على رغم غياب الإنتاج العربي من برنامج الدورة الرابعة لـ «مهرجان
روما للدراما
التلفزيونية»، بدا اليوم الأول ما بعد الافتتاح الرسمي شرق أوسطياً بكل
المعاني، إذ
تناولت ثلاثة من الأعمال التي عرضتها شاشات المهرجان موضوعات وملفات من
المنطقة عبر
تاريخها الراهن وسنوات ما قبل استقلال عدد من الدول العربية،
أو في مطالع تلك
الاستقلالات. واقتربت قناة «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) من الراهن
العربي،
والعراقي بالتحديد، أكثر من زميلتيها الإيطالية والفرنسية، وذلك بتقديمها
مسلسل
«أوكيوبيشن»
(ثلاث ساعات) من إخراج نيك ميرفي الفائز بجائزة مهرجان البافتا.
ففيما استعار المخرج الفرنسي بول موريرا من مُسمّى «طريق الحرير»
عنوان فيلمه «
أفغانستان، على طريق الدولارات» وحاول أن يحاكم به التبذير الذي مورس في
أفغانستان،
وأضاع بلايين الدولارات التي كانت مُخصصة لعملية إعادة إعمار أفغانستان،
قدّم
الإيطاليون إحدى أهم شخصيات تاريخهم الحديث ما بعد الحرب
العالمية الثانية: إنريكو
ماتّيي، مؤسس شركة «إيني» للبتروكيمياويات الذي تمكن في سنوات الخمسينات من
مقارعة
سطوة شركات الاحتكارات البترولية الأميركية المعروفة آنذاك بـ «الشقيقات
السبع».
وتمكّن من عقد صفقات بترولية مُنصفة مع إيران والعرب على أساس منطق الـ
«خمسين في
المئة لكل طرف»، ما ضمن للدول المنتجة مدخولاً أعلى بكثير ممّا كانت تحصل
عليه من
«الشقيقات
السبع»، وحقق لإيطاليا ضمانة كبيرة في تأمين قسط كبير من حاجاتها
للطاقة.
وثمة شكوك كبيرة في أن حادث سقوط الطائرة التي كانت تُقلّ إنريكو
ماتّيي إلى
شمال إيطاليا في ٢٨ تشرين الأول (أكتوبر) ١٩٦٢ لم يكن حادثاً عرضياً بل
مؤامرة
مُدبّرة من المتضررين من سياسته لإزاحته من المشهد... خصوصاً أن قوته
السياسية،
كقائد مهم من قادة الأنصار المكافحين ضد الفاشية وفاعل أساسي
من صُنّاع النهضة
الاقتصادية، كانت تؤهله وتُرشّحه لمواقع كبرى على صعيد المشهد السياسي
الإيطالي
الذي كان ماتيي رفض كل مغرياته مُفضلاً تركيز انتباهه واهتمامه على عمل «إيني»
ومستقبل الطاقة في إيطاليا وفي منطقة الشرق الأوسط لكسر الهيمنة المهينة
التي كانت «الشقيقات السبع» تمارسها ليس إزاء العرب
والشرق الأوسطيين فحسب، بل إزاء المجتمع
الدولي بأسره من خلال وضع اليد على مصادر الطاقة في العالم.
أما فيلم «أوكيوبيشن» أو «الاحتلال» فيلعب على المعنى المزدوج للمفردة
الإنكليزية بمعنى «الاحتلال» وبمعنى «موقع العمل» أيضاً: أفراد من جيش
المملكة
المتحدة الذين شاركوا في إنزال قواتهم في البصرة العراقية في نيسان (أبريل)
٢٠٠٣
للمساهمة في إسقاط نظام صدام حسين، يجدون أنفسهم بعد شهور
قليلة دون عمل ويحملون
على أجسادهم جروح الحرب وندوبها، ويواجهون في دواخلهم فراغاً كبيراً نتج من
الفارق
بين الحياة القاسية والخطيرة للحرب وحياة كل يوم في الريف البريطاني ووراء
مكاتب
المؤسسة العسكرية. لكن الفراغ والندوب الداخلية في العمق ناتجة
أيضاً من مشاهد
الموت والدمار ومن التساؤلات حول مغزى ما شاهدوه في البصرة وما شاركوا فيه.
