كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

«زنجي أميستاد» لبربارا تشيس - ريبو:

الإبداع يفضح الاضطهاد العرقي

ابراهيم العريس 

 

بعد عام ونيّف تقريباً من العرض المزدوج لفيلمين أميركيين أعادا الى الساحة الثقافية من جديد تاريخ استرقاق الزنوج في أميركا الشمالية وأتى كل منهما رائعاً على طريقته، ونعني بهما طبعاً «جانغو طليقاً» لكونتن تارانتينو و «لنكولن» لستيفن سبيلبرغ، ها هو فيلم سينمائي جديد يغزو الصالات ويترشح بدوره لأكثر من جائزة أوسكار واحدة خلال الأسابيع المقبلة. وهو فيلم «عبد طوال 12 عاماً» لستيف ماكوين. ومهما يكن من أمر، فإن كل هذه الأفلام إنما تأتي لتذكرنا بتراث طويل عريض من الأدب والفن الأميركيين، عرف كيف يعالج هذه القضية التي اعتادت ان تقضّ مضاجع المبدعين الأميركيين. ولعل المناسبة تصلح هنا للعودة الى عمل أدبي مميز في هذا المجال اقتبس عنه سبيلبرغ فيلماً سابقاً له عن تاريخ اضطهاد الزنوج واستعبادهم في أميركا، وهو رواية «زنجي أميستاد».

> عندما اصدرت الكاتبة (والرسامة والنحاتة الاميركية) بربارا تشيس - ريبو، روايتها «زنجي أميستاد» في العام 1989، لم يستغرب الامر سوى الذين كانوا لا يعرفون هذه الكاتبة، ولا يعرفون بالتالي ان قضية استعباد السود على مدى التاريخ، كانت بالنسبة اليها قضية القضايا، فبربارا كان سبق لها ان اصدرت كتابين يتحدث اولهما عن حكاية الغرام بين الرئيس الاميركي توماس جيفرسون وعبدة سوداء، والثاني عن سوداء شابة تمكنت بدورها من ان تصبح سلطانة تركيا بزواجها من محمود الثاني. أما في «زنجي أميستاد»، فإنها توسع نطاق الحكاية لتتناول حكاية ثورة قام بها زنوج كانوا ينقلون على متن السفينة «أميستاد» («الصداقة»، بالاسبانية) ليباعوا عبيداً في اميركا، خلال العام 1842. والحال ان الكاتبة، كما سنرى، لم تتوخ الاكتفاء بحكاية تلك الثورة التي دنا منها الأدب المعادي لاستعباد السود مرات عدة، بل كان همها ان ترسم من خلال تلك الحادثة، صورة جغرافية - استراتيجية للصراعات التي قامت خلال ذلك العصر بين أمم عدة انطلاقاً من قضية استعباد السود، لتصل الى حقيقة خلفية كل موقف من المواقف. ومن هنا تصبح هذه الرواية، سرداً للعلاقات السياسية بين أمم الغرب، بقدر ما هي رواية مغامرات تطاول قضية السود.

> في المقام الاول اذاً، لدينا حكاية مغامرة عجيبة تعيشها في الرواية مجموعة من الزنوج الأفارقة الذين كانوا كالعادة اختطفوا من قراهم وأدغالهم الافريقية ثم جمعوا من جانب تجار الرقيق ليشحنوا على متن السفينة «أميستاد» حتى يصار الى المتاجرة بهم في العالم الجديد، ولا سيما في الولايات المتحدة الاميركية، وذلك على رغم ان هذه الاخيرة كانت اصدرت قبل ربع قرن من ذلك قراراً دستورياً يمنع استيراد العبيد والمتاجرة بهم. ويحدث ان يتمكن الزنوج على متن السفينة من ان يثوروا على جلاديهم وحراسهم ويسيطروا على الامور. ولكن اذ كانوا لا يزالون في عرض البحر، كان لا يزال عليهم ان يقودوا السفينة وهذا ما لم يكن أي منهم يحسنه، لذلك ارتأى قائد الثورة الزنجي سنغبي بييه، ان يبقي على حياة اثنين من البحارة لكي يقودا السفينة ويوصلا الزنوج الى بر الامان، على رغم انهما ابيضان. غير ان هذين يوصلان السفينة، خداعاً، الى نيوانغلند، بعد مشقات كثيرة، وهناك يحاصر الجنودُ السودَ ويسجنونهم... ولا يكون امام هؤلاء إلا ان ينتظروا المحاكمة التي تعقد «لمالكيم» الذين أُسروا بدورهم وهم من المهربين الاسبان الآتين من كوبا.

> اذاً، يدور الجزء الاساس من الرواية حول تلك المجموعة من السود الافريقيين الذين يجدون انفسهم ضائعين لا يعرفون ماذا ينتظرهم حقاً وسط عالم البيض، وليس لديهم من يعتمدون عليه من اجل اوضاعهم القانونية غير بحار اسود كان الانكليز قد حرّروه من العبودية. وها هو حر طليق يساعد إخوانه. وهنا من خلال هذه الشخصية تدخلنا الكاتبة في عالم السياسة الكبيرة. لقد اشرنا الى ان انكلترا كانت هي التي حرّرت ذلك العبد ممكّنة اياه من ان يصبح سيداً في مجتمعه.. فلماذا انكلترا؟ ان هذه الامة التي كانت اول الامر، وطوال ما يقرب من قرنين، قد حققت ثروات طائلة من خلال المتاجرة بالعبيد، سرعان ما تحولت منذ بداية القرن الثامن عشر لتجعل من نفسها بطلة تحرير العبيد ومناضلة ضد استعبادهم. ولكن لا يتخيلنّ احد هنا ان انكلترا كانت تفعل هذا انطلاقاً من مبادئ اخلاقية أو نزعات انسانية. ابداً. كان همها الاول استراتيجيّاً... اذ كانت ترى في ذلك الموقف اداة صراع عنيف تخوضه ضد اسبانيا ضمن اطار التنافس الاستعماري بينهما. كما كانت ترى فيه من ناحية اخرى وسيلة للضغط على الولايات المتحدة الاميركية، مستعمرتها السابقة التي كانت انفصلت عنها وراحت تحلّق بجناحيها.

> وكما يمكننا ان نتصور، ادت القضية كلها، كما ادى تدخل بريطانيا العلني فيها، الى انتقال المعركة في حد ذاتها لتصبح معركة اميركية - اميركية، وبالتحديد: صراعاً بين المنادين بإلغاء العبودية استناداً الى ما جاء بصراحة في اعلان الاستقلال الاميركي، وبين الآخرين من المنادين بالإبقاء على العبودية لضرورات اقتصادية. وفي حمأة هذا الصراع انقسمت اميركا فريقين يسود بينهما صراع مبادئ ومصالح، لا يخلو من الأهواء والعنف، ولا سيما بين مناصري العبودية، والمنادين بإلغائها، علماً أن في صفوف هؤلاء كان ثمة كثر من بورجوازيين تفيدنا المؤلفة بأن غاياتهم لم تنبع من تعاطف حقيقي مع السود، بقدر ما نبعت من واقعية كانت تمكنهم من التعاطي مع مسيرة الزمن... وفي هذا الاطار توضح لنا المؤلفة ان بعض الولايات الاميركية كان مع العبودية، قانونياً، وبعضها ضد العبودية (وهو ما سيقود الى الحرب الاهلية التي تلت قرار ابراهام لينكولن إلغاء العبودية من الولايات كلها... لكن هذه حكاية اخرى بالطبع).

