السينما السورية أشبه ما تكون بمغارة علي بابا..
في كل زاوية منها تكتشف
كنزا جديدا..
أو جوهرة مجهولة أو طبقا شهيا..
ومنذ أن بدأت السينما السورية
نشاطها من خلال مؤسسة السينما التي أخذت علي عاتقها مسئولية السينما في
البلاد..
فجعلت كل ما يمت للسينما بصلة يمر من خلال قنواتها.
عرضا وإنتاجا وتوزيعا ورغم
المنات الكثيرة التي صاحبت هذا الموقف فإن المؤسسة استطاعت أن تخلق تيارا
سينمائيا
سوريا خاصا بها من خلال أفلام مخرجين كبار اتاحت لهم الفرصة الكاملة
للتعبير عن
أنفسهم، غير عابئة بالمردود التجاري للفيلم..
ومركزة علي محتواه الثقافي
والفني. وهكذا رأينا أفلاما لمحمد ملص ونبيل المالح وعبداللطيف عبدالحميد
واسامة
محمد تلألأت في سماء السينما العربية...
وحققت نجاحات مشهودة في المهرجانات
العربية والعالمية معا.
هذا التيار الجاد اطفأ نتاج القطاع الخاص الذي انصرف الي تقديم أفلام
تجارية
بحتة لايقصد منها سوي الترفيه والكسب المادي
(باستثناء الأفلام التي قدمها نادر
الأتاسي للنجم الكبير دريد لحام والتي تشكل إستثناء عريضا في إنتاج
السينما
الخاصة في سوريا.
وغرقت السينما المستقلة والانتاج السينمائي الخاص في ليل طويل..
زاده ظلمة
النجاح الفني الذي تحققه أفلام المؤسسة ومستواها الفني المرتفع..
والتي لم يتمكن
الانتاج الخاص من مجاراتها أو تقليدها.
ولكن يبدو أن هذا الليل الطويل قد آن له أن ينتهي..
وأن فجرا جديدا مشرقا
ينتظر السينما السورية الجديدة..
فهناك قوانين صدرت خففت من وطأة الاحتكار القاسي
الذي التزمت به مؤسسة السينما وساعدت علي تشجيع بناء صالات جديدة للعرض
السينمائي..
وفتح باب الاستيراد بشكل نسبي..
إلي جانب تشجيع المؤسسات الخاصة
علي الإنتاج المستقل..
وكان رائد هذه الحركة التجديدية في السينما السورية المخرج
هيثم صفي الذي حقق نجاحات غير مسبوقة في الدراما التليفزيونية..
وقدم عددا من
المسلسلات أصبحت الآن تعتبر من ضمن كلاسكيات التليفزيون السوري.
هيثم صفي.. اتجه للسينما منتجا ومخرجا وكاتبا..
ومد جناحيه خارج وطنه..
ليساعد الشباب العربي علي تقديم أفلام لهم عجزت بلادهم عن مد
يد المساعدة
لانتاجها.. كما في فيلم (بصرة) لأحمد رشوان الذي فاز بأكثر من جائزة في
أكثر
من مهرجان عربي..
ومن ضمنها مهرجان القاهرة السينمائي.
في جعبة (هيثم صفي)
مشروعات سينمائية مختلفة.. البعض منها أصبح معدا للعرض..
والبعض الآخر في
طريقه إليه هذه التجربة الناجحة والرائدة شجعت عددا اخر من
المخرجين علي خوض هذه
التجربة الصعبة والمثيرة في وقت واحد ولعل اخرها هذا الفيلم الجريء الساحر
الذي
يحمل عنوان (2/1 نيكوتين) والذي يشكل بحد ذاته مفاجأة سينمائية من النوع
الثقيل.
نيكوتين.. يسير علي هذا المنهج الذي ساد أخيراً في ارجاء السينما العالمية
والعربية..
وهو تقديم مجموعة من القصص أو مجموعة من
الشخصيات يربط بينها حدث
ما.. أو تجمعها أزمة خاصة أو يربط بينها مناخ له وقعه وتأثيره ولعل نجاح
واحد صفر
في مصر.. وتحقيق هذه الانتصارات الفنية وحصده الجوائز في أي مهرجان حل فيه
يؤكد..
نجاح هذه الظاهرة وشيوعها..
وسعي البعض إلي تقليدها أو السير علي
منوالها.
