كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

بيتر ميمي:

«سعيد كلاكيت» اجتماعي تشويقي يعتمد على التفكير

كتب الخبرهند موسى

 

يخوض المؤلف والمخرج بيتر ميمي تجربة جديدة في فيلم «سعيد كلاكيت»، في محاولة منه لصناعة اسمه كمخرج سينمائي عبر أعمال تنال استحسان الجمهور وخالية من مشاهد خارجة حتى لو ضمن السياق الدرامي.

عن «سعيد كلاكيت» وظروف تصويره كان اللقاء التالي معه.

·        حدثنا عن {سعيد كلاكيت}.

الفيلم سيناريو محمد علام وحواره، يتمحور حول عامل كلاكيت لا طموح له تستغله رموز كبيرة لتحقيق رغباتها بعدما تلمس  معاناته من مرض الانفصام في الشخصية. يشارك في البطولة: عمرو عبد الجليل، علا غانم، محمد شرف، نضال نجم، ومجموعة من الوجوه الجديدة.

·        لماذا اخترت عامل كلاكيت بطلا لقصتك؟

لأنه يرمز إلى العمال الغلابة الذين يعيشون حياة مادية صعبة مقارنة بالفنانين وباقي الصانعين في مجال الفن، رغم أن وجودهم ضروري في أي عمل، ويعرفون معلومات كثيرة عن المشاهد التي صوّرت أو ستصور، لذا اتخذت من اسمه عنواناً للفيلم.

·        ما الذي دفعك إلى إسناد مهمة القتل إليه وليس إلى المسؤول عن الأكسسوارات؟

كان من الممكن أن تسير الأحداث هكذا في حال كان هذا العامل شخصاً طبيعياً، ولكن مرضه يوحي للأشخاص المحيطين به بسهولة استغلاله من دون أن تنكشف حقيقة الأمر، حتى وإن اعترف بجريمته فسيعامل على أنه مريض، ولن تُعتمد أقواله، وإذا اعتمدت فسيدخل مستشفى أمراض عقلية وليس السجن.

·        أمور كثيرة غير واضحة للمشاهد منها حقيقة زواج الشخصية التي تجسدها علا غانم من الشخصية التي يجسدها عبد الجليل.

طبيعة القصة نفسها تعتمد على الغموض والتشويق. في النهاية، يتضح للمتفرج أنها بالفعل زوجته عندما أعطت الضابط وثيقة زواجهما، ويرجع بكاؤها إلى حزنها على سوء حالته المرضية التي تجعله يتخيل وقائع وأشخاصاً غير موجودين. وقد تكون حالة الارتباك لدى المشاهد أتت من نظرة عبد الجليل إليها، منذ بداية الفيلم، على أنها امرأة لعوب، لذا يمكن للجمهور متابعته مرة ثانية ليفهم جوانب الشخصيات، وتسلسل الأحداث.

·        ماذا عن الإفيهات التي يطلقها عبد الجليل ضمن الأحداث؟

كانت جميعها من لمساته، ولم أتدخل في وضعها؛ إذ اتفقنا معه على تحديد مواقع الضحك وتركنا له مساحتها، لأننا لن نصل بخيالنا إلى مستوى الألفاظ أو الجمل التي تستدعي ضحك المشاهد، هذا في الجانب الكوميدي فقط، أما باقي المشاهد الدرامية فكانت بالمشاركة بيننا.

·        وما أصعب المشاهد التي واجهتها في الفيلم؟

رغم الظروف المحيطة بنا وعدم الاستقرار الأمني في البلد، فإنني لم أعانِ أثناء تصوير أي مشهد، يرجع ذلك إلى كون فريق العمل يتألف من محترفين يجيدون عملهم، ثم استغرقت تحضيرات الفيلم شهراً ونصف الشهر، ما يسّر التصوير الذي استغرق شهراً.

·        كيف اخترت فريق العمل؟

بالاتفاق بيني وبين شركة الإنتاج وعمرو عبد الجليل؛ إذ عقدنا جلسات عمل اقترحنا فيها أسماء النجوم للمشاركة في الفيلم، إلى أن استقرينا على الشكل النهائي.

·        هل وجدت صعوبة في التعامل مع ممثلين جدد؟

لا، لأنهم، في غالبيتهم، كانت لهم تجارب درامية سابقة، مثل سارة سلامة، لذا كان من السهل توجيههم لتجسيد شخصياتهم، والدليل اقتناع الجمهور بهم وبقدراتهم التمثيلية.

·        كيف تقيّم منافسة {سعيد كلاكيت} للأفلام المطروحة في موسم نصف العام؟

لا أهتم بهذه الأمور الإنتاجية لأنني لا أفهم الطريقة التي يعتمدها المنتجون والموزعون لتحديد الموعد الملائم لطرح الأفلام، لكنني أراها ظاهرة صحية، ويجب الدفع بأعمال كثيرة من دون التحجج بظروف البلد السيئة، وعلينا أن نكف عن الحديث في السياسة والتظاهرات، وليعمل كل فرد في مجاله ونرسم مستقبلنا.

·        وتجربتك الإخراجية الثانية؟

سعيد بها للغاية، لا سيما أنني تعاونت مع فنانين أصحاب موهبة متميزة، يعرفون كيفية تجسيد أدوارهم بحرفية لافتة، والحمد لله كانوا راضين عن نتيجة الفيلم النهائية.

·        لكن دور علا غانم محدود وصغير.

صحيح، إلا أنه مؤثر في مجرى الأحداث؛ فهي التي تكشف الحقيقة في النهاية، وتؤكد مرض عامل الكلاكيت بالانفصام، وتنفي وقائع كثيرة يعتقد أنها حدثت. قبول علا للدور يعني أنها ممثلة محترمة لا تحسب دورها بعدد المشاهد، إنما بمدى ارتباطه بالأحداث، كذلك الحال بالنسبة إلى أحمد فؤاد سليم الذي قبل المشاركة في مشهد واحد، لكنه مؤثر أيضاً، وإذا حذف لا يمكن متابعة العمل، فهو جزء رئيس في تتابع الدراما.

·        كيف تردّ على تحفظ البعض على رسالة {سعيد كلاكيت}؟

أؤكد أن رسالته واضحة وهي دعوة الجميع لأن يشغلوا عقلهم، ويعتمدوا على التفكير في الأحداث اللاحقة وربطها بالسابقة؛ فالفيلم اجتماعي تشويقي، لا نناقش فيه أحداثاً سياسية، ولا يشتمل مشاهد خارجة، حتى الرقابة أجازته من دون إبداء ملاحظات عليه.

·        وهل تعمدت خلوّه من مشاهد إباحية؟

بالطبع؛ أرفض تقديم هذه النوعية من المشاهد، مهما كانت المبررات، حتى لو تطلبها السياق الدرامي، فنحن من يُسخّر ويصنع الدراما وليس العكس.

