كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

من عزيزة أمير إلى جيهان نجيم

بقلم: سمير فريد

٢٩/ ١/ ٢٠١٤

 

اخترعت السينما أو «سينما توجراف لوميير» فى فرنسا على يدى الأخوين لوميير عام ١٨٩٥، وكانت العروض الأولى للأفلام فى كل دول العالم التى عرفت «السينما توجراف» من إنتاج شركة لوميير، سواء التى صورت فى فرنسا أم فى هذه الدول من إنتاج نفس الشركة، وكلها أفلام قصيرة وأغلبها تسجيلية، وفى فرنسا أيضاً بدأ إنتاج الأفلام التشكيلية «التحريك» عام ١٩٠٦. وكانت المرحلة الثانية من تاريخ السينما فى كل الدول إنتاج أفلام محلية قصيرة، ثم إنتاج أفلام طويلة.

وفى مصر كان العرض الأول لأفلام لوميير عام ١٨٩٦، وكان الإنتاج الأول من الأفلام القصيرة عام ١٩٠٧، والإنتاج الأول من الأفلام الروائية الطويلة عام ١٩٢٧ مع فيلم «ليلى» من إنتاج وتمثيل نجمة المسرح والسينما عزيزة أمير «١٩٠١-١٩٥٢»، فهى رائدة بكل معنى كلمة الريادة، وعندما شاهد طلعت حرب «١٨٦٧-١٩٤١» الفيلم قال عبارته المأثورة «لقد صنعت الهلال الذى نطمح فى أن يكون بدراً»، واليوم تهنأ روح عزيزة أمير فى العالم الآخر وهى ترى جيهان نجيم تصل بالسينما المصرية إلى الأوسكار بفيلمها التسجيلى الطويل «الميدان» عن ثورة ٢٥ يناير.

ولم تكن عزيزة أمير وحدها، وإنما على رأس مجموعة من رائدات السينما فى مصر، هن بهيجة حافظ «١٩٠٨-١٩٨٣» وفاطمة رشدى «١٩٠٨-١٩٩٦» وأمينة محمد «١٩٠٨-١٩٨٥» وآسيا «١٩٠٤-١٩٨٦» ومارى كوينى «١٩٠٩-٢٠٠٣» وعنهن أصدرت مكتبة الإسكندرية كتاب «رائدات السينما فى مصر» للباحث الكبير مجدى عبدالرحمن عام ٢٠٠٢، وأخرجت ماريان خورى فيلمها التسجيلى الطويل «عاشقات السينما» فى نفس العام.

وكانت الأفلام الأولى للرائدات صامتة مثل الأفلام الأولى فى كل العالم، ولكن ما أن بدأ إنتاج الأفلام الناطقة عام ١٩٣٢، وما أن حقق فيلم «الوردة البيضاء» إخراج محمد كريم «١٨٩٦-١٩٧٢» وتمثيل وغناء محمد عبدالوهاب «١٩٠١-١٩٩١» عام ١٩٣٣ ما حققه من إيرادات تتجاوز عشرة أضعاف تكاليفه، وكان أول فيلم مصرى يوزع فى أغلب الدول العربية، حتى تم استبعاد النساء من الإخراج تماماً لمدة تزيد على نصف قرن، وكان هذا ما حدث فى كل دول العالم أيضاً ما عدا بعض الاستثناءات التى تؤكد القاعدة.

وهذا يعنى أن السينما عندما أصبحت صناعة كبيرة، وتعدت مرحلة «المغامرات» الفنية، حتى أصبحت «ذكورية»، وأصبح عمل النساء بها مقتصراً على «فتاة الاسكريبت» أى التدقيق فى تفاصيل اللقطات، أو تصميم الأزياء أو الماكياج، وكلها من فنون «مطبخ» صنع الأفلام، وقد تغير هذا الوضع تماماً فى العقود الثلاثة الماضية فى مصر وكل العالم أيضاً، وها هى جيهان نجيم تصل بالسينما المصرية لأول مرة إلى ترشيحات الأوسكار. 

مشنقة للعمال على باب كل مصنع!

بقلم   سمير فريد

٢٨/ ١/ ٢٠١٤

محمد كامل القليوبى نموذج لما يطلق عليه باللغة الفرنسية «رجل السينما» أو إنسان السينما سواء كان رجلاً أو امرأة، أى الذى يعطى حياته للسينما، ويمارس العديد من فنونها، فهو مخرج وكاتب سيناريو للأفلام الروائية والتسجيلية، وهو ناقد وباحث ومؤرخ له العديد من الدراسات والكتب المتميزة، كما أنه أستاذ دكتور فى المعهد العالى للسينما، ومناضل صلب من أجل الحرية والعدالة منذ أن كان طالباً فى كلية الهندسة قبل أن يلتحق بقسم الإخراج فى معهد السينما، ويكتشف يحيى الفخرانى فى فيلم التخرج، وينال الدكتوراه فى معهد السينما بموسكو. والآن يرأس القليوبى مؤسسة «نون» للثقافة والفنون من مؤسسات المجتمع المدنى، والتى تنظم مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية.

وفى أحدث أفلامه التسجيلية الطويلة «اسمى مصطفى خميس» الذى شاهدته فى مهرجان دبى العاشر فى عرضه العالمى الأول، يفتح القليوبى صفحة مهمة من صفحات تاريخ مصر المعاصر بعد ثورة الجيش فى ٢٣ يوليو عام ١٩٥٢، وهى قضية إعدام العامل خميس والخفير البقرى فى كفر الدوار بعد شهر واحد من قيام الثورة فى أغسطس ١٩٥٢، والتى تعرف بقضية «خميس والبقرى»، ويربط القليوبى بينها وبين قضية إعدام ساكو وفاتريتى العاملين فى أحد مصانع الولايات المتحدة الأمريكية مطلع القرن العشرين.

لا يؤخذ على الفيلم سوى مدة عرضه، وكان الأفضل أن يكون مكثفاً فى مدة أقل، ولكن هذا لا يقلل من أهميته، خاصة فى الكشف عن هوس الذعر من الشيوعية، الذى جمع بين قادة الثورة وقادة الإخوان، ودفعهم إلى مواجهة إضراب فى أحد مصانع كفرالدوار بإعدام العامل والخفير بقرار من محكمة عسكرية من ضباط الثورة، وكانت أول محكمة عسكرية لمدنيين فى تاريخ مصر الحديث.

وليس من المهم هل وافق عبدالناصر على حكم الإعدام أم لم يوافق، ولكن الأهم أن الحكم صدر ونفذ، وأيده سيد قطب الذى أعدم بدوره بعد سنوات. وهناك عبارات «تاريخية» بحق تسمع فى هذا الفيلم لأول مرة فى السينما على الأقل، مثل قول حسين الشافعى «هناك ٢ مليون عامل فى مصر، وما المشكلة فى إعدامهم جميعاً حتى تنتصر الثورة؟». وقول أنور السادات «سوف نعلق مشنقة للعمال على باب كل مصنع». وكلاهما من أعضاء مجلس قيادة ثورة يوليو، وكان الشافعى نائباً لرئيس الجمهورية بعد ذلك، وتولى السادات رئاسة الجمهورية بعد وفاة عبدالناصر. فيلم القليوبى يحقق أحد الأدوار الكبرى للأفلام التسجيلية الطويلة الغائبة عنها فى مصر، وهو البحث فى التاريخ، وإعادة فتح صفحاته المطوية. 

خبير السينما العربى كعامل تراحيل!

بقلم   سمير فريد

٢٣/ ١/ ٢٠١٤

عامل التراحيل فى مصر، وفى بلاد أخرى بأسماء أخرى، هو الإنسان الذى يعمل مقابل طعامه ولا يحصل على أجر. وهناك مؤسسات فى دول عربية تعتبر الخبير الباحث فى السينما مثل عامل التراحيل، وتكلفه بكتابة بحث مقابل دعوته للإقامة فى فندق وتناول الطعام، مثل المؤسسة التى نظمت فى تونس حلقة بحث عن السينما العربية فى الشهر الماضى.

والمشكلة هنا ليست فى المؤسسة، وإنما أيضاً فى الباحث الذى يوافق على الكتابة من دون أجر، ولا حتى مقابل ما يقال عنه أجر رمزى، فالموافقة على الكتابة مجاناً أمر لا يليق سوى بالناشئين الذى يسعون لإثبات قدرتهم على البحث، وحتى فى هذه الحالة يعتبر ذلك استغلالاً لهم من المؤسسة ونفس الأمر بالنسبة إلى شركات إنتاج الأفلام التسجيلية والبرامج التليفزيونية، فكل إنسان لا يمتلك سوى الوقت الذى يمنحه له الله سبحانه وتعالى للحياة، والخبير فى السينما إنسان بدوره لا يملك سوى وقته. ومن الغريب أن أحداً لا يفكر فى تكليف خبير فى الطب أو الهندسة أو السياسة أو الاقتصاد بعمل ما من دون أى يحدد له الأجر الذى يتناسب مع خبرته، بينما الخبرة خلاصة الجهد فى كل المجالات بغير استثناء.

