هاجم البعض أعماله واحتفى بها البعض الآخر، لكنه في الحالات كافة نجح في
اقتناص مكانته على الخارطة وسط كتاب السينما المتميزين...
إنه السيناريست نادر صلاح الدين الذي يُعرض له راهناً فيلم «اللمبي 8 جيجا»،
من بطولة محمد سعد، ويصوِّر له زعيم الكوميديا عادل إمام «زهايمر»، أحدث
أفلامه.
عن أعماله وما يدور حولها من جدل كان اللقاء التالي.
·
لماذا الإصرار على تكرار شخصية
اللمبي في فيلم محمد سعد الأخير «اللمبي 8
جيجا»؟
ليس إصراراً بل رغبة محمد سعد لأنه أراد بعد غياب عامين العودة بالشخصية
نفسها
التي أحبّها الجمهور وتعلّق بها، وهذا ما لم أرحب به لرغبتي في تقديم شخصية
مختلفة
تتيح لسعد استعراض إمكاناته التي أدرك أبعادها.
·
وكيف اقتنعت بتقديم هذه الشخصية
بثوب المحامي؟
أرى أن اللمبي شخصية موجودة ومنتشرة في الشارع المصري، ويمكن تقديمها
بأشكال
مختلفة، بمعنى أن «اللمبي 8 جيجا» تركيبة مختلفة تماماً عن شخصية اللمبي
كما ظهرت
للمرة الأولى، كذلك تختلف عن شخصية اللمبي في «اللي بالي بالك». في «8
جيجا» نرى
نموذجاً يلجأ الى التزوير لتحقيق أحلامه وهو تركيبة موجودة من حولنا.
·
لماذا جعلت الجمهور يتعاطف مع
البطل على رغم أنه مزوّر؟
فكرة الفيلم شبيهة بفكرة «فاوست» الذي غواه الشيطان ليحقق جميع أحلامه، ما
يفسر
سر التعاطف معه، فكلاهما لديه أزمه تنغّص عليه حياته وتدفعه الى السقوط في
فخ
الغواية. في «8 جيجا» كانت مشكلة عدم القدرة على الإنجاب مبرراً للموافقة
على فكرة
زرع الشريحة.
·
لكن البعض تحفّظ على هذه الفكرة
لعدم منطقيتها أو بالأحرى واقعيتها؟
بالعكس، الفكرة مقنعة لأنها قريبة من فكرة زرع شريحة لتنظيم ضربات القلب،
وقد
نشر في جريدة «الأهرام» قبل عرض الفيلم مباشرة خبر يفيد بأن عالماً
أميركياً جرّب
فكرة شبيهة بزرع شريحة تحت الجلد وحمّلها بالمعلومات، ثم حمّلها بفيروس
أصابه بعدم
التوازن لدرجة الشروع في القتل.
·
لماذا كان التركيز على محمد سعد
فحسب مقابل تصغير مساحة مي عز الدين؟
كانت مساحة دور مي عز الدين كبيرة في الفيلم، وقد صوّرت فعلاً مشاهد كثيرة،
لكن
نظراً الى طول الفيلم كان لا بد من التضحية بمشاهد غير مؤثرة على الأحداث،
فكان حظ
مي كبيراً من هذه المشاهد.
·
لماذا جاءت نهاية الفيلم غير
منطقيّة وهل تم تغييرها أثناء التصوير؟
النهاية لم تتغير، لكن ربما لم نتمكّن من العمل عليها بشكل كافٍ نظراً الى
ضيق
الوقت، لذلك لم تصل إلى الناس بشكل جيد.
·
كيف تم ترشيحك لكتابة فيلم
«زهايمر» لعادل إمام؟
منذ ثلاث سنوات أبلغني المخرج شريف عرفة بأن الفنان عادل إمام يريد أن أكتب
له
فيلماً، وبالفعل التقيته واتفقنا ثم عكفت على مشاهدة أفلامه كافة لرغبتي في
تقديم
عمل مختلف معه خصوصاً أنه قدّم معظم الأنماط على مدى تاريخه الفني، فأوشكت
على
الاعتذار إلى أن جاءتني فكرة «زهايمر» التي عرضتها عليه فأعجبته بشدة.
·
ما الفكرة الرئيسة التي تدور
حولها أحداث الفيلم؟
رجل مسن يصاب بالزهايمر ويتعرّض لمواقف عدة بسبب هذا المرض.
