02.2014

 
 

 فيدريكو فيلليني.. عندما يكون الخيال أصدق من الواقع

أبو السينما الإيطالية اغتال الواقعية الجديدة ليصنع من لاوعي المخرج الدافع الأهم في أعماله

حازم الجريان  

«أعتقد أني حتى لو عملت فيلما عن كلب أو كرسي لكان سيرة ذاتية إلى حد ما»، بكلمات مثل هذه، يلخص المخرج الإيطالي الكبير فيدريكو فيلليني بكل صراحة الأربعة وعشرين فيلما التي أخرجها طوال مشواره السينمائي الذي امتد لـ 45 سنة.

ولد فيلليني في 20 يناير (كانون الثاني) 1920 في بلدة ريميني الساحلية، كان أبوه تاجر أغذية كثير السفر، وأمه كانت فتاة متحفظة هربت من أهلها في روما لتتزوج أباه، وعشق فيلليني الرسم منذ صغره واعتاد اللعب بمسرح الدمى المصنوعة من الصلصال وتشكيل شخصياته وكتابة حواراتها، كما اعتاد قراءة القصص المصورة وبالذات سلسلة «"نيمو الصغير» التي يستيقظ فيها بطلها الصغير في نهاية كل حلقة ليدرك أن كل ما مر به كان حلما أو كابوسا، ومن هنا نلحظ علاقة فيلليني الطويلة بعالم الأحلام التي امتلأت بها أفلامه، حتى أصبح مخرجا «يصور أحلامه» بحسب تعبير الكاتب والشاعر الإيطالي ألبرتو مورافيا. انتقل فيلليني إلى روما في السابعة عشرة من عمره ليعمل صحافيا ورساما للكاريكتور في صحف روما قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية. في عام 1945 بدأ مشواره السينمائي عندما دخل المخرج الكبير روبيرتو روسلليني إلى دكانه الصغير في جادة نازيونالي، طالبا منه أن يشارك في كتابة سيناريو فيلم عن مدينة روما خلال الاحتلال الألماني وهو الفيلم الذي أخذ لاحقا عنوان «مدينة مفتوحة» ليصبح بعدها أحد أبرز ما قدمته الواقعية الإيطالية الجديدة من أعمال. يمكن تقسيم مشوار فيلليني السينمائي إلى ثلاث مراحل، الأولى بدأ فيها فيلليني بكتابة النصوص السينمائية حتى 1950، والثانية بدأت عندما منحه المخرج ألبرتو لاتوادا الفرصة للمشاركة في إخراج فيلم كان فيلليني قد شارك بكتابته وكان بعنوان "أضواء المنوعات" عن أعضاء فرقة استعراضية مغمورة تتنقل بين مدن وقرى إيطاليا بحثا عن لقمة العيش، ورغم أنه من الواضح أن الموهبة الفنية هي آخر ما يمتلكه هؤلاء المهرجون إلا أن فيلليني لا يتوقف عن معاملتهم بتعاطف، وهو في هذا يفصح لأول مرة عن علاقة حميمة وطويلة مع عالم الاستعراض، والتي ستظهر أكثر من مرة وبأكثر من شكل في أفلامه اللاحقة. بعد «أضواء المنوعات» أتى فيلم «الشيخ الأبيض» بنجاح تجاري ونقدي محدود عن زوجين يقضيان شهر العسل في روما، تهرب فيه الزوجة لتبحث عن أحد أبطال الفيموتي (نوع من القصص المصورة الايطالية لكن بصور حقيقية بدلا من الرسوم)، ثم بنجاح أكبر نسبيا جاء «المتسكعون» ليحكي نضج خمسة مراهقين في قرية إيطالية ساحلية لا تختلف كثيرا عن ريميني، لكن النجاح الأضخم الذي دفع بمخرجه الشاب إلى العالمية كان في فيلم لاسترادا «الطريق»، الذي فاز بجوائز دولية عديدة منها جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي والأسد الفضي في مهرجان البندقية وعرض في مدينة نيويورك لثلاث سنوات، «الطريق» يظهر عناية كبيرة عند فيلليني في رسم شخصياته، كما أنه جعل من زوجة فيليني الممثلة جوليتا ماسينا نجمة عالمية وصفتها الصحافة «بالنسخة الأنثوية من شابلن». لم تلق أفلام فيلليني هذه ترحيبا لدى بعض النقاد الإيطاليين الذين رأوا فيها اغتيالا شنيعا للواقعية الجديدة التي برزت في نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات، ففي حين أخذت هذه الحركة في استعراض شخصيات عادية لدراسة الخلفية الاجتماعية لايطاليا ما بعد الحرب، فإن فيلليني في أفلامه كان يفضل أن يبرز شخصياته المنبوذة وغير المألوفة أكثر من أن يتعرض لقضايا اجتماعية، فهو يقدم المهرج الصلف زامبانو وزوجته الساذجة جيلسومينا في "الطريق" 1954، ثم مجموعة نصابين في «المحتالون» عام 1955 وبعدها عاهرة ساذجة صافية القلب تبحث عن الحب في شوارع روما في «ليالي كابريا» 1957، ورغم أن فيلليني، كما أسلفنا، قد شارك