في مصر.. جاءت أفلام الفرح وكباريه مثالا حقيقيا لأفلام التجمعات والشخصيات
كذلك أفلام خالد يوسف الأخيرة وسواها..
مما شكل ظاهرة سينمائية حديثة..
وملفتة
للنظر..
وخروجها عن تقليد النجم الواحد..
أو النجمة الكبيرة التي سيطرت علي
خارطة السينما المصرية سنينا طوال..
والتي لازالت مع الأسف متمثلة في أفلام
محمد
سعد الضاحكة ومحمد هنيدي واحمد السقا واحمد حلمي وسواهم من نجوم الكوميديا.
الذين
لازالوا يصرون علي ان يكونوا الشمس الساطعة المشرقة..
والتي تدور حولها باقي
النجوم الصغيرة.. وتستمد نورها من نورهم الوهاج.
في (2/1 ملغ نيكوتين) يقدم المخرج الشاب محمد عبدالعزيز رؤيا اجتماعية
ونفسية
وجنسية..
وبشكل ما سياسية لمدينة دمشق..
وسكانها.. والنماذج المختلفة التي
تعيش في ازمتها وحواريها.
هناك زكريا العجوز ويؤدي دوره خالد تاجا (نجم أغلب المسلسلات التليفزيونية
الناجحة)
وهو سائق عقيم يشك في سلوك زوجته..
وفي نسب ابنته..
مما يؤدي به الي
قتلها..
ثم يمضي عقوبة طويلة في السجن يخرج بعدها..
ليعيش في غرفة فقيرة
بائسة تعذبه ذكرياته والندم الذي يحرق قلبه..
فيقرر الانتحار أكثر من مرة..
دون
أن ينجح مرة واحدة. في وضع حد لحياته..
ويمر بالفيلم حاملا يأسه واحباطه ونظرته
السوداء للدنيا والمجتمع والخلق باسره.
وهناك نادي العاهرة التائبة (وتؤدي دورها بشكل ملفت للنظر ويثر للاعجاب مي
شكاف) والتي وصلت إلي نهاية مرحلتها وتعيش في بيت دمشقي قديم.. وتجد السلوي
في
الحديث مع ماسح أحذية صغير (زين) تجذبه اليها كما تجذب العنكبوت ذبابة
صغيرة..
وتفتح عينيه علي عالم من الغرائز لايعرفه بعد.
انها تجد فيه براءتها المفقودة..
وتتحدي بعلاقاتها الخاصة معه كل هذه
التقاليد التي حرمتها من الحياة الحقة الكريمة.
اما هو فيجد فيها مفتاحا لعالم
الجنس السحري الذي لايعرف عنه شيئا..
والذي يخابل أحلام طفولته ويملأها بعطر
مستحيل.. وزهور وحشية ذات طعم سام..
العلاقة الجنسية بين العاهرة العجوز والطفل البريء.
من اجرأ ما قدمته
السينما العربية وربما السينما العالمية ايضا..
لان (2/1 نيكوتين) يخوض في
رسم هذه العلاقة الي أبعد مدي ممكن..
لدرجة المضاجعة في الفراش..
ولعل مشاهد
تلوين أصابع قدم العاهرة علي يد أصابع ماسح الأحذية الطفل..
من أكثر المشاهد
ايروتيكية في السينما السورية.
وهناك اروي المنقبة »المسلمة« التي يقع في هواها رسام مسيحي..
ترفض ان
تكشف له عن وجهها..
وتكتفي بلقائه، وتركه يسبح في بحر عينيها.
وعندما يلح
بالمطالبة برؤية وجهها توافق شريطة ان تهجره بعدها الي الأبد.. (هناك رجوع
الي
بعض أحداث ألف ليلة وليلة في هذا الموقع)
ويوافق الرسام الذي جن بشخصية هذه
المنقبة.. ويوافق علي الشرط..
وبالفعل فإنه يكتشف عند رفع النقاب وجهها بالغ
الحسن والبهاء. (ريهام عزيز الممثلة الحسناء الشابة تلعب هذا الدور بحساسية
مفرطة)
وتخرج الفتاة من حياة الرسام الذي يتجه بعد
ذلك الي الرهبنه والي رسم صور
القديسية والقديسات خصوصا مريم العذراء..
التي يرسمها دوما من خلال الوجه
الساحر.. الذي رآه مرة واحدة ثم اختفي من حياته الي الأبد.
