يوم كانت الصالات قليلة، عرفتها الأحياء الداخلية في بيروت، وتوزّع الباقي
ما بين وسط البلد وشارع الحمراء، وكان الإقبال عليها كثيفاً فمن أراد
الهندي الذي يحتاج إلى دموع قصد الـ <بيكال>، ومن أراد الأكشن فله الـ
<راديو سيتي>، ومن أراد الأفلام العربية له الـ <متروبول> والـ <سيتي بالاس>
والـ <ريفولي>، وهكذا مع كل المواسم، ومع صالات أخرى عرفها الوسط التجاري
عندنا·
حالياً تتوزّع الصالات في كل اتجاه، إلى حد أنّ مَنْ وسّع بيروت إلى
ضواحيها الشرقية والجنوبية والغربية هي الصالات، وصولاً إلى بعض المدن
الأبعد، مثل طرابلس (لاس ساليناس) وزحلة، ومؤخراً صيدا التي تتحضّر لخمس
صالات دفعة واحدة من غراند سينما في تجمّع تجاري على الأوتوستراد الشرقي
للمدينة، مع خطط لتوسيع رقعة حضور الصالات في المدن الرئيسية بالمحافظات·
لكن سؤالاً يبقى ماذا عن الدوان تاون·· <وسط بيروت>·
ماذا عن أكبر وأحدث تجمّعات تجارية سياحية راقية في كل لبنان، لماذا لم نر
فيها صالات سينمائية حتى الآن، أليس غريباً أن تضم هذه المنطقة كل ما يخطر
في البال من وسائل الترفيه، والعيش والحضور باستثناء السينما التي لطالما
كانت مميّزة لها لسنوات طويلة ماضية، بحيث تحوّلت إلى معالم لها قيمتها
ومعناها·
كل الصالات التي كانت موجودة أُزيلت بالكامل باستثناء واحدة فقط ما زالت
معالمها العمرانية المميّزة باقية، على شكل قبة دائرية لافتة، لصالة عرفت
أفلاماً عربية عديدة أبرزها ما كنّا شاهدناه: أمبراطورية ميم، لـ فاتن
حمامة·
نقصد صالة <سيتي بالاس>، التي تقدّمها سوليدير حالياً لعدد من الفنانين
بينهم كارول عبود لإجراء بروفات على مسرحية جديدة هناك، لكن المكان في
الداخل ما زال على حاله الأولى وهو يحتاج إلى إعادة تأهيل، من ضمن بعض
الصروح التي لها قيمة أدبية وثقافية وفنية·
هذا يعني أنّ ثرواتنا السينمائية السابقة لم يبق منها إلا صالة على العضم،
ما زالت هيكلاً من دون روح·
لكن ماذا عن عدد كبير من المشاريع التي ندرك أنّها جادّة لإطلاق 25 صالة في
هذا الوسط الراقي، والمعلومات تؤكد أنّ المشاريع أخّرتها ظروف مختلفة لكن
التصاميم ومواعيد البدء والاحتفال بالافتتاح كلها مرصودة، وجاهزة في
الأدراج وربما كان بعضها جاهزاً في عيد الميلاد المقبل أي مع نهاية العام
الجاري 2010 بينما صالات صيدا موعدها الانطلاق مع أول أيام عيد الفطر
السعيد·
يصعب تصوّر هذا المكان من دون صالات، وسيكون وجودها سبباً إضافياً محسوماً
لزحام أكبر هناك، يضاف إلى هذا الحضور الكثيف من الإخوة المصطافين العرب،
ومن السياح الأجانب، وصولاً إلى أبناء البلد الذين يعتبرونه متنفّساً لهم،
بعيداً عن كل المواقع الأخرى للمرابع في بيروت وضواحيها القريبة والبعيدة·
وهناك إجماع على أنّ غياب دور السينما لم يعد مبرراً إطلاقاً، فالحاجة ماسة
إلى استكمال عناصر الترفيه والراحة وحتى الثقافة من خلال توافر كل ما يطلبه
قاصدو هذه المنطقة من بيروت، التي تمثّل للكثيرين جداً من اللبنانيين
علامات ذكرى طيبة لمدينة كانت على صورة معيّنة وهي اليوم على صورة أخرى،