في كتابة نصوص لأفلام تنتمي للواقعية الجديدة فإن هذه المرحلة كما يبدو لم تؤثر كثيرا على فيلليني، ولم تكن في الأصل تعبيرا صادقا عن رؤيته الفنية، وفي هذا يقول فيلليني عن تعاونه مع روسلليني في أفلام الواقعية الجديدة مثل «مدينة مفتوحة» و«بايزان»: «إن روسلليني كان نوعا من ابن المدينة ساعدني على اجتياز الشارع، ولا أعتقد انه أثر بي تأثيرا عميقا، لكنني أعترف له بأبوية كأبوية آدم.. لقد شجع روسلليني انتقالي من مرحلة ضبابية، معدومة الإرادة، دائرية، إلى ميدان السينما». في عام 1960 تبدأ المرحلة الثالثة التي جعلت من اسمه أسطورة، وفيها يتجرأ فيلليني إلى حد غير مسبوق في استعراض عوالمه الداخلية وأحلامه الشخصية، الشيء الذي جعله مثار إعجاب وانتقاد في نفس الوقت، ففي حين أثارت عوالمه وشخصياته الغريبة الاعجاب كسينما شخصية تحقق مصطلح المخرج المؤلف Auteur كأفضل ما يكون (يذكر فيلليني في كتابه «أنا فيلليني» أنه أول من وصف بهذا المصطلح الذي أطلقه الناقد الفرنسي أندريه بازان لأول مرة في الخمسينات في معرض حديثه عن فيلم فيلليني «ليالي كابيريا»)، وفي هذا أيضا يشبه فيلليني صناعة أفلامه بالمقابلة الذاتية، لكن هذه المرحلة أيضا قد أعطت لمنتقدي فيلليني مأخذا آخر، إنها ليست سينما شخصية فقط، إنها سينما مغرقة في الشخصية حتى لا تكاد تفهم، وهو شيء لا يتردد فيلليني نفسه في التصريح به «تعرضت للنقد لأني لا أعمل أفلاما إلا إرضاء لنفسي، وهذا مبرر لأنه صحيح. ولكن هذه طريقتي الوحيدة التي أستطيع أن أعمل بها». وفيلليني في هذا الشأن يحسد مخرجا مثل ستيفن سليبرغ لأن «ما يحبه سبيلبرغ يحبه العديد في أنحاء العالم، فهو مخلص وناجح في نفس الوقت»، في «الحياة الحلوة» 1960 أو «لادولتشي فيتا» لا يدخل فيلليني عالم الفانتازيا مباشرة، لكن الفيلم يحمل إشارة على تغير ونضج صاحبهما، يحكي الفيلم حياة الصحافي مارشيلو روبيني الذي يشمئز من أسلوب حياته في روما، ولكنه لا يستطيع أن يتركها، مع الفيلم هناك أشياء كثيرة مختلفة عن أفلام فيلليني السابقة، بدلا من إيطاليا الفقر والشوارع القذرة، نشاهد إيطاليا المزدهرة اقتصاديا، وهنا أيضا فيلليني يترك التصوير في المواقع الخارجية لصالح الاستديوهات الداخلية، وفي هذا الفيلم الذي كان أول فيلم إيطالي يقارب طوله الثلاث ساعات يترك فيلليني أيضا شخصياته المسحوقة أو المتوسطة في أحسن حال لصالح شخصيات أعلى شأنا، ويعطينا فيلليني أيضا نظرة بانورامية للطبقة الراقية المخملية في روما، يفتتح فيلليني الفيلم بمشهد معبر للغاية: تمثال ضخم للمسيح عليه السلام يجوب سماء روما معلقا بطائرة هليكوبتر بينما يحاول قائدها ومرافقوه التغزل بنساء في ثياب السباحة على أسطح أحد الفنادق، في تعبير سينمائي مذهل وبسيط عن روما المعاصرة وأصولها الدينية. لقي الفيلم نجاحا جماهيريا هائلا جعل كلمتين «لادولتشي فيتا» و«باباراتزي» تدخلان قاموس أكثر من لغة، وأثار ضجة كبيرة جعلت كلا من الكنيسة الكاثوليكية والحكومة الإيطالية تدينانه لقسوته وجرأته في تقديم المجتمع الإيطالي، «إنه لوحة مجنونة للأرستقراطية السوداء والفاشية. لم يكن في إمكاني شرح هذا للسيدة العجوز التي ركضت نحوي ذات مرة وهي صحافية في جريدة الفاتيكان، ظلت أشهر تشتم «الحياة الحلوة» لتقول لي: من الأفضل للإنسان أن يربط حجرا ثقيلا في رقبته ليغرق في عمق البحر من أن ينشر الفضيحة في المجتمع.. بعد أيام على باب إحدى الكنائس وجدت ملصقا كبيرا محاطا بالأسود كتب عليه: لنصل من أجل خلاص روح فيدريكو فيلليني الخاطئة». الحقيقة أن تربية فيلليني الكاثوليكية لها أثر كبير وواضح في أفلامه، في فيلمه «المحتالون»، ثلاثة محتالين يتنكرون في زي قساوسة من أجل سرقة القرويين، وحتى عندما يرق قلب أحدهم أمام فتاة مقعدة تريد أن يمنحها بركته وقد انتهى للتو من خداع عائلتها، فإنه يعلن للفتاة بصراحة أنه هو وأمثاله لا يملكون شيئا ذا قيمة لتقديمه لها، وأنها ستكون في حال أفضل بدونهم، وفي نهاية الفيلم نجد