> وهكذا، بعد ان ترسم لنا الكاتبة صورة الصراعات الدولية التي كانت انكلترا محورها، وقضية العبيد منطلقها، وإسبانيا ضحيتها، والولايات المتحدة ميدانها الخصب، تعود بنا الى المحاكمة نفسها والتي ينتظرها العبيد المأسورون بعد تمردهم، لكي يعرفوا ماذا سيكون مصيرهم... وهنا ايضاً توضح لنا الكاتبة كيف ان هذه المحاكمة دارت وسط مناخ من النصب والاحتيال والضـغوطات والمصالح الـسياسية. وفي خـضم حديـثهـا عن مـسار المحاكمة وسـبرها لذكـريات السـود انفسـهم واسـتعراضـها تـفاصيل حياتهم، ها هي الكاتبة ذات لحظة تفيدنا بأن هـؤلاء السود في مـجاهــل قراهم، وبـلدانهم الافريقية كانوا قد عرفوا قضاء وعدالة. قد لا يكونان متقدمين تقنياً، لكنهما بالتأكيد كانا اكثر صدقاً مما يعيشونه هنا وأكثر انسانية. وفي هذا التأكيد اجرت الكاتبة محاكمة سياسية - تاريخـية حقـيقـية للـبلدان «المتمدنة» التي لم تتوقف عن التأكيد انها انما حمـلت رسـالة الـحـضارة والمـدنـية الى كل بلد استعمرته.

> كل هذا ترويه الكاتبة في هذا النصّ على رغم قلة عدد صفحاته، وهي ترويه في بعد يتجاوزه كرواية لنصبح امام نصّ تاريخي وحقوقي ومتعلق بشرعة حقوق الانسان، ما يعطي الكتاب قيمة تتجاوز قيمته الادبية... اما من الناحية الادبية، فإن الكاتبة بذلت، كما هو واضح، جهداً كبيراً ليأتي كتابها ممتعاً للقراء. ومن هنا نجد حرصها على وصف التفاصيل والإسهاب في تناول المواقف والدقة في الحوارات، مركزة على العنف النفسي الذي جوبه به السود الذين خطفوا من عالم طفولتهم وشبابهم، ليرموا هكذا في وسط عالم البيض المعقد والقاسي... ولقد عرفت الكاتبة هنا ايضاً كيف تقدم وصفاً لحالات الغضب وحالات الفرح، لعلاقات الصداقة والتكافل... متنقلة بين هذا العالم الصغير، والعالم الكبير حيث الصراعات الاستراتيجية، و «مبادئ» المصالح، لا مبادئ الاخلاق، التي غالباً ما جعلت الامم المتمدنة تعلن قوانينها ضد الاستعباد، ولكن بعد قرون من الاستفادة من ذلك الاستعباد.

> بربارا تشيس - ريبو، المولودة في العام 1939، عرفت اذاً كنحاتة ورسامة وشاعرة ايضاً. وهي خاضت، على المستوى الابداعي والاجتماعي معارك نضالية عدة ضد التمييز العنصري، ولا سيما في الستينات. وهي اعلنت دائماً ان اعظم قانون سُنّ في الولايات المتحدة كان ذاك الذي أقرته المحكمة العليا محولة فيه وضعية الزنوج العبيد الى وضعية مواطنين احرار. وهو - بالتحديد - القانون الذي انهى قضية زنوج أميستاد.

alariss@alhayat.com

الحياة اللندنية في

11.02.2014

 
 

«ملحمة غوستا برلنغ» لسلمى لاغرلوف:

الحب المحرّم في ربوع اسكندنافية

ابراهيم العريس 

يبقى اسم «غوستا برلنغ»، بالنسبة إلى هواة السينما، مرتبطاً باسم الآنسة غوستافسون التي سيخلدها تاريخ السينما باسم غريتا غاربو. صحيح أن «ملحمة غوستا برلنغ» لم يكن فيلمها الأول، لكنه كان الفيلم الأول الذي يحمل في ملصقاته اسمها الجديد الذي اختاره لها مكتشفها المخرج موريتس ستيلر الذي ما لبث أن رافقها إلى هوليوود، بعد بدايتيهما السويديتين، وسرعان ما انطفأ هو لتحقّق هي، في عاصمة السينما الأميركية والعالمية، مجدها الكبير.

> حقق موريتس ستيلر هذا الفيلم في عام 1923، يوم كانت السينما لا تزال صامتة، وكان واحداً من أوائل الأفلام السويدية التي حققت نجاحاً عالمياً. طبعاً، يمكن أن يعزى هذا النجاح إلى حضور غريتا غاربو في الفيلم، لكن هذا لا يكفي، إذ إن العنصر الرئيس هنا هو حكاية الفيلم نفسها. فالحكاية مقتبسة من رواية شهيرة للكاتبة سلمى لاغرلوف التي كانت اشتهرت بحصولها على جائزة نوبل للآداب. وكانت «ملحمة غوستا برلنغ»، أول رواية كتبتها لاغرلوف، وهي نشرتها في عام 1891 لتنقل إلى الملأ مناخ الأساطير والحكايات الشعبية كما كان سائداً في مسقط رأسها، منطقة «فورملاند» السويدية. من هنا، حين عرض ستيلر فيلمه، كان الناس جميعاً ينتظرونه، إذ إن معظم السويديين، وعدداً كبيراً من الأوروبيين، كانوا قرأوا الرواية، وباتوا على تماس تام مع أحداثها، ومناخاتها.

> رواية سلمى لاغرلوف طويلة، وتقع في جزءين، وتشمل أحداثاً تمتد على مدى طويل من السنوات، كما أنها مملوءة بالشخصيات والحبكات الجانبية. من هنا، حين حقق ستيلر فيلمه، كان عليه - في الطبع - أن يختصر ويكثف، غير أن الكاتبة نفسها لم يفتها، حين شاهدت الفيلم، أن تشير إلى أنه أتى أميناً لروح روايتها، مكثّفاً أحداثها. من هنا، اعتبر الفيلم، في ذلك الحين، نوعاً من المصالحة بين الأدب وفن السينما.