وبصرف
النظر عن التبريرات المتباينة التي يستعين بها كل منهم، يجد ثلاثة من هؤلاء
الجنود
أنفسهم في طريق العودة إلى البصرة للغوص في غمار حرب جديدة متعددة الأشكال
والمبررات والنتائج.
يقول منتج الفيلم ديريك واكس من شركة كودوس البريطانية: «اعتقد بعضهم
بأن الأمور
سهلة للغاية وساهمت صورة سقوط تمثال صدام حسين بالسرعة التي شاهدناها
جميعاً، في
توليد القناعة بتلك السهولة، لكن ما ظهر جليّاً في ما بعد كان العكس
تماماً، فالوضع
العراقي أعقد ممّا صوّر لنا بكثير». لكن بماذا يمكن لأعمال مثل هذا العمل
أن تُساهم
على الصعيد العربي أو العراقي؟
بالقليل جداً لأن هذا المسلسل، مثل غيره ممّا أنجز في الغرب من أفلام
ومسلسلات
تلفزيونية عن الحرب في العراق، لا يُحاكي أو يتعامل مع العراق والعراقيين،
بمقدار
ما يتعامل مع الوعي والضمير الغربيين إزاء مُعطى وحدث مأسوي كالحرب في
العراق. ربما
تكون هذه الأعمال مفيدة لزيادة مناهضة المتفرّج الغربي للحرب، وهو ليس
أمراً
ثانوياً أو صغيراً بالتأكيد، لكنه لا يُساهم بأي شكل من
الأشكال في حل المعضلة
العراقية. فالحرب دارت على الأرض العراقية، لكن النقاش والسجال حولها
والاستفادة من
دروسها تدور في عواصم ومواقع بعيدة من بغداد أو مدن الحرب العراقية.
والعراق لا
يستفيد من هذه الأعمال حتى اقتصادياً، ذلك ان مشاهد العراق
ومدنه يعاد صنعها في دول
أخرى مثل الأردن أو المغرب، كما هي حال مسلسل «أوكيوبيشن».
الحياة اللندنية في
09/07/2010
أفلام جديدة
}
«دراكويلا: ايطاليا التي
ترتجف»
يوم 6 نيسان (ابريل) 2009، حدثت في ايطاليا هزة أرضية عنيفة، قد تكون
نسيت اليوم
خارج هذا البلد بعض الشيء، لكنها وكما تقول لنا المخرجة المنشقة والغاضبة
كوتزانتي
في هذا الفيلم العنيف والذي لفت الأنظار حقاً خلال عرضه في الدورة الأخيرة
لمهرجان
«كان»
دفعت كثر الى التفكير في ما وراء الحادثة نفسها.. الى ايطاليا اليوم،
ايطاليا
بيرلوسكوني واليمين في شكل عام. من هنا، ينطلق هذا الفيلم من سؤال تفترضه
المخرجة
بسيطاً وبديهياً، أي حان أوان طرحه: لماذا تصوت ايطاليا في
زمننا هذا لسيلفيو
بيرلوسكوني؟ والجواب واضح في الفيلم: بسبب قوة الدعاية السياسية، بسبب
احساس
الايطاليين بالعجز، بسبب نظام اقتصادي هش، كما بسبب ألعاب سلطوية غير
شرعية. وهذا
كله، كما تقول لنا المخرجة، انما ينكشف أمامنا ان نحن قمنا
بالتحقيق في الوضع
الإيطالي على ضوء الهزة الأرضية.