ورغم حب الشعوب العربية للفنون مثل كل الشعوب وخاصة الشعب المصرى، إلا أن النظرة السائدة فى المجتمع العربى للفنون عموماً والسينما خصوصاً لا تزال نظرة متخلفة حيث لا يعتبرها من أشكال التعبير «الجاد» عن الثقافة الوطنية وصناعة هذه الثقافة. وقد عملت منذ بداية عملى كناقد للأفلام على تغيير هذه النظرة، وأذكر عند تأسيس ملحق الفن والأدب فى مجلة «الطليعة» مطلع السبعينيات الاجتماع الأول لمجلس التحرير برئاسة لطيفة الزيات وعضوية محمود درويش وصبرى حافظ وكاتب هذه السطور، أن كانت المناقشات طويلة حول سياسات الملحق، ولكن تركيزى كان على مساواة مكافآت مقالات الفن والأدب مع مقالات السياسة والاقتصاد. ولم يكن ذلك بحثاً عن المال فقط، وهو أمر عادى ومشروع بالطبع، وإنما لتغيير تلك النظرة إلى الكتابة فى الفنون.

وأذكر أيضاً عندما أسند إلىّ عبدالمنعم الصاوى رئاسة تحرير جريدة «السينما والفنون» عام ١٩٧٦، أنه اقترح أن يكون العنوان «السيما والفنون» على غرار «الكورة والملاعب»، فطلبت منه أن تكون سينما وليست سيما، واستجاب الراحل الكريم مشكوراً ويمكن تلخيص هدف كل عملى من أجل السينما أن تصبح «سينما» وليست «سيما»! 

«بورتريه» لمصر من الإسكندرية إلى أسوان

بقلم   سمير فريد

٢٢/ ١/ ٢٠١٤

تخرجت ساندرا نشأت فى المعهد العالى للسينما قسم إخراج عام ١٩٩٢، وفى كلية الآداب بجامعة القاهرة قسم الأدب الفرنسى عام ١٩٩٣. وعندما شاهدت فيلمها للتخرج فى المعهد «آخر شتا» أدركت على الفور أننا أمام موهبة حقيقية أصيلة سوف يكون لها شأن فى مستقبل السينما المصرية.

ولم يكن ذلك للبراعة الفنية فقط، أو لأن الفيلم مصور بالأبيض والأسود فى عصر سيادة الألوان، وإنما لأنه تعبير ذاتى، ففيه مشاهد لا تنسى للصلاة فى الكنيسة، ومن ينتمى إلى أسرة مسيحية تختلف ثقافته عمن ينتمى إلى أسرة من دين آخر، والمخرج الذى لا يعبر عن ذاته يصنع أفلاماً من سطح جلد الرأس تذكر فى تاريخ صناعة السينما وليس تاريخ فن السينما.

ومما يشرفنى أننى قمت بالتدريس فى قسم الدراسات العليا بمعهد السينما للمتفوقين من دفعة ١٩٩٢، وكان من بينهم ساندرا نشأت وأسامة فوزى وغيرهما، ممن أصبحوا أعلاماً فى السينما المصرية بعد ذلك. وفى أول أفلامها الروائية الطويلة «مبروك وبلبل» عام ١٩٩٦ عبرت ساندرا أيضاً عن ثقافتها الذاتية على نحو مركب وعميق من صميم الفلسفة المسيحية. واستقبل النقاد الفيلم بحفاوة، ولكن جمهور الفيلم من المتفرجين كان محدوداً. وهنا كان على الفنانة الشابة أن تختار بين صناعة أفلام ذاتية لجمهور محدود، أو صناعة أفلام لجمهور السينما العام بمختلف مستوياته، وهو نفس الاختيار الذى وجد فيه حسين كمال نفسه بعد «شىء من الخوف» عام ١٩٦٨، وقبل «أبى فوق الشجرة» عام ١٩٦٩، وعشرات من المخرجين فى كل الدنيا.

اختارت ساندرا التوجه إلى الجمهور العام، وقدمت سبعة أفلام من «ليه خلتنى أحبك» عام ١٩٩٩ إلى «المصلحة» عام ٢٠١١، وفى هذه الأفلام أثبتت جدارتها وقدرتها على الوصول إلى جمهور كبير، ولكن من دون الخضوع إلى الجمهور الباحث عن التسلية الرخيصة. وبعد ثورة ٣٠ يونيو التى أعادت ثورة ٢٥ يناير على الطريق الصحيح نحو الحرية والديمقراطية، قام المخرج خالد يوسف بتصوير مظاهرات الثورة العارمة، وكان ممثل السينمائيين فى لجنة وضع الدستور الجديد.

وامتد دور السينما فى تأييد ثورة ٣٠ يونيو مع ساندرا نشأت فى فيلم «عن الديمقراطية» ثم فيلم «شارك» الذى حث على المشاركة فى الاستفتاء على الدستور.

وأغلب أفلام الدعاية السياسية سطحية ولا تعدو نفاقاً للنظام السياسى، ولكن الحكم المطلق ليس صحيحاً، فلم يكن «المدمرة بوتمكين» إخراج سيرجى إيزنشتين عام ١٩٢٥، والذى ظل فى المركز الأول فى قوائم أحسن الأفلام فى تاريخ السينما عقوداً طويلة، سوى دعاية سياسية للنظام الشيوعى فى روسيا بعد ثورة ١٩١٧، بل إن الفيلم التسجيلى الطويل «انتصار الإرادة» إخراج لينى ريفينشتال عام ١٩٣٥ كان من أفلام الدعاية السياسية للنازية، ومع ذلك يعتبر من كلاسيكيات السينما التسجيلية لقيمته الفنية العالية.

شاهدت مقاطع من فيلمى ساندرا على شاشات قنوات التليفزيون، وأنتظر مشاهدتهما كفيلمين، ولكنى رأيت من خلال هذه المقاطع، خاصة من الفيلم الثانى، أنها تمكنت من ابتكار شكل جديد للأفلام التسجيلية يتأثر بإخراجها ما يعرف بفيديو كليب الأغانى، ولكنه فيديو كليب سياسى، مع مدير التصوير أحمد عبدالعزيز.

هذا فيلم تسجيلى للدعاية السياسية، ولكنه مبهج كما لو أنك تتلقى «أوبرا» كاملة، إنه ربما أول فيلم يعبر عن شعب فى لحظة معينة بكل طبقاته وأجياله، وفى كل أنحائه من الإسكندرية إلى أسوان مروراً بالقاهرة، وذلك من خلال سؤالين للمخرجة يتكرران من خلف الكاميرا: هل ستذهب إلى الاستفتاء؟ وهل ستقول «نعم» أم «لا»؟ وتأتى الإجابات فى إيقاع سريع لاهب بين «لا» و«نعم» وتعليقات أخرى تعبر عن ذكاء وطرافة وطيبة عموم الشعب المصرى.

وأغلب لقطات الفيلم بورتريهات للوجوه تدخل فيما يمكن أن نطلق عليه تاريخ بورتريه الوجه الإنسانى فى السينما. والفيلم ككل بورتريه لمصر فى لحظة فارقة، ودرس فى العلاقة بين الصوت والصورة باستخدام مقاطع من تصريحات أو أغان لأعلام يرتبطون بهذا المكان أو ذاك من مصر، مثل نجيب محفوظ «القاهرة» وسيد درويش «الإسكندرية» وأم كلثوم «المنصورة» وهدى سلطان «طنطا»، وهكذا.

إنه دعاية سياسية، ولكنه عمل فنى شائق يعبر عن رؤية مصرية إنسانية ثاقبة لفنانة تحب كل الناس وتحترم كل الآراء المؤيدة والمعارضة، وجوهر هذه الرؤية حب الحياة والثقة فى الانتصار على أعداء الحياة، والتفاؤل بالمستقبل طالما قرر الغالبية من الشعب المصرى أن تعود مصر إلى مصر، أى إلى ثقافتها الوطنية التى تضرب بجذورها آلاف السنين، ولا تعرف التعصب أو التطرف، وتحتوى كل الأديان والعقائد وكل الأعراق والجنسيات. 

أحسن أفلام العام حسب الأوسكار

بقلم   سمير فريد

٢١/ ١/ ٢٠١٤

هناك ثلاث جوائز أوسكار لأحسن الأفلام القصيرة «روائية وتسجيلية وتشكيلية أو تحريك حسب أول ترجمة عربية للكلمة الإنجليزية» وثلاث جوائز مماثلة لأحسن الأفلام الطويلة من الأجناس الثلاثة للفن السينمائى، وجائزة لأحسن فيلم «أجنبى»، أى غير ناطق بالإنجليزية، و١٧ جائزة لفنون السينما وهى الإخراج والتمثيل «٤ للأدوار الأولى والأدوار الثانية رجال ونساء»، والسيناريو «٢ للسيناريو المكتوب للسينما والسيناريو المكتوب للسينما عن أصل أدبى» والصوت «٢ لمونتاج الصوت وميكساج الصوت» و٨ جوائز أخرى للتصوير والمونتاج والإنتاج وتشمل الديكور والأزياء والماكياج والموسيقى والأغنية والمؤثرات الضوئية، أى أن مجموع جوائز الأوسكار ٢٤ جائزة.