> مهما يكن من أمر، فإن ما استعاره موريتس ستيلر من رواية سلمى لاغرلوف وركّز عليه، إنما كان الشخصيات الأساسية والأحداث الرئيسة. وفي مقدم ذلك بالطبع شخصية غوستا برلنغ نفسه، ذلك القسيس الشاب الذي بدا للرعية، منذ بداية تسلمه الأبرشية، في «الفورملاند»، غريب الأطوار، ميّالاً إلى ممارسة نوع من السحر على النساء اللواتي، إذ يفتنهن جماله وبساطته، يغضضن الطرف عن ميله إلى الشراب وضروب الفسق. وكان يمكن الأمور أن تبقى على تلك الحال لولا أن أعيان الرعية يتأففون من الوضع لينتهي بهم الأمر إلى إبلاغ المطران رغبتهم في التخلص من القسيس الشاب. وإذ يستجيب المطران لذلك الطلب يكون منه أن يطرد غوستا برلنغ من الرعية بل حتى من البلدة كلها، فيهيم المنبوذ وقد أضحى منبوذاً بأمر من السلطة الكنسية، على وجهه في البراري شريداً مطارداً، حتى اللحظة التي ينضم فيها إلى عصبة من «الفرسان» تطلق على نفسها اسم «فرسان أكباي».

> ومنذ لحظة اللقاء تختلط حياة غوستا برلنغ بحياة «الفرسان» الذين هم في مجموعهم جنود سابقون يعيشون حياة مغامرات وبوهيمية، وكل واحد منهم يعتقد نفسه فناناً خطيراً. وتتزعم هؤلاء جميعاً سيدة يطلقون عليها اسم «المعلمة». وإذ ينضم غوستا برلنغ إلى المجموعة، يخيّل إليه أنه بدأ هذه المرة حياة هادئة ممتعة مليئة بالمغامرات الآمنة وبالرفاق والشراب وما شابه ذلك، ولكن حتى هنا يبدو أن سوء الحظ يصرّ على مطاردة القسيس السابق، حيث تتدخل الأقدار لتسوء العلاقات بين الفرسان، ويصل بعضهم إلى حدّ اتهام «المعلمة» بالزنى ما يدفع بزوجها إلى طردها فتنطلق هي الأخرى هذه المرة لتعيش حياة تشرّد وتسوّل بينما يسيطر الفرسان على المكان في شكل كامل، مطلقين العنان لفسادهم ولا مبالاتهم، فيتوقفون عن استغلال المناجم التي كانت تؤمن لهم رخاء العيش، ويبذّرون ما كان تراكم قبلاً من خيرات. أما بالنسبة إلى غوستا برلنغ، فيبدو واضحاً أن لعنة ما حلت عليه هو نفسه الآن بعدما كان اعتاد أن يحمل سوء الطالع إلى الآخرين.

> هكذا، يسوء وضعه كما يسوء وضع الفرسان في شكل عام، ويبدأ القوم معاملتهم بغلظة مجبرين إياهم على العودة إلى العمل إن هم أرادوا مواصلة عيشهم. ويتبين أن ما حلّ بهم، إنما كان بسبب سوء معاملتهم تلك المرأة التي كانت طيبة على الدوام معهم. ويحدث أن تعود «المعلمة» إلى المكان، في اللحظة التي تكون أوضاع الفرسان وصلت إلى الحضيض. تعود لتموت هناك، لكنها قبل موتها تعلن أمامهم أنها سامحتهم على إساءتهم تجاهها. سامحتهم نعم، لكن ذلك لن يعيد الأمور إلى ما كانت عليه من قبل. هكذا، إذ يتلقون ذلك السماح بفرح ورضى، ينتهي الأمر بهم إلى أن يتفرقوا، كل واحد منهم في جهة، بمن فيهم غوستا برلنغ.

> طبعاً، لم يكن هذا تماماً ما صوّره موريتس ستيلر في فيلمه. بل إنه ركز على سرد فصول من حياة غوستا برلنغ، قبل طرده وبعده، جاعلاً من حياة الفرسان الآخرين ومغامراتهم مجرد إطار لها. من هنا، يركز الفيلم على حكاية هيام «المعلمة» مرغريتا بالقسيس الشاب. وهي إذ تجد صدّاً منه، وإذ تفيق لديها فجأة ذكريات غرام قاتل مضى في حياتها، تجد نفسها تواقة إلى «التطهر» من كل ذلك، تحرق البيت فتسجن. وفي النهاية تجد نفسها مضطرة إلى التخلي عن حبها لغوستا برلنغ أمام حب آخر يعيشه هو مع الحسناء إليزابيث المتزوجة أيضاً بشخص بليد لا معنى له. وإليزابيث هذه كانت أغرمت سابقاً بغوستا برلنغ لكنها لم تعترف لنفسها بذلك الحب. عند ذلك الحد من الحكاية تنضم إليزابيث إلى غوستا برلنغ الذي نجا من الحريق، وتهرب معه إلى الغابات المغطاة بالثلوج، وهناك تبدأ الذئاب الضارية بمطاردتهما، لكنهما يتمكنان من الإفلات، ويقرر غوستا برلنغ أن يعيد إليزابيث إلى ديارها وإلى زوجها، ولكن، إذ يصلان إلى المدينة، تكتشف إليزابيث أن ليس في وسعها البقاء مع هنريك، زوجها، أكثر من ذلك. تكتشف أنها لم تعد قادرة على أن تحيا من دون غوستا برلنغ. ويقرر الاثنان البقاء معاً، على رغم كل شـيء، أما غوسـتا فيبدأ بإعادة بناء ما دمره الحريق.

> إن الفارق في الأحداث بين الفيلم والرواية كبير، غير أن هذا لم يمنع الفيلم من أن يعكس ما تتضمنه الرواية من تركيز على عالم الفولكلور الاسكندنافي ذي الخصوصية: الحب المحرّم الذي يقع فيه القسيس، الجولات الصاخبة في الليل الثلجي، حكاية «الفرسان» وما فيها من عناصر مغامرة وبوهيمية... إلى آخره. صحيح أن الفيلم ضيّق إطار المكان الذي تدور فيه الأحداث، محولاً الحيز المكاني من آفاق الطبيعة الواسعة، إلى أماكن خاصة مغلقة في معظم الأحيان، غير أن روح الانعتاق والعلاقة مع الطبيعة ظلت ماثلة، ما جعل الفيلم يعتبر مثالياً في هذا المجال، وواحداً من أوائل الأفلام الأدبية في تاريخ السينما.

> ولدت سلمى لاغرلوف عام 1858 في مدينة مارباكا في منطقة الفورملاند السويدية التي جعلتها مسرح معظم رواياتها. أما «ملحمة غوستا برلنغ» فكانت روايتها الأولى، كتبتها ذات لحظة سأم في حياتها، حين كانت بدأ تخوض مهنة التدريس «المضجرة» وفق ما تقول. وحققت الرواية نجاحاً كبيراً منذ نشرها، وجعلت القراء يقبلون أكثر فأكثر على قراءة هذا النوع من الأدب الذي يمجد العواطف في الوقت نفسه الذي يمجد الطبيعة والعلاقة معها. وعاشت سلمى لاغرلوف حتى عام 1940، وكتبت عشرات النصوص، منها نص عن «القدس» كتبته إثر عام أمضته بين مصر وفلسطين أوائل القرن العشرين. وهي نالت جائزة نوبل للآداب في عام 1909 عن كتابها «مثالية شامخة، خيال حي، وتلف روحي»، ومع هذا تظل «ملحمة غوستا برلنغ» أهم أعمالها وأجملها، هي التي عرفت كذلك بمناصرتها حقوق المرأة، ووقوفها إلى جانب السلم وضد الحروب كافة.