المحتال نفسه في حالة يرثى لها وهو ملقى على جانب طريق يحاول طلب المساعدة من أناس يمشون في مسيرة دينية تمر أمامه من دون فائدة، وكأن فيلليني هنا يتجاهل عقيدة الخلاص Salvation الكنسية، وهو سلوك سيتكرر لاحقا في أفلام «أماركورد» و«ثمانية ونصف» وغيرها، رغم أن الكاثوليكية أعطته بعدا روحانيا وصوفيا يظهر جليا في فيلم مثل «جولييت والأشباح». بعد «الحياة الحلوة» يجد فيلليني نفسه عالقا من دون أدنى فكرة عن فيلمه المقبل، «الجميع كانوا جاهزين ومنتظرين الشروع بالعمل، وما لم يعلموه هو أن الفيلم الذي كنت سأعمله قد هرب مني»، ومن هنا تأتيه الفكرة، لماذا لا يقدم قصة مخرج سينمائي لا يستطيع أن يجد فكرة لفيلمه المقبل بينما يوهم الجميع من حوله بأنه يملكها؟ المخرج الذي يؤدي دوره مارشيلو ماستروياني هو فيلليني، و«ثمانية ونصف» في الحقيقة هو فيلم يتحدث عن نفسه، وفيلليني هنا يقدم أفضل أعماله حين يخلط الحقيقة بالخيال والأحلام بالذكريات، ليلقي نظرة فاحصة على العملية الإبداعية عند الفنان، ألهم الفيلم مخرجين كثيرين، عدة مخرجين حاولوا تقديم نسخهم الخاصة من «ثمانية ونصف» (منهم وودي آلن في «ستاردست ميموريز» وبوب فوس في «كل ذلك الجاز») لكن لا أحد منهم استطاع تقديم السحر نفسه. بعد «ثمانية ونصف» يأتي أول أفلام فيلليني الملونة، «جولييت والأشباح» 1965، هذه المرة يقدم فيلليني أزمة ربة منزل من طبقة عليا في منتصف عمرها تشك بأن زوجها يخونها، ومرة أخرى ندخل في أحلام الشخصية وعالمها الباطن الذي لعبت فيه الألوان وتصميم المناظر دورا مهما هذه المرة، لكن قصة فيلليني الأنثوية لا تنجح كثيرا في توليف مزيج جذاب ومتماسك بين الواقع والخيال كما فعل من قبل. في 1969 يقدم فيلليني نظرة تاريخية متخيلة لروما قبل المسيحية في «فيلليني ساتيركون»، المستوحى بحرية من كتاب لنبيل روماني يدعى تايتوس بترونيوس عاش في عصر الطاغية نيرون ولم يكتشف كتابه إلا في القرن السابع عشر، جزء صغير ومبعثر هو الذي وصل إلينا، وهي فرصة ذهبية لفيلليني ليصور أحلامه وكوابيسه المبعثرة، ولكي يتخلص أيضا بشكل كبير من طريقة السرد التقليدية التي بدأت تختفي معه منذ «ثمانية ونصف»، ولهذا فإن «الفيللينية» هنا تصل إلى ذروتها في تقديم عالم قاس مليء بالعنف والانحطاط الأخلاقي وامتهان الإنسان، إنه أشبه بكوابيس «فيللينية» طويلة ومروعة (يذكر فيلليني لاحقا أنه قرأ الكتاب وتأثر به منذ أن كان طفلا)، وهو يحمل أيضا أكثر من شبه بروما المعاصرة التي قدمها سابقا في «لا دولتشي فيتا». عام 1971 يشهد «المهرجون»، فيلم تلفزيوني يعود فيه فيلليني إلى أحد مواضيعه المفضلة: السيرك ومسرح المنوعات، ليعلن فيه وعلى حد تعبيره «انحطاط السيرك والمهرج» على حد سواء. في 1972، يعود فيلليني لروما مرة أخرى، لكنها هذه المرة «روما فيلليني» وهو في جزء منه سيرة ذاتية يراوح فيها فيلليني بين روما أثناء الحرب العالمية الثانية وروما في بداية السبعينات، في مشهد واحد يعبر فيلليني عن مدينته بكل جلاء: زحمة سير شديدة حول مبنى الكولسيوم العتيق، إنها «روما القديمة ترقد تحت روما الحديثة»، في الفيلم خليط بين ذكرياته وبين مشاهد تبدو كالوثائقية لروما الحديثة، بالإضافة إلى مقطع فانتازي «فيلليني» من الدرجة الأولى: عرض أزياء كنسي بأزياء راهبات و قساوسة. بعد «روما» وفي 1974 يعود فيلليني إلى أيام مراهقته وطفولته في قريته ريميني في فيلم «أماركورد»، ويعود فيه أيضا إلى أسلوب سرد أكثر تقليدية وأكثر عذوبة، وهنا يستعين فيلليني بموهبته كرسام كاريكتير في تركيب شخصياته بشكل مبالغ فيه، في أحد المشاهد، نرى عائلة الطفل «تيتا» تخرج عمها المجنون من المصحة في يوم إجازة لنشاهده بعدها يصعد إحدى الأشجار ويرفض النزول وهو يصرخ بأعلى صوته: «أريد امرأة، أريد امرأة»، إنه تعليق طالما كرره فيلليني حين يتهم النظامين الديني والسياسي بتشويه الشخصية الايطالية وجعلها خانعة وذليلة كالأطفال، والمجنون وحده من يطالب علنا بما يتمناه الجميع.

