المكان: الجزائر
الزمان: التسعينيات
الحدث: اغتيال الرهبان الفرنسيين على يد مجموعة
من المتطرفين الإسلاميين، عبر تلك الاحداثيات والاشارات ودلالاتها يأتي هذا
الفيلم
الذى سيظل مثيرا للجدل.
وهكذا هو وباختصار شديد فيلم «رجال ورموز» أو «رجال
والهة» الذي قدمه المخرج الفرنسي كزافييه بوفوا الذي عرف عالميا من خلال
عدد من
أعماله السينمائية ومنها الضابط الصغير وعلى طريقة ماثيو لا تنسى بأنك
ستموت، وفى
البداية كان فيلمه «شمال».
وحينما يأتي فيلم رجال ورموز فانه يذهب الى
تقديم الاحداثيات اليومية التي سبقت اغتيال الرهبان الفرنسيين الثمانية في
احدى
القرى الجزائرية (قرية الجلفة).
وقد عرض الفيلم فى المسابقة الرسمية لمهرجان
كان السينمائي الدولي في دورته الثالثة والستين 2010 مجموعة من الرهبان في
أحد
الاديرة حيث حياة العبادة بكل تفاصيلها وتقشفها وبحثا عن التواصل
الروحاني.
وفي الحين ذاته، التماس اليومي مع المسلمين من كافة اطيافهم
وتقديم العون والمساعدة لهم تارة عبر الكشف والعلاج وتقديم الادوية وأيضا
الملابس
والمشاركة في جميع المناسبات اليومية من افراح واحزان.
وسط تلك الاجواء
والعلاقات الحميمية تمضي أيام تلك المجموعة
من الرهبان.. وفجأة، ومع بداية
التسعينيات تجتاح الجزائر عواصف التطرف لتقتلع كل شيء أمامها، حينما يتفجر
التطرف
يغيب الحوار ويذهب العقل وتكون النتيجة كماً من الدماء والارواح البريئة
والقتل
المجاني والمجنون في الحين ذاته.
وتصل التهديدات الى تلك المجموعة بضرورة
الرحيل، ويرفض الرهبان الخروج والرحيل من منطلق ان هذا الدير مكانهم وهم
هنا للتعبد
ومساعدة أهل القرية وان جميع الاديان تؤمن بالاديان الاخرى والتسامح
والحوار، وفي
الحين ذاته، تمضي تفاصيل الحياة اليومية لتلك المجموعة وهي تتأكد يوما بعد
آخر انها
تسير الى الموت المرتقب الذي بات يهددها وتظهر اشباحه وحصاده بين اللحظة
والاخرى.
فقد وصل الموت الى القرية وتم تصفية العديد من الابرياء تارة بسبب
وتارات أخرى بدون أى سبب، فقط الموت من أجل الموت، وحينما يكون الموت لعبة
يكون
الدمار.
وتتصاعد وتيرة التعبد التي تذهب الى مراحل من الخشوع وكأن تلك
الشخصيات تبحث عن الخلاص لها وللظروف التى تحيط بها حيث الموت هو الخبر
الحاضر
يوميا، وفي المقابل المحاولات من اجل اقناع الرهبان بالانسحاب والسفر حتى
تكون
المواجهة بين المسؤول السياسي وقائد الرهبان حيث يقول القائد له بأن ما
يحصل بأسباب
الاستعمار وممارساته.. وهكذا يكرر رئيس الدرك (الشركة) ذات الاطروحات، لكن
ما دخل
الرهبان بما يجري.. سؤال يظل يتكرر يدفعهم للبقاء في مكانهم فهم في نهاية
الحياة
وعلاقتهم الروحانية هي في قمتها.
ولهذا تأتي قراءتهم وكأنها تفتح شبابيك
وأبواب الموت على مصراعيها.