·        {سعيد كلاكيت} هو ثاني تجربة إخراجية لقصة من تأليفك بعدما كتبت وأخرجت {سبوبة} أيضاً... هل ستعتاد هذا الأسلوب؟

حسب ظروف كل عمل، وبالطبع إذا عُرضت عليّ قصة جيدة سأقبل إخراجها، أو إذا كانت لدي فكرة فيلم أطرحها على سيناريست يكتبها، وهكذا.

·        هل تنوي الاستمرار كمخرج سينمائي؟

بالطبع، لأن السينما فن عظيم، يختلف عن الدراما التلفزيونية. أقوى المسلسلات قد تُعرض مرات عدة، في حين الأفلام تُعرض باستمرار لذا تضمن لصانعيها حضوراً دائماً.

الجريدة الكويتية في

10.02.2014

 
 

فجر يوم جديد: الأزمة... والحل!

كتب الخبرمجدي الطيب 

جاء إعلان إحدى شركات الإنتاج السينمائي في مصر عن إطلاق مشاريع سينمائية جديدة خلال العام 2014 مع التنويه إلى توسعها في افتتاح عدد من صالات العرض السينمائي في محافظتي الإسكندرية والدقهلية، بالإضافة إلى الصالات التي تُديرها في القاهرة والإسماعيلية وبنها ودمياط والسويس وغيرها من مدن مصرية، ليؤكد ارتباط دوران عجلة الإنتاج السينمائي بوفرة صالات العرض، التي تمثل عاملاً حيوياً في صناعة السينما، نظراً إلى الدور المهم الذي تؤديه ليس في ما يتعلق بالجانب الترفيهي فحسب، وإنما في دفع عجلة الاقتصاد من خلال ضمان توزيع الفيلم السينمائي وتسويقه، واعتباره أحد مصادر الدخل القومي للبلاد.

حقيقة أدركتها السينما الأميركية، التي نظرت إلى السينما كصناعة، قبل أن تكون تجارة وفناً، ومن ثم اهتمت بشكل مبكر للغاية بتدشين بنية أساسية، كالبلاتوهات  المجهزة بأحدث الكاميرات، والمعامل المزودة بأحدث التقنيات، وفطنت إلى أهمية صالات العرض السينمائي كعنصر رئيس لا يُسهم في تغطية كلفة الفيلم فحسب، كمرحلة أولى، ثم تحقيق أرباح للشركة المنتجة في مرحلة تالية، وهو الهدف الذي نجحت السينما الأميركية في الوصول إليه بصورة مذهلة، وإنما باعتبارها (أي صالات العرض) سلاحاً استراتيجياً يضمن للفيلم الأميركي الاستقلالية مثلما يقوده إلى فرض هيمنته على شعوب العالم. ولأجل هذا لوحظ الارتفاع الهائل في عدد صالات العرض في أميركا نتيجة تجاوب الجمهور، وإقبال أصحاب رأس المال على الاستثمار في مجال بناء صالات العرض والإنتاج السينمائي، بعد ما قيل إن الفيلم الذي تبلغ تكلفته مئتي دولار قادر على جني أرباح تساوي عشرة أضعاف كلفته!

في المقابل، تعاني صناعة السينما المصرية من أزمة حادة تتمثل في أن الزيادة المطردة للسكان لم يُقابلها زيادة في رقعة صالات العرض، بل واكبها تراجعاً ملحوظاً في عدد صالات السينما، مُقارنة بعدد السكان. والأخطر من هذا أن المستثمرين أولوا اهتماماً كبيراً بتشييد الصالات في العاصمة والمدن الرئيسة في محافظات الوجه البحري، وهو ما لاحظناه في تأكيد الشركة الإنتاجية، التي أشرنا إليها في المقدمة، أنها بصدد افتتاح عدد من الصالات في القاهرة والإسكندرية والدقهلية والإسماعيلية والسويس ودمياط وبنها، لكنها لم تأت مُطلقاً على ذكر محافظات ومدن الوجه القبلي (جنوب مصر) التي تعاني غياباً مخيفاً في صالات العرض السينمائي؛ بدليل أن محافظات بأكملها لا تتوافر لها صالات من أي نوع، وهي الظاهرة التي تتكرر في المناطق والأحياء الشعبية التي شهدت إغلاقاً وهدماً مُنظماً للصالات، بفعل الإهمال، وأيضاً تجاهل القرار الوزاري الذي يُشدد على بناء دار عرض مكان المهدمة، ومن ثم لم يعد مستغرباً أن تتحول المحافظات، والأحياء الشعبية بالتبعية، إلى مرتع للتطرف، ونبع خصب للتعصب، وكراهية الآخر!

المفارقة المثيرة أن قلة عدد صالات العرض كانت سبباً في تراجع الإيرادات بشكل كبير، ما أدى إلى تعثر عجلة الإنتاج، وعجز شركات الإنتاج عن تغطية الصالات باحتياجاتها من الأفلام، وكانت النتيجة الكارثية أن لجأ عدد من مديري الصالات وأصحابها إلى المطالبة بزيادة نسخ الأفلام الأميركية ثم التفكير جدياً في الاستعانة بالفيلم الهندي كي يستعيد العرش الذي كان يتبوأه في مصر منذ سنوات!

يحدث هذا في الوقت الذي يعاني فيه مخرجو السينما العربية، فضلاً عن صانعي السينما المصرية الجديدة، التي أصطلح على تسميتها «السينما المستقلة»، من تعنت غير مفهوم من الموزعين، وأصحاب صالات العرض، ممن يرفضون عرض أفلامهم الجديدة أو الاكتفاء بعرضها لمدة أسبوع واحد لا أكثر، بحجة أنها «أفلام بلا جمهور»، وأن مبيعاتها في «شباك التذاكر» لا تشجع على عرضها أو الإبقاء عليها، بينما الحقيقة التي يتعمد البعض إخفاءها أن تجاوب الجمهور المصري مع الأفلام العربية أو السينما الجديدة سيمثل تهديداً حقيقياً لمصالحهم، ويهدم النظريات الملفقة التي روجوا لها طويلاً، وأكثرها كذباً وبهتاناً أن «الجمهور عاوز كده»!

تكمن أزمة صناعة السينما المصرية في استسلامها لأوهام روج لها «أباطرة» وأصحاب مصالح، وأفكار عشوائية ارتمى البعض في أحضانها، وأول خطوة للخلاص من الأزمة أن نشجع رجال الأعمال على الاستثمار في صالات العرض؛ خصوصاً سينما الأحياء، كذلك الشاشات المختلفة التي تستوعب ما لا يزيد على 100 مشاهد، وأن تتسع رقعة هذه الصالات لتصل إلى الصعيد، وتُصبح تذاكر الدخول في متناول المواطن البسيط، مع التوسع في عرض الأطياف السينمائية التي تصنع التراكم، وتوفر للمواطن ذائقة مختلفة تتيح له التفريق بين الغث والسمين، من دون وصاية مقيتة يفرضها البعض عليه، ووقتها ستنجح السينما المصرية في بلوغ الإيرادات التي تمنحها الاستقلالية المنشودة.