يحتل فيلليني مكانة كبيرة بين المخرجين، ففي تصويت مجلة «سايت آن ساوند» البريطانية لعام 1992 عن أفضل المخرجين في تاريخ السينما، نجد أن المخرجبن يضعون فيلليني أولا، بينما لا يجد له النقاد مكانا في قائمتهم، كما أن فيلما مثل «ثمانية ونصف» يظهر كثيرا لو تصفح المرء بعض القوائم الخاصة بالأفلام المفضلة لدى المخرجين.

فيلليني يعامل شخصياته باهتمام بالغ، وهو في الحقيقة ليس قاصا أو راويا سينمائيا بالمعنى المعتاد، وإنما ترتكز أفلامه على شخصياته وبالذات في الخمسينات، ثم على قدرته التعبير البصرية المبهرة في خلق عوالمه وتخيلاته وخاصة في الستينات وما بعدها، وهنا يشير فيلليني نفسه إلى أن بعضا من أفلامه تبدأ عندما يرسم وجه شخصياتها الرئيسية وبعدها يبدأ في تركيب الأحداث حولها كما فعل مع شخصية جيلسومينا في فيلم «الطريق»، وهنا أيضا يحضرنا تصريح فيلليني نفسه بأنه حتى بعد أكثر من عشرين سنة من صنع فيلم «ليالي كابيريا»، لا يزال فيلليني يتساءل عن مصير شخصية الفيلم الرئيسية كابيريا. عام 1990 شهد ختام مشوار فيلليني السينمائي بفيلمه «أصوات القمر»، وهو مشوار شهد اثني عشر ترشيحا للأوسكار منذ فيلمه الأول «مدينة مفتوحة»، وحتى «كازانوفا فيلليني» في 1976، كما فازت أربعة من أفلامه بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي: «الطريق»، «ليالي كابريا»، «ثمانية ونصف» و«أماركورد»، في مارس (آذار) عام 1993 تلقى المايسترو تكريما من الأكاديمية على مجمل أعماله وانجازاته السينمائية بعدها بسبعة أشهر توفي في روما في الحادي والثلاثين من أكتوبر (تشرين الاول) بسبب أزمة قلبية، في حين توفيت بعده بخمسة أشهر زوجته الممثلة جوليتا ماسينا التي كانت «مصدر إلهامه» وشاركته حياته وأفلامه لخمسين سنة.