alariss@alhayat.com

الحياة اللندنية في

11.02.2014

 
 

«مراسلات فرويد/ يونغ»:

صراع بين أنانيّتين

ابراهيم العريس 

قبل سنتين من الآن فاجأ المخرج الكندي عالم السينما بفيلم بديع وعنيف عن بدايات التحليل النفسي سمّاه «منهج خطير». صحيح أن الفيلم ركّز في شكل أساس على علاقة يونغ بمريضته سابين التي بعدما كانت في حالة هستيرية عنيفة، تحولت لتصبح محللة نفسية أيضاً، ولكن بعدما مرت بفترة كانت فيها عشيقة له ثم مناصرة ضده لفرويد، غير أن الفيلم مرّ في طريقه على بدايات الصراع بين فرويد نفسه ويونغ، وهو صراع قد يحتاج في حد ذاته إلى أكثر من فيلم ومجلّد. فبين عام 1905 وعام 1912، كانت العلاقة بين سيغموند فرويد وكارل غوستاف يونغ، علاقة مثالية. فبين مؤسس التحليل النفسي وزعيم مدرسة فيينا، من دون منازع، كان تيار الود مر في شكل رائع، منذ أعلن الشاب يونغ في حديثه مع فرويد أن شبان التحليل النفسي وعلم النفس في مدينة زيوريخ يقدرونه كل التقدير، وأنهم «امتشقوا أسلحة الدفاع عنك بكل قوة في مواجهة الذين كانوا أعلنوا رعبهم عند قراءة كتابك الأخير» كما قال يونغ للمعلم الكبير. وطبعاً، كان يونغ واحداً من أولئك الشبان، بل إنه - وكما سيعرف فرويد بسرعة - كان محرضهم على الوقوف مناصرين لفرويد ضد أنصار «الدقة القديمة» من الذين أثار الكتاب المذكور غضبهم. والكتاب هو «ثلاث دراسات حول نظرية الجنس»، أما ما أثار الغضب فهو أن فرويد تحدث في هذه الدراسات وباستفاضة، عن ليبيدو الأطفال، ذلك الموضوع الذي كان محرّماً حتى ذلك الحين. المهم أن إبلاغ يونغ فرويد بذلك الموقف كان بداية صداقة طويلة وعميقة بين العالمين. كان من شأنها أن تمتد طويلاً، لولا أن العلاقات قطعت فجأة عام 1912، ليكون يونغ أثر ذلك واحداً من أبرز خصوم فرويد بل أعدائه، وليس على الصعيد العلمي فقط، بل - وهذا أدهى - على الصعيد الشخصي أيضاً، خصوصاً على الصعيد الشخصي لأن الحقيقة التاريخية تقول لنا إن الخصومة بدأت شخصية، وربما ظلت شخصية دائماً، إذ إن يونغ، من الناحية العلمية لم يقف في شكل جدي ضد نظريات فرويد، بل طوّرها وفي شكل كان يمكن فرويد نفسه أن يطورّها به، لو أنه تعمّق، حقاً، كما فعل السويسري يونغ في ربط الدين والأساطير ومسائل اللغة وما إلى ذلك، بالتحليل النفسي. والحال أننا إذا بحثنا عن نقطة مركزية نعيد إليها بداية القطيعة، سنجدها في عبارة جاءت في واحدة من آخر الرسائل التي تبادلها فرويد مع يونغ، ويقول هذا الأخير فيها إنه «اكتشف لعبة فرويد الحقيقية: إنها لعبة تقوم على رفع الأستاذ نفسه ومكانته على الدوام بحيث يظل يشغل موقع الأب الأعلى محولاً تلاميذه إلى أبناء طيّعين ما يخلق لديهم حالاً من العُصاب الحقيقي». «أما أنا، يضيف يونغ، فإنني لست مصاباً بأي عُصاب على الإطلاق». ولقد كان رد فرويد يومها «... لا يتعين على أي منا أن يخجل إن اكتشف أن لديه نصيبه من العُصاب».

> هاتان العبارتان وضعتا، يومها، نهاية لصداقة طويلة. ولكن، أيضاً، لمراسلات بين الرجلين كانت تواصلت على مدى سبع سنوات، نجم عنها كتاب ضخم، حين نشر، نشر على جزءين لا يقل عدد صفحات كل منهما عن أربعمئة صفحة. ونعرف اليوم أن هذه الرسائل المتبادلة تشكل جزءاً أساسياً من تاريخ حركة التحليل النفسي، كما من السيرة الشخصية لكل واحد من الرجلين. وإذا كان مؤلفون ومؤرخون كثر وضعوا كتباً عدة تؤرخ للصداقة ثم للقطيعة بين سيغموند فرويد وكارل غوستاف يونغ، فإن كتاب المراسلات هذا، يشكل في الحقيقة أفضل نص يروي الحكاية كلها، بما فيها حكاية القطيعة... شرط أن يعرف القارئ كيف يقرأ بين السطور منذ البداية، ثم كيف يتنبه إلى الكيفية التي تطوّر بها أسلوب التراسل بين الرجلين. فعلى سبيل المثل نلاحظ أن يونغ يبدأ رسائله الأولى بعبارة: «سيدي الأستاذ المبجّل جداً»... لكنه لا يلبث أن يتحول بسرعة إلى «سيدي الأستاذ العزيز» بادئاً برفع الكلفة مع أستاذه الذي كان بدأ يطلق عليه في الرسائل ألقاباً واعدة مثل «يا رجل المستقبل» أو «أيها الأمير الوارث» و «يا ولي العهد». والحقيقة أن فرويد كان يرى في يونغ في ذلك الحين، عالماً صاعداً وقادراً على أن يأخذ بيد التحليل النفسي إلى آفاق شديدة الجدة، وهو ما فعله يونغ حقاً.

> غير أن الذي حدث بعد تلك البدايات الشديدة الود، هو - وكما نلاحظ في الرسائل - أن ملاحظات الأستاذ على بحوث يونغ، بل حتى على رسائله، وربما أيضاً على حياته الشخصية، راحت تأخذ أكثر وأكثر طابع الوصاية، وشيئاً من الحذر. إذ هنا، بمقدار ما راح يونغ يتباسط مع الأستاذ ويتحدث إليه - بفخر زائد عن حده، وفي أحيان كثيرة بنوع من التفاخر الذي بدا وكأنه يطاول فكر الأستاذ نفسه، في شكل يوحي بأنه ما كان في استطاعته حتى لو أراد أن يصل إلى عمق ما توصّل إليه التلميذ - كان فرويد يضمّن رسائله تحذيرات وضروب رفض وتساؤلاً سلبياً، كان من شأن يونغ أن يعتبرها ضرباً من وضع العصي في دواليب تقدمه. وفي اختصار، يمكن القول فيما كانت رسائل السنوات الأولى، بقلم يونغ، خالصة في ولائها للأستاذ، وفي المقابل، بقلم فرويد، معلنة صداقة وارتياحاً إزاء التلميذ، راحت رسائل السنوات الأخيرة تبدو نديّة في أحسن أحوالها. وكان من الطبيعي لـ «أنا» فرويد التي كانت في ذلك الحين أخذت بالتضخم أكثر وأكثر، ألا ترتاح لمثل هذه الندّيّة. هكذا، كان لا بد مما ليس منه بد. كان لا بد من القطيعة التي صارت ناجزة في عام 1913.

