صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

85

84

83

82

81

 

«دوللي كيتي»

منصة نتفليكس تُغيّر توابل بوليود، وثوابتها

كتابة: جمال الدين بوزيان/الجزائر

 
 
 
 

إن كان أيّ مشاهد يريد اتهام منصة نتفليكس بانتهاك كلّ التابوهات، وتجاوز القيم، والمعايير المتعارف عليها في المجتمعات، أو الموجودة في السينمات، والدراما التلفزيونية في العالم، فإن الفيلم الهندي «دوللي كيتي»، هو أفضل مثال، عنوانه الكامل هو:

 Dolly Kitty Aur Woh Chamakte Sitare

وترجمته الحرفية هي:

«دوللي كيتي»، وتلك النجوم الساطعة.

هو فيلمٌ صادمٌ من حيث الأفكار، أو المَشَاهد، من المفروض أنه مخصص لجمهور يفوق سنه الـ 18 سنة، حسب ما حدده موقع نتفليكس، العمل صادمٌ من حيث عدد المَشاهد الجنسية الصريحة، التي لم نكن نراها في بوليود بهذه الطريقة الواقعية، حتى في الأفلام التي أنتجتها بوجا بهات في بوليود، ومثلتها بيباشا باسو، وساني ليون (ممثلة الإباحية السابقة)، مشاهد الفراش، والعلاقة الحميمية، وممارسة العادة السرية، كانت حاضرة بقوة، ومكررة بكثرة.

الجنس في هذا الفيلم، ليس مجرد أجساد جميلة، وإغراء مجاني، مثلما ورد في فيلم "جسم" بجزأيه الأول، والثاني، «دوللي كيتي»، يطرح الجنس كضرورة أساسية في الحياة، وكمحرك لكثير من الشخصيات، وكسبب لحلّ بعض المشاكل، ومسبب أحيانا للمشاكل في حدّ ذاتها.

مشكل المثلية، ومشكل التنشئة الاجتماعية الخاطئة، الدعارة الإلكترونية، والبغاء التقليدي، الحبّ الكاذب، العلاقات العابرة، مشكلة الوصول للذروة بين الزوجين، وعدم التكافؤ الجنسي، والعاطفي بينهما، الخيانة الزوجية من الطرفين، ومبرراتها حسب كلّ طرف، هذه كلها قضايا، تجعل الفيلم متخماً بالتابوهات، وصادماً بطريقة غير معقولة.

الفيلم كان صادماً أيضا، من حيث أفكاره غير النمطية، والمرفوضة من قبل بوليود التقليدية، بوليود التي تنتج لنفسها بدون الاستعانة بنتفليكس، أو بمنصة إلكترونية أخرى، ربما المبررات الواقعية التي تمّ سردها، وعرضها عبر شخصية الأم الخائنة، التي يخونها زوجها إلكترونياً، ويتحرش بقريبتها التي تسكن معهما، ربما هذه هي أخطر فكرة قد يرفضها بعض صناع السينما في الهند، أو يرفضها أغلب جمهور السينما الهندية.

كذلك، موقف الأم من ميولات ابنها الصغير المثلية، وتقبلها لهويته الجنسية الأنثوية، رغما ذكوريته العضوية، هو أيضاً موضوع نادراً ما نعثر عليه في السينما الهندية، حسب علمي، فقط في فيلم "أناجانا أنجاني"، تمّ عرض الفكرة بطريقة كوميدية بين أبهيشيك باتشان، وجون ابراهام، وتقبل والدة أبهيشيك للأمر الواقع، وكانت خدعة من طرفهما للإيقاع ببريانكا شوبرا في حبهما، والسكن معها في نفس الشقة، يعني لم تكن مثلية حقيقية، بل كان البطلان يتظاهران فقط بالمثلية.

بطلة الفيلم الرئيسية، هي كونكونا سن شارما، رفقة Bhumi Pednekar، إضافة لممثلين آخرين، بينما مخرجة الفيلم، ومؤلفة قصته هي  Alankrita Shrivastava، ويبدو أنها فيمينيست التوجه، حسب هذا الفيلم، وحسب أعمالها السابقة، واللاحقة، سواء السينمائية، أو التلفزيونية.