الجريدة الكويتية في

10.02.2014

 
 

فنانو «25 يناير» ممزّقون بين حمدين والمشير

محمد عبد الرحمن, أحمد جمال الدين/ القاهرة  

انقسامات السياسة وصلت إلى الوسط الفني المصري الذي توحّد في 30 يونيو (حزيران) لعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي. إعلان زعيم «التيار الشعبي» حمدين صباحي الترشّح في سباق الرئاسة المقبل ضرب هذه الوحدة، بعدما انقسم الفنانون بينه وبين المشير عبد الفتاح السيسي المرشّح الأكثر حظاً بحسب المراقبين، رغم أنه لم يُعلن خوضه المعركة رسمياً بعد، علماً بأنّ صباحي كان المرشّح الرئاسي الذي نجح في الحصول على أصوات العدد الأكبر من النجوم في سباق 2012، تلاه أحمد شفيق، ثم عبد المنعم أبو الفتوح.

بعد وصول شفيق إلى الإعادة أمام مرسي، احتشد كل النجوم تقريباً حول شفيق، ما عدا هؤلاء المحسوبين على ميدان التحرير الذين فضّلوا المقاطعة. لكن ظهور السيسي في المعادلة أخيراً غيّر كل الموازين. حتى إنّ أكثر المتشائمين لم يتوقع يوماً أن تؤدي المعركة الانتخابية إلى خلاف بين حمدين والمخرج خالد يوسف. لطالما شارك الأخير في فعاليات حزب «الكرامة» و«التيار الشعبي»، قبل أن يدعم السيسي منذ «30 يونيو»، حين منحته القوات المسلحة طائرة خاصة لتصوير التظاهرات الشعبية المطالبة بإسقاط نظام مرسي. قال يوسف في مداخلة مع برنامج «هنا العاصمة» (cbc) إنّه «يؤيّد ترشّح السيسي، ويعارض ترشّح صباحي»، معتبراً أنه ليس «من مصلحة مصر تفكّك تحالف «30 يونيو» في الفترة المقبلة». لم تكن علاقة مخرج «حين ميسرة» بالمرشح الرئاسي علاقة عمل وتحالفات سياسية، بل كانت صداقة قوية نشأت في نضالهما المشترك ضد نظام حسني مبارك. وهو ما عبّر عنه يوسف في فيلمه «هي فوضى» مع المخرج يوسف شاهين، حين وضع لافتة انتخابية لحمدين في الفيلم باعتباره منافساً لمرشح الحزب الحاكم. حمدين ظهر أيضاً بشخصيته الحقيقية في فيلم «الآخر» (1999) ليوسف شاهين الذي ساعد خالد يوسف في إخراجه، قبل أن ينال الشهرة التي حصل عليها في السنوات العشر الأخيرة. ليس هذا فحسب، فالمقرّ الانتخابي لحمدين صباحي في سباق 2012، ومقرّ «التيار الشعبي» الذي أسّسه السياسي الملقب بـ«النسر» هو مكتب خالد يوسف نفسه في ضاحية المهندسين في الجيزة. الإعلامي حمدي قنديل يقف أيضاً حالياً في صفّ السيسي مع نجوم مثل: يسرا وليلى علوي، لكنهم على الأقل لم يوجّهوا انتقادات مباشرة لحمدين، بعكس خالد يوسف.

من جهتها، أعلنت الممثلة رندا البحيري المنضمّة إلى «التيار الشعبي» دعمها لحمدين في سباق الرئاسة. وأكّدت أنّها ستعمل ضمن فريق حملة حمدين، على غرار ما فعلته في الانتخابات السابقة. أما الممثل عمرو واكد، فأشار إلى أنّه لن يحدّد موقفه من دعم حمدين قبل قراءة برنامجه الانتخابي، مشدّداً على «أن الكلمة الفصل في تأييد أيّ مرشح لا يجب أن تكون خلفيته سياسية، بل البرنامج الذي سينفّذه بعد وصوله إلى السلطة في حال فوزه بالانتخابات».

الأخبار اللبنانية في

11.02.2014

 
 

ثلاثة افتتانات عابرة بالسينما

رضا حريري 

ملاحظة: إن الذكريات المروية أدناه، هي ذكرياتٌ حقيقية، قام الكاتب بصياغتها فقط.

I

تفكّر: لو أن زوجها الحاج يستجيب لمحاولتها إقناعه بترك حفيدتها زينب تذهب للسينما، فإنّها ستود أن تذهب معها.

"... أتذكر الآن كيف أضعت، قبل خمسين عاماً، الفرصة الوحيدة التي سنحت لي لمشاهدة فيلم في صالة السينما. أنهينا باكراً عصر ذلك الأحد، أنا وشقيقتي سعاد، درس الخياطة عند جارتنا ليلى التي دعتنا إلى مرافقتها للسينما. حاولت إقناع أختي الكبيرة، التي بدأت بالتدخين سراً قبل فترة قصيرة، بعدم الذهاب. أمي ستغضب كثيرًا إن تأخرنا في العودة للمنزل إلى ما بعد الغروب، وستغضب أكثر إن عرفت أننا ذهبنا إلى السينما. لكنها كانت متحمّسةً جداً، وقالت إن الفيلم سينتهي باكراً. أما أنا فقد خفت، وفضّلت العودة إلى المنزل وحدي. حصل يومها ما توقّعته، وامتد الفيلم لأكثر من ساعتين. وعندما عادت شقيقتي كان الظلام قد حلّ. صفعتها والدتي قبل أن تسألها أين كانت، وحرمتها من متابعة دروس الخياطة. لكنها لم تبالِ، وبقيت تتحدّث عن الرحلة التي امتدت من الأسعد في الشياح إلى سينما الأوريون في المشرفية، لفترة طويلة، حتى انطبعت الحكاية في ذاكرتي، كأنّني رافقتها: رائحة الزفت "المفلوش" في الشارع حديثاً، والممتزج برائحة شجر الصنوبر الممتد على طول الطريق. قاطع التذاكر العجوز الذي يغمز بعينه كل فتاةٍ تمر أمامه، مغازلاً إياها بكلمات غير مسموعة. الضوء الصغير الذي يخترق الصالة من أولها إلى آخرها، جاعلًا وجه محمد عبد الوهاب الجامد، والذي لم أرَه إلا على غلاف اسطوانة، يملأ الشاشة الكبيرة البيضاء. الشبّانُ الجالسون على الدرج المؤدّي إلى السينما، والذين "يلطّشون" بكلماتهم النساء القليلات الموجودات في الصالة".

تفكّر الآن: لو أنها رافقت سعاد، لما كلفها الأمر أكثر من "كفّ" واحد، والتوقف عن دروس خياطةٍ لم تكملها، بسبب زواجها بعد تلك الحادثة بشهر، وذهابها مع زوجها إلى قريتهما البقاعية.