> كان هذا شأن الرجلين، ولكن ما الذي كان من شأن الرسائل؟ بكل بساطة اختفت في ذلك الحين تماماً. فيونغ من ناحيته وضع مجموع رسائل فرويد في مخبأ في جدار مكتبه من دون أن يخبر أحداً بذلك. أما فرويد، فإنه وضع رسائل يونغ في دولاب و... نسيها تماماً. ولاحقاً حين سيجبر فرويد على مبارحة فيينا الغارقة في النازية أكثر وأكثر، ستكون تلميذته ماري بونابرت من ينقذ الرسائل و... تحتفظ بها آملة في نشرها ذات يوم. غير أنها كانت تعرف أنها لا يمكنها نشر تلك الرسائل من دون أمرين: أولاً رسائل فرويد إلى يونغ، وثانياً تصريح قانوني من يونغ بنشر الرسائل، غير أن هذا، حتى وإن كان أخبر ولديه إرنست وفرانز، بأمر الرسائل، فإنه كان يصر على عدم السماح بنشرها قبل حلول عام 2010، لكن وصيته هذه لم تنفذ تماماً، إذ إنه مات في عام 1961، وقرر ولداه، في محادثات ومداولات مطولة مع الأطراف الأخرى المعنية، السماح بنشر الرسائل، ولكن ليس قبل مرور عقد على موت كارل غوستاف. وهكذا كان، لتنشر مجموعتا الرسائل خلال النصف الأول من سبعينات القرن العشرين بالألمانية أولاً، ثم مترجمة إلى لغات عدة لاحقاً. ولقد كان نشر المجلدين مناسبة لإعادة الحديث عن جزء أساس من تاريخ التحليل النفسي، ولكن أيضاً للحديث عن جزء من مصير كل من فرويد ويونغ. إذ إن نصوص الرسائل لم تكن لتتوقع أن يسير العالمان، لاحقاً كل في طريق، من الناحية السياسية، ومن ناحية ربط السياسة بالتحليل النفسي: ففي الوقت الذي سلك فرويد طريق المنفى هرباً من النازيين الذين أحرقوا كتبه وأوراقه، ولم يتوقف هو عن مهاجمتهم، وصلت الأمور بكارل غوستاف يونغ إلى حد أنه جعل من نفسه، على الأقل، مهادناً للنازية، إن لم نقل، رفيق درب لها. بل يقول الباحث الفرنسي روجيه دارون الذي اشتغل طويلاً على حياة الرجلين وأعمالهما مستنداً إلى هذه المراسلات نفسها، أن يونغ آمن بنوع من الصوفية المستندة إلى بعد هتلري لا لبس فيه، هو الذي كان يردد في رسائله إلى فرويد أنه يكره «الشعب المبتذل كراهية عميقة» تضاف، علمياً إلى ضروب كراهية أخرى عبّر عنها في رسائل كثيرة، لا سيما من رسائل السنوات الأخيرة، تطاول المثليين جنسياً، والنساء والغرائبيات الشعبية، مقابل احترام مفرط للتراتبية الأكاديمية. وهي تعابير كان فرويد يكتفي رداً عليها، في رسائله الجوابية، إما بالصمت تماماً حيالها، وإما بالتعبير عن مواقف عقلانية لربما كانت هي ما أغاظ يونغ كثيراً.

> في الحقيقة كانت القطيعة بين فرويد ويونغ، قبل اكتشاف تلك المراسلات ونشرها، تتخذ لدى الباحثين سمات شديدة العلمية، ما يدفعهم إلى التفريق المقارن بين كتابات هذا وذاك من أساطين التحليل النفسي، ولكن منذ ظهور الرسائل في الساحة العامة، راح نوع من النظر الشخصي يطغى على التحليل، في معنى أن القطيعة سرعان ما راحت تعتبر فعلاً شخصياً جرى بين أنانيتين أو في شكل أكثر تحديداً: بين أنانية أبدية لم ترض بتقلبات الابن و «عقوقه» الناتج من تلك التقلبات، وأنانية ابن لم يعد يرضيه أن يظل أبوه يعامله معاملة الطفل حتى بعد البلوغ.

alariss@alhayat.com

الحياة اللندنية في

11.02.2014

 
 

النقد «الشعبي»

ابراهيم العريس 

ليست «الموضة» جديدة تماماً... ومع هذا، تبدو لنا هنا جديرة بأن تُذكر. وذلك لأنها تصبح بالتدريج ظاهرة تلفزيونية متفاقمة، وتخلق نوعاً من ترويج يرتدي مسوح النظرة «الشعبية» إلى الفنون... تكمن خطورته وغشه المتزايدان في فرضه على الجمهور العريض وضعاً حلّت فيه الصورة مكان كلّ ما ومن يأتيك بالأنباء.

الحكاية هنا حكاية تلك الكاميرا التي تلتقط متفرجي فيلم معين أو مسرحية انتهى عرضها للتوّ، أو حتى رواد معرض فني أو أمسية شعرية أو أي شيء من هذا القبيل، وتسألهم عن آرائهم في ما شاهدوه أو سمعوه. ولنلاحظ هنا في الحالات جميعاً أن ما يبث من على الشاشات الصغيرة فوراً أو في صباح اليوم التالي يكون إيجابياً، يقول كلّ الكلام الجيد الممكن في «روعة» العمل و«عبقرية أصحابه» و«قوة تأثيره» وصولاً إلى التعبير عن ضخامة «المفاجأة» التي نتجت من تقديمه في هذه الظروف وما إلى ذلك...

في اختصار هي عادة آراء تعطي العمل المطلوب الكلام عنه ما يتراوح بين 99 و100 في المئة من التقويم، من دون أن تكون هناك في المقابل أية آراء سلبية أو حتى متحفظة... ولكن، في المقابل لن يقال للجمهور المشاهد عبر الشاشة ما إذا كان أو لم يكن ثمة آراء أخرى لم تسجلها الكاميرا، أو سجلتها ليتم استبعادها باعتبارها دخيلة متطفلة لا مكان لها في الاحتفال الصاخب، قبل بث الشريط.

في ظروف أخرى كان يمكن مثل هذا النقد الشعبي أن يكون مجرد طرفة لا أكثر ويشار إليه على أنه مجرد إعلان ترويجي لا ينبغي أخذه على محمل الجد والرأي القاطع، ولكنه هنا إذ يبث على الشاشة الصغيرة يتحول إلى نظرة «نهائية» يلقيها الشعب على منتجات يراد للآخرين أن يسلّموا بكونها فنوناً حقيقية... لتصبح هي الفنون فيما تُحرم من هذا النعت أعمال حقيقية لا تجد مثل ذلك النصب التلفزيوني ليساندها...

