صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

95

94

93

92

91

 

ليالي مدينة مشهد والعنكبوت المُقدّس

كتابة: صلاح سرميني

 
 
 
 

وُلد المخرج علي عباسي في إيران، وعاش فترة الجرائم الجنونية التي ارتكبها القاتل سعيد هنائي، واعتقاله عام 2001.

كان علي عباسي قد شاهد الفيلم الوثائقي And Along Came A Spider  لمازيار بهاري، والذي بدأ عرضه عام 2002 بعد شنق القاتل هاني، في تلك اللحظة، تفاجأ المخرج بشعورٍ معينٍ من التعاطف مع القاتل

*****

بطريقةٍ ما، شخصية الصحافية رحيمي في الفيلم موجودة في الواقع (هناك بالفعل مراسلةٌ في الفيلم الوثائقي لمازيار بهاري تتحدث عن القضية أمام الكاميرا، وتُقابل سعيد).

عمل علي عباسي على هذه القضية منذ ما يقرب من خمسة عشر عاماً، في النسخ الأولى من السيناريو، ظلّ مخلصاً جداً للحقائق، ثم بدأ يتساءل لماذا كان يكتب هذا الفيلم، في النهاية، لم يسعَ إلى إعادة بناء القضية، بل طرح نقطةً أوسع.

اختار الإشارة إلى سعيد كمذنبٍ في بداية الفيلم، وبالتالي، عكس رموز الإثارة الكلاسيكية حيث نكتشف تدريجياً هوية القاتل المُتسلسل.

مدينة مشهد، ثاني أكبر مدينة في إيران من حيث عدد السكان، هي شخصيةٌ بحدّ ذاتها في الفيلم، إنها واحدةٌ من أقدس الأماكن للمسلمين الشيعة، إنها أيضاً مدينة غنية، تقع بالقرب من الحدود الأفغانية، وعالمية جداً، حيث يزورها الحجاج من جميع أنحاء العالم.

تمّ اختيار الفيلم في مسابقة مهرجان كان السينمائي 2022، حيث حصلت الممثلة زار أمير إبراهيمي على جائزة أفضل ممثلة.

يؤدي دور القاتل المُتسلسل سعيد مهدي باجستاني، ممثلٌ مسرحيٌّ، وسينمائيّ.

أراد علي عباسي توظيف ممثل كانت خلفيته - جزئياً - مشابهة لخلفية شخصيته.

فكر أولاً بتصوير الفيلم في إيران ثم في تركيا، لكنه استسلم أخيراً بسبب الرقابة التي ابتليت بها الأنظمة الخاصة بهاتيّن الدولتين، وفي النهاية صوّر في عمان، الأردن.

 

يتحدث المخرج عن الفيلم:

لا تزال لديّ علاقاتٍ مع إيران، لكن، في عام 2001 كنت أنتقل إلى أوروبا للدراسة، ثم كانت هناك هجمات 11 سبتمبر، وقبل ذلك، موجة القتل، واعتقال سعيد.

لم أكن مهتماً جداً بقضية جرائم القتل التي حدثت قبل عامّ، لأن ظاهرة القتلة المتسلسلين شائعة في إيران.

أصبحت مهتماً بالقضية عندما ظهر سعيد كبطل - وقيل إنه كان يؤدي واجبه الديني بقتل العاهرات في شوارع مدينة مشهد.

كنت أتوقع نوعاً من بافالو بيل، القاتل في فيلم "صمت الحملان"، لكن سعيد كان كاريزمياً، وأعطى انطباعاً بأنه ساذجٌ، أو بريء.

وبما أنه لم يكن معتاداً على وسائل الإعلام على الإطلاق، فقد أدلى بتصريحاتٍ أمام الكاميرا تتعارض مع مصالحه.

ومع ذلك، بدا سعيداً، وكأنه قد سامح نفسه على جرائمه، لم يكن من النوع المتلاعب، وكان يتحلّى ببعض الصدق.

لا يعني ذلك أنني أحببته، أو أنني موافق على أفعاله، لكنها جعلت قصته، وشخصيته أكثر تعقيداً مما كنت أتخيل.

على الرغم من أن الصحفية الأصلية من مدينة مشهد، إلاّ أنها لم تحقق في جرائم القتل، لقد نشرت مقالًا ممتازاً عن إعدام القاتل، ومنذ تلك اللحظة بدأت أهتمّ بالموضوع.

وهي كتبت على وجه الخصوص أن كلماته الأخيرة كانت "لم يكن من المفترض أن تجري الأمور هكذا"، مشيرةً إلى أنه ابرم صفقة مع الحكومة.

بمرور الوقت، سمحت لنفسي بالابتعاد عن الحقائق، لأنني شعرت أن هذه القضية لم تكن تتعلق فقط بسعيد – ولكن بكراهية النساء.

أصبحت شخصية الصحفية رحيمي بنفس أهمية شخصية سعيد، من وجهة نظر درامية، بدا منطقياً أن تتقاطع المسارات.