الجوائز لأحسن الأفلام التى عرضت فى لوس أنجلوس، حيث مقر الأكاديمية الأمريكية لفنون وعلوم السينما التى تنظم المسابقة، وهى للإنتاج الناطق باللغة الإنجليزية، ومن الإنتاج الناطق بلغات أخرى أيضاً، وهناك جائزة واحدة هى أحسن فيلم «أجنبى» تتقدم لها الدول المختلفة بفيلم واحد تختاره لجنة غير حكومية من السينمائيين فى الدول المختلفة، والأكاديمية ليست نقابة أو رابطة، وإنما تضم مجموعة مختارة من أعضاء النقابات والروابط، وهى التى تختار الأفلام المرشحة ثم الأفلام الفائزة بالتصويت المباشر. ورغم وجود قواعد علمية صارمة لكل جائزة، ولكن التصويت هو المحك الأخير، بمعنى أن التصويت يمكن أن يؤدى إلى ترشيح أى فيلم لأى جائزة حسب رغبات المصوتين، وعلى سبيل المثال يمكن ترشيح ممثل أو ممثلة فى فيلم «أجنبى»، أو ترشيح فيلم تسجيلى لأوسكار أحسن تصوير، أو فيلم تشكيلى لأوسكار أحسن أغنية، وهكذا فهذه الجوائز لا تعبر عن لجنة تحكيم، وإنما عن الاتجاهات السائدة بين أعضاء الأكاديمية، ومستوى التذوق العام لهم. وفى هذا العام تم ترشيح ٣٣ فيلماً لجوائز فنون السينما الـ١٧، وبلغ عدد الترشيحات ٩٨ ترشيحاً، ومنها فيلمان حصل كل منهما على ١٠ ترشيحات «الاحتيال الأمريكى» و«جاذبية الأرض» الذى عرض فى افتتاح مهرجان فينيسيا، وفيلم ٩ ترشيحات «١٢ سنة عبداً»، وثلاثة أفلام حصل كل منها على ٦ ترشيحات «كابتن فيليبس» و«نادى دلاس للمشترين» و«نبراسكا» الذى عرض فى مسابقة مهرجان كان، وخمسة أفلام حصل كل منها على ٥ ترشيحات «هى» و«فيلمومينا» الذى عرض فى مسابقة مهرجان فينيسيا، و«ذئب وول ستريت»، وهذه الأفلام التسعة هى المرشحة لأوسكار أحسن فيلم، وخمسة من مخرجيها مرشحون لأوسكار أحسن إخراج، أى أن هناك أربعة مخرجين رشحت أفلامهم لتكون الأحسن، ولكن من دون أن يرشحوا لجائزة الإخراج، وذلك بعد تغيير عدد الأفلام التى ترشح لأحسن فيلم إلى عشرة بحد أقصى بعد أن كانت خمسة مثل أغلب الجوائز الأخرى. 

مهرجانات المجتمع المدنى بين دعم الحكومة ورعاية الشركات الكبرى

بقلم   سمير فريد

٢٠/ ١/ ٢٠١٤

كنت أتمنى أن يقام مهرجان السينما المصرية والأوروبية الذى افتتح، أمس، فى الأقصر فى مدينة أخرى، بعد أن أقيم مهرجان السينما الأفريقية فى المدينة نفسها حتى لا يحدث خلط بينهما، وهو ما حدث بالفعل، خاصة أن صناع ونقاد السينما فى مصر يتطلعون إلى اليوم الذى يقام فيه مهرجان سينمائى فى كل مدينة مصرية، ومن المعروف أن إقامة مهرجان سينمائى فى عواصم المحافظات المصرية يجب أن يؤدى إلى وجود فندق واحد على الأقل من فئة الخمس نجوم، وتطوير دور السينما أو إنشاء دور للسينما إن لم توجد بها.

ولا تحتاج مدينة الأقصر إلى الفنادق من كل الفئات، فهى من أهم المدن السياحية حتى إنها توصف بأكبر متحف مفتوح فى العالم، وكم كان صائباً قرار تحويلها إلى محافظة، ولكن ليس بها دور للسينما تصلح لإقامة مهرجان على النحو المنشود، وكم كان صائباً قرار رجل الاقتصاد المصرى الكبير نجيب ساويرس إنشاء مجمع سينمائى يتضمن ٦ شاشات فى الأقصر، بعد أن أصبح فيها مهرجانان للسينما، ونتيجة وجود هذين المهرجانين. وليس هذا بالغريب، فهو من ناحية صعيدى أصلى، ومن ناحية أخرى مثقف صاحب رؤية وليس مجرد رجل اقتصاد، أو بالأحرى هو رجل الاقتصاد الحقيقى الذى لا يفصل بين إدارته شركات كبيرة والسياسة والثقافة، ويذكر تاريخ السينما فى مصر لنجيب ساويرس أنه غير سوق السينما عندما كان رائداً فى إنشاء دور العرض الحديثة منذ عشرين سنة.

وقد قدم نجيب ساويرس دعماً لمهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية، وليس هذا أيضاً بالغريب عليه، ولكن أكبر الدعم أن ينشأ ذلك المجمع فى المدينة، وكلا المهرجانين الأقصريين تنظمهما مؤسستان من مؤسسات المجتمع المدنى، مثل مهرجان الإسكندرية لأفلام دول البحر المتوسط الذى يقيم دورته الثلاثين هذا العام، وتدعم الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة الثقافة هذه المهرجانات، وهذا واجبها، ولكنها مكبلة بالبيروقراطية حتى إن وزارة الشباب قدمت دعماً لمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، ولكنها لا تستطيع تحويله لحساب المهرجان مباشرة، ويبقى دعم الحكومة ضرورياً بقدر دعم الشركات الكبرى كما فى كل الدنيا. 

اليوم افتتاح مهرجان الأقصر الثانى للسينما المصرية والأوروبية

بقلم   سمير فريد

١٩/ ١/ ٢٠١٤

يبدأ اليوم فى الأقصر مهرجان الأقصر الثانى للسينما المصرية والأوروبية الذى تنظمه مؤسسة «نون» للثقافة والفنون، ويستمر حتى السبت القادم ٢٥ يناير، حيث تعلن جوائزه، ويا له من يوم.

رئيس شرف الدورة الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى، والشخصية المكرمة من مصر فنان السينما الكبير نور الشريف، ومن أوروبا المخرج الروسى الكبير فلاديمير مينشوف الذى يلقى أيضاً محاضرة درس السينما من واقع خبراته الطويلة. ويتضمن البرنامج أيضاً أربع ندوات: «السينما والشباب»، «السينما المصرية المستقلة»، «السينما والتغيير السياسى والاجتماعى فى مصر»، «الإنتاج المشترك مع أوروبا» وحواراً مفتوحاً مع نور الشريف.

يعرض المهرجان ٦١ فيلماً «٣٨ فيلماً طويلاً و٢٣ فيلماً قصيراً»، منها ٢١ فيلماً مصرياً «١٨ فيلماً طويلاً و٣ أفلام قصيرة» و٤٠ فيلماً من أوروبا «٢٠ فيلماً طويلاً و٢٠ فيلماً قصيراً» من ١٤ دولة أوروبية، وهى فرنسا وجورجيا والنرويج واليونان وإسبانيا وصربيا والسويد وروسيا ورومانيا والجمهورية التشيكية التى يعرض منها فى مسابقة الأفلام الروائية الطويلة عشرة أفلام إلى جانب الفيلم المصرى «لامؤاخذة» إخراج عمرو سلامة الذى يعرض فى الافتتاح، وبلجيكا وأيرلندا وألمانيا وبريطانيا وروسيا وسويسرا وهولندا التى يعرض منها فى مسابقة الأفلام القصيرة ٢٠ فيلماً إلى جانب الأفلام المصرية «اسكارف» إخراج أحمد عماد، و«حقيقة واحدة» إخراج آية العدل، و«فردة شمال» إخراج سارة رزيق.

فى برنامج تكريم مينشوف الذى يرأس لجنة التحكيم فيلمه الأشهر «موسكو لا تؤمن بالدموع» الذى فاز بأوسكار أحسن فيلم أجنبى عام ١٩٧٩، وفى اللجنة من مصر فنان السينما الكبير والباحث الأكبر فى تاريخ التصوير السينمائى فى مصر سعيد شيمى. والبرامج الخاصة ثلاثة عن السينما الألمانية الجديدة والسينما المصرية المستقلة وكلاسيكيات الأفلام المصرية. وخارج المسابقة يعرض الفيلم المصرى «فتاة المصنع» إخراج محمد خان فى عرضه الأول فى مصر مثل فيلم الافتتاح.

