كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

رانيا فريد شوقى:

السبكى يحاول إرضاء كل الأذواق..

وأرفض العمل معه فى أفلام العيد

حوار - سهير عبد الحميد  

 

قالت الفنانة رانيا فريد شوقى إنها اختارت أن تعود لخشبة المسرح بعد غياب 8 سنوات وذلك من خلال مسرحية «الشعب لما يفلسع» مع الفنان أحمد بدير التى تقدم إسقاطاً على السنة الكبيسة التى حكم فيها الإخوان مصر مؤكدة أنها لا ترصد مرحلة بقدر ما تقدم حقائق عاشها المصريون فى هذا العام.

وتحدثت فى الحوار التالى عن تكريمها الذى حصلت عليه مؤخراًِ عن أعمالها الرمضانية وغيابها عن السينما وتقييمها لوضعها الحالى وتجربة السبكى فيها ورأيها فى الدستور وأمنياتها مع بداية 2014.

تعودين للمسرح بعد غياب من خلال مسرحية «الشعب لما يفلسع» حدثينا عن هذه التجربة؟

- منذ عام 2005 وأنا مختفية عن المسرح فكانت آخر مسرحية قدمتها كانت «ربنا يخلى جمعة» فقد شغلتنى الدراما وركزت فيها أكثر وعندما عرضت علىَّ مسرحية «الشعب لما يفلسع» أعجبت بها جداً خاصة أننى اشتقت للعمل فى مسرح الدولة الذى قدمت فيه أعمالاً مهمة مثل مسرحية «يوميات عطوة أبو مطوة» مع النجم يحيى الفخرانى.

وما طبيعة دورك فيها؟

- «الشعب لما يفلسع» كوميديا سياسية كتبها محمود الطوخى وتدور أحداثها بشكل ساخر حول العام الذى حكم فيه الإخوان مصر من خلال رجل يحكم بلد وفى أثناء حكمه لا يرى سوى أهله وعشيرته مما يجعل الشعب يترك البلد ويرحل ولا يظل بها سوى أهله وعشيرته وشخصين يقفان فى وجه هذا الحاكم، أنا والفنان أحمد بدير ومن المنتظر عرضها يناير الجارى.

وهل ترين أن الوقت مناسب لرصد هذه الفترة؟ 

- نحن لا نرصد فترة تاريخية بقدر ما نعرض ما حدث لنا خلال هذه الفترة والتى عشناها واكتملت فعلاً وكانت لها نهاية على عكس تقديم عمل مثلاً عن ثورة 25 يناير التى مازالت مستمرة ولها تداعيات وحقائقها لم تكتمل وبالتالى تحتاج لوقت طويل حتى نكتب عنها بموضوعية.

وهل اللوك الجديد له علاقة بالمسرحية؟

- لا فأنا دائماً أبحث عن التغيير ومن وقت لآخر أحب تغيير شكلي.

  وماذا عن تكريمك الذى حصلت عليه مؤخراً من قنوات ART؟ 

- سعيدة جداً بهذا التكريم لأنه عن عملين بذلت فيهما مجهوداً كبيراً وحققا نجاحاً مع الناس وهما «الصقر شاهين» مع تيم الحسن والذى تأجل عرضه عام كامل أيضاً مسلسل «نقطة ضعف» مع جمال سليمان، والحقيقة أن هذا العمل صورته فى وقت كان البلد يعانى حالة بلطجة وكنا نعود متأخرين من التصوير ونتعرض لمخاطر والحمد لله العملان خرجا بصورة جيدة ومشرفة.

هل ترين أن المسلسلين تعرضا لظلم بسبب العرض الحصرى؟

- لا أعتقد ذلك فالمسلسلان عرضا ونالا استحسان الجمهور بجانب أن القنوات تعبر عرضهما الآن والذى لم يتابعهما فى رمضان ممكن متابعتهما الآن.

سمعنا منذ فترة عن مشروع سينمائى تجهزين له مع المطرب رامى عياش إلى أين وصل هذا المشروع؟

- بالفعل كان هناك فيلم سينمائى يجمعنى مع المطرب اللبنانى رامى عياش والمطرب محمد عدوية وكان يحمل عنوان «خلى بالك من نفسك» وكنت أقوم بدور مذيعة لها مبادئ لكن هذا المشروع توقف فجأة ولا أعلم الأسباب.

بمناسبة السينما ما رأيك فى تجربة السبكى فى السينما المصرية؟

- السبكى من أذكى المنتجين الموجودين على الساحة فهو يحاول إرضاء كل الأذواق فمثلاً عندما يقدم نوعية أفلام العيد التى لها جمهورها وتحقق ايرادات لا يأتى بنور الشريف مثلاً ليشارك فى هذه النوعية من الأفلام وعلى جانب آخر هو له تجارب رائعة وأفلام حقيقة مثل «الفرح» و«كباريه» و«ساعة ونصف».

وهل توافقين على العمل معه؟

- هذا يتوقف على حسب نوعية الأفلام المعروضة علىَّ، أكيد لن أقدم نوعية أفلام العيد التى تعتمد على رقصة بلدى ومطرب شعبى فأنا لا أستطيع أن أقدم هذه الأدوار التى لا تتناسب مع عقلى ومفهومى وبالمناسبة هذه الأفلام ليس لها علاقة بالاستعراض وهو من وجهة نظرى فرح وأطلقوا عليه فيلم.

وما تعليقك على موجة الإرهاب التى ضربت مصر فى الآونة الأخيرة؟

- تاريخ الإخوان على مدار 83 سنة معروف فمصر الآن تواجه حرباً ضد الإرهاب والحمد الله أن الحكومة أعلنت أخيراً أنهم جماعة إرهابية وإن كان هذا الإعلان قد تأخر بعض الشىء فهل كان لابد أن يموت شهداء المنصورة حتى يتم هذا الإعلان ألا يكفى أن هؤلاء الإرهابيين حاولوا سرقة وطن بأكمله وبيعه.

 فى رأيك هل هناك وجوه سقطت عنها الأقنعة؟

- أكيد ظهر للشعب المصرى أن الإخوان المسلمين الذين ظلوا 83 عاماً يدعون أنهم مظلومون انكشفوا على حقيقتهم هم واتباعهم الذين كانوا مختبئين وراء وجوه أخرى فمثلاً عبد المنعم أبو الفتوح كان هناك الكثير من المصريين مخدوعين فيه ظهر على حقيقته وإن كان هذا الشخص كان مكشوفاً من زمان بالنسبة لي.

هل شاركت  فى الاستفتاء على الدستور؟

- بالتأكيد فهذا واجب على كل وطنى يحب مصر لأن التصويت على الاستفتاء يعنى العبور للمستقبل وتنفيذ خارطة الطريق والحقيقة أن هذا الدستور يستحق كل الاحترام والتقدير، صحيح ليس دستوراً كاملاً لكن ما المانع أننا نغير فيه ونحن فى طريقنا.

روز اليوسف اليومية في

23.01.2014

 
 

فيلم "لامؤاخذة"..

الفكرة الذهبية والمعانى المضطربة!

محمود عبد الشكور 

بمعيار الأهمية، تستطيع أن تتحدث عن فيلم هام كتبه وأخرجه عمرو سلامة إسمه "لامؤاخذه" يتناول بجرأة المسكوت عنه فى علاقة المسلم بالمسيحى فى مجتمع يدفن رأسه فى رمال الشعارات والإحتفالات، ولكن بمعيار الجودة والإمتياز الفنى، فإن فيلم "لامؤاخذة" أبعد كثيرا عن تحقيق ذلك، رغم الإجتهاد والنوايا الطيبة، ورغم تلك الفكرة الذهبية اللامعة والمختلفة.

مشكلة فيلم "لامؤاخذة" بوضوح فى المعالجة الدرامية للفكرة وليس فى أى شئ آخر، الثغرات الواضحة فى السيناريو سببها بالأساس أن الفكرة كانت أكثر طموحا بكثير من الكتابة، مع أن عمرو أثبت فى فيلميه السابقين اللذين كتبهما وأخرجهما، وهما "زى النهاردة" و "أسماء"، أنه يستطيع أن يمسك بموضوعه وأن يطوّره بذكاء فلا يفلت منه، ولكنه هنا بدأ بقوة ثم اضطربت منه الخيوط، وانمحت الفواصل، فلم نعد نعرف بالضبط هل الفيلم عن إدانة التمييز عموما، والتمييز الدينى بشكل خاص، أم أنه أصلا عن انهيار التعليم فى مصر، وهما موضوعان بينهما علاقة بالطبع، ولكن المشكلة أن ما شاهدناه بالفعل، وليس بالنوايا، لا يكفى لكى يكون هذا المعنى متماسكا.

