صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

85

84

83

82

81

 

قراءة في كتاب السينما التجريبيّة فجرٌ بلانهاية

هذه السينما التي لا حدود لها......(1/3)

كتابة، وترجمة الناقد السينمائي السوري صلاح سرميني

كتابة: قيس الزبيدي

 
   
 
 

غاية الكتاب كما غايتنا هي تعريف مصطلح التجريبيّ، ولفت الانتباه لغناه، لما في ذلك من فائدة أولاً لمن يقرأ، وثانياً للسينمائيين، أو لمن يحبون السينما.

 

لعبة المُصطلحات

بدايةً، دعونا نُسجل كلّ تلك المُصطلحات التي يأتي ذكرها في الكتاب، التي تمّ وضع قائمة بها، بفضل مصادر مختلفة أهمها:

1.  احتفاءٌ بالسينما التجريبيّة، دومينيك نوجيز، مركز جورج بومبيدو، عام  1979، وفي عام 1999 أعيد طبع الكتاب عن طريق Paris Expérimental  

2.  قاموس السينما العالمية، بإدارة آلان، وأوديت فيرموو، دار نشر du Rocher   1994

3.  الطليعة السينمائية في فرنسا سنوات العشرينيّات، نور الدين غالي Paris

Expérimental 1995

 وهي مصطلحاتٌ يزيد عددها على 180 مصطلحاً ؟! والتي يمكن لها، أو التي يشير بعضها إلى السينما التجريبيّة.

وعند التلخيص الذي قمنا به، وصل عدد المصطلحات للسينما التجريبيّة، وما يتفرّع عنها إلى 46 مصطلحاً.

لكن، ما يعنينا في هذه المقدمة الوقوف عند مصطلح الفيلم التجريبيّ، الذي يأتي ذكره على لسان كلّ أولئك المخرجين الذين أخرجوا أفلاما تجريبيّة، ويسعون لتعريف مصطلحه كالتالي:

·      "الفيلم الطليعي"

·      "السينما الصافية"

·      "الفيلم التجريدي"

·      "السينما المُختلفة"

·      "السينما البنائيّة"

·      "سينما ـ فنّ، أو سينما الفنّ"

·      "سينما صافية/خالصة"

·      سينما كاملة/تامّة"

·      "سينما مُطلقة"

·      "سينما ذاتيّة/جوهريّة/أساسيّة/أصيلة"

·      "سينما إيقاعيّة"

·      "فيلمٍ إبداعيّ"

·      "الفيلم كفيلم"

في بداية السينما تساءل فيكتور بيرو: هل السينما فن؟

وأجاب: "الأمر أشبه بأن نتساءل: هل الكلمات فنّ؟ والألوان، هل هي فنّ؟ والعلامات الموسيقية، هل هي فنّ ؟ إن طريقة استعمال الكلمات، والألوان، والعلامات الموسيقية، هي التي تكوّن فنّ الكتابة، وفنّ الرسم وفنّ الموسيقا".

ما هي وسائل السينما؟ وما القربى التي تربط السينما بالفنّون الأخرى؟ وبماذا تختلف السينما عن بقية الفنّون؟

كلّ ذلك هو ما يطمح مؤلف الكتاب صلاح سرميني عندما ترجم لمخرجين نفذوا أفلاما تجريبيّة، ويسعى في مقدمة، او مدخلٍ يُسمّيه "تمهيدات" (تمهيد بالجمع) ليقترب من مفهوم الفيلم التجريبيّ.

أيضاً، من حقّ القارئ أن يتساءل؟

ـ ما هي السينما البحتة، أو الصافية، هل هناك سينما بحتة، وأخرى غير بحتة، صافية، أو غير صافية؟

في بداية العشرينيّات بدأ رسامون كفاح الفيلم الطليعي، وعارضوا التقاليد المُهيمنة في الإنتاج السينمائي التجاري، وبحثوا في أفلامهم، في وسيط السينما كفنّ بصري مستقل، وانضم إليهم، بعدئذ، شعراء، وكتاب، ومخرجون منظّرون، ساهموا في تحقيق أفلام طليعية، اتخذت مواقعها المميزة في تاريخ السينما، وأصبحت من بين الأفلام الكلاسيكية الهامة.