عن مجلة السينما

المدى العراقية في

11.02.2014

 
 

 وما أدراك ما (فيلليني)… 

لكل مجال من مجالات الحياة أعلامه ورواده، وفي مجال السينما يوجد لدينا بعض ممن أسهموا في تطوير الفن السينمائي وابهار أجيال من محبي هذا الفن الراقي. ويأتي المبدع العظيم (فيديريكو فيلليني) في مقدمة من جاءوا بفكر مختلف، تمرد على القوالب الجامدة وفتح آفاقاً جديدة لم يكن ليدركها العقل والخيال البشري دون اسهاماته.

وهذا المبدع والفنان والفيلسوف من النوعية التي تأتي ولا تتكرر. بل يستحيل أن تتكرر لأن ابداعه جاء من وحي خبرات حياتيه خاصة جداً وارتباط عضوي ومحوري بالمكان الذي شهد ميلاده وطفولته وسنوات التشكيل الفكري والوجداني. ويتضح هذا كثيرا في أفلامه الذاتية الطابع والتي رغم خصوصيتها الشديدة وذاتيتها المفرطة استقبلت بترحاب وانبهار يشبه انبهار الطفل بالساحر في السيرك.

وحين يعترف عمالقة من الوزن الثقيل بتأثير (فيلليني) عليهم ويذكرون أنه كان مصدر الهام لهم، فإننا نقترب أكثر وأكثر من تصور قيمة هذا الفنان، ولك أن تتصور أن من بين هؤلاء: (وودي آلان) و(ستانلي كوبريك) و (مارتن سكورسيزي) و (ديفيد لينش) و (تيم بيرتون) و (إمير كوستوريتشا) و (بيدرو ألمودوفار).