مبدئيا التحليل سليم تماما بل ورائع أيضا، أساس الفكرة هو تتبع مولد الإحساس بالعزلة وعدم الإنتماء فى عقل طفل مسيحى، كيف يستشعر هذا التمييز عندما ينتقل من مصر التى يعرفها الى مصر الأخرى التى لا يعرفها؟ لا بأس أيضا فى أن يكون عصب هذا التمييز هو تشوه علاقة المسلم مع الآخر المسيحى كلما زادت مساحة الجهل والتعصب والفقر والمد الواضح للتدين الطقسى والشكلى، وهو أمر صحيح بالقطع، ولكن ما قدمه الفيلم أبعد ما يكون عن فكرة "التمييز" بمعناه السياسى أو الدينى أو حتى القانونى، ما رأيناه هو مقالب عيال فى مدرسة حكومية ليس لها علاقة بأى شئ، بل إن هذا  المكان كما رأيناه ليس مدرسة أصلا، وليس هناك موقف لأى أحد من أى شئ، وإنما هى مجرد صورة عبثية لانهيار التعليم، تماما مثلما شاهدنا فى أفلام كوميدية سابقة، أشهرها مثلا فيلم "الناظر" للمخرج شريف عرفة.

المعنى هنا أن الفكرة الكبيرة والخطيرة والعظيمة والجسورة وهى تأصيل التمييز فى مجتمع انهار فيه التعليم، لم تجد معادلها الدرامى الموضوعى الذى يلزم عنها، ولذلك قلت فى بداية المقال إن الفكرة أفلتت واختلطت بأفكار أخرى، أو بمعنى أدق، فإن جسد الدراما كان أضعف من تلك القضية الخطيرة، وكان من دلائل ذلك تشوش الأحداث والشخصيات وخصوصا فى النصف الثانى من الفيلم، كما سأثبت لك حالا بالتفصيل.

التمييز والإغتراب

أوضح ما فى فيلمى الموهوب عمر سلامة السابقين فى مجال الكتابة والإخراج معا، هو أنه يسند البطولة الى شخصيات مختلفة جذريا عن محيطها الذى تعيش فيه، وبسبب ذلك فإنهم يتعذبون ويعانون من شعور متضخم بالإغتراب، بل إن فكرة التمييز والإغتراب هى أيضا محور فيلمه الأهم " أسماء"، الذى لم يكن فيلما عن الإيدز فقط كما يصرّ البعض، لأن فكرته الأهم هى الأمراض الأكثر خطورة فى المجتمع من الإيدز، وهى الخوف والجهل، ولذلك تقول أسماء فى عبارة صريحة: "أنا لما أموت مش ح اموت من المرض اللى عندى .. أنا لما أموت ح اموت من الأمراض اللى عندكم إنتم".

أسماء كانت تشعر بالإغتراب والتمييز بسبب خوفها من أن يعرف الآخر الجاهل طبيعة مرضها، وبطل فيلمنا الصغير هانى عبد الله بيتر (الطفل الموهوب أحمد داش)، ظل يشعر بالإغتراب والتمييز خوفا من إعلان  اختلافه عن ديانة زملائه المسلمين أصحاب الأغلبية الكاسحة فى المدرسة الحكومية التى انتقل إليها من مدرسته الخاصة عالية المصروفات، إثر وفاة والده مدير البنك (هانى عادل فى ظهور قصير).

ولكن بينما يتأسس اغتراب أسماء وشعورها بالتمييز على مهل وبانتقال سلس ومتمكن من الخاص الى العام، فإن ثغرات "لامؤاخذة" تبدأ مبكرا لتؤثر على البناء كله، ذلك أنه بعد هذا السرد الظريف باستخدام صوت الراوى (أحمد حلمى) عن أسرة مسيحية ثرية ونموذجية فى كل شئ، حتى تكاد تظن أنك أمام فيلم دعائى قصير عن مصر الحلوة التى نريدها، أو عن الحلم المصرى الذى يكاد يتوازى مع الحلم الأمريكى، بعد هذه الإفتتاحية الآسرة، فجأة يموت الأب وهو يأكل بطريقة هزلية لاتليق بالمأساة التى سنراها لابنه، وفجأة ستكون وصية الأم كريستين (كندة علوش) لابنها الذاهب  الى مدرسته الحكومية ألا يتحدث أبدا فى الدين، وألا يعلن عن هويته، دون أن نفهم أبدا سر هذه الوصية، فالأم تعمل عازفة تشيللو فى الأوبرا، وليست هناك أى إشارة أنها عانت فى عملها من التمييز الدينى مثلا، بل إن هذه المشاهد الإفتتاحية تكاد تعزل الأسرة عن مجتمعها المصرى، ولو شاهدت الديكور والمنزل مثلا يمكن أن تعتقد أن هذه الأسرة المصرية المسيحية تعيش فى أمريكا، لولا لقطات سريعة قصيرة تذكرنا بالخصوصية المصرية مثل غرق الشوارع بسبب الأمطار.

الأسرة تقريبا بدون جيران، وهناك شاب وحيد مسلم اسمه أمين فقير الحال يصادق هانى، عدم كفاية التفاصيل التى تبرز هاجس التمييز الذى سيولد داخل عقل هانى، وعدم تفسير وصية الأم لابنها باجتناب الحديث مع زملائه فى الدين، او حتى إعلان هويته، هما أولى الثغرات التى أضعفت البناء.

بعد قليل ستظهر الثغرة الثانية الأكبر، ذلك أن هانى يقرر (وقد اكتشف أنه فى وكر للجانحين والأحداث وليس فى مدرسة) أن يترك زملاءه ومدرسيه يعتقدون أنه مسلم مثل كل زملاء الفصل، فاسمه الثلاثى يتشابه مع أى اسم مسلم، ثم يأخد عمرو سلامة خطوة أبعد، عندما يحاول هانى المغترب أن يثبت هويته الجديدة بإخفاء تمثال السيد المسيح فى منزله عن أصدقائه، وبوضع صور لآيات قرآنية بدلا منه، بل إن هانى يشارك فى مسابقة للإنشاد الدينى ويفوز فيها.

هذا التحول لامع وهام، ولكنه عمل فى سياق اضطراب الدراما الى الضد تماما لسببين: الأول هو أن إحساس هانى بالإغتراب كان بالأساس بسبب تباين مستوى التعليم بين مدرسته الخاصة النموذجية، وبين مدرسته الحكومية حيث لا تعليم ولا أخلاق، وليس بسبب التمييز الدينى كما أراد الكاتب، ما رأيناه  من تسلط وقهر تجاه هانى كان يمكن أن يحدث حرفيا مع أى طفل ثرى يعتمد على أمه فى هذا الوكر للجانحين، بل إننا نشاهد بالفعل نماذج لهذا التسلط الذى لا علاقة له بالدين على الإطلاق مع تلاميذ مسلمين، صحيح أن هناك إشارات الى تلك الصبغة المتأسلمة التى  جعلت قصرا سابقا لأحد الباشوات فى العصر الملكى يحمل اسم عمر بن الخطاب فى عصر مبارك، والتى جعلت التلاميذ يصلون جماعة، والأساتذة يسألون عن الاسماء لتحديد الهوية، إلا أن اغتراب هانى فى المقام الأول بسبب تباين مستوى المدرسة التعليمى، وليس نتيجة اختلافه عن الفصل فى الدين.

المدرسة والمجتمع

لم تستطع هذه المدرسة أبدا أن تتحول فى الفيلم الى صورة للمجتمع، لأننا شاهدنا مدرسة نموذجية فى نفس المجتمع فى اول الفيلم، المشكلة إذن فى المدرسة وليست فى المجتمع عموما،  فإذا أردت أن تتكلم عن تمييز ما طوال النصف الأول، فهو نتيجة وصية أم لا نعرف أسبابها، ونتيجة فشل التعليم الحكومى، وبسبب أننا أمام "ابن ناس" ألقى به فى فوضى شاملة، ناهيك بالطبع عن أنه شاطر وذكى ومهذب، وكلها عناصر إضافية للإغتراب، مما يجعل التمييز الدينى فى خلفية الصورة، بينما أراده عمرو فى مقدمتها.