كان ممثلو تيار هذه السينما في ألمانيا، الرسامان فيكنغ إيغلنغ، وفالتر روتمان، أما في فرنسا، فتأسّست تيارات تجريبيّة كثيرة، منها تجارب أولى، تدين بالفضل للمدرسة الانطباعية، والدادائية مثّلها أبيل جانس، وجيرمان دولاك، وجان ابشتاين، ورينيه كلير.

ومنذ العام 1925 أخذت "السينما الصافية" نتيجة لأعمال الرسامين الألمان، والسينما التجريدية، ونتيجة لأعمال دولاك، وفيرناند ليجيه، شكلاً غير سرديّ، واكتشفت السريالية، في هذه الفترة، أهمية السينما، وحققت في أفلام مان راي، ورينيه كلير، ودولاك، وجاك بريفير، وجان كوكتو، وسلفادور دالي، ولويس بونويل، وجان فيجو، تصوراتٍ سريالية مدهشة.

وتابع الألماني أوسكار فيشنجر، في بداية الثلاثينيّات، عمله على تطوير "الفيلم التجريدي"، بينما تحول فالتر روتمان في فيلمه الطويل "برلين سيمفونية مدينة كبيرة" إلى الفيلم التسجيلي الاجتماعي، وُفق مبادئ جمالية الفيلم الطليعي، وأصله من الفنّ التشكيلي، كما في تجارب، وأبحاث السينمائية المتطرفة، التي حققها فنّانون فرنسيون، وألمان في الفترة الواقعة بين العام 1918 والعام 1930، لكنه أنسحب، وينسحب أيضاً على إنتاج سينما الحركات المعاصرة المتأخرة.

كذلك، ابتعد بعض من المخرجين عن القصة، والحبكة الواقعية السائدة في الفيلم الروائي، وجربوا، عن طريق الصورة، اكتشاف جمالية الحركة، والمتناسقات البصرية، واستطاعت أفلامهم، عن طريق "عصا الساحر الموجودة في كلّ كاميرا"، أثناء ما كانت تغوص في عالم الحلم والحياة، والتوغل في غابة عوالم متخيلة، تمتزج فيها الرؤية البصرية، والموسيقية.

وبدوره، تابع نورمان مكلارن خطى ريشتر، واستمر بالتجريب لأكثر من أربعة عقود، على صنع أفلام من دون كاميرا، فبدلاً من استخدام المواد الخام في التصوير، أخذ يرسم بيده على فيلم شفاف رسوماً متحركة، وابتدع صوتاً موسيقياً، كان ينحته على شريط الفيلم.

لقد سارت كلّ هذه التيارات، بجهود منظريها، في نزع الواقعية عن الواقع، وتحويله إلى إيقاع حلم، وفقاً لـ"علامات" تنتزع من حيزها المادي، وتعبّر عن دلالات بصرية مبتكرة، ارتأى مبدعون، أنه لمن العبث تقديم نسخة مطابقة لعالم، يمتثل أمامنا، بل تقديم واقع حقيقي في الفنّ، لا وجود له في السينما شأنها، في ذلك شأن أيّ فنّ آخر كما يقول بودوفكين، خاصة، وإن الفيلم يُعيد تركيب عناصر الواقع على طريقته، فيجعل منها تبدو واقعاً جديداً.

واستطاعت الأرض البكر السينمائية، التي حرثها الطليعيون، في النهاية، أن تفتح أمام السينما التجارية آفاقاً واسعة.