ترى هل تبعد هذه الممارسة كثيراً من صورة مدير المسرح في برامج الحكي التلفزيوني التي يحضرها جمهور من «الكومبارس» المدفوع الأجر والذي ينصاع لإشارات مدير المسرح بأن عليه أن يصفق هنا ويصخب هناك؟ وهل تراها تبتعد كثيراً أيضاً من تلك الممارسة الأخرى، الأميركية هذه المرة، والتي باتت معمّمة الآن وفحواها تزويد الشريط الصوتي للمسلسلات الضاحكة بقهقهات جمهور يحدد للمتفرجين متى عليهم أن يضحكوا ومتى يسكتون؟

كل هذا له في نظرنا اسم واحد: قولبة الجمهور ومنعه حتى من اتخاذ موقفه وردود فعله بنفسه... ولكن لئن كانت القولبة في الـــحالــــين الأخيرتين مكشوفة مثيرة للسخرية في أغلب الأحيان، فإن القولبة في الحال الأولى أخطر وأدنأ لأنها لا تعترف أصلاً بأنها مجرد كذبة!‍

الحياة اللندنية في

11.02.2014

 
 

في ذكرى رحيل «الناظر»..

علاء ولي الدين «الضاحك الباكي» يكمل عامه الـ11

أسماء مصطفى  

كان يردد دائما أنه يعلم أنه لن يعمر في الحياة، وطالما طالبه أصدقاؤه بالكف عن الحديث عن الموت طوال الوقت، حتى إن زميله وصديقه العزيز محمد هنيدي قال له ذات مرة: «حرام عليك يا علاء إنت كده بتَفوِّل على الجيل كله».

ورغم حديثه الدائم عن الموت، والإفصاح لكل المقربين له عن شعوره بأن موته اقترب، لم يخفف ذلك صدمة رحيله المفاجئ على كل محبيه.

رحل علاء ولي الدين في مثل هذا اليوم، 11 فبراير، عام 2003، وهو لم يتجاوز الأربعين عاما بعد، الأمر الذي ترك بالغ الأثر في قلوب أصدقائه الذين اعتبروا أن الموت اختطفه قبل أن يحظ بالحياة التي يستحق.

عن حياته

ولد علاء ولي الدين بمركز بني مزار بمحافظة المنيا، في عائلة من كبار عائلات المركز، وكان جده الشيخ سيد ولي الدين هو مؤسس أول مدرسة في القرية، وظلت تعمل لأعوام على نفقته الخاصة إلى أن ضمتها الحكومة لمنشآتها لتشرف عليها وزارة المعارف.

والده كان يعمل بالتمثيل، لكن لم يلمع نجمه رغم كثرة الأدوار التي أداها، والتي أشهرها هي دور «الشاويش حسين، العسكري الضخم الذي يقوم بحراسة المتهم عادل إمام، أثناء التحقيق معه في منزله في مسرحية «شاهد ما شافش حاجه»، وكان أيضا يعمل مديرا عاما لملاهي القاهرة.

عاش ولي الدين السنوات الأولى من طفولته في قريته ثم انتقل إلى القاهرة، وتلقى تعليمه بالعاصمة، وبدأ الاعتماد على نفسه ماديا أثناء فترة الدراسة، وكان أول عمل له هو فرد أمن بأحد المحال التجارية بسبب تكوينه الجسماني الضخم.

بداياته الفنية

بعد التخرج من المدرسة الثانوية، أراد علاء الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، إلا أن والدته رفضت بناءً على وصية والده قبل وفاته، الذي كان يرى أنه عليه الحصول على شهادة جامعية أولا، ثم يتعلم التمثيل وممارسته كمهنة لا يعتمد عليها بشكل أساسي كمصدر دخل، لأن التمثيل «يوم فى الطالع ويوم فى النازل» على حد تعبيره.

وبالفعل، التحق ولي الدين بالجامعة، عازما أن يتقدم لمعهد الفنون المسرحية فور التخرج. وكان علاء يعلم أنه موهوب، إلى جانب أنه تعلم التمثيل من والده، فتقدم لمعهد الفنون المسرحية وهو على ثقة من قبوله، لكن الصدمة كانت حين رفض المعهد قبوله بدعوى أن شكله غير ملائم!

ورغم الرفض، لم يتخل عن معشوقه الأول والوحيد حينها، التمثيل، فبدأ مشواره الفني بالعمل كمساعد للمخرج الكبير نور الدمرداش، الذي كان صديق والده، والذي قال لعلاء: "إن عليه أن يتعلم كل شيء عن التمثيل حتى يحترف التمثيل، فتعلم علاء على يده كل شيء عن التمثيل وصناعة السينما، من إخراج ومونتاج وتصوير وديكور وملابس وإكسسوارات وحركة.

كان الظهور الأول لعلاء ولي الدين في أدوار ثانوية في أفلام النجم عادل إمام، ومنها بدأ وجه علاء ولي الدين «الضاحك» ذو الملامح الطفولية يبدوا مألوفا للمشاهدين، لكنه لا يزال يبعد كثيرا عن الصفوف الأولى للنجوم.

لفت علاء ولي الدين أنظار المخرجين والمنتجين حينها، وكان أول من آمن به المنتج مجدي الهواري، الذي قرر أن يصنع من ولي الدين نجما، رغم استنكار البعض لهذه الفكرة، إلا أن الهواري أصر، وكانت له رؤية مستقبلية، أثبتت صوابها، وأنتج له أفلامه الثلاث: «عبود على الحدود» و«الناظر» و«ابن عز»، وأيضا منتج فيلمه الأخير، «عربي تعريفه»، الذي بدأ تصوير مشاهده ولكن الموت حال بينه وبين إكماله.

أعماله

رغم رحيله في سن مبكرة، إلا أن رصيد علاء ولي الدين في السينما والمسرح كان زاخرا بالعديد من الأدوار، بدأ من الأدوار الثانوية، وظهوره في مشهد أو اثنين في العمل الفني، مرورا بالمشاركة في بطولات جماعية، وختاما بالبطولة المطلقة، ومن أهم أعمال ولي الدين: «آيس كريم في جليم»، «الذل»، «رسالة إلى الوالي»، «حلق حوش»، «ضحك ولعب وجد وحب»، «الإرهاب والكباب»،« المنسي»، «عبود على الحدود»، «الناظر صلاح الدين»، «ابن عز»، مسرحية «ألابندا»، مسرحية «حكيم عيون»، مسرحية «لما بابا ينام».

الشروق المصرية في

11.02.2014

 
 

المهرجان يعلن موعد دورته المقبلة

الدورة العاشرة محطة فارقة في تاريخ «دبي السينمائي» 

كشف مهرجان دبي السينمائي الدولي، الذي يقام سنوياً تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن العديد من الحقائق والأرقام التي تشير بقوة إلى الإنجازات التي حققها المهرجان طيلة العقد الماضي، وتوّجها في الدورة العاشرة بتسجيل أرقام غير مسبوقة، وفي السياق ذاته أعلنت إدارة المهرجان أيضاً عن تحديد موعد انعقاد الدورة الـ11 خلال الفترة من 10 إلى 17 ديسمبر 2014.