لا توجد أسماء كبيرة معروفة فى أوروبا بين مخرجى أفلام المهرجان، ولكن من قال إن المهرجانات للأسماء الكبيرة والمعروفة فقط، ولماذا لا تكون للاكتشافات فى مهرجان صغير الحجم، ولكنه يتغير بطابعه الثقافى الواضح، ويتطور دورة بعد أخرى بحيث يمكن أن يكون كبير القيمة، وهل تستهدف المهرجانات غير الثقافة والتعبير عن السينما كمكون أساسى للثقافة الوطنية فى كل بلد. 

لأول مرة فيلم مصرى يرشح للأوسكار ولأول مرة فيلمان من العالم العربى

بقلم   سمير فريد

١٨/ ١/ ٢٠١٤

أُعلنت أمس ترشيحات الأوسكار لأحسن أفلام عام ٢٠١٣، والتى تعلن جوائزها يوم ٢ مارس المقبل.

لأول مرة فى تاريخ الجوائز الأشهر فى العالم فى دورتها الـ٨٦، يصل فيلم مصرى إلى ترشيحات الأوسكار، وهو الفيلم التسجيلى الطويل «الميدان»، إخراج الأمريكية مصرية الأصل جيهان نجيم، والذى صورته فى مصر عن ثورة يناير، وعرض لأول مرة فى مهرجان صاندانس فى يناير ٢٠١٣، وبعد ثورة يونيو فى نفس العام تم إنتاج نسخة ثانية من الفيلم تتضمن ثورة الشعب المصرى ضد حكم الإخوان بعد سنة واحدة من حكمهم، وهى النسخة التى وصلت إلى ترشيحات أوسكار أحسن فيلم تسجيلى طويل.

وقد أعلنت بانوراما السينما الأوروبية التى أقيمت فى القاهرة فى نوفمبر الماضى عن عرض «الميدان»، ولكن الفيلم لم يعرض، وتردد أن الرقابة منعته من العرض، وسواء كان ما تردد صحيحاً أم غير صحيح، المهم أن يصدر تصريح الرقابة بالعرض العام للفيلم اليوم قبل الغد، فليس من المعقول ولا المقبول أن يمنع الفيلم فى مصر وقد وصل بالسينما المصرية إلى الأوسكار لأول مرة بعد ٨٥ سنة من بداية الجائزة.

ومن الناحية السياسية البحتة، لا يتفق هذا المنع مع ثورة يونيو، ولا يليق بهذه الثورة العظيمة التى عبر فيها الشعب المصرى عن رفض الحكم باسم الدين لأول مرة فى العالم الإسلامى منذ الحكم الدينى فى إيران عام ١٩٨٠.

ولأول مرة فى تاريخ الأوسكار أيضاً، يصل فيلمان من العالم العربى إلى ترشيحات الجوائز التى تنظمها الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم السينمائية فى لوس أنجيليس، فإلى جانب «الميدان» رشح الفيلم الفلسطينى «عمر»، إخراج هانى أبوأسعد، لأوسكار أحسن فيلم أجنبى، أى غير ناطق بالإنجليزية، وكان فيلم هانى أبوأسعد «الجنة الآن» أول فيلم ناطق بالعربية يرشح للأوسكار عن نفس الجائزة عام ٢٠٠٥، وعرض «عمر» لأول مرة فى برنامج «نظرة خاصة» فى مهرجان كان فى مايو الماضى (انظر رسالة «المصرى اليوم» من مهرجان كان عدد ٢٣ مايو).

الفيلمان عرضا فى مهرجان دبى العاشر، الذى أقيم فى ديسمبر، حيث فاز «عمر» بجائزة أحسن فيلم عربى روائى طويل، وفاز «الميدان» بجائزة أحسن فيلم عربى تسجيلى طويل، كما شهد مهرجان دبى عرض الفيلم الإيطالى «الجمال الكبير»، الذى رشح لأوسكار أحسن فيلم أجنبى، وشهد عرض الفيلمين اللذين فازا بأكبر عدد من ترشيحات الأوسكار، وهما «الاحتيال الأمريكى» (١٠ ترشيحات)، و«١٢ سنة عبداً» (٩ ترشيحات)، وفيلم «داخل لوين دافيز» (ترشيحان)، بينما شهد مهرجان أبوظبى فى أكتوبر عرض الفيلم الكمبودى «الصورة المفقودة»، وهو أول فيلم تسجيلى يرشح لجائزة أحسن فيلم أجنبى، وأحد أربعة أفلام من الأفلام المرشحة لهذه الجائزة، كان عرضها العالمى الأول فى مهرجان كان، وبهذه الترشيحات يؤكد مهرجان كان مكانته بين المهرجانات الدولية الكبرى، ويؤكد مهرجان دبى مكانته بين المهرجانات العربية. 

اليوم افتتاح مهرجان صاندانس وبداية العام السينمائى الجديد

بقلم   سمير فريد

١٦/ ١/ ٢٠١٤

يبدأ اليوم مهرجان صاندانس السينمائى الدولى فى مدينة بارك سيتى الأمريكية فى دورته الثلاثين، التى تستمر حتى ٢٦ يناير مع إعلان جوائز مسابقاته الأربع، ويعتبر المهرجان الذى أسسته وتنظمه مؤسسة صاندانس برئاسة روبرت ردفورد أكبر مهرجانات الأفلام المستقلة أى إنتاج الشركات الصغيرة والأفلام قليلة التكاليف، كما يعتبر بداية العام السينمائى الجديد فى العالم.

يعرض المهرجان ١١٧ فيلماً طويلاً اختيرت من بين ١٢ ألفاً و٢١٨ فيلماً تقدمت للاشتراك، و٦٦ فيلماً قصيراً اختيرت من بين ٨ آلاف و١٦١ فيلماً، ومن بين الأفلام الطويلة ٥٦ فيلماً فى أربع مسابقات هى مسابقة الأفلام الروائية الأمريكية «١٦ فيلماً» ومسابقة الأفلام التسجيلية الأمريكية «١٢ فيلماً» والمسابقة الدولية للأفلام الروائية «١٦ فيلماً»، والمسابقة الدولية للأفلام التسجيلية «١٢ فيلماً»، ورغم أن الأفلام الطويلة الـ١١٧ فيها ٩٦ عرضاً عالمياً أول، إلا أنه من بين الأقسام الأخرى قسم باسم «العرض العالمى الأول» يتضمن ١٧ فيلماً روائياً و١١ فيلماً تسجيلياً إلى جانب أقسام تحمل عناوين منتصف الليل وآفاق جديدة وأضواء وأفلام الأطفال وأفلام قليلة التكاليف.

ومن بين كل أفلام المهرجان لا يعرض سوى فيلم عربى واحد من إنتاج سورى لبنانى بعنوان «العودة إلى المنازل» إخراج طلال ديركى فى المسابقة الدولية للأفلام التسجيلية الطويلة، ولا يعرض سوى فيلم واحد «صور فى بلد عربى» وهو الفيلم الأمريكى «صيد من دون شباك» إخراج كوتير هوديرنى، الذى صور فى الصومال، ويعرض فى المسابقات الأمريكية للأفلام الروائية ومن أفريقيا السوداء فيلم واحد، وهو الفيلم الإثيوبى «ديفرت» إخراج زيرن نياى بيرهانى ميهارى فى المسابقة الدولية للأفلام الروائية، وفى برنامج العرض الأول يعرض الفيلم الأمريكى الألمانى الروائى «الأصوات» أحدث أفلام فنانة السينما العالمية الإيرانية مارجان ساترابى والتى تعيش فى المنفى الاختيارى منذ ثورة إيران.

ومهرجان صاندانس، الذى يديره جون كوبر الوحيد الذى يحرص على حضوره ممثلون للمهرجانات الكبرى فى برلين وكان وفينيسيا للاختيار من أفلامه، وفى هذا العام ولأول مرة يحضره ممثل لمهرجان القاهرة، وهو الناقد جوزيف فهيم، مدير العلاقات الدولية بالمهرجان. 

جولدن جلوب بين كان ودبى

بقلم   سمير فريد

١٥/ ١/ ٢٠١٤

أعلنت أمس جوائز «جولدن جلوب» التى ينظمها اتحاد الصحفيين والنقاد الأجانب فى هوليوود فى دورتها الـ٧١، والتى تعتبر أهم مؤشرات الأوسكار، وإن كانت قواعدها مختلفة تماماً عن قواعد الأوسكار. وأهم الاختلافات أنها تشمل مسلسلات وأفلام التليفزيون، وأنها تقسم الأفلام إلى دراما وكوميدى، وتمنح جوائز متماثلة لكلا النوعين، أما فى الأوسكار فيتم ترشيح عشرة أفلام لأحسن فيلم وللجوائز الأخرى من دون تقسيمها إلى دراما وكوميدى، ولا تشترك المسلسلات والأفلام التليفزيونية، وإنما الأفلام السينمائية فقط.