وبالتالي فلا بأس من تجميع كل مقوّماتها من جديد، حيث كثرت الوعود
والمواعيد، وتدخل الظروف على الخط محاولة تبديل شيء، وتعديل شيء، أو حتى
العرقلة، لكن موضوع الصالات ما عاد يحتمل كثيراً وإنْ تكن مجمّعات الصالات
الضخمة من أمبير، غراند سينما وبلانيت غير بعيدة عن وسط المدينة لكن طالما
تعود الرواد على الهيبرماكات الضخمة والتي يجدون فيها كل شيء قريباً منهم،
فإن من حقهم ألا يأخذوا وقتاً للوصول إلى الصالات، ما يعني أنْ تكون في
متناولهم ولا يتعبون في بلوغها· كثيرة كانت محاولات إبعاد صناعة الصالات عن
أنْ تكون ضرورية، ولم تُجدِ كل البدائل نفعاً في الفوز بذلك، وبالتالي
فإننا ننتظر بحرارة وأمل أن يستعيد وسط بيروت عزّه مع الصالات والأفلام
والرواد، وأحياناً حضور الأبطال شخصياً·
اللواء اللبنانية في
13/07/2010
:The
Twilight Saga Eclipse
يُعيد تعويم حب الجميلة <بيلا> لمصاص دماء وسيم
مواجهة آدمية مع مصّاص دماء لاختبار قلب الصبية تنتهي
بإعلانها الحب للثاني
مصّاصو دماء جُدُد يدخلون على الخط ويُهزَمون لتبقى صورة
المخضرمين إيجابية···
محمد حجازي
تبلّغنا من الشركة الموزّعة لفيلم
The Twilight Saga: Eclipse
بأن رغبة الشركة الأميركية ألا يُعرض الشريط على الصحافة والنقّاد قبل عرضه
في الصالات على عادتنا في متابعة الجديد السينمائي·
لم يُعرف السبب· لكن بالمقابل استطعنا ومن دون جهد تدبّر نسخة جيّدة عبر
الإنترنت للفيلم مع ترجمة واضحة، فشاهدنا العمل ونحن لا نُصدِّق أنّ الشركة
لا تعرف بوجود نُسخ مقرصنة وتصر على رفض عرضه للنُقّاد قبل تقديمه
جماهيرياً·
على كل حال هذه حرية أصحاب الفيلم، وهو جزء جديد من الفيلم الذي نجح كثيراً
على الصعيدين الجماهيري والنقدي، فإذا بموضوعه <مصاصي الدماء> لا يُرينا في
المشاهد ما يُرعب، ولا في الحيثيات ما يدل على أن هناك رعباً ما يُخيِّم
على أحد الجوانب، ولولا بعض المشاهد التي يتحوّل فيها الممثلون إلى ذئاب
وحيوانات مُفترسة كاسرة، لكن فقط سمعنا بأمر المصاصين، ونعرف سلفاً أنّ
أدوارد كولن (روبرت باتسون) مصاص دماء لكنّه لا يقترب من الجميلة بيلا سوان
(كريستن ستيوارت) بالسوء، ولكن كحبيب يحتفظ لها بعاطفة جدُّ مميزة·
ديفيد سلاد مخرج الشريط عن سيناريو لـ ميليسا روزنبرغ استناداً إلى قصة لـ
ستيفاني ماير، ما زالت قادرة على تصوير علاقة الحبيبين الآدمية ومصاص
الدماء، رغم وجود الشاب جاكوب (تايلر لوتنر) كمنافس وسيم على حُبِّها، وهي
كانت تكنُّ له مودة لكن ليس حباً، ما يجعل الوفاء الذي تُعلنه له أقوى من
أي عاطفة، أما العاطفة فهي لإدوارد الذي يرفض هنا جعلها تتحوّل إلى فرد من
عائلته من مصاصي الدماء، وهي تشترط ردّاً على طلبه يدها للزواج بألا تقبل
به إلا إذا حوّلها ويظل كلاهما على موقفه، ليبقيان من دون قرار رسمي حتى
نهاية أحداث الفيلم·
والقصة الجديدة في الواقع لا تحمل الكثير مما يجذب المتابعين فكل ما في
الأمر أولاً:
- عاطفياً، يطرح جايكوب على بيلا الزواج منه وإعلان حُبّها له، لكنها