II

يفكّر: لو أنّ كاميرا تسجل ما يقوم به في سجنه هذا، لكان أرسل ما تصوّره إلى والديه، وإلى ابنته زينب في بيروت، كما كان يفعل بالأفلام التي كان يسجّلها مع صديقه عماد في الماضي.

"أتذكّر الآن أن الأفلام التي أحببتها أقل وملأتني أكثر كانت الأفلام الرديئة الصورة على تلفزيون مختار القرية. حيث تغيب الصورة ووجوه الممثلين في الظلال وتصبح أصواتهم غريبة، وبعيدة. كما لو أنني في حلم. تلك الأفلام، التي لم يبقَ منها في رأسي سوى صور باهتة، وحكاية ضبابية متقطّعة الأحداث، متناثرة، لا أذكر منها سوى إحساسي بضوء الشمس على وجه المرأة، وملمس الخشب العتيق لأبواب المدينة، وربما سخونة الدم على يديّ حين قتل أخٌ أخاه على الشاشة أمامي. "كما لو أنني في حلم"، أقول لنفسي، وأتذكّر طعم القبلة على شفتي المرأة التي رأيتها في المنام. أقول القبلة، وأزمّ شفتاي وأقربهما إلى الأمام. وأنتبه لنفسي أزمّهما، فأبدأ بتكرار الحركة مردّداً: "القبلة، القبلة...". كنت قد خرجت لتوّي من المنزل، عندما رأيتها هي نفسها، المرأة في الشارع أمامي. اقتربت منها، وقلت لها بفرنسيتي المتلعثمة أنني قد حلمت بها هذه الليلة تحديداً. لم تغضب ولم تنزعج. اكتفت بالابتسام فقط. تشجّعت وسألتها إن كانت تود الجلوس في مكانٍ ما. فقالت إنها ذاهبة للسينماتك القريب، وإنني أستطيع مرافقتها إن رغبت، فوافقت مباشرةً. عندما وصلنا إلى شباك التذاكر في السينماتك، ركض رجلٌ بسرعة ناحيتها. أطلق النار عليها وهرب. أحسست عندها بسخونة الدم على يدي حقّاً. جلست بقربها عاجزًا عن الحركة. لاحقاً أتت الشرطة، ورموني في السجن لانتهاء صلاحية أوراقي".

يفكّر: إنّها المرّة الأولى التي ينتبه فيها أنه رغم الأفلام الكثيرة التي شاهدها في المنزل، لم يكن قد ذهب إلى صالة السينما يومًا. بسبب بُعدها عن مسكنه ربما، وبسبب كلفتها العالية بالنسبة إليه. وأن السينما لم تصبح في متناوله إلا بعد سفره إلى فرنسا، حيث كلّفه دخولها في المرّة الأولى دخول السجن.

III

تفكّر: لو بقي جدها على قراره الرافض ذهابها للسينما، فإنّ ذلك أفضل من أن يوافق شرط مرافقة جدّتها لها، كما يفعل دائماً.

"أتذكّر الآن ذلك اليوم حين أتى عماد من فرنسا، وأحضر لي معه مشغّل أقراص "دي.في.دي"، هديةً من أبي. ذلك اليوم تحوّل إلى عيدٍ حقيقي، لي ولسحر، التي كانت مدعوّة للنوم عندي. "لا حاجة بعد اليوم لأشرطة الـ"في.أتش.أس" الغالية الثمن، ذات الجودة المنخفضة. أهلاّ بأقراص الـ"دي.في.دي" المقرصنة، ذات السعر الزهيد والجودة العالية". قالت سحر بنبرة إذاعية. ليلتها، وبدل أن نشاهد الأفلام على الجهاز الجديد، جلسنا نتخيّل كميّة الأفلام التي سيتسنى لنا مشاهدتها من الآن فصاعداً، معدّدين أسماء أفلام الكرتون الكثيرة التي سنشتريها. بقينا نتحدّث حتى الفجر، إلى أن بدأ صوت القرآن يعلو من المسجد القريب. وصّلنا عندها الجهاز بالتلفاز، وشغلنا فيلماً اسمه "ألدورادو".

بعد دقائق قليلة كنا قد غفونا.

ومن أول ليلة جمعة تلت ذلك النهار، بدأنا بدعوة صديقاتنا في الصف لعروض أفلام الكرتون في منزلي. لكن مع تقدمنا في العمر، بدأ عدد من يقبلن دعواتنا يقلّ، لأنني بدأت مع سحر بشراء كل ما تقع أيدينا عليه من أفلام، حتّى تلك التي تحوي مشاهد جنسية أو للكبار فقط، مما أبعد بقية الفتيات عنّا. لنعود في النهاية وحيدتين كما كنا في البداية.

استمر الوضع هكذا إلى أن أتى جدّاي بعد انقطاع أخبار والدي ورحيل أمي. وقتها بدأ مصروفي يقل، ومعه عدد الأفلام التي نشتريها. وحين دعاني حسام للسينما قبل أسبوع. غضبت سحر كثيراً، وسخرت منه أمام الصف. لكنها غضبت أكثر عندما قبلتُ دعوته، وتوقفت عن محادثتي".

تفكّر الآن أن جدّها أحمق، لاعتقاده أن السينما هي سبب دخول والدها إلى السجن، مؤكّدةً لنفسها أنها ستنجح في إقناعه بالسماح لها بالذهاب للسينما برفقة الجدة، حيث ستجد هناك طريقة للتخلص منها، والانفراد بحسام.

السفير اللبنانية في

11.02.2014

 
 

هوليوود التي تبني أميركا

هوليوود تراقبنا..

فرات شهال الركابي 

البارحة، شاهدت بالصدفة فيلم «NOW YOU SEE ME». الفيلم جيد، سلس. ثم خطر لي فجأة أنني شاهدت هذا الفيلم، قبل الآن، مع ممثلين مختلفين، ولأكثر من مرّة. في بعض الأفلام الأميركية الرائجة، سيناريوهات مشتركة تكرر أنماط أفعال متشابهة. في العادة، هي أفلام تجارية جيدة. يعني، لا تتميز بالإبداع ولا تعد بإحداث «ثورة» في السينما، لكن في الوقت نفسه، يمكن مشاهدتها بسهولة، وتنال الإعجاب لما تقدمه من لحظات متعة واسترخاء. ولذا، هي الأكثر رواجاً على شباك التذاكر.

الأفلام الهوليوودية تبني أميركا. ومن يشكّ بذلك، عليه أن يسأله نفسه إن كان لا يشعر بأنه يعرف شوارع نيويورك جيداً، من دون أن تطأها قدماه يوماً، أو أنه مع مرور الوقت لم يتكون لديه انطباع عن شكل مكاتب الشرطة الفدرالية أو «الناسا». تبني هذه الأفلام الخيال الأميركي للأميركيين أنفسهم، ولكل العالم الذي يشاهدها.