فاز بجائزة أحسن فيلم درامى «١٢ سنة عبداً» إخراج ستيف ماكوين، وبجائزة أحسن فيلم كوميدى «الاحتيال الأمريكى» إخراج دافيد أو روسيل، وكلاهما عرض فى مهرجان دبى، وفاز بجائزة أحسن فيلم تليفزيونى «خلف الشمعدانات» إخراج ستيفن سودربرج، وفاز بجائزة أحسن فيلم أجنبى (أى غير ناطق بالإنجليزية) الفيلم الإيطالى «الجمال الكبير» إخراج باولو سورنيتينو، وكلاهما عرض فى مسابقة مهرجان كان، بل إن أربعة من الأفلام الخمسة التى رشحت لأحسن فيلم أجنبى عرضت فى كان والخامس فى برلين، كما أن فيلمين من الأفلام الخمسة التى تنافست على جائزة أحسن فيلم درامى عرضا فى مهرجان فينسيا، وهذا يؤكد مكانة المهرجانات الكبرى الثلاثة (كان وبرلين وفينيسيا) فى اختيار أحسن أفلام العالم، كما أن عرض «١٢ سنة عبداً» و«الاحتيال الأمريكى» فى مهرجان دبى يؤكد مكانة المهرجان على صعيد مهرجانات العالم العربى.

ومن بين الأفلام الفائزة فى «جولدن جلوب» يعرض فى مصر «ذئب وول ستريت» إخراج مارتين سكورسيزى الذى فاز بجائزة أحسن ممثل فى فيلم كوميدى لممثل الدور الأول ليوناردو دى كابريو.

فى قائمتى لأحسن أفلام العالم عام ٢٠١٣ (انظر «المصرى اليوم» فى ٧ يناير) جاء الأول «كل شىء ضائع» إخراج ج. سى شاندور الذى عرض فى مهرجان كان ولم يرشح سوى لجائزة أحسن ممثل (روبرت ردفورد)، ولم يفز سوى بجائزة أحسن موسيقى (ألكس إيبرت)، وجاء الثانى «فيلومينا» إخراج ستيفن فيراوس، ورشح لأحسن فيلم درامى وأحسن ممثلة (جودى دينش)، ولم يفز بأى جائزة، ومرة أخرى الجوائز ليست المعيار الوحيد، وإنما معيار من معايير. 

هؤلاء المسافرون إلى إيران

بقلم   سمير فريد

١٣/ ١/ ٢٠١٤

مرة أخرى يقبل عشرات من السينمائيين والصحفيين المصريين دعوة وزارة الثقافة الإيرانية لزيارة إيران بالصدفة، وفى اليوم التالى مباشرة لبدء الزيارة تم استدعاء القائم بأعمال السفارة الإيرانية فى القاهرة إلى وزارة الخارجية المصرية، وإبلاغه باحتجاج رسمى على تدخل إيران فى الشؤون الداخلية لمصر بعد تصريحات له وللمتحدث باسم الخارجية الإيرانية.

لم يتضمن الخبر هذه التصريحات ولم أهتم بالبحث عن نصوصها لأن المسألة بالنسبة لى واضحة تماماً، فهناك دولة دينية فى إيران منذ ١٩٧٩، وكان هناك مشروع دولة دينية فى مصر أسقطها الشعب المصرى فى مهدها وعمرها سنة واحدة، ومن المنطقى أن يكون النظام الإيرانى ضد هذه الثورة.

كل إنسان حيث يضع نفسه ومن حق كل مصرى أن يذهب أو لا يذهب إلى إيران ولكن ألا يدرك المسافرون إلى إيران أنهم يذهبون إلى بلد لا توجد علاقات دبلوماسية بينه وبين مصر، وألا يعرفون سبب قطع العلاقات، هل لا يعرفون ماذا يفعل النظام الإيرانى فى العراق وسوريا ولبنان وفلسطين، وما هى توجهاته تجاه السعودية ودول الخليج العربى التى يحتل ثلاثاً من جزرها الإماراتية، هل لا يعرفون ماذا يفعل فى شعب إيران وكيف قمع الثورة الشعبية ضد ذلك النظام عام ٢٠٠٩؟!

ألا يعرف المسافرون إلى إيران باسم وفد سينمائى أن كبار مخرجى السينما الإيرانية اختاروا المنفى عن البقاء فى ظل ذلك النظام، فذهب «كياروستامى» إلى روما و«محسن ماخمالباف» ومارجان ساترابى إلى باريس، وغيرهم من السينمائيين، ألا يعرفون أن المخرج جعفر بناهى مسجون فى بيته لمدة ٦ سنوات، وممنوع من العمل لمدة ٢٠ سنة، فى حكم ربما لا مثيل له فى تاريخ القضاء، حيث نص الحكم على معاقبته لأنه كان «ينوى» صنع فيلم ضد النظام، وهو ما يعنى من الناحية الدينية البحتة التدخل فيما لا يعلمه سوى الله وحده سبحانه وتعالى.

وقد قال لى مدير التصوير محمود عبدالسميع الذى يرأس الوفد وهو يحاول إقناعى بالانضمام إليه أنه وفد «شعبى» لتأكيد العلاقات مع الشعب الإيرانى، فقلت له إننى أرفض من أجل الشعب الإيرانى، ومن أجل الشعب المصرى الذى يخوض حرباً ضد جماعات الإسلام السياسى التى تتبنى العنف فى سيناء وكل مصر، والأرجح أن حزب الله الجناح العسكرى لنظام إيران فى العالم العربى طرف فى هذه الحرب أيضاً، ثم كيف يسمى الوفد «شعبياً» وهو يسافر ويقيم ويأكل ويشرب على نفقة الحكومة الإيرانية. 

سول زينتز ورون رون شو المنتج بين الإبداع وصناعة التاريخ

بقلم   سمير فريد

١٢/ ١/ ٢٠١٤

المنتج السينمائى مثل كل من يعمل فى «السوق» فى السينما وغير السينما، وفى الفنون وغير الفنون، يسعى إلى تحقيق الأرباح، وتلك بدهية، ولكن الإنتاج فى السينما وغيرها من الفنون يختلف فى أن الفن ليس مجرد بضاعة استهلاكية، وإنما تعبير عن الثقافة الوطنية، بل يساهم فى صنعها.

صحيح أن هناك إنتاجاً استهلاكياً، ولكن حتى هذا الإنتاج يعبر عن الثقافة الوطنية لأنه يظل جزءاً من التاريخ مهما كانت محدودية قيمته الفنية والفكرية، وقد توفى مطلع عام ٢٠١٤ منتجان من كبار منتجى السينما فى القرن العشرين فى العالم، وهما الأمريكى سول زينتز عن ٩٢ عاماً يوم الجمعة ٣ يناير، والصينى رون رون شو يوم الثلاثاء ٧ يناير، والذى ولد فى شنغهاى فى ١٤ أكتوبر ١٩٠٧ باسم شاو رين لينج.

«زينتز» نموذج للمنتج كمبدع، حيث أسس فى سان فرانسسكو شركته للإنتاج المستقل بعيداً عن هوليوود وأساليب شركاتها الكبيرة، ولكن مسابقة الأوسكار لكل الإنتاج الأمريكى، ولذلك فازت ثلاثة من أفلامه بـ٢٢ جائزة أوسكار، وفاز هو عام ١٩٩٧ بجائزة الأوسكار التقديرية عن مجمل أفلامه، وهى قليلة العدد، ولكن كبيرة القيمة.

فى عام ١٩٧٥ فاز «أحدهم طار فوق عش المجانين» إخراج ميلوش فورمان بخمس جوائز أوسكار منها أحسن إخراج، وفى عام ١٩٨٤ فاز «أماديوس» من إخراج فورمان أيضاً بثمانى جوائز أوسكار منها أحسن فيلم وأحسن مخرج، وفى عام ١٩٩٦ فاز «المريض البريطانى» إخراج أنتونى مينجيلا بتسع جوائز أوسكار منها أحسن فيلم وأحسن مخرج.

أما رون رون شو الذى نال لقب «سير» من القصر الملكى البريطانى فهو من رواد السينما فى الصين منذ الثلاثينيات قبل الثورة الشيوعية، وبعد الحرب العالمية الثانية أسس شركة الأخوان شو مع شقيقه رونمى فى هونج كونج وامتد عمله إلى سنغافورة واليابان فأصبح من أعلام السينما فى كل قارة آسيا وقد عرف بإنتاج أفلام فنون القتال الصينية مثل الكاراتيه وغيرها ذات الشعبية الكبيرة، وأنتج باسمه ٣٦٠ فيلماً من بين ٦٧٠ فيلماً من إنتاج شركته، وأصبح بذلك نموذجاً للمنتجين الذين يصنعون التاريخ. 