أما السبب الثانى الأخطر للإضطراب الدرامى فهو أن اندماج هانى فى مجتمعه الجديد، لم يكن بسبب ادعائه أنه مسلم كما أراد الفيلم أن يوحى بذلك، ولكن نتيجة لشطارته وتفوقه (صُنع طائرة بمشاركة زملائه، ونجاحه فى الإنشاد بسبب صوته الجميل حيث كان يعزف وينشد أيضا فى الكنيسة)، وبالتالى فإنك إذا أردت أن تترجم فكرة التمييز الدينى دراميا بطريقة صحيحة، فإن عليك أن تجعل هانى يعلن هويته المسيحية من أول يوم، ثم يتعثر رغم تفوقه بسبب هذا الإعلان، لا أن تفعل ما رأيناه باستعارة هوية إسلامية بديلة ثم تجعله ينجح، كتحصيل حاصل لكفاءة موجودة لديه بالفعل.

معنى كل ذلك أن إحساس هانى الذى رأيناه بالتمييز قادم معه أكثر مما هو واقع فعلا، وأن قضية فشل التعليم الحكومى هى المحور الدرامى، وليست قضية التمييز بكل أشكاله، وبسبب هذا المقدمات المشوشة سيزيد الإضطراب ليشمل بقية الفيلم، فالأم التى زرعت فى ابنها فكرة الإغتراب دون سبب نعرفه، ستذهب الى المدرسة بعد ضرب ابنها حتى بعد إعلان هوية بديلة مسلمة (هذا دليل جديد على أن مشكلة هانى لم تكن حتى منتصف الفيلم فى هويته الدينية)، هنا فقط سيعرف الجميع من خلال الصليب الذى تعلقه الأم أن هانى مسيحى، والأعجب أن هذه المعرفة ستصنع ثغرة جديدة أوسع وأضخم، ذلك أن هذه المعرفة ستتيح معاملة أفضل لهانى فى المدرسة، خوفا  فيما يبدو من هيئة الأم الثرية، ولكنها لن تحل مشكلة هانى فى اغترابه ووحدته، مما يثبت ما ذكرته آنفا، أن الدراما تسير فى اتجاه اغتراب بسبب فشل التعليم الحكومى، أكثر مما تخدم الفكرة المقصودة وهى التمييز عموما وفى مقدمته التمييز الدينى.

كلما ابتعد عمرو سلامة عن فكرته، تورط أكثر فى تحولات غريبة تماما، فالطفل الذى رأيناه مستعدا لاستبدال هويته الدينية من أجل الإندماج، يتحول فجأة بعد إعلان هويته المسيحية الى شخصية شرسة تتطرف فى الإتجاه المضاد، لدرجة استفزاز زملائه بالإفطار علنا فى رمضان، والأم التى تشعر بمخاوف من إظهار هوية ابنها فى أول الفيلم، تنفى وهى تتقدم بطلب للهجرة (!!!) أنها تشعر بالتمييز الدينى فى بلدها، وأظن أنه لو أن أىّ أم ضرب ابنها من زملائه تقدمت بطلب للهجرة، لهاجرت البلد بأكملها الى الخارج من زمان، مسلمين ومسيحيين!

اختلطت الأوراق فى يد السيناريست الموهوب، تصرفات بلا دوافع،  وانقلابات لا تتسق مع طبائع الشخصيات، يصدق هذا أيضا على شخصية أمين الذى نراه فجأة مدرسا للحاسب الألى، ثم نراه ينكر علاقته القديمة مع صديقه، وحتى مدرّسة العلوم الجميلة التى تكتشف مواهب هانى وتدفعه للأمام، يدخلها الفيلم قسرا فى فكرة التمييز الدينى عندما يوهمنا بأنها مسيحية، ثم نكتشف أنها مسلمة، ولعل المؤلف أراد أن يقول إن هانى نفسه يمارس الفرز على أساس الهوية، مما يؤكد أن فكرة الخوف قادمة معه أكثر مما هى نتيجة تمييز فعلى.

لاشك فى قدرة الكاتب على العناية بالتفاصيل الصغيرة، هناك لمسات ساحرة فعلا فى إحساس هانى بالذنب لأنه أنكر المسيح كما فعل بطرس، وفى بكاء هانى وهو يدفن السلحفاه التى جمّدها والده الراحل وكأنه يدفنه هو شخصيا، وفى علاقة رقيقة ستنمو بين هانى وزميلته سارة فى النادى، بل إن هناك سخرية عذبة من مظاهر التأسلم فى المدرسة الحكومية، من الصلاة فى وكر إجرامى الى السجود عند إحراز الأهداف على طريقة منتخب الساجدين، ولكن كل ذلك لم ينقذ الفيلم من مشاكله المزعجة والواضحة، أصبحنا أمام أزمة طفل مختلف وشديد الحساسية أكثر من كوننا أمام أزمة مجتمع أفسده التمييز، وهى الفكرة المقصودة التى خذلتها الدراما خذلانا مبينا.

أفضل ما فى الفيلم أداء الطفل أحمد داش، موهبة واعدة جدا، لا يغيب تقريبا فى أى مشهد، ولكن زملاءه فى الفصل كانوا أقل منه كثيرا، بعضهم لم يتم تدريبه بشكل جيد، وأحدهم (الذى لعب دور مؤمن) لديه مشكلة فى آلة النطق، فلا يكاد يبين، أما كندة علوش وهانى عادل فقد كانا مجرد ضيفين على الفيلم تماما مثل هند صبرى وآسر ياسين اللذين ظهرا فى مشهد واحد، ربما كان الذين قاموا بأدوار مدرسي المدرسة أفضل حالا، وأقوى حضورا. تصوير إسلام عبد السميع كان أيضا من العناصر المميزة، لقد خلق تباينا حادا بين إضاءة عالية فى مشاهد منزل هانى، وإضاءة أقل فى مدرسته الحكومية الكئيبة، لابد من الإشارة أيضا الى ديكور هند حيدر وملابس دنيا عبد المعبود فى ترسيخ هذا التباين، موسيقى هانى عادل منحتنا الإحساس بأننا نشاهد فيلما أمريكيا، كان الفيلم فى حاجة الى نغمات شرقية مصرية بالذات فى مشاهد المدرسة الحكومية، السرد كان متدفقا وسلسا (مونتاج باهر رشيد)، بل إن هناك قطعات ذكية للغاية مثل الإنتقال من حلم هانى بأن طلاب مدرسته يرحبون به، الى طلاب المدرسة وهم يتعاركون فى الواقع، أىّ ترهل شعرنا به فى الجزء الثانى مسؤول عنه السيناريو لا المونتاج.

عودٌ على بدء: ليس كل فيلم هام هو بالضرورة فيلم عظيم، بينما يمكن أن تعتبر كل فيلم عظيم هو بالقطع فيلم هام، وفيلم "لا مؤاخذة" فيلم هام لأنه اقتحم منطقة شائكة للغاية ومسكوت عنها، ولأن فكرته خطيرة وملهمة، ولكنه مع الأسف ليس فيلما جيدا ولا عظيما، مع أنه كان يمكن أن يكون كذلك، لوكانت معالجته فقط فى حجم فكرته، وهو ما لم يتحقق على الإطلاق، مع كل التقدير والإحترام لموهبة عمرو سلامة، ولاجتهاده الواضح فى تقديم أفلام مختلفة يمكن الكتابة عنها، والجدل حولها.

عين على السينما في

23.01.2014

 
 

الخوف يسيطر على المنتجين.. والفنانون معتصمون 

فى الوقت الذى تستعد فيه مؤسسات الدولة لإقامة احتفالات وفاعليات فنية متنوعة احتفالا بثورة الخامس والعشرين من يناير، سيطرت حالة من الخوف والترقب على عدد كبير من الفنانين والمنتجين حتى أن بعضهم أعلن انتظاره مرور يوم 25 بسلام وآخرين اعلنوا مقاطعة الاحتفالات والاكتفاء بمراقبة الاحداث عن بعد..