«RED»، «Ocean’s Eleven» و«Now you see me»، ثلاثة أفلام تستند إلى معادلة متشابهة. قصصها تختلف، والممثلون فيها أيضاً (باستثناء مورغن فريمان، الذي يشارك في كل من «RED» و«Now you see me») لكن رغم ذلك تغرينا هذه الأفلام الثلاثة بالطريقة نفسها، وبأسلوب مدهش، وكأن في ذلك وصفة متطابقة أعيد تدويرها، تفعل فعلها مع المشاهدين في كل مرّة.

الأفلام تبدأ جميعها بالطريقة نفسها: نعبر من مدينة إلى مدينة، ومن ولاية إلى ولاية في أميركا. وفي كل محطة، تتتالى اللقطات نفسها.

في البداية، لقطة واسعة للمدينة، من الأعلى، مصورة من طائرة مروحية، تظهر لنا المدينة الضخمة المثلثة: المركز وناطحات السحاب، ومن حولها الأبنية والمنازل التي ينخفض ارتفاعها تدريجياً، مع تعريف يظهر على الشاشة، يقول مثلاً: لوس أنجلوس، كاليفورنيا. ثم في اللقطة التالية، نجد أنفسنا في المدينة نفسها، داخل شقة أو في شارع، نلاحق شخصاً «رئيسياً» تُقدم لنا «صورة شمسية» مصغرة عنه. يتكرر ذلك أربع أو خمس مرات في أربع أو خمس مدن مختلفة، مع أربع أو خمس شخصيات مختلفة. هذه الصور المصغرة لمواطنين «مختارين» من مدن مختلفة في ولايات مختلفة من الولايات المتحدة، تبدو وكأنها تقدم لنا شخصيات مستقلة، تبعد عن بعضها البعض مئات الكيلومترات. رغم ذلك، نفهم أن اختيارها لم يكن عبثياً، وأن قدرها يجب أن يتقاطع وسيتقاطع حتماً. نفهم أيضاً وبسرعة، أنهم «الأفضل» في أمر ما، ولا نشك في اجتماعهم القريب، الذي لا يتأخر بالفعل.

في «Ocean’s Eleven» (وكذلك في الجزءين الثاني والثالث) هذه الشخصيات تجتمع معاً، وعندما تلتقي تتمكن من سرقة كازينو بأفضل شكل يمكن حدوثه في العالم. في «RED»، الشخصيات، جميعها، تحبط عملية خيانة في رأس هرم القيادة في الدولة. في «Now you see me»، الشخصيات المجتمعة تسطو على مصرف، تسرق حساب ملياردير فاسد، ثم أموالاً هائلة لشركة عابرة للقارات. وسواء كانت هذه الشخصيات لمخادعين أنيقين، كما في فيلم «ocean»، أو لرجال حركة من نخبة القوات الخاصة المتقاعدة، كما في «RED»، أو مشعوذين كما في «Now you see me»، فهي الشخصيات الرئيسية في هذه الأفلام، هم جميعاً «البطل» أو ربما «البطل الخارق». طبعاً هناك دائماً، مسلسل «24» وفيه «جاك باور» الذي ينقذ أميركا ست مرات على الأقل، وهناك أيضا «Die Hard» بأجزائه الستة التي قد يؤدي غياب بروس ويليس عنها إلى اختفاء قارة أو «حضارة» بأكملها. هذه الأفلام تحمل رسالة واضحة. أفلام تتعرض فيها الولايات المتحدة للهجوم على مدار الساعة، وتتجاوز الاعتداءات واحداً تلو الآخر بفضل «رجل استثنائي». في هذه الأفلام الرسالة واضحة وفجة. لكن، منذ 11 أيلول، شكل جديد من «الوحدة» بدأ يرتسم في الأفلام الهوليودية، يقول للأميركيين إنهم لن ينجوا إلا سوياً، إنهم تماماً النجوم الخمسون التي تظهر على العلم، إنهم هم الولايات «المتحدة» الأميركية.

لكي تشعر أمة ما بأنها «واحدة»، هناك العلم، التاريخ، الأعياد الوطنية، الأعداء المشتركون، الحرب، الثقافة. لكن هناك أشكال عدة من الثقافة، كتلك التي لا تبتغي وحدة الأمة، لكنها رغم ذلك تصير رمزا لها من دون أن تقصد. وهناك أيضاً تلك التي تعي «هدفها» وتعمل لتحقيقه، كأفلام «شباك التذاكر» الأميركية.

عندما نشاهد فيلماً تجارياً أميركياً لا شيء يمنعنا من الاسترخاء أمام التقنية الممتازة والممثلين أصحاب الأسنان البيضاء المصفوفة والسيناريوهات السلسة، لكن في مكان ما قد ننتبه إلى أنهم يلمحون إلى أمر آخر. أن نفكك هذا النوع من الأفلام وأن نفهم المعادلات الخاصة بها، يكون أحياناً أمراً ممتعاً ومثيراً للاهتمام، خصوصاً إذا كانت هذه المعادلات تبدو بديهية إلى درجة لا نعود قادرين فيها على ملاحظتها.

السفير اللبنانية في

11.02.2014

 
 

الاتحاد الدولي يؤكد عالمية مهرجان القاهرة السينمائي 

أعلن الناقد الكبير سمير فريد رئيس مهرجان القاهرة السينمائي اللائحة الجديدة للمهرجان التي أقرها الاتحاد الدولي للمنتجين في باريس ليصبح مهرجان القاهرة واحدا من 14 مهرجاناً عالمياً يعترف بجوائزها الاتحاد ويتكون من 10 أقسام هي: مسابقة الأفلام الطويلة وعروض خاصة ومهرجان المهرجانات وأفلام عن السينما وكلاسيكيات الأفلام الطويلة وكلاسيكيات الأفلام القصيرة والسينما ضيف شرف وحلقة بحث ومعرض صور ووثائق ومعرض المطبوعات السينمائية.

ولأول مرة لا تقتصر المسابقة الدولية علي الأفلام الروائية وإنما تشمل أيضا الأفلام التسجيلية والرسوم المتحركة ويمنح المهرجان «الجائزة التقديرية» عن مجمل الأعمال «الهرم الذهبي التذكاري» باسم نجيب محفوظ. وتنعقد أثناء المهرجان 3 برامج موازية: «برنامج آفاق السينما العربية» وتنظمه نقابة المهن السينمائية وبرنامج «أسبوع النقاد الدولي» وتنظمه جمعية نقاد السينما المصريين وبرنامج «سينما الغد الدولي» للأفلام القصيرة وينظمه اتحاد طلبة المعهد العالي للسينما.