}
«حنين
الى النور»
اخراج: باتريسيو غوسمان - فيلم تسجيلي مع صوت المخرج
قبل سنوات قليلة أطل علينا المخرج السينمائي الشيلي المناضل، وصديق
الرئيس
سلفادور اليندي بفيلم روى لنا، خلال زمن مسهب، حكاية اليندي وانتخابه على
رأس الحكم
الشعبي اليساري في السبعينات والانقلاب العسكري الذي قاده ضده رجل
الاستخبارات
الأميركية بينوشيت وضباطه الفاشيون. اليوم، في هذا الفيلم
الجديد يبدو غوسمان
راغباً في الابتعاد عن موضوعه التاريخي الأثير، اذ يصعد الى أعلى الجبال في
بلاده،
ليصور علماء فضاء آتين من شتى أنحاء العالم ليجتمعوا في صحراء آثاكاما
ويراقبوا
النجوم... أما هو فإنه، إذ يرافقهم يصور موعدهم مع الكون، لكنه
يصور ايضاً جفاف
الأرض وبقايا الحضارات القديمة، كما بقايا الناسكين والرهبان الذين أقاموا
هناك في
الأزمان الخالية... وكل هذا اضافة لعظام وبقايا السجناء السياسيين الذين
اقتادهم
رجال بينوشيت الى هناك وقتلوهم.. وعلى هذا لا يكون ابتعاد
غوسمان عن موضوعه سوى وهم
كبير.
}
«السيرة
الذاتية لنيكولاي تشاوشيسكو»
اخراج: اندريه اوجتسا - الدوران الرئيسان: تشاوشيسكو وزوجته
من ناحية مبدئية يعتبر هذا الفيلم نوعاً من اعادة تركيب - موفقة انما
تحمل
رغماً عنها شيئاً من الحنين الخفي الى ماضٍ ما! - للسيرة الذاتية
للديكتاتور
الروماني السابق الذي اقتلعته ثورة بوخارست قبل أكثر من عشرين
سنة وأعدمته غيلة مع
زوجته التي شاركته ديكتاتوريته ومصيره. غير أن الفيلم في وقت نفسه يمكن أن
يعتبر
أيضاً، بحسب نقاد تناولوه، نوعاً من التمرين الأسلوبي، الذي يؤكد أن في
امكان فن
السينما ان يستخدم ما قد يتوافر له من صور ومشاهد ملتقطة من الحياة الفعلية
لرسم
صورة ما - ذاتية في غالبيتها - لحياة شخص معين. والفكرة نجحت،
حيث استخدم المخرج
هنا مشاهد كان تشاوشيسكو التقطها بنفسه للحظات معينة من حياته، كما طلب من
آخرين أن
يلتقطوها له، لتركيب ما يمكن حقاً أن يُنظر اليه على أنه سيرة ذاتية لرجل
كان يحب
الحياة والسلطة ... والسينما أيضاً.
}
«ثمارا
درو»
«اخراج: ستيفن فريرز - تمثيل: جيما آرترستون - روجيه آلام
تعتبر شخصية «ثمارا درو» من أشهر شخصيات الشرائط المصورة، الموجهة الى
الكبار بخاصة في انكلترا اليوم. وإذ يحولها ستيفن فريرز، الآن، الى فيلم
سينمائي
روائي، تعيش هذه الشخصية حياة ثانية، إذ تكشف، عبر الصور
الفعلية، لا عبر الرسوم
واحدة من أجمل فتيات لندن بدايات القرن الجديد «بأنفها الذي أجريت له عملية
جراحية،
وساقيها اللتين لا تنتهيان وتطلقها الى الشهرة، ثم بخاصة قدرتها الفائقة
على تحطيم
القلوب». فكيف إذا قررت يوماً أن تتابع عملها الصحافي ليس في العاصمة، بل
في بلدتها
الريفية الصغيرة التي تعيش في آخاء وسلام منذ سنوات؟ ماذا يحدث
لنساء القرية
ولرجالها اذ تعود بكل جمالها وتألقها؟
الحياة اللندنية في
09/07/2010 |