حتى تأتي تلك الليلة المتجمدة التي يداهم بها
مجموعة من المتطرفين الذين يقتادون الرهبان الى احدى الغابات ويتم اجبارهم
على
اصدار رسائله الى الحكومة الفرنسية يطالبون بها اخراج مجموعة من المساجين
السياسيين
كشرط لفك اسر الرهبان .. وتمضي رحلة المجموعة في الغابة حيث يختفون فى
العتمة
والضباب والبرد والتجمد والضياع.
فيلم يقول الكثير بلا خطب وبلا بيانات فيلم
يدعو للحوار مع جميع التيارات وقبول الاخر.
فيلم رغم بساطته وتقشفة الذي
يعكس تقشف وحياه الرهبان الا انه يظل ثريا بالقيم التى يؤكد عليه فى الحوار
والتواصل وتجاوز الصيغ الطائفية والمتطرفة بين الاديان والشعوب والطوائف.
في
الفيلم جمع أكبر عدد من النجوم الكبار في
السينما الفرنسية لعل فى مقدمتهم الفرنسي
ذو الاصول البريطانية «لامبرت ويلسون» ومشيل لوسندال واولفيية رابودين
الذين جسدوا
عدداً من شخصيات الرهبان والتطور الدرامي في بناء الشخصيات والابعاد
الدرامية في
التفاعل مع حالة التهديد والترقب وانتظار الموت المقبل.
سينما من نوع آخر
سينما لا تذهب الى المشاهد من أجل التسلية، بل انها تذهب اليه من أجل
ان
تدعوه الى الحوار والتفكير والتأمل وقبل كل هذا وذاك اتخاذ
المواقف من تلك
الممارسات العدوانية.
فيلم «رجال وموز» يأخذنا الى تلك التفاصيل الحياتية
التي قد نراها مملة في بعض الاحيان، لكنها تأتي لتقول شيئا واحدا بأن الدين
لله وان
حرية الاديان مفتوحة، لكن حينما يتم تغييب العقل.. والدخول الى لجنة
التطرف.. يأتي
الخلل بجميع مفرداته ونتائجه القاسية والمدمرة.
ونخلص.. سينما لا تمارس
الاتهام بقدر ما تدعونا الى الاستفادة من
الدروس والمعاني الكبيرة من الايام
السوداء التي عاشها الشعب الجزائري وذهب
ضحيتها الالاف ومن بينهم الرهبان الفرنسيون
الثمانية في الحادث الشهير الذي تابعه العالم في التسعينيات من القرن
الماضى .
فيلم تم تتويجه بالجائزة الكبرى لمهرجان كان السينمائي ليس لانه يتحدث
عن
الرهبان والدين المسيحي بل لانه ينادي بالحوار وتجاوز صيغ
التطرف وهنا بيت القصيد
في هذا الفيلم الذي يستحق المشاهدة.
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
09/07/2010
طابور طويل أمام شباك التذاكر ينتهى بفيلم
تجارى ناجح يأخذك بعيداً عن الأزمات لتضحك فقط
علا الشافعى
منذ فترة طويلة لم أقف فى طابور طويل لأحصل على تذكرة فيلم سينمائى،
حدث هذا مع فيلم أحمد مكى الجديد «لا تراجع ولا استسلام .. القبضة الدامية»
والذى نجح صناعه فى تقديم تريللر تشويقى، يجعل الجمهور فى حالة شغف وانتظار
للفيلم، وهو مايفسر حالة الإقبال الشديد على الفيلم منذ أيام عرضه الأولى.
ويبدو أن مكى بات يعرف جيداً ماذا يريد الجمهور منه، خصوصا أنه يملك
قدرة هائلة على تقديم شخصيات متنوعة، أقرب إلى «الكاراكتر» سواء فى ملامحها
الشكلية أو الداخلية، وهى الشخصيات التى يقصد من خلالها تقديم مفارقات
كوميدية، ويستطيع السخرية من العديد من الظواهر المجتمعية. وأعتقد أن مكى
لا ينشغل بغير نفسه - وهى جملة لا أقصد من ورائها الإساءة - بمعنى أنه يدرك
جيداً أنه فى مرحلة تثبيت أقدام، وفرض نفسه كواحد من أهم نجوم الشباك
والإيرادات فى مصر، وبهذا المعنى نجح مكى بدرجة كبيرة، فقاعات العرض ممتلئة
عن آخرها، والجمهور يرغب فى الهروب من واقعه بمشاهدة الأفلام القائمة على
الضحك والكوميديا.