أكد المنتج محمد حسن رمزى أن ذكرى هذا اليوم اصبحت لها تأثير كبير فى خروج الاعمال الفنية للنور من عدمها واضاف قائلاً: «على المستوى الشخصى استعد لطرح عملين فى الموسم الصيفى القادم هما فيلم «الجزيرة» وفيلم «بنات فى الجيش» لكن حتى الآن لم تتضح معالم هذه الاعمال وذلك بسبب الأوضاع التى تمر بها مصر حاليا من تفجيرات وتظاهرات واضطرابات وغيرها الكثير من سلوكيات الشعب المصرى الذى لا يعرف مصلحة وطنه وتابع رمزى أنه سوف يقوم خلال الفترة المقبلة وبالتحديد بعد مرور ذكرى 25 يناير تحسبا لأى شىء متوقع حدوثه.

ايد المنتج محمد فوزى رأى محمد حسن رمزى مشيراً إلى أنه يجب ان تختفى أزمة الخوف من 25 يناير لن تؤثر على الوسط الفنى فقط بل تؤثر على كل المصريين سواء العاملين بالوسط الفنى أو الرياضى أو العلمى أو أى مجال آخر واضاف أنه يجب على الحكومة أن تزيل هذا القلق والتوتر من نفوس المصريين حتى يتشجع المستثمرون للعودة مرة أخرى لمصر موضحا أنه لديه أكثر من عمل درامى من المفترض أن يختار احدهما ليخوض به السباق الرمضانى المقبل بجانب مسلسله «مولد وصاحبه غايب» الذى تم تأجيله أكثر من عامين بسبب الاضطرابات التى يمر بها الشارع المصرى وعدم تسويق الاعمال بالشكل المناسب.

لكن على الجانب الآخر اختلف معهم المنتج أحمد السبكى الذى أكد أنه عندما يقرر البدء فى تصوير أى عمل لن يشغل عقله بذكرى ثورة يناير او غيرها من الأحداث التى مرت بها مصر فى الثلاث سنوات الماضية والدليل على ذلك هو تصويرى لفيلم «الحرب العالمية الثالثة» وتحضيرى لعملين آخرين سوف يتم البدء فى تصويرها خلال الاسبوع المقبل موضحا أنه يجب على الحكومة أن تطبق قانون التظاهر الذى اصدرته ولا تتهاون مع أى شخص يقوم بمخالفة القانون ويكفى ما مرت به مصر فى السنوات الماضية.

جدير بالذكر أن عددا من الفنانين والمخرجين ينتظرون مرور ذكرى 25 يناير وبعدها سيتم البدء فى تصوير اعمالهم ومن بين هؤلاء الزعيم عادل إمام والذى سيخوض السباق الرمضانى المقبل بمسلسل «صاحب السعادة» مع الفنان محمود ياسين والفنان نور الشريف الذى ينتظر ذكرى يناير ليحدد مسلسله القادم.

لم تتوقف المسألة عند حالة الترقب والخوف فقط بل أعلن عدد من الفنانين مقاطعة الاحتفالات فى ذلك اليوم كان على رأسهم أحمد عيد الذى قال: أنه يترقب المشهد من بعيد لكنه لن يشارك فى احتفالات ذكرى ثورة 25 يناير نظرا لضبابية المشهد من وجهة نظره وقال إن الفكرة ليست فى 25 يناير فقط لكنه يرى أن المسألة ستبعد إلى 11 فبراير أى سيتكرر مشهد نفس الـ 18 يوم التى حدثت خلالها أحداث ثورة يناير، وأضاف أنه لا يفهم حاليا ما الذى يدور على الساحة السياسية ويرى أن ذكرى أحداث ثورة 25 يناير سيحدد مصير المرحلة المقبلة وشكلها النهائى، وعلقت لقاء سويدان على الاحتفال بذكرى الثورة مؤكدة أنها لن تشارك لأنها ستكون متواجدة فى مهرجان الغردقة الدولى دعما وتنشيطا للسياحة.

واضافت سويدان: يجب أن نكتفى بهذا القدر من المظاهرات وحان وقت العمل فالبلد منذ ثلاث سنوات شغلها الشاغل المظاهرات والاعتصامات والاحتفالات واشارت أنها ليست لديها أى تخوف من هذا اليوم لأن الإخوان انتهوا واضافت أن حملة «كمل جميلك» اختارت يوما خاطئا لدعم ترشح الفريق السيسى للرئاسة لأن نزول الحملة مع شباب الثورة والإخوان فى يوم واحد لن تكون عواقبه حميدة.

لكنها ترى أنه فى حالة ترشح السيسى للرئاسة ستمنحه صوتها لأن مصر تحتاج إلى رجل عسكرى حازم ليحكم قبضته فى المرحلة المقبلة ويعيد إليها الامان والاستقرار مجددا.

أما رانيا يوسف فقالت كفانا مظاهرات وترشيح السيسى لا يحتاج إلى وقفات بل يحتاج إلى اصوات الصندوق الانتخابى ولابد أن نتحاشى تنظيم الحشود فى هذا اليوم حتى لا تنتهى نهايات دموية كما يتمنى البعض من الإخوان المسلمين ولا أؤيد فكرة الاحتفال فى ذكرى 25 يناير مع احترامى للثورة لأن أى احتكاكات ستؤدى إلى مزيد من الدماء.

كما أكدت الفنانة دينا أنها لن تذهب إلى ميدان التحرير للاحتفال بالذكرى الثالثة لثورة 25 يناير لانها ترى أن على جميع المصريين أن يعملوا لأننا نحتفل أكثر من اهتمامنا بالعمل والبلد تحتاج مجهودنا كى ينمو اقتصادنا وتعود كما كانت ورفضت أن يكون يوم 25 يناير عيداً للشرطة فقط لأن لا أحد يقدر على هذا هناك دماء شباب سالت فى ميدان التحرير يوم 25 يناير من أجلنا ولذلك لابد من اعتباره يوما للمصريين والثوار الذين نزلوا وقالوا لا لنظام مبارك وبالتالى يكون بدل العيد عيدين ونحتفل بعيد الشرطة ايضا حيث أن رجال الشرطة هم أقدر ناس على حماية مصر والمصريين وكل يوم يقع رجل من رجال الشرطة فى محاربته للارهاب كما رفضت نزول حملة «كمل جميلك» يوم 25 يناير وترشح الفريق عبد الفتاح السيسى وقالت إن السيسى شعبيته فاقت الحدود وهو رجل يعرف جيدا متى يظهر فى الوقت المناسب حين يشعر أن المصريين فى حاجة إليه.

وأكد الفنان أحمد زاهر أنه سيذهب إلى ميدان التحرير يوم 25 يناير للاحتفال مع المصريين بثورتنا لأن هذا العام مختلف عن العامين الماضيين لأن الاحتفال هذه المرة خال من الإخوان وأن تواجد حملة «كمل جميلك» لتدعيم ترشح الفريق عبد الفتاح السيسى لانتخابات الرئاسة لأنه أحق واحد حاليا لهذا المنصب ولأول مرة منذ ثلاث سنوات يتفق المصريون على شخص واحد.

ورفض زاهر أن يحتفل المصريون بعيد الشرطة يوم 30 يونيو وقال يجب أن يكون للشرطة يوم آخر للاحتفال به ولا يمكن أن نقوم باختزال ما حدث فى ثورة 30 يونيو ليكون احتفال بعيد الشرطة لأن 30 يونيو ثورة شعبية كبيرة ويجب أن نحتفل بها لأنه كان يوم الخلاص من نظام الإخوان المسلمين نهائيا.

روز اليوسف اليومية في

24.01.2014

 
 

أحترم أحمد حلمى وأشفق على هنيدى ولا أفهم سبب دعم أمريكا للإخوان

نور الشريف: السادات أجاز بنفسه «أهل القمة» رغم أنه ينتقد حكمه

لم يكن حال الفن فى مصر وحده محور الحديث فى ندوة تكريم الفنان نور الشريف، التى أقيمت بمهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية، فى دورته المقامة حاليا، حيث تطرق نور الشريف إلى العديد من القضايا والملفات، بعضها سياسى وبعضها اجتماعى، كما غاص كذلك فى وقائع تاريخية مر بها.

وكشف نور الشريف خلال الندوة عن دور الرئيس الراحل أنور السادات فى إجازة عرض فيلمه «أهل القمة»، والذى كان ينتقد فترة حكمه إبان توليه السلطة، وروى الواقعة قائلا: رغم بدء تهميش الفن فى عهد الرئيس السادات، إلا أنه كان وراء الموافقة على عرض فيلم «أهل القمة»، متحملا انتقاد الفيلم لنظامه السياسى بشكل مباشر.