وحقق «مهرجان دبي السينمائي الدولي» نسب نمو مرتفعة وصلت إلى 150%، بعد اختتام الدورة العاشرة التي تعد الأنجح منذ انطلاق المهرجان في 2004، بينما سجّل برنامج «أصدقاء المهرجان»، المصمم خصيصاً لتفعيل دور عشاق السينما في المجتمع الإماراتي، ارتفاعاً في أعداد المشاركين وصلت نسبته إلى 60%، وتضمنت الاشتراكات الحصول على باقات متعدّدة لمشاهدة الأفلام ومتابعة أنشطته.

وذكر استبيان خاص بمتابعي «مهرجان دبي السينمائي الدولي» أن نسبة 96.5% من الجمهور أعربوا عن رضاهم العام عن زيارتهم، وأكد 97.8% من الذين شملهم الاستبيان نيتهم زيارة المهرجان في دورته المقبلة. أما «سوق دبي السينمائي» المنصة المتخصصة والرائدة في صناعة السينما على مستوى العالم العربي، التي تعد أيضاً مركز أعمال المهرجان، فقد استمرت في تقديم أعلى مستويات الخدمة للمخرجين والباحثين عن شراء أفلام جديدة، وبائعين، وموزعين، إضافة إلى برنامج الأنشطة الذي وفر مساحات للمحترفين لبناء علاقات عمل ناجحة خلال أسبوع المهرجان، حيث سجل 97.5% من مرتادي السوق رضاهم العام عن محتوياتها.

وكانت الدورة العاشرة من المهرجان قد احتفت بإنجازات السينما العربية عبر اختيار فيلم «عُمر» للمخرج الفلسطيني هاني أبوأسعد، أحد الأفلام المرشحة لخوض منافسات الأوسكار، الذي حصل على مساندة برنامج «إنجاز» لدعم مشروعات الأفلام في مرحلة ما بعد الإنتاج، وقد حصد هاني أبوأسعد «جائزة المهر لأفضل مخرج» وعّبر عن ذلك قائلاً: «أنا سعيد بعودتي مجدداً إلى مهرجان دبي السينمائي وحصولي على هذه الجائزة المرموقة، ولا تسعفني المفردات لأعبر عن مدى فرحتي، خصوصاً أنها تأتي من دبي وسط أهلي وعائلتي، تلك العائلة الكريمة التي وقفت إلى جوارنا ومنحتنا ثقتها، وهذا هو أعظم وسام نحصل عليه». وكانت شاشات «مهرجان دبي السينمائي الدولي» العاشر قد عرضت مجموعة من الأفلام التي حققت نجاحات مبهرة، وترشحت لـ36 جائزة أوسكار، تضمنت أفلاماً مثل «عبد لاثنتي عشرة سنة»، و«احتيال أميركي»، و«الجمال العظيم»، و«الماضي»، و«مجمد»، و« مانديلا: درب الحرية الطويل»، و«إيلو إيلو»، و«داخل ليوين ديفيس».

وزار وفد من «أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية» الدورة العاشرة، وأعلن عن تأهل «مهرجان دبي السينمائي الدولي» وانضمامه إلى قائمة المهرجانات التي تُرشح أفلاماً تشارك في جائزة أوسكار أفضل فيلم قصير، وبموجب هذا الإعلان سيتمكن «دبي السينمائي» من ترشيح الأفلام المشتركة في جائزة «المهر العربي» و«المهر الآسيوي الإفريقي» للمشاركة في جوائز الأوسكار، ليكون بذلك أوّل مهرجان من العالم العربي ينضم إلى تلك القائمة. قال الرئيس السابق للأكاديمية سيد غانيس: «لقد وفر لي مهرجان دبي السينمائي الدولي ذلك الإحساس بالإلهام، خصوصاً وأنا أستمتع بمشاهدة تلك المجموعة الكبيرة من الأفلام الرائعة، ومقابلة مخرجين من كل أرجاء العالم، وأعتقد أن زيارتي لدبي كانت مثمرة، وأن مهرجان دبي السينمائي هو أحد الأحداث السينمائية المميزة والمهمة، ومن الآن سيحظى الفائزون بجوائز المهر في فئة الأفلام القصيرة على فرصة التأهل إلى منافسات الأوسكار، وأعتقد أنها بشرى سارة ومحفزة للكثيرين».

وقال رئيس مهرجان دبي السينمائي الدولي، عبدالحميد جمعة: «لقد كانت الرؤية دائماً منصبة على اختيار أفضل إنتاجات السينما العربية العالمية التي تعكس مختلف الثقافات من حول العالم، وتقديمها لمجتمعنا الذي يتميز أيضاً بتنوعه وغناه الثقافي العالمي، حيث قدمنا هذا العام أقوى عروضنا التي أتاحت فرصة المشاركة الفاعلة للجمهور، واستكشاف كل ما يقدمه المهرجان، بالإضافة إلى تعريف الجمهور العالمي من عشاق السينما بإنجازات السينما العربية عبر أكثر من 100 فيلم لمخرجين صاعدين ومخضرمين من العالم العربي».

وأشار جمعة إلى أن المهرجان قد نجح في تأسيس سلسلة من المبادرات الشاملة لتقديم الدعم العملي لصناعة السينما، وتلبية تطلعات صانعي السينما في المنطقة، حيث يواجه الكثيرون منهم العديد من المصاعب لاستكمال مشروعاتهم بسبب نقص التمويل. وأضاف جمعة: «باعتبارنا اليوم من أهم المنصات الداعمة لحركة تطوير وإعلاء مكانة السينما العربية، فقد قمنا بتأسيس منتدى يجتمع من خلاله محترفو صناعة السينما، والمخرجون، والكتاب، والممثلون من حول العالم».

مكانة خاصة

قالت النجمة السينمائية كيت بلانشيت: «لقد نجح مهرجان دبي السينمائي الدولي في تأسيس مكانته المتميزة في منطقة الشرق الأوسط وآسيا، ولقد شهدت بنفسي التنافس على جائزة آي دبليو سي للمخرجين الخليجيين»، منذ انطلاقتها الأولى العام الماضي، وكانت المنافسة بين المشروعات الأربعة التي ترشحت للجائزة كبيرة للغاية، فكل واحد منها له تفرده الذي يميزه ومضمونه القائم بذاته، وكنا نقول في لجنة التحكيم إنه سيكون من الرائع أن نرى هذه الأعمال جميعها وهي تعرض على الشاشة».

وخلال أسبوع المهرجان أيضاً وعلى هامشه، أقيم الحفل الخيري السنوي الثالث «ليلة واحدة تغيّر حياة الناس»، في فندق أرماني بدبي، بالتعاون مع دبي العطاء وأوكسفام، وبحضور نخبة من أشهر نجوم العالم، مثل الممثل الأميركي مارك رافالو، والممثلة الأميركية روني مارا، والممثلة الإنجليزية ناوومي هاريس، حيث تمكن المزاد الخيري من جمع ما يزيد على مليون دولار، لدعم المتضررين في أحداث سورية.