لكن الشيء الأكثر روعة في نظري في رحلة سعيد هو أنه تمّ الاحتفال به كبطل.

هذا الفيلم لا يتناول البعد الغامض لقاتل متسلسل، ولكن، عادية حياة سعيد، رجلٌ خشنٌ، ومسطح، بالنسبة لي، هذا الأمر أكثر إثارة للاهتمام من شخصية أسطورية مثل بوفالو بيل.

تقع مدينة مشهد على طريق المخدرات، بين أفغانستان وأوروبا، هاتان الحقيقتان غير مرتبطتين بشكلٍ مباشر، لذلك، فهي مدينة صناعية ذات جانب مظلم، ولكنها أيضاً موقع ديني مشهور.

الدعارة منتشرة هناك، لا جدوى من الذهاب إلى منطقة معينة، فالبغايا معروضة في كلّ مكان، أمام أعين الجميع، بما في ذلك بالقرب من المسجد.

أعتقد أن الدعارة مسموحٌ بها لأنها قطاعٌ اقتصادي، وهو جزء من النشاط "السياحي" للمدينة، ونتيجة لذلك تغضّ الشرطة الطرف عن هذه الظاهرة.

كانت زار أمير إبراهيمي بجانبي منذ البداية في هذا المشروع، وإذا كان هناك أيّ شخص يمكنه المُشاركة في كتابة الفيلم بالإضافة لي، والمنتجين، فقد كانت هي.

كانت نجمة تلفزيونية مشهورة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في إيران، ولكن تمّ تسريب مقطع فيديو صريح لها، وهو أمرٌ غير مألوف أبداً في مجتمع صارم، ومحافظ للغاية.

بدأ الناس في بيع الفيديو الخاص بها في الشوارع، وهذا أنهى مسيرتها الفنية، ولم تتمكن من العثور على وظيفة، وانتهى بها الأمر بمغادرة البلاد.

كانت في البداية المسؤولة عن الممثلين في فيلمي، لكن، بما أنه كان علينا إيجاد ممثلة جديدة لرحيمي في اللحظة الأخيرة، فقد اعتقدنا أنه سيكون من الرائع إعطاء الدور لزار.

معها، تطورت الشخصية، غرست زار في رحيمي الإحباط الذي ربما شعرت به في حياتها العامة، والخاصة عندما تسرّب الفيديو.

مهدي الذي يمثل شخصية القاتل هو من منطقة مشهد، ويعرف كيف يتبنى نفس اللهجة الشعبية مثل سعيد، إلى جانب ذلك، هو ممثل رائع، ومستعد لتجربة أشياء محظورة في إيران.

قد لا يدرك المشاهدون الغربيون المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها من خلال هذا الدور، لكن الأمر أشبه بنجم هوليووديّ يلعب دور شخص مغرم بالأطفال يغتصب الأطفال.

بالإضافة إلى ذلك، يحاول إضفاء الطابع الإنساني على شخصٍ بغيض، وهذا مرةً أخرى، أمرٌ خطير.

أردت بشكلٍ خاص أن نعيد إنشاء الجانب المظلم من مدينة مشهد بطريقة موثوقة، وقد استوفى الأردن جميع معاييرنا.

لقد وجدنا مكاناً ما يمكن أن يكون في أيّ منطقة في الشرق الأوسط، اعتماداً على وجهة النظر التي تبنيناها.

كانت لدينا ميزانية محدودة، ولأسبابٍ سياسية، وأمنية، لم نتمكن من شحن الكثير من الإكسسوارات من إيران، لذلك، كان علينا إعادة بناء عناصر معينة من الديكورات، بأفضل ما نستطيع، في عمان.

أزلنا اللافتات، والأعلام من بعض الأماكن، وأضفنا الملصقات التي استدعت حالة إيران، وقد نجح هذا الأمر جيداً لأن هناك العديد من المناطق الصناعية العادية في الأردن كانت بالضبط ما كنا نبحث عنه.

نسيتُ أن أخبرك ...

"نسيتُ أن أخبرك ..."، فيلمٌ فرنسيّ/بلجيكيّ/إسبانيّ من إخراج لوران فيناس ـ رايمون، تمّ تصويره في عام 2008، وعُرض في 15 ديسمبر 2009 في مهرجان دبي السينمائي الدولي، وفي دور العرض (فرنسا) بدءاً من 28 أبريل 2010.

 

ملخص

ماري (إيميلي ديكين)، شابةٌ صغيرة بلا مال، ولا أسرة، تغادر الشمال إلى منطقة بربينيان، لديها موهبة واحدة فقط، وهي الرسم.

تلتقي بـ جوم (عمر الشريف)، رجلٌ عجوز، حصل سابقاً على جائزة "القميص الأصفر" في سباق فرنسا للدراجات، كما أنه رسامٌ موهوب.