ومثلما يحصل، عادة، في بقية الفنّون، فإن تطور المواضيع، والأساليب الفيلمية، ارتبط أيضاً باكتشافات الحركة الطليعية... إلى أن استقرّ الحال عند اختيار "التجريبيّة" كتصنيفٍ لكلّ الأفلام التي لا علاقة لها بالسينما الحكائية، وتنشغل أكثر بالشكل، والعمل على الصورة والصوت، والبحث في كلّ عناصر السينما، والفيلم، وما يرتبط بهما.

فمنذ بداياتها، وحتى اليوم، لم تتوقف السينما عن تجديد نفسها، والتأثير على كلّ أنواع الأفلام في السينما، بعد أن ظهرت حركاتٌ فنّية عامّة مثل السريالية، والدادائية، والمُستقبلية...

وفي إطار التجديد، كانت السينما السائدة تُنتج موجاتها، وحركاتها، مثل الموجة الفرنسية الجديدة، والواقعية الإيطالية، .. أيّ كانت، وما تزال تسلك دروباً متقاطعة فيما بينها، كلّ واحد يتأثر، ويؤثر بالآخر، وبدون هذه الحركات، والاتجاهات، ومنها "السينما التجريبيّة"، ما وصلت السينما إلى ما هي عليه الآن، ورُبما بقيت حبيسة ما كانت عليه منذ الأخوين لوميير، وجورج ميلييس، وكلّ مخترعيّ، وصانعي أفلام تلك الفترة ..

كانت جمالية السينما، تبقى، في خطوطها الكُبرى، على أساس نظريّات منهجية، تطورت باستمرار، ورأت، في بدايتها، النور في أعمال كوليشوف، وبودوفكين، وإيزنشتين، الذي تُعد كتاباته الجمالية حول الفيلم الروائي خاصة، أكثر عمقاً، ونفاذ بصيرة من غيرها، إلاّ أنها جمالية "مغلقة" لا تنظر إلى أحد وجوه السينما.

ولا توجد النظرية العامة "إلاّ عند المنظّرين بيلا بالاج، ورودولف أرنهايم، وكراكوف، الذين حاولوا وضع تعريف، وقوننة عناصر، مولّدةٍ للتعبير البصري، بطريقة منهجية، في العام: أي الفيلم الروائي، وفي الخاص أيّ : الفيلم التسجيلي.

يكتب إيزنشتين: "يتمثل أحد الأخطاء في أن تنقل من أحد فروع الفنّ إلى فرع آخر منه، نتائج عملية تنطبق على أحدهما … وإنه لخطأ عميق أن يفرض على فنّ من الفنّون تبني قوانين خاصة بفنّ آخر".

لكننا مع صحة مقولة إيزنشتين، نرى تداخل، وتجاور، وخلط مصطلحات عديدة تعبر عن مصطلح الفيلم التجريبيّ: الفيلم الطليعي، السينما الصافية، الفيلم التجريدي، فيلم "تحت الأرض"، الفيلم السريالي، السينما المُختلفة ...

دعا الباحث الكبير جان متري في ختام مقدمة كتاب "السينما التجريبيّة "، أن يعتبر أنها تعني كلّ أنواع ما يسميه تجربة مختبر السينما الطليعية : ويبين، كيف حاولت هذه السينما اكتشاف فنّها الصرف، وتخليصه من كلّ ما لم يكن فيلمياً، إلا إنها، ساهمت، أيضاً، في جرّ الفيلم إلى تكوينات فنّ الرسم، وإلى فنّ الموسيقى، وطبقت في تجاربها كلّ ما كان غريباً عن "فنّ السينما" .

كما إن الاختلاف بين فيلم وآخر يأتي من الأسلوب، وطريقة المُعالجة الدرامية، والجمالية، أيّ الكتابة السينمائية.

ويكشف متري دراسة فريدة في كتابه "المدخل"، أسّس الجمال، وماهيته في السينما، ويتناول في نظرات أساسية خاصة المفاهيم، التي تعرّف اللغة، والبنية، والإدراك الحسي، وهي، أساساً، المفاهيم التي تُوفّر تعريف الصورة، ووظيفتها، وقدراتها، وتمهد الأسس لأية جمالية سينمائية.