حضور عالمي

شهد «ملتقى دبي السينمائي» هذا العام حضوراً كثيفاً من مخرجين عرب وعالميين، حيث عقدت أكثر من 500 جلسة حوارية ناقشت 16 مشروعاً، وفي ذات السياق توافد على المنتديات الحوارية لـ«سوق دبي السينمائي» أكثر من 1800 زائر، وقد كانت من بين الندوات التي عقدت، ندوة متخصصة للمخرجين حضرها ممثلون عن أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية، أقيمت تحت عنوان «ما بعد الأوسكار». ونجح المهرجان في تعزيز اتفاقيات الشراكة التي توفر المزيد من الفرص للمخرجين، نتج عنها تقديم العديد من الجوائز المقترنة بدعم مالي، مثل جائزة فرونت رو كي إن سي سي»، وجائزة «مركز السينما الجديدة»، و«جائزة نيو سينتشري للمخرجين».

نجوم

شهدت الدورة المنصرمة من المهرجان مشاركة العديد من النجوم العالميين في مقدمتهم كيت بلانشيت، التي قدمت جائزة «آي دبليو سي للمخرجين الخليجيين» في عامها الثاني إلى المخرج الإماراتي وليد الشحي.

الإمارات اليوم في

11.02.2014

 
 

ينطلق في العاشر من ديسمبر القادم

«دبي السينمائي» يحقق نقلة تاريخية في دورته العاشرة

دبي (الإتحاد) 

أعلنت إدارة مهرجان دبي السينمائي الدولي عن انعقاد الدورة الحادية عشرة للمهرجان خلال الفترة من العاشر وحتى السابع عشر من ديسمبر المقبل.

جاء ذلك ضمن بيان صحفي صادر عن إدارة المهرجان أمس والذي كشف عن العديد من الحقائق والأرقام التي تشير بقوة إلى الإنجازات التي حققها المهرجان طيلة العقد الماضي، وتوّجها في الدورة العاشرة بتسجيل أرقام غير مسبوقة.

وحسب البيان الصحفي حقق «مهرجان دبي السينمائي الدولي» نسب نمو مرتفعة وصلت إلى 150%، بعد اختتام الدورة العاشرة التي تعتبر الأنجح منذ انطلاق المهرجان في 2004، بينما سجّل برنامج «أصدقاء المهرجان»، المصمم خصيصاً لتفعيل دور عشاق السينما في المجتمع الإماراتي، ارتفاعاً في أعداد المشاركين وصلت نسبته إلى 60%، وتضمنت الاشتراكات الحصول على باقات متعدّدة لمشاهدة الأفلام ومتابعة أنشطته.

وأظهر استبيان خاص بمتابعي «مهرجان دبي السينمائي الدولي» أن نسبة 96.5% من الجمهور قد أعربوا عن رضاهم العام عن زيارتهم، وأكد 97.8% من الذين شملهم الاستبيان نيتهم زيارة المهرجان في دورته المقبلة. أما «سوق دبي السينمائي» المنصة المتخصصة والرائدة في صناعة السينما على مستوى العالم العربي، والتي تعتبر أيضاً مركز أعمال المهرجان، فقد استمرت في تقديم أعلى مستويات الخدمة للمخرجين والباحثين عن شراء أفلام جديدة، وبائعين، وموزعين، بالإضافة إلى برنامج الأنشطة الذي وفر مساحات للمحترفين لبناء علاقات عمل ناجحة خلال أسبوع المهرجان، حيث سجل 97.5% من مرتادي السوق رضاهم العام عن محتوياتها.

وعقّب عبدالحميد جمعة، رئيس مهرجان دبي السينمائي الدولي على إنجازات الدورة العاشرة قائلاً: «لقد كانت الرؤية دائماً منصبة على اختيار أفضل إنتاجات السينما العربية العالمية التي تعكس مختلف الثقافات من حول العالم، وتقديمها لمجتمعنا الذي يتميز أيضاً بتنوعه وغناه الثقافي العالمي، حيث قدمنا هذا العام أقوى عروضنا التي أتاحت فرصة المشاركة الفاعلة للجمهور، واستكشاف كل ما يقدمه المهرجان، بالإضافة إلى تعريف الجمهور العالمي من عشاق السينما على إنجازات السينما العربية عبر أكثر من 100 فيلم لمخرجين صاعدين ومخضرمين من العالم العربي، تعكس تطور صناعة السينما في عالمنا العربي خلال العقد الماضي».

وأشار جمعة إلى أن المهرجان قد نجح في تأسيس سلسلة من المبادرات الشاملة لتقديم الدعم العملي لصناعة السينما، وتلبية تطلعات صانعي السينما في المنطقة، حيث يواجه الكثيرون منهم العديد من المصاعب لاستكمال مشاريعهم بسبب نقص التمويل.

وسجلت «سوق دبي السينمائي» رقماً قياسياً جديداً يعبر عن الموقع المتقدّم الذي يحظى به «مهرجان دبي السينمائي الدولي» في صدارة المشهد السينمائي على المستويين الإقليمي والدولي.

وفي هذا السياق قال جمعة: «باعتبارنا اليوم من أهم المنصات الداعمة لحركة تطوير وإعلاء مكانة السينما العربية، فقد قمنا بتأسيس منتدى يجتمع من خلاله محترفو صناعة السينما، والمخرجون، والكتاب، والممثلون من حول العالم، وقد شهدنا كيف كانت أروقة «سوق دبي السينمائي» تعج بالاجتماعات والندوات، واللقاءات التعارفية».

وقد شهد «ملتقى دبي السينمائي» هذا العام حضوراً كثيفاً من مخرجين عرب وعالميين، حيث عقدت أكثر من 500 جلسة حوارية ناقشت 16 مشروعاً، وفي ذات السياق توافد على المنتديات الحوارية لـ «سوق دبي السينمائي» أكثر 1800 زائر، وقد كان من بين الندوات التي عقدت، ندوة متخصصة للمخرجين حضرها ممثلون عن أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية، أقيمت تحت عنوان «ما بعد الأوسكار».

وقد نجح «مهرجان دبي السينمائي الدولي» في تعزيز اتفاقيات الشراكة التي توفر المزيد من الفرص للمخرجين، نتج عنها تقديم العديد من الجوائز المقترنة بدعم مالي، مثل جائزة «فرونت رو كي أن سي سي»، وجائزة «مركز السينما الجديدة»، و«جائزة نيو سينتشري للمخرجي».

وكانت الدورة العاشرة لمهرجان دبي السينمائي الدولي قد شهدت مشاركة العديد من النجوم العالميين في مقدمتهم النجمة الحائزة على جائزة الأوسكار وصديقة دار أي دبليو سي شافهاوزن «كيت بلانشيت» التي قدمت جائزة «أي دبليو سي للمخرجين الخليجيي» في عامها الثاني إلى المخرج الإماراتي وليد الشحي عن مشروع سيناريو فيلم «دلافين» بقيمة 100 ألف دولار.

الإتحاد الإماراتية في

11.02.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)