وأضاف أنه اتصل بالرئيس السادات وطلب منه إجازة الفيلم، فطلب من إرسال نسخة لمشاهدته، وبعد أن شاهده لم يحذف إلا مشهدا واحدا فقط يحصل فيه ضابط شرطة على رشوة.

وأوضح نور الشريف أن الفن المصرى يعانى حاليا من مشكلة التسويق، وعدم توزيع الأفلام فى الخارج بشكل جيد، مؤكدا إعجابه بتجارب السينما المستقلة.

وأضاف: أشجع السينما المستقلة، وأتابع باستمرار التجارب الشابة، وليس من حق أحد أن يحجر على أفكار الآخرين، والسينما فى كل دول العالم موضة، وعندما نجح فيلم سواق الأتوبيس رغم عدم وجود رقصات أو قبلات خرجت أفلام أخرى تقلده.

وأوضح أن فيلمى «سواق الأتوبيس» و«حدوتة مصرية» هما الأقرب إلى قلبه، لكن حدوتة مصرية أكثر صعوبة، مشيرا إلى أنه تعلم من كل المخرجين الذين عمل معهم.

وتطرق إلى الشأن السياسى الحالى وقال إنه لا يفهم سبب مساندة أمريكا للإخوان سواء فى تونس أو مصر أو ليبيا، مضيفًا أن التيار الإسلامى إذا تولى الحكم سيتسبب فى كارثة حقيقية، وقال: «إنه يتوقع حربا إسلامية شيعية، بين مصر وتركيا من جانب، وإيران من جانب آخر».

وطالب الفنان الكبير، خلال الندوة، أن يسلح الجيش المصرى نفسه وألا يعتمد على أسلحة خارجية، وأن يتواجد احتياطى غذائى لمدة 3 أعوام على الأقل.

ودعا إلى البعد عن الرغبات والمطالب الشخصية والصراعات بين الطوائف السياسية لخطورة المرحلة الحالية، والعمل على تحقيق خطة التعليم، وتحقيق الاكتفاء الذاتى، مؤكدًا أن تحقيق العدالة الاجتماعية فى مصر سيؤدى إلى اختفاء الإرهاب.

وصف نور الشريف الساحة السياسية فى مصر خلال السنوات الثلاث الماضية بأنها باتت تشبه «سوق عكاظ»، حيث قال: «خلال الأعوام الثلاثة الماضية كنت أشعر بالأسى مما يحدث، هناك أصنام انهارت وأساتذة فقدت الثقة فيهم، وتحولت الساحة السياسية إلى سوق عكاظ، وبات الكل يتاجر بالمبادئ».

واعتبر نور الشريف أن بعض الشباب باتوا يمثلون مشكلة برغبتهم فى استدراج الجميع لمناقشات وصفها بالـ«سفسطائية» ولن تجدى سوى فى تعطيل مسيرة الدولة.

وتمنى الشريف من الرئيس المقبل أن يقوم هو وحكومته بإطلاع الشعب بشفافية على طبيعة الوضع الإقتصادى للدولة، وطبيعة الديون والمنح التى تصل لمصر من الدول العربية ومدى قدرة الاقتصاد المصرى على استعادة عافيته.

وبشأن حال السينما طالب الدولة بمساعدة السينمائيين على فتح سوق خارجية، وعبر عن احترامه لأحمد حلمى من الأجيال الجديدة لأنى أحس أنه بيفكر ويغير، كما عبر عن إشفاقه على محمد هنيدى، قبل أن يقول «مش مشكلة لما الفيلم يسقط، ولكن فى ظل الميزانيات الضخمة وسيطرة الشركات التى تنفق الملايين كان يجب على الأمور أن تبقى معقولة عشان الصناعة تستمر».

الشروق المصرية في

24.01.2014

 
 

فيلم يرصد جهود الحلفاء في الحفاظ على ذاكرة العالم الفنية

جورج كلوني في «آثار الرجال» يصنع تحفة

عبدالستار ناجي 

«آثار الرجال» أو «رجال الآثار» اشتغال سينمائي رفيع المستوى حول جانب في غاية الأهمية، ألا وهو دور الحلفاء إبان الحرب العالمية في الحفاظ على ذاكرة العالم «اوروبا» على وجه الخصوص، من طاغية أرعن، هو زعيم الرايخ الثالث أدولف هتلر، التي اجتاح اوروبا، ولم يترك الا الدمار.. وقد لحق ذلك الدمار، بأهم التحف.. واللوحات التي توارثتها الأجيال، فإذا بها في لحظة مجنونة أمام مخاطر الدمار.. والحرق. الفيلم الذي وقعه كاتبا ومخرجاً ومنتجاً وممثلاً، النجم الأميركي جورج كلوني يعتمد على قصة حقيقية حيث تم تشكيل فصيلة من أهم مديري المتاحف والباحثين في تاريخ الفنون، من قبل الرئيس الاميركي فرانكلين روزفلت الى الذهاب الى آتون الحرب العالمية الثانية، في المانيا، من أجل انقاذ روائع الفنون والتحف، من لصوص النازية الذين سرقوا كبريات المتاحف.. وحملوا كل ما وجدوا أمامهم إلى ألمانيا، وكأنهم يخططون لحرق.. وإلغاء ذاكرة العالم.

مهمة مستحيلة من نوع آخر، يقوم بها ابطال من نوع آخر.. فنانين وعلماء وباحثين واختصاصيين يتم تدريبهم لتحمل المصاعب، من أجل الدخول الى اوروبا، والى المانيا على وجه الخصوص، ومن أجل استعادة التحف المفقودة، وحمايتها من الحرق والتدمير.. وإعادتها الى المتاحف.. والى اصحابها الحقيقيين.

سبعة من مديري المتاحف والقيمين والمؤرخين الحقيقيين للفن، في مهمة لحماية التاريخ.. والذاكرة.. والتحف.

وفي المقابل، لغة تدميرية عالية، يقوم بها عناصر النازية، في حرق كل ما يقع بين ايديهم.. لعل بينها تحف خالدة لمايكل أنجلو وغيره من المبدعين الذين طرزوا التاريخ والفن بابداعاتهم وبصماتهم.

رحلة لمواجهة الخطر، وسباق مع الزمن من أجل حماية وتجنب تدميرها (1000) عام من الثقافة والابداع. رحلة يخاطر بها عدد مرموق من الشخصيات، التي لا تقل قيمة عن تلك التحف، ضمن ايمانهم الحقيقي بدور الفن.. والابداع.. وأهمية حفظ ذاكرة الفن. قام بإخراج الفيلم النجم جورج كلوني، وهو يخوض تجربته الاخراجية الأولى، كما قام بكتابة السيناريو بالتعاون مع جرانت هيسلوف والذي عرفناه، كاتبا وممثلا ايضا.. وهذا الثنائي اعتمد على كتاب لروبرت روسل. في الفيلم عدد بارز من النجوم، يتقدمهم جورج كلوني وايضا مات دامون (جيمس غارنر) وبيل موراي (ريتشارد كامبيل) وكيت بلانشيت (كليرسيمون) وجون جولدمان (والتر جارفيلد) والفرنسي جون دوجاردين (جان كلود كليرمو) شاهدناه بدور رجل دين في فيلم «الفنان» الفائز بالاوسكار وهيو بونفيل (دونالد جيفرز). وقد حرص جورج كلوني منذ اللحظة الأولى ان يمزج بين كوميديا الموقف والمغامرة البعيدة عن التكلف، خصوصا في مراحل التحضير الأولى لاعادة تلك المجموعة الانسانية للاستعداد للحرب.. والقتال ومواجهة الأخطار. وقد تم تصوير الفيلم بالكامل في ستديوهات بابلسبيرغ في بوتسدام المانيا، وفي منطقة برلين براندنبورغ وهارتس، حيث بلدة اوسترويك التي شهدت الكثير من المعارك. كما تم تصوير كم من المشاهد في متحف الحرب الامبراطوري اوكسفورد، كامبريدج في المملكة المتحدة.

وقد أعلن مؤخرا أن الفيلم أدرج عرضه ليكون ضمن العروض الرسمية لمهرجان برلين السينمائي الدولي في فبراير المقبل، وهو موعد عرضه في الأسواق العالمية.