أحب (فيلليني)، بلده “إيطاليا” ورفض بصورة قاطعة أن يخرج منها إلى “هوليوود” التي لا تتردد في استقطاب أي مبدع كبير إلى عالمها. رفض (فيلليني) أن يدخل رئتيه هواء آخر، كان يعرف دون أي شك أن مساحة الابداع التي ستتاح له ستكون اقل وهو بالاساس ليس لابداعه حدود وليس لخياله سقف. ولك أن تتخيل أن هذا الرائع الذي لم يدرس الفن السينمائي، كان أحيانا يغير في سيناريوهات ومشاهد أفلامه في بلاتوه التصوير، أي أن بعض أفلامه جاءت كلوحات ارتجالية، وبقدر من الغرابة وقليل من الواقعية وبكثير من الابداع عاش الفنان العملاق “أسطورته الشخصية”، على حد تعبير ساحر الصحراء (باولو كويلو) في رائعته “الخيميائي”.

بداية متعثرة ونور في نهاية الأفق:rnلم تكن بدايات (فيلليني) تبشر بمثل هذا النجاح الأسطوري وإن كان تبشر بشيء مختلف، واعد ومتفجر بالحيوية. دون الدخول في تفاصيل سيرته الذاتية التي يمكن للجميع قراءتها من مصادر أخرى، أتوقف عند نقطة أن (فيلليني) كان أروع مثال للفنان الشامل، فقد امتهن التمثيل في أفلام قليلة واشترك في كتابة سيناريوهات العديد من الأفلام، وهو كاتب قصة قصيرة وكاتب للمقالات ومقدم برامج اذاعية ورسام كاريكاتور، كما أنه كان يرسم مشاهد أفلامه المثيرة للجدل بنفسه بكل ما فيها من تصورات للمجاميع والازياء والديكورات وغيرها.

كانت له تجارب مبكرة في الاقتباس للسينما، لكن علاقته بالمخرج الكبير (روبرتو روسيليني) كانت بابه لدخول عالم السينما الواسع، فأشركه ممثلا بالاضافة لاشتراكه في كتابة سيناريو فيلم ” 1945 – Roma, città aperta ” وتعاون معه (فيلليني) في سيناريو عدة أفلام من أهمها ” 1946 – Paisà ” .rnفي هذه الفترة كانت “الواقعية الايطالية الجديدة” تفرض نفسها كمدرسة سينمائية تلمس جراح المجتمع، وتحديداً قاع المجتمع. نماذج حياتيه مألوفة وتمتزج معالجاتها الفكرية بذكريات الحرب التي كانت السبب الرئيسي لمعاناتهم.rnأخرج (فيلليني) أول أفلامه ” 1950 – Luci del varietà ” بالاشتراك مع (ألبرتو لاتوادا) ولم يلقى النجاح المنتظر وكان كارثة مالية ظل (فيلليني) و (لاتوادا) يعانيان منها لعشر سنوات.rnأخرج بعد ذلك فيلمين قبل أن يلقى النجاح الرائع مع فيلم ” 1954 – La Strada ” حيث دوت شهرته الآفاق مع فوزه بجائزة الأوسكار ومع الاستحسان الكبير من جمهور السينما له وكان ولا يزال من أجمل الكلاسيكيات في تاريخ السينما. ثم اتبع ذلك بفيلمه الرائع ” Le Notti di Cabiria – 1957 ” الذي حصد جائزة الأوسكار أيضاً فأصبح وهو في السابعة والثلاثين من العمر يحمل في جعبته جائزتين للأوسكار!

(فيلليني) — “فيللينيسك”:rnكشاب ضاقت عليه ملابسه القديمة وأراد أن يخلعها، شعر (فيلليني) أن حدود “المدرسة الواقعية الجديدة” على أقصى اتساعها لم تعُد ترضي طموحاته وخيالاته الجامحة، فانقلب عليها وكان له الفضل مع العملاق الآخر (أنطونيوني) في الاجهاز على تلك المدرسة السينمائية الرفيعة وللأبد.

لكن ما ميز (فيلليني) أنه اتجه إلى أبعاد جديدة في العقل البشري، في اللاوعي. واعتمد على مدارس بعينها في التحليل النفسي وما إلى ذلك. وتميزت أفلامه بالذاتية الشديدة وبسبر أغوار عالم الأحلام والأساطير والفن والدين أيضاً.

ومن أجمل ما قرأت على الاطلاق في وصف الفن، ما قاله (فيلليني) دفاعاً عن خصوصية أفلامه: ” الفن هو سيرة ذاتية للفنان، إن اللؤلؤة هي السيرة الذاتية للمحارة “.