تصارحه بأنّها لم تحب يوماً إلا إدوارد، وهي لا تعبأ بكل المخاطر الُمحدقة
والموعودة من كونه غير آدمي، وهي اختبرت استبداله بآخر فإذا بها لا تقدر
على ذلك·
منافسة لم ترد بيلا إغضاب أيّاً من الشابين·
إدوارد في هذا الجزء يخاف جداً عليها، وهو يراقبها كيفما تحرّكت، بحيث تشعر
بظله وأنفاسه قريبة منها، لذا فإن اللحظات الحميمة مع جايكوب كانت كلها
مراقبة وواضحة أمامه لأنّه رأها وعرف حقيقة مشاعر الفتاة التي أفهمت الآخر
أنّه صديق، وله منزلة قوية لكنها ولا مرّة فكرت به كحبيب، لكن الشاب لم
يقتنع ورفض أن يقبل بهذا الموقف·
جايكوب أقسم على حمايتها ومنع أي أذيّة قد تطالها وهي في كل الفترة التي
مرّت لم تغضبه أو تكذب عليه أو تقول له ما لا تفعله، ويحاول النص السينمائي
إبراز كم الفتاة معنية جداً بقلب يتقاسمه شابان، الفارق بينهما فقط أنّ
أحدهما آدمي جداً، والثاني مصاص دماء، لكن هذا المناخ يتبدّل إلى عكسه
عندما يعثر البوليس على جثث عديدة من فعل مصاصي الدماء، ويرفض آل كولن
اتهامهم بالمسؤولية عن ذلك، وإذا بتحقيق سريع يجري ويُثبت أنّ الفاعلين هم
من مصاصي الدماء الجُدُد، وعددهم ليس عادياً، لذا تجري استعدادات كاملة
للمواجهة بين الطرفين، التي تجري بحضور واسع لمصاصي الدماء من جيلين، وتكون
بيلا وجايكوب موجودان للمساعدة، فيما يكثر عدد الذئاب المشاركين، لحسم
الأمر والحفاظ على صورة إيجابية لمصاصي الدماء تراعي أنّهم ليسوا مجرمين،
وأنّ العائلة التي ينتمون إليها ليست دموية إلى هذا الحد، وهي تصر على
التكيّف مع المجتمع الذي تعيش فيه، مع أقل قدر من الخسائر·
المواجهة الدموية تقضي على معظم الجُدُد الذين يهرب بعضهم ويقضي بعضهم
الآخر في ساح المعركة·
وجهة نظر قليلة هي الأعمال التي وفقت في جزئها الثاني أو أكثر·
الجزء الأوّل من الفيلم أحدث ضجة جماهيرية، وإقبالاً واسعاً جداً، يومها
جاء الشريط بفكرة مغايرة عن مصاصي الدماء، وقال بأنّ الحب أقوى من أي شيء
ولا أحد يستطيع الوقوف في وجهه أو منعه من إكمال مسيرته·
يُضاف إلى ذلك الكاستنغ بين البطلين ستيوارت وباتنسون، وإذا بالشريط يأسر
جميع القلوب، مع مؤثرات مشهدية غير استعراضية، وإنما تجيء في وقتها الصحيح
وتقول الكثير دعماً للفكرة الأساسية·
أما في الثاني فمحاولة لتعزيز المنافسة على قلب بيلا، ثم اختراع مصاصي دماء
جُدُد لم يكونوا مقنعين كثيراً·
المهم أنّ الصورة لهذين الحدثين في جديد السلسلة جاءت باهتة، ولم ننجذب
بقدر ما شعرنا مع الجزء الأوّل، لكن يبقى حضور الممثلين الآسر استناداً إلى
خيار ستيوارت آيكنز خبير الكاستنغ·
اللواء اللبنانية في
13/07/2010
نقد
<عناقات متكسّرة> لـ ألمودوفار مع رابع مشاركة لمواطنته
بينيلوبي كروز
حضور المرأة يتساوى واقعاً وذكرى!!؟
محمد حجازي
لأنّه نخبوي·· ولأنّه في الوقت نفسه، جماهيري، شعبي، أفلامه ليست مُعقّدة
أو مُغرقة في الرمزية، بل هي قيمة بالمعنى الرفيع للسينما، لكن لغتها غير
غامضة بل مفهومة جداً جداً·
إنّه بدرو ألمودوفار·
الإسباني العالمي الذي لطالما أثار العواصف من حوله وعرف كيف يصل الى الناس