فيلم يذهب بعيدا في ترسيخ دور اميركا في المحافظة لاستعادة الأعمال الفنية التي سرقتها النازية. سينما تذهب الى العقل.. الى الذاكرة.. الى الوجدان.. الى حيث يصنع التاريخ.. بعيدا عن المغامرات المجانية.. رغم حضور اثنين من كبار نجوم المغامرات (جورج كلوني ومات دامون) وحفنة من نجوم الكوميديا ابرزهم جون جولدمان.

شخصيا حينما شاهدت العمل، شعرت بالدور الكبير الذي قام به الحلفاء وايضا الجيش الاميركي في استعادة ارشيف الكويت وذاكرتها ابان الاحتلال الصدامي الغاشم. سينما تذهب لما هو ابعد من حدود الصورة.

anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

24.01.2014

 
 

عملاً بالمثل القائل «زامر الحي لا يُطرب»

أفلام المهرجانات خارج حسابات شركات التوزيع ودور العرض في مصر

القاهرة - أحمد الجندي 

يبدو أن شركات التوزيع ودور العرض السينمائي في مصر لا يؤمنون على الإطلاق بالمقولة أو الحكمة التي تقول «العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة» لكنهم يؤمنون تمام الإيمان بالمثل القائل «زامر الحي لا يُطرب» وألا بماذا نفسر موقف هذه الشركات من الأفلام المصرية الجيدة والعالية القيمة الفنية والتي أصبحت هي وحدها التي تمثل السينما المصرية في المهرجانات الدولية وتحصل على التكريم والجوائز ويحتفي بها العالم مثل أفلام «فرش وغطا» و«الخروج للنهار» و«جرسونيرة» و«فتاة المصنع» وغيرها من الأفلام الجادة بماذا نفسر هذا الموقف المتعنت من شركات الإنتاج ودور العرض من رفض عرض هذه الأفلام جماهيريا في دور العرض وعزوفهم عن توزيعها في الوقت الذي يقبلون فيه بفهم على توزيع وإفساح كل دور العرض أمام أفلام قليلة القيمة ومتدنية المستوى الفني من نوعية «عبده موته» و«قلب الأسد» و«القشاش» و«عش البلبل» وغيرها من الأفلام السطحية التافهة.

لقد أصبح صناع هذه أفلام الجيدة يعانون اشد المعاناة في إيجاد فرص لتوزيع وعرض أفلامهم على جمهور السينما المصرية بعد هذا العنت والتعصب من الموزعين وأصحاب دور العرض الذين لا يؤمنون مطلقا بمعنى وأهمية الفيلم الجيد المستوى ولا يريدون أن يجدوا له مكانا وكأنهم يرون أن يضيفوا للسينما المصرية أزمة جديدة تضاف إلى أزماتها الحالية التي تعاني منها وحجتهم في ذلك أن أفلام المهرجانات هذه ليست أفلاما جماهيرية ولا يرغب فيها جمهور السينما وأن أصحاب هذه الأفلام الجيدة يصنعونها والجمهور ليس في حساباتهم وخارج اهتماماتهم وهذا ما جعل الكثيرين في الساحة السينمائية المصرية يؤكدون أن الساحة حاليا يملكها ويسيطر عليها منتجون من نوعية «السبكي» وفنانون أمثال سعد الصغير ومحمد رمضان ودينا واوكا واورتيجا وغيرهم من أنصاف وأرباع النجوم الذين يسيئون بأفلامهم للسينما المصرية ولا يهمهم من أمرها شيئا ونحن بدورنا نسأل بدهشة: لماذا أصبحت العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة ؟! ولماذا هذا العنت أمام السينما الجيدة؟ وهل بالفعل جناح هذه السينما لا يهمهم الجمهور أو يتعالون عليه وهم يصنعون أفلامهم؟ 

يقول المؤلف والمخرج أحمدعبدالله صاحب فيلم «فرش وغطا» الذي حصل على العديد من الجوائز في عدد من المهرجانات السينمائية الدولية مؤخرا ما يتهموننا به من إننا لا نصنع أفلامنا للجمهور اتهام غير حقيقي وجائر ولا يمكن أن يصدقه احد فلا يوجد فنان يصنع فنه لنفسه والا كان مجنونا فأي نوع من الفنون لا يعتبر فنا الا إذا عرض على الناس ومنتهى أحلام أي فنان أن يرى الإعجاب والدهشة والسعادة في عيون الناس التي تشاهد فنه وتتعاطاه وليس معنى أننا نلتزم بأقصى معايير الجودة الفنية في أفلامنا ولا نقدم أي توابل أو تنازلات تجارية ليس ذلك أننا نتعالى على الجمهور أو لا نفكر فيه أو نتجاهله فلمن نقدم أفلامنا إذا كان الجمهور ليس في حساباتنا؟! هل نصنعها لنتفرج نحن عليها أو لتحفظ في الأرشيف ونكتفي بعرضها في المهرجانات.

فأفلام السينما في العالم كله تصنع للجمهور وليس من اجل عروض المهرجانات ولا من اجل الجوائز لان جائزة الفنان الحقيقية تكون من الجمهور الذي يقبل على فنه ويقدره.

وأضاف أنا والعديد من زملائي الملتزمين بالسينما الجيدة نعاني من هذه الاتهامات الظالمة كما نعاني من هذا الموقف المتربص من شركات التوزيع وأصحاب دور العرض تجاه أفلامنا وفيلمي السابق «ميكروفون» لم يشفع له كل الجوائز والتكريمات التي حصل عليها من المهرجانات الدولية وتعامل معه موزعو السينما في مصر وأصحاب دور العرض باستهانة شديدة وعرضوه أثناء اندلاع ثورة يناير وفي عدد قليل جداً من دور العرض المعروفة بأنها دور عرض بعيدة عن اهتمام الجماهير وتعللوا وقتها بأن الفيلم ليس فيلما جماهيريا ولا اعرف ما مقاييس حكمهم على الفيلم الجماهيري أو الفيلم الجيد؟ هل هي الأفلام التي يتحمسون لها ويفردون أمامها معظم دور العرض وأهمها وهي أفلام لا أريد أن أسمياه فالجميع يعرفها وهي التي تسيطر الآن مع كل الاحترام لصناعها.

وأشار عبدالله إلى أن العالم كله به كل النوعيات السينمائية الأفلام العالية المستوى جدا والمتوسطة والأقل والجمهور يختار ما يلائمه لكن لا يجب أن يُعرض عليه نوع أو نوعية معينة وواحدة من الأفلام بحجة أنها أفلام شعبية أو جماهيرية وقال: اعتقد أن فيلمي «فرش وغطا» وفيلم المخرجة هالة لطفي «الخروج للنهار» سوف يعرضان قريبا وأتمنى أن ننال جزءا من الترحيب الذي تجده الأفلام الأخرى التي أشرت إليها وأتمنى أن نجد نصف الترحيب الذي نجده من شركات التوزيع الخارجية التي ترحب بعرض أفلامنا خارج مصر.

وتعلن المخرجة هالة لطفي صاحبة فيلم «الخروج للنهار» على ما يحدث بكلمات قليلة حزينة وتقول: ما يقوله الموزعون وأصحاب دور العرض عن أفلامنا وأننا نقدمها ونصنعها للمهرجانات فقط ولا نبالي بالجمهور كلام غير صحيح ولا يصدق فمن هذا الفنان الذي لا يريد أن يقدم فنه للناس؟! وأضافت: اعتقد ا المسألة كلها ليست سوى نوع من الكسل من جانب هؤلاء الذين يتهموننا لأنهم يبحثون فقط عن المشروع الذي يقدم لهم الربح السريع وليس لديهم أي استعداد للمغامرة وتشجيع الجديد والمغاير والمختلف فأنا أتعجب من الذي يعرض فيلما واحداً في ثلاث شاشات لديه ولم يفكر في عرض فيلم آخر في اصغر قاعة وهو قد لا يعلم أن هذا الفيلم الآخر ربما يحقق النجاح أكثر من الفيلم الذي يرى هو أن تركيبته جماهيرية ومضمونة النجاح ويخلي له قاعات لكن للأسف وهناك الموسيقى البديلة التي تحقق نجاحاً كبيراً وأصبح لها جمهورها وربما السينما البديلة تفعل ذلك أيضا لو تم الاهتمام بها.