اليوم يفتح باب التقدم للاشتراك فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى

بقلم   سمير فريد

٩/ ١/ ٢٠١٤

يفتح اليوم باب التقدم لاشتراك الأفلام فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى الـ٣٦، الذى تنظمه وزارة الثقافة من ٩ إلى ١٨ نوفمبر ٢٠١٤، ويستمر الباب مفتوحاً حتى ٩ سبتمبر.

بعد مداولات بين لجنة إدارة المهرجان والاتحاد الدولى للمنتجين فى باريس استمرت منذ أغسطس الماضى، أقر الاتحاد اللائحة الجديدة للمهرجان ليكون من بين ١٤ مهرجاناً فى العالم تنظم مسابقات دولية ومسجلة فى الاتحاد، وأهمها برلين وكان وفينيسيا، وبعد خمسة شهور من العمل، أتمت اللجنة إعادة هيكلة المهرجان، وتشكيل فريق العمل بحيث يتضمن أغلبية من العناصر الشابة الخبيرة الجديدة.

يتكون المهرجان من عشرة أقسام هى:

- مسابقة الأفلام الطويلة

- عروض خاصة

- مهرجان المهرجانات

- أفلام عن السينما

- كلاسيكيات الأفلام الطويلة

- كلاسيكيات الأفلام القصيرة

- السينما ضيف الشرف

- حلقة بحث

- معرض صور ووثائق

- معرض المطبوعات السينمائية

لأول مرة لا تقتصر المسابقة الدولية على الأفلام الروائية، وإنما تشمل أيضاً الأفلام التسجيلية والتشكيلية «التحريك»، ولأول مرة يمنح المهرجان الجائزة التقديرية عن مجمل الأعمال «الهرم الذهبى التذكارى» باسم نجيب محفوظ، ولأول مرة تنعقد أثناء المهرجان ثلاثة برامج موازية هى برنامج «آفاق السينما العربية»، وتنظمه نقابة المهن السينمائية، مثل «نصف شهر المخرجين» فى كان و«أيام فينيسيا» فى فينيسيا، وبرنامج «أسبوع النقاد الدولى» وتنظمه جمعية نقاد السينما المصرية مثل الأسبوع المماثل فى كان وفينيسيا، وبرنامج «سينما الغد الدولى» للأفلام القصيرة، وينظمه اتحاد طلبة المعهد العالى للسينما فى سابقة هى الأولى فى العالم.

وبينما تتشكل لجنة تحكيم مسابقة المهرجان من رئيس وستة أعضاء، وتمنح الهرم الذهبى لأحسن فيلم والهرم الفضى لأحسن إخراج وسيناريو وممثل وممثلة وأحسن إسهام فنى، تتشكل كل لجنة من لجان تحكيم البرامج الموازية من رئيس وعضوين وتمنح كل منها جائزتين، ولكل جائزة قيمة مالية باسم سعد الدين وهبة وصلاح أبوسيف فى برنامج النقابة، وباسم شادى عبدالسلام وفتحى فرج فى برنامج النقاد، وباسم يوسف شاهين ومحمد كريم فى برنامج اتحاد طلبة المعهد. 

ممدوح الليثى فى سينما نجيب محفوظ

بقلم   سمير فريد

٨/ ١/ ٢٠١٤

عرفت الأشقاء الأربعة الذين عملوا فى السينما المصرية المنتج جمال الليثى والموزع إيهاب الليثى وكاتب السيناريو ممدوح الليثى الذى لحق بأخويه فى أول يناير من العام الجديد، وخبير الفيديو وجيه الليثى أطال الله عمره، ولى ذكريات كثيرة مع كل منهم منذ منتصف ستينيات القرن الميلادى الماضى.

اختلفت مع ممدوح الليثى فى عدة مواقف، وبعضها أفسد الود فترات متباينة، ولكن أعماله الفنية فى السينما والتليفزيون، سواء ككاتب للسيناريو، أو منتج فنى تمثل صفحة مهمة ومميزة وباقية. وقد بدأ ممدوح الليثى الذى ولد ١٠/١٢/١٩٧٣ حياته فى الفن بكتابة القصص القصيرة وهو لم يزل طالباً فى كلية الشرطة التى تخرج فيها عام ١٩٥٩، وعندما أنشأ صلاح أبوسيف «١٩١٥- ١٩٩٦» معهد السيناريو التحق به عام ١٩٦٤، وأدرك أن موهبته فى كتابة السيناريو.

وكانت البداية فى الكتابة للتليفزيون بعد سنوات قليلة من بدء البث التليفزيونى فى مصر عام ١٩٦٠. ولكن الدور الأهم الذى قام به ممدوح الليثى فى التليفزيون لم يكن ككاتب، وإنما كمنتج فنى عندما تولى منصب رئيس قطاع الإنتاج، ووصل به إلى عصره الذهبى بإنتاج مسلسلات دخلت التاريخ، وخاصة مسلسل «ليالى الحلمية».

وتصدر أهمية دوره كمنتج فنى فى التليفزيون بقدر أهميته ككاتب سيناريو فى السينما، ورغم قلة عدد أفلامه التى لا تتجاوز عشرة أفلام بالمقارنة مع كتاب آخرين للسيناريو. وأغلب سيناريوهات ممدوح الليثى عن قصص وروايات أدبية، وكلها مع مخرجين كبار، خاصة عن أعمال نجيب محفوظ «١٩١١- ٢٠٠٦».

ومن المعروف أن سينما نجيب محفوظ صفحة كبيرة من صفحات تاريخ السينما المصرية تتضمن عشرات الأفلام التى ساهم فيها الكاتب العظيم بأشكال مختلفة، ومن بين هذه الأفلام يأتى ممدوح الليثى فى المقدمة من حيث الكم والكيف معاً، فلا يوجد كاتب سيناريو آخر كتب سبعة أفلام عن أدب محفوظ، وهى «ميرامار» إخراج كمال الشيخ ١٩٦٩، و«ثرثرة فوق النيل» إخراج حسين كمال ١٩٧١، و«السكرية» ١٩٧٣، و«أميرة حبى أنا» ١٩٧٤ إخراج حسن الإمام، و«الحب تحت المطر» إخراج حسين كمال، و«الكرنك» إخراج على بدرخان ١٩٧٥، و«المذنبون» إخراج سعيد مرزوق ١٩٧٦، ورحم الله فقيد السينما المصرية. 

أحسن عشرة أفلام فى سينما العالم ٢٠١٣.. ولكل قائمته

بقلم   سمير فريد

٧/ ١/ ٢٠١٤

المسابقات بين الفنون، والتى تشمل فنون الأدب، قديمة قدم تاريخ هذه الأشكال من الإبداع الإنسانى، منذ مسابقات، المسرح اليونانى القديم فى القرن الخامس قبل ميلاد المسيح إلى مسابقات سوق عكاظ للشعر فى الجزيرة العربية، فهناك حاجة حقيقية إلى تصفية الإنتاج واختيار الأفضل كل فترة من الزمن اتفق على أى تكون سنة. ولكن المسابقات فى الفنون، والسينما على سبيل المثال، لا تعنى على الإطلاق أنها المعيار الوحيد لتصفية الإنتاج السينمائى، فهناك أفلام عظيمة لم تعرض فى أى مهرجان، وإنما المسابقات معيار من معايير. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأفلام التى تفوز بالجوائز، فهناك أفلام عظيمة عرضت فى مسابقات ولم تفز، ومرة أخرى إنما الجوائز معيار من معايير، وقد اعتاد أغلب النقاد. اختيار أحسن عشرة أفلام كل سنة من وجهة نظر كل ناقد بالطبع، ولكل قائمته، ومن خلال حضورى مهرجانات السينما الثلاثة الكبرى فى العالم عام ٢٠١٣ (برلين وكان وفينسيا)، فإن قائمتى لأحسن عشرة أفلام طويلة هى:

١- الفيلم الأمريكى «كل شىء ضائع» إخراج ج. سى شاندور الذى عرض خارج المسابقة فى مهرجان كان.

٢- الفيلم البريطانى «فيلومين» إخراج ستيفن فريراس الذى عرض فى مسابقة مهرجان فينسيا وفاز بجائزة أحسن سيناريو.

٣- الفيلم الفرنسى «كاميل كلوديل ١٩١٥» إخراج برونو دو مونت الذى عرض فى مسابقة مهرجان برلين، ولم يفز بأى جائزة.

٤- الفيلم الأسترالى «مسارات» إخراج جون كوران الذى عرض فى مسابقة مهرجان فينسيا، ولم يفز بأى جائزة.

٥- الفيلم الإيطالى «شارع كاستيلانا بانديرا» إخراج إيمى دانتى الذى عرض فى مسابقة فينسيا، وفاز بجائزة أحسن ممثلة.

٦- الفيلم البوسنى «فصل من حياة عامل خردة» إخراج دانيس تانوفيك الذى عرض فى مسابقة مهرجان برلين وفاز بجائزة التحكيم وجائزة أحسن ممثل.