بسينما مختلفة تماماً عن السائد، ومن عرف له: كل شيء عن أمي، عودة، ولحم
حي، يدرك تماماً ما عمق وأهمية التجارب التي خاضها، ومن اللافت أنّها
جميعاً كانت مع مواطنته العالمية: بينيلوبي كروز، صاحبة الوجه المُضيء
والموهبة الكبيرة التي لا تعترف أبداً بالمستحيل، وتعتبر كل دور تلعبه
تحدّياً واستفزازاً جديداً لما تملكه من مقوّمات المهنة التي تحب وجعلتها
في مقدّمة الأسماء المُحترمة والمطلوبة عالمياً·
وفي جديدهما معاً
Broken Embraces <عناقات متكسرة> نجد فيلماً ضمن الفيلم بعنوان: <فتيات وحقائب> الذي
تتمحور حوله، أحداث سيناريو الفيلم الجديد، المتين والعميق، والذي يُثبت
تماماً صورة ألمودوفار وكروز كأنموذجين مثاليين للعمل خلف وأمام الكاميرا،
في وقت يبدّل جانباً من صورته في فيلمه المُقبل الذي أنجزه مؤخراً مع
مواطنه العالمي أيضاً: انطونيو بانديراس بعنوان:
The Skin I Live In <الجلد الذي اعيش فيه>···
هي لينا التي تفعل كل شيء من أجل ذويها·· فعندما احتاج والدها للمال من أجل
الدواء اتصلت بوكالة خاصة، وأعلنت جهوزيتها لعلاقة مدفوعة، ومن هذا
المُنطلق كانت علاقتها بـ إرنستو مارتل (خوسيه لوي غوميز) الثري العجوز
الذي قدّم لها كل ما تريد من علاج والدها إلى ترتيب وضعها المالي، إلى
إنتاج فيلم للرجل الذي تحبه ماثيو بلانكو (لوي هوفار)، ولم يكن مارتل يدري
أنّه سيغار إلى هذه الدرجة من علاقة الاثنين، وهو أمر جرّ على <لينا> جريمة
قتل ارتكبها أحد رجال مارتل حين اجتاح سيارتهما الصغيرة بـجيب حطّم الجانب
الذي تجلس فيه لينا داخل السيارة، ما جعل ماثيو، يُغيّر اسمه الى هاري كين،
كي يعيش بعيداً عن الأضواء وفي صورة حبيبته الراحلة، لكن هاري لم يكن
قديساً في السابق، فقد كانت له علاقة مع جوديت غارسيا (بلانكا بورتيللو)
التي أنجبت منه دون معرفته بأنها حملت منه، وأنجبت شاباً يلتقيه هاري لكنه
لا يعرف أنّه ابنه فعلياً، بينما هي أبلغت الابن الذي يتدرب بدوره على
الإخراج المسرحي بالحقيقة··
الفيلم صُوِّر بين آروكاس، وغران كاناريا في إسبانيا، مشحون منذ بدايته
بالمشاعر الذكورية القوية تجاه المرأة، فكين الأعمى أنجز علاقة مع شابة
جميلة قابلها صدفة في الشارع فساعدته، ثم رضخت لنزوته، وعرفت جوديت عندما
دخلت فجأة، بأنّه كان في وضع عاطفي مع الصبية، وهي راحت تبتلع كل نزواته
حتى مع لينا لأنها تدرك أنّها فازت منه بأغلى ما تريده امرأة من علاقة
برجل·
وكانت لينا قبل مصرعها أصرّت على ماثيو أنْ يُنجز فيلمه بالكامل ولا يرد
على ملاحظات مارتل، وعندما أنجز الشريط احتفظت به <جوديت> لإدراكها بأن
مارتل لا يريد له أنْ يُعرض، وهكذا حصل، فلولا جوديت وبناتها لما بقي هناك
نسخة من الشريط الذي ينتهي <عناقات متكسرة> بلقطات منه: <فتيات وحقائب>·
لـ ألمودوفار خصوصية في اللغة والأسلوب السينمائيين يصعب على أحد فهمهما من
خلال مشاهدة واحدة أو اثنين، لعمل واحد أو أكثر، فالذي يهضم هذا المخرج هو
تكثيف ما يقدّمه، وما يعلق في الذهن، من اللحظات الحميمة إلى حالات الغضب