أما المنقبة.. فانها تقرر بعد ان خلعت النقاب الا ترجع اليه..
وتبقي
سافرة..
تختار تعليم الصغار كمهنة لها..
تمضي بها ما يبقي من أيامها.
ولا يمكن ان ننسي المتفرج »شهد الرسام«
وهو يمسك أخيرا بيد الفتاة التي
عشقها وقد اصبحت لوحة قدسية امامه.
وهناك ايضا هذا الداعية الديني الشيخ رازي.. (الممثل المعروف عبدالفتاح
قرين)
المتصوف الذي يبحث عن الله من الأول الذي
خلقه الله..
والذي يفقد بصره
ويعيش في ظلام دامس يعتبره هو جوهر النور..
والذي يهيمن اللون الأبيض علي
أحلامه.. وكاد ان يمدد تصرفاته كلها بعد ميتافزيقي..
احسن السيناريو
رسم
البساطة اسرة اسرة ودون أي تكلف أو حذلقة.
وحتي زين ماسح الأحذية الصغير (ويلعب دوره زين حمدان بعفوية آسرة..
وبقوة
تمثيلية استطاع المخرج ان يخرجها من أعماقه بسلاسة وتأثير..
مدهشان)..
يرسم
الفيلم خطوات علاقته بالعاهرة المكتملة الأنوثة خطوة خطوة..
وتأثير ذلك علي حياته
وعلاقته ببائعة المناديل الصغيرة التي ترافقه في جولاته المستمرة في احياء
المدينة
الفقيرة النائمة..
الظالمة القاسية الحنون.
ورغم اني لا اجد مبررا دراميا كافيا لهذه النهاية المأساوية التي وصفها
المخرج
لهذا الطفل فاني قد اجد تبريرا لها..
بمحاولته رأب الصراع الكبير الذي
احدثه
بتصوير هذه العلاقة رقابيا..
وأخلاقيا..
(2/1
نيكوتين)
لايستمد قوته فقط من هذا السيناريو البديع
وهذا الرسم
الموفق للشخصيات الكثيرة التي يقدمها قدر ما يستمدها ايضا.
من حساسية اخراجه.. لكثير من المشاهد الرقيقة التي تتسم احيانا ببعد
رومانسي
معطر كمشهد اللقاءات الليلية مع الرسام والمنقبة..
أو تتسم احيانا أخري بطابع
ميلودرامي ثقيل كمشاهد زكريا ومحاولات انتحاره البائسة والمحبطة.
وهناك هذا البعد الروحي الذي يمر كنسمة هادئة حلوة..
من خلال مشاهد الصوفي
المتمرد أو مشاهد الطفولة البريئة به زين وصديقته الصغيرة..
والتي تتناسب عكسا مع
مشاهدة الحارة الجريئة.. مع المرأة الأنثي.
(2/1
نيكوتين)
يمثل ثورة حقيقية يقدمها القطاع السوري
الخاص لفهد السينما
في بلاده.. وعطاء صافي النبرة قوي التأثير..
من خلال مخرج يعرف ماذا يريد ان
يقول ومجموعة مدهشة من الممثلين عرف المخرج كيف يحركها وكيف يقودها وكأنه
رئيس
اوركسترا سيمفونية..
تقدم أجمل ألحانها باشارة خفيفة من يده.
قد تكون الأفلام التي ينتجها الان هيثم حقي وهذه الأفلام التي تنطلق حرة في
سماء دمشق الصافية لتقول الكثير والكثير..
بأسلوب متزن وحساس وشديد التأثير بادرة
جادة لنهضة سينمائية حقيقية تنتظرها دمشق منذ زمن
بعيد.
أخبار النجوم المصرية في
15/07/2010
أيام زمان
النيا .. نبع الفن وزهرة
المدائن
بقلم : موفق بيومي
وتبقي المنيا أحب البلاد إلي ولولا أن »لقمة العيش«
اخرجتني منها..
ما
كنت خرجت رغم أني لم أعد أسكنها إلا إنها مازالت تسكنني..
غادرتها ولكنها لم تغادرني كل حين يجتاحني الحنين إليها، حنين عاشق إلي
معشوقته التي فرقت بينهما الأيام بلا سبب فأشد نحوها الرحال متخلياً - إلي
حين -
عن حياة لا يحتملها بشر في قاهرة المعز التي قهرتنا وأذلتنا.. أتمرد - أيضا
إلي حين -
فأنزع الحبل الذي يربطني بالساقية قبل أن أعاود
- وياللعجب - ربطه
بنفسي من جديد..