·
هل يتدخل عادل إمام «في كل صغيرة
وكبيرة في العمل» كما يقال؟
بالعكس، عادل إمام فنان عظيم بحق وقد فوجئت أثناء العمل معه بحرصه على
النجاح
واحترامه لفكرة التخصّص وتقسيم الأدوار لأنه محترف ويعلم جيداً بأن التخصص
شرط من
شروط النجاح، لدرجة أنه عندما كان يريد تغيير جملة في أحد المشاهد لم يكن
يفعل ذلك
إلا بعد استشارتي، وإذا رفضت يطرح وجهة نظره كي نصل الى حل يرضي جميع
الأطراف، ما
جعلني أتأكد أن النجاح الذي وصل إليه عادل إمام ليس من فراغ.
·
هل تتواجد مع فريق العمل أثناء
تصوير الأفلام؟
نعم، في معظم أعمالي.
·
وما رأيك بظاهرة تفصيل الفيلم
على النجم؟
هي طريقة موجودة في جميع أنحاء العالم، المهم أن تنفَّذ الفكرة بشكل صحيح،
فتناسب الفيلم والبطل في آن، وهذا يتطلب حرفية عالية جداً.
·
لماذا تخليت عن فكرة الورشة بعد
فيلمي «اللي بالي بالك» و{هو في إيه»؟
بالإمكان أن نطلق على الطريقة التي كتبت بها هذين الفيلمين «كتابة مشتركة «
وليس
ورشة، وقد تخليت عنها لأنني أرى أن الفيلم يجب تقديمه من خلال وجهة نظر
واحدة، حتى
أنه يمكننا أن نرى فيلمين داخل الفيلم لذا قررت الكتابة منفرداً.
·
وماذا عن كتابة السيناريو
والحوار لفيلم من تأليف مؤلف آخر، ألا يُحدث تعدداً في
وجهات النظر؟
المسألة هنا مختلفة، لأن المتعارف عليه في هذه الحالة أن كاتب السيناريو
وبعد
الاتفاق مع المؤلف يحقّ له الإضافة والحذف بشرط الحفاظ على روح القصة
الأصلية، ومن
ثم لا مجال هنا للخلافات.
·
ماذا تحضّر من أعمالٍ جديدة؟
قاربت على الانتهاء من كتابة فيلم «بابا مصاحب» للفنان محمود عبد العزيز .
الجريدةا لكويتية في
13/07/2010
مصلحة الضرائب...
هل تحلّ أزمة صناعة السينما
المصريّة؟
رولا عسران
في مبادرة لحل أزمة صناعة السينما وأزمة الإيرادات المتضاربة، تقدم رئيس
غرفة
صناعة السينما المصرية منيب شافعي بطلب رسمي لمصلحة الضرائب
يطالبها فيه بالحصول
على نسخة أسبوعية من قائمة إيرادات الأفلام، تجنبا لأي تضارب في الأرقام
التي
ترسلها شركات الإنتاج والتوزيع إلى غرفة صناعة السينما.
الطلب الذي تقدم به شافعي لم يلقَ رداً حتى الآن، ما دفع رئيس غرفة صناعة
السينما إلى التقدم به ثانية وثالثة، لكن من دون فائدة، فمصلحة
الضرائب ترفض حتى
الرد بالرفض أو الإيجاب.
هنا لا بد من التساؤل حول أزمة الإيرادات وتضارب أرقامها بين المنتجين
والموزعين
وتأثير ذلك على صناعة السينما، ومدى إمكان إيجاد حل لهذه
الأزمة...
في هذا السياق، يقول شافعي إن «ما حدث يمثل أزمة حقيقية نعانيها جميعا،
فنحن
كغرفة لصناعة السينما لا نعرف أرقام إيرادات الأفلام الحقيقية،
ونتلقى أرقاماً لا
نعرف مدى صحتها لذا توجهنا بالطلب إلى مصلحة الضرائب لأننا نرى أن هذا الحل
قد ينقذ
الصناعة، أو على الأقل جزءاً منها».
ويتابع شافعي: «في حال عدم الرد علينا لن نتوقف عن إعادة إرسال الطلب
مراراً إلى
أن نحصل على إجابة وافية».
من جهته، يقول المنتج والمخرج هاني جرجس فوزي إن «الأمر يتطلب منا بعض
التركيز،
والتوجه إلى المؤسسات التي قد تفيدنا في حل الأزمة، من بينها
مثلاً مصلحة الضرائب
التي لو تعاونت مع غرفة صناعة السينما ستساهم في حدوث تغيير حقيقي، لكني في
الوقت
نفسه أشفق على العاملين في هذه المصلحة، لأن الأمر ليس سهلاً ويتطلب منهم
تجميع
إيرادات الأفلام من القاهرة والمحافظات أسبوعياً، وإرسالها
دورياً إلى الغرفة، وهذا
يتطلب مجهوداً مضاعفاً منهم».