تلك الفترة الذهبية من تاريخ السينما العالمية في عقد الستينات، قدم فيها مجموعة من الأفلام الفريدة، منها ” La Dolce Vita – 1960 ” و ” 1963 – 2/1 8 ” و ” Giulietta degli spiriti – 1965 ” و ” Satyricon– 1969 “rnوأتبعها برائعتيه الخالدتين ” Roma – 1972 ” و  Amarcord – 1973 ” وبرأيي أن معين ابداع الراحل بدأ في النضوب بعد فيلمه الغريب والمثير” Il Casanova di Federico Fellini – 1976 “.rnوبدأت المشاهد الكرنفالية المبهرة تصبح سمة مميزة لأفلامة التي تتناول بعداً تاريخيا أو إرثا معين، كما أن سريالية أفلامه جعلت البعض ينظر لها باعتبارها مدرسة فنية قائمة بذاتها وأطلقوا عليها اسم “فيللينيسك” أو “مدرسة فيلليني”.
خفوت الشعلة:rnفي عقد الثمانينات وهي فترة كساد قاتمة للسينما الإيطالية، لم يستطع (فيلليني) تأمين الموارد الكافية لانتاج أفلامه والتي بدا أن الذوق العام بدا يتجاوزها خصوصا مع طغيان التلفاز، فقل انتاجه ومنيت أفلامه بعدم قبول على المستويين النقدي والتجاري. إلا أن أسطورة الفنان الكبير كانت حية بوجوده وكان الأمل يحذو الكثيرين أن تتوهج الشعلة من جديد لكن القدر لم يمهله.rnوقد حاز على رصيد هائل من التقدير والجوائز لعل أهمها 12 ترشيح للأوسكار، وفازت أربعة من أفلامه ب 4 جوائز أوسكار “أفضل فيلم أجنبي”، وسعفة ذهبية من مهرجان “كان”، وأسدين فضيين من مهرجان “فينيسيا”.

(فيديريكو) و (جولييتا):rnعلى غرار (روميو) و (جولييت) التقى (فيلليني) برفيقه عمره الممثلة الإيطالية (جولييتا ماسينا) عام 1942، وتزوجا بعدها بعام ليكونا واحداً من أنجح الزيجات الفنية في تاريخ السينما، فأخرج لها عدة أفلام منها أفلام ” La Strada – 1954 ” و ” Le Notti di Cabiria – 1957 ” و ” Giulietta degli spiriti – 1965 ” و ” Ginger e Fred – 1986 ” .
لكن حياتهما اصطدمت بأحداث أليمة حين فقدت (جولييتا) حملها الأول نتيجة حادث، وحين مات ابنهما الأول (بييرفيديريكو) بعد ولادته بشهر ليحرما بعدها من الأبناء طوال زواجهما الذي امتد 50 عاماً.

ومن غرائب الأقدار أن يتوفي العملاق (فيديريكو فيلليني) عام 1993 بعد يوم واحد فقط من عيد زواجه الخمسين وبعد أن أمهلته الحياة فرصة تكريمه بجائزة أوسكار شرفية عن مجمل أعماله في العام نفسه. ثم تلحق به زوجته (جولييتا ماسينا) بعد 6 أشهر نتيجة اصابتها بسرطان الرئة وليدفنا معاً ومع ابنهما المتوفي في مقبرة واحدة في مسقط رأسه بمدينة “ريميني”.

وفي النهاية أذكر ل (فيلليني) قولاً يصف به فنه فيقول: “أقدم أفلاماً تحكي قصة وأكاذيب وتقدم المتعة”!

عن جلال عامر – صحيفة المصري اليوم

تحميل كتب لفيلليني

* أنا فيلليني إعداد: ش.شاندلر – ترجمة: عارف حديفة

*حوار مع فدريكو فيلليني أجرى الحوار: جيوفاني جرازيني – ترجمة: أمين صالح | سبق وأن لخصته في تدوينة سابقة بالعنوان نفسه على هذا الرابط.

عن جريدة المصري اليوم

المدى العراقية في

11.02.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)