أما إنتاج الفيلم، فقد كان سنة 2019، من طرف  Shobha Kapoor وابنتها Ekta Kapoor، وتمّ صدوره، وبثه على نتفليكس سنة 2020.

بطلة الفيلم، كونكونا سن شارما لم تتوقف أبداً عن التمثيل، رغم زواجها من 2010 لغاية طلاقها سنة 2020، من الممثل Ranvir Shorey، حيث بقيت تمثل بمعدل فيلمين إلى خمسة أفلام في السنة الواحدة، وهي ابنة الكاتب، والصحفي الهندي المعروف Mukul Sharma، والسينمائية الهندية  Aparna Sen، التي بدأت كممثلة، ثم تحولت لكتابة السيناريو، والإخراج.

كونكونا، ممثلة مدعومة، من أبناء العائلات الفنية، لكن لديها خط مختلف قليلاً عن زميلاتها من أبناء النجوم، والعائلات الفنية، بحكم جمالها المتواضع، الذي جعلها تحظى بأدوار مختلفة نوعاً ما، ومع ذلك لديها أفلام رومانسية، وميليودرامية استعراضية، ولولا أنها من العائلات الفنية، كانت ربما توجهت نحو سينمات الأقاليم الأخرى في الهند، ممن يقبلون الممثلات ذوات البشرة الداكنة، لأن المعروف عن بوليود، هو ابتعادها في الغالب عن نوعية الممثلات اللواتي يصلحن لسينما التاميل، والبنغال مثلاً، ولا تزال تهمة العنصرية، والتمييز لصيقة ببوليود لغاية يومنا هذا.

والمشاهد الجريئة التي ظهرت فيها كونكونا في فيلم «دوللي كيتي»، تعتبر أمراً غير مسبوق أبداً في مشوارها الفني، ولا أدري هل هو عامل التقدم في السن، الذي فرض عليها مثل هذه الأدوار، أم أن المعادلة السينمائية في بوليود مع نتفليكس، جعلت من الخطوط الحمراء لدى الممثلات الهنديات تتغير.

البطلة الرئيسية الثانية في الفيلم، هي نجمة صاعدة اسمها Bhumi Pednekar ، عمرها الفني قصير، حوالي 7 سنوات، مقارنة بالبطلة الأولى كونكونا سن شارما، التي تُعتبر من نجوم الصف الأول في بوليود، لذلك، في الغالب، يتمّ توقع مثل هذه الأدوار من الممثلات الجديدات، أكثر مما ننتظره من نجمة مثل كونكونا.

أغاني الفيلم القليلة، كانت مدمجة في السياق الدرامي للفيلم، كأغاني ملاهي ليلية، أو كخلفية موسيقية، والمعروف عن نتفليكس، منذ دخولها عالم الشراكة مع بوليود، أنها لا تنتج أفلاماً نمطية استعراضية بالمفهوم البوليودي التقليدي.

الكوميديا، ومطبّات الحياة

قراءة في الفيلم الإيرلندي القصير Toast

ليليا عثمان الطيب/الجزائر*

يقول تشارلي شابلن:

"إن مجرد طيران قبعة من فوق رأس رجل ليس بالأمر المضحك، وإنما المضحك هو أن نرى صاحبها يجري خلفها، وشعر رأسه طائر في الهواء، وذيل سترته يخفق وراءه، وحينما يتنزه رجل في الطريق، هذا لا يبعث على الضحك، وإنما إذا وُضع في موضعٍ حرجٍ، فهذا هو المضحك".

تثير الأفلام كشكلٍ فنيٍّ ردّ فعلٍ عاطفيّ، أو فكريّ قويّ قد يكون في حالات متكررة أكثر مما تثيره معظم الفنون، ووسائل الترفيه الأخرى، ويتميز الفيلم القصير ـ على وجه الخصوص ـ بإمكانية استخدام المجاز، والأدوات الأدبية الأخرى لرواية القصة، خاصة في الأفلام ذات الطابع الكوميدي، فالكوميديا في السينما هي كوميديا يتمّ تحليلها، واستقاء عناصرها من الشريط المُصوّر، لا من النصّ، أو السيناريو اللذان نادراً ما يتوافران للمتابعين، والنقاد، وبما أن السينما هي فن الصورة، فإن اللقطة السينمائية التي تعبّر عن الصورة الكوميدية تكون أبلغ تعبيراً من أيّ حوار، فالكوميديا تتمتع بخصائص تميزها عن باقي الأنواع الدرامية الأخرى، فقد اتخذت الكوميديا هدفا لها تصوير النقائص الاجتماعية بطريقة فكهة غير مؤلمة.