أرقام
هل سيتحقق هذا الهدف بهذه الدقة، وهل سيُعتمد حساب البيع القطعي للأفلام
وهو
أسلوب مختلف لحساب الإيرادات، بمعنى أن عدداً من دور العرض
يستأجر الفيلم لمدة
أسبوع لعرضه مقابل مبلغ مالي معين بغض النظر عن الإيرادات التي يحققها، وهل
ستُحتسب
هذه الأرقام ضمن القائمة التي سترسل إلى الغرفة؟
المنتج محمد العدل يؤكد أن الأمر قد يُحل بشكل أسهل وأسرع عن طريق اعتماد
موقع
إلكتروني لعرض أرقام إيرادات الأفلام الصادرة عن مصلحة الضرائب
ويحق للعاملين
بالصناعة كلهم ولوجه، إضافة إلى السماح للصحافيين والعاملين في مجال
الإعلام
بالاطلاع عليه بشكل يحمل شفافية مطلوبة في التعامل مع الصناع».
في هذا السياق، يوضح المنتج هشام عبد الخالق أن هذا الحل مرضٍ لجميع
الأطراف
وسيخلصنا من مبالغات يقوم بها بعض شركات الانتاج، والتوزيع.
ويتابع عبد الخالق: «من جهتنا لن نتأثر كثيراً بهذا القرار الذي أعتبره في
صالح
صناعة السينما، لأننا نلتزم من البداية بالأرقام الحقيقية،
ونرسلها إلى الغرفة
أسبوعياً، إذ ليس لدينا ما نخفيه».
أما المنتج ممدوح الليثي فيقول: «كان يجب اتخاذ هذا القرار منذ فترة طويلة،
لأن
شركات الإنتاج والتوزيع تصرّح بأرقام على هواها من دون
الالتزام بأي قوانين، وهذا
يبدو واضحاً لنا كجهة إنتاجية محايدة، لا تتبع أياً من المؤسستين
الإنتاجيتين في
مصر، فـ{جهاز السينما» هو الجهة الوحيدة التي لا تتبع أيا من جبهتي التوزيع».
أما المنتج محمد السبكي فيعلّق: «هذه المبادرة قد تؤدي إلى انتعاش حقيقي في
صناعة السينما، وأتمنى أن تكتمل لأن غرفة صناعة السينما يجب أن
يكون لها دور قوي
ومؤثر في الأحداث السينمائية التي تدور في كواليس الوسط. ومن جهتي، بادرت
إلى حل
الأزمة عبر توزيعي أفلامي بنفسي من دون الرجوع إلى أي من شركات التوزيع في
مصر،
وهذا ما ساعدني على دراسة السوق السينمائي بشكل موسع، وأنصح كل
منتج مدرك لقوانين
صناعة السينما في مصر بتقليد محاولتي وأتمنى أن يتم الرد على طلب غرفة
صناعة
السينما، لأنها ستكون مبادرة سينمائية قوية وستعمل على تحسين الأوضاع
السينمائية».
الجريدةا لكويتية في
13/07/2010
في ذكرى ميلاد نجم متفرّد...
أسرار الاستمرار
محمد بدر الدين
حافظ فريد شوقي على نجومية وشعبية كبيرة إلى آخر يوم في حياته، واحتفظ
بألقاب
منحها له الجمهور مثل «وحش الشاشة» و»ملك الترسو». لعل في هذه
الألقاب، على نحو ما،
يكمن أحد أسرار استمرار هذا النجم المتميز حقاً.
فبعد الأدوار القصيرة، في المرحلة الأولى من مشواره الفني، التي جسدت نمط
الشرير
وأكد فيها شوقي حضوره وقدرته على التعبير، انتقل إلى الأدوار
الرئيسة التي استرعت
انتباه الجمهور وهي أدوار البطل الشعبي، أي الإنسان البسيط العادي الذي
يسعى نحو
الخير لنفسه ولمن حوله وأسرته، لكن عوائق شريرة تقف حجر عثرة في مواجهة هذا
المسعى
المشروع، فيقاوم رموز الشرّ بقدرات ذهنية ذكية وبدنية بارعة
وروح شعبية ساخرة
ظريفة، ويتغلب عليها عادةً باستبسال وثقة وشجاعة.
هكذا كان شوقي النجم الذي يصفّق له الجمهور بحرارة، وهو يضرب خصومه بقوة
واقتدار
ليحقق بهذه «القوة الخيرة» الصفاء والوئام له ولذويه، وينتصر
لحبه الجميل في
النهاية.