ويسعى متري أيضاً إلى وضع تعريف شامل لشروط وجود السينما ليكتب: "في تقديري، أن القوانين لا ترتبط إلاّ بالأساليب، فكلّ صنيع ذي قيمة فنّية يُحدد في ذاته قوانينه الخاصة.

كما يجد في ختام كتاب "السينما التجريبيّة، أن السينما التجريبيّة: "تعني كلّ أنواع تجربة مختبر السينما الطليعية: من الفيلم التجريبيّ إلى الفيلم السريالي حتى فيلم "تحت الأرض ".

تظاهرةٌ سينمائيةٌ كُبرى في "مُلتقى الصور" بباريس

أشباح الويسترن

خلال الفترة من 4 مايو وحتى 7 يوليو 2022 يقدم "مُلتقى الصور" بباريس تظاهرةً سينمائيةً كُبرى بعنوان " أشباح الويسترن"، وخلالها يعرض حوالي 50 فيلماً من هذا النوع.

وُفقا لكلينت ايستوود، أمريكا فقط اخترعت موسيقى الجاز، وأفلام الويسترن، إذا كان هذا النوع هو الذي أسّس أمريكا، فقد أسّس سينماها أيضاً: الفتوحات، والحدود، والعنف كأفق.

ماذا يخبرنا الويسترن أيضا؟

في خمسين فيلماً، استكشاف نوع كان قادراً على دعوة نفسه في العديد من الأفلام الأخرى.

 

من Stagecoach إلى The Searchers ، يتجسد تاريخ هذا النوع، وتاريخ أمريكا في سينما جون فورد.

تُعدّ مراجعة أفلامه جنباً إلى جنب مع أفلام هوارد هوكس، أو ديلمر ديفيس فرصة لإعادة اكتشاف المتعة السينمائية الخالصة، ولكن، أيضاً لمراجعة بعض التحيّزات العنيدة التي تلتصق بهذا النوع.

لا يزال The Prisoner فيلما مؤسّساً، ومن فيلم Bone Tomahawk الهائل، والمرعب إلى Hostiles الأكثر كلاسيكية، ولكن، مع ذلك، الأكثر روعةً، تمّ إعادة النظر في مسألة الهنود الحمر في الظل الوصائيّ لفيلم فورد

من  Meek’s Cutoff إلى First Cow ، يبدو أن المخرجة كيلي ريتشارت تخترع تصوراً جديداً للحدود كعودة إلى الأساسيات.

لكن الويسترن يتقاطع مع الأنواع، ويطارد أيضاً الأفلام التي لا تُصنف نفسها على هذا النحو.

الأفلام التي تأخذ شكل راعي البقر لإلقائه في عالم مُعاصر (Lonely Are the Brave، أحد أوائل أفلام الويسترن المُعاصرة)، أو إعادة تشكيل رموزها.

Assaut (Assault on Precinct 13)، هو في الواقع إعادة تفسير حضرية ل Rio Bravo، وهو عملٌ تأسيسيٌّ يستحوذ على سينما كاربنتر، والتي تمّ الاستشهاد بها في أغنية في فيلم (أنطوانيت في سيفين)  Antoinette dans les Cévennes  

يقوم المخرج جيمس مانجولد بتقطير الرموز، وأبطال الويسترن في أفلامه (Coplandو  Logan).

أعمال الاخوان كوين، قبل أن يتخذا إجراءاتٍ فعلية مع True Grit ، مليئةُ أيضاً بالويسترن "المخنثون" (No Country for Old Men).

هذا النوع من الأفلام قادرٌ أيضاً على الترحيب بالمقترحات الأكثر تحفيزاً، مثل السينما الجامحة، والبديهية لباتريشيا مازوي: حيث عُرض فيلم Peaux de Vaches ، الذي أعيد اكتشافه مؤخراً، في الافتتاح، وفي حضور المخرجة.

سينماتك في ـ  15 يناير 2023

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 06.06.2022

 

>>>

85

84

83

82

81

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004