٧- الفيلم الصينى «لمسة خطيئة» إخراج جيا زانج كى الذى عرض فى مسابقة مهرجان كان، وفاز بجائزة أحسن سيناريو.

٨- الفيلم البريطانى التسجيلى «روح ١٩٤٥» إخراج كين لوش الذى عرض خارج المسابقة فى مهرجان برلين.

٩- الفيلم اليابانى التشكيلى «هبوب الرياح» إخراج هاياو يامازاكى الذى عرض فى مسابقة مهرجان فينسيا، ولم يفز بأى جائزة.

١٠- الفيلم الألمانى التشكيلى «المؤتمر» إخراج آرى فولمان الذى عرض فى برنامج «نصف شهر المخرجين» فى مهرجان كان. 

سينما ٢٠١٣ فى العالم: بين ذهب المهرجانات ومليارات الإيرادات

بقلم   سمير فريد

٦/ ١/ ٢٠١٤

لايزال الانقسام حاداً وسوف يظل دائماً بين الأفلام «الفنية» والأفلام «التجارية»، وأضع الكلمتين بين قوسين عن عمد، فليس معنى التجارى أنه بلا فن، وليس معنى الفن أنه بلا جمهور، ولكنه جمهور محدود بالمقارنة مع الأفلام التى تصنع مع أكبر قدر من «ضمان» الإقبال، وهذه الكلمة بدورها بين قوسين، فلا يمكن «ضمان» الجمهور مائة فى المائة، وليس هناك أفضل من تعبير شارلى شابلن، وهو ملك الجمهور المتوج، فى وصفه الجمهور بأنه «حيوان له ألف ذراع، ولكن من دون عقل».

وليس أدل على محاولة «ضمان» الجمهور من حقيقة أن ثمانية من الأفلام العشرة التى حققت أعلى الإيرادات فى العالم عام ٢٠١٣، وكلها أمريكية، هى أجزاء جديدة من «سلاسل» أفلام سبق أن حققت أعلى الإيرادات وأولها «الرجل الحديدى» الجزء الثالث، الذى تجاوزت إيراداته مليار دولار، بينما حقق العاشر أكثر من نصف مليار، والأفلام الثمانية الأخرى ما بين ٩٠٠ مليون وأكثر و٦٠٠ مليون وأكثر، ومن بين الأفلام العشرة ثلاثة أفلام تشكيلية «تحريك» فى المركز الثانى والمركز الخامس والمركز العاشر، مما يؤكد التطور الكبير لهذا الجنس من أجناس السينما.

وليس أدل على الانقسام الحاد بين الفن، الذى عادة ما يعرض فى المهرجانات، والتجارى الذى لا يعرض فيها برغبة الطرفين- أن من بين الأفلام العشرة التى حققت إيرادات تزيد فى مجموعها على ٧ مليارات دولار هناك فيلم واحد فقط عرض فى أحد المهرجانات الكبرى الثلاثة «برلين وكان وفينسيا» وهو فيلم «جاذبية الأرض» الذى عرض فى افتتاح فينسيا، وجاء فى المركز السابع.

أما ذهب المهرجانات، فقد فاز بذهبية «برلين» الفيلم الرومانى «تصوير طفل»، إخراج كالين بيتر نيتزر، وفاز بذهبية «كان» الفيلم الفرنسى «حياة أديل» إخراج التونسى الأصل عبداللطيف قشيش، وفاز بذهبية «فينسيا» الفيلم الإيطالى التسجيلى «الطريق الدائرى» إخراج جيان فرانكو روزى، وكانت هذه المرة الأولى التى يفوز فيها فيلم من هذا الجنس من أجناس السينما بذهبية فينسيا، أعرق مهرجانات السينما فى العالم فى دورته الـ٧٠، وأكدت هذه الجائزة أن كلا من الأفلام التشكيلية والأفلام التسجيلية تعيشان عصرهما الذهبى الأول منذ اختراع السينما، ولم تعودا على هامش السوق. 

«سلم إلى دمشق» أحسن فيلم عربى عام ٢٠١٣: سلم إلى الحرية

بقلم   سمير فريد

٥/ ١/ ٢٠١٤

لا يحب البعض أفعل التفضيل، أى القول بأن هذا العمل الفنى أو ذاك الأحسن فى هذه السنة، أو ذلك العقد أو حتى على مدى التاريخ. صحيح أن هناك أعمالاً فنية عديدة تتمتع بالقيمة، ولذلك يفضل البعض الآخر اختيار أحسن عشرة أعمال أو أحسن مائة عمل، ولكن حتى فى هذه القوائم هناك تراتب وهناك الأول.

المسألة فى النهاية رأى هذا الناقد أو الخبير، والحكم قبل كل ناقد، وبعد كل خبير للزمن، أى ما الذى يبقى مؤثراً ومحتفظاً بقيمته مع مرور الزمن، وما الذى يندثر ويتلاشى، ويذكر فقط فى ملفات الوقائع كمعلومات، وأحسن فيلم أنتج فى العالم العربى عام ٢٠١٣ الفيلم السورى «سلم إلى دمشق» أحدث أفلام فنان السينما الكبير محمد ملص الذى شاهدته فى مهرجان دبى، ولنضع الأفلام المصرية جانباً رغم أنها جزء من السينما العربية، نظراً لوضعها الخاص بحكم التاريخ، وليس لأنها أقل أو أكبر من غيرها، فالفن إبداع فردى، والموهبة توهب من الخالق سبحانه وتعالى فى أصغر قرية من أكثر البلدان بؤساً، أو فى أعظم مدن الدنيا، وما النقد سوى إدراك حجم الموهبة وتسليط الضوء عليها.

تعيش سوريا كما هو معروف فى مأساة كبرى منذ ثلاث سنوات، حيث تهدر قيمة الحياة الإنسانية، وتقتل مئات الألوف فى حرب أهلية طائفية دينية تصفية لحسابات إقليمية ودولية، ويتفرج العالم على هذه المأساة على نحو غير مسبوق فى التاريخ الحديث، وتكاد سوريا تعود إلى العصر الحجرى، وهى التى ساهمت فى بناء الحضارة منذ آلاف السنين، وفى خضم هذه المأساة هناك من يهاجر، وهناك من يبقى ولست ولا غيرى يملك الحق الأخلاقى فى أن يلوم من يهاجر أو قد يبقى، وقد بقى محمد ملص وصنع فيلمه «سلم إلى دمشق» وسط القصف والدمار، وكأنه الفيلم الأخير، وتمكن من المحافظة على موقفه الفكرى، الذى عبر عنه فى كل أفلامه السابقة، وهو الدفاع عن الإنسان، وعن حرية الإنسان، كما تمكن من المحافظة على أسلوبه فى التعبير عن هذا الموقف، بل قدم تجربة جديدة تنتمى إلى ما بعد الحداثة بكل آفاقها الرحبة.

لا معارك فى الفيلم ولا تحليل للصراع السياسى، الذى تحول إلى حرب أهلية، وإنما انعكاسات ما يحدث على البشر، ولا قصة تروى، وإنما مقاطع من حيوات تعانى يجمع بينهم منزل كبير فى دمشق، والتاريخ يقتحم الحاضر والفن يتماهى مع الواقع والتسجيلى يمتزج مع الروائى والمسرح مع السينما، والتصوير مع الرسم. إنها ليست مشاهد ولا لقطات على الشاشة، وإنما نبضات قلب يكاد يتوقف من الألم وعقل يكاد ينفجر من التفكير، وفى النهاية يضعون سلماً على سطح المنزل، ويصرخ أحدهم الحرية، وهى صرخة الشعب السورى، التى تدوى فى فضاء العالم. 

«فيلا ٦٩» أحسن أفلام ٢٠١٣ الفن الذى يجعل الحياة أكثر جمالاً

بقلم   سمير فريد

٤/ ١/ ٢٠١٤

غاية الفن أن يجعل الحياة أكثر جمالاً، وهذا ما تحققه أعمال فنية قليلة فى مصر وفى كل بلاد العالم، وفى السينما والمسرح والموسيقى والرسم والنحت والشعر والقصة والرواية، ومن هذه الأعمال فيلم «فيلا ٦٩» إخراج آيتن أمين فى أول أفلامها الروائية الطويلة الذى عرض لأول مرة فى مهرجان أبوظبى، وشاهدته الأسبوع الماضى عندما عرض فى دور السينما بالقاهرة، وجاء أحسن أفلام ٢٠١٣ المصرية، وتعبيراً عن مولد موهبة كبيرة بكل معنى الكلمة، وشاعرة سينمائية من الشعراء الذين يجمعون بين جوهر الموسيقى وجوهر الفلسفة.