من جانبه وضع المنتج والموزع السينمائي هشام عبدالخالق توصيفا للحالة وقال لابد أولا أن نعرف ما هي السينما المستقلة وهي في رأيي الأفلام التي تحصل على تمويل من الخارج أو دعم من شركات في الداخل وهذه الأفلام تحصل على هذا الدعم لمواصفات خاصة ليس من بينها إرضاء الجماهير لان هذه الجهات التي تمولها لا تهتم بالجماهير ويهمها أكثر المهرجانات وجوائزها وبالتالي يحاول صناع هذه الأفلام إرضاء الجهة الداعمة والممولة لأفلامهم وأيضا يقدمون نوعيات مختلفة ورؤى مغايرة عن التي التقها الجمهور في الأفلام التي يحبها وهذا ما يجعل الجمهور لا يقبل بسهولة على هذه الأفلام وهم يعلمون ذلك بعد أن اكتفوا بعروض المهرجانات وجوائزها التي تدر عليهم بعض الأموال التي تجعلهم بعيدا عن الخسارة لأن أفلامهم قليلة الكلفة.

وأضاف وهذا ما يجعل الموزعين وأصحاب دور العرض لا يقبلون على أفلامهم ولا يهتمون بها لان الموزع يريد أن يتكسب من عمله فهو لديه موظفون وعمال ومصاريف يريد أن يغطيها والتزامات لابد أن يفي بها من خلال ربحه الذي لا يتجاوز 10 في المئة من إيرادات الفيلم.. وإذا افترضنا أن أي فيلم من هذه الأفلام المستقلة سيحقق إيرادات تصل إلى مليون جنيه على أقصى تقدير فإن ربح الموزع من هذه الأرقام ضئيلا إذا ما قارناه بفيلم آخر يحقق إيرادات تصل إلى 5 أو 10 ملايين جنيه وهذا ما يجعل الموزع يضع جهده وتركيزه في الفيلم الذي يحقق إيرادات اكبر ونجاحه الجماهيري مضمون بدلا من أن يشغل وقته وجهده وقاعات العرض بأفلام مردودها الآلي ضعيف.

أما الناقد علي أبو شادي فهو لا ينزعج من افتقار أفلام المهرجانات والجوائز للجمهور وعزوف الموزعين عنها ويقول: العالم كله يتعامل مع أفلام المهرجانات بطريقة مختلفة عن تلك التي نطلق عليها الأفلام التجارية والمشكلة ليست عندنا فقط لكنها زيادة بعض الشيء لدينا فالموسيقى الكلاسيكية رغم جمهورها الواسع لكنها لا تحظى بالجماهيرية الشعبية التي تحققها أنواعا أخرى من الموسيقى والمسألة كلها ترجع إلى التذوق والتربية الفنية ودائما يقولون انه حتى تحسب السينما لابد أن تفهمها وهذا ما ينقص المتفرج المصري وهو ما يفرق بين المتفرج العادي والناقد الذي يفضل أفلاما مختلفة عن تلك التي تحقق الجماهيرية الواسعة في شباك التذاكر أيضا لابد من صناع هذه السينما المختلفة أن يتباطأو قليلا في طرح أفكارهم ومضامين وشكل أفلامهم حتى تفهمها الجماهير وبالتالي تحب أفلامهم وسيكون هناك حجة للموزعين في العزوف عن أفلامهم .

النهار الكويتية في

24.01.2014

 
 

المخرجة آيتن أمين:

{فيلا 69} يخاطب جمهوراً غاب عن السينما 

كتب الخبرهيثم عسران 

تقدم المخرجة آيتن أمين في فيلمها الروائي الطويل الأول «فيلا 69» تجربة سينمائية مختلفة أثارت ولا تزال ردود فعل إيجابية كثيرة.

عن الفيلم الذي استقبلته دور العرض أخيراً، والإشادة النقدية التي حصل عليها كان اللقاء التالي.

·        كيف جاءتك فكرة فيلم «فيلا 69»؟

كانت الفكرة لدي منذ سنوات عدة، حيث كنت أرغب في تقديم فيلم روائي طويل له علاقة بالموت، لذلك بدأت الحديث مع المؤلف محمد الحاج الذي قدم فيلماً روائياً قصيراً أعجبني للغاية، ثم انضم إلينا محمود عزت لنتشارك في كتابة الفيلم.

·        هل حددت ملامح الفيلم قبل الشروع في كتابته؟

فعلاً، تحدثنا سوياً حول خطوط العمل العريضة وملامح شخصية البطل والفيلا التي تدور فيها الأحداث، وتلك الخطوط هي التي بنوا عليها، ثم تابعت معهم مراحل الكتابة وما يتم إنجازه باستمرار وتناقشنا كثيراً في التفاصيل كافة، الأمر الذي ساعدني بالتأكيد خلال تصوير الفيلم.

·        لكن كتابة الفيلم استغرقت وقتا طويلا للغاية.

الوقت الطويل لم يكن في الكتابة ولكنه ارتبط بوجود مشكلة في الإنتاج وعدم توافر منتج متحمس له وهو ما وجدته في المنتجين محمد حفظي ووائل عمر وساعدنا في ذلك الدعم المادي الذي جعلنا نستغرق وقتاً في التحضيرات إلى حين بدء التصوير، وفور توافر الدعم المالي من وزارة الثقافة بدأنا التصوير بشكل سريع.

·        ذكرت أن الفيلم مر باعتذارات كثيرة ومشاكل تتعلق بأماكن التصوير، فهل هذه الملابسات كافة أثرت سلباً عليه؟

على العكس تماماً، ربما زادتنا إصراراً على تقديمه والخروج به إلى النور، وعليه فأنا سعيدة للغاية بأداء خالد أبو النجا في الفيلم وأرى أنه قدم الدور بشكل أكثر من رائع وكان الشخصية الأنسب للدور. كذلك الفيلا التي كنا قد اخترناها في البداية ليتم تصوير الفيلم داخلها وتغيرت في اللحظات الأخيرة لأسباب لا علاقة لنا بها، وفقنا بعدها في العثور على فيلا أنسب وأفضل  فعلياً، وتحتوي على مساحات لتغيير الديكور بشكل أكبر، ما يعني أن تلك العثرات كانت في صالح العمل وليس ضده.

·        كيف استطعت توجيه خالد أبو النجا ليقدم شخصية أكبر من عمره الحقيقي بسنوات؟

خالد ممثل مجتهد وفهم طبيعة الدور من دون أن أناقشه فيه كثيراً، فكان يفهم ما أريد قوله قبل أن أتحدث معه لذا لم تستغرق جلسات التحضير بيننا وقتاً طويلاً وبدأنا التصوير بعد جلستين فقط.

·        عادة ما تواجه السينما المستقلة مشكلة في الإنتاج السخي.

أعتبر نفسي محظوظة في هذا الفيلم بحماسة المنتجين للعمل، بالإضافة إلى دعم وزارة الثقافة فلم يبخلوا على الفيلم بأي شيء فني، وتم تنفيذه بأفضل الإمكانات المتاحة، خصوصاً أنه لا ينتمي إلى نوعية أفلام السينما التجارية.

·        هل تعمدت تجاهل الفترة الزمنية التي تدور فيها الأحداث؟

لا أقدم فيلماً سياسياً حتى أحرص على تدقيق الزمن، فالعمل يتحدث عن علاقات وحالة إنسانية بشكل كبير لذا لم أجد داعياً لتحديد زمن أو عصر سياسي بعينه، لأن العلاقات الإنسانية في الفيلم يمكن أن تشاهدها في أي دولة وفي أي زمان، ومن ثم لم أجد داعياً لإقحام السياسة والأحداث في موضوع إنساني هو أبعد ما يكون عنها.

·        رغم إصابة البطل بمرض قاتل فإنك لم تذكري اسم المرض في الأحداث.

تعمدت ذلك أيضاً، لأنه لا يهم نوع المرض الذي يعانيه الإنسان في الفيلم، ما يعنيني فقط أنه في مواجهة مع الموت كنتاج طبيعي للمرض وكيفية هذه المواجهة وما يترتب عليها من إعادة تقييمه للحياة من حوله وللعلاقات الإنسانية التي ارتبط بها سلباً وإيجاباً.