لنفسي.
حبي لها جعلني
- مثل أبي - أقول فيها الاشعار وأكتب
عنها الكتب..
من بين ماكتبته أنقل لكم - علي حلقات - جانبا من الحياة الفنية للمنيا..
أيام زمان.
يطلق القطار صافرته شهيرة الصوت بشكل متصل..
تزمجر عجلاته وتزداد حدة صريرها
المزعج قبل أن تنقطع فجأة معلنة وقوفه لدقائق لا تطول علي رصيف محطة
المنيا. أهبط
من العربة ليصد مني لهيب الحر رغم اقترابنا من لحظة الغروب.. لا يعبأ
الشيالون
بنداءتي لهم.
تتجاوزني أعينهم بحثا عن أصحاب الأمتعة
الثقيلة -
أحمل حقيبتي
الوحيدة وأمضي.
علي الرغم من أنها شبه فارغة إلا أن علل القلب تجعل من كل حمل
عبئاً ثقيلا.. أقلب بصري من غير ارتياح في مبني المحطة الذي فشلت محاولات
بناءه علي النسق الفرعوني فجاء مسخاً..
أترحم علي المحطة القديمة التي تم هدمها
قبل أكثر من ربع قرن،
أتنهد في حسرة مسترجعاً المبني العتيق..
الغرف شاهقة
الارتفاع التي تضم مكاتب حضرة الناظر والباشمهندس والمفتشين وبقية
المستخدمين..
المدخل المهيب.. روائح السفر. السلالم الرخامية التي أنبرت وأهترت ألا من
وطأ ملايين الأقدام خلال عشرات السنين..
البوفية الكلاسيكي الحنون..
الرصيف
الحزين.. »الصخب الهادي« لعشرات القادمين او المغادرين..
قرويون جاءوا لوداع
كبيرهم الذاهب للعلاج او لقضاء مصلحة ما في »مصر«..
»عساكر في الديش«
يتخبطون
في ردائهم العسكري الفضفاض..
رجال »شرق النيل« بقاماتهم العملاقة وصوتهم
الجبلي الذي لاتخطأه أذني تعلو رؤسهم
العمائم الكبار متوجهين إلي مولد أحد الأولياء
أو عائدين منه..
نظرة يا مولانا..
مدد ياست.. فلاحون وأفندية ..
تجار
وموظفون..
بسطاء.. وبهوات.. اييييه . مضي كل شيء ولم يبقي سوي سيل من
ذكريات وبحر من..
دموع.
أهرب من إشارات سائقي التاكسي التي تكاد أن تصل إلي حد الجذب والدفع.
معظمهم
أقرب إلي البلطجية والمسجلين الخطر..
احتلوا كل شوارع المدينة وعاثوا فيها فسادا
بلا رقيب طاردين في طريقهم
»الحنطور« وأيامه الهنية..
رغم ضيق الوقت والمرض وشبه ضياع البصر أقرر السير علي الأقدام حتي المنزل
في
ميدان الساعة. ربما أنجح في استرجاع الشوارع كما كانت..
استعادة شكل البيوت حين
تركتها.. عسي أن تواتيني الشجاعة فأفتح خزائن الذكريات..
بنت الجيران بضفائزها
وحقيبتها المدرسية وعيونها الخجلي..
أيام الثانوية العسكرية حتي تخرجي منها في
87..
التسكح في شارع الحسيني
- موسكي المنيا - صباحا - الوقوف امام روزينا
في ميدان بالاس ظهرا
- التمشية علي الكورنيش بعد العصر.
جلسات لوتس والنادي في
المساء مجالسة السياح في كيمو ولعب الشطرنج في نقابة المعلمين.. أفيق
فجأة..
أمسح الدموع التي لسعت سخونتها خدي ألملم ما تبقي من بقايا نفسي.. و.. اكمل
المسير.