يصور المخرج الإيرلندي الشاب أيرون مولوني Aaron Moloney في فيلمه القصير Toast معاناة رجل يحاول إعداد خبز مُحمّص، ولكنه يواجه عدة صعوبات في مدة لا تتجاوز دقيقة قد توحي للمشاهد بأن الفيلم كوميدي إلاّ أن رسالة الفيلم تتلخص حول كيفية تعاملنا مع مصاعب، ومطبات الحياة، وكيف أن الحياة بسيطة، وسهلة، ولكننا نحاول أن نعقدها بأنفسنا حيث نقضي معظم الوقت في محاولة البحث عن حلول لمشاكلنا، ولكننا نكتشف في النهاية أن الحل موجود أمامنا، ولا ننتبه له، فالبساطة حلٌ لكثير من الصعوبات، فبعد محاولات عديدة فاشلة للشاب من أجل اعداد خبز مُحمّص أدت كلها إلى حرقه، ليكتشف في النهاية أن السبب في عدم عمل ألة إعداد الخبز المُحمّص أنه لم يقم بتشغيل المقبس .

قصة الفيلم لا تحتوي على سردٍّ بسيط، وصراع، وشخصية رئيسية فقط، لكن هناك إمكانات مثيرة خاصة بالصوت المتمثل في التوظيف الإبداعي للمؤثرات الصوتية، والموسيقى، فالموسيقى، أو الملحن السينمائي ليس مجرد فنان مثير للحافز الشعوري، والدرامي، والعاطفي للمشاهد بواسطة التأثير الموسيقي للفيلم فقط، بل إنه عامل فعال مساهم في بناء الرسالة التواصلية فنياً، وجمالياً، فالموسيقى في البداية تكون بإيقاع بطيءٍ لتظهر المأزق الذي يعيشه الشاب ثم تنتقل بإيقاع سريع لتصوير الحلول التي حاول أن يجربها الشاب لإعداد الخبز المُحمّص .

يقدم مخرج الفيلم دراما من خلال روتين صباحي يومي متمثل في فطور الصباح، حيث يتخذ المخرج من هذا الروتين رمزاً لمحاولة تصحيح المفاهيم البشرية الخاطئة حول الحياة، وكيفية مواجهة الصعوبات، تقول دومنيك لورو في كتابها فن البساطة:

"الطريقة الوحيدة لتكوني حية تكمن في حسن تقدير الحياة، تجبرنا معرفة أننا سنموت، وننطفئ كشمعة إلى اتخاذ موقف، وترتيب أمورنا، لكي نعيش بتعقل، وبحق مع الشعور بحدودنا الخاصة بنا".

إن المواقف الحياتية الطريفة قد تكون مصدراً سهلاً لفيلم قصير كوميديّ، خاصة أن الكوميديا لا تعني الضحك، والفكاهة، والمرح فقط، فنحن قد نضحك في أسوء حالاتنا، وفي أشدّ لحظات حياتنا ألماً، ووجعاً، لذلك، الطابع الذي توحي به الصور البصرية للفيلم، أو ما تسميه الفيلسوفة سوزان لانجر الطابع الشعوري للفيلم، يتناول معاناة، ومأساة تتمثل في رحلة عذاب طويلة لإيجاد حلٍّ لمشكلة بسيطة، خاصة أن إحدى لقطات الفيلم تصور الشاب وهو يحاول إعداد خبز مُحمّص باستخدام ولاعة، فهذه الحلول الطويلة، والصعبة يكون فيها ضياع كثير من الوقت بمعنى ضياع عمرنا، وبالتالي، نخسر حياتنا، ونفقد معنى السعادة، لذلك، يركز مخرج الفيلم على فكرة أن البساطة هي التي تجعلنا سعداء، ونجح في تلخيص روتين يومي قد يتجاوز ساعة أحياناً في دقيقة واحدة .

* أستاذة جامعية - جامعة الجزائر2-

سينماتك في ـ  15 يناير 2023

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 23.05.2022

 

>>>

85

84

83

82

81

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004