ورغم أن تيمة فيلم مكى التى تدور حول شخص يتشابه فى ملامحه مع مجرم
مطلوب، وبعد وفاة: المجرم يتم التكتم على الخبر، وزرع شبيهه بدلاً منه
للحصول على معلومات تساعد الأمن فى الإيقاع بالرجل الكبير أو زعيم العصابة،
سبق تقديمها فى عشرات الأفلام والمعالجات، سواء أفلاما درامية، أو كوميدية
أوجاسوسية، على حد تعبير محمد شاهين أحد أبطال الفيلم - للنجم ماجد
الكدوانى، اللذين يجسدان دور رجلى مباحث «بالمقر السرى بالإدارة السرية
لمكافحة الجرائم السرية» كنوع من التهكم، لكن مكى ومعه كاتب السيناريو شريف
نجيب، استطاعا تقديم فيلم تجارى مسل تضحك معه دون أن يصيبك الملل، من خلال
معالجة تحمل قدراً من السخرية من تلك المعالجات التى سبق أن تناولتها
السينما المصرية فيما يشبه كوميديا الـ
spoof التى يقصد منها محاكاة ساخرة للأفلام المعروفة
ذات الشهرة، وأيضا من خلال المفارقات التى صنعتها شخصية «حزلئوم» الشاب
البسيط الشعبى الطيب إلى درجة «الهبل» أحياناً، والتى يجسدها أحمد مكى.
ويؤكد «حزلئوم» فى أحد المشاهد على سذاجته، عندما يقول لدنيا سمير
غانم أو «جيرمين» إن كل مدرسيه كانوا يؤكدون أن ذكاءه محدود، وينطقها بفخر
شديد ليثير الشفقة والضحك فى نفس الوقت، وأيضاً المشهد الذى سأل فيه الضابط
سراج المكلف بالمهمة «بص ياباشا أنا عايز تعويض عن صباع رجلى اللى قطعتهولى،
ولا حد بص على رجلى ولا حاجة وطول المهمة وأنا لابس جزم وكوتشيات». ورغم أن
مكى البطل الرئيسى فى الفيلم ويتحمل مسؤوليته، فإنه يدرك أيضاً أهمية ألا
يكون هو مصدر الضحك الوحيد، بل ستجد محمد شاهين يلقى بإفيهات مضحكة، وأيضاً
بدرية طلبة التى سبق أن قدمت شخصية «مديحة حاتم» وتجسد فى الفيلم دور
مترجمة للخبير النمساوى الذى قام بإجراء عملية التجميل لـ«حزلئوم» ليتحول
إلى «أدهم»، وأجمل ما فى فيلم مكى هو أن تتعاطى معه كفيلم صيفى خفيف، تهرب
إليه من الضغوط، لأنه عمل بسيط يذكرنا بأفلام مثل «مستر إكس»، و«شنبو فى
المصيدة»، أجاد صناعه والممثلون الذين شاركوا فى بطولته مثل دلال عبدالعزيز،
ومحمد شاهين، والموهوب المتميز ماجد الكدوانى، أما دنيا سمير غانم فهى بحق
نجمة مصر المقبلة، بجانب الحضور المميز للفنان عزت أبوعوف.
لمعلوماتك:::
◄
75 نسخة تم طرحها من الفيلم بدور العرض المصرية
◄8
أفلام قدمتها دنيا سمير غانم
اليوم السابع المصرية في
09/07/2010 |