ينتابني حزن غامض بينما المدينة قبيل الغروب تضيء أنوارها المبهرجة التي
تصدم ما تبقي في عيني من نور وتذكرني بفتيات ليل رخيصات الثمن معلولي الجسد
ومحزوني
القلوب.. أقطع شارع الجمهورية -
السلطان حسين سابقا -
الذي يمتد من المحطة
وحتي الكورنيش محتفظا بغير قليل من قصوره وڤيلاته وعماراته الكلاسيكية
الرائعة مع
عدد هائل من الابراج الاسمنتية القبيحة كان الشارع أول ما تم شقه في الحي
الجديد -
أرض السرايا التي ستصبح وسط المدينة عام
5191.
في منتصف الشارع تبرع صاروفيم بك
بفدان لانشاء ميدان بالاس وتم تشييد مبني انجليزي الطراز علي
فدان اخر ضم فندق
بالاس وعمارة سكنية والمحكمة المختلطة في
حين ازدحم الدور الارضي بالمقاهي
الايطالية والبقالات اليونانية ومتاجر
الشوام واليهود..
علي بعد أمتار من الميدان
كانت تتجمع سينمات المنيا الثلاث القديمة فريال وبالاس الشتوي والصيف.
وقد ظهرت جميعاً إلي النور في ثلاثينيات واربعينيات القرن الفائت أما
أقدم دار للسينما بالمدينة فتعود إلي
عام 4191 وكانت تقع في حارة (السيما
القديمة) بجوار حلقة السمك وشارع الجزار بالحي القديم.
في سينمائيات
المنيا غنت الست منيرة وفتحية أحمد وأم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالغني السيد
وكارم
محمود - ثم الجيل الاحدث وعلي رأسهم صباح التي تزوجها أحد ثراة المدينة لايام
وبني لها ڤيلا حديثة الطراز علي النيل.
ها أنا أصل إلي ميدان بالاس الذي شهد في
41
مارس
9191
اعلان قيام أول
جمهورية في مصر جمهورية المنية.
قبل زفتي بأيام علي يدي الشاب القبطي
الاڤوكاتو
المتصيت .
الجمل افندي السكرتير العمومي للجمهورية
الوليدة!
اقف علي ناصية
الميدان مع شارع ابن الخصيب.
يقوم الان برج قمي يمتلا بالبنوك والتوكيلات
التجارية ومقار شركات المحمول..
في موضعه وعلي دور واحد بل بناء يعلوه كان يقع
مقهي كيمو الذي أضعت فيه نصف عمري واستنفذت كل رصيدي من البهجة..
اعاود البكاء علي الصبا الضائع والشباب المسروق..
اكمل سيري حتي أصل إلي
منزلنا المطل علي ميدان الساعة والذي كانت تحتله قبلة نحو قرن ونصف »فارويقة«
سكر مملوكة للخديو اسماعيل وكانت ماكيناتها تلقي »مصاص« القصب علي الجهة
المقابلة لترعة الابراهيمية حيث نشأت عزبة المصاص التي كان يسكن بجوارها
شاهين
افندي كبير موظفي »الفاوريقة«
في مسكن أنيق اشتري من خلفه عشرين فدانا
عاود
بيعها بعد تقسيمها لتنشأ عزبة شاهين..
العزبة - شاهين والمصاص وما يجاورهما مثل
الخشابة وطه السبع..
تعبير مجازي غير دقيق بعد ان توغلت وتغولت مبانيها علي
أكثر من الف فدان إمتلأت بأبراج شاهقة
وعمارات أنيقة.
أصعد السلالم. أبتلع الدموع.. اقبل الحوائط واصافح الاعمدة..
أفتح باب
الشقة بحذر.
اضيء النور . تطالعني صورة امي ويحتلني وجه أبي الذي كان مؤرخاً
وشاعرا وكاتبا مسرحيا ومؤلفا للاغاني..
غني كلماته معظم جيل الخمسينيات
والستينيات.
كانت أم كلثوم تبحث عمن كتب لمحمد قنديل أغنية.
»الصبح
بدري والنيل بيجري والزرع باسم جميل«
فأخذه احمد رامي من يديه
وقدمه إليها..
مترددا خجلا عرض عليها كلمات
»محتار من حبي محتار يا
قلبي«
بعد ان أنتهت من قراءتها قالت له »يا سلام يا واد يا علي..
اخر سلطنة..
لم يعجبه مزاحها وقولها »ياواد يا علي«..
انتهت الجلسة علي وعد بموعد جديد
لتعديل بعض الكلمات ولكنه مضي رافضا..
ان يعود..
ولحديث
الفن في المنيا بقية.
أخبار النجوم المصرية في
15/07/2010 |