تتكون لجنة تحكيم مسابقة المهرجان من رئيس و6 أعضاء وتمنح الهرم الذهبي لأحسن فيلم والهرم الفضي لأحسن إخراج وسيناريو وممثل وممثلة وأحسن إسهام فني. وتتشكل كل لجنة من لجان تحكيم البرامج الموازية من رئيس وعضوين وتمنح جائزتين في «آفاق السينما العربية» والجائزتان باسم سعد الدين وهبة وصلاح أبوسيف. وفي برنامج النقاد باسم شادي عبدالسلام وفتحي فرج وفي برنامج الغد لطلبة المعهد باسم يوسف شاهين ومحمد كريم. ينعقد المهرجان في الفترة ما بين 9 و18 نوفمبر. وتم فتح باب التقدم للاشتراك في المهرجان من الخميس قبل الماضي ويستمر حتى 9 سبتمبر القادم.

وقد تم اختيار الناقدين محسن ويفي وأحمد حسونة لإدارة برنامج «أسبوع النقاد الدولي» .

النهار الكويتية في

11.02.2014

 
 

مسألة نَسَب.. على طريقة السينما المصرية

محمود قاسم 

غريبة هى حياة أهل الفن، سواء حيواتهم الحقيقية، بعيدا عن الكاميرات، والاستديوهات، حيث يعيشون فى طقوسهم اليومية التى يكتتنفها الغموض أحيانا، أو فى القصص التى يمثلونها فى الاستديوهات.

ولهذا السبب كم تختلط القصص المتخيلة التى يجسدها البعض، بحيواتهم الحقيقية، وكم شاهد الناس قصصا غريبة على الشاشات الصغيرة والكبيرة، فى الوقت الذى تابعوا فيه قصصا حقيقية عن العالم الخى لهؤلاء النجوم فى الحياة الخاصة لكل منهم.

اليوم يتابع الناس قصة نسب الأبناء بين الفنان الأعزب دوما أحمد عز، والنجمة زينة، وقد كان عز يصرح دوما وخاصة فى الفترة الأخيرة أنه يبحث عن ابنة الحلال، ولعله كان فى حالة حب متناهية مع النجمة التى سافرت فيما وراء المحيطات كى تلد هناك، وتأتى حاملة معها قصتها، لتنشرها فى كافة الأنحاء.

وبالأمس القريب، كانت هناك حكاية أكثر غرابة، حين أنكرت أسرة فاروق الفيشاوى نسب ابنة المواطنة هند الحناوى، التى أصرت بقوة أن ابنتها من صلب الفنان الابن أحمد الفيشاوى، وامتلأت الشاشات والصحف بإنكارات حادة، أن الصغيرة لا تنتسب إلى دماء الأسرة وكانت معركة ملتهبة فى كل مكان.. وفجأة، وبدون سابق انذار تم الاعتراف ببنوة الصغيرة ومن وقت لآخر تطلع علينا أخبار الأسرة أن الجد هو أسعد الناس بحفيدته، وأنها غيرت تماما من ايقاع حياته.

غرابة هذه القصص الحقيقية لا تختلف كثيرا عن قصص الافلام التى يمثلها هؤلاء النجوم كأنما نحن أمام حقائق وليس الأمر تمثيلا فى تمثيل. فالسينما المصرية تحب أن تحكى دوما مثل هذه القصص فى أفلامها، وفى الكثير من الأحيان، نستاء من المبالغة فى موضوعات القصص، الا اننا نفاجأ فى الواقع أغرب من الخيال.

كم شاهدنا قصص النسب المغلوط فى افلامنا، سواء فى الافلام المقتبسة عن نصوص أدبية عالمية، أو مستوحاة من حكايات الواقع، ولعل أشهر نموذج فى ذلك وجود ما لا يقل عن خمسة أفلام مصرية مستوحاة من مسرحية “نانى” التى نشرها الكاتب الفرنسى مارسيل بانيول عام 1933، فسرعان ما استعذب كتاب السيناريو فى مصر هذا الموضوع الذى يعتمد على النسب الكاذب، حول الشاب الذى ترك حبيبته وفى بطنها جنين، وتركها عند المرفأ، وسافر إلى ما وراء البحار، دون ان يفكر فى العودة واضطر الفتاة الخاطئة أن تتزوج من رجل عجوز، فى سن أبيها، وصديق له، وقد ارتضى أن ينسب الابن الى اسمه، وذلك بعد ان تزوج من الفتاة، التى عاشت معه سعيدة وقد نست تماما حبيبها الغادر، الذى عاد فجأة من وراء البحار، وتدركه غريزته إلى أنه والد لهذا الطفل الذى أنجبته حبيبته القديمة فيرمى بأحباله مجددا حولها، وتضعف العشيقة والام كما ان الاب المزيف يقرر التنازل الى الحبيب عن ابنه، وتعود المياه إلى مجاريها، بالغة القوة.

هذا الاب الحقيقى رأيناه فى افلام مصرية عديدة مقتبسة من فانى، من هذه الافلام: “ليلة ممطرة” 1939، وقامت بدور الأم “ليلى مراد” و”أمل ضائع” عام 1947، وقامت بدور الام زوزو ماضى، وقامت بالدور نفسه شادية فى “شاطىء الذكريات” 1954، ثم قامت بالدور ميرفت أمين فى فيلم “نغم فى حياتى” عام 1975، وماجدة الخطيب فى توحيدة عام 1976.

يعنى هذا أن موضوع ضياع نسب الطفل محبب لدى السينمائيين، وأيضاً لدى المشاهدين، فالأم وحدها هى التى تعلم النسب الحقيقى للطفل، وقد أخفت اسم الأب عن الجميع، وحمل زوجها العجوز السر معها، وكان سعيداً به، أنه سرق حق أبوة الأب، وهو الذى يكن حباً كبيراً للأم الخاطئة، ولو أن الأب المسافر ما عاد من رحلته عبر البحار، لظل الطفل منسوبا إلى أب مزيف، لكن المؤلف، وايضا القدر، يعيدان الاب الحقيقى، كى تتوازن الامور، والغريب أن المتفرج يتقبل سلوك الأب المزيف، والأم الخاطئة، والأب الحقيقى العائد إلى اسرته، ويرتضى بالحل الذى اختاره المؤلف، وهو عود الاب الى ابنه الذى تم نسبه لفترة طويلة الى اب آخر.

فى عام 1950 اخرج محمد عبدالجواد فيلمه “المظلومة” المأخوذ عن مسرحية بريطانية تحمل اسم “امرأة بلا أهمية” للكاتب المسرحيى أوسكار وايلد، وتم الالتزام بشكل واضح بنص المسرحية، والفيلم من بطولة عقيلة رابت، وسراج منير، وكمال حسين، والام هنا هى هند، خادمة لدى الباشا شوقى الذى يعتدى عليها.. وبعد فترة تشعر هند بحملها، لا تقدر أن تواجه أهلها بخطيئتها فتهرب، ولا تجد سبيلها إلا فى صديقتها عائشة التى تسعى أن تتبنى طفلها، تلد هند الطفل، ويتم نسبه الى عائشة وزوجها، تترك هند ابنها كمال فى رعاية اسرته الجديدة، وتعمل مطربة فى احدى الصالات لتعول نفسها وطفلها التى تتولى عائشة تربيته.