بينهما، ستولد صداقة حول شغفهما المُشترك بالفن ... ولكن جوم مريضٌ، يعاني من انحطاط الذاكرة يجعله ينسى حياته ... ولكنه يرفض أن ينتهي به المطاف مقيداً في المستشفى، وسوف تساعده ماري على الموت الرحيم.

كان المشروع الأصلي للمخرج لوران فيناس ـ رايمون، الذي كتب، وأخرج هذا الفيلم، هو تجسيد صداقة بين جيليّن على الشاشة.

اختار موضوع الرسم، والفن بشكلٍ عام، كحلقة وصلٍ بين جيم، وماري.

جوم رسامٌ مصابٌ بمرض الزهايمر، وماري شابةٌ صغيرةٌ تبحث عن هوية، أحدهما يبحث عن مستقبل، والآخر يدرك أنه لم يعدّ لديه مستقبلٌ بعد الآن.

كل شيء يقاومهما، لكنهما مرتبطان بالفن.

يطرح الفيلم أيضاً مسألة الحياة، والموت من خلال تناول موضوع القتل الرحيم.

يقول المخرج: فيلم "نسيت أن أخبرك"، بالنسبة لي، يتموقع بين "المذهب الرعويّ/الريفيّ" لأفلام جان بيكر، Les Enfants du marais (أطفال المستنقع)، والقصص البسيطة لأفلام كلود سوتيه، لكنها قوية مثل أفلام لوي مال.

لذلك، أريد أن أتأرجح مع هذه القصة بين الضحك، والدموع التي هي جوهر السينما.

"نسيت أن أخبرك" هو قبل كلّ شيء قصة حب، وحياة، واختيار حياته، وبالتالي وفاته (...) أتمنى أن يُظهر الفيلم في النهاية السيولة، والانتعاش، والبهجة، والبساطة، بالإضافة إلى التناضح بين الممثلين، والديكورات، والضوء للنجاح في تحريك الجمهور العام".

قامت جوانا بروزدوفيتش بتأليف الموسيقى للفيلم برفقة ملحنين مثل جورج موستاكي الذي كتب خصيصاً "أغنية جوم"، أو كالي الذي ظهر في حفلة القرية.

يقول المخرج: "الموسيقى التي أرغب أن تكون في الفيلم، يجب أن تصاحب المتفرج في نزهة ريفية"

المخرج لوران فيناس ـ ريمون، والمغني (والممثل في الفيلم) كالي كلاهما كاتالوني.

لقد عادا إلى وطنهما لتصوير هذا الفيلم حيث تدور أحداثه بالكامل في جبال بيرينيه الشرقية.

كان المغني كالي قد ظهر لأول مرة في حفلات القرية في منطقته، ويتولى هذا الدور أمام الكاميرا في فيلم "نسيت أن أخبرك".

حصل الفيلم على جائزة الجمهور من مهرجان ساراسوتا في الولايات المتحدة، فئة الأفلام العالمية.

كما فاز بجائزة أفضل فيلم، وجائزة الجمهور في مهرجان لا رينيون.

تمّ اختيار الفيلم أيضاً في مهرجان القاهرة الدولي، ودبي، ومونز، وساراسوتا، و Floating Tour Festival.

الدورة 32 لمهرجان السينما في الهواء الطلق

على مدار 32 عاماً، كان مهرجان السينما في حدائق لافيليت حدثاً صيفياً باريسياً لا يُفوّت.

على شاشة عملاقة تبلغ مساحتها 600 متر مربع، ينتظر الجمهور التشويق، والمغامرة، والعاطفة، والفكاهة، والودّ كلّ مساء حيث يختلط الحلم، مع الضحك، أو البكاء، أو كتعة المشاهدة تحت أضواء النجوم.

السينما في الهواء الطلق هي لقاءٌ في موقع استثنائي لمجموعة متنوعة جداً من الجماهير حول متعة السينما.

بالنسبة لهذه الدورة الجديدة (من 20 يوليو وحتى 21 أغسطس 2022)، فإن الرقص، أو بالأحرى الرقصات تدعو نفسها إلى حدائق لافيليت الباريسية.

الديسكو، الرقص الكلاسيكي، الرقص المائي، الرقص الكهربائي، أو الرقص الإيقاعيّ، تمّ تصوير جميع أنواع الرقص في السينما! من التويست المحموم لجون ترافولتا، وأوما ثورمان في Pulp Fiction إلى رقصة الفالس لنيكول كيدمان، وتوم كروز في Eyes Wide Shut .

الرقص، وهو وسيلة تعبير عالمية، قد أعطى أيضاً مشاهد سينمائية أصبحت بمثابة عبادة!

في المجموع، 25 ليلة (لإعادة) اكتشاف جمال هذا الفن بصحبة كوينتين تارانتينو، سيلين سياما، أوتو بريمينجر، فاليري دونزيللي، جاك ديمي، ستانلي كوبريك، ميا هانسن لوف، دارين أرونوفسكي، وغيرهم الكثير.

سينماتك في ـ  20 يناير 2023

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 25.07.2022

 

>>>

95

94

93

92

91

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004