·        لماذا اخترت الاعتماد على الوجوه الجديدة؟

أحب العمل مع المواهب الجديدة، لذا يشارك في الفيلم عدد كبير منهم سواء أمام الكاميرا أو خلفها، وبالنسبة إلى الممثلين استغرقنا ستة أشهر تقريباً في التحضير للفيلم فعقدنا جلسات عمل مطولة تحدثنا فيها عن السيناريو ودور كل منهم ومنحتهم فرصة لكتابة تخيلاتهم عن الشخصية التي سيقدمونها، تاريخها وأسلوب حياتها. وأدى ذلك في النهاية إلى نتيجة إيجابية أمام الكاميرا، حيث كان كل ممثل يجسد الشخصية بشكل حقيقي، فضلا عن إضافة مشاهد ارتجالية خلال التصوير أضافت إلى الفيلم.

·        ثمة ألفاظ وردت في الفيلم تعتبر غريبة على المشاهد؟

لا أرى أن الألفاظ التي احتوى عليها الفيلم جريئة بل أعتبرها ألفاظاً عادية تتردد داخل المنزل المصري، بالإضافة إلى أن طبيعة الشخصية وتركيبتها النفسية تجعلانها تردد هذه الألفاظ بشكل متكرر في حياتها، وتعمدت أن تكون موجودة كي نقدم عملاً أقرب إلى الطبيعة.

·        هل تشعرين بالرضا عن الإيرادات التي حققها الفيلم؟

أتمنى أن يحقق الفيلم إيرادات أعلى خلال الفترة المقبلة، لكن ما أعرفه جيداً أنه يستهدف الطبقة المتوسطة من الجمهور التي أصبحت لا تذهب إلى دور العرض تقريباً، فالفيلم لا يتوجه إلى الجمهور المهتم بمتابعة الأفلام التجارية.

·        ماذا عن مشروعك المقبل؟

لم أحدد حتى الآن ما إذا كنت سأقدم فيلماً تسجيلياً أم عملاً روائياً طويلاً.

الجريدة الكويتية في

24.01.2014

 
 

فجر يوم جديد: {لمؤاخذة}!

كتب الخبرمجدي الطيب

انفرد مهرجان الأقصر للسينما الأوروبية والمصرية، في دورته الثانية (19- 25 يناير 2014)، بالعرض العالمي الأول للفيلم الروائي الطويل “لمؤاخذة”، من تأليف عمرو سلامة وإخراجه.

خاض سلامة معركة شرسة مع الرقابة المصرية، مذ تقديمه السيناريو عام 2010 بعنوان «لمؤاخذة»، عندما رفضته بحجة أن العمل يشجع على الفتنة الطائفية، ما اضطره إلى تعديل السيناريو وتقديمه مجدداً عام 2011 باسم «ثانية إعدادي»، لكنه فوجئ بتعنت الرقابة التي رفضته من جديد تحت زعم أن السيناريو يسيء إلى العملية التعليمية، ويشوه وزارة التربية والتعليم!
المفارقة المثيرة أن السيناريو الذي رفضته الرقابة نجح في الفوز عام 2012 بمنحة لجنة الدعم التابعة لوزارة الثقافة، البالغة مليوني جنيه، ما أثار غضب رئيس الرقابة آنذاك، وأبدى استنكاره دعم الدولة سيناريو رفضته رقابتها!

في الأحوال كافة، انتصر الإبداع على المتربصين به، وعُرض الفيلم في افتتاح مهرجان الأقصر للسينما الأوروبية والمصرية بعنوانه الأصلي. لكن تولدت لدي قناعة، عقب الانتهاء من مشاهدته، بأن المواجهة التي احتدمت بين سلامة وبين الرقابة أثرت سلباً على الفيلم الذي تدور أحداثه حول الطفل «هاني عبد الله» (الطفل أحمد داش) الذي تنقلب حياته رأساً على عقب، بعد الرحيل المفاجئ لوالده مدير البنك (المطرب هاني عادل) واضطرار والدته عازفة التشيللو في الأوبرا (كندة علوش) إلى إجباره، في محاولة لضغط النفقات، على مغادرة مدرسته الخاصة وإلحاقه بمدرسة حكومية. وبمجرد أن تطأ قدماه أرض المدرسة، ثم الفصل الدراسي، يجد نفسه مُحاطاً بمناخ يؤجج العنف والتطرف، وبيئة لا تسمح باختلاف الهوية والعقيدة، فيضطر إلى إخفاء أمر ديانته المسيحية، وينصاع إلى إرادة الجميع من حوله. لكن اكتشاف حقيقته يُخلصه من مخاوفه وسلبيته وخنوعه، ويقرر المواجهة لاستعادة هويته... وعقيدته!

فكرة على درجة كبيرة من الجدة والأهمية؛ خصوصاً أن المخرج عمرو سلامة لم يكتف برصد النتائج الوخيمة لطمس الهوية، ومحو الخصوصية، وإقصاء «الآخر»، وازدرائه إذا لزم الأمر، وإنما وضع يديه على نقطة حيوية للغاية، بإشارته إلى أن «التمييز» يمكن أن يتخذ بعداً أكثر خطورة في حال خوف المجتمع من اتهامه بالتطرف والطائفية، ما يدفعه إلى أن ينقلب على نفسه، ويُظهر غير ما يُبطن، ووقتها يُصبح أكثر تطرفاً في إظهار مشاعر الحب الزائف والتعاطف الوهمي والرغبة غير الصادقة في احتواء «الآخر»، من دون أن يدعم تلك المشاعر بأرضية حقيقية من الأفعال التي تعكس اقتناعاً بأن ما يفعله «ضرورة» وليس «اضطراراً» فرضته ظروف وإملاءات ومواءمات!

نجح سلامة أيضاً في فضح التردي الملحوظ الذي أصاب العملية التعليمية، وحوَّل المدارس إلى مرتع للعنف والتطرف، وحذر من خطورة ما ينتظر المجتمع على يد الأجيال الجديدة التي تتعرض لعملية تشويه ذهنية ليست عشوائية، ما يستوجب على الجميع مواجهة الأزمة، وليس الهروب منها، عبر خيار الهجرة تحت زعم الاضطهاد الديني، أو الاستسلام للأمر الواقع، والإذعان لشروط الطرف الآخر. لكن عاب الفيلم اضطراب السيناريو وتشويشه، ربما بسبب رغبة المخرج في تمرير فكرته وتجربته من دون أن يصطدم مع الرقابة؛ فالوصول إلى ما يريد قوله استغرق وقتاً طويلاً، وأدى إلى الوقوع في فخ التكرار والمبالغة في رصد تجاوزات الصبية في المدرسة، والشكل القميء الذي ظهر عليه بعض المدرسين. كذلك تسبب تركيز المخرج على القضية وحدها في تراجع ملحوظ في توظيف العناصر والأدوات الفنية التي يملكها، وعبر عنها في فيلمه الأول «زي النهارده» (2008)، وبدرجة ما في فيلمه الثاني «أسماء» (2011)؛ بل إن جرعة الكوميديا لم تكن بالقدر المتوقع، أو بالشكل الذي كان مأمولاً في هذه التجربة، التي انتظرها الجميع بشغف وترقب وتفاؤل بأنها ستمثل إضافة كبيرة، وهو ما تأكد في المشاهد الاستهلالية التي أشارت إلى مظاهر الحياة الرغدة والمرفهة التي كانت تعيشها عائلة الطفل، وبررت حجم الصدمة التي انتابت الأم والابن، في أعقاب التغيير الكبير الذي طرأ على واقعهما، وإصرارهما على تجاوز الأزمة، فضلاً عن الإشارة ذات المغزى إلى إحجام الأم عن ارتياد الكنيسة، والحرفية الواضحة في تصوير مشهد التلامذة في صورة وحوش ومصاصي دماء على وشك افتراس الطفل والتهامه لمجرد أنه «مختلف»، فضلاً عن تعرية الدور السلبي الذي تؤديه القنوات الفضائية المتسترة وراء الدين، والمدارس التي تغذي لدى التلامذة أمراض التطرف والعنف والتحرش، بدلاً من أن تهذب أرواحهم وتشجعهم على إعلاء لغة الحوار وتربيهم على التسامح، وهي الرسائل التي كانت بمثابة الهاجس الذي يؤرق عمرو سلامة، وسعى جاهداً إلى تجسيدها في فيلم «لمؤاخذة». لكن التجربة افتقدت البريق والسحر واتسمت ببعض التعالي، لأسباب يتحمل مسؤوليتها المخرج وحده، كونه عجز عن استثمار فكرة شديدة الواقعية والمعاصرة، وفرط في قضية كانت مؤهلة لأن تصنع فيلماً جماهيرياً بامتياز.

الجريدة الكويتية في

24.01.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)