اثناء عمل هند يعرض عليها احد الاثرياء الزواج، وان تترك عملها، وان يهيىء لها حياة شريفة وسعيدة، يخبرها الرجل الذى اختارها كزوجة انه يرى فيها صورة ابنته التى فقدها، تمر السنوات ويكبر كمال الذى يعتقد ان هند خالته لا امه، بعد فترة يلتحق كمال بالجامعة ويتقابل مع سامية زميلته فى الكلية، تتطور علاقتهما الى حب، وفجأة يكتشف كمال حقيقة عمل هند ما جعله يشك فى سلوكها، يثور كمال عليها، ترى سامية أن تتوسط لدى خالها الباشا لكى يعمل كمال فى احدى شركاته، ويتضح أن خال سامية ما هو إلا الشخص الذى كان قد اعتدى على هند، الا انه يرفض زواج كمال من سامية، تذهب هند لمقابلة الباشا، وتفاجأ انه شوقى، لتخبره بالحقيقة، وان كمال هو ابنه الذى حملت به، وهربت من أجله من اسرتها، يعترف شوقى بنسب ابنه كمال، وتوافق عائشة وزوجها على اظهار حقيقة الابن إلى أبيه..

فيلم “دهب” اخراج أنور وجدى عام 1953

تكرر هذا الموضوع مرارا فى السينما المصرية، ورأيناه فى قصص افلام تتكرر بين حقبة وأخرى، مثلما حدث فى فيلم “دهب” اخراج أنور وجدى عام 1953، فهناك ايضا علاقة غيرشرعية تنمو بين السيد والخادمة، وعندما تلد الخادمة طفلة سفاح، فإن زوجة السيد تدفع زوجها الى التخلص من الوليدة السفاح، التى يتم القائها عند باب أحد المساجد، ويعثر عليها وحيد الفونس، فيتولى تربيتها، وليست هناك اشارة إلى أن الطفلة منسوبة فى الوثائق إلى الرجل الذى تبناها، لكن الفيلم اهتم كثيراً بالاستعراضات التى أدتها الطفلة التى صارت فنانة، وبعد سنوات يعرف الاب وزوجته، أن ابنته صارت تربح الكثير من عملها، فى الوقت الذى يعانى فيه الأب من الديون، لذا يسعى إلى اثبات بنوة الفتاة الصغيرة اليه، وتساق الطفلة ومربيها إلى المحكمة، وتدافع الصغيرة عن نفسها ويتساءل الفونسو عمن يكون الاب الحقيقى هل هو الاب الذى ضاجع ووضع رضيعته على باب المسجد من خلال ابنة أخيه، أم أنه الأب الذى قام بالتربية بكل ما فيها من مشقة خاصة أن الطفلة كانت رضيعة حين صحل عليها الفونسو.

يبدو رجل القضاء هنا وكأنه يحكم باللوائح، وليس بالعاطفة الانسانية، ويصدر حكمه باعادة نسب “دهب” إلى أبيها الذى أنجبها، ما يدفع الطفلة إلى محاولة الانتحار، كى يلجأ الأب الحقيقى إلى الفونسو كى يجعل الصغيرة تعدل عن الانتحار، ورغم أن الفتاة قد عرفت نسبها الحقيقى فإنها تعيش فى كنف أسرتها، بعد أن تزوج ألفونسو من الفتاة التى وضعت دهب ذات يوم عند باب المسجد.

القائمة التى تضم هذا النوع من القصص طويل، منها فيلم “هذا جناه أبى”، لبركات عام 1946، وهو الفيلم الذى تمت اعادة اخراجه فيما بعد، باسم “عاصفة من الدموع” اخراج عاطف سالم، كما أن هناك فيلم “لحظة ضعف” اخراج سيد طنطاوى عام 1981، وهناك أيضاً فيلم “زوجة بلا رجل” لعبدالرحمن شريف عام 1969، الذى قامت فيه نيللى بدور الأم الحقيقية، لطفل صغير، يتم نسبه إلى اختها دون أن يعلم أى طرف ثالث الحقيقة، فقد أنجبت نادية من حبيبها مدحت الذى صدمته سيارة، وتم ارساله خارج البلاد للعلاج، بينما شقيقتها تسعى إلى أن تنسب الطفل إليها، وتستغل الأخت سفر زوجها إلى الولايات المتحدة فتخبره أنها حامل، وهكذا يعيش الابن بين أم حقيقية، وأم أخرى تنسبه إلى نفسها وزوجها ، وعلى طريقة “فانى” فإن الأب الحقيقى يعود للظهور مرة أخرى، ويكتشف زوج الأخت الحقيقة وأن الطفل ليس ابنه، وتعود نادية إلى حبيبها الذى يفاجأ انه أب لطفل كان منسوبا لغيره.

وفى الثمانينيات من القرن العشرين كثر عدد الافلام التى يتم فيها نسب أطفال صغار إلى آباء آخرين، مثلما حدث فى فيلم “حب لا يرى الشمس” اخراج أحمد يحيى عام 1980، حول الأب الذى يؤجر لابنه رحم امرأة أخرى كى تنجب طفلاً ينسب إلى زوجة الابن الثرية، هذا الوليد يموت فى نهاية الأحداث، وهو ينتقل من أمه المزيفة إلى الأم الحقيقية.

ومن الأفلام الشهيرة فى هذا الشأن ما رأيناه فى فيلم “الجلسة سرية” لمحمد عبدالعزيز عام 1986، حيث يفاجأ رجل الأعمال أن المرأة التى طلبت منه أن يصحبها إلى المستشفى أثناء عودته ليلاً إلى داره، قد نسبت الطفل الذى أنجبته إليه، بعد أن دفع ثمن الولادة، وحتى لا يسبب له هذا النسب الكاذب أى متاعب مع أسرته، فإنه يضطر إلى استخراج شهادة تفيد أنه عاجز جنسياً، وبالفعل تخرج الشهادة لتثبت أنه غير قادر على الانجاب، رغم أن لديه ابن من زوجته، كى تتحرك الأحداث ليعرف أن ابنه لا ينسب إليه، بل إلى صديقه الأقرب إليه، الذى خانه يوماً مع زوجته.. لقد نسب إليه طفل ليس من صلبه، أما طفله الذى أطلق عليه اسم عائلته، واسمه، فلم يكن أبداً بالابن الحقيقى له.. إنها مسألة نسب.

محمود قاسم

ناقد وروائي من مصر، رائد في أدب الأطفال، تولى مسئوليات صحفية عديدة في مؤسسة دار الهلال، كتب عشرات الموسوعات السينمائية والأدبية، فضلا عن ترجمته لعدد من روائع الأدب الفرنسي.