كان الجمهور يصفّق لسعادة منشودة لا يحققها الضعفاء، ولحبّ صادق لا يحميه
الضعفاء إنما الأقوياء النبلاء، من هنا تحوّل شوقي إلى رمز
للطيب السمح القوي أو
المؤمن القوي، وهو خير من المؤمن الضعيف، هذا الجمهور هو على الخصوص جمهور
الطبقات
الشعبية، وأكثر شرائحه إحساساً بالحاجة إلى قوة خير تدافع عن حقه في حياة
كريمة
وإلى ما يصدّ عنه الثنائية البغيضة: الفقر والقهر.
إنه الجمهور الذي كان يًعرف بـ «جمهور الترسو» أي جمهور الصالات الأمامية
في دور
العرض، التي يمكن الدخول إليها بأرخص التذاكر على الإطلاق.
هكذا صار شوقي «ملك الترسو» وجمهوره، و{الشجيع» بطل هذا الجمهور و{وحش
الشاشة»،
الذي يواجه الظلم ويدخل المعركة تلو المعركة وينتصر في
النهاية، فيشعر هذا الجمهور
باقتراب شديد منه ويتّحد معه، إنه المعبر عنه والمنتصر له. إنه البطل الذي
يثق به
الناس.
شهدت الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين ذروة الأفلام والأدوار التي
تعبر
عن هذه «الحالة» بين شوقي وجمهوره، خصوصاً عندما أعطاها مخرجون مقتدرون
مستويات
فنية جيدة وإتقاناً يؤدي إلى مزيد من «الإيهام» أو التصديق،
مثل المخرج الكبير
نيازي مصطفى في فيلم «فتوات الحسينية»، أو فيلم «رصيف نمرة 5» وغيرهما، وقد
منح
مخرج كبير، هو صلاح أبو سيف، هذه الأفلام الإتقان والمستوى الفني المتقدم
سواء من
ناحية المضمون الاجتماعي العميق أو التحليل السياسي النافذ كما
رأينا، خصوصاً، في
فيلم «الفتوة» الذي كتبه للسينما نجيب محفوظ، ويتناول المجتمع الرأسمالي
وما يمثله
من مضار وما يفرزه باستمرار.
كان الجمهور في تلك الفترة، تواقاً إلى العدل والحياة الكريمة، مؤمناً
بتوجهات
مرحلة الثورة الناصرية، حيث «إرفع رأسك يا أخي»، و{الحق بغير
القوة ضائع»،
و{الطبقات الفقيرة التي طال حرمانها جاء أوان لأن تستعيد حقوقها ومكانها
تحت
الشمس».
لذلك لم يكن غريباً أن يتداخل «الاجتماعي» و»الوطني» في سينما شوقي مثل
فيلم
«بورسعيد»
إخراج عز الدين ذو الفقار، الذي يعبّر عن ملحمة الكفاح الوطني الشعبي في
مقاومة العدوان الثلاثي الغاشم على مصر وخصوصاً مدينة بورسعيد، عقب تأميم
عبد
الناصر لقناة السويس عام 1956.
ظاهرة فريد شوقي هي جزء طبيعي من سياق وسمات مرحلة اجتماعية سياسية ثقافية
ومن
مفرداتها المنطقية، ولأنها ظاهرة طبيعية وصادقة فقد استمر
تأثيرها وصداها طويلاً.
فيما توقف زملاء شوقي وزميلاته عن التأثير والاستمرار كنجوم وأبطال رئيسين
للأفلام،
لا سيما مع ظهور جيل جديد من النجوم مع مطلع السبعينيات (نور الشريف، محمود
ياسين...) وحده استمرّ شوقي من جيله كنجم، له مكانة في السوق
والتوزيع السينمائي
المصري والعربي، وله جمهور يتواصل معه ومع أفلامه، التي اتخذت منحى
إنسانياً
متزايداً وربما ميلودرامياً في أفلامه الأخيرة مثل: «ومضى قطار العمر»،
«ضاع العمر
يا ولدي»، «بالوالدين إحساناً»، ويبقى «بداية ونهاية» و{السقا مات» وكلاهما
من
إخراج صلاح أبو سيف، في صدارة أفلامه.
اللافت أن شوقي بقدر ما كان «الملك» أو البطل بالنسبة إلى الجمهور، خصوصاً
جمهور
الدرجة الثالثة أو «الترسو»، بقي «الملك» بالنسبة إلى زملائه
في الوسط الفني
والسينمائي من الأجيال المختلفة حتى آخر لحظة في حياته، يرجعون إليه في كل
كبيرة أو
صغيرة، في كل مشكلة عامة أو خاصة، لأنهم يعتبرونه أب عائلة الفنانين الروحي.
هذا جانب آخر لا يتكرر، من جوانب فنان من طراز خاص.. و{فريد» حقاً.
الجريدةا لكويتية في
13/07/2010 |