والثورة والرقص، إلى الرومانسية التي يلجأ اليها دائماً عنصر تذكر وانحياز
الى الماضي، تعرفه متروبوليس وصالات أخرى لـ أمبير·
اللواء اللبنانية في
13/07/2010
موضوع
الكوميديا في ثوب جديد··· وجاد
<عسل اسود> يُعزِّز مكانة وحضور <<أحمد حلمي>·· الشعبي··
محمد حجازي
أحمد حلمي يشكّل حالة خاصة بين نجوم الكوميديا المصريين، فهو قلب معادلة
سائدة منذ أواخر الستينيات رُسِّخت في الأذهان وتقول بأنّ الشريط الكوميدي
يعادل السطحية واللاقيمة الفكرية·
مع <آسف على الإزعاج> قال حلمي الكثير، وبدا الشريط أكثر قادر على توصيل
الرسائل الجادة والعميقة من معظم الميلودرامات الحاضرة، بشكل أبعد ممّا
قاله في <كده رضا>، وبالتالي فحين عاد إلى السينما صوّر <عسل اسود> مع
المخرج خالد مرعي والكاتب خالد دياب، ومع الخالدين هذين ضبط مساره أكثر،
وتقدّم بثقة إلى الأمام، لا بل هو دخل إلى المنطقة التي ربما لا يجيز أحد
له أن يتناولها·
تم رصد حالة الفهلوة واستغلال السياح، ومحاولة اقتناص أكبر قدر من المال من
أي وافد جديد إلى مصر، إلى ما هناك من بيروقراطية العمل في الدوائر
الحكومية وانتشار الرشوة·· أمناء عليها دياب مع حلمي الذي بدا منسجماً
بالتمام مع هذه الصور السلبية التي يعلم بها الجميع، وخاض معها إلى الآخر،
وتجرأ على القول بأنّ إشهار مصريتك لا يعني لأحد شيئاً، فيما القول بأنّك
تحمل جواز سفر أميركياً يغيّر الدنيا من حولك فوراً إلى ما هو أفضل بكثير،
حتى الكلب الذي كان ينبح في أحد المشاهد صمت تماماً عندما رفع مصري العربي
(حلمي) الجواز في وجهه، لكن المفارقة أنّ مصري حين تلقّى <علقة ساخنة> في
تظاهرة للمعارضة تعمّد وضع حذائه الذي يحمله بيده على وجه الرئيس السابق
جورج بوش الإبن في صورة مرمية على الأرض بعد هرج ومرج ساد المكان·
بالمقابل يقدّم الفيلم الجانب المضيء من الشخصية المصرية· شخصية الناس
الطيّبين الذين يقتسمون ما في فمهم بينهم وبين ضيفهم أو الآخر، ففي الوقت
الذي يعثر فيه مصري على منزله ومنزل أقاربه في القاهرة التي عاد إليها بعد
غياب عشرين عاماً في أميركا، راح ينسى كل ما قاساه في يومياته المصرية،
واحتكاكه بنماذج مزعجة على مدار الوقت، من سائق المطار إلى كل من يلتقيه،
ودخل مع أقاربه الذين في معظمهم عاطلين عن العمل ومع ذلك يشكرون الله،
ويعدون أنفسهم بأن الغد أفضل، فأحبّ قناعتهم، واتكالهم على الخالق،
وتفاؤلهم، وصدقهم وهو ما عوّضه جانباً مما واجهه في الشارع·
الشريط قوي حين يُجري محاسبة نفسية وشخصية، ومنطقي حين يوجّه انتقاداً،
وابن بلد حين يدّعي المرض في الطائرة المغادرة به إلى أميركا كي يعود إلى
مصر لأنه ما عاد يريد غربة إضافية·
<عسل اسود> تحدّث سياسة، واقتصاد (صرف العملة، الزبون الأميركي المميّز،
التعامل في الفنادق وغيرها) واجتماع، لكن في كل الحالات كان حلمي منسجماً
مع نفسه، غارقاً في الشخصية التي يجسّدها، مقدّماً وجهاً نموذجياً رائعاً
للكوميدي حامل القضايا، الذي يرى أنّ ما يقدّمه من موضوعات يجب أنْ يصب في
خانة الناس·· جمهوره·
اللواء اللبنانية في
13/07/2010 |