آسيا إن في

11.02.2014

 
 

قالت لـ'المغربية' إن مشاركتها بدور رئيسي في فيلم طويل تجربة مهمة تتمنى نجاحها

باناصر: العمل مع المخرج جيلالي فرحاتي تشريف وتكليف

المغربية 

عبرت الممثلة المغربية فاطمة الزهراء باناصر عن اعتزازها بالعمل مع المخرج المغربي جيلالي فرحاتي في فيلم "سرير الأسرار"، مثنية على أسلوبه الاحترافي في العمل، وقدرته الواسعة على استيعاب طاقمه وما يحتاجه لإنجاح أي منتوج سينمائي يخرجه.

قالت فاطمة في حوار لـ"المغربية"، بمناسبة مشاركتها في الدورة 15 من المهرجان الوطني للفيلم المقام بطنجة، بفيلمين طويلين هما "سرير الأسرار" لفرحاتي، و"فورماطج" لمراد الخوضي، إن وفرة الأعمال السينمائية تبشر بالخير، وتبعث الارتياح في قلوب المبدعين والممثلين، لكونها مؤشرا على الجودة، وكذا الاستمرارية في ظل وجود إبداع مستمر متنوع.

·        كيف تعاملت مع دور "الزاهية" في "سرير الأسرار" ومع المخرج جيلالي فرحاتي؟

اشتغلت على هذا الدور بكل أريحية، تطلب مني بعض الجهد لأنه ليس بسيطا، فهذا النوع من الأدوار يمكنني أن أصفه بالسهل الممتنع، كما أن الاشتغال رفقة جيلالي فرحاتي شرف كبير يمهد الطريق للمزيد من التألق والنجاح، نظرا لتواصله المستمر مع الطاقم وحرصه على مساعدة كل فرد من أفراده، كما أنه إنسان رائع على درجة عالية من الإنسانية.

·        تشاركين في المهرجان بفيلمين طويلين فأيهما الأقوى في نظرك؟

مشاركتي هذه السنة في المهرجان تتمثل في فيلمين، "سرير الأسرار" رفقة المخرج الجيلالي فرحاتي، وفيلم "فورماطاج" للمخرج مراد الخوضي، ويمكنني الجزم بأن الفيلمين كانا رائعين، إلى درجة يصعب الاختيار بينهما، رغم وجود بعض الجزئيات البسيطة التي تختلف من مخرج لآخر.

·        كيف كان تعاملك مع الممثلين في الفيلمين معا؟ 

أرى أن جميع الوجوه المشاركة في هذين الفيلمين بلغت درجة مقبولة من الحرفية، فغيثة بلخادير مثلا رغم صغر سنها إلا أن أداءها كان متميزا واحترافيا، ولم أجد أي صعوبة في التعامل معها لكونها عاشت الدور ووظفت إحساسها المرهف لإنجاحه، ما انعكس إيجابا على الفيلم، بل الأكثر من هذا فقد امتدت بعض الأجواء العاطفية لتطال فريق العمل ما جعل الجميع يبكي حتى بعد توقيف التصوير.

·        كيف ترين هذه الدورة من المهرجان؟

هناك بعض اختلاف مقارنة بالدورات السابقة، أبرزها الرفع من عدد أفلام المسابقة لتصبح 23 فيلما، وهو دليل على وجود مادة سينمائية تغني الساحة الفنية المغربية.

كما أن هذا التعدد أمر مرغوب من لدن الممثلين فهو بوابة للتنافسية، وضمان للاستمرارية لعدد من الوجوه، فأنا بصفة خاصة لم يسبق لي لعب دور أساسي في فيلم طويل، وبفضل هذه الحركية السينمائية القوية أنا حاضرة من خلال فيلمين ولدي إحساس بأنهما سينالان حظهما من النجاح لأنهما في المستوى المطلوب.

الصحراء المغربية في

11.02.2014

 
 

الصايل يدعو إلى الاستثمار في القاعات السينمائية

جون بيير لوموان ينوه بنجاح الأفلام المغربية

موفد | المغربية 

أشاد الفرنسي جون بيير لوموان، نائب رئيس غرفة مستغلي القاعات السينمائية وصاحب المركب السينمائي "ميكاراما"، بالمستوى الذي وصلت إليه السينما المغربية بفضل مخرجين شباب أبانوا عن قدراتهم العالية في إنجاز أفلام بمواصفات دولية.

أشار جون بيير لوموان إلى أن الأفلام المغربية باتت تتربع على عرش "البوكس أوفيس" المغربي في الآونة الأخيرة.

وقال لوموان، في معرض تدخله في اللقاء الذي نظم حول تطوير المنظومة القانونية الخاصة بالسينما المغربية بطنجة، إن المركب السينمائي "ميكاراما" بات يعرض أربعة أفلام مغربية دفعة واحدة لتلبية رغبة الجمهور، مبرزا أن فيلم "الطريق إلى كابول" مازال يواصل النجاح بـ"ميكاراما" للأسبوع الرابع والتسعين على التوالي متجاوزا 330 ألف تذكرة.

من جهته، أشار المدير العام للمركز السينمائي المغربي، نورالدين الصايل، إلى أن السينما المغربية تسير في الاتجاه الصحيح بدليل أنها راكمت عددا مهما من الأفلام بفضل سياسة الدعم، مؤكدا أنه لا وجود لأي سينما في غياب الإنتاج.

ودعا الصايل مستغلي القاعات السينمائية إلى ضرورة إعادة تأهيلها وتجديدها لمسايرة التطور، مشيرا إلى أن المستغلين هم المسؤولون عن إفلاس القاعات وعزوف الجمهور عن ارتيادها جراء غياب الصيانة.

وقال الصايل إن الدولة لا يمكنها دعم الإنتاج وتشييد القاعات في الوقت نفسه، دون مبادرات جدية من المستثمرين في القطاع، مشيرا إلى أن لجنة دعم رقمنة القاعات مستعدة لتقديم المساعدة لأصحاب المبادرات الجادة.

في السياق ذاته، قال مخرج فيلم "الطريق إلى كابول"، إبراهيم الشكيري، في تصريح لـ"المغربية" إن قاعات السينما المغربية ما زالت لم تفلس بعد، شرط أن يقدم المنتجون أفلاما في المستوى الذي يطلبه الجمهور، داعيا إلى ضرورة الاستثمار في مركبات سينمائية وإعادة تأهيل القاعات القديمة، من خلال تحويلها إلى مركبات متعددة الشاشات لضمان التنوع في عرض الأفلام إرضاء لكافة الأذواق.

من جانبه، قال منتج "الطريق إلى كابول" محمد رزقي في تصريح مماثل، إن الشركة المنتجة للفيلم ستقوم إلى جانب الشركة الموزعة بتنظيم حفل خاص في أبريل المقبل، بمناسبة نجاح الفيلم ومواصلة عرضه للسنة الثالثة على التوالي بالقاعات السينمائية.

كما كشف عن قرب الشروع في تصوير الجزء الثاني من الفيلم بمساهمة منتجين من الخارج، مبديا استعداده للدخول في تجارب سينمائية جديدة شرط توفر سيناريوهات في المستوى المطلوب.

الصحراء المغربية في

11.02.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)