تلخص الآيتان من القرآن الكريم «لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين» الدراما منذ المسرح اليونانى فى القرن الخامس قبل ميلاد المسيح عليه السلام وحتى الآن، ويمكن تقسيم كل الأعمال الفنية إلى أعمال ترى الجانب الأول «أحسن تقويم» وأخرى ترى الجانب الثانى «أسفل سافلين»، وثالثة عن الجانبين، وفيلم «فيلا ٦٩» عن الجانب الأول بامتياز.. إنه أنشودة فى تمجيد الإنسان والإعلاء من شأن الحياة كقيمة فى ذاتها، ونجاح أى عمل فنى ليس فى الرؤية التى يعبر عنها، وإنما فى العثور على المعادل الدرامى الموضوعى لهذه الرؤية، وهو ما يتحقق فى هذا الفيلم وبامتياز أيضاً.

«فيلا ٦٩» يمجد الإنسان من خلال دراما تدور كل أحداثها فى فيلا صغيرة تطل على النيل فى حى المعادى بالقاهرة لا نخرج منها طوال الفيلم ويكثف العلاقات الإنسانية فى أكثر أحوالها نبلاً، ويعلى من قيمة الحياة من خلال بطله الذى يحتضر، فهو فى انتظار الموت فى أى لحظة، وهذا هو الشرط الإنسانى الأكبر حتى إن الفيلا هى أيضاً مقبرة، ولكننا نخرج من الفيلا إلى الحياة فى النهاية عندما يقترب الموت فيصبح بداية ونهاية فى نفس الوقت.

ونجاح أى عمل فنى فى أن يكون الأسلوب هو المضمون ذاته، وفى السينما أن يكون المضمون فى كل لقطة وفى العلاقات بين كل اللقطات من أولها إلى آخرها، والتكامل بين شريطى الصوت والصورة، وهذا ما يتحقق فى فيلم آيتن أمين ثالثاً، وبامتياز أيضاً، ويطول الحديث عن هذا الفيلم وتحليل عناصره، وعن أداء خالد أبوالنجا فى دور لا يقارن إلا بالأدوار الكبرى فى تاريخ السينما مثل دور محمود المليجى فى «الأرض» أو أنتونى كوين فى «زوربا»، وعن أداء هبة يسرى المدهش فى أول أدوارها كممثلة، وما هذه السطور إلا دعوة لمشاهدة الفيلم حتى لا يخسر من لا يشاهده الاستمتاع بجماله الروحى وعمقه الفكرى. 

سينما ٢٠١٣ فى العالم العربى: السينما الفلسطينية تتصدر القمة

بقلم   سمير فريد

٢/ ١/ ٢٠١٤

كانت بغداد عاصمة الثقافة العربية عام ٢٠١٣، وكان الأمل أن يكون الاحتفال تعبيراً عن عودة العراق إلى العالم بعد عشر سنوات من سقوط ديكتاتورية صدام عام ٢٠٠٣، ولكنها استمرت عاصمة من عواصم الخراب والدمار والحروب الأهلية الطائفية الدينية وظلت سينما كردستان العراق المعبرة عن العراق من خلال ثلاثة أفلام: «بلادى الحلوة.. بلادى الحارة» إخراج هينر سالم الذى عرض فى مسابقة «نظرة خاصة» فى مهرجان كان، و«تحت رمال بابل» إخراج محمد الدراجى، و«قبل سقوط الثلج» إخراج هشام زمان، والأفلام الثلاثة عرضت وفازت فى مهرجان أبوظبى.

وتصدرت السينما الفلسطينية قمة السينما العربية عام ٢٠١٣ ابتداء من وصول «خمس كاميرات محطمة» إخراج عماد برناط إلى قائمة ترشيحات أوسكار أحسن فيلم تسجيلى طويل، إلى وصول «عمر» إخراج هانى أبوأسعد إلى القائمة القصيرة لترشيحات أوسكار أحسن فيلم أجنبى عام ٢٠١٤، وبينما شهد مهرجان برلين عرض الفيلم الروائى «لما شفتك» إخراج آن مارى جاسر فى «الملتقى»، وعرض الفيلم التسجيلى «عالم ليس لنا» إخراج مهدى فليفل فى «البانوراما»، شهد مهرجان كان عرض «عمر» فى مسابقة «نظرة خاصة»، وفوزه بجائزة لجنة التحكيم، وهى الجائزة الوحيدة التى فاز بها فيلم عربى فى أحد المهرجانات الدولية الكبرى الثلاثة عام ٢٠١٣، ولأول مرة فى تاريخ مسابقة الأفلام القصيرة فى مهرجان كان عرض فيلم من فلسطين وهو «الواقى من الرصاص» إخراج محمد وأحمد أبوناصر وفى مهرجان فينسيا عرض فى «أيام فينسيا» الفيلم الروائى الطويل «مى فى الصين» إخراج شيرين دعبس، والفيلم الروائى القصير «نساء فوسيرا» إخراج هيام عباس التى كرمت فى مهرجان أبوظبى، وفى مهرجان دبى عرض «عمر» وفاز بجائزة أحسن فيلم عربى، وعرض «فلسطين ستريو» أحدث أفلام فنان السينما الفلسطينى الكبير رشيد مشهراوى.

ومن المؤسف حقاً ألا يعرض «خمس كاميرات محطمة» فى أى من المهرجانات السينمائية العربية سوى مهرجان الرباط بسبب اشتراك مخرج إسرائيلى فى إخراجه، وعلى أساس أن عرضه يعنى «التطبيع» مع إسرائيل، فالفيلم من أفلام المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلى ودفاعاً عن حقوق الشعب الفلسطينى، واشتراك مخرج إسرائيلى فى إخراجه مع مخرج فلسطينى تعبير عن الكفاح من أجل السلام الذى لن يتحقق إلا بإقامة دولتين للشعبين، والذى يرفضه أنصار الحرب والاحتلال. 

سينما ٢٠١٣ فى مصر: عام المخرجات

بقلم   سمير فريد

١/ ١/ ٢٠١٤

شهد عام ٢٠١٣ عرض ٢٧ فيلماً مصرياً طويلاً جديداً، منها ٢٦ فيلماً روائياً، وفيلم تسجيلى واحد «عن يهود مصر إخراج أمير رمسيس»، وكان أول الأفلام الروائية «على جثتى»، إخراج محمد بكير، وآخرها «فيلا ٦٩»، إخراج أيتن أمين.

أغلبية الأفلام من إنتاج سنوات سابقة، ولم تصدر بعد قائمة بالأفلام التى أنتجت عام ٢٠١٣، وأدت الاضطرابات الأمنية إلى انخفاض إيرادات الأفلام المصرية إلى مائة مليون جنيه، بينما كانت عام ٢٠١٠ قبل ثورة يناير مائتين وخمسين مليوناً، وهى أرقام تقريبية.

حقق «قلب الأسد»، إخراج كريم السبكى، أعلى الإيرادات، وأكد نجومية الممثل الشاب محمد رمضان، وشهد العام ١١ فيلماً لمخرجين ومخرجات فى أفلامهم الطويلة الأولى، وهم حسب تواريخ العرض الأول:

- «على جثتى»، إخراج محمد بكير.

- «هوه فيه كده»، إخراج حسنى صالح.

- «بوسى كات»، إخراج علاء الشريف.

- «متعب وشادية»، إخراج أحمد شاهين.

- «هرج ومرج»، إخراج نادين خان.

- «عشم»، إخراج ماجى مرجان.

- «البرنسيسة»، إخراج وائل عبدالقادر.

- «قلب الأسد»، إخراج كريم السبكى.

- «هاتولى راجل»، إخراج محمد شاكر.

- «وبعد الطوفان»، إخراج حازم متولى.

- «فيلا ٦٩»، إخراج أيتن أمين.

أحسن خمسة أفلام من الناحية الفنية جاءت كلها من السينما المستقلة، وهى حسب ترتيب تواريخ العرض: «الشتا اللى فات»، إخراج إبراهيم البطوط، و«هرج ومرج»، و«عشم»، و«فرش وغطا»، إخراج أحمد عبدالله السيد، و«فيلا ٦٩»، وفى كل منها تجربة فنية جديدة وشائقة، وبينما عرض «الشتا اللى فات» فى مهرجان فينسيا عام ٢٠١٢، عرض «فرش وغطا» فى مهرجان تورنتو عام ٢٠١٣، أما أفلام المخرجات الثلاث، فقد عرض «هرج ومرج» وفاز فى مهرجان أبوظبى، وعرض «عشم» فى مهرجان الدوحة وفاز، وذلك عام ٢٠١٢، وعرض «فيلا ٦٩» فى مهرجان أبوظبى وفاز عام ٢٠١٣.

وإذا أضفنا الفيلم المصرى الوحيد الذى عرض فى أحد المهرجانات الكبرى عام ٢٠١٣ «الخروج إلى النهار»، إخراج هالة لطفى، الذى عرض فى ملتقى مهرجان برلين، والذى لم يعرض بعد فى مصر، يكون عام ٢٠١٣ فى السينما المصرية عام المخرجات